احصائيات

الردود
0

المشاهدات
3350
 
أنس بن سليم الرشيد
من آل منابر ثقافية

أنس بن سليم الرشيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
14

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Mar 2011

الاقامة

رقم العضوية
9807
01-20-2012, 02:30 PM
المشاركة 1
01-20-2012, 02:30 PM
المشاركة 1
افتراضي حين تصل القبضة الأمنية إلى إدراك الأحلام ...
حين تصل القبضة الأمنية إلى إدراك الأحلام ...
( " مرايا ياسر العظمة " وتوظيف الحلم دراميا في السخرية من الواقع )


مرايا ياسر العظمة منذ انطلاقتها عام 1982م وهي تكنز لوحاتٍ بلغت نِصابَ النقد , منتظرة أن يُخْرجَ زكاتـَها النقادُ .. فمرايا مشروع درامي جبَّار لم يجدْ صداه النقدي الموازي سواء كلوحات منفصلة أم نقد العمل كبناء متكامل .
ولهذا أحاولُ هُنا أن أجري قراءة نقدية للوحة فنية انتظمت مع لوحات كثيرة في عقدٍ واحدٍ هو توظيف الحلم لخدمة النص الذي يُسهم في تشريح الواقع بمنظار السخرية اللاذعة , ولخدمة الشخوص لمنحها التوازن العقلاني الذي سيبصّرها بكيفية التصدّي للمستقبل وتجاوز عقباته.
اللوحة الفنية هي من حكايا المرايا بعنوان (أحلام) فكرة نور الدين هاشمي, وسيناريو حوار ياسر العظمة .
القصة باختصار تحكي حدثا وقع لبطل الحكاية (صلاح) إذ حلم حلما مفزعا ورفض أن يحكيه لزوجته ولحماته ولبائع الدكان المجاور لبيته ,ولمديره في الدوام .. فكان يظن هؤلاء أن صلاحا كان يراهم في الحلم ,وكانوا يفسرونها بعيون أنفسهم وخباياها .. حتى جاء ذلك اليوم الذي طرق فيه الأمن على بيتِ صلاح ليستدعوه إلى الفرع 14 (فرع المنامات والأحلام )!!!!! ذهب إليهم , ووضعوا جهازا على رأس صلاح وأوصلوه بالحاسب الآلي لتظهر في الشاشة مشاهد متنوعة من مناماته التي يراها (صلاح طبشورة) وكانت كلها تُظْهر (صلاحا) بأنه مواطن مستاء من الوضع الاجتماعي والسياسي ومعارض للسياسة العليا ..
فقام الفرع 14 بتحويل صلاح إلى مواطن صالح !! وشرط المواطنة الصالحة :
أن يُبيّض صفحته عند الأمن !! (كما ذكر ذلك الضابط ) وتبييض الصفحة أن يرى منامات من وجهة نظر الأمن لا من وجهة نظر صلاح .. فقاموا بإعطاء صلاح شريحة إلكترونية متطورة جدا يلفها النائم حول رأسه ويستعملها من أربعة إلى خمسة أيام , وستتحول أحلامه إلى أحلام تناسب الأمن ! عاد صلاح بعد أربعة أيام إلى الأمن وهو فرح جدا بأن مناماته أصبحت مناسبة للوضع السياسي , فرأى الأمن أحلامه على الشاشة ليروا المشاهد السابقة وقد انقلبت رأسا على عقب وأصبحت وديعة لطيفة متعايشة مع الوضع المستبد !! ..
إلا أن المفاجأة بعد ذلك بأيام لما نام وحلم فقام مفزوعا قائلا :
(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , شو هالمنام اللي شفته)
فليتفت إلى الشاشة ليضع السؤالَ المفتوح :
( شو رأيكم , روح راجعهم ! والا انتظر حتى يطلبوني , لأنو على ما يبدو بعد ما طبت رجعت انتكست ؟ ) . هذه هي القصة باختصار .

اختياري لهذه اللوحة دون غيرها من اللوحات التي انتظمت معها في العقد كمثلا حلقة (خطيبتو ميس) وغيرها .. أن هذه اللوحة (أحلام) كانت ذروة سنام التوظيف ؛ إذ جمعت خطوطا كثيرة شملت أغلب تلك اللوحات التي سعت لتوظيف الحلم .
ومرادي بالتوظيف هنا : كيفية التناول الفني والدلالي لظاهرة الحلم في البناء الدرامي .
وقد شملت ما يتصل بالشخصية البطل صلاح طبشورة (ياسر العظمة) , وشملت مايتصل ببنية النص أو الصورة .. وهي تتّحد لتعطي رؤية (ساخرة) حول تغير المستقبل عند البطل صلاح طبشورة .
وسأطرح سؤالا ابتدائيا : لماذا لجأ المؤلف إلى توظيف الحلم ؟
في رأيي أن الحلم لكونه انعتاق من ظروف الواقع المنطقية كأن يكون الشخص في وقت واحد في مكانين . ويحول شخصاً إلى شخصٍ آخر !!
كان التوظيف تشبيها للواقع بالأحلام , بجامع عدم المنطقية في كليهما !! فهل واقع الاستبداد العربي منطقي ؟! .
ولهذا كانت لفتة خارجة عن النص , ساخرة من المؤلف أن يضع العنوان (أحلام) وكأنها لفتة من المؤلف إلى أن القبضة الأمنية لن تصبر – كعادتها- إلى نهاية الحلقة ليفهموا أنها (مجرد حلم) ففضّل لكي لا يوقفوا الحلقة أن يعلنها من البداية (أحلام) !

الحلقة عبارة عن بناء متكامل ضمّ السخرية السياسية , والسخرية الاجتماعية .. بغلاف ساخر من المفارقات النفسية والأدبية كان منطلقها ثقافي بسؤال ( من هو المواطن الصالح ؟ وكيف السبيل إلى ذلك ؟ )
حمل سؤالا مفتوحا أطلقه البطل صلاح طبشورة في آخر الحلقة ؛ وذلك ليلهب تفكير المشاهد ويسعى إلى الإجابة معه :
( شو رأيكم , روح راجعهم ! والا انتظر حتى يطلبوني , لأنو على ما يبدو بعد ما طبت رجعت انتكست ؟ )
ستتجلى السخرية السياسية والاجتماعية من خلال :
1/ مفارقة نفسية..
2/ مفارقة أدبية ..
3/ استفزاز الحلم لحوارات اجتماعية تقبع داخل النفس .

أولا /المفارقة النفسية :
مما هو معروف أن (الحلم) يتناقص فيه الشعور بالعالم الخارجي !
لكن ماذا نرى في الحلقة ؟
العالم الخارجي متمثلا بالسياسي يزداد شعورا بما يدور في الإرادة اللاواعية فهنا تكمن السخرية النفسية ؛ إذ المواطن العربي مقموع , والسخرية في الأمر أن البطل ( صلاح ) كظم هذا الغيض في حياته فمحاها عن وعيه لتدخل إلى ( اللاواعي ) وتطوى بالنسيان بعد أن أعيق تحقيقها ..
وهذه تجلّت في أغلب المشاهد خذ مثلا المشهد الأول لما أيقظته زوجته من نومه , قام مفزوعا قائلا : ( يالطيف على هالشوفه, شفت فلم مرعب بالمعنى والأفكار ) . وكلامه في المشهد الخامس مع المدير العام (عصام عبه جي)
لما قال له : ( صدقني , منام ما بتمناه لألد أعدائي )!!
فإذاً صلاح :
مواطن غير متضايق من الوضع في الواقع , ولكن إفرازات هذا الحلم نابعة من الغيظ المنسي في قرارات النفس العميقة والدليل هو ماذكرتُ من المشاهد ؛ إذ الحلم لا يطلع عليه إلا أنت يا صلاح طبشورة فلماذا تخاف ؟ ولماذا لا تتمناه لألد أعدائك ؟
ولهذا رأينا في المشهد التاسع : أن صلاحا التجأ للضابط يترجاه قائلا :
(منااام ياسيدي !! الله وكيلك منام , أنا ياسيدي مالي ذنب , الواحد ياسيدي صعب يتحكم بمناماته )
فرد الضابط : (بس هيك منامات ما تجي من فراغ , لو ما كنت بتفكر فيها ما كان عقلك الباطن أفرز هيك مشاهد ) !
فكأن لسان حال الضابط يقول :
(إذا كنتم تظنون أن الحلم بصُوَره النفسية منفلتة من رقابة السلطة كما هو شائع في التعاريف المعجمية فهذا ليس عندنا !!)
هنا ظهرت المفارقة وهي دخول العالم الخارجي المتمثل بالسياسي لعالم الأحلام ونبث قرارات النفس حتى المنسي منها !! ليراقبها ويتتبع رموزها ليفكها بشفرات وذبذبات كهربائية تتحول إلى الشاشة بسخرية لا واقعية (الفرع 14) فرع أمني مختص بالأحلام والمنامات ... تجلّت السخرية بتعابير وجه صلاح وهو يقول للعسكري :
(يااااسبحان الله , صار عنّا فرع للأحلام و المنامات ) !!
فهُنا فعل السياسي شيئين تُجاه الحلم ( تجاوز بهما مفسري الأحلام)
1/ تفسير الحلم تفسيرا قطعيا بإخراجه على الشاشة بشكل يقيني!( بينما المفسرون يفسرونه تفسيرا ظنيا ) .
2/ الدخول إلى تفاصيل الحلم لتغييرها وتحويلها من حلم طالح إلى حلم صالح !! ( من وجهة نظرهم )

ثانيا / المفارقة الأدبية :
صياغة الحلم في النص الأدبي تتداخل فيه الأزمنة وتتحول الأحداث من التسلسل إلى الاختلاط ...
يعني صياغة (غير منطقية ) وهذا بلاشك يحتاج إلى قدرة إبداعية من الأديب .
حسنا .. ماذا رأينا في الحلقة ؟
الحلم في الحلقة حلمان :
1/ حلم ما قبل القبض على صلاح .
2/ حلم ما بعده .
أما حلمُ ما قبله فقد أعطت الصورة إشارة إلى كونه مختلط ومتداخل فهو غير منطقي .. تجلّى ذلك واضحا في المشهد الرابع لما كان صلاح نائما على مكتبه في العمل ويحلم أظهر كلمات تبين مدى عدم الترابط في أحداث الحلم يقول :
( شو , الشاورما مو نظيفة ) (حارتنا ضيقة ) (الفساد وصل لمباريات الدوري )
( ماني مبسوط من الحكومة كلها وسايط و محسوبيات و رشاوي ) (حلو عني بقى ) عمرها ما كانت الحكومة حبيبتي )
وكذلك نرى في المشهد التاسع حين قال صلاح للضابط لما ألزموه بالاعتراف :
( والله يا سيدي , المنام مكركب , شيء من الشرق , وشيء من الغرب ..)
فإذاً نحن نرى هنا الحلم صيغَ صياغة غير منطقية في مستوى من التفكك , وهذا متطابق مع مفهوم الحلم .
وأما حلم ما بعده فقد تحول إلى حلم مترابط وواضح وبيّن الدلالة وشديد البساطة بأحداث واضحة المعالم والترابط ...
وهذا يتجلى في المشهد التاسع وهو عندما كان صلاح عند الضابط في مكتبه ..
الضابط : بدك تعترف والا كيف ؟
صلاح : المنام مكركب شي من الغرب وشي من الشرق ( المنام مكركب )
فماذا قال الضابط :
طيب نحنا نعرف شغلنا !! حط فيش الكهرباء يا ابني ووضعوا الجهاز على دماغ صلاح لتصل الصورة إلى الكمبيوتر .
( كأن لسان حال الضابط يقول : نحنا بنرتب الحلم وبنطلعه منطقي !!)
ولهذا لما ظهرت الصورة كان الحلم مرتبا .. عكس ما كان ينطقه وهو نائم فالألفاظ كانت غير مترابطة فكيف صارت في الشاشة مترابطة ؟
هُنا تبرز السخرية الأدبية بأن السياسي استطاع أن يضبط الحلم !! بل تتجاوزها بوضع مقياس لصحة الحلم من عدمه وكونها أحلاما سعيدة أم محزنة (بعد وضع مقياس عام للسعادة والحزن) تجلّى ذلك في المشهد الحادي عشر بعد أن أصبح صلاح يحلم بأحلام متوافقة مع الوضع
( الاجتماعي والسياسي ) قال له الضابط :
( أهنيك من أعماق قلبي .. فعلا العلاج نجح 100% , والحين تقدر تفتخر بأنك مواطن صالح , وتقدر تنام قرير العين هانيها !! وتشوف أحلام سعيدة !! وثق أن أبوابنا مفتوحة ليلا ونهارا لكل المواطنين . وهدفنا فقط تحقيق الأحلام السعيدة لكل الناس )
ثالثا / استفزاز الحلم لحوارات اجتماعية وإدارية تقبع داخل النفس :
المجتمع مليء بالمشكلات , الحلم كان سببا للحوار الذي استفز كثيرا منها فأخرجها .. بصورة ساخرة كوميدية ..
أولها : مشكلة صلاح مع زوجته سميحة (ليلى سمور )
وثانيها : مشكلته مع الجار وصاحب الدكان أبو حمدي (حسن دكاك ) .
وثالثها : مشكلته مع أم زوجته (هالة حسني) .
ورابعها إداريا : مشكلته مع المدير العام .
( وكل هذه المشكلات تجمعها توقع الظن السيء , ورؤية الآخرين بعيون النفس وخباياها وتبرئة النفس من كل زلل وإلقاؤه على الآخرين .
وهو في الوقت نفسه مرتبط مع السؤال الثقافي من هوالمواطن الصالح ؟)
فأما زوجته سميحة فقد اختصرت المشكلة بقولها لصلاح لما رفض أن يقص عليها الحلم :
( أكيد شفت في منامك أنك تزوجت علي وحده أصغر مني وأحلى مني ... اسمع يا صلاح أنا ما بسمح لك تشوف هالمنام مرة ثانية وأنا عندك في البيت ) .
أما الجار أبو حمدي : فيقول لصلاح :
( احكي لي عن المنام فأصلا أنا حجة في تفسير المنامات )
( إذا كنت شايف في منامك أنك بطّلت تعطيني البيت فهذه بعيدة عن أسنانك !! .. ويكون في معلومك أن قانون الآجار في صالح المالك )
أما المدير العام فيقول :
( معناها كنت شايفني بمنامك حتى ما تسترجي تحكي ! لأنك ببساطة بتكرهني !! وهذا مبين في عيونك )
يرد صلاح – اضطر إلى النفاق-: ( ما عاش اللي بدو يكرهك !! والله العظيم إني بحبك من صمصام قلبي من جوى )
قال المدير ( إذا شفت في منامك إني طرت من محلي أو أحالوني على التفتيش وحطوك محلي فهذا بعيد عن أسنانك .... فيا ويلك , وزي ما انتو عارفين إني أنا مدعوم ومسنود من فوق فوق فوق ...
أنا راح أكتفي بخصم يومين منك وإن رجعت وشفت حلم راح تكون عاقبتك وخيمة ).
أما أم زوجته فتقول لصلاح : (إذا كنت شايفني في المنام وإني متت وأنت طالع بجنازتي فهذه الشغلة ما راح مررها لك بنوب !! بس ما راح موت قاعدة على قلبك !!

أنس الرشيد



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: حين تصل القبضة الأمنية إلى إدراك الأحلام ...
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إدراك وتدارك من طائر جريح.. ياسَمِين الْحُمود منبر القصص والروايات والمسرح . 5 11-28-2021 09:59 PM
أين الأحلام ،،، عبدالحليم الطيطي منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 4 03-12-2021 01:30 PM
التربية الأمنية الوطنية فيصل بن سعيد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 0 10-22-2017 05:29 AM
أرض الأحلام ... اماني سعيد منبر البوح الهادئ 9 07-10-2012 01:49 AM
++ الأمنية ++ أحمد فؤاد صوفي منبر القصص والروايات والمسرح . 16 04-13-2011 01:47 PM

الساعة الآن 06:25 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.