قديم 06-18-2014, 11:09 PM
المشاركة 11
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
P
إسحاق نيوتن : مكتشف الجاذبية
*

نيوتن هي وحدة القوة في نظام المتر كيلوغرام ثانية وهي القوة التي لو أثرت على كتلة كيلوغرام واحد لأكسبتها تعجيل مقداره متر في ثانية
سميت هذه الوحدة بالنيوتن تخليدا للعالم إسحق نيوتن العالم الفيزيائي و الرياضي الانكليزي .
*
نشأته وحياته
*
إسحاق نيوتن (Sir Isaac Newton)عالم إنجليزي، فيزيائي، وفيلسوف . عاش ما بين 25 ديسمبر 1642 - 20 مارس 1727, بالتقويم القيصري آنذاك أو 4 يناير


1643 - 31 مارس 1727 بالتقويم الغريغوري. . قدّم نيوتن ورقة علمية وصف فيها قوة الجاذبية الكونية ومهد الطريق لعلم الميكانيكا الكلاسيكية عن طريق قوانين الحركة. يشارك نيوتن ليبنيز الحق في تطوير علم الحسبان التفاضلي والمتفرع من الرياضيات.
وقد ولد بعد وفاة والده بعدة أشهر هزيلا معتل الصحة ولكن استطاع البقاء على قيد الحياة و لم تكن طفولته سعيدة حيث تزوجت أمه بعد سنوات قليلة من وفاة أبيه وعاش عند جده لامه ولم تكن علاقة نيوتن جيدة بجده حيث لم يذكره أبدا في سنواته اللاحقة وكان ينتمي إلى أسرة ثرية زراعية الأصول لم يظهر عليه في المراحل الأولى من تعليمه إي نبوغ بل على العكس كان يوصف بأنه كسول كما انه كان غير مهتم بدروسه كثير الشرود والتأمل كان يحب الانعزال عن أقرانه وكان يتمتع بمزاج عصبي لكن كانت له مهارة بحركة يديه واعتقدت أمه أنه سيصبح بحارا أو نجارا أو فلاحا ولذا أخرجته أمه من المدرسة لكي يشرف على إدارة ممتلكاتها ولكنه سرعان ما أثبت فشله في ذلك المضمار واجتمعت العائلة لترى مخرجا مناسبا من ورطتها مع هذا الصبي الكسول
في ظل تلك الظروف لم يكن من خيار سوى عودة الفتى إلى المدرسة بدأ نهمه للقراءة يظهر في سن الثانية عشر ورأى خاله أن من الأفضل له أن يتهيأ للالتحاق بالجامعة ولعل لتأثير خاله وإقامته في منزل مدير المدرسة دورا في فتح شهية نيوتن للدراسة ولذا فإنه تمكن من الالتحاق بجامعة كامبردج في عام 1661م وكان عمره حينئذ أكبر من أعمار زملائه في الدراسة
*
كانت رغبة نيوتن هي الالتحاق بدراسة القانون ولكن أعمال جاليليو في الفيزياء ونظرية كوبرنيكس الفلكية جذبت اهتمامه بشكل خاص ولقد سجل نيوتن أفكاره في تلك الفترة في دفتر سماه أسئلة فلسفية محددة وكانت جامعة كمبردج في ذلك الوقت مثل غيرها من الجامعات لا تزال غارقة في تعاليم أرسطو ومذهبه فكان على نيوتن وزملائه في الدراسة أن يتلقوا دروسا ً عن أعمال أرسطو وأفلاطون وعن النظرة الشائعة آنذاك وهي أن الأرض مركز الكون لكن في نفس الوقت اجتذبته أعمال فلاسفة الفيزياء أمثال رينيه ديكارت كما تأثر بالرياضي إسحاق بارو الذي شجعه على الاهتمام بالرياضيات ووجهه إلى دراسة البصريات فعمل خلال سنتيه الأخيرتين في كمبردج على تقوية مهاراته الرياضية ودراسة أعمال علماء وفلاسفة النهضة فأهمل دراسته الأكاديمية وحصل على شهادة البكالوريوس في نيسان عام 1665 دون أن تثير قدراته اهتمام أحد
ومن الواضح أن عبقريته لم تبرز في تلك الآونة ولكنها تدفقت فجأة مع حدث أصاب بريطانيا وهو انتشار وباء الطاعون فاضطرت الجامعة إلى إغلاق أبوابها مما دفع بنيوتن إلى العودة إلى قريته ليمضي فيها حوالي عامين
لقد وضع نيوتن في تلك الفترة أسس علم التفاضل والتكامل في الرياضيات وذلك بسنوات عدة قبل الاكتشاف المستقل لها من قبل عالم الرياضيات الألماني ليبنيتز والتي نجم عنها فيما بعد اتهامات متعددة غير مثبتة ضد العالم الألماني بأنه سرق أفكار نيوتن
قام كل من نيوتن و ليبنيز على حدة بتطوير نظرية المعادلات التفاضلية واستعمل الرجلان رموز مختلفة في وصف المعادلات التفاضلية ولكن تبقى الطريقة التي إتّبعها ليبنيز أفضل من الحلول المقدّمة من نيوتن ومع هذا، يبقى اسم نيوتن مقرون بأحد رموز العلم[/color][/color]
وفي تلك المرحلة قام نيوتن بعمله الجبار في توحيد قوانين الحركة في الفيزياء فلقد كان الفلكي الألماني يوهانا كبلر قد اكتشف ثلاثة قوانين تحكم حركة الكواكب حول الشمس ولكن لم تكن لتلك القوانين أية علاقة أو ارتباط بأية حركة أخرى في الكون وماهو أهم من ذلك أنها كانت قوانين عملية بحتة مستنتجة من البيانات الفلكية الجمة التي جمعها أستاذه الفلكي الدنماركي تايخو براها كما اكتشف في هذه المرحلة قانون الجاذبية العامة والتثاقل الكوني كما اكتشف أيضا ً نظرية ذي الحدين ودرس خلال هذه المدة أيضا ً الحركة الدائرية واستنبط من تطبيق تحليله على القمر والكواكب علاقة التربيع العكسي حيث انه اكتشف ان القوة المركزية التي تؤثر في الكوكب تتناقص متناسبة عكسا ً مع بعده عن الشمس وهي العلاقة التي غدت بعد ذلك قانونا ً حاسما ً للتثاقل الكوني
*
وفي هذين العامين وحد نيوتن ميكانيك كبلر و غاليلو وأوصل أعمالهما إلى استنتاجاتهما المنطقية وبيـّن أن حركات العالم الديناميكية يمكن أن توصف بعلاقات رياضية أساسية تصلح في أي مكان في هذا الكون حتى أعطت الرياضيات للفيزياء أساسا ً نظريا ًً لم يكن لها مثله من قبل قط
ولما فتحت جامعة كامبردج أبوابها في عام 1667م بعد القضاء على وباء الطاعون تقدم نيوتن للعمل بها على وظيفة أكاديمية والغريب أنه أخفى اكتشافاته فيما يتعلق بقوانين الحركة وقانون الجاذبية الكونية ولكن نتيجة لاطلاع الأكادميين على أعماله في مجال الرياضيات أصبح نيوتن بروفيسورا في الجامعة في عام 1669م لتبدأ لمرحلة ثانية من حياته بكل ما تميزت به من عطاء متدفق وإسهامات خالدة
درُس نيوتن البصريات من العام 1670-1672، في هذه الفترة، تحقّق من انكسار الضوء وبرهن على أن الضوء الأبيض ممكن أن ينقسم إلى عدة ألوان عند مروره خلال المنشور ومن الممكن بالتالي تجميع حزمة الألوان تلك من خلال عدسة منشور آخر ليتكون الضوء الأبيض من جديد. باستنتاجه هذا، تمكن نيوتن من اختراع المقراب العاكس ليتغلب على مشكلة الألوان التي تظهر في التلسكوبات المعتمدة على الضوء المنكسر.
عاد نيوتن لعمله البحثي في الجاذبية وتأثيرها على مدار الكواكب مستندا على القواعد التي أرساها كيبلر في قوانين الحركة، وبعد التشاور مع هوك و فلامستيد، نشر نيوتن استنتاجاته في العام 1684 والتي تناولت قوانين الحركة.
نشر نيوتن الورقة "برينسيبيا" في العام 1687 بتشجيع ودعم مالي من إيدموند هالي. في هذه الورقة، سطّر نيوتن القوانين الكونية الثلاثة والمتعلقة بالحركة ولم يستطع أحد أن يعدل على هذه القوانين لـ 300 سنة أخرى!
بعد إصدار نيوتن لنظرية برينسيبيا، أصبح الرجل مشهورا على المستوى العالمي واستدار من حولة المعجبون وكان من ضمن هذه الدائرة الرياضي السويسري نيكولاس فاتيو دي دويلير والذي كوّن مع نيوتن علاقة متينة استمرت حتى العام 1693 وأدّت نهاية هذه العلاقة إلى إصابة نيوتن بالإنهيار العصبي.
تمكن نيوتن من أن يصبح عضوا في البرلمان في الأعوام 1689-1690 وكذلك في العام 1671 ولكن لم تذكر سجلات الجلسات أي شيء يذكر عن نيوتن باستثناء أن قاعة الجلسة كانت باردة وأنه طلب أن يُغلق الشبّاك ليعمّ الدفء!
في العام 1703 أصبح نيوتن رئيسا للأكاديمية الملكية وتمكن من خلق عداوة مع الفلكي جون فلامستيد بمحاولته سرقة كاتالوج الملاحظات الفلكية التابع لفلامستيد. منحته الملكة آن لقب فارس في العام 1705. لم يتزوج نيوتن قط ولم يكن له أطفال مسجّلون وقد مات في مدينة لندن ودفن في مقبرة ويست مينيستر آبي.
إختلف "هووك " و " نيوتن" كثيرا على مر السنين و كانت لهما مناقشات حامية عمن اكتشف حساب التفاضل و التكامل اهو " نيوتن " ام عالم الرياضيات الالماني " لينتز" و لكن الحقيقة ان كثيرا من اكتشافات نيوتن كانت شائعة في ذلك الوقت الذي كان قد توصل علماء اخرون للاساسيات و لكن مهارة نيوتن و عبقريته تكمن في ربط هذه الخيوط مع بعضها البعض فتؤدي إلى النتائج النهائية له و لقد نشر كتاب المبادئ الأساسية الذي يصف التطبيقات العلمية للديناميكا و التي تلخص في قوانين نيوتن للحركة و الجاذبية في عام 1684 و كتاب البصريات في عام 1704
*
أهم الانجازات
*
نيوتن كان الأول في برهنة أن الحركة الأرضية وحركة الأجرام السماوية تُحكم من قبل القوانين الطبيعية ويرتبط اسم العالم نيوتن بالثورة العلمية. يرجع الفضل لنيوتن بتزويد القوانين الرياضية لإثبات نظريات كيبلر والمتعلقة بحركة الكواكب.
قام بالتوسع في إثباتاته وتطرّق إلى أن مدار المذنّبات ليس بالضرورة بيضاويا!
ويرجع الفضل لنيوتن في إثباته أن الضوء الأبيض هو مزيج من أضواء متعددة وأن الضوء يتكون من جسيمات صغيرة.
*
مؤلفاته واكتشافاته
*
عام 1668 صنع نيوتن أول تلسكوب عاكس ومن مميزات هذا التلسكوب أنه يستخدم المرايا بدلا من العدسات ويتميز أيضا بصغر كتلته رغم كبر حجمه فيسهل تحريكه يستخدم فى رصد الأجرام السماوية البعيدة ذات الإضاءة الضعيفة وقد اطلق عملية تحزيز اطراف العملة المعدنية لمنع تاّكلها خلال فترة عمله كمدير لدار صك النقود في لندن
*
قانون الجذب العام
*
فيما بين عامي 1664و 1666 اكتشف نيوتن الجاذبية وقانون الجذب العام حيث أنه يحكى أنه كان جالسا فى أحد الأيام تحت شجرة تفاح مسترخيا وفجأة وفى لحظة صفاء سقطت فوق رأس نيوتن تفاحة وبدأ يفكر نيوتن فى هذه الحالة التى مرت عليه ومرت على الملايين من غيره دون أن يلتفتوا إليها وبدأ يقول لماذا سقطت التفاحة إلى أسفل ولم تسقط إلى أعلى وهنا ظهر الإلهام الذى قادة إلى حقيقة الجاذبية التى توجد فى كل الأجسام وتجذب إليها الأجسام الأخرى بقوة ثم صاغ لنا نيوتن قانون الجذب العام رغم أن بعض يقول عن هذه الحادثة انها اسطورة وغير مثبته علميا إلا ان الثابت ان تيوتن اهتم بحركة الأجسام
ققد أثبت نيوتن أن هناك قوة جذب متبادلة بين الشمس والكواكب تجعل الكواكب تدور حول الشمس فى مدارات بيضاوية
ينص قانون الجذب العام الجاذبية على أن أى جسمين كرويين فى الوجود يجذب كل منهما الأخر بقوة جذب تتناسب هذه القوة طرديا مع حاصل ضرب كتلة الجسمين وعكسيا مع مربع المسافة بينهما من أعظم فوائد قانون الجذب العام هو مساعدته فى اكتشاف بعض الكواكب فبسببه اكتشف هرشل كوكب أورانوس ثم كوكب نبتون وبلوتو بعد ذلك بواسطة آخرين
*
*
قوانين الحركة
*
شرح نيوتن قوانين الحركة الثلاث فى كتابه الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية
والقوانين هي
القانون الأول لنيوتن
و هو ينص على انه الجسم الساكن يبقى ساكنا والحسم المتحرك يبقى متحركا فى خط مستقيم بسرعة منتظمة ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تؤثر على حالته
القانون الثانى لنيوتن
وهو ينص على انه القوة المحصلة المؤثرة على جسم ما تساوى المعدل الزمنى للتغير فى كمية تحرك الجسم واتجاه هذه القوة هو اتجاه كمية التحرك
القانون الثالث لنيوتن
وهو ينص على انه لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه
*
نظريته بالضوء
وينص تصور نيوتن لطبيعة الضوء على أن الضوء مكون من جسيمات أو عبارة عن جسيمات صغيرة جدا تنطلق من الأجسام المضيئة بسرعة فائقة وتسير فى
خطوط مستقيمة والدليل على ذلك تكون الصور خلال الثقوب تكزن الظلال رؤية الأجسام التى على خط البصر فقط
*
مؤلفات نيوتن
مؤلفاته كثيرة منها كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية الذى نشره عام 1687 م والذى شرح به علم الميكانيكا وقوانين الحركة وميكانيكا السوائل وظاهرتى المد والجزر وحركة الأقمار والكواكب والمذنبات وكيف يفسر قانون الجذب العام حركة الأجرام السماوية وسقوط الأجسام على الأرض وله كتاب البصريات الذى شرح به نظرياته فى الضوء وفي عام 1663 اكتشف نيوتن حساب التفاضل والتكامل
*
قالوا عن نيوتن
*
قال اينشتاين لم تكن أهمية مباحث نيوتن في كونهِ أوجد أساساً قابلاً للإستعمال ومُــــْرضياً من الناحية المنطقية للميكانيكا بحصر المعنى.بل كانت مبادئهُ الأساسية سليمة جداً من وجهة نظر المنطق
قال إرنست بلوخ من الصعب أن نـُـكـوِّن فكرة عن جرأة نيوتن عندما فـسَّـر الأجرام السماوية المُـثـقـلـة بكل ضروب الخرافة بقوانين آلية خالصة وتفسيره الأرضي هذا فتح ثغرة هائلة في فكرة السماء
وقال دالمبير هذا العبقري الكبيراي نيوتن أدرك أنهُ قد آن الأوان لتحرير الطبيعيات من التكهنات والفروض المبهمة ولإخضاع هذا العلم للتجارب والهندسة لا غير.ولا ريب أنهُ إستحق بإغنائهِ الفلسفة بعدد جمّ من الخيور الفعلية كل عرفانها بالجميل لكنهُ ربما فعل من أجلها أكثر من ذلك إذ علمها أن تكون حكيمة وأن تكبح ضمن حدود صحيحة تلك الجرأة
وقد قال عنه العالم الفرنسي لابلاس الذي يعتبر احد تلامذته ومواصلي ابحاثه ان كتابه المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية سيبقى اكبر شاهد على عمق العبقرية وعظمتها فقد كشف لنا فيه عن القانون الأعظم للكون
ويقول المؤلف مردفاً عندما اكتشف نيوتن قانون الجاذبية الكونية وحساب اللامتناهي الصغر ونظرية الضوء فإنه حرص على عدم اعلان اكتشافاته على الملأ فورا
وقد قام البروفيسور الأمريكي مايكل هارت بتصنيف نيوتن بأنه الشخصية الثانية الأكثر تأثيرا في التاريخ البشري وذلك في كتايه المشهورالمائة شخصية الأكثر تأثيرا في التاريخ
وأما الشخصية الأولى في ذلك التصنيف فهي شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
وقد قرأت في بي بي سي عربي انه
في استطلاع نهاية الألفية الذي أجرته مجلة عالم الفيزياء وشارك فيه مئة من أهم العلماء في هذا الحقل في العالم إن من أهم الاكتشافات العلمية في علم الفيزياء كانت ميكانيكية الكم والنظرية النسبية لأينشتاين و الميكانيك و نظرية الجاذبية لنيوتن
و الاكتشافات هذه لم تعمل ثورة في عالم الفيزياء فحسب ولكنها أرست دعائم شاملة وعميقة للنظريات اللاحقة حسب رأي عالم حسابات الكم الأستاذ في جامعة اوكسفورد الإنكليزية دافيد دويتش
ونظرا لاكتشافات نيوتن واختراعاته العظيمة كا ن الفلاسفة الكبار من تلامذته بدءا من فولتير الفرنسي وانتهاء بكانط الألماني فقد قيل لولا نيوتن لما كان كانط وقد كان نيوتن العالم المفضل لاينشتين
*
أقوال نيوتن
*
قال في كتاب المبادئ في الرياضيات والفلسفة الطبيعية
ينبغي لنا أن نقبل المزيد من أسباب الأشياء الطبيعية غير تلك التي تثبت صحتها والقدر الكافي من تفسير ظهورها
يقول نيوتن لأحد أصدقائه برسالة أرسلها له معبر عن الخجل الذي كان يتصف به
لا تذكر اسمي امام احد لا أريد ان اشتهر بين الناس وتكثر معارفي
وقد ذكر اسحق نيوتن في كتاباته ان إيماني راسخ بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله وبأن الله ارشد أناسا إلى تدوينها وأنا أواظب يوميا على دراسة الكتاب المقدس أمّا وجهة نظره كعالم فقد عبر عنها بوضوح حين قال الإلحاد هو ضرب من الغباء فعندما أنظر إلى النظام الشمسي أرى أن الأرض تقع على المسافة المناسبة من الشمس والتي تمكنها من الحصول على الكميات المناسبة من الحرارة والنور وهذا بالطبع لم يحدث من قبيل الصدفة
وكان بإمكان نيوتن خلال تعقبه لمسار الكواكب، ان يرى يد الله في هذا الأمر وقد عبّر عن هذا بالقول ان هذا النظام الرائع الذي يتكون من الشمس والكواكب والمذنبات لا يمكنه ان يصدر إلا عن مشورة وسلطان كائن فهيم وفطن وهذا الكائن الإلهي هو الذي يتحكم بالكل اذ هو رب الكل وقد كتب " ان أفلاطون صديقي وأرسطو صديقي ولكن أفضل أصدقائي هو الحقيقة "
وقد كتب الى أحد أصدقائه تحت ضغط المعارضة القاسية التي واجهته إنني أنوي عدم المشاركة مستقبلا في أمور الفلسفة ولذا فإنني أؤمل أن لا تنزعج إذا وجدتني قد توقفت عن أي عمل من ذلك النوع
وحينما سأل اسحق نيوتن بعد اكتشافاته المذهلة لقوانين الطبيعة، قال لهم كنت كطفل صغير يلهو على شاطئ محيط ضخم
قال أيضا
إنني جاهل لا أعرف إلا حقيقة واحدة وهي أنني لا أعرف شيئاً
واختم بأخر كلمات إسحاق نيوتن
كتب هذه الكلمات بفترة قصيرة قبل موتهِ
إنـنـي أبــدو مـثـل طـفـلٍ يـلـعـبُ فـي سـاحـل الـبحـر و يـجـدُ مـن وقـتٍ لآخـر حـصـاة مـلـسـاء أو قـوقـعـة جـمـيـلـة أجـمـل من مــثــيـلاتـِـها إلا أن الحـقـيـقـة كـلها تـمـتـــدُّ أمامي مـثــل مُـحـيـطٍ واسـع عــظــيـم لـم أكـتـشـف مــنــهُ أي شــيء بـعــد
*
*
وفاته
*
أصيب نيوتن عام 1692 بانهيار عصبي أجبره على ترك العمل ما يقرب من عامين , حيث حصل حريق ًفي بيته ودمر أوراقه ودفاتره وعندئذ ضاع عقله هذا العقل الذي طالما حلق في أعالي السماوات وهكذا انهار عقل نيوتن وأصيب بالجنون لمدة سنة ونصف وعندما استفاق من المرض عام 1693 راح يستعيد أبحاثه العلمية من جديد ولكن عبقريته كانت قد ضعفت ولم يحقق اي اكتشاف بعدئذ وقد أمضى بعض الوقت خلال العقدين التاليين يجمع أدلة وقرائن عن نظريته في الضوء التي نشرت قبل أن تظهر بالعنوان المشهور البصريات عام 1704 بعقدين وكان السبب في تأخر نشر الكتاب هو أن نيوتن كان يرفض نشره قبل وفاة هوك عام 1703 وفي هذا العام انتخب نيوتن رئيسا ً للجمعية الملكية خلفا ً لهوك وقد ظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته وقد انتخبته أكاديمية العلوم في باريس كعضو اجنبي فيها عام 1699
وكان في عام 1696 قدعين نيوتن قيماً على مؤسسة إصدار النقد الوطنية وبعدها بثلاث سنوات تسلم منصب الرئيس الأعلى للدار ومع أن نيوتن ظل محافظا ً على انتسابه المهني إلى الجامعة حتى عام 1701 إلا أن تعيينه في الدار أنهى عمليا ً مهامه الأكاديمية نظرا ً لانتقاله إلى لندن لتسلم واجباته الرسمية فقد جرى في اّواخر حياته وراء المادة والمال وقد رُفع نيوتن إلى رتبة فارس من قبل الملكة وكان هذا شرف لم ينله عالم من قبل أبدا
وفي اواخر حياته انخرط في مناظرات لاهوتية وفلسفية عنيفة مع بعض كبار الفلاسفة والمفكرين وأشهر هذه المناظرات الخلافية جرت مع الفيلسوف الألماني الكبير لايبنتز فكل منهما راح يدعي انه سبق الآخر الى اكتشاف علمي كبير هو حساب اللامتناهي الصغر كما انشغل بعلم الانساب وحاول البحث عن الأصول النيبلة لعائلته لكن دون جدوى وقد انكب ايضا على دراسة الكتاب المقدس وكتب دراسات حوله فقد كان مؤمنا ومن الجدير بالذكر ان نيوتن انتخب عضو في مجلس النواب لكنه كان يحضر جلسات البرلمان ولايتفوه بكلمة فكان يبقى صامتا
لم يتزوج نيوتن قط ولم يكن له أطفال مسجّلون وقد توفى نيوتن عام 1727 وكان أول من يدفن في مقابر العظماء بلندن
القبر الزى دفن فيه نيوتن مقبرة العظماء وهو أول شخص يدفن فى مقبرة العظماء

قديم 06-18-2014, 11:40 PM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قصة نيوتن...الطريق للنجاح
تخطى كل الصعاب و رسم الطريق

إسحاق نيوتن ..... ولد في مزرعة صغيرة بوولزثورب في مقاطعة لنكولن في 25 ديسمبر 1642 (حسب التقويم القديم أي اليولياني) وهو العام الذي مات فيه جاليليو وكانت الزعامة الثقافية كالزعامة الاقتصادية في سبيلها من الجنوب إلى الشمال. وكان عند ميلاده صغير الحجم جداً بحيث كان في الإمكان وضعه في كوز سعته ربع جالون (كما أخبرته أمه فيما بعد) وضعيفاً جداً بحيث لم يخطر ببال أحد أنه سيعيش أكثر من أيام معدودات. وكفلته أمه وخاله لأن أباه كان قد مات قبل ولادته بشهور.

وحين بلغ الثانية عشرة أرسل إلى المدرسة الخاصة في جرانثام فلم يحالفه التوفيق فيها. وجاء في التقارير عنه أنه " خامل " و " غير ملتفت " وأنه يهمل الدراسات المقررة ويقبل على الموضوعات التي تستهويه وينفق الوقت الكثير على المخترعات الميكانيكية كالمزاول والسواقي والساعات البيتية الصنع. وبعد أن قضى عامين في جرانثام أخذ من المدرسة ليساعد أمه في المزرعة. ولكنه عاد إلى إهمال واجباته ليقرأ الكتب ويحل المسائل الرياضية. وتبين خال آخر كفايته فأعاده إلى المدرسة وعمل الترتيبات لقبول نيوتن بكلية ترنتي في كمبردج (1661) طالباً يكسب مصروفاته بمختلف الخدمات وحصل على درجته الجامعية بعد أربع سنوات وبعدها بقليل انتخب زميلاً بالكلية. وخص باهتمامه الرياضة والبصريات والفلك والتنجيم وقد احتفظ بميله لدراسة التنجيم إلى فترة متأخرة من حياته.

وفي 1669 استقال أستاذه في الرياضة إسحاق بارو وعين نيوتن خلفاً له بناءً على توصية منه وصف فيها نيوتن بأنه " عبقري لا نظير له " وقد احتفظ بكرسيه في ترنتي أربعة وثلاثين عاماً. ولم يكن بالمعلم الناجح. كتب سكرتيره عن ذكريات ذلك العهد يقول " كان الذين يذهبون للاستماع إليه قليلين والذين يفهمونه أقل حتى أنه في أحياناً كثيرة وكأنه يقرأ للحيطان بسبب قلة السامعين ". وفي بعض المناسبات لم يكن يجد مستمعين إطلاقاً فيعود إلى حجرته كاسف البال.

وبنى فيه مختبراً - كان الوحيد في كمبردج آنئذ. وقام بالكثير من التجارب لا سيما في الخيمياء " وهدفه الأكبر تحويل المعادن " ولكنه اهتم أيضاً بـ " اكسير الحياة " و " حجر الفلاسفة " وواصل دراساته الخيميائية من 1661 إلى 1692 وحتى وهو يكتب كتابه " المبادئ " ترك مخطوطات عن الخيمياء دون نشر بلغ مجموع كلماتها نيفاً و 100.000 " لا قيمة لها إطلاقاً " وكان بويل وغيره من أعضاء الجمعية الملكية مشغولين شغلاً محموماً بهذا البحث نفسه عن صنع الذهب. ولم يكن هدف نيوتن تجارياً بشكل واضح فهو لم يبد قط أي حرص على المكاسب المادية ولعله كان يبحث عن قانون أو عملية يمكن أن تفسر بها العناصر على أنها أشكال مغايرة قابلة للتحويل لمادة أساسية واحدة. ولا سبيل لنا إلى التأكد من أنه كان مخطئاً.

وكان له حديقة صغيرة خارج مسكنه بكمبردج يتمشى فيها فترات قصيرة سرعان ما تقطعها فكرة يهرع إلى مكتبه ليسجلها. كان قليل الجلوس يؤثر أن يذرع حجرته كثيراً (في رواية سكرتيره) " حتى لتخاله... واحداً من جماعة أرسطو " المشائين. وكان مقلاً في الطعام وكثيراً ما فوت وجبة ونسى أنه فوتها. وكان ضنيناً بالوقت الذي لا بد من إنفاقها في الأكل والنوم. " ونادراً ما ذهب لتناول الطعام في القاعة فإذا فعل فإنه - ما لم ينبه - يذهب في هيئة زرية حذاؤه بالي الكعبين وجواربه بلا رباط... ورأسه غير ممشط إلا فيما ندر ". وقد رويت واخترعت القصص الكثيرة عن شرود ذهنه. ويؤكدون أنه قد يجلس الساعات بعد استيقاظه من النوم على فراشه دون أن يرتدي ثيابه وقد استغرقه الفكر. وكان أحياناً إذا جاءه زائرون يختفي في حجرة أخرى ويخط أفكاراً على عجل وينسى أصحابه تماماً.

لقد كان راهباً من رهبان العلم في هذه السنين الخمس والثلاثين بكمبردج. وقد وضع " قواعد للتفلسف " - أعني الطريقة والبحث العلميين. ورفض القواعد التي وضعها ديكارت في " مقاله " كمبادئ قابلية تستنتج منها كل الحقائق الكبرى بالاستدلال. وحين قال نيوتن " أنا لا أخترع فروضاً " كان يعني أنه لا يقدم نظريات حول أي شيء يتجاوز ملاحظة الظواهر فهو إذن لا يغامر بأي تخمين عن طبيعة الجاذبية بل يكتفي بوصف مسلكها وصياغة قوانينها. ولم يزعم أنه يتجنب الفروض باعتبارها مفاتيح للتجارب فإن مختبره على العكس خصص لاختبار مئات الأفكار والإمكانات وسجله يزخر بالفروض التي جربت ثم رفضت. كذلك لم يرفض الاستدلال إنما أصر على أنه يجب أن ينطلق من الوقائع ويفضي إلى المبادئ. وكانت طريقته أن يتصور الحلول الممكنة للمشكلة ويستنبط متضمناتها الرياضية ويختبر هذه بالحساب والتجربة.

وكتب يقول " يبدو أن مهمة الفلسفة (الطبيعية) كلها تكمن في هذا - البحث من ظواهر الحركات في قوى الطبيعة ثم إيضاح الظواهر الأخرى من هذه القوى ". لقد كان مزيجاً من الرياضة والخيال ولن يستطيع فهمه إلا من يملكهما جميعاً.
ولكن لنمض في طريقنا رغم هذا. إن لشهرته بؤرتين - حساب التفاضل والجاذبية. بدأ عمله في حساب التفاضل عام 1665 بإيجاد مماس ونصف قطر الانحناء عند أي نقطة على منحني.

ولم يسم طريقته حساب التفاضل بل الفروق المستمرة وفسر هذا المصطلح تفسيراً لا يمكننا أن " إن الخطوط ترسم وبهذا الرسم تولد لا بضم الأجزاء بعضها إلى بعض بل بالتحرك المستمر بالنقط والسطوح بتحرك الخطوط والمجسمات بتحرك السطوح والزوايا بدوران الجوانب وأجزاء الزمن بالفيض المستمر وهكذا في غير ذلك من الكميات. وعلى ذلك فبما أن الكميات التي تزداد في أزمان متساوية وبالزيادة تولد أصبحت أكبر أو أقل حسب السرعة الأكبر أو الأقل التي تزداد أو تولد بها فإنني بحثت عن طريقة لتحديد الكميات من سرعات الحركات أو الزيادات التي تولد بها وإذا أطلقت على سرعات الحركات أو الزيادات لفظ " الفروق والكميات المولودة " المتغيرات " فقد اهتديت شيئاً فشيئاً إلى طريقة الفروق في عامي 1665 و 1666 " وقد وصف نيوتن طريقته في خطاب كتبه لبارو عام 1669 وأشار إليها في خطاب لجون كولنز في 1672. ولعله استخدم هذه الطريقة في التوصل إلى بعض النتائج المتضمنة في كتابه " المبادئ " (1687) ولكن عرضه لها فيه جري على الصيغ الهندسية المقبولة ربما مراعاة لم يناسب قراءه. وقد أسهم ببيان لطريقته في الفروق - ولكن دون أن يخفي اسمه - في كتاب واليس " الجبر " عام 1693.


ولم ينشر الوصف الذي اقتبسناه فيما سبق إلا عام 1704 في ملحق لكتابه " البصريات ". وكان في طبع نيوتن أن يؤخر نشر نظرياته وربما أراد أولاً أن يحل الصعوبات التي أوحت بها. وعليه فقد انتظر حتى سنة 1676 لينشر نظرية " ذات الحدين " التي خلص إليها. ولو أنه صاغها على هذه التأجيلات زجت برياضي أوربا في جدل معيب مزق دولية العلم جيلاً بأسره. ذلك أنه في الفترة بين إبلاغ نيوتن نظريته في " الفروق " لأصحابه في 1669 ونشر الطريقة الجديدة في 1704 وضع ليبنتز نظاماً منافساً لها في ماينز وباريس. ففي 1671 أرسل إلى أكاديمية العلوم بحثاً يحوي جرثومة حساب التفاضل وقابل ليبنتز أولدبورج في زيارة للندن من يناير إلى مارس 673 وكان قد تبادل الرسائل معه ومع بويل. وقد ظن أصحاب نيوتن فيما بعد أن لبنتز في رحلته هذه تلقى إلماعاً لفروق نيوتن - ولكن المؤرخين يتشككون في هذا الآن. وفي يونيو 1676 بناء على طلب أولدنبرج وكولنز كتب نيوتن خطاباً ليبلغ إلى لبنتز شارحاً فيه طريقته في التحليل.

وفي أغسطس رد لبنتز على أولدنبرج وضمن الرد بعض الأمثلة من شغله في حساب التفاضل وفي يونيو 1677 في خطاب آخر لأولدنبرج وصف نوع حساب التفاضيل الذي توصل إليه وطريقته في التنويت أي التدوين بمجموعة من الرموز) وهما يختلفان عن حساب نيوتن وطريقته. ثم عاد في مجلة عدد أكتوبر 1684 يشرح حساب التفاضل وفي 1686 نشر طريقته في حساب التكامل. وفي الطبعة الأولى من " المبادئ " (1687) قبل نيوتن بشكل واضح اكتشاف ليبنتز لحساب التفاضل مستقلاً. قال: " في رسائل تبادلتها مع عالم الهندسة الألمعي ج. و. ليبنتز قبل عشر سنوات حين أشرت إلى أنني أعرف طريقة لإيجاد الحدود القصوى والدنيا ورسم المماسات وما إلى ذلك... رد السيد المبجل بأنه اهتدى هو أيضاً إلى طريقة من نفس النوع وأنهى إلى طريقته التي لم تكد تختلف عن طريقتي... إلا في أشكال ألفاظه ورموزه ".


وكان خليقاً بهذا الاعتراف المهذب أن يمنع الجدل. ولكن في 1699 أشار رياضي سويسري في رسالة للجمعية الملكية إلى أن لبنتز استعار حساب تفاضله من نيوتن. وفي 1705 ذكر ليبنتز تضميناً في نقد غفل من التوقيع لكتاب نيوتن " البصريات " أن فروق نيوتن تحوير لحساب التفاضل اللبنتزي. وفي 1712 عينت الجمعية الملكية لجنة فحص الوثائق المتصلة بالموضوع. وقبل أن ينصرم العام نشرت الجمعية تقريراً أكد أسبقية نيوتن دون أن تخوض في موضع أصالة لبنتز.
وفي رسالة كتبها لبنتز بتاريخ 9 أبريل 1716 إلى قسيس إيطالي بلندن اعترض بقوله أن تعليق نيوتن قد حسم الأمر. ومات لبنتز في 14 نوفمبر 1716. وبعد موته بقليل نفى نيوتن أن التعليق " أقر له - أي للبنتز باختراع حساب التفاضل مستقلاً عن اختراعي " وفي الطبعة الثالثة من " المبادئ " (1726) حذف التعليق. ولم يكن النزاع مما يليق بالفلاسفة لأن كلا المدعيين كان يصح أن ينحني احتراماً لفيرما لأنه كان رائداً لهما في هذا المضمار.

- الفيزيائي على أن الرياضة على ما فيها من عجب لم تكن سوى أداة لحساب الكميات فهي لم تزعم أنها تفقه الحقيقة أو تصفها. فلما تحول نيوتن من الأداة إلى البحث الجوهري عكف أولاً على استكناه سر الضوء. وتناولت محاضراته الأولى في كمبردج الضوء واللون والرؤية وعلى عاداته لم ينشر كتابه " البصريات " إلا بعد خمس وثلاثين سنة في 1704 فقد كان بريئاً من شهوة النشر.
وفي عام 1666 اشترى منشوراً من سوق ستوربردج وبدأ التجارب وبدأ التجارب في البصريات. وفي عام 1668 فصاعداً صنع سلسلة من التلسكوبات. فصنع بيديه على أساس النظريات التي شرحها مرسين (1639) وجيمس جريجوري (1662) تلسكوباً عاكساً ليتفادى بعض العيوب الملازمة للتلسكوب الكاسر وقدمه للجمعية الملكية بناء على طلبها عام 1671.

وفي 11 يناير 1672 انتخب لعضوية الجمعية.
وكان قد توصل (1666) إلى أحد كشوفه الأساسية حتى قبل أن يصنع التلسكوبات - وهو أن الضوء الأبيض أو ضوء الشمس ليس بسيطاً أو متجانساً بل هو مركب من الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي. فلما مرر شعاعاً صغيراً من ضوء الشمس خلال منشور شفاف وجد أن الضوء الذي يبدو أحادي اللون انقسم إلى كل ألوان الطيف هذه وأن كل لون مكون خرج من المنشور عند زاويته أو درجته أو انكساره الخاص وأن الألوان نظمت نفسها في صف الحزم مؤلفه طيفاً مستمراً في أحد طرفيه اللون الأحمر وفي الآخر البنفسجي. وقد أثبت الباحثون اللاحقون أن المواد المختلفة إذا جعلت مضيئة بحرقها تعطي أطيافاً مختلفة.

وبمقارنة هذه الأطياف بالطيف الذي يحدثه نجم معين أصبح في الإمكان تحليل مكونات النجم الكيميائية إلى حد ما. ثم دلت الملاحظات الأدق لطيف النجم على السرعة التقريبية لتحركه نحو الأرض أو بعيداً عنها ومن هذه الحسابات استنبط نظرياً بعد النجم. وهكذا تمخض كشف نيوتن لتكوين الضوء وانكساره في الطيف عن نتائج كونية تقريباً في ميدان الفلك.

ولم تتكشف هذه النتائج لنيوتن في ذلك الحين ولكنه أحس (كما كتب لأولدنبرج) أنه توصل " إلى أغرب كشف إلى الآن أن لم يكن أهم كشف في عمليات الطبيعة " فأرسل إلى الجمعية الملكية في بواكير عام 1672 بحثاً عنوانه " نظرية جديدة في الضوء واللون ". وقرئ البحث على الأعضاء في 8 فبراير فأثار جدلاً عبر المانش إلى القارة. وكان هوك قد وصف في كتابه " ميكروجرافيا " (1664) تجربة شبيهة بتجربة نيوتن بالمنشور ولم يكن قد استنتج منها نظرية ناجحة في اللون ولكنه أحس بأن في أفعال نيوتن لفضله السابق غضاً من قدره فانضم غلى بعض أعضاء الجمعية في نقد النتائج التي خلص إليها نيوتن واستمر النزاع ثلاثة أعوام. كتب نيوتن المرهف الحس يقول " إنني مضطهد بالجدل الذي أثارته نظريتي في الضوء اضطهاداً جعلني ألوم حماقتي لأنني ضحيت بنعمة عظمي نعمة هدوء البال جرياً وراء سراب " وحدثته نفسه حيناً بأن " أطلق الفلسفة طلاقاً بائناً لا رجعة فيه إلا ما أفعله إرضاء لذاتي ".
وثارت نقطة أخرى من نقط الجدل مع هوك حول ناقل الضوء.

وكان هوك قد اعتنق نظرية هويجنز التي زعم فيها أن الضوء ينتقل على موجات " أثير ". ورد نيوتن بأن هذه النظرية لا تفر مسار الضوء في خطوط مستقيمة. واقترح بدلاً منها " نظرية

قديم 06-19-2014, 10:35 PM
المشاركة 13
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قصة نيوتن
لقد نشأ نيوتن يتيم الأب فقد توفّي والده في نفس عام ولادته، وتربّى في عائلة ثرية ذات جذور زراعية، ومن الواضح أن طفولته لم تكن سعيدة حيث تزوّجت أمه ولم يبلغ العامين، وترعرع في كنف جدّه لأمه، ولم تكن علاقته بجدّه حميمة حيث لم يرد عن نيوتن في مستقبل حياته أيّ ذكر لجدّه.

أما دراسة نيوتن الأولى فلم تكن تقاريرها مشجّعة، وقد وصفته بعضها بأنه (كسول) و(غير مهتم)، ولذا أخرجته أمه من المدرسة لكي يشرف على إدارة ممتلكاتها، ولكنه سرعان ما أثبت فشله في ذلك المضمار، واجتمعت العائلة لترى مخرجاً مناسباً من ورطتها مع هذا الصبي (الكسول).

في ظلّ تلك الظروف لم يكن من خيار سوى عودة الفتى إلى المدرسة، ورأى خاله أن من الأفضل له أن يتهيأ للالتحاق بالجامعة، ولعل لتأثير خاله وإقامته في منزل مدير المدرسة دوراً في فتح شهية نيوتن للدراسة، ولذا فإنه تمكّن من الالتحاق بجامعة (كامبردج) في عام 1661م، وكان عمره حينئذ أكبر من أعمار زملائه في الدراسة.

كانت رغبة نيوتن هي الالتحاق بدراسة القانون، ولكن أعمال (جاليلي) في الفيزياء ونظرية (كوبرنيكس) الفلكية جذبت اهتمامه بشكل خاص، ولقد سجّل نيوتن أفكاره في تلك الفترة في دفتر سمّاه (أسئـلة فلسفية محدّدة)، وكتب في بداية الدفتر: (أفـلاطون صديقي، وأرسطو صديقي، ولكن أفضل أصدقائي هو الحقيقة)، وهكذا تتضح استقلالية تفكير نيوتن في مرحلة مبكّرة من حياته.

تشير الدلائل إلى أن دراسة نيوتن الجامعية لم تكن متميّزة، ولكنه استطاع أن يجتاز امتحاناته ويحصل على درجة البكالوريوس في عام 1665م، ومن الواضح أن عبقريته لم تبرز في تلك الآونة، ولكنها تدفّقت فجأة مع حدث أصاب بريطانيا، واضطرّ الجامعة إلى إغلاق أبوابها مما دفع بنيوتن إلى العودة إلى قريته ليمضي حوالي عامين من حياته كانت مزدحمة بمخاض علمي مؤذناً بميلاد فجر جديد على البشرية.

لقد ظهر وباء الطاعون في بريطانيا، وتعطّلت أنماط الحياة الاعتيادية، ولكن نيوتن، وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، جعل من تلك الفترة العصيبة مرحلة ذهبية في تطوير (الفكر العلمي)، وبدأ مسيرته في إحداث ثورات علمية في علوم الرياضيات والفيزياء والفلك.

لقد وضع نيوتن في تلك الفترة أسس علم (التفاضل والتكامل) في الرياضيات، وذلك بسنوات عدّة قبل الاكتشاف المستقلّ لها من قبل عالم الرياضيات الألماني (ليبنيتـز)، والتي نجم عنها فيما بعد اتهامات متعدّدة غير مثبتة ضدّ العالم الألماني بأنه سرق أفكار نيوتن.

وفي تلك المرحلة قام نيوتن بعمله الجبار في (توحيد قوانين الحركة) في الفيزياء، فلقد كان الفلكي الألماني (يوهانا كبلر) قد اكتشف ثلاثة قوانين تحكم حركة الكواكب حول الشمس، ولكن لم تكن لتلك القوانين أية علاقة أو ارتباط بأية حركة أخرى في الكون، وما هو أهمّ من ذلك أنها كانت قوانين عمــــــلية بحتة مُســــتنتجة من البيانات الفلكية الجمّة التي جمعها أســـتاذه الفلكي الدنمـــــــاركي (تايخو براها).

لقد أحـدث نيوتن انـقلاباً جذرياً في فهم الإنسان لطبيعة الحركة وقوانينها، فاكـتشف ثلاثة قوانين لحركة الأجسام، وعبر هذه القوانين برزت طبيعة الحركة وكيفيّة تأثـّر الأجسام بالقوى، واستطاع نيوتن أن يوضّح أن (قوانين كبلر) ليست إلا حـالات خـاصة لقـوانين نيوتن للحركة عندما يتم دمجها مع قانون آخر اكتشفه نيوتن في أيام الطاعون، وهو (قانون الجاذبية الكونية) الذي ينصّ على أن (كل جسم في الكون يجذب كل جسم آخر بقوة تتناسب طردياً مع ناتج ضرب كتلتيهما، وعكسياً مع مربّع المسافة بينهما).

ولما فتحت جامعة (كامبردج) أبوابها في عام 1667م بعد القضاء على وباء الطاعون، تقدّم نيوتن للعمل بها على وظيفة أكاديمية، والغريب أنه أخفى اكتشافاته فيما يتعلّق بقوانين (الحركة) وقانون (الجاذبية الكونية)، ولكن نتيجةً لاطّلاع الأكاديميين على أعماله في مجال الرياضيات أصبح نيوتن بروفيسوراً في الجامعة في عام 1669م لتبدأ المرحلة الثانية من حياته بكلّ ما تميزت به من عطاء متدفّق وإسهامات خالدة.

المرحلة الثانية
بدأ نيوتن أستاذيته بتدريس علم (البصريات)، وطرح نيوتن اكتشافاً جديداً في عام 1672م في أوّل بحث نشره في حياته وكان تحت عنوان (نظرية جديدة عن الضوء والألوان) ليضيف بذلك عملاً آخر إلى مجموعة من الأعمال العلمية التي أرست قواعد انطلاقات جذرية في مجالات المعرفة والعلوم والتقنية لم تكن لتخطر على بال.

لقد كان الاعتقاد السائد بين العلماء والفلاسفة ابتداءً من أرسطو أن الضوء الأبيض هو (وحدة فريدة أساسية)، ولكن نيوتن اقترح أن الضوء الأبيض هو (خليط من الأشعة)، وأجرى تجربته الشهيرة باستخدام (المنشور الزجاجي)؛ فإذا سقط عليه ضوء الشمس الأبيض خرجت منه سبعة ألوان مميزة، ومن هـــذا الاكتشاف عرف البشر لأوّل مرة تفسير ظاهرة (قــوس قزح) بعيداً عن الخرافات والأساطير والأمزجة.
لقد كان الفلكي البريطاني (إدموند هالي) هو الذي أقنع نيوتن بإخراج ذخيرته العلمية التي أسّسها في فترة اعتزاله أثناء أيام الطاعون، وتكفّل بمصاريف النشر، فخرجت تلك الإبداعات العبقرية إلى الساحة العلمية في عام 1687م في كتابه الجامع (الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية).
لقد جمع ذلك الكتاب كلّ ما هو معروف عن الحركة في الكون، ووحّد الظواهر الطبيعية المختلفة في إطار واحد خاضع للقوانين نفسها مما جعل عدداً من العلماء يشتكون لسنوات عديدة أن نيوتن لم يترك لهم شيئاً يشتغلون به، ووصف العالم الفرنسي (بيير دو لابلاس) هذه الحال بأسلوب حاذق عندما قال: (إن نيوتن كان محظوظاً مرتين؛ المرّة الأولى لأنه كان يملك قدرة لاكتشاف أساس الكون الفيزيائي، والمرة الثانية لأنه لا يمكن أن يكون له منافس أبداً نظراً لأنه لا يوجد إلا كون واحد يمكن اكتشافه).
المرحلة الثالثة في حياة نيوتن
لم يحظ عالم بما حظي به نيوتن من التقدير والتكريم في حياته وبعد مماته، وجاءته شهادات التقدير من معظم العلماء المشهورين في زمانه، وبالرغم من ذلك نجد أن نيوتن، وهو في الخمسين من عمره وفي قمة عطائه وشهرته، يقرّر هجر الحياة الأكاديمية؛ فحياته لم تخل من المنغصات عبر الصراعات والأزمات النفسية إذْ إن نيوتن كان يمقت الجدال، ويتحاشى نزاعات الأقران، ولذلك كان يميل إلى حجب أعماله قدر الإمكان عن أعين المترصّدين والناقدين، ولذا نجده يكتب لأحد أصدقائه تحت ضغط المعارضة القاسية التي واجهته: (إنني أنوي عدم المشاركة مستقبلاً في أمور الفلسفة، ولذا فإنني أؤمّل أن لا تنزعج إذا وجدتني قد توقّفت عن أيّ عمل من ذلك النوع).

وهكذا راح نيوتن يبحث عن وظيفة تجلب له مردوداً مادياً أكبر، وتنأى به عن ساحات النقد والخلافات العلمية، فقبل في عام 1696م وظيفة مدير دار (سكّ النقود) في لندن، واستمرّ فيها حتى وفاته.

قديم 06-19-2014, 10:45 PM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
إسحاق نيوتن
أحمد شكري سالم

المصدر: كتاب "رجال عاشوا للعلم"

تاريخ الإضافة:*20/3/2008 ميلادي - 13/3/1429 هجري
زيارة: 11629

***

إسحاق نيوتن
جيمس نيومان وميتشيل ويلسون
ترجمة: أحمد شكري سالم
*
إن عقلية إسحاق نيوتن وشخصيته تتحديان كل مؤرخ، كان شخصًا غريبًا فريدًا، وكانت الينابيع التي يستقي منها سلوكه خافية حتى على معاصريه، شبهه أحد المؤرخين في عصره بنهر النيل، تعرف قواته العظيمة؛ ولكنك لم تكشف عن منابعه، غير أن الحقائق الجديدة التي حصلنا عليها والخاصة بالفترة الأولى من حياته تمكننا من معرفة جزئية لصفات نيوتن وخط تطوره.

ولد نيوتن طفلاً غاية في الضعف، حتى ليقال: إنه كان عليه أن يرتدي دعامة عنق خاصة في شهوره الأولى لتحمل رأسه على كتفيه، لم يتوقع أحد أن يظل حيًّا، وكثيرًا ما كان يحلو لنيوتن - بعد أن كبر - أن يقول: إن أمه كانت تذكر دائمًا أنه ولد صغير جدًّا لدرجة أنه كان يمكن وضعه في إناء صغير.
مات أبوه قبل ولادته بثلاثة أشهر، وتزوجت أمه مرة أخرى قبل أن يبلغ الثانية من*عمره، وكفلته جدته العجوز، كان يحيا في مزرعة منعزلة، محرومًا من حنان الأبوين وحبهما، دون إخوة أو أخوات تجمعه وإياهم الصداقة والتنافس، ويرى لويس. ت. مور، واضع أفضل تاريخ حديث لنيوتن، يرى أن جميع الصفات الانعزالية لهذا العالم يمكن إرجاعها لهذه الطفولة الوحيدة غير السعيدة.

ولما كان نيوتن قد ولد عام 1642، فإنه ترعرع في عهد سادت فيه "فظائع الحرب الأهلية الطويلة المريرة"، كانت غارات القتل والنهب شيئًا طبيعيًّا، وألقيت ظلال الشك على جدته "لعطفها على قوات الملك"، وما كان لهذا الطفل الذي تحيط به المخاوف الحقيقية إلى جانب "مخاوف خلقها خياله"، ما كان له أن يجد الراحة بين أحضان جدته أو أجراء المزرعة، وكان من الطبيعي - كما لاحظ مور - أن يستغرق الولد الصغير في "خضم تأملاته في وحدته"، وأن ينمي في نفسه القدرة على التركيز التام، وصفته فتاة عرفته في شبابه بقولها: إنه "شاب هادئ ساكت مفكر، لم يشاهد وهو يشارك الأطفال لهوهم ولعبهم".

ولا شك أن نيوتن تغلب تمامًا على ضعفه الجسماني قبل أن يصل إلى سن الدراسة إذ تذكر إحدى زميلاته في المدرسة أن تحدى صبيًّا جرمًا لأنه ضربه في بطنه، تحداه "وكال له الضربة حتى هزمه"، ولقد انتصر نيوتن نتيجة "روحه القوية وتصميمه الشديد"، وكان هذا الصبي من أوائل الفصل، فقرر نيوتن أن "يهزمه كذلك في ميدان الدراسة"، "وجاهد حتى نجح في ذلك، وظل يتقدم حتى صار أول الفصل".
وعندما بلغ نيوتن الرابعة عشرة من عمره أخذته أمه إلى بيتها بعد أن مات زوجها*الثاني، حاولت أن تجعل منه فلاحًا، ولكنها فشلت كل الفشل، فقد كان نيوتن عزوفًا عن الفلاحة مفضلاً عليها القراءة، أو عمل النماذج الخشبية بسكينة، أو حتى الاستغراق في الأحلام، ومن حسن حظ العلم أن تخلت الأم عن محاولاتها، وسمحت له أن يعد نفسه لجامعة كامبريدج.

وما إن بلغ نيوتن الثامنة عشرة من عمره حتى التحق بكلية ترينتي، ومرت السنون الأولى من دراسته الجامعية دون أن يلفت النظر بشكل خاص، ثم وقع تحت تأثير إسحاق بارو، وهو رجل غير عادي يعمل أستاذًا للرياضيات، كان رياضيًّا ممتازًا، وعالمًا في الكلاسيكيات، وفلكيًّا، وحجة في علم البصريات، وكان بارو من أوائل الذين أدركوا عبقرية نيوتن، وبعد أن حصل تلميذه على درجته بقليل، استقال بارو من كرسي الأستاذية كي يجلس عليه نيوتن وهو لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره، لقد صار نيوتن يحتل منصبًا أكاديميًّا ممتازًا، وفتحت له الطريق لمتابعة دراساته التي حدد معالم عصر بأكمله.

وكان نيوتن قد غرس فعلاً بذور مساهمته الثورية في ثلاثة فروع متميزة من فروع العلم: الرياضيات، وميكانيكا الأجرام السماوية، والبصريات، وما إن تخرج في جامعته حتى عاد إلى منزله في ولسثورب؛ حيث عكف على عمله لمدة ثمانية عشر شهرًا يمكن أن توصف بحق، إنها أكثر الشهور إثمارًا في تاريخ التخيل الخلاق، والواقع أن نيوتن قد أمضى بقية حياته العلمية في استكمال كشوفه العظيمة التي توصل إليها خلال هذه الشهور "الذهبية"، وفيما يلي كلماته التي وصف بها ما حققه في ولسثورب:

"في أوائل عام 1665 وجدت طريقة لتقريب المتسلسلات ووجدت قاعدة لاختزال أي إس لكمية ذات حدين إلى متسلسلة [أي نظرية ذات الحدين]، وفي مايو من نفس العام توصلت إلى طريقة الممارسات لجريجوري وسلازياس، وفي نوفمبر [كشفت] الطريقة المباشرة للفروق [أي مبادئ الحساب التفاضلي]، وفي يناير من العام التالي توصلت إلى نظرية الألوان، وفي مايو من نفس العام بدأت في استخدام معكوس طريقة الفروق [أي حساب التكامل]، وفي نفس العام بدأت أفكر في قانون الجاذبية بحيث يشمل مدار القمر، وعندما قارنت بين القوة اللازمة لحفظ القمر في مداره وقوة الجاذبية على سطح الأرض، وجدت أنهما متقاربتان لحد كبير...".
ونتيجة لما قام به نيوتن من تحليل الضوء والألوان - وكان قد حفظ لنفسه هذا الكشف على استحياء - تمكن اختراع منظار عاكس يعالج الزيغ الناجم عن العدسات المستخدمة في المناظير الأخرى، وقدم إلى الجمعية الملكية في لندن ملخصًا وصف فيه منظاره الجديد، وسرعان ما انتخب - وهو في سن الثلاثين - عضوًا في الجمعية الملكية، وحظي بذلك على أكبر درجات الشرف العلمية في إنجلترا.

ولقد أخذ نيوتن بهذه الشهرة المفاجئة أمام الرأي العام، كان مترددًا في إعلان كشوفه، ولكنه طلب - قبل أن ينقضي أسبوع على انتخابه في الجمعية الملكية - إذنًا لتقديم بحث عن "الكشف الفلسفي" الذي دفعه إلى "صنع هذا المنظار"، وبلهجة لا يشوبها التواضع الكاذب قال: إنه توصل إلى "أغرب كشف إن لم يكن أعظم كشف، توصل إليه عالم فيما يتعلق بعمليات الطبيعة".

أرسل نيوتن خطابه "الذي يحوي نظريته الجديدة عن الضوء والألوان" إلى الجمعية الملكية في لندن في السادس من فبراير عام 1672، وكان هذا الخطاب أول بحثٍ نشره نيوتن؛ كما أنه وضع الأساس - لأول مرة - لعلم الطيف، وفتح عهدًا جديدًا في تحليل ظواهر الألوان، وفي كلمة لقد بين نيوتن كيف أن المنشور الزجاجي يحلل الضوء إلى ألوانه المختلفة ذات معاملات الانكسار المختلفة، وكيف أن منشورًا آخر يمكنه أن يجمع هذا الضوء المتحلل، ويعيده سيرته الأولى، إن هذه التجارب الرائعة تعد بمثابة فتح جديد ييسر صياغة نظريات جديدة عن طبيعة الألوان، غير أن هذا البحث لم يلاقِ التقدير العام الذي توقعه نيوتن، إذ انهالت على الجمعية الملكية خطابات كثيرة تعارض نتائج نيوتن، كتب بعضها رجال عديمو الوزن من الناحية العلمية، وكتب البعض علماء بارزون مثل: كريستيان هيوجين، وروبرت هوك، وانبرى نيوتن بصبر عجيب يرد على هذه الخطابات الواحد إثر الآخر بحذر وعناية؛ ولكنه لم يكسب إلى صفه إلا واحدًا من هؤلاء المعارضين، هو الأب الجيزويتي بارديس الفرنسي.

وكان لهذا الجدل أثره الحاد على شخصية نيوتن؛ فأقسم أنه لن ينشر كشوفه الأخرى، وكتب خطابًا إلى ليبنتز يقول فيه: "لقد آلمني هذا الجدل الذي استشرى نتيجة نشري لنظريتي عن الضوء؛ حتى لقد أنبت نفسي على كوني قد فرطت في نعمة الهدوء؛ من أجل الجري وراء مجرد خيال، أو ظل؛ ولكنه مع ذلك استمر ينشر بحوثه فقد كان يهدف إلى الحصول على تقدير الأوساط العلمية، ولم يتوانَ أعداؤه عن الإشارة إلى هذا الازدواج في شخصية نيوتن، وكتب الفلكي جون فلامستيد - أحد معارضيه - يصفه بأنه "شخصية خداعة تتميز بالطموح وبالرغبة في سماع التقريظ؛ ولكنها في نفس الوقت لا تطيق المعارضة، إنني أعتقد أنه رجل طيب في أعماقه، غير أنه شكاك بطبيعته".

وفي كامبريدج كان نيوتن مثالاً للأستاذ الشارد الذهن، كتب كاتم سره همفري نيوتن (ليس بينهما ثمة قرابة)، أنه: "لم ير نيوتن: يروح عن نفسه بنزهة في الهواء الطلق أو بركوب الخيل أو لعب الكرة أو غير ذلك، فقد كان يؤمن أن كل ساعة لا يصرفها في دراساته ساعة ضائعة"، وكثيرًا ما كان يعمل حتى الثانية أو الثالثة صباحًا، وكان يأكل قليلاً أو ينسى تمامًا أن يتناول شيئًا من الطعام، وعندما يذكره شخص ما بذلك يذهب إلى منضدة الطعام، ويتناول "قليلا من هذا، أو ذاك وهو واقف"، ونادرًا ما كان نيوتن يتناول غذاءه في قاعة الكلية، فإذا فعل ذلك "فدون أن يربط حذاءه، أو يشد جواربه، أو يمشط شعره، أو يخلع وشاحه"، وكثيرًا ما يقال: "إن نيوتن كان يلقي محاضراته في قاعة خالية بنفس الحماس الذي يلقيها به والقاعة غاصة بالطلبة".

وبعد انتهاء الجدل المستعر بين نيوتن ومعارضيه آثر الانسحاب من أمام الرأي العام كعالم، وخدم كليته بأن مثلها في البرلمان، واستمر في بحوثه الخاصة في ميادين الكيمياء والخيمياء، واللاهوت، والفيزياء، والرياضيات، تعرف إلى ليبنتز - معاصره العظيم - ولكنه رفض أن يقدم إليه شيئًا عن كشوفه في علم الرياضيات، ومن المقرر الآن أن كلاًّ منهما قد توصل بمفرده إلى علم التفاضل والتكامل، غير أن الرجلين وأنصارهما قد تعاركا بشدة حول أحقية كل منهما في هذا الكشف، واتهم نيوتن ليبنتز بانتحاله لملكية غيره، كان نيوتن غيورًا على ملكيته لكشوفه ودراساته؛ حتى لقد صاحب كل كشف حققه في حياته الخلاقة معركة من نوع أو آخر.

وفي عام 1684 طرق باب نيوتن زائر كبير هو الفلكي أدموند هالي، كانت تدور في رأس هالي مشكلة متعلقة بقوة الجاذبية بين الشمس والكواكب، استنتج مع هوك - على أساس تقارير جوهان كبلر عن حركة الكواكب - أن قوة الجاذبية بين الشمس وأي كوكب من الكواكب، تتناسب تناسبًا عكسيًّا مع مربع المسافة بينهما، غير أنهما لم يتمكَّنا من إثبات فكرتهما، وتقدم هالي إلى نيوتن بسؤال: "ما المنحنى الذي سيتخذه مسار الكواكب إذا افترض أن الجاذبية تتناقص بما يتناسب مع مربع المسافة؟"، وأجاب نيوتن: "لقد حسبتها"، وتبين هالي من هاتين الكلمتين أن نيوتن قد توصل إلى أحد القوانين الأساسية في الكون - قانون الجاذبية - وأراد هالي أن يطلع فورًا على الحسابات، غير أن نيوتن لم يعثر عندئذٍ على مذكراته، ولكنه وعد بأن يكتب نظرياته ووسائل البرهنة عليها، وتحت إلحاح هالي المستمر أكمل الأصول لتقديمها إلى الجمعية الملكية، وهكذا ولد كتاب "الفلسفة الطبيعية لمبادئ الرياضيات" الذي عرف منذ ذاك باسم "المبادئ".

وقبل أن ينشر الكتاب برزت أزمة بين هوك ونيوتن بخصوص أحقية كل منهما في قانون التربيع العكسي، وهدد نيوتن بنزع الفصول الأساسية من كتابه؛ ولكن هالي تدخل وظهر الكتاب العظيم دون أن يمس، ولا شك أن هالي قد لعب دورًا كبيرًا في إخراج هذا الكتاب، فإلى جانب أنه دفع نيوتن إلى كتابته، كان يراجع الكتاب على الأصول ودفع تكاليف النشر بالرغم من أنه لم يكن ثريًّا.
ينقسم كتاب "المبادئ" إلى ثلاثة "كتب"، عرض نيوتن في الكتاب الأول قوانينه الثلاثة للحركة، ودرس نتائج قوانين القوة المختلفة، وفي الكتاب الثاني درس الحركة في أنواع السوائل المختلفة، وكان أقل نجاحًا في ذلك، إذ أدخل العلماء في العقود التالية كثيرًا من التعديلات على ما جاء في هذا الكتاب، وفي الكتاب الثالث ناقش الجاذبية الكونية، وبين كيف أن هناك قانونًا واحدًا للقوة يفسر سقوط الأجسام على الأرض، كما يفسر حركة القمر، وتوابع المشترى وحركة الكواكب، وظاهرة المد والجزر.

وكانت إحدى المشكلات المعقدة التي جابهت نيوتن هي: إثبات أن الجسم الكروي يجذب الأجسام الأخرى إليه؛ كما لو كانت كتلته متركزة في مركزه، بدون هذا الإثبات تظل نظرية الجاذبية بأكملها معتمدة على البداهة أكثر من اعتمادها على الحسابات المضبوطة، فإذا أخذنا مثلاً الحالة البسيطة، حالة سقوط تفاحة على الأرض - التي تكمن فيها الفكرة الأساسية للجاذبية؛ كما يقول نيوتن - فإننا سنتساءل: "ما المسافة بين الأرض والتفاحة؟"، هنا يأتي حساب التفاضل والتكامل، لقد اعتبر نيوتن أن الأرض مكونة من مجموعة من أحجام صغيرة جدًّا من المادة، كل منها تجذب التفاحة حسب قانون التربيع العكسي الجاذبية، ثم جمع بعد ذلك قوى الجذب المختلفة، وبين أن النتيجة النهائية مماثلة تمامًا للنتيجة التي يحصل عليها إذا اعتبر أن كتلة الأرض بأكملها تكمن في نقطة صغيرة في مركزها.
وما أن انتهى نيوتن من كتابه "المبادئ" حتى كان يعاني من نوع من "الانهيار العصبي"، كان يشكو من عدم قدرته على النوم، ومن فقدانه "لتماسكه الذهني السابق"، كان يكتب خطابات غاضبة إلى أصدقائه، ثم لا يلبث أن يعتذر إليهم؛ كتب مثلاً جون لوك يعترض بشدة على أن هذا الفيلسوف حاول أن "يقحمه في أمور نسائية".

وفي*عام 1696 تخلى نيوتن عن حياته الأكاديمية العلمية، واحتل مركز محافظ دار سك النقود ثم مديرها، غير أنه ظل يتلقى صنوف التكريم؛ نتيجة لما حققه في ميدان العلم، وأعطي لقب فارس عام 1705، وشغل لمدة سنتين منصب رئيس الجمعية الملكية، وفي ربع القرن الأخير من حياته لم يقدم نيوتن إضافات هامة للعلم، قال البعض: إن عبقريته الخلاقة قد احترقت، وقال البعض الآخر: إنه - وقد أقام أسس علم البصريات، واخترع حساب التفاضل والتكامل، وكشف عن نظام حركة الكون - لم يعد أمامه ما يضيفه في ميدان العلم.

وبالرغم من أن نيوتن لم يصل إلى كشوف جديدة في سنيه الأخيرة إلا أن هذه السنين لم تكن مجدبة، وخالية من الأفكار، لقد كان شهيرًا ومكرمًا، وبلغ درجة من الأمان تسمح له بأن يتأمل في بعض المشاكل العلمية، ويقدم للناس تأملاته، قدم عديدًا من الفروض عن "سبب" الجاذبية، وعن طبيعة "الأثير"، وعن حجم الوحدات التي تكون المادة، وقوى الكهربية والمغناطيسية، وسبب الاستجابة العضلية "لرغبات الإرادة"، ومنبع الإحساسات، وخلق العالم والمصير النهائي للإنسان، ولقد سار الكثيرون من المجربين على هدى تأملات نيوتن في القرن الذي جاء من بعده.

كثيرًا ما يوصف نيوتن بأنه فاتح "عهد التعقل"، ولقد عبر ألكسندر بوب عن مشاعر عصره في السطور الشهيرة التالية:
كانت الطبيعة وقوانينها تختفي في ظلمات الليل
فخلق الله نيوتن! وعم الضوء المكان
غير أن اللورد كينز لفت النظر إلى جانب آخر من جوانب نيوتن: سعيه وراء الحصول على إجابة عن لغز الوجود، واهتمامه البالغ بالخيمياء، وآراء اللاهوتية غير الأرثوذكسية، وفلسفته المبهمة ودراساته الدينية، إن كل من يقرأ كتابات نيوتن غير العلمية أو يطلع على التأملات التي نشرها في كتابه "البصريات" بخصوص نهاية الحياة لن يرضى تمامًا عن سطور بوب، ولعله سيفضل كلمات وليم وردزورث التي قال فيها عن نيوتن:
"كان في سكونه وبيده منشوره عقلاً يجوب إلى الأبد بحار الفكر الغريبة وحيدًا".

قديم 06-20-2014, 11:51 PM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اسحاق نيوتن
4 ديسمبر، 2011 ·
هذه نبذة مختصرة جدا عن العالم العظيم (نيوتن) سوف اقوم بنشر شئ جديد عن حياته
.
.
إسحاق ”نيوتن“ (بالإنجليزية: Isaac Newton) وينادي بالسير إسحاق نيوتن (4 يناير 1643- 31 مارس 1727) من رجال الجمعية الملكية كان فيزيائي إنجليزي وعالم رياضيات وعالم فلك وفيلسوف بعلم الطبيعة وكيمائي وعالم باللاهوت وواحدًا من أعظم الرجال تأثيرًا في تاريخ البشرية. ويعد كتابه كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية والذي نشر عام 1687 من أكثر الكتب تأثيرًا في تاريخ العلم واضعًا أساس لمعظم نظريات الميكانيكا الكلاسيكية. في هذا الكتاب، وصف “نيوتن” الجاذبية العامة وقوانين الحركة الثلاثة والتي سيطرت على النظرة العلمية إلى العالم المادي للقرون الثلاثة القادمة ووضح "نيوتن" أن حركة الأجسام على كوكب الأرض والتي لها أجرام سماوية تحكمها مجموعة القوانين الطبيعية نفسها عن طريق إثبات الاتساق بين قوانين "كبلر" الخاصة بالحركة الكوكبية ونظريته الخاصة بالجاذبية؛ ومن ثم إزالة الشكوك المتبقية التي ثارت حول نظرية مركزية الشمس مما أدى إلى تقديم الثورة العلمية. وفيما يتعلق بالميكانيكا، أعلن "نيوتن" مبادئ بقاء الطاقة الخاصة بكل من كمية الحركة وكمية الحركة الزاوية. وفي علم البصريات، اخترع "نيوتن" أول تلسكوب عاكس[3] عملي. وكذلك أيضًا طور نظرية الألوان (لون) معتمدًا على ملاحظة أن المنشور يحلل الضوء الأبيض إلى العديد من الألوان التي تشكل الطيف المرئي. وبالإضافة إلى ذلك، صاغ قانون نيوتن للتبريد ودرس سرعة الصوت. وبالنسبة لعلم الرياضيات، يشارك "نيوتن" "جوتفريد لايبنتز" في شرف تطوير حساب التكامل والتفاضل. وكذلك أيضًا، أثبت النظرية ذات الحدين المعممة وطور ما يسمى بـ "طريقة نيوتن" الخاصة بتقريب الأصفار الموجودة بالدالة وساهم في دراسة متسلسلة القوى. تظل مكانة "نيوتن" الرفيعة بين العلماء في أعلى مرتبة الأمر الذي أثبته استطلاع رأي أجري عام 2005 فيما يتعلق بعلماء المجتمع الملكي البريطاني وكان السؤال الذي طرحه هذا الاستطلاع هو من كان له أعظم تأثير على تاريخ العلم "نيوتن" أم "ألبرت آينشتاين". وكانت نتيجة الاستطلاع هي أن "نيوتن" هو يعتبر الأكثر تأثيرًا.[4] علاوةً على ذلك، كان "نيوتن" تقيًا للغاية (على الرغم من أنه لم يكن متفقًا مع الأعراف الدينية القائمة) ومنتجًا للعديد من الأعمال في تفسيرات الكتاب المقدس أكثر مما أنتجه في العلوم الطبيعية التي لم ينس العالم إسهاماته به حتى الآن.

قديم 06-26-2014, 07:42 PM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سويفت (جوناثان ـ)....اليتيم رقم 3 من الأيتام قبل الولادة
(1667 ـ 1745)

يعد الكاتب والروائي الإنكليزي جوناثان سويفت Jonathan Swift من أهم من كتب النثر الهجائي باللغة الإنكليزية. ولد في دبلن من أبوين إنكليزيين بعد أن جاء جده من إنكلترا هرباً من الاضطهاد السياسي واستقر في ايرلندا. توفي أبوه قبل ولادته وتركته أمه عند أعمامه وعادت إلى أسرتها في إنكلترا. ترك موت أبيه المبكر وتخلي أمه عنه أثراً كبيراً في شخصيته وغلفها بمشاعر الإحباط والتعاسة، يوازيها فيما بعد ألمه من كثرة الصراعات الدينية والسياسية. تلقى تعليمه العالي في كلية «ترينيتي» Trinity بإيرلندا وتخرج فيها سنة 1686، ثم شغل مركز الكاهن في كاتدرائية القديس باتريك* St. Patrick’s Cathedral في دبلن عام 1713. عُرف في ميدان الهجاء والرسائل السياسية وهزأ كثيراً من الأفكار البالية، خاصة النفاق الديني والاجتماعي. ثم رحل إلى إنكلترا سنة 1688 وعمل هناك سكرتيراً خاصاً لوليام تمبل William Temple الذي كان من أقطاب السياسة والحكم والفكر في إنكلترا.

تعرف سويفت بحكم عمله رجالات السياسة والحكم، وتعلم أساليبهم في التعامل والسلوك، وتمكن من قراءة الكتب الثمينة المتوفرة في مكتبة تمبل، كما حصل على شهادة الماجستير في الآداب من جامعة أكسفورد سنة 1692، وعلى درجة الدكتوراه في اللاهوت سنة 1702. عاد إلى إيرلندا مدة قصيرة بعد أن ساءت علاقته مع تمبل، وعاش في عزلة بالقرب من بلفاست، وكانت هذه العزلة خانقة، فقفل راجعاً من جديد إلى إنكلترا، وعمل مجدداً مع تمبل وهي المدة التي تعرف فيها إيستر جونسون التي اشتهرت باسم «ستيلا»، وهي ابنة صديق تمبل، وأشرف على تعليمها ونشأت بينهما علاقة قوية امتدت حتى وفاتها. وقد كتب لها سويفت مجموعة كتابات بعنوان «رسائل إلى ستيلا» (1710-1713) Journal to Stella، ولم تكن هذه الكتابات مجرد ثرثرة عن عظمة لندن الأدبية والسياسية فحسب بل كشفت عن قدرة رجل عرف عنه خطأً أنه «عدو البشر».

استطاع سويفت أن يكوّن لنفسه مكانة أديب قدير وسياسي محنك ورجل دين مرموق وبطل قومي في نظر الشعب الايرلندي على الرغم من كونه إنكليزياً، وترأس تحرير صحيفة «ذَ اكزامينر» The Examiner الناطقة بلسان حزب المحافظين، وسخر فيها من سياسة الأحرار المعارضين، الذين كان قد اختلف معهم حول قضايا دينية، ودافع عن حقوق الكهنة الإيرلنديين وقضايا الشعب الإيرلندي.

كانت باكورة جهود سويفت في القصيدة أو الأود البندارية The Pindaric Ode [ر. بندارُس]، إذ كتب بعض القصائد، لكنها كانت ذات صيغة معقدة خالية من المرح والدعابة والسخرية أو الهجاء وظهرت واقعية لاذعة في أعماله التالية مثل «وصف لسقوط المطر في المدينة» (1709) Description of a City Shower، و«أشعار حول وفاة الدكتور سويفت» (1731) Verses on The Death of Dr. Swift، و«غرفة ملابس السيدة» (1732) The *Lady’s Dressing Room.

وجد سويفت نفسه كاتباً هجّاءاً عندما حظي اثنان من أوائل أعماله الهجائية باهتمام النقاد. وهما «معركة الكتب» The Battle of The Books حول النزاع بين القديم والحديث، و«حكاية حوض» A Tale of aTub في عام (1704)، وهي مزيج من المقالات الساخرة والحكايات حول التطور التاريخي للطوائف المسيحية. لكن الملكة آن ورجال السياسة عدّوا الكتاب معادياً للدين وهذا ما سبب استبعاده عن المناصب السياسية.

كتب سويفت العديد من الكراسات السياسية أشهرها «تقويم أهمية الوصي» (1713) The Importance of the Guardian Considered، و«الروح الشعبية للأحرار» (1714) The Public Spirit of the Whigs، وكانت هذه الكراسة جواباً على ما كتبه ستيل Steele في «الأزمة» Crisis، وضمت أيضاً مقالة عن موت الملكة عام 1714 وعن سقوط وزارة المحافظين الذين دافع عنهم عندما صار المتحدث باسمهم.

عاد سويفت، بعد موت تمبل، إلى إيرلندا، وشغل مناصب كنسية أقل مرتبة، وأقام فيها من عام 1708 حتى عام 1714، وكتب في هذه المدة بسخرية لاذعة عن قضايا الكنيسة «رسالة بخصوص امتحان القربان المقدس» Letter Concerning the Sacramental Test التي هاجم فيها الكهنة الإيرلنديين الذين سببوا له الأذى بالإشتراك مع حزب الأحرار Whigs. وفي السنوات الثلاثين التالية اندمج كلياً في الحياة الإيرلندية، ومن خلال كتيباته اللامعة حول إيرلندا مثل «رسائل تاجر الأقمشة» The Drapier’s Letters*و«اقتراح متواضع» A Modest Proposal أصبح بطلاً وطنياً.

أما أهم مؤلفات سويفت فهي روايته «رحلات غوليفر» (1726) Gulliver’s Travels التي استغرق في كتابتها ست سنوات، وطبعت الرواية في حياة سويفت عدة مرات وترجمت إلى معظم اللغات الحية، وكانت أول ترجمة لها إلى اللغة العربية سنة 1909. أراد سويفت من حكايته المؤلفة من أربع رحلات أن يوجه نقداً لاذعاً للمجتمع الذي يرزح تحت عبء النفاق والتقاليد البالية والتنبيه إلى ضرورة احترام الإنسان الفاعل، كما قصد تنشيط خيال الصغار والكبار معاً. وهذه الرحلات هي: أولاً، الرحلة إلى بلاد الأقزام الذين حاولوا الغدر به على الرغم من مساعدته لملكهم، لكسب الحرب على أعدائه، ويهزأ فيها سويفت من الأحزاب السياسية والنزاعات الدينية في إنكلترا. أما الرحلة الثانية فكانت إلى بلاد العمالقة، ولم تكن أقل إدهاشاً من الرحلة الأولى، غير أن العمالقة على الرغم من ضخامة أجسامهم، كانوا أناساً طيبين يحيطونه بالرعاية والحماية. أما الرحلة الثالثة، فهي إلى جزيرة لابوتا Laputa التي يعاني سكانها من نوع غريب من الجنون يتمثل في شرودهم الذهني وسرحانهم في تأملات علمية نظرية خاصة في علوم الفلك والرياضيات والموسيقى، حيث يجد غوليفر العلماء منهمكين في تجاربهم لاستخلاص الشمس من الخيار، وغيرها من المغامرات العلمية التافهة. وقد هزأ سويفت في هذه الرحلة من الفلاسفة والعلماء الغارقين في تأملاتهم غير آبهين بحياتهم العملية. أما الرحلة الرابعة والأخيرة فهي إلى بلاد الهوينهنم Houyhnhnms، حيث الخيل الناطقة العاقلة الفاضلة، التي تفوز بالسيادة بين قريناتها من المخلوقات لسلوكياتها النبيلة، على عكس بني ياهو Yahoos الذين يشبهون البشر، إلا أنهم مخلوقات بكماء، قذرة، شرسة، جشعة وأنانية ولها ميل فطري للشر. ويتساءل سويفت في هذه الرواية عن ماهية الإنسان في عصر أطلقت عليه العديد من الأسماء مثل عصر العقل وعصر التنوير، وعصر عودة الملكية، والعصر الأوغسطي، وعصر الكلاسيكية الجديدة، وخاصة أن الإنسان يعدّ العقل وحده كافياً ليكون مرشداً ودليلاً له في الحياة، بعيداً عن الإيمان بالله. وقد لاقت الرواية نجاحاً كبيراً وجذبت إليها الكثير من القراء ككتاب رحلات ونص هجائي لاذع، على سوداوية نظرة سويفت للحياة التي كانت موضع انتقاد شديد.

قام سويفت بآخر زيارة لإنكلترا عام 1727 عاش بعدها في إيرلندا حيث أنفق ثلث دخله على الأعمال الخيرية والثلث الآخر لتأسيس مشفى لمرضى البله والصرع الذي ظهرت أعراضه عليه في آخر أيامه، وعانى مجدداً الوحدة القاتلة، بعد أن تدهورت صحته وتكررت نوبات الصرع التي بلغت ذروتها في السنوات الثلاث الأخيرة من حياته عندما أصيب بالشلل الدائم قبل أن يموت ويدفن إلى جانب محبوبته ستيلا في دبلن.

ريما الحكيم

قديم 06-26-2014, 08:02 PM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جوناثان سويفت
حياته وأعماله:






يعد الكاتب والسياسي الانكليزي-الإيرلندي جوناثان سويفت Swift, Jonathan (1667-1745) واحداً من أعظم أساتذة النثر الانكليزي وكاتباً هجائياً من الطراز الأول. سلط قلمه الذي لا يعرف الرحمة على حماقات البشر ونفاقهم في كل زمان ومكان. وهو في لغته التي تتصف بالقوة والإيجاز معا لما يزل منذ قرون يأسر قلوب الصغار والكبار من مختلف الأهواء والمشارب والاتجاهات.
ولد في دبلن في الثلاثين من نوفمبر 1667 وتلقى تعليمه الديني في جامعة ترينتي في ايرلندا ثم عمل في إنكلترا سكرتيراً للدبلوماسي والكاتب الإنكليزي السير وليم تمبل الذي اتسمت علاقته به بالشد والجذب حتى وفاة الأخير عام 1699. غير أن هذا العمل وفر لسويفت فرصة عظيمة للقراءة والدرس وتفتح موهبته الأدبية.
نشر عام 1697 عمله المبكر "معركة الكتب" The Battle of the Books وهو محاكاة ساخرة لما كان يحتدم في عصره من خلاف بين أنصار الكتاب القدامى والمحدثين فنراه ينتصر للمؤلفين القدامى مهاجماً فساد وزيف الأوساط الأدبية والفكرية في عصره. أما كتابه "قصة حوض غسيل" A Tale of a Tub (1704) فيعد أحد أكثر أعماله الهجائية إمتاعاً وأصالة. وفيه يسخر بشكل لاذع بأنواع النفاق والحذلقة والدجل وخصوصاً في الأوساط الثقافية والدينية، مما أثار شكوكاً قوية حول التزامه الديني، كما أثار حفيظة الملكة آن[1] وحال، كما قيل، بينه وبين ارتقائه في المناصب الدينية.داخل إنكلترا.
كان سويفت في بداية حياته العامة ينتمي الى حزب الأحرار، غير إنه كان يختلف مع حزبه في الكثير من القضايا المهمة، وعندما جاء حزب المحافظين الى الحكم عام 1710 حول سويفت انتماءه السياسي اليه موجهاً سخريته اللاذعة وأهاجيه صوب حزب الأحرار في سلسة من القطع الصغيرة البارعة وتولى تحرير صحيفة المحافظين الرسمية كما نشر عدد من الكراسات السياسية التي دافع فيها باقتدار عن سياسة حزبه ومن أهمها تلك المعنونة "سلوك الحلفاء" The conduct of the allies التي اتهم فيها حزب الأحرار بتعمد إطالة أمد حرب الوراثة الاسبانية لأغراض نفعية، وكان لتلك الكراسة أثرها في إقصاء قائد الجيوش البريطانية عن منصبه.
شاب علاقة الكاتب بالنساء شيء من الغموض؛ فقد قيل إنه تزوج سراً من "ايثر جونسن" وهي المرأة التي كتب لها "يوميات الى ستيلا" Journal to Stella 1710 وهي سلسلة من الرسائل الحميمة استخدم فيها أسلوبا يزخر بالألفاظ المستقاة من أغنيات تنويم الأطفال مما يكشف عن جانب مبهم من شخصية هذا الهجّاء العظيم.
في عام 1713 عُيِّن سويفت رئيساً لكاتدرائية القديس باتريك في دبلن، وفي العام الذي تلاه أسقِط حزب المحافظين من الحكم وانتهى معه النفوذ السياسي للكاتب. وخلال السنوات التي تلت كرس سويفت الكثير من جهده وكتاباته للدفاع عن شعبه الايرلندي مما صيره بطلاً قومياً محبوباً. غير أن أعظم أعمال الكاتب هو بلا شك "رحلات الى العديد من أمم الأرض البعيدة" والمعروف على نطاق عالمي بـ "رحلات غوليفر". وقد نشره عام 1726 دون ذكر اسم المؤلف فلاقى نجاحاً مدويا على الفور. كان غرض سويفت من كتابهِ هذا في الأصل أن يسلط سهام سخريته وهجائه على النفاق والغرور والغباء الذي كان يتحكم في رجال السياسة والأحزاب والبلاطات الملكية في عصره، لكنه، خلال كتابته إياه وظف انطباعاته الأكثر نضجاً عن طبيعة المجتمع الإنساني فصارت رحلات غوليفر عملاً مريراً وحشي القسوة في سخريته من الجنس البشري برمته. غير أن هذا الكتاب الخالد كان من سعة الخيال والظرف والسهولة بحيث ظل منذ ذلك الوقت عملاً يستمتع به الصغار والكبار وتحول الى مصدرٍ لعشرات من الأعمال السينمائية والتلفزيوني والإذاعية وأفلام الرسوم المتحركة.
عانى سويفت في سنواته الأخيرة من أدوار متزايدة من القنوط والوحدة والخوف من الجنون وخصوصاً بعد رحيل حبيبته ستيلا حتى توفي في التاسع عشر من أكتوبر 1745 ودفن الى جانبها في كاتدرائيته بدبلن. وعلى شاهدة قبره نقِشت هذه الكلمات التي كتبها بنفسه "هنا يرقد جسد جوناثان سويفت، رئيس هذه الكاتدرائية, حيث لن تستطيع نيران النقمة أن تلسع فؤاده بعد الآن. إرحل يا عابر السبيل، وتشبَّه، إذا استطعت، بمحارب مقدامٍ من أجل الحرية"

قديم 06-26-2014, 08:42 PM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ومن شعراء القرن الثامن عشر يمثل جونثان سوفت In Jonathan Swift (1667-1745), احد ابرز الادباء الايرلنديين والذي اظهر الادب الايرلندي باللغة الانجليزية هو كاتب يتمتع بعبقرية حقيقية وقد عرف الكاتب جونثان سويفت In Jonathan Swift أولا كروائي وذلك من خلال أعماله الروائية المشهورة في الأدب العالمي كرواية رحلات جيلفر Gulliver's Travels ورواية حكاية الحوض A Tale of a Tub, وأيضا جونثان سوفت شاعر متميز ذو موهبة فذة وكان قريب فنيا في اسلوب الكتابة إلى معاصرية الشاعر بوب والشاعر دريدن Pope and Drydenويظهر في شعر سوفت بوضوح الهجاء اللاذع وتصوير الجسد البشري ووظائفه بأسلوب مرعب وقد ميز ذلك الاسلوب اعماله الروائية

قديم 06-26-2014, 08:49 PM
المشاركة 19
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جوناثان سويفت (1667-1745) هو أديب وسياسي وأسقف إنگليزي-أيرلندي عاش بين القرنين ال17 وال18 للميلاد واشتهر بمؤلفاته الساتيرية (الساخرة) المنتقدة لعيوب المجتمع البريطاني في أيامه والسلطة الإنكليزية في أيرلندا.
أهم مؤلفاته وأشهرها هي "رحلات جلفر" (أو "رحلات گليڤر") الذي نشره في 1726 والتي تضم أربعة كتب تصف أربع رحلات خيالية إلى بلدان نائية غريبة تمثل كل واحدة منها حيثية للمجتمع البريطانية.
وهجاؤه مُرٌّ في أغلب الأحيان. ولكنه هجاء هزلي ظريف. وكان سويفت مهتمًا بشكل كبير بسلوك ومصالح الناس في زمانه، وخصوصًا مصالح الأيرلنديين وسلوك الإنجليز تجاه أيرلندا.


جليفر في بلاد الأقزام (ليلي‌پوت)
فهرست*[إخفاء]*
1 النشأة
2 سيرته
3 أعماله
3.1 مقالات واسترسالات ومنشورات ودوريات
3.2 أشعاره
3.3 مراسلاته وكتاباته الشخصية
3.4 عظاته وصلواته
3.5 Miscellany
4 ذكراه
5 الهامش
6 مصادر السيرة
7 وصلات خارجية
7.1 النصوص الإلكترونية لأعماله
النشأة
ولد سويفت في 30 نوفمبر 1667 في العاصمة الإيرلندية دبلن لوالدين بروتستانيين من أصل إنكليزي، أما أبوه فقد مات قبل ولادته. لا يعرف عن طفولته إلا القليل ولكن يبدو من بعض الموارد أن أمه عادت إلى إنكلترا بينما بقي جوناثان سويفت مع عائلة أبيه في دبلن، حيث اعتنى عمه غودوين بتربيته.
في 1686 حاز سويفت على مرتبة بكالوريوس من جامعة ترينيتي في دبلن، وبدأ دراساته لمرتبة ماجستير إلا أنه اضطر إلى ترك الجامعة بسبب أحداث "الثورة المجيدة" التي اندلعت في بريطانيا في 1688. في هذه السنة سافر سويفت إلى إنكلترا حيث دبرت أمه له منصب مساعد شخصي لوليام تمبل الذي كان من أهم الدبلوماسيين الإنكليز، غير أنه قد تقاعد عن منصبه عندما وصل سويفت إليه، واهتم بكتابة ذكرياته. مع مرور ثلاث سنوات لشغله كمساعد لتمبل، تعززت ثقة تمبل بمساعده حتى أرسله إلى الملك البريطاني وليام الثالث لترويج مشروع قانون كان تمبل من مؤيده.
ورأى جوناتان سويفت الذي كان آنذاك ملتحقاً بخدمة بولنبروك وهو "ربوبي"، أن أنتوني كولنز يستحق مزيداً من العقاب لأنه كشف سراً يحتفظ به كل أفاضل الرجال لأنفسهم ووقع عليه هذا العقاب في مقال بعنوان "بحث مستر كولنز في حرية التفكير بسط في لغة إنجليزية سهلة... ليستخدمه الفقراء" وسخر من الحجج التي ساقها كولنز في مبالغات فكاهية، وأضاف قوله: حيث أن معظم الناس حمقى أغبياء فأنه لما يجلب الكوارث أن نتركهم أحراراً في التفكير، "إن معظم بني الإنسان مؤهلون للطيران قدر أهليتهم للتفكير(92)"-وتلك عملية متوقعة في أيامنا هذه أكثر مما كان يقصد سويفت. واتفق مع هوبز في أن الدكتاتورية حتى في الروحانيات هي البديل الوحيد عن الفوضى. وقد رأينا أن الأنجليكانيين الأيرلنديين ذهبوا إلى أن الكاهن العابس المكتئب يمكن أن يكون مطراناً ممتازاً إذا آمن بالله.
سيرته
كان سويفت بمثابة شعلة متأججة سرت من قرن إلى قرن، من دريدن إلى بوب. ولم يستطع قط أن يغتفر مولده في دبلن الذي كان عائقاً مثيراً للغضب في إنجلترا. وكم كان قاسياً عليه أن يقضي أبوه نحبه قبل ولادته، وكان الوالد قهرمان قصر الملك في دبلن. وعهد بالطفل إلى مرضعة حملته منها إلى انجلترا، ولم تعد به إلى أمه إلا عندما بلغ الثالثة من العمر، وربما ولدت هذه المغامرات والمخاطر في نفس الصبي شيئاً من قلق اليتيم. ولابد أن هذا الشعور ازداد عمقاً في نفسه، بانتقاله إلى عم له. سرعان ما تخلص منه، وهو في السادسة بإلحاقه بمدرسة داخلية في كلكني. وفي سن الخامسة عشرة التحق بترنتي كولدج في دبلن، حيث ظل بها سبع سنين. وشق طريقه في الكلية بصعوبة لأنه كان مهملاً في اللاهوت بصفة خاصة. وكثيراً ما قصر وعوقب، وذاق مرارة الفقر والحرمان عندما تعثر حظ عمه الذي تولى الإنفاق عليه، وأصيب بانهيار عصبي (1688). وعند موت عمه 1689، وفي غمرة ثورة إيرلندة لنصرة جيمس الثاني، هرب جوناثان إلى إنجلترا، وإلى أمه التي كانت تعيش في ليستر على عشرين جنيهاً في العام. وعلى الرغم من طول الفراق بينهما، انسجما معاً إلى حد معقول، وتعلم كيف يحبها، وزارها من حين إلى حين، حتى وفاتها (1710).
وفي أواخر عام 1689 وجد سويفت عملاً براتب قدره عشرون جنيهاً في العام مع الإقامة والطعام، سكرتيراً لسير وليم تمبل في موربارك. وكان تمبل حينذاك في أوج عظمته، صديقاً ومستشاراً للملوك. ويجدر بنا ألا نقسو في لومه لإخفاقه في التعرف على العبقرية في الشاب ذي الاثنين والعشرين ربيعاً الذي جاءه ببعض اللاتينية واليونانية، وببعض اللهجة الإيرلندية مع جهل ماكر باستخدام الشوكة والملعقة وعلاقة الواحدة منهما بالأخرى على المائدة(81) وكان سويفت يجلس مع كبار العاملين في خدمة تمبل، إلى مائدة سيدهم(82)، الذي لحظ دوماً الفرق بينه وبينهم. ولكن تمبل كان فأرسل سويفت 1692 إلى أكسفورد ليحصل على درجة الأستاذية. وأوصى به عطوفاً، وليم الثالث خيراً، ولكن دون جدوى.
وفي نفس الوقت كان سويفت يكتب مقطوعات شعرية من ذات البيتين. عرض بعضها على دريدن الذي قال له "ياسويفت، يابن العم، إنك لن تكون شاعراً أبداً"- وهي نبوءة كانت دقتها تجل عن إدراك الشاب وتقديره. وفي 1694 ترك سويفت خدمة تمبل، مع توصية منه. فعاد إلى إيرلندة، ورسم قسيساً أنجليكانياً (1665) وعين في وظيفة كنيسة صغيرة صغيرة ذات راتب في كلروت بالقرب من بلفاست. وهناك وقع في غرام جين دارنج التي سماها "فارنيا"، وعرض عليها الزواج، ولكنها أمهلته حتى تتحسن صحتها ويزداد دخله. ولما لم يطق صبراً على هذه العزلة القاتلة في أبرشية ريفية، هرب من كلروت 1669 وعاد أدراجه إلى تمبل وظل في خدمته حتى مات هذا الأخير.
وكان سويفت في عامه الأول في موربارك، قد التقى بأستر جونسون التي قدر لها أن تصبح "Stella". وتناثرت بعض الشائعات بأنها نتاج شيء من طيش سير وليم تمبل، الذي كان نادراً. والأرجح أنها ابنة تاجر من لندن. التحقت أرملته بخدمة ليدي تمبل . وعندما رآها سويفت لأول مرة كانت في سن الثامنة، تبعث على السرور والابتهاج مثل سائر البنات في هذه السن، ولكنها كانت أصغر من أن تثير فيه لواعج الغرام والهيام. أما الآن وهي في الخامسة عشرة، فقد اكتشف سويف، معلمها الذي ناهز التاسعة والعشرين، أن مفاتنها تثير المشاعر البدائية لدى الكاهن المحروم، لها عينان سوداوتان براقتان، وشعر أسحم، وصدر منتفخ، "رشيقة رشاقة غير معهودة في البشر. في كل حركة وفي كل كلمة وفي كل عمل" (هكذا وصفها سويفت فيما بعد)، "ركبت كل تقاطيع وجهها في أحسن صورة(83)" كيف لا تفتتن إلواز هذه معلمها أبيلار.
وعندما توفي تمبل 1699 ترك لأستر ألف جنيه ولسويفت مثلها. وبعد آمال خائبة في الالتحاق بوظائف الحكومة، قبل سويفت الدعوة ليكون قسيساً وسكرتيراً لدى إرل بركلي الذي كان قد عين لفوره قاضي القضاة في إيرلندة. وعمل سكرتيراً للرحلة إلى دبلن، ولكنه هناك فصل عن عمله. فطلب أن يعين رئيساً لكنيسة "درف" وهو منصب كان على وشك أن يشغر. ولكن السكرتير الجديد، لقاء رشوة قدرها ألف جنيه، خص بالوظيفة مرشحاً آخر. واتهم سويفت إرل بيركلي والسكرتير كليهما، وجهاً لوجه، بأنهما "وغدان حقيران". فعملا على تهيئته بتعيينه قسيساً في "لاكور"، وهي قرية على بعد نحو عشرين ميلاً من دبلن، لا يزيد شعبها على خمسة عشر شخصاً. والآن في 1700 بلغ دخل سويفت 230 جنيهاً، وهو دخل حسبته جين وارنج كافياً لإتمام الزواج. ومهما يكن من أمر، فقد مضت أربع سنوات على مفاتحته لها في أمر الزواج، وفي نفس الوقت كانت قد وقعت عينه على استر. فكتب على جين يقول أنها إذا تزودت بقسط من التعليم يؤهلها لتكون شريكة صالحة لحياته، وتعد بأن ترضى عن كل ما يحب ويكره، وتخفف من متاعبه ودراسته، فإنه يتزوجها دون نظر إلى وسامتها وجمالها أو إلى دخلها(84).
ومذ كان سويفت وحيداً في لاراكور، فإنه كثيراً ما تردد على دبلن. وهناك في 1701 حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت، وبعد ذلك في نفس العام، دعا أستر جونسون وصديقتها مسز روبرت دنجلي ليحضرا ويقيما معه في لاراكور، فقدمتا واتخذتا مسكناً بالقرب منه. وفي أثناء تغيبه في إنجلترا شغلتا مسكنه الذي كان قد استأجره في دبلن وكانت أستر "ستيللا" تتوقع منه أن يتزوجها، ولكنه تركها تنتظر طيلة خمسة عشر عاماً، واحتملت هي هذا الموقف الذي وضعها فيه على مضض، وانتابها الاضطراب والكآبة. ولكن قوة شخصيته وحدة تفكيره، أخمدتا جذوتها وكأنما وقعت تحت تأثير تنويمه المغناطيس حتى النهاية.
وتألفت حدة ذهنه بشكل مباغت حين نشر في 1074 في مجلد واحد "معركة الكتب" و "حكاية حوض الاستحمام". والأول إسهام موجز لا يستحق الذكر في الجدل حول المزايا النسبية للأدب قديمة وحديثة. أما الثاني فهو عرض هام لفلسفة سويفت الدينية أو غير الدينية. وقال سويفت عندما أعاد قراءة كتابه هذا في أخريات أيامه: "يا إلهي: أية عبقرية أملت على هذا الكتاب؟(85). وأحبه كثيراً إلى حد أنه في الطبعات التالية أتحفه بخمسين صحيفة أخرى من الهراء، على شكل مقدمات واعتذارات. وكان يفاخر ويزهو بأن الكتاب ينم عن أصالة بالغة. ومع أن الكنيسة كانت منذ أمد بعيد قد أكدت أن المسيحية هي "رداء المسيح السليم الذي شبه فيه" ولكن الإصلاح البروتستانتي مزقه إرباً فأن أحداً- خصوصاً كارليل Sartor Resortus- لم يطعن في القوة التي لم يسبق لها مثيل التي رد فيها سويفت كل الفلسفات والديانات إلى مجرد أردية تستخدم لستر جهلنا المرتجف أو إخفاء رغباتنا الجامحة المفضوحة:

قديم 06-26-2014, 08:51 PM
المشاركة 20
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
"هل الإنسان نفسه إلا رداء بالغ الصغر أو على الأصح مجموعة كاملة من الملابس بكل زخارفها وزركشاتها ؟ أليست الديانة عباءة، والأمانة حذاء بلى بالوحل، وحب الذات معطفاً ضيقاً غاية الضيق، والغرور قميصاً، أليس الضمير إلا سروالاً (بنطلوناً) يستر الخلاعة والقذارة، ولكن من السهل نزعه لخدمة الخلاعة والقذارة كلتيهما ؟ فإذا وضعت بعض قطع الفراء الرخيص أو الثمين في موقع معين من الرداء فإننا بذلك نصنع قاضياً وحكماً ومن ثم فإن بعض الشاش والأطلس الأسود بعضهما إلى بعض بشكل مناسب يصنع لنا أسقفاً(86)".
وجرت إستعارة الرداء هنا بدقة ورقة. أن بيتر (الكاثولوكية)، ومارتن (اللوثرية والأنجليكانية) وجاك (الكلفنية) تسلموا، ثلاثتهم، من أبيهم وهو يحتضر، ثلاثة أردية جديدة متماثلة (كتباً مقدسة) إلى جانب وصية توجههم كيف يلبسونها، وتحرم عليهم إبدالها، أو إضافة خيط واحد إليها أو إنتقاص خيط واحد منها ووقع الأبناء الثلاثة في غرام سيدات ثلاث: "دوقة المال"، أي الثراء، و"آنسة الألقاب الفخمة" أي الطمع، و"كونتيسة الكبرياء" أي الغرور، ولكن الأخوة الثلاث، رغبة منهم في إرضاء هؤلاء السيدات، يعمدون إلى إحداث بعض التغيير في أرديتهم الموروثة. ولما بدا لهم أن التغييرات تتعارض مع وصية أبيهم، أعادوا تفسير الوصية بتأويلات صادرة عن علماء ومثقفين. أما بيتر فقد أراد أن يضيف حواشي وأهداباً من الفضة (البذخ البابوي). وسرعان ما أتضح للعلماء الثقاة أن لفظة "الهدب أو الحاشية" في الوصية تعني عصا المكنسة الطويلة. وهكذا إختار بيتر الحواشي الفضية، ولكنه حرم على نفسه عصا المكنسة الطويلة "السحر") وفرح البروتستانت (المحتجون) حين وجدوا أقسى الهجاء والنقد يوجه إلى بيتر: إلى شرائه قارة كبيرة (المطهر- مكان تطهر فيه نفوس الأبرار بعد الموت بعذاب محدود الأجل) ثم بيعه (أي المطهر) في أجزاء متفاوتة (صكوك الغفران) المرة بعد الأخرى، والى علاجاته الناجحة الخالية من الآلام عادة (القفازات) للديدان (أي وخزات الضمير)- وعلى سبيل المثال: "اإمتناع عن أكل شيء بعد العشاء لمدة ثلاث ليال، وألا تخرج على الإطلاق ريحاً من الجانبين دون سبب واضح(87)"، وكذلك وجه النقد إلى بيتر لإبتداع "وظيفة الهمس" (أي الإعتراف) "لخير وراحة المصابين بوسواس المرض أو الذين أرهقهم المغص" و"ووظيفة التأمين" (أي مزيد من الغفران)، "المخلل البالي المشهور (الكاثوليكي) ويعني به "الماء المقدس"، على أنه من الضعف والإنحلال. وحيث تزود بيتر بهذه الوسائل والحيل الحكيمة فإنه ينصب نفسه ممثلاً للرب، ويصف فوق رأسه قبعات ذات تاج عال. ويمسك في يده بعصا يختال بها، وإا رغب الناس في مصافحته، قدم لهم "كأن كلب مدرب تدريباً جيداً" قدمه(88). ويدعو بيتر إخوته إلى الغداء، ولا يقدم لهم غير الخبز، ويؤكد لهم أنه ليس خبزاً بل لحماً، ويدحض إعتراضاتهم ويقول "لإقناعكما بأنكما لستما إلا شخصين أحمقين جاهلين عنيدين أعميين حقاً"، لن أستخدم إلا حجةً واحدةً: والله إنه لحم ضأن طيب طبيعي مثل أي لحم ضأن في "ليندهول ماركت"، صب الله عليكما اللعنة الأبدية إذا صدقتما غير ما أقول(89)".ويثور الإخوان، ويستخرجان "نسخاً حقيقية" من الوصية (ترجمة الكتاب المقدس باللغة الوطنية)، ويشجبان بيتر على أنه محتال دجال. وبناء على هذا طرد بيتر أخويه من داره، ولم يستظلا بسقفه منذ ذلك اليوم إلى يومنا هذا(90)". وسرعان ما دب النزاع بعد ذلك بين الإخوة: إلى أي حد ينبذون أو يغيرون من أثوابهم الموروثة. ويعتزم مارتن، بعد ثورة غضبه الأولى، أن يلتزم جادة الإعتدال. ويتذكر أن بيتر أخوه. أما بيتر، فإنه على أية حال يمزق ثوبه إرباً (شيع كلفنية). ويصاب بمسات من الجنون والغيرة. ويستطرد سويفت ليصف عمليات الريح (ويقصد بها الوحي والإلهام) عند العولسيين)- نسبة إلى عولس إله الريح "ويعني بهم" الوعاظ الكلفنيين. ويسخر كثيراً- سخرية لا يجوز نقلها هنا- من ألفاظهم الأنفية الحادة ومن نظرياتهم في القضاء والقدر، وتقديسهم الأعمى للنصوص المقدسة(91).
والى هنا، لم يصب مذهب الكاتب- المذهب الأنجليكاني إلا اليسير من الجراح، ولكن سويفت يسترسل في القصة، ويغير الأثواب إلى رياح، ومن الواضح أنه ينتهي إلى أن كل الديانات والفلسفات- لا لاهوتيات المنشقين فحسب- ليست إلا أضاليل وأوهاماً كاذبةً سريعة الزوال.
"إذا إستعرضنا الإنجازات العظيمة التي تمت في العالم ... مثل تكوين الإمبراطوريات الجديدة عن طريق الغزو والفتح، وإبتداع ونمو مذاهب جديدة في الفلسفة، وإستنباط أديان جديدة ونشرها، فلسوف نجد أن الذين قاموا بهذا كله، ليسوا إلا أشخاصاً هيأت لهم عقولهم الطبيعية أن يقوموا بإنقلابات كبيرة، بفضل غذائهم وتعليمهم، ومزاج معين سائد، بالإضافة إلى تأثير خاص للهواء والمناخ ... لأن عقل الإنسان المستقر في مخه، لابد أن ترهقه وتغمره أبخرة ورياح صاعدة من القوى والوظائف الجسدية الدنيا لتسقي المخترعات وتجعلها مثمرة(92).
ويسترسل سويفت في تفصيل فسيولوجي لا يمكن ذكره، لما بدا له أنه مثال رائع لإفرازات داخلية تولد أفكاراً قوية، ومن ذلك "المشروع الكبير" لهنري الرابع: ذلك أن ملك فرنسا لم يوح إليه بشن الحرب ضد آل هيسبرج ويستحثه عليها إلا تفكيره في الإستحواذ في طريقه على امرأة (هي شارلوت مونمورنس) التي حرك جمالها في الملك عصارت مختلفة "صعدت إلى مخه(93)" وهذا هو بالمثل ما حدث بكبار الفلاسفة الذين حكم عليهم معاصروهم بحق بأنهم "فقدوا عقولهم": "ومن هذا الطراز كان أبيقور، ديوجين، أبوللونيوس، لوكريشس، ياراسلسوس، ديكارت، وغيرهم، ممن كانوا على قيد الحياة الآن، ...لتعرضوا في هذا العصر المتميز بالفهم، لخطر واضح، خطر فصد الدم، والسياط، والأغلال، والحجرات المظلمة والقش (في السجون) أما الآن فقد يسرني أن أعرف كيف أنه من الميسور أن نعلل لهذه التصورات والأفكار، .. دون إشارة إلى الأبخرة التي تتصاعد من القوى والوظائف الجسدية الدنيا، حيث تلقي ظلالاً معتمةً على المخ، فتقطر أو تتساقط مفاهيم لم تضع لها لغتنا الضيقة بعد أسماء غير الجنون أو الخبل(94).
ولمثل "هذا الخلل أو التحول في المخ بفعل الأبخرة المتصاعدة والقوى والوظائف الجسدية الدنيا" يعزو سويفت كل الانقلابات أو الثورات التي حدثت في الآمبراطورية والفلسفة والدين(95) ويخلص إلى أن كل مذاهب الفكر عبارة عن رياح من الألفاظ، وأن الزجل العاقل لا ينبغي له أن ينفذ إلى الحقيقة الباطنة للأشياء، بل يقنع نفسه بالسطح أي بظواهر الأشياء، وبناء على هذا يستخدم أحد التشبيهات اللطيفة التي ينعطف إليها دائماً: "رأيت في الإسبوع الماضي امرأة سلخ جلدها، ولن تصدق أنت بسهولة إلى أي حد تغير شكلها إلى أسوأ مما كانت(96)".
إن هذا الكتاب الصغير المخزي الذي وقع في 130 صفحة، جعل من سويفت في الحال "سيد الهجاء"- أو كما سماه فولتير: رابليه آخر في صورة متقنة. إن القصص الرمزي أو المجازات إتسقت إتساقاً حرفياً مع معتقده الأنجليكاني التقليدي. ولكن كثيراً من القراء أحسوا بأن الكاتب متشكك، إن لم يكن ملحداً. أما رئيس الأساقفة شارب فإنه أبلغ الملكة آن أن سويفت لم يفضل الكافر بشيء كثير(97). وكان من رأي دوقة مالبورو الصديقة الحميمة للملكة، أن سويفت: "حول، منذ زمن طويل، كل الديانة إلى "قصة حوض الإستحمام" على أنها وباعها دعابة. ولكنه كان قد إستاء من أن "الأحرار" لم يكافئوه بالترقية في الكنيسة على ما أظهره من غيرة شديدة على الدين بهزله الدنس، ولذلك سخر إلحاده ومزاحه ومرحه في خدمة أعدائهم(98)".
كذلك نعته ستيل بأنه كافر، ووصفه نوتنجهام في مجلس العموم بأنه عالم لاهوتي "من العسير أن يشك في أنه مسيحي(99). وكان سويفت قد قرأ هوبز، وهي تجربة ليس من اليسير نسيانها. ذلك أن هوبز كان قد بدأ بالخوف، انتقل إلى المذهب المادي، وانتهى بأن يكون (محافظاً) يناصر الكنيسة الرسمية.
وكان لرجال الدين قليل من العزاء في أن سويفت أخرج مؤلفاً في الفلسفة:
"إن مختلف الآراء الفلسفية انتشرت في أنحاء العالم، وكأنها أمراض طاعون أصابت العقل، كما انتشر صندوق بندورا الأوبئة التي تصيب الجسم، مع فارق واحد، هو أن الطاعون لم يترك شيئاً من الأمل في القاع إن الحقيقة خافية على الناس، قدر خفاء منابع النيل، ولا يمكن وجودها إلا في "بوتوبيا" (المدينة المثالية)(100).
ومن الجائز أن سويفت، لأنه أحس بأن الحقيقة لم تقصد للبشر، نبذ في إصرار شديد كل الفرق الدينية التي ادعت أن مذهبها "هو المذهب الصحيح". وازدرى الرجال الذين زعموا- مثل بانيان وبعض الكويكرز- أنهم رأوا الله أو كلموه. وانتهى، مع هوبز، إلى أنه ضرب من الانتحار الاجتماعي أن نترك لكل إنسان الحرية في أن يصنع عقيدته أو مذهبه بنفسه، حيث لن تكون نتيجة ذلك إلا عاصفة هوجاء من السخافات يصبح معها "بيمارستانا" أو مستشفى للأمراض العقلية. ومن ثم عارض سويفت حرية الفكر، على أساس أن "جمهور البشر مؤهل للطيران قدر ما هو مؤهل للتفكير(101)". واستنكر التسامح الديني، وظل لآخر حياته يؤيد "قانون الاختبار" الذي قضى بإقصاء غير أتباع الكنيسة الرسمية عن كل الوظائف السياسية والعسكرية(102). واتفق مع الحكام الكاثوليك واللوثريين على أنه يجب أن يكون للأمة عقيدة دينية واحدة. وحيث أنه ولد في إنجلترا، ومذهبها الرسمي هو الأنجليكاني، فإنه رأى أن الإتفاق العام الكامل على اعتناق هذا المذهب أمر لا غنى له عنه لعملية تمدين الإنجليز ونشر سويفت في 1708 بعض القطع: "أحاسيس رجل يتبع كنيسة إنجلترا"، "والدليل على أن إلغاء المسيحية في إنجلترا قد يستتبع بعض المتاعب والمشاكل والمزعجات "وكان آنذاك في طريقه من الأحرار إلى المحافظين".
وكان أول ارتباط سياسي له- بعد ترك ثمبل- مع الأحرار، حيث بدا له أنهم أكثر تقدمية، ومن الأرجح أن يجدوا عملاً لرجل أكبر عقلاً وأقل ثراءً. وفي 1701 نشر كتيباً يناصر فيه حزب الأحرار وكله أمل في الظفر بشيء. ورحب هاليفاكس وسندر لند وغيرهما من زعماء الأحرار، بانضمامه إلى حزبهم، ووعدوه خيراً إذا تولوا الحكم. ولكنهم لم ينجزوا ما وعدوا، ويحتمل أنهم خشوا من أن سويفت رجل لا يسهل قياده، وأن قلمه سلاح ذو حدين، وفي رحلة موسعة من أيرلنده إلى لندن في 1705 كسب سويفت صداقة كونجريف وأديسون وستيل. وأهداه أديسون نسخة من "رحلات إلى إيطاليا" وكتب في عبارة الإهداء "إلى جوناتان سويفت، أحسن رفيق وخير صديق، أعظم عبقرية في زمانه يقدم خادمه الذليل، المؤلف، هذا الكتاب(103)"، ولكن هذه الصداقة، مثل صداقة جوناثان مع ستيل وبوب، لم تدم، وأتت عليها نيران سويفت المتقدة أو ثورته المتصاعدة.
وفي زيارة أخرى لدينة لندن، تسلى سويفت بتدمير منجم دعي. ذلك أن جون بار تريدج، الإسكافي، أخرج كل عام تقويماً زاخر بالنبوءات المؤسسة على حركات النجوم. وفي 1708 نشر سويفت تحت اسم مستعار "إيزاك بيكرستاف" تقويماً تنافسياً. وكان من بين تنبؤات إيزاك، انه في الساعة الحادية عشرة من مساء يوم 29 مارس سيقضي بارتريدج نحبه. وفي 30 مارس نشر بيكرستاف في نشوة الانتصار رسالة أعلن فيها أن بارتريدج مات في ظرف بضع ساعات من الموعد المحدد في النبوءة، وذكر في تفصيل مقنع ترتيبات الجنازة. وأكد بارتريدج لمدينة لندن بأسرها أنه لا يزال حياً يرزق. ولكن إيزاك رد بأن هذا محض افتراء. وأدرك ظرفاء المدينة الخدعة. ورفع مكتب التسجيلات اسم بارتريدج من سجلاته أما ستيل فإنه اختار إيزاك اسماً لمحرر وهمي في صحيفة "تاتلر" عند افتتاحها في السنة التالية.
وفي 1710 غادر سويفت لارا كور مرة أخرى، موفداً عن الأساقفة الأيرلنديين ليطلب إلى الملكة آن أن تمد يد معونتها إلى رجال الدين الانجليكانيين في أيرلنده: ورفض جودلفين وسومرز، وهما عضوان من حزب الاحرار في مجلس المكلة، الموافقة على هذا إلا إذا وافق رجال الدين هؤلاء، على التخفيف من حدة "قانون الاختبار" والإرخاء من قبضته. وعارض سويفت بشدة التخفيف المطلوب. واكتشف الأحرار أنه كان "محافظاً" بالنسبة للعقيدة الدينية. وأعترف سويفت عملياً بأنه "محافظ" بالنسبة للسياسة أيضاً، حين كتب: "إني كنت أمقت دوماً هذا النهج السياسي ... ألا وهو وضع مصالح ذوي المال في مواجهة مصالح مالكي الأرض(104)". ولجأ إلى زعيمي المحافظين، هارلي وبولنجبروك ولقى ترحيباً حاراً، وأصبح بين عشية وضحاها "محافظاً" راسخاً. وعين محرراً لصحيفة المحافظين "إجزامنر". وأبرز أسلوبه بوضوح عندما وصف نائب حاكم أيرلنده- وهو من حزب الأحرار، وكان أديسون صديق سويفت سكرتيراً له:
"إن توماس إرل وارتون ... بحكم دستور غريب، قضى بضعة أعوام من سني اليأس التي تقدم بها عمره، دون آثار بارزة للشيخوخة في جسمه أو عقله. وعلى الرغم من مقارفته المستمرة لكل الموبقات التي تعتصر الجسم والعقل كليهما ... فإنه يذهب دوماً إلى الصلاة. ويتحدث حديث الفسق والفجور والتجديف على باب الكنيسة، فهو مشيخي في السياسة ملحد في العقيدة. ولكنه يؤثر الآن أن يفجر مع البابوية(105)".
وسر الوزراء "المحافظون" بها الهجاء اللاذع الذي يشبه القتل، فعهدوا إلى سويفت بكتابة فذلكة "سلوك الحلفاء" (نوفمبر 1711)، كجزء من حملتهم لإسقاط مالبورو وإنهاء حرب الوراثة الإسبانية، واحتج سويفت بأن الضرائب الاستثنائية التي فرضت لتمويل الحروب الطويلة ضد لويس الرابع عشر يمكن خفضها بقصر إسهام إنجلترا في الحروب على البحر، وأوضح بأجلى بيان شكوى مالكي الأرض من أن عبء نفقات الحرب وقع على عاتقهم أكثر مما على عاتق التجار وأصحاب المصانع الذين كانوا يستفيدون من الحرب. أما بالنسبة لدوق مالبورو فقد قال سويفت "هل كان من حسن الرأي شن الحرب، أو لم يكن ؟ ...وأوضح بأن الدافع إلى الحرب، هو الرفع من شأن أسرة بعينها، وبعبارة موجزة أنها حرب لحساب القائد ووزارة الأحرار، وليست حرباً لحساب الملك والشعب(106) وقدر الكاتب رواتب مالبورو وتعويضاته بنحو 540 ألف جنيه "وهذا الرقم دقيق(107)". وبعد شهر واحد سقط مالبورو وصورت الدوقة زوجته الجريئة الصريحة وهي الوحيدة في إنجلترا التي كان لسانها حاداً لاذعاً، مثل لسان سويفت- صورت في مذكراتها المسألة من وجهة نظر الأحرار، فقالت:
"أن السيدين المحترمين مستر سويفت ومستر بريور أسرعا فعرضا نفسيهما للبيع ... وكلاهما من الموهوبين القادرين، وهما مستعدان لتسخير كل ما لديهما لخدمة أية فرية مخزية طالما كانت المكافأة مجزية. لأن كليهما لا يبالي بحمرة الخجل ولا بالسقوط أو الانزلاق من أجل مصلحة سادتهم الجدد(108).
وكافأ المحافظون تابعيهما الجديدين: فعينوا ماتيو بريور في منصب دبلوماسي في فرنسا حيث أبلى بلاءً حسناً. ولم يحصل سويفت على أي منصب ولكنه كان صديقاً حميماً وثيق الصلة بوزراء المحافظين، فاستطاع بذلك أن يحصل لكثير من أصدقائه على وظائف تدر مالاً وفيراً ولا تقتضي عملاً كثيراً. وكان مثال الكرم والعطف على من لم يعارضوه أو يهاجموه. وزعم فيما بعد أنه أهدى لخمسين شخصاً أكثر خمسين مرة مما أهداه أليه سير وليم ثمبل(109). وأقنع بولنجبروك بمساعدة الشاعر جاي Gay وألح على وجوب استمرار الوزارة في دفع الراتب الذي كان الأحرار يدفعونه لكونجريف. ولما طلب بوب جمع بعض التبرعات لمعاونته على ترجمة هوميروس، أمر سويفت كل أصدقائه وكل طلاب الوظائف بالتبرع، وأقسم "أن المؤلف لن يشرع في الطبع قبل أن يجمع له ألف جنيه(110)" وغطت شخصيته على مكانة أديسون في الأندية، وكان في كل ليلة تقريباً يتناول العشاء مع العظماء. ولم يكن يطيق من أحدهم أية سمة من سمات التعالي عليه. وكتب يوماً إلى ستيللا "إنني مزهو متكبر إلى حد أني أجعل اللوردات يأتون إلي ... كان مفروضاً أن أتناول العشاء في قصر أشبيرنهام، ولكن هذه السيدة المنحطة القذرة لم تعرج علينا لنصحبها في عربتها، ولكنها أرسلت في طلبنا فحسب، ولذلك أرسلت إليها إعتذاراً(111)".


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: سمات الأيتام قبل الولادة وخصائص مخرجاتهم الابداعية: دراسة بحثية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية. ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 1499 11-11-2017 11:55 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
اثر الحضارة العربية والإسلامية في الأدب العالمي- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 30 08-21-2013 11:24 AM

الساعة الآن 03:23 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.