قديم 08-05-2014, 08:38 PM
المشاركة 91
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ويعرف الجميع أن جبل قاف محض خرافة لا وجود له، وأن الأبعاد التي قدروها له وللأرض، لا تدل إلا على جهل كامل بجغرافية الأرض، وجهل مخز بحساب المسافات، فكشوفهم لم تفدهم شيئًا، بل هي التي دفعتهم إلى وهدة الجهل الذي يتخبطون فيه.
ومادام جبل قاف لا وجود له! فماذا كانوا يرون إذن؟
الواقع، إنهم كانوا يرون بالكشف جبل قاف، والذين كانوا يرونه هم من الأقطاب الأبدال الأولياء العارفين! ورؤيتهم له بالكشف هي برهان ساطع قاطع جديد على صحة كل ما ورد في الفصول السابقة من أن الجذبة ليست إلهية وإنما تحشيشية، وأن كشوفهم ما هي إلا هلوسات الحشاشين وتمثيليات الشياطين!.
رأينا أن الخلوة عنصر أساسي في المجاهدة، وقد كانوا كلهم – أو أكثرهم – يعتزلون الناس في البراري أحيانًا وفي الخرائب أحيانًا، خوفًا من سيف الحلاج.
والخرائب ، كما هو معروف، هي بيوت خربة هدمت جدرانها، لكن بعضها، كما هو معروف أيضًا، يبقى حولها شيء من جدرانها المهدومة، بارتفاعات مختلفة (قامة أو نصف قامة أو أكثر أو أقل).
من البدهي، أن المرتاض الذي كان يرتاد الخرابات، كان ينتفي إحدى تلك الغرف الخربة المحاطة ببقايا جدرانها؛ لأن هذه البقايا تعزله عن رؤية الناس.
ومن البدهي أنه كان يسوي أرضها، أو جزءًا من أرضها، إلى حد يستطيع معه الإقامة عليه أثناء خلوته فيها.
ومن البدهي أيضًا أن كثيرًا منهم – إن لم يكن كلهم – وصلوا إلى الجذبة أثناء إقامتهم في تلك الخرائب، وأن بعض تلك الجذبات كان من النوع المضخم للأبعاد، فماذا كان يرى المجذوب في مثل تلك الحالة؟
- كأن يرى البقعة التي يقيم عليها أرضًا شاسعة واسعة، يقدر بوهم جذبته، أو بإيهام شيطانه له، أن طولها من الشرق إلى الغرب مئات السنين، ومن الشمال إلى الجنوب كذلك. ويرى بقايا الجدران التي تحيط بها، جبلاً شاهقًا ذاهبًا في السماء، يحيط بالأرض من جميع جهاتها.
وطبعًا كانوا يقصّون مشاهداتهم على بعضهم، وكانت قصة الجبل الشاهق المحيط بالأرض تتردد كثيرًا في مشاهداتهم وقصصهم، لكثرة خلواتهم في الخرائب.
وربما كان يخطر لأحدهم، على بال جذبته، أن يصعد فوق جبل قاف، فينهض، ويقترب من الجدار المتهدم، ويعتلي فوقه، فيرى نفسه قد قطع الدنيا بخطوة أو خطوتين أو ثلاث، ويرى نفسه قد صعد فوق جبل قاف، بخطوة أو خطوتين أو ثلاث، حسب المكان الذي صعد عليه.
وقد يهبط خلف الجدار المتهدم فيرى نفسه وراء جبل قاف، وقد يتراءى له شيطانه، وقد يكون معه رفقة شياطين آخرون، فيتسلون بالتلاعب بعقله والضحك على ذقنه، ويفهمونه أنهم أولياء مثله يقيمون وراء جبل قاف، أو يزورونه من حين إلى آخر، كما قد يكون هؤلاء الأولياء مرتاضين مثله يختلون في الخرائب المجاورة لخرابته، وقد يكونون مجرد صور هلوسية.
وقد يحدث لجذبة الفقير (على وزن حضرة الفقير) أن يرى خلف جبل قاف حية، أو حبلاً يتوهمه حية، فيراها طويلة طول ما بين المشرق والمغرب، وقد تكون هذه الحية وسوسة من شيطانه ينفثها في روع جذبته فيراها مجسمة أمامه.
وبما أنهم كانوا، لجهلهم، والجاهل عدو نفسه، وعدو دينه، يؤمنون أن كشوفهم هي نور اليقين وعين اليقين وحق اليقين، لذلك آمنوا أن الأرض محاطة من جميع جهاتها بجبل شاهق جدًا ! وعرف بعضهم بالكشف أن اسمه قاف، وانتشرت الأسطورة، وأخذت حيزًا هامًا من الثقافة العامة في المجتمعات الإسلامية حتى زمن قريب ! بل لا يزال كثير من الأبدال العارفين وعابديهم (المريدين) والمخدوعين بهم يؤمنون حتى الآن بجبل قاف.
وقد كانت الخرابات ضرورية لرؤية جبل قاف قبل أن يعرف، أما بعد ما شاع اسمه واشتهر واحتل مكانه من الثقافة العامة، فقد صار بإمكان الفقير أن يراه في أي مكان تأتيه فيه الجذبة، كما يرى بقية التخيلات والصور المختزنة في اللاشعور، (وسنرى توضيح هذا بعد صفحات).
إن رؤية جبل قاف وغيره من الخرافات، بالكشف، هي برهان واضح جدًا وساطع جدًا على أن كشوفهم هلوسات تحشيشية شيطانية، وليست فتوحات إلهية كما يفترون.
5- بقية كشوفهم الجاهلة: رأينا، فيما سبق من فصول ؛ نماذج كثيرة من كشوفهم التي سموها علومًا لدنية، وما فيها من جهل، ولا بأس من إضافة الملاحظات التالية:
‌أ- من كشوف الأقطاب الأغواث العارفين أن الأرض محمولة على حوت اسمه «نون»، والحوت على الماء المحيط.. إلى آخر الهذيان، ولم يستطع واحد من أولئك العارفين الذين عرفوا الأمور بنور اليقين – كما يقول حجتهم – أن يعرف أن ذلك هراء، وأن الأرض كروية مدحوة في الفضاء وأنها تدور حول الشمس، وأن ماءها خرج منها { أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَ }، وهذا يعني أن الماء محمول عليها، وليست هي محمولة عليه، وهذا دليل على أن كشوفهم ليست إلهية، بل هي هذيانات هلوسية؛ لأنها لم تستطع معرفة الحقيقة ولا فهم الآية الكريمة.
‌ب- رأى قطب منهم الشمس في عجلة يجرها ملكان لهما مخالب... وهذا يذكرنا بالحيوان الأسطوري الذي يجر عجلة ملكية والذي رآه حشاش فطر المكسيك، ولم يستطع الكشف الجاهل ولا كل كشوفهم أن تعرفهم أن الشمس كتلة ملتهبة مضطربة تكاد تميز من الغيظ أكبر من الأرض بمليون وثلاثمائة ألف مرة، وأنها ليست محمولة على عجلة بل مدحوة في الفضاء. إذن فكشفهم ليس إلهيًا وإنما هو هلوسة هذيانية.
‌ج- لم يعرف أي قطب منهم أو غوث من الذين يتصرفون في الكون أن القمر مثل الأرض فيه صخور وأتربة، وأنه كروي خال من الهواء والماء! ولم يعرف عارف منهم أن المريخ والزهرة والكاتب وغيرها كلها مثل الأرض تتألف من صخور وأتربة وفيها أجواء غازية وفي بعضها ماء.. لأن كشفهم ليس إلهيًا بل هلوسات تحشيشية.
‌د- لم يستطع أي غوث منهم من الذين يتصرفون في الكون أو من الذين تحققوا بأسماء الله الحسنى، ومنها الاسم «العليم» ومنها «علام الغيوب»، أن يعلموا شيئًا عن الذرات والجواهر والنوى وكهاربها وحركاتها..؛ لأن كشفهم ليس إلهيًا بل هلوسة أفيونية يرون فيها ما كانوا يتوهمونه عن الكون من خرافات وأساطير.
6- لم يستطع كشفهم الجاهل أن يميز الحديث الموضوع من الصحيح، حتى كانوا وراء تزوير الأحاديث ووضع أكثر الموضوع منها والمكذوب، فكانوا من الأدوات التي هدمت الإسلام في نفوس المسلمين، إذن فكشفهم ليس إلهيًّا وعلومهم اللدنية هي جهالات لدنية.
ولا نريد أن نزيد، فما على القارئ الكريم إلا الرجوع إلى فصل «نماذج من حكايات الصوفية وكراماتهم...»، أو إلى كتبهم، ليرى ما يكشف عن الجهل والغباء والخرافة والاستحواذ الشيطاني، فحكاياتهم وكراماتهم أبلغ من أي حديث آخر.
ونذكر أن العروج في السماء، والفناء في الله (تعالى الله) وتوابعها، لا يستطيع شياطين الجن تمثيلها أمام السالك، أو العارف، أثناء اليقظة؛ لأن أجسامهم أصغر من أن تستطيع التمثل بتلك الأشياء الضخمة جدًا.
لذلك كانوا بحاجة إلى الجذبة وخواصها، وأحيانًا إلى الخاصة المضخمة لصغائر الأشياء تضخيمًا كبيرا؛ ليستطيعوا أن يوهموا الفقير بتلك الأمور ثم يوهموه أنه صار «عارفًا بالله» بينما هو في الحقيقة، صار من أجهل خلق الله وأضلهم، وصارت نفسه مركبًا ومسرحًا وملهاة للشياطين يعبثون فيها كما يريدون! .

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 09:00 PM
المشاركة 92
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

فيزيولوجية الجذبة:

ما هي الجذبة؟ وكيف تحدث؟
من المعروف أن العمل العضلي المجهد يسبب إفراز مادة «حامض اللبن» في الدم الذي يوصله إلى أنحاء الجسم، وبملامسته للأنسجة العصبية يؤثر فيها تأثيرًا تترجمه الجملة العصبية إلى شعور بالتعب.
وشبيه بهذا ما يحدث نتيجة المجاهدة الصوفية.
لنسأل أي عالم صادق من علماء التشريح والفيزيولوجيا؟ وسيخبرنا أن العزلة والسهر والجوع والذكر الإرهاقي وتوابعها واستمرارها مدة طويلة تحدث ف يالجسم الإنساني تحريضًا يجعله يفرز مادة تؤثر على الجملة العصبية تأثيرات هدفها الأول التلطيف من شدة الألم الناتج عن تلك الممارسات.
فما هي هذه المادة؟ وما هو تأثيرها؟
يمكن معرفة هذه المادة بالتحاليل المخبرية الدقيقة، (وقد تفيد معها الفحوص الشعاعية والسريرية على أن تجري على عدة سالكين في أكثر من حالة صحو وأكثر من حالة جذبة لكل واحد منهم. وقد يكون من المفيد بدء الفحوص مع بدء سيرهم في التصوف).
ومع ذلك نستطيع، بصورة أولية، معرفة الوظيفة الكيميائية لهذه المادة من تأثيرها؟ إذ إن تأثيرها يشبه تمامًا تأثير المواد المخدرة، إذن فهي من نوعها، وهي بالتالي من أشباه القلويات.
لكن يظهر من تجارب القوم وتوصيات الشيوخ أن هذه المادة المفرزة، لا تؤثر على الأعصاب التأثير المطلوب إلا عندما تكون الجملة العصبية في حالة «الاستخدار»، ورأينا أن الوصول إلى هذه الحالة يكون بخلع النعلين، الدنيا والآخرة، أي بإفراغ مراكز الوعي في الجملة العصبية من جميع مشاغلها الدنيوية والأخروية! إفراغًا كاملاً ، حتى تصاب هذه المراكز، (بسبب تعطيلها عن العمل)، بالكسل والضمور والاسترخاء، أي «الاستخدار»، حيث تغدو قابلة للتأثر بكمية من المخدر أقل من الكمية التي يمكن أن تتأثر بها في الحالة العادية.
وهكذا يلتقي الهبوط الكافي في نشاط القشرة الدماغية ومقاومتها مع الزيادة الكافية في دفقة المخدر، فتكون الجذبة المورفينية التي يسمونها بغرورهم: الفتوح، أو كشف الحجب، أو الإشراق، أو الولاية ، وغيرها.. وما هي في حقيقتها إلا «أفْيَنَةٌ ذاتية» تشبه الأفينة التي يسببها الأفيون والمورفين والحشيش وعقار الهلوسة وفطر المكسيك وغيرها شبهًا كاملاً، مظهرًا ومخبرًا ومشاهدات وهلوسة وحالة نفسية.
ولو أُخضِع الذين يتعاطون هذه المهلّسات إلى إيحاءات الشيخ والجو الصوفي مدة كافية من الزمن، لصارت هلوساتهم مثل هلوسات الصوفية تمامًا: عروجًا إلى السماء، واجتماعًا بالملائكة والأنبياء، ووصولاً إلى العرش، وحضورًا مع الله (جل وعلا)، وفناءً فيه حلولاً أو اتحادًا أو وحدةً، حسب الإيحاءات التي يُحقنون بها.
وفي هلوسات الصوفية التي يسمونها الكشف والفتح والعلم اللدني، والتي يرونها أثناء الجذبة، براهين تُضاف إلى ما سبق، على أن جذبة الأشراق هي نفس جذبة التحشيش والأفينة، لأن مشاهداتهم في هذه نفس مشاهداتهم في تلك، والفرق بينهما ناتج عن الفرق بين الأمانيّ والمعلومات المختزنة، ولأن الحالة النفسية في كلتيهما واحدة.
وتبرز ملاحظة مفيدة؟ فقد رأينا في فصل سابق أن هزّ الرأس على الطريقة النقشبندية قد يوصل إلى الجذبة بعد إحدى وعشرين هزة، أو بعد تكرارها، مما يدل على أن المادة المهلّسة المفرزة إنما تفرزها بعض أنسجة الدماغ أو بعض الغدد القابعة في ثناياه.
فهل الأمر كذلك؟
نعم إنه لكذلك! ففي الدماغ منطقة تُفرز مادةً شبه قلوية لها مفعول المرفين، هذه لمنطقة «تحت المهادية» واقعة في الجزء الأسفل من المخ، تفرز مادة «الأنْدُورفين» أي (المورفين الداخلي) وهي أقوى من المورفين المعروف، وظيفة هذه المادة هي تخفيف الآلام الشديدة التي يمكن أن تكون قاتلة، تلطِّفها وتجعلها – بآلية معقدة – في الحدود غير المميتة.
كما أن هناك مادة ثانية يفرزها الدماغ اسمها «أنكيفالين» لها نفس التأثير المخفف للآلام ونفس المفعول المورفيني، لكنها أضعف من المورفين.
نقرأ في المعجم الفرنسي (Larousse) تعريفًا لهاتين المادتين، ترجمته:
- أندورفين (Endorphine) : هرمون تفرزه الغدة تحت المهادية (Hypothalamus) له حصائص المورفين المسكّنة.

- أنكيفالين (Enkephaline): مادة يفرزها الدماغ تؤثر في نقل السياة العصبية ولها مفاعيل المورفين المسكّنة.

ونقرأ للدكتور أكرم المهايني في كتابه (علم الأدوية «الفارماكولوجيا») قوله:
- مماثلات المورفين: أقرّ العلماء مؤخرًا، إثر الدراسات الحديثة لفسيولوجية المراكز العصبية، وجود ببتيدات... تبدي قدرةً تحاكي فعل المورفين في عدد من النسج الحية، ولا سيما في الجملة العصبية والنخامي والأنبوب الهضمي، وقد تم حتى الآن، الكشف عن مجموعتين من هذه الببتيدات الداخلية المنشأت التي عرفت باسم «مماثلات المورفين» أو «الببتيدات نظيرة الأفيون» وهما:

1- مجموعة الأنكه فالين... (اكْتُشِفت سنة 1977).
2- مجموعة الأندورفين .. (اكْتُشِفت سنة 1976).

(ليس من موضوع كتابنا أن ننقل تجارب الفارماكولوجيين ومناقشاتهم في موضوع هذه الببتيدات، وإنما نورد منها ما يمس موضوع بحثنا).
إن دفقة كافية من الأندورفين، أو من الأنكيفالين، أو منهما مجتمعين توقع السالك في الجذبة المماثلة للجذبة التي يسببها المورفين، حيث ينال السعادة الأبدية التي تستمر دقائق أو سويعات، يرتقي أثناءها في المعارج، وينتقل في الفناءات، ويتحقق بالأسماء والصفات ويذوق من معاني اسمه الصمد...
فلكما التقديس يا إندورفين ويا أنكفالين، يا هرموني الولاية وإكسيري المعرفة، يا سُرارتي التوحيد وقراراتي التفريد.
يا إندورفين ويا أنكفالين، يا من بكما تعلقت همم الرجال، وإليكما تطاولت أعناق المحبين العاشقين الأبطال، ومن أجلكما اقتحموا الأهوال.
يا إندورفين ويا أنكفالين، إليكما حقيقةً توجهت صلوات الصوفية في الجهر والإسرار، وبكما حقيقة تعلقت قلوبهم والأسرار، وفي سبيلكما حقيقة واصلوا اجتهاد الليل بالنهار.
يا إندورفين ويا أنكيفالين، يا منتهى أمل السائرين ، وغاية غايات السالكين، إليكما صبت قلوبهم، ولكما عَنَت وجوههم ، وبتجلياتكما التي لا توصف بلسان، ولا تفصل ببيان، باعوا الدنيا والآخرة، ورضوا بجهنم مستقرًّا ومقاما.
يا نور يقينهم، وعين يقينهم، وحق يقينهم.
يا هرموني الفناءات، وإكسيري التجليات، يا مانحي التحقق بالأسماء والصفات.
يا إندورفين ويا أنكيفالين، يا كاشفي الحجب، يا مقدسي الأسرار، يا رافعي الغين عن العين.
ياسر الجذبات التي أوهمتهم شياطينهم من الإنس والجن أنها ولاية وقرب وتحقق بالألوهية.

* كيف يسبب الإندورفين والأنكفالين الجذبة:

الألم الشديد حافز يدفع الغدد الدماغية المختصة لإفراز هاتين المادتين أو إحداهما بشكل دفقات كافية لتخدير المراكز العصبية، بما في ذلك القشرة الدماغية، تخديرًا خفيفًا كافيًا لإبقاء الألم في حدود غير قاتلة.
كما يظهر من تجارب القوم (الصوفية) أن الاهتزازات العصبية العادية (غير الحادَّة) إذا استمرَّت مدة كافية (تختلف من شخص لآخر) تدفع هذه الغدد لإفراز دفقات من هاتين المادتين أو من إحداهما، وقد رأينا أن هز الرأس بعنف على الطريقة النقشبندية قد يثير الدفقات.
والرياضة الإشراقية عند الأمم الأخرى (الخلوة، والجوع، والسهر، والصمت، وتركيز الفكر في كلمة، وتركيز النظر على نقطة، وأخذ بعض الأوضاع غير المريحة، والاستمرار على ذلك مدة طويلة)، يقود إلى نتيجتين:
1- إفراغ مراكز الوعي من أي شيء يشغلها على الإطلاق، فتتعطل القشرة الدماغية من وظائفها الطبيعية التي طبعها الله سبحانه عليها، ومع المثابرة والاستمرار تصاب بشيء من الكسل والارتخاء، ومع المثابرة والاستمرار أيضًا، يزداد الكسل والارتخاء حتى تصل إلى درجة كافية للتأثر تأثرًا كافيًا بكمية المهلِّس (إندروفين أو أنكيفالين أو كليهما)، الضئيلة التي تفرزها الغدد المختصة، كما أن تكرار الرقص العنيف، يساعد في زيادة كسل القشرة الدماغية واسترخائها، أو انكماشها.
إن عملية عدم التفكير المطلق وإفراغ الذهن من كل ما يشغله عمليةٌ صعبة للغاية، بل تكون متعذرة للكثير من الأشخاص، فأعانهم إبليس بأن دلَّهم على فائدة تركيز الفكر في كلمة ما كائنة ما كانت هذه الكلمة، فالهندوسي، مثلاً ، يستعمل كلمة «أوم» أو «راها»، والطاوي يستعمل كلمة «طاو»... وإذا أراد أحد متصوفة المسلمين ممارسة رياضة الصمت (وهذا نادر جدًّا) ركز تفكيره في شيخه.
ويستطيع القارئ أن يجرب ذلك بنفسه، فيركز تفكيره في كلمة ما، ولتكن «زيز»، يرددها في ذهنه دون أن يحرك لسانه أو شفتيه أو أي جزء من فمه، مع الانتباه إلى هذا الترديد، وسيشعر أن ذهنه كان فارغًا من أية فكرة أثناء ترديدها.
2- النتيجة الثانية، هي الإرهاق المؤلم المستمر الذي يدفع الغدد الدماغية المختصة إلى إفراز مخزونها من المهلّس، واستمرار الألم وتزايده يدفع هذه الغدد إلى العمل المتزايد وإلى تزايد الإفراز، حتى تغدو الكمية المفرَزَة كافية للتأثير على المراكز العصبية التي وصلت إلى درجة كافية من الارتخاء؛ فتكون الجذبة التي يسمونها فيما يسمونها: «كشف الحجب، أو الفتح، أو الولاية، إلى آخر الأسماء الظالمة»، مع العلم أن ازدياد الإفراز عن الحدود المحتملة يقتل صاحبه.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 09:00 PM
المشاركة 93
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

أما متصوفة المسلمين:

فقد حذفوا من رياضتهم الصمت وتركيز الفكر والنظر وأخذ الأوضاع المؤلمة، واستبدلوها بما سمَّوه «الذكر». إن ترديد كلمة ما، يقود بعد مدة قد تطول وقد تقصر (حسب الأشخاص) إلى نفس النتيجتين السابقتين:
1- إفراغ الذهن من خواطره، والاستمرار على هذا الإفراغ بالذكر الإرهاقي المستمر ليالي وأيامًا يدفع القشرة الدماغية إلى الاستخدار. وكذلك الخضوع الكامل للشيخ هو عامل مساعد وقوي للوصول إلى الاستخدار لأنه يحول دون تشغيل الفكر، بل يشلّه.

2- من المعروف أن الإنسان إذا مارس حركة ما مدةً طويلة، تغدو لديه عادةً يقوم بها دون إرادة أو شعور. وكذلك ترديد كلمة ما، ليلاً ونهارًا، يغدو بعد مدةٍ عادةً، يرددها المرتاض دون إرادة أو شعور، ويزيدها الترديد الإرادي تمكنًا، حتى إنه يكون نائمًا، فيستيقظ، أو يوقظه أحد، فيلهج بها لسانه مباشرة دون وعي منه؛ بل قد يصل إلى ترديدها أثناء نومه.

ومثله الأعصاب التي تربط اللسان بالدماغ، والتي تسري فيها التموجات العصبية النطقية المتناغمة مع الكلمة المردّدة ومقاطعها وحروفها، تعتاد على ترديد تلك النبضات مع اللسان دون وعي.
ومثلها المراكز المختصة في الدماغ.
وبطبيعة الحال، تنتقل هذه النبضات إلى الأنسجة المحيطة بأعصاب اللسان وبمراكزها في الدماغ حيث تصبح لها عادة مثل اللسان وأعصابه. ومع الزمن يشعر المرتاض أن أعصابه كلها تردد تلك النبضات، وكلما زاد من ترديده الإرادي للكلمة كلما تمكنت تلك العادة من دماغه وأعصابه.
فلم يزل مستعــملاً للذكــر
فيصمت اللسان وهو يجــري
وقَدْرَ ما تجوهــر اللســان
بالاسم يستثبته الجَنـــــان
ثم جرى معنـــاه في الفؤاد
جَرْيَ الغِذا في جملة الأجسـاد

هذه الاهتزازات (الميكرونية طبعًا) المستمرة، تنتشر في الدماغ حتى تصل إلى الغدد المختصة التي تأخذ بالاهتزاز مثل بقية الدماغ؛ واستمرار هذه النبضات يفضي إلى إفراغ المخزون أو المهيّأ من هرمونها.
واستمرار الاهتزاز، باستمرار الذكر، يؤدي بعد مدة إلى إصابة هذه الغدد بالخلل، فيزداد إفرازها ويسهل قذفها، وقد تصاب بالتضخم، كما يؤدّي هذا إلى خلل في التفكير السليم.
وهكذا... حتى تغدو كمية الدفقة كافية لأفْيَنَةِ المراكز العصبية المستخدرة، فتكون الجذبة، ويغدو السالك وليًا لله بكمية من الإندورفين والأنكيفالين قد تقاس بأجزاء من الغرام ‍.
فلكما التمجيد والنعمى يا إندورفين ويا أنكيفالين، ولكما توجههم الأسمى يا إندورفين ويا أنكيفالين، لوجهكما الرقص مع النقص ودون نقص، يا مقدسي الأسرار ويا باعثي الأنوار.
ما كان لهاثهم إلا وراء سرابكما، ولا هيامهم إلا بما يمنيهم إبليس فيكما من الخلد وملكٍ لا يبلى، يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا.
يا إندورفين ويا أنكيفالين، يا قدس أسرارهم، ويا جاذبيهم إلى الأوهام الشيطانية التي ضلّوا بها وأضلّوا.
وعندما تصير زيادة الإفراز وسهولة قذفه مقامًا بعد أن كانت حالاً، عندئذ يكون السالك قد وصل إلى الدرجات العلى، ونال القرب والسعادة العظمى، وصار بدلاً أو قطبًا أو غوثًا، حسبما تُوهمه شياطينه من الإنس والجن.
فيا عبّاد الإندورفين، احمدوه واشكروه على ما أولاكم من نِعَمه، ولا تنسوا الأنكيفالين.
إلى جانب هذين الهرمونين، يجب أن نذكر عاملاً مساعدًا هو الأكسجين. ففي الحضرة الراقصة، وبعد دقائق قليلة من القفز، يأخذ الراقص باللهاث والتنفس العميق، وهذا ما يسمّى «التهوية» حيث يدخل إلى رئتيه كمية من الهواء، وبالتالي من الأكسجين، أكبر من الكمية العادية.
عندما تستمر عملية التهوية مدة كافية، ترتفع نسبة الأكسجين في الدم، وللأكسجين تأثير أفيونيٌّ ضعيف، وارتفاع نسبته في الدم يصيب المراكز العصبية بأفْيَنَةٍ خفيفة، يختلف الإحساس بها من شخص إلى آخر.
لذلك نرى بعض الراقصين في الحضرة يأخذه الحال، فيزعق ويثور، إن كان الوارد قبضيًّا، أو يشعر بشيء من السرور والخدر اللذيذ، إن كان الوارد بَسْطيًّا، وقد يقع على الأرض، وقد يرى صورًا ينقصها الوضوح أو بعضُه، وهذا يثير فيه الشهية الجارفة للوصول إلى الجذبة ويدفعه إلى المثابرة على الرياضة، مع العلم أن بعض الذين يأخذهم الحال كاذبون لا يحسّون بشيء، وإنما يتظاهرون بذلك طمعًا في أن يحقّق الحال المقال.
كما أن للتهوية دورًا آخر، إذ إن ارتفاع نسبة الأكسجين في الدم يؤثر على المراكز العصبية في جميع الحالات، ويجعل فعاليتها تهبط، ولو لم يشعر الراقص بذلك، وكلما زاد عدد الحضرات كلما زاد الهبوط، وهذا يساعد السالك كثيرًا على الوصول إلى مقام الاستخدار، لذلك جعلوا الحضرة من المنشطات وأصرّوا عليها.

ترنيمة إلى الإندورفين (مع حفظ المقام للأنكيفالين):
كنت مزّقتُ شعري، لكن البادئ أو الباده أو الطالع أو اللائح أو البارق أو اللامح، (وكلها مترادفة تعني بدايات الحال). أو الهاجم أو الوارد أو الحال (وهذه أيضًا مترادفة)، أو المقام، أيها لا أدري، أجري في الخاطر هذه المقيصيرة فسجلتها.
أأندرفين والمسعى *** إلى إشراقك الأسنى
له التسبيحُ في الإعلا *** نِ والتمجيدُ في النجوى
له أبدالهم تعنو *** وفيه قُطبهم يفنى

أأندرفين هرمونَ الولاية *** مانحَ الحسنى
إليك عروجُ سالكهم *** ومنك سحائبُ النعمى
طَبَتْ سُبُحاتُ سرِّكَ سِرَّ *** قلب العارف المُظما
وقرّحَ جفنَه وَلَهُ *** بخمرة ذلك المجْلى
يهيم بسُكْر جذبتها *** يعبُّ يعبُّ لا يروى
بها قد باع دنياه *** وعاف لأجلها الأخرى
رضي بجهنمٍ سكَنًا *** مُقابل ساعةٍ تُجْلى

أأندرفين كنتَ لهم *** معين الخدعة الكبرى
سرابُك عندهم خلْدٌ *** ومُلْكٌ جلّ لا يبلى
وفيضك قدْسُ سِرَهمُ *** يُقدّسُ قدْرَ ما تطغى
فأنت محطّ قِبلتهمْ *** وأنت الغاية القصوى
إليك صلاتُهمْ حقًّا *** وذكرهُمُ وما يُتْلى
أضاعوا فيك رُشْدَهُمُ *** فضلّوا، السعْي والمسعى
- الترنيمة للأندرفين لأنني أظن أن له الدور الأساسي في الجذبة.

وقبل الانتقال إلى الفصل التالي، من المفيد ملاحظة ما يلي:

المنطقة تحت المهادية (Hypothalamus) هي منطقة من الدماغ الأوسط في قاعدة المخ حيث توجد عدة مراكز منظمة لوظائف فيزيولوجية هامة: «الجوع، والعطش، والنشاط الجنسي، والنوم، والاستيقاظ، وتنظيم الحرارة في الجسم».
وبدهي أن هذه المراكز هي أول ما يتأثر بالإندورفين، وبدهي أن هذا التأثر يغيّر كثيرًا أو قليلاً من فعاليات هذه المراكز، وهذا يفسّر ما يحدث لبعض الواصلين من بقاء مدة طويلة دون طعام أو شراب أو نوم، ومقدرة بعضهم على تحمّل البرد الشديد أو الحر الشديد، وغير ذلك. مما يظنّونه كرامات دالّة على ولايتهم.

* فيزيولوجية الرؤى أثناء الجذبة:

مادامت مكاشفاتهم ومشاهداتهم وإشراقاتهم باطلة كلها ؛ لأنها مدحوضة كلها بنصوص القرآن والسنة.
ومادامت دون أي رصيد في واقع الحياة والوجود.
ومادام كل ما يشاهدونه ويسمعونه ويكاشفونه هذيانات وهلوسات إندورفينية أنكيفالينية!
مادامت كذلك ! إذن فما هي ؟ وكيف تحدث ؟
1- هناك التمثيليات الشيطانية، لكنها في واقع الأمر ثانوية، وقد لا تقتضيها الحاجة في كثير من الأحيان، وأكثر ما تكون في حالة الصحو، فيسمّونها الكرامات، ومع ذلك فهي وسيلة الخداع الأولى في الصوفية.
2- عملية الكشف والمشاهدة تجري في الدماغ، في مركز التفسير البصري، كالتالي: من المعروف أن الصور الحسّية (البصرية والسمعية والشمّية والذوقية واللمسيّة) عندما تتلقاها أعضاء الحسّ (العين والأذن والأنف واللسان والجلد) تحولها إلى سيالة عصبية تنقلها الأعصاب المختصة (بشكل تموجات قطعًا) مباشرة وبسرعة، إلى مراكز التفسير الحسّي في الدماغ، فما كانت بصرية انتقلت إلى مركز التفسير البصري، حيث يتم هناك الإحساس بالرؤية، أي إن مركز التفسير البصري في الدماغ (تحت القشرة) هو الذي يفسّرها بالصورة التي يعرفها كل من وهبه الله سبحانه نعمة البصر. وما كان سمعيًا انتقل من الأذن إلى مركز التفسير السمعي الذي يتمّ به الإحساس بالصوت وارتفاعه وحدّته وقربه وبعده.. وهكذا.

فمراكز التفسير في الدماغ هي التي تفسّر السيّالة (أو الموجات) الواردة إليها ذلك التفسير الذي يعرفه كل حي.
من مراكز التفسير الحسّي تنتقل الصور مباشرة وبسرعة إلى مخازن الحفظ في الخلايا الدماغية المتخصصة بذلك والقابعة في منطقة اللاشعور في الأجزاء الداخلية من الدماغ.
وكذلك يحدث للأفكار والتخيلات والأماني والطموحات، تُخزن كلها في خلايا مخازن الحفظ المخصّصة لها.
ويلاحظ بوضوح أن منطقة اللاشعور ليست مجرد مخازن صامتة تكدّس فيها الصور والأفكار بجمود، وإنما هي عالم حي تجري فيه بنشاطٍ عمليات تحليل وتركيب وإنشاء، لكن يغلب على هذه العمليات التنسيق مع العواطف والأماني المختزنة والتخميلات.
ويقرر علماء التشريح والفيزيولوجيا، بناءً على دراساتهم وتجاربهم الكثيرة، أن مراكز الوعي (التذكر والإدراك والمحاكمة والضبط وتمحيص الأمور) تقع في القشرة الدماغية.
ويظهر أن خلايا المراقبة والانتقاء تتوزع بين القشرة وتمتد إلى داخل الدماغ.
ومراكز التفسير الحسّي (البصري والسمعي وبقيتها ) تقع تحت القشرة داخل الدماغ أيضًا.
ومن ملاحظة أحلام اليقظة، والأفكار الشاردة أثناء الاسترخاء، والأحلام المنامية، ومن دراسة أوصافهم لأحلام جذباتهم الأفيونية والإشراقية، نستطيع أن نتخيل ما يلي:
أن هناك طرقًا عصبية (حبال) بعضها صادر عن مراكز الوعي في القشرة الدماغية (التذكر والإدراك وبقيتها ) وبعضها صادر عن مراكز التفسير الحسّي تحت القشرة (البصرية والسمعية وبقيتها ) وكلها تصبُّ مباشرة في مخازن الحفظ في مناطق اللاشعور في الدماغ، والتي هي خلايا عصبية تعد بالمليارات وأن هناك قنوات مباشرة من مراكز التفسير الحسّي إلى مراكز الوعي في القشرة (الإدراك والضبط وغيرها).
كما يلاحظ؛ مع شيء من القبول، أن هناك طريقًا، أو قناة عصبية (حبل) صادرة عن مخازن الحفظ في اللاشعور، تصبُّ، حسب مقتضى الحال، في مركز التذكر أو التخيل في القشرة، ومن هناك تتوزع إلى المراكز الأخرى في القشرة الدماغية حسب مطلوب الفرد أو حالته.
ويلاحظ أن الطريق الواصلة بين مراكز الوعي في القشرة وبين مخازن الحفظ في اللاشعور هي، في الحالة العادية، ذات اتجاهين: من القشرة إلى مخازن الحفظ، ومن مخازن الحفظ إلى القشرة (أي ذهاب وإياب).
والطريق الواصلة بين مراكز التفسير الحسّي تحت القشرة وبين مخازن الحفظ هي، في الحالة العادية، ذات اتجاه واحد: من مراكز التفسير الحسّي إلى مخازن الحفظ فقط.
كما أنه من الملاحظ أيضًا أن خروج الصور الحسّية والأفكار من مخازن الحفظ في اللاشعور يكون بأحد أسلوبين.
أ‌- أسلوب إرادي انتقائي، لا تخرج فيه إلا الصور المطلوبة، وهذا يدل على وجود خلايا دماغية وظيفتها الإشراف على إفراز الصور والأفكار المطلوبة وإخراجها إلى مركز أو أكثر من المراكز المناسبة في القشرة الدماغية، أي إن هذه الخلايا الدماغية هي مراكز مراقبة أو «رقيب» ويظهر أن جزءًا من هذه الخلايا (أو الحبال) الرقيبة واقع في منطقة اللاشعور، فهو يعمل دون أن يشعر به الكائن الحي.

ب‌-أسلوب لا إرادي، تتسرب فيه الصور والأفكار عفويًا (حسب الظاهر) وتجري هذه العملية في حالة الشرود الذهني والاسترخاء وفي حالة النوم (الأحلام) وفي الجذبة (الكشف)، عندما تكون مراكز الوعي والرقيب فاقدة فعالياتها.

كما يلاحظ أيضًا وبوضوح، أن عمليات التحليل والتركيب التي تجري في مناطق الوعي تكون متناسقة مع واقع الحياة والوجود على قدر استيعابها لهذا الواقع.
وأن عمليات التحليل والتركيب التي تجري في منطقة اللاشعور تكون متناسقة مع العواطف والأماني والمخاوف الكامنة، تأخذ موادّها الأولية منها ومن المعلومات المختزنة، فتحللها وتركب منها صورًا جديدة تتفق والأماني المختزنة والعواطف، ويلعب فيها الذكاء الفطري للفرد وسعة خياله دورًا ملحوظًا، لذلك، غالبًا ما تقفز فوق الواقع والمعقول.
- وهناك حقائق تشريحية وفيزيولوجية تساعد معرفتها على معرفة كيفية حدوث الرؤى الجذبية، بل والمنامية أيضًا:

- يتألف الحبل العصبي من خلايا عصبية متصلة ببعضها، تنتقل السيالة العصبية فيها من خلية إلى جارتها حتى تصل إلى مراكز التفسير الحسي في الدماغ، أو إلى القشرة الدماغية.
- الخلية العصبية، ويسمونها «العصبون» أو «النورون» تعريبًا من (neu صلى الله عليه وسلم one) لا تستطيع الانقسام، وينتهي طرفاها بخيوط دقيقة متشعبة، تجتازها السيالة باتجاه واحد.
- بالقرب من منتهيات العصبونات، بملامسة التلاحمات العصبية، توجد حبيبات تحتوي على مكونات آمينية يسمونها «الآمينات الوسيطة».
- ما بعد منطقة التلاحم هذه يوجد تلاحم آخر غني بحويصلات كبيرة (نسبيًا) كروية تختزن مادة ببتيدية (أي لها نفس مفعول الأندورفين) يسمونها «المادة P». وقد أثبتت الدراسات أن المادة «P» والانكيفالين والمستقبلات المورفينية تبدي نفس التوزع. والمادة «P» هذه هي حموض نووية (كالآمينات) لها دور هام في تأمين نقل الشيفرات الألمية عبر الألياف الناقلة للألم.
- تمر السيالة العصبية الحاملة لحسٍّ ما من أول العصبون إلى آخره، وهناك يتحرر عدد من الآمينات الوسيطة من حبيبات ادخارها لتصطدم بمنتهيات العصبون المجاور لتنقل إليه السيالة، أو لتحرّض فيه سيالة مماثلة، أما المادة «P» ففي نقل الألم.
- تقوم أدوية الجملة العصبية المركزية (الأفيونيات ومعها الإندورفين والأنكيفالين) بتأثير منتشر، منبّه أو مثّبط، لجميع التلاحمات العصبية (أي مكان اتصال العصبونين المتجاورين)... ويتم هذا التأثير بطريقة اصطفائية مختلفة الشدة، وذلك بتنشيط أو إبطاء استقلاب الآمينات الوسيطة، أو بالتدخل في وظائف هذه المواد (الآمينات الوسيطة)...
- وفي الحقيقة أصبح من المقبول اليوم أن السيّالة العصبية عندما تبلغ نهاية النورون العصبي حذاء المركز، يتحرر من هذه النهاية عدد من الآمينات الوسيطة وتنتشر لتنبه أو تثبط نورونًا آخر... أهـ.
- ألفتُ النظرَ إلى قوله: «ويتم هذا التأثير بطريقة اصطفائية».

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 09:02 PM
المشاركة 94
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ويقول في مكان آخر:

إن آلية التأثير العام لهذه الأدوية (المخدرات العامة) التي تستند على وجود ولعٍ اصطفائي مختلف الشدة بينها وبين المراكز العصبية المنتشرة على طول المحور الدماغي النخاعي...
ويقول: إن اكتشاف بعض المركبات الكيمياوية، كعقار الهلوسة (L S D ) والمسكالين وغيرهما، وملاحظة أن هذه المواد قد تسبب تبدلات عميقة في التصرفات تصل لدرجة الإهلاس، كل هذا لفت انتباه الدوائيين الجدد إلى إمكان وجود علاقة بين اضطرابات السلوك والتصرف، وبين بعض المركبات الكيميائية التي تبدي ولعًا اصطفائيًا خاصًا بالمناطق الدماغية الخاصة بوظائف الكيان النفسي. وقد ارتقت نظرية التأثير الاصطفائي إلى أبعد من ذلك.. أهـ.
- هذه التقارير منقولة عن الدكتور أكرم المهايني في كتابه علم الأدوية الخاص مع قليل من التصرف للتخلص من التعقيدات والتفصيلات التي لا تهمنا في بحثنا.
يهمنا من هذه التقارير :
- الآمينات الوسيطة التي تنتقل من نهاية عصبون إلى بداية جاره لتنبيهه بتحريض السيالة، أو تثبيطه.

- دور الآدوية المؤفينة (ومعها الإندورفين والأنكيفالين) بتنشيط الآمينات أو إبطائها (تثبيطها) أو تقويتها.

- تأثير هذه العقّارات الأفيونية على أماكن مصطفاه من الأعصاب ومن الدماغ، وخاصة بالمناطق الدماغية الخاصة بوظائف الكيان النفسي، وهو الموضوع الذي نحن بصدده في كتابنا.

- وهذه الأماكن واىلأجزاء العصبية التي لديها القابلية للتأثر بهذه العقّارات المخدرة يسمونها «المستقبِلات».

- يقول الدكتور أكرم المهايني عن مجموعة الأنكيفالين:

... تثبت بشدة على المستقبِلات المورفينية، وتتوزع في الجسم بشكل يتماشى مع توزع هذه المستقبلات...
ويقول عن مجموعة الأندرفين:

... وأثبتت الدراسات التجريبية.... عام 1976، بأن لهذه الببتيدات أيضًا ولع شديد بالمستقبلات المورفينية...
- من كل هذا، نرى أن الإندورفين والأنكيفالين اللذين يفرزهما الدماغ لهما نفس مفعول المورفين بصورة دقيقة، وإن كان الأنكيفالين أضعف منه، والأندرفين أقوى في بعض الحالات. وهذه التقارير العلمية، مضاف إليها ما رأيناه في الفصول السابقة من تشابه كامل بين حالة الجذبة الأفيونية الهلوسية ورؤاها وبين حالة الجذبة الصوفية ورؤاها، كل هذا يجعل التأكد كاملاً، ولا يترك مكانًا لأي شك أو تساؤل أو تردد بأن الجذبة الصوفية ورؤاها هي تهليس إندرفيني أنكيفاليني، وأن الرياضة الصوفية وعلى رأسها الذكر الإرهاقي تعمل على زيادة الكمية المفرزة من هاتين المادتين بشكل مَرَضيّ دائم، كما تعمل، بإرهاقها الدماغ مدة طويلة، على إضعافه إضعافًا كافيًا للتأثر بهذه الكمية الجديدة من إحدى هاتين المادتين أو كلتيهما.
وبالتالي تكون الصوفية، أو الإشراق، أو المعرفة، أو الكهانة، أو ما شئت غيرها من الأسماء التي أطلقوها، تكون خدعة إبليسية كبرى، وهي السبب الأساسي لانحراف الإنسانية عن الفطرة التي فطرها الله سبحانه عليها.
ولزيادة الفائدة وزيادة تأكيدها، نصان آخران.
يقول الدكتور أكرم المهايني:

... ويحسن بنا التذكير، بأن زوال الألم بفعل المورفين (ومثله الإندورفين والأنكيفالين طبعًا) لا يؤلف سوى وجه واحد من أوجه تأثيراته المتعددة، فطيف تأثيره يشمل أيضًا – بشكل أعم – السلوك والتصرفات.
.... ولوحظ أيضًا وجود فرط نشاط إندورفيني في السائل الدماغي الشوكي لدى المصابين بالفصام (الجنون) المترقي...
- أقول: يعرف القاريء الآن أن الفصام المترقي هو مقام «جميع الجمع»، وأن المصاب به هو الذي يسمونه «المراد»، ولو أجريت الفحوص اللازمة لهؤلاء الأولياء الأحياء الذين نسمع بهم، وخاصة عندما يكونون في مقام القُرْب، لوُجد فرط النشاط الإندورفيني في السائل الدماغي الشوكي عندهم.
ومن هنا يبرز الترجيح، أن لا الإندورفين هو صاحب الدور الأساسي، أو الرئيسي في الجذبة.
- والآن نستطيع أن نتخيل كيفية حدوث الرؤى الكشفية والأفيونية:
الظاهر أن مناطق اللاشعور في الدماغ تبقى في نشاط مستمر في جميع الحالات، شأن أجهزة الجسم اللاإرادية.
وواضح للمتأمل أن القناة العصبية التي تخرج فيها الصّوَر من مخازنها في خلايا اللاشعور إلى مراكز الوعي في القشرة الدماغية، هذه القناة، أو القنوات، هي من مستقبلات المورفين؛ ولذلك عندما تغدو كمية الإندورفين المفرزة كافية، بتحريض الرياضة الصوفية، تتفاعل معها هذه المستقبلات، فتثبط الآمينات الوسيطة على طول الحبل العصبي الواصل بين المخازن والقشرة، وتغدو هذه الطريق مغلقةً، ويظهر أن خلايا الرقابة العليا يصيبها نفس الشيء، كما أن مستقبلات الأفيون في كل الجملة العصبية يصيبها نفس الشيء، وهذه هي الجذبة.
إن فقدان المجذوب الإحساس بما حوله جزئيًا أو كليًا (حسب كمية المهلِّس) هو دليل لازم كاف على أن الآمينات الوسيطة قد ثُبّطت، فتوقفت السيالات التي تحمل الإحساسات من أعضاء الحس (العين والأذن...) إلى القشرة الدماغية.
هذه هي الجذبة، وهذه هي الولاية (مرحبًا ولاية).

ويظهر أن هذه الولاية تصيب أيضًا خلايا الرقابة في الدماغ، فتأخذ خلايا اللاشعور حريتها بتحليل الصور والمعلومات المختزنة، وغيرها، لتركب منها صورًا جديدة متناسقة مع عواطف المجذوب ورغباته، بل، لعل العواطف والرغبات هي التي تحرك عملية التحليل والتركيب.
تخرج هذه الصور الجديدة ، وغالبيتها بصرية، على غفلة من الرقيب المخدّر بشكل سيالات عصبية، لعلها موجيّة (وهو المنطقي)، في الطريق المعتاد الذي طُبعت عليه، أي إلى مراكز الوعي في القشرة الدماغية، لكنها تجد منافذها مغلقة، وتجد إلى جانبها منفذًا آخر، وهو الطريق ذات الاتجاه الواحد التي تخرج من مراكز التفسير الحسي وتصب في المخازن، وهي، بدهيًا، تقع داخل الدماغ، فتعبرها اضطرارًا مخالفة للعادة في الحالة العادية، حيث تصل إلى مراكز التفسير الحسي. ولعل المادة «p» لها دور في فتح هذه القناة بصورة معكوسة.
بما أن غالبية الصور بصرية، لذلك تذهب إلى مركز التفسير البصري، فيفسرها ويحس بها كما لو كانت آتية عن طريق العين، ويراها المجذوب مجسّمةً ماثلة أمامه كأنها شيء واقع حقيقي؛ لأن مركز التفسير مطبوع على التأثر بأية موجة تصله، ليفسرها ويرسلها مفسرة إلى مركز الإدراك في القشرة، ولا علاقة له بمصدرها ولا بالطريق الذي سلكته.
وتذهب الصور السمعية إلى مركز التفسير السمعي، واللمسية إلى مركز التفسير اللمسي... وهكذا.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 09:03 PM
المشاركة 95
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وعندما يصل الخدر خفيفًا إلى الطرق الواصلة بين المخازن ومراكز التفسير الحسّي، عندئذ يختلط الحابل بالنابل، ويختلط السمع بالبصر بالشم بالذوق باللمس، فتذهب الموجات البصرية إلى مركز تفسير حسّي (بصري أو غير بصري) وكذلك السمعية والشمّية والذوقية واللمسية، فتحدث لهم الرؤى التي لا يستطيعون وصفها، وتوهمهم شياطينهم ، ويصور لهم غرورهم أن الأنبياء كانوا كذلك وتوهمهم جذباتهم أن الجنة كذلك.
وعندما يزيد المخدّر عن حده، ويتغلغل في الدماغ يصاب المجذوب بالجنون أو الشلل أو الموت.
هكذا تحدث أحلام الجذبة بجميع أنواعها سواءٌ أكانت مورفينية أو إندورفينية، أي سواءً كانت جذبة تحشيش أو جذبة إشراق.
ولعل من آثار الأندورفين أيضًا تمييع الخلايا العصبية، وخاصة خلايا القشرة الدماغية، تمييعًا خفيفًا طبعًا؛ لأن هذا يمكن أن يكون تعليلاً لما يرونه من تضخيم الأبعاد قليلاً أو كثيرًا، ومن إطالة الزمن أو تقصيره، ومن رؤية فراغات لا نهائية أو رؤية الأشياء شفافة أولا وجود لها... وذلك؛ لأن الخلايا المدركة في القشرة، عندما تتميع، يمكن أن يتغير شكلها باتجاه أو بآخر بسبب الضغوط حولها، فيحدث ذلك التشويه في الإدراكات، كما يمكن أن يكون حدوث هذا التميع في مراكز التفسير ذاتها.
وهنا يأتي دور الشيخ ؟
فلولا الشيخ لكانت الرؤى متشابهة مع بعضها في الجذبتين «جذبة التحشيش وجذبة الإشراق». لكن توجيهات الشيخ وإيحاءاته المتناسقة مع تجاربه السابقة، تحقن المريد بالعواطف والطموحات التي توجه رؤاه إلى العروج في السماوات والمحاضرات والمكاشفات والمشاهدات والفناءات والتحقق بالأسماء والصفات، ورؤية جبل قاف وكاف وعين وصاد، وغيرها، حيث يرى السالك منها ما يتناسب مع استعداداته الفكرية والإندورفينية.
ولهذا السبب كان الشيخ هو الأصل في طريقهم؛ ولهذا السبب قالوا من لا شيخ له فشيخه الشيطان؛ لأن من لا شيخ له تكون رؤاه مثل رؤى حشاشي الحشيش والمورفين وزمرتهما؛ ولهذا السبب كان الخضوع الكامل للشيخ أساسياًّ ليسهل انطباع توجيهاته وإيحاءاته في أعماق المريد.
مساكين الحشاشون والمورفينيون مساكين!
فلو كان لهم شيخ يوجههم، لذاقوا أيضًا الفناءات، وتحققوا بالأسماء والصفات، وتصرفوا بالكون، ولكان منهم الأبدال والأقطاب والأغواث.
أما قولهم بالتصرف في الكون، هذا الهذيان المضحك المبكي (وكلهم هذيانات مضحكة مبكية) فقد رأينا مثله عند حشاش عقار الهلوسة، الذي يكفي، في بعض الحالات، أن يتخيل شيئًا أو يتمنى رؤيته حتى يراه أمامه مجسمًا.
ومثل هذا يحصل لبعض الواصلين الذين صار خَلَل غددهم المفرزة للهرمونين مقامًا عاليًا ، فقد يمر بخاطره عرش الرحمن مثلاً ، فيراه أمامه مجسّمًا كما يتصوره بوهم جذبته، لا كما هو على حقيقته التي لا يعلمها إلا الله.
وقد يخطر على بال جذبته أن ينقله من مكان إلى مكان، فيقول له«انتقل» فيراه قد انتقل.. وهكذا. وهذا ما يسمونه «التصرف في عالم الملكوت».
وكذلك ما يحدث لبعضهم أحيانًا من اضطراب في إحساسه بالزمن، حيث يحسّ أنه قطع سنين طويلة في جذبة لم تدم سوى دقائق قليلة‍ مثل هذا ما رأيناه يحدث لمجذوب المهلِّسات...
والرجاء من القاريء أن يعود إلى مفعول المخدرات في أول هذا الفصل لتتوضح أمامه ما هي كشوفهم ومعارفهم وعلومهم اللدنية.

والآن، نستطيع أن ندرك بصورة أوضح وأدق، دور الرياضة الصوفية. فهي بعناصرها التي عرفناها والتي يُجْملها قولهم: «اخلع نعليك، الدنيا والآخرة»، تقلّل الإحساسات الذاهبة إلى الدماغ تقليلاً كبيرًا، وهذا يعني أن السيّالات العصبية تقل كثيرًا، وهذا يعني كذلك أن الأمينات الوسيطة يقل عملها كثيرًا، ومع الزمن تصاب بالكسل، ومع تطاول الزمن بالمثابرة على الرياضة، ومع تكاثر الإندورفين والأنكيفالين بسبب الرياضة أيضًا، يغدو كسل الآمينات الوسيطة مقامًا عاليًا، وتغدو مستعدة للشلل أو ما يشبهه بكمية من المخدر أقل من الذي تحتاجه في الحالة العادية، أي تصل إلى مقام الاستخدار، والذكر الإرهاقي يقوم بنفس المفعول، وإذا ساعدته عناصر أخرى من الرياضة كان أسرع، ولعل التلاحمات العصبونية المحيطة بالدماغ هي محل العمليات المذكورة؛ وذلك لتكاثر الإندورفين في السائل الدماغي الشوكي أثناء الجذبة.

* فقرات معترضـة :

* إكسير الولاية :-
تسهيلاً على المريدين وتيسيرًا لهم للوصول إلى الولاية والصديقية والغوثية والألوهية بيوم أو يومين، ودون تعب ولا خلوة ولا جوع ولا سهر، نقترح على الشيوخ العارفين الكمل، ذوي المدد العظيم من الأموال التي تنهمر عليهم من المخدوعين والغافلين، أن يكلفوا واحدًا أو أكثر من علماء الكيمياء الطبية، لتحضير نوعين من العقاقير:
أ‌- عقّار يسبب هبوط فعالية الأمينات الوسيطة بشكل دائم (الاستخدار).

ب‌- عقّار آخر يحدث خللاً يضخم الغدد الدماغية المفرزة للمخدرين ويزيد إفرازها زيادة كافية.

عندئذ تصبح الولاية والقطبية والألوهية في متناول الجميع! فكل من يريد التحقق بالأسماء والصفات والفناءات في الذات والتصرف في الكون، ما عليه إلا أن يذهب إلى صيدلية يشتري منها «إكسير الولاية» المكون من عقارين:
- العقار الأول يأخذه في اليوم الأول، حيث يجتاز كل المقامات في ساعات، ويصل إلى مقام الاستخدار.

- العقار الثاني يأخذه في اليوم الثاني، حيث تخرق له الحجب وتكشف الغيوب بعد ثواني أو دقائق.

لكن الشيخ يبقى لازمًا لا بد منه في جميع الحالات! إذ دون إيحاءاته وتوجيهاته لن يستطيع المريد الوصول إلى الألوهية؛ لأن من لا شيخ له فشيخه الشيطان، ومن لم يكن بين يدي شيخه كالميت بين يدي الغاسل فلا يمكن لإيحاءات الشيخ أن تنطبع في أعماقه لتصبح جزءًا هامًا من أمانيه وطموحاته.
وصحبة شيخ وهو أصل طريقهــم
فما نبتت أرض بغير فلاحــــة

ولهذا، فلن يكون إكسير الولاية خطرًا على المدد الذي ينهمر على الشيوخ، بل بالعكس، سيزيد كثيرًا عدد السالكين بسبب سهولة (الطريقة الإكسيرية)، وبذلك سيزداد كثيرًا مدد الشيخ، كما سيحتاجون إلى عدد أكبر من الشيوخ الكمّل.
* أحلام النــوم:-
فيزيولوجية أحلام النوم تشبه فيزيولوجية أحلام الجذبة، مع فارق هو: في الجذبة: يبقى خدر الدماغ سطحيًّا وثابتًا في موضعه طيلة الجذبة، بينما تكون بقية أجزاء الدماغ متمتعة بنشاطها المعتاد إلا في حالة «الفناء عن الفناء» أو جمع الجمع.
وفي النوم: يبدأ النوم سطحيًّا (في القشرة الدماغية) حيث تحدث الأحلام، وتكون أجزاء الدماغ الأخرى في حالة هبوط تدريجي نحو النوم، فحالة الهبوط تجعل الحلم غامض الموضوع، والتدرج نحو النوم الكامل، أو بالعكس، يسبب القفزات في تسلسل حوادثه.
وعندما يصل النوم إلى مراكز التفسير الحسي تنقطع الأحلام.
* هل سيبصر الأعمى:-
لا أظنه بعيدًا، ذلك اليوم الذي يذهب فيه الأعمى إلى الصيدلية ليشتري «جهاز إبصار» يضعه على رأسه، ترتبط به نظارات يضعها على عينيه، ثم يخرج وهو يرى الحياة كما يراها البصير العادي، وتحدث عملية الرؤية كالتالي:
تقع الأشعة المنعكسة عن الأشياء على نظارات الجهاز (مثل وقوعها على العين العادية) وترتسم صورها عليها.
تتحول هذه الصور إلى موجات كهرطيسية تسري عبر شريط ناقل إلى الجهاز الموضوع في مكان معين فوق الرأس.
يحوّل هذا الجهاز الموجات الكهرطيسية إلى موجات عصبية مناسبة تخترق الجمجمة والقشرة الدماغية حتى تصل إلى مركز التفسير البصري الذي يفسرها كما لو كانت آتية إليه عن طريق العين، إذ كل ما يريده مركز التفسير البصري هو أن تصله موجات عصبية مناسبة، ليفسرها ويحس بها ذلك الإحساس الذي يعرفه كل كائن حي بصير.
أما من أين أتت تلك الموجات؟ وكيف؟ وفي أي طريق؟ فهذا لا شأن له به.
وهكذا تحل مشكلة العميان حلاًّ جذريًّا أو شبه جذري، كما يستطيع أي إنسان أن يستعمل هذا الجهاز للتسلية، أو لضرورة ما.
* جهاز فيديو يغني عن الشيخ والرياضة وعن إكسير الولاية:-
نفس جهاز الإبصار الذي يضعه الأعمى على رأسه، يرتبط به جهاز فيديو خاص (بدلاً من النظارات).
يستطيع صاحب الجهاز أن يقتني مجموعة كبيرة من أشرطة الفيديو التي سجلت عليها مناظر متنوعة الأشكال والمواضيع.
فما على المرء إذا أراد أن يقوم بسياحة إلى إندونيسيا، مثلاً، إلا أن يضع الجهاز على رأسه، ويضع في الفيديو الشريط المناسب، ويحرك الزر المطلوب، ثم تبدأ الرحلة!
فيرى نفسه ذاهبًا إلى وكالة سفريات، حيث يشتري بطاقة طائرة، وفي اليوم التالي يستيقظ من النوم باكرًا،ويذهب إلى المطار، ويختلط بالمسافرين، ويقف بدوره أمام رجل الأمن المكلف بمراقبة الأمتعة، وبعد أن ينتهي من كل المشاكل، يعبر إلى المدرج، ويصعد إلى الطائرة ليجلس على مقعد فوق مؤخرة جناح الطائرة الأيمن، ويجلس إلى جانبه شاب يمضغ لبانًا في فمه مما يثير في نفسه الضيق والحنق معًا... وتتحرك الطائرة وتحلق في الجو، وينظر صاحبنا من النافذة ليمتع نظره بالأرض التي تطوي تحته ببطء لتظهر أرض غيرها... وهكذا حتى يصل إلى مطار لاهور... إلى آخر الرحلة وتفاصيلها... بينما هو في حقيقة الأمر قابع في غرفته لم يتحرك من مكانه!
وإن كان صاحبنا من المريدين الذين لا يريدون إلا وجهه (؟) فيضع في الفيديو شريط الولاية، وإن أراد الحسنى (؟) وضع شريط العروج إلى الله ( جل الله وعلا علوًا كبيرًا)، فيرى الملائكة تتنزل عليه وتقول له: «لا تخف ولا تحزن»... ويرفعه أحدهم... حتى يعبر السماوات ويصل إلى العرش (في قصة طويلة ومناظر متنوعة مذهلة) وهناك تحدث له الفناءات والتحققات والتصرفات، ويذوق من معاني اسمه الصمد والرب والرحمن، حتى الاسم الأعظم.
وهكذا... إلى آخر المناظر المسجلة على الشريط، وعلى بقية الأشرطة.

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 655 – 700 بتصرف يسير ) .


المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/


وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 09:04 PM
المشاركة 96
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(9) : مناقشة عقيدة وحدة الوجود




1- يقول سبحانه : { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ }.

الآية واضحة كل الوضوح، لا لبس فيها ولا غموض.
فوحدة الوجود تجعل من كل مخلوق جزءًا من الله جل وعلا.
وتقرر الآية الكريمة الحكم على الذين يؤمنون بهذه العقيدة الذين يجعلون من عباد الله (سبحانه عما يصفون) جزءًا منه، تقرر الحكم عليهم بالعبارة: { إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ }، التي نفهم منها ما يلي:
أ‌- قوله: { إِنَّ الإِنسَانَ }، يدل على أن المؤمنين بوحدة الوجود هم من بني الإنسان فقط، فلا يوجد بين الجن مثلاً، بله الملائكة، من يؤمن بهذه العقيدة الكافرة.

ب‌-قوله: { لكفور }، على وزن «فعول»، وهي صيغة تدل على المبالغة والاستمرار، تعني: إن المؤمن بوحدة الوجود هو شديد الكفر مستمر عليه، يمتنع رجوعه عنه أو يصعب.

وتعني: إن شدة الكفر واستمراريته الموجودة في نوع الإنسان تجعله يؤمن بمثل هذه العقيدة.
ج- قوله: { مُبينٌ }، أي: مُظهر للكفر، مُفصح عنه، مُوضح له، وهذا يعني أن الفكرة واضحة الكفر، والذي يؤمن بها مبين للكفر، الكفر ظاهر له وعليه، وذلك؛ لأن الفطرة السليمة (وبعض غير السليمة)، تقشعر رعبًا من سماع هذا التطاول على القدسية الإلهية، وترتجف هلعًا من هذا الغرور الغبي الجريء الظالم، لمجرد سماعها ذلك.

2- يقول سبحانه: { وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ }.

طبعًا، وحدة الوجود تجعل الجن جزءًا من الله تعالى، وليس بعد هذا النسب ما هو أقوى منه؛ لأنه نسب بعض الذات إلى الذات.

لكن الآية الكريمة تستهجن هذه الفكرة، نفيًا لها ودحضًا، وتنزه الله سبحانه وتعالى عما يصفه هؤلاء الواصفون.

والعبارة: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ }، واضحة الدلالة على أن الجن – لو كانوا يتصلون بنسب إلى الله سبحانه – لما جعلهم من المحضرين.

وعدم وجود النسب بينه سبحانه وبين الجنة ينفي وحدة الوجود نفيًا كاملاً.

3- يقول سبحانه: { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئً }، ويقول: { أَوَلاَ يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئً }.

الآيتان واضحتان كل الوضوح: إن الله سبحانه خلق الإنسان من لا شيء، من العدم، ولو كانت وحدة الوجود واقعة لكان الإنسان شيئًا قبل أن يوجد، كما هو الآن شيء بعد وجوده.
فكون الإنسان خلق من لا شيء، من العدم، ينفي وحدة الوجود جملةً وتفصيلاً؛ لأن الله تعالى ليس عدمًا، إنه الحي القيوم الخالق البارئ المصور.

4- عشرات الآيات في الكتاب الحكيم تقرر أن المخلوق غير الخالق، منها:

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }، إذن فالأصنام والأوثان (وهي خلق) هي من دون الله تعالى، وليست جزءًا منه، ولا هي هو.
{ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ }، { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ }، { إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ }، { إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ }.
ومنها: { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ }، طبعًا، كانوا يأمرونه أن يعبد أصنامهم وأوثانهم، والآية الكريمة تقرر أنها غير الله، وبما أنها جزء من الخلق، إذن فالخلق غير الله، والمخلوق غير الخالق.

{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ }، والذي أُهِلَّ به لغير الله إنما أهِلَّ به للأوثان والأصنام ولمن يسمونهم «الأولياء»، وهؤلاء كلهم خلق، والآية الكريمة تقرر أنهم غير الله، ومن هذه الآيات:

{ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرً }، { قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }، { أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّل }...

هذه الآيات هي بعض من آيات كثيرةٍ غيرها تقرر أن المخلوق هو من دون الله، وغيره، وهي كافية للرد على كل جحود مؤمن بوحدة الوجود، ولو سماها وحدة الشهود.

5- لو كان الخلق هو الحق، كما يفترون، وكانت المخلوقات جزءًا من الله سبحانه تعينت بهذه الأشكال المختلفة، لما بقي أي معنى للأسماء الحسنى: (الخالقُ، البارئُ، الفاطرُ، بديعُ السماوات والأرض)، التي تعني كلها «الإيجاد من العدم».

6- لو كانت وحدة الوجود صحيحة، لكان الإنسان جزءًا من الله، ولكانت الآية: { إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ } باطلة! ولكان الإنسان في ربح سواء آمن أم لم يؤمن، وعمل صالحًا أم لم يعمل، وتواصى بالحق والصبر أم لم يتواص؛ لأنه جزء من الله.

وبما أن الآية الكريمة لا يمكن أن تكون باطلة؛ لأنها وحي من عند الله، إذن فعقيدة الصوفية هي الباطلة، إذ لو صحت عقيدتهم لأصبح معنى الآية: (إن جزءًا من الله لفي خسر)! وهذا واضح البطلان.

7- في القرآن الكريم آيات كثيرة تصبح شتمًا لله (تعالى)، لو صحت عقيدة الصوفية بوحدة الوجود، مثل قوله سبحانه: { وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ }؛ لأن عادًا، حسب عقيدتهم الباطلة، هم جزء من الله سبحانه، حيث يصبح معنى الآية الكريمة «إن جزءًا من الله (تعالى عما يصفون) أُتبع في هذه الدنيا؟؟ ويوم القيامة؟! (وناقل الكفر ليس بكافر).

ومثل هذه الآية كثير في الكتاب والسنة.

8- آيات كثيرة في كتاب الله تفهمنا أن العمل السيئ لا يرضي الله ولا يقود إلا إلى السوأى، وأن الحسنى لا يوصل إليها إلا بالعمل الصالح، من هذه الآيات:

{ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرً }، { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ }، { فَلاَ يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }، { أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُو }، { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ }، { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى }، وغيرها الكثير.

وطريق الصوفية تبدأ منذ الخطوة الأولى بالشرك الأعظم، فالمريد عندما يضع رجله في عتبة رحاب الشيخ مريدًا له ولطريقه، فقد قبل عبادته وقبله ربًّا من دون الله، سواء عرف ذلك أم لم يعرف، ثم يسير المريد في الطريق الشركية مضيفًا إليها طقوسًا ومجاهدات وثنية حتى يصل إلى الجذبة التي تشرق عليه بوحدة الوجود.

إذن، فوحدة الوجود ضلال وباطل؛ لأن الطريق إليها ضلال وباطل.

ثم إن الطريق الذي يتبعه المتصوفة للوصول إلى الجذبة هو طريق الشيطان، { وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينً }، { وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينً }.

والشيطان لا يقودهم إلى الله كما يتوهمون، بل يضحك عليهم ويوهمهم ويستجرهم، ويعدهم، ويُمنيهم، وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا.

9- يقولون في فريتهم هذه، بالقدرة والحكمة؟
فالقدرة: هي تعيينه سبحانه الخلق من ذاته، وهذا ما يسمونه الحقيقة.
والحكمة – عندهم -: هي ستره سبحانه «الحقيقة» عن خلقه، ويقولون: إن الله سبحانه أرسل الرسل بالشريعة من أجل هذا الستر.

- والجواب:
أ‌- مقولتهم في القدرة والحكمة هي على كل حال، من الأمور الغيبية التي لا تُعرف إلا بنص من الوحي الذي أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، والنص لا وجود له، إذن فمقولتهم كاذبة، يكذبون بها على الله ورسوله، { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبً }.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 09:05 PM
المشاركة 97
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

ب‌- بما أن عقيدتهم في «القدرة والحكمة» وفي وحدة الوجود، لا يوجد أي دليل عليها في الكتاب والسنة إلا ما كان من تأويلاتهم الباطلة؛ لذلك لا يعدو الإيمان بها أن يكون واحدًا مما يلي:
- إما اتهامًا لله (سبحانه وتعالى عما يصفون) بالخوف والكذب؟!
- أو اتهامًا له (سبحانه وتعالى) بالجهل، وأنهم هم عرفوها (لأنهم عارفون)؟!
- أو اتهامًا للرسول صلى الله عليه وسلم بالخيانة والجبن؟!
- أو اتهامًا للدين الإسلامي من أساسه بالبطلان؛ لأنه أُنزل ليحارب، فيما يحارب، هذه العقيدة التي هي أساس العقائد الوثنية.

10- يفترون على الرسول صلى الله عليه وسلم ، أنه أمر مرة بإغلاق الباب، وسأل أصحابه إن كان فيهم غريب؟ فلما أجابوه بالنفي، بدأ معهم علوم الطريقة... ويقولون: إنه فعل هذا تعليمًا لأصحابه على التستر على «حقيقتهم»! وهذا ما يسمون «الحكمة».

- الجواب على هذه الفرية المجردة من الإيمان ومن الإسلام ومن كل معاني الحياء: الهندوس والبوذيون والطاويون والمجوس (مع اختلاف في الشكل) كلهم يؤمنون بوحدة الوجود دينًا، ويعلنونها ويبنون عليها كل فلسفاتهم في كل كتبهم، وهؤلاء كانوا وما زالوا يشكلون أكثر من نصف سكان الأرض.

والسؤال: ما هي هذه الحكمة (الخنفشارية) التي تسمح لأكثر من نصف سكان الأرض أن يعلنوا إيمانهم بوحدة الوجود ويبنوا عليها حياتهم وفلسفتهم ولا يكتموا منها شيئًا‍ ثم تمنع ذلك على المسلمين وعلى رسول الإسلام فقط؟! فأي حكمة هذه؟ إنها مهزلة وليست حكمة!

وإن من يعتقد صحة هذه الحكمة المفتراة، يحكم ضمنًا أن الإسلام غير صحيح، وأن الديانات الوحدوية هي الديانات الصادقة! عرف ذلك أم لم يعرف؛ لأن الجهل أيضًا فنون.

11- ماذا كان يخشى محمد صلى الله عليه وسلم من إعلان وحدة الوجود، لو كان يؤمن بها؟ ولو أعلنها لاستجاب له الألوف الكثيرة في مدة قليلة؛ لأنها لن تكون غريبة على الأسماع، ولاستراح هو وأصحابه من كثير من الآلام التي عانوها.

12- الهندوس والبوذيون والطاويون والمجوس، كانوا وما زالوا يؤمنون بوحدة الوجود عقيدة وحيدة.

وأهل الكتاب كانوا وما زالوا يؤمنون بخالق في السماء، خلق الخلق من العدم مع شرك وتشبيه، وبعض رشفات من الوحدة (ما عدا متصوفيهم طبعًا).

فجاء الإسلام ليُعلن كفر أولئك المطلق، ويحرم على المسلمين ذبائحهم والزواج منهم...

بينما وقف من اليهودية والنصرانية موقفًا أخف بكثير، وسماهم «أهل الكتاب»، ووسع حدود التعامل معهم (وخاصة مع النصارى)، وأجاز ذبائحهم وطعامهم ومصاهرتهم...

فلو كان في دين الإسلام من وحدة الوجود ما يفتريه الصوفية، لانعكست الآية، ولصار النصارى هم الأبعدين، ولصار الهندوس والباقون هم الأقربين.

13- عندما انتصر الفرس المجوس على الروم النصارى، كانت عواطف المسلمين مع النصارى ، وحزنوا لهزيمتهم؛ لأنهم أقرب إليهم من الآخرين { غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ }.

فلو كان الصحابة يعرفون أباطيل وحدة الوجود، أو يؤمنون بشيء منها، كما يفتري عليهم المتصوفة، لكانت عواطفهم مع الذين يشبهونهم في العقيدة، مع المجوس الذين يدينون بشكل من أشكال وحدة الوجود، لا مع النصارى الذين يؤمنون أن الله في السماء وقد خلق الخلق من العدم، (مع شرك عظيم طبعًا).

14- كل الأحاديث التي يرويها المتصوفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه في موضوع الوحدة هي:

- إما مكذوبة! وهم أنفسهم يعرفون أنها مكذوبة! ومع ذلك يوردونها دون خوف من الله، وكأنهم لم يسمعوا قول رسول: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار»، وأسلوبهم أنهم يروونها، ثم يعلقون عليها بعبارة ما، مثل: «تكلموا فيه»، أو: «فيه نظر»، أو ما شابه ذلك، ثم يبنون عليها ما يشاءون من أحكام ظالمة‍ وكأنهم إذا قالوا عن الحديث المكذوب: «فيه نظر»، أصبح من الأحكام الشرعية، وأصبح العمل به شرعيًّا‍؟

- وإما أن يكون حديثهم صحيحًا، لكنهم يلوون عنقه، يؤولونه، ويعطونه معنى ما أنزل الله به من سلطان! وكذلك يفعلون مع الآيات القرآنية.

وقد مرت في الفصول السابقة أمثلة كثيرة على ذلك، وهو نماذج لما شحنوا به كتبهم من هذه التحريفات، ومنها على سبيل المثال أيضًا:

تفسيرهم لقوله سبحانه: { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ }، بالحضرة الصوفية والرقص، وتفسيرهم لقوله سبحانه: { فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ.. } بالخلوة، وتفسيرهم لقوله سبحانه: { وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }، بأن الذكر بالاسم المفرد (الله الله الله) هو صلاة، وتفسيرهم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «من عادى لي وليًّا آذنته بالحرب..»، أن الولي هو الصوفي، وقوله في بقية الحديث: «... فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يبصر به، ويدَه الذي يبطش بها، ورجله الذي يمشي بها...» بأنه يعني وحدة الوجود.

وقد أشبع العلماء هذا الحديث بحثًا، ونكتفي هنا بالإشارة إلى أن نص الحديث ينفي وحدة الوجود! إذ لو كانت وحدة الوجود موجودة، لكان الله (سبحانه عما يصفون) سمع الإنسان وبصره ويده وكله! سواء أحبه أم لم يحبه، وقبل أن يحبه وبعد أن يحبه، وفي جميع الأحوال، ولا تكون هناك حاجة لأداء الفروض والنوافل، ولا لأي شيء أبدًا لتحقق ذلك.

وكون هذا الوصف: «كنت سمعه... وبصره...» لا يتحقق إلا بعد أداء الفروض والتقرب بالنوافل... ثم بعد أن يحبه الله، يعني بكل وضوح أن هذا لم يكن قبل أن يحبه الله، أي: إن هذه المزية (كون الله تعالى سمع المرء... وبصره...) هي غير متحققة في الإنسان العادي، وبذلك تنتفي وحدة الوجود، وينتفي معها فهمهم الخاطئ.

ويكون معنى الحديث: إن الله سبحانه إذا أحب العبد أعانه إعانة تامة في كل شيء، ولا يكله إلى نفسه أبدًا في أي شيء، وطبعًا تكون إعانة الله للعبد كما يريد الله سبحانه لا كما يريد العبد.

15- الصوفية أنفسهم يعلمون علم اليقين أن وحدة الوجود هي كفر وزندقة بالنسبة للشريعة، ولذلك يُتاقون ويكتمونها عن غير أهلها ويتواصون بذلك.

* النتيجة:

وحدة الوجود كفر مبين، ومعتقدها كافر مبين، كافر حسب الشريعة، وكافر حسب الحقيقة الحقة التي هي الشريعة الإسلامية، له في الدنيا عقوبة المرتد عن الإسلام، وله في الآخرة عذاب أليم، إلا أن يتداركه الله سبحانه بلطفه وعفوه.

والصوفي الحق هو الذي يبطن وحدة الوجود، ويظهر التمسك بالشريعة، وهو منافق حقًّا، بل هو شر أنواع المنافقين، وليكن مطمئنًا (من مقام الطمأنينة) أن مقامه الحقيقي هو في الدرك الأسفل من النار إن لم يتداركه الله برحمته.

والعقيدة الإسلامية هي أن الله جل وعلا خلق الخلق من العدم، وقد مرت الآيات الدالة على ذلك، والمخلوقات هي مِن دونِ الله وغيرهُ، أي إنها ليست تعينات من ذاته العلية، جل جلاله، وهو سبحانه فوق خلقه: { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ... }، { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }، { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ }، (والسماء هنا بمعنى: العلو).
وهو سبحانه فوق السماوات، بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم معقبًا على حكم سعد بن معاذ في بني قريظة: «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرْقِعَة»، والأرقعة هي السماوات، واحدتها «رقيع».
وقول زينب رضي الله عنها تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم : «زوجكن أهاليكن وزوجني الله مِن فوق سبع سماوات» (رواه البخاري).
وغيرها، وغيرها من الآيات والأحاديث.

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 703 – 711 بتصرف يسير ) .


المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/


وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 09:06 PM
المشاركة 98
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشبهة(10) : مناقشة الباطنية والتقية عند الصوفية




يقول سبحانه: { قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }، { قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ }، { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ }، { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ }، { لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }، { قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }، { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينً }، { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ }... والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ويقول صلى الله عليه وسلم : «قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها».
- من هذه النصوص الكثيرة، ومن عشرات غيرها، كلها واضحة جلية، نعرف أن ليس في الإسلام باطن وظاهر بالمعنى الصوفي.
ويكون الإيمان بأن في الإسلام ظاهرًا وباطنًا كفرًا بآيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتكذيبًا لها.
- كما أن من الحقائق التاريخية، أنه لم يحدث قط وجود عقيدة باطنية في جماعة إلا إذا كانت هذه الجماعة تضمر الشر والكيد للمجتمع الذي تعيش فيه.
ولم تخرج الصوفية على هذه القاعدة، فقد رأيناها كيدًا للإسلام ومكرًا بالمسلمين.
- ويقول أحد الباحثين: حيثما وجدت الباطنية ففكر باليهودية، وفي الواقع سنرى بعد قليل أن لليهودية دورًا في نشر الصوفية بين المسلمين، وعلى كل: «الحضرة» يمكن أن تكون أثرًا من آثارها، ومثلها السماع، وتقديس القبور، وبناء القبب، واستعمال السبحة، والجهر بالذكر، وهز الجذع أثناءه إلى الأمام والوراء، أو إلى اليمين والشمال، كل هذه طقوس وممارسات موجودة في اليهودية كما هي موجودة في كل الوثنيات أيضًا! وهي موجودة في الصوفية! فما هي العلاقة؟ مع العلم أن كل هذه الأمور لا أساس لها في الإسلام ألبتة.
ولن نعدم مكابرًا يقول: ليس في الصوفية باطنية، لن نعدمه رغم كل كتبهم ورغم كل أقوالهم، ورغم مئات الصفحات المدرجة في هذا الكتاب.
ولا جواب لنا على أمثال هؤلاء إلا أن نشكوهم إلى الله تعالى.
وللباطنية لغة اسمها «التقية»، يتعلمونها فيما بينهم، يخاطبون بها الناس، ويتسترون بها على ضلالاتهم، ويمكرون بها بالمسلمين، ويكيدون بها للإسلام، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، فإلى مناقشة التقية.
ولنتذكر قوله صلى الله عليه وسلم : «قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك» (إلا هالك).
مناقشة التقية

من فعل: تاقي، يتاقي، متاقاة، وتقيَّة (بتشديد الياء)، ومُجَرّدُه هو فعل تَقَى يَتْقي تقيَّة، بمعنى اتقى.
التقية هي لغةُ الحركات الباطنية والمجال الذي تتفسخ فيه ألسنتها، وفي مقدمتها الصوفية، وقد رأينا أنهم يجعلونها جزءًا من حقيقتهم، وقرأنًا مثل قولهم: «التقية حرم المؤمن»، و«إذا كان قد صح الخلاف، فواجب على كل ذي عقل لزوم التقية»، ومئات الأمثلة غيرها.
وهم يجعلون لها أصلاً قرآنيًّا في قوله سبحانه: { ... وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ... }.
لكن الفرق بين التقاة التي يسمح بها الإسلام، وبين تقيتهم هو نفس الفرق بين الإيمان والكفر.
فالتقاة الإسلامية تكون في حالة واحدة هي: «مَن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان»، إذ في حالة الإكراه هذه فقط يمكن للمسلم المؤمن أن يتظاهر بما يرضي القوة التي تكرهه ريثما يفلت منها، مع بقاء قلبه مطمئنًا بالإيمان، أي إنها حالة استثنائية وطارئة تضمر الإسلام وتظهر غيره.
بينما التقية الصوفية هي عكس ذلك، إذ هي أولاً: إبطان وحدة الوجود، أي: إبطان الكفر وإظهار الشريعة الإسلامية، وهذا هو النفاق عينه الذي هو شر أنواع الكفر، وأصحابه في الدرك الأسفل من النار، وهي ثانيًا: قاعدة مستمرة عندهم، وليست استثناء ولا هي حالة طارئة.
إذن فهي مناقضة للإسلام تناقضًا كاملاً واضحًا لا نقص فيه ولا لبس ولا غموض.
وأسلوب التقية في الصوفية يتركب من:
الكذب، والتأويل، والمغالطة، والمراوغة، والمخادعة.

* الكذب:-
مر معنا في الفصول السابقة عشرات النماذج من كذبهم، وهي جرع من بحر، وبتأمل هذه النماذج، وغيرها مما في كتبهم، نرى أنها:
كذب على الله سبحانه، وكذب على ملائكته، وكذب على كتبه، وكذب على رسله، وكذب على اليوم الآخر، وكذب على القضاء والقدر (خيره وشره)، وكذب على الصحابة، وكذب على أهل الكتاب، وكذب على التاريخ...
أما الكذب على الجغرافية والفلك والجيولوجيا والفيزياء والكيمياء فهو من علومهم اللدنية التي عرفوها بالكشف الذي هو حق اليقين ونور اليقين وعين اليقين؟!
ويكفي القارئ – إذا لم يرد ترويح النفس بقراءة النصوص الكثيرة – أن يقرأ مثلاً (في فصل: نماذج من حكايات الصوفية..) النص الذي عنوانه: «وجعلوا الملائكة معاتيه ومخابيل».

* التأويــل:-
للتأويل معنيان:
1- المعنى المعروف في اللغة العربية والواردة به الكلمة في القرآن الكريم:
وهو – كما في «تفسير ابن كثير» -: التفسير والبيان والتعبير على الشيء.
وهو أيضًا: حقيقة الشيء وما يؤول أمره إليه.
وبشيء من إمعان النظر في المعنيين، نرى الثاني امتدادًا للأول وتكملة له، ولتوضيح ذلك:
نقرأ في الكتاب الحكيم: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }، و{ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرً }.
فالله سبحانه سميع بصير، والإنسان كذلك سميع بصير!
لكننا نعرف – بديهيًّا – ودون أي تلكؤ، أن الله سبحانه وتعالى سميع بصير، بالمعنى الكلي الكامل المحيط للكلمتين، فهو سبحانه سميع بصير بلا حدود.
وأن الإنسان سميع بصير، بالمعنى الجزئي الناقص المحدود للكلمتين، فسمع الإنسان وبصره تحدهما عوامل كثيرة.
ومثلها: الحي، الملك، المؤمن، العزيز، الجبار.... إلخ.
ومثلها الأفعال التي يمكن أن تعزى إليه سبحانه، وإلى مخلوقاته، مثل: شاء، أراد، وغيرها.
ومثلها: الأسماء التي يمكن أن تضاف إلى الخالق والمخلوق، مثل: أمر، إرادة، مشيئة... ومنها كلمة «تأويل».
فعندما تضاف كلمة «تأويل» إلى الإنسان، يفهم منها التأويل الجزئي الناقص المحدود.
أما التأويل الذي يعلمه الله سبحانه، فهو تأويل كلي كامل محيط، يشمل التفسير والبيان والتعبير عن الشيء وحقيقته، وما يؤول إليه أمره، وتفصيله الدقيق المحيط...
ومثلاً على ذلك، قوله سبحانه: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ }.
فنحن نعرف أن تأويل: { اقْتَرَبَتِ }، (أو تفسيرها)، هو: صارت قريبة «ضد بعيدة»، لكن، ما هي مدة هذا الاقتراب؟ كم عدد أيامه وساعاته ودقائقه؟ ما هي تفصيلاته بدقة؟ وكيف يتم؟ ... إلى آخر الأسئلة، وكلها من تأويل { اقْتَرَبَتِ }،
الذي لا يعلمه إلا الله.
ونعرف أن { السَّاعةُ }، هي نفخة الصور الأولى! لكن، كيف تقوم الساعة؟ ما هي عواملها بالتفصيل؟ وما هي نتائجها بالتفصيل أيضًا؟ والأسئلة كثيرة، والأجوبة عليها من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله.
هذا هو المعنى اللغوي القرآن لكلمة «تأويل».
ومن هنا نعرف أن معرفتنا بمعاني القرآن الكريم، مهما تعمقت، تبقى ناقصة، وأن المعنى الكامل يبقى غائبًا عنا، وهو ما يمكن أن يسمَّى «المعنى الباطن»، وهذا هو التأويل الذي يأتي يوم القيامة: { وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }، كما أن دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار هو أيضًا من تأويله.
2- المعنى الاصطلاحي الذي تتبناه الحركات الباطنية، من صوفية وغيرها، والذي هو موضوع بحثنا:
وهو إعطاء الكلمة معنى يخالف المعنى اللغوي والشرعي المجمع عليه في كتب اللغة والأصول، ويتفق مع العقيدة الباطنية للمؤولين، يفتشون فيه، أو فيها (في اللفظ أو في الجملة) عن أي شيء يمكن أن يكون رمزًا أو إشارة إلى شيء من العقيدة الباطنية، فيبرزونه، موهمين أنه المعنى الحقيقي.

وفي التقية الصوفية، نواجه نوعين من التأويل:
§ تأويل نصوص القرآن والسنة لتتفق مع باطلهم، ويسمونه أيضًا «التفسير الإشاري»، نذكِّر ببعضها:

- (لا إله إلا الله)، تأويلها: لا موجود إلا الله.
- و{ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى }، تأويلها: إن المخلوقات ترجع إلى ربها الذي صدرت عنه لتندمج فيه.

- { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ }، تأويلها: عبارة: { يَذْكُرُونَ اللهَ }، يدخل فيها ترديد كلمة: «الله حي» بتقاطيعها لا بألفاظها، وعبارة: { قِيَامًا وَقُعُودً } تشير إلى القفز، وبذلك تكون الآية مشيرة إلى الحضرة الصوفية! وينسون طبعًا أو يتناسون عبارة: { وعَلَىَ جُنُوبِهِمْ }!

- ... { قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي }: معنى كونه ربانيًّا أنه من أسرار علوم المكاشفة ولا رخصة في إظهاره إذ لَمْ يظهره رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

- ونزيد في التأكيد بإضافة نص للغزالي في «إحيائه»، مر في مكان سابق من هذا الكتاب، يقول:

... ثم إذا انكشفت لهم أسرار الأمور على ما هي عليه، نظروا إلى السمع والألفاظ الواردة، فما وافق ما شاهدوه بنور اليقين قرروه، وما خالف أولوه...

إذن، فهم يؤولون نصوص القرآن والسنة التي تخالف كشفهم! وهذا يعني:

‌أ- لا يؤمنون إلا بكشوفهم وهلوساتهم كمصدر للاعتقادات والعبادات.

‌ب-ينكرون المعنى الصحيح للنص القرآني أو السني، ويرفضونه.

‌ج- يخافون من إعلان هذا الرفض؛ لأنه يجرد عليهم سيف الردة (سيف الحلاج).

‌د- لذلك يتظاهرون بالإيمان بنصوص القرآن والسنة المخالفة لكشوفهم، ولكنهم يقولون: إن لها معنى باطنًا، هو معناها الصحيح.

هـ- يفتشون في النص عن أي شيء يمكن أن يروا فيه إشارة أو رمزًا لما يعتقدون.

و‌- يسلطون الأضواء على هذا الشيء، ويبرزونه، وكأنه المعنى الحقيقي للنص!

ز‌- وإذا لم يستطيعوا إقناع الآخرين لقبول تأويلاتهم، عمدوا إلى خدعة أخرى؟ فقالوا عن المعنى الصحيح للنص: إنه المعنى الظاهر! وقالوا عن تأويلهم الباطل: إنه المعنى الباطن!

والنتيجـة:
تأويل نصوص القرآن والسنة، هو كفر صراح بالنصوص، وأسلوب للتخلص من عقوبة هذا الكفر، وخداع للمسلمين لجرهم إلى ضلالات التصوف.
§ النوع الثاني من التأويل الذي يمارسه المتصوفة في كل مناسبة هو تأويل ضلالاتهم، وتأويل نصوصهم الدالة على ضلالاتهم؛ لإظهارها وكأنها لا تخالف الشريعة الإسلامية، يفعلون ذلك؛ لأهداف:

‌أ- التستر على باطلهم، والتظاهر بأنهم لا يخالفون القرآن والسنة!

‌ب- الضحك على أذقان المغفلين لئلا يتهموهم بالكفر والزندقة.

‌ج- خداع المسلمين؛ لإقناعهم أن الصوفية من الإسلام، ثم جرهم إليها.

‌د- خداع الذين لا يقتنعون بضلالات الصوفية؛ ليتركوا تلك النصوص تسري بين المسلمين بهدوء ليستطيعوا هم أن ينصبوا شباكهم بهدوء، ويصيدوا بها فرائس جديدة بهدوء، وبهذه الفرائس الجديدة يزيد مدد الشيخ وتستمر مسيرة الكهانة، وبهذه الفرائس الجديدة تزداد قناعة المجاذيب بأن جذباتهم التحشيشية الإشراقية هي فتوحات إلهية، وبأن هلوساتهم هي نور اليقين وعين اليقين وحق اليقين.

وغَفلة المسلمين جعلت المتصوفة يتمادون بالقول بالتأويل! فكلما جئتهم بنص من نصوصهم الضلالية، قالوا لك: هذا له تأويل! فنقول:
إن هذا التأويل، والقول بهذا التأويل، هو كفر وزندقة وردة، وهو كيد للإسلام ومكر بالمسلمين، وضحك على ذقون المغفلين لجرهم إلى أحضان الشياطين، ثم إلى جهنم وبئس المصير.

* الخلاصـة:

للكفر مدخلان:
1- رفض ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بصراحة، وهذا كفر فيه صدق ووضوح.
2- تأويل ما جاء به محمد، أو بعض ما جاء به، وهذا رفض متستر، وهو كفر فيه خبث ومكر وكيد وخداع، فهو شر من الكفر الأول.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 09:07 PM
المشاركة 99
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
* المغالطة والمراوغة والمخادعة:ـ

سنورد صُورًا سريعة من مغالطاتهم ومراوغاتهم ومخادعاتهم، حيث يأتي في قمتها أمران:
- الطريقة البرهانية الغزالية، أي: مزج الإسلام بالتصوف، وهو ما اعتادوا على تسميته بالتصوف السنّي.
- التأويل الاصطلاحي.

وتكاد كل خدعهم ومغالطاتهم ومراوغاتهم أن تكون فروعًا لهذين الأصلين، منها:

- لو قال قائل: إن الصوفية كفر، لسمع أجوبة كثيرة مثل: الذي يصلي ويصوم ويقرأ القرآن.. هل هو كافر؟

الجواب: إن الصلاة والصيام وقراءة القرآن ليست من الصوفية، بل هي من الإسلام الذي مزج به التصوف، والخمر لا يصير طيبًا ولا حلالاً إذا مزج بالماء أو بالعسل، بل يبقى خبيثًا ومحرمًا، وكذلك الصوفية تبقى زندقةً وكفرًا ولو مزجت بالصلاة والصيام وقراءة القرآن والزكاة والقتال مع المجاهدين في سبيل الله...
- من المغالطات أن نسمع من يتظاهر بنقد التصوف، ويقول برزانة: إنهم يبالغون في التعبد، والمبالغة في التعبد ليست حرامًا، ولكنها قد تثير الملل عند بعضهم...
- مما يرددونه دائمًا وبعناد قولهم عن الآية: { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ }، تعني الحضرة الصوفية‍!

الجواب: لا تساعد اللغة العربية على هذا الفهم، كما لم يفهمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، ولا التابعين ولا تابعوهم، ومعنى الآية هو أن يذكر المسلم الله في جميع الحالات.

- لو عرضت عليهم أحد النصوص الصوفية المشحونة بالكفر والزندقة، فسترى الجواب حاضرًا: «هذا له تأويل‍»‍، أو يقولون: «هذا مدسوس».

- وهذه صورة من أساليبهم في المراوغة، يتسلى القارئ بتحليلها، يقول ابن عجيبة:

... ولذلك كان النظر في الكتب يضعف المسالك لتشعبها وكثرتها عند اختلاف الهمم، لا سيما من جُبلت طبيعته على علم الظاهر، فإنه أبعد الناس عن الطريق ما لم يدَّاركه الله بفتح منه؛ لأن التشريع كلُّ حكْمة منها تحتها حِكَم، مَن لم يفهمها فبستانه مزهر غير مثمر، ومن هنا وقع الإنكار، حتى امتحن الله كثيرًا من الصوفية على أيدي علماء الظاهر عندما نسبوهم للكفر والزندقة والبدعة والضلال! وسر الخصوصية يقتضي ذلك لا محالة، سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ولو جعلناه ملَكًا لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون، وما هلكت الأمم السابقة إلا بقولهم إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، فتحصَّل أن الإنسان إذا جال مع النفس في ميدانها فجاهدها حتى هذَّبها وطهرها من الأوصاف الحاجبة لها، رجعت نفسه حينئذ إلى أصلها، وهي الحضرة التي كانت فيها، إذا لم تكن بينها وبين الحضرة إلا الحجب الظلمانية، فلما تخلصت منها رجعت إلى أصلها نورًا مشرقًا...
- نترك للقارئ التسلية بتحليل ما فيها من المخادعات والمغالطات، لن ننبه إلى نقطة واحدة فقط، هي قوله: «حتى امتحن الله كثيرًا... وسر الخصوصية يقتضي ذلك لا محالة، سنة الله التي قد خلت من قبل..»، فنقول له:
هذا افتراء على الله الكذب، فأكثر من نصف سكان الأرض يؤمنون بسر الخصوصية، هذا الذي تدعيه، ولم يمتحنوا لا هم ولا كهانهم، فالأيونيون والرواقيون والإيلوسيون والغنوصيون والهنادكة والبوذيون والطاويون وغيرهم، كلهم كانوا وما زالوا يحترمون كهانهم الذين يتحققوا بسر الخصوصية ويبجلونهم، ولم يُمتحن أصحاب هذا السر إلى في الإسلام!
لذلك، فإما أن يكون أصحاب سر الخصوصية كفارًا زنادقة، أو يكون الإسلام غير صحيح، ولا ثالث لهاذين الاحتمالين.
- ومن مغالطاتهم، قول محمد المهدي الصيادي (الرواس): «ومما لا يلتفت إليه التشدق بما أبهمه وأوهمه المبتدعة أهل الوحدة المطلقة...».
هذا القول هو مثل قولهم: «علومنا مقيدة بالقرآن والسنة»، ومثل قول قائلهم: «لا يكون الصديق صديقًا حتى يشهد له في حقه سبعون صديقًا أنه زنديق؛ لأن الصديق يعطي الظاهر حكم الظاهر والباطن حكم الباطن»، ويحمل نفس معنى العبارة: «اجعل الفرق في لسانك موجودًا والجمع في جنانك مشهودًا»، وأترك تحليلها للقارئ، مع التذكير بأن أهل الوحدة المطلقة هم الذين يصرِّحون بوحدة الوجود ولا يقيِّدون عباراتهم بالرمز واللغز.
- ومن أساليبهم في المغالطة قول عبد الكريم الجيلي:
.... فلا بد لمنْ يقصد معرفة علمنا هذا.. أن يقيس العلوم الواردة إليه على الأصول المشروعة التي قد ثبتت بالكتاب والسنة والإجماع، فما وجده من تلك العلوم موافقًا للشريعة فيقصده ويتجلى به، وما وجده مخالفًا توقف عن استعماله إلى أن يفتح الله على ما يؤيده من الشريعة، فيستعمله حينئذ...
لملاحظة المغالطة هنا يجب أن ننتبه إلى قول: «وما وجده مخالفًا توقف عن استعماله إلى أن يفتح الله على ما يؤيده من الشريعة».
إذن، فما يخالف القرآن والسنة ليس كفرًا، ولا يجب تركه ونبذه، وإنما يتوقف فقط عن استعماله ريثما يفتح الله عليه (تعالى الله عن الخداع)، بنص يمكن تأويله بما يوافق المخالفة.
- ومن مغالطاتهم ومراوغاتهم قول الجيلي نفسه:
... ثم قال الإمام الأكمل: كل حقيقة لا يؤيدها شريعة فهي زندقة، يريد أن كل علم يَردُ عليك من الحقائق التي لا تؤيدها الشريعة، فاستعمال ذلك العلم زندقة منك؛ لأنك تفعل خلاف الشرائع؛ لأن الحقائق فيها زندقة، إذ ليس في الحقائق مسألة إلا وقد أيدها الكتاب والسنة...
أرجو من القارئ أن ينتبه إلى قوله: «فاستعمال ذلك العلم زندقة منك...»، وأن يحلل بنفسه المغالطة والمراوغة في هذه العبارة وفي النص كله.
- ومن أشهر مغالطاتهم قولهم بالدس عليهم، وهذا مثل منها:
يقول عبد الوهاب الشعراني:
... وكان (ابن عربي) متقيدًا بالكتاب والسنة... وجميع ما عارض من كلامه ظاهر الشريعة وما عليه الجمهور فهو مدسوس عليه، كما أخبرني بذلك سيدي الشيخ أبو الطاهر المغربي نزيل مكة المشرفة، ثم أخرج لي نسخة «الفتوحات» التي قابلها على نسخة الشيخ التي بخطه، في مدينة قونية، فلم أرَ فيها شيئًا مما كنت توقفت فيه وحذفته حين اختصرت «الفتوحات».
- جوابنا: لم يبين لنا القطب الرباني شيئًا من هذه المدسوسات، ثم إن كل ما في «الفتوحات» يدور حول وحدة الوجود، إما تصريحًا، أو بالعبارة الصوفية، ولو حذفناها لما بقي من «الفتوحات» شيء! فما الذي يمكن أن يدس عليها؟ وهل يحتاج البحر الميت إلى دس الملح عليه ليغدو ملحًا؟؟ ثم إن الفتوحات لا يطبعها إلا المتصوفة وأقطابهم، ولا يهتم بدراستها إلا المتصوفة وأقطابهم، فلِمَ لا يحذفون هذا المدسوس؟... والأسئلة كثيرة.
- ويتمم الشعراني مراوغاته:
وقد دَسَّ الزنادقة تحت وسادة الإمام أحمد بن حنبل في مرض موته عقائد زائغة، ولولا أن أصحابه يعلمون منه صحة الاعتقاد لافتتنوا بما وجدوه تحت وسادته.
وكذلك دسوا على شيخ الإسلام مجد الدين الفيروز آبادي صاحب «القاموس» كتابًا في الرد على أبي حنيفة وتكفيره، ودفعوه إلى أبي بكر الخياط اليمني البغوي، فأرسل يلوم الشيخ مجد الدين على ذلك، فكتب إليه الشيخ مجد الدين: إن كان بلَغك هذا الكتاب فأحرقه فإنه افتراء من الأعداء، وأنا من أعظم المعتقدين في الإمام...
الجواب على هذا الكلام (مع غض النظر عن صدقه أو كذبه):
عرف أصحاب أحمد بن حنبل العقائد الزائفة المدسوسة فنبذوها، ولم يبق لها أثر، فلِمَ لا تفعلون مثل ذلك وتنبذون ما في كتب المتصوفة من وحدة الوجود وأساليب التقية وخداع المسلمين؟؟ لِمَ لا تفعلون ذلك؟ إذ لو فعلتم ذلك لأصبحت كتب الصوفية شبه بيضاء.
- يتمم:

وكذلك دسوا على الإمام الغزالي عدة مسائل في كتاب «الإحياء»، وظفر القاضي عياض بنسخة من تلك النسخ فأمر بإحراقها.
وكذلك دسوا عليَّ أنا في كتابي المسمى بـ «البحر المورود» جملةً من العقائد الزائفة وأشاعوا تلك العقائد في مصر ومكة نحو ثلاث سنين، وأنا بريء منها...
- نقول: بمثل هذا يخادعون الذين آمنوا ويغالطونهم ويستجرونهم إلى ظلمات التصوف، أو على الأقل يوهمونهم أن المتصوفة مظلومون مكذوب عليهم، والقول بأنهم دسوا على الغزالي مسائل في «الإحياء» هو كذب، وقوله: إنهم دسوا عليه في «البحر المورود» هو كذب، ومثل هذا الكذب يدل على أن قائله لا يخاف الله ولا يرجو اليوم الآخر، مع العلم أن كتاب «الإحياء» الذي أمر القاضي عياض بإحراقه هو نفس هذا المتداول بين الأيدي الآن.
- ومن أبشع مغالطاتهم ومخادعاتهم في كتبهم التي يترجمون فيها لأعيانهم، أنهم يوردون قبل كل شيء أسماء كبار الصحابة على أنه من أولياء الله المتصوفة ثم يوردون أسماء كهانهم، ويخلطون معهم علماء أجلاء مثل ابن حنبل أو الشافعي أو الثوري أو العز بن عبد السلام أو ابن الجوزي أو غيرهم، فيوهمون الغافلين ويستجرونهم إلى أحضان إبليس.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 08-05-2014, 09:07 PM
المشاركة 100
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
- وهذا نص من كتاب حديث العهد، قد يزيد عدد الأكاذيب فيه عن عدد سطوره:
«ولما كان أهل الله هم أهل الرحمة الواسعة، وهم أهل الفتوة والشفقة على عباد الله عامةً، فما بالك بمن وقع فيهم من الأمة المحمدية خاصة، سواء كان هذا الوقوع منهم عن قصد أو خطأ في الاجتهاد، فإلى الإمام ابن تيمية ومقلديه مِن أصحاب سوء الظن بعباد الله، أنقلُ هذه العبارة من «الفتوحات المكية» الجزء الأول الصفحة 616:
يقول الشيخ الأكبر: «إن من فتوة أهل هذا الطريق ومعرفتهم بالنفوس أنهم إذا كان يوم القيامة، وظهر ما لهم من الجاه عند الله، خاف منهم من آذاهم هنا في الدنيا..».
- للقارئ أن يتسلى بتحليل هذا النص، لمعرفة ما فيه من افتراء على الله سبحانه ومخادعة ومراوغة ومناقضة للقرآن والسنة وتعالم بالغيب.
لكن هذا الإصرار على الكيد للإسلام والمكر بالمسلمين، بأسلوبه العميق الهادئ الأملس المتلوي الذي يحشو زعاف السم في برشامات جميلة المظهر مكتوب عليها: «أهل الله، أهل الرحمة، الشفقة على عباد الله..»، هذا الإصرار بهذا الأسلوب الخبيث يجعلنا نتوجه إلى الله سبحانه بقلوبنا وكل حواسنا سائلين إياه أن يهدي هذه الطائفة الضالة المضلة، أو أن يكبتها فيقف كيدها ومكرها بالإسلام والمسلمين.
- ومن الملاحظات: يتحدث عن أهل الله الذين هم أهل الرحمة... والجواب:
نعم يوجد في بني آدم مَن هم مِن أهل الله ومن أهل الرحمة.. ولكن ما هو برهان هذا الدعي أنهم هم المتصوفة؟ وهل تكفي وسوسات إبليس للبرهنة على ما يدعيه؟!
- ثم هو يهاجم بأسلوب فيه نعومة أولئك الذين يسميهم: «أصحاب سوء الظن بعباد الله..»، والجواب:
إن الذين يحكمون على التصوف بأنه مستنقع الكفر والزندقة والضلال، إنما يعتمدون في ذلك على النصوص المبينة من القرآن والسنة، وعلى مخالفة الصوفية الواضحة وضوح الشمس في رائعة نهار مشرق لهذه النصوص، جملةً وتفصيلاً، وعلى التزام المتصوفة بالكذب الفاجر الذي لا حدود له، عندما يقولون دون خوف من الله تعالى ولا خجل من عباده: إنهم ملتزمون بالقرآن والسنة! بينما هم في الحقيقة ملتزمون بهلوسات الجذبة التي يسمونها الكشف.
فهل المسلمون الذين يبينون للناس هذا المنكر الماحق، هم من أصحاب سوء الظن بعباد الله؟!
إن إحسان الظن واجب عندما يتعلق الأمر بمسائل شخصية بحتة..
أما إن كان يمس دين الإسلام وأمة الإسلام، فإحسان الظن والسكوت هما دخول في لعنة الله: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }.
وواجب المسلم العمل على إزالة المنكر، وواجب أصحاب المنكر أن يسرعوا في ترك المنكر مع التوبة الاستغفار، فإن أصروا على منكرهم وعلى الدعوة إلى منكرهم! فهل يستطيع مسلم يخاف الله ويرجو اليوم الآخر أن يحسن الظن بهم؟!

- ثم يورد المؤلف قول شيخه الأكبر: «إن من فتوة أهل... وظهر ما لهم من الجاه عند الله، خاف منهم من آذاهم...» والجواب:
أ‌- إن تزكية النفس هي من كبائر الإثم: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينً }، { فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى }، { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ } .
ب‌- قوله هذا هو، على كل حال، أمر غيبي لا يُعرف إلا بنص من القرآن والسنة، ونصوص القرآن والسنة تحكم عليهم أنهم من أضل عباد الله.

- وهذا نص آخر من نفس الكتاب الذي قد يزيد عدد الأكاذيب فيه عن عدد سطوره، يقول:
وكان الشيخ أبو مدين... إذا قيل له: قال فلان عن فلان عن فلان، يقول: «ما نريد نأكل قديدًا، ائتوني بلحم طري»، وفي رواية: «أطعمونا لحمًا طريًّا، كما قال الله تعالى: { لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّ } ، لا تطعمونا قديدًا».
يعلق المؤلف فيقول: أي لا تنقلوا إلينا إلا ما يُفتح به عليكم في قلوبكم، لا تنقلوا إلينا فتوح غيركم...
- الجواب: نستطيع أن نعرف المغالطة في هذا الأسلوب والمخادعة، إذا عرفنا أنهم يعتقدون أن الوحي الذي كان ينزل على محمد هو فتوح مثل فتوحهم.
- وكل كتبهم هي من مخادعاتهم ومراوغاتهم، وفي مقدمتها: «اللمع» (ولو أنصف لسماه الظلم)، و«إحياء علوم الدين» (ولو صدق لسماه إحياء علوم الكهانة)، و«الرسالة القشيرية» (رسالة الضلال والدجل)، و«الحكم العطائية» (التي هي نقم ضلالية كفرية)، مرورًا بكل كتبهم حتى الوصول إلى الحديث منها، وإلى ما سيؤلف في آتٍ من الزمن.
إن كل كتاب جديد يُؤلف في التصوف، إنما هو أسلوب جديد في المخادعة والمراوغة والدجل يقدمه مؤلفه ليدعم به مسيرة الكهانة في الأمة الإسلامية.

ومثلاً منها: كتاب من كتبهم الحديثة التي يقتنونها بنشاط، نرى عناوين فصوله كما يلي:
- التعريف: نقرؤه فلا نجد فيه شيئًا من التعريف، وإنما نجد جملاً دعائية يزينون بها الصوفية للقارئ ليخدعوه ويضللوه.
- الاشتقاق: نقرؤه فلا نجد فيه أي بحث علمي صحيح عن الاشتقاق إلا جملاً للدعاية للصوفية.
- ثم نقرأ – كما في كل كتبهم – فصولاً عما يسمونه المقامات، مثل التوبة والزهد الورع والتوكل... إلى آخر ما هنالك، وهي كما رأينا، لا علاقة لها بالطريقة ولا بالحقيقة، وإنما هي أساليب دعائية يزينون بها الدعاية للصوفية بأسلوب ماهر ذكي يخدعون به القارئ الذي يجهل ما هي الصوفية.
- ومن أساليبهم الناعمة في المغالطة، إيرادهم قصصًا عن بعض شيوخهم تظهر تمسكهم بالإسلام أو ببعض سننه، وكيف أنهم ينفرون من الإخلال بالآداب الإسلامية، ويجعلون هذا دليلاً على صحة الصوفية.
والجواب: إن التمسك بالتعاليم الإسلامية وسننها وآدابها هو من الإسلام وليس من الإشراق، والتمسك بالإسلام وآدابه لا يجعل الإشراق إحسانًا، ولا الزندقة إيمانًا، وهم عندما مزجوا الإشراق بالإسلام أساءوا إلى الإسلام ولم يغيروا شيئًا في الإشراق.
- ومن أساليبهم الناعمة في المغالطة: ذكرهم لبعض الطرق التي عمل بعض أتباعها أو مشايخها على نشر الإسلام بين عير المسلمين، أو قاتلوا الاستعمار وجاهدوا لإعلاء كلمة الإسلام.
والجواب على هذا مثل الجواب على سابقه، هو أن العمل على نشر الإسلام والجهاد في سبيل الله هو من تعاليم الإسلام ولا علاقة له بالإشراق، ويبقى الإشراق زندقة وكفرًا ولو جاهد أصحابه في سبيل الله، ويبقى مزج الإشراق بالإسلام ضلالاً بعيدًا وإساءة كبرى للإسلام وتدميرًا للعقيدة في نفوس المسلمين، وهل يصبح الزنا (مثلاً) ولاية إذا مزجه مازج بالإسلام؟!

* الوحدة المطلقة:

الوحدة المطلقة هي التصريح بوحدة الوجود بالعبارة المطلقة، أي غير المقيدة بالإشارة والرمز واللغز، وهذا هو الكفر والزندقة عندهم؛ وهم لا يعنون بالكفر والزندقة الخروج من الولاية والصديقية، لا، وإنما يعنون بها أنها كفر وزندقة بالنسبة للشريعة (التي هي الظاهر) لا بالنسبة للحقيقة، إذ هي عندهم، بالنسبة لحقيقتهم، ولاية وصديقية وقرب ومعرفة لكن يجب أن تبقى مكتومة وألا يعبر عنها إلا بالعبارة الصوفية، وهم في واقع الأمر يستعملون عبارة «الوحدة المطلقة» للخداع والتضليل والتهرب من سيف الحلاج.
وقد مر معنا قول قائلهم: إن الجنيد والشبلي أفتيا بزندقة الحلاج وبقتله، وهما يعلمان أنه ولي الله حقًّا، كما رأينا قول عارفهم الغوث: «وبويعت في الحضرة على التباعد عن أناس ابتُلوا بالانتقاد والاعتراض على أولياء الله تعالى، وذلك فيما يقبل التأويل»‍ وهو يعني بهذا أن العبارة الصوفية يجب أن تكون قابلة للتأويل ليمكن بذلك خداع المسلمين! أما إن لم تكن قابلة للتأويل فالذنب ذنب الصوفي عندئذ؛ لأنه سيكون من أهل الوحدة المطلقة، الذين لا يُقيدون عبارتهم بالإشارة والرمز واللغز التي تجعل التأويل ممكنًا، والتي هي مجن الطريقة البرهانية الغزالية التي تترست به، استطاعت أن تخدع المسلمين وعلماء المسلمين طيلة تسعة قرون أو تزيد، واستطاعت بذلك أن تصل إلى غاية إبليس من ورائها بتحريف العقيدة الإسلامية في النفوس، ودفعها إلى التخبط في ظلمات بعضها فوق بعض، وإيصال المجتمعات الإسلامية إلى ما هي عليه من فساد وضياع.
ومثال ممن يقولون عنهم إنهم من أهل الوحدة المطلقة «ابن سبعين» لمثل قوله:
كم ذا تموه بالشعبين والعلـــم *** والأمر أوضح من نار على علم
فهو يطلب ترك التمويه بالإشارة والرمز (كم ذا تموه بالشعبين والعلم)، ويدعو إلى الصدع بحقيقتهم التي هي في نظره أوضح من نار على علم، وقولهم عنه إنه من أهل الوحدة المطلقة لا يعني مطلقًا أنهم لا يعتقدون بولايته العظمى وقطبيته، هذا إن لم يكونوا يعتقدون بغوثيته.
ومثله عمر بن الفارض، لمثل قوله:
وصرح بإطلاق الجمال ولا تقـل *** بتقييده ميلاً لزخـرف زينــة
وكلنا يعلم أن عمر بن الفارض عندهم هو سلطان العاشقين، حتى قال فيه شاعرهم:
لم يبق صيب مزنة إلا وقــــد *** وجبت عليه زيـارة ابن الفارض
ومن المشيخات الصوفية التي يجعلونها من أهل الوحدة المطلقة «الطريقة السبعينية»؛ لأن ذكرهم كان: «ليس إلا الله» بدلاً من: «لا إله إلا الله»؛ لأن عبارة: «ليس إلا الله» تصرح بوحدة الوجود، ولا تقيدها بالإشارة والرمز واللغز.
وأُعيد القول: إنهم يعنون بعبارة «الوحدة المطلقة» أي الوحدة غير المقيدة بالإشارة والرمز واللغز.

( المرجع : الكشف عن حقيقة التصوف ، للأستاذ عبدالرؤوف القاسم ، ص 713 – 731 بتصرف يسير ) .


المصدر : موقع الكاشف
http://www.alkashf.net/

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: عين على الصوفية!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
النازعون عن الصوفية! عبده فايز الزبيدي منبر الحوارات الثقافية العامة 9 08-21-2013 08:24 PM
اعلام الصوفية واليتم: ما هي نسبة الايتام من بين اصحاب المدارس الصوفية؟ دراسة ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 42 06-15-2013 12:20 PM
الصوفية والتصوف عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 5 12-19-2011 06:29 AM
الصوفية والتصوف عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 0 12-17-2011 08:16 PM
الصوفية والتصوف عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 4 12-17-2011 11:02 AM

الساعة الآن 02:23 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.