احصائيات

الردود
7

المشاهدات
13248
 
الدكتور سيد نافع
من آل منابر ثقافية

الدكتور سيد نافع is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
29

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Nov 2011

الاقامة

رقم العضوية
10647
12-04-2011, 02:06 AM
المشاركة 1
12-04-2011, 02:06 AM
المشاركة 1
افتراضي تأملات في عالم الروح والنفس..هل الروح هي النفس؟
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:
وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا .... الإسراء-85
وقال تعالى:
( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) ... (فصلت 53)
عناصر الموضوع :-
1- معرفة النفس أساس لمعرفة الخالق
( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾... النمل93
فالله سبحانه و تعالي وعدنا بالكشف عن آياته ودلائل قدرته في صفحة الكون الفسيح وفي النفس البشرية حتى يتبين لنا أنه الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ، فنؤمن به سبحانه و تعالي إيمانا يقينيا لا تزعزعه نوائب الدهر ولا مصائب الحياة .. فمن لم يتأمل عجائب الكون و بديع صنعه... و من لم يعرف نفسه حق المعرفة... لن يعرف ربه حق المعرفة ولن يكون إيمانه يقينيا .. ومن هنا جاءت مادة هذا البحث الهادف الى تعريف حقيقة النفس و دلائل قدرة الله فيها .. وكذلك التأكيد علي أن المسؤول عن السلوك والطبائع هو الروح .. والتي منبعها القلب الذي علي أساسه يقسم الناس إلى أصحاب قلب سليم وقلب مريض وقلب ميت .. فسليم القلب هو الحي.. وميت القلب هو الميت موتاً حقيقياً وإن كان في يبدو للناظرين حيا يرزق .
2- ان قراءة أفكار الناس ومعرفة طباعهم ليست صعبة على من عرف دقائق النفس وأحوال الروح .. فطباع الإنسان وسلوكه منشؤها الروح وليس الموروثات الجينية كما قد يظن البعض..وما تأثير البيئة في سلوك الإنسان إلا انعكاسا ً لخبراته المكتسبة وفق تركيبته النفسية الروحية .
3- أن ثمة علاقة بين روح الإنسان ونوع فصيلة دمه .. وبالتالي هناك علاقة بين الطباع والفكر والإدراك والسلوك وفصيلة الدم .
4-الطباع والسلوك مؤشر العقل والذي يحدد السلوك المكتسب هو العقل وبالتالي هناك علاقة دلالية بين العقل وفصيلة الدم .
5-النية في الإنسان محلها القلب .. والنية هي الإرادة والقصد والمشيئة .. وبالتالي فكل الأفعال الإرادية والتي يحاسب عليها الإنسان شرعاً وقانوناً مسؤول عنها القلب .. لأن القلب هو( اللب – الفؤاد - العقل ) الذي إن صلح صلح الجسد كله.. وإن فسد فسد الجسد كله.. لأنه مركز المعلومات واتخاذ القرار .
لماذا القلب ؟
لأنه منبع الروح .. فبالروح يفكر الإنسان ويحلم ويتذكر ويتخيل ويعقل .
* فتعال معي قارئي الكريم لنتعرف معا على الفرق بين النفس و الروح .
ابن سيرين ( تفسير الأحلام ) مطلب في النفس والروح :
اختلف الناس في تفسيرهما فقال بعضهم : -
الرأي الأول :
· أنهما شيء واحد يسمى باسمين مثل إنسان ورجل ..وهما الدم أو متصلان به ويبطلان بذهابه .. واستدلوا على ذلك أن الميت لا يفقد من جسمه إلا دمه .. واحتجوا أيضا من اللغة بقول العرب نفست المرأة إذا حاضت ونفست من النفس .. وبتسمية المرأة فترة ما بعد الولادة نفساء لسيلان الدم وهو النفس وبقول آخرين سالت نفسه إذا مات .
وهذا الرأي بأن النفس والروح شئ واحد صحيح في اعتقادي ..ولكن الروح متصلة بالدم و ليست هي الدم كما ذكر .
ومنبع الروح القلب ومتصلة بالدم.. والجديد المكتشف أن فصيلة الدم فيها دلالة علي حال الروح وصفتها وسنأتي على شرح هذا لاحقا
الرأي الثاني :
وقال آخرون هما شيئان وبالتالي اعتبروا الإنسان مكونا ً من جسد وروح ونفس .. وقالوا أن الروح باردة والنفس حارة ولهذا النفخ يكون من الروح لذلك تراه باردا .. والنفس من النفس فتراه ساخنا ً .. لذلك قالوا الروح باردة و النفس حارة ( ساخنة ) ..ومن الناس من اعتقد أن الخير من الروح والشر من النفس . ،
وهذا الرأي في نظري خاطئ ..اذ ليس ثمة ما يؤيد صحته من كتاب ولا سنة.. فالإنسان جسد وروح فقط.. ولفظ الروح والنفس بمعنى واحد .. فالله تعالى حين خلق آدم ..خلق جسده من تراب الأرض ثم نفخ فيه الروح .
ومن الأرواح ما يوصف بالخبث فيقال لها أخرجي أيتها الروح الخبيثة كنت في الجسد الخبيث ومنها ما يوصف بالطيب فيقال للروح الطيبة أخرجي أيتها الروح الطيبة كنت في الجسد الطيب .
أما كلمة النفس فلم تستعمل لوصف الشر.. فوجدنا تعبير النفس المطمئنة وهي نفس المؤمن أي روحه .
والله سبحانه من خلق النفس وسواها فألهمها فجورها وتقواها.. ولذاعليها أن تختار ما يشاكل حالها
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا(8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)
الرأي الثالث :
وهو الأصح أن النفس جاءت في القرآن ليقصد بها الذات ( الإنسان بالكلية ) .. وجاءت ليقصد بها الروح .
قال تعالي ﴿ وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾
وقال تعالي ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ الزمر42
فعندما يذكر تعداد السكان مثلاً يكون التميز نسمة بما يعني إنسان ( نفس ، ذات وأحياناً يعبر عنها بالرقبة ) فيقال على فلان عتق رقبة .
ولم يخطأ الذين قالوا أن النفس و الروح شئ واحد .. فرأيهم في هذه الجزئية صحيح .. فهما مسميان لمسمى واحد .
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : ألم تروا الإنسان إذا مات شخص بصره ، قالوا بلي ، قال فذلك حين يتبع بصره نفسه .
ووري بن ماجة رضي الله عنه عن أم سلمه رضي الله عنها قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي أبي سلمه وقد شق بصره فأغمضه ثم قال .. إن الروح إذا قبض تبعه البصر .
قال القرطبي رحمه الله فالروح والنفس اسمان لمسمى واحد .
* فالنفس جاءت بمعنى الإنسان وجاءت بمعني الروح . كيف نفهم ذلك ؟
حيث أن الإنسان = جسد + روح
ومادام الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسادنا ولكن ينظر إلى قلوبنا كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. عرفنا من ذلك أن القلب هو منبع الروح ( الجزء الملكوتي المدرك في تكوين الإنسان ) .. وبالتالي تكون النفس هي الروح إذا أهملنا حساب الجسد فالله سبحانه وتعالى لا يعنيه من النفس أي الإنسان إلا الروح (القلب) .
فحيث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لفظ القلب عنى به الروح ﴿ إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد وإذا فسدت فسد الجسد ألا وهي القلب ﴾ لأنه منبع ( الروح )
فالروح تؤثر في الجسد والروح الطيب لا يسكن إلا جسداً طيباً والروح الخبيث لا يسكن إلا جسداً خبيثا ً.. لذ تجد انك أذا نظرت إلى صاحب القلب الميت.. وجدت القسوة تملأ وجهه وتبرز من عينيه وتجده لا يعنيه من الدنيا إلا نفسه .
وبالتالي النفس تعني الروح وأحياناً تطلق ويعني بها الذات .
فتكون المعادلة النفس = جسد + وروح
النفس = روح إذا أهملنا حسابات الجسد
-ويصنف الناس حسب القلوب لا بالأجساد والصور .. فالعبرة بالقلب الذي هو منبع الروح ومنه النية و الإرادة و القصد .
فجاءت النفس في مواضع ويقصد بها الروح :-
﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ الزمر42
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ{27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً{28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي{29} وَادْخُلِي جَنَّتِي{30} الفجر
﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ{1} وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ{2} ﴾ (القيامة)
﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ{53} (يوسف)
﴿ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ المائدة30 ( النفس الأمارة ) أي فطوّع له قلبه قتل أخيه
﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ﴾ يعني في سرك والسر مكانه القلب.
﴿ وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ التوبة 118 ، (وضاقت عليهم أنفسهم) يعني قلوبهم للغم والوحشة بتأخير توبتهم فلا يسعها سرور ولا أنس
﴿ وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ يوسف68 .. حاجة في نفس يعقوب أي في قلبه (والقلب منبع الروح) وهي إرادة دفع العين عن أولاده .
﴿ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ﴾ طه96 ، النفس الأمارة بالسوء التي تسول لصاحبها السوء .
وجاءت النفس في مواضع ويقصد بها الإنسان بالكلية(الذات) : -
﴿ وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾
﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ البقرة72
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾
﴿ وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ البقرة281
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ{185} ﴾ (آل عمران)
﴿ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ النحل111
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ{33} ﴾ (القصص)
﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ البقرة286
﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً﴾ آل عمران145
فالنفس لفظ يطلق ويقصد به الذات ذات الإنسان وهي الإنسان الكلية .. وأحياناً تطلق ويقصد بها الروح .
وإلى تفصيل ذلك :
الإنسان : عبارة عن جسد تسكنه روح
والجسد : هو من عالم المادة عالم الملك والشهادة ( العالم الحسي ) فيه مكونات الأرض من ماء وبقية عناصر التربة وهو المحسوس والمدرك بالحواس الخمس المعروفة .
التذكرة للقرطبي : يروي عن علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه أنه أتي له بإناء ليشرب منه فأخذه بيده ونظر إليه وقال : الله أعلم كم فيك من عين كحيل وخد أسيل .. ويحكي أن رجلين تنازعا وتخاصما في أرض فأنطق الله عز وجل لبنة من حائط من تلك الأرض فقالت : يا هذان فيم تتنازعان ؟ وفيما تتخاصمان ؟ إني كنت ملكاً من الملوك ثم مت وصرت تراباً فبقيت كذلك ألف سنة ثم أخذني خزافاً فعمل مني إناء فاستعملت حتي تكسرت ثم عدت تراباً فبقيت ألف سنة ثم أخذني رجل فضرب مني لبنة فجعلني في هذا الحائط ، ففيم تنازعكما وفيم تخاصمكما ؟
( التذكرة للقرطبي ) وهذا التغير إنما يحدث للجسد فكل الجسد يبلى إلا عجب الذنب.. أما الروح فلها حكم آخر وما مضي وتحلل من الجسد فليس بضائع وتفرقة لا يمنع من الاجتماع قال تعالي : قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ق4 ، وعندما سأل الفرعون موسي عليه السلام عن حال السابقين ماذا أجابه ؟ قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51 ) قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى ( 52 ) طه
- أبوو داوود : حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "كلُّ ابن آدم تأكل الأرض إلا عجب الذنب : منه خلق وفيه يركب".
مسلم : حدثنا أبو كريب، محمد بن العلاء. حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما بين النفختين أربعون" قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يوما ؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون سنة ؟ قال: أبيت. "ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل"، قال "وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب . ومنه يركب الخلق يوم القيامة".
وصدقت رابعة العدوية حين قالت :
ليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إن صح الود منك فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
فالجسد هو مادة الإنسان وخلق من تراب الأرض ، أما الروح فهي الجزء العلوي اللامادي الملكوتي في تركيب الإنسان وبها يستمد حياته وطباعه وسلوكه وفكرة وإدراكه .
الروح : هي المكون العلوي السماوي للنفس البشرية وهى من عالم الملكوت أي من عالم ما وراء المادة عالم الغيب ( Meta physics )
والروح هي التي تمكن الإنسان من أن يتخطى ذاته ويتصل بخالقه ويلج عالم الملكوت فأقرب ما يكون العبد من ربه ساجدا .
*-قال القرطبي رحمه الله في التذكرة :
إن النفس والروح شئ واحد وأن الروح جسم لطيف مشابك للأجسام المحسوسة ( الأجساد ) ، يجذب ويخرج ، وفي أكفانه يلف ويدرج وبه إلي السماء يعرج ، لا يموت ولا يفني وهو مما له أول وليس له آخر ، ويأخذ شكل القالب الذي نفخ فيه فهو بعينين ويدين وأنه ذو ريح طيب وخبيث ، وكل من يقول إن الروح تموت وتفني فهو ملحد وكذلك من يقول بالتناسخ ( أي أنها إذا خرجت من هذا ركبت في شئ آخر كحمار أو كلب مثلاً ) وإنما هي محفوظة بحفظ الله إما منعمة وإما معذبة .
*-ذكر الرازي أقوال الطوائف المختلفة في الروح فمن قائل أنه جزء لا يتجزأ من القلب ، وقالت طائفة وهذا ما أيده ابن القيم وساق الأدلة عليه من أن الروح جسم مخالف في ماهيته لهذا الجسم المحسوس وهو جسم نوراني علوي ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد ، فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الناتجة من هذا الجسم اللطيف بقي هذا الجسم اللطيف مشابكاً لهذه الأعضاء وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية ، وإذا فسدت هذه الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها وخرجت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن وانفصل إلي عالم الأرواح
*- الروح كما يعرفها الشيخ أبو حامد الغزالي في كتابه العظيم ( إحياء علوم الدين ) : - هي لطيفة ربانية منبعها تجويف القلب الجسماني وتسير مع الدم عبر العروق الضوارب إلى جميع أجزاء الجسد فتهب له الحياة وشبه ذلك بالمصباح في الحجرة فالمصباح هو المثال للروح التي تسكن القلب وسريان الضوء من المصباح إلى جدران الحجرة مثل سريان الروح في داخل الجسد والإضاءة الحادثة مثل الحياة ، فتسري الروح في الجسد مع الدم وتتمركز الروح في القلب و تمتد عبر الدم إلي جميع أجزاء الجسد عبر العروق
( حسب تعريف الإمام الغزالي للروح في إحياء علوم الدين ) ، وهذا التعريف مستنبطاً من أحاديث رسول الله فعندما يقول r :
إن الله لا ينظر إلي صوركم ولا إلي أجسامكم ولكن ينظر إلي قلوبكم .. يفهم من ذلك أن الروح وهي المكون الرئيسي للإنسان ومركزها القلب ، والقلب هو المسؤول عن سلوك الإنسان فمنه النية والإرادة والقصد ، وبالتالي الروح هي المسؤولة عن سلوك الإنسان ومنها النية و الإرادة والقصد ، أما الجسد والصورة فلا ينظر إليه الله ، فما فائدة جسد في الطاعة كالصلاة والقلب منصرف إلي الدنيا يدخل به الشيطان في الشر من واد لواد ، هل للإنسان من صلاته هذه شيئ ؟ هل تقبل ؟ هل يمكن أن تنهاه عن منكر ؟ ، ليس له منها إلا ما عقل ، أي وعي فكان بجسده وروحه ( قلبه ) في الطاعة .
-والكلام عن الروح إنما هو عن أوصافها وأحوالها وليس عن تركيبها وماهيتها فلا يعلم سرها وحقيقتها إلا خالقها سبحانه وتعالى ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً {85} ﴾ (الإسراء)
والإنسان العاقل هو من كان إدراكه قلبيا وقلبه سليما ً ﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ{88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{89} ﴾ (الشعراء)
فالإنسان إنسان بروحه لا بجسده كما قال الشاعر:
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته
وأنت بالروح لا بالجسم إنسان
والمؤمن إنسان فطن صاحب فراسة يرى بنور الله كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه " اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله " لأنه يرى بقلبه ، ومن لا يرى بقلبه فهو أعمي بالحقيقة ، فرؤيا القلب أهم من رؤيا البصر .
والقلب إذا كان سليماً هو منبع الرحمة ويقول رسول الله r :- " من لا يَرحم لا يُرحم " فالرحمة لا تأتى إلا من صاحب القلب السليم وهو قلب المؤمن ، لأن القلب السليم تسكنه روح طاهرة طيبة ، والله سبحانه وتعالي هو المتصرف في قلوب عباده ، يحول بينه وبينها ويقلبها كيف يشاء .
*ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول :- ﴿ القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبهم كيف يشاء﴾ اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك يا الله .
*-بن ماجة : عن أبي هريرة t عن النبي r قال : ﴿ تحضر الملائكة فإذا كان الرجل صالحاً قالوا : أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ، أخرجي حميدة وابشري بروح وريحان ورب راض غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى يخرج ثم يعرج بها إلي السماء فيفتح لها فيقال من هذا ؟ فيقولون فلان بن فلان فيقال مرحباً بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وابشري بروح وريحان ورب راض غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلي السماء التي فيها الله تعالي ،
وإذا كان الرجل السوء قالوا أخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث أخرجي ذميمة وابشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلي السماء فيستفتح لها فيقال من هذا ؟ فيقال فلان فيقال لا مرحباً بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنها لا تفتح لك أبواب السماء فترسل من السماء ثم تصير إلي القبر ﴾
صحيح أخرجه بن ماجة والحاكم في المستدرك وصححه
وللحديث بقية ان شاء الله



قديم 12-05-2011, 03:24 PM
المشاركة 2
إلهام مصباح
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
يقول تعالى "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" [الإسراء-الآية : 85]
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
عن عبد اللّه هو ابن مسعود رضي اللّه عنه، قال: كنت أمشي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حرث في المدينة وهو متوكئ على عسيب، فمر يقوم من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، قال: فسألوه عن الروح، فقالوا: يا محمد ما الروح؟ فما زال متوكئاً على العسيب، قال: فظننت أنه يوحى إليه، فقال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قال، فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم لا تسألوه (أخرجه البخاري ورواه أحمد واللفظ له عن عبد اللّه بن مسعود). وهذا السياق يقتضي أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية {ويسألونك عن الروح}، ومما يدل على نزول هذه الآية بمكة، ما قال الإمام أحمد، عن ابن عباس قال: قالت قريش ليهود: أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا سلوه عن الروح، فسألوه فنزلت: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قالوا: أوتينا علماً كثيراً، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيراً كثيراً، قال، وأنزل اللّه: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر} الآية. وقد روى ابن جرير عن عكرمة قال: سأل أهل الكتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الروح، فأنزل اللّه {ويسألونك عن الروح} الآية، فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً وقد أوتينا التوراة وهي الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}. قال: فنزلت: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه} الآية.
وقال محمد بن إسحاق، عن عطاء بن يسار قال: نزلت بمكة {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}، فلما هاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة، أتاه أحبار يهود، وقالوا: يا محمد! ألم يبلغنا عنك أنك تقول {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} أفعنيتنا أم عنيت قومك؟ فقال: "كلاً قد عنيت"، فقالوا: إنك تتلو أنا أوتينا التوراة، وفيها تبيان كل شيء فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "هي في علم اللّه قليل وقد أتاكم ما إن عملتم به انتفعتم". وأنزل اللّه: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه إن اللّه عزيز حكيم}، وقد اختلف المفسرون في المراد بالروح ههنا على أقوال: (أحدها) أن المراد أرواح بني آدم، عن ابن عباس أن اليهود قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التي في الجسد؟ ولم يكن نزل عليه فيه شيء، فأتاه جبريل فقال له: {قل الروح من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. فأخبرهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك. فقالوا: من جاءك بهذا؟ قال: "جاءني به جبريل من عند اللّه"، فقالوا له: واللّه ما قاله لك إلا عدونا، فأنزل اللّه: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك مصدقا بإذن اللّه مصدقا لما بين يديه}، وقيل: المراد بالروح ههنا جبريل، قاله قتادة، وقيل: المراد به ههنا، ملك عظيم بقدر المخلوقات كلها.
وقوله تعالى: {قل الروح من أمر ربي}: أي من شأنه، ومما استأثر بعلمه دونكم، ولهذا قال: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} أي وما أطلعكم من علمه إلا على القليل، فإنه لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء تبارك وتعالى، والمعنى أن علمكم في علم اللّه قليل، وهذا الذي تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ولم يطلعكم عليه، كما أنه لم يطلعكم إلا على القليل من علمه تعالى. وسيأتي إن شاء اللّه في قصة موسى والخضر، أن الخضر قال: يا موسى ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم اللّه إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر، ولهذا قال تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. وقال السهيلي، قال بعض الناس: لم يجبهم عما سألوا لأنهم سألوا من وجه التعنت، وقيل أجابهم، ثم ذكر السهيلي: الخلاف بين العلماء في أن الروح هي النفس أو غيرها، وقرر: أنها ذات لطيفة كالهواء سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر، وحاصل القول: إن الروح هي أصل النفس ومادتها، والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن، فهي هي من وجه، لا من كل وجه، وهذا معنى حسن، واللّه أعلم.
تفسير ابن كثير.
تحياتي لك د.سيد نفعنا الله بك
إِلْهَام مِصْبَاح

قديم 12-05-2011, 07:34 PM
المشاركة 3
شيخه المرضي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
افادكم الله ونفعنا واياكم بما قرأنا

وكتب لكم بكل حرف مليون حسنه

{.. لا يستوقفك اسمي ...فهو رمزيةٌ ..لسلطتي..أما شخصي ..مبهمٌ ..لن يهمك ..أمره ..~ أستأذنك !}

[OVERLINE]..كل حرفٌ هو لي ..لا أقتبس أحدا ..اللهم فأشهد عليه ..[/OVERLINE]
أيا ..... حبراً سجله التاريخ ، لصرختي
ــــــ أين هو إحتفالي !
وقلبي مع أحبتي ؟
قديم 12-06-2011, 06:38 PM
المشاركة 4
الدكتور سيد نافع
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
يقول تعالى "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" [الإسراء-الآيه : 85]
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
عن عبد اللّه هو ابن مسعود رضي اللّه عنه، قال: كنت أمشي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حرث في المدينة وهو متوكئ على عسيب، فمر يقوم من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، قال: فسألوه عن الروح، فقالوا: يا محمد ما الروح؟ فما زال متوكئاً على العسيب، قال: فظننت أنه يوحى إليه، فقال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قال، فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم لا تسألوه (أخرجه البخاري ورواه أحمد واللفظ له عن عبد اللّه بن مسعود). وهذا السياق يقتضي أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية {ويسألونك عن الروح}، ومما يدل على نزول هذه الآية بمكة، ما قال الإمام أحمد، عن ابن عباس قال: قالت قريش ليهود: أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا سلوه عن الروح، فسألوه فنزلت: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قالوا: أوتينا علماً كثيراً، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيراً كثيراً، قال، وأنزل اللّه: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر} الآية. وقد روى ابن جرير عن عكرمة قال: سأل أهل الكتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الروح، فأنزل اللّه {ويسألونك عن الروح} الآية، فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً وقد أوتينا التوراة وهي الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}. قال: فنزلت: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه} الآية.
وقال محمد بن إسحاق، عن عطاء بن يسار قال: نزلت بمكة {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}، فلما هاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة، أتاه أحبار يهود، وقالوا: يا محمد! ألم يبلغنا عنك أنك تقول {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} أفعنيتنا أم عنيت قومك؟ فقال: "كلاً قد عنيت"، فقالوا: إنك تتلو أنا أوتينا التوراة، وفيها تبيان كل شيء فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "هي في علم اللّه قليل وقد أتاكم ما إن عملتم به انتفعتم". وأنزل اللّه: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه إن اللّه عزيز حكيم}، وقد اختلف المفسرون في المراد بالروح ههنا على أقوال: (أحدها) أن المراد أرواح بني آدم، عن ابن عباس أن اليهود قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التي في الجسد؟ ولم يكن نزل عليه فيه شيء، فأتاه جبريل فقال له: {قل الروح من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. فأخبرهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك. فقالوا: من جاءك بهذا؟ قال: "جاءني به جبريل من عند اللّه"، فقالوا له: واللّه ما قاله لك إلا عدونا، فأنزل اللّه: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك مصدقا بإذن اللّه مصدقا لما بين يديه}، وقيل: المراد بالروم ههنا جبريل، قاله قتادة، وقيل: المراد به ههنا، ملك عظيم بقدر المخلوقات كلها.
وقوله تعالى: {قل الروح من أمر ربي}: أي من شأنه، ومما استأثر بعلمه دونكم، ولهذا قال: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} أي وما أطلعكم من علمه إلا على القليل، فإنه لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء تبارك وتعالى، والمعنى أن علمكم في علم اللّه قليل، وهذا الذي تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ولم يطلعكم عليه، كما أنه لم يطلعكم إلا على القليل من علمه تعالى. وسيأتي إن شاء اللّه في قصة موسى والخضر، أن الخضر قال: يا موسى ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم اللّه إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر، ولهذا قال تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. وقال السهيلي، قال بعض الناس: لم يجبهم عما سألوا لأنهم سألوا من وجه التعنت، وقيل أجابهم، ثم ذكر السهيلي: الخلاف بين العلماء في أن الروح هي النفس أو غيرها، وقرر: أنها ذات لطيفة كالهواء سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر، وحاصل القول: إن الروح هي أصل النفس ومادتها، والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن، فهي هي من وجه، لا من كل وجه، وهذا معنى حسن، واللّه أعلم.
تفسير ابن كثير.
تحياتي لك د.سيد نفعنا الله بك
إِلْهَام مِصْبَاح
تحياتي أختي الفاضلة..أسعدني مروك الكريم
من قول ابن كثير عليه رحمة الله وما ذكره عن السهيلي نستنتج الآتي :- أولا أن لفظ الروح جاء في القرآن على عدة أوجه , فهل المقصود من السؤال الذي سأله اليهود هو عن الروح التي تنفخ في البشر أم أن المقصود بالروح جبريل عليه السلام أم المقصود بالروح هو ملك عظيم بقدر المخلوقات كلها ، فإن كان المقصود يالسؤال الروح التي تنفخ في البشر فهذا لما قاله ابن عباس رضي الله عنه أن اليهود قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التي في الجسد ؟ فقال قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ، الروح من أمر ربي أي شأن من شؤون الله ليس للإنسان سلطان عليها فالذي يدعي أنه يمكنه تحضير أرواح البشر بعد الموت هو كاذب وليس له هذه المقدرة ، كما أن علمها عند الله فكنهها وحقيقتها لا يعلمها بشر ولن يتسنى لهم هذا لأنه مما استأثر به تعالى ، أما وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً فالمقصود هنا العلم بأوصافها وأحوالها وهذا مما يتسنى للبشر معرفة بالقدر الذي يريده الله.
وقد جاءت الآيات والأحاديث كثيرة بهذه المعرفة ومنها ما استنتجه العلماء كالسهيلي وغيره من أنها ذات لطيفة كالهواء سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر وهناك اوصاف أخرى لعلماء آخرين مشابهة وأنها متصلة بالدم وتسري في العروق الي جميع اجزاء الجسد وبالتالي تأخذ نفس صورة الجسد وهي ما يراها النائم في نومه من ارواح البشر المنتقلين والأحياء إلا أن الشيطان يمكن أن يتمثل نفس صورتها في المنام ، والروح هي المسؤولة عن سمات الشخصية وهي المسؤولة عن الاحساس والعقل والإرادة في الإنسان . .......
ثانياً :- أن الروح هي النفس ويؤكد هذا قوله تعالي الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخرى الى أجل مسمى ، فالتي تمسك وترسل وتدخل اليىالجسد وتخرج منه هي الروح ، وهناك معني آخر للنفس وهو الذات أو الإنسان ككل جسد وروح ويوضح هذا الأمر قول ابن كثير عليه رحمة الله في حاصل قوله من أن الروح هي النفس ومادتها والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن .

أكرر شكري لك مرورك الكريم..ونفع الله بنا ديننا وأمتنا...اللهم امين

قديم 12-06-2011, 06:40 PM
المشاركة 5
الدكتور سيد نافع
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
افادكم الله ونفعنا واياكم بما قرأنا

وكتب لكم بكل حرف مليون حسنه
أشكر لك أختي الفاضلة مرورك الفاضل..نفع الله بنا ديننا وأمتنا..تحياتي

قديم 12-06-2011, 09:33 PM
المشاركة 6
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أخي العزيز د. سيد نافع
نفعنا الله تعالى بكَ وبأفكارك القيّمة وعلمك النافع
شكرا ً لكَ أستاذي
بما قدمته لتا من معلومات قيمة بخصوص النفس والروح
وقد تبين أن الروح والنفس هما شيءٌ واحد
عزيزي
ننتظر القادم من دروسك في هذا المجال فهو موضوعٌ رائع ٌوممتع ٌ
بروعة ما تختزنه من أفكار وعلم نافع
فأنا متابعٌ لما تخطه أناملك
جوزيت َ
ولكَ امتناني
كما لايفوتني أن أوجهَ تقديري لأديبتنا إلهام مصباح
فقد كانت بالفعل مصباحا ًأنارَ لنا ما خفيَ عنّا من هذا الموضوع
بتعقيبها الذي حوى الكثير مما أفادنا وانتفعنا به .
شكري لكما وتحياتي
أخوكما
حميد
6-12-2011
الثلاثاء 11 محرم الحرام 1433هج

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي
قديم 12-07-2011, 12:26 AM
المشاركة 7
الدكتور سيد نافع
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
أخي العزيز د. سيد نافع

نفعنا الله تعالى بكَ وبأفكارك القيّمة وعلمك النافع
شكرا ً لكَ أستاذي
بما قدمته لتا من معلومات قيمة بخصوص النفس والروح
وقد تبين أن الروح والنفس هما شيءٌ واحد
عزيزي
ننتظر القادم من دروسك في هذا المجال فهو موضوعٌ رائع ٌوممتع ٌ
بروعة ما تختزنه من أفكار وعلم نافع
فأنا متابعٌ لما تخطه أناملك
جوزيت َ
ولكَ امتناني
كما لايفوتني أن أوجهَ تقديري لأديبتنا إلهام مصباح
فقد كانت بالفعل مصباحا ًأنارَ لنا ما خفيَ عنّا من هذا الموضوع
بتعقيبها الذي حوى الكثير مما أفادنا وانتفعنا به .
شكري لكما وتحياتي
أخوكما
حميد
6-12-2011

الثلاثاء 11 محرم الحرام 1433هج
فائق تقديري واحترامي وصادق مودتي لك أخي الكريم على مرورك العاطر..لا حرمنا الله..اشراقة اطلالتك ..دامت أخوتنا في الله..وزادنا الله واياكم ايمانا وهدى وتثبيت..وسخر اقلامنا في نصرة دينه الحنيف..جزيتم كل خير.

قديم 12-07-2011, 06:50 PM
المشاركة 8
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فائق تقديري واحترامي وصادق مودتي لك أخي الكريم على مرورك العاطر..لا حرمنا الله..اشراقة اطلالتك ..دامت أخوتنا في الله..وزادنا الله واياكم ايمانا وهدى وتثبيت..وسخر اقلامنا في نصرة دينه الحنيف..جزيتم كل خير.
آمين ربّ َ العالمين
بوركتَ أخي الغالي د. سيد نافع
شكرا ً
لكَ تحيتي
حميد
7-12-2011
الأربعاء 12 محرم الحرام 1433هج

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: تأملات في عالم الروح والنفس..هل الروح هي النفس؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الرؤى تُهَاِدُن الرؤى نورالدين يشو منبر قصيدة النثر 0 07-09-2022 09:07 PM
تأملات في عالم النفس والروح..النفوس وأنواعها الدكتور سيد نافع منبر الحوارات الثقافية العامة 3 09-17-2019 12:05 PM
تأملات في الروح والنفس 1 الدكتور سيد نافع منبر الحوارات الثقافية العامة 9 12-04-2011 03:41 PM
في عالم النفس محمد وازع منبر البوح الهادئ 2 02-21-2011 05:07 PM
غلا الروح جميل عبدالغني منبر البوح الهادئ 5 01-30-2011 11:36 PM

الساعة الآن 09:03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.