قديم 04-20-2014, 04:19 PM
المشاركة 11
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مائة عام من العزلة

عن goodread
أنا أؤمن في الإنسان و في قدراته العقلية و الإبداعية و أن العبقرية ليس لها سقف أو حدود, و لكن ..

أستطيع أن أعقد لكم الأيمان على أحد شيئين..


إما أن "ماركيز" ليس من البشر, بل هو ممسوس . يتلقى المساعدة _في كتاباته_ من ملك الجان شخصيا,, أو ربما كان يتلقاها من الجدات/الجنيات القديمات اللاوتي شهدن خلق الكون و يحفظن عن ظهر قلب ما سيؤول إليه حال الخليقة منذ أن أخرج الله البشر من ظهور آبائهم و أشهدهم على أنفسهم و أطلقهم في الأرض ليستعيدوا ذاكرة فقدوها.


أو أنه إنسـان مثلنا, يملك ما نملك و لا يزيد عنا يدا أو قدم بل فقط لديه من طول البال ما يسمح له بكتابة رواية عادية متسلسلة الأحداث غير متشابهة الأسماء أو متشابكة المواقف فيما يقرب من 500 صفحة , ثم يعـود و يحضر دفاتراً جديدة و يبدأ في نقل الأحداث _ التي كتبها سلفاً_ بصورة متداخلة حيث أنه على علمٍ بالنهايات و بتوالي الأحداث و ما ستؤول إليه النهايات.


نعم.. لابد أنه فعل ذلك.. فلا يعقل أن إنساناً مثلنا يستطيع أن يكتب بهذه العبقرية رواية متداخلة كل هذا التداخل و تتكون من 500 صفحة و تقع أحداثها في مئة عام و لا يوجد في شجرة العائلة إلا اسمين اثنين , أورليانو و خوسيه أركاديو


أما "صالح علماني" ,, فلابد أنه هو الآخر ممسوس و إلا فكيف تُفسرون قدرته على ترجمة هذا الجنون؟

اللعنــة على العبقرية التي ستسبب لنا _نحن القراء_ فقد العقول

قديم 04-20-2014, 04:27 PM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
“ومع ذلك، وقبل أن يصل إلى بيت الشعر الأخير، كان قد أدرك أنه لن يخرج ابداً من هذه الغرفة، لأنه مقدر لمدينة المرايا (أو السراب) أن تذروها الرياح، وتُنفى من ذاكرة البشر، في اللحظة التي ينتهي فيها أوريليانو بوينديا من حل رموز الرقاق، وأن كل ما هو مكتوب فيها لا يمكن أن يتكرر، منذ الأزل إلى الأبد، لأن السلالات المحكومة بمئة عام من العزلة، ليست لها فرصة أخرى على الأرض”
― جابرييل جارسيا ماركيز, One Hundred Years of Solitude
tags: مئة-عام-من-العزلة

قديم 04-20-2014, 04:48 PM
المشاركة 13
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
mai ahmd's review Jan 19, 12
5 of 5 stars
bookshelves: روايات
Read in January, 2009
عن goodreads

حين تفكر بقراءة هذه الرواية يجب أن تضع نصب عينيك أنك لا تقرأ عملا اعتياديا يستلزم جهدا مشابها
عليك أن تترك كل حواسك مع الكتاب
المترجم علماني كان متفهما جدا لطبيعة القارىء العربي وربما صعوبة التواصل مع أسماء بهذا الكم وأجيال بهذا العدد فما كان منه إلا أن وضع خارطة للأجيال الستة التي مروا على قرية ماكوندو من أسرة خوسيه أركاديو بوينديا تسهيلا وحتى لا يقع القارىء في لبس الأسماء وهذا يحسب لعلماني كمترجم له باع في الترجمة بلغة سلسة أصبح يتهافت عليها الجميع

الرواية من الروايات العظيمة والتي تقدم دروسا في فن كتابة الرواية السحرية الخالدة أنها لا يمكن أن تكون سوى ملحمة هذه الرواية هي الرواية التي حصل ماركيز بعدها على نوبل وهي الرواية التي ظلت لسنوات عديدة من أكثر الكتب مبيعا في القارة اللاتينية
كتب ماركيز قصة قرية أسرة بوينديا لأجيال عديدة منذ الجهد الذي بذل في بناء قرية ماكوندو
وحتى آخر فرد في سلالتها تلك القرية التي اختير مكانها بعد صعوبات عدة القرية الهادئة التي تنعم بالسلام وحتى توافد الناس عليها وكل مراحل التطور التي مرت بها القرية كانت مرتبطة بألأسرة الآنفة الذكر لم يكن ماركيز مجرد كاتب يعتني بتفاصيل الحدث ولكن في كثير من الأحيان كنتُ أخاله مصور يصور الحالة وويهتم بالكادر ويرتب تكوين الصورة كأجمل ما تكون ثم يطلقها لكي تقع عليها العيون المتشبثة لكل حرف فيها كان من الطريف جدا والمأساوي أيضا ما ذكره ماركيز حول هذه الرواية أنه لم يكن يملك أجر البريد لإرسالها إلى الناشر
يقول: «أرسلتُ مخطوطة «مائة عام من العزلة»، إلى فرانثيسكو بوروا في دار نشر سورامريكا في بوينس آيرس، وعند وزن الطرد طلب موظف البريد أن ندفع 72 بيسوس، ولم نملك غير 53 بيسوس، فقمنا بفصل المخطوط إلى قسمين متساويين، وأرسلنا قسماً منه، وبعد ذلك انتبهنا إلى أننا أرسلنا القسم الثاني من الرواية». وعلق ماركيز: «لحسن الحظ كان فرانثيسكو بوروا متلهفا لمعرفة القسم الأول من الرواية، فأعاد إلينا النقود، كي نرسل له القسم الأول».
تخيلوا لو لم يكن هذا الناشر مطلعا ومتفهما لضيع علينا قراءة هذه الرواية الخارقة!
لا أعرف ماذا أقول هنا الحقيقة ولكن هذه الرواية عالم خيالي لكنه ليس بعيد عن الواقع أنها واقعية جدا بكل شخوصها المجنونة وعثراتهم وتقلباتهم ماركيز يلجأ أحيانا إلى لعبة الخيال لكي يقضي على شخصية انتهى دورها مثل تلك التي طارت بجسدها وروحها إلى السماء أو لعلاج فكرة ما , كوجود الأطباء الغير مرئيين الذين كانت تتراسل معهم أورسولا وفريناندا , كما تذكرت وأنا أقرأ المشهد الأخير وظهور ذنب الخنزير المرتبط بالخطيئة بتلك القصة الكارتونية ماجد لعبة خشبية الذي كان حين يلجأ إلى الكذب يستطيل أنفه
يذكر أن ماركيز من الكتاب الذين تتقاطع فيه روايتهم وهذا شأن الكثير من الكتاب الكبار فهناك باموق وساباتو
وجدت تشابها في أحداث شركة الموز مع أحداث عاصفة الأوراق أول رواية كتبها ماركيز كذلك هناك روايات أخرى للأسف لم أطلع عليها ولكن هناك دائما رابط ما
وصفت إحدى الصديقات هذه الرواية بأنها العالم
وبعد قراءة الرواية قلت أيضا هذه الرواية هي العالم أنها أدق تشبيه ممكن أن يقال عن أحداثها
عالم متشابك متناقض بسيط ومعقد سعادة وألم موت وحياة
قصة المذبحة ومن قبلها حرب التصفية كلها إشارات سياسية واضحة كما كانت تلك الإشارات تومض عندما سأل أوريليانو صديقه عن سبب خوضه للحرب !

غرقت معهم في الطوفان وفي اكتشافات أورسولا وتوقفت عند هذه العبارة حين وجدت ما فقدته فرناندا
اكتشفت أن كل فرد في العائلة يكرر كل يوم دون وعي منه التنقلات نفسها والتصرفات نفسها
بل ويكررون تقريبا الكلمات نفسها في الموعد نفسه وعندما يخرجون عن هذا الروتين الدقيق فقط
يتعرضون للمجازفة بفقدان شيء ما !
وهذا حقيقي جدا
إننا نكرر ما نفعله كل يوم وعندما نخرج من روتيننا المعتاد نضيع !
أما عن تشبيهات ماركيز فالحقيقة أنه لم تمر علي تشبيهات بهذاالجمال والدقة وحسن التعبير ورقة الإحساس
حين يقول كان نحيلا وقورا حزينا كمسلم في أوربا
أو كان يمضي مع التيار بلا حب أو طموح كنجم تائه في مجموعة أورسولا الشمسية
هل قرأتم تشبيهات بهذا العمق !
وما يثير ضحكي جدا هو مجموعة الأطباء الغير المرئيين
لقد أبحر ماركيز في خيالاته السحرية في هذه الرواية إلى كل الإتجاهات تركني ألاحق خيالاته
ياه كم سأفتقد أجواء هذه الرواية سأفتقد جرعات الجنون المركزة داء الأرق الطوفان شجرة الكستناء الأطباء الغير المرئيين السمكات الذهبية حفلات العربدة والولائم الصاخبة حتى النمل والعث
لم أتمنى أن تنتهي تلك الأسرة ولا تلك النهاية ودار في رأسي كل خيالات ماركيز في القرية
وكل أرويليانو
وكل خوسي أركاديو
لقد رحلوا جميعا
ويجب أن أعود إلى الواقع أخيرا !

قديم 04-21-2014, 02:58 PM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ماركيز… ذلك المحظوظ الحاسد
صبحي حديدي
APRIL 20, 2014

رحيل غابرييل غارثيا ماركيز (1927ـ2014) يعيدني، شخصياً، إلى ملفّين اثنين يخصّان أدبه الرفيع؛ يأخذ أولهما منحىً تقنياً صرفاً، يخصّ الترجمة إلى اللغات الأخرى؛ ويقترن الثاني بصفة الحسد التي ـ على نقيض ما يظنّ الكثيرون، غالباً ـ تتحكم بسلوك كبار المبدعين على مرّ العصور، وتلعب دوراً بنّاءً في تحفيز الفنون، وترقية حسّ التنافس والتجاوز والتفوّق. صحيح أنّ الروائي الكولومبي الكبير كان القاسم المشترك بين الملفّين، كلّ منهما بمقدار متفاوت، إلا أنّ الفوارق بين المنحى الأوّل والصفة الثانية كانت أقرب إلى صناعة التكامل الجدلي، بدل التناقض التناحري.
ففي مثال أوّل على الملفّ التقني، صدرت كما هو معروف ثلاث ترجمات، إلى العربية، لمذكّرات ماركيز: الأولى بعنوان ‘عشتُ لأروي’ من صالح علماني، والثانية ‘نعيشها لنرويها’ من رفعت عطفة، والثالثة ‘أن تعيش لتحكي’ من طلعت شاهين. وقد يهتف المرء، محقاً بالطبع: كم هو محظوظ هذا الـ’ماركيز′! روايته ‘مائة عام من العزلة’ قُيّض لها اثنان من خيرة آل الجندي معرفةً بالأدب والفصحى (سامي، وإنعام)؛ وذلك رغم أنّ المترجمَين نقلا عن الفرنسية، وليس عن الأصل الإسباني. وإذا كانت متابعتي سليمة، فإنّ سليمان العطار أنجز ترجمة ثانية للرواية ذاتها، صدرت في الكويت؛ وثالثة في لبنان، على يد محمود مسعود؛ ورابعة في لبنان أيضاً، من محمد الحاج خليل…
غير أنّ حظّ ماركيز في العربية لا يُقارن البتة بحظّه في لغة أخرى، جبّارة وكونية وكوزموبوليتية، هي اللغة الإنكليزية؛ إنْ لم يكنْ بسبب الذيوع الرهيب للشهرة الشخصية، فعلى الأقلّ لأنّ الترجمة الإنكليزية للرواية ذاتها هي التي جلبت له جائزة نوبل للآداب سنة 1982، كما قيل. وحين صدرت الرواية بالإسبانية للمرّة الأولى سنة 1967، تلقى ماركيز النصيحة الثمينة التالية من صديقه الروائي الأرجنتيني الكبير خوليو كورتازار: إعملْ على أن يترجمها غريغوري راباسّا، ولا تدعْ أحداً سواه يقترب منها، واصبرْ عليه حتي يقتنع بها، وانتظره حتى يشاء الله! ذلك لأنّ كورتازار كان يعرف ما يقول، حقّ المعرفة: لقد ترجم له راباسّا أصعب أعماله: روايته Rayuela، ‘لعبة الحَجْلة’ حسب قاموس منير البعلبكي، أو ‘الخَطّة’ كما نقول في بلاد الشام؛ العمل الوحيد (في ما أعلم) الذي يمنحك رسمياً قراءتين مختلفتين: الأولى ‘تقليدية’، تبدأ من الفصل الأول وتنتهي في ختام الفصل 56، حيث يعلمك كورتازار أنك تستطيع التوقف عن القراءة بضمير غير قلق أبداً، إذْ أنّ الفصول الـ 99 الباقية يمكن الاستغناء عنها؛ والقراءة الثانية ‘تركيبية’، يقترح الروائي ترتيب فصولها هكذا: 73 ـ 1 ـ 2 ـ 116 ـ 3 ـ 84 ـ 4 ـ 71 الخ…
وفي المثال على الملفّ الثاني، ثمة اعتراف ماركيز العلني أنه كتب ‘ذكريات عاهراتي الكئيبات’، 2004، بدافع الحسد الشديد من رواية ‘منزل الجميلات النائمات’، للروائي الياباني الكبير ياسوناري كاواباتا (1899ـ1972)، الحائز على نوبل الآداب لعام 1968. كما أقرّ ماركيز بأنّ روايته كانت تسعى إلى تحقيق حلم قديم هو مجاراة تلك الرواية اليابانية، بدليل أنه عاد إلى ذاك الحلم بعد توقف عن الكتابة الروائية دام قرابة عقد كامل، تفرّغ فيه لإنجاز سيرته الذاتية المعروفة. ولهذا، ليس ثمة ما يمنع من وضع ماركيز وجهاً لوجه أمام كاواباتا، في ساحة مقارنة أقرب إلى المفاضلة، وأشبه بغربلة فنّ لصالح فنّ آخر، أو ربما تصفية عبقرية إزاء أخرى كما يحدث في نهائيات الرياضات الكبرى. أميل شخصياً، وإذا جاز اللجوء إلى لعبة كهذه، إلى ترجيح كفّة الروائي الياباني في موضوعة أولى حاسمة وكونية، هي الشيخوخة وإغواء العذرية؛ وترجيح كفّة الروائي الكولومبي في موضوعة، ليست أقلّ حسماً وكونية، هي الاستبداد الواقعيّ ـ السحري.
كان كاواباتا ثالث ثلاثة عمالقة تربعوا على سدّة الرواية اليابانية في النصف الأوّل من القرن العشرين (إلى جانب جونيشيرو تانيزاكي وسوسيكي ناتسومي)؛ ولكنه كان الوحيد الذي طوّع التقاليد الأدبية اليابانية لكي تتصالح مع معطيات انقلاب البطل الملحمي إلى ‘شخصية’، وما يعنيه ذلك من مواجهات مع مقولة ‘النفس′، وما يستدعيه من رموز وموضوعات وطرائق سرد. وأمّا ماركيز، بوصفه أحد كبار آباء الواقعية السحرية، فإنّ نجاحاته الباهرة في دمج الواقع بالفانتازيا لم تكن تستهدف، عن سابق قصد أوّل، تحدّي قيود النوع وكسر أعراف الواقعية كما استخدمها الخطاب الغربي في سرد تاريخ الإمبراطورية؛ بل كانت، جوهرياً وبادىء ذي بدء، تردّ إلى المركز الإمبريالي ذلك ‘البريد الحداثي’ القائم على سرديات محلية واقعية تماماً، ممهورة مع ذلك بعجائب قرية ماكوندو، وببطاركة في خريف عمر غرائبي، وجنرالات ليس لديهم من يكاتبهم…
ويبقى أنّ قراءة ماركيز بترجمة راباسا لا تعادل قراءته في أية ترجمة إنكليزية أخرى، ولا مبالغة في إنّ الروائي الكبير يدين لمترجمه الكبير بقدر من الفضل يوازي الكثير من فضائل الأعمال ذاتها. كذلك يبقى أنّ حال الحسد التي سكنت المعلّم الكولومبي تجاه المعلّم الأسبق، الياباني؛ أسفرت عن رياضة اغتناء فريدة، ظلّ الرابح الأكبر فيها هو ذلك القارىء العريض، المتباعد/المتقارب، والمنفرد/الكوني.

قديم 04-21-2014, 11:31 PM
المشاركة 15
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
غابرييل غارثيا ماركيز : تنظيم النبوءات وتوارد الخواطر
مصطفى الحمداوي
april 20, 2014

يبدأ غابرييل غارثيا ماركيز، في مقال بعنوان ‘التخاطر اللاسلكي’ في كتابه ‘كيف تُكتب الرواية ومقالات أخرى’ يبدأ المقال على النحو التالي: ‘في ليلة مضت، روى لي أخصائي أعصاب فرنسي، وباحث مثابر، انه اكتشف وظيفة من وظائف الدماغ البشري يبدو أنها ذات أهمية بالغة.
وكان يواجه مشكلة واحدة فقط: لم يستطع أن يحدد فائدتها. سألته بأمل يقيني، إذا كان هناك احتمال ما بأن تكون تلك الوظيفة هي من تنظيم النبوءات، والأحلام الإستشرافية وتوارد الخواطر. فكان رده الوحيد أن نظر إلي نظرة مشفقة.’ ويورد ماركيز الجملة الأخيرة من الفقرة التي أحس بها من خلال لغة الإيحاء التي استعملها الأخصائي الفرنسي في الأعصاب، إذ يعبر عن ذلك بخيبة أمل كبيرة بأن الأخصائي الفرنسي اكتفى فقط بأن نظر إليه نظرة مشفقة. وكأن ماركيز بتركيزه على الجملة الأخيرة من الفقرة يود أن يقول لنا بأن الأخصائي الفرنسي سخر من كون فكرة احتمال أن تكون هذه الوظيفة هي من تنظيم النبوءات والأحلام الإستشرافية وتوارد الخواطر، وهي فكرة ساذجة لم تكن تستوجب حتى ردا كلاميا نافيا كما هو مُتوقع.
لم يخبر ماركيز القارئ، في مقاله ‘التخاطر اللاسلكي’، حول هوية هذا الفرنسي الأخصائي في الأعصاب والباحث المثابر، ولم يذكر اسمه على الأقل ليكون لهذه القصة مصداقية لمن يحبون مصداقية القصص الواقعية، وان كنا، وككل الذين يتابعون أدب ماركيز المخلصين، لا تهمنا مثل هذه التفاصيل الصغيرة بقدر أهمية ما يرويه غارثيا من أحداث بارعة. وطبعا ليست هذه هي المرة الأولى أو الأخيرة التي يكتب فيها غابرييل غارثيا ماركيز حول حوادث يزعم بأن أبطالها هم أصدقاء له، أو من معارفه، ولا يذكر اسم هؤلاء الأشخاص. وكما لاحظنا أعلاه، فقد أنهى ماركيز الفقرة بجملة لها دلالة عميقة، بل وستفتح له الأفق واسعا ليواصل الحكي على نفس النسق، وفي نفس الإطار الذي يدخل ضمن تنظيم النبوءات والأحلام الإستشرافية وتوارد الخواطر. بحيث يستحضر مرة أخرى حادثة مماثلة تقريبا، وتتشابه إلى حد بعيد مع قصته التي أوردها حول الأخصائي الفرنسي، وطبعا لأن الأمر يتعلق هنا دائما بالموضوع الذي يبدو أنه استأثر باهتمام ماركيز الشديد، أي الموضوع الذي أسماه في مقاله ‘التخاطر اللاسلكي’. يواصل ماركيز الحديث، وهذه المرة تذكره قصة اكتشاف الأخصائي الفرنسي في الأعصاب لوظيفة من وظائف الدماغ البشري التي يبدو أنها ذات أهمية بالغة، بصديق عزيز، وبحادثة قديمة تعود إلى ما قبل ثمانية عشر عاما من كتابة ماركيز لذلك المقال ‘التخاطر اللاسلكي’. وهذا الصديق العزيز هو باحث في الدماغ البشري في جامعة ميكسيكو كما نعلم من خلال ما يخبرنا به غابرييل غارثيا ماركيز، ولكن ماركيز مرة أخرى لا يذكر لنا اسم هذا الباحث. ويقول لنا في نفس المقال وحول نفس الشخص، ودائما الأمر يتعلق بالتخاطر اللاسلكي:
‘كنت أمازحه، بمداعبات تخاطرية، فيفندها على أنها محض مصادفات، رغم أن بعضها كان يبدو شديد الوضوح. ‘ففي إحدى الليالي اتصلت به هاتفيا كي يأتي لتناول الطعام في بيتنا. وبعد المكالمة فقط انتبهت إلى أنه لا يوجد في المطبخ ما يكفي من الأشياء. فعاودت الاتصال به لأطلب منه أن يحضر لي معه زجاجة نبيذ من ماركة لم تكن من الأنواع المتداولة، وقطعة سجق. وصاحت ميرثيدث ـ زوجة ماركيز ـ من المطبخ طالبة أن أقول له أن يحضر كذلك صابونا لجلي الأطباق. لكنه كان قد خرج من بيته. وفي اللحظة التي أعدت فيها وضع سماعة الهاتف، راودني إحساس صاف بأن صديقي، وبأعجوبة يصعب تفسيرها، قد تلقى الرسالة. فكتبت ذلك على ورقة كي لا يشك في روايتي. ولمجرد اللمسة الشاعرية فقط، أضفت انه سيحمل وردة أيضا. بعد ذلك بقليل وصل وزوجته، ومعهما الأشياء التي طلبناها، بما في ذلك صابون من النوع ذاته الذي نستخدمه في بيتنا. قالا لنا وكأنهما يعتذران: (شاءت المصادفة أن يكون السوبر ماركت مفتوحا، فرأينا أن نحضر لكم هذه الأشياء)، لم يكن ينقص سوى الوردة. وفي ذلك اليوم بدأنا، صديقي وأنا، حوارا مختلفا لم ينته حتى الآن’.
دعونا نكون أوفياء للحقائق، على الأقل لوقت قصير جدا لنتأمل كلام غابرييل غارثيا ماركيز، والتخاطر العجيب الذي حصل بينه وصديقه العزيز، ووصول الرسالة التي كان يود ماركيز إيصالها إلى دماغ صاحبه لاسلكيا، الرسالة التي وصلت فعلا وبإحساس صاف كان قد راود ماركيز في لحظة تجل غامضة، وبأعجوبة يصعب تصديقها كما يقول. بل أكثر من ذلك فان ماركيز، ولكي لا يدع مجالا لشك صديقه، فقد كتب على ورقة كل تلك الأغراض التي كان يريد أن يوصي بها صديقه. طبعا حصل ما توقعه ماركيز ـ كما يخبرنا ـ ، وجاء صديقه رفقة زوجته وهما محملان بكل تلك الأشياء، بما في ذلك الصابون الخاص الذي يُستخدم في بيت ماركيز، وكذلك زجاجة نبيذ من ماركة لم تكن من الأنواع المتداولة، وقطعة السجق. ولم يكن ينقص سوى تلك الوردة، الوردة التي قال عنها ماركيز بإشارة فيها الكثير من الإيحاء، بأنه دونها على الورق فقط من أجل السبب التالي ‘ولمجرد اللمسة الشاعرية فقط، أضفت انه سيحمل معه وردة أيضا’. انه توارد خواطر مدهش حسبما يبدو، بل وحتى الوردة التي أضافها ماركيز لم تكن إلا لمجرد اللمسة الشاعرية فقط، ولم تكن ضمن التوارد عبر الخواطر الذي تولد في ذهن ماركيز، وبأعجوبة يستحيل تصديقها، كما يصف. وبالتالي فالوردة مبعدة من الحادثة، لأنها كتبت على الورقة لأجل إضفاء لمسة شاعرية لا أكثر، وبمعنى آخر فقد تحقق التوارد في الخواطر بين ماركيز وصديقه على نحو كامل. وهنا علينا أن نقرأ هذه الحادثة بين ماركيز وصديقه على وجهين: أولا ماركيز سيكون ولا شك قد لاحظ في حياته اليومية، وما مر به وفي محيطه من أحداث، كغيره من الناس، أن هذا النوع من المصادفات، الغريبة جدا، يقع فعلا، ولو نادرا، وأنه غالبا يحدث على نحو يبعث على العجب. وثانيا، وهذا هو الأهم، فان ماركيز ككاتب كبير لديه قدرة باهرة على التقاط الجزئيات الحاسمة التي تضفي على الكتابة لذة ونكهة خاصة لا يقدر على صناعتها إلا روائي بحجم غابرييل غارثيا ماركيز، لم يكن ليهمل هذه الخاصية الفريدة في إبداعه، وسيلاحظ القارئ ولا شك الزخم الكبير الذي تزخر به كتابات ماركيز حول التنبؤات وقارئات الطالع وعلم التكهن. وهو هنا إذ يتحدث عن هذا التوارد العجيب في الخواطر الذي يقنعنا أنه يؤمن به، فإنما يفعل ذلك لكي يكتب مادة فريدة ومثيرة لاهتمام القراء. وهو في النهاية ينجح كما العادة لأنه يمتلك أدوات سرد مثيرة للإعجاب تجعل القارئ يتجاوز سؤال هل هذه الخوارق المتمثلة في التخاطر اللاسلكي يمكن أن تحدث. ورغم أن ماركيز يعطينا الانطباع بأنه يؤمن بهذه الحالات العجيبة، غير أن ذلك لا يحدث، في تقديرنا، إلا على المستوى الأدبي، ولأنه من جهة أخرى يجد فيه مادة ثرية ومدهشة للكتابة ليس إلا.
بل أكثر من ذلك يأتي بقصص أكثر غرابة، فيها الكثير من الإبداع وتفجير القدرة الاستيعابية للخيال الخصب على نحو عجيب. ويضيف في نفس المقال، ويروي بأنه ‘يعرف توأمين متشابهين تماما أحسا بألم في الضرس ذاته وفي الوقت ذاته وهما في مدينتين متباعدتين، وحين يكونان معا يراودهما إحساس بأن أفكار أحدهما تتداخل بأفكار الآخر’.
هل حقا إلى هذا الحد يمكن أن تحدث مثل هذه الظواهر؟ الجواب طبعا لدى ماركيز، فهو لم يعلق على هذا الأمر، فقط أشار، للتأكيد، بأنه يعرف التوأمين اللذين يتشابهان تماما. وهذه الإشارة ليست صدفة، بل وضعها ليجعل القارئ يشعر بأن ما يقرأه حقيقة وليس مجرد خيال، وماركيز يعرف بأن الكثير من القراء تستهويهم رواية الأحداث الواقعية، وأحداث العجائب والغرائب. ولهذا نجده يعزف عزفا بديعا على هذا الوتر. وإذا تأملنا قليلا أدب ماركيز، سنجد أن منبع الواقعية السحرية ينبثق من هذا المبدأ..ربما..مع أننا لسنا الآن بصدد الحديث عن ذلك.
ويواصل غابرييل غارثيا ماركيز ببراعة حكيه الأنيق رواية قصة غريبة إلى أقصى حدود الغرابة، فقد زعم أنه ‘تعرف في إحدى بقاع ساحل الكارايبي على مداو يفاخر بأنه قادر على معالجة بهيمة عن بعد إذا ما بينوا له أوصافها ومكان وجودها بدقة. وقد تأكدت بعيني هاتين، يقول: ‘رأيت بقرة متعفنة، والديدان تتساقط منها حية من قروحها، فيما المداوي يتلو دعاء سريا على بعد فراسخ منها’. مع ذلك لم يخبرنا ماركيز في المقال، ورغم معاينته، كما يزعم، للبقرة المتعفنة ما إذا كان ذلك المداوي قد أفلح في شفائها. ولكنه يتحدث بعد ذلك بطريقة تعطي الانطباع بأن الرجل يتحدث بصدق، إذ يقول: ‘لكنني لا أذكر رغم ذلك سوى تجربة واحدة حُملت فيها هذه القدرات على محمل الجد في التاريخ المعاصر، وقد قامت بتلك التجربة قوات الولايات المتحدة البحرية التي لم تكن لديها وسائط للاتصال مع الغواصات الذرية المبحرة تحت طبقة الجليد القطبية، فقررت محاولة الاتصال عن طريق التخاطر. حاول شخصان، أحدهما في واشنطن والآخر في الغواصة، التوصل إلى انسجام بينهما وإقامة نظام لتبادل الرسائل الذهنية. وكانت التجربة فاشلة بالطبع، لأن التخاطر أمر عفوي لا يمكن ضبطه، ولا يقبل أي نوع من المنهجية. وتلك هي وسيلته الدفاعية. فكل ما هو تكهن، ابتداء من النبوءات الصباحية وحتى’دهور’ نوستراداموس، يأتي مشفرا منذ إدراكه، ولا سبيل إلى فهمه إلا حين يكتمل. ولو لم يكن كذلك لهزم نفسه بنفسه مقدما’.
في هذه الفقرة التي يحدثنا فيها ماركيز عن التجربة التي قامت بها قوات الولايات المتحدة البحرية الأمريكية، ثم تفسيره لسبب فشلها، نكتشف أن غابرييل غارثيا ماركيز يحاول أن يقنعنا مرة أخرى بأنه يؤمن بهذا النوع من التخاطر إذا توفرت له بعض الشروط. بل يمكنني الذهاب بعيدا لأقول بأن ماركيز يجد نفسه على يقين بأن العلم مستقبلا سيصل إلى هذا الإنجاز، وبالتالي فهو في كتابته هنا يبشر بذلك العصر، ولا يستبعد أن يحدث ذلك على المدى المتوسط..ربما.
وينهي غابرييل غارثيا حديثه الممتع حول التخاطر اللاسلكي، كما يروق له أن يسميه، ويعود إلى جدته، والى قرية اراكاتاكا، والى عوالم غريبة وليست بعيدة جدا عن النمط الذي غلب على جل كتاباته الروائية. بل الأكثر من ذلك أن هذا الكلام يذكرنا تحديدا برواية ‘مئة عام من العزلة’، بحيث ترد هذه الخواطر عن جدته كشكل من السرد الروائي الكثيف في الأحداث والعوالم الغرائبية التي يضعها ماركيز أمام القارئ، لتعلن عن بروز النكهة المميزة لرواية ‘مئة عام من العزلة’. تلك الرواية الفاتنة، التي كلما قرأناها، لا ننتهي من أجوائها وعيش طقوسها في المُتخيل إلا لكي تراودنا الرغبة للعودة من جديد لقراءتها. يقول ماركيز:
‘إنني أتكلم في الأمر بكل خصوصية لأن جدتي لأمي كانت العلامة الأكثر جلاء على الإطلاق بين جميع من عرفتهم في علم التكهن. كانت كاثوليكية من الجيل الذي مضى، لكنها كانت أستاذة في تكهناتها. إنني أذكرها وهي في مطبخ بيتنا الكبير في اراكاتاكا، تترصد العلامات السرية في أرغفة الخبز الشذية التي تخرجها من الفرن.
في أحد الأيام رأت الرقم ( 09 ) مكتوبا في بقايا الدقيق، فقلبت السماء والأرض إلى أن وجدت بطاقة يانصيب تحمل هذا الرقم. خسرت. إلا أنها ربحت في الأسبوع التالي غلاية قهوة تعمل بالضغط، ببطاقة كان جدي قد اشتراها في الأسبوع السابق ونسيها في جيب سترته، وكان رقمها هو ( 09 ) كان لجدي سبعة عشر ابنا ممن كانوا يطلقون عليهم في ذلك الحين تسمية ـ الأبناء الطبيعيين ـ وكأن أبناء الزواج النظامي هم أبناء اصطناعيون، وكانت جدتي تعتبرهم أولادها. كانوا متفرقين على طول المنطقة الساحلية، لكنها كانت تتحدث عنهم جميعا في ساعة تناول الفطور، وتشير إلى صحة كل واحد منهم والى وضع تجارته وأعماله وكأن لديها اتصالات مباشرة وسريعة معهم. كان ذلك الزمن الرهيب هو زمن البرقيات التي تصل في وقت لا تخطر فيه على بال أحد وتدخل البيت مثل ريح رعب، تنتقل من يد إلى يد دون أن يجرؤ أحد على فتحها، حتى ترد إلى ذهن أحدهم الفكرة الملهمة بجعل طفل صغير يفتحها، وكأن للبراءة القدرة على تغيير لعنة الأخبار المشؤومة.
لقد حدث ذلك في بيتنا ذات يوم، وقرر البالغون المبهورون أن يتركوا البرقية مثل جمرة متقدة، دون فتحها، إلى أن يعود جدي. أما جدتي فلم تتأثر، وقالت: إنها من برودينثيا اغواران تخبرنا فيها بقدومها. لقد حلمت الليلة أنها آتية في الطريق إلينا.
عندما رجع جدي إلى البيت لم يكن بحاجة حتى لفتح البرقية، فقد جاءت معه برودينثيا اغواران التي وجدها مصادفة في محطة القطار، وكانت مقتنعة تماما من أن جدي قد ذهب إلى المحطة استجابة لسحر برقيتها الأكيد’.
هكذا يروي ماركيز حوادث حول جدته، ويوحي بثقة أنها حصلت في الواقع بالفعل، ونحن لا نملك أن نقيم مصداقية هذا الكلام، لأنه في البداية وفي النهاية، كلام يدخل في إطار الأدب. وهل ينبغي، أن نتساءل حتى، ما إذا كانت القصة واقعية أم هي مجرد نتاج خيال مبدع الهدف الأساسي الذي يحرك فيه هوس الحكي هو الإمتاع أولا وأخيرا. ونحن نستمتع بمثل هكذا نص مدهش، لا يعنينا من حقيقته إلا السرد الأنيق، والحدث الاستثنائي الذي نجده بين أيدينا، ونقرأه بشغف كبير. هذه هي قوة ماركيز والاستثناء الكبير الذي يتميز به. انه يمارس الأدب تماما كما يمارس الحياة، بكل تفاصيل الحياة الصغيرة والكبيرة.
في النهاية، نهاية مقال ‘التخاطر اللاسلكي’ من كتابه ‘كيف تكتب الرواية ومقالات أخرى’ يجرنا غابرييل غارثيا ماركيز نحو نفس الطقوس الغرائبية التي تنتمي لعوالم روايته الساحرة ‘مئة عام من العزلة’، ويروي بنفس النسق الذي يروي به رواية ‘مئة عام من العزلة’ ويتحرك في نفس العوالم العجيبة لنفس الرواية العبقة بنفس مدرسة الواقعية السحرية، هذه المدرسة التي طورها غابرييل غارثيا ماركيز ليتجاوز في كتاباته ونتاجاته فيها، ما أنتجه رواد هذه المدرسة. ولذلك نرى ماركيز في غير ما مرة يصر على تسمية هذه المدرسة بمدرسة الواقعية المأساوية، وهو إذ يسحب هذا المصطلح الجديد على نمط كتابته، فإنما لينسب هذا التطور الكبير، أو التحول الذي أحدثه في هذا النوع من الكتابة إلى نفسه، كما نحسب. وليقول ضمنيا، ربما: لقد تجاوزت مدرسة الواقعية السحرية، وان ما أكتبه ليس سوى نمط جديد من الكتابة ينزع إلى مدرسة جديدة، مدرسة الواقعية المأساوية.
وهكذا، وبنفس إيقاع وطقوس ‘مئة عام من العزلة’ يختم غابرييل غارثيا مقاله ‘التخاطر اللاسلكي’ بفقرة جد مثيرة في عمقها وواقعيتها السحرية، أو..واقعيتها المأساوية كما يفضل ماركيز:
‘ماتت الجدة عن نحو مئة سنة.. أصيبت بالعمى وصارت تهذي في أيامها الأخيرة حتى أصبح من المستحيل متابعة خيط عقلها. وكانت ترفض خلع ملابسها لتنام ما دام المذياع مفتوحا، رغم أننا كنا نوضح لها كل ليلة أن المذيع غير موجود في الغرفة. كانت تظن أننا نخدعها، لأنها لم تستطع أن تصدق أبدا أنه يمكن لآلة شيطانية أن تسمعنا صوت أحد يتكلم من مدينة أخرى نائية’.
أعتقد أن ماركيز، في هذه الفقرة الأخيرة، استطاع ببراعة أن يربط بين التخاطر اللاسلكي كحالة مرتبطة بالعقل، وبوظيفة غير مكتشفة بعدُ في الدماغ، وبين المذياع كحالة وآلة ‘شيطانية بحسب اعتقاد جدته’ آلة لاسلكية لتوصيل الصوت والخبر. وبين هذا وذاك، يكون ماركيز غير بعيد أيضا لا عن هذا ولا عن ذاك. هكذا عودنا ماركيز في كتاباته، فهو على كل حال يعتبر بأن حرفته هي (ساحر)، كما كتب في كتابه ‘مصائب مؤلف كِتاب’، بحيث يعدد في ذلك الكتاب البلايا التي يتكبدها الكاتب، وكيف أن الكتابة في آخر الأمر بالنسبة للكاتب هي قدر، تماما كما يمكن أن يولد أي شخص وهو أسود البشرة..وسيظل الكاتب الجيد يكتب باستمرار، حتى إذا كان حذاؤه بحاجة إلى إصلاح، وحتى إذا كانت كتبه لا تلقى رواجا’. هكذا يرى غابرييل غارثيا ماركيز الاخلاص الحقيقي للكاتب لصنعته.

قديم 04-22-2014, 12:42 PM
المشاركة 16
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
صيّاد السحر والحكايات
الياس خوري
april 21, 2014

في ‘قصة موت معلن’، روى غابرييل غارثيا ماركيز حكاية موت سانتياغو نصار مذبوحا بالسكاكين. كل القرية، ما عدا الضحية، كانت تعلم أن المهاجر السوري-اللبناني سوف يموت. وعندما سقط سانتياغو أو يعقوب، أحسسنا، نحن القراء الذين أشركنا المؤلف في سره المعلن، بالمفاجأة. فالموت، حتى حين يكون معلنا هو المفاجأة الأخيرة التي تصفعنا ببرودتها وحقيقتها.
لم يكن ماركيز بطلاً كي يموت مذبوحا لأنه فض بكارة فتاة، كما مات المهاجر المشرقي الجميل، لكنه كان راوي الحكاية. وكي تروي يجب أن تعيش، أي أن لا تكون بطلا، بل ظلا للبطل أو رفيقا له، أو شاهدا على الحكاية.
لكن موت ماركيز المعلن منذ إصابته بالسرطان عام 1999، جاء مفاجئا كما يجيء الموت. حتى الرواة الذين اختبأوا خلف أبطالهم وحكاياتهم، يتحولون الى أبطال ولو مرة واحدة، حين تعلن بطولتهم موتهم.
منذ أن صدرت ترجمة ‘مئة عام من العزلة’، الى لغة الضاد، صار ماركيز كاتبا عربيا، من دون أن يدري. دخل سحر عوالمه في وجودنا وكأنه آتٍ من مكان عميق في وعينا وذاكرتنا.
ما أطلق عليه النقاد اسم الواقعية السحرية، لا يشبه سوى العجيب والغريب في التراث الأدبي العربي، الذي صنعته شهرزاد في كتاب ‘ألف ليلة وليلة’. واقع مسحور وسحر واقعي، السحر ليس خيالا لأنه ابن الحقيقة، والحقيقة ليست حقيقية لأنها ابنة الخيال. هذا المزج بين الواقعية والسحر، أوصل الرواية التي بدأت رحلتها السحرية مع كافكا وفوكنر الى إحدى قممها، عبر تحويله الحياة اليومية الى مرادف للحلم.
إحساسنا بأن هذا الأدب يأتي من مكان عميق في وجودنا سبق لبورخيس أن رسم ملامحه حين اخترع ليلة لا وجود لها في كتاب الليالي، ثم تشكل مع الأبطال السوريين في الرواية الأمريكية اللاتينية ليصل الى ذروته مع سانتياغو نصار، الذي دخل في ‘مجمع أسرارنا’، وصار بطلي الشخصي مع أقربائه اللبنانيين الذين شهدوا مذابح 1860 وكانوا ضحاياها.
هذا الأفق العربي- الأمريكي الجنوبي لم يجد حتى الآن من يدرسه. وانا هنا أستخدم صيغة الهوية بشكل رمزي، لأن ‘ألف ليلة وليلة’ ليست عربية الا لأنها تدور في أفق لغوي عربي وفي مناخات دمشق والقاهرة وبغداد، لكنها كانت تلخيصا للآداب الشرقية كلها. كما ان أدب أمريكا الجنوبية الذي ولد من رحم الحكاية الشهرزادية، ليس محليا إلا لأنه يدور في أفق لغوي واجتماعي محدد، لكنه يمتد ليلخص أدب القرن العشرين بعناصره الأساسية.
سر ماركيز أنه تعلم أن يكون راويا وشاهدا، لكنه لم يجلس في المقاعد الخلفية كي يحتمي من عصف الزمن. عاش في قلب العاصفة، وكان مناضلا يساريا حتى النهاية. كان تشيليا في مواجهته للإنقلاب العسكري الفاشي، وكوبيا في دعمه لحلم الثورة، وفلسطينيا في دفاعه عن الحق والحقيقة. من الصحافة الى الأدب، صنع هذا الكاتب أسطورة أدبية تشبه أساطير رواياته، تعلم فن الحب بالحب، وواجه ‘خريف البطريرك’ بالسخرية، وذهب الى متاهات الجنرال، وروى من دون توقف. كأنه كان يصطاد الكلمات ويعيد تأليفها من جديد، فاتحا للخيال أفقا جديدا، مكتشفا أن الحياة حلم من الرغبات والإحتمالات، وأن السحر بعد طرده من كل الأمكنة، عاد الى الكلمات التي كانت مهده وستبقى بيته الى الأبد.
اصطاد ماركيز الحكايات من ذاكرته ومن الواقع، او هذا ما أوحته لنا مذكراته التي أعطاها عنوان ‘عشت لأروي’، هكذا بعث في مذكراته كل شياطينه التي أوحت له، كي يبرهن انه لم يخترع شيئا، وان المؤلف لا يؤلف بل يصطاد القصص ويعيد صوغها.
لكنني أحسست وأنا اقرأ المذكرات أنني أمام عمل تخييلي بامتياز. لم أصدق المذكرات، لأنني شعرت أن حرفة الأدب وشياطين الخيال تداخلت فيها مع الوقائع، بحيث شعرت أنني أمام نسخة روائية جديدة لأعمال روائية سابقة، وأن ما حاول الكاتب أن يعطيه صفة المذكرات، لم يكن إلا مزجا للذاكرة بالخيال.
لنفترض أن شهرزاد كانت شخصية حقيقية، (بالمناسبة فإن الكتّاب الذين تعيش أعمالهم طويلا، يتحولون هم أيضا الى شخصيات من صنع الخيال من أمرئ القيس الى هوميروس وصولا الى شكسبير…) ولنفترض أنها ستكتب الآن ذكرياتها، فكيف ستتعامل مع السندبادين، هل بوصفهما خيالا تمرد على الحقيقة، أم حقيقة تستطيع أن تضبط الخيال؟ وكيف ستروي حكايتها مع الملك المجنون، هل بصفتها حيلة أدبية أم بصفتها حيلة حياتية؟ لا شيء يستطيع أن يكون أكثر حقيقية من خيال أدبي يلعب مع الحياة لعبة الموت، هذه هي لعبة الأدب الكبرى، بدل أن نترك للموت أن يصنع نصنا عن معنى الحياة، تقوم الحياة بكتابة نصها عن معنى الموت.
إنها لعبة معقدة بدأها أجدادنا العرب بالوقوف على الأطلال، كي تصير الكلمات وشما على جسد الرحيل، وصارت حقلا أدبيا عبر قدرتها على تحويل الموت الى أحد اشكال الحياة، ليس عبر الإنتصار عليه، بل عبر تحويله الى أحد احتمالات الواقع السحرية.
قال شقيق ماركيز إن الرجل بدأ يفقد ذاكرته منذ سنوات قليلة، وأثار هذا التصريح الكثير من الأسى والغضب، لكن ما فاتنا اكتشافه هو أن ذاكرة الموت أخذت الكاتب من مكسيكو الى ماكوندو، بلدة خياله الروائي في ‘مئة عام من العزلة’. ربما فقد ذاكرة المدينة التي أقام ومات فيها، لكنه لم يعد يحتاج الى هذه الذاكرة منذ أن قرر أن يعيش في ماكوندو، ويبدأ رحلته من جديد، متلاشيا في الكلمات، متخليا عن دوره كراو ليصير جزءا من الرواية.

قديم 04-23-2014, 02:30 PM
المشاركة 17
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل رحل ماركيز حقا؟
عمر الدريسي
APRIL 22, 2014
عن القدس العربي

‘عشتُ لأروي’ أو أكتب لأبقى حيا؛ الكاتب العظيم هو من له قدرة الإصرار والإمساك فجأة باللحظة الدقيقة التي تنبثق منها الفكرة ‘مثل الصياد الذي يكتشف فجأة، خلال منظار بندقيته، اللحظة التي يقفز فيها الأرنب’.
الكاتب العظيم هو من يعرف بأنّ القصة تُولد ولا تُصنع، كما أنّ الموهبة ذات قيمة أساسية، إلا أنها بالطبع، لا تكفي لوحدها، المهم لدى الكاتب الموهوب هو أن يتعلم، أن يمتهنن، أن يصقل كيف يكتب بخبرة متعلم ووعي الإنسان، الحكيم المثقف، المطلع…، كيف يبدع، ليكتب بحب، ومن دون ضجر بالنسبة للقراء.
دشن غابرييل غارسيا عهده مع الكتابة منذ الصغر إذ يعترف: ‘كانت حكاياتي في معظمها أحداثا بسيطة من الحياة اليومية اجعلها أكثر جاذبيه بتفاصيل متخيلة كي يصغي إلي الكبار، وكانت أفضل مصادر إلهامي هي الأحاديث التي يتبادلها الكبار أمامي لأنهم يظنون إنني لا افهمها فيشفرونها عمداً كي لا أفهمهما لكن الأمر كان خلاف ذلك، كنت امتصها مثل إسفنجة ثم افككها إلى أجزاء واقلبها لكي أخفي الأصل، وعندما أرويها للأشخاص أنفسهم الذين رووها بينهم، تتملكهم الحيرة للتوافق الغريب بين ما أقوله وما يفكرون فيه’.
‘عشتُ لأروي’؛ يقول الروائي غابرييل غارسيا أن ‘نصف الحكايات التي بدأت بها تكويني سمعتها من أمي. وهي لم تسمع مطلقاً أي كلام عن الخطاب الأدبي ولا عن تقنيات السرد ولا عن أي شيء من هذا. لكنها تعرف كيف تهيئ ضربة مؤثرة وكيف تخبئ ورقة آس في كمّها خيراً من الحواة الذين يخرجون مناديل وأرانب من القبعة’
‘عشتُ لأروي’؛ رواية ‘مائة سنة من العزلة’، رواية تتسم بالحكاية وكأنها ‘ألف ليلة وليلة’ الشرقية العربية، والتسلسل غير المنسجم وكأنها بدايات بلا نهايات، صراع أسطوري عبر الأجيال، يروي الكاتب أحداث المدينة من خلال سيرة عائلة ‘بوينديا’ على مدى ستة أجيال والذين يعيشون في قرية خيالية تدعى ‘ماكوندو’، من خلال الأحداث، عمل غابرييل غارسيا ماركيز – بشاعريته وخياله الثاقب وسحر حبكه الواقعي- على فضح تاريخ الحروب والديكتاتوريات في القارة المشبعة بالأسطورة والأبطال والطغاة. القارة التي لم تحظ ببرهة طمأنينة نتيجة العنف والمظالم، فعاشت عزلة قسرية، لذالك ربما عنون روايته ب ”مائة سنة من العزلة’.
و لفك تلك العزلة عن المجتمع الأمريكي اللاتيني أتى الكاتب برواية ‘الحب في زمن الكوليرا’، حيث أعتبر الكاتب أن الاهتمام بالحب والجمال والرومانسية هو السبيل الأفضل لإبحار بأمان ضد الظلم والاضطهاد، وهو وقود الأمل في الحياة ‘لقد كنت مؤمناً على الدوام بأنّ الحب قادر على إنقاذ الجنس البشري من الدمار وهذه العلامات التي تبدو ارتداداً إلى الوراء هي على العكس من ذلك تماماً في الحقيقة: إنها أنوار أمل’، ويضيف: ‘إن هذا الحب في كل زمان وفي كل مكان، ولكنه يشتد كثافة كلما اقترب من الموت’.
‘عشتُ لأروي’؛ لم يكتف كاتبنا بالرواية والمسرحية واللغة الشعرية فقط: بل كان مناضلا وإعلاميا، أعلن تخوفه من السلاح النووي المنتشر عبر العالم مطلع القرن الواحد والعشرين، وتخوفه من قتامه الأوضاع الاجتماعية والهيمنة والاستغلال الإمبريالي، أبدع في السرد والوصف وحبك الحكايات الممتعة التي تشد القراء شدا بليغا، له مواقفه واضحة ‘رواية : خريف البطريرك’ في مناهضة الاضطهاد والعنصرية والديكتاتوريات المتناسلة عبر العالم.
ربما كان يساري الهوى السياسي، تقدمي الأفكار والقناعات، يقول الجامعي البريطاني جيرالد مارتن مؤلف كتاب سيرة الروائي غابرييل غارسيا وترجمه إلى اللغة العربية، الدكتور محمد درويش:’… كان بوليفار وآليندي ونيرودا وفوينتس وعمر توريخوس وكورتاثار وكاسترو من الذين احتفى بهم، وعزز بهم مواقفه..’، إلا أن هذا لم يمنع غابرييل حسب كاتب سيرته في نسج علاقات مع الشخصيات الغربية النافذة مثل فرنسوا ميتران الرئيس الفرنسي، ملك اسبانيا، عائلة كلينتون…
شهر غشت عام 2001، وبعد تردد كبير وللأمل في حياة أفضل لزوجته وأولاده، قال حين وقع العقد مع هوليود لتحويل رواية ‘الحب في زمن الكوليرا’ إلى فيلم سينمائي: ‘لقد كبرت وكل نفس ذائقة الموت، ولا بد من التفكير بتأمين مستقبل الأولاد، ومعهم زوجتي، التي أحبها منذ نصف قرن ولا استطيع أن أغادر وأتركها في مهب الرياح …’.
إِنْ تخلى بعض المثقفين العرب عن قضية فلسطين، لم يتخلى عنها غابرييل غارسيا ماركيز، بل نافح عنها عبر مواقفه الكثيرة المضيئة في مسيرته الحافلة بالمبادرات الخلّاقة؛ إذ نشر عام 1982 بيانه الشهير عن مجزرة صبرا وشاتيلا، وفي العام 2002، ندد باقتحام القوات الصهيونية المدن الفلسطينية في الضفة وأصدر البيان الناري الذي ندد فيه بمواقف الكتّاب والمثقفين المتخاذلين في العالم، وقال في نهاية البيان: ‘لكل هؤلاء أقول أنا غابرييل غارسيا ماركيز أوقّع هذا البيان منفرداً’..
من رواية ‘قصة موت معلن’ تحكي عن جريمة قتل قام بها التوأمان ‘فيكاريو’ دفاعاً عن شرف أختهما ضد ‘سانتياجو نصار’، ومع هذا فلم يتحرك أحد لمنع الجريمة… مع أن الأدلة لم تكن ثابتة على الضحية، هل معنى ذلك أن هذه المدينة بأجمعها، برجالها ونسائها وسلطاتها، بل وأكثر من ذلك أصدقاؤه أيضاً، كانوا يريدون الخلاص من ‘سانتياجو نصار’، ذاك في الروية أما الواقع، فعلى فراش المرض، غابرييل غارسيا ماركيز ، لم يستسلم، فكتب رسالة إلى أصدقائه ومحبيه غبر العالم ‘… لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر… تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أن سرّ السعادة تكمن في تسلقه… حافظ بقربك على مَنْ تحب، أهمس في أذنهم، إنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمك، سامحني، من فضلك، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفها. لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار …
لقد غادر هذا العالم من قال:’ ……ليس العمر ما يملكه المرء من سنوات, بل ما يملكه من أحاسيس′، صاحب الإبداع السحري الواقعي، صاحب جائزة نوبل للآداب لعام 1982، غادرنا الروائي العظيم يوم أمس الخميس 17 أبريل 2014، عن سن تناهز87 من منزله بالعاصمة المكسيكية ، بعد معاناة مريرة مع المرض، وقد نعاه الرئيس الكولمبي بقوله: ‘العظماء لا يموتون أبدا’. ونعاه أيضا الكاتب الكولومبي الكبير، الدكتور عمار علي حسن، قائلًا: البشرية فقدت واحدًا من أعذب الأقلام، ومخيلة من أخصب المخيلات، وكاتبًا كبيرًا من كتاب القرن العشرين’.
لم ترحل السيد غابرييل غارسيا ماركيز، فأعمالك ستخلدك: لم تمت ‘انك حي في الكلمات… كل عبارة في أعمالك درس بليغ وحكمة مستقلة ô
كاتب مغربي
E-mail نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةrissi-omar1@live.fr

قديم 04-23-2014, 04:06 PM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عمار علي حسن: رحيل ماركيز أفقد البشرية واحدًا من أعذب الأقلام
ياسر الغبيري
الجمعة 18-04 - 06:09 م (0) تعليقات


الكاتب الدكتور عمار على حسن، الكاتب الكولومبي الكبير "ماركيز

نعى الكاتب الدكتور عمار علي حسن، الكاتب الكولومبي الكبير "ماركيز"، قائلًا: البشرية فقدت واحدًا من أعذب الأقلام، ومخيلة من أخصب المخيلات، وكاتبًا كبيرًا من كتاب القرن العشرين.
وأضاف علي حسن، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن ماركيز تأثر بالواقعية السحرية للمكسيكي "خوان لوروفو"، وقرأ وسمع كثيرًا عن سحر الشرق، وألف ليلة وليلة، كما تعد روايته "مائة عام من العزلة" من أهم الروايات في تاريخ الأدب الإنساني، وإلي جانبها بعض الأعمال الشهيرة مثل: "خريف البطريرك"، "الحب في زمن الكوليرا"، "عشت لأروي"، ولكن تظل "مائة عام من العزلة" الأمتع والأشوق في تاريخه الأدبي.
وأوضح علي حسن، أن ماركيز أعطانا درسين الأول: كيف يمكن للإنسان أن يقدر اهتماماته ويبدع فيها جميعًا ولا يتوقف عطاؤه؟؛ فالرجل إلى جانب أنه أديب كبير فهو صحفي وناشط سياسي، وهو أمر ينطبق على الأديب البيروفي "ماريو فارغاس يوسا، والدرس الثاني: كيف يمكن للإنسان أو الكاتب أن ينفتح على التقنيات الإنسانية، وأن يتعامل معها بمنتهى الحرية والتسامح، كي يخدم نصه الأدبي.
وأشار حسن، إلى بقاء أعمال ماركيز، قائلًا: إن إرث ماركيز كبير جدًا، ومن المؤكد أن أعماله ستظل تقرأ إلى زمن بعيد، خاصة "مائة عام من العزلة"، التي لن تمحى من ذاكرة العالم.

قديم 04-24-2014, 10:47 AM
المشاركة 19
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تعالوا نقرا الرواية على الرابط أدناه ونضع تعليقاتنا عليها . من ناحيتي وجدت بعد ان قرات 28 صفحة حتى الان ان القرية التي اخترعها ماكيز ربما تكون قرية حقيقية .
ووجدت انه يتحدث عن التجار العرب الذين كانوا من بين الأوائل الذين وصلوا الى تلك القرية النائية في صفحة ٢٣ . ولا استغرب ان تكون الرواية هي قصة واقعية لقرية حقيقية نائية من قرى كولمبيا او انه استخدم هذه القرية كنموذج يعبر من خلاله عن حياة كولمبيا ككل والتطور الذي شهدته من بدايات اكتشافها الى زمن لاحق .
حتما اسلوبه سحري ولا شك ان المترجم هنا احسن الترجمة واستطاع نقل روح النص وليس النص بذاته فظل سحريا في وقعه ...اسلوب سردي مذهل بحق
اهلا وسهلا


http://ia601705.us.archive.org/34/it...elfa.21016.pdf

قديم 04-24-2014, 03:23 PM
المشاركة 20
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لاحظوا معي سحرية هذا المقطع شديد الدرامية والذي ما ان تظن انه ابهرك بعقدة شديدة الإبهار حتى تجد نفسك وقد ارتطمت بصعقة اشد ابهارا واحدة تلو الاخرى حتى تعتقد ان ماركيز قد حشد كل ما يستطيع ان يحشده من عقد مبهرة في فقرة واحدة لكنه يعود ليكرر ذلك في مواقع اخرى وهذا هو سر السحرية التي ترك اثرها على المتلقي :

" يبدو ان ان أرسولا لم تغفر لهم قط ما عدته انتهاكا لواجب الحشمة في الاسرة وعندما عاد العروسان الجديدان من الكنيسة حرمت عليهما دخول البيت وعدتهما من الأموات ...وهكذا استأجرا بيتا فيما وراء المدافن وأقاما به دون ان يكون فيه من الأثاث اكثر من أرجوحة نوم جوزيه اركاديو .... وفي ليلة الزفاف تسلل عقرب الى شبيب ربيكا ولدغ قدمها حتى تورم لسانها ...غير ان هذا لم يمنع ان يستمتعا بشهر عسل صاخب ترامت اصداؤه الى الجيران الذين أشفقنا ان تقض مضاجع الموتى في قبورهم !


تخيلوا يظن المتلقي ان عدم الغفران لوحده يمثل عقاب في اعلى حالاته لكننا ما نلبث ان نكتشف بان الام اعتبرتهم من الأموات ونظن ان التصعيد الدرامي قد وصل الى حده الاعلى فنجد انها حرمت عليهم دخول البيت فيذهبا للعيش في بيت فارغ والمهم ان ماركيز جعل موقع البيت ما وراء المدافن بهدف رفع مستوى الإثارة من خلال الحديث عن الموت ولكن القصة لا تنتهي عند ذلك ولا نعرف من اين جاء ماركيز بذلك العقرب الذي لدغ ربيكا ليتورم لسانها بينما نكون في انتظار شيءً اخر وهنا يلقي لنا بقنبلة التضاد حيث لم يمنع كل ذلك الالم من الاستمتاع بأقصى حد من اللذة لكنها لذة صاخبة حتى ان الجيران أشفقوا ان تقض تلك اللذة لشدة صخبها مراقد الموتى وهم في قبورهم ....

يا لهذا السرد العجائبي بحق !


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: مائة عام من الغزلة : ما الذي جعلها واحدة من اروع الروايات .. نظرة معمقة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نِعَم الهداية و التوفيق و العصمة و الاستقامة د محمد رأفت عثمان منبر الحوارات الثقافية العامة 0 03-21-2016 03:39 PM
القصص النبوية قتل مائة نفس أ محمد احمد منبر الحوارات الثقافية العامة 2 01-09-2016 07:29 PM
من اعظم الروايات - رواية قلب الظلام the heart of darkness لجوزف كونراد - نظرة معمقة ايوب صابر منبر الآداب العالمية. 3 04-17-2014 08:47 PM
ورشة عمل: اروع مائة رواية عربية تحت اضواء النقد ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 3 12-28-2011 11:05 PM

الساعة الآن 07:00 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.