احصائيات

الردود
6

المشاهدات
7384
 
دكتور غالب الأسدي
من آل منابر ثقافية

دكتور غالب الأسدي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
9

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
May 2012

الاقامة

رقم العضوية
11190
08-22-2012, 08:28 PM
المشاركة 1
08-22-2012, 08:28 PM
المشاركة 1
افتراضي اهمية البيئة الاجتماعية في تنشئة الاطفال
يولد الطفل الانساني بغرائزه الفطرية التي يشترك بها مع العالم الحيواني دون استثناء ، لذا يصفه أصحاب النظرية السلوكية التي تعتمد على المثيرات والاستجابات في إقرار الكيفية التي يتعلم بها الإنسان المظاهر السلوكية المختلفة بأنه مثل الصفحة البيضاء التي لا أحرف ولا سطور مكتوبة فيها ، ولكن كلما تقدم به العمر تبدأ هذه الصفحة بالامتلاء بانواع الكلمات والأحرف التي تأتي نتيجة لعمليات التشكيل الاجتماعي التي تبدأ بالاسرة ، فعالم الطفل الإنساني الصغير هو أسرته بدءأ بالأم أو الأب أو الأخوة الآخرين أو بقية الأقارب الذين يعيشون من حوله في بيت واحد مثل الأجداد أو الأعمام أو الأخوال. وهنا فان كل عمليات التشكيل الاجتماعي ( التربية) في هذه المرحلة العمرية المبكرة تأتي عن طريق هؤلاء المقربين الذين يعيشون حوله لأنهم أول وأكثر من يحتك بهم ، ولأن للطفل الإنساني أو الحيواني أيضا استعداد فطري للتعلم فإنهما يلاحظان السلوك ويقومان بتقليده ومحاكاته ويعبران عن هذا التعلم بالأصوات والأشارات المختلفة العشوائية التي تدل على اكتساب هذا السلوك من الاخرين ، ويوجد فرق واحد في كيفية التعبير فيما بينهما هو أن الطفل الإنساني يوجد لديه استعداد لأنواع التعلم أهمها على الإطلاق هو الاستعداد لتعلم اللغة والتي تتطور كما وسنلاحظ بشكل بدائي إلى مراحل أكثر تطورا وتعقيدا في مراحل عمرية متقدمة تمكنه من التعبير اللغوي عن التنشئة الاجتماعية بينما يبقى الطفل الحيواني ضمن المدى الذي يمكنه من التعبير عن عمليات التنشئة بالأصوات أو الحركات حتى في مراحل عمرية متقدمه لأنه لايمتلك الاستعداد الفطري لتعلم اللغة .
وقد أشارت نظرية التعلم الاجتماعي للعالم الامريكي آلبرت باندورا ( Albert Pandora ) إلى أن الطفل الانساني يتعلم بملاحظة سلوك الآخرين من حوله وبما أن عالمه الصغير كما قلنا هو الأسرة التي تسكن معه في بيت واحد ، فانه يتعلم المظاهر السلوكية الابتدائية المختلفة عن طريقهم . وهذا يعني أنه يلاحظ السلوك ثم يقوم بتقليده ومحاكاته ، ويكون التقليد بشكل ببغائي ودون أي إضافات كما يحدث في مراحل عمرية متقدمة ، فإذا ابتسمت الأم أو الأب مثلا أو أي فرد آخر من أفراد الأسرة ، فإنه يقوم بتقليد الابتسامة والرد بالمثل دون أن يعي معنى الابتسام كمفهوم مجرد في السلوكي الانساني والذي يدل على الفرح والانشراح والسرور، لذلك يمكن أن يبتسم الطفل الرضيع لأي شيء يتعلم مسبقا عن طريق تعزيز سلوك الابتسام ، فمجرد رؤية الأم أحيانا يكون كافيا للابتسام أو رؤية حيوان أليف يبتسم له ويوافق على هذه الابتسامة الآباء أو يرى أخاه أو أخته الأكبر منه سنا وهكذا ، وبتكرار هذه العملية وما يلقاه من تعزيز بالربت أو الانشراح يتعرف الطفل أن الابتسام دلالة القبول او الرضى أو الارتياح ، فغذا كان في موقف مؤلم أو مزعج فإنه لايبتسم ابدا . وهكذا تبدأ عمليات التشكيل الاولية للسلوك بهذا الشكل ومع مرور الأيام والأشهر فأن الطفل الرضيع يتعلم كثير من المظاهر السلوكية الاجتماعية التي يعبر عنها بقدراته العقلية البسيطة ،إذ أنه لم يزل لم يتعلم اللغة أو مفرداتها أو ماهو مرغوب أو غير مرغوب من السلوك ، لذا نراه يعبر عن مظاهره السلوكية المختلفة بالأصوات المختلفة التي يصدرها والتي تعد مرحلة مبكرة لتدريب الأوتار الصوتية وأعضاء النطق أو ماتسمى ( المناغاة ) وإعدادها لمراحل لاحقة يتعلم بها اللغة وهذا ما يميز الكائن الانساني عن بقية الكائنات الحيوانية
تمتاز هذه المرحلة العمرية المبكرة بأنها مرحلة الاتكالية أو الاعتمادية في كل شيء على الوالدين أو من ينوب عنهما ، ويمكن ملاحظة ان الطفل الانساني هو اكثر طفل في الكائنات الحية اتكالية واعتمادية على الآخرين لفترة طويلة ربما تصل إلى 10 سنين وأحيانا تمتد إلى سنين أطول إذا كان نمو شخصية الطفل غير مكتملة لأسباب عديدة .
ويرى علماء التربية ان طول فترة الاعتمادية هذه لها فائدة تربوية كبيرة تتجاوز سلبياتها بكثير ، إذ أن الطفل الحيواني مثلا كما في اللبائن فإنه بعد ولادته بزمن قصير يبدأ الاعتماد على نفسه في بعض جوانب حياته المختلفة مثل البحث عن الطعام أو قضاء الحاجة مثل التبول أو البراز أو استكشاف البيئة الطبيعية وحتى في بعض مظاهر نموه الجسمية مثل المشي وهو مهم جدا في تحقيق الاعتمادية ، فمثلا أطفال اللبائن أول ما تخرج للحياة بعد سويعات قليلة تبدأ بالوقوف على أطرافها ومن ثم المشي . وهنا فإن علماء التربية يقولون لولا هذه الاعتمادية المبكرة لما تمكنا من نقل ثقافة المجتمع من عادات وتقاليد ومعتقدات وأعراف اجتماعية ولغة للنشأ الجديد ،وأول ماينقل من هذه الثقافة يكون عن طريق الأسرة أثناء عمليات التشكيل الاجتماعي ( التربية ) فما هو مقبول أو غير مقبول ،وما هو معيب أو غير معيب ، والملبس والمأكل، وما منظور الاسرة في العبادة أو العقائد كلها تلقن للأطفال في هذه المرحلة المبكرة ، وكلها تستغل هذه الاعتمادية أو الاتكالية في نقل كل هذا الموروث الثقافي للنشأ الجديد .
إن عمليات التشكيل الاجتماعي المبكرة مهمة جدا في صياغة شخصية الإنسان فيما بعد ، ففي بعض الدراسات التي أجريت على الأطفال الذين وجدوا في الغابات وربتهم الحيوانات ( مايسمون بالأطفال المتوحشين وقد وجد عديد منهم في فترات زمنية ماضية لاسيما في البلدان التي فيها غابات كثيفة وحياة سكانها لم تزل بدائية ) أنهم بكم لايتكلمون ويسيرون على أربعة أطراف وأن حاسة الشم و السمع و البصر لديهم شديدة مثل الحيوانات ، كما أن سلوكهم في تناول الطعام مماثلا لسلوك الحيوانات، كذلك سلوك الابتسام والخجل فهم لايعرفون سلوك الابتسام ولايخجلون من المشي عراة ، ومن أشهر تلك الدراسات التي أجريت على الإطلاق دراسة حالة الطفلتين الهنديتين ( Kamala & Amala ) اللتين عاشتا وتربيتا في الغابات ، إحداهن كانت بعمر 8 سنوات والأخرى كانت بعمر 18 شهرا ، وكن يتصرفن مثل الذئاب اللاتي تربين معها ولايملكن أي مهارات إنسانية على الإطلاق ، بل يمكنهن التواصل مع الحيوانات بلغة الإشارات والأصوات الحيوانية ولايمكنهن نطق الحروف مثل البشر ، كذلك وجد العلماء أنهن يأكلن اللحم نيا ولم يتعرفن على النار أو أي أدوات لها علاقة بالصناعة أو الزراعة البدائية .
وهناك دراسات أخرى أخذت منحى آخر في إثبات أثر العامل البيئي في اكتساب السلوك ( التربية ) وهي الدراسات التي تتعلق بالتوائم المتماثلة ( التوائم المتشابهة ) وهي توائم متشابهة بالجينات الوراثية وصفاتها تماما لذلك من الصعب جدا أن نميز فيما بينهما، وعادة ما يكونان من جنس واحد عكس التوائم غير المتماثلة واللذان ربما يكونان من جنسين مختلفين ، وذلك لأن أصل التوائم المتماثلة هي تلقيح بويضة واحدة ولكنها أثناء الانقسام الخلوي انقسمت الى خليتين مستقلتين بعد التلقيح ، فقد أثبتتت الدراسات التي أجريت على مثل هذه التؤائم وهي كثيرة إلى أهمية العنصر البيئي الاجتماعي والطبيعي في اكتساب السلوك، فعندما يُفصل التوأمين و يعيشان في بيئتين اجتماعيتين مختلفتين مثل مجتمع عربي وآخر غربي ، فقد لوحظ أنه بعد مرور مدد زمنية متباينة ربما تمتد إلى 10 سنين أنه إذا اجتمع شملهما مرة اخرى وجود فرق واضح فيما بينهما في الثقافة بشكل عام ( العادات والتقاليد والقيم والأعراف الاجتماعية والمعتقدات ) ،وهو ما يؤكد المقولة التي كثيرا ما يرددها علماء التربية وعلم الاجتماع (أن الإنسان ابن بيئته ) ، ومن هنا فإن على التربويين والمربين في المدارس أو البيوت استغلال هذه النتيجة العلمية من أجل غرس افكار تربوية وعادات سلوكية مناسبة كي ننشيء جيل مؤمن بمبادءه وعاداته وتقاليده ولكن يتقبل الآخر والرأي المخالف ويتعامل معه بشكل حضاري وهو غاية وهدف يتماشي مع حقيقة وطبيعة ديننا الإسلامي الحنيف ، وهو إسهام أيضا في عالمنا الجديد الذي لايحتمل النزعات والصراعات المسلحة لما وصلت إليه أدوات القتل والدمار والتقدم العلمي من تطور عال ولم يزل ، مما يتطلب السعي الجاد إلى نشر ثقافة حوار الحضارات والتصالح والسلم العالمي وإبعاد الانسانية عن التشاحن والبغضاء والاعتداء على الآخرين .

د. غالب الاسدي galab_alasadi@Yahoo.com
او التواصل معنا عن طريق الفيس بك د. غالب الاسدي


قديم 08-22-2012, 09:41 PM
المشاركة 2
مهندس سامى نور الدين
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

مشكور دكتور غالب الاسدى على هذه الاطلالة فى عالم التربية
والتى كنا نحتاجها فعلا لنغير بعض المفاهيم التربوية الخاطئة والتى نتوارثها ونورئها ايضا
وكانت المحصلة هذاالجيل المشوه والذى ضاعت معالمه الحقيقية
واصبح مفقود الهوية
ثم عدنا نتساءل عن الاسباب
والكثيرين رغم تقصيرهم
علقوا اخطاءهم على شماعة الغير
واعفوا انفسهم من المسؤولية

دمت موفقا دكتورنا العزير
ودامت لنا اطلالاتك المثمرة المفيدة

قديم 08-22-2012, 10:16 PM
المشاركة 3
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مهم جدا هذا الموضوع و أتمنى أن يفتح لنقاش حيوي و فاعل في منابر ثقافية
دكتور غالب الأسدي
أشكرك من القلب لهذه الإضافة الرائعة
و نسخة منها إلى شبكة منابر ثقافية مع التقدير

قديم 08-22-2012, 10:28 PM
المشاركة 4
دكتور غالب الأسدي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
شكرا للمهندس سامي نور الدين والاستاذه ريم بدر الدين اطرائهما الجميل والرائع والذي يحفزني للعودة من جديد ، بارك الله بالجميع ووفقهم لعمل ما هو مفيد

قديم 08-22-2012, 10:32 PM
المشاركة 5
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
قديم 11-12-2012, 01:04 AM
المشاركة 6
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
موضوع رائع وجهود أروع
مودتي و كل التقدير




هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني
قديم 02-02-2013, 03:02 AM
المشاركة 7
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قد تكون المدرسة السلوكية قدمت الحلول و ساهمت في تطوير أنماط التعلم ، لكن في الوقت ذاته أظهرت البنائية أن الطفل ليس مفعولا به فقط ، بل هو من يقوم ببناء معارفه فهو محور التعلم وليس التعلمات ، و لعل ظهور علم النفس المعرفي ذهب أكثر من ذلك فاعتبر أن دماغ الطفل مثله مثل الحاسوب فيه جميع البرامج فقط هي بحاجة إلى تنمية ، فالقدرات الكامنة كالعد واللغة والحركة و الموسيقى موجودة كقدرات فقط نقوم بتنميتها بالممارسة والتكرار والوضعية المشكلة التي تبرز هذه القدرات بشكل واضح .
*

 

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: اهمية البيئة الاجتماعية في تنشئة الاطفال
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اهمية دراسة الادب - د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 4 03-13-2020 05:09 AM
الذوق السليم فى حياتنا الاجتماعية سرالختم ميرغنى منبر مختارات من الشتات. 6 07-09-2019 11:42 PM
البيوت أم ساكنيها ريم الحربي منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 09-30-2016 10:42 PM
نعمة الخاصية الاجتماعية و نعمة العائلة و التشكيلات الاجتماعية د محمد رأفت عثمان منبر الحوارات الثقافية العامة 0 03-24-2016 05:59 AM

الساعة الآن 04:03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.