احصائيات

الردود
35

المشاهدات
15566
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
05-01-2013, 05:01 PM
المشاركة 1
05-01-2013, 05:01 PM
المشاركة 1
افتراضي صفحتي الهادئة
صفحتي الهادئة ستكون بعون الله أرضا خصبة أزرع فيها بذورا طيبة لتثمر غلالا نافعة ، صفحتي الهادئة ستكون توطئة لأعمال أدبية ستكون المنابر نقطة انطلاقتها ، ركني الهادئ سوف لن يكون لخواطري ، فربما بوح المشاعر كاف لاستيعاب كل فيضانات الوجدان ، هذه الصفحة البعيدة عن الصخب والبعيدة عن التفاعل والبعيدة عن التدخلات تعطي ظرفا منطقيا لميلاد عمل خلاق عمل حكيم عمل راق يستوعب ويبلور تجارب الفرد في الحياة .
هذه مقدمتي وأتمنى أن أوفق في ترجمتها إلى حقيقة ، وأن أكون عند حسن ظن أهل المنابر وضيوفها .
انتظروني هنا .


قديم 05-05-2013, 02:58 PM
المشاركة 2
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أبدأ معكم بنص طويل وأتمنى أن تتحملوا مشقة قراءته ، سأقدمه عبر حلقات وفقرات قصيرة كتبته بين سنة 1998 و2000 ، كتبته لنفسي ، فأنا من الذين يؤمنون بالكتابة للنفس قبل الغير ، من الذين يؤمنون بأن الكتابة جزء من خصوصية كل إنسان ، إن أراد نشرها فهو له وإن استفرد بها فهي خاصته ، ونظرا لأن هذا المنبر الشريف أعجبني و أتاح لي فرصة الكتابة ، فلن أبخل عليه بما لدي ، إن كان حسنا فبفضلكم وإن كان قاصرا فمن نفسي .
لن أطيل كثيرا في المقدمة فعنوان نصي هو



رياح الخريف

قديم 05-06-2013, 10:35 PM
المشاركة 3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كنت مددا على السرير ساعة دخولها الغرفة ، وجه صبوح مستدير بعينين سوداوين واسعتين بأهداب طويلة مصفوفة ، بياض ناصع يشع منه احمرار في خديها الممتلئين ، قامة طويلة تناسب عرضها المتوسط ، اندفاع صدرها ظاهر من خلال وزرتها البيضاء ، شعرها الأسود المسترسل تطل ناصيته من وراء حجاب أخضر ، أصابعها الطويلة يغطي أظافرها لون أحمر يتناغم و لون شفتيها الورديتين ، ابتسمت في وجهي وقالت :
ـ سأكون في خدمتك ، هل ترى مانعا ؟
ـ شكرا آنسة.
ـ اسمي سناء .
ـ جميل .
ـ هذا دواؤك الجديد سيدي ، ملعقة من هذا السائل قبل كل وجبة ، وقرص بعد الأكل .
ـ شكرا يا آنسة .
ـ كيف تحس الآن ؟
ـ صداع يا آنسة ، يشق رأسي شطرين ، يبعثر هدوئي .
ـ هذا المسكن سيساعدك على الاسترخاء .
نظفت الغرفة و طلبت مني الهدوء وعدم التفكير العميق ، و أن أحاول الهروب من المرض و السفر عبر فضاءات واسعة في الخيال . انصرفت جارة الباب وراءها ، قد تكون ساعات عملها انصرمت ، فساعة الغرفة واقفة عند السادسة مساء ، أحاول عد الدقائق معها ، متبعا دورة عقربها الدقيق بعيني المتعبتين و إحساسي العليل ، وتركيزي المخدر لكن المسكن اشتدت فعلته فغبت عن الوجود .
الظلام يعم المكان إلا من عقربي الساعة المضيئين المتوجهين نحو الأعلى ، أدركت أني نمت نوما عميقا ، حاولت القيام دون جدوى ، حاولت الحركة فتعذرت ، أحس الكون يقوم بدوته حولي ، خرير مزعج لا ينقطع أزيزه في أذني ، والألم يتضاعف في جبيني . الطبيب الليلي يقتحم الغرفة ، يضيء الأنوار ، يضع راحة يده على جبهتي المحمومة قائلا : " لابأس لقد نمت طويلا ، سأرسل لك الطعام ، بعدها عليك بمسكن آخر ."
فتحت عيني ، النور يتدفق من خلال النافذة المفتوحة ، الساعة تميل إلى التاسعة صباحا سناء بجواري جالسة على كرسي خشبي تنبهت لاستفاقتي فتشكلت ابتسامتها الجذابة :
ـ صباح الخير سيدي يبدو أنك على حال جيدة .
ـ نعم آنسة سناء ، على الأقل النوم يساعدني على مفارقة ألمي .
ـ طيب ، وكيف تشعر الآن ؟ قالت كلامها وهي تضع يدها اللينة على جبيني فأحسست انتعاشا يسري في أعصابي .
ـ لا بأس الألم خف بعض الشيء ، لكن لا أستطيع الحركة .
ـ ستتحسن حالتك قريبا .
تتكلم وهي تطعمني و تقدم لي الدواء بيديها المزخرفتين بالحناء ، أحس أصابعها حين تتموضع على شفتي ، تبتسم عند كل لقاء لعيوننا ، أدركت أنها تحمل قلبا رؤوفا رحيما عطوفا ، مسحت فمي ببمنديلها الوردي المعطر ، فأحسست نشوة تغمر سكوني ، نظمت المكان ونظفته بعناية بالغة ، غيرت ملابسي واستبدلتها بملابس جديدة ، تذكرت الأم حين تلاعب صغيرها العاري ، ودعتني حاملة معها الملابس الرثة و صورتها لم تغب عن عيناي لحظة واحدة ، ابتسامتها الجذابة رغم صعوبة الموقف ، وتحمل مشقة الجيفة الآدمية النتنة وتطهيرها ، وجعلها في متناول الجمال ، قلب الأم وحده من يحمل هذه الصفة ، قلب يحب بعث الحياة من دنس الشقاء ، قلب يبدع الجواهر من اللاشيء . ابتسامة لا تفارق خيالي ، فهي ممزوجة بضحكة بياض أسنان كلآلئ عقد يزين عنقها .
رجعت عند منتصف النهار لتعمل على تغذيتي وتطبيبي ، وجهها يحمل بشارتها ، تقوم بعملها بنفس النشاط ونفس الحيوية ، ونفس الروح الطيبة ، ما تزال بالغرفة حين تحركت سبابة يدي اليمنى فشاركتني دهشتي وفرحتي ، وهي تشجعني قائلة : " إنك ستتعافى تماما وفي أيام قليلة " سألتني عن عملي فأخبرتها أنني موظف في قطاع البريد وأني بدأت هذا العمل منذ سنتين بعد تخرجي من المعهد التقني للاتصالات ، لم يدم حوارنا طويلا فالمنوم اضطرني إلى السفر .




قديم 05-07-2013, 11:50 AM
المشاركة 4
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مساء أنظر إلى ملابسي المطوية المتعطرة و الغرفة تستعد لتوديع آخر أطياف النور ، كنت أود رؤيتها قبل أن تغادر المصحة ، اصفرار الشفق ينعكس على جدران الغرفة ، ومخلفات الإرهاق لا تزال تثقل ذهني ، هذا المرض يقتلني ، أنا الذي كنت قويا ، كيف استطاع الضعف التسلل إلى جسدي ، وهل سأتعافى فعلا أم تلك مقدمات عاهة مستديمة ، هل سأتمكن من إقصائه قبل يستحلي السكن في عظامي ، ذهني الشارد يخوض في متاهات لا حدود لها عندما دخلت نجوى غرفتي ، تحمل مشروبا وحساء ، نفسي المنقبضة و شهيتي المنغلقة تزيدها برودة نجوى استفحالا ، تطعمني بفتور يوازي فتور شهيتي ، شتان بينك وبين سناء ، متباعدتان بعد المشرق عن المغرب ، أنتظر مجيء قطار النوم وبالي مسافر إلى حيث تسكن سناء ، ذلك القارب الذي أرى فيه منقذا من مخالب المرض ، لطافتها تنسيني مرارته ، عذوبة نبرتها توقظ في نفسي همتها ، رائحتها تنعش الأمل في قلبي ، أحسست برعشة تهدهد قلبي فنمت على مواويله الحالمة .
اليوم مختلف استيقظت باكرا والنور يتسلل إلى الغرفة ، ونسمات الصباح الباردة تنقر على صفحاتي وخزات منعشة ، يدي تحررت من قابضها ، تنصاع لأوامري ، ألعب بتوجيهها أينما رضيت ، كم هو جميل أن تكون مالك أعضائك ، وكم هو مؤلم أن تفقد السيطرة عليها ، فتخونك متى هممت باستعمالها ، أقبل ظهر يدي وراحتها ، أحمل بها يدي اليسرى لعلها تستجيب لتوأمها و تتخلص من كسلها ، لكنها تهوي كلما رفعتها إلى الأعلى مستحلية الخضوع .تتملكني شفقة عليها ، مسكينة مغلولة ، مقيدة معزولة عني تماما ، ، تدفقت أشعة الشمس على الغرفة و الباب يفصح عن سناء لتزيد بجمالها الغرفة إشراقا ونورا على نور ، قميصها الوردي يبتسم على استحياء من خلال وزرتها البيضاء الشفافة ، مددت إليها يدي مصافحا فذهلها ما رأت والتقت الكفان في عناق لم يدم طويلا .
ـ بدأت تسترجع قوتك ، فقبضتك متينة ، تستطيع الآن الإعتماد على نفسك ، على الأقل في الطعام .
خرجت لإحضار الطعام ، فلولا قساوة المرض لتمنيت أن تبقى يدي مشلولة لآكل من يديها ، جلست بجانبي ترشدني في تناول الدواء والطعام ، كلامها عذب رقيق ، ليست تشوبه ملامح عجرفة ولا اسبداد ولا قسوة ، ، فور انتهائي مسحت يدي بمنديلها ومدت إلى مجلة لأسرح بين أحضانها .
عند الضحى أحضرت إزارا و ساعدتني على التخلص من ملابسي ولفتني في الإزار حين حضر ممرض ليساعدها على نقلي إلى الحمام على كرسي متحرك ، استويت داخل الحوض المائي الدافئ وعلى جسمي تمرر منديلا حتى لمعت صفحتى وضعت الصابون على وجهي و حلقت لحيتي التي بدأت تمتد واستأذنتني في حلق الشارب فوافقت ، انهت مهمتها بجد ورجعت إلى سريري مرح النفس معطر الجسد ، فواجهتني بسؤال لم يكن في حسباني :
ـ أرى أن لا أحد يسأل عنك من عائلتك ؟

قديم 05-08-2013, 10:26 PM
المشاركة 5
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

ـ مع الأسف يا سناء مات أبواي ، أما أعمامي فلا علم لهم بمرضي فالصلة بيننا انقطعت لمدة طويلة ، أختي الوحيدة التي أحبها كثيرا ، وهي من تموضعت مقام أمي ، فمنذ شهرين لم أتلق منها خبرا ، ، فظروف عيشها صعبة ، تعرفين الأمومة ومشاغلها ، و قسوة الحياة القروية ، أنا لا أحب حشرها في مرضي ، فلن يزيدها ذلك غير هم و غم ودمع و إحساس بالذنب من قصور اليد وقلة الحيلة ، علما أن زوجها تجرع من والده غلظة بها يسير بيته ، كان الله في عونها .
ـ أنت مثلي تماما ، فأنا وحيدة أمي كفلني خالي و هو من سهر على تربيتي و تأمين مستقبلي ،
ـ آسف على إيقاظ مواجعك ، لا بأس فالأم تغني عن الجميع .
ـ صحيح ، فأنا ما أحسست يوما بالوحدة ، فهي تملؤني عطفا وحبا و فخرا ، علمتني كيف أواجه حياتي بسلاسة وليونة .
ـ نعم المدرسة هي ، فأنت ناجحة في عملك ، بل أنت رائعة حقا .
توغلنا في الحديث عن مرضي ، وكيف أصبت بذلك الإغماء الفجائي وأنا أنتاول كوبا مائيا في مكتبي بعد يوم متعب ، أخبرتني أني خضعت لعدة فحوصات و ستعرف أسباب تلك الحالة بعد صدور التقارير ونتائج الفحوصات بعد أسبوعين .
نهر محمل بمياه عكرة ، حامل على ظهرة أشجارا مختلفة الأشكال والأجام تراها تتدحرج عائمة طافية ، هديره يدوي بقوة ، أمواجه الصاخبة تعادل التلال ، عائشة تطاردني حاملة مسدسا ، أين المفر ، فوهة النار ورائي والبحر أمامي بدأت أصيح مرتعبا ، أعوي صاغرا ، أسترحمها جاثيا عند أقدامها ، عيناها الغائراتان ، شعرها الأشعت ، كروح آتية من العالم السفلي ، كشرت عن أنيابها ، و يداها مطبقتان على القطعة الفتاكة ، التي انطلقت منها رصاصة فقفزت بقوة ، ساقطا من على السرير . هبت سناء لمساعدتي من كرسيها حيث كانت تتصفح مجلة نسائية ، أذهلها ما رأت ، في حركة متثاقلة ثنيت رجلاي ، مستعينا بسريري تمكنت من الوقوف ، هنأتني بعد ذهاب دهشتها على استرجاع حركتي ، ثم ذهبت لإخبار الطبيب .


قديم 05-11-2013, 09:30 PM
المشاركة 6
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل وجه الطبيب بشاشة وهو يتلقى خبر نجاح مجهوداته ، فجاءني على أصابع قدميه وقد ازداد طوله و انشرحت ملامحه و دبت حياة جديدة في حركته قائلا ، متعني بتلك الوقفة ، أعلن انتصارك على هذا الشلل ، يأمرني ليتأكد أن كل شيء ذهب أدراج الماضي : " ارفع يدك اليمنى ، اليسرى ، استدر ، اركع ، .." كلما أطعته ازدادت أوامره بماذا تحس الآن ؟ فأجبته " أظن أني بخير ، فبالي تمتلكه نشوة الفرح ، وجسمي يزداد نشاطا ، لكني رغم ذلك ، أحس بالتعب " فقال : " طبيعي ، التعب لا يهم ، ستكون أقوى مما كنت ."
غابا لفترة قصيرة ثم رجعا بأدوية جديدة ، يشرح لسناء ، "لاحظي المقادير مهمة جدا ملعقتان من هذا الشروب ، واحدة صباحا على الصوم وأخرى بعد اثنتي عشرة ساعة . أما هذه الحقنة فسأتكلف بها شخصيا ، وانتبهي إلى الأقراص نفس الكمية و دون انقطاع ."
خرج الطبيب وهو ممتلئ حيوية ، وأنا أتمتم كلمات شكر لا تريد الخروج بمرونة من حلقي وهو يضحك قائلا : لا عليك أنا أقوم بواجبي . فتبسمت سناء وأسرعت إلى غلق باب الغرفة وراء الطبيب ، موعد مغدرتها يقترب شيئا فشيئا ، ومع اقترابه أحس بالاضطراب ، ، كيف سأمضي الليل كله منتظرا عودتها صباحا ، أحس أنني لا أستطيع مفارقتها ، بت متعلقا بها أكثر ، زاغ قلبي و بدأ الشرود يجذبني إليه ، قلبي يتمزق و تزداد ضرباته ، وأنا جالس على السرير ، أخذت نفسا عميقا ، لكن حالي تزداد سوءا ، لم أتمالك نفسي ، قمت إليها و يداي تلفان جسدها ، فأصابتها رهبة ، و انقباض وهي تحاول التخلص من قبضتي ، أرخيت لها السبيل فغادرت الغرفة و لم تتفوه بكلمة ، صحا ضميري فبات يؤنبني على فعلتي ، وصرت أخشى من فقدانها بصفة نهائية ، أنفاسي عند الحلقوم ، وعزتي عند أرنبة أنفي ، اشتعلت كل جوارحي غيظا ، تضايقني صورتها التي ترتسم أمام عيني ، وهي محمرة الوجه ، تقاوم بندية رجل كابحة صوت الأنثى ، صمتها الرهيب وهي تغادر الغرفة ، عدم استدارتها ، ربما عيونها كانت حاملة لدموع تنتظر الفرج .اهتز جسدي حين سمعت خطواتها تقتحم الغرفة : " سامحيني سناء ..فقط " أجابت مغتاظة : " فقط ماذا ..؟ فلم أجد جوابا إلا الحقيقة لينطلق لساني فجأة : " أحبك يا سناء ، و لا أريد أن تفكري في مغادرة حياتي و هجري ، لا تتسرعي في هذا القرار ." فردت بحزم " لا تعد لفعلتك مرة أخرى ، الأجدر بك أن تبقى مشلولا ، لم أكن أعلم أنك وقح إلى هذا الحد ، كنت أعتبرك إنسانا طيبا ، إنسانا رصينا ، إنسانا متحضرا ، لكن ما فعلته يظهر طيشا و تهورا واعتداء وانتهاكا لكل القيم والأعراف ، أنت ..." فسقطت دمعة من عينها ، أصابتني خيبة و كسرت فؤادي فقلت لها : " اغفري خطيئتي سناء ، لم أفكر بهذا الشكل ، إنه الحب أعمى بصيرتي ، لا أريد أن تكون هذه صورتي في بالك و لا أريد أن تظني بي سوءا ، فأنا إنسان محب ، امنحيني فرصة لأبين لك مدى إخلاصي ." فقالت: " غدا يوم عطلتي أتمنى أن أنسى فيها ما حدث " احسست أنها استرجعت هدوءها فابتسمت قائلا : " سأفتقدك كثيرا ، استريحي وامرحي ، ربما كان أسبوعك متعبا ، عطلة سعيدة " فقالت :" أتمنى أن تقضي أنت أيضا يوما ممتعا " فأجبتها " قد لا يكون كذلك في غيابك ، هل تسامحينني ؟"
لم تجب على سؤالي بل اتجهت صوب الباب ثم رمقتني بنظرة تحمل ابتسامتها الغالية وأغلقت الباب في وجهي .



قديم 05-12-2013, 12:39 PM
المشاركة 7
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قمت في الصباح الباكر ، أصبحت عاديا تماما ، بعد الاستحمام وحلاقة وجهي أمعنت النظر في المرآة ، ملامحي لم تتأثر كثيرا ، اصفرار خفيف على بشرتي ، زرقة شاحبة تحت جفوني ، إنها علامات التعب والخمول ، ارتديت ملابسي ، وتناولت فطوري ، توجهت عند الطبيب كي يسمح لي بفسحة خارج المستشفى ، فابتسم قائلا : " مزيدا من الصبر ، يمكنك أن تخرج من غرفتك إلى الحديقة ، لكن حذار من شرب السجائر والتعرض لأشعة الشمس ."
على العشب الأخضر ارتميت مستظلا بشجرة برتقال تحمل كريات لا تزال خضراء وإن كان بعضها يتمازج فيه اصفرار واخضرار وهي تستعد لمعانقة لونها البرتقالي الجذاب ، أزهار مختلفة الألوان على طول الرصيف مهذبة مصفوفة كجنة حاكم ، تداعبها نسمات خفيفة وهي تحتضن بشوق أشعة الشمس الذهبية ، مياه النافورة تتصاعد إلى السماء راسمة دوائر أخاذة تتسابق الطيور لالتقاط قطراتها الطائشة ، نفخ المنظر في روحي عذوبته ، فرق قلبي و رهف إحساسي ، فأحسست بشيء ما ينقصني ، مشاعري فاضت شعرية وجمالا هذا الجمال يذكي شغفي بالحياة ، هذا البهاء ما خلق إلا لرفقة ، هذه المناظر الخلابة تجعلك تبحث عن أنيس وجليس معه ترتشف لذتها ورونقها ، تذكرت عائشة ، فانتصب شعر رأسي وقمت في الحال إلى غرفتي وقد تعرق جبيني ، وتملكني خوف كبير ، والغضب ينفخ أوداجي ، أريد أن أنسى ، أريد أن أعيش ، ما السبيل إلى ذلك ؟ ما السبيل إلى مسح ذاكرتي ؟ كيف أبدأ حياة جديدة ، تذكرت سناء فخف حزني و قلقي ، إنها رحمة من السماء ، سفينة نجاة ، ليتها بجانبي الآن ، فأعرف رأيها ، ترى هل تقبل ؟ من يدري ؟ استسلمت لهمومي وأحزاني رغم وصايا الطبيب بعدم الاستغراق في التشعبات المملة والأوهام ، قضيت يوما طويلا في غرفتي ، واستسلمت للنوم بمجرد حلول الليل .




قديم 05-15-2013, 11:10 PM
المشاركة 8
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

استيقظت وزقزقة العصافير تحارب سكون وجمود الليل حين هزم فلق الصبح الغسق ، وانبلجت أطياف النور من ركام الظلام ، تمنيت لو استيقظت في منزلي ، المصحة قرينة المرض والخوف ، المستشفى تزدهر فيه الشفقة و الضعف و الخضوع ، أمقتها منذ صباي ، أقبل على التحدي والقوة ، وأرى في الإنسان جسمه القوي وعقله القادر على الفوز والتفوق ، المصحات تلغي هذه المعادلة ، فترى الفرد عائلا ضعيفا نحيلا مهانا ناقصا معاقا ، مسلوب الهمة مهان الكرامة ، تغشاه الشفقة وتعلوه ألوان الإذلال والخضوع ، فركت عيني فركا خفيفا ، أزحت عني الإزار ، نزلت من سريري ، وتقدمت إلى الحمام ، الفوطة على كثفي ، وآلة الحلاقة والصابون في كفي ، غصبت المرض وقهرته ، فأنا لن أهزم بسهولة ، أحسست نبضا جديدا يدفع دمائي للحركة والإقدام ، انتعشت في الروح أسباب التقدم ، فمرحبا بكم في عالم خالد .




قديم 05-15-2013, 11:59 PM
المشاركة 9
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


ـ صباحك مبارك حبيبي .
ـ يومك فل ونرجس وياسمين روحي .
ـ قضيت ليلة سعيدة بأحلام جميلة ، كم هي سعيدة الأيام بقربك و أنت يا فارسي ؟
ـ حالي حال الأمراء ، أحس بالعالم يغبطني ، يحسدني ، فرحتي لا توصف ، حياتي كلها طرب وأنغام . ليلي سمر ورقصات ، أنت من أحييت قلبي و إحساسي و سعادتي وحياتي .
تناول خالد و زوجته سناء فطورهما ، وتوجها إلى عمليهما ، بعد قضاء أيام استراحة وفرح ومرح إثر زفافهما . فور دخوله إلى مكتب البريد ، استقبله رئيسه وهنأه بالعودة و بادله زملاؤه التهاني ونظرات السرور والبهجة تعلو ملامحهم ، و استلطفوا تلك السعادة البادية على وجهه المشرق ، وجسمه الحي و استعداده الهائل للحياة . سلوى لم تكن رشيقة كعادتها ، هنأته بفتور ابتسامة ذابلة ، كانت وضعته نصب عيونها ، إنها الغيرة تشل حيويتها ، تسلبها خفتها ، تأخذ منها مرحها واستعدادها الدائم للمساهمة في الأفراح والثرثرة ، بالها مشغول به ، كيف استغنى عنها مع ما كانت تقدمه من أجله ، كانت ستفاتحه في موضوع الزواج لولا ظهور ذلك المرض في حياته فجأة ، لقد أخطأت لأنها لم تزره في المستشفى ، إنها رقيقة المشاعر ، لا تتحمل رؤيته في تلك الحال ، لا تستطيع رؤية حبيبها طريح الفراش ، كانت تتقصى أخباره كل لحظة ، لم تكن تظن أنه سيتزوج بتلك السرعة . سأله صديقه سامي ، التحق مؤخرا بالوكالة ، منذ شهر ونصف تقريبا ، لكن صداقة غريبة نمت بينهما ، فهو من يعتني به طول مدة مرضه ، هو من أقنع سناء بفكرة الزواج ، هو من أحضر أخته من البادية ، هو من تسير الأمور على يديه بسلاسة وعلى يديه تفتح الأقفال ، تتيسر المصاعب :
ـ كيف حالك يا زوج سناء ؟
ـ كل شيء على أحسن حال ، قضينا بضعة أيام في مدينة المحبين ، كانت رائعة للغاية ، أنت تعرف مدينة الآثار ، عذرا أقصد مدينة الأحلام ، فيها كل ما تشتهيه النفس و ما يريده البال ، بحر وماء وهدوء و ..
ـ و سناء ؟
ـ تقرئك التحية إنها سعيدة غاية السعادة كم أنا محظوظ بها يا صديقي .
قاطعت سلوى الحديث بجفاء :
ـ أنا أنتظر أرقام الحوالات ياخالد ، إننا في ساعة عمل و ليس في فسحة بمدينة الأحلام والأوهام
ـ معذرة سلوى ، لاتؤاخذيني ، الأرقام ستكون جاهزة بعد لحظات .
أحس ما يروج في وجدان الفتاة ، لكن ماذا عساه يفعل ، القلب وما يهوى .










قديم 05-19-2013, 12:17 PM
المشاركة 10
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


مطعم يتوسط المدينة ، الهادئة ، تقدم فيه أطباق متنوعة ، يتسع لعدد كبير من الزبناء ، هذا المطعم كان ملجأ خالد وسلوى قبل زواجه ، هنا يتناول الحوت أكلته المفضلة ، جلس مع زوجته حول نفس المائدة التي تأويه مع صديقته .
ـ ماذا تختارين حبيبتي .
ـ أصبحت مولعة بالحوت حبيبي .
ـ أحببت الحوت فتزوجت سمكة رشيقة ، أحب التفاح وأنت تفاحتي ، أحب الورود وأنت وردتي المتفتحة .
ـ أصبحت شاعرا حبيبي ، هلا أسمعتني خاطرة ؟
احتفل الشعر بحبي لها
فلست أحلم بغير سناء
اجتمع الحسن والخلق
فكل نعيم دونك شقاء
وضع الحوت في أطباق فضية ، و بجانبه ألوان من السلاطة ، و مشروب التفاح ، يزدرد الزوجان الطعام بنهم الجائع اللهفان ، و قعقعة الكؤس تقاطع حشرجة المضغ .
ـ الطبيب يطلبك حبيبي .
ـ ماذا يريد ، ألم تخبريه أنني بخير .
ـ يقول إن نتائج الفحصوات جاهزة .
ـ أي فحص تقصدين ؟
ـ أنسيت أنه أجريت لك فحوصات عندما كنت طريح الفراش .
ـ كل هذا لا يهم ، الآن أنا بخير .
ـ يجب أن تهتم بصحتك حبيبي ، و تمتثل لإرشادات الطبيب .
ـ هل أخبرك بشيء ؟
ـ أنت تعلم أن الفحوصات نتائجها سرية ، ومن خلالها سيصف لك الدواء و الارشادات .
ـ سأمر على المستشفى مساء ، ستكونين هناك بانتظاري ، تعرفين أكره المستشفيات .




مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: صفحتي الهادئة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في صفحتي بالفيس أشرف حشيش منبر الشعر العمودي 2 04-17-2015 09:31 PM

الساعة الآن 10:35 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.