قديم 09-06-2010, 06:52 AM
المشاركة 181
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عندما تكون صائمًا في رمضان أو لا تستطيع أن تجد أكلاً، وبالرغم من ذلك تقوم عمليات جسمك الحيوية بكافة وظائفها وبإتقان تام ـ فإن ذلك بسبب مخزون المدينة الصناعية من الوقود المسمى الجيلاكوجين، والذي يتم تخزينه للأوقات التي لا يتوفر فيها الجلوكوز وهو الوقود الوحيد للجسم، عندما نرفع شيئًا ثقيلاً بجهد عضلي كبير أو حتى عندما تضطر للهرب من شخص يهاجمك أو تهاجم شخصًا للدفاع عن نفسك مثلاً ـ فإن الطاقة الكامنة في العضلات إنما هي وقود مخزن تم تخزينه بمساعدة الإنزيمات المنتجة في المدينة الصناعية، فهناك الكثير الكثير جدٌّا وما سبق فقط أمثلة عن ماذا يحدث، تلك المدينة الصناعية الضخمة التي تقبع تحت القفص الصدري في الجانب الأعلى من بطن كل إنسان فينا، أما كيف يحدث ما تحدثنا عنه فالأمور معقدة جدٌّا وليس هذا المجال مجالها، وهي من التعقيد بمكان لدرجة أن هناك مئات الألوف من البحوث، ومئات مراكز الأبحاث العالمية المتخصصة في هذه القضية.

عزيزي القارئ:
قبل أن أختم دعني أذكر حقيقة واحدة وهي أن الكبد يستطيع أن يعوض حتى 75% مما فقد منه إن وجد 25% منه، وهذه القدرة فقط هي ما أعطت المجال أمام تخصص كامل في الطب هو جراحة الكبد، ولولا هذه المقدرة الهائلة على إعادة البناء لما أمكن عمل عملية جراحية واحدة في الكبد كإزالة ورم أو سرطان أو حتى إزالة جزء غير صالح مثل ما يحدث بعد إصابات السيارات.

ألا يستحق هذا المصنع أن نؤدي واجبنا نحوه من خلال:
عدم شرب الخمور، عدم التدخين، عدم الإفراط في الأطعمة غير المفيدة مثل وجبات ماكدونالدز؟، والأهم من ذلك كله، ألا يستحق ما سبق منا أن نقف متأملين قول الحق ـ تبارك وتعالى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)(إبراهيم 34) دعونا نحمد الله كلما أكلنا أكلة هنيئة لذيذة، دعونا نشكره ـ سبحانه ـ أننا ما زلنا أحياء بعد عشرات بل مئات الوخزات والجروح، بل وربما العمليات بفعل نعمة تخثر الدم، دعونا نسبح بحمد من أعطانا نعمة الكبد ـ والتي هي بحد ذاتها مصدر لآلاف النعم، سبحانه الله.


عندما تكون صائمًا في رمضان أو لا تستطيع أن تجد أكلاً، وبالرغم من ذلك تقوم عمليات جسمك الحيوية بكافة وظائفها وبإتقان تام ـ فإن ذلك بسبب مخزون المدينة الصناعية من الوقود المسمى الجيلاكوجين، والذي يتم تخزينه للأوقات التي لا يتوفر فيها الجلوكوز وهو الوقود الوحيد للجسم، عندما نرفع شيئًا ثقيلاً بجهد عضلي كبير أو حتى عندما تضطر للهرب من شخص يهاجمك أو تهاجم شخصًا للدفاع عن نفسك مثلاً ـ فإن الطاقة الكامنة في العضلات إنما هي وقود مخزن تم تخزينه بمساعدة الإنزيمات المنتجة في المدينة الصناعية، فهناك الكثير الكثير جدٌّا وما سبق فقط أمثلة عن ماذا يحدث، تلك المدينة الصناعية الضخمة التي تقبع تحت القفص الصدري في الجانب الأعلى من بطن كل إنسان فينا، أما كيف يحدث ما تحدثنا عنه فالأمور معقدة جدٌّا وليس هذا المجال مجالها، وهي من التعقيد بمكان لدرجة أن هناك مئات الألوف من البحوث، ومئات مراكز الأبحاث العالمية المتخصصة في هذه القضية.

عزيزي القارئ:
قبل أن أختم دعني أذكر حقيقة واحدة وهي أن الكبد يستطيع أن يعوض حتى 75% مما فقد منه إن وجد 25% منه، وهذه القدرة فقط هي ما أعطت المجال أمام تخصص كامل في الطب هو جراحة الكبد، ولولا هذه المقدرة الهائلة على إعادة البناء لما أمكن عمل عملية جراحية واحدة في الكبد كإزالة ورم أو سرطان أو حتى إزالة جزء غير صالح مثل ما يحدث بعد إصابات السيارات.

ألا يستحق هذا المصنع أن نؤدي واجبنا نحوه من خلال:
عدم شرب الخمور، عدم التدخين، عدم الإفراط في الأطعمة غير المفيدة مثل وجبات ماكدونالدز؟، والأهم من ذلك كله، ألا يستحق ما سبق منا أن نقف متأملين قول الحق ـ تبارك وتعالى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)(إبراهيم 34) دعونا نحمد الله كلما أكلنا أكلة هنيئة لذيذة، دعونا نشكره ـ سبحانه ـ أننا ما زلنا أحياء بعد عشرات بل مئات الوخزات والجروح، بل وربما العمليات بفعل نعمة تخثر الدم، دعونا نسبح بحمد من أعطانا نعمة الكبد ـ والتي هي بحد ذاتها مصدر لآلاف النعم، سبحانه الله.




//

انتهى ..

د. محمد باخطمة
أستاذ مشارك في كلية الطب

قديم 09-06-2010, 06:54 AM
المشاركة 182
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
من صور الإعجاز الهندسي في القرآن الكريم

يوسف محمد غريب








(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(1).
تأتي الآية استطرادًا للحديث عن مسجد الضرار الذي أسسه المنافقون في المدينة بغرض إيقاع التفريق بين المؤمنين وتحقيق الضرر والفتنة. والبناء الذي أسس وإن كان مسجدا ـ كغيره من المساجد ـ إلا أن أساس بنائه والغرض والنية من إقامته لا يخفى منها خبث المقصد وسوء النية.
وقد جمعت الآية في تصوير فني رائع بين المعقول والمحسوس، وشبهت المعنوي المفهوم بالمادي الملموس، فمن أسس بناءه بغرض ونية النفاق والكفر، كمن وضع أساس مبناه على شفا جرف هار، والنتيجة هي الانهيار المفاجئ والسريع للجرف والمبنى معا.
وفي الآية إشارات هندسية إلى أساسات المباني وطبيعة البناء التي تحكم درجة صمود البنيان ومتانته أو تؤدي إلى انهياره، وتضمنت عدة إشارات تمس جانبا من علم ميكانيكا التربة والأساسات، في الهندسة المدنية والإنشائية، وبينت الآية وجها من أوجه الإعجاز الهندسي في القرآن الكريم يمكن استنباطه من المفاهيم والإشارات الهندسية التالية التي وردت في نص الآية:






يتبع ~ ~

قديم 09-06-2010, 06:54 AM
المشاركة 183
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستنباط الأول(2):


تناولت الآية عدة عوامل ذات تأثير فعال ومباشر في تأسيس أساسات المنشآت؛ فلفظة (أساس) معناها في اللغة أصل كل شيء، وأساس البناء مبتدؤه(3). وفي الهندسة: التأسيس والأساس هو العنصر الإنشائي الذي يستخدم لنقل الأحمال المؤثرة من البنيان إلى التربة أو الأرض.
وعند ذكر التأسيس والأساس: (.. أسس بنيانه..) لابد أن تكون هناك أحمال ناشئة من البنيان تستلزم إنشاء أساسات لها، وتستلزم اختيار نوع مادة الأساسات طبقًا لذلك. فعامل الأحمال المؤثر مأخوذ في الاعتبار أيضا.
ولفظة (على) في قوله: (عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ) لها معنيان هندسيان.

أحدهما يفيد أن نوع الأساس المختار هو الأساسات السطحية Shallow Foundation وليس الأساسات العميقة deep Foundation لأنه لو كانت الأساسات عميقة لكان التعبير المناسب هو (في شفا) وليس (على شفا) فعامل نوع التأسيس ملحوظ ومأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية الكريمة حيث يكون الانهيار مؤكدًا عندما يكون الأساس سطحيٌّا وليس عميقًا.
وثانيهما أنها تفيد بعمق التأسيس، فلفظة (على) أفادت أن الأساس على السطح أي أن عمق التأسيس يساوي الصفر.

فلو أن الأساس على عمق من سطح الأرض لكان التعبير المناسب مثلا هو (بداخل شفا) فعامل عمق التأسيس مأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية حيث يكون الانهيار مؤكدا حين يكون الأساس سطحيا وعلى سطح الأرض مباشرة، لأنه إذا كان الأساس سطحيا، وكان على عمق من سطح الأرض ربما لا يحدث انهيار.
ولفظة (شفا) معناها في اللغة حافة(4)، وفي الهندسة لها مدلول يفيد بأنها المنطقة التي تبدأ من حافة الجرف وحتى نقطة بدء التصدع في الجرف والتي يحدث عندها شكل الانهيار نتيجة ميل طبقة الجرف، فعامل بُعد التأسيس عن حافة الجرف مأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية؛ فحتى يكون الانهيار مؤكدًا لابد أن يكون التأسيس داخل منطقة الشفا، لأنه لو بعد عنها قد لا يحدث انهيار.

ولفظة (جرف) في اللغة تعني (بئر) أو (حفرة)(5)، وفي الهندسة: الفجوة من الأرض قد تنشأ بفعل السيول، وبالتالي لابد أن نأخذ في الاعتبار تأثير المياه على الأساسات، وعلى تربة التأسيس.
وقد تنشأ هذه الفجوة بفعل عوامل التعرية، فلابد أن نأخذ في الاعتبار شكل جوانب الجرف ودرجة ميلها أي زاوية ميل الجرف، وتأثير الإجهادات على حوافها، وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية؛ لأنه كي يكون الانهيار مؤكدا لابد أن يكون للجرف حافة وأن يكون التأسيس عليها.
ولفظ (هار) في اللغة قد تأتي بمعنى مشرف على السقوط(6)، وفي الهندسة تأتي بمعنى التربة القابلة للانهيار، فعامل نوع تربة التأسيس مأخوذ في الاعتبار.
وهذا المفهوم الهندسي يتطابق مع معنى الآية، فحتى يكون الانهيار مؤكدا لابد أن تكون التربة ضعيفة وغير قابلة للتأسيس عليها.

لقد تضمنت هذه الآية الكريمة الإشارة إلى ثمانية عوامل، تمثل معايير أساسية في تأسيس الأساسات وهي:
1 ـ نوع الأحمال المؤثرة.
2 ـ نوع مادة الأساسات.
3 ـ نوع التأسيس (سطحي/ عميق).
4 ـ عمق التأسيس عن سطح الأرض.
5 ـ بُعد التأسيس عن الحافة.
6 ـ تأثير المياه على تربة التأسيس، وعلى الأساسات نفسها.
7 ـ زاوية ميل التربة.
8 ـ نوع تربة التأسيس.
ومن هذه المعايير يمكننا إثارة نقاط بحثية ودراسية جديدة تتعلق بالآية الكريمة، أو تأكيد ما هو معروف من مفاهيم.


يتبع ~ ~

قديم 09-06-2010, 06:55 AM
المشاركة 184
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستنباط الثاني(7):




ثمة إشارة هندسية في قوله تعالى (فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ)؛ فذكر (به) في الآية أعطى مدلولا واضحا ومحددا لشكل وهيئة الانهيار، حيث إن الجرف انهار به البنيان، فالانهيار هنا ناشئ عن خلل في منطقة الجرف وليس في البنيان ذاته، وفي ذلك تعبير قرآني بليغ.
فالحق لم يقل (فانهار في نار جهنم) لأن المعنى في ذلك يحتمل التساؤل: أيهما الذي انهار؟ الجرف أم البنيان؟ فالفعل (انهار) يحتاج إلى فاعل مفرد مذكر، وكل من الجرف والبنيان مفرد مذكر.

ويرد إلى الخاطر هذا التساؤل: هل يمكن للجرف أن ينهار دون البنيان؟ أو ينهار البنيان دون الجرف؟
هندسيٌّا يمكن للجرف أن ينهار دون أن يلحق الضرر بالمبنى إذا أخذت الاحتياطات اللازمة عند اختيار وتصميم وتنفيذ نوع الأساسات المناسبة للمبنى ولتربة التأسيس، وأيضا يمكن للمبنى أن ينهار دون أن ينهار الجرف.
وتوجد مفاهيم هندسية عديدة يمكن أن تثار حول هذين الاحتمالين، ومنها ما يمكن أن يكون نقاط بحث وتطوير وابتكار، ولكن معنى المثل في الآية أن البنيان الذي أسس بنيّة تقوى الله هو مسجد قباء والصلاة فيه جائزة، بينما الذي أسس بينة التفريق بين المؤمنين هو مسجد الضرار ولا صلاة فيه، فكل من المبنيين مسجد، ولكن الفرق يكمن في النية من تأسيس كل منهما؛ فيظل مبنى مسجد قباء مسجدا، بينما مبنى مسجد الضرار يحرم استخدامه كمسجد لقوله تعالى: (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا)(8) فهو لم يعد يفي بالغرض الرئيسي من بناء المساجد، وهو إقامة الصلاة.
المبنيان موجودان، لكن انهار الغرض من استخدام أحدهما كمسجد.

وبناء على ذلك ففي قوله: (فَانْهَارَ بِهِ) دقة في التعبير القرآني تجعل المفهوم الهندسي واضحا ومحددا، نحو شكل الانهيار الحادث، فهو جاء نتيجة لانهيار الجرف وما عليه من بنيان، بينما (فانهار) فقط، لا تحدد هذا المفهوم الهندسي. ولم يقل الحق (فانهار في نار جهنم) لأن المعنى هنا وإن كان سيشير للانهيار، إلا أنه لا يحدد السبب الرئيسي المؤدي للانهيار؟ هل هو من الجرف أو من البنيان أو من كليهما؟ وكذلك لا يبين أيهما الذي انهار، هل هو الجرف فقط؟ أم الجرف بما عليه من بنيان؟ أم البنيان فقط، وإذا كانا انهارا هما الاثنان فهو لا يبين أيضًا أيهما الذي انهار أولاً.
هندسيٌّا يجوز أن يكون الانهيار بسبب أي من هذه الاحتمالات، ولكن المراد من التشبيه هو توضيح الفرق بين من أسس بنيانه بنية التقوى من الله ورضوانه، ومن أسس بنيانه بنية النفاق والكفر، فمفهوم البنيان ثابت في الحالتين، ولكن الاختلاف في التأسيس، وبناء على ذلك، ففي قوله تعالى: (فَانْهَارَ بِهِ) دقة بليغة في التعبير وتجسيد كامل للمفهوم الهندسي بأن الانهيار يحدث بسبب الجرف الذي يتم عليه التأسيس، وتبعا لذلك ينهار المبنى المؤسس عليه، بينما (فانهار في نار جهنم) لا تجسد هذا المفهوم الهندسي.



يتبع ~ ~

قديم 09-06-2010, 06:56 AM
المشاركة 185
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستنباط الثالث(9):




من قوله تعالى: (شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ).
يمكن استنباط إشارة هندسية تمس تأثير شكل المرتفعات ونوع التربة في سقوط الأجسام، فالآية الكريمة وضحت ثلاثة عوامل مؤثرة في تحديد أقصى سرعة لسقوط الجسم، وبالتالي أكبر كمية حركة وهي ما يعرف بقوة الانهيار.
فالعامل الأول درجة الميل؛ فكلما كان الميل شديدًا كانت سرعة الجسم كبيرة. وأقصى سرعة نصل إليها حين يكون الميل رأسيا ـ أي يصنع خط الميل 90 درجة مع المستوى الأفقي ـ وبالتالي فإن قوة الانهيار تكون أقصى ما يمكن واللفظة (جرف) توحي بهذا المفهوم الهندسي. فهي في اللغة تأتي بمعنى بئر أو حفرة. وفي علم المساحة الطبوغرافية قد تأتي بمعنى مرتفع أو منخفض.
حيث إن خطوط الكونتور تعبّر عن خط وهمي يمر بجميع النقاط ذات المنسوب الواحد، وهي تتباعد في الانحدارات الخفيفة، وتتقارب في الانحدارات الشديدة وتصل إلى درجة التماس وتنطبق على بعضها بعضا لتكوّن خطٌّا واحدا عندما يكون الميل 90 درجة، وهي تحدث عندما يكون المرتفع أو المنخفض رأسيا تماما.

فإذا سقط الجسم من فوق الجرف فإن تحركه يكون في اتجاه الجاذبية الأرضية، وتحت تأثير وزنه، لعدم وجود قوى خارجية مؤثرة على سقوطه.
ومع عدم وجود قوى مقاومة ممثلة في الاحتكاك في جسم الجرف لأن حافة الجرف رأسية ـ فإن الجسم المنهار سيتحرك بعجلة تساوي عجلة الجاذبية الأرضية. وطالما أن الجسم يتحرك تحت تأثير وزنه وبعجلة تساوي عجلة الجاذبية الأرضية، فإنه يصل لأقصى سرعة له.
وحيث إن كمية الحركة تتناسب طرديٌّا مع مربع السرعة، فإن سقوط وانهيار الجسم (كمية الحركة) تصل لأكبر قيمة لها عندما تكون السرعة أقصى ما يمكن، وهو ما يحدث عندما يسقط الجسم من على الجرف.
وهذا التحليل الهندسي مطابق للمعنى الذي قصدته الآية الكريمة لتصوير سرعة وقوة انهيار المنافقين في نار جهنم، لأنهم اتخذوا مسجد الضرار كفرا وتفريقا بين المؤمنين، والفاء في قوله: (فَانْهَارَ) تدل على هذه السرعة، كما دل عليها التحليل الهندسي(10).


يتبع ~ ~

قديم 09-06-2010, 06:57 AM
المشاركة 186
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والعامل الثاني نوع التربة


فكلما كانت التربة التي يتكون منها الجرف (المرتفع) غير متماسكة، زادت سرعة وكمية حركة الجسم وازدادت قوة الانهيار.
واللفظة (هَارٍ) توحي بهذا المفهوم الهندسي.
فمعناها في اللغة: مشرف على السقوط ولكنه لم يسقط.
ومعامل تماسك التربة يؤثر تأثيرا مباشرا على قيمة إجهادات التربة، والتربة غير الصالحة للتأسيس لا تتحمل أي إجهاد وأحمال عليها؛ فعند وضع جسم عليها, تهبط فجأة وتنهار، فيسقط الجسم.
فلفظ (هَارٍ) أعطت وضوحا لحالة التربة، وهو عنصر أساس للمعنى. لأن الجسم قد يستقر على حافة الجرف إذا كانت تربة الجرف متماسكة كالتربة الصخرية مثلاً.

وهكذا فإن المدلول الهندسي للفظة (جُرُفٍ) ولفظة (هَارٍ) يثبت أن الجسم يسقط بأقصى سرعة ممكنة، وبأقصى كمية حركة، وفي ذلك دلالة على قوة السقوط والانهيار.
والعامل الثالث مكان تحميل الجسم.
فكلما كان الجسم قريبا من حافة الجرف ازدادت السرعة وكبرت كمية الحركة لعدم تغيير زاوية الميل أثناء الانهيار.
ولفظة (شَفَا) توحي بهذا المفهوم الهندسي.

فهي في اللغة تأتي بمعنى حافة ـ كما ذكرنا من قبل ـ فلو وضع جسم بعيدا عن الحافة، قد لا يحدث انهيار للجرف، وإذا حدث انهيار له، فإن خط ميل تأثير الجسم لن يتطابق مع خط ميل الجرف، وبالتالي تقل سرعة وقوة سقوط الجسم عن الحالة التي صوّرتها الآية.
وهكذا تتكامل الألفاظ الثلاثة في قوله تعالى.. (شَفَا جُرُفٍ هَار) لتجسيد المعنى وتصويره تصويرا فنيا بشكل ملموس في الواقع.

والمفاهيم الهندسية المستوحاة من نص هذه الآية الكريمة أكسبت المشهد حركة وحيوية، فساعد الحس الهندسي على حضور الصورة ورسوخها في الذهن.
ومن هذا المفهوم الهندسي للآية يمكننا إثارة مفاهيم بحثية ودراسية، تمس الجانب التطبيقي في ميكانيكا التربة والأساسات، وهي تحديد وحساب قوى الانهيار في المنشآت، وتأثيرها على المنشآت المجاورة، والمفاهيم الهندسية الواجب وضعها في الاعتبار لتلافي حدوث هذه الانهيارات؟


يتبع ~ ~

قديم 09-06-2010, 06:59 AM
المشاركة 187
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستنباط الرابع(11):




المعنى الهندسي لـ (شَفَا جُرُفٍ) يفيد بأنها الجانب من التربة المتآكل نتيجة السيول وليس لها ساند قوي. وعند قدوم السيل يجرف من الأودية التربة الرقيقة جدٌّا ليتجمع على طرفه فيصبح طينًا واهيًا. ومن هذه المفاهيم يمكن إثارة نقاط بحثية ودراسية، حول أسباب عدم التأسيس على الحواف المنهارة، وكذلك على التربة التي تكونت نتيجة السيول.




خاتمة:




هذه أربعة آراء ومفاهيم مختلفة مستنبطة من نص الآية القرآنية، ويمكن إضافة مفاهيم جديدة، وأبعاد هندسية وغير هندسية لنص الآية نفسها، والآية تحتمل كل هذه المعاني، ففيها إشارات يتعايش معها مهندسو الأساسات في تجاربهم ودراساتهم وتصميماتهم.

الهوامش:


1 ـ سورة التوبة، آية (109).
2 ـ (إشارات هندسية في آيات قرآنية) ص 47 ـ المهندس مجد متولي غريب، دار المجد للدراسات والبحوث الهندسية ـ القاهرة.
3 ـ الأساس: أصل البناء وقاعدته، أي ما اتصل منه بالأرض (معجم محيط المحيط ـ مكتبة لبنان ناشرون ـ بيروت).
4 ـ الشفا: حرفُ كل شيء وَحَدُّهُ، ومنه في سورة آل عمران (وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِنْهَا) معجم محيط المحيط (مرجع سابق).
5 ـ الجرف: الطرف الذي في حاشية النهر الذي أكله الماء فإنه يسقط كل ساعة بعض منه. معجم محيط المحيط (مرجع سابق).
6 ـ هار: انصدع ولم يسقط، فإذا سقط فقد انهار وتهور. محيط المحيط (مرجع سابق).
7 ـ (إشارات هندسية في آيات قرآنية)، ص 50 (مرجع سابق).
8 ـ سورة التوبة، آية (108).
9 ـ مضمون بحث بعنوان (العظمة الإلهية في الإشارات الهندسية) للمهندس عبدالحليم عوض الله هلال، دار المجد للدراسات والبحوث الهندسية ـ القاهرة
10 ـ مضمون بحث بعنوان (آية التأسيس في القرآن) المهندس حسن محمد محمود، دار المجد للدراسات والبحوث الهندسية. القاهرة.




//




انتهى ..


يوسف محمد غريب

قديم 09-09-2010, 06:00 PM
المشاركة 188
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
النوم.. أسرار ومراحل


د. عبدالرحمن النمر

بينما استطاع الإنسان معرفة وفهم معظم الأسرار المحيطة بعمليات الحياة، مثل التكاثر والسعي وراء الغذاء والدفاع عن النفس، فإنه ما يزال في براثن الحيرة أمام ظاهرة يومية منتظمة هي النوم! بل أكثر من ذلك، فإن ظواهر الحياة وعملياتها المختلفة لا تستغرق من عمر الإنسان ما يستغرقه النوم، إذ ينفق الإنسان ثلث عمره نائمًا! والبحث في أسرار ظاهرة النوم يشغل الإنسان منذ زمن بعيد. وهذه الظاهرة لا تشغل الإنسان البالغ وحده، ولا تشغل العلماء والباحثين والمفكرين وحدهم، ولكنها واردة حتى في أسئلة الصغار حين يستفهمون ببراءة: (لماذا ننام؟!).

حقٌّا لماذا ننام؟! هل النوم ضرورة حياة، أم أنها عادة موروثة من أجداد استناموا إلى هدأة الليل فسكنوا فيه؟! أم أن النوم لازم لتخليص الجسم من: (سموم وشوائب وفضلات) تتجمع فيه نتيجة أنشطة الحياة؟! أم لعله (وظيفة عضوية) من وظائف المخ، الذي يصدر أمرًا إلى الأعضاء بالسكون فتسكن؟!


حول هذه الأسئلة وأشباهها يدور البحث في عدد من المراكز العلمية المهتمة بهذه الظاهرة. وبين الحين والآخر، تصدر عن مركز هنا أو هناك بعض النتائج التي تُعَدّ خطوة على الطريق نحو فهم هذا اللغز الكبير. ولا ندري كم من الوقت سيستغرق البحث قبل أن يفلح الإنسان في إماطة اللثام عن سِرٍّ طال اشتغاله به!


ولكن المؤكد أنه ما دام يحاول، فلربما يصل إلى الغاية يومًا ما.
وإلى أن يصل الإنسان إلى (الحل الكامل)، نستطلع بعض (الإضافات) الجديدة، لعلنا نقترب من فهم هذه الظاهرة.


دورة طبيعية:

الثابت بالملاحظة أن أحياء المعمورة على اختلاف طبقاتها، تهجع وتسكن إذا جَنّ الليل، فالطيور تأوي إلى أوكارها، وصغار الحيوانات تختبئ في جحورها.

وتفعل مثل ذلك (الحيوانات الأرقى) فيأوي كل إلى سكنه.


فإذا أشرقت الأرض بنور ربها، وتوارت ظلمة الليل وراء وضح النهار، انتفضت الأحياء من مساكنها، وانبعثت من رقادها في نشاط لتستأنف الحياة من جديد!

وقد دفعت هذه الملاحظة كثيرًا من العلماء إلى الاعتقاد بأن هناك (دورة طبيعية)، تحكم نشاط الأحياء على هذا الكوكب. وهذه الدورة الطبيعية مرتبطة بدوران الأرض حول نفسها، أي ـ بتعبير آخر ـ بتعاقب الليل والنهار.


ومما يعضد ذلك الاعتقاد، أن التجربة أثبتت أن أنشطة الأجهزة المختلفة في جسم الإنسان تخضع ـ بدرجة أو بأخرى ـ لتفاوت منتظم في درجة النشاط، يكاد يتفق مع إيقاع (الدورة الطبيعية).

فمثلاً، تكون عملية تجديد خلايا الجسم وبناء الجديد منها في أوج نشاطها في الصباح الباكر، كذلك تكون (الغدة النخامية) في قمة نشاطها في الصباح، ونشاط الغدة النخامية يوجه نشاط الغدد الصماء الأخرى في الجسم.


وعلى نقيض ذلك، يهدأ نشاط العمليات الحيوية المختلفة في الجسم، في الهزيع الأول من الليل، فتقل إفرازات المعدة والأمعاء من الإنزيمات الهاضمة، ويقل نشاط غدد العرق، وبينما تكون درجة حرارة الجسم طبيعية في الصباح، فإنها تأخذ في الارتفاع مع تقدم ساعات النهار، بحيث تصل إلى أعلى قمة لها في الليل.


وتعرف هذه الدورة الطبيعية عند الإنسان باسم (الدورة اليومية) (circadian rhythm). والثابت بالتجربة أن هذه الدورة تنقسم إلى (فترات) نشاط وخمول، تتراوح بين أربع إلى ثمان ساعات، تبعًا لكل جهاز من أجهزة الجسم ومدى النشاط اليومي المطلوب منه.

على أن هذه الدورة اليومية تختلف اختلافًا كبيرًا من شخص إلى آخر، كما تختلف عند الإنسان الواحد من وقت لآخر في غضون العام الواحد، كذلك يمكن أن تنعكس دورة النشاط عند من يسهرون الليل وينامون النهار، بحيث تصبح قمة النشاط في الليل، وفترة الهمود في النهار.


يضاف إلى ذلك أن طفل الإنسان حديث الولادة يقضي معظم يومه نائمًا، ولا تظهر من وظائف جسمه تلك الدورة اليومية التي تظهر عند الإنسان البالغ، وبعد الشهر الثالث من العمر، يبدأ طفل الإنسان في (اكتساب) نشاط دوري لوظائف الأعضاء.

وهذه الحقائق تجعل من (الدورة الطبيعة) تفسيرًا محتملاً لظاهرة النوم، لكن هذه الدورة الطبيعية وحدها لا يمكن أن تكون مسؤولة بمفردها عن النوم، ولابد من وجود أسباب أو عوامل أخرى تؤدي إلى النوم.

قديم 09-09-2010, 06:01 PM
المشاركة 189
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحرمان من النوم:

في مركز لأبحاث النوم تابع لجامعة (لفبره) (Loughborough) (في إنجلترا) قام طبيب يدعى (جيم أورن) بتجربة من شقين في محاولة جديدة لكشف غموض لغز النوم.

في الشق الأول من التجربة قام الطبيب المذكور بدراسة (مراحل النوم) مستعيناً بجهاز (رسام المخ الكهربي) لمعرفة درجات نشاط المخ المختلفة، وشفع ذلك بمتابعة ظواهر فسيولوجية أخرى، تعكس نشاط الأجهزة المختلفة في جسم الإنسان.


وفي الشق الثاني من التجربة، وضع بعض المتطوعين في تجربة فريدة، بحرمانهم من النوم مدة ثلاثة أيام متعاقبة، بهدف معرفة ما إذا كان النوم ضروريٌّا لأداء الوظائف الطبيعية المختلفة كل يوم، أم أنه عادة لا ضرورة لها، وعلى الرغم من أن مثل هذه التجارب أجريت من قبل في مراكز أخرى، إلا أن تكرار التجربة قد يكشف عن شيء جديد.


كانت نتائج الشق الأول من التجربة على النحو التالي:

عندما يأوي الإنسان إلى فراشه للنوم، تبدأ عدة ظواهر فسيولوجية في الوقوع، من ذلك أن درجة حرارة الجسم تأخذ في الانخفاض، كما ينخفض معدل إفراز هرمونات (الغدة الكظرية) (الغدة فوق الكلية) suprarenal gland.

والغدة الكظرية واحدة من الغدد الصماء التي تصب إفرازاتها مباشرة في تيار الدم العام. وهي تفرز هرمون (كورتيزون) (وهرمونات أخرى).


وفي أول النوم، يخامر الإنسان شعور بأنه (يطفو) أو (ينجرف) في تيار ماء. وبعض الناس يصف ذلك بأنه شعور بخفة وزن الجسم. وتعرف هذه المرحلة باسم (المرحلة الأولى) وتتميز بانخفاض ـ أحيانًا يصحبه اضطراب ـ في شدة موجات المخ كما تظهر على جهاز (رسام المخ الكهربي) (ويعرف اختصارًا بالحروف EEG).


وتبدأ (المرحلة الثانية) حين يتغير شكل موجات المخ على جهاز الرسم، ليأخذ طبيعة منتظمة وشكلاً مميزًا، يبدأ بموجات مرتفعة (طويلة أو عالية) تأخذ في الانخفاض تدريجيٌّا. ويتكرر نمط هذه الموجات (أو الرسوم) كل عدة ثوان. ويمكن إيقاظ النائم بسهولة في هذه المرحلة.

أما (المرحلة الثالثة) فتتميز بانخفاض أكبر في نشاط المخ الكهربي، مع انتظام ضربات القلب بمعدل ستين نبضة في الدقيقة, كذلك يكون التنفس بطيئًا ومنتظمًا، كما ينخفض ضغط الدم. وتوصف هذه المرحلة من النوم بأنها (متوسطة العمق).


و(المرحلة الرابعة) أو مرحلة (النوم الحقيقي)، تتميز بالعمق، بحيث لا ينتبه النائم إلى معظم المؤثرات الخارجية، على الرغم من أن المخ يستقبل جميع المنبهات الخارجية بـ (يقظة)! ومن الصعب إيقاظ النائم في هذه المرحلة، فإذا أجبر على الاستيقاظ فإنه يشعر أن جسمه ثقيل، وقد يصاب بصداع وغثيان، على أن قدرة الجسم على التكيف سرعان ما تعيد الأمور إلى نصابها، فيمر كل شيء بسلام!


وبينما (يغوص) النائم إلى (المرحلة الرابعة) فإنه (يطفو) مرة أخرى إلى مرحلة قريبة من (المرحلة الأولى)، تعرف باسم (مرحلة حركة العين السريعة)، وفي هذه المرحلة تقع الأحلام.

وجميع مراحل النوم المذكورة تكوّن ما يسمى (دورة النوم) وتستغرق الدورة الواحدة بين ثمانين إلى مائة وعشرين دقيقة، وتتكرر (دورة النوم) عددًا يتوقف على عدد الساعات التي ينامها الإنسان.


في الشق الثاني من التجربة،
حيث حرم بعض المتطوعين من النوم مدة ثلاثة أيام متتالية، اتضح أن الأشخاص موضع التجربة مروا بدورة النشاط اليومية الطبيعية، فأظهروا فترات نشاط وخمول متعاقبة، ولم يتأثر أداء الوظائف الجسمانية بالحرمان من النوم، بينما تأثر النشاط العقلي بدرجة قليلة مع الأعمال التي تتطلب تفكيرًا منطقيٌّا وقدرًا من الإبداع، أما الأعمال المملة المتكررة، فأظهرت تدهور النشاط العقلي بدرجة كبيرة، وظهر بعض الضعف في أعمال تتطلب مجهودًا عضليٌّا في اليوم الثالث.


ويبدو أن صغار السّنّ أقدر على احتمال الحرمان من النوم بدرجة تفوق احتمال الكبار. فقد استطاعت فتاة في العشرين من عمرها أن تواصل التجربة في اليوم الثالث إلى نهايته، بينما غلب النوم رجلاً في الأربعين من عمره بمجرد انتهاء التجربة!


وبعد الحرمان من النوم، لوحظ أن الأشخاص موضع التجربة ناموا بين أربع عشرة إلى ست عشرة ساعة، وفي هذه الساعات، أنفقوا وقتًا طويلاً في مرحلة الأحلام (مرحلة حركة العين السريعة)، وبعد الاستيقاظ من النوم، ظهرت دلائل اضطراب في وظائف أجهزة الجسم المختلفة، ولم تَعُدْ هاتِهِ الوظائف إلى طبيعتها إلا بعد انقضاء عشرة أيام على انتهاء التجربة!


في تجربة مشابهة أجريت بمعرفة (مركز أبحاث النوم) التابع لجامعة (أوهايو) (في الولايات المتحدة) تم حرمان بعض المتطوعين من النوم لمدة خمسة أيام متتالية. وقد ظهرت على المتطوعين علامات إعياء شديد، وانخفاض حاد في القدرة على التركيز والتفكير، وفي اليوم الخامس كان المتطوعون في حالة عجز شبه كاملة عن الحركة، وانخفضت القدرة على التفكير وصنع القرار إلى أدنى مستوى لها، كما صدرت عنهم (هلوسة) شبيهة بهذيان المحموم!


والخلاصة التي يمكن استنتاجها من هذه التجارب، هي أن النوم ضرورة حياة، وأنه لازم لكي تتمكن الأجهزة المختلفة في الجسم من أداء وظائفها الطبيعية بصورة سليمة، كذلك يتضح أن للأحلام دورًا هامٌّا في تخليص الجسم من التوتر، وفي (تحرير المخ) من ضغوط الأفكار اليومية المتضاربة، يدل على ذلك أن الذين يحرمون من الأحلام أثناء النوم يعانون من توتر متزايد، وسطحية في التفكير نتيجة العجز عن تكوين صورة عقلية متكاملة لمواقف الحياة المعقدة!

قديم 09-09-2010, 06:02 PM
المشاركة 190
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
دور المخ:

على أن السؤال الذي يبقى مُلِحٌّا هو:

إذا كان النوم ضرورة حياة، فمن أين ينبع، وما علاقته بالمخ؟! والمعروف أن المخ يهيمن على جميع وظائف الجسم بما يحقق التناغم اللازم لحفظ الحياة واستمرارها، وما دام النوم لازمًا لاستمرار الحياة على نحو سويّ، فلابد أن يكون خاضعًا لنشاط المخ.

وهذا الاستنتاج (النظري) يبدو منطقيٌّا ومقبولاً، ولكن إثباته (عمليٌّا) مسألة مختلفة، وما تزال تستعصي على المحاولة، على أن باحثًا أمريكيٌّا، يعمل أستاذًا لعلم وظائف الأعضاء (فسيولوجيا) في جامعة (هارفارد)، قطع خطوة لا بأس بها على طريق فهم العلاقة بين النوم وتأثير المخ.


ففي تجربة قام بها الباحث المذكور، تم حرمان بعض الماعز من النوم لمدة يومين، ومن (السائل المخي) في أدمغة الماعز، قام الباحث بسحب (استخلاص) مقادير صغيرة، ثم حقن تلك المادة في أدمغة بعض الأرانب والفئران فنامت على الفور! وعندما أعيدت التجربة باستخدام مقادير من (السائل المخي) من ماعز أنفق ليلة في النوم، لم تكن للمادة أي تأثير على الأرانب والفئران.

واستخلص الباحث من تلك التجربة أن (السائل المخي) يحتوي على مادة تؤدي إلى النوم، أطلق عليها اسم (عامل النوم) (Sleep Factor) (أو اختصارًا (Factor S).


وقد أمكن استخلاص مادة مشابهة لعامل النوم من بول الإنسان، وهي موجودة بمقادير ضئيلة للغاية في البول، بحيث تلزم عدة أطنان من البول لاستخراج (ملليجرام واحد) من تلك المادة، وعند حقنها في أدمغة حيوانات التجارب، فإن هذه المادة التي يطلق عليها أيضًا اسم (عامل النوم)، أدت إلى نوم الحيوانات نومًا عميقًا لمدة تراوحت بين أربع ساعات إلى اثنتي عشرة ساعة.

وما يزال (عامل النوم) الذي أمكن استخلاصه من بول الإنسان وتحليل طبيعته الكيميائية تحت الاختبار، ومن غير المعروف إلى الآن ما إذا كان (عامل النوم) الذي يفرز في بول الإنسان ينتجه المخ، أم تنتجه أجهزة أخرى في الجسم!


من جهة أخرى، فإن الاتجاه يتزايد نحو قبول دور ما يسمى (التكوين الشبكي) في المخ، في حالة (اليقظة الكاملة) عند الإنسان، و(التكوين الشبكي) (Reticular Formation)، هو مجموعة من الخلايا العصبية متناثرة في (ساق المخ)، سميت بهذا الاسم لأنها ترتبط بشبكة معقدة من الألياف العصبية مع سائر مناطق المخ أو ما يعرف باسم (المراكز العليا).


وقد أمكن إثبات أن (التكوين الشبكي) هو المسؤول عن حالة اليقظة، ذلك أن قطع اتصالات هذه الشبكة مع باقي مراكز المخ في حيوانات التجارب ـ أدى إلى نومها بصورة مستمرة، ومن غير المعروف على وجه اليقين، كيف يؤدي نشاط (التكوين الشبكي) إلى إحداث حالة اليقظة عند الإنسان، ولكن من المقبول ـ على الأقل في الوقت الحالي ـ التسليم بأنه (المسؤول عن اليقظة)، استنادًا إلى التجارب التي أجريت على الحيوان.


وبعد، فإن البحث العلمي والطبي في ظاهرة النوم لا يتعارض مع كون النوم آية من آيات الله ـ تبارك وتعالى ـ كما ذكر ـ سبحانه وتعالى ـ في محكم التنزيل: (وَمِنْ ءَايَاتِهِ مَنَامُكُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَآؤُكُم مِن فَضْلِهِ إنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)(الآية 23 من سورة الروم).


1. COLEMAN R. et al: “Periodic movements in sleep”. ANN Neurol 8: 416, 1980

2. CZELSLER C.A. et al: “Human sleep”. Science 210: 1264, 1980.

3.KALES A.: “Recent fndings in the diagnosis and treatment of disturbed sleep” . N Engl J med 290: 487,1984.

4. HOBSON J.A., BRAZIER M.A. (eds): “The Reticular Formation Revisited”. New Yourk. Raven Press, 2000.

5. JOSEPH. B. MARTIN: “The Sleep Wake Cycle”, in “Harrison’s principles of Internal Medicine”. New Youk, McGraw Hill, 2001.

//


انتهى ..

د. عبدالرحمن النمر


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإعجاز فى القرآن سرالختم ميرغنى منبر الحوارات الثقافية العامة 6 07-07-2019 11:10 AM
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ماجد جابر منبر الحوارات الثقافية العامة 11 06-10-2012 07:51 PM
( 2 ) الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ~ أمل محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 60 11-05-2011 09:16 AM
الإعجاز العلمى .. والعجز العلمانى محمد جاد الزغبي منبر الحوارات الثقافية العامة 18 10-30-2010 12:21 PM

الساعة الآن 10:31 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.