اهتزت العشيرة من جديد لهول الخبر المُشاع.. كاد وقعه أن يصيبها في مقتل لولا أن تماسكت راكنة الى التباث والصمود بحكم عادتها معتبرة ذلك من قبيل الترّهات.
تردد صداه في الأوساط وعلى أعمدة الصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقلته الأشداق في غير تدبر أو تمحص أو رويّة.
- مسكين .. لا حول ولا قوة إلا بالله..!
- كان فنانا عظيما.. يرحمه الله..!
- لم يستطع التصدي للمرض اللعين.. رغم كل العلاجات..!
- إنه ثمن الشهرة.. !! إنا لله وإنا إليه راجعون..!
- لقد رحل..! لكن لا أستطيع أن أصدق الخبر المفجع..!!
- أمر طبيعي يا ناس..! لقد بلغ به العمر أرذله.. اللهم طيب ثراه..!!
رب البيت فنان موسيقي كبير مشهور وله جمهور واسع في كل أرجاء البلاد. مشهود له بالعطاءات الغزيرة والفن الرفيع والإنتاج المتواصل. كان ولا يزال محط إعجاب الجماهير أينما حل وارتحل وخلال جولاته الفنية العديدة.
تقدم به العمر وتناوبته صروف الأيام، لم يكن بمنأى عن الوعكات الصحية التي تصيب نماذج بشرية على شاكلته في مثل سنه عادة، ومن ثمة، لم يكن يسلم في معظم الأحوال من الأقاويل والألسنة السليطة.
عندما حوصر بسيل من التساؤلات عن أحوال والده، قال الابن الأكبر وقد ارتسمت على محياه مسحة حزن عميق : « إنها مجرد وعكة طفيفة ألمت به.. إنه بصحة جيدة.. إنهم يجعلون من كل صغيرة كبيرة كما هي عادتهم دائما.. الخبر مجرد افتراء ونشر للأباطيل بلا تمعن أو استكناه لحقائق الأمور.. سامحهم الله..!!».
وحين وُجهت ذات الأسئلة للرجل "الضحية"، أجاب وعلى وجهه ملامح كآبة لا توصف :
« وقانا الله شر هؤلاء الأوغاد..! إنهم يقتلون الناس وهم أحياء.. إنهم يتقمصون بين حين وآخر أدوار القضاة ليصدروا أحكاما بالإعدام مع وقف التنفيذ.. وذلك لعمري حكم أشد على النفس صرامة وفتكا...!!"».