احصائيات

الردود
28

المشاهدات
13890
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.41

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
04-28-2012, 09:28 AM
المشاركة 1
04-28-2012, 09:28 AM
المشاركة 1
افتراضي الادهاش في روايات الايتام: دعوة لدراسة جماعية لروايات الايتام وسر الادهاش فيها
- ورشة عمل -
الدراسات التي نقوم بها هنا حول اثر الموت في قدرة المبدع على توليد نص فذ مدهش ومذهل تشير الى ان الروايات التي كتبها الايتام لا بد انها تشتمل على الكثير من عناصر الادهاش والاذهال؟!!

قد يكون لذلك عدة اسباب مثلا واقعية الحدث او الاحداث التي يرويها اليتيم والتي تعبر عما يجول في نفس كثيرين لا يمتلكون القدرة على التعبير الفني لكنهم يجدون في نص روايات الايتام ما يعبر عما يجول في نفوسهم.

وقد يكون السر في قدرة الروائي اليتيم على التعبير بفنية نادرة.
وقد يكون السر في تلك الطاقة التي تتضمنها النصوص الروائية التي يولدها الايتام.
وقد يكون السر في دارمية النصوص وعلى اعتبار ان كل روائي يكتب ويضمن رواياته شيء من سيرته الذاتية وهي عادة يعصف بها الالم وغنية بالاحداث الدرامية المزلزلة.

هذا في الواقع ما نريد ان نستكشفه ضمن هذه الدراسة وذلك بالاضافة الى كل ما يرتبط بروايات الايتام من خلال هذه الدراسة التي لا بد ان تكون جماعية اولا لانه سيكون من الصعب على شخص واحد انجازها وثانيا لان الدراسات الجماعية ربما تكون هي الحل في ظل ما وصلنا له من اغتراب كنتيجة لسطوة العالم الافتراضي .

المطلوب هنا
- ادراج اسم رواية يكون كاتبها يتيم ثم تحليلها والقاء الضوء على عناصر القوة والادهاش فيها، او ادراج اية دراسات من قبل آخرين حول نفس الموضوع.


أملي ان يشارك اكبر عدد من المهتمين بالادب بهذه الدراسة الجماعية التي سيكون لها فوائد من عدة جوانب.

اهلا وسهلا،،


قديم 05-02-2012, 09:20 AM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قصائد في مديح اليُتم: البهاء حسين .. يكتبُ 'كأنَّه يتذكَّر'
المصدر : القدس العربي.


2012-05-01

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

القاهرة ـ محمود خيرالله: يكتب الشاعر المصري البهاء حسين قصيدته مسنوداً إلى تجربة شديدة الخصوبة، لا يقف عند العَتَبات التي بالت حوافُّها تحت أقدام شعراء، في قصيدة النثر المصرية، التي أثارت من الجدل أكثر مما حققت من الرضا، لدرجة أنه بدا في ديوانه السادس 'بكل جسدي ..بكل طفولتي' ـ الصادر مؤخراً في القاهرة عن دار 'العين' ـ كمن يضيف بصمةً جديدةً على شعرية تخصّه، لا تتشابه مع أحد، ولا تعترف بالمزاج العام لقصيدة جيل التسعينيات، الذي ينتمي إليه البهاء ـ على نحوٍ ما ـ في نهاية المطاف.
تُثبت قصائد الديوان ـ أولاً ـ أنها لا تقف عند رصد مشاهد متفرقة من حياته، تنتمي إلى نظرية سادت الشعرية المصرية في العقدين الماضيين، والتي تقول إن القصيدةَ يمكن أن تولد في الفراغ المشهدي الواسع، أو في استعمال متتالية 'العادي والهامشي واليومي'، التي اعتبرها بعض النقاد دليلاً على الشعرية الجديدة، وتُثبث ـ ثانياً ـ أنها لا تلتمس حتَّى وصفة 'الإيجاز، التوهٌّج، المجانيَّة' على نحو ما عبَّرت الأكاديمية الفرنسية سوزان برنار، في كتابها الأشهر عربياً 'قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا'، بل يتمسك البهاء في ديوانه الجديد ـ ثالثاً ـ بمقاربة عوالم حياتيَّة مباشرة، في لغة شديدة التقشف، تعكس انشغاله بما سُمِّي يوماً ـ على سبيل الاستنكار ـ 'القضايا الكبرى' في الشعر، مُستخدِماً مجازاتٍ وقاموساً وعوالم لا تتأفف من قاموس الفقر واليُتم، منتبهاً إلى شعرية الأسى الذي يصاحبهما دائماً وإلى الأبد، والذي لم يكن نمطاً حاضراً بقوة في مشاريع قصيدة النثر المصرية، رغم تعدٌّدها، رابعاً.
في ديوانه الجديد ـ ثمة شذرات من سيرة شعرية ـ قال إنها بدأت بديوان 'عود ثقاب أخير' الصادر في العام 2002 وتستكمل في جزءيْن لاحقيْن ـ حيث تبدأ القصائد من'المقابر' لتنتهي بـ'الوحدة'، باحثاً بينهما ـ بجسده وطفولته معاً ـ عن عدة درجات في سلم الموت، كان عليه أن يطأها ليفهم نفسه أولاً:
' حتى البيوت تجد مَن يُعيِّرها،
تجد العتباتُ من يحمِّلها عبء حظِّهِ العاثر،
العتباتُ التي قوَّسها الانتظار
فصارتْ أرامل'
شعرية العالم هنا تأتي من الأسى الإنساني لحياة طفل بين أم مترمِّلة وأب غائب، منذ الإهداء: 'مثل أمي وخالتي روحية، الأرملتين، أمشي كأننَّي أتذكر..'، إلى القصيدة الأخيرة: 'وحده في البيت'، مروراً بقصيدتي: 'ببطء باتجاه المقابر' و'قد تكون النافذة أختاً' وغيرها، حيث يعتقد المرء جازماً أن تيمة 'الأم ـ الموت' هي كلمة السر في هذا الديوان، وعبارة الكاتب البرتغالي الشهير خوسيه ساراماجو التي تقول 'اترك زمام أمرك للطفل الذي كُنته' ..هي عنوانه الداخلي بامتياز.
القصائد مُترعة بالحزن والأرامل، تتحرَّق فيها الذات شوقاً إلى ماضيها، كأنَّها تحفُره، تحكي قصة طفولة يتحوَّل فيها العالم إلى نوع من المرارة تتساقط تلقائياً على الشعر، ومن أول سطر في الديوان:
' لأنني أكرهكم
لا يعلق بذاكرتي منكم غير الأحذية'
الشاعر ـ الذي يُعرِّي مراراته كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً ـ يريد أن يطلعنا على حفاء الطفولة، الذي يجعل الأرض مؤلمة أكثر من اللازم، 'كانت أمي تظن أن المستقبلَ/ قادرٌ على صنع حذاء/ لامرأة وطفل يبيعان الفاكهة للظهيرة'، وهو حريص على أن يرى العالم من مناطق جديدة على الشعر، وعلى أن يضيف إلى القصيدة نمطاً من العجائز، من اللائي يعشْن تحتَ أشباحِهن، حيث أعادت ترتيب الحقائق من جديد في عين طفل يسائل الأشياء ويتماهى معها، إلى أقصى حد :
'ليس لدى فرنٍ من الطين مايقوله للنار،
سوى أجسادٍ مُبهمة
ليس للزنزانة
ليس للموت مَن يعيِّره باسمه'
وعلى الرغم من أن الطفل هو الذي يكتب في حقيقة الأمر، قصائد هذا الديوان، إلا أن الموت يأتي في كل القصائد تقريباً بوصفه أبسط الحقائق، لا في قصيدتي'ببطء باتجاه المقابر' و'موت دجاجة' فقط، بل في أغلب القصائد التي تحضر فيها 'الأم'، وأشباحها طبعاً معها، ما يوفر مزاجاً سوداوياً يميل إلى الحكمة في القصيدة، ويمنح مؤشراً على تمدد تجربة الشاعر، الذي تخطى الأربعين بقليل، ليصير ـ ربما ـ كهلاً في القصائد، كأنَّه يعيد إنتاج أمه، المأخوذة روحُها دائماً إلى هناك:
'لن أعرفَ مَن آخر شخصٍ
سيدركُه الموتُ في هذا العالم
وإلى أي حدٍ بالغ في تصوير الوحشة
وهو يموت بلا جمهور'.
لغة الشعر ـ على نقيضِ عدد من شعراء جيله ـ تأتي في أكبر قدرٍ ممكن من الشظف والتقشف، لا ارتجالية ولا ثرثرة، لا شيء يفيض في هذه اللغة المشدودة على حبل سري لا يُرى، لدرجةِ أن شاعرية اللغة تستمد نصف جماليَّاتها ـ على الأقل ـ مما تمحوه، كأنَّ المحذوفَ لغةٌ بحدِّ ذاتها، تمنح المكتوبَ في ديوان 'بكل جسدي..بكل طفولتي' حزناً إضافياً.
تعبِّر القصائد ـ فوق ذلك ـ عن خبرة جمالية باذخة بقصيدة النثر، تمددت في دواوينه السابقة، خصوصاً في 'نص الكلاب' و'آثار جانبية للسعادة' وفي خبرته كواحد من أهم صائدي 'قصيدة النثر المصرية'، حيث جازف بجمع أوَّل مُختاراتٍ شعريَّة تصدرعلى نفقة الدولة لهذه القصيدة، ـ العام قبل الماضي ـ في كتاب 'صيدٌ وحيد' الذي أصدرته 'مجلة إبداع'ـ والتي يرأس تحريرها مُعارض قصيدة النثر الأول الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، وهو ما وضع الصيدَ كله في اختبارٍعسير.

قديم 06-10-2012, 01:13 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
دعوة للمشاركة في هذه الدراسة الجماعية - ورشة العمل - حول "الادهاش في روايات الايتام".

يسرني دعوة المهتمين في الدراسات والقراءات الادبية للمشاركة في هذه الدراسة هنا وبحيث يتم طرح اسم رواية على ان يكون مؤلفها يتيم ، لكي يتم تقديم قراءات ودراسات حولها ثم ننتقل الى رواية اخرى.

بأنتظار اقتراحتكم حول اسم اول رواية مقترحه لهذا الغرض.

مع التحية واهلا وسهلا،،

===========
ملاحظة :

طبعا يمكننا اختيار واحدة من روايات الايتام المشمولة في قائمة اروع مائة رواية عربية على الرابط التالي:


او واحدة من افضل مائة رواية عالمية على الرابط التالي:


او اي رواية اخرى من خارج هذه القوائم شرط ان يكون مؤلفها يتيم.


- من يعلق الجرس ويتقدم لنا باقتراح اسم لاول رواية ليتم مناقشتها ضمن هذه الورشة؟؟؟؟؟

قديم 06-12-2012, 03:06 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حتى نطلق العنان لفعاليات هذه الورشة والتي نهدف من خلالها الى استشكاف اسرار وابعاد الجمال والروعة والتأثير والادهاش في روايات الايتام وعلى اعتبار ان اليتم عنصر اساسي في خلق الروعة وما الى ذلك من عناصر تأثير ... سنضع اليوم بين ايديكم رواية :

- رامة والتنين –

للروائي- ادوار الخراط – من مصر

وهي الرواية رقم 8 في قائمة "افضل مائة رواية عربية" حسب اتحاد الكتاب العرب لتكون اول رواية تخضع للدراسة والبحث والتحليل والتمحيص وذلك ضمن اعمال هذه الورشة الطموحة ، وسنخصص شهر كامل لهذه الرواية، نأمل في خلال هذه المدة ان نتمكن من دراسة الرواية من كافة جوانبها ، ثم ننتقل الى الرواية التالية من روايات الايتام ضمن القائمة نفسها وهكذا..:


ايها المهتمون بفن الرواية ....
هلموا دام عزكم وفضلكم الى المشاركة....

=================
معلومات منشورة عن رواية " رامة والتنين".
المصدر : الانترنت.

أول ما يستوقف القارئ في هذه الرواية،
- اللغة التي تشي بامتلاك الكاتب لها،
- وبقدرته على تصوير أحاسيس أبطال روايته من خلالها،
- وفي هذه الرواية تتداخل الأزمنة حيث تتداعى أحداث الماضي في تشابك مع اللحظة الحاضرة التي تشكل إطاراً زمنياً للرواية.
- وفي كل هذا يطل الإنسان برغباته ونزعاته وشهواته، حيث لا مفر من البحث عن نهاية يقنع عندها بأنه استنفد كل جهده، وطاقاته.

والرواية
- ترصد تفاعلات النفوس الإنسانية التي ذاقت مرارة الهزائم والإنكسارات وتفجر مكامن الخوف في الإنسان الذي تتقاذفه أقداره دون طوق للنجاة يصل به إلى بر الأمان

==


سنحاول ايجاد رابط الكتروني للرواية لنوفرها لكل من يريد ان يقرأها ويقدم رؤيته وقراءته عنها ولها....

وكل الشكر لكل من يشارك في ورشة العمل هذه ....سواء بتقديم اضافة عن الرواية منشورة على الانترنت، او تقديم قراءة جديده لها او لاحد عناصرها ....او توفير رابطها الالكتروني.

قديم 06-12-2012, 04:03 PM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رامة والتنين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
رامة والتنين هي رواية للكاتب ادوار الخراط، نشرت سنة 1980. بعد ستة عشر عاماً من صدورها، باتت ثلاثيةً، بصدور الجزء الثاني الزمن الآخر والجزء الثالث يقين العطش.
- تعتبر نمطا متميزا في الكتابة السردية الذاتية.
صنفت كثامن أفضل مئة رواية عربية.
محتوى</SPAN>

- تدور الرواية كحوار بين رجل وامرأة تختلط فيها عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية.

هذه الرواية هي خير مثال في أدب إدوار الخراط للحديث عن
- الرواية التجريبية ذات المختبر الخاص، والبحث الضالع في جماليات اللغة، وقناع الذاتية.
- بالإضافة إلى اعتماد الكاتب على تكنيك سيل الوعي المتغلغل في نسيج النص من خلال شخصية "رامة" المتغلغلة بدورها هي الأخرى في نفس تكنيك تيار وعي "ميخائيل"، وتداعي خواطره الذاتية، ومونولوجه الداخلي الكاشف عن ذكريات كثيرة حدثت.
نقد

يقول سامي خشبة في دراسته حول "رامة والتنين مأساة مصرية" حول الأهمية الخاصة برواية "رامة والتنين" والهدف من التعبير عنها بهذا الطراز من الكتابة هي أن:
- «"إدوار الخراط عندما كتب هذه الرواية، إنما كتبها من منطلق واضح فيها كل الوضوح، حول تجربة الحب الضائع، التي يعيشها مثقف مصري قبطي تكونت ثقافته باعتباره (قبطيا) ينظر إلى الأشياء، وإلى تاريخ مجتمعه ولغته، من منظور فهمه الخاص لتاريخه الذاتي.»
مراجع

1. ^ التصوف كبنية روائية ـــ نبيل سليمان مجلة الموقف الأدبي - مجلة أدبية شهرية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق - العدد 348 نيسان 2000
2. ^ إدوار الخراط يتمرد على الشكل السردي ويعزف على تنويعات مختلفة في الشكل والمحتوى واللغة، والرؤية والأداة. الخرَّاط وخمسون عاما من التجريب الروائي السبت , 28 أبريل



قديم 06-12-2012, 10:31 PM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
من رواية رامة والتنين
لم يقل لها: علمني حسي بفقدانك أننا نحب وحدنا. ونموت وحدنا. واستشرفت أنّه ليس حتى في الموت برء من الوحدة. بعد حياة الوحشة المحكوم بها علينا, نحن نموت. ولا نجد في الموت نجدة. ولا نلتقي فيه بأحد. الموت يطوي الكتاب و يغلقه و يكرس ختمه.
و الحب؟
الحب كذبة. هو الشهوة العارمة للخلاص من الوحدة, الاندفاعة التي لا توقف نحو الانصهار الكامل والاندماج والاشتعال المزدهر لكنه يدور أيضا في الوحدة. وينتهي بتكريسها, أكثرُ علقماً من الموت. نحن نحب وحدنا، الحب أيضا وحدة لا شفاء منها.
***

عندما يمتزج الحب كعاطفة صادقة بوجع الحياة، تضحي الحياة أجمل حتى بعذاباتها فهي تحمل في ثنايا تواترات ساعاتها وأيامها لحظات ساحرة، وومضات آثرة من ذاك الحنين الذي يترك داخل القلب، واعدا بآمال محققة.
***
قال لها دون أن يتكلم : يا حبيبتي ، نحطم بأيدينا كل بنايات عمرنا ، هذه الجدران التي أقمناها ، كل منا على حده ، طول السنين ، بتضحيات لا أحد يعرف ثمنها ، هذه السجون التي نرتطم بأبوابها الموصدة كل يوم . حبنا نافذة في الشمس ، قطعة ممزقة من سماء الليل الفسيحة . العلاقات التي تبتر ، نظم الحياة التي تتقوض وتنهار . متاع خفيف وجوهري من الحب والكتب . قطع أخرى أيضاً من القلوب تمزق وتترك وراءنا . موسيقى التوقع والتشوف .
- قالت: الجزائر تذكرني بالإسكندرية . هل تعرف ، سآخذك معي إلى الإسكندرية ، أليست بلدة حبيبتك ؟ وأغرقك بالبحر ؟
ماذا تقول لحبيبتك التي سوف تغرقك في البحر ؟ تقول : أغرقيني ... بالطبع هذه الأمواج التي نريد جميعاً أن نغرق فيها ، دون أن تغص حلوقنا بالماء المالح ، غرقاً ناعماً هادئ النبرة . أو غرقاً عاصفاً متقلباً يفقد به المرء نفسه وتطيش عيناه . تقول لا لن أغرق أبداً ؟ وأنت منذ الآن قد خبطت القاع الرملي بالفعل ، واستقر جدثك واعي العينين تحت ثقل أطباق من الموج لا تطاق .
قالت : أنا كالعنقاء التي يحكون عنها ، تجدد ذاتها في مياة البحر .
قال لنفسه : في مياة البحر ، في معمودية النار .
قالت : في ملح البحر ، وصمته وشمسه المحرقة ، ونعومة قمره .
قال لها : دائمة الشباب ، تخرجين من المياة المحرقة كل مرة في غضاضة الصبا الجديد .
وقال لنفسه : هذه المرأة باقية لا تزول ، هي بنفسها تضع أرقام الزمن ، وفق ما تمليه حاجاتها الداخلية ، بِرْكة الحب المشتعلة هي الينبوع
الذي ترى فيه الزهرة وجهها القمحية مترقرقة أبداً قريباً من سطح الماء .وقال في نفسه : هي لا تعود أبدأً لشيء مضى ، ولا تذكر أبداً ، لا تقول إن شيئاً قد حدث وانقضى ، كل شيء عندها الحاضر ، كل لحظة تبدأ عندها من جديد ، كأن الماضي لم يحدث أبداً ، وبالتالي لم ينسى ولم يذكر لأنه لم يكن هناك أصلاً . كل حكاياتها في الحقيقة تجري بالفعل المضارع ، ولا تعرف المستقبل أيضاً ، لا تراه يوجد .

قديم 06-12-2012, 11:00 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
إدوار خراط_ مؤلف رواية رامة والتنين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


إدوار الخراط كاتب مصري ولد بالإسكندرية في 16 مارس عام 1926 في عائلة قبطية أصلها من الصعيد، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1946م، عمل في مخازن البحرية البريطانية في الكبارى بالإسكندرية، ثم موظفا في البنك الأهلى بالإسكندرية، عمل بعدها موظفا بشركة التأمين الأهلية المصرية عام 1955م، ثم مترجما بالسفارة الرومانية بالقاهرة.

شارك إدوار الخراط في الحركة الوطنية الثورية في الإسكندرية عام 1946 واعتقل في 15 مايو 1948م في معتقلى أبو قير والطور. عمل في منظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية في منظمة الكتاب الإفريقيين والآسيويين من 1959 إلى 1983م. تفرغ بعد ذلك للكتابة في القصة القصيرة والنقد الأدبي والترجمة، فاز بجائزة الدولة لمجموعة قصصه (ساعات الكبرياء) في 1972م.

- يمثل إدوار الخراط تيارًا يرفض الواقعية الاجتماعية كما جسّدها نجيب محفوظ في الخمسينات مثلا و
- لا يرى من حقيقة إلا حقيقة الذات ويرجّح الرؤية الداخلية، وهو أول من نظّر للـ"حساسية الجديدة" في مصر بعد 1967م.

- اعتبرت أول مجموعة قصصية له (الحيطان العالية) 1959 منعطفًا حاسمًا في القصة العربية إذ
- ابتعد عن الواقعية السائدة آنذاك و
- ركّز اهتمامه على وصف خفايا الأرواح المعرَّضة للخيبة واليأس،
ثم
-أكدت مجموعته الثانية (ساعات الكبرياء) هذه النزعة إلى رسم شخوص تتخبط في عالم كله ظلم واضطهاد وفساد.

أما روايته الأولى (رامة والتِنِّين) 1980 ف
- شكّلت حدثًا أدبيًا من الطراز الأول،
- تبدو على شكل حوار بين رجل وامرأة تختلط فيها عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية.
- ثم أعاد الخراط الكرة بـ(الزمان الآخر) 1985 وبعدد من القصص والروايات (وإن صعب تصنيف هذه النصوص) متحررة من اللاعتبارات الإديولوجية التي كانت سائدة من قبل.
مؤلفاته




صدر لإدوار الخراط أكثر من 50 كتابًا قصصيًا أو شعريًا أو نقديًا، ومن مؤلفاته:
  • حيطان عالية
  • ساعات الكبرياء
  • رامة والتنين
  • الزمن الآخر
  • أضلاع الصحراء
كما قام بترجمة أربعة عشر كتاب إلى اللغة العربية، وعدد من المسرحيات والدراسات.


حصل على جائزة الدولة التشجيعية ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1973م.

==
وُلد إدوار الخرّاط بالإسكندرية في 16 مارس عام 1926 ، ونشأ فيها وحصل على ليسانس الحقوق من جامعتها في عام 1946. عمل في عدة وظائف، وشغل منصب الأمين العام المساعد لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية، واتحاد الكتاب الأفريقيين الآسيويين، ثم تفرغ للكتابة.
أصدر أكثر من خمسين كتابًا، من بينها ستة كتب شعرية, منها: (تأويلات)، و(لماذا)، و(صيحة وحيد القرن)، وخمسة عشر كتابًا في النقد الأدبي التشكيلي, منها: (الحساسية الجديدة)، و(أنشودة للكثافة)، و(ما وراء الواقع)، و(مهاجمة المستحيل)، و(أصوات الحداثة). وترجم سبعة عشر كتابًا عن الإنكليزية والفرنسية، ونحو عشرين مسرحية طويلة وقصيدة.
كتب عشرين عملاً قصصيّا وروائيّا، منها: (حيطان عالية)، و(ساعات الكبرياء)، و(حجارة بوبيللو)، و(مخلوقات الأشواق الطائرة)، و(أمواج الليالي)، وثلاثية (رقرقة الأحلام الملحية)، وثلاثية (رامة والتنين)، وثلاثية (الإسكندرية)، و(صخور السماء).

قديم 06-12-2012, 11:09 PM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الخراط: نصوصي ليست نسيجا معنوياً لغوياً
صاحب «رامة والتنين» لـ«الشرق الأوسط»: نريد الحرية غير منقوصة وبلا حدود
الشرق الاوسط 6 ابريل 2003

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
القاهرة: عبد النبي فرج
احتفلت الاوساط الأدبية في مصر منذ أيام بعيد ميلاد الروائي ادوار الخراط السابع والسبعين، الذي مازال، كما يرى البعض،
- كاتباً إشكاليا.
هنا حوار معه حول رؤيته الجمالية للعمل الفني، وتقنيات السرد القصصي والروائي، ومقاربته للموضوع الديني في مصر.

* تبدو المرأة في بعض اعمالك وكأنها متخيل عقلي ذكوري اكثر من كونها واقعا فعليا معاشا؟
ـ هذا الكلام بالنسبة لي لا يستند الى قراءة متبصرة، فالمرأة خاصة في رامة والتنين، والزمن الآخر، ويقين العطش، واقعة حسية مباشرة مجردة عن كل تصور مضاف أو مقحم، فهي كيان ارضي يومي حي منسجم، فضلا عن البعد الاسطوري. وربما كانت النظرة إليها في هذه النصوص نظرة ذكورية ولكن الصحيح ايضا انها تكثيف وتجسيم الانثوية الواقعية والاسطورية المتخيلة في وقت واحد.

* يقول سارا ماجو «ان كل ما نفعله في الروايات هو قص الحكايات»، هل تتفق مع هذا المفهوم للرواية؟
ـ طبعا اننا بلا شك نقص الحكايات. ومن غير سردية واضحة أو خفية لا تقوم للرواية أو القصة القصيرة قائمة، ولكن آمل ان يكون الأمر غير مقصور على مجرد سرد حكاية
- بل ان تندرج في طوايا الرواية شرايين الشعرية
- أو اضاءات المشهدية
- أو لمحات واستلهامات من الفن التشكيلي والموسيقى،
- فضلا عن البعد الفكري اي الموقف الفلسفي بالمعنى العريض المتضمن في سرد الحكاية.

* القناع يحل محل الاصل ويقوم بدوره او يؤدي فعله، هل ميخائيل ، بطل «رامة و التنين» هو قناع ادوار الخراط؟
ـ نعم ولا، اظنه يتشابه مع كاتبه في نواح محدودة ويختلف معه ان لم يتناقض في نواح عديدة، ليس ادوار الخراط مستعدا ان يوقع من دون تحفظ بامضائه على ما يقوله ميخائيل أو ما يفعله.

* دعني استعير تحليل عبد الفتاح كيليطو لمغامرات السندباد، إذ قد يكون السندباد رجلا كسولا يعيش في أزقة بغداد له خيال نشط وان مغامراته ورحلاته محض خيال، هل من الممكن ان ينطبق هذا التحليل على ميخائيل وعلاقته؟
ـ الرد في كلمة واحدة ممكن، ولكن دعنا نتعمق قليلا في تحليل عبد الفتاح كيليطو الشائق، ان مغامرات السندباد أو أي سندباد آخر وهو قابع في عقر داره، لا يمكن ان تكون خيالا محضا فما دامت قد حكيت أو سردت أو قيلت شفاهة، فقد اكتسبت بعدا معينا مما نسميه الحقيقة، ذلك ان
- الخيال فيه غير منفصل تماما عن الواقع بل لعل فيه واقعا أعمق واقعية مما نسميه الواقع.

* ألا ترى أن صناعة نسيج لغوي اسطوري في عالم تسوده الحروب والفوضى نوع من الترف العقلي؟
ـ لا أتفق معك على الاطلاق، أولا:
- أعوذ بالله ان تكون نصوصي نسيجا لغويا.
- وآمل أن تكون فيها خبرة من الحياة والحرارة مما يتجاوز مجرد الوصف بالنسيج اللغوي.
ثانيا:
- والأهم ليس هناك ترف عقلي في الخبرة الفنية بشكل عام فهي ضرورة روحية وحياتية لا يستقيم الوجود الانساني بغيرها،
- العالم الذي يموج بالعنف والقسوة والشر هو الذي تواجهه الخبرة الفنية لكي تعمق الوعي به أولا ويأتي السعي نحو تغييره عن طريق الفن وعن طريق العمل المباشر.

* تقول «اسكندريتي كولاج قصصي تم خلالها تقطيع اوصال نصوص في غاية الفنية في سياقها»، هل يعني هذا انك مريد في حضرة الاسكندرية؟ وهل ستكرر التجربة؟
ـ أما وأنا مريد في حضرة المعشوقة فهو ماثل ولا يحتاج الى بيان، لكن الكولاج القصصي فيما ارجو قد اكسب النص دلالات لعلها كانت كامنة في الاصل فأوضحها وأظهرها للعيان.
وأما تكرار التجربة فلم لا، قد يكون هذا واردا في غير نص كما هو وارد في ما نسميه واقع الحياة نفسها الذي يتكون من كولاج نمزقه ونصله بعضا ببعض في تصوراتنا وأفعالنا كما في أحلامنا أو أوهامنا.

* هناك ازدواجية في النظرة الى المكان، مرة باعتباره رحما ومرة باعتباره ذا سطوة وجبروت، كيف ترى؟
ـ لست اظن ان هناك ازدواجية في ذلك فيمكن ان تكون للمكان ابعاد كثيرة في وقت واحد قد يكون رحما او ملاذا أو قوة طاردة، ليس للمكان في ذاته حتى لو صح هذا التعبير وجود نهائي مغلق، انه يتمروح تحت تأثير الزمن ويتقيد تحت وقع النظرة إليه أو تحت وطأة الخبرة به، المكان اذاً ليس ظاهرة نهائية مصمتة مغلقة على ذاتها، أظنه تجربة حميمة متغيرة المواقع في النص وفي الروح.

* يبدو الراوي في قص ادوار الخراط مهيمنا أبويا يخضع شخوصه لنوع من التشريح وكأنهم تحت المجهر؟
ـ يحق لك ان تراه على هذا النحو بطبيعة الحال كما يحق لي ان اراه على نحو مختلف تمام الاختلاف.
صحيح ان شخوصي تأتي من خلال نظرة الراوي إليها، ولكنها حتى في هذه النظرة لها وجود موضوعي مغاير لنظرة الراوي إليها، ذلك واضح من استقصاء الخطوط الواقعية التي ترسم بها الشخوص وبها تحيا خارج نظرة الراوي إليها. انني أكره بل امقت النظرة الابوية السلطوية وما الى ذلك، أرجو ان أكون متواضعا أشد التواضع امام حقائق الآخرين ووجودهم المائز.

* لماذا لجأت الى التوثيق في رصد الحالة الدينية في مصر؟
ـ الحقيقة ان لجوئي الى التوثيق ليس في رواية «يقين العطش» فحسب بل من فترة مبكرة من حياتي.

* أعلم، غير انك كنت تستخدم التوثيق باختصار شديد، ولكن التوثيق في «يقين العطش» أثقل على العمل رغم لغتك الشاعرية التي حاولت بها ان تخفف هذا الثقل؟
ـ عموما،
-التوثيق تقنية هامة من تقنيات السرد القصصي والروائي على شرط ان يتسق مع المتخيل لكي يخلق واقعا سرديا يختلف عما نسميه الواقع اليومي في الوقت الذي ينبع منه ويصب اليه.
ليس ما نسميه الواقع شيئا كريها في ذاته، ففيه من أهوال الجمال ما يروع القلب. الكريه في الواقع قبحه وشره وهو ما يجهر الفن في تعريته ومن ثم فضحه. ان الذي يزيل عن التوثيق جفافه او صلابته، ادراجه في سياق يتجاوز هذا الجفاف وتلك الصلابة الى شيء آخر اسميه واقعية السرد، التي لا تختلف في نهاية الأمر عن شاعرية السرد، لان الفن هو سيد المتناقضات، به الواقع والخيال بين الجسم والروح بين الصحو البارد والفانتازيا الحارة.

* رفض ميخائيل الحوار مع المتشددين في صعيد مصر.. كيف ترى هذا الأمر؟
ـ بؤرة العنف الارهابية الاساسية هي العطب الاجتماعي الذي يصيب، بل يتفشى في الوطن من جراء غياب الحرية الكاملة.
- نحن لا نريد هامشا للحرية، لماذا الهامش؟ نريد الحرية غير منقوصة بلا حدود، هذا هو السبيل الوحيد لمعالجة البطالة، قصور أو فساد نظم التعليم أو الاعلام، تفشي الفهم الضيق المتعصب للمبادئ الدينية السمحة بطبيعتها، افتقاد الأمل في المستقبل امام الشباب، الحس بأن الفرد الانساني في أوطاننا ممنوع من تقرير مصيره بنفسه، ومقموع تحت وطأة آليات كثيرة عليه ان يجالدها في لحظة، بدءا من الجوع الى لقمة العيش حتى الجوع الى فسحة الأمل،
تلك هي الارض التي ينبثق منها العنف الديني أو ما نسميه الإرهاب ولا علاج له أبدا لا عن طريق العنف المضاد ولا عن طريق الوسائل الأمنية، وإنما صلاح أو تنوير المجتمع يكون بالديمقراطية الكاملة، وهو الحل.
أما بخصوص الحوار في النهاية فلا بد ان يتم في مناخ الحرية، لا معنى للحوار مع من يرفض الحوار أصلا، ويقطع السبيل أمام كل نقاش، لا معنى للحوار في ما اظن لمن يتصور انه يملك الحقيقة المطلقة ملكية تامة وان كل خلاف معه يعد من قبيل الكفر. قيل قديما انه لا حرية لأعداء الحرية، الوضع هنا مختلف فلا علاج لانتقاص الحرية إلا بمزيد من الحرية. الحوار مفتوح وضروري لمن يقف على أرضية الحوار «وجادلهم بالتي هي أحسن».

* كثيرا ما تسرف في استخدام عبارات مثل التجريب، المغامرة، عدم اليقين، مع ان جوهر العمل الروائي لادوار الخراط هو مع المستقر في الرواية الكلاسيكية بتنوعه مثل البناء الصارم، الشخصية المركزية، الراوي المهيمن وهكذا؟
ـ بالعكس انا لا أرى في ما تسميه جوهر الروائي عندي على السائد والمكرس والمألوف، ولعلك ترجع في ذلك الى كل نقادي الذين اجمعوا على ذلك، لا، لا، لا
- أظن ان العمل الروائي هو مغامرة مستمرة وتجريب متصل، وذلك لا يتنافى مع بناء قد يكون محكما أو به صرامة في الصدق لعلها تكون ذاهبة الى غايتها،
- ولكن اللب أو المحور الاساسي هو ان العمل الفني سؤال وليس اجابة،
- اقتحام وليس انصياعا.
- العمل الفني اختراق وليس امتثالا.

قديم 06-12-2012, 11:32 PM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الباب الثاني : أشكال النروع الأسطوري وتجلياته - الحدث الأسطوري
من منشورات اتحاد الكتاب العرب عام 2002

تتعدّد أشكال النزوع الأسطوريّ في الرواية العربية المعاصرة بتعدّد النصوص الروائية التي تنتمي إلى مجاله، وإلى حد يمكن القول معه إنّ كلّ نصّ روائي ينجز شكلّ النزوع الخاصّ به، والمميّز له من سواه.‏
ويمكن تنضيد مجمل هذه الأشكال في ثلاثة: شكل ينزع إلى استلهام حدث أسطوريّ، أي إلى الاتكاء على أسطورة بعينها، وثان ينزع إلى استلهام رمز أو أكثر من الرموز الأسطوريّة، وثالث ينزع إلى استلهام البناء الأسطوريّ. من غير أن يعني ذلك أنّ كلّ نص روائي يستقلّ بشكل بعينه، إذ ثمّة نصوص يستجمع كلّ منها لنفسه أكثر من شكل، كما يتردّد فيه أكثر من أسطورة. بمعنى أنّ هذا التنضيد لا يعدو كونه عملاً إجرائياً بحتاً اقتضته طبيعة الدرس النقدي فحسب، ويخضع لمنطق غلبة شكل على غيره من الأشكال الأخرى داخل النصّ الروائي الواحد.‏

فكما ثمّة، على سبيل المثال،
- في رواية "رامة والتنين" أسطورة رئيسية تشكّل أحد أهمّ حوافز النزوع الأسطوريّ في الرواية، هي أسطورة الموت والانبعاث، ثمّة، أيضاً،
- استعارات من أساطير أخرى تعزّز ذلك النزوع وتثمّن حضوره في الرواية، إذ تستدعي الأسطورة الفرعونية، إيزيس وأوزوريس، المعنية بأطروحة إحياء الإله وبعثه، رموزاً أسطوريّة عدّة، كالعنقاء، والتنين.
وإلى جانب أسطورة المخلّص، على سبيل المثال أيضاً، التي تشكّل أبرز علامات الرمز الأسطوريّ في رواية "الحنظل الأليف"، والتي تتجلّى من خلال شخصية "آدم البرّي"، ثمّة بناء أسطوريّ يُداخِل ما بين مستويين متضادين بالمعنى الموضوعي ومتعاضدين بالمعنى الفنّي / الجمالي: مستوى الواقع، ومستوى الأسطورة.‏
أعني بالحدث الأسطوريّ: ما يحيل على أسطورة مركزيّة من المنجَز الذي أبدعته المخيّلة البشرية في مغامراتها الفكرية الأولى، وما يتماهى والنسيج الحكائي للنصّ الروائي ويشكّل بؤرة المحكيّ فيه. وبالرمز الأسطوري: الأساطير الجزئية التي لا تشكّل متوناً في السرود الروائية، بقدر ما تبدو حوامل يعزّز الروائي بوساطتها، وعبرها، مقاصد الكتابة لديه. أمّا البناء الأسطوريّ، فإنني أعني به: النصوص الروائية التي تشيد عوالم أسطوريّة من خلال واحد من مكوّناتها النصّية، الشخصية الحكائية، أو العالم التخييلي، أو الفضاء الجغرافي. أي النصوص التي تمتلك الشخصية الحكائية فيها قوى مفارقة لقوانين الواقع الموضوعي وتتمتّع بقدرات تتجاوز القدرات المألوفة للبشر وتنحرف بها إلى مستوى الكائنات الأسطورية، ثمّ النصوص التي يشيد كلّ منها عالماً منبتّ الصلة بمواضعات العالم الواقعيّ ويُنتج عالماً خاصاً به ما إن يجد نفسه في مواجهة قانون مهيمن حتى يبدأ بالتمرّد عليه ويبتكر ما ينقضه، وأخيراً النصوص التي يصوغ كلّ منها فضاء جغرافياً يحيل إلى بدايات الأشياء.‏

الحدث الأسطوري‏
يتوزّع المنجَز الأسطوريّ، بعامة، بين نوعين رئيسيين: أساطير تتعلّق بأصل الخلق والتكوين وبدايات الأشياء، وأخرى تتعلّق بظواهر الطبيعة وبأكثر مؤرقات الإنسان عبر عصور التاريخ المختلفة، أي: الموت والانبعاث.‏
فأسطورة / أساطير التكوين تتردّد في معظم المغامرات الفكرية الأولى، ولدى معظم الشعوب والمجتمعات، وإلى حد يمكن القول معه إنه ما مِن شعب "إلا ولديه أسطورة أو مجموعة أساطير في الخلق.. وأصول الأشياء"(1)، حاول الإنسان من خلالها تفسير نشأة الكون وكيفية ظهور عناصره إلى الوجود، ووعي الظواهر الطبيعية المحيطة به من جهة، ثمّ ابتكار الطقوس اللازمة لاسترضاء القوى المحرّكة لتلك الظواهر من جهة ثانية.‏
والسمة نفسها تتجلّى في أسطورة / أساطير الموت والانبعاث التي تبدو هي الأخرى قاسماً مشتركاً بين معظم تلك المغامرات بسبب ارتباطها بأكثر أسئلة الوجود إلحاحاً، أي: الموت، موت الإنسان والطبيعة، الذي دفع المجتمعات الأولى جميعها "إلى إبداع عالم أسطوريّ يتغلّب فيه الانبعاث على الموت"(2)، ويحرّر الإنسان من العذاب والألم(3).‏
وبتتبّع تجلّيات هذا المنجَز في التجربة الروائية العربية، وربّما في مجمل الأجناس الأدبية العربية الحديثة، يخلص المرء إلى أن ثمّة حدثين أسطوريّين مركزيين يحاكيان تلك السمة المميّزة لترجّح المنجَز نفسه بين النوعين المشار إليهما آنفاً، ويشكّلان المصدر الأسطوريّ الأول لهذه التجربة بعامة، أي التكوين، والموت والانبعاث، بسبب ما تفيض به هاتان الأسطورتان من حمولات دلالية معبّرة عن الأسئلة الأكثر إلحاحاً في الواقع العربي منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى الآن، أي منذ شواغل عصر التنوير الفكرية والحضارية، مروراً بأسئلة المراحل التالية للاستقلال الوطني على المستويين السياسي والاجتماعي، وبالأسئلة الجارحة التي أنتجتها المفاصل الأكثر حساسية في التاريخ العربي الحديث: النكبة الفلسطينية، وهزيمة حزيران، واتفاقات السلام.‏
1 – أســـطورة التــــكوين:‏
على الرّغم من الأساطير بعامة مثّلت زاداً جمالياً للكثير من الإبداع الأدبي العربي، وتمّ استلهامها بأشكال ورؤى مختلفة، وفي معظم الأجناس الأدبية، وعلى الرّغم أيضاً من أن الجنس الروائي يُعدّ أكثر هذه الأجناس استيعاباً لاستلهام ذلك الشكل من أشكال المغامرات الفكرية الأولى، فإنّه لمن اللافت للنظر ضمور أساطير التكوين في التجربة الروائية العربية على نحو يكاد ينفي القول بوجودها، ومسوّغ ذلك، كما يبدو، جهارة هذه الأسطورة بما يتضادّ والمقدّس الديني، ولاسيّما الإسلامي، الذي يعلّل فعّالية الخلق على نحو مفارِق للنصوص الأسطوريّة.‏
عــودة الطــائر إلــى البحـــر:‏
يُمثّل النزوع الأسطوريّ أحد أهم العلامات المميّزة لتجربة حليم بركات الإبداعي، وقد أفصحت هذه العلامة عن نفسها منذ مجموعته القصصية الأولى "الصمت والمطر" 1958، وما لبثت أن تتابعت في معظم نتاجه الروائي: "عودة الطائر إلى البحر"، و"طائر الحوم"، و"إنانة والنهر"، لتشكّل سمة دالّة على دأبه في إنجاز نصّ إبداعي معبّر عن تجذّره في تراث المنطقة المتوسطية، وعلى الإمكانات الكبيرة التي يزخر بها هذا التراث من جهة، والتي مكّنت الأدب العربي الحديث، بأجناسه المختلفة، من أداء جمالي جديد لموضوعاته من جهة ثانية.‏
وتُعدّ روايته "عودة الطائر إلى البحر"(4)، الصادرة بعد الهزيمة الحزيرانية بعامين تقريباً، أكثر تلك العلامات بروزاً في هذا المجال، أي: النزوع الأسطوريّ الذي يترجّح داخلها بين أسطورتين مركزيتين: أسطورة التكوين بروايتها التوراتية، وأسطورة الهولندي الطائر، ثمّ ما يتردّد بينهما من أساطير جزئية، أو إشارات أسطوريّة، تعزّز ذلك النزوع وتعلي من شأنه في كلّ من المتن والمبنى الحكائيين.‏
ومهما يكن صحيحاً أن أهمية "هذه الرواية تكمن.. في اعتمادها على أسلوب فني جديد"(5)، فإنّ هذه الأهمية لا تتحدّد بهذا الأسلوب وحده، كما لا يعني أنه "لولا هذا الأسلوب.. لفقدت كلّ قيمتها"(6)، فالمتن الروائي وما يزخر به من إشارات مهمة إلى الأسباب التي قادت إلى الهزيمة تنازع ذلك الأسلوب مكانته فيما يجعل من الرواية علامة مميّزة في مسار التجربة الروائية العربية، في المرحلة التي صدرت فيها خاصة.‏
وعلى الرّغم من أن معظم الدراسات التي تناولت هذه الرواية عنيَ بالحديث عن الأسطورة الثانية، وعدّها الحامل الجمالي لخطابها، مأخوذاً، كما يبدو، باستثمار الروائي لها، على نحو جزئي، في عنوان نصّه، فإنّ الأسطورة الأولى تبدو المحرّك الأساسي لهذا النزوع، وأكثر الوحدات السردية تعبيراً عن تلك الدلالات التي رغب الروائي في بثّها بين تضاعيف هذا النصّ، حتى ليمكن القول إنّ الثانية لا تعدو كونها محفزاً تأليفياً يثمّن تلك الدلالات، ويستكمل، في الوقت نفسه، ما يبدو نقصاً في الأسطورة الأولى. ويؤكّد ذلك أن أسطورة التكوين، وعلى امتداد الرواية، تُعنى بدور العربيّ وحده في إنتاج الهزيمة، وهو الدور الأهمّ، كما يتبدّى في تضاعيف الرواية، بينما تُعنى أسطورة الهولندي الطائر بإرادات القوى / الآلهة التي حكمت على هذا العربيّ بالإبحار إلى المجهول دائماً. بمعنى توجّه الأسطورة المحرّكة إلى الداخل العربي، إلى الأسباب التي أنتجت الهزيمة، والتي عُدّت الرواية، من خلال إلحاح الروائي على تعريتها وتفكيكها، من أكثر الصور الروائية العربية قوة وواقعية في التعبير عن أحداث هذه الهزيمة وعن انعكاساتها على المجتمع العربي(7).‏
ولعلّ من أهم ما يميّز استثمار الروائي للأسطورتين معاً هو اتصالهما بما يسمّيه "توماتشفسكي": "التحفيز الواقعي"، الذي يعني توفّر العمل الحكائي على درجة معقولة من الإيهام بأن الأحداث المتخيَّلة، حتى ما ينتسب منها إلى ما هو أسطوريّ، محتملة الوقوع(8)، ثمّ إفصاحه، أي الروائي، عن مصادره الأسطوريّة في مجمل استدعاءاته لكليهما.‏
وتتبدّى هذه السمات جميعها في تصدير الروائي لنصّه بما يسمّيه مستعاراً من كوميديا دانتي الإلهية: "العتبة"، وبما يعني أن ثمّة لعنة أنتجها العربي بنفسه، فغلّت حركته إلى الجحيم / المطهر، وعوّقت وصوله إلى الفردوس، وعلى نحو مقلوب ينتهي بفعّالية الخلق إلى العماء بدلاً من انتهائها إلى الخلق، محاولاً من خلال ذلك هجاء الخراب المدمّر الذي صنعه العربي بيديه، فكانت الهزيمة إحدى علاماته الأولى: "العالم ماء، والظلام يغمر كلّ شيء.. يبدو له كأنما كلّ شيء يتكوّن من جديد. الأسطورة التوراتية تتكرّر، فالأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة. إنما روح الله لا ترفّ على وجه العالم كما يُروى في التكوين الأول. ويتسلّق رمزي صفدي جبلاً.. الحزن يجتاحه. يقول ليكن نور. النور لا يكون.. يقول ليكن جلد. الجلد لا يكون.. يقول لتجتمع المياه في مكان واحد ولتشرب اليابسة. المياه لا تجتمع واليابسة تتفتت من العطش.. ويقول لتطر الطيور فوق الأطفال في المخيّمات. الطيور لا تطير.. ويقول ليكن الإنسان على صورة الله.. الإنسان لا يُصنع على صورة الله.. ورأى العربي كلّ ما فعله فإذا هو سيء جداً"(9).‏
وإمعاناً منه في ذلك الهجاء يعيد سرد تلك المروية في خاتمة الرواية أيضاً، منتجاً بذلك شكلاً دائرياً مغلقاً يبدأ بالعماء وينتهي إليه، رغبة منه، كما يبدو، في القول بأن العربي لم يُخلص لنفسه، ولم يحاول تطهير واقعه من لوثة الخراب التي سبقت الهزيمة، إذ يؤول المحكي في الرواية إلى النقطة التي بدأ منها، وعبر تعديلات طفيفة لا تمسّ جوهر النصّ الافتتاحي، ولا تضيف إليه سوى إشارة إلى أن انهماك العربي بفعالية الخلق قد يمتد طويلاً في الزمن إنْ لم يقو على استنهاض بلاده من حال العطالة التي تفترس ساستها، ومؤسساتها، ووعي الناس فيها.‏
والسمات نفسها المميّزة لاستدعاءاته لأسطورة التكوين، ولاسيّما إفصاحه عن مصدره الأسطوريّ وفيما يؤكد أطروحته المركزية القائلة إنّ وعي العربي الناقص، بل العاجز، بأسباب الاستلاب الحضاري التي قادت إلى الهزيمة، تتجلّى في استدعائه لحكاية يعقوب مع الكنعانيين كما روتها التوراة أيضاً، وفيما يسمّيه: "مرة أخرى يختن يعقوب الفلسطينيين فيتهدّم المسرح"، التي تنتهي، على لسان بطله رمزي صفدي، إلى أن "التـاريخ يعيـد نفسه"(94)، وإلى أن أبناء يعقوب في الحاضر هم أبناء يعقوب الغابر، وأن فلسطينيي اليوم هم كنعانيو الأمس الذين غرّر يعقوب بهم، ولم يعِ أحفادهم ما حلّ بهم وبأرضهم على يديه، وما يزالون في غفلة ممّا يتربّص بهم من إبادة كما حدث لأسلافم(9).‏
وعلى النحو نفسه يتجلّى استدعاء الروائي لأسطورة الهولندي الطائر، التي تبدو، في الرواية، استكمالاً لأسطورة التكوين التوراتية، ومحاولة لتخصيب مرجعيات الخراب والعجز المدمّرين اللذين يسلبان العربيّ إمكانات الخلق أو الخلاص من لعنة الإبحار في تيه لا ينقطع ومجاهل لا تقود إلى غير السراب، والتي عدّها بركات نفسه "مجازاً لتجربة الفلسطيني المنفيّ الذي تسنح له بين وقت وآخر فرص تاريخية للعودة إلى وطنه ليكتشف في كلّ مرة أن الآلهة التي تتحكّم بمصير الإنسان تفرض عليه العودة إلى المنفى مرة أخرى"(10).‏
وكما يفصح الروائي في استدعائه لأسطورة التكوين عن مصدره الأسطوريّ يفصح عن ذلك المصدر فيما يتّصل بهذه الأسطورة أيضاً: "بلاده هولندي طائر.. أمس كان يصغي لهذه الأوبرا التي استوحاها فاغنر من أسطورة تدور حول سفينة مسحورة لا يمكنها الوصول إلى ميناء، وهي لا تزال تبحر منذ الأزل. كان الهولندي الطائر قد أقسم أنه سيدور حول جبل تحيط به العواصف العاتية وإن اضطرّ أن يُبحر حتى يوم القيامة. وغضبت الآلهة أو الشياطين عندما سمعت قسمه فحكمت عليه أن يبحر منفياً إلى الأبد ولن تحلّ عنه هذه اللعنة ما لم يجد امرأة تخلص له حتى الموت"(28).‏
وكما يجهر الروائي برموزه الأسطوريّة في استعاراته للمروية التوراتية في التكوين، يجهر برموزه الأسطوريّة في استثماره لهذه الأسطورة أيضاً، غير أنّ ما يميّز هذه الاستعارة من سابقتها في أسطورة التكوين التي يكتفي الروائي بالإشارة إليها في مفتتح الرواية وخاتمتها هو تردّد هذه الأسطورة، أي: الهولندي الطائر، في مواقع مختلفة من السرد، وعلى نحو متواتر لمفردة "البلاد" التي يرتدّ الضمير فيها إلى رمزي صفدي، والتي تمتدّ لتشمل، ليس فلسطين وحدها، بل الوطن العربي بأكمله: "بلاده سفينة بلا دفة"(29)، "بلاده.. يجب أن تكون مخلصة لنفسها حتى الموت"(30)...‏
وبين هاتين الأسطورتين تتردّد إشارات عدة إلى أحداث أو رموز أسطوريّة تنتمي إلى مواقع مختلفة من الجغرافية الإنسانية، ويعمّق جميعها حركة ترجّح الواقع العربي بين حال العماء ومحاولة الخلق التي تنتهي إلى العماء نفسه. وعلى الرّغم من أن بعض هذه الإشارات يعزّز ذلك الإيمان بجدوى تلك المحاولة، ويرى في الهزيمة ضرورة لتطهير الواقع من آثام التخلّف والتفكّك، على النحو الذي يتبدّى في قول السارد قاصداً رمزي صفدي: "سيعرّض نفسه لطوفـان العالم، ولن يخـاف، كما خاف يولسيس، أن تسحره أغاني حوريـات البحر"(10)، فإنّها في أغلبها الأعمّ تؤكّد ذلك العماء، وتثير، في مواقع مختلفة من الرواية، الإحساس بلا جدوى المقاومة، بمعنى أنها تنفي النتيجة القائلة إن الروائي "متفائل بالغدّ، وبالقدرة على تجاوز أسباب الهزيمة، والانتصار"(11)، فـ"آخيل" يُهزم أمام "هكتور"، و"جسد أنكيدو يتساقط"(33)، ولعنة "تانتلوس" تحكم على الذين ينصاعون لإرادة الآلهة "بأن يقفوا عطاشاً في بركة من الماء"(62)، و"عشتروت تقتلع شعرها من جذوره، وتذرّ الرماد على رأسها"(156)، وسوى ذلك كثير.‏
وتعبيراً، كما يبدو، عن قلق الروائي في أن لا تكون رموزه السابقة قد أفصحت عن دلالاتها على نحو يُسلم مقاصده إلى سويّات معرفية مختلفة من القرّاء، أو رغبة منه، كما يبدو أيضاً، في تجذير نصه في بيئته المجتمعية العربية، يلجأ إلى ما هو شعبي، إلى "خرافة الضبع الذي خطف العروس"، التي لا تشكّل الرموز فيها سوى إضافات قليلة إلى رموز أسطورة الهولندي الطائر، والتي يصوغها الروائي وفق المنطوق والأسلوب الشعبيين للحكاية الخرافية. وغالباً ما تتجلّى هذه الخرافة داخل الرواية على النحو الذي تجلّت معه أسطورة الهولندي الطائر، إذ ما إن ينتهي الروائي من سرد الخرافة، حتى يبدأ ببثّ دلالات رموزها بين تضاعيف السرد: "فلسطين عروس اختطفتها الصهيونية.."(27)، وحتى يستلّ منها لازمة تأخذ في التواتر بين موقع وآخر من الرواية: "يغضب الفلسطيني العريس. يحمل بندقية. يطلق النار. لا يصيب. يهرب. يتسلّق شجرة، أسماها شجرة الثورة.. الشجرة لا تحميه. يبول الضبـع على ذيله ويرشّ، فينضبـع الفلسطيني.."(70)، "أبو رزق لا يزال مضبوعاً.."(83)، "بلادي أيتها العروس النائمة في سرير الضبع"(113).‏
2 - أســــطورة المـــوت والانبعـــاث:‏
تُعدّ أسطورتا: عشتار وتمّوز الرافدية، وإيزيس وأوزوريس الفرعونية، أكثر أساطير الموت والانبعاث تردّداً في المنجَز الروائي العربيّ الأساطيري، ليس بوصفهما الأسطورتين المركزيتين في بلاد الرافدين ومصر في هذا المجال فحسب، بل بوصفهما أيضاً الأسطورتين الأكثر امتلاء بالرموز التي مكّنت الروائي العربي من تعرية الواقع حوله دون مواجهة مباشرة مع القوى المتنفذة فيه من جهة، كما مكّنته من تجذير نصّه في تراث المنطقة العربية التي ينتمي إليها من جهة ثانية. ومن اللافت للنظر تعبير محاولات التجذير تلك عن انتماءات الروائيين القطرية أحياناً، والإقليمية أحياناً ثانية، والأيديولوجية أحياناً ثالثة، أكثر من تعبيرها عمّا هو قومي، إذ يكاد ينصرف معظم النتاج الروائي الأساطيري الذي كتبه الروائيون العراقيون، وروائيو بلاد الشام، والمنتمون إلى الفكر السوري القومي الاجتماعي بخاصة، إلى أسطورة عشتار وتمّوز الرافدية، كما في روايتي العراقيين: عبد الرحمن مجيد الربيعي: "الأنهار" 1974، وفاضل الربيعي: "ممرّات الصّمت"، ورواية هاني الراهب: "التلال" 1988، ورواية حليم بركات: "إنانة والنهر" 1995. بينما ينصرف مثيله ممّا كتبه الروائيون المصريون إلى أسطورة إيزيس وأوزوريس الفرعونية، كما في رواية عبد الحميد جودة السحّار: "احمس بطل الاستقلال" 1943، ورواية عبد المنعم محمّد عمرو: "إيزيس وأوزوريس"، ورواية حسن محسب: "رغبات ملتهبة" 1981، ورواية بهاء طاهر: "قالت ضحى" 1985..‏
أ – عشــتار وتمّــــوز:‏
تتردّد أسطورة عشتار وتمّوز الرافدية في الرواية العربية الأساطيرية عبر شكلين: جزئي يكتفي بسرد ملخّص للأسطورة، أو لأجزاء منها، كما في رواية عبد الرحمن مجيد الربيعي: "الأنهار"، وكلّي تبدو الأسطورة معه مندغمة بالمتن الحكائي للنصّ الروائي، كما في رواية فاضل الربيعي "ممرّات الصمت".‏
- ممرّات الصّــــمت:‏
تبدو رواية فاضل الربيعي "ممرّات الصمت"(12) امتداداً لمشروع إبداعي حاول الربيعي التأسيس له في مجموعته القصصية "أيها البرج يا عذابي" 1978، التي تتّسم نصوصها جميعاً بتطوافها "في ساحة من الخيال الفانتازي المغشّى بحالة الواقع"(13). وما لبث هذا المشروع أن أفصح عن نفسه بقوّة في روايته "عشاء المأتم" 1988 التي جاءت استكمالاً لما كان قد بدأه في تلك

قديم 06-12-2012, 11:33 PM
المشاركة 10
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يتبع،،

المجموعة، والتي تمتلئ بالرموز، ليس من خلال عنوانها فحسب، بل من خلال ما يتناسل داخلها من أحداث وشخصيات فيّاضة بالإشارات والاستدعاءات الأسطوريّة.‏
فالربيعي في هذه الرواية أيضاً يحايث الواقع بالوسائل نفسها التي ميّزت "عشاء المأتم"، والتي يتضافر فيها الواقعي بالأسطوريّ على نحو شديد المهارة في إخفاء دلالات الخطاب التي لا تُسلم نفسها للقارئ إلا بعد تفكيك الرموز التي يزخر بها النصّ على المستويين بآن.‏
يتوزع المحكي في "ممرّات الصمت" بين حكايات عدّة: حكاية سعيد مروان مع زهرة، وحكاية سليم عبد الجليل مع فردوس، وحكاية الشيخ ورؤياه للفارس المنتظَر، ثم حكاية هؤلاء جميعاً بعضهم مع بعض من جهة، ومع كلّ من البيت الذي أُعِدّ لاستقبال ذلك الفارس وشجرة السدر المقدّسة من جهة ثانية. وباستثناء الحكاية الثانية التي تهيمن عليها السمة الواقعية الخالصة، فإنّ الحكايات الأخرى جميعها تترجّح بين المستويين المشار إليهما آنفاً. وفي المستويين معاً تغصّ الرواية بالرموز التي يمكن تنضيدها في مجموعتين: أولى تنتجها أسطورة الموت والانبعاث الرافدية، عشتار وتمّوز، وما يتردّد داخلها، أو عبرها، من إشارات أسطوريّة رامزة: يوم الجمعة إلى الخلق، والغائب إلى المخلّص، والبيت إلى السلطة، وشجرة السدر إلى القيم المعوّقة، والرعاة الثلاثة إلى القوى المهيمنة، والأفعى إلى الفوضى والعشوائية. وثانية تتبدّى في مفردات العالم الواقعي، التي يحيل كلّ منها إلى رمز بعينه أيضاً: زهرة إلى الثورة، وفردوس إلى الوطن، وسعيد إلى الثائر المخلص لكنّه القاصر معرفياً في وعي الضرورات التي يتطلّبها الفعل الثوري، وسليم إلى نقيضه، والشيخ إلى الجموع الحالمة، والقطيع إلى الجموع الخانعة.‏
لقد أحبّ سعيد زهرة حبّاً جنونياً، واندفع خلفها حتى تلاشى جسده تحت أنفاسها الحرّى، وبدّد شبابه، كما وصفه أبوه، في اللهاث وراءها، لكنهما ما إن بدأا طقوس الخلق معاً، حتى عبر الرعاة الثلاثة بزهرة بوّابات العالم السفلي إلى "دار الظلام دون رجعة"(57).‏
والروائي يجهر بالمشابهة بين بطليه، سعيد وزهرة، وبطلي الأسطورة، تمّوز وعشتار، في أكثر من موقع، وعبر أكثر من أسلوب سردي: عبر خطاب الأقوال أحياناً، كما في تداعيات سعيد مروان: "عشتار الحزينة، ذاك هو تمّوزك: قطّعناه إرباً أرباً. وقذفنا أوصاله المدمّاة في اليمّ الغاضب. محالٌ عليك أيتها الحزينة أن تجمعي بقاياه.."(46)، وعبر خطاب الأحداث أحياناً ثانية، كما في قول الراوي: "مشى سعيد مروان شاعراً بالتعب واللا جدوى نحو الشاطئ، عازماً على أن لا ينسى زهرة أبداً. زهرة أو عشتار، التي يظنّ أنها هبطت إلى النهر تبحث عن بقاياه، عن بقايا تمّوز كي تعيد ترميم العالم"(48).‏
غير أنّ الروائي، في الوقت نفسه، لا يستلهم الأسطورة على النحو الذي حفظته المروية الرافدية في جذرها البابلي دائماً، أي قبل أن يتقنّع "ديموزي" السومري باسم "تمّوز" لدى البابليين، وإنانا" السومرية باسم "عشتار" لدى هؤلاء أيضاً(14). ومن اللافت للنظر اكتفاؤه باستبدال "ديموزي" بـ"تمّوز"، وإبقاؤه "عشتار" باسمها: "قال سعيد.. : الآن أريدُ أن أسمع منكِ الحكايات كلّها. هو ذا موقد طفولتي. فقصصتُ عليه أحسن القصص. الحكايات كلّها منذ أن هبطتُ النهر أبحث عن بقاياه المبعثرة فوجدته ميتاً في أعماق النهر، وصرختُ به: ديموزي. آه يا ديموزي مَن أثخنَ قلبك جراحاً. مَن أدمى عينيك. مَن قطّع أوصالك؟.."(99).‏
وكما لا يحفظ الروائي للأسطورة الرافدية جذرها البابلي، يعيد، بآن، إنتاج الأسطورة وفق ما يسمّيه، في تعريفه بالرواية، في غلافها الأخير: "مجرى آخر لتلك الأسطورة"، فبدلاً من أن تودي زهرة بسعيد إلى العالم السفلي، كما فعلت عشتار بتموز، يودي سعيد بها إلى ذلك العالم، وبدلاً من أن تجدّ هي في البحث عنه، وفي جمع أشلائه، كما فعلت عشتار أيضاً، التي كانت "ترحل.. في البحث عنه (تمّوز) إلى البلاد التي لا عودة منها، إلى دار الظلام"(15)، يجدّ سعيد في البحث عن زهرة، وفي جمع أشلائها التي بعثرها الرعاة الثلاثة. وما هو أسطوريّ في الرواية لا يتحدّد بتلك المشابهة المنزاحة عن جذرها فحسب، بل يتجاوزها إلى ما يتردّد داخلها، أي الرواية، من رموز أسطوريّة، يتّصل بعضها بأسطورة عشتار وتموز، وبعضها الآخر بسواها من الأساطير الرافدية، بل أساطير معظم الشعوب والمجتمعات الإنسانية الأولى. فالجدار الذي يتسلّقه سعيد مروان من أجل الوصول إلى زهرة رمز للعتبة في كوميديا دانتي الإلهية، المهيّئة للعبور من المطهر إلى الفردوس، أو إلى الثورة التي تحرّر الواقع من الجحيم الذي يتلظّى به، إذ ما إن يهبط سعيد ذلك الجدار حتى يتهيّأ لـ"الدخول في المطهر الخلاّق للمرأة القابعة في فراشها الدافئ"(21)، وحتى يمضي وزهرة "إلى يوم الجمعة، حيث بدء الخليقة وعريها المشبع بالجنون"(44). وغير خاف ما يتضمّنه تعبير "الجمعة"، المرادف للغد لدى زهرة دائماً، من دلالة أسطوريّة تعني اكتمال الخلق في اليوم السابع من بدء التكوين، فزهرة، التي تبدو كمصدرها الأسطوريّ عشتار ذات شهوة طاغية وعواطف جيّاشة(16)، كثيراً ما كانت تدعو "سعيد" إلى الدخول تحت غطائها الرقيق لتأخذه إلى "يوم الجمعة" كما كانت تردّد.‏
ولئن كان النهر في معظم أساطير الشعوب رمزاً للخصوبة، فهو في هذه الرواية رمز للخصوبة وللذاكرة معاً، فكما يغوص سعيد في أعماقه بحثاً عن زهرة، أو كما تغوص زهرة وراءه محاولة جمع أشلائه، ليعيدا تكوين الأشياء من جديد، يتجلّى للشيخ بوصفه حاضناً لتاريخ العراق الذي اصطخبت داخله حضارات مختلفة وأحداث عاصفة: "قطع نقود ملكية، دراهم عباسية وسلجوقية. شارات ونياشين الجنرال مود. سياط ممّاليك وتيجان ملوك. بساطيل جنود سيخ كانوا مع الحملة الإنجليزية، جماجم رجال ذهبوا لاستقبال تيمورلنك بالعصي، خيول هجانة وأمراء وأنصاف آلهة نفقت منذ دمار بابل، ملابس أباطرة، أسلحة وسكاكين من العصر البرونزي.."(22).‏
وكما تبدو الشجرة في معظم معتقدات الشعوب وأساطيرها رمزاً مقدّساً(17)، تحيل شجرة السدر في الرواية إلى الرمز نفسه، بالإضافة إلى كونها رمزاً واقعياً يعني التضاد بين القوى المخلصة للثورة والقوى اللاهثة وراء امتيازاتها الخاصة. فعلى حين يُبدي الناس جميعهم رغبـة في اجتثاثها، للخلاص من ذلك العالم الفظّ حولهم، يتصدّى سليم عبد الجليل لمنعهم من ذلك، زاعماً قدسيّتها ومضفياً عليها روحاً لا يجوز قتلها. وما يُعلي من شأن هذه الرمزية في الرواية محاولة الرجل البدين الذي يسارع هابطاً من سيّارة قديمة، رمز القوى المنهوكة، إلى تثبيت تلك القدسية التي زعمها سليم عبد الجليل، قائلاً: "لا تقطعوا هذه الشجرة. كنتُ طفلاً ورأيت الجرافات تتساقط، تتحطم وهي تحاول اقتلاعها"(91). وكما تُمثّل الشجرة بعامة رمزاً مزدوجاً يعني الموت والانبعاث بآن(18)، تمتلك شجرة السدر السمة نفسها، فكما هي رمز للقوى المعوِّقة، أي للموت، فإنّ اجتثاثها يرمز إلى الخصوبة والحياة(19).‏
وإذا كانت "الأفعى، عند الأقدمين، ترمز إلى الفوضى والعشوائية وإلى انعدام الشكل، أمّا ضرب الأفعى وقطع رأسها فيعادلان فعل الخلق الذي يصحبه انتقال من اللا تجلّي إلى التجلّي ومن انعدام الشكل وغياب المعالم إلى امتلاك الشكل والهيئة المحددة"(20)، فإنّها هنا ترمز إلى ذلك أيضاً، فبعد أن أتى الشيخ على سرد رؤياه عن الفارس المنتظَر وبعد أن سرى بين الحشد "أنّ يوم الخلاص بات وشيكاً"(33)، ثمّ بعد أن أنهى سعيد وزهرة مجاسدتهما الخالقة، كان ثمّة "أفعى أو ثعبان ضخم يحدّق في الكائنين بسخرية"(33)، وحين ضحك الناس من سليم عبد الجليل بعد أن اقتلع قطعة يابسة من صمغ شجرة السدر "تسلّلت أفعى اقتربت من شجرة السدر.. وراحت تتسلّقها. تلتفّ حول جذعها الضخم المتيبّس. هتف سليم..: لقد حذّرتكم. إنها مقدّسة بالفعل"(88)، ولذلك ظلّت تلك الشجرة، في موقعها الرمادي، جرداء ومتيّبسة، ومغبّرة، ولذلك أيضاً انتهت رؤيا الشيخ / الحلم بالتغيير إلى النقطة التي بدأت منها، أي إلى حيث "الأستار والحجب الكثيفة المتراكمة فوق المجهول"(20).‏
وتُمثّل الأرض التي يُشاد فوقها البناء المعدّ لاستقبال الغائب المخلّص أكثر الرموز امتلاء بما هو أسطوريّ في الرواية، وغالباً ما تتجلّى بوصفها معادلاً للأنوثة المخصبة، فهي "توشك على الولادة، تفتح رحمها الكبير ليندلق الماء صافياً، نقياً وعذباً"(50)، وحين يملأ صهيل الحصان الذي يحمل الفارس المخلّص سكون المدينة الأجوف، تبدو المدينة نفسها "مثل كأس طافحة بالعويل والنشيج، بنداءات الاستغاثة والطلق. بالزلازل التي ينبعث ضجيجها المحتدم والمكبوت من جوف الأرض، من رحمها الذي يدلق ماء ندياً طيّباً ورائقاً بين يدي رجل حالم"(55)، ثمّ بوصفها معادلاً للقاع الاجتماعي النابض بحلم التغيير، والممتلئ بالطاقات القادرة على تحقيق هذا الحلم، إذ يندفع الجميع إلى المشاركة في استنهاض الأرض من سباتها الطويل، وإلى تهيئتها لتشييد بناءٍ لذلك الغائب الموعود: "كانوا جميعاً يعملون بفرح، تنفلق الأرض في كلّ ضربة معول أو ضربة كفّ إلى نصفين. يقرعون الأرض، يدقّون أبوابها السرّية المغلقة.. يدلقون رحم الأرض.. الأرض مثل امرأة عارية مهتاجة في سريرها المعطّر مسترخية وجاهزة للاغتصاب.. تطلق آهاتها المعذّبَة طالبة المزيد حتى بلوغ الرحم حيث تربض الينابيع الإلهية السرية للأحلام والنشوة، للأسرار والطلاسم والألغاز والأحاجي، سرّ الحياة وكنزها الدفين، بذرة التوالد والتناسل"(86).‏
ويمارس العددان: ثلاثة وسبعة، دوراً في تعميق النزوع الأسطوريّ في الرواية، لكنّهما، في الوقت نفسه، يفارقان مرجعيّتهما الأسطوريّة القائلة بدلالتهما على القداسة والخلق، فالرعاة الذين يطاردون سعيداً وزهرة ثلاثة، والقوى المعوّقة للتحرّر والثورة ثلاثة أيضاً: سليم عبد الجليل، والأفعى، وشجرة السدر، والبناء الذي أُعدّ للفارس الآتي من منفاه مضمّخاً بوعد المجيء والذي يؤول إلى قبضة سليم مؤلّف من سبعة طوابق، لكأنه أشبه ما يكون بتلك البوّابات السبع التي اقتيدت زهرة إليها، والتي كان الرعاة الثلاثة يتعاقبون على اغتصابها فيها.‏
كما يمارس فعل الرقص، الذي تؤدّيه فردوس للتطّهر من الألم الذي افترس أعماقها بسبب جحود سليم ونكرانه وإخفاقه في تذوّق ماضيه معها حين أسلمت جسدها إليه، دوراً في تعميق ذلك النزوع أيضاً، وفي التعبير عن محاولات الروائي المتواترة لاستثمار مختلف الرموز الأسطوريّة التي تخصب نصّه، وتُشرعه على أكثر من قراءة. ولئن كان "الرقص يحاكي، على الدوام، نموذجاً أول، يخلّد ذكرى لحظة أسطوريّة"(21)، تعني، فيما تعنيه، استعادة فتنة البدايات، فإنّه يتجلّى كذلك في أداء فردوس له، إذ ما إن يكشف سليم عن قناعه حتى تجد فردوس نفسها "تهتزّ مع حركة الأشياء المهوّمة، مع الطبول والرايات والأجساد.. أعطوها دفّاً ورفعوا عقيرتهم عالياً في الغناء، فرقصت. هي ذي رقصة الألم الذي ينهش عظامها.. ببطء. ببطء. شبيه بالذبح كانت تهتزّ مع الإيقاعات"(28).‏
ب – إيــزيس وأوزوريـــس:‏
تعدّ أسطورة إيزيس وأوزوريس أكثر أساطير الموت والانبعاث حضوراً في الرواية العربية في مصر، ومنذ وقت مبكّر نسبياً من تاريخ التجربة الروائية المصرية تعدّدت أشكال استلهام الروائيين لهذه الأسطورة تعدّداً يعكس ما تتمتّع به من ثراء دلالي وتنوّع في مستويات القراءة والتأويل. وغالباً ما ترجّح ذلك الاستلهام بين مستويين(22): تسجيلي، يكتفي بنسخ الأسطورة وإعادة صوغها في قالب روائي، ومعبّر عن رغبة في بعث التراث فحسب، أي دونما ترهين له، كما في رواية عبد الحميد جودة السحّار: "احمس بطل الاستقلال"، ورواية عبد المنعم محمّد عمرو: "إيزيس وأوزوريس"، وآخر تعبيري يحرّر نفسه من تلك السمة، وينجز نصّاً إبداعياً لصيقاً بواقعه وهاجساً براهنه، كما في رواية حسن محسب: "رغبات ملتهبة"، ورواية بهاء طاهر: "قالت ضحى".‏
وكما يمكن التمييز بين مستويين في استلهام الروائيين المصريين لهذه الأسطورة، فإنّه يمكن التمييز بين شكلين له أيضاً: شكل يوظّف الأسطورة توظيفاً كلّياً، أي أنّه يصوغ الأسطورة كلّها في قالب روائي، على النحو الذي يتجلّى في رواية "إيزيس وأوزوريس"، وآخر يوظّفها توظيفاً جزئياً، بمعنى أنّ الأسطورة لا تشكّل سوى حافز من حوافز السرد الروائي، كما في رواية "أحمس بطل الاستقلال"، حيث ترد الأسطورة على شكل قصّة ترويها الأميرة "سشن" لخادمتها "نفرت"، وعلى نحو لا تتجاوز معه حدّ التسلية(23).‏
- رامــــة والتنّــــين‏
- تنتمي أسطورة الموت والانبعاث الإيزيسية في رواية إدوار الخرّاط: "رامة والتنّين"(24) إلى المستوى التعبيري، وعلى الرّغم من أنّ الخرّاط لا يستلهم هذه الأسطورة على نحو كلّي، بمعنى أنّها لا تشكّل متناً روائياً، فإنّها في الوقت نفسه تبدو مندغمة بهذا المتن ودالّة على كفاءة عالية لدى الخرّاط في استثمار تلك الأسطورة وبثّها في عروق الرواية، التي تُعدّ بحقّ، وفي هذا المجال بخاصّة، "واحدة من أهمّ النصوص الروائية العربية"(25).‏
ومهما يكن صحيحاً ما ذهب إليه سمير أبو حمدان من أنّ ثمّة معطى صوفياً في هذه الرواية، فإنّ الأكثر صحة هو أنّه ليس "الأقوى يداً والأسدّ مرمى والأحدّ نظراً والأشدّ احتمالاً بين المعطيات الأخرى في الرواية"(26)، فهو لا يعدو كونه واحداً من هذه المعطيات التي تتضافر جميعاً لتصوغ ما هو أسطوريّ، يبدو جماعاً لها أحياناً، ومستقلاً بنفسه أحياناً أكثر. ومهما يكن صحيحاً أيضاً أنّ أسطورة صراع الإنسان مع الوحش الخرافي / التنّين "تُمثّل.. لبّ الرواية ومحرّكها"(27)، فإنّ هذه الأسطورة تبدو امتداداً للأسطورة الإيزيسية، أو وجهاً من وجوهها. وإذا كانت فريال جبّوري غزّول التي رأت ذلك قد اعتدّت باختيار الروائي اسم ميخائيل لبطله، أي الاسم الذي ذكره العهد الجديد قاتلاً للتنّين(28)، فإنّ اسم الشخصية الروائية ليس سوى "علامة لغوية بامتياز"(29)، بالإضافة إلى أنّ ما هو أسطوريّ في الرواية لا يتحدّد بالأسطورة المسيحية، أو الأسطورة الإيزيسية، بل يمتدّ ليشمل أساطير أخرى، كأسطورة العنقاء، وبعض أساطير الإغريق، وحكايات ألف ليلة وليلة، وإشارات ورموز أسطوريّة مختلفة، تمارس جميعاً، وبنسب متفاوتة، دوراً في إثراء مقاصد الخطاب الروائي، وفي معاضدة ما يبدو الأسطورة المحرّكة في الرواية، أي: أسطورة الموت والانبعاث.‏
يترجّح المحكي في الرواية، كسابقاتها من النصوص التي تنتمي إلى مجال الظاهرة، بين مستويين سرديين: واقعيّ وأسطوريّ، يتداخلان فيما بينهما، ويتآزران ليصوغا نصّاً روائياً زاخراً بالدلالات، ومعبّراً عمّا يمكن وصفه بكتابة سردية خاصّة بإدوار الخرّاط، تكتفي بقوانينها الداخلية وتُنتج جمالياتها المنبتّة الصلة بمواضعات المؤسسة الأدبيّة.‏
ولئن كانت مهمّة الكاتب، كما يرى "شكلوفسكي"(Chklovski) تكمن في "إخراج الشيء الواقعي من متوالية الواقع إلى متوالية أدبية، حيث يكتسب الشيء معناه من وضعه في المتوالية الجديدة"(30)، فإنّ الخرّاط ينجز هذه المهمّة على نحو شديد الخصوصية من جهة، ودالّ على وعي واضح بقابليات الجنس الروائي وإمكاناته من جهة ثانية.‏
وما يؤكّد ذلك أنّ الخرّاط يستثمر الأسطورة الإيزيسية، وسواها من الأساطير المرتبطة بفعلي الموت والانبعاث، دون أن يغلّ نفسه أو أدواته إلى منظومة سردية محدّدة، إذ ينفَذُ ما هو أسطوريّ إلى نسيج النصّ، ويتماهى به، ويشكّل معه كلاً واحداً، ويتمرّد على المتواتر من الأعراف السردية. ويمكن تلمّس هذه السمة في شخصية بطلته رامة خاصّة، التي يكاد لا يميز القارئ فيها بين ما ينتمي إلى الأسطورة وما ينتمي إلى الواقع، وإلى الحدّ الذي تبدو معه هي هذا الواقع وقد تأسطر تماماً.
فرامة هي إيزيس بطلة أسطورة الموت والانبعاث الفرعونية، وإيزيس هي رامة بطلة الراهن، وكلاهما يندغم بالآخر ويتماهى به ليصل إلى درجة الإيمان لدى ميخائيل بأنّ إيزيس "لم تكن.. أسطورة من أساطير القدامى بل في مستوى من مستويات حياته كانت ماثلة لا تقبل الإنكار ولا الإثبات. قبوله لها - هل يقول إيمانه بها- ليس موضع سؤال ولا جواب"(162). وما يعزّز ذلك أنّ رامة كثيراً ما كانت تشبّه نفسها بالعنقاء التي تنبعث من رمادها دائماً: "أنا كالعنقاء التي يحكون عنها، تجدّد ذاتها في مياه البحر"(264)، وأنّ ميخائيل نفسه يصفها بقوله: "أنتِ لن تموتي أبداً"(84).‏
ويكاد الروائي لا يترك جزئية من الجزئيات المكوّنة لشخصية إيزيس دون أن يضفيها على بطلته رامة، التي يتوق ميخائيل إلى التوحّد بها كما لو أنّه يتوق إلى التوحّد بالمطلق الهارب من الواقع، أو المغيَّب عنه، أو كما لو كانت رامة هي هذا المطلق نفسه وقد أعاد انبعاث ذلك الواقع من رماده، كما أعاد إليه توازنه المفقود.‏
وما ظمأ ميخائيل الجارح إليها سوى تجسيد لذلك التوق الذي يعبّر عنه بقوله الدالّ على ما يستجمع الكثير من تلك الجزئيات المميّزة لجذر رامة الأسطوريّ، أي إيزيس. وليس قوله لها: "أنتِ الكلمة الأولى"(71) سوى إشارة، من إشارات كثيرة تتردّد في الرواية، إلى أنّها هي ذلك المطلق الذي بعث الحياة من عمائها الأول، أي بوصفها الكلمة الخالقة التي نقلت الأشياء من حال الفوضى إلى حال النظام، أو إرادة الحبّ التي تعيد جمع ما تبعثر من الأحلام كما فعلت إيزيس بأشلاء حبيبها أوزيريس. وليس قوله لها أيضاً: "كأنّك خالدة لا تموتين"(108)، أو قوله: "هذه المرأة باقية لا تزول"(265)، سوى تعبير عن إيمانه الراسخ بقيامة الخصوبة من يباس الجدب الذي يبسط ظلاله في الراهن حوله، والذي ما يلبث أن يتبدّد حين تقول رامة نفسها له بعد ستة أيّام من لقائهما الأول: "أنتَ قتلتَ التنّين"(209). بمعنى اكتمال فعالية الخلق في اليوم السابع، أو انبعاث الحياة المعبَّر عنه بقتل التنّين من ذلك اليباس الذي يُمثّله التنّين نفسه.‏
وعلى الرّغم من تلك التنويعات التي يلوّن بها الروائي استثماره لهذه الأسطورة، فإنّه، على النقيض من سابقيْه: بركات، والربيعي، يحفظ للمرويّة الأسطوريّة أصلها الذي صدرت عنه، والمقطع التالي الطويل من الرواية، والذي يصدح به ميخائيل جواباً عن سؤال الفنلندي له حول إيزيس، يفصح عن ذلك، بل إنّه يؤكّد أنّ أسطورة الموت والانبعاث هي الأسطورة المحرّكة في الرواية، كما يفصح عن الخصوصية السردية المميّزة لنتاج إدوار الخرّاط بعامّة. وهو مقطع دال، في تدفّقه دون علامات ترقيم، وفي خاتمته، على أنّ استعادة أسطورة ما، روايتها، تستهدف عَوْداً رمزياً "إلى اللحظة المعزولة عن الزمان، لحظة الكمال الأول"(31)، إذ ما إن يفرغ ميخائيل من الإجابة، بل من رواية الأسطورة، حتى يتحرّر من إحساسه الحادّ باغترابه عن العالَم حوله:‏
"إيزيس.. إلهة الحبّ القديمة والأولى والدائمة.. استكملت إيزيس المنكوبة محلولة الشعر استجماع أشلاء أوزيريس الشهيد ولم يبق إلا القضيب فإنّ لم تجده فسوف يحلّ المَحْلُ والخراب في أرض خيمي الخصيبة السمراء.. الصندوق السرير الكفن المصنوع على قدّ الإله العظيم والمصبوب عليه الرصاص المصهور في فقط مدينة الحرمان والحداد قد حملته مياه النيل الشحيحة الآن الصاعدة من وهاد العالم السفلي المنيرة بشمس لا تنطفئ دفعته إلى البحر الوسيط الخماسين الجامحة التي لا عقل لها عاصفة الجفاف والرمال الدقيقة ينخسف لها القمر ويسوّد وجه الشمس يمجّها من فيه قابيل الأول.. وهاهي إيزيس.. جناحاها شراعان مفرودان على وجه الثبج مقنّنة الموت والحياة وربّة البحر والأرض والسماء وصاحبة كلّ السفين حتى ترمي به الأمواج إلى قلب الجذع المقطوع من شجرة الأرز الفينيقية العجوز عمود الأساس في بيت ملك بيبلوس فتنمو عليه الشجرة من جديد وتونع وتحتاطه بجسمها المنيع تحميه من القهر والجفاف وسخف الروح إيزيس أخته وحبيبته عشقا أحدهما الآخر من قبل ولادتهما واقترنا وهما في رحم أمهما أوزيريس ذي العيون التي لا عداد لها المنير الواحد الضوء الحبيس المولود في اليوم الأول من أيام الخليقة والحي حتى اليوم التاسع والأخير الذي لا نهاية له.. أما إيزيس فترضع ابن ملك بيبلوس بإصبعها في فمه وتضع الأمير الصغير كلّ ليلة في عرس النار المتلظية بمعموديتها تقهر الموت وتدخله مداخل الخالدين فتجنّ أمه الملكة جنوناً وهي ترى ألسنة اللهب تلعق جسم ابنها وعندئذ تكشف إيزيس الساحرة الإلهية عن مجدها فتشقّ الأرزة العتيقة التي تتحدث عن سرها بلسان مبين وتسلم وديعتها الغالية إلى المصرية العائدة دوماً بالخبز العميم بعد التحاريق البقرة الحنون الولود ذات الضروع التي لن يمسها الجفاف ما زلتُ أراها حتى اليوم رابية الردفين في جلابيتها السوداء السابغة تحمل جرتها على رأسها ممشوقة قدها يتمّوج بين الغيطان تُرضع ألف ألف حوريس بلا نهاية بلبن الكبرياء الذي لا يغيض رغم القحط وجوع الأزمان الأرض السمراء تحت طين الوادي المشقق الحواف يغمرها الماء فإذا هو جسم إيزيس المعطاء البدي الشباب والشمس تنبثق من زهرة البشنين والثور الأسود متجددٌ مع الدهر لامع الجلد وحوريس الصقر الباشق قد انشقّ عنه شعاع القمر الخصيب وسوف يتربى ويقوم وسوف يهزم جحافل العقارب في منافي المستنقعات الشرقية بين أعواد البوص الهشة بقوة تمائم أمه الكلّية القدرة ثم يشتد عوده ويطعن فرس النهر الشرير ويوزع لحمه على المحرومين فقد أخذ بثأر أبيه الممزق الشهيد العظيم المدفون في بوزير ولكلّ شلو من جسمه القُدّوس ضريح ومزار على طول الترع والقنوات وشطي النيل الحاكم الآن مملكة الأموات الأحياء الباقية في ثيابه البيض ووجهه الأبنوسي الجميل مفتوح العين ابد الآبدين يقيم ميزان معت العدالة وإلى جانبه الوحش عمعم ربّ العقاب الذي ينهش قلوب الخطاة غير التوابين.‏
فرغ الكأس وعندما عاد إلى غرفته كان إحساسه بالغربة غير ممض"(160-162).‏
وإذا كان المقطع السابق ينتج ما يسمّيه "جينيت": "الفضاء الدلالي"، حيث يتضاعف التعبير الأدبيّ، ويتعدّد، ويتأسس بين مدلوليه الحقيقي والمجازي(32)، فإنّه في الوقت نفسه يشير إلى محاولة الروائي إعادة صوغ الأسطورة على نحو يُحيل إلى أكثر من مرجع أو رمز أسطوريّ، فصراع رامة / إيزيس مع الجدب، وصراع ميخائيل مع التنّين الذي لا تعرّفه الرواية "هل هو وجه من أوجه رامة المعشوقة؟ أم هو وجه من أوجه ميخائيل العاشق؟ أم هو كائن آخر أو قوة أخرى؟"(33)، يتعدّد في الرواية، ويتناسل في أكثر من صورة: جلجامش مع "خمبابا" حارس غابة الأرز، و"برسيوس" مع التنّين كما في الأسطورة الإغريقية، وميخائيل مع التنّين أيضاً في رواية العهد القديم، و"مار جرجس" مع مثيله كما في الرواية المسيحية. بمعنى اختيار الروائي "أسطورة جماهيرية، لها وقعها وأثرها عند الخاصة والعامة.. واغلة في القدم ترجع إلى حضارة وادي الرافدين القديمة، ولا تنقطع حتى يومنا هذا"(34).‏
ومهما يكن صحيحاً أنّ الرواية بعامة تتميّز "على الرّغم من تضافر وتشابك الأساطير فيها بالواقعيّة"(35)، فإنّ ما هو واقعي يبدو لصيقاً بما هو أسطوريّ، وتتجلّى هذه السمة من خلال شخصية رامة التي ما إن تغادر حقلها الأسطوريّ حتى تعود إليه على المستوى الواقعي نفسه، وعبر صفاتها الخارجية والداخلية معاً. فحين يسألها ميخائيل عن لون عينيها تقول إنّ لونهما يتغيّر دائماً، فيستكمل ميخائيل قائلاً: "وبهما أشعّة داكنة، صادرة من البؤرة إلى أطراف الكون"(69)، وما يلبث أن يهمس لنفسه بعد كلّ مجاسدة بينهما: "ودائماً يسيل الجنس من كلّ مسام جسدها وعقلها ويفيض من عينيها"(113)، لكأنّها إيزيس نفسها التي كان جسدها، كمثيلاتها من آلهات الخصب في معظم أساطير الشعوب، يضطرم بالحبّ والشهوة دائماً أيضاً(36).‏
وباستغوار ظلال الوصف في قول ميخائيل عنها بأنّها كثيراً ما كانت "تتحدّث بانطلاق وحرارة عن خوفها من الموت، لا موتها هي"(194)، وليس الوصف نفسه، فإنّ ذلك يعني، كما يبدو، شبهها بجذرها الأسطوريّ إيزيس التي قهرت الموت أكثر من مرّة. وليس الرمز الذي تشير إليه في قولها لميخائيل: "إنني أموت إعجاباً بغروب الشمس، أو الفجر في الحقول، وإنني أجد فيها رمزاً لما لست أدري"(262)، سوى رمز للموت والانبعاث كما مثّلتهما الأسطورة الإيزيسية، أو رمز لأسطورة التكوين، فكما يعني الغروب دخول الأشياء في ظلمة تذكّر بالعماء الأول، فإنّه يعني الموت أيضاً، وكما يعني الفجر بداية الخلق أو التكوين، يعني، في الوقت نفسه، انبعاث الأشياء وتجدّدها.‏
وكما تبدو إيزيس واحدة من الآلهة الضدّية، أي التي تجمع بين قوّتين أو سمتين متقاطبتين، أو واحدة من الآلهة المتعدّدة الصفات، فإنّ رامة نفسها تبدو على المستوى الواقعي كذلك أيضاً. ولئن كان المقطع التالي الذي ينتجه صوت ميخائيل يفصح عن تلك المشابهة بين رامة ومصدرها الأسطوريّ في هذا المجال، فإنّه، في الوقت نفسه، يُفصح عن تلك الخصيصة المميّزة للغة السرد بعامة عند إدوار الخرّاط: "سمعتُ أصواتكِ التي لا عداد لها، صوتك الطفلي الصغير الحجم وأنت تخافين الظلام، صوتك شاكية تطلبين النجدة بيأس في ليل وحشتك الذي يشغل بؤرة النهار كلّها لا شرخ لها، وصوتك صلبة لا تكسرها ضربات تفلق الصوّان وصوتك العملي الذي تصرّفين به الأمور بين العمال والأعمدة والصروح والأوراق.. وصوتك عاشقة تتوفز الرجولة في حضنك وتُطعَن، وصوتك الشهواني يتقطّر بأنوثة خالصة خاضعة"(299).‏



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الادهاش في روايات الايتام: دعوة لدراسة جماعية لروايات الايتام وسر الادهاش فيها
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لا للديمقراطية ...نعم لدكتاتورية الايتام....حوار ايوب صابر منبر الحوارات الثقافية العامة 14 12-14-2013 07:48 PM
افضل الكتب عن الايتام ايوب صابر منبر رواق الكُتب. 44 09-20-2013 02:20 PM
توقعات 2013 .......بواسطة الايتام ايوب صابر منبر الحوارات الثقافية العامة 7 02-16-2013 02:03 PM
ادب الايتام:صفحة مخصصة لكل ما يتعلق بأدب الايتام: دعو للمشاركة ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 01-22-2012 10:57 PM

الساعة الآن 05:46 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.