احصائيات

الردود
17

المشاهدات
6054
 
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية

زهرة الروسان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
146

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Nov 2015

الاقامة
الأردن

رقم العضوية
14295
07-31-2017, 03:27 PM
المشاركة 1
07-31-2017, 03:27 PM
المشاركة 1
افتراضي روايتي الاولى - ليست كسندريلا - تابع لمسابقة الراوية
بسم الله الرحمن الرحيم

أول رواية أكتبها كاملة واقتنع بها... أرجو أن تكون في مستوى النشر
مؤكد تحتوي أخطاء مطبعية وغير مطبعية لم أنتبه لها فأرجوكم ساعدوني في تصحيحها.
بسم الله
ليست كسندريلا

عاشت شهد سعيدة في كنف والديها ، فوالدها مع كونه لم يكن والدها الحقيقي الا أنه أحبها كوالد حقيقي ، كان يأخذها معه الى عمله ويخرجها في نزهات كثيرة ...عرفت بحدة الذكاء من صغرها فلم تواجه صعوبات في النطق والمشي وغير ذلك حتى انها احبت العاب التركيب و تفوقت على من هم في مثل سنها... كانت تعاقب من يغضبها من موظفي والدها و أحيانا تعاقب والدها بإخفاء أوراق عمله المهمة...كبرت بسعادة غامرة فهي صغيرة أمها و مدللة أبيها، تحصل على ما تريد إذا ما لاحت الدموع في عينيها الواسعتين الجميلتين ...فوالدها لا يقاوم دموعها ووالدتها سخية الدمع تباشر الهطول إذا ما اشتد بكاء احد ما حتى لو كان طفلا صغيرا ...طفلا كشهد تدرك نقطة ضعف والديها وتجيد الاستفادة منها ،هذا ما جعل حياتها حلما لا تريد الصحوة منه .لكن ذلك لم يستمر طويلا ، حلمها الذهبي انقلب كابوس مريرا... فوالدتها كانت سيدة ولودا، ومع ذلك لم تحظ شهد بأي أخوة؛ فكلما أنجبت الأم طفلا ، فارق الحياة بعد ساعات من ولادته. استمر الوضع كذلك الى أن بلغت شهد العاشرة من عمرها … كان يوما صيفيا شديد الحرارة حين أنجبت والدة شهد طفلا صغيرا لم تتضح ملامحه؛ فقد كان لا يزال كومة من اللحم الأحمر… خافت الأم من أن يموت الصغير بين يديها كما كان يحدث في كل مرة؛ فآثرت النوم حتى لا ترى الطفل الميت على أمل أن يأخذوه إن فارق الحياة قبل أن تستفيق.
بعد مدة من الزمن استيقظت على صوت بكاء الطفل، نظرت إليه ودموعها منسابة على وجهها الضعيف تحمد الله لكونه لايزال حيا. نهضت لتحمله فشعرت بضعف شديد في جسدها فهي بالكاد تستطيع النهوض، التفتت جانبا لترى صغيرتها تمسك بذراعها وهي نائمة بعمق، حملت الأم الطفل و أرضعته حتى استسلم للنوم فقد لا تتمكن من إرضاعه لاحقا لأنها شعرت بأن أجلها قد اقترب... وضعته بجانبها و خلدت الى النوم… نوم لا يقظة بعده.
أعلم الأطباء الزوج بوفاة زوجته فسارع لإبعاد ابنته خوفا على مشاعرها. شعر الأب بحجم الكارثة التي حلت به بعد فقدان زوجته، تلك لم تكن المأساة الوحيدة ذلك اليوم … ففي الغرفة المجاورة كانت هناك سيدة فقدت صغيرها الذي كان قد ولد قبل ساعات... مرت ساعات والوالد منشغل بإعلام العائلة بمصابه... يضم صغيرته حينا و يحمل المولود أحيانا أخرى ...كان لا بد للمولود أن يجوع فراح يبكي ليملأ أرجاء المشفى معلنا نهاية الحلم السعيد و بداية آلام يمكن للقاصي و الداني التنبؤ بها . راح الوالد بفكر بحل لذلك ، فاقترح عليه الطبيب أخذ الطفل لتلك السيدة التي فقدت طفلها؛ فمن الضروري لكل من الطفل والأم إرضاع الصغير بشكل طبيعي دون اللجوء إلى الحليب المخصص للرضع، غير أن تلك الأم ثكلى وتحتاج لطفل و هذا الطفل بحاجة الى أم ترعاه... فكر الأب مليا فذلك لن يكون بالأمر البسيط لكنه وافق أخيرا فربما لن يجد حلا أفضل . ذهب الى تلك السيدة برفقة الطبيب لمواساتها بصغيرها . وجدها شابة في ذروة شبابها وبجانبها فتاة في الخامس عشرة من عمرها تبدو غير مدركة بطبيعة حال أمها . استأذن الوالد وشرح للسيدة ظروفه ،وطلب منها إرضاع طفله الذي لم يكف عن البكاء .
وافقة السيدة وارضعت الطفل كما لو كان طفلها، مما أثار ذلك مواجع الوالد حين أدرك أنه قد زاد ألمها فرؤية السعادة التي تعلو وجهها لم يكن بالأمر الصعب و التنبؤ بصعوبة ابعاد الصغير عنها يدركها كل من يراها ، غير أن الفتاة راحت تداعب يدا الطفل بسعادة وتنظر إلى الرجل كما لوانها تستدر عطفه . بدا الأمر و كأنه معضلة ؛ فقلبه المكسور لا ينقصه ألم ، ومجرد التفكير بما قد يحدث عند أخذ الصغير يثقل كاهله ويزيد همه لأنه لن يكون قد هون على السيدة بل سيرى نفسه رجلا جاحدا أنانيا لا تهمه مشاعر الآخرين ... اسود وجه الرجل من شدة الهم الذي حمله وراح يحتضن ابنته بشدة محاولا منع دموعه من الجريان ؛ فكونه رجلا لا يعطيه الحق بالبكاء أمام المجتمع الذي سيصفه بالضعف و الهوان وأمام الطفلة التي تحتاج لمن يقوي عزمها ويشد أزرها في مصابها ... فقلقه على الفتاة هم آخر؛ فهي و على الرغم من إدراكها التام بفقدان والدتها و ما يترتب على هذا الأمر من تبعات إلا أنها لم تذرف ولا حتى دمعة واحدة بل راحت تطبطب على كتف والدها لتقليل حزنه ... شعرت احدا الممرضات بما يمر به الرجل من معاناة فتوجهت نحوه لتعطيه الحل الأمثل ، فقد أخبرته أن تلك الثكلى هي أيضا أرملة منذ خمسة أشهر ؛ وبولادتها هذه تكون عدتها قد انتهت ويمكنه التقدم لخطبتها لتكون أما لأطفاله. فكر الرجل كثيرا فالأمر صعب ؛ فزوجته قد توفيت توا حتى أنه لم يدفنها بعد ، لكن أطفاله بحاجة لأم ترعاهم … غير أن ذلك سيكون صعبا عليه وعلى شهد ، التي كانت متعلقة بوالدتها وسيصعب عليها تقبل الأمر بالرغم من صغر سنها ، فهي فتاة ذكية تدرك كل ما بدور حولها .وبعد تعمق في التفكير و استشارة أهله و أهل زوجته التي تتكون من والدتها العجوز وخاليها اللذان يظهران في خلفيات المناسبات الخاصة جدا ، وافق بشرط رضاها التام وتزوجا بعد شهرين من ذلك اليوم يربي ابنتها وهي تربي ولديه و بذلك التأم جرحها العميق بتربية طفلين كما لو أنهما أطفالها .


قديم 07-31-2017, 03:29 PM
المشاركة 2
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
وفاة الجدة
مضت ثلاثة أعوام على وفاة والدة شهد وزواج والدها ...تقبل الجميع الأمر وتعايشوا معه إلا شهد التي راحت تتصرف بجمود مع زوجة أبيها تعاملها كما لو انها قاتلة امها وتتجنب ابنتها التي حاولت التقرب منها . و صارت مقربة جدا من جدتها لدرجة أنها تقضي معظم الوقت عندها ، لكن الجدة طاعنة في السن وهذا الكبر سبب لها أمراض كثيرة ، خشي الأب من صدمة ثانية قد تصيب ابنته إن حدث لجدتها مكروه أمامها ؛مما دفعه لمباعدة فترات الزيارة ، ذلك القرار قد أزعج شهد مع أنها أدركت السبب. لكنها لم تبد ذلك كما اعتادت و حملته في قلبها كباقي الأمور المزعجة التي تكنها في الأعماق .
وفي أحد الأيام و بينما شهد في المدرسة وصل لوالدها خبر وفاة الجدة التي كانت قد نقلت الى أحد المشافي في الليلة السابقة ، عادت شهد لترى شحوبا في وجه والدها الذي كان قد طلب من المدرسة إعادة الطفلة باكرا ، طلب من شهد القدوم الى غرفته حيث كانت زوجته تطعم الطفل جود الذي بلغ عامه الثالث ... جلست شهد الى والدها الذي بدوره راح يداعب شعرها بينما يخبرها الأمر فقال : صغيرتي ، تعلمين أن الإنسان كلما كير بالسن كلما كان عرضة للمرض و أنه إذا اشتد المرض ولم يفلح أي دواء فأن الموت يكون رحمة و راحة للمريض .
شهد : أجل أبي ، أعلم .
الوالد : وتعلمين أيضا أن جدتك كبرت بالسن و لم تعد تحتمل الألم .ويجب عليها أن ترتاح .
شهد : تريد أن تقول أن جدتي رحلت ؟
أصيب الأب بحالة من جمود فأكملت قائلة :هل سيأتي التوأم؟
الأب : تعنين خالاك فادي وشادي ؟ أجل فادي موجود لكن شادي لا ؛ سيصل قبل الدفن بقليل.
شهد: هل ستسمح لي برؤيتها؟ فأنا لم أرها منذ مدة طويلة جدا لا أذكر كم تبلغ . أم أنكم ستمنعونني ؟ كما فعلتم حين رحلت أمي .
خالتها : عزيزتي أظننا زرناها الأسبوع الماضي . غير أنه لا يمكنك رؤيتها .
شهد (ساخرة ) : هل كان هذا قبل أسبوع ظننته شهرا أو ربما كان عاما ،فزيارتنا لها باتت كهطول المطر في تموز.-نظرت لأبيها - لما لا استطيع رؤيتها ؟ هناك ما أود تذكيرها به.
الوالد : صغيرتي ، سيكون صعبا علي رؤيتها تدفن فكيف ستتحملين أنت ؟
شهد : ألهاذا لم تسمح لي بتوديع أمي ؟
الخالة : عزيزتي سيكون الأمر قاسيا جدا عليك .
نظرت شهد بغضب الى خالتها وقالت: هل تعلمين ما هي القسوة ؟ القسوة ، أن تعيشي في بيت لا يربطك بساكنيه أي صلة… القسوة، أن تحرمي من التعبير عما في داخلك… القسوة...أن تري أعز شخص يحتضر أمامك دون فعل أي شيء سوى سماع أنينه .
ذعرت زوجت الأب مما سمعت فاندفعت تمسك بذراعي الصغيرة قائلة :كيف لطفلة مثلك أن تقول كلاما كهذا ؟ نحن عائلتك و أنت التي ترفض التعبير عما يجول في خاطرها … و أيضا لم تري أحدا يحتضر...هاذا لم يحدث.
شهد : بلى فعلت ، لم أكن نائمة لحظة موت أمي … بل و أكثر ...سمعت كلماتها الأخيرة أيضا .
أيقظت كلمات شهد الوالد من حالة أشبه بالغيبوبة فأمسك بيدي الصغيرة وعيناه تسكبان الدموع و هو يرى نظرات شديدة الهدوء في عينيها وكأنها فقدت المشاعر ،قال لها وهو يحاول تمالك أعصابه : انت تعلمين أنه و بالرغم من كوني زوج والدتك إلا أنك ابنتي التي لن أتخلى عنها… أرجوك قولي أنك ترينني والدك... أرجوك .
راحت شهد تمسح دموع والدها برفق وهي تبتسم وقالت: بالطبع أنت أبي … أبي الذي أحبه جدا .
الوالد : أشكرك حبيبتي ...ولديك جود اليس اخاك المفضل ؟!
شهد :أجل جود ... كدت أنسى...لكنه طفل لا يفقه شيء .
الوالد :صغيرتي، هل حقا ما قلته بشأن والدتك ؟هل كنت مستيقظة؟ هل قالت شيء عني ؟
مسحت شهد رأس والدها وقالت : قالت أنك الأفضل على الإطلاق ، وقالت انك لم تكن لتتركها إن مات الصغير كما فعل زوجها السابق. رغم أن جدتي أرادت ذلك ،إلا أنك كنت ستقنعها . كنت ستفعل ...صحيح؟
همس الوالد في اذن الصغيرة: طبعا ما كنت لأتركها فهي اجمل شخص في العالم وانت تعلمين كم أحببتكما...هل هذا كل ما قالته ؟
أخذت نفسا عميقا قبل أن تجيب : لا لكن ما بقي من كلام كان يخصني أنا و جود .
قبّل الأب رأس ابنته وطلب منها التحضر لتوديع الجدة قبل الدفن . ساد صمت عميق المنزل فلم يصدر أي صوت سوى صوت الصغير جود الذي كان يلعب بدميته على السرير … بعد وقت وجيز عادت شهد لتحدث زوجة أبيها التي كانت لاتزال متأثرة بما حدث أمامها نادتها لكنها لم ترد … فهزتها بيدها قائلة : أي لون أفضل ؟
التفتت اليها و ردت قائلة : لا يهم ، لا أحد يلوم من في سنك .
-لكنني أخشى أن ألبس لون قاتما فيقال أنني أحاول تقليد الكبار .
-إذا ألبسي لونا زاهيا .
-إن فعلت هذا فسيقول الناس أن خالتي لا تهتم لموت جدتي … وأنا لا أريد أن يقول أحد ذلك عنك .
نظر والدها لها وقد أدرك أنها تحاول إغاظة خالتها فقال : إلى ما ترمين ؟ أنت في الثالثة عشر من عمرك لن يقول أحد هذا … ألبسي ثوبا بلون معتدل ليس قاتما ولا زاهيا .
-لا أستطيع فقد بحثت عن الثوب الذى ارتديته عندما توفيت والدتي قبل ثلاث أعوام ، لكنني كما تعلم كبرت ولم يعد يلائمني.
-ألم أحضر لك ثوبا أزرقا قبل شهرين !
-اجل هذا صحيح ....ارجو ان يكون مناسبا فأنا اكبر بسرعة.
غادرت شهد الغرفة لتبديل ثوبها حين قالت زوجة الأب :هل تظن أن شهد قالت الحقيقة حيال موت والدتها ؟
-أجل فهي عادة لا تكذب ، خصوصا في موضوع حساس كهذا ؛ هي مدركة لما يحدث .
-أظنها حلمت بالأمر وحسب ؛ لأنها لو شهدت ذلك حقا لما كفت عن البكاء حينها أو على الأقل الآن و هي تذكر لنا ما حدث.
-لا أدري ما أقول ...شهد كانت حساسة جدا قبل وفاة والدتها ، لكنها كانت تحل مشاكلها بيدها. أما الآن صرت اتمنى رؤية الدموع في عينيها ....أشعر و كأنها لا تشعر بشيء.
دخلت فداء الغرفة وقالت :أمي هل سآتي معكم ؟ فلا اريد لشهد ان تكون وحيدة تعلمين كم كانت تحب جدتها .
الوالد: طبعا ستأتين لن اتركك وحيدة هنا .
الأم :حبيبتي ، عليك الاعتناء بأخويك فأنا سأنشغل عنكم ...أهتمي لجود جيدا هل هذا واضح ؟
فداء : طبعا واضح .
جاءت شهد مسرعة من بعيد ودفعت فداء التي كانت تقف أمام باب غرفة والديها وقالة بلهفة :لا .... لابأس خالتي أنا سأهتم بجود لا تتعبي فداء بذلك.
الخالة : هل تمزحين ؟ أنت طفلة وتحتاجين لمن يرعاك. كيف سترعين اخوك الصغير ؟!!
شهد : أنا أصغرها بخمس سنوات فقط . غير أني لن أسمح لأحد بالاقتراب من جود .
فداء :لكنه اخي ... أنت لا تسمحين لي بالعب معه ولا حتى بالاقتراب منه . هو لن يحبني إن بقيت تتصرفين هكذا لا تنسي أنني أختكما الكبرى .
شهد : لا تقلقي سأخبره أنك جيدة وأن عليه أن يحبك .
اتجهت شهد نحو جود وحملته وراحت تداعبه و في طريقها للخروج من الغرفة نظرت اليه وهي تحدث فداء :لا أريد له أن يحمل هذه النظرة البلهاء التي تعلو وجهك .
خرجت شهد من الغرفة مع جود فقالت فداء وعيونها تدمعان: أبي افعل شيء أخشى أن يكبر الفتى وهو يحمل كره شهد لي في قلبه ... ليس ذنبي أن والدتها ماتت و تركته في رعايتها ...أنا أريد المساعدة لكنها تكرهني بشدة .
انهارت فداء باكية على صدر والدها الذي بدوره راح يخفف عنها ألمها ويواسي حزنها و يحاول إضحاكها إلى أن نجح الأمر فقال لها ولوالدتها :أتركا شهد تهتم بأخيها فهو ما تبقى لها من والدتها ... شهد كبرت قبل أوانها .... أتمنى لو أنها تخبرني بما يجول في ذهنها ...لا أريد لها أن تعيش حياة بائسة.
وصلت العائلة الى بيت الجدة ، أخذت شهد جود واتجهت به الى حيث يتواجد جسد الجدة ، جلست على الأرض بجانب سرير جدتها ممسكة يدها وقالت همسا في أذنها :جدتي أعلم أنك لا تزالين تسمعينني ... آسفة كوني لم أزرك مؤخرا فأبي خاف علي من أن اراك تموتين ، المهم ... لا تنسي أن تعتذري لأمي من تأخر انتقامي لموتها ولأخي ... لقد خفت كثيرا ... خفت أن أخبر أبي فلا يصدقني فتعود و تؤذيني ... لكنني سأحرم تلك المتظاهرة معنى المحبة من أجلها ... سأسقط قناعها البريء أمام الجميع ...ستتمنى لو أنها القيت بجانبها ذلك اليوم . والآن علي الذهاب ...وداعا جدتي ،هيا بنا يا جود .
خرجت شهد من غرفة جدتها وعلا محياها شعور الغضب وقد زادت عيناها اتساعا و حدة .

قديم 07-31-2017, 03:35 PM
المشاركة 3
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
حلم الطفولة
مسرعا إلى غرفة شهد حمل جود ذو العشر سنوات مجموعة من القصص المصورة ... قفز إلى فراشها و راح يشد ثوبها لتحكي له ما تبقى من قصة الغموض التي بدأت بقصها عليه سابقا ... راحت تقصها عليه وهو متشوق لما يحدث... يحاول التنبؤ بالأحداث بشغف كبير و هو يتجول في الانحاء يحلل الأحداث و يقترح حلولا منطقية.
شهد: لقد أصبح أسلوبك في حل الغموض أكثر تعمقا و بدأت ترى التفاصيل الصغيرة ... أحسنت يا أخي أنا فخورة بك.
جود : هل تعتقدين أنني سأصبح محققا جيدا حين أكبر؟
-لا .
-لم لا ؟هل أنا سيء لهذه الدرجة؟
-لا ؛ لأنك محقق جيد الآن ... حين تكبر ستصبح محققا رائعا . لكن لماذا تريد أن تصبح محققا ؟
- ممممم أولا لأن المحققين رائعون و حياتهم مملوءة بالإثارة ،ثم إنني أشعر أن هناك غموضا يلف حياتنا بالكامل ... ولن أتمكن من حله بقدراتي هذه.
-أي غموض هذا؟؟
-كل شيء ، خلافك الدائم مع فداء و مع خالتي ... اصرارك على مناداتها أمي وليس خالتي مع أنك لا تفعلين ...أبي ،الذي لا أشبهه بأي شكل من الأشكال... كل تلك الأمور غامضة جدا .
-ألم أجبك عن كل تلك التساؤلات سابقا؟
-لا ... قلت لي أنت تتوهم و حسب . لكني لا أتوهم .
-خلافي مع فداء هو شيء خاص بالفتيات لا شأن لك به ... خالتك أرضعتك لذا أصبحت والدتك لكنها لم ترضعني فقد كنت كبيرة لذا هي ليست أمي هذا كل شيء .
-مجرد كلام ... وأبي؟
-أنت تشبهه جدا ... أنت تحمل ملامحه .
-أجل تماما اخدعي هذا الطفل الصغير.
-أنت تعترف أنك طفل، سأسجل هذا للمستقبل... يا فتى لم أنت عابس ؟!
-لقد كنت أسير مرة مع خالتي في السوق حين قابنا أحدى السيدات ... أخبرتها خالتي بأنني ولدها بعد أن ذكرت لها السيدة مدى الشبه الكبير بيننا ... لم أنا أشبه خالتي التي لم تلدني ولا تربطني بها صلة دم ،بينما لا أشبه والدي الذي أنا أبنه من دمه؟
-غدا ستأتي مجموعة سيدات لزيارة خالتي ،هن لم يزرنها من قبل ولا يعلمن بشأن زواجها من أبيك ... سأثبت لك أن هذه الأمور مجرد مجاملات، لن يقول أحد لسيدة أن ابنها لا يشبهها .
-أختي أخبريني ... هل أستطيع تحقيق حلمي ؟ أعني قد أكون أحلم بشيء مستحيل .
-طبعا تستطيع ... المهم أن تثق بنفسك وأن تتوكل على الله ...لما تقول كلام كهذا لا شيء مستحيل.
-ماذا كان حلمك حين كنت صغيرة ؟
-كنت أحلم بأن أكون كاتبة معروفة و مميزة .
-لكنك لم تفعلي .
-أنا أسعى لذلك لازلت في العشرين من عمري لم اصبح عجوزا على تحقيق أحلامي .
-هل تعتقدين أن فداء لديها حلم ؟
-أجل أخبرتني به يوما محاولة التقرب مني.
وقفت شهد وهي تجمع كفيها و تنظر الى الأرض كأنها فتاة مسكينة كما تفعل فداء و حاولت تقليد صوتها بسخرية : لطالما حلمت أنني شخصية سندريلا و حلمت بأمير على فرس أبيض يأخذني بعيدا عن هذا العالم المؤلم أعيش معه بسعادة بعيدا جدا ... تمني لي أن يتحقق هذا الحلم ... عندها سأترك لك المنزل فعلى الرغم من كونكم عائلتي ألا أنني لا أشعر بحبكم لي خاصة أنت .
-المسكينة.
-أجل مسكينة تظن أن هناك أحدا في العالم سيقبل بفتاة مخادعة .
-لم أقصد هذا ... و هي ليست مخادعة .
-لا أحد يعرفها مثلي أبدا ... دعك من هذا الآن.
-هل سندريلا هي حلم كل الفتيات ؟ أعني ألم تتمني أن تكوني سندريلا ؟
-طبعا لا ... أنا يا جود لست كسندريلا أبدا ... أنا لست لطيفة، لست طيبة القلب ،ولا أسامح أبدا أبدا .
-أنت مخيفة جدا ،أنت كالساحرة الشريرة.
راحت تداعبه وهو يتضاحك بصوت عال ملأ أرجاء المنزل حتى تجمع الأهل على صوتهما وقد شعر الوالد بسرور كبير فقد رأى صغيرته كبرت وقد عادت لها ابتسامتها الجميلة. قفد أقلقه سكونها المريب و امتناعها عن اخراج مشاعرها و إلحاح زوجته عليه بضرورة عرض حالتها على طبيب نفسي .
وفي صباح اليوم التالي، استعدت شهد لمقابلة الضيوف بعد أن اتفقت مع جود على التظاهر بأنهما أبناء زوجة والدهما. وصلت سيدتان أنيقتان إلى المنزل كن صديقات السيدة منذ ايام المدرسة وكن لم يراسلنها إلا قليلا .خرج الوالد من المنزل بينما جلس الضيوف الى السيدة يسألن عن حالها بعد كل تلك السنين.
آمال: هناء عزيزتي عرفينا على أسرتك .
مها :أجل أنا متشوقة لرؤية ابنائك.
دخلت شهد وجود أولا كما خططا فقالت آمال: هل هذه ابنتك المتبناة...إنها جميلة جدا.
ارتعشت الخالة قبل الإجابة ثم ردت بتلعثم : ليس تماما في الواقع...
قاطعتها شهد قائلة :لا أنا ابنتها فداء وهذا أخي جود .
مها :حقا ... كم تشبهينها. هناء، أنت لم تخبرينا أنك أنجبت طفلة.
آمال: أذكر أن آخر ما وصلني أنك تزوجت رجلا لديه طفلة وأنك حبلى بمولود من زوجك الجديد... لكن هذا لا يشبه ما قلته.
هناء: ما قلته صحيح لكن أمورا كثيرة حدثت بعد ذلك سأخبركم به لاحقا .
دخلت فداء الغرفة لتقدم العصير فقالت مها: إذن أنت المتبناة ...هي لطيفة جدا .
آمال : لكن المتبناة تبدو أكثر سمرة .
مها: أجل تماما و ابنتك الحقيقية تفوقها طولا.
هناء : عذرا هل من الممكن التوقف عن قول كلمة متبناة . شهد فداء، خذا جود وعودا الى غرفكما .
خرجت فداء بهدوء فردت شهد: حاضر يا...أمي.
التفتت الى السيدتين وقالت :لا بأس فشهد حساسة بشأن التبني.
مها : أظنها تشبه سندريلا فهي لم تنطق بكلة منذ ان دخلت و كأنها مهضومة الحق ،هناء أنت لا تعذبينها كخالة سندريلا صحيح .
هناء : هاذا يكفي .شهد عودي الى غرفتك.
شهد :حاضرة...أمي ... هل تريدين مني شيء ...أمي .
هناء :هلا توقفت عن قول أمي في كل جملة.
شهد :حاضر أمي مع أنني أظنك تحبين سماعها .
خرجت شهد لتتحدث الى جود... اعتذرت الخالة عما بدر من شهد وشرحت للسيدتين حقيقة الأمر. بعد أن أخبرتها شهد عن سبب تصرفها بهذا الشكل أمام الضيوف ... وأن ما حصل هو لإقناع جود بحقيقة الشبه بينه وبين خالته.

قديم 08-17-2017, 11:23 PM
المشاركة 4
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
وصية
الخالة : لقد تأخر الطبيب عند والدك ... أنا قلقة جدا .
شهد: لا بأس سيكون بخير .لا تقلقي .
فداء: شهد منذ متى وانت لطيفة مع أمي هكذا ... لست على طبيعتك .
شهد: هلا كففت عن السخرية فوضعنا حرج الآن .
فداء: أمي حين ينتهي الطبيب من فحص أبي دعيه يتفقد عقل شهد فيبدو أنها نسيته على الوسادة حين نهضت صباحا .
شهد: قد نطلب منه فحص ذكائك فعلى ما يبدو أنك تزدادين حماقة كل يوم .
خرج جود مع الطبيب و قد غمر وجهه الهم ... أوصل الطبيب لباب المنزل وعاد ليجلس الى والدته يطوقها بذراعيه محاولا كتمان حزنه ... نظرت شهد إليه وقد أدركت صعوبة حال والدها، فجلست بجانبهما تربت على كتف اخيها وتمسك بيد خالتها مواسية لها .
جود :قال الطبيب أن وجوده في المشفى لن يغير الوضع، فمن الأفضل له أن يقضي أيامه الأخيرة بين أحبائه.
انهارت الأم بين يدي ولدها الذي احتضن أمه وشهد ليخفف عنهما.
فداء: أخي... ماذا بشأن جامعتك تخرجك قريب ماذا ستفعل؟
جود : أظنني سأنسى أمره هذا العام... فأبي أهم من كل شيء... سأكلم المدير و أشرح له حالنا و أنظر ماذا يقول.
الخالة: فداء، هل لك أن تطعمي أخويك الصغيرين... فقد تأخرت عن إطعامهم .
فداء: حاضر يا أمي سأطعمهم و آخذهم الى السرير . جود يبدو أن أبي يناديك .
اتجه الجميع مسرعين الى والوالد الذي راح يوصي أبنائه طالبا من الفداء احضار الطفلين التوأمين.
الوالد: فداء ... ابنتي أنت فتاة جيدة أعلم أنك كذلك... اهتمي بإخوتك فأنت الأخت الكبرى وذات القلب الطيب...شهد، صغيرتي لا أدري ما أقول... فأنت تعلمين كم أحبك... أحب أخويك كرم و بهاء كما أحببت جود وعلميهما كما علمته... أخبريهما عن والدهما كما كنت تخبرين جود عن والدتك أخبريهما أنني تمنيت لو كبرا قبل رحيلي كم حلمت برؤيتهما شابين كما رأيت جود كم اردت أخذهما في نزهات كما كنت آخذك في الماضي... هل تذكرين... حبيبتي هل تعلمين؟ لقد صرت تشبهين أمك كثيرا أراها كلما نظرت اليك... هناء، اعتني بالأطفال لأجل أحلامنا التي حلمناها معا لأجل المستقبل الذي رسمناه لهم ... أنت سيدة رائعة حقا ...
هناء: ارجوك توقف.
الوالد: كرم بهاء، لو أنكما تفهمان ما أقول لأوصيتكما وصايا لا حصر لها لكنكما لا تزالان غير مدركين... اهتما بأمكما لأجلي... هناء، خذي أبنائك و اتركي لي جود أريده بشيء بيني وبينه.
جود: هل رأيت ما حصل وأنا أكلم شهد.....
فداء: لقد تأخر جود عند أبي... ماذا يفعل كل هذا الوقت.
خرج جود من الغرفة وهو عاجز عن التعبير، جلس على الأرض وهو يتأمل أخويه الصغيرين... و دون مقدمات بكى و تبعته هناء وابنتها في لحظات من الحزن غمرت المنزل... فلم يكن للكلام داع .
مسحت شهد دموع أخيها برفق وجلست بجانبه فنظر إليها بحزن ونظرة حيرة تغمر عيناه .
شهد: ما بك حائر... ماذا قال لك أبي؟
تردد كثيرا قبل أن يجيب ، لكنه رد أخيرا.
جود: كان يحدثني عنك وعن أمي... قال أنه سعيد لأنه حصل على فرصة لتكوني ابنته ... وأخبرني... كم أنا أشبهه... حين كان... شابا... و أن من يقول أنني أشبه خالتي... هو فقط... يجامل... كما قلت انت.
شهد: عزيز، هل اقتنعت الآن؟
هز جود رأسه موافقا بتثاقل شديد وانفجر باكيا بحرقة بين يدي أخته وصوته يهز جدران المنزل كما لو عاد طفلا صغيرا يبكي ألما لا يملك سبيلا للبوح به.

قديم 08-21-2017, 04:42 PM
المشاركة 5
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
تلميح
مضى عامان على تخرج جود و توظفه في قسم التحقيق الجنائي، وقد اعتاد على طرح القضايا الصعبة التي تواجهه على شهد التي تساعده في إعطائه بعض التلميحات التي قد تساعده في ايجاد الحل .
عاد جود يوما من العمل حائرا وجلس في غرفته يفكر فذهبت إليه شهد تسأله عن سبب حيرته فرفض الحديث وطلب منها أن تتركه لينام... خرجت شهد وحضرت له طعاما؛ فهي أكثر من يعرف أن طريقة إجبار جود على الحديث، هي جعله يشتم رائحة طعامه المفضل... وفي غضون دقائق قليلة كان متسمرا أمام الفرن ينتظر تناول طعامه... جلس يتناول الطعام بينما يتحدث الى شهد.
شهد: ما نوع قضية اليوم؟
جود: سيدة ماتت في المطبخ أثناء إعدادها الغداء لزوجها... على ما يبدو أنها ماتت بعد وضعها لمادة شديدة السمية في الوعاء.
-هل قتلها أحد؟
-لا أدري كل الأدلة تشير الى أنها وضعت السم في الطعام بيدها .
-انتحرت؟
-لا أعتقد... فقد كانت تنوي الخروج مع صديقتها مساءا.
-هل يعقل أنها أرادت التخلص من زوجها لكن انقلب الأمر عليها؟
-هذا ما يعتقده الجميع... لكني غير مرتاح بهذا الاستنتاج.
-لماذا؟
-لا أدري... أشعر أنه سعيد برحيل زوجته... تعابيره حين أخبرناه بأنها ارادت قتله... لم تكن حقيقية؛ لقد اصطنع الانفعال... لم يوافقني أحد لكنني واثق انه لم ينفعل حقا، و المثير أن المنزل كان نظيفا بشكل مثير لم نجد أي بصمات لكلا الزوجين، سوى على بعض الأدوات في المنزل.
-هل رأيت شيئا في المنزل يدل على سوء العلاقة بينهما حتى تعتقد انه يتظاهر؟
-لا كل شيء كان مثاليا... وهذا ما يحيرني... حتى أن منزلهم مملوء بصورهما معا و يبدوان في قمة السعادة... وصور لهما مع طفلهما الراحل... غير أن هناك صور في خزانة الزوجة لكليهما... تدل على مدى حبها له... وصور كثيرة جدا... إن كانت تفكر في قتله، فهاذا يعني أنها وضعتها لتبعد الشبهات عنها.
-لكن الأمر انقلب عليها... اسمع أخي، أحيانا لا تكون الحقيقة كما تبدو... عليك الغوص في اعماق الشخص لتعرف الحقيقة.
-ماذا تعنين؟
-تعال معي سأريك شيء.
ذهبت شهد مع جود الى غرفتها و فتحت خزانتها ثم أخرجت علبة خشبية صغيرة... فتحتها لينظر لمحتواها... وكانت تحتوي على أربع خصال من الشعر .
-ما هذا؟
-في هذه الصندوق خصال شعر تخصني و أبي وأمي... ما سبب احتفاظي بها برأيك؟
-ربما للذكرى!
-ربما...لكن لمن تعتقد الخصلة الرابعة؟
-لا أدري... لمن تعود؟
-لخالتك... ما رأيك الآن... لم أحتفظ بهذه الخصال؟
-من المؤكد ليس للذكرى... لم تحتفظين بهذه الخصلات؟
-حين كنت طفلة، سمعت حوارا دار بين والدي حول برنامج تلفزيوني يتحدث عن تحلل جسم الانسان... ذكر أبي أن شعر الإنسان يحتاج الى وقت طويل جدا حتى يتحلل... أكثر من أي خلية أخرى في جسم الانسان...شدني نقاشهما وتابعت حديثهما بإنصات، لفت اهتمامي انتباه أمي التي سرعان ما شاركتني في النقاش... وفي نهاية النقاش قامت واحضرت مقص وقصت خصلة من شعرها... لقد كانت تملك شعرا طويلا رائعا، وضعت تلك الخصلة في كيس بلاستيكي صغير... وقصت لي خصلة من شعري ووضعتها في كيس آخر... عندها شعر أبي بالغيرة منا؛ فأخذ المقص وقص شاربه... لقد كانت المرة الأولى التي يزيل فيها أبي شاربه... ووضعه في كيس آخر وصنع لي هذا الصندوق الخشبي لأضع فيه خصال الشعر.
حين رحلت أمي وتزوج أبي من خالتي لاحظ بعدي عنها ورفضي للتعامل معها فحدثها عن قصة الخصال وطلب منها أن تفعل ذات الشيء لأحبها ففعلت.
-حين تتحدثين عن حياتك قبل رحيل أمي أشعر بالغيرة... لو أنني عشت معها لأعرفها كما تعرفينها... لكنت أسعد الآن.
-ألست سعيدا؟
-ليس كما أتمنى... أنت ومع أنك كنت تعيشين مع زوج والدتك... كنت في قمة السعادة... أما أنا حياتي عادية جدا مع زوجة أبي... مع أنها حنون جدا لكني أشعر بشيء مختلف.
-حتى أنا أشعر بالحزن أحيانا لأن أبي ليس أبي الحقيقي... كانت حياتي لتكون مثالية لو كان كذلك.
-شهد، لم تحدثيني يوما عن والدك الحقيقي... أين هو و ما سبب تركه لأمي ؟
-لا أدري، فقد كنت حديثة الولادة.
-لم تحدثك أمك عنه... هذا ظلم.
-هلا غيرت الموضوع... اذهب لحل قضيتك.
-أجل القضية... سأعود قريبا... أعتقد أنني أمسكت طرف الخيط.

قديم 08-30-2017, 03:59 PM
المشاركة 6
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
حريق
عاد جود من عمله ليجد الطعام محضرا، جلس الى المائدة ليتناول الطعام مع أسرته فقد افتقد الجلوس بينهم منذ أشهر بسبب انشغاله الشديد...اجتمعت العائلة وبدأوا بتناول الطعام وتبادل أطراف الحديث:
-شهد: جود ماذا حدث معك في قضية لسيدة التي قتلت نفسها؟
-جود: ساعدتني القصة التي قصصتها في حل القضية... فقد كان ظني في محله؛ اصطنع الرجل الانفعال لأنه هو من قتل زوجته... أو جعلها تقتل نفسها إذا صح التعبير.
-فداء: هل هذه القضية التي أرقتك... كيف جعلها تقتل نفسها؟
-جود: حين بحثت حول حياة الأسرة، وجدت أنهم فقدوا الشعور بالسعادة بعد رحيل طفلهم... مما أثار فضولي حول أسباب وفاته. علمت أنه مرض مرضا قضى عليه، فراجعت الطبيب الذي عالجه... الذي أخبرني أنه أصيب بفيروس سبب له حمى شديدة لم يحتملها جسده الصغير... الفيروس أصابه بسبب تناوله لطعام حضرته أمه دون أن تتأكد من نظافة الأوعية التي استعملتها.
-الخالة: مسكينة؛ مؤكد أنها لم تسامح نفسها.
-جود: تماما... ولا حتى زوجها. بعد وفاة الطفل اصيبت الزوجة بحالة أشبه بالوسواس القهري للنظافة، فصارت تنظف الوعاء عشرات المرات قبل استعماله... لا تسمح لزوجها بالدخول للمنزل بحذائه... تعقم الارضيات مرارا و تكرارا... لا تدع أي بكتيريا تدخل منزلها. وهاذا ما استغله الزوج... فحقده عليها وغضبه من اهمالها السابق ولد في اعماقه رغبة للانتقام... فقد ذاقا مرارة الانتظار حتى رزقا بطفلهما و في مخيلته شعر انها لا تهتم... في ذاك اليوم عاد الى المنزل وقت الغداء ودخل المنزل وهو ينتعل حذائه...غضبت زوجته وتركت الأطباق دون أن تسكب فيها طعاما وراحت تنظف الارض من اثر حذاء الزوج الذي استغل فرصة خروجها من المطبخ و لوث الملح بالسم وأضاف كمية من الماء الى الوعاء الرئيسي لينخفض فيه طعم الملح... تناول طبقه معها بعد أن عادت وراقبها حتى وضعت ملحا في طعامها و انهته حتى آخره... هو لم يدرك أن اهتمامها بالنظافة كان أثر فقد الطفل.
-الخالة : يا ألله... كيف للحقد أن يعمي القلوب عن الحقيقة.
-فداء: أمي سأغسل الأطباق هلا ناولتني وعائك.
-جود: لقد حللنا اليوم قضية... تكشفت بسبب غفلة المجرم.
-شهد: حدثني؛ أحتاج لأحداث جديدة لقصتي.
-الخالة: ستصابين بجنون الإثارة إن لم تكفي عن الاستماع لقصص أخيك.
-شهد: لا بأس، تحدث هيا.
-جود: هوني عليك...هل سمعت عن الحريق الذي حدث صباح اليوم؟
-شهد: قرأت عنه في مواقع التواصل لكني لم أنظر التفاصيل... هل كان هذا سبب استدعائهم لك في العمل اليوم؟
-جود: أجل... لقد قام رجل بإحراق المنزل أثناء وجود طفليه في الداخل.
-الأم: يا الله. جود أرجوك لا ينقصنا ألم... لا تحدثنا عن قصص حزينة كهذه.
-شهد: على العكس، حين تشعرين بالألم من قصص كهذه؛ تشعرين بعمق الحب لأبنائك أكثر وتقل احتمالية تسببك أنت بالأذى لهم.
-الأم: سأذهب الى غرفتي... أتمنى أن يتعمق حبك لأبنائك حين يرزقك الله بهم.
-جود: شهد، لا تضغطي على مشاعر والدتي لهذا الحد... هي لم تنسى طفلها الراحل بعد.
-شهد: كما تريد. لكن حياتي لا شيء بلا اشعال النيران في زوايا منزلنا ليزداد دفئا، فالصيف ليس كل يوم، وبرد الشتاء لا يحتمل... جود لا تنسى نحن في الشتاء.
-اصبحت مخيفة يا شهد... المهم، دعك من كل هذا ولنتابع القصة. حين هرعنا لإنقاذ الأطفال ساعدنا بعض الرجال من الحي و الأحياء المجاورة وصلت الأم مندفعة لتطمئن على صغارها وهي تولول وتلوم نفسها على تركهم... وعند الاستجواب قالت أنها تركت زوجها معم وخرجت الى السوق.
-وماذا عن الزوج؟ وما سبب الحريق؟
-سبب الحريق هو سقوط شعلة من بخور على سجادة الغرفة التي كان يلعب بها الصغار تلك السجادة كان الوالد قد سكب بعض الوقود عليها في صباح ذلك اليوم وهو يملأ عبوة الاحتياط... أكدت الزوجة أنها أبعدت البخور عن أيدي الأطفال قبل خروجها.
-وماذا عن الزوج؟
-هذا هو المثير... حين وصل الزوج الى المنزل، انهار باكيا ولم يستجب لأي سؤال، وفجأة انهال أحد الرجال الذين ساعدونا في الانقاذ عليه بالضرب حتى فقد وعيه دون أن نتمكن من التفرقة بينهما... عندها قبضنا على الرجل وحققنا معه... حين حدثنا بما لديه وعن سبب فعلته، تمنيت لو أني أفعل ما فعل.
-لهذا الحد! ماذا قال؟
-لقد شاهد الحريق من شرفة منزله ونزل ليساعد... عندها لاحظ رجلا يراقب الحريق من سطح أحد البنايات، ظنه أحد ساكنيها ولا يريد التدخل. لكنه صدم حين دخل ذلك الرجل المنزل المحترق وكان هو رب هذا المنزل.
-كيف له أن يفعل ذلك بأسرته!
-حين استفاق رب المنزل، اعترف بفعلته وقد بدا عليه اليأس... لقد أخبره طبيبه أنه مصاب بالعقم؛ فظن أنه قد خدع وأن الأطفال ليسوا من صلبه فقرر الانتقام من زوجته و قتل الأطفال... لكن وبعد أن أشعل الحريق و جلس يشاهد الحريق... ظن نفسه سيشعر بنشوة الانتصار، لكنه شعر بحرق القلب على الأطفال الذي رباهم. بعد الحادث تحدثت الى طبيبه للتأكد من السبب، لقد كان محقا لكن ليس تماما؛ فقد غفل الطبيب عن إخباره بسبب العقم ظنا منه أنه يعلم... فقد تعرض لحادث منذ شهور وكان هذا هو السبب... حين علم بذلك فقد وعيه وبقي على حاله لساعات... لحسن الحظ نجا الأطفال بحروق طفيفة. جاءت الزوجة ومعها الأطفال إليه بعد أن استفاق، وطلبوا من الشرطة تخفيف التهم عله يخرج منها بلا ضرر كما خرجوا جميعا بلا ضرر.
-ثم ماذا حدث؟
-سيحاكم لكن لا أعرف ما سيحل به... الأهم أنه راح يرجو زوجته لتسامحه لأنه أساء الظن بها... وهي سامحته.

قديم 09-02-2017, 11:56 AM
المشاركة 7
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تملكين من العزم ما به تحققين الدّهشة

سواء هناك في قصص الأطفال
أو هنا بهذه الرواية



تقديري

قديم 09-02-2017, 03:13 PM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

اتفق معك استاذ ياسر لا شك ان الأستاذة زهرة تسير في طريق سيوصلها حتما الى انجازات ابداعية عبقرية . فالعزم والإصرار والمثابرة والانفتاح على التغذية الراجعة تعبد الطريق للنجاح.

قديم 09-05-2017, 04:48 PM
المشاركة 9
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
شكرا أستاذ ياسر و أستاذ ايوب و أرجو منكم نقد الرواية عند الانتهاء منها

هذا شيء علي تصحيحه بالمقطع السابق
(سبب الحريق هو سقوط كرة من بخور المشتعل على سجادة الغرفة التي كان يلعب بها الصغار تلك السجادة كان الوالد قد سكب بعض الوقود عليها في صباح ذلك اليوم وهو يملأ عبوة الاحتياط... أكدت الزوجة أنها أبعدت البخور عن أيدي الأطفال قبل خروجها.


لكن وبعد أن أشعل النار في المنزل و جلس يشاهد الحريق.)

قديم 09-05-2017, 04:49 PM
المشاركة 10
زهرة الروسان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
خطر
صراخ علا في منتصف الليل، أيقظ كل من في المنزل... أسرع جود تجاه الصوت الذي صدر من غرفة الصغار جود و بهاء، وإذا بنيران مشتعلة تلف سريري التوأم و فداء تحاول جاهدة الوصول إليهما. سارع جود في إخماد الحريق و إخراج الجميع من الغرفة... بقي في الداخل وحده ولم يسمح لأحد بالاقتراب. وبعد ما يزيد عن ساعة خرج غاضبا وطلب من أمه التحدث إليه جانبا بعيدا عن أسماع الفتاتين.
-الأم: ما بك بني؟ لم طلبت الحديث إلي وحدي؟ وما سبب الحريق؟
-جود: لهذا السبب طلبتك وحدك... أخبريني أمي، كيف تتعامل الفتيات مع الصغيرين؟
-طبيعي جدا... كما يتعامل الأخوة معا. لم تسأل أقلقتني؟
-أريد تفاصيل أمي. أراهما وأنا موجود كيف يتعاملان معهما بحب و لطف... أريد أن أعرف التفاصيل... هل تشعرين إحداهن تقسو عليهما أو لا تكترث لهم إن تأذيا أو أصابهما مكروه؟
-أبدا بني... فداء تجلس تراقبهما طوال الوقت خصوصا بعد تعرضهما لتلك الحوادث مؤخرا. وشهد تداعبهما وتلاعبهما طوال اليوم وتساعدهما في كل شيء تقريبا... لقد أخفتني بني. ما الأمر؟
-أخشى يا أمي أن الحريق مفتعل.
-ماذا؟ أتقول أن أحدى الفتاتين أشعلت الحريق! لماذا؟
-لا أدري لكن الحريق... أخبريني أمي، هل انسكب أي نوع من المحروقات على سجادة الغرفة؟
-أجل، لقد أوقعت فداء بعض وقود المدفأة وهي تملئها ليلة أمس.
-من أشعل البخور؟
-أنا... قرأت عن أهمية البخور في معالجة الحالة النفسة للصغار... تعلم أن أخويك تعرضا لكثير من الحوادث شعرت بأنهما متعبان.
-أمي، كيف لك أن تشعليها ليلا!
-لقد أطفأتها قبل أن أنام... وطلبت من فداء التأكد أنه لم يبقى فيها أي شعلة... بني إن كنت تظن أن إحدى الفتاتين تسببت بالحريق فعليك إخباري بمن تكون... وإن كانت من أظن... فلن أسمح ببقائها معنا إلا إذا خضعت لطبيب نفسي... فقد زاد الأمر عن حده... ولن أخاطر بحياة أسرتي من أجل انتقامها السخيف... عليها أن تدرك أنني وأطفالي لا شأن لنا بما مرت به. هل هذا واضح؟ سينام الصغيرين في غرفتي ابتداء من اليوم... أتمنى أن استفيق صباحا وقد حللت الأمر.
-شهد لا تفعلها... ماذا لو كانت فداء؟
-نفس الشيء، المهم أن أطمئن على الصغار.
-حاضر... سأباشر بالحديث إليهما.
طلب جود من أختيه الجلوس و التحدث عن الأمر.
-شهد: جود أخي هل تشك بنا!
-جود: في الواقع أجل.
-شهد: لو علمت أنك ستفعل هذا لما شجعتك على الالتحاق بقسم التحقيق.
-جود: أنت تعلمين تماما لما التحقت بقسم التحقيق.
-شهد: أجل، لكن يبدو لي أنك نسيت.
-جود: لم أنس. لكن لدي أسبابي...تذكرون حادثة الحريق التي وقعت منذ مدة و حدثتكم عنها... لقد تكررت عندنا اليوم. نفس الأحداث ونفس الأسلوب مع اختلاف الجاني و الأسباب... ما اختلف أن الجاني ابتعد لمنع كشفه كما حدث في الحادثة الماضية، وتغطى بستار الظلام.
-فداء: أي قصة؟
-شهد: لا تتظاهري بالبراءة. كنت حاضرة يومها.
-فداء: مع أني لم أكن حاضرة لكن لن أجادلك... تابع أخي.
-على كل حال... مع أن احتمالية كون ما جرى مجرد صدفة ضعيف جدا، إلا أنه وارد على كل حال. قالت أمي أنها طلبت من فداء التأكد من انطفاء شعلة البخور... فداء هل فعلت؟
-فداء: أجل وكانت لا تزال مشتعلة فطلبت من الشهد التأكد منها قبل أن تخلد الى لنوم.
-جود: وأنت يا شهد، هل تأكدت منها؟
-شهد: لا، لم أفعل.
-فداء: ولم لا... ألم أطلب منك فعل ذلك...ألا تشعرين بالمسئولية.
-شهد: لأني لا أهتم... أخي إن كان ما حصل مفتعل، فأنا خارج الموضوع... سأذهب الى غرفتي.
-فداء: لا أصدق... أنت بهذا تتهمينني.
-شهد: ليس بعيد عنك.
-فداء: ليس بعيد عني!! هل تعتقدين أنني لا أملك قلبا... كيف لي أن أضر الصغار... أتظنين أن قتل روح أمر سهل!
-شهد: يقتلني تظاهرك بالبراءة. ألم تقتلي طفلا من قبل!
أثار ما قالته شهد غضب جود و فداء فوقف جود ممسكا بذراع شهد بشدة وصرخ قائلا: ما الذي تقولينه... كيف تتهمين فداء بذلك! أي طفل هذا الذي قتلته!
دفعت شهد جود بعيدا واتجهت الى غرفتها وهي تقول: أنت وأمك... قتلتم طفولتي... دمرتم سعادتي مع أسرتي التي أحبها... ليس صعبا عليكم إزهاق روح إن كنتم أزهقتم أمله.
دخلت شهد غرفتها ودموع فداء منهمرة مما سمعته وقد سمعت بأذنها مقدار الكره الذي تكنه شهد لها و لأمها.
-جود: هل يعقل أنها تجاهلت تفقد عود البخور عمدا لتتهمك!
-فداء: لا يا جود لا تقل ذلك... ربما شهد تكرهنا لكنها لن تقتل أحدا... ربما هذا مجرد حادث.
-جود: وماذا عن التطابق في الأحداث؟ هاذا ليس الحادث الأول... لقد تكرر حدوث هذه القصص في منزلنا... قصص أنا قصصتها لكم، تحصل بتطابق تام.
-هل تعتقد أنها حمقاء لتلفت الانتباه لنفسها إن كانت هي الفاعلة!
-لا، إلا إذا خططت لاتهامك أو اتهام أمي.
-جود، شهد لا تفعل ذلك... أنا أعلم كم تحبها كيف لك أن تتهمها!
-هل تعتقدين أنني سعيد بذلك! قلبي يكاد ينفطر... حين رحل أبي أخبرني أنها عادت لتشعر بالحب و السعادة بيننا... لقد قال أنه رآها تبكي. صدقته حينها لأنني أردت أن أرى شهد على طبيعتها الجميلة التي حدثني عنها أبي.
-هي كذلك... لكنها تحاول إخفاء الأمر.
-لا، أظن أنها لاتزال باردة المشاعر لا قلب لديها... أظن أن ما رآه أبي مجرد وهم... ربما بسبب اشتداد المرض واقتراب أجله، صور له الحلم السعيد الذي تمنى العيش فيه.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: روايتي الاولى - ليست كسندريلا - تابع لمسابقة الراوية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تابع ....حول الجدلية في الشعر. عبدالله علي باسودان منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 5 10-09-2015 06:11 PM
لِأنكِ روايتي أنا !! حسام الدين بهي الدين ريشو منبر البوح الهادئ 12 08-15-2015 11:32 PM
عيد المطر(تابع) بوشعيب الدكالي منبر البوح الهادئ 7 03-09-2015 12:00 AM
قصيدتا الآسرة (الرائية والدالية) + إلقائي لهما محمد حمدي غانم منبر الشعر العمودي 3 12-26-2011 10:18 AM

الساعة الآن 01:16 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.