احصائيات

الردود
0

المشاهدات
617
 
عبد الكريم الزين
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الرابعة الألفية الثالثة وسام الإبداع الألفية الثانية التواصل الحضور المميز الألفية الأولى 
مجموع الاوسمة: 8


عبد الكريم الزين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
14,144

+التقييم
11.44

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة
المغرب

رقم العضوية
16516
09-04-2022, 09:18 PM
المشاركة 1
09-04-2022, 09:18 PM
المشاركة 1
افتراضي قصة قيس والمجنون
الصحراء سِفر غامض، قليل من يتقن الإبحار في خباياه، والريح تعوي بألسنة حزينة، تروي حكايات طمرها الزمن، أو لم تكتمل بعد.
الكثيب يتجرع الصمت. وحبات الرمل تتهامس جزعة…

تتطاير أطراف العباءة، فيضمها إلى جسمه، ممدود هو كخشبة تائهة في اليم، والليل كان مؤنسه الوحيد.
يرنو إلى الأسفل، العتمة تتبدد والخيام لا زالت ساكنة، تعاتب خيوط ضوء تتلكأ. ترتعش أطرافه كلما تردد صدى الفكرة في رأسه "اخطفها وينتهي العذاب"

ينفرج مدخل خيمة، تلمع عيناه، تتهادى فتاة تحمل قربة ماء، قاصدة بئرا قرب الكثيب.
ينجذب بصره إليها لا يفارقها، تداعب سمعه أغنية تنشدها، يبتلع ريقه، ويهتز صدره، فيضع يده عليه، قد تفضحه دقات قلبه المحمومة، وتكسر هدوء الصحراء.
ما باله يضطرب كلما لاح طيفها!
وينتشي ثملا بسماع صوتها!
ما أقسى الحب وأعذبه!
كيف يجتمع النقيضان!

بالأمس شاركه الليل ونجومه التردد والسهر.
اخطفها وتزوجها في أرض الله الواسعة.
وأعراف الأهل والمشايخ والقبيلة…
قد كسرتها من قبل حين شببت بها، فما جدوى سؤالك عنها اليوم!
وأمير البلاد ألا تخشى غضبه؟
قصيدة أو أبيات تتملقه بها، تجعله يعفو عنه، بل قد يهبك كيس ذهب وفرسا وجارية.
حتما لن ترفض الذهاب معك.
لكنك ستقول إنك خطفتها حتى تحفظ كرامتها.

تقترب الفتاة من البئر، وتدلي دلوا، ثم تسحبه بتأن، تضعه على الحافة، وتمسح براحتها قطرات عرق تلألأت على جبينها.
تمتد يده وتلامس جبهته، ينهض ويجلس على ركبتيه، مختبئا وراء قمة الكثيب.
تغمره الهواجس، فيجثم في مكانه.

أحس أن رأسي أشد حرا من شمس تهامة.
ما أصعب هذا المرتقى!
لكن الفرصة سانحة ولن تتسنى لك مثلها.
تمضيان معا، ثم تتزوجها وتنجبان ذرية صالحة… ويزول الجنون!
ثم؟
تنطفئ جذوة الاشتياق بعد اللقاء!
وأشعارك أليس يوقدها الفراق ويضرمها الجنون!
ألن تشح سحابة أبياتك وينقطع رويّها!
لن تتناقل بعدها قصائد حبك هضاب نجد وعرصات الشام وسواد العراق!

وليلى؟
هي حبي، جنوني، شعري.
هي أسمى من جسد امرأة…
هي البعد والقرب، والعشق الغائب الحاضر في روحي وأنفاس أشعاري…

يعاود التمدد على الأرض، ويغرس وجهه في الرمال.
ينتظر حتى تملأ الفتاة قربتها، وتدخل الخيمة، ثم يلملم عباءته ويغادر الكثيب منشدا:

مَضى زَمَنٌ وَالناسُ لا يَأمَنونَني
وَإِنّي عَلى لَيلى الغداة أَمينُ
يُسَمّونَني المَجنونَ حينَ يَرونَني
نَعَم بِيَ مِن لَيلى الغداة جُنونُ



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:16 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.