احصائيات

الردود
6

المشاهدات
13393
 
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي


رقية صالح is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,577

+التقييم
0.50

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة

رقم العضوية
8808
01-31-2011, 12:26 AM
المشاركة 1
01-31-2011, 12:26 AM
المشاركة 1
افتراضي الخيال الجامح (فن)

الخيال الجامح (فن)



الخيال الجامح:


في عام 1825، وبعد النجاح الباهر لقصص هوفمن، تشكل الخيال الجامح جنساً أدبياً، وصار المصطلح، من حينه، صيغة سحرية تغطي أكثر النتاجات الأدبية تنوعاً، وحمل من «ارتباطه بالعائدين من العالم الآخر» و«الأرواح والشياطين» معنى خاصاً، بعد أن كان في القرن السادس عشر يعني «المتخيل أو صاحب الرؤى الذي يقتات بالأوهام» وفي القرن العشرين، ومع اقتحام الخيال الجامح عوالم الأدب والشعر والفن والعمارة والموسيقى وغيرها، اتسع المفهوم وامتد ليشمل معاني أخرى.





الخيال الجامح في الفن:


الخيال الجامح هو الشعور بالغموض والالتباس واللاواقعية، والإحساس بالقلق يتسلل إلى العلاقة بين المشاهد والعمل الفني، به يستحضر الفنان الغيب، سواء أكان ذلك عن عمد وتصميم أم بتداعيات لا إرادية، وبوساطته يُضمِّن عمله كل ما يصدم العقل: حتمية الموت، والجهل بالمستقبل، والظواهر الطبيعية غير المتوقعة، وهشاشة المدنيات. إن مثل هذا الشعور لا يرتبط بالعصور ولا بالأجناس ولا بالمدارس، فما برح إنسان العصر الحالي شديد التأثر بعالم الخيال الجامح يستشعره إذا ما وقف أمام تميمة إفريقية قادمة من غابر الأزمان أو لوحة من صنع فنان معاصر.



كتب غويا في مقدمة كتابه الثاني «أهواء»: «إن رقاد الفكر يولّد المسوخ» والحلم هو اللغة العالمية الشاملة، والوسيلة المثلى تعبر بوساطته الشعوب كافة عما في اللاشعور من رواسب قديمة. إن لكل ديانة في أولوياتها أحداثاً خيالية خارقة يسعى الفنانون للتعبير عنها، فبفضلها ينجو الفرد من قوانين الطبيعة القاهرة (بعث أوزيريس والمسيح، وولادة بوذا المعجزة وأساطير الإغريق القديمة وجلجامش الرافدي وغيرها).




ولد الخيال الجامح مع ولادة الفن، وارتبط كما يبدو مع النماذج الأصلية الكبرى التي رسخها في الذاكرة الجمعية تساؤل الإنسان الحائر حيال المبادئ الأولية، وإلى بواعث العصور السحرية الدينية السابقة أضاف القرن الماضي حوافز اللاوعي، وفي توزع الإنسان بين الخير والشر تحول اللاوعي في آداب وفنون الإنسان المعاصر إلى العبث واللامعقول.




والخيال الجامح حاضر في فنون البلدان جميعاً وفي كل العصور، وهو لا يخضع لقواعد محددة في الابتكار، وإذا ما شجعته بعض المدارس الفنية وجعلته محط اهتمامها، فمن الملائم دراسته في محيط مفهوماتها الجمالية الخاصة بها، ومع اتخاذ الخيال الجامح أكثر المظاهر تنوعاً، يبقى، كغاية، خاضعاً لبعض الثوابت المساعدة على دراسته، وعليه فالخيال الجامح، قبل أي شيء آخر، تعبير عن القلق من المريب، وغير المألوف، والمرهوب الجانب، وأشكال المسوخ، وكل أشكال المخلوقات الغريبة.






الخيال الجامح في العمارة:


ينحصر مبدأ العمارة الخارقة في تحدي قواعد القياس والتوازن (برج بابل - الزيقورة)، واستحضار المصورين له غالباً ما يجيء مضللاً ومحيراً أكثر من الواقع، فالقصر المبني على رأس إبرة (مخطوطة محفوظة في فيينا القرن الثالث عشر) هو التعبير الأكثر كمالاً لعمارة مستحيلة، كما أن كنيسة سان ميشيل ديغوي على صخرة، رد على تجربة الهلاك والوقوع في الجحيم، وإغواء كل ما هو ضخم وهائل كالمعابد التي تخترق السماء هو ما يميز الزيقورات الرافدية والأهرامات الفرعونية.



وثمة خيال جامح وليد الخوف من الفراغ (غوبورا سريراغام، والكنائس الباروكية لسلفادور)، كما أن أحد الأطروحات المفضلة لدى المخيلة الخارقة: المتاهة التي استحوذت على عقول البنائين بدءاً من قصر مينوس في الأسطورة اليونانية وانتهاء بالتعرجات والمنعطفات بين أشجار شُذِّبت حسب الطلب لهانس فريدمان في القرن الخامس عشر، وفي حدائق القرن الثامن عشر سعى الفنانون، باستخدام النبات والأطلال، إلى خلق المرعب والخلاب معاً، وصار الشعار: «على المعماري أن يحاصر المشاهد ويورطه في إغواء الرائع والخارق».


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-31-2011, 12:33 AM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


الخيال الجامح في النحت:


الحجر وسيلة نقل أصيلة لخوف مقدس (نصب يسكن الإله فيه - بيت إيل) وكل حجر يتجاوز حجم الحجارة المألوفة يستثير الشعور بالغرابة، وهذا الشعور قابل للزيادة إذا ما تعلق الأمر بأشكال إنسانية ذات غايات مجهولة (تماثيل جزيرة الفصح، الرؤوس العملاقة في أولميك فينتا).


سعى الخيال الجامح إلى استحضار ما لا يستطيع أحد أن يراه، فالعابدون بعيونهم الجاحظة الواسعة في تل أسمر (الألف الثالثة ق.م)، والموتى العائدون إلى الحياة في مقبرة جوار Jouarre (القرن السابع ب.م) يتسمون بمظاهر الانبهار غير المشروطة نفسها، كما ابتكر آلهة هجينة ترمز خصائصها المروعة إلى القوى الخيرة المكلفة بطرد قوى الشر والشياطين المجنحة، فعلى النحت ذي الأغراض السحرية أن يضلل القوى الشريرة أو أن يبطل تأثيرها، تلك هي الغاية التي ترنو إليها حتى اليوم التمائم الإفريقية المحفوفة بالإبر أو بالمعادن المدببة.


واستعار كل من الفن الرومي والفن القوطي من الشرق الأشكال الحيوانية كلها: تنانين برقابها الطويلة المتشابكة التي تزين لوح نارمر (متحف القاهرة)، ومخالب، وطيور - عقارب، وأفاع خرافية لها رؤوس ديكة. ولقد ألمحت المسيحية، بتهويلها الخطيئة والموت، إلى التفسخ والانحلال.


وابتداء من عصر النهضة، راح الفنان يسعى إلى ما يفتن ويقلق ويشوش (وحوش حديقة بومارتزو)، ويصنع الغريب المدهش من المفارقة القائمة ما بين الأثر والمكان الذي يؤويه (الاضطراب غير المألوف لأشكال تمثيلية استحضارية على الدرج المدوِّخ في البرتغال).



الخيال الجامح في التصوير والغرافيك:


التصوير هو الوسيلة الرئيسة في فن الخيال الجامح، فهو الأكثر إيحاء، والأشد تغريباً وإثارة للبلبلة، إذ يتيح المجال واسعاً أمام تداخل الواقع بالحلم: انطباعات تثير القلق لأيد مبتورة في العصر الحجري القديم على «جدران كهف غارغاس في البيرينة»، وقوى مفترسة تترصد الأرواح في كتب الموتى المصرية، وآلهة هجينة لا تحصى تدير شعائر خاصة بالموتى (توت وأنوبيس في مصر)، وساق مقطوعة حلت محلها مرآة يتصاعد منها الدخان، فالبتر والمرآة السحرية من مدخرات فن الخيال الجامح، التي اتخذت عبر العصور، بجانب مجموعة صور الأطياف والأشباح المعتادة للموتى والمسوخ، الأشكال نفسها الحاملة للدلالات الأولية والثانوية مثل: العين وعين الآلهة الموجودة في كل مكان( ميترا متعددة العيون)، والعين الشريرة والبيضة، والحيوانات المكلفة باصطحاب الأرواح إلى العالم الآخر.


وتختلف المعاني والنزعات من حضارة لأخرى، فالهيكل العظمي عند المسيحيين صورة للتهديد، في حين أنه يدفع الأبيقوريين للتمتع بالحياة، كما كان فن العصور الوسطى في الغرب تحذيراً شاملاً وجماعياً واسعاً حيال القوى الجهنمية: وجوه ممسوخة لها أذرع، ورجال متوحشون، وتنانين مزودة بأجنحة خفافيش مستعارة من الصين، وساحرات ذات أظلاف، وشياطين بمخالب تستحوذ على المخيلة، وقد توزعت هذه المخاوف في ثلاث دوريات: الحيوانيات والجهنميات والرؤيات التي صورت بنجاح الخوف العظيم من عام 1000، وامتد هذا الخوف إلى القرن الثاني عشر بتنبؤات جواشيم دو فلور، وإلى عصر النهضة في رسوم كثير من الفنانين.



كانت آثار جيروم بوش الفنية، وعصر النهضة في أوجه، سفراً لضروب الرعب في القرون الوسطى، ومع ذلك فإن انزياحاً ذا مغزى قد حدث، ألا وهو الاهتمام بالماورائيات، حيث تقتات سوداوية دوررلاالتي حلت محل الخوف من الجحيم، في حين كان المنجمون والعرافات تواكب كل مذابح الإصلاح.


لم تكن الاتباعية(الكلاسيكية) مواتية للأجواء الغريبة التي حافظ عليها التكلفيون والتي عبر عنها فنانو اللورين بنجاح باهر. ولكن شكلاً من أشكال «العبث والأباطيل» كان يحرض على مقاربات غريبة وتخيلات ملتبسة تدور حول الشرط الإنساني وواقعه.


وبالتوازي مع رواج علم التنجيم الذي وسم نهاية القرن التاسع عشر، أصاب الخيال الجامح والميل إليه نجاحاً باهراً، وتزايدت الرموز: حيوانات خرافية، وأقنعة، وأشباح، وحشرات هجينة، وشخوص أسطوريون (بروميثيوس وأورفيوس).


أبرز التصوير الميتافيزيقي والسريالية، فيما بعد، الطرق الملتوية التي يقرض العبث بوساطتها الحياة اليومية (دي كيريكو وماغريت)، ومصدر معوقات المخيلة التي تحول دون انطلاقها (دالي وبول دلفو)، إن منهجة الصدفة والتداعيات الغريبة أفسحت في المجال واسعاً أمام استيهامات اللاوعي، وتلتحق السريالية عند فيكتور برومر أو ماتا بخفايا السحر وأسراره.

وقد برهن كل من وولز وإيف تانغي وهنري ميشو أن الشعور بالقلق لا يختفي مع الرائع التقليدي، ولكنه يطرق أشد المناطق ظلمة، تلك المناطق التي سلط عليها الفن الشعبي والهيبريالية (الواقعية المغرقة بواقعيتها) الضوء.




فائق دحدوح - محمد حسام الدين



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-31-2011, 12:39 AM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





الخيال



الخيال في الفلسفة:

الخيال imagination هو الصورة الباقية في النفس بعد غيبة المحسوس عنها. أما التخيل فهو إدراك الصور الخيالية، ويتحدد بأنه العملية الذهنية التي تتولد عنها الصور. وقد تنشأ هذه الصور الذهنية عن عملية استرجاع الإحساسات في حال غيبة الأشياء، وهذا ما يعرف بالتخيل الاسترجاعي (كاسترجاع بعض الأشكال والألوان والروائح..). كما تنشأ الصور الذهنية عن عملية خلق على غير مثال من صنع مخيلتنا، وهو ما يعرف بالتخيل الإبداعي الذي به يبدع الإنسان الأعمال الفنية ويطور العلوم والتقنيات.


وقد اختلف الفلاسفة حول طبيعة الوظيفة التخيلية ودورها في تكوّن المعرفة، فرأى بعضهم أن الصورة نسخة صادقة عن الإحساس، ورأى آخرون أن الصورة تتخطى الإدراك وتتخذ طابعاً ذهنياً صرفاً.
وتمثل نزعة أبو قراط الحسية نموذجاً حياً للخلط التام بين التخيل والإدراك، فالتخيل عنده نوع من الرؤية البصرية، أما النزعة الحسية الرواقية فتقيم اختلافاً بين الصورة والإحساس.


أما الخيال عند أرسطو، فهو حركة يسببّها الإحساس، والصورة هي الرابطة بين الخيال والإدراك. فالإحساس والإدراك هما أصلا التخيّل. ويرى أرسطو أن للخيال وللذاكرة موضوعاتٍ مشتركة، وأنهما يرجعان إلى جزء واحد من النفس، باتحاد الوظيفة والمعنى فيهما، وبأن الصور التي تكوّنها الذاكرة هي التي يكوّنها الخيال، مع اعترافه بأن الحس والتخيّل شرطا التذكر، والشرط أسبق من المشروط.


ويشكّك أفلاطون في قيمة الفنتازيا أو المخيّلة، باعتبارها وظيفة النفس غير السامية، وهي عنده مصدر الخطأ والوهم. وعدّ التخيّل والتذكّر وإدراك المحسوسات المشتركة وظائف للعقل لا للحسّ، وأن أعضاء الحسّ لا تدرك الخصائصَ المشتركة بين موضوعات الحسّ، إنما يُدرك ذلك العقل. وهكذا يؤدّي التخيّل وظيفته: الأولى استعادة صور المحسوسات، والأخرى: استخدام الصور المحسوسة في التفكير.


وأكد ابن سينا أن هناك تشابهاً بين الخيال والذاكرة من حيث الوظيفة، بينما لا فارق بينهما إلا من حيث ارتباطهما بالزمان، فالذاكرة تستعيد صوراً ومعاني أُدركت في الماضي، أما التخيل فيستعيدها ويدركها من حيث هي صور أو معانٍ موجودة الآن.

كما ذكر أن للخيال دوراً في التحصيل والاستنباط والتصوّر، فيقول: «إنّ الخيال يُعين كما يُعين الحس في العلوم التي تحتاج إليها، كالأشكال الهندسية التي يُعين الخيال في إدراكها وتصوّرها. أما العلوم العقلية (أي الأفكار الخالصة) فإنها بخلاف ذلك، ولما كانت الخيالية تمانع وتعاوق، قهرت هذه العلوم العقليّة القوة الخيالية على ترك المُعاوقة عنها».


والخيال عند ابن عربي هو ملكة الرمز، وهو لا ينشئ تركيبات غير حقيقيّة، إنما يظهر المعاني المخبوءة في الأشياء، وهنا يكون عمل الخيال هو عمل التأويل، إذ يعمد إلى إخفاء الظاهر وإظهار الباطن، ويمسّ بكيميائه العجيبة الأمور المحسوسة فيجعلها رموزاً روحية فكرية، فالخيال هو ملكة التحويل أو علم سر هذه الكيمياء المحوّلة، وهو أساس فلسفة ابن عربي باعتباره أداة للمعرفة وجماع أدوات المعرفة الأخرى (العقل والحس)، ثم باعتباره قوة خلاّقة مبدعة لأرقى علوم المعرفة (العلوم الربانية والجمال التشكيلي).


ووصف السهروردي الخيال بأنه عالم المُثل المعلّقة، وهو بهذا عالم برزخيّ وسط بين المعقول والمحسوس، ومرآة تُعكس عليها جميع صور الموجودات المعقول منها أو المحسوس.


وتعدّدت تفسيرات الخيال في الفلسفة الغربية بسبب تعدّد التيارات التي تتمثل في المذهب الماديّ والمذهب الروحيّ والمذهب الفينومينولوجيّ (الظواهري) وقد عوّل المذهب المادّي في تفسير علاقة التخيّل بالإدراك على فكرة التداعي التي تؤول إلى تصوّرات ترابطيّة، تتحرّك في نطاق نفسي - جسدي يحلّل العمليات النفسيّة، برّدها إلى ما يحدث في الجهاز العصبي من متغيّرات، حيث يذهب هيوم إلى حد أنه لم يكتفِ بعدّ الصور والأفكار مجرد نسخ للانطباعات الأصلية على أعضاء الحس، وإنما عدّها نسخاً تبدو في وضع انفصال، كما عدّ الخيال قاصراً إذا ما قورن بالحس الخالص، وهو قصور جعله يتّجه اتجاهاً توكيدياً ينفي قدرتنا على تخيّل محسوسات جديدة. أما هوبز فقد أفضت نزعته التجريبية إلى أن يوحّد الخيال والذاكرة، وأن يفسّر الخيال باعتباره إحساسا متحلّلاً، مما يعني أن الإدراك يقدّم لنا المحسوسات واضحة وثابتة، بينما يركّب الخيال صوراً يسمها الغموض.


وأكد ديكارت أن الصورة انفعال الجسد، فالصور أشياء مادية تعرض للعقل كما تعرض الأشياء الخارجية للحواس. وتنشأ بعض الصور بفعل الإرادة، ويتخذ التخيل في سمته الإرادية التي تتمثل في الصور المجردة مظهر السند للإدراك العقلي، فيما يشكل التخيل بوصفه انفعالاً للجسد مصدراً خطراً للضلال.


وعدّ اسبينوزا التخيل قوة لا أخلاقية، لأنه يقوم على أساس الأفكار غير المطابقة للواقع، وعلى مصدر الأهواء التي تستعبد الإنسان. وكان الخيال عند كَنْت وسطاً بين طرفين: الحساسيّة والفهم، إذ يمثل الحس والخيال والفهم أساساً لابد منه لإمكانيّة التجربة عنده، فالصورة جسر يربط بين الحساسية والإدراك العقلي، والتخيل في نظره تنوع، لأنه يعيد إنشاء الأوجه الكيفية للإحساسات، وهو نظام في التنوع.


وتأثر «فيشته» بكَنْت فكانت ملكة الخيال الُمنتجة عنده هي القوة النظرية الأساسية، ومن دونها لا يمكن تفسير أي شيء في العقل الإنساني، وجماع جهاز التفكير إنما يقوم على هذه الملكة، فالخيال قدرة أساسية للأنا على أن يتصور خلاف ذاته، وبملكة الخيال يظل إنتاج الموضوع من شأن الذات.


وذهب برغسون، من جانبه، إلى أن ليس للصور وجود ذاتيّ، وإنما ترجع جميعاً إلى الشخص المتخيّل وأحواله الخاصة؛ إذ يبعثها الذهن من كمونها ويمنحها الوجود في التصوّر، فالصورة وجود وسط بين المادة والشعور، والفرق بين الإدراك الحسيّ والتصوّر الخياليّ يرجع إلى أن الإدراك مرتبط بمقتضى الحاجات العمليّة للإنسان، أما التصوّر الخيالي فهو مثول صور الذاكرة من دون أن يكون ثمة ما يلائم هذه الصور من الحاجات العملية، إذ إن الصور التي تمثل في النفس في حالتيّ الإدراك الحسيّ والتصوّر الخياليّ موجودة في الذاكرة ولكنها ليست مدركة، لأن الصور التي تنفذ في مجال الشعور في حالة التصوّر الخيالي تبقى في مستوى الحلم من دون أن تتعدّى ذلك إلى مستوى الفعل.


ويؤكد سارتر في كتابه «الخيال» ضرورة التمييز بين الإدراك الحسيّ والخيال، فالإدراك الحسيّ هو الأشياء حاضرة حضوراً فعلياً، وهي حاضرة كما يقول (هوسرل) بلحمها وعظمها، أمّا الخيال فإنه تمثّل لهذه الأشياء، إنما في غيابها غياباً حقيقياً وكأنها غير موجودة بالفعل.



عماد شعيبي



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-31-2011, 12:48 AM
المشاركة 4
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الخيال



الخيال الأدبي:


يعرف الخيال عامة بأنه القدرة العقلية على التجريب واستكشاف الجديد، وعلى البناء والتشكيل والمحاكاة والربط باستخدام صور ذهنية تحاكي الطبيعة، وإن لم تعبر عن شيء موجود في الواقع. وهو القوة التي تحرك المخيلة والإبداع والرؤى والفكر وتؤسس من ثم للفرضيات. وهو يختلف عن المخيلة fancy التي تستحضر الصور الذهنية التي تسجلها الذاكرة وتتصرف بها بالتركيب والتحليل والزيادة والنقصان والحذف والدمج، لتنتج تركيبة جديدة، معقولة أو غير معقولة لحد الغرابة، فتغدو عندها فانتازيا fantasia.




ومن تعريفات الخيال أيضاً أنه قدرة الفنان على إسقاط مشاعره على موقف أو شخصية أو مكان أو فكرة إسقاطاً ينتج من التفاعل المتعاطف مع أي منها، وهو الملكة التي تمكن الذهن من إبداع رموز للمفهومات المجردة، والمرادف الشعري أو الفني للحدس الصوفي.


وقد اختلف الفلاسفة والنقاد والكتاب في تعريف كلمة «الخيال» وتفسيرها وتحديد مفهومها، وسبب هذا الجدل هو أنها مصطلح معرفي إدراكي cognitive يتخذ معاني عدة باختلاف المضامين ونظريات المعرفة. فثمة من يرى أن الحواس تسيطر على الخيال، ومن يرى أنه تابع للأحاسيس، وهناك من يرجعه إلى العقل، إلا أن هناك إجماعاً على أهمية الخيال في الأدب، وإن اختلف النقاد والأدباء، كلٌ وفق انتمائه، فمنهم من وجد أن الخيال مصدر إلهام للأدب عموما، والشعر خصوصاً، إلا أن أهميته لا تتعدى الإلهام الأولي للفكرة، ثم يتولى العقل عملية التأليف الأدبي. ومنهم من رأى أن الخيال هو أساس الشعر موضوعاً ولغة، وأنه يحتل مرتبة أسمى من العقل.




كان أفلاطون أول من أعطى أهمية للخيال في الأدب، إذ رأى أن الشاعر الذي يستخدم الخيال مبدع يتمتع بوحي إلهي، وهو كالعاشق في جنونه وجموحه، كما وصف أرسطو الخيال بأنه «العملية التي تُتمثل عبرها الصور الذهنية»، وأنه شكل من أشكال الذاكرة ومصدر للإلهام، وقد اتفق معظم الفلاسفة والكتاب الأفلاطونيين الجدد والنقاد والكتاب الاتباعيين إبان عصر النهضة على أهمية الخيال في الإبداع، لكنهم أكدوا على ضرورة إخضاعه للحكمة والعقل، لضبط عملية الإبداع باستخدام المحاكاة والصور والرموز، بهدف التثقيف والإمتاع وخلق عالم أجمل من العالم الواقعي. فالخيال أساسي في كل عمليات التفكير، لذا فهو يعزز الإبداع، ولكن ليس له علاقة خاصة به، ولا يشكل أساساً للأدب، وإنما هو أحد وسائل الإلهام وأمر واقع فيه، بما أن الأدب نمط من أنماط الفكر.




ورأى هوراسـيوس Horatius أن عملية الإبداع الأدبي تبدأ باستخدام الخيال لاكتشاف الفكرة أو الموضوع، ثم وضع هذه الفكرة في صيغة أو قالب أحد الأجناس الأدبية المتداولة، واختيار اللغة والكلمات المناسبة للتعبير عنها. وبهذا يكون الخيال لدى الاتباعيين الرومان جزءاً من عملية التأليف والإبداع التي تأتي ضمن قوالب وأنساق جاهزة تضبط جموح أو انفلات هذا الخيال.




سادت هذه النظريات في الخيال حتى العصور الوسطى وعصر النهضة في أوربا القرن السادس عشر، حين بدأ النقاد يعرِّفون الخيال من حيث تضاده مع العقل، إذ عدوه أساساً لاكتساب التصور الشعري والإدراك المعرفي والديني والروحاني. فميز دانتي بين الخيال كوهم وبين الخيال السامي الذي رأى فيه مرادفاً للإبداع الفني والشعري. ورأى شعراء عصر النهضة أن الشاعر يلاحظ بوساطة الخيال ما لا يشاهده الشخص العادي، فيخلق رموزاً جديدة، ليصبح الأدب والفن أكثر من مجرد محاكاة أو إعادة ترتيب وتشكيل للعالم الخارجي.



وقد عدَّ فرانسيس بيكون F.Bacon الخيال إحدى ملكات العقل الأساسية الثلاث: الذاكرة والخيال والعقل، «فالتاريخ يرجع للذاكرة والشعر يرجع للخيال والفلسفة ترجع للعقل»، لكنه أكد أن هذه يجب أن توظف توظيفاً عملياً ذرائعياً يخدم الإنسان. واستخدم توماس مور«الخيال» في وصف المدينة الفاضلة (اليوتوبيا).




وقد شدد الاتباعيون الجدد في القرنين السابع عشر والثامن عشر، من أمثال راسين وكورنيّ ودرايدن، على كون الإبداع عملية آلية (ميكانيكية) تتبع نظاماً معيناً يسهم فيها الخيال ويضبطها العقل والحكمة.

وقد أكد الفيلسوف الإنكليزي هوبز T.Hobbes في كتابه «لوياثان»Leviathan ت (1651) أن الخيال والمخيلة شيء واحد يبدآن من الحواس ثم يتحولان إلى صور ذهنية تسكن المخيلة، تتوالى وتتلاشى تارة وتتدفق تارة أخرى لتخلق تركيبات جديدة، فيصبح الخيال والمخيلة واحداً مع الذاكرة، ومن هذه الصور يستحضر الكاتب موضوعاته الجديدة.


والخيال عند هوبز هو التجربة التي «تولد الذاكرة، والذاكرة تولد المحاكمة التي تعطي قوة وبنية الشعر، والخيال يعطي الشعر تميزه وزينته» لأنه يبيّن التشابهات بين الأشياء، في حين يستكشف العقل الفوارق.




ووصف جوزيف أديسون الخيال في كتابه «مباهج الخيال» The Pleasures of the Imagination ت(1712) بأنه الملكة التي تستحضر الصور المرئية كما تتلقاها الحواس وتعيد ترتيبها، وأرجعه إلى العملية التي تحدث وفقها محاكاة الواقع، إلا أنه لم يتفق مع هوبز بأن على الكاتب أن يستخدم خياله بحكمة ليجد تشابهات بين الأشياء، بل رأى أنه لابد للكاتب أن يضيف شيئاً من الإمتاع الأدبي بإيجاده تشابهات غير مألوفة.




تأثر الشعراء الإبداعيون (الرومنسيون) في أواخر القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر، بفلسفة كَنت Kant، وفيشته Fichte وشِلينغ Schelling وهيغل Hegel. واتجه الإبداعيون في أوربا ولاحقاً في أمريكا إلى الخيال اللامحدود واللانهائي، وصار الخيال عندهم مساوياً للحكمة وقد يتفوق عليها ليصبح شكلاً من أشكال الوعي الإنساني، فاستخدم بليك ووردزورث مثلاً خيال الطفل، وأعطيا له أهمية تفوق عقل البالغ، لبساطته وعمقه ونقائه. وتأثر الإبداعيون أيضاً بشكسبير نموذجاً، واتبعوا منهج روسو في الطبيعة، ونبذوا أي تقيد بأحكام وقوالب أدبية جاهزة.




ويعد الشعر الإبداعي أهم حقل في دراسة دور الخيال في الأدب، ففي الخيال يكمن جوهر العمل الأدبي، إذ يخاطب الشعر ملكة الخيال عند الإنسان وليس عقله، ويتفاوت في القوة والخصب من شاعر إلى آخر. ويرى بليك أن الخيال هو الحقيقة والأبدية والديمومة، فعالم الخيال لا نهائي يرى فيه الشاعر العالم في حبة رمل، في حين يرى وردزورث أنه من خلال الرؤى والخيال يستطيع الشاعر اكتشاف حقيقة الوجود التي تتجلى في الإله. وقد يجمح الخيال عند بعض الشعراء لدرجة يصعب فهم شعرهم وماهية الرموز التي يستخدمونها.




وتعد نظريات كولردج Coleridge من أهم النظريات في الخيال لكونه شاعراً وناقداً، وقد جاءت نظريته التي تحدث عنها في كتابه «سيرة أدبية» Biographia Literaria ت(1817) تطويراً لفكرة الاتباعيين الجدد عن قدرة الشاعر على الربط والمقارنة ونقداً لها في الوقت ذاته. فقد رأى أن نظرية الاتباعيين في الخيال تشكل جزءاً من عملية منظمة تجعل العقل البشري تابعاً سلبياً لعمليات ميكانيكية تركيبية تخلو من الإبداع، ورأى أن يكون عقل الشاعر في نشاط دائم، وهو قادر على الخلق ليضيف للأدب بعداً خاصاً. ولهذا كان كولردج أول من فرق بين الخيال والمخيلة متأثراً بفلسفة شِلينغ وفيشته، فالخيال هو ملكة عضوية تخلق وتشكل وتصوغ، والمخيلة هي الشكل القديم للتخيل الذي يعيد استحضار صور من الذاكرة ويعيد تركيبها وتشكيلها بطريقة جديدة، وربما غير معقولة، ولكن ليست خلاقة. وهي بهذا جزء من الذاكرة تستقي مادتها مما تشاهده ومن محاولة ربطه بعضه ببعض. وربط الصور والأفكار هو أحد وظائف الشعر، ولكنه لا يكفي للإبداع، فالخيال المبدع لا يكتفي بإعادة الترتيب وإنما ينصهر ويذوب ويتوحد تماماً في عملية الإبداع والأحاسيس والعاطفة والتأمل ليظهر حقيقة من حقائق الوجود وليخلق واقعاً جديداً، فهو برأي كولردج القوى الخلاقة التي تربط بين الإحساس والفكر لتعطي للفن والأدب تفوقاً وتميزاً خاصين بهما. وبينما يحاول الخيال التوحد مع التجارب الحسية لإعادة خلق حقيقة الوجود كما يجب أن يكون، تبقى المخيلة مجرد نمط للذاكرة متحرر من قيود الزمان والمكان ليركب تشكيلات جديدة من أرشيف الذاكرة، ولذا تدخل المخيلة في أعمال الفانتازيا وليس في الخيال الأدبي.



وكما قالت الناقدة الفنية ليزلي ستيفن فإن المخيلة تعالج التشابهات السطحية، أما الخيال فإنه يتعامل مع عمق الحقيقة التي تحدد هذه التشابهات. ففي مسرحية شكسبير «الملك لير» نجد أن الألم العميق الذي يحس به الأب الملك يجعله ينشر هذا الإحساس العميق بالعقوق ونكران الجميل ليشمل عناصر الطبيعة كلها.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-31-2011, 12:51 AM
المشاركة 5
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وهناك كثير من الشعراء والروائيين ممن اهتموا بالخيال مثل وردزورث وكولردج وبليك وبرنز وبايرون وساثي وكيتس وهيزليت Hazlitt وشِلي Shelley في إنكلترا، وهاينة وغوته وشيلر في ألمانيا، وهوغو وموسيه وروسو وبودلير في فرنسا، وبوشكين في روسيا، وليوباردي Leopardi في إيطاليا، وميكييفيتش في بولندا، وإدغار آلن بو وإمرسون في أمريكا، والشعراء الأندلسيون والمتصوفون وكذلك الشعراء العرب الحديثون الذين تأثروا بكولردج ووردزورث.


وكان للخيال أهمية كبيرة في الفكر الأندلسي، فقد عُرف الشعراء الأندلسيون من مثل ابن شهيد وابن سهل وابن زيدون وابن خفاجة بشعرهم المتميز ببراعة التصوير والاندماج في الطبيعة ووصف مناظرها الخلابة من خلال اللغة والتصوير والتشخيص. وقد يندمج الخيال والمخيلة والفانتازيا لخلق عمل أدبي أو فني، كما في «رسالة الغفران» لأبي العلاء المعري التي حاول فيها ارتياد عالم الغيب مطلقاً العنان للخيال واللغة وللعلاقات بين الأزمنة والأمكنة ولتذويب الفواصل بين الكائنات والجمادات، كما اكتسب الخيال عند الصوفيين أهمية بالغة، فأصبح عند ابن عربي محورياً في إبداع النصوص التي تتطلب كتابتها برأيه تعطيل المنظومة الفكرية الذهنية المنطقية ليتسنى للخيال ممارسة دوره ووظيفته الأساسية، ألا وهي «التحرش بالمحال».


اشتهر بعض أدباء المهجر مثل جبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي باللجوء إلى الخيال لإنتاج رموز شعرية تزخر بالصور والمعاني، ولجأ آخرون إلى التجربة الباطنية والمفاهيم الجمالية والتحرر في الأسلوب والانفعالات، ومالوا إلى التحدث عن خلجات النفس ومناجاة الطبيعة، واتسمت أعمالهم بطابع الذاتية والفردية والتأمل والغيبية والتصوف والرجوع إلى الماضي والهرب من الواقع. وفي حين اكتفى البعض من الخيال باستخدام الصور المجازية بقليل من التعمق، فقد تجاوزه آخرون وصولاً إلى سبر أغوار العقل الباطن والتوجه نحو الغموض والإبهام والرمزية المفرطة في بعض الأحيان، ودمج الحلم باليقظة والوعي باللاوعي، كما فعل أمين نخلة وجبران، الذي نقل القارئ بخياله إلى جو النبوءة، وكذلك محمود درويش والصيرفي وبدر شاكر السياب، الذي عبّر عن واقع مأسوي عاشته بلاده، بصورة تكاد تكون كشفاً عبقرياً عن واقعها المستقبلي أيضاً.


ويضفي هذا التمازج بين الحقيقة والخيال على الشعر غنى في قوة الرمز وبعداً فلسفياً وملحمياً وأسطورياً. ولابد من التمييز بين الفن القصصي الذي يسعى إلى خلق عالم من المخلوقات الغريبة في فضاء متحرر من قيود الزمان والمكان بهدف الإبهار والإمتاع والإثارة، كما في الفانتازيا، وبين الفن القصصي الذي يخلق عالماً جديداً، بقوة الخيال والمخيلة، بهدف البحث عن الحقيقة.


وفي حين انحسرت قيمة الخيال أمام قوى الواقعية الصارمة والمادية المتطرفة المعاصرة والتقدم التكنولوجي فقد انبرى كثيرون للدفاع عنه، ومنهم ميخائيل نعيمة الذي نادى بإعادة الاعتبار إلى الخيال بوصفه برزخاً يصل بين القيم الروحية الميتافيزيقية التي هي أساس التجربة الشعرية وتلك التي تحكم الوجود المادي.



ريما الحكيم




مراجع- ابن سينا، الإشارات والتنبيهات، تحقيق سليمان دنيا (طبعة دار المعارف، مصر 1961).
- ألفين كرنان، موت الأدب، ترجمة بدر الديب، ط 1- [د. م.]،المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، 188 (دار المدى، دمشق).
- يوسف سامي اليوسف، الخيال والحرية: مساهمة في نظرية الأدب (دار كنعان للدراسات والنشر، دمشق).
- مجموعة من المؤلفين، الخيال الأدبي، ترجمة حنا عبود (منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1995).

- NORTHROP FRYE, The Educated Imagination (Bloomington 1964).
- R.L.BRETT, Fancy and Imagination, The Critical Idiom -London 1969 .
- The Theory of Criticism: from Plato to the Present, A Reader, ed.Raman Selden, -London 1988 .
- Alston and Georgc Nakhnikian, Reading in twentieth Century Philosophy (Macmillan, London 1963).

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 04-29-2011, 12:06 PM
المشاركة 6
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفّقك الله وبارك فيك أستاذة رقية الواعية

كلّ تحياتي

وفي كل مكان أرى إيراقا

تتفيأ حروفكِ ظلاله...

أشكركِ من الإعماق
بوركتِ ، وبورك شامنا وحفظكِ الله وحفظه من كلّ مكروه.

قديم 05-01-2011, 11:42 PM
المشاركة 7
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفّقك الله وبارك فيك أستاذة رقية الواعية

كلّ تحياتي

وفي كل مكان أرى إيراقا

تتفيأ حروفكِ ظلاله...

أشكركِ من الإعماق
بوركتِ ، وبورك شامنا وحفظكِ الله وحفظه من كلّ مكروه.



سلام الله على أخي القدير
أ.عبد المجيد جابر

الذي أعتز وأفخر به
تقدير باهظ وشكر كصبح لا ينتهي
لهذا الحضور الأبيض كقلبك
المكسو بثوب النقاء
دمت بخير وعطاء ما بعده عطاء
تحية وود لا ينتهي



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الخيال الجامح (فن)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أثر الخيال حسين الأقرع منبر الشعر العمودي 4 10-29-2021 11:58 AM
أغرب من الخيال... مازن الفيصل منبر البوح الهادئ 4 04-17-2021 04:03 AM
إنه أدب الخيال العلمي ماجد عبدالله العلي المقهى 5 12-21-2020 06:36 PM
أنثى الخيال ثامر الحلي منبر البوح الهادئ 2 12-22-2016 10:45 PM
عمر الخيام أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 02-22-2016 08:08 PM

الساعة الآن 11:58 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.