احصائيات

الردود
9

المشاهدات
16234
 
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


د. زياد الحكيم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
380

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Jul 2008

الاقامة
لندن - بريطانيا - عضو اتحاد الصحفيين البريطانيين

رقم العضوية
5315
04-16-2014, 03:07 PM
المشاركة 1
04-16-2014, 03:07 PM
المشاركة 1
افتراضي سر امرأة ماتت - قصة قصيرة للكاتب غي دو موباسان – ترجمة د. زياد الحكيم


ماتت المرأة دون الم وبهدوء كما يجب ان تموت اي امرأة عاشت حياتها دون ان ترتكب ما تلام عليه. وكانت الان في سريرها، مستلقية على ظهرها، مغمضة العينين، باساريرها الهادئة، وشعرها الابيض الطويل وقد صف بعناية كما لو انها اهتمت به قبل عشر دقائق من وفاتها. وكانت ملامحها من الصفاء بحيث يشعر الناظر اليها بان روحا حلوة عاشت في ذلك البدن حياة هادئة نقية وبان الموت قد وافاها سهلا نقيا.

وجثا الى جانب السرير ابنها، وهو قاض ذو مبادئ صارمة، وابنتها مارغريت المعروفة باسم الاخت يولالي. وكانا ينتحبان كما لو ان قلبيهما قد انفطرا. فقد كانت الام قد سلحتهما منذ الطفولة بمبادىء اخلاقية صارمة، ولقنتهما التعاليم الدينية التي لا تعرف الضعف وعلمتهما الاحساس بالمسؤولية الذي لا يعرف اللين. واصبح الرجل قاضيا وتعامل مع القانون كسلاح ضرب به الضعفاء دون ان تأخذه بهم شفقة. واصبحت البنت التي تأثرت تأثرا كبيرا بالفضيلة التي احاطت بحياة هذه الاسرة المتقشفة عروسا للكنيسة من خلال ازدرائها للانسان.

ولم يكونا قد عرفا والدهما. ولكن كانا يعرفان انه جعل حياة امهما بمنتهى التعاسة، دون ان يعرفا ايا من التفاصيل.

كانت الراهبة تقبل يد امها بعنف، وكانت يدا بلون العاج الابيض الذي صنع منه الصليب القريب من السرير. وعلى الجانب الاخر من السرير كانت اليد الاخرى لاتزال ممسكة بالملاءة كما كانت عندما قبضت الروح. وكانت الملاءة لاتزال تحتفط بتجاعيد صغيرة كذكرى لتلك الحركات الاخيرة التي تسبق الهدوء الابدي.

نقرات خافتة قليلة على الباب جعلت الاخوين الباكيين يرفعان رأسيهما. فقد عاد الكاهن من العشاء. وكان محمر الوجه ويلهث. فقد صنع لنفسه مزيجا من القهوة والبراندي ليقاوم الارهاق الذي كابده في الليالي القليلة الماضية.

كان يبدو عليه الحزن، الحزن المؤكد الذي يشعر به الكاهن ازاء الموت الذي يمده باسباب العيش. ورسم اشارة الصليب واقترب بهيئته المهنية قائلا: يا ولدي المسكينين! جئت لاساعدكما في هذه الساعات الاخيرة الحزينة. ولكن الاخت يولالي نهضت على حين فجأة قائلة: شكرا لك يا ابتي، ولكني واخي نفضل ان نبقى وحدنا معها. فهذه فرصتنا الاخيرة لرؤيتها. ونريد ان نبقى معا نحن الثلاثة كما كنا في الصغر.

ولم تتمكن من مواصلة كلامها فقد غالبها الحزن والدموع.

ودون جلبة انحنى الكاهن قائلا: كما تريدان يا ولدي. جثا على ركبتيه، ورسم اشارة الصليب، وصلى، ونهض، وخرج بهدوء متمتما: لقد كانت قديسة.

وظل الثلاثة وحدهم: المرأة المسجاة وابنها وبنتها. وكانت دقات الساعة المخبأة في الظل تسمع بوضوح. وفاحت من خلال النافذة المفتوحة رائحة القش والاشجار. ودخل ضوء القمر. ولم يكن يسمع اي ضجيج اخر سوى نقيق ضفدع او صيحة حشرة بين وقت واخر. وبدا ان سلاما غير محدود وحزنا سماويا كانا يحيطان بالمرأة المسجاة، وكأن هذا السلام قد تنفسته استرضاء للطبيعة نفسها.

وانتحب القاضي الذي مازال جاثيا على ركبتيه، وقد دفن وجهه في ملاءات السرير، نحيبا خنقه الحزن: ماما، ماما، ماما. وانطلقت من اخته أنات وهي تنتفض وترتجف وتضرب رأسها بخشب السرير: ايها المسيح. ماما. ماما. ايها المسيح. وقد اخذت كلا منهما عاصفة من الحزن، وهما يلهثان وينتحبان.

وهدأت الازمة شيئا فشيئا. وراحا ينتحبان بهدوء يشبه تماما هدوء البحر عندما يحل فيه السكون بعد عاصفة.

ومر وقت طويل، ونهضا وراحا ينظران الى المرأة المسجاة. واستحضرا ذكريات الماضي الجميل التي تبعث على الحزن اليوم، بكل تفاصيلها الصغيرة المنسية التي تجعل الحياة تدب من جديد في المرأة التي قضت. وذكر الواحد منهما الاخر بمناسبات وكلمات وابتسامات، وتذكرا صوت امهما التي لم تعد قادرة على ان تتكلم اليهما. ورأياها مرة اخرى وهي سعيدة ومطمئنة. وتذكرا اشياء كانت قد قالتها، وتذكرا حركة يدها وهي تؤكد على اي شيء مهم.

وشعرا بحب لها كما لم يشعرا من قبل. وشعرا بعمق لوعتهما. وتبين لهما مقدار الوحدة التي سيعيشانها.

لقد فقدا بفقد امهما من يدعمهما ويرشدهما. وفقدا اجمل مرحلة من مراحل شبابهما. فقد كانت امهما تربطهما بالحياة، وبالاجداد. لقد اصبحا اليوم وحيدين، وانقطعت صلتهما بالماضي.

قالت الراهبة لاخيها: اتذكر كيف كانت ماما تقرأ دائما رسائلها القديمة؟ وهذه الرسائل كلها موجودة في ذلك الدرج. لنقرأها معا. لنعش حياتها هذه الليلة بالقرب منها.

واخرجا من الدرج نحو عشر رزم من الرسائل، وقد جمع بعضها الى بعض بعناية، ورتبت الواحدة الى جانب اخرى. والقيا هذه الرسائل على السرير واختارا واحدة منها كتب عليها كلمة بابا. وفتحاها وراحا يقرآنها.

كانت واحدة من تلك الرسائل العتيقة الطراز يعثر عليها المرء في ادراج الاسر القديمة، وتفوح منها رائحة قرن مضى. وبدأت رسالة منها بعبارة: عزيزي. وبدأت اخرى بعبارة حبيبتي الصغيرة الجميلة. وبدأت رسائل اخرى بعبارات من مثل: بني العزيز. وفجأة راحت الراهبة تقرأ بصوت مسموع رسائل عن تاريخ المرأة المسجاة وعن ذكرياتها. وكان القاضي يستمع وقد اسند مرفقيه على السرير وراح يحدق الى امه التي كانت تبدو السعادة على ملامحها.

توقفت الراهبة عن القراءة وقالت: هذه الرسائل يجب ان تدفن معها. وتناولت رزمة اخرى من الرسائل لم يكتب عليها اي اسم. وراحت تقرأ بصوت قوي: ايتها الحبيبة انني اعشقك بجنون. وانا منذ امس اتعذب عذابا شديدا، وتطاردني الذكرى. اشعر بشفتيك على شفتي. انا احبك. انا احبك. لقد دفعتني الى الجنون. افتح لك ذراعي. وتدفعني رغبة مجنونة لان اضمك الى صدري. . .

واعتدل القاضي في جلسته. وتوقفت الراهبة عن القراءة. واختطف الرسالة من بين يديها ونظر الى التوقيع. لم يكن ثمة توقيع. ولكن كتب مكانه: الرجل الذي يعشقك هنري. وكان اسم ابيهما رينيه. ولذلك فالرسالة لم تكن منه. وبعثر القاضي الرسائل واختار واحدة منها وقرأ: لم يعد في مقدوري ان اعيش دون لمساتك. ونظر الى المرأة المسجاة. ونظرت الراهبة التي وقفت كالتمثال الى اخيها وتعلقت دمعات باجفانها. وانتظرت. وسار في الغرفة بهدوء وتوجه الى النافذة. ونظر الى بعيد في عتمة الليل.

وعندما التفت كانت الراهبة وقد جفت عيناها الان واقفة بالقرب من السرير تنظر الى الارض.

وتقدم وتناول الرسائل واعادها الى الدرج. ثم اسدل الستار حول السرير.

وعندما طلع النهار جاعلا ضوء الشموع على الطاولة شاحبا غادر كرسيه دون ان ينظر مرة اخرى الى الام بعد ان اصدر حكما عليها قطع به الروابط بينها وبين ابنها وبنتها. قال بهدوء: دعينا نذهب لنستريح الان يا اختاه.


zedhakim@yahoo.co.uk


قديم 04-16-2014, 11:26 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اتصور التعرف على الكاتب يساعد في استيعاب ما يرمي اليه وللأسف النص العربي من سيرته الذاتيه لا تقول القصة كاملة حيث يبدو ان والدته انفصلت عن زوجها وهو في سن الحادية عشرة ثم ارسل الى مدرسة تتبع الدير ويبدو ان حياته كانت مليئة بالمعاناة الى حد انه أصيب بالجنون :

*غي دو موباسان
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

موباسان _ روائي فرنسي

غي دو موباسان (Guy de Maupassant) (1850- 1893)
كاتب وروائي فرنسي وأحد آباء القصة القصيرة الحديثة. وكان عضوا في ندوة إميل زولا.
ولد موباسان بقصر ميرونمسنل بنورمانديا، وكان له أب من سلالة أرستقراطية تدهورت إلى مباءة الافلاس وكان أبوه اباحيا يخالط سامي النساء ودانيهن. أما أمه من سلالة من العامة سمت إلى الخلق الفني وكانت ترثى دوما ذكرى أخيها الشاعر وتطمح في أن ينشأ ابنها كرجل سوي.
درس موباسان القانون، والتحق بالجيش الفرنسي ثم عمل ككاتب في البحرية. وقابل جوستاف فلوبير عن طريق صلات أسرته ليصبح فيما بعد تلميذه المخلص، وقد قدم فلوبير لتلميذه نظرية للنجاح الأدبي تتكون من ثلاثة أجزاء*: لاحظ، لاحظ، ثم لاحظ.
من أشهر قصصه*: "كرة الشحم"، "بيير وجان" ومن أهم قصصه القصيرة: " العقد"، "الآنسة فيفي".
و قد كان يقول*: " ان هناك من الحقائق ما يساوي الناس عداً.فكل منا يكون لنفسه صورة خادعة عن العالم. وهو خداع شعري أو عاطفي أو بهيج أو مقبض أو قذر أو كئيب حسبما تكون طبيعته.. كخداع الجمال وهو تقليد إنساني.. وخداع الدمامة وهو فكرة متغيرة.. وخداع النذالة الذي يستهوي الكثيرين. وكبار الفنانين هم أولئك الذين يستطيعون حمل الإنسانية على قبول انخداعاتهم الخاصة"
كان موباسان الرسام الأكبر للعبوس البشري ودوما ما كان يصاب بصداع وكان يتلوى ساعات من الألم حتى أصيب بالجنون سنة 1891 ومات في إحدى المصحات. مهم) الأنموذج الكامل للقصة القصيرة الحلية (غي دو موباسان))
الحلية قصة قصيرة. وقد اجتمعت آراء النقاد في العالم علي أن هذه القصة هي الأنموذج الكامل للقصة القصيرة ذات النهاية المفاجئة، التي تتوافر فيها العناصر الأساسية للقصة القصيرة*: الشخوص، والمكان والزمان، والمسوغات المنطقية للأحداث، والنهاية، كما تتوافر فيها عناصر أخرى مثل*: التشويق، والمصادفة المعقولة، والتصوير الدرامي، والتدرج لبلوغ النهاية.
*

قديم 04-17-2014, 07:59 PM
المشاركة 3
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في ما يلي مقالة لي نشرت في لندن عام 1990 عن غي دو موباسان يمكن ان تلقي مزيدا من الضوء على فن الكاتب الفرنسي الشهير.


انتهت فترة تلمذة موباسان Guy de Maupassant على يدي الكاتب الشهير غوستاف فلوبير بنشر قصة (كتلة الشحم) التي قال عنها فلوبير انها دليل على دخول استاذ جديد ميدان القصة القصيرة. وكانت وفاة فلوبير في ذلك العام بمثابة حافز قوي لموباسان ان يعمل كل ما في وسعه من اجل ان يكون كاتبا كبيرا تقديرا منه لما تلقاه من استاذه وصديقه من رعاية وتوجيه. فراح يعمل بجد واجتهاد وكأنه يعلم انه كان في سباق مع الزمن وان القدر لم يكن ليمهله اكثر من ثلاثة عشر عاما اخرى. وحقق نجاحا باهرا في اوساط القراء والنقاد على السواء نظرا لدقة ملاحظته. وهذا ما تعلمه من فلوبير الذي اكد ان على الفنان ان يطيل التأمل في موضوعه الى ان يكتشف فيه تلك الخاصية الفريدة التي تميزه عن غيره من الموضوعات المماثلة. وعلى الفنان بعد ذلك ان يصف تلك الخاصية بلغة دقيقة. والحق ان موباسان لم يكن من الموهبة بحيث بجاري استاذه في دقة التعبير، ولكنه كان قادرا على النفاذ الى اعماق موضوعاته بفضل دقة ملاحظته بشكل لا يجاريه فيه الا عدد قليل من الكتاب.

ولد موباسان (1850-1893) في اقليم نورماندي بفرنسا. وكان ابوه رساما، وكانت امه تتمتع بذكاء وارادة قوية. وكانت واخوها صديقين حميمين لغوستاف فلوبير الذي قام بدور مهم في تطور موباسان الادبي والفلسفي في المراحل الاولى.

وادت الخلافات بين الابوين الى انفصالهما عندما كان الصبي في الحادية عشرة من عمره. وتولت الام رعايته ورعاية اخيه. وبعد سنتين من ذلك ارسل موباسان الى مدرسة داخلية في مدينة روين، وهناك امضى ثلاث سنوات. ثم طرد من المدرسة ونقل الى مدرسة حكومية في المدينة نفسها. وهنا التقى احد اصدقاء فلوبير الشاعر لوي بوييه الذي كان لتوجيهاته اثر بالغ في تطور الكاتب.

وهكذا امضى موباسان مرحلة طفولته وشبابه كلها في نورماندي وهو الاقليم الذي غدا فيما بعد البيئة التي تتحرك فيها شخصيات قصصه ورواياته.

وبعد تخرجه في المدرسة التحق بالجيش وقاتل في الحرب الفرنسية البروسية. وكان لهذه الخبرة اثرها العميق في اعماله الادبية فيما بعد. كما كان للاعوام العشرة التي قضاها موظفا حكوميا في باريس عندما تدهورت احوال اسرته المعاشية وتعين عليه ان يكسب قوته بنفسه. وهذه الخبرات الصعبة لم تستطع ان تنال من عزيمته وتصميمه على ان يصبح كاتبا. بل على العكس، كان لهذه الخبرات اثر كبير في تعزيز ارادته في ان يتحرر من اعباء البيروقراطية وان يصبح كاتبا مستقلا. ووافق على ان يتتلمذ على يدي فلوبير بشكل لم يسبق له مثيل في الادب الفرنسي. وذكر عدد من الكتاب الذين كتبوا سيرة موباسان ان كاتبنا كان ابنا غير شرعي لفلوبير، ولكنهم لم يقدموا دليلا مقبولا واحدا على صحة زعمهم. كان من عادة فلوبير ان يدعو موباسان الى شقته في باريس ويعطيه دروسا في الاسلوب والكتابة ويصحح ما كان يكتبه الكاتب الشاب. وقد قدمه لعدد من كبار الكتاب في ذلك العصر ومنهم اميل زولا وايفان تروجينيف وادمون دو غونكور وهنري جيمس. وقال فلوبير مرة: ان موباسان تلميذي وانا احبه كما لو كان ابني. لقد كان فلوبير مثالا ادبيا حرص موباسان على الاقتداء به، وكان ايضا ابا روحيا لموباسان الذي عاش سنوات حياته الاولى في اسرة مفككة. ولذلك كان لوفاة فلوبير اثر الصدمة على موباسان كتلميذ وكابن.

واتلف موباسان كل ما كتبه تقريبا الى ان شعر بانه غدا كاتبا متقنا استخدام ادواته. وفي ابريل 1880، وذلك قبل شهر من وفاة فلوبير، اشترك مع خمسة من الكتاب الاخرين برئاسة اميل زولا في نشر مجموعة قصص قصيرة ساهم كل واحد منهم بقصة. وكان القصة التي ساهم موباسان بها بعنوان (كتلة الشحم). ولم تكن القصة افضل قصة في المجموعة فحسب، ولكنها قد تكون افضل قصة قصيرة ألفها موباسان. ومع ان طريقة العرض والبناء والاسلوب في القصة مستوحاة من فلوبير الا ان موباسان لم يكن مقلدا لاستاذه. صحيح انه تعلم من فلوبير، ولكنه وظف ما تعلمه في الوصول بالقصة القصيرة الى ما يشبه الكمال. ومنذ ذلك الحين صنف موباسان على انه من اتباع المذهب الطبيعي بالرغم من استقلاله.

واعقب ذلك نشاط محموم دام حوالي عشرة اعوام كتب خلالها ثلاثمئة قصة قصيرة وست روايات وعدة مسرحيات وديوانا من الشعر وما يقارب ثلاثمئة مقالة في مختلف الصحف والمجلات.

ولم يكن موباسان كاتبا مبدعا حققت له كتبه دخلا ممتاز فحسب، ولكنه كان من كبار رجال الاعمال، ويقدر دخله السنوي بما يعادل مئة الف جنيه استرليني في ايامنا هذه، في حين لم تكن ضريبة الدخل معروفة او مطبقة.

وفي الوقت ا لذي توالت فيه اعمال موباسان بالصدور وتوالت انتصاراته على الساحة الادبية الفرنسية اخذت صحته بالتدهور تدريجيا. كان موباسان مصرا على عدم الزواج شأن استاذه فلوبير، ولكنه كان مسرفا في علاقاته النسائية، واصيب بمرض الزهري في سن مبكرة. وكان المرض قد استفحل عندما بدأ اسم موباسان يسطع في سماء الادب الفرنسي. وكانت وفاة اخيه في مشفى الامراض العقلية عام 1889 بمثابة التحذير له بان نهايته قد لا تكون بفعل الشيخوخة. وحاول الانتحار مرتين تجنبا للذهاب الى مشفى الامراض العقلية. ولكنه دخل المشفى في يناير 1892 وتوفي هناك بعد ثمانية عشر شهرا.

تمثل القصص القصيرة الثماني التي نشرت في مجموعة موباسان الاولى بعنون (بيت تلييه) الموضوعات التي تناولها الكاتب ووسعها مرة بعد مرة. تبحث قصة "والد سيمون"وقصة "الاسرة" في موضوع نجده يتكرر في قصص كثيرة وهو موضوع اهمال الاب اوضاع اسرته وابنائه. وفي قصة "على الماء" نقرأ وصفا للجوانب الغامضة والخارقة للطبيعة. وتقدم قصة "حفلة الشمبانيا" مثالا للقصص التي تبحث في العادات والاخلاق الاجتماعية والموضوع الرئسي فيها هو الحب. وفي قصة "زوجة بول" نجد مثالا للقصص التي نقرأ فيها عن الانحراف بشكل او بآخر. اما "قصة فتاة ريفية" فهي تمثل قصص الفلاحين في اقليم نورماندي.

واثبت موباسان انه قادر على تأليف الروايات ايضا. كانت روايته الاولى بعنوان (حياة) 1883. وقال عنها تولستوي انها قد تكون افضل رواية فرنسية بعد رواية (البؤساء) لفيكتور هيغو. وهذه الرواية دراسة لتحرر امرأة ساذجة من كل الاوهام. وروايته الثانية بعنوان (بيلامي) 1885، وهي هجوم مرير على قطاعات مختلفة من مجتمع فاسد وخاصة قطاع السياسة وقطاع الصحافة. اما روايته الثالثة فهي بعنوان (بيير وجان) ويعتبرها النقاد افضل ما سجله موباسان من روايات لما فيها من دراسة نفسية متعمقة ولما انجزه موباسان فيها من كمال الشكل الروائي. وهو ما يميز افضل قصصه القصيرة. وتتصدر هذه الرواية مقالة تعتبر وثيقة مهمة عن فن الرواية.

المرأة في قصص موباسان هي التي تأخذ بزمام المبادرة. لقد كان موباسان مقتنعا ان الاخلاق التقليدية قائمة على اضطهاد المرأة وتمجيد الرجل. وهذا هو اساس الصراع الاجتماعي الذي يسفر عن التحدي الشجاع الذي تقوم به المرأة وهو التحدي الذي اراد موباسان ان يصوره في اعماله.

ويصور موباسان ظروف المرأة المتزوجة التي اخفقت في زواجها ولم يساعدها زوجها في تحقيق المثل العليا التي طمحت ان تجدها في مؤسسة الزواج. ويصور الزوج بطريقة لا يجد فيها القارىء مجالا للتعاطف معه فالثقة بالزوجة ليست فضيلة اذا كان اساسها غرور الزوج.

ومعظم شخصيات موباسان فلاحون نورمانديون، وبيروقراطيون باريسيون، وجنود وبحارة. وهو لا يفضل نهاية بعينها لقصصه. ولكنه يختار النهاية التي يفرضها الواقع المرسوم في القصة. ذلك ان هدفه الاول من كتابة القصة هو تقديم صورة واضحة المعالم لما رآه بعينيه.

قديم 04-18-2014, 02:51 AM
المشاركة 4
فاتحة الخير
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله


قرأت القصة مرات، ووقفت حائرة أمام الحكم الذي سأصدره على المراة المسجاة على سريرها
نظرت إليها ووجدت الهدوء على وجهها والسكينة، راحة نفسية تظهر على أنها كانت تنتظر الموت بحب حتى الملاءة احتفظت بتجاعيد صغيرة مما يظهر انها لم تعاني كثيرا عند خروج الروح عنها.
موت رحيم طاف بها وأخذها من بين احبائها، هادئة راضية.
لكن القصة أخذت منحى آخر، وهي فتح دولاب الاسرار الذي جعل المعايير تتغير والمعادلات تتداخل فيما بينها، اسرار كسرت تمثال الفضيلة وحولته لشظايا، أغلقت أبواب العواطف لتفتح بوابات الخزي والعار، ضاربة عرض الحائط كل جميل عاشه ابنيها وعرفاه معها، رميا بعيدا كل تعب تعبته من أجلهما، نسيا ان تلك المسجاة هي من حضنتهما واحتضنتهما في غياب أب لم يعرفاه قط، ربتهما على فضائل وأوصلتهما لمراتب دنيوية ودينية جيدة، ومع ذلك أصدر القاضي عليها حكما رغم غياب المدعى عليه وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه
ورغم وجود دلائل يمكن الضرب في قوتها،فالرسائل وهي دليل قاطع على وجود رجل في حياة امهما، لكن القاضي والراهبة لم يتأكدا إن كانت تلك الرسائل قبل أم بعد الزواج من ابيهما، وحتى لو فرضنا أنها كانت على علاقة برجل آخر، هذا الرجل يظهر من خلال رسائله أنه يتوسل منها العودة، وهي طبعا ترفض هذا الحب او ترفض تلك النزوة أو الخطيئة التي أقدمت عليها يومأ، أقدمت عليها لأنها امرأة عانت من فراغ عاطفي بعد غياب الأب وهروبه من مسؤوليته اتجاه ابنائه، لحظة ضعف مرت بها في حياتها وحاولت التكفير عنها بتربية ابنيها التربية الصالحة وتعليمهما المبادئ التي جعلت منهما فاعلين في المجتمع.
ومع ذلك، بضع سطور فقط، كانت كفيلة أن تجفف الدمع من المآقي، بل وتحجر القلب وتغير النظرة لأعز إنسان كان لديهما.
فأصبح نكرة بسبب سطور كتبت في زمن مضى، دون معرفة الدوافع ودون الأخذ بالقرائن ودون سماع شهود ودون قبول التوبة
وهذا يحيلني للقول ورغم أن هذه مجرد قصة خيالية أو ربما هي قصة واقعية وقد تكون حدثت للكاتب نفسه، إلا أنني أرى فيها أنانية الإنسان الذي ينسى بسرعة المعروف الذي حضي به من إنسان ما، ينساه تحت تأثير تقلبات ظرفية أو معلومات خارجية، فيرمي المعروف على طول يديه
وكأنني أمام موضوع الاستاذ صابر حول صناعة المعروف بين الناس

رغم أن النهاية كانت شيئا ما غريبة، بالمقارنة مع التأثيث الذي قبلها، من نحيب الابنين وكذا شكل المرأة الهادئ عند الموت، إلا أن السر الذي فجر في النهاية كان بمثابة الموت الحقيقي للمرأة الام، يعني أن القصة تحكي قصة امراة ماتت مرتين، مرة عندما أسلمت الروح راضية ومرة عندما سقطت ورقة التوت عن ذكرياتها التي اعتبرها الابنين صدمة وإهانة لهما وكأن تلك الأم لا تستحق الحزن لما يحمله ماضيها من تشوهات، فكان الموت الثاني الأكثر إيلاما للمرأة والأكثر قوة وشدة وهوالسقوط من عين ابنيها اللذين كانا بقدر الحب الذي يحبانها كان التقدير والاحترام، لهذا أرى أن اختيار العنوان كان موفقا جدا، رغم أنه يبدو للوهلة الأولى عنوانا عاديا لهكذا أحداث.


شكرا على القصة مع تحياتي

قديم 04-26-2014, 05:06 PM
المشاركة 5
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذة فاتحة الخير: شكرا جزيلا لمساهمتك في دراسة هذه القصة.

السر الذي فجر في النهاية كان بمثابة الموت الحقيقي للمرأة الام، يعني أن القصة تحكي قصة امراة ماتت مرتين، مرة عندما أسلمت الروح راضية ومرة عندما سقطت ورقة التوت عن ذكرياتها التي اعتبرها الابنين صدمة وإهانة لهما وكأن تلك الأم لا تستحق الحزن لما يحمله ماضيها من تشوهات، فكان الموت الثاني الأكثر إيلاما للمرأة والأكثر قوة وشدة.

هذا تحليل جميل: الام ماتت مرتين: مرة عندما اسلمت الروح ومرة عندما اكتشف ابناها سرها وفقدا – ربما – احترامهما وحبهما لها. في حوالي الف واربعمئة كلمة يصور لنا موباسان عالما انسانيا متكاملا: فيه عناصر انسانية تتداخل فيما بينها من مثل الحياة والموت والاسرة والحب بين الام والابناء والقيم الاخلاقية العالية... وهذا كله يشكل الاساس الذي يبنيه الكاتب ليعد القارىء للمفاجأة الكبيرة التي تشبه الصدمة الناجمة عن اكتشاف العلاقة الغرامية في حياة المرأة التي وصفها الكاهن بانها كانت قديسة. الابن الذي يعمل قاضيا يؤثر ان ينظر بعيدا في الليل المعتم على ان ينظر الى امه المسجاة بعد اكتشاف السر. بل هو يغادر الغرفة دون ان ينظر الى الام. هنا نلاحط الفرق في موقفه من الام بين بداية القصة ونهايتها. وموقفه هذا يختلف عن موقف اخته الراهبة: فهي لا تذهب بعيدا عن الجثمان. ولا تقول الا القليل من الكلام. وهذه دراسة من جانب موباسان للفرق بين موقف الرجل وموقف المرأة في حالة الصدمة الشديدة.

وتتحدث القصة ايضا عن الاسرار في حياة البشر بشكل عام: يظن الواحد منا انه يعرف كل كبيرة وصغيرة عن حياة شخص قريب آخر – كما في حالة الام وابنها وابنتها هنا – ثم يكتشف ان ثمة اسرارا كبيرة لا يعرف عنها شيئا. وموباسان استاذ في فن القصة القصيرة: فهو يتحدث عن عواطف انسانية بالغة التعقيد في مساحة صغيرة: علاقة الام باولادها ثم موقفهما منها عندما يكتشفان سرا رهيبا من اسرارها. نلاحظ الفرق بين العالم الظاهر والعالم غير الظاهر في حياة كل واحد منا. ونلاحظ قسوة الابناء في التعامل مع الابوين: ان بامكانهم ان ينسوا كل شيء في لحظة واحدة: وكما تقولين:

بضع سطور فقط، كانت كفيلة أن تجفف الدمع من المآقي، بل وتحجر القلب وتغير النظرة لأعز إنسان كان لديهما فأصبح نكرة بسبب سطور كتبت في زمن مضى، دون معرفة الدوافع ودون الأخذ بالقرائن ودون سماع شهود ودون قبول التوبة.

لا شك ان كتاب القصة القصيرة يستطيعون ان يتعلموا الكثير من موباسان وامثاله.

قديم 04-27-2014, 07:08 PM
المشاركة 6
فاتحة الخير
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله


شكرا لك دكتور زياد، فعلا هكذا قصص تجعل المهتمين والمحبين وعشاق كتابة القصص وخاصة النمط القصير، يتعلمون الشيء الكثير مثل طريقة الكتابة، كيفية اختيار المواقف التي تولد الصدمة حبكة القفلة التي ربما تكون مغايرة تماما عن محتوى القصة في البداية.
وأظن أن هذه القصة حسب تصوري تطرح إشكالية: وهي هل نبكي الحبيب لأننا فقدناه ولن يعود موجودا، أم نبكيه لأنه تركنا لوحدنا نواجه الدنيا وحيدين
هل نبكي الشخص العزيز لانه كان نبراسا في الاخلاق والتعامل والمحبة التي يحس بها اتجاهنا، ولم يترك وراءه اسرارا تؤذينا فيما بعد إذا عرفها الآخر أو حتى تؤذي مشاعرنا وتغير نظرتنا إليه
أم نبكيه لأنه بغض النظر عن شخصيته ومعاملته حتى لو كان فضا غليظ القلب، او اقترف اخطاء بشرية ممكن لأي أحد أن يصاب بها ويضعف امامها.
فلو مات أبي وكان قاسيا هل معنى هذا أنني لن أبكيه وساقول الحمد لله أن اراحني الله منه، أم أنني أبكيه لأنه والدي رباني صغيرة واحبني حتى لو تغير معي لظروف ما، ابكيه لأنني لن أراه مرة أخرى لأن الموت هو الفراق الأبدي الذي لا رجعة فيه.
في هذه القصة طرحت هذه الإشكالية نفسها بحدة، كيف أن سر كان في حياة الأم في الماضي قلب كل شيء، فتحولت المحبة لنظرات ازدراء وسخط على الأم وسرها

قديم 04-28-2014, 03:27 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحباً

ما يميز هذه القصة في نظري ما يلي:
- واضح ان القاص اهتم برسم شخصيات القصة بعناية فائقة فهو مثلا جعل الابن قاضي والابنة راهبة لغرض التحول الدرامي المزلزل الذي يلاحظه المتلقي في نهاية القصة . فعلى الرغم انه كان من المفروض ان يكونا اكثر الناس تفهما تجاه الام لكنا نجد ان موقفهما تبدل تبدلا كاملا على اثر اكتشاف الرسائل ودخول الشك الى قلبيهما انها لم تكن تلك القديسة وربما انهما كانا ابناء زنى .

- حتما النهاية غير متوقعه وتمكن الكاتب من جعل النهاية درامية مزلزلة فقد جعلنا نشك مثلا ان الراهب ربما يكون الاب ولكننا نكتشف ان الرسائل تحمل اسم شخص ار ولكن القصة تنتهي من دون ان نعرف من هو الاب.

- ربما ان فكرة القصة تعالج موقف الناس من موضوع الفضيلة . فقد تغير موقف الأبناء من الام عندما اكتشفا انها كانت على علاقة غير شرعية .

- يلاحظ ان القاص يبدأ قصته بالحديث عن الموت وهو يعالج في النص ثيمة الموت بتفصيل وذلك ما منح النص قيمة عالية.

- لا شك ان القاص نجح في حشد عنصري التشويق والادهاش .



قديم 09-12-2014, 03:46 PM
المشاركة 8
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في ما يلي النص الانكليزي المعتمد في هذه الترجمة لعله يفيد المتابعين:

A Dead Woman's Secret

by Guy de Maupassant (1850-1893)

Word Count: 1411


The woman had died without pain, quietly, as a woman should whose life had been blameless. Now she was resting in her bed, lying on her back, her eyes closed, her features calm, her long white hair carefully arranged as though she had done it up ten minutes before dying. The whole pale countenance of the dead woman was so collected, so calm, so resigned that one could feel what a sweet soul had lived in that body, what a quiet existence this old soul had led, how easy and pure the death of this parent had been.

Kneeling beside the bed, her son, a magistrate with inflexible principles, and her daughter, Marguerite, known as Sister Eulalie, were weeping as though their hearts would break. She had, from childhood up, armed them with a strict moral code, teaching them religion, without weakness, and duty, without compromise. He, the man, had become a judge and handled the law as a weapon with which he smote the weak ones without pity. She, the girl, influenced by the virtue which had bathed her in this austere family, had become the bride of the Church through her loathing for man.

They had hardly known their father, knowing only that he had made their mother most unhappy, without being told any other details.

The nun was wildly-kissing the dead woman's hand, an ivory hand as white as the large crucifix lying across the bed. On the other side of the long body the other hand seemed still to be holding the sheet in the death grasp; and the sheet had preserved the little creases as a memory of those last movements which precede eternal immobility.

A few light taps on the door caused the two sobbing heads to look up, and the priest, who had just come from dinner, returned. He was red and out of breath from his interrupted digestion, for he had made himself a strong mixture of coffee and brandy in order to combat the fatigue of the last few nights and of the wake which was beginning.

He looked sad, with that assumed sadness of the priest for whom death is a bread winner. He crossed himself and approaching with his professional gesture: "Well, my poor children! I have come to help you pass these last sad hours." But Sister Eulalie suddenly arose. "Thank you, "father, but my brother and I prefer to remain alone with her. This is our last chance to see her, and we wish to be together, all three of us, as we--we--used to be when we were small and our poor mo--mother----"

Grief and tears stopped her; she could not continue.

Once more serene, the priest bowed, thinking of his bed. "As you wish, my children." He kneeled, crossed himself, prayed, arose and went out quietly, murmuring: "She was a saint!"

They remained alone, the dead woman and her children. The ticking of the clock, hidden in the shadow, could be heard distinctly, and through the open window drifted in the sweet smell of hay and of woods, together with the soft moonlight. No other noise could be heard over the land except the occasional croaking of the frog or the chirping of some belated insect. An infinite peace, a divine melancholy, a silent serenity surrounded this dead woman, seemed to be breathed out from her and to appease nature itself.

Then the judge, still kneeling, his head buried in the bed clothes, cried in a voice altered by grief and deadened by the sheets and blankets: "Mamma, mamma, mamma!" And his sister, frantically striking her forehead against the woodwork, convulsed, twitching and trembling as in an epileptic fit, moaned: "Jesus, Jesus, mamma, Jesus!" And both of them, shaken by a storm of grief, gasped and choked.

The crisis slowly calmed down and they began to weep quietly, just as on the sea when a calm follows a squall.

A rather long time passed and they arose and looked at their dead. And the memories, those distant memories, yesterday so dear, to-day so torturing, came to their minds with all the little forgotten details, those little intimate familiar details which bring back to life the one who has left. They recalled to each other circumstances, words, smiles, intonations of the mother who was no longer to speak to them. They saw her again happy and calm. They remembered things which she had said, and a little motion of the hand, like beating time, which she often used when emphasizing something important.

And they loved her as they never had loved her before. They measured the depth of their grief, and thus they discovered how lonely they would find themselves.

It was their prop, their guide, their whole youth, all the best part of their lives which was disappearing. It was their bond with life, their mother, their mamma, the connecting link with their forefathers which they would thenceforth miss. They now became solitary, lonely beings; they could no longer look back.

The nun said to her brother: "You remember how mamma used always to read her old letters; they are all there in that drawer. Let us, in turn, read them; let us live her whole life through tonight beside her! It would be like a road to the cross, like making the acquaintance of her mother, of our grandparents, whom we never knew, but whose letters are there and of whom she so often spoke, do you remember?"

Out of the drawer they took about ten little packages of yellow paper, tied with care and arranged one beside the other. They threw these relics on the bed and chose one of them on which the word "Father" was written. They opened and read it.

It was one of those old-fashioned letters which one finds in old family desk drawers, those epistles which smell of another century. The first one started: "My dear," another one: "My beautiful little girl," others: "My dear child," or: "My dear daughter." And suddenly the nun began to read aloud, to read over to the dead woman her whole history, all her tender memories. The judge, resting his elbow on the bed, was listening with his eyes fastened on his mother. The motionless body seemed happy.

Sister Eulalie, interrupting herself, said suddenly:

"These ought to be put in the grave with her; they ought to be used as a shroud and she ought to be buried in it." She took another package, on which no name was written. She began to read in a firm voice: "My adored one, I love you wildly. Since yesterday I have been suffering the tortures of the damned, haunted by our memory. I feel your lips against mine, your eyes in mine, your breast against mine. I love you, I love you! You have driven me mad. My arms open, I gasp, moved by a wild desire to hold you again. My whole soul and body cries out for you, wants you. I have kept in my mouth the taste of your kisses--"

The judge had straightened himself up. The nun stopped reading. He snatched the letter from her and looked for the signature. There was none, but only under the words, "The man who adores you," the name "Henry." Their father's name was Rene. Therefore this was not from him. The son then quickly rummaged through the package of letters, took one out and read: "I can no longer live without your caresses." Standing erect, severe as when sitting on the bench, he looked unmoved at the dead woman. The nun, straight as a statue, tears trembling in the corners of her eyes, was watching her brother, waiting. Then he crossed the room slowly, went to the window and stood there, gazing out into the dark night.

When he turned around again Sister Eulalie, her eyes dry now, was still standing near the bed, her head bent down.

He stepped forward, quickly picked up the letters and threw them pell-mell back into the drawer. Then he closed the curtains of the bed.

When daylight made the candles on the table turn pale the son slowly left his armchair, and without looking again at the mother upon whom he had passed sentence, severing the tie that united her to son and daughter, he said slowly: "Let us now retire, sister."

قديم 09-24-2014, 08:32 AM
المشاركة 9
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هذا الجانب الانساني عند الاباء و الامهات كثيرا ما ينسى الابناء وجوده و يحاولون ما امكنهم ان يأدوه الى الابد كما اقترحت الراهبة ( هذه الرسائل ينبغي ان تدفن معها)
الاولاد بالمجمل لا يرون الابوين الا من جهة واحدةو لا يتصورون انهم يمكن ان تكون لهم حياة خاصة و مشاعر خاصة و بناء على هذا ينصبون من انفسهم قضاة يصدرون احكاما هي في غاية الانانية
قصة مهمة جدا اشكرك من القلب ان ارشدتني لها و ان ترجمتها الى العربية لمن يود قراءتها
د. زياد الحكيم
صباحىالورد

قديم 02-15-2015, 12:53 AM
المشاركة 10
د. زياد الحكيم
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذة ريم بدر الدين - شكرا للمتابعة والمشاركة
حقا ان الكثيرين من الابناء والبنات يحكمون على الاباء والامهات بكثير من القسوة
والانانية. حتى عندما يكبر الاولاد ويتزوجون وينجبون نراهم يطلقون
احكاما جائرة على كل خطأ يرتكبه الاباء والامهات وكانهم يريدونهم ان يكونوا على درجة
كاملة من الطهر والاستقامة من وجهة نظر بالغة الضيق. هنا في هذه القصة الابن والبنت على درجة عالية
من النضج العمري والمهني. ولكن ذلك لا يقلل من قسوة حكمهما على الام.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: سر امرأة ماتت - قصة قصيرة للكاتب غي دو موباسان – ترجمة د. زياد الحكيم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصبار – قصة قصيرة للكاتب أو. هنري – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 2 01-11-2020 12:19 PM
العقد – للكاتب غي دو موباسان – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 10 08-06-2017 03:51 PM
المرآة – قصة قصيرة للكاتب انطون تشيخوف – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 3 11-03-2015 04:21 PM
الحرب - قصة قصيرة للكاتب لويجي بيرانديللو - ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 4 04-05-2015 02:48 AM
فرح - قصة قصيرة للكاتب انطون تشيخوف – ترجمة د. زياد الحكيم د. زياد الحكيم منبر الآداب العالمية. 16 08-25-2014 12:19 AM

الساعة الآن 11:22 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.