قديم 05-26-2012, 02:33 PM
المشاركة 681
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الكاتبة الجزائرية زهور ونيسي بين جسور الأدب والسياسة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الخير شوار
18/07/2008
قراءات: 2033



اختارت السيدة زهور ونيسي أن تحتفل ببلوغها سن السبعين بطريقتها الخاصة، لتصدر رواية بعنوان "جسر للبوح وآخر للحنين"، وهي التي قضت حياتها بين جسرين.. جسر الكتابة الأدبية، وجسر النضال والانخراط في السياسة.
ابنة مدينة الجسور (قسنطينة بالشرق الجزائري)، لم تقطع صلتها بجسر الكتابة الذي ظلت وفية لها، ليبقى جسرها الأساسي الذي تواصلت من خلاله مع الذين أجبوها وقرؤوا لها، وفي سن متقدمة وبعد رحلة شاقة من جسر إلى آخر جلست في لحظة تأمل طويلة كانت محصلتها رواية "جسر للبوح وآخر للحنين" الصادرة في الثلاثي الأول من هذه السنة عن منشورات زرياب في إطار تظاهرة "الجزائر عاصمة للثقافة العربية"، لكن تلك اللحظة أعادتها سنين طويلة إلى الوراء، إلى سن الطفولة حيث الجسور المعلقة، وقد بقيت هناك موزعة بين جسر للبوح بتفاصيل تلك الرحلة الشاقة، وآخر حنينا إلى تلك الطفولة التي لن تعود.
هذه السيدة التي تعتبر من الرائدات، فهي من أوائل نوّاب البرلمان الجزائري من الناس، وأول امرأة حاولت كتابة رواية من خلال عملها "يوميات مدرّسة حرة"، وأول وزيرة في تاريخ الجزائر المستقلة وربما في تاريخ الجزائر قديمه وحديثه، أثبتت وفاءها للكتابة، كهم أول مقدم على هم النضال السياسي الذي انخرطت فيه باكرا، وقد كانت الرحلة فعلا شاقة، وكانت زبدتها تلك الرواية التي تلخصها في أنها "رحلة إلى أغوار تاريخ مدينة، رمز لكل الوطن، برقمها المقدس سبعة في جسورها، وقصباتها، وأوليائها، وما يحمله كل ذلك وغيره من زخم* تراثي ،* وموروث شعبي".
لكن الرحلة لم تكن أدبية خالصة، بين كانت سياسية أيضا من خلال الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات وتأسيسها للمجلة التي كانت تصدر عن تلك المنظمة "الجزائرية"، التي ظلت في عهدها تصدر بانتظام وفي حلة جميلة، وكانت تطمح لأن تكون بالفعل "لسان حال المرأة الجزائرية"، ثم انتخابها نائبا في البرلمان سنة 1977، سنة بعد العمل بدستور1976 الذي أعاد الحياة النيابية التي غابت بعد انقلاب بومدين على بن بلة سنة 1965، ثم أول وزيرة في تاريخ الجزائر المستقلة، وحول تلك المحطة قالت السيدة زهور: "الأمر بدأ مع اقتراح الأخ الرئيس الشاذلي بن جديد، وكان ذلك مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، عملت كثيرا وناضلت بالكتابة وداخل الاتحاد النسائي أيام الحزب الواحد، ولم أكن أتصور يوما أن أكون وزيرة أو أي منصب من هذا القبيل، وعندما استدعاني الأخ بن جديد وعرض عليّ منصب كتابة الدولة للشؤون الاجتماعية، قبل أن تتحول إلى وزارة كنت متردّدة كثيرا وكدت أرفض، وعند إلحاح الرئيس وتمسكه باقتراحه، طلبت أن أمهل ساعات لأستشير الأسرة وفي الحقيقة استشرت زوجي الذي نصحني بأن لا أرفض، ففي الحقيقة أن الثورة هي التي كرّمتني بذلك المنصب وألا يجوز التأخر عن ذلك الأمر"، وحول تلك التجربة الفريدة قالت: "كانت تجربة رائعة جدا.. قضيت فيها أجمل سنوات عمري، ولأن المسؤولية كانت تكليفا وليس تشريفا، فأنا مقتنعة بأني عملت بكل جهدي وأعتقد بأني نجحت بامتياز بدليل أني فتحت المجال لنساء أخريات نجحن بدورهن في تسيير وزارات مهمة"، ورغم انخراط السيدة زهور في السياسة إلا أنها لم تقطع يوما صلتها بالكتابة الأدبية، وظلت تكتب وتنشر إلى الآن، وقبل رواية "جسر للبوح وآخر للحنين"، عرفت بالكثير من الكتب، "الرصيف النائم" وهي مجموعة قصصية صدرت بالقاهرة سنة 1967 بالقاهرة، "على الشاطئ الآخر" مجموعة قصصية صدرت سنة 1974 بالجزائر، "من يوميات مدرسة حرة" 1978 بالجزائر وهي أول رواية كتبها امرأة جزائرية، ثم "الظلال الممتدة" سنة 1982 وهي مجموعة قصصية، و "لونجة والغول" وهي ثاني رواية لها صدرت سنة 1994، ثم "عجائز القمر" 1996 وهي مجموعة قصصية ولها مجموعة قصصية أخرى بعنوان "روسيكادا" صدرت سنة 1999، ثم جمعت زبدة المقالات التي كتبتها في الأدب والسياسة والمجتمع في كتاب صدر سنة 1999 بعنوان "نقاط مضيئة".
والآن وقد تجاوزت السيدة زهور ونيسي سن السبعين، لم تتوقف عن الكتابة والتفكير في مشاريع الكتابة، فهي بصدد كتابة سيناريو يتناول مأساة الجزائريين الذين نفاهم الاستعمار الفرنسي إلى كاليدونيا الجديدة، ذلك السيناريو الذي اتفقت بشأنه مع المخرج الجزائري سعيد عولمي من اجل تحويله إلى مسلسل سيرى النور مستقبلا، وما زال في جعبتها مشروع مجموعة قصصية سترى النور قريبا.
وبعد عودة السيدة زهور إلى مدينتها الأول واستعادتها لتلك الطفولة التي كانت موزعة بين الجسور السبعة لتلك المدينة، بقيت زهور وفية للعبة الجسور تلك ومن بين الجسور يبدو أن جسر الكتابة هو الأقرب إلى وجدانها، ذلك الجسر الذي ربطها بالكثير من القراء الذين عرفوها منذ صدور كتابها الأول قبل أربعين سنة، وليس وصولا إلى روايتها الصادرة أخيرا، فجعبة السيدة مازالت تعد بالكثير من مشاريع الكتابة.

قديم 05-26-2012, 02:37 PM
المشاركة 682
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جامعة الجلفة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني الأول "التجريب في الرواية الجزائرية المعاصرة

انطلقت يوم الأحد في جامعة زيان عاشور بالجلفة فعاليات الملتقى الوطني الأول عن مخبر المصطلح والمخطوط والأدب الجزائري المكتوب في الصحافة تحت عنوان "التجريب في الرواية الجزائرية المعاصرة" من تنظيم قسم اللغة العربية وآدابها، وقد افتتح الملتقى بكلمة لرئيسه ثم مدير المخبر ثم كلمة رئيس الجامعة ثم كلمة عميد الجامعة ليليه الدكتور عيسى أخدري رئيس القسم في كلمة تجسد أهمية هذا الملتقى في معرفة القراءة النوعية والمتخصصة للرواية الجزائرية.

هذا وقد كانت المحاضرة الأولى للدكتور ابراهيم شعيب بعنوان "تحليل رواية لونجة والغول لزهور ونيسي، ثم تكريم من تناوب على رئاسة قسم اللغة العربية.

وحسب البرنامج فقد تضمنت الجلسة العلمية مجموعة من المداخلات، بداية بمداخلة للأستاذ موسى عتيق من جامعة المسيلة بعنوان "تحول النظرة الإيديولوجية في الرواية الجزائرية المعاصرة"، تليه الأستاذة نسيمة هورة من جامعة الجلفة في مداخلة بعنوان " تداخل الأنواع الأدبية في الرواية الجزائرية"، ليليها الأستاذ عمر عروي من جامعة تيارت بمداخلة بعنوان "تمظهرات اللغة في التجريب الروائي المعاصر، رواية شموع ودموع لعبد الجليل مرتاض نموذجا".

أما المداخلة الرابعة فكانت في "التجريب في الرواية الجزائرية، تطور ضروري أم استلاب حضاري؟" للأستاذ عبد القادر زين من جامعة الجلفة، في حين كانت المحاضرة الخامسة حول "الرواية العربية من الالتزام إلى التجريب" لعبد المالك بلخيري من جامعة الجلفة، لتأتي المداخلة السادسة للأستاذ نايل سفيان من جامعة الجلفة حول "الرمز في رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي".

هذا وحسب برنامج الملتقى في اليوم الثاني (يوم الاثنين) فقد تقرر في الجلسة العلمية والتي يرأسها الدكتور لخضر حشلافي مداخلات عدة منها مداخلة للأستاذ عمار بلقيرش من جامعة المسيلة "العتبات النصية في رواية لاروكاد لعيسى شريط"، ومداخلة أخرى للأستاذ الطيب لطرشي من جامعة الجلفة حول "المثقف المستلب في الرواية الجزائرية"، لتأتي بعدها الأستاذة ميرة كربوعة والأستاذة نصيرة لكحل من جامعة الجلفة في مداخلة حول "التجريب في الفاتحة الروائية، كتاب الأمير لواسيني لعرج نموذجا"، أما المداخلة الرابعة فهي للأستاذ ميلود كاس من جامعة الجلفة حول "الإستراتيجيات الفنية في الرواية الجزائرية المعاصرة، رواية إمرأة بلا ملامح لكمال بركاني نموذجا"، وفي الأخير مداخلة للدكتور حفار عز الدين من جامعة مستغانم حول "الفضاء الروائي في رواية غدا يوم جديد لعبد الحميد بن هدوقة".

قديم 05-26-2012, 02:39 PM
المشاركة 683
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذة زهور ونيسي : فرنسا تستهزئ بنفسها بتمجيدها للاستعمار


"صراع المعرّبين والمفرنسين من رواسب الاستعمار"
هي أوّل أديبة تكتب باللّغة العربية في الجزائر وأوّل وزيرة بعد الاستقلال وأوّل امرأة تتولّى رئاسة تحرير مجلّة نسائية·· إنها المجاهدة صاحبة وسام المقاوم ووسام الاستحقاق الوطني والأديبة صاحبة (لونجة والغول) والرّصيف النّائم وعلى الشاطئ الآخر وغير ذلك من الأعمال الأدبية التي أبدعت فيها الأستاذة زهور ونيسي·
نزلنا ضيوفا عليها في بيتها فاستقبلتنا بكلّ كرم، ولاحظنا من خلال دردشة قصيرة سبقت الحوار تركيز محدّثتنا على مرجعية (أخبار اليوم) التي تأكّدت في النّهاية أنها مرجعية وطنية صادقة ضحّت من أجلها سابقا وما تزال تناضل من أجل ترسيخها، كان لنا معها حديث مطوّل تطرّقت فيه الأديبة والسياسية زهور ونيسي إلى مواضيع مختلفة وأبدت رأيها في العديد من القضايا الوطنية والعربية. وقد ارتأينا في حوارنا هذا أن نبتعد عن البدايات الكلاسيكية التي تعرفها الحوارات عادة وفضّلنا الدخول في صلب الحديث دون مقدّمات، وهو الأمر الذي استغربته محدّثتنا لكننا برّرنا ذلك بأن شخصية الحوار مشهورة وغنية عن كلّ تعريف، وإليكم أولى حلقات هذا الحوار الشيّق·

- نقل عن الأستاذة زهور ونيسي أنها قالت: (زعماء الأحزاب غير مثقّفين رغم شهاداتهم)، هل مازالت على رأيها ونحن على أبواب تشريعيات جديدة يعتبرها الكثيرون محطّة للتغيير؟
-- ربما جاء هذا الكلام في سياق حديث أو حوار قمت به، لكن ليس بهذا التأويل ولا بهذا الشكل. أنا من المتخرّجين من قسم الفلسفة وعلم الاجتماع وهذا القسم يفترض فيه أن يحترم الموضوعية والمنهجية التي تقتضي ألا نعمّم الكلام فنقول إن هؤلاء مثقّفون وهؤلاء غير مثقّفين لذلك ربما جاءت في سياق آخر أو بمعنى وتأويل آخر لأنه ليس كلّ زعماء الأحزاب غير مثقّفين رغم شهاداتهم وليس كلّهم مثقّفون أيضا. فالأحزاب كثيرة وعلى رأسها أشخاص فيهم المثقّف وفيهم صاحب الثقافة السياسية فقط وفيهم صاحب الثقافة الاجتماعية وصاحب الثقافة الأدبية وصاحب الثقافة الإسلامية، لذلك لا يمكن أن نعمّم هذا الكلام وربما يكون قد أوّل في غير محلّه وأنا دائما على هذا الرّأي الذي قلته لك الآن ولازلت على رأيي أن كلّ حزب لديه خاصّيته وله توجّهه وله تيّاره السياسي والفكري والإيديولوجي وحتى الثقافي، لذلك فحتى البرلمان الذي سينشأ يجب أن يكون خليطا من هؤلاء جميعا·
- من هذا المنطلق كيف تقيّمين الأحزاب السياسية التي أعلنت ترشّحها للاستحقاقات القادمة؟
-- هناك من يستحقّ أن يترشّح وأن ينتخب حتى يضيف فكرا جديدا ومساحة جديدة في الفكر السياسي والفكر التشريعي في البرلمان وحتى يجد حلولا للمعضلات والمشاكل المطروحة على مستوى المجتمع، لا سيّما فيما يخص الشباب وفيهم من لا يستحقّ ذلك، وعلينا نحن كمنتخبين وكأصحاب أصوات لها قيمتها الكبيرة في هذه المرحلة أن نحسن الاختيار، وأنا أذكر جيّدا أنني عندما رشّحت من طرف جبهة التحرير الوطني في قائمتها للبرلمان سنة 1977 كان الصوت الجزائري له قيمته ولا يشترى لا بالمال ولا بالذهب وكان للمترشّح قيمته أيضا لأنه يلتزم بالوفاء والصدق مع هذه الأصوات فيعمل جاهدا من أجل النّجاح في مهمّته·
- وماذا تغيّر اليوم؟
-- ربما لا أقول العكس تماما، لكن أقول نظرا للمتغيّرات الكثيرة المطروحة على الجزائر وعلى العالم بشكل عام ونظرا لتغيّر الأجيال وتغيّر الذهنيات والقناعات وانتشار ما يسمّى بالفكر العولمي أو الفكر التعدّدي في الجزائر وفي غير الجزائر أيضا يجب أن ننتظر كلّ شيء وألا ندهش من أيّ شيء·
- قلت إن هناك من يستحقّ أن يترشّح وأن ينتخب وهناك من لا يستحقّ، ما هي المعايير التي تستند إليها الأستاذة زهور ونيسي في تصنيفها هذا؟
-- هناك مبادئ معيّنة تخدم الشعب الجزائري وتخدم الملايين التي ستنتخب لابد من الالتزام بها ومن بين هذه المبادئ الوطنية والإخلاص لهذا الشعب والعمل في خدمته والتنزّه عن الانتهازية وعن (المحسوبية) والعشائرية وعلى الفكر الضيّق وعن الذاتية وهذه شروط معروفة تعتبر قانونا أخلاقيا، لذلك أنا أقول دائما إن الأزمات في العالم اليوم ليست أزمات سياسية أو اقتصادية وإنما هي أزمات أخلاقية·
- ما رأيك في ما يثار اليوم حول المستوى الدراسي لبعض المترشّحين؟
-- بطبيعة الحال يجب ألا نتهاون في هذا الشرط فالثقافة واكتساب الشهادات والمعارف تتيح للنّائب أن يكون في مستوى دراسة نص، وأن يكون في مستوى نقاش مشروع قانون، وأن يكون في مستوى مبادرة من أجل تقديم مشروع قانون.. هذا لا نقاش فيه، لكن إضافة إلى ذلك لابد أن نشترط ما يسمّى بالنّزاهة وأخلاقيات العمل والإخلاص لهذا الوطن ولهذا الشعب وخدمة هذا الوطن وشعب هذا الوطن·
- باعتبارك وزيرة سابقة للتربية والتعليم ما هو تقييمك للمنظومة التربوية خلال الخمسين سنة الماضية؟
-- أنا لا أستطيع أن أقيّم المنظومة التربوية لأن منظومة التربية والتعليم من أهمّ المنظومات في الجزائر، فهي التي تصنع المواطن وهي التي تضمن لنا المستقبل القادم لذلك فالمنظومة لها مبادئ وثوابت معيّنة يجب ألا تحيد عنها، لكن بمقابل ذلك هناك ضرورة لتغيير المناهج وتحديث البيداغوجيات ومواكبة العمل التربوي في العالم، وأنا كوزيرة سابقة وكمعلّمة وكأستاذة لا أنكر أن هناك تحديثات وهناك اجتهادات وبحث وهناك لجان بيداغوجية ولجان للكتاب، لكن هذا لا يكفي· نحن كمجتمع وكمواطنين وكأسرة تربوية خلال خمسين سنة الماضية أسّسنا جيلا كاملا استطاع أن يؤسّس للجزائر الجديدة -لا تنسي ذلك-، نحن لم نعتمد على الآخرين ليؤسّسوا لنا مختلف المرافق والمؤسسات الموجودة، سواء الإعلامية أو الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية، أبناء الجزائر هم من أسّسوا للجزائر الجديدة ويجب أن نطرح سؤالا هنا: هل هذا كاف أم لا؟ أنا أقول إنه غير كاف لأنه لابد من الاجتهاد أكثر نظرا للمتغيّرات التي طرأت على العالم وانتشار ما يسمّى بالعولمة، هذا يفرض علينا الاجتهاد أكثر من أجل الحفاظ على هويتنا التربوية ومواكبة أحسن ما تطرحه هذه العولمة وإلاّ سنذوب ونتبخّر في سلبياتها قبل إيجابياتها. والاجتهاد اليوم يعدّ تحدّ للكثير من السلبيات التي جاءت بها العولمة التي لم تأتي لخير البشرية لكن لخير مجموعة من الدول التي تريد أن تستحوذ على العالم وعلى الشعوب فتبقي العالم تحت سيطرتها وتبقى مقدراته في مصلحتها، لذلك لابد من التفكير في تغييرات جذرية داخل المنظومة التربوية خصوصا المنظومة التربوية الجامعية حتى لا نفقد عددا أكبر من العقول الجزائرية التي تتسرّب كلّ عام من بين أيدينا لصالح الآخرين·
- ما رأيك في مَن يقول إن المنظومة التربوية اليوم (منكوبة)؟
-- أنا لا أحبّ استعمال الكلمات الضخمة كالمنكوبة والكارثة والنّكبة، كلّ شيء عنده إيجابياته وله سلبياته ولو نقيّم جيّدا نجد أن هناك من يجب مجازاته على اجتهاده وأن هناك من يجب معاقبته على تقصيره، أمّا عن هذا التعميم الصارخ الذي يجعل المنظومة التربوية كلّها منكوبة فأنا لا أسمح لنفسي بأن أقول ذلك، فالمنظومة التربوية توفّر كلّ سنة ما يقارب مليون مقعد دراسي جديد للأطفال في المدارس إضافة إلى بناء المؤسسات والورشات اليومية التي تنشط بصفة دائمة على المستوى الابتدائي والتكميلي والثانوي، والإنسان الجزائري من حبّه للتعليم لأنه حرم منه أيّام الاستعمار لا يجزع إلاّ من عدم وجود مقعد دراسي لطفله البالغ ستّ سنوات، لذلك يجب ألا نطلق أحكاما عامّة في موضوع ما·
- ربما أطلقت هذه الأحكام للدلالة على البرامج الدراسية المطروحة التي لاقت انتقادات كثيرة مؤخّرا...
-- ربما تعلّقت بالبرامج أو المواد أو البيداغوجيات أو التوقيت أو حتى تكوين الأستاذ وتقصير المعاهد التي تخرّج الأساتذة، والتي صرنا نلاحظ قلّتها حتى أصبح كلّ من هبّ ودبّ يدخل قطاع التربية فقط لأنه متخرّج من الجامعة·
- إذن أنت ترين أن هناك نقائص في المنظومة التربوية اليوم...
-- بطبيعة الحال هناك نقائص، مثلا لو نأخذ أستاذا متخرّج من مدرسة المعلّمين أو معهد الأساتذة وأستاذا آخر دخل التعليم فقط لأنه في بطالة ولأنه صاحب شهادة ولأننا نحن أيضا بحاجة إلى أساتذة فإذا لم نكوّن هذا الأستاذ الذي لم يتخرّج من معهد الأساتذة فلا يمكن أن يقوم بدوره كما ينبغي·
- الحياة الثقافية في الجزائر دائما مختزلة بين المعرّبين والمفرنسين، ما رأيك في هذا الطرح؟
-- استعمال كلمة مختزلة يعني مختصرة بين المعرّبين والمفرنسين في الوقت الذي نجد فيه مثقّفين لا يحسنون الفرنسية ويحسنون الإنجليزية مثلا، والجزائر بعد خمسين سنة من الاستقلال لا نجد فيها المفرنس والمعرّب فحسب، بل هناك المتخصّص في اللّغة الإنجليزية والإسبانية وغير ذلك من اللّغات·
- لكن رغم ذلك بقي الصراع قائما بين المثقّف المعرّب والمثقّف المفرنس وبقينا نتعامل بالطرح نفسه··.
-- هذا من رواسب الاستعمار، وربما المثقّف المفرنس أقسّمه إلى قسمين: هناك المفرنس الذي يستعمل اللّغة لكن محتوى كتاباته وأفكاره وطنية مثل مالك حدّاد ومحمد ديب وغيرهما من الكتاب، وهناك من يكتب للمثقّف الفرنسي والكثيرون من المثقّفين الذين يكتبون باللّغة الفرنسية يكتبون من أجل إرضاء الفكر الثقافي الفرنسي·
- أمثال...
-- لا أستطيع أن أقول أسماء، ولا أريد أن أذكر أمثالا من هؤلاء، النّاس يعرفونهم جيّدا ويقرأون لهم، وعندما تقرئين محتوى من المحتويات وعندما يقيّم أحدهم من طرف الفكر الثقافي الفرنسي ويجازى ويكرّم تعرفين ذلك وتدركينه·
- في رأيك هل احتلّت اللّغة العربية مكانتها اللاّئقة في المنظومة التربوية في الجزائر المستقلّة؟
-- أعتقد ذلك لأن الطفل الجزائري يبدأ بتعلّم اللّغة العربية أوّلا لثلاث أو أربع سنوات حتى يحسنها، وأتذكّر من بين الشواهد على ذلك أن القذافي (أقول رحمه اللّه لأن الرّحمة تجوز على الميّت مهما كان) كان بينه وبين بومدين -رحمه اللّه- نوع من الخلاف فكان القذافي يعايرنا أننا لا نحسن اللّغة العربية فأجابه بومدين في إحدى المؤتمرات التي حضرتها بأن ثلاثة أو أربعة ملايين طفل في الابتدائي يحسنون اللّغة العربية الفصحى وهم بعدد الشعب اللّيبي كلّه. فإذا قارنّا بين الجزائر وأيّ دولة عربية أخرى نجد أن الجزائر ربما نجحت في التعليم أكثر من غيرها من الدول العربية، أنت ترين الآن الفضائيات العربية التي يشاهدها النّاس جميعا لا يحسنون تكوين جملة ولا يفرّقون بين المرفوع والمنصوب في الوقت الذي نرى فيه أن حتى أولئك الذين حرموا من تعلّم اللّغة العربية في الجزائر يعتذرون في بداية حديثهم لأنهم لا يحسنون العربية·
- لكننا نلاحظ أن الجانب التقني في التعليم العالي ما يزال مفرنسا رغم تبنّي الجزائر لقانون تعميم اللّغة العربية، ما رأيك في ذلك؟
-- صحيح لأن الظروف تختلف، مرّت الجزائر بسنوات سوداء تأخّرنا فيها عشر سنوات أو أكثر، توقّفت فيها التنمية وقتل فيها الإنسان وشرّد الكثيرون وهرب العديد من الإطارات إلى خارج الوطن خوفا من الإرهاب، ظروف صعبة مرّت على الجزائر، لكن رغم ذلك أعتقد أن النّجاح الذي حقّقته الصّين واليابان في إنشائهما لتكنولوجيا بلغتهما لم تحقّقه أيّ دولة أخرى، ونتمنّى هنا فقط لو تتبنّى الجزائر اللّغات الحيّة مثل الإنجليزية، الرّوسية، اليابانية والإسبانية، أمّا أن نبقى دائما مرتبطين باللّغة الفرنسية فهذا راسب من رواسب الاستعمار وعقدة من عقد الاستعمار التي لم نبرأ منها بعد·
- على ذكر قانون تعميم اللّغة العربية أين وصل هذا القانون اليوم بالنّسبة لمجال تطبيقه؟
-- لست أدري الآن، أنا لمّا كنت وزيرة في الحماية الاجتماعية شكّلت لجنة لتعريب الضمان الاجتماعي مع فقيد الجزائر الأخ مولود قاسم نايت بلقاسم الذي كان رئيس لجنة التعريب آنذاك، وكان لنا الفضل في جعل الضمان الاجتماعي يتعامل بالعربية والفرنسية، أمّا قبل ذلك فلم يكن يوجد أيّ لفظ باللّغة العربية داخل الضمان الاجتماعي لكن ما بعد ذلك لست أدري·


قديم 05-26-2012, 02:39 PM
المشاركة 684
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
"أنا ضد منح كوطة سياسية للنّساء"
"قانون الأسرة لا يخالف الشريعة الإسلامية"
"والدي الشيخ حمّاني شارك في تحضير قانون الأسرة الجديد"
"لم نكن نتصوّر أن جهادنا سيصبح فخرا يوما"

كنا قد نشرنا في العدد السابق الحلقة الأولى من الحوار الذي أجريناه مع الأديبة والسياسية والمجاهدة زهور ونيسي وكانت قد أبدت فيها رأيها حول بعض القضايا الوطنية كالانتخابات التشريعية المقبلة وواقع المنظومة التربوية والتعريب إلى غير ذلك من المواضيع، وتواصل أول وزيرة جزائرية بعد الاستقلال في الحلقة الثانية من هذا الحوار الحديث عن بعض القضايا، مثل تجربتها كوزيرة، ورأيها في قانون الأسرة الذي لا تجده مخالفا للشريعة الإسلامية، مؤكدة، من جهة أخرى، رفضها لـ(حصر) المشاركة السياسية للمرأة في (كوطة)·

* لا شك أن بتوليك منصب وزيرة للحماية الاجتماعية في وقت سابق قد كانت لك مساهمات في التحضير لقانون الأسرة فيما تتمثل هذه المساهمات؟
** قانون الأسرة له تاريخ طويل، وأنا عندما كنت في البرلمان شاركت في التحضير لهذا القانون وبعد ذلك عينت كوزيرة وناقشته في إطار الحكومة لكن قانون الأسرة في الحقيقة عندما قدم لنا في بداية السبعينيات من طرف الرئيس هواري بومدين، قدم لنا كمشروع قانون وناقشناه لكنه جمّد لأن الآراء كانت مختلفة ومتطرفة في كثير من الأحيان ولذلك جمّد حتى سنة 1980 أو 1981 حين ناقشناه في المجلس الشعبي الوطني، كنا عشرة نساء في البرلمان في ذلك الوقت ناقشناه بقوة وحماس وجهد كبير، كما ناقشته أيضا في القراءة الثانية عندما عينت في الحكومة وكنت دائما من أنصار أن يكون قانون الأسرة أصيلا ومتفتحا في ذات الوقت·

* ما رأيك في قانون الأسرة الحالي؟
** قانون الأسرة الحالي أيضا شاركت في دراسته في وزارة العدل عندما دعيت لمناقشته كخبرة قديمة وقد تقدمت بنوده أكثر في إطار حقوق المرأة وبقي التركيز على نفس البنود التي ناقشناها في البرلمان على ألا نمس بالنص القرآني بالنسبة لقضية تعدد الزوجات لكننا نعطي الأولوية للقاضي حتى يدرس قضايا التعدد حالة بحالة·

* لكن أثير جدل حول التعديلات التي طرأت على بعض بنوده وقيل أنها مخالفة للشريعة الإسلامية أحيانا··
**أنا لا يمكن أن أقول ذلك، وبرأيي هذه أحكام تطلق حسب التوجهات الذهنية، وأنا كمواطنة مسلمة تكويني إسلامي وأخلاقي وفي نفس الوقت متفتحة على العصر وعلى العالم وأطالب بالاجتهاد في كل شيء حتى يواكب الدين الإسلامي واقع الإنسان المسلم في جميع حالاته وفي جميع مراحله، لا أقول أن هناك مس بالشريعة الإسلامية المس بالدين الإسلامي موجود في تونس حين ألغى بورقيبة نص التعدد ومنع تعدد الزوجات نهائيا في قانون الأسرة التونسي أما بالنسبة للجزائر والمغرب ومعظم البلدان الأخرى فليس هناك أي تجاوز على نصوص الدين الإسلامي ولا بد من أن نفهم أن نصوص الدين الإسلامي صلبة لكن فروعها مرنة ولذلك على المشرع أن يكون قادرا على التشريع ومتفقها في الدين لدرجة أنه يدرك جيدا متى يجتهد ومتى لا يجتهد، نحن بحاجة اليوم إلى حجة الإسلام الغزالي في عصرنا هذا وهو الذي قال: إني رأيت ركود الماء يفسده إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب·
هذه قاعة للتغيير، وهو الذي قال أيضا في أحد تفسيراته أن المرأة يجب ألا تلد كثيرا حتى تحافظ على جمالها وتحافظ على قوتها لتربية الأبناء الآخرين، لماذا لا ندرس أمهات الكتب؟، لماذا لا نأخذ من الإسلام إلا القشور والطقوس الخارجية؟، هناك ثروة كبيرة وتراث إسلامي كبير يجب أن نقرأه ونعيد دراسته ونغربله ونمسح عنه كل الشوائب التي ألصقت به·

* يقال أن إعطاء الحرية للبنت في اختيار وليها خلال عقد الزواج والذي نص عليه قانون الأسرة المعدل مخالف للشريعة الإسلامية التي أوضحت في نصوصها الترتيب العائلي الذي يجب أخذه بعين الاعتبار بالنسبة لقضية الولي ما رأيك في ذلك؟
** والله أنا لست فقيهة ولكن عندي ثقة مطلقة في الدولة الجزائرية كمشرعة تعتمد على القرآن والسنة والاجتهاد والقياس·

* ما رأيك في هذا البند؟
** أنا أحبذ هذا البند، وكلمة حلال أو حرام كلمة صعبة لا تطلق هكذا فقط·

* لكننا لم نطلق أحكاما وفقط بل اعتمدنا على فتاوى من مشايخ معروفين ويستند إليهم في الإفتاء في الكثير من الأحيان وفي مختلف القضايا··
** حتى المفتين أو رجال الإفتاء غير منزهين، أنا بنت الشيخ أحمد حماني وما أدراك أستاذهم جميعا في الإفتاء وقد كان مفتيا منذ بداية الاستقلال إلى يوم وفاته وقد شارك معنا في تحضير قانون الأسرة الجديد·

* في تقديرك هل يعد تمكين المرأة من ممارسة السياسة مساهمة في تطويرها؟
** الميدان السياسي ليس العامل الوحيد الذي يساهم في تطوير المرأة وإنما هناك ثلاثة مبادئ هي التي تشكل شخصية المرأة وهي تعلمها وتثقفها وعملها فهذه العوامل الثلاث هي التي تكون شخصية المرأة القوية وبعد ذلك تستطيع المرأة أن تفعل ما تشاء فتستطيع أن تكون رئيسة حكومة أو رئيسة جمهورية أو رئيسة حزب أو تكون من تكون·

* يعني أن تطوير المرأة وتوسيع مشاركاتها في مختلف مجالات الحياة بيدها هي نفسها؟
** القوانين وحدها لا تكفي لكنها قد تضع معالم الطريق كما أن التعبئة والتجنيد من أجل ثقافة الآخر قد تعبد الطريق أيضا لكن سيأتي فيما بعد دور المرأة بشخصها وبتعلمها وبثقافتها ولا ننسى أيضا قضية الذهنية المطروحة على مستوى المجتمع أو على مستوى بعض الأفراد بمعنى أصح الذين يسنون أشياء تعجبهم أو يحبذونها هم فقط فذهنية المجتمع تؤثر في تطوير المرأة أيضا لكن عندما تكون شخصية المرأة قوية وثابتة وملتزمة ومؤمنة بذاتها وبأفكارها ومبادئها فلن تكون معرضة للاهتزاز·

* من الملاحظ أن السلطات الجزائرية خلال عملية تطويرها للمرأة وتوسيع مجالات مشاركتها قد أولت اهتماما أكبر بفئة معينة من النساء بإصدارها للقانون الخاص بالتمثيل النسوي في البرلمان ماذا عن باقي الفئات؟
** نحن لا نضمن كل شيء للناس، نحن نطالب بتعلم البنت واكتسابها للشهادات ونطالب بعملها واكتسابها اقتصاديا لكننا لا نتدخل في حياتها إذا اختارت أن تكون ربة بيت وأن تنجب الأطفال فقط، نحن لا نتحرك من أجل الجميع، كل شخص يختار طريقه ومستقبله، وهناك الكثير من المثقفات لا تقبلن على العمل السياسي في حين نجد الكثيرات من محدودات الثقافة ومحدودات الشهادة يقبلن على العمل السياسي وعلى الترشح في الانتخابات القضية قضية رغبة فردية ولا نتدخل فيها·

* في رأيك هل وصلت المرأة الجزائرية إلى المستوى المنشود؟
** الإنسان الجزائري ككل لم يصل إلى المستوى المطلوب، دائما نطلب الأحسن والأجمل والأنسب، نطالب دائما بأن يكون جميع أفراد المجتمع الجزائري متعلمين وواعين وألا يكونوا جهلة ولا نعني هنا الأمية إذ هناك من يملك شهادة لكنه جاهل، وهذه كلها آمال نتمناها كجزائريين ويطالب بها العالم أجمع الذي يتوق دائما إلى مجتمعات واعية، مثقفة، متعلمة ومتخلقة تعمل بالقانون الداخلي من القلب ومن العقل لا بالقانون المكتوب كما هون سار في بعض الدول الغربية المشهورة·

* ما تقييمك للمساهمة الثقافية للمرأة الجزائرية؟
** حسب ما أرى أنا شخصيا وحسب من يزورني من الشباب الذين لديهم الكثير من المشاريع الأدبية والقصصية والدراسات والقصائد الشعرية أرى أن المشهد الثقافي رائع ويبشر بالخير وعندما أتنقل إلى الولايات وأقدم محاضرة أو أقدم نموذجي كمبدعة وأستمع إلى تلك النقاشات والحوارات التي يثيرها الشباب أقول أن مستقبل الثقافة في الجزائر زاهر، ولكن معظم هؤلاء لا يجدون من يشجعهم فيما يخص النشر والتصحيح أو جمع أعمالهم لذلك لا بد من ترقية دور النشر والاهتمام بوضع لجان للتقييم بالنسبة للأدب، وأذكر أن في اتحاد الكتاب الجزائري كان هناك لجنة لتقييم النصوص وتحديد إن كانت صالحة للنشر أو غير صالحة، وإذا كانت غير صالحة تكتب ملاحظات لصاحبها حتى يحسن من مشروعه الإبداعي، وأظن أن هذه اللجنة لا تزال موجودة على مستوى اتحاد الكتاب ولا بد أن تكون مثل هذه اللجان في وزارة الثقافة التي يجب أن نعتمد فيها على عدة لجان وليس لجنة واحد فقط، إضافة إلى تعميم هذه اللجان على مستوى الجمعيات ذات الطابع الثقافي أيضا لأننا صرنا نلاحظ اليوم أن كلمة ثقافة لا تحمل دلالتها الفعلية التي هي إضافة مساحات جديدة للفكر، ولذلك نجد اليوم بعض الجمعيات التي تتضمن تسميتها كلمة ثقافة لكنها لا تهتم إلا بفئة من الفنانين أو المطربين، في حين أن الثقافة ليست ذلك الطرب الجميل فقط أو المسرح أو الرسم أو الشعر أو السينما··· وإنما يجب أن تكون كلمة عامة تشمل كل شيء ولا يمكن أن يكون الإنسان مثقفا، إلا إذا كان ملمّا بكافة جوانب الثقافة·

* لكن رغم التفتح الذي عرفته الجزائر مؤخرا وما أتيح للمرأة من حريات، إلا أن مساهماتها بقيت محتشمة وخاصة بالنسبة للجانب الثقافي ما رأيك في ذلك؟
** بطبيعة الحال هي مساهمات محتشمة لكن في السياسة مثلا كانت محتشمة واليوم فتحت لها الأبواب وتم توسيع مشاركتها في البرلمان بنسبة 30 بالمائة ولو أنني لا أوافق على (الكوطة) أنا أوافق على المساواة المطلقة بين المرأة والرجل مع محافظة المرأة على أنوثتها، فأنا كأنثى أحافظ على أنوثتي ولا ألغيها وأعتز بعقلي وبوجداني وإيماني، وأقول بذلك أن مساهمة المرأة تبقى في الكثير من الأمور محتشمة، لأن المرأة لا تتجرأ على اقتحام المسؤوليات لأنها لم تتعود على تحمل هذه المسؤوليات، أما بالنسبة لمساهماتها الثقافية فأنا لا أراها محتشمة لأن ما أقرأه من مشاريع يجعلني مطمئنة لمستقبل المرأة الجزائرية في الميدان الثقافي·

* لو نرجع بالزمن إلى ثورة التحرير الوطني، ما رأي الأستاذة ونيسي فيمن يقول أنه لم تكن للثورة الجزائرية سياسة ثقافية؟
** عندما تقرئين بيان 1 نوفمبر تجدين أنه يتضمن الإستراتيجية الأولى للتحرير بناء على القيم الإسلامية وخصوصية الشعب الجزائري، وهذا التحرير لا يكون إلا إذا كانت جميع جوانبه مكتملة، فثورة التحرير ضمت الأمي والجندي والجاهل والتحق بها المثقف أيضا لكن مرحلة التحرير تقتضي ألا نتحدث عن الثقافة في ذلك الوقت، رغم أن هناك من الجزائريين الثوار المجاهدين من مثّل الجزائر خارج الوطن أيام ثورة التحرير في المحافل الدولية الثقافية وغير الثقافيةّ، ولا ننسى أن ثورة التحرير قد جاءت من أجل إخراج الاستعمار واسترداد السيادة الوطنية بتراثها الثقافي وبأرشيفها وبتاريخها الوطني سواء ثقافي أو سياسي واجتماعي وفكري···
وثورة التحرير يكفيها شرفا أنها حررت الجزائر واستطاعت أن تنتصر على أعتى نوع من أنواع الاستدمار والاستعمار الاستيطاني في العالم ومعه الحلف الأطلسي الذي يعرف بالناتو اليوم، لذلك أنا أقول كيف نهتم بالثقافة ونحن نتحمل مسؤولية التحرير ومحاربة العدو والاعتناء بدفن الشهداء ورعاية عائلاتهم وتمويلها وصرف منحها والاهتمام بالقضاء بالنسبة لقضايا التطليق والتزويج والفصل في الخلافات···؟!

* هل نفهم من هذا أن المثقف لم يؤد دوره كمثقف خلال ثورة التحرير؟
** لا، المثقف كان يكتب ويسجل كل شيء من أجل أن يبقى بعد الاستقلال، وأنا شخصيا خلال ثورة التحرير كنت أسجل رؤوس أقلام لبعض الأشياء التي تبهرني أو تؤثر في وتهزني وبعد الاستقلال كتبتها·


قديم 05-26-2012, 02:40 PM
المشاركة 685
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
* هل تذكرين بعض هذه الأحداث؟
** المجموعة القصصية الأولى التي كتبتها كلها أحداث حول الثورة، فقصة خرفية مثلا هي قصة واقعية وخرفية هي أم الصبي حمو صاحب العشر سنوات الذي كان همزة وصل بيني وبين والده في حي المدنية بالعاصمة، هناك رفيقتها أيضا تدعى فاطمة مات زوجها شهيدا فتزوجها مجاهد آخر وعندما استشهد قالت: (هل سأفقده هو الآخر) وقصة فاطمة أيضا موجودة في (الرصيف النائم) التي طبعت بالقاهرة، وقد بثتها إذاعة (صوت العرب) على شكل مسلسل من 30 حلقة·

* لو تحكي لنا قليلا عن تجربتك النضالية ضد الاستعمار الفرنسي خلال الثورة؟
** كنت معلمة في مدرسة حرّة وهذه المدرسة كانت في الظاهر مدرسة لتعليم البنات وهي مدرسة الصادقية بحي المدنية، لكنها في الحقيقة كانت مركزا للفدائيين خبأنا فيها العديد من الشهداء أمثال الشهيد براهم فردي قبل أن ننقله إلى باليسترو والشهيد محمد ياجور قبل أن نذهب به إلى مسيلة، كما أخفينا فيها العديد من الفدائيين والأسلحة والاشتراكات التي كنا نجمعها من المواطنين قبل أن نوصلها إلى المسؤولين في الولاية الأولى فقد عملت أولا بالولاية الأولى، وكان المسؤول المباشر لي المجاهد صديق منصورية والمسؤول غير المباشر هو المجاهد محمد شريف عباس وزير المجاهدين حاليا ولي معه صور أيام الثورة سأنشرها في يومياتي إن شاء الله ثم عملت بالولاية الرابعة، ولكن قبل أن أنضم إلى جهة معينة كنت أنفذ كل ما أأمر به، وكان زوج أختي قبل أن يسجن هو من يأمرنا كأن نتلقى أمرا بإيصال أمانة ما دون أن نعرف ما هي حتى، كنا نؤمر فنلبي وقد جندت الكثير من تلميذاتي الكبريات في المدرسة وجندت الكثير من الأخوات من غير تلميذاتي أيضا كالمجاهدة ربيعة موساوي وعتيقة عزاوي والحاجة عائشة وكنا نجتمع كلنا في شقة بدار العافية وصديقتي التي كنت أعمل معها يوميا هي الزهرة حفيظ وقد توفيت العام الماضي -رحمها الله- كنا نناديها (العودة) لأنها قوية وشجاعة، كان عملنا خلال الثورة عملا دائما ومتواصلا ولم نكن نتصور أنه سيصبح فخرا يوما ما·

"فرنسا تستهزئ بنفسها بتمجيدها للاستعمار"
"وزارة المجاهدين طبعت 1000 عنوان احتفالا بخمسينية الثورة"
"تحريك الثورات العربية من الخارج عار·· واستبداد جديد"
"يومياتي قد تصدر هذه السنة"

في الحلقة السابقة من الحوار المطول الذي أجريناه مع الأديبة والسياسية والمجاهدة زهور ونيسي كانت قد أبدت أول وزيرة جزائرية بعد الاستقلال رأيها حول بعض القضايا الوطنية كالتمثيل السياسي للمرأة وقانون الأسرة والمساهم الثقافية للجزائريات، إلى غير ذلك من المواضيع، وتواصل صاحبة (لونجة والغول) في الحلقة الثالثة والأخيرة من هذا الحوار الحديث عن قضايا مختلفة، بالتطرق إلى تجربتها النضالية في ثورة التحرير الوطني إبان الحقبة الاستعمارية وسنوات دراستها الأولى بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين مع التطرق بالتحليل لواقع الحراك العربي والاحتفالات المختلفة التي تنظم بمناسبة ذكرى خمسينية الاستقلال التي حملت بصمة الأديبة زهور ونيسي من خلال بعض المساهمات التي حدثتنا عنها·

* كنت من تلميذات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ماذا تذكرين من مسارك الدراسي في مراحله الأولى؟
** كنت من تلميذات مدرسة التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة والتي كانت أول مدرسة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ثم جاءت بعدها مدارس أخرى من بينها دار الحديث بتلمسان، ونحن كبنات كنا من الأوائل اللائي دخلن إلى التعليم فالأهالي في ذلك الوقت يرفضون تعليم بناتهم فكنت من الأوائل وقبلي أختاي، كنا رفقة الكثير من البنات اللواتي تحدى آباؤهن ذهنية المجتمع ونفذوا أوامر الإمام عبد الحميد بن باديس عندما نادى بتعليم البنت وسن القانون الأساسي للمدرسة الذي حمل بندا يشجع على تعليم البنات والذي يقضي بدفع الذكر لاستحقاقات الدراسة بينما تدرس الأنثى مجانا، وكان من بين أساتذتي الشيخ أحمد حماني الذي علمني في الابتدائي ثم درسني بالجامعة، والشيخ الصادق حماني ابن عمه، والشيخ أحمد الجموعي، ومن بين من شجعني على الكتابة الشيخ أحمد رضا حوحو والشيخ أحمد توفيق المدني في جريدة البصائر قبل اندلاع الثورة·
وقد كتبت موضوعا في مجلة دورية هامة للمجلس الأعلى للغة العربية قيّمت فيه عمل المدرسة الحرّة وأخذت مدرسة التربية والتعليم الإسلامية كنموذج، وكان التعليم في المدرسة الحرة يساوي المستوى الابتدائي والتكميلي والثانوي في المدارس التنظيمية لأن التعليم في المدارس الحرة لم يكن يرضخ لزمن كنا ندرس جميع المواد من بينها تعلم الخياطة والطرز والموسيقى والأناشيد وكانت نشاطاتنا الثقافية كثيرة، وأذكر أننا مثلنا مسرحية الكاهنة لأحمد توفيق المدني ومسرحية (حنبعل) أيضا وكنا نقيم حفلات في آخر السنة يدعى إليها الأولياء، وأفتخر بأن معظم تلاميذ وتلميذات مدرسة التربية والتعليم ومعهد بن باديس كانوا ثوارا ومجاهدين ومجاهدات·

* ذكر محمد خير الدين في مذكراته أنك كتبت في تخرجك مقالا نشر في جريدة البصائر هل تذكرين هذا المقال؟
** نعم كتب هذا في يومياته عندما اخترت كأول امرأة وزيرة في الجزائر المستقلة والمقال هو عبارة عن رسالة تهنئة كان أول محاولة لي، وعندما قرأه أعضاء لجنة الامتحانات أعجبوا به ونشر في جريدة البصائر كتشجيع وكنموذج لقلم نسائي جديد، ومن يومها وأنا أكتب في جريدة البصائر وكتبت القصة القصيرة من بينها جناية أب وكتبت بعض المقالات أيضا وكان بعض طلبة معهد ابن باديس يردون علي، وكنت عندما أتهيب الكتابة يكتب لي الأستاذ توفيق المدني الذي كان رئيس تحرير جريدة البصائر آنذاك فقرة لتشجيعي على الكتابة فيقول: (نحن ننتظر الرد المهذب من الآنسة زهور ونيسي)·

* خلال 2012 تحتفل الجزائر بمرور خمسين سنة من الاستقلال ماذا يعني الاستقلال للأستاذة زهور ونيسي؟
** الاستقلال يعني السيادة والكرامة والحرية وأخذ مقدراتك التاريخية والثقافية والمادية واسترجاع الأرض وما في الأرض وما تحت الأرض وما فوقها بيدك كجزائري لك قرارك ولك علم ولك بلد من البلدان التي لا ترزح تحت وطأة الاستعمار، الاستقلال بالنسبة للإنسان هو الحرية وهو المطلب الثاني بعد الخبز والماء، وأنا أعتز بالثورة الجزائرية التي كانت خلاصة انتفاضات كثيرة توجت بثورة 1 نوفمبر، والجزائر دفعت من أجل الاستقلال ملايين الشهداء وأقول الملايين لأن شهداء الجزائر ليسوا فقط أولئك الذين سقطوا في ثورة 1 نوفمبر وإنما هم الذين سقطوا منذ دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر حتى يوم الاستقلال·

* لكن ما يلاحظ أنه رغم استقلالنا منذ خمسين سنة إلا أن الجزائر تعاني إلى اليوم نوعا من التبعية إلى المستعمر القديم ما تفسير ذلك؟
** هذه التبعية مخطط لها قبل أن يخرج الاستعمار من الجزائر، صحيح أن الإنسان يتحرر سياسيا وعسكريا ولكن الذهنية عادة ما تبقى فيها بعض الرواسب من الاستعمار فعندما نقرأ كتاب محمد طال الإبراهيمي (من الثورة التحريرية إلى الثورة الثقافية) نفهم أن الاستعمار رغم مغادرته إلا أنه يترك رواسبه في الذهنيات والعقول وحتى السلوكات أيضا فالجزائريون إلى اليوم يحتفظون بعادة الغذاء على الساعة 12:00 زوالا، ولا بد أن نشير هنا إلى أن الأزمة التي مرت بها الجزائر في سنوات الإرهاب قد عمقت من هذه الرواسب نظرا للفراغ الثقافي الذي عرفته خلال تلك الفترة، ولكن مع ذلك لا يمكن أن ننكر أن هناك من يحن إلى فرنسا لأنه تكوّن وتربى وعبئ ووجه إلى ذلك وهذه ليست خاصية في الجزائر فقط وإنما في كافة أنحاء العالم·

* ما رأيك في الاستفزازات التي تتلقاها الجزائر اليوم من السلطات الفرنسية التي لم تكتف بتمجيد الاستعمار، بل سنّت مؤخرا قانونا يجرم إهانة الحركى؟
** فرنسا تريد أن تفعل مثل الذي قال: (ضربني وبكى سبقني واشتكى) هي تعرف جيدا أن الاستعمار مجرم وأن الإجرام الذي ارتكبه في الجزائر لا نظير له وأن حرب الإبادة التي شنها لا مثيل لها في العالم وكل سنوات الاستعمار في الجزائر كانت سنوات بؤس وحرمان وظلم وقمع واستبداد وقتل وتشريد···، لكنها تحاول أن تستبق الأحداث ولها من الإمكانيات ما يساعدها على استباق الأحداث خاصة بالنسبة للطباعة وبالنسبة لهذا اطلعت على أكثر من 20 كتاب يوميات للأقدام السوداء التي تروي يوميات لطيفة وتحكي أحاسيسهم ومشاعرهم اتجاه المناطق التي ولدوا فيها ومن المفروض أن نكون السباقين لهذا ولكن للأسف إعلامنا قليل ويكاد يكون ناقصا تماما، فوزارة المجاهدين طبعت بمناسبة الذكرى الخمسين للثورة أكثر من 1000 عنوان، لماذا لا نجد ندوة صحفية حول كتاب أصدرته وزارة المجاهدين مثلا؟ لذلك لا بد من العمل من أجل إحياء الذكرى الخمسين للاستقلال·
لكن في رأيي فرنسا تستهزئ بنفسها بتمجيدها للاستعمار وتسخر من نفسها لأنه ليس هناك أية دولة استعمارية مجدت الاستعمار، أما فيما يخص الحركى فحتى لو أعطتهم نياشين الأرض فسوف يبقون حركى خونة لبلدانهم لكن يجب أن نشير هنا إلى أن هناك من اختار أن يخون وهناك من لم يختر بل كان يعمل لكسب قوت يومه ولا يدري أنه مع هذا التيار أو ذاك أو أنه ضد تيار بلده الوطني، لذلك فالسياسة تحتاج دائما إلى تدقيق والتاريخ لا يرحم·

* ما رأيك في المطالبة بقانون رسمي يجرم الاستعمار الفرنسي؟
** أنا مع هذا القانون في كل حين في وقتي هذا وبعد وقتي هذا ومع ابني ومع حفيدي وحتى مع حفيد حفيدي··· إلى آخره·

* كيف تتصورين الاحتفال بخمسينية الاستقلال؟
** أتمنى أن تكون الاحتفالات في مستوى خمسين سنة من الاستقلال·

* ماذا تقترحين لذلك؟
** أنا لست في الميدان حتى أقترح، لكن اقتراحي هو أن يعتمد كل موقع من المواقع على نفسه للاحتفال بهذه الذكرى سواء جمعيات أو المجتمع المدني أو المؤسسات التربوية والاجتماعية والثقافية كل واحد يجب أن يحتفل بهذه السنة حسب إمكانياته وحسب ظروفه وموقعه ولا ينتظر الدولة فقط لتنظم الاحتفالات بهذه المناسبة ولا ينتظر المال أيضا للاحتفال بها لأن هناك اليوم من لا يتحرك إلا بالمال أو التمويل·

* هل من مساهمات للأستاذة ونيسي في الاحتفال بهذه المناسبة؟
** ربما سأصدر يومياتي خلال هذه السنة والكلام فيها عن الثورة كثير وعن الاستقلال كثير والكلام فيها عن الاستعمار أكثر، وأيضا هناك سيناريو حول المنفيين إلى كاليدونيا الجديدة الذي سينتج خلال هذه السنة برعاية وزارة المجاهدين وإخراج المخرج القدير سعيد علوي وقد تم الشروع في تصويره، إلى جانب ذلك هناك سيناريو جاهز حول حياة الشيخ عبد الحميد بن باديس لكنه ينتظر التمويل·

* ما رأيك فيما يحدث من تحولات في العالم العربي؟
** من الطبيعي أن تقع مثل هذه الأحداث لكن كنا نتمنى لو قادتها الشعوب من تلقاء نفسها وليس بتحريك من الخارج، كنا نتمنى لو تنتفض الشعوب وحدها دون أي تدخل أجنبي حتى تكون مصداقية هذه التحركات والهزات أكبر لأننا لا نريد أن نستبدل استبدادا باستبداد آخر، وأنا أرى بأن هذا سيناريو العراق بشكل آخر وبطابع آخر وبترتيبات أخرى، لأن ما حدث في العراق كانت نتائجه وبالا على القوات الأمريكية والقوات الغربية المشاركة فحاولوا بذلك أن يحدثوا نفس التغييرات في بعض البلدان العربية ولكن بشكل آخر، فعوض أن تكون الأداة الجيش الأمريكي والجيوش الغربية تكون الأداة شباب الشعوب العربية التي تتحرك فيموت من يموت فيها ويقتل من يقتل ولا خاسر للغرب في ذلك·
صحيح نحن ضد الاستبداد سواء جاءنا من دولنا ومن نظمنا ومن رؤسائنا أو جاءنا من الخارج، لكن في نفس الوقت يجب على الشعوب الحية والشعوب الواعية ألا تنتفض بتحريك من الآخرين، هذا عار في النهاية واستبداد جديد واستعمار جديد وفقدان سيادة، ولعل ما يحدث في ليبيا اليوم يؤكد ذلك وما يحدث في اليمن أيضا، فالرئيس اليمني الجديد لم ينصبه الشعب وإنما وضعته أمريكا وحلفاؤها من العرب، وما حدث في العراق أيضا عندما أبيد النظام السني واستبدل بنظام آخر له توجهات أخرى وأفكار وموالاة أخرى· هل استتب الأمن في العراق؟ هل توقف العمل الإرهابي؟ هل توقفت آلة حصاد الموت؟، لم يتوقف شيء، فالدول الكبرى تفكر وتخطط وكل ما هو في مصلحتها تعمله، وقد أدركت أنه ليس من مصلحتها أن تدخل إلى هذه البلدان عن طريق الجيوش كما فعلت في العراق فدخلت عن طريق التوجيه وعن طريق الإعلام والتمويل وتغيير البيادق في الشطرنج·

* برأيك هل الجزائر بمنأى عن هذا الحراك أو ما يسمى بالربيع العربي؟
** إن شاء الله، فقط لسبب بسيط أن ما حدث في الجزائر في سنة 1988 كان من المفروض حسب الغرب أن تبدأ عملية التغيير من الجزائر وليس من تونس والآن مرت أكثر من عشرين سنة لكنهم لم ينجحوا في الجزائر، رغم نجاحهم في تمويل الإرهاب، ففي بداية الإرهاب كنا نسمع كل مرة أن الجيش الجزائري قد ألقى القبض على مجموعة من الفرنسيين الذين يحملون السلاح وقيل إنهم أسلموا، أيضا الذين كانوا في أفغانستان من الجزائريين والعرب بشكل عام رجعوا إلى الجزائر بعد توقف الحرب هناك وكانت الجزائر آنذاك وكأنها البيئة الخصبة التي من المفروض أن تنطلق منها الثورات·
وإذا كان الشعب الجزائري اليوم غير واع بهذه النقطة وغير مدرك لخطورة الوضع فهنا نلومه كثيرا، لكن عندي قناعة بأن الشعب الجزائري يتمتع بوعي سياسي أكثر من الشعوب العربية الأخرى ولازال يعتمد الواقعية في القضايا، ولا ننسى دور الأحزاب السياسية التي تلعب دورا كبيرا في تماسك اللحمة الوطنية ونبذ الأنانيات الفردية والاختلاف الإيديولوجي إلى غير ذلك ويبقى السؤال مطروحا هل هذه الشروط متوفرة أم؟ لأن الإنسان بشر وله أطماع نعتبرها غير شرعية وطموحات يمكن اعتبراها شرعية، لكن ما يجب التركيز عليه هو أن يجعل كل الجزائريين أحزابا ومؤسسات ودولة وأفرادا ومواطنين وجمعيات الجزائر فوق كل شيء·

* إذا أنت تستبعدين أن تهز رياح الربيع العربي الجزائر رغم تخوف بعض الأطراف من هذا الأمر خصوصا في حال العزوف عن الانتخابات الذي يتوقعه الكثيرون؟
** أنا شخصيا متفائلة ولا أحب التشاؤم أبدا· أنا متفائلة وإذا كان ذلك فمعناه أن كل تحليلاتنا خاطئة مع العلم أننا نعيش في هذا البلد ونعيش مع وقائعه ومع صحفه·

* هل نفهم من هذا أنك تتوقعين مشاركة قوية؟
** لا بد من المشاركة، القضية ليست قضية من سينجح أو من سيفشل، القضية قضية حق أي حقي في الانتخاب، لا يجب أن أعاقب نفسي لا بد أن أنتخب، يجب أن أسجل قناعتي في شخص ما أو في إيديولوجية أو أفكار معينة، ولو نفترض أني لن أنتخب من أعاقب بهذا التصرف؟ أنا سأعاقب نفسي، أنا أريد أن يصل هذا المجتمع إلى مرحلة تثبت أنه ديمقراطي وبعد ذلك البقاء للأصلح·

* في رأيك هل تعتبر انتخابات العاشر من ماي نقطة تحول بالنسبة للجزائر؟
** إن شاء الله·


أجرت الحوار: آسية مجوري

قديم 05-26-2012, 02:42 PM
المشاركة 686
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
قديم 05-26-2012, 02:44 PM
المشاركة 687
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
زهور ونيسي:
من مواليد ديسمبر 1936م بقسنطينة.
مجاهدة في ثورة التحرير الجزائرية، تحمل وسام المقاوم ووسام الاستحقاق الوطني، تقلدت مناصب عليا ثقافية وإعلامية واجتماعية وسياسية،،.
أول امرأة في الجزائر ترأس وتدير مجلة نسوية "الجزائرية".
عضو الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب الجزائريين (1995-1998م).
المشوار السياسي

السيدة "زهور ونيسي"من الوجوه السياسية لعهد الشاذلي بن جديد، وهي أول امرأة جزائرية يعهد إليها بمنصب وزاري:شغلت أيضا منصب عضو بالمجلس الشعبي الوطني في الفترة من 1977 إلى 1982م، تعود إلى الواجهة السياسية كعضو في مجلس الأمة في ديسمبر 1997م.
كما شاركت في تأسيس الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات. وأدارت مجلة "الجزائرية".
الرصيد الأدبي

لها: الرصيف النائم (قصص 1967م)، على الشاطئ الآخر (قصص 1974م)، من يوميات مدرسة حرة (رواية 1978م)، لونجا والغول (رواية 1996م)، عجائز القمر (قصص 1996م)، روسيكادا (قصص 1999م).

قديم 05-26-2012, 02:46 PM
المشاركة 688
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديبة الجزائرية زهور ونيسي للثرى:
أكتب في الممنوع الذي يتقبله القارئ


شاركت في تحرير المرأة بالسلاح قبل نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةالقلم ... قاتلت الى جانب الرجل في معركة التحرير الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي، لتكون شريكة في صنع مستقبل لوطنها عبر تاريخ طويل من النضال الانساني والاجتماعي، في سبيل الوصول للحرية التي طمح بها كل فرد من البلاد، محققة عبر اصرارها ما عجز الكثيرون من اثباته ... و لتنال بجدارة وسام المقاوم ووسام الاستحقاق الوطني، منتقلةً بعد ذلك للعمل السياسي والفكري والثقافي

عبر توليها مناصب متميزة كأول امرأة تتولى منصب وزيرة للشؤون الاجتماعية ثم للتربية الوطنية وعضو المجلس الشعبي الوطني وعضو مجلس الأمة وأول امرأة في الجزائر تترأس وتدير مجلة نسوية "الجزائرية" وعضو الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب الجزائريين.
الثرى التقتها على هامش مشاركتها في ملتقى الاديبات العربيات الذي أقيم ضمن فعاليات دمشق عاصمة ثقافية بفندق الشام وكان لنا معها الحوار التالي:
ما هو هدف مشاركتك في الملتقى؟
أحببت من خلال هذا الملتقى الاجتماع مع أديبات عربيات ذو خبرة عريقة في قضايا المرأة والثقافة العربية للاطلاع على كل جديد في مجتمعنا العربي، فضلاً أنه ميدان ثقافي يجمع أكثر من ثلاثين أديبة وكاتبة باختلاف تجاربهن في مجال الكتابة والشعر والنثر وبالتالي الاطلاع على الجديد الوطن العربي الكبير وهذه المرة الاولى التي تلقتي بها أديبات عربيات في مكان واحد وبهذا الكم وبالتالي كان له صفة التميز وحسب رأيي ليس له مثيل من قبل، مع الامل ان يتحول هذا الملتقى الى عمل مؤسساتي ليتطور الى رابطة أو مؤسسة ادبية تحتوي على ملتقيات ادبية ومخططات وبرامج مستقبلية من شأنها توحيد الجهود نظراً لان بعد المسافة بين المثقفات قد يشتت الجهود ويؤخر نتائجها.
نرى اليوم الكثير من الأديبات العربيات المجتمعات في دمشق. هل ينفي هذا ما يشاع حول قلة الأديبات على الساحة الأدبية العربية؟
برأيي هذا الأمر يعود لعدد من المعطيات التاريخية والاجتماعية والسياسية في الوطن العربي، فالانسان العربي خرج بعد عقود طويلة من الاحتلال الذي كان السبب الرئيسي في إضعاف فكره ووعي الثقافي، وعدد الأدباء قبل الاستقلال ليس بالكثير وقد كان شغلهم الفني والادبي منصب في سبيل التحرير ليتطور بشكل بطيء بعد التحرير نحو التوعية بشكل عام ومن ثم بدأ التخصص في مجال الطرح لنصل نحو تحرير الفكر ومنه لتحرير المرأة ومن هنا نجد ان هذا العدد الموجود حالياً منطقي بالنسبة للظروف التي مر بها المجتمع العربي.
هل تجدين ضعفاً في الإقبال على عمل الأديبات العربيات؟
طبعاً يوجد ضعف كبير في الإقبال لكنه في المقابل ليس مقتصر على عمل المرأة فقط بل على العمل الادبي بشكل عام، نظرا لان البنية الثقافية في المجتمع العربي ضعيفة بشكل عام، فالفرد العربي لا يقرأ كثيراً نظراً لأن عادة القراءة عادة حضارية وهذه العادة ليست منتشرة بين صفوف مجتمعنا بحيث أننا نجدها قبل الاحتلال موجودة وبقوة ولكن بعد خروجه ضاعت ان لم اقل انه قضي عليها، فالثقافة هي البنية الاساسية للحضارة التي دمرناها بعدم اهتمامنا بالكتاب مع الارتفاع الملحوظ في نسبة الأمية في الشارع العربي بشكل عام، فضلاً استقدام الثقافة عبر وسائل التكلوجيا الحديثة كالانترنت وبشكل خاطىء مما يجعلنا هدفاً سهلاً للاختراق والغزو الثقافي.
كأديبة وكاتبة هل تتحاشين الخوض في موضوعات تصنف على أنها تابو؟
كلا أنا أتحدث عن كل شيء ... لكن باسلوب نظيف ومهذب أستطيع من خلاله الدخول إلى عقل القارئ ومخاطبته بشكل بعيد عن المباشرة التي قد تسبب النفور من الأفكار المطروحة رغم أنها قد تكون صحيحة، أي أنني اكتب في الممنوع لكن بأسلوب يتقبله القارئ ويتفاعل معه دون أي ردة فعل منه، فالكتاب القدماء أمثال الجاحظ تجدهم يتحدثون عن كل الامور والتفاصيل بدقة وبجرأة أيضاً لكنهم اعتمدوا طريقة مهذبة ومنهجية وعقلانية تخاطب فكر القارئ دون أن تجرح إحساسه ومشاعره.
كيف تبدو صورة المرأة في كتاباتك؟
منذ بداياتي في مجال الكتابة وحتى هذه اللحظة تجد المرأة متناثرة بين صفحات رواياتي، بدءاً من سرد تجربتي الشخصية كمجاهدة في الثورة الجزائرية ضد الاحتلال والعينات النسائية التي عشت معها أو عملت معها، ضمن عمل كان هدفه توثيق ما عانته المرأة الجزائرية في تلك الفترة، فضلاً أن عدد كبير من قصصي تحمل أسماء نساء من المجتمع، التي نقلت عبرها تجارب وخبرات لحياة المرأة في المجتمع الجزائري خصوصاً والعربي عموماً، لذا فانك تجد صورة المرأة واضحة وجلية وبالرغم أنني في الفترة الأخيرة انتقلت نحو الكتابة بأمور المجتمع، إلا أن صورة المرأة كانت لها بصمتها بين الشخصيات.

مالك أبوخير

قديم 05-26-2012, 02:46 PM
المشاركة 689
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
زهور ونيسي وأخريات.. مسيرة حافلة بالعطاء والإبداع
</B>Saturday, March 07
الموضوع : الثقافـيلايمكننا الاحتفال باليوم العالمي للمرأة دون الحديث عن دور المرأة الكاتبة التي ساهمت في صنع مجد المرأة الجزائرية من خلال حضورها المتميز في الساحة الثقافية ، حيث قدمت للمكتبة العربية العديد من المؤلفات واستطاعت أن تشرف الجزائر وتسجل اسمها بحروف من ذهب في سماء الإبداع العربي والعالمي.

عقيلة.ر

تعتبر الأديبة زهور ونيسي من أبرز الكاتبات الجزائريات اللواتي ولجن عالم الكتابة في ظروف جد صعبة ، فكانت من أول المبدعات اللواتي كتبن عن الوطن فقرأنا لها " من يوميات مدرسة حرة " ، "لونجة والغول" ، "الرصيف النائم" ،"على الشاطئ الآخر"..

جاهدت ونيسي في ثورة التحرير وهي تحمل وسام المقاوم ووسام الاستحقاق الوطني، تقلدت مناصب عليا ثقافية وإعلامية واجتماعية وسياسية، منها عضو المجلس الشعبي الوطني في الفترة من 1977 إلى 1982م،وكانت أول امرأة تتقلد وزيرة للشؤون الاجتماعية ثم للتربية الوطنية،وكانت أول امرأة في الجزائر ترأس وتدير مجلة نسوية "الجزائرية" .

وإلى جانب زهور ونيسي برزت الأديبة جميلة زنير والتي اشتغلت لفترة طويلة في مجال التعليم قبل أن تتفرغ للكتابة فألفت العديد من الروايات والمجموعات القصصية نذكر منها " تداعيات امرأة قلبها غيمة" ، "أسوار المدينة"، "أنيس الروح" هذه الأخيرة التي أهدتها إلى ابنها الذي قضى في حادث تحطم طائرة، وقد عانت جميلة زنير كثيرا جراء هذه الصدمة التي تعرضت لها لكنها استطاعت أن تنبعث من حزنها مثل طائر الفينق وتعود بقوة إلى المشهد الثقافي في بلادنا فشاركت في الملتقيات الأدبية وأشرفت على العديد من الفعاليات ومن ذلك ترأسها للجنة تحكيم جائزة رئيس الجمهورية.

ولايمكننا أن نغفل اسم " أحلام مستغانمي " صاحبة الثلاثية الشهيرة " ذاكرة الجسد" ، " فوضى الحواس" ، " عابر سرير" وهي الحائزة على جائزة نجيب محفوظ عام 1982 عن روايتها ذاكرة الجسد التي سردت من خلالها حكاية عشقها الكبير لمدينة قسنطينة . واستطاعت أحلام مستغانمي أن تكرس لثقافة الاعتراف والتكريم من خلال رعايتها لجائزة مالك حداد للرواية والتي أرادت من خلالها تكريم الروائي الكبير مالك حداد وتشجيع الروائيين الجزائريين .

وللشاعرة ربيعة جلطي حضورها الكبير في مشهدنا الثقافي، فهذه المرأة التي قدمت من الغرب الجزائري تركت بصمتها في المشهد الثقافي من خلال نشاطها الكبير ، حيث وبفضل مجهودها عندما كانت على رأس صندوق دعم الإبداع رأت الكثير من أعمال المبدعين الشباب النور ، وأذكر أنها كانت متألقة جدا وهي تقرأ قصائدها في منصات الشعر ، كما أنها مؤسسة مهرجان الشعر النسوي الذي يجمع الشاعرات في مدينة من المدن الجزائرية ماهذه سوى نماذج للمبدعة الجزائرية التي تؤكد دوما أنها على استعداد دائم للمساهمة في بناء وطنها من خلال قلمها وأفكارها المتجددة وأنها قادرة على الإبداع والعطاء خاصة إذا وجدت الدعم والمساندة من أخيها الرجال .

قديم 05-26-2012, 02:48 PM
المشاركة 690
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مع الوزيرة السابقة والسيناتورة الأديبة زهور ونيسي
</B>Tuesday, June 24
الموضوع : حــواراتحينما علمت صاحبة "دعاء الحمام" الأديبة السيدة زهور ونيسي أن هذا الحوار هو لجريدة "صوت الأحرار" لم تتردد أبدا في أن تضرب لنا موعدا معها في بيتها الذي استضافتنا فيه بكل كرم، بل وصرحت لنا أن ثقتها في "صوت الأحرار" نابعة من أن القيم التي تستند إليها والمرجع الذي تستقي منه مبادئها هي نفسها مرجعيتها المتشبعة بروح الوطنية الصادقة التي ناضلت وضحت من أجلها، ولذلك تجدها قد تحدثت معنا زهور ونيسي بدون تحفظ لأنها تعلم يقينا أن أخلاقيات الذين يتعاملون مع "صوت الأحرار" ليس من مهمتهم زراعة الفتنة والشقاق بقدر ما مهمتهم هي أداء الرسالة الإعلامية المفيدة قبل كل شيء، وإن كانت هذه الغاية دونها صعوبات والكمال لله وحده.
حاورها: عدة فلاحي

س: نبذة مختصرة عن سيرتكم الذاتية، وعن واجبكم في المشاركة في معركة التحرير.

ج: بالتأكيد فإن القارئ يعرف اسمي الذي هو زهور ونيسي وأنا من مواليد 13 ديسمبر 1936 بمدينة قسنطينة من عائلة محافظة وعريقة في العلم والإصلاح، فوالدي رحمه الله تأثر كثيرا بالحركة الإصلاحية للشيخ عبد الحميد بن باديس ومتشبع بالثوابت الوطنية، وفي بداية حياتي درست في أول مدرسة أسسها بن باديس وهي جمعية التربية والتعليم للبنات، وفي تلك الفترة أي سنة 1954 تحصلت على الشهادة الابتدائية بتفوق وقد نشر لي في جريدة "البصائر" أول نموذج لمقال عن الامتحان الذي حزت عليه وبعدها تشجعت لكتابة مقالات كنت أبعث بها من البيت إلى أن توقفت "البصائر" عن الصدور.
وبعد اندلاع الثورة التحقنا بها لأن اهتمامنا كله كان بها، فناضلت في ولايتين وأنا معلمة، وعقب الاستقلال التحقت بجامعة الجزائر، ومن حسن الحظ سمح للمجاهدين وللمجاهدين بالالتحاق بالجامعة بعد المرور على مسابقة التي لا يمكن الاستهانة بها، لأن مستوى التعليم الحر في ذلك الوقت كان جد محترم وعلى درجة عالية، وقد كان من بين رفاقي السفير الحالي عبد القادر حجار والمجاهدة خديجة لصفر. وبعد حصولي على ليسانس في الفلسفة عملت دراسة معمقة في علم الاجتماع، كما أنني كذلك كنت نشطة في العديد من المنظمات الجماهيرية وعضوا مؤسسا فيها، مثل شبيبة جبهة التحرير والاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، كما أنني كنت عضوا مؤسسا للإعلام الوطني في ذلك الوقت، من بينها "الشعب "عندما عربت وجريدة "صوت الأحرار" والجماهير للطاهر وطار وجريدة "الثورة والعمل" و"المجاهد الأسبوعي"، ونسيت أن أذكر لك أنني من مؤسسي مجلة "الجيش" وقد نشر لي أول مقال بها سنة 1963،... إلى أن أسندت لي أول مجلة جزائرية نسائية وهي "الجزائريات" وهي اللسان المركزي لاتحاد النساء الجزائريات، أي أن هذه الفترة كانت مليئة بالحيوية والنشاط إلى درجة أنني رشحت من طرف جبهة التحرير الوطني لشغل عضوية المجلس الشعبي الوطني من سنة 1977 إلى سنة 1982 وفي نفس الوقت لم تنقطع علاقتي بالتدريس، وقد تعلمنا من مدرسة الأفلان أن الاستقلال ليس بغاية وإنما هو وسيلة لخدمة الوطن، والحمد لله خضت تجربة غنية لم أفقد فيها التوازن والتواضع وحب الوطن والإخلاص للشعب، وبعد المجلس الشعبي الوطني ونحن نتدارس قانون الأسرة، طلب مني شغل منصب كتابة الدولة للشؤون الاجتماعية، ولست أدري إن كان في الأمر ثوابا أو عقابا.


س: لقد توليتم حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة محمد بن أحمد عبد الغني سنة 1982، ما هي التجربة التي يمكن تلخصها لنا السيدة زهور ونيسي وبالخصوص أنها أول امرأة تقلد هذا المنصب؟ وما هو انطباعك الخاص حول الرئيس السابق الشاذلي بن جديد؟

ج: رغم خوفي وفزعي من هذه المهمة الجديدة على رأس كتابة الدولة للشؤون الاجتماعية ثم على الوزارة إلا أنني خضت بها تجربة رائعة وثرية وحظيت بالاحترام الكامل من أعضاء الحكومة وبالخصوص المجاهدين منهم وفي مقدمتهم الرئيس السابق الشاذلي بن جديد، ومن الذين اعتز بهم كثيرا كذلك الرئيس الراحل هواري بومدين بحيث كان حينما لا يجد اسمي في مجلة الجيش يوجه لي ملاحظة حول ذلك.


س: بعد ذلك تسلمتم وزارة الحماية الاجتماعية في حكومة عبد الحميد الإبراهيمي سنة 1984، في تلك الفترة تم سن قانون الأسرة الذي عدل لا حقا، ما هو دوركم في الإعداد للقانون السابق وما هي ملاحظاتكم على قانون الأسرة الجديد؟

ج: الأمر لذي يجب أن يعلمه الجميع أن المجلس الشعبي الوطني في ذلك الوقت كان يجمع عناصر وأطياف مختلفة، ابتداء من فئة الجامدين الذين يرون أي تغيير هو مساس بالدين وبالمبادئ إلى أولئك الذين يدعون للتغيير بدون تحفظ، وبالتالي تبقى القلة القليلة هي التي تحمل الأفكار الوسطية المتوازنة، وعليه كنا قلة بين هؤلاء، بحيث كنا نريد أن يكون قانون الأسرة صورة للمجتمع الجزائري العربي المسلم المتمسك بأصالته وجذوره في الثوابت الوطنية و الأخلاق والقيم و في نفس الوقت التطلع إلى التقدم، فمن السهل أن تكون متطرفا مع هذا وذاك ولكن من الصعب أن تكون معتدلا ومتوازنا في أفكارك، فحتى المحافظون كانوا يقولون "نحن لا نخاف من أولئك الذين يدعون على التغيير وإنما نخاف من زهور ونيسي التي تسهر وتعكف على الكتب الصفراء ثم تأتي في الصباح لتنسف كل تلك الأفكار التي اطلعت عليها..".
إذن العملية لم تكن سهلة وبالتالي أكرر ما قلته لك سابقا وهو حينما أسندوا لي حقيبة الشؤون الاجتماعية، لم أكن أدري هل كانوا يريدون أن ينقذوني من المجلس الشعبي الوطني أم كانوا يريدون أن ينقذوا المجلس مني، السؤال مطروح، ولكن ومع ذلك قانون الأسرة لحقنا إلى مجلس الوزراء وأعيد مرة ثانية قراءة القانون واصطدمت كذلك ببعض الأفكار المتطرفة مثل تلك التي كانت متواجدة في المجلس، فالدفاع يبقى دائما متواصلا وفي أي موقع كان فيه الإنسان، ولا يجب إطلاقا القبول بالأفكار المريضة الجامدة ولا يمكن القبول كذلك بالأفكار المستورة التغريبية التي تعمل على استلاب شخصيتنا، وأذكّر مرة أخرى أنني نتاج تكوين إصلاحي لتطهير المجتمع حتى يقوم بمهامه الكبرى في التحرير.
إن القانون هو نتاج المجتمع ما يحمله من تاريخ م تراث و قيم، ولنا من ذلك ما يجعلنا نفتح العالم ولكن هذا يتطلب نخبة من المجتهدين في كل عصر وفي كل زمان، أما عن قانون الأسرة الخير فيمكن القول أنني حضرت العديد من الجلسات بوزارة العدل حاولت من خلالها تبليغ رسالتي وأفكاري التي آمنت بها وهو ما دام الأسرة هي الخلية الأساسية في المجتمع، فأنا أعتقد أن العلاقة بين الرجل والمرأة لو تأسست على الحب والمودة والرحمة لتجاوزنا كثيرا من المشاكل.


س: بعد التعديل الوزاري و بتاريخ 18 فيفري 1986 أسندت لكم حقيبة التربية، الأمر الذي يدفعني لأسألكم حول المنظومة التربوية التي لم تستقر على حال منذ عقود، ما هي المراحل التي يمكن أن نحدد بها ملامح السياسة التربوية في البلاد منذ الاستقلال، وهل ترون أنها اليوم فعلا تبشر بغد مشرق لأبنائنا؟

ج: كانت تلك المرحلة التي تقلدت فيها مسؤولية قطاع التربية صعبة جدا، وبالخصوص أن دعوة القيادة إلى الإصلاح والتغيير جاءت بعد مدة طويلة من الجمود، بعد الاستقلال واجهتنا صعوبات كبيرة، واضطرت الجزائر للاستعانة بالكوادر العربية التي لها وعليها ولم نحقق بذلك إلى ما كنا نطمح إليه من تطور وتقدم، وعليه كان من الضروري تأسيس معاهد خاصة بتكوين الأساتذة لتدارك الفراغات والنقائص، كذلك التغيير السريع لبعض الوزراء للقطاع مرة وبقاء بعضهم لمدة طويلة على كرسي الوزارة كان من شأنه إضفاء المزيد من السلبيات على قطاع التربية.
أما أكبر مشكلة واجهتني بالوزارة فهي عندما شرعت في تغيير الوجوه القديمة التي عمرت بالوزارة والتي لم تقدم شيئا سوى أنها تشغل المكاتب من أجل الراحة وقراءة الجرائد، وبعد شروعي في المهمة واستماعي للعديد من وزراء التربية، تأكد أن الجزائر على الأقل تمكنت من تحقيق مبدأين أساسيين وهما: ديمقراطية التعليم والتعليم العلمي والتقني، أما بالنسبة للتعريب وللجزأرة فلم نكن لنصل إلى نتائج مرضية بعد.
أنا من دعاة الإصلاح ولكن بشروط، فهؤلاء التلاميذ أبناؤنا لا يجب أن يتحولوا إلى حقل تجارب كل سنة..، أين هي لجنة إصلاح المنظومة التربوية؟ وكيف اختيرت الأسماء التي شاركت في هذه اللجنة؟ وللأسف أنها اختيرت بشكل سياسي، فالتركيبة كانت سياسية بالدرجة الأولى، لا هي تربوية ولا تعليمية ولا هي ثقافية، إذن وكأننا جمعنا وجوه الصراع في سلة واحدة في مرحلة شاهدنا فيها بداية الانفتاح على التعددية السياسية والإعلامية وبالتالي سقطنا في أخطاء لا يغفرها المجتمع وبالخصوص الكبيرة منها، إذن على الحكومة أن تسهر على قطاع التربية وتسد كل الثغرات والنقائص وتجعل من إطار التربية أهم إطار في الجزائر لأن الاستثمار البشري هو قبل كل شيء.


س: قبل التجربة الوزارية في الجهاز التنفيذي انتخبتم عضوا في المجلس الشعبي الوطني خلال الفترة التشريعية ( 1977-1982)، كيف تقييمون هذه التجربة في عهد الحزب الواحد، وبالخصوص وأننا أدركنا أن عهدكم في الحزب الواحد بالمجلس الشعبي الوطني كان أحس حال من عهد التعددية من حيث الحراك و المواقف التي كانت تتخذ من قبل النواب؟

ج: أنا أثمن كلامك فالمجلس الشعبي الوطني في تلك الفترة لم يكن برلمان " بني وي وي"، كان أعضاء المجلس يتنافسون على من يأتي بالجديد وبالدفاع عن القيم الجميلة وللدفاع عن حقوق المواطن وعن تطلعاته، وكان النواب آنذاك مقدمين على الوزراء بحيث كان الوزير يحسب ألف حساب حينما يقف أمام النائب، وهنا دعني أروي لك واقعة، وهي انه قدم لنا بالمجلس مشروع قانون يلغي المنحة الخاصة بالأطفال( المنح العائلية) بالنسبة للموظفين و إحلال محلها صندوق وطني للطفولة بكامل احتياجاتها، فوقفت حينها أثناء المناقشة وقلت: لماذا تلغى المنح العائلية ولا نقدم على إلغاء مصاريف الرفاهية التي يتمتع بها الوزراء ومن السيارات التي يستخدمها الوزراء ومن الفخفخة المتفشية بين الوزراء... وفي إحدى المناسبات وخلال زيارة قام بها العقيد القذافي للجزائر دعي فيها لمأدبة غذاء بالبرلمان وبينما الرئيس الراحل بومدين برفقته العقيد القذافي قال له: "هذه زهور ونيسي مجاهدة وكاتبة وعضو بالبرلمان.. ولكن لسانها طيل..."، فالرئيس بومدين رحمه الله كان يشجع الشجاعة ولا يحبذ الاستكانة والخنوع...وفي نفس المناسبة وبحضور النائب المرحوم موسى أخاموخ، قال القذافي عنه "هذا من عندنا، يقصد أخاموخ من التوارق"، فنطق بومدين موجها كلامه لأخاموخ قائلا: "موسى، قال السيد العقيد أنك من عندهم؟"، فرد عليه أخاموخ: "أوّاه، أنا من الجزائر"، إذن أعود و قول أن المجلس الشعبي الوطني آنذاك كان يقوم بدوره.


س- من خلال عضويتكم بمجلس الأمة سنة 1997، كنتم من ضمن المجموعة البرلمانية التي تشكل الشعبة المغاربية لاتحاد مجلس الشورى المغاربي، ما هي في نظركم معوقات الاندماج المغاربي، وهل تعتقدون أن مشروع الاتحاد المتوسطي سيكون بديلا لمشروع المغرب العربي الذي هو قبل كل شيء مطلب شعوب المغرب العربي؟

ج) إن النية والإرادة والإيمان في بناء المغرب العربي الموحد لدى الجزائر صادقة، منذ ما قبل الاستقلال ومواثيق الثورة شاهدة على ذلك، مع ذلك يمكن القول أن مشكلة الصحراء الغربية هي إحدى العوامل التي تقف في وجه هذه الوحدة، ولو عملت دول جامعة الدول العربية وأخذت مسؤوليتها بالاعتراف بالصحراء الغربية كدولة، في إطار حق تقرير المصير، لتجاوزنا هذه المعضلة ودخلنا في عهد جديد، لكن المساومات والمصالح تدخل في هكذا معارك، وبقي الأمر هكذا حتى جاء الوقت الذي يراد فيه الالتفاف على حلم الشعوب المغاربية، باقتراح المشروع المتوسطي الذي هرولت وهللت له كل من تونس والمغرب، فالمشروع المتوسطي الذي هو مشروع استراتيجي له أبعاد متوسطة وبعيدة الأمد، هو في اعتقادي محاولة للتطبيع مع إسرائيل، فخلق المشاكل والقلاقل مثل ظاهرة الحراقة والتنصير داخل الدول المغاربية وبالخصوص الجزائر، هو من أجل دفعها للإسراع بالقبول للارتماء في أحضان الغرب كمخلص ومنقذ والحقيقة هي غير ذلك، وبالتالي لا بد من اليقظة والحذر.


س- لو طلبنا من السيدة زهور ونيسي أن تلخص لنا التجربة الإبداعية النسائية في الجزائر، ماذا تقول؟

ج) التجربة الإبداعية في الحقل النسائي جعلتني محل تزاور مع العديد من الشابات المبدعات من الجيل الجديد من الجامعات، أما عن أبناء جيلي فلم يستمروا في مواصلة الكتابة ومنهن من كانت تكتب على صفحات جريدة البصائر، ثم توقفن مثل مليكة بن عامر وليلى بن دياب، إذن لم يبقى سوى المتحدثة وآسيا جبار، هي تكتب بالفرنسية وأنا أكتب باللغة العربية، وبعد سنوات جاء جيل أحلام مستغانمي التي درست عندي بثانوية عائشة، والأمل معقود على هذا الجيل الجديد المليء بالنشاط والحيوية الذي يحصد العديد من الجوائز حتى خارج الوطن.


س- ما هو تقييمك لمبدعات المهجر: آسيا جبار، أحلام مستغانمي، فضيلة الفاروق...وهل يعبرن ويعكسن فعلا واقع ونبض الإنسان الجزائري بعد القطيعة الجغرافية التي عقدنها مع الجزائر؟

ج) ماذا أقول لك، ربما آسيا جبار لها مبرر قوي لمغادرة الجزائر والإقامة في الخارج، بحيث أنها رحلت في عنفوان الدعوة إلى التعريب، أما عن أحلام مستغانمي وفضيلة الفاروق، فقد تزوجت كل منهما من لبناني ومن المعقول أنهما تتبعان أزواجهن، وربما يجدن ما يلبي طموحهن في الشهرة أكثر من تواجدهن بالجزائر، فالظروف لها أحكامها وهنا لست أدري بالضبط أهو اغتراب أدبي فقط، أم هو شيء آخر غير ذلك؟ لست أدري، ومن حق المبدع أن يكبر ما يريد وكيف يشاء، حتى وإن كان بعيدا عن وطنه، لكن ليس من حقه السب والشتم، إنما من حقه أن ينتقد دون أن يشيع صورة سيئة عن بلده في الخارج وهو غير متحكم في تصوره للأوضاع كما يجب.


س-لكن ماذا تعلقين عندما تستغل الروائية فضيلة الفاروق كل مناسبة إعلامية لسب الجزائر سلطة وشعبا، وعندما يقال أن آسيا جبار تكتب كذلك تحت الطلب للشهرة وكسب الجوائز وبالخصوص في فرنسا؟

ج) نعم تتبعت تصريحات فضيلة الفاروق الإعلامية، التي تهجمت فيها حتى على قيم المجتمع الجزائري وربما هي كذلك، مثلها مثل آسيا جبار، تكتب تحت الطلب، حتى وإن كانت مقيمة في دولة عربية شقيقة، لكن للأمانة في المدة الأخيرة، يمكن القول أن آسيا جبار راجعت الكثير من أفكارها، فلما دعيت لحفل تكريم آسيا جبار، لتسليمها جائزة السلام بألمانيا وجدتها عادت وبشكل ملحوظ إلى الإطلاع على الكتب الصفراء ووجدتها كثيرا ما تستشهد بالترميذي، البخاري، طه حسين، وبالمصادر الإسلامية، هذا يعني أنها عادت إلى ثقافة ودين مجتمعها، هنا لا بد أن تسأل الظروف التي في كثير من الأحيان هي التي تصنع القرارات، لكن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وقد جاء في أحد قصصي وأن قلت أنه: حتى وإن قدروك..حتى وإن احترموك..حتى وإن أوهموك أنك صاحب حقوق مثلهم..حتى وإن لم يتدخلوا في شؤونك الداخلية..فإنك لا تستطيع أن تمنع نظراتهم إليك كأجنبي".


س-ما هي التحولات الإبداعية التي طرأت على الروائية زهور ونيسي بعد دخول الجزائر عهد العشرية الحمراء، التي راح ضحيتها بعض الروائيين والمسرحيين، دون أن نسقط الآخرين من القائمة طبعا؟

ج) في هذه الفترة أحلت فيها على التقاعد، الأمر الذي مكنني من أن أقرأ كثيرا، وفعلا الأمر يدعو إلى المرارة والأسى وأصارحك أن فترة العشرية الدموية غيرت كثيرا من ذهني ومن مشاعري، إلى درجة أنني فقدت فيها الأمل وشعرت بالإحباط وراودني الحزن الشديد، بالخصوص حينما أستذكر المحطات الوطنية التاريخية من الثورة الجزائرية، التي ضحى من أجلها الشهداء بالنفس والنفيس، وقد جاء ميلاد روايتي "لونجا والغول" سنة 1996 نتيجة هذا المخاض العسير.


س-هل لك مساهمات شعرية وهل لازال الشعر هو ديوان العرب، أم أن الرواية بدأت تزحزحه من مكانته؟

ج) بلا، أكتب الشعر على النمط العمودي والحر وكثير من الرسائل التي تصلنا أرد عليها بالقصائد الشعرية، لكن لا يوجد عندي ديوان مطبوع خاص بأشعاري، أما أن الشعر لازال ديوان العرب فأعتقد أن الشعر والرواية كل يكمل الآخر، بالخصوص إذا كانا في خدمة القضايا الوطنية والقومية.


س- أنت كمبدعة، كيف تحللين غياب النقد عن الساحة الثقافية، هل ذلك لأنه يحتاج إلى ملكة ومهارة معينة لم نصل إلى مستواها ولماذا غياب المرأة الناقدة عن المشهد الثقافي الجزائري بالخصوص؟

ج) بطبيعة الحال الشروط التي ذكرتها مطلوبة في الناقد، ويجب على الناقد أن يكون فنانا مرتين حتى يمكنه أن ينتقد الآخرين، ويمكنني أن القول أن النقد اليوم أضحى مقتصرا على البحوث والدراسات الأكاديمية بالجامعة، في الوقت الذي كان فيه النقد سابقا ومنذ عهد الاستقلال على صفحات الجرائد، والشيء الذي يجب ملاحظته أن هناك نفاقا ومجاملة فيما بين بعض الكتاب، الذين يروجون لبعضهم البعض بالحق وبالباطل، وهناك من يضيق صدره بالنقد وكأنه مساس بكرامته، في الوقت الذي يجب أن يتعامل مع النقد بطريقة إيجابية، لتقويم وتصحيح بعض الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها المبدع أو الكاتب بصفة عامة، وبالمناسبة وجهت لي دعوة من سوريا وفي إطار "دمشق عاصمة الثقافة العربية" للمشاركة في الملتقى، الذي سينظم تحت عنوان "أدب زهور ونيسي"، حينما شرعت في جمع النصوص النقدية التي تناولت إبداعاتي وكتاباتي وجدت أغلبها قد كتبت قبل تسعينيات القرن الماضي، أما بعد ذلك فلم أعثر إلا على النزر اليسير وكأن كل شيء تعطل بسبب السنين العجاف التي عشناها، الآن فقط بدأنا نلتقط الأنفاس، كنت أجد سعادة بالغة حينما يتناول الأستاذ جنيدي خليفة قصصي بالنقد والتشريح الذي يطبعه بالكلام الجميل والنظيف وبموضوعية صادقة، فكما ذكرت لك يوجد بعض الأسماء المحترمة في عالم النقد مثل جنيدي خليفة، الدكتور عبد الله الركيبي، الدكتور عمر بن قينة وغيرهم، وبعد أن سلمتها له، عمل الروائي عز الدين جلاوجي على جمع بعض الدراسات النقدية، التي تناولت إنتاجي في كتاب بعنوان "زهور ونيسي..دراسات نقدية في أدبها" طبع في إطار "الجزائر عاصمة الثقافة العربية".


س-ما هو رأيك حول أدب الجنس وكيف تعلقين على ما قاله الروائي جلالي خلاص من" أن الرواية الخالية من الجنس هي رواية متخلفة" وما هي الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها في مجمعاتنا العربية؟

ج) هذا رأيه الخاص ووجهة نظر هو حر فيها، لكن أنا لا أؤمن بها، يمكن أن تتطرق القصة أو الرواية وتخوض في كل شيء له علاقة بالإنسان، لكن بلغة راقية وجميلة، لا تخدش الحياء أو تمس بكرامة الإنسان، وحتى في الجنس يمكن أن نتكلم، لكن في إطار سام، رسالة المبدع هي أن يرتفع بالقارئ لا أن يهوي به إلى الأسفل، وأنا على رأيك حينما تقول، بأن الروائي بقطاش صرح لك بأن رواية الجنس تجاوزها الزمن...الذي لا يستطيع أن يتحكم في ناصية اللغة تحكما كاملا، هو الذي يلجئ للرواية الجنسية بالطريقة الجارحة.


س-هل اللغة العربية فعلا تحمل جينات الإرهاب كما يقول الفرانكفونيون، وما هو تعليقك حول تعطيل تطبيق قانون اللغة العربية عبر معظم مؤسسات الدولة؟ وهل فعلا المرحوم مصطفى الأشرف هو الذي صفى التيار العروبي من المراكز الحساسة في الدولة؟

ج) الذين يقولون بأن اللغة العربية تحمل جينات الإرهاب هم أعداء الجزائر وأعداء العروبة والإسلام، فأطروحة الغرب بالأمس واليوم هي التي تروج لذلك، اللغة العربية بعيدة كل البعد عن العنف والإرهاب، لا توجد لغة عبر العالم فيها من الرقة، اللطف، الشاعرية والشفافية مثل اللغة العربية، أما عن مصطفى الأشرف المجاهد والمناضل، فلا يسعني إلا أن أقول أنه من المثقفين القلائل الذين أنجبتهم الجزائر، وقد كانت محاولات الإصلاح التي أراد أن يدخلها على المنظومة التربوية تجمع بين الصالة والمعاصرة، مع ذلك لم يمكث طويلا في قطاع التربية حتى يحمل مسؤولية ما ذكرت، ولو كان الأشرف صوت الفرانكفونيين لما قبل به الرئيس الراحل بومدين ووضعه على رأس وزارة التربية.


س- هل تعتقدين وأنت صاحبة اللسان العربي البليغ، أن الأدب المكتوب باللسان الفرنسي هو من الأدب الجزائري؟

ج) بطبيعة الحال اللغة هي المعبر عن الفكر، لكن حينما يكتب الجزائري باللغة الأجنبية على العموم دون أن نقتصر في الحديث على اللغة الفرنسية..، يجب أن يكون المحتوى وطني جزائري وبيقين وعقيدة جزائرية، أما إذا استخدمت لغة أجنبية والمحتوى لا علاقة له بالوطن، فلا يمكن أن ننسب هذه الكتابة أو هذا الأدب للجزائر، مع ذلك وإذا أردنا تقييم الأمور فليس كل الكتابات باللسان الفرنسي هي كتابات وطنية، لأن عقدة الأجنبي لازالت متعلقة ببعض النفوس الضعيفة والمريضة، هنا بالجزائر أو على مستوى الوطن العربي.


س- في المدة الأخيرة بعض الأصوات تدعوا إلى الانفتاح على العالم وعلى الثقافات المتعددة دون عقدة دينية أو قومية كما يدعون، هل تؤمن الأديبة بشيء اسمه الأدب اليهودي وما رأيك حول الترجمة(الأدبية والفكرية العربية) من وإلى اللغة العبرية؟

ج) أقسم السؤال إلى شقين، أولا: الترويج يدخل في إطار سياسة العولمة، بالدفع إلى التطبيع الثقافي، مع ذلك يمكن القول أن الترجمة ضرورية حتى يمكن الإطلاع وكشف أفكار الآخرين، بغض النظر عن هويتهم الدينية والقومية، فالمثقف اليهودي يروج فقط للقرآن الكريم، من خلال استخراج الآيات التي تتحدث عن اليهود وأفعالهم عبر التاريخ، وكيف يجب التعامل معهم حتى يظهروا للعالم حسب زعمهم، كيف أن القرآن كتاب المسلمين يدعوا للعنف وللإرهاب، أما عن ثقافتنا الحضارية السمحة المسامحة، فإنه لا يعمل على ترويجها، بل بالعكس يجتهد في أن تكون الثقافة العربية الإسلامية مجهولة في الغرب حتى يمكن تزييفها وتحريفها، إذن فإذا كان "أبا إيبان" وهو الذي كان وزير خارجية إسرائيل، متخصصا في الأدب العربي، فمن الواجب علينا أن نكون مطلعين نحن كذلك على ما يكتبه اليهود وغيرهم، وهذا لا علاقة له بالموقف السياسي من إسرائيل، التي أغتصب الأراضي العربية بالقوة والتي ندينها على ذلك ونقاومها بكل ما لدينا من أسلحة مشروعة.


س- ونحن نتحدث حول هذا الموضوع، هل توافقين على أن يخصص بجامعاتنا فصلا "موديل"، لدراسة الأدب اليهودي من باب المعرفة؟

ج) لا يمكنني أن أطالب أو أوافق على ذلك، لأنه يعتبر تطبيعا مباشرا من قبل مؤسسة رسمية للدولة، لكن كفعل يدخل في الترجمة فلا بأس من ذلك، وهنا دعني أروي لك أنه في إحدى زياراتي لباريس بصحبة زوجي، شاهدت فيلما بعنوان" الليمونات" من إخراج شخص يهودي، أسند فيه الدور الرئيسي لممثلة سورية كانت تلعب سابقا الأدوار الثانوية، خلاصة القصة أن امرأة عربية مات زوجها شهيدا وترك لها حديقة من الليمون، فيأتي الوزير الإسرائيلي المجاور لها وللحفاظ على سلامته الأمنية يستولي على ذلك الحقل ويقحم فيه حرسه مما جعل الليمونات تذبل وتموت، وبالتالي تدخل تلك المرأة صاحبة الحقل في معركة قضائية مع الوزير لاسترجاع حقها، وبعد أمد طويل لا تحصل على حقها إلا من عند زوجة الوزير، الفيلم ناطق باللغة العربية وبالعبرية ومترجم إلى الفرنسية، الفكرة التي تخرج منها وأنت تشاهد هذا الفيلم الرائع، أن هذا اليهودي صاحب الفيلم هو ضد الإسرائيليين وضد الاستيطان الغاشم، إذن لا بد من الاستفادة من مثل هذه الأعمال ولا بد الاجتهاد للعمل مثلها أو أحسن منها، في الدفاع عن قضايانا العادلة بدل الاكتفاء بالخطب والثرثرة، لا بد أن نكون إيجابيين وفاعلين في كل الجبهات، وسياسة الكرسي الشاغر غير مفيدة وغير حكيمة ولا مجدية.


س- سيدتي وأنت تدعين للترجمة أجد ربما إشكالا في الموضوع، وهو هل تتركين هذا الأمر للمبادرات الفردية للمختصين وللمثقفين كأفراد، أم أنك تتركينه كذلك للمؤسسات، مثل المعهد العربي للترجمة الذي مقره هنا بالجزائر؟

ج) بإمكان المعهد العربي للترجمة أن يقوم بمهمة الترجمة ولا اعتراض على ذلك، لا أرى أن لذلك علاقة بالتطبيع، لأن مهمة المعهد هي الترجمة من وإلى جميع اللغات، ربما قد أكون على غير صواب وغير ملمة بحيثيات الموضوع، لكن كمثقفة أرى أنه من الضروري ترجمة كل ما يكتب عنا وكل ما يجعلنا نعرف ما لدى الآخرين من منتوج في عالم المعرفة.ذ


س- وهل توافقين على تدريس اللغة العبرية من باب "من عرف لغة قوم أمن شرهم"؟

ج) والله دعني أذكر لك بعض الرموز وبعض الأسماء العملاقة التي كانت تتقن أكثر من لغة، بما فيها العبرية ومنهم عبد الحليم بن سمايه، الفنان عمر راسم وأستاذ الشيخ بن باديس حمدان لونيسي، فهل يمكن أن نشك في وطنية وأصالة هؤلاء، مع ذلك لا يمكنني أن أجيبك عن السؤال بنعم أو بلا، لأن المسألة محفوفة بكثير من الشبهات وتحتاج إلى إحاطة مستفيضة من التفكير والمشورة.


س- سيدتي زهور، لكل مبدع أو كاتب طقوس وعادات، ما هي طقوس الكتابة الروائية في حياة المبدعة زهور ونيسي؟

ج)( تبتسم السيدة زهور) أنا أضع في كل غرفة من غرف البيت، دفترا وقلما، ومتى حضرتني الفكرة دونتها حتى لا تضيع مني، أما كطقوس فأنا متفرغة للكتابة منذ صغري ولا أضيع وقتي كثيرا في الثرثرة وحضور مناسبات الأعراس، كما تفعل معظم النساء، فعندي نوعا من الموضوعية والمنطق في تسيير الوقت، فروايتي" جسر للبوح وآخر للحنين" هو نص تأبيني عن المرحوم "أبو العيد دودو" الذي كان يناديني بالكاتبة الماجدة، فالكتابة عندي تأتي بدون ضغوط وهي بالنسبة لي صناعة.


س- ما هي مشاريعك المستقبلية التي ننتظر ميلادها عن قريب؟

ج) أنا أشتغل منذ حوالي ثلاث سنوات على مسلسل حول الإمام عبد الحميد بن باديس، بعنوان "على خطى بن باديس"، وبكل صراحة هذا العمل أخذ من وقتي الكثير وأجهدني، لأن العمل يتناول حياة بن باديس منذ ولد إلى أن توفي، آخذا بالاعتبار كل الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، التي كانت في زمانه، بحيث أنه عمل إبداعي من جهة ويحتاج إلى توجيه من التاريخ، الذي لا يجب التلاعب به في التعاطي مع الفواصل الزمنية الدقيقة، بخلاف كتابتي الروائية التي عندي فيها الحرية المطلقة، بحيث أنا التي أمتلك الزمان والمكان، أما الكتابة الإبداعية التاريخية، فأنا رهينة الزمان والمكان وهذا هو الفرق بين العملين، هنا لا بد التوجه بالشكر لما قامت به وزارة المجاهدين من مجهود في طبع المراجع التاريخية للجزائر والشكر والتقدير موصول كذلك للدكتور أبو القاسم سعد الله، فلقد استعنت كثيرا بموسوعته الرائعة "تاريخ الجزائر الثقافي" في كتابة نص "بن باديس".


س- ما هي علاقك بالشيخ بن باديس وسر اهتمامك به؟

ج) العلاقة في ذلك أن والدي درس عنده، فقد كان بن باديس يعقد دروسا خاصة بالنساء في قسنطينة بين صلاة العصر وصلاة المغرب، أما والدي فقد كان يمحو أميته بالدراسة بعد صلاة العشاء، فهو لم يكن يحفظ سوى القرآن الكريم، أما العلاقة العائلية فيمكن القول أنها كانت متينة وصلبة وبينهما مصاهرة، حتى أستاذ الشيخ بن باديس وهو الشيخ حمدان الونيسي، فهو أحد أجدادي من العائلة، زيادة على أننا منذ البداية درسنا في أول مدرسة أسست لجمعية العلماء المسلمين وهي جمعية التربية والتعليم بقسنطينة، وأنا اليوم نائبة رئيس مؤسسة بن باديس .


س) ما هو رأيك باختصار حول بعض الأسماء:

مالك حداد: هذا الرجل لما عرفناه فقدناه كما قال الشيخ بن باديس عن ابن شنب، هذا الرجل الذي يكتب بالفرنسية ومع ذلك لا يتبجح أنه أفضل من الآخرين، بل يقول : أنا منفي في اللغة الفرنسية، وحبه لقسنطينة مثل حبي لها، وقد عملت تحت إشرافه كأمين عام لاتحاد الكتاب.
_ كاتب يس:كتاباته جميلة جدا، وقد كان وفيا لقناعاته، ولا بد وأن نعتز به ككاتب جزائري في الوقت الذي سبقنا بالاعتزاز به أناس آخرين في المشرق العربي، وأنا أفرق بين الإبداع والإيديولوجية للشخص.
_ الطاهر وطار:هذا رفيق عمري في الكتابة الأدبية، وهو أمة أدبية كبيرة تعتز بها الجزائر، ويعتز بها أصحاب المبادئ التي أؤمن بها أنا.
_ وسيني لعرج: هذا همزة التواصل بين الأجيال، وقامة أدبية وأكاديمية يجب تقديرها.
_ يسمينة خضرا: كتاباته تتميز بنوعين أو بطبعتين، كتابة تحت الطلب وأخرى لها شكل آخر، ربما ردود أفعال الآخرين تجعلنا نراجع كثيرا من الأفكار الخاطئة.
_ أمين الزاوي: هذا اسميه أنا الأديب الأنيق، صاحب الارتجال المبدع، هو من النوع الذي لا يعرف أن ينطق بكلمة جافة جارحة، فكل كلماته فيها ليونة، رقة، حب، ابتسامة وأمل..


أعمال الأديبة زهور ونيسي

- "الرصيف النائم" قصص 1967
- "على الشاطئ الآخر" قصص 1974
- "من يوميات مدرسة حرة" رواية 1978
- " الظلال الممتدة" مجموعة قصصية 1982
- "لونجا والغول" رواية 1996
- "عجائز القمر" قصص1996
- "روسيكادا" قصص 1999
- "نقاط مضيئة" مجموعة مقالات 1999
- "جسر للبوح وآخر للحنين" رواية 2007
- "دعاء الحمام" (2008) النص اقتبس مسرحيا وعرض بالجلفة.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 105 ( الأعضاء 0 والزوار 105)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 01:21 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.