قديم 09-03-2010, 07:53 PM
المشاركة 81
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
( خامسًا) كشف جديد يؤيد تقدير الأجل:


كان الاعتقاد السائد أن الخلايا الحية المستنبتة معمليٌّا قادرة على الانقسام بلا حدود، ولكن تبين مؤخرًا أن قدرتها على الانقسام محدودة، أي أنه بعد عدد محدود من الانقسامات تشيخ المزرعة الخلوية وتموت، ومن هنا ظهر الافتراض بوجود آلية داخل الخلية معنية بالتحكم في العمر عن طريق توقيف الانقسام وإفساح المجال لعمليات الهدم لتميت الخلية، ومن ثم عكف الباحثون على اكتشاف هذه الآلية المفترضة، ومنذ سنوات يسيرة اكتشف أن الجزء الأخير Telomere عند نهايتي كل فتيلة وراثية ( كروموزوم Chromosome) ينقص طوله مع كل انقسام وتضاعف منظومة صانع البروتين ( الحمض النووي DNA)، ووجد أنه يعمل كساعة أو عداد يحسب عدد الانقسامات ويقوم كذلك عند الانقسام بحفظ المادة الوراثية من التبعثر والاندماج الخاطئ، ويسمى الغطاء الطرفي End cap أو عداد التضاعف Replicoـmeter, ويمكن أن يسمى أيضًا عداد الأجل Longevity-meter لأن طوله إذا وصل إلى حد حرج يقف الانقسام وتموت الخلية.


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




( خامسًا) كشف جديد يؤيد تقدير الأجل:


كان الاعتقاد السائد أن الخلايا الحية المستنبتة معمليٌّا قادرة على الانقسام بلا حدود، ولكن تبين مؤخرًا أن قدرتها على الانقسام محدودة، أي أنه بعد عدد محدود من الانقسامات تشيخ المزرعة الخلوية وتموت، ومن هنا ظهر الافتراض بوجود آلية داخل الخلية معنية بالتحكم في العمر عن طريق توقيف الانقسام وإفساح المجال لعمليات الهدم لتميت الخلية، ومن ثم عكف الباحثون على اكتشاف هذه الآلية المفترضة، ومنذ سنوات يسيرة اكتشف أن الجزء الأخير Telomere عند نهايتي كل فتيلة وراثية ( كروموزوم Chromosome) ينقص طوله مع كل انقسام وتضاعف منظومة صانع البروتين ( الحمض النووي DNA)، ووجد أنه يعمل كساعة أو عداد يحسب عدد الانقسامات ويقوم كذلك عند الانقسام بحفظ المادة الوراثية من التبعثر والاندماج الخاطئ، ويسمى الغطاء الطرفي End cap أو عداد التضاعف Replicoـmeter, ويمكن أن يسمى أيضًا عداد الأجل Longevity-meter لأن طوله إذا وصل إلى حد حرج يقف الانقسام وتموت الخلية.






لا ينقص طول الغطاء الطرفي في الخلايا الجينية الأم والسرطان لأن الإنزيم الباني يعوض ما ينقص منه ( أ)، وكلما تقدم العمر ينقص طوله في الخلايا الجسدية لغياب الإنزيم ( ب)، وفي الشيخوخة يكون بالغ القصر ( ج).

يتفق وصف القرآن الكريم للقدرات في مختلف مراحل العمر مع المعطيات العلمية الحديثة
وتتبدى الشيخوخة في وقت محدد نتيجة لآليات خلوية معقدة تعمل متزامنة في تناسق عجيب، والخلية الحية محدودة الأجل خاصة في الأنسجة سريعة التجدد، وتقف وظائفها عند حد معين وتذبل وتموت، وفي بداية الستينيات من القرن الماضي أطلق ويشمان Weismann وكاريل Carrel على توقف تلك الوظائف تعبير شيخوخة الخلية Cell senescence, ولم تدرك العلاقة بين شيخوخة الخلية وتناقص طول الغطاء الطرفي إلا مؤخرًا خاصة بعد اكتشاف جريدر Greider وبلاكبورن Blackburn الإنزيم الباني للغطاء الطرفي Telomerase عام 1985م، وكان أول من ربط بين شيخوخة الخلية وفقد جزء من طول الغطاء الطرفي هوارد كوك Howard Cooke عام 1986م، فقد وجد أن الخلايا المستنبتة المأخوذة من صغار السن ذات أغطية طرفية أطول وأن مرات انقسامها أكبر من الخلايا المأخوذة من كبار السن، وفي عام 1989م اكتشف مورين Morin أن نشاط الإنزيم الباني زائد في الخلايا السرطانية، وهو ما أيد فرضية أولوفنيكوف Olovnikov سابقًا عام 1971م، من وجوب وجود آلية تخرج انقسام الخلايا السرطانية عن السيطرة، وزيادة الإنزيم الباني في الخلايا السرطانية دون الخلايا الطبيعية تعوض ما يفقد من طول الغطاء الطرفي بالانقسام فلا يتناقص طوله وبالتالي تنقسم الخلايا السرطانية بلا توقف، وزيادة الإنزيم في الخلايا السرطانية قد أيدتها الأبحاث المتوالية منذ عام 1994م إلى اليوم، وهذا معناه إمكانية القضاء على السرطان بوقف نشاط الإنزيم الباني عن طريق عقار مضاد يوقف عمله أو عمل المورث ( الجين) المولد له، وإمكانية تأخير الشيخوخة بتعاطيه كعقار أو التداوي بالمورث المولد له.

واللافت للنظر أن الأغطية الطرفية للفتائل الوراثية قد وجدت قصيرة ابتداء في حالة الإصابة بمرض الشيخوخة المبكر Progeria, بينما وجدت طويلة ابتداء في حالة الخلايا الجنينية الأم Stem cells التي تتولد عنها لاحقًا كافة أنسجة الجسم، وهذا يعطي الأمل للباحثين في استخدامها في عمليات استبدال الأنسجة التالفة كما في حالات تلف خلايا البنكرياس في مرض البول السكري وتلف خلايا المخ في مرض الذهان.

وأحدث الاكتشافات حتى الآن هو التعرف على زوج من الجينــات البشــرية مُهِمَّتُهمــا تثبيط إنتاج الإنزيم الباني والتمهيد للشـيخوخة، ومحاولة لاستخدام الإنزيم مؤشرًا Marker لاكتشاف السـرطان مبكرًا، وفي عام 1998م أعلن بودنار Bodnar عن نجاحه في تأجيل شــيخوخة مزرعة خلوية بشرية بمدها بالإنزيم الباني Telomerase, وفي العام الماضي ( 2001م) حاول شاي Shay فتح باب استخدام مثبطات الإنزيم الباني للغطاء الطرفي لوقف النشاط السرطاني.



يتبع ~ ~

قديم 09-03-2010, 07:54 PM
المشاركة 82
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
البيان القرآني


في قوله تعالى (وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُون) يس 68؛ يتضمن التعبير الإخبار بأسلوب معجز بليغ عن حالة عامة من التدهور والارتداد تتسع لتشمل كافة التغيرات الخفية للشيخوخة التي لم يعرف أحد عنها شيئًا عند التنزيل وكشفتها الدراسات العلمية حديثًا، والنص الكريم ورد ضمن منظومة من النصوص تعالج موضوع مراحل العمر عامة أو الشيخوخة خاصة في تكامل وائتلاف بلا اختلاف.

وفي قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِير)( الروم54).

وصف القرآن التغير في القوة على طول العمر مع التذكير بأن الإنسان قد خلق ضعيفًا ابتداء، وكأنه بهذا قد رسم منحنىً تصويريٌّا تستبين فيه درجة القوة في مختلف مراحل العمر قبل أن يُستخدَم ذلك الأسلوب في الدراسات العلمية الحديثة، والقوة تبلغ أوْجها في مرحلة الشباب ثم يُعكس الاتجاه ويبدأ الارتداد والانقلاب والانتكاس ليكون سمة مرحلة الشيخوخة، ولذا وصفها القرآن بالضعف، والعجيب أنه التزم بتمييزه عن الضعف الأول بإضافة الشيب، كما قال تعالى (ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَة)( الروم54). وقال تعالى ـ حكاية عن زكريا ـ عليه السلام: (قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبً)( مريم4).



يتبع ~ ~

قديم 09-03-2010, 07:56 PM
المشاركة 83
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة






جعل القرآن التنكيس الظاهر في الشيخوخة بياناً

لتنكيس أشمل وأعمق لتراكيب ووظائف الجسم كله

والتدرج في الشيب يجعل ضعف الشيخوخة في تَنَامٍ مع انعدام الأمل في استرداد قوة الشباب وذلك مقابل تدرج الضعف الأول نحو القوة، والتصوير في وصف الشيب بالنيران المشتعلة لبيان استيعابه لأغلب الرأس يفيد أن المقام للمبالغة والاستيعاب؛ وهكذا يجعل نسبة الوهن للعظم كذلك وليست لقصر الوهن عليه، وكأنه قال: ( نال الوهن مني أصلب شيء) فمن باب أولى كل ما دونه صلابة، وبذلك يعم الوصف بالوهن أغلب البدن، فتأمل الدقة في التعبير وغاية البيان باعتماد هذا أسلوب التصويري.

قال المفسرون: قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ..) الآية ( يعني أنه خلقكم ضعفاء، ثم جعلكم أقوياء، ثم جعلكم ضعفاء في حال الشيخوخة)( 14) حيث: ( تتغير الصفات الظاهرة والباطنة)( 15) و( معنى من ضعف: من نطفة ضعيفة، وقيل من ضعف: أي في حال ضعف)( 16) وقوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبً ): ( أي ضَعُفَ، وأراد أن قوة عظامه قد ذهبت لكبره؛)وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبً ) يعني انتشر الشيب فيه كما ينتشر شعاع النار في الحطب وهذا من أحسن الاستعارات )( 17) ( ولا ترى كلامًا أفصح من هذا)( 18) ( وفيه من فنون البلاغة وكمال الجزالة ما لا يخفى)( 19) ( وتخصيص العظم لأنه دعامة البدن وأصل بنائه ولأنه أصلب ما فيه فإذا وهن كان ما وراءه أوهن، واشتعل الرأس شيبًا شَبَّهَ الشيب في بياضه وإنارته بشواظ النار وانتشاره وَفُشُوِّه في الشعر باشتعالها، وأسند الاشتعال إلى الرأس الذي هو مكان الشيب مبالغة)( 20) ( والمراد من هذا الإخبار عن الضعف والكبر ودلائله الظاهرة والباطنة)( 21)

وفي قوله تعالى: (هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوآ أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوآ أَجَلاً مُّسَمٌّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون) غافر 67

عَبَّرَ القرآن عن بلوغ الإنسان مرحلة الشباب بلفظ )الأشُدّ ) ويعني هنا غاية القوة، وفي مقام مرحلة الضعف التي تلي حالة الأشد أتى باللفظ ( شيوخًا) المشتق من مادة ( الشيخوخة)، وهو بهذا الترتيب والتمييز بعد حالة ( الأشد) قد وصف مرحلة الشيخوخة ضمنًا بالضعف بالنسبة لمرحلة الشباب أو قمة منحنى القوة بالنسبة للعمر، والقوى تتزايد مع النمو وعند بلوغ الأشد يقف تصاعد المنحنى ويستوي بينما تستمر القدرة العقلية والخبرة في تزايد حتى يكتمل الاستواء عند الأربعين قبل أن يرتد المنحنى وينعكس الاتجاه، وفي قوله تعالى: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ءَاتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمً ) القصص 14، وقوله: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَك ) الأحقاف 15؛ أضاف القرآن إلى بلوغ ( الأشد) بلوغ الاكتمال وذلك بلفظ ( الاستواء) وجعل حده ( أربعين) سنة لتحقق الحكم السديد والإمامة في العلم، فكأنه بهذا التقرير قد اختار التعبير بالغالب وهو الأسلوب المعتبر علميٌّا اليوم.



يتبع ~ ~

قديم 09-03-2010, 07:57 PM
المشاركة 84
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قال المفسرون: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) أي المبلغ الذي لا يزيد عليه نشؤه، وقوله تعالى: )وَاسْتَوَى ) أي كمل، و( بلوغ الأشد) في الأصل هو الانتهاء إلى حد القوة وذلك وقت انتهاء النمو وغايته وهذا مما يختلف باختلاف الأقاليم والعصور والأحوال )( 22) وقوله: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً )؛ ( فهو أقصى نهاية بلوغ الأشد)( 23) ( في الأغلب)( 24) و( في الأربعين يتناهى العقل)، ( فإذا زاد على الأربعين أخذ في النقصان)( 25) و( من الناس من يموت قبل أن يخرج طفلا وآخرون قبل الأشد وآخرون قبل الشيخوخة)( 26) أي:(وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ ) أن يبلغ الشيخوخة،(وَلِتَبْلُغُوآ أَجَلاً مُّسَمٌّى ) يقول: ولتبلغوا ميقاتًا مؤقتًا لحياتكم وأجلاً محدودًا لا تجاوزونه )( 27) ( يريد أجل الحياة)( 28) وضعف الشيخوخة نذير الهلاك ولذا عبَّرَ عنها القرآن حكاية عَمَّن بلغها أو وصفها بأسلوب يفيد الاسترحام، مثل: (مَسَّنِىَ الْكِبَرُ ) الحجر 54، و( أَصَابَهُ الْكِبَر) البقرة 266 و (قَدْ بَلَغَنِىَ الْكِبَر ) آل عمران 40، و (قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيٌّ ) مريم 8 و (أَبُونَا شَيْخٌ كَبِير ) القصص 23، وللتدهور في البنية والوظائف وصف القرآن الشيخوخة بأنها )أَرْذَلِ الْعُمُرِ )، ومن أهم ملامح التدهور إصابة المخ وتناقص المهارات العقلية والكفاءات الذهنية والعلم بالذات والموجودات مما قد يفسر سبب اختيار تلك الوظيفة العليا التي تختص بالتكليف لتبرير الوصف، قال تعالى:(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُمْ مَن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَىْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئً ) النحل70.

وقال تعالى: (يَآأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِى الأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمٌّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوآ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئً) الحج 5.


يتبع ~ ~

قديم 09-03-2010, 07:59 PM
المشاركة 85
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والحكيم العليم ـ سبحانه وتعالى ـ يسن تشريعًا للأبناء يكشف العلم بالمخلوقات يراعي فيه حالة الضعف البدني والعقلي عند الآباء عند بلوغهم الكِبَر، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوآ إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرً ) الإسراء 23و24، ولك أن تلحظ في التعبير غاية العناية والرأفة والرحمة بكبار السن حتى إن القرآن قد قَرَنَ الإحسان بالوالدين عند الكِبَر بوحدانية الله وهي قضيته الكبرى.

قال المفسرون: ( الأرذل من كل شيء الرديء منه)( 29) ( ولا يرجى له بعده عود من النقصان إلى الزيادة ومن الجهل إلى العلم كما يرجى مصير الصبي من الضعف إلى القوة ومن الجهل إلى العلم)( 30) ( وإيثار ( فعل) الرد ( نَرُدُّهُ) على الوصول والبلوغ ونحوهما للإيذان بأن بلوغه والوصول إليه رجوع في الحقيقة إلى الضعف بعد القوة، ( لِكَيْلا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا).. من المعلومات)( 31) أي: ( لينسى ما يعلم، أو: لئلا يعلم زيادة علم على علمه)( 32) ( وهذه عبارة عن قلة علمه لا أنه لا يعلم شيئًا البتة)( 33) ( فالمراد المبالغة، وفائدة ذلك الإيذان بأن بلوغ الأشد أفضل الأحوال)( 34)

وفي قوله تعالى ـ حكاية عن امرأة إبراهيم ـ عليه السلام: (قَالَتْ يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ عَجِيب ) هود 72، أضاف القرآن إلى عجزها عن الإنجاب سببًا آخر لاستعجابها بقولها: ( وَهَذَا بَعْلِى شَيْخًا) ، و( البعولة) من الذكورة والفحولة ولا يوصف بها سوى الذكر( 35) فكأنه أخبر ضِمْنًا عن تحول نشاطه إلى الضعف عندما أصبح شيخًا، وأما لفظ ( عجوز) المشتق من ( العجز) فقد قصره على وصف الأنثى المقطوع بعجزها عن الإنجاب بتجاوزها سن الحيض كما قال تعالى( إلا عَجُوزًا فِى الْغَابِرِين) الشعراء 171، والصافات 135، ولذا رافق اللفظ ( عجوز) الوصف ( عقيم) لانقطاع الأمل في الإنجاب بانقطاع الحيض في قوله: (فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيم ) الذاريات 29، والشيخ غير مقطوع الأمل ووصفه هنا يتعلق ببيان ضعف النشاط لا زوال الخصوبة، والعجيب أن القرآن لم يصف الذكر أبدًا باللفظ ( عجوز) بينما لغة التخاطب منذ التنزيل إلى اليوم تجيز لك القول: ( هذا رجل عجوز)، فانظر إلى أي مدى قد بلغت في القرآن الدقة في التعبير.

ويمكن في وقتنا الحالي تقديم الأدلة على أن الشيخوخة مقدرة Predetermined وفق برنامج يعكس العلم والحكمة في الخلق، ومن تلك الأدلة اكتشاف حد لعدد انقسامات الخلية ( حد هايفليك Hayflick's limit)، وتؤيد الأبحاث العلمية الحديثة أن الشيخوخة ليست إلا وجهًا من الموت المبرمج للجسم، وأما اكتشاف الموت المبرمج للأعضاء الخلوية الدقيقة والموت المبرمج للميتوكوندريا فقد أضافا مزيدًا من الأدلة على أن الأحداث الحيوية مقدرة لتسلك سلوكًا حكيمًا لا عن مصادفة، حيث تذوي الأعضاء الخلوية الدقيقة أو الميتوكوندريا عندما تصبح ضارة أو غير ذات فائدة، ومثله اكتشاف ظاهرة الموت المبرمج للخلية؛ فبعض الخلايا تسلك مسلكًا اجتماعيٌّا عجيبًا للدفاع عن الجسم عندما يغزوها فيروس فتستدعي عمليات مقدرة موجودة آلياتها بداخلها ـ الأليق أن نسميها تضحية وإيثار لا انتحار ـ تجعلها تموت ومعها الفيروس مدفون في أحضانها، وقد تبين أن ذلك الأسلوب المقدر الفريد يتبعه الجسم للتخلص من الخلايا أو حتى الأنسجة التي أصبحت ضارّة به أو على الأقل غير ذات فائدة، وبالمثل أمكن لأبي ذنيبة التخلص من ذيله ليصبح ضفدعًا خفيف الحركة قادرًا على القفز، وأمكن للشجر أن يسقط أوراقه مبكرًا في الخريف لأنها ستكون غير ذات فائدة في الشتاء ويوفر ما ستستهلكه من الغذاء، فهل يمكن أن ينسب ذلك السلوك الواعي إلى الخلايا، أم إلى الكائنات نفسها، أم إلى المصادفة، أم هو أحد مظاهر التقدير المبثوث على كافة المستويات من حكيم عليم بكل المخلوقات؟، إن المصادفة لا يمكن أن تقيم نظامًا ثابتًا ذا أحداث تتكرر بانتظام، ولا سبيل سوى الإقرار بحكمة الله وعنايته المتجليتين في كل حين ومكان في أنفسنا وما حولنا، وأما وحدة أصول الموجودات واختصاص كل نوع بتقدير موحد رغم التمايز فشاهد عيان على قدرة الله ووحدانيته.

إن أول من تنبه لظاهرة الشيخوخة كعلم مستقل هو الطبيب الفرنسي شاركوت Charcot عام 1881م، ولم يتبعه أغلب الباحثين إلا في القرن العشرين، ولذا نعجب أن يولي القرآن الكريم موضوع الشيخوخة عنايته قبل ذلك بأكثر من عشرة قرون، ولا تجد لهذا نظيرًا في أي كتاب آخر ينسب اليوم للوحي غير القرآن الكريم، وإن إدراك خفايا الشيخوخة في عصرنا حيث توفرت التقنيات إنما هو شهادة للقرآن
(أَنَّهُ الْحَقُّ)؛ يقول العلي القدير: (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُون) الأنعام 66و67.

الهوامش


( 1) لسان العرب ج6 ص243.

( 2) فتح القدير للشوكاني ج3ص414.

( 3) روح المعاني ج23ص46.

( 4) لسان العرب ج6ص242.

( 5) أبي السعود ج7ص177.

( 6) البغوي ج4ص18.

( 7) ابن كثير ج2ص 577.

( 8) الروح ج1ص151.

( 9) دقائق التفسير 1 325.

( 10) العين ج8 ص83.

( 11) ابن كثير ج3 ص112.

( 12) ابن كثير ج3 ص440.

( 13) روح المعاني ج23ص46.

( 14) أحكام القرآن ج5 ص219.

( 15) ابن كثير ج3 ص440.

( 16) القرطبي ج14 ص46.

( 17) زاد المسير ج5 ص207.

( 18) النسفي ج3 ص30.

( 19) أبي السعود ج5 ص253.

( 20) البيضاوي ج4 ص4.

( 21) ابن كثير ج3 ص112.

( 22) روح المعاني ج20ص51.

( 23) لسان العرب ج3ص236،

( 24) روح المعاني ج20ص51.

( 25) الدر المنثور ج6ص397.

( 26) الثعالبي ج4ص79.

( 27) الطبري ج24ص82.

( 28) البغوي ج4ص104.

( 29) لسان العرب ج11 ص281.

( 30) أحكام القرآن ج5 ص250.

( 31) أبي السعود ج5ص127.

( 32) النسفي ج2ص263.

( 33) الثعالبي ج2ص317.

( 34) روح المعاني ج17ص118.

( 35) ابن عاشور ج2ص393.

المراجع العلمية:


Encyclopedia Britannica, 2001.

Encarta, 2001.

Scientific American presents

June, 2000.

Compton's Encyclopedia, 1998.



//

انتهى ..

د. محمد دودح
الباحث بهيئة الإعجاز العلمي

قديم 09-03-2010, 11:22 PM
المشاركة 86
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[ المنظومة السباعية في القرآن الكريم ]
...............................................
سورة (البينة) :
----------------
إن هذه السورة المتميزة سباعيا شأنها شأن أختها فاتحة الكتاب ( السبع المثاني ) ، وقبل أن نذكر هذه السباعيات نورد أهم ماجاء في تفسير كلمة ( البينة ) .
تفسير كلمة ( البينة )
البينةهي القرآن أو محمد صلى الله عليه وسلم وما يتلوه من القرآن .
أماالبينة فهي الحجة الظاهرة التي بها يتميز الحق من الباطل فهي من البيان أو البينونة لأنها تبين الحق من الباطل .
فهل هناك حجة ظاهرة وبينة ساطعة على إعجاز القران الكريم أقوى من هذه المعجزات الرقمية والعددية التي وردت فيه في عصر العلم والكومبيوتر والتي منها هذه المنظومة السباعية ؟! والتي تبرهن أن هذا القرآن حق في كل شئ ونور مبين . قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا )النساء : الآية 174.

ترتيب السورة :
ترتيب سورة ( البينة )في القرآن الكريم هو ( 98 ) وهذا العدد من مضاعفات الرقم سبعة لمرتين :
98 = 49×2 أي (7 ×7× 2)
عدد كلمات السورة :
عدد كلمات سورة البينة هو عدد من مضاعفات الرقم سبعة ولمرتين 98 كلمة أيضا !!
تكرار كلمة البينة :
تكررت كلمة ( البينة ) في السورة مرتين وذلك في الآيتين الاولى والرابعة في قوله تعالى :
( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) وعدد أحرفها هو (55 ) حرفا .
وفي قوله تعالى :
( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ )
وعدد أحرفها هو ( 43) حرفا.
فيكون مجموع أحرفهما هو (98) حرفا ، فتأمل هذا التناسق الفريد على مستوى الحرف والكلمة والآية والسورة ! فسبحان الله الذي أنزل كتابه وأحكمه كما أحكم خلقه .
عدد الآيات بعد السورة :
عدد الآيات في السور التي بعدها حتى نهاية المصحف الشريف ( وهي 16 سورة ) هو : ( 98) آية أيضا ! وحسب الترتيب الآتي:
1-سورة الزلزلة = 8 آية _ 9 - سورة الماعون = 7 آية
2-سورة العاديات = 11 آية _ 10- سورة الكوثر = 3 آية
3-سورة القارعة = 11 آية _ 11- سورة الكافرون = 6 آية
4-سورة التكاثر = 8 آية _ 12- سورة النصر= 3 آية
5-سورة العصر= 3 آية _ 13- سورة المسد = 5 آية
6-سورة الهمزة = 9 آية _ 14- سورة الاخلاص = 4 أية
7-سورة الفيل = 5 آية _ 15- سورة الفلق = 5 آية
8-سورة قريش = 4 آية _ 16- سورة الناس = 6 آية
إعجاز لغوي :
في هذه السورة ( البينة )سبع كلمات أو عبارات متطابقة تماما ( مبنى ومعنى ) على الرغم كونها من قصار السور وعدد آياتها لا يتجاوز الثمانية ، شأنها شأن أختها سورة الفاتحة ( السبع المثاني ) ، حيث توجد فيها أيضا سبع كلمات متطابقة تماما . وهذا إعجاز بياني في منتهى الروعة والدقة ، وإليكم أعزائي الكرام هذه المصفوفة البيانيةالجميلة ! وحسب ترتيب ورودها في السورة :
أولا : ( كفروا من أهل ألكتاب والمشركين )من الآيتين الأولى والسادسة
ثانيا : ( البينة )من الآيتين الأولى والرابعة
ثالثا : ( قيّمة )من الآيتين الثالثة والخامسة
رابعا : ( خالدين فيها )من الآيتين السادسة والثامنة
خامسا : ( إن الذين ) من الآيتين السادسة والسابعة
سادسا : ( أولئك هم )من الآيتين السادسة والسابعة
سابعا : ( البرية )من الآيتين السادسة والسابعة
إذا ما أحصينا هذه الكلمات المتكررة زوجيا فقط الوارده أعلاه ، لوجدنا أنها تبلغ (14) كلمة
وهذا العدد = 7×2 .
فقد يكون هذا أحد المعاني في ( السبع المثاني ) من سورة ( الفاتحة ) وفي ( القرآن الكريم ) الذي نزل على سبعة أحرف وكذلك في هذه السورة موضوعة البحث من القرآن الكريم . قال تعالى : ( وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ )الحجر الآية 87 .
الطبيب الاستشاري الدكتور محمد جميل الحبال و بإذن الله الحكيم سأتابع تقديم هذا الموضوع حولَ الإعجاز العلمي ( العددي ) في القرآن الكريم في أقرب فرصة ممكنة ..
_ حميد _
منقول
3 / 9 / 2010

قديم 09-04-2010, 02:12 AM
المشاركة 87
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حيـّاك َ الله أخي حميد

مشاركة ثريّة

جزاك َ الله خيرًا

وبانتظارك مجدّدًا ..

قديم 09-04-2010, 02:36 AM
المشاركة 88
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تأملات في النخلة والرطب

د. جمال القدسي الدويك

لم يذكر الله ـ سبحانه وتعالى ـ شجرة في القرآن، كما ذكر النخل والنخيل، فهي أكثر شجرة ورد ذكرها في القرآن الكريم؛ فقد ورد ذكرها في عشرين موضعًا من القرآن الكريم. ولقد فصلها الله دائمًا عن الفاكهة والزروع والأعناب، فجعلها دائمًا في كفة، وبقية الزروع والأعناب والفاكهة في كفة أخرى، إذ خصها دون غيرها بالذكر. فتأملوا معي هذه الآيات العظيمة، إذ جعل النخل في كفة، والزرع في كفة:

قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِى أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ)(141) الأنعام. وقال تعالى: (وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ) (148) الشعراء.

وتأمّلوا معي أيضًا هذه الآية التي جعل الله فيها النخل في كفة والفاكهة في كفة أخرى.

قال تعالى: (فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ) (11) الرحمن.

وتأملوا معي هذه الآيات أيضًا حيث جعل الله تعالى فيها النخل في كفة، والأعناب كلها في كفة أخرى: (فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ) (19) المؤمنون.

وقال أيضًا: (وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ) (34) يس.

وقال تعالى أيضًا: (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا) (67) النحل.

ومن هنا ندرك لماذا جعل رب العالمين النخيل في كفة وحب الحصيد في كفة أخرى في قوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ) (9، 10) سورة ق.

فماذا نستطيع أن نستنتج عندما يعطف الله النخل تارة على كل الزروع، وتارة أخرى على كل أنواع الفاكهة، وتارة ثالثة على كل الأنواع من الأعناب، وتارة على كل أنواع الحبوب بما تحويه من غذاء كامل متكامل.

فلا شك أنها من جنس كل هذه الأنواع التي عطفها الله تعالى عليها، ولا شك أنها بذلك تكون شجرة مركزية عظيمة، فيها من الصفات والخصائص والفوائد والمنافع ما يجعلها مهيمنة على كل الأشجار إلا قليلاً. فالنخلة تتصف بخاصية عظيمة رائعة مذهلة، قد يستغرب الكثيرون منها، فهي بالرغم من قوّتها وطولها وثباتها، وتعميرها وشدّتها، إلا أنها رقيقة القلب، لينة، معطاء، مرهفة الإحساس، مطيعة لله خاضعة له، وقد يتساءل البعض: هل للشجرة قلب؟ وهل لها إحساس؟ وهل هي لينة حنون عطوف محبة؟ أقول:

فهذه الصفات تشبه صفات الإنسان المسلم، فهو قوي ثابت في إيمانه واعتقاده الراسخ، وهو شديد على الكفار والمنافقين وغليظ عليهم، ولكنه رقيق القلب، لين العريكة، رحيم عطوف، معطاء، رقيق الإحساس، مفعم بالمشاعر.وهذا هو وصف رب العالمين تعالى لصفات المسلمين إذ يقول عنهم: (
أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) (54) المائدة.



يتبع ~ ~

قديم 09-04-2010, 02:37 AM
المشاركة 89
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وقال تعالى أيضًا واصفًا سيد المسلمين، وسيد الأنام ـ عليه الصلاة والسلام ـ ومن معه: (مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ) (29) الفتح.

ويؤكد الله تعالى على الّلين الذي يجب أن يتميز به الإنسان المسلم، متبعًا بذلك قدوته سيد المرسلين ـ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ إذ يقول فيه رب العالمين: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم (4).

ويقول أيضًا: (وَلَوْ كُنتَ فَظٌّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضّ من حولك) آل عمران: 159.

فكما أن المسلم في شدته ورقته، وفي قوته وحنانه، وفي عنفوانه وعطائه، كذلك هي النخلة أيضًا، فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتى بجمّار فقال: (
إن من الشجر شجرة مثلها كمثل المسلم). فأردت أن أقول: هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم فسكت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هي النخلة). متفق عليه.

وكيف لا تكون هذه الشجرة لينة وجذعها الشامخ الطويل الصلب الثابت القوي، قد لان بأمر الله تعالى لامرأة ضعيفة لا تقوى على مجرد القيام من مكانها بعد الولادة، ألا وهي مريم بنت عمران ـ عليها وعلى ابنها السلام ـ وقد سجل الله تعالى لين النخلة، وخصائص ثمرها الرطب، الذي يتميز بأنه يثبّت الفؤاد، ويُجلي الهم والحزن عن القلب الحزين والمفؤود، ويزيل الاكتئاب، ويشرح الصدر ويفرح القلوب، وسطّر ذلك في كتابه العزيز؛ فقال تعالى: (
وَهُزِى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيٌّا * فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِى عَيْنًا) (25، 26) مريم.

وكيف لا تكون هذه الشجرة لينة، رقيقة القلب، وقد أنّت وبكت عندما فارقها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن كان يستند إليها في خطبة الجمعة فعن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرًا؟ قال ـ صلى الله عليه وسلم: (إن شئتم) فجعلوا له منبرًا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فضمه إليه وهي تئنّ أنين الصبي الذي يُسَكّن، قال: (كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها) متفق عليه.

وورد في حديث في إسناده نظر: (أكرموا عمتكم النخلة، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم)

وقد يتساءل البعض: ما السر في هذا اللين ورقة القلب والعطف والحنان الذي جعله الله في النخلة وفي ثمرها، سواء أكان بَلَحًا أم رُطَبًا، أم تمرًا.

لقد اكتشف العلماء مادة في التمر تشبه هرمون الأوكسيتوسين، وهو الهرمون الذي يفرز عادة من غدة ما تحت المهاد ويخزن في الفص الخلفي للغدة النخامية، وهو عبارة عن هرمون يتألف من تسعة أحماض أمينية، وهو بهذا التركيب ذو خاصية فريدة عند المرأة والرجل على حد سواء، فقد وجد أنه عند المرأة وأثناء الحمل تقوم الهرمونات التي تفرزها المشيمة، (وأقصد بذلك الأستروجينات)، تقوم بزيادة قدرة ما تحت المهاد على صنع هرمون الأوكسيتوسين، كما تقوم بمضاعفة حجم الغدة النخامية، وزيادة قدرتها على تخزين هرمون الأوكسيتوسين، كما أنها تزيد من المستقبلات التي تستقبل هرمون الأوكسيتوسين والموجودة في عضلة الرحم وفي الخلايا العضلية الظهارية المحيطة بقنوات الحليب في الثدي.

وما إن يبدأ المخاض حتى يفرز الأوكسيتوسين من مخازنه في الغدة النخامية بكميات عالية، ويتحد مع مستقبلاته الموجودة في الرحم وفي الخلايا العضلية الظهارية المحيطة بقنوات الحليب في الثدي، تمامًا كما يتحد المفتاح بقفله ويتطابق معه.

فأما في الرحم، وبعد اتحاد هرمون الأوكسيتوسين مع مستقبلاته، فتبدأ التقلصات العضلية الإيقاعية المنتظمة بشكل تدريجي، والتي تؤدي إلى انمحاء عنق الرحم، وتوسعه ومن ثم حدوث عملية الولادة، ولا يقتصر دور هرمون الأوكسيتوسين على هذا الحد، بل إنه بعد زوال المشيمة من الرحم، فإنها تترك سطحًا مليئًا بالدم في جدار الرحم، لأنه يحتوي على أوعية دموية دقيقة صغيرة تبقى مفتوحة ونازفة بعد ولادة المشيمة، هذه الأوعية الدموية تكون بين الألياف العضلية الملساء والتي تكون متشابكة كالشبكة في الرحم، وما إن يتابع هرمون الأوكسيتوسين تأثيره بعد الولادة، حتى يزداد انطمار الرحم، ويزداد انقباض أليافه العضلية والمتشابكة مع بعضها مثل الشبكة، وتقلص هذه الألياف المتشابكة بهذا الشكل يؤدي إلى صغر فتحات هذه الشبكة والتي تحتوي بين عيونها الأوعية الدموية الدقيقة النازفة، الأمر الذي يؤدي إلى ضغط الألياف العضلية الملساء في جدار الرحم والمتشابكة على هذه الأوعية النازفة، مما يؤدي إلى إيقاف النزف تدريجيٌّا.

ولا يتوقف تأثير هرمون الأوكسيتوسين على ذلك، فالرحم الذي تمدد خلال تسعة شهور من الحمل ليستوعب ما مجموعه اثني عشر كيلو جرامًا من وزن الجنين والمشيمة والسوائل الملحقة بهما، يجب أن يعود إلى حجمه الطبيعي، والذي يعادل حجم حبة الكمثرى، ولا يكون ذلك إلا بانقباض ألياف الرحم التدريجي المتتالي تحت تأثير هرمون الأوكسيتوسين، والأكسيتوسين فقط.

ولا يقتصر تأثير هذا الهرمون على الرحم فقط، بل يتجاوزه ليقلص أيضًا الألياف العضلية الظهارية المحيطة بقنوات الحليب في الثدي، الأمر الذي يؤدي إلى إدرار الحليب عند تقلص هذه القنوات وما تحتويه من حليب، ومن ثَم إكمال عملية الرضاعة عند الطفل.

وهذه الخصائص المهمة جدٌّا لكل من الحامل والمرأة التي تلد، وللنفساء والمرضع، والتي يحتويها هرمون الأوكسيتوسين، تفسّر عظمة التمر والرطب الذي يحتوي في تركيبه على مادة شبيهة جدٌّا بهرمون الأوكسيتوسين من حيث تأثيرها، وتفسر لماذا جعل الله تعالى غذاء السيدة مريم العذراء، الرطب فقط من الغذاء، إذ قال تعالى: (
فَأَجَآءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيٌّا * فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيٌّا * وَهُزِى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيٌّا * فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِى عَيْنًا...
) مريم (23-26).



يتبع ~ ~

قديم 09-04-2010, 02:39 AM
المشاركة 90
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فإذا عرفنا أن لهرمون الأوكسيتوسين الموجود في الرطب والتمر كل هذه الخصائص عند النساء، فهل هو موجود عند الرجال في أجسامهم؟ ولماذا؟

اكتشف العلماء أن هرمون الأوكسيتوسين له تأثير عظيم عند الرجال، فهو المسؤول عن رقة القلب والحنان والعطف والحب والإحساس المرهف ولين العريكة والطبع، وإرهاف الفؤاد، ورقته وطيبته ولينه لدى الرجال، وهو المسؤول عن الحنان والعطف اللذين يظهرهما الرجل تجاه أطفاله، وهو نفسه يولد مشاعر مشابهة لدى المرأة، فهل يوجد أحن من المرأة في اللحظة التي ترضع فيها ولدها؟ وهل يوجد أرق من قلبها في الساعة التي تمسك بوليدها لترضعه؟ أليست هذه هي اللحظة التي يتم فيها إفراز هرمون الأوكسيتوسين ليفرز الحليب جنبًا إلى جنب مع الحنان والحب والعطف والحنو والرقة التي تُكِنُّها الأم لرضيعها، ألم يُشِرِ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أن هذه هي أعظم صورة للحنان، عندما قال عن المرضعة: (أترون هذه المرأة ملقية ولدها في النار؟).

ألم يقل رب العزة عن أهوال يوم القيامة أنها تذهل أقوى عاطفة، أقوى حنان، وأقوى حب بين المرضع ووليدها: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ) (2) الحج.

هذا الحنان والرقة والعطف واللين الذي يحمله هرمون الأوكسيتوسين للأجسام التي يسري فيها، هو الذي يفسر لماذا بكى جذع النخلة لما ترك الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الاعتماد عليه، وهو يخطب الجمعة، ولم يهدأ روعه إلا عندما عاد إليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحضنه وضمه إلى صدره، حتى سَكَنَ كما يُسَكّنُ الطفل.

وهذا الذي يفسر نظام الإسلام في إحياء القلب، وبعث الرقة واللين والحنان والطيب الخشوع والخضوع في هذا القلب في رمضان، وهذا ما يفسر الخشوع التام والدموع السخية والقلب اللين والفؤاد الخاشع في العشر الأواخر من رمضان لمن يصوم ويقوم ويفطر ويتسحر على التمر والرطب، كما هي السُّنَّة، وكما فعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن جزءًا من هذا اللين عائد إلى الإفطار والسحور على التمر وما يحتويه من هرمون الأوكسيتوسين بخصائصه الملينة للقلب والمرققة للفؤاد، فعن سلمان بن عامر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (
إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.

وقد قال ـ صلى الله عليه وسلم: (نعم سحور المؤمن التمر).

فما أعظم أن نتلقّى هذا الهرمون العظيم، الملين للقلب والفؤاد، والمثير للعاطفة والحنان، والموجود طبيعيٌّا وليس صناعيٌّا (أي لم يطرأ عليه تغيير في خلق الله) في التمر، أن نأكله فطورًا وسحورًا في شهر الرحمة والغفران، شهر رمضان.

وليس الأوكسيتوسين هو الهرمون الوحيد الموجود في التمر والرطب، فقد اكتُشف وجود مواد أخرى تشبه في تركيبها ووظيفتها هرمون الأستروجين إلى حد كبير، فما أهمية هذا الهرمون؟

في الحقيقة أن هذا الهرمون هرمون عظيم، وله وظائف متعددة ومتنوعة كبيرة وعظيمة، يكاد لا يخلو أي مكان في الجسم من وظيفة الأستروجين، من حيث إن له تأثيرًا في وظائف العظام، والثدي، والجلد، وعلى قناة الرحم فالوب، وعلى الهرمون الحاث للجراب fsh، وله دور على الهرمون الصانع للجسم الأصفر (lh) في المبيض، وإن نقصه يؤدي إلى هشاشة العظام، هذا وإن الأستروجين له تأثير على توازن الأيونات والأملاح في الجسم، وعلى دورة بطانة الرحم (الدورة الطمثية)، وعلى توزيع الدهون في الجسم، ومن ثَم تحديد شكل الجسم الخارجي، وعلى توزيع الإشعار، وعلى إفراز هرمون الأنسولين.

كما أن للأستروجين تأثيرًا على الدورة الطمثية، وعلى سن اليأس من المحيض، وله دور أثناء الحمل، ودور في صناعة النطاف عند الرجال، ودور داخل الخلايا، كما أن للأستروجين دور في صناعة الكوليسترول في الجسم ونقله، كما أن له تأثيرات استقلابية متعددة، وله تأثير في تقلص الرحم أيضًا... إلخ.

وفي الحقيقة ـ وكما قلنا ـ فإنه له تأثيرات كثيرة وعديدة ومتنوعة، ولكننا مع ذلك لن نتحدث عن كل هذه الخصائص الفريدة، بل إننا سنتناول ناحية إعجازية عظيمة، أتي بها الذي لا ينطق عن الهوى ـ صلى الله عليه وسلم.

ذلك أن لهرمون الأستروجين تأثيرًا على تطور الدماغ والجهاز العصبي المركزي، وذلك أثناء الحياة الجنينية لكل من الذكر والأنثى (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) (45، 46) النجم، وأن هذا الاختلاف في الدماغ بين الجنسين في الحياة الجنينية وفي السنة الأولى من العمر، ناجم في جزء كبير منه عن اختلاف نسبة هرمون الأستروجين بين جسم الذكر وجسم الأنثى، وأن اختلاف نسبة التركيز هذه يؤدي إلى اختلاف التركيب، ومن ثم اختلاف سلوك الإناث عن سلوك الذكور، خاصة ما يحدثه الأستروجين من تأثير على الجهاز اللمبي (الطرفي) في الدماغ limbic system، وما لهذا الجهاز من تأثير على سلوك الإنسان، وبالتالي اختلاف سلوك الذكر عن سلوك الأنثى.

ومن الاختلافات التشريحية الموجودة بين دماغي الذكر والأنثى، أن الذكر لديه نصف كرة مخي متطور في الناحية اليمنى بشكل أكبر، أما عند الأنثى فإن الجسم الجاسئ الذي يربط بين نصفي الكرة المخية يكون عندها أكبر، كما أن الملتقى الأمامي يكون عندها أكبر أيضًا، والاتصالات بين نصفي الكرة المخية تكون عند الأنثى أكثر، وليس هذا هو كل شيء، فهناك اختلاف في تركيب المهاد وتحت المهاد بين الذكر والأنثى، وكذلك في الجهاز اللمبي - كما سبق وأسلفنا.

ومن هنا فإننا نقول: علينا ألا ننسى الكمية الجيدة من هرمون الأستروجين الموجودة في التمر، ولا ننسى أن تناول المرضع للتمر يؤدي إلى أن يطرح التمر بجزء من محتوياته وبتركيز ضئيل جدٌّا في حليب الإرضاع الذي يأخذه الطفل الرضيع، وفي الحقيقة فإن الطفل الوليد لا يحتاج إلى أكثر من هذه الكميات الضئيلة من الأستروجين والموجودة في حليب الإرضاع، وذلك من أجل تطور واكتمال نمو جهازه العصبي، وتذكروا ما في التمر من هرمونات مثل الأوكسيتوسين والأستروجين وتأثيرهما على الجهاز العصبي عند كلا الجنسين.

ولعل هذا أيضًا هو ما يفسر لماذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحنِك المولود بتمرة عند ولادته، فقد روى البخاري في كتاب العقيقة عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: ولد لي غلام فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماه إبراهيم فحنكه بتمرة، ودعا له بالبركة ودفعه إليَّ، ولعل في التحنيك أيضًا هدف آخر ألا وهو التعقيم والتطهير للفم والجوف والجهاز الهضمي، إذ ثبت أن في التمر مضادات حيوية طبيعية تصل في قوتها إلى قوة البنسلينات والستربتومايسين، والله تعالى أعلم.

والتمر ليس فقط مخزنًا لهذه الهرمونات، بل إنه يحتوي على عنصرين نادرين غاية في الأهمية، ألا وهما المغنيسيوم الذي يعرف باسم (المهدئ)، والمنجنيز والذي يعرف باسم (عنصر الحب)

أما المغنيسيوم فقد عرف باسم المهدئ، وحاز هذا اللقب بجدارة، لأنه وجد أنه يعمل على تهدئة الجهاز العصبي ومنع توتره وهياجه، كما أن له تأثيرًا مليِنًا على المفاصل والأربطة، إذ وجد أنه يزيد من المرونة والليونة والتليين في كل من الأعصاب المحيطية، والعضلات، والأربطة والمفاصل، والأوتار العضلية، والأنسجة المحيطية، كما أنه يؤثر على الغدد الموجودة في الجسم بما فيها الغدد الصماء التي تفرز الهرمونات، وما لهذه الهرمونات من تأثير مهيمن مركزي، ودور قيادي رائد في الجسم، وعلى نفسية الإنسان كما رأينا، ولكي نتخيل مدى تأثير الهرمونات على نفسية الإنسان ـ نذكر اضطراب نفسية المرأة، وما يعتريها من ضيق وهم وغم وكمد واضطراب في نفسيتها عندما تكون في فترة الدورة الشهرية، بسبب ما يعتري هذه الدورة الشهرية من اضطراب هرموني كبير.

كما أن عنصر المغنيسيوم الموجود في التمر مفيد جدٌّا لقيام الأعصاب بعملية إفراز النواقل العصبية عند نهاياتها، والتي لها دور كبير أيضًا في التأثير على نفسية الإنسان ومن ثم تحديد سلوكه، إذ ثبت ـ بما لا يدع مجالاً للشك ـ أنه يحدث اضطراب في هذه النواقل العصبية لدى المصابين بكافة أنواع الأمراض النفسية صغيرها وكبيرها، مما يوحي بدورها على نفسية الإنسان وسلوكه.

والمغنسيوم مفيد أيضًا للأغشية المخاطية والمصلية في الجسم.

وقد عرف المغنيسيوم باسم المهدئ لأن نقصه في الجسم يؤدي إلى زيادة عمل الجهاز العصبي بشكل متهيج، وإلى الأرق وصعوبة النوم، والعشى، كما أنه يؤدي إلى ضعف شديد في الذاكرة، والنسيان المزمن، ويؤدي نقصه أيضًا إلى آلام في الأعصاب المحيطية واحتقان في الأعصاب، وإلى مزاج عصبي حاد، وآلام مختلفة في الجسم، إضافة إلى صداعات متكررة، وتصلب في العضلات والأوتار والأربطة العضلية والمفصلية.

ولا ننسى إضافة إلى دور المغنيسيوم المهدئ في الجهاز العصبي، فهو ضروري أيضًا من أجل سلامة العظام والأسنان، كما أنه يسرع في نمو الخلايا، ويزيد مرونة الأنسجة، ويعادل بتأثيره القلوي السموم الحمضية، وهو ضروري جدٌّا من أجل عمل الدماغ والرئتين، كما أنه خافض طبيعي للحرارة ومرطب طبيعي.

وإذا عرفنا الخواص الرائعة لهذا المهدئ العظيم، أدركنا الحالة التي تكون بها المرأة بعد الولادة من إنهاك للعضلات نتيجة كثرة الشد، وتوتر الأربطة والمفاصل، إضافة إلى الضغط النفسي والعصبي والعقلي، والآلام العضلية والعصبية وما يتبع ذلك من تعرق وإجهاد عنيفين، فما أحوج الجسم في هذه اللحظات إلى عنصر عظيم مثل عنصر المغنيسيوم يقوم بإنهاء كافة هذه التوترات على مستوى كافة الأجهزة والغدد، ويا حبذا لو كان بكمية كبيرة، وبصورة سهلة الامتصاص جدٌّا، وهي الصورة المثالية التي يوجد فيها المغنيسيوم في التمر، وهذا ما يفسر قول الله تعالى لمريم بعد مخاضها وولادتها: (وَقَرِى عَيْنًا).

وهذه هي الصورة كاملة (وَهُزِى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيٌّا * فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِى عَيْنًا) (25، 26) مريم. بعد أن أرشدها إلى تناول الرطب الذي يتساقط عليها من النخلة.

أما عنصر المنجنيز الموجود في الرطب والتمر بوفرة كبيرة، فلن يتسع المجال لذكر كل وظائفه وتأثيراته في الجسم، ولكني سأذكر بعض وظائفه التي أثبتها العلم، وأهمها وظيفة الحب (فهو يعرف باسم عنصر الحب)، وذلك لأنه وجد أن نقص هذا العنصر عند حيوانات التجربة يؤدي لإهمالها لأولادها، وإلى عدم الاهتمام بهم وبرعايتهم أو إرضاعهم، مع عدم الاهتمام بأي شأن من شؤونهم، وفقدان كل مظهر من مظاهر الحب بين الحيوانات وأولادها، وقد أظهرت الدراسة أيضًا أن حرمان الفئران من المنجنيز في غذائها أدى إلى تحولها إلى فئران عدوانية تجاه صغارها، إذ بدأت تهاجمها لتأكلها.

هذا ويعتبر التمر مَنجمًا كاملاً من المعادن، وأهم المعادن التي يحتويها التمر، الحديد، ولا تنسوا أن حليب الأم فقير بالحديد الذي ينفد من مخازنه بعد الشهر الرابع من الولادة، ويصاب الطفل بفقر دم بنقص الحديد عند عدم تعويض الحديد له بالغذاء، والاكتفاء بحليب الرضاعة الفقير بالحديد، ولذلك فإني أنصح بضرورة إدخال التمر ومنقوعه للطفل الوليد اعتبارًا من الشهر الرابع، مع ضرورة دهن جسمه بزيت الزيتون بشكل دوري.




//


انتهى ..

د. جمال القدسي الدويك


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 11 ( الأعضاء 0 والزوار 11)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإعجاز فى القرآن سرالختم ميرغنى منبر الحوارات الثقافية العامة 6 07-07-2019 11:10 AM
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ماجد جابر منبر الحوارات الثقافية العامة 11 06-10-2012 07:51 PM
( 2 ) الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~ أمل محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 60 11-05-2011 09:16 AM
الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى محمد جاد الزغبي منبر الحوارات الثقافية العامة 18 10-30-2010 12:21 PM

الساعة الآن 12:17 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.