قديم 09-21-2010, 05:44 AM
المشاركة 151
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثروة الوالد العلمية في أيد أمينة وترى النور قريباً أحمد بن باز يتحدث عن والده

عندما تريد أن تعرف الجوانب الشخصية في حياة أحد الأعلام الذين يعدون قدوة للأمة في أخلاقهم وأقوالهم وأفعالهم مثل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – يرحمه الله – فلن تجد شخصاً أقدر على ذلك من أن يكون المت حدث أحد أبنائه .. وقد اخترنا ابنه الشيخ أحمد الباز ليحدثنا عن والده لكونه أحد الملازمين للشيخ في دروسه ومحاضراته ولقاءاته وحله وسفره فكان هذا الحوار الذي تناول جوانب تخفى على الكثير من الناس عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – يرحمه الله - .
البرنامج اليومي للشيخ
يقول الابن أحمد : برنامج سماحة الوالد اليومي متقارب طوال أيام الأسبوع .. يصحو قبل الفجر بساعة ليصلي ويقرأ من القرآن ما شاء الله .. ثم مع الأذان يحاول إيقاظ جميع أهل البيت لصلاة الفجر .. ثم يتوجه إلى الجامع الكبير ليقوم بعد صلاة الفجر بإلقاء بعض الدروس لمدة تصل أحياناً إلى ثلاث ساعات .. ثم يرجع إلى البيت .. وبعد الإفطار يتوجه إلى مقر عمله ولا يمكن أن يخرج من عمله قبل الساعة الثانية والنصف ظهراً ، فيرجع إلى البيت ليجد الجمع الغفير من الضيوف القراء بانتظاره فيتناول طعام الغداء معهم ثم يجلس لشرب القهوة ومحادثة الضيوف والإجابة عن الاستفسارات والفتاوى عن طريق الهاتف إلى أذان العصر .. وبعد صلاة العصر والدرس اليومي يتوجه إلى منزله لأخذ قسط من الراحة إلى ما قبل أذان المغرب بنصف ساعة .. ثم يجلس للناس بعد صلاة المغرب يستمع إلى سائلهم ويجيب عن الاستفسارات عن طريق الهاتف إلى أذان العشاء .. وبعد درس بين الأذان والإقامة وبعد صلاة العشاء يرجع إلى البيت للاجتماعات الخاصة والمواعيد الشخصية ومطالعة الكتب في المكتبة .. ثم يتناول طعام العشاء مع الحضور ليتوجه إلى مكان راحته ، بعد ذلك عند الحادية عشرة أو أكثر يستمع إلى الأخبار قبل النوم .. وهكذا هو برنامجه يرحمه الله ..وقد تتخلل أيام الأسبوع محاضرات دينية في مساجد مختلفة أو ولائم ومناسبات اجتماعية يحضرها أو عملية في مقر عمله مساء .. يقوم بكل ما سبق بأريحية وبدون مللك ولا كلل.
الوالد مدرسة أجيال
ويستطرد أحمد بن باز قائلاً:
- الوالد كما سبق مدرسة أجيال في العلم والتربية استفدت منه الكثير مما يعجز لساني عن تعداده أو حصره وتتعثر يدي عند كتابته . تعلمت منه – يرحمه الله – القيام بالواجبات الشرعية في جميع أوقاتها .. تعلمت منه التواضع والصبر والعفو عن المخطئ مهما كان ..
- تعلمت منه العطف على المسكين والفقير وحب الخير للناس . . تعلمت منه الاهتمام بالعالم الإسلامي ومتابعة أخباره .. تعلمت منه بذل النصح للآخرين وقبوله منهم مها كانوا .. تعلمت أشياء كثيرة جدا لا أستطيع ذكرها في هذه العجالة .
الوالد – يرحمه الله – يقارب عمره الآن التسعين .. تلقى على يديه العلم أجيال كثيرة منهم العلماء الآن والوزراء ومنهم ذوو المناصب الإدارية والعلمية ولا أستطيع حصرهم فاسمحوا لي بعدم ذكرهم لأن ذكر البعض وترك البعض قد يصيب بعض النفوس بشيء .
مواقف خاصة
- المواقف ذات الطابع الخاص التي تبقى دائماً في الأذهان من سماحة الوالد كثيرة ، فحياته كلها – يرحمه الله – ذات طابع خاص منها أنه – يرحمه الله – حينما يسأل في محفل أو مجلس أو محاضرة عن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ المفتي السابق للمملكة لا يتمالك عينيه ويتعثر لسانه عن الحديث عن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – يرحمه الله –وسماحة الوالد – يرحمه الله – لا يحب فرض شخصيته ولا رأيه على أحد من أولاده فهو – يرحمه الله –رقيق المشاعر إلا أنه لا يمنعه ذلك من التوجيه وإسداء النصيحة وكان لذلك أثر كبير بالنسبة لي أنا في توجهي العلمي .
ويسعدني دائماً أولئك المحتاجون من الناس الذين يأتون إلى الوالد وكان – يرحمه الله – يأخذ بيدهم إما عطاءً أو توجيهاً وكذلك الأزواج الذين يطلقون زوجاتهم ثم يخرجون وعيونهم تدمع من الفرح بما حصل من جمع الشمل .
كتبه ودروسه
هناك أكثر من جهة تتولى جمع الثورة العلمية لسماحة الشيخ الوالد تحت إشرافه واطلاعه وبدأ بعضها يرى النور .
أما دروس الشيخ العلمية فقد أضافت جوانب علمية وتربوية لطلب العلم لم يحصلوا عليها من الصروح الأكاديمية .
فتاوى الطلاق أكثر
يستقبل الوالد في منزله العشرات وأضعافهم في مكتبه من أجل الفتاوى التي تبلغ نسبة المتعلق منها بالطلاق 40%.. هذا بخلاف الذين يستقبلهم لأغراض أخرى وهم أكثر من أ ولئك . ولد الشيخ مبصراً إلى أن بلغ الخامسة عشرة من عمره .. ثم بدأ يعاني من مرض في عينيه لأكثر من أربعة أعوام وفي عام 1349 هـ بعد أداء مناسك الحج كف بصره تماماً وكان – يرحمه الله –يصف لي مشاهداته في تلك السنة في مكة والمشاعر .
مساعد المساكين والفقراء
سماحة الوالد – يرحمه الله – بطبيعته وطبيعة عمله ذو صلة كبيرة بالناس وبالمجتمع ، لذلك فهو على اطلاع كبير على المحتاج منهم يخصص لبعض الفقراء مخصصات شهرية أو يساعدهم في دفع الإيجار أو تسديد الديون أو على الأقل بإعطائهم عطيات مقطوعة وذلك مما يتلقاه من المحسنين والأغنياء من مساعدات وصدقات وزكوات إلا أنه – يرحمه الله – له المنهج الدقيق والتحري الوافي الذي لا يمكن أن يتنازل عنه في التعرف على المساكين والمحتاجين حتى ولو كان قريباً حتى يصل المال إلى مستحقه وإذا شك أحياناً يعطي من جيبه الخاص ورعاً وخوفاً من ألا تصل تبرعات المحسنين إلى مستحقيها.
المسائية : 29 / 1 / 1420هـ
العدد : 5218

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 05:44 AM
المشاركة 152
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الإيمان قولاً وفعلاً ولا حكم إلا لشرع الله ووجوبية الدعوة وموواجهة الغزو الفكري

إن شخصية مثل سماحة ابن باز يرحمه الله تمتلك من المقومات والإمكانات ما يجعلها تحيا حياة متوازنة يتجاوز فيها العطاء النفسي مع الرصيد الفكري والسلوك الإنساني الرشيد ويستطيع الراصد لهذه الشخصية أن يلمح ذلك التوافق بين الفكر والفعل والقول والعمل .
وإذا كان من الصعب على الباحثين أن يرصدوا بشكل دقيق كافة الجوانب الفكرية في حياة بعض العلماء من أصحاب الفكر الثاقب والمستنير والعطاء العميق والإسهامات الغزيرة في مجالات الحياة المتعددة لصعوبة متابعة إنتاجهم الفكري وملاحظة تأثيره على الناس .. ف أن الأمر يبدو أكثر صعوبة في حالة شيخنا الذي أسلهم بعلم غزير وله دور كبير ورائد في مجال خدمة الدعوة الإسلامية بشكل امتد أثره ليشمل أغلب بقاع العالم الإسلامي بل والعالم أجمع وتأسيساً على ما سبق فإن الحديث عن الجوانب الفكرية في عطاء شيخنا يدفعنا إلى محاولة رصد عطاء رجل تقع على كاهله أع باء مهمة الدعوة والإرشاد والإفتاء والبحث العلمي وخدمة قضايا عامة المسلمين وخاصة في شتى بقاع الأرض.
ثوابت ومنطلقات
وتتعدد الجوانب الفكرية والثقافية في حياة سماحة الشيخ ابن باز .. لكن رغم هذا التعدد والتنوع إلا أنها تصب في بوتقة واحدة وتستقي مادتها من نهر واحد .. ومن ثم فإن هذه الجوانب الفكرية والثقافية تشتمل على ثوابت ومنطلقات صبغت هذا الطاء وأطرته في إ"ار متين .
ونحن هنا سوف نحاول أن نستبين هذه الثوابت التي أثرى من خلالها شيخنا الحياة في المملكة .. كما سنحاول أن نعيد طرحها في قالب استقرائي يحيط بجوانب الثوابت التي يمكن أن ندعي أنه يمكن حصرها في منطلقين أساسيين:
المنطلق الأول : أن كل ما يصدر عن سماحته وما يقوله مصدره كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو دائم الاستشهاد بآياته والاسترشاد به والدعوة إلى الرجوع إليه والحث على قراءته وحفظه والعمل به.. مثلما يفعل نفس الشيء مع سنة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وهذا يعني أن سماحته لا يأتي بشيء من عنده ويضفي الكثير من المصداقية على كل ما يقول.
المنطلق الثاني : أن كل ما يصدر من سماحته من أقوال وفتاوى وآراء إنما جاء نتيجة دراسة واعية وفهم كامل وإدراك مستنير بمقاصد الشريعة وإعمال للفكر وإيمان عميق بفضيلة الاجتهاد فيما يستجد من حياة الناس دون الخروج على نص أو تزيد على مبدأ .
وهذان المنطلقات يمثلان حجر الزاوية في فكر الإمام وما صدر عنه وما قدمه زاداً لكل مسلم يريد أن يعرف دينه .
وبناء على ذلك فقد تشكل فكر الإمام .. وأثمر عنه تبنيه لمجموعة من المبادئ تمثل في مجملها عطاءً شاملاً متكاملاً للإيمان الحق والمؤمن القادر على استيعاب دينه وأحكامه وقيمه في صورة تجسد الأنموذج لإنسان هذا العصر وكل عصر كما تتمخض عن نسيج متوافق سوي لا يعاني من المؤهلات الفكرية التي يعاني منها من يخرج عن المراجع الإلهية .. وفيما يلي نحاول استعراض بعض من هذه المبادئ التي شكلت فكر الإمام واستوعبت عطاءه أيضاً.
(الإيمان ..القول والفعل)
الإيمان بالله والتمسك بكتابه العزيز ، والإيمان بمعناه الشامل هو المحور الذي تتمحور حوله حياة شيخنا من ناحية وهو الإطار الذي يؤطر دعوته .
وتأسيساً على ما سبق سوف يعثر الدارس لكل ما صدر عن سماحته من أقوال وكلمات وفتاوى أن الأساس هو الدعوة إلى الإيمان بالله وتوحيده وعبادته جل وعلا وإلى التمسك بكتابه العزيز مؤكداً على أنه أساس دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم . . وفي هذا الصدد يقول سماحته :
"الرسول صلى الله عليه وسلم أولى عمل عمله وأول أساس رسمه أنه دعا الناس إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له .. هذا هو أ,ل ما عمل وهذا أوس أساس تكلم به ودعا إليه وأرشد إلى تفاصيل ذلك .. والكلمة التي دلت على هذا المعنى هي قول لا إله إلا الله .. هذه هي الأساس المتين ومعها شهادة أن محمداً رسول الله".
ويؤكد سماحته على أن التوحيد والشهادة بأن محمداً رسول الله هي أصل الإسلام وهما الأساس فيقول:
هذان الأصلان والأساسان المهمان هما أساس الإسلام وهما أساس صلاح الأمة...من أخذ بهما واستقام عليهما عملاً وعلماً ودعوة وصبراً .. استقام له أمره وأصلح الله به الأمة على قدر جهاده وقدرته وأسبابه .. ومن أضاعهما أو أضاع أحدهما ضاع وهلك .
ويستعرض سماحته أسباب انتشار الشرك – المناقض للإيمان – وضعف الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. مشيراً إلى ذلك في وضوح لا لبس فيه فيقول:
"وبسبب تساهل كثير من العلماء وطلبة العلم وأعيان أهل الإسلام الذين فقوا توحيد الله .. بسبب لتساهل في هذا الأصل الأصيل انتشر الشرك في بلاد كثيرة وعبدت القبور وأهلها من دون الله .. وهذا كله من دسائس الشيطان ومن مكائده فإنه أحرص على إزاحة الناس عن عقيدتهم ودينهم وعلى إبعادهم عنها بكل وسيلة".
ويعود شيخنا فيرشد صفوة المجتمع وطلبة العلم نحو الطريق السليم وبر الأمان وسط عواصف الإلحاد .. قائلاً:
الواجب على طلبة العلم وهم أمل الأمة – بعد الله عزَّ وجلَّ – في القيادة بحكمة وإخلاص وصدق أن يعنوا بالأساس وأن يعرفوا العامل الوحيد العظيم الذي عليه الارتكاز والذي يتبعه ما سواه وهو العناية بتوحيد الله والإخلاص له .. والعناية بالإيمان بمحمد – صلى الله عليه وسلم – وأنه رسول الله حقاً و أن الواجب إتباعه والسير على منهاجه .. كما يجب على طالب العلم وعلى القائد أن يعظم أمر الله ونهيه وأن يستقر خوف الله في قلبه فوق كل الأشياء .. وألا يبالي بما يرجف به المرجفون ضد الحق وأهله ثقة بالله وتصديقاً لما وعد رسوله محمداً وكافة الرسل فوجب أن نعنى بهذا الأساس وأن ندعو الناس إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له .. وألا نغلو في القبور والأنبياء والأولياء ولغيرهم مع الله ونصرف لهم العبادة أ, خوف أ, رجاء أو نحو ذلك .
وعن الإيمان بالرسول المبعوث هداية للناس ورحمة .. والشهادة بأنه رسول الله ونبيه إلى الناس أجمعين نجد شيخنا قد أكد على ذلك باعتباره من كمال التوحيد وتمام الإيمان .. ويقول:
"ومن تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله تعظيم سنته والدعوة إليها وتنفيذ مقاصدها والتحذير من خلالها وتفسير القرآن بما فيما قد يخفى من آياته".
ويوضح سماته أن الإيمان بالله هو سبيل العزة للأمة والطريق الوحيد المؤدي إلى المخرج والوسيلة الفعالة في مواجهة تحديات هذا العصر وكل عصر .. ويقول:
"هذا الأساس العظيم يجب أن يكون منه المنطلق للدعاة المخلصين والمصلحين في الأرض الذين يريدون أن يتولوا إصلاح المجتمع والأخذ بيده إلى شاطئ السلامة وسفينة النجاة".
ومن سلك المؤمن الواعي تجاه كتاب الله العزيز وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما ينبغي عليه عمله يقول سماحته:
"قدر بنفسك واستنبط من كتاب ربك وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن خلال أهل العلم ما يعينك على فهم كتاب الله وعلى فهم السنة .. وكن حريصاً على العلم والفقه في الدين حتى تستطيع أن توجه المجتمع إلى الطريق السوي وتأخذ بيده إلى شاطئ السلامة وحتى تعلم كيف تعمل فتبدأ بنفسك وتجتهد في إصلاح سيرتك".
ويعدد سماحته أوجه الإيمان بالله وتوحيده وعبادته في أكثر من موضع .. فيقول:
"إن حقيقة هذه العبادة هي إفراد الله – سبحانه وتعالى – بجميع ما تعبد به العباد من دعاء وخوف ورجاء وصلاة وصوم وذبح ونذر وغير ذلك من أنواع العبادة على وجه الخضوع له والرغبة والرهبة مع كمال الحب له سبحانه والذل لعظمته".
"ومن الإيمان بالله .. الإيمان بجميع ما أوجبه على عباده وفرضه عليهم من أركان الإسلام الخمسة الظاهرة وغير ذلك من الفرائض التي بها الشرع المطهر وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا".
"ومن الإيمان بالله سبحانه : الإيمان بأنه خالق العالم ومدبر شؤونهم والمتصرف فيهم بعمله وقدرته كما يشاء سبحانه .. وأنه مالك الدنيا والآخرة ورب العالمين جميعاً لا خالق غيره ولا رب سواه".
"ومن الإيمان بالله أيضاً الإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الواردة في كتابه العزيز والثابتة عن رسوله الأمين من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.. بل يجب أن نؤمن كما جاءت بلا كيف مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظمية التي هي أوصاف الله عزَّ وجلَّ".
لا حكم إلا لله
ومن الأسس التي ارتكز عليها فكر سماحته أنه لا حكم إلا لشرع الله الذي يرسي قيم العدل والخير والمساواة بين البشر بلا ضيم ولا حيف ولا انحراف ولا ظلم..
ويشير سماحته في هذا الصدد إشارة ذكية حين يتناول تفسير ابن كثير لقوله تعالى : {وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدا}(التوبة الآية 31) إذ يقول:
"ابن كثير يقول في تفسير تلك الآية أي الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام وما حله فهو الحلال .. وما شرعه اتبعه .. وما حكم به نفذ .. لا إله إلا الله سبحانه عما يشركون".
وينعى سماحته تحكيم بعض الدول الإسلامية للقوانين الوضعية وإدارة ظهرها لشرع الله ويقول:
"إن التحاكم إلى الطواغيت والروساء والعرافين ونحوهم ينافي الإيمان بالله عزَّ وجلَّ وهو كفر وظلم وفسق".
"إن الحكم بغير ما أنزل الله حكم الجاهلية وإن الإعراض عن حكم الله تعالى سبب لحلول عقابه وبأسه الذي لا يرد عن القوم الظالمين".
ويستشهد سمحته بقوله تعالى : {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ* أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(المائدة آية 49 – 50).
ويوضح سماحته مدلولات الآيات وما أكدته من ضرورة التحاكم إلى ما أنزل الله ويفصلها في ثماني نقاط هي حسبما أوردها:
* الأمر بتطبيق حكم الله وشرعه في قوله تعالى : {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}.
* ألا تكون أهواء الناس و رغباتهم مانعة من الحكم به بأي حال من الأحوال ... وذلك في قوله {ولا تتبع أهواءهم}.
* التحذير من عدم تحكيم شرع الله في القليل والكثير والصغير والكبير بقوله سبحانه وتعالى : { أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}
* إن التولي عن حكم الله وعدم قبول شيء منه ذنب عظيم موجب للعقاب الأليم .. قال تعالى : { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ}.
* التحذير من الاغترار بكثرة المغرضين عن حكم الله ف أن الشكور من عباد الله قليل ...يقول تعالى : { وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}.
* وصف الحكم بغير ما أنزل الله بأنه حكم الجاهلية ... يقول : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}.
* تقرير المعنى العظيم بأن حكم الله أحسن الأحكام وأعدلها .. يقول عزَّ وجلَّ : { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }.
ومن الثوابت اليقينية لدى شيخنا أنه يجب على أئمة المسلمين وقادتهم تحكيم شرع الله في جميع شؤونهم.. وفي ذلك يقول:
* لا ريب أن الواجب على أئمة المسلمين وقادتها أن يحكموا الشريعة الإسلامية في جميع شؤونهم وأن يحاربوا ما خالفها وهذا أمر مجمع عليه بين علماء الإسلام".
وفي هذا الإطار يأتي تأكيده لرفض كل من يفضل حكماً غير حكم الله أو قانوناً سوى القوانين الإلهية .. ويقول سماحته:
"أجمع العلماء على أن من زعم أن حكم غير الله أحسن من حكم الله أو أن هدى غير رسول الله أحسن من هديه صلى الله عليه وسلم فهو كافر .. كما أجمعوا على أن من زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروج من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أو تحكيمه غيرها فهو كافر ضال".
وجوبية الدعوة إلى الله
من الثوابت الأساسية التي يرتكز عليها فكر سماحة الشيخ "ابن باز" وجوبية الدعوة إلى الله على كل مسلم حسب استطاعته وقدراته .. وانطلاقاً من هذا المبدأ نجد سماحته بعلمه وورعه وإيمانه كان ولا يزال صاحب الباع الأطول في هذا المضمار وليس أدل على ذلك من إسلام عدد كبير على يديه ونشاطاته المتنوعة في ميدان الدعوة .. هذا النشاط الذي اتسم بالوعي الكامل والدراية التامة بواقع الدعوة الراهن داخل وخارج العالم الإسلامي وما يواجهها من تحديات وكذلك إدراكه العميق للأساليب التي تتناسب مع هذا الواقع..
هذه الصورة لهذا المبدأ تبدو واضحة في قوله :
"في وقتنا الحاضر يسر الله عزَّ وجلَّ أمر الدعوة أكثر بطرق لم تحصل لمن قبلنا .. فأمور الدعوة اليوم متيسرة أكثر وذلك بواسطة طرق كثيرة .. وإقامة الحجة على الناس اليوم ممكنة بطرق متنوعة .. فمثلاً عن طريق الإذاعة وعن طريق التلفزة وعن طريق الصحافة .. وهناك طرق شتى.
فالواجب على أهل العلم والإيمان وعلى خلفاء رسول الله أن يقوموا بهذا الواجب وأن يتكاتفوا فيه وأن يبلغوا رسالات الله إلى عباد الله ولا يخشوا في الله لومة لائم .. بل يبلغون أمر الله إلى عباد الله كما أنزل الله وكما شرع الله..."
ثم يتحدث سماحته عن وجوبية الدعوة وارتباطها بالاستطلاع في قوله:
"وقد يكون ذلك فرض عين إذا كان في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك... فالواجب عليك أن تقوم بذلك .. وأما إذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ والأمر والنهي غيرك أنه يكون حينئذ في حقك سنة .. وإذا بادرت إليه وحرصت عليه كنت بذلك منافساً في الخير وسباقاً إلى الطاعات ومما احتج به على أنها فرض كفاية قوله جل وعلا : {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} .. قال الحافظ بن كثير عن هذه الآية ما معناه : "ولتكن منكم أمة منتصبة لهذا الأمر العظيم تعو إلى الله وتنشر دينه وتبلغ أمره سبحانه وتعالى ".
"ومعلوم أيضاً أن رسول الله عليه الصلاة والسلام دعا الله وقام بأمر الله في مكة حسب طاقته – وقام الصحابة – رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك حسب طاقتهم .. ثم لما هاجروا وقاموا بالدعوة أكثر وأبلغ .. ولما انتشروا في البلاد – بعد وفاته عليه الصلاة والسلام – قاموا بذلك كل على قدر طاقته وعلمه.
ويؤكد سماحته أنه في زمان استشراء الفتن وغلبة المعاصي وكثرة الذنوب تصبح الدعوة فرض عين على الجميع كل على قدر استطاعته ... وفي ذلك يقول:
"عند قلة العلماء وعند كثرة المنكرات وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته .. إذا كان هناك محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك ووجد فيها من تولى هذا الأمر وقام به وبلغ أمر الله ... كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة لأنه قد أقيمت الحجة على يد غيره ونفذ أمر الله على من سواه.. ولكن بالنسبة إلى بقية أرض الله وإلى بقية الناس يجب على العلماء حسب طاقتهم وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون .. وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة..
"وبهذا يعلم أن كونها فرض عين وكونها فرض كفاية أمر نسبي يختلف .. فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة إلى أقوام وإلى أشخاص .. وسنة بالنسبة إلى أشخاص وإلى أقوام كان وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالأمر وكفى عنهم ".
ويوضح سماحته أن الأمر قد يختلف بالنسبة لولاة الأمر الذين يملكون السلطان والأدوات والإمكانات .. ويقول في حقهم :
"أما بالنسبة إلى ولاة الأمور ممن لهم القدرة الواسعة فعليهم من الواجب أكثر .. وعليهم أن يبلغوا الدعوة إلى من استطاعوا من الأقطار حسب الإمكان بالطرق الممكنة وباللغات الحية التي ينطق بها الناس .. فيجب أن يبلغوا أمر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله إلى كل فرد باللغة التي يعرفها".
ويرصد سماحته واقع الدعوة الراهن .. كما يحدد ملامح الأسلوب المناسب لهذا العصر .. ويقول:
"الناس اليوم في أشد الحاجة للدعوة وعندهم قبول لها بسبب كثرة الدعاة إلى الباطل وبسبب انهيار المذهب الشيوعي . وبسبب هذه الصحوة العظيمة بين المسلمين .. فالناس في إقبال على الدخول في الإسلام والتفقه في الإسلام حسب ما بلغنا من سائر الأقطار.
"ونصيحتي للعلماء وللقائمين بالدعوة أن ينتهزوا هذه الفرصة وأن يبذلوا ما في وسعهم في الدعوة غلى الله وت عليم الناس ما خلقوا له من عبادة وطاعته مشافهة وكتابة وغير ذلك بما يستطيعه العالم من خطب الجمعة والخطب الأخرى في الاجتماعات المناسبة وعن طريق التأليف وعن طريق وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
"فالعالم أو الداعي إلى الله – جل وعلا – ينبغي أن ينتهز الفرصة في تبليغ الدعوة في كل وسيلة شرعية وهي كثيرة والحمد لله .. فلا ينبغي التقاعس عن البلاغ والدعوة التعليم".
"والناس الآن متقبلون لما يقال لهم من خير وشر . . فينبغي لأهل العلم بالله ورسوله أن ينتهزوا الفرصة ويوجهوا الناس على أساس متين من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام و أن يحرص كل واحد من الدعاة على أن يكون قد عرف ما يدعو إليه عن طريق الكتاب والسنة وقد فقه في ذلك حتى لا يدعو عن جهل .. بل يج بأن تكون دعوته على بصيرة .. قال تعالى : {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة} (يوسف،آية 108).
"فمن أهم الشروط أن يكون العالم أو الداعي إلى الله على بصيرة فيما يدعو إليه وفيما يحذر منه .. والواجب الحذر من التساهل في هذا فلا يدعو إلى باطل ولا ينهى عن حق .. فالواجب التثبت في الأمور وأن تكون الدعوة على علم وهدى وبصيرة في جميع الأحوال .
ويحدد سماحته – في إطار الدعوة – الأخلاق والصفات التي يجب أن يتحلى بها من يتصدى للدعوة إلى الله .. ويذكر منها:
* الإخلاص حيث يجب على الداعية أن يكون مخلصاً لله عزَّ وجلَّ ولا يريد رياء ولا ثناء الناس ولا حمدهم – إنما يدعو إلى الله يريد وجهه عزَّ وجلَّ كما قال سبحانه {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله}.. ويقول أيضاً : {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله}.
* العلم: حيث يجب على الداعي أن يكون على بينة من دعوته وعلى علم .. ولا يكون جاهلاً بما يدعو إليه {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة} فلا بد من العلم ..والعلم فريضة .. وإياك أن يدعو الداعية على جهالة أو يتكلم فيما لا يعلم ، فالجاهل يهدم ولا يبني ويفسد ولا يصلح.
* الأخلاق الحميدة : وعلى الداعي أن يتصف بالأخلاق الحميدة والصفات الخلقية التي تمكنه من أداء واجبه عن اقتناع وإيمان .. فالداعي يجب أن يكون حليماً في دعوته رقيقاً فيها متحملاً صبوراً كما فعل الرسل عليهم الصلاة والسلام .. قال تعالى : {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}.. ويقول أيضاً: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} .. وعليه فيجب أن يتحلى الداعية بصفات وسجايا أخلاقية طيبة فيكون حليماً صبرواً .. سلس القياد .. لين الكلام طيبه .. وأن يكون القدوة والمثل الطيب .. فلا يدعو لشيء ثم يتركه .. أو ينهى بأمر ثم يرتكبه .. يقول تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} (الصف:آية 2 ، 3).
حتمية مواجهة الغزو الثقافي والفكري
إذا كان الإيمان وتحكيم شرع الله والدعوة الواجبة من الثوابت الفكرية لدى سماحة الشيخ "ابن باز" من هذ النوع من الفكر الذي يطلق عليه علماء الاجتماع "الفكر المنتج" فإن مبدأ حتمية المواجهة مع الغزو بكافة أشكاله الثقافية والفكرية يمكن أن نسميه الفكر التحصيني أي الذي يحصن البنية الأساسية ضد التحديات الخارجية ويتيح الفرصة أمام البناء كي يكتمل .
وسماحته في هذا الصدد أدرك تطور الأساليب الاستعمارية وانتقالها إلى مرحلة الاحتلال بالعسكر إلى مرحلة احتلال العقول حينما اصطلح على تسميته بـ"الغزو الثقافي والفكري".
وقد أجاد سم احته في رسم صورة واضحة لهذا الخطر القادم عبر الحدود .. إذ يقول:
"لا شك أن أخطر ما تواجهه المجتمعات الإسلامية في الوقت الحاضر هو ما يسميى بـ"الغزو الثقافي بأسلحته المتنوعة من كتب وإذاعات وصحف وغير ذلك من الأسلحة الأخرى .. ذلك أن الاستعمار في العصر الحديث قد غير من أساليبه القديمة لما أدركه من فشلها وعدم فعاليتها ومحاربة الشعوب واستماتتها في الدفاع عن دينها وأوطانها ومقدراتها وتراثها حيث أن الأخذ بالقوة وعن طريق العنف والإرهاب مما تأباه الطباع وتنفر منه النفوس ولا سيما في الأوقات الحاضرة بعد أن انتشر الوعي بين الناس واتصل الناس بعضهم ببعض .. وأصبح هناك منظمات وهيئات كثيرة تدافع عن حقوق الشعوب وترفض الاستعمار عن طريق القوة وتطالب بحق تقرير المصير لكل شعب وأن لأهل كل قطر حقهم الطبيعي في سيادتهم على أوطانهم واستثمار مواردهم وتسيير دفة الحكم في أوطانهم حسب ميولهم ورغباتهم في الحياة وحسب ما تدين به تلك الشعوب من معتقدات ومذاهب وأساليب مختلفة للحكم مما اضطر معه إلى الخروج من هذه الأقطار بعد قتال عنيف وصدامات مسلحة وحروب كثيرة دامية.
"ولكن قبل أن يخرج من هذه الأقطار فكر في عدة وسائل .. واتخذ كثيراً من المخططات بعد دراسة واعية وتفكر طويل وتصور كامل لأبعاد هذه المخططات ومدى فاعليتها وتأثيرها وطرقها التي ينبغي أن تتخذ للوصول إلى الغاية التي يريدها".
"وأهدافه تتلخص في إيجاد مناهج دراسية على صلة ضعيفة بالدين مبالغة في الدهاء والمكر والتلبيس على خدمة أهدافه ونشر ثقافته وترسيخ الإعجاب بما حققه في مجال الصناعات المتلفة والمكاسب المادية في نفوس أغلب الناس .. حتى إذا ما تشربت بها قلوبهم وأعجبوا بمظاهر بريقها ولمعانها وعظيم ما حققته وأنجزته من المكاسب الدنيوية والاختراعات العجيبة ولا سيما في صفوف الطلاب والمتعلمين الذين لا يزالون في سن المراهقة والشباب اختارت جماعة منهم ممن انطلى عليهم سحر هذه الحضارة لإكمال تعليمهم في الخارج حيث يواجهون هناك بسلسلة من الشبهات والشهوات على أيدي المستشرقين والملحدين بشكل منتظم وخطط مدروسة وأساليب ملتوية في غاية المكر والدهاء .. وحيث يواجهون الحياة الغربية بما فيها من تفسخ وتبذل وخلاعة وتفكك ومجون وإباحية .
ويكشف سماحته في الإطار نفسه كافة أبعاد صناعة "التغريب" و"المستغربين" التي يمارسها الغرب ضد العقول المسلمة ويعري أسرارها وأدواتها في محاولة الإيقاع بصفوة المجتمع المسلم في شراك الإعجاب بالمنجزات العلمية وا لتقنية الحديث وصولاً إلى غاية أخرى لتحقيق ذات الهدف .. مشيراً إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه أولئك العائدون المحملون ببضاعة الغرب وإغراءاته .. ويقول:
"وهذه الأسلحة وما يصاحبها من إغراء وتشجيع وعدم وازع من دين أو سلطة قل من ينجو من شباكها ويسلم من شرورها .. وهؤلاء بعد إكمال دراستهم وعودتهم إلى بلادهم وتسلمهم المناصب الكبيرة في الدولة أخطر من يطمئن المستعمر بعد رحيله ويضع الأمانة المشينة في أيديهم لينقذوها بكل دقة بل بوسائل وأساليب أشد عنفاً وقسوة من تلك التي سلكها المستعمر.
وبعد أن قدم سماحته بالإسهاب والتفصيل خطورة الموقف في ظل الوقوع تحت وطأة الغزو الفكري والثقافي وكشف أساليب وأدواته يشير إلى الأسلحة الفعالة في المواجهة ويضف العلاج .. وفي هذا الصدد يقول : "أما الطريق إلى السلامة من هذا الخطر والبعد عن مساوئه وأضراره فيتلخص في إنشاء الجامعات والكليات والمعاهد المختلفة بكل اختصاصاتها للحد من الابتعاث إلى الخارج وتدريس العلوم بكافة أنواعها مع العناية بالمواد الدينية والثقافية والإسلامية في جميع الجامعات والكليات والمعاهد حرصاً على سلامة عقيدة الطلبة وصيانة أخلاقهم وخوفاً على مستقبلهم .. حتى يساهموا في بناء مجتمعهم على نور من تعاليم الشريعة الإسلامية وحسب حاجات ومتطلبات هذه الأمة المسلمة".

الرياض : 29 / 1 / 1420هـ
العدد : 11282

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 05:44 AM
المشاركة 153
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حوار مع سماحة الشيخ أجرته معه مجلة المجلة .

حوار مع سماحة الشيخ في أمور تتعلق بالحياة الشخصية والأمة الإسلامية أجرته معه مجلة المجلة .

أ- أطول حديث صحفي مع سماحته أجرته جريدة عكاظ .
ب- سماحة الشيخ في حديث خاص لمجلة الحرس الوطني حول : الأصولية ليست ذما .
د- براءة جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام .
هـ- كلمة سماحته في حفل تسلمه الجائزة .
أ- حـوار مـع سماحة الشيـخ في أمـور
تتعلق بالحياة الشخصية والأمـة الإسـلامية
أدلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بأحاديث صحفية ، تركزت على نفسه ، أو على عائلته ، وأشار فيه إلى أمور هي مثار جدل في العالم الإسلامي .
وفيما يلي نص الحديث :
س1 : متى انتقلت عائـلة الباز إلى الرياض؟
ج1 : عائلتي وجماعتي أصلهم من الرياض ، أي : أن الآباء والأمهات والأجداد في الرياض ، وطائفة منهم في الحوطة ، وطائفة في الأحساء ، وطائفة في الحجاز ، وكلهم يرجعون لنفس العائلة ، وهناك ناس يقال لهم : آل باز في الأردن وفي مصر وفي بلاد العجم ولا نعرف عنهم شيئا ، ولكن بعضهم يدعي أنه من أهل البيت ، وهم الموجودون في الأردن .
س2 : لأن وقتك للناس وليس لك ، فهل تلتقي بأبنائك وأحفادك كثيرا ؟
ج2 : ألتقي بهم بين وقت وآخر ، قد رتبت لهم بعض الليالي من الشهر لقراءة القرآن والسؤال عما يشكل عليهم ، ولكن قد تحصل عوارض تخل بالموعد ، لقد رتبنا لهم ليلتين في الشهر ، ليلة للإناث وليلة للذكور ، إلا أنه قد تحصل بعض الأشياء التي تعوق عن التنفيذ في بعض الأحيان .
س3 : هل اخترت لأبنائك طريق الدراسة أم تركت لهم الحرية في اختيار ما يشاءون في تحصيل العلم ؟
ج3 : نشير عليهم بما نرى ، وقد تقبل الإشارة ، وقد يختار الفرد منهم شيئا آخر ، نشير عليهم بكلية الشريعة دائما وبعضهم قد يختار كلية أخرى .
س4 : أي المدن تحب السكني فيها؟ أي تشعر فيها بالارتياح ؟
ج4 : الحمد لله كل مدن المملكة طيبة ، لكن أحبها إلينا مكة ، ثم المدينة ، ثم الرياض ، هذه أحسن ما في المملكة .
س5 : وهل ترى بوجود حد لتعليم البنات؟
ج5 : لا ، ليس هناك حد ، بل يتعلمن حتى أعلى المراحل ليستفدن ويفدن .
س6 : قبل سنة 1357 هجرية ، وقبل توليكم القضاء في الخرج ماذا كنتم تعملون ؟
ج6 : في طلب العلم في الرياض .
س7 : إذا جاز لك أن تسمـي شيخا لك فمـن هـو شيخك ؟
ج7 : أفضلهم وأعلمهم الشيخ : محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله هو شيخنا ، وهو الذي علمنا وتخرجنا على يديه ، وهو أعلمهم وأفضلهم ، وقرأنا على غيره من المشايخ من آل الشيخ وغيرهم ، مثل : الشيخ صالح بن عبد العزيز قاضي الرياض ، والشيخ : محمد بن عبد اللطيف رحمه الله . من المدرسين في الرياض ، وقرأنا على الشيخ : سعد بن حمد بن عتيق القاضي في الرياض رحمه الله ، وقرأنا على الشيخ : سعد وقاص التجويد في مكة ، رحمه الله .
س8 : هـل يحفظ سماحتـكم شيئا مـن الشعـر؟
ألاحظ أحيانا بعض الفتاوى فيها استشهادات من الشعـر .
ج8 : لا أعتني بالشعر ، هي أشياء قد تأتي . لكن ليس لي عناية بالشعر .
س9 : هل هناك فتاوى معينة أصدرتها في فترات سابقة ثم تراجعت عنها
بعدما تبين لك مـزيد من الأدلة؟
ج9 : لا أتذكر شيئا ، ربما يكون هناك ، لكن لا أتذكر .
س10 : وهـل تـذكرون أول فتـوى في حياتكم؟
ج10 : لا نتذكر شيئا ، نفتي منذ أكثر من خمسين أو ستين سنة ، نسأل الله حسن الخاتمة .
س11 : حينما كنت قاضيا في الخرج سنة 1357 هـ ذاع صيتك بين طلبة العلم وقصدوك ، ما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك؟
ج11 : لأنني رتبت الدروس للطلبة في كتب العقيدة ، وكتب الحديث الشريف ، وكتب الفقه ، وكتب النحو ، ورتبنا لهم مساعدات شهرية على حساب المحسنين ، فاجتمع جمع غفير من داخل المملكة وخارجها في العقد السابع من القرن الرابع عشر ونحن في الخرج والدلم ، ثم انتقلنا للرياض ، وصارت الدروس في الرياض ، ثم انتقلنا إلى المدينة وصارت الدروس في المدينة في المسجد النبوي .
س12 : كيف ترون الآن الاختلافات بين القضاء في تلك الفترة والقضاء في هذه الأيام؟
ج12 : أهل القضاء أعلم بهذا ، الله يعينهم ، ونسأل الله لهم العون والتوفيق ، لكن لا شك أن الأمر أشد الآن . لتغير أحوال الناس ، وكثرة الجهل ، وكثرة الحيل والمكر ، كل هذا يسبب شدة في القضاء وتعبا على القاضي ، نسأل الله لهم العون والتوفيق
س13 : تعلمون كثرة القضايا والمشاكل بين الناس من ازدحام المدن ونموها ، فهل تؤيدون استخدام الحاسب الآلي لحفظ القضايا والصكوك بدلا من تعرضها للتلف والضياع ؟
ج13 : على كل حال استعمال الحاسب الآلي مفيد للقضاة وفي القضايا ، لكن الصكوك التي درج عليها الأولون كافية ، وإذا أعطوا الخصم صكا بحقه الذي له سوف يحفظه ، لكن الحاسب الآلي قد يضيع الصك أو ما شابه ذلك ، إلا أنهم قد ينتفعون بالحاسب الآلي
س14 : كثير من الناس يعجزون عن تبيان حجتهم أو استجماع أدلتهم ، فهل تؤيدون نظام المرافعات ؟
ج14 : هذا ممكن الاستغناء عنه بالوكيل ، والذي عنده عجز في الدعوى يمكن أن يوكل من هو خير منه وأقوى منه .
س15 : سماحتكم توليتم القضاء في سن مبكرة ، في سن السابعة والعشرين تقريبا ، أليست هذه سنا مبكرة لتولي القضاء؟
ج15 : تولى القضاء قبلي من هم أقل مني سنا .
س16 : سماحتكم تنقلتم بين القضاء والتعليم والإفتاء ورئاسة هيئة البحوث ، أي من هذه الأماكن وجدتم فيها دورا أفضل لكم؟
ج16 : لا أستطيع أن أحكم على شيء في هذا ، كلها بحمد الله خير ، وكلها بحمد الله فعلنا فيها ما نستطيع من الخير ، وبذلنا فيها ما نقدر عليه من الخير ، ونسأل الله أن يتقبل الأعمال ، وأن يعفو عن السيئات والتقصير ، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم ما قدمنا من خير ، وأن يعفو عن السيئات والزلل .
س17 : لا شك أنه تصلكم أخبار عن أناس خارج البلاد يتهمون سماحتكم بالتعصب
فما ردكم على مثل هـؤلاء؟ بمعنى : أنهم يقـولون :
هذه الدولة وهابية ، وأن الشيخ ابن باز متعصب ، بماذا تـرد على هؤلاء؟
ج17 : لا أعلم أنه وردني في هذا شيء لكن لا يستبعد ، وقد رمي الأنبياء بأكبر من هذا ، رمي الأنبياء والسلف الصالح من أعداء الله ومن الجهال ، وأنا والحمد لله لست بمتعصب ، ولكن أحكم الكتاب والسنة ، وأبني فتاواي على ما قاله الله ورسوله ، لا على تقليد الحنابلة ولا غيرهم ، الفتاوى التي تصدر مني إنما أبنيها على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة حسب ما ظهر لي ، وهذا هو الذي سرت عليه منذ عرفت العلم ، منذ أن كنت في الرياض قبل القضاء وبعد القضاء ، وكذلك في المدينة ، وما بعد المدينة ، وإلى الآن والحمد لله .
س18 : سماحتكم أميـل للحديث في الدراسـة ؟
ج18 : ( مقاطعا ) لا بد من الحديث ، الحديث سمعناه مع القرآن ، وكما قال الله جل وعلا : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فالرد إلى الله الرد إلى القرآن ، والرد إلى الرسول الرد إليه في الحياة وإلى السنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فلا علم ولا فتوى إلا عن طريق القرآن والحديث ، هذا هو العلم ، أما التقليد فليس بعلم
س19 : ولا تميـل إلى كتب الفقه كثيـرا ؟
ج19 : نطلع عليها ونستفيد منها ، نستفيد من كتب العلم ، كتب الفقهاء نقرؤها ونستفيد منها ، ولا سيما كتب الخلاف ، والكتب التي تقيم الأدلة ، نعتمد على الله ثم عليها في أخذ العلم؛ لأنها تأتي بالأدلة من القرآن والسنة وترجح .
س20 : تحفظـون عن ظهـر قلب عددا من أمهات الكتب ؟
ج20 : لا ، لا أحفظها ، قرأنا الكثير ولكن لا أحفظ منها الشيء الكثير ، قرأنا البخاري ومسلم مرات ، قرأنا سنن النسائي وأكملناها ، وسنن أبي داود وما أكملناها ، قرأنا سنن الترمذي وأكملناها ، قرأنا سنن ابن ماجة لكن ما أكملناها ، قرأنا جملة كبيرة من مسند الإمام أحمد ، والدارمي ، وصحيح ابن خزيمة ، نسأل الله أن يتقبل وينفع بالأسباب .
س21 : سمعنا أنكم تعرضتـم لمحاولة اغتيال منـذ سنـوات؟
ج1 : لا صحة لهذا
س22 : ترد عليكم كثير من القضايا المستجدة ، خاصة بعض المسائل العلمية ، فهل هناك أشخاص معينون تلتقون بهم وتستأنسون برأيهم؟
ج22 : عندنا اللجنة الدائمة وأنا رئيسها منذ عام 1395 هجرية إلى الآن ، ولها إحدى وعشرون سنة ، وهي لجنة الإفتاء في دار الإفتاء ، نتشاور وإياهم في القضايا التي ترد ، ونصدر الفتوى إما جميعا أو بالأكثرية تارة وتارة ، وتارة تكون الفتوى مني وحدي .
س23 : لكن إذا وردت مسـألة تتعلق باختـراع جديـد أو مسـألة طبيـة؟
ج23 : ندرسها جميعا ونستعين بأهل الخبـرة فيها .
س24 : شيخ عبد العزيز في فتاويكم توجد أحيانا لغة مختلفة ، فهل تكتب بعض الفتاوى أو النصائح قبلا ثم تصادق عليها ، أم أنك تمليها جميعا إملاء؟
ج24 : نمليها كلها إملاء ، ثم تقرأ علينا جميعا لنصادق عليها .
س25 : يلاحظ في هذه الفترة أن بعض طلبة العلم يتطاولون على كبار المشايخ إذا لم يقولوا ما يتفق مع أهوائهم أو رغباتهم أو معتقداتهم ما رأيك؟
ج25 : نسأل الله لنا ولهم الهداية ، والواجب على أهل العلم وعلى غيرهم الحذر من الغيبة ، واحترام أعراض المسلمين ، والحذر من النميمة ، كل هذه يجب الحذر منها ، فالغيبة والنميمة من أقبح الخصال ، فالواجب على المسلم : الحذر منهما جميعا ، فالغيبة : ذكرك أخاك بما يكره ، والنميمة : نقل الكلام السيئ من قوم إلى قوم ، أو من شخص إلى شخص . لأن هذا يثير العداوة والشحناء ، والواجب على كل مسلم أن يحذر الغيبة والنميمة ، وأن يحترم أعراض المسلمين ولا سيما أهل العلم ، يحترم أعراضهم ، ويحذر من الكلام في أعراضهم ، وأما من أظهر المنكر أو البدعة فلا غيبة له فيما أظهر وبين .
س26 : زراعة الأعضاء البشرية تسهم في إنقاذ حياة الكثيرين من الناس ما رأيكم فيها؟
ج26 : عندي فيها توقف؛ لأن المسلم محترم ، وتقطيع أعضائه فيه ضرر ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : كسر عظم الميت ككسره حيا فأنا عندي توقف في شرائها وفي التبرع بها .
س27 : توقف وليس تحريما؟
ج27 : نعم ، لي توقف فيها ، بعض أهل العلم أجازوا ذلك . للمصلحة ، ولأنها تكون ترابا بعد الدفن ، والبعض منهم توقفوا في ذلك ، وأنا من المتوقفين في جواز هذا الأمر .
س28 : سماحة الشيخ حركة ( الإخوان المسلمين ) دخلت المملكة منذ فترة وأصبح لها نشاط واضح بين طلبة العلم ، ما رأيكم في هذه الحركة؟ وما مدى توافقها مع منهج السنة والجماعة؟
ج28 : حركة الإخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم؛ لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى توحيد الله إنكار الشرك وإنكار البدع ، لهم أساليب خاصة ينقصها عدم النشاط في الدعوة إلى الله ، وعدم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة . فينبغي للإخوان المسلمين أن تكون عندهم عناية بالدعوة السلفية ، الدعوة إلى توحيد الله ، وإنكار عبادة القبور والتعلق بالأموات والاستغاثة بأهل القبور كالحسين أو الحسن أو البدوي ، أو ما أشبه ذلك ، يجب أن يكون عندهم عناية بهذا الأصل الأصيل ، بمعنى لا إله إلا الله ، التي هي أصل الدين ، وأول ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم في مكة دعا إلى توحيد الله ، إلى معنى لا إله إلا الله ، فكثير من أهل العلم ينتقدون على الإخوان المسلمين هذا الأمر ، أي : عدم النشاط في الدعوة إلى توحيد الله ، والإخلاص له ، وإنكار ما أحدثه الجهال من التعلق بالأموات والاستغاثة بهم ، والنذر لهم والذبح لهم ، الذي هو الشرك الأكبر ، وكذلك ينتقدون عليهم عدم العناية بالسنة : تتبع السنة ، والعناية بالحديث الشريف ، وما كان عليه سلف الأمة في أحكامهم الشرعية ، وهناك أشياء كثيرة أسمع الكثير من الإخوان ينتقدونهم فيها ، ونسأل الله أن يوفقهم ويعينهم ويصلح أحوالهم .
س29 : تعرفون سماحتكم أن كثيرا من المؤلفات المدرسية ساهم في تأليفها عدد من الإخوان المسلمين منذ الستينات فهل يتوجب إعادة طباعة ودراسة هذه المؤلفات المدرسية؟
ج29 : لا أعرف عنها شيئا ، ولأنني مشغول لم أقرأها . أسمع عن دعوة الإخوان المسلمين ، وعدم نشاطهم فيما يتعلق بالعقيدة ، ولكني لم أقرأ قراءة كافية في كتبهم وما جمعوا ، لا من جهة الشيخ حسن - يرحمه الله - ولا غيره .
س30 : ما رأيكم في الحوار الإسلامي المسيحي الآن؟
ج30 : إذا دعت له الحاجة فلا مانع منه ، إذا كان المحاور عنده علم وبصيرة بالكتاب والسنة فلا مانع من الحوار؛ لإظهار الحق والدعوة إليه وكشف الباطل .
س31 : إلى أي حد تعتقد أن التسامح يمكن أن يحكم العلاقات الإسلامية والدول الإسلامية بعضها مع بعض؟
ج31 : التسامح يجب أن يكون مقيدا بالكتاب والسنة ، أي : التسامح فيما أباحه الشرع . والواجب على ولاة الأمور في الدول العربية والإسلامية التناصح ، وأن يحكموا شريعة الله في عباد الله ، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ، وأن لا يتساهلوا فيما شرعه الله ، بل يجب عليهم أن يحكموا شرع الله ، وأن ينقادوا لشرع الله ، وأن يلزموا شعوبهم بشرع الله ، وهذا هو طريق النجاة وطريق العزة والنصر وطريق جمع الكلمة ، أما التسامح فيما سوى ذلك ، كالتسامح في الديون التي على بعضهم للبعض أو مساعدة بعضهم لبعض ، أو ما أشبهه من الأمور التي يجيزها الشرع فلا بأس .

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 05:45 AM
المشاركة 154
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أطول حديث صحفي نشر في عكاظ

أطول حديث صحفي نشر في عدد عكاظ رقم 8658 الصادر يوم الأربعاء ( 2 رمضان 1410 هـ - 28 مارس 1990 م ) حوار هام ينشر لأول مرة مع عكاظ .

ابن باز . . الداعية . . المفتي الإمام :
* فقدت بصري بعد 20 سنة من النور .
* العالم بحاجة إلى دعوة إسلامية عصرية على كل المستويات .
* الغزو الثقافي أخطر استعمار تواجهه الأمة الإسلامية .
* التحكيم بالشريعة المخرج الوحيد لنهوض العالم الإسلامي .
* الدعوة مطلوبة في كل الأماكن بالحكمة والكلمة الطيبة والأسلوب الحسن .
* العلماء والدعاة مدعوون لاستثمار الصحوة الإسلامية المباركة .
* الإذاعة والتلفزة والصحافة وسائل هامة للدعوة إلى الله .
* الاستعمار يسيطر على العقول الإسلامية عبر المناهج الدراسية الضعيفة .
* الانبهار بالغرب والدراسة في جامعاتهم من أخطر أساليب الغزو .
* جميع العلماء والحكام المسلمين مطالبون بمواجهة الدعوات الهدامة .
* توفير الاحتياجات التعليمية يحد من الابتعاث للخارج . الجانب الآخر :
* كبار المشايخ والعلماء علموني العلوم الشرعية والعربية .
* لازمت الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف عشر سنوات وتعلمت الكثير .
* اشتغلت بالقضاء والتدريس ورئاسة الجامعة والإفتاء أكثر من نصنف قرن .
الحوار مع سماحة الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز ليس حوارا عاديا . . ليس لأن سماحته - حفظه الله - يكتسب هذه المكانة البارزة والمتفردة بين علماء العالم الإسلامي وليس لجهاده الشاق والطويل في سبيل الدعوة إلى الله فقط وإنما لما تنطوي عليه شخصيته الفذة من خصائص فريدة ونادرة قل أن يوجد مثلها في رجال هذا العصر .
ومن المسلمات أن نقول أن الشيخ الجليل - ولا نزكي على الله أحدا - قد برز في خدمة الدين منذ نعومة أظفاره حتى أنه حفظ القرآن الكريم قبل البلوغ وحفظ عددا من كتب الحديث والعلوم الشرعية قبل أن يحرمه الله نعمة البصر وهو ابن العشرين وينعم الله عليه بنعمة البصيرة - مد الله في عمره - ومع ذلك فلم يتوان أن يتقهقر عن الطريق الذي شهد بداياته الأولى بعينه وعقله وقلبه وإنما انطلق كالسهم متجاوزا حدود إعاقته إلى التفوق والبروز ( فقضى ) بين الناس فترة من الزمن وكان له أسلوبه واجتهاده المميز ثم درس حقبة أخرى من الزمن وبعد ذلك اشتغل بتأسيس الجامعة الإسلامية ثم اختير لمهمة الإفتاء واشتراك سماحته بجهده الكبير في عدد من الهيئات واللجان بعضويات فاعلة فكان ثمارها هذا الخير الكبير الذي نلمس صداه في العالم الإسلامي . الشيء الذي لم يذكره شيخنا الجليل وقد لا يعلمه الكثير هو أن ما عدده سماحته من عطاءات كبيرة يبذلها في سبيل الجليل ما هي إلا جزء يسير مما يقوم به - حفظه الله - . من أجل نصرة هذا الدين فنحن لا نذيع سرا إذا قلنا أن الثانية في زمن الشيخ ابن باز تعني الشيء الكثير والكثير جدا من أجل مصلحة الإسلام والمسلمين نظرا لما يقوم به من أدوار هامة جدا . . وهذا ما قد يشفع لنا عدم استيفاء كافة الجوانب في حياة الشيخ الجليل - أمد الله في عمره - ونفع به الإسلام والمسلمين . . فإلى الحوار السبق الذي حظينا به : ذهب البصر . . وبقيت البصيرة :
سماحة الشيخ لتسمح لنا ببعض الأسئلة التي قد تبدو في ظاهرها شخصية . لكننا نلتمس منها إعطاء القدوة وخاصة للشباب . . وبداية نود أن نتعرف على نشأتكم وطفولتكم ومسيرتكم التعليمية كيف كانت؟

أنا عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز . ولدت بمدينة الرياض في ذي الحجة سنة 1330 هـ وكنت بصيرا في أول الدراسة ثم أصابني المرض في عيني عام 1346 هـ فضعف بصري بسبب ذلك ثم ذهب بالكلية في مستهل المحرم من عام 1350 هـ والحمد لله على ذلك . وأسأل الله جل وعلا أن . يعوضني عنه بالبصيرة في الدنيا والجزاء الحسن في الآخرة . كما وعد بذلك سبحانه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، كما أسأله سبحانه أن يجعل العاقبة حميدة في الدنيا والآخرة .
وقد بدأت الدراسة منذ الصغر وحفظت القرآن الكريم قبل البلوغ ثم بدأت في تلقي العلوم الشرعية والعربية على يدي كثير من علماء الرياض من أعلامهم :
* الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله .
* الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب . قاضي الرياض رحمهم الله .
* الشيخ سعد بن حمد بن عتيق . قاضي الرياض .
* الشيخ حمد بن فارس . وكيل بيت المال بالرياض .
* الشيخ سعد بن وقاص البخاري ( من علماء مكة المكرمة ) أخذت عنه علم التجويد في عام 1355 هـ
* سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ . وقد لازمت حلقاته نحوا من عشر سنوات وتلقيت عنه جميع العلوم الشرعية ابتداء من سنة 1347 هـ - إلى سنة 1357 هـ حيث رشحت للقضاء من قبل سماحته . جزى الله الجميع أفضل الجزاء وأحسنه وتغمدهم جميعا برحمته ورضوانه .
من القضاء إلى الإفتاء
وما هي أهم المنجزات الرئيسية التي شاركتم بها في حياتكم العملية؟ وما هي أبرز مؤلفات سماحتكم؟
لقد توليت عدة أعمال هي :
القضاء في منطقه الخرج مدة طويلة استمرت أربعة عشر عاما وأشهرا وامتدت بين سنة 1357 هـ إلى عام 1371 هـ . . وقد كان التعيين في جمادى الآخرة من عام 1357 هـ وبقيت إلى نهاية عام 1371 هـ .
التدريس في المعهد العلمي بالرياض سنة 1372 هـ وكلية الشريعة بالرياض بعد إنشائها سنة 1373 هـ في علوم الفقه والتوحيد والحديث واستمر عملي على ذلك تسع سنوات . انتهت في عام 1380 هـ .
عينت في عام 1381 هـ نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وبقيت في هذا المنصب إلى عام 1390 هـ .
توليت رئاسة الجامعة الإسلامية في سنة 1390 هـ بعد وفاة رئيسها شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في رمضان عام 1389 هـ وبقيت في هذا المنصب إلى سنة 1395 هـ .
وفي 14 / 10 / 1395 هـ صدر الأمر الملكي بتعييني في منصب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير ولا أزال إلى هذا الوقت في هذا العمل أسأل الله العون والتوفيق والسداد.
ولي إلى جانب هذا العمل في الوقت الحاضر عضوية في كثير من المجالس العلمية والإسلامية من ذلك :
* عضوية هيئة كبار العلماء بالمملكة .
* رئاسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الهيئة المذكورة .
* عضوية ورئاسة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي .
* رئاسة المجلس الأعلى العالمي للمساجد .
* رئاسة المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي .
* عضوية المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة .
* عضوية الهيئة العليا للدعوة الإسلامية في المملكة .
* أما مؤلفاتي فمنها :
الفوائد الجلية في المباحث الفرضية .
التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة .
توضيح المناسك . .
التحذير من البدع . ويشتمل على أربعة مقالات مفيدة بحكم
الاحتفال بالمولد النبوي وليلة الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان
وتكذيب الرؤيا المزعومة من خادم الحجرة النبوية المسمى الشيخ أحمد
رسالتان موجزتان في الزكاة والصيام .
العقيدة الصحيحة وما يضادها .
وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها .
الدعوة الى الله وأخلاق الدعاة .
وجوب تحيكم شرع الله ونبذ ما خالفه .
حكم السفور والحجاب ونكاح الشغار .
نقد القومية العربية .
الجواب المفيد في حكم التصوير .
الشيخ محمد بن عبد الوهاب " دعوته وسيرته " .
ثلاث رسائل في الصلاة :
1- كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
2- وجوب أداء الصلاة في جماعة .
3- أين يضع المصلي يديه حين الرفع من الركوع .
حكم الإسلام في من طعن في القرآن أو في رسول الله صلى الله عليه وسلم
حاشية مفيدة على فتح الباري وصلت فيها إلى كتاب الحج .
رسالة الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب .
إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين .
الجهاد في سبيل الله .
الدروس المهمة لعامة الأمة .
فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة .
وجوب لزوم السنة والحذر من البدعة .
الدعوة فريضة :
* نود من سماحتكم أن تبينوا لنا حكم الدعوة إلى الله عز وجل وأوجه الفضل فيها ؟
* أما حكمها ، فقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الدعوة إلى الله عز وجل وأنها من الفرائض ، والأدلة في ذلك كثيرة . . منها قوله سبحانه : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ومنها قوله جل وعلا : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ومنها قوله عز وجل : وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ومنها قوله سبحانه : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي
فبين سبحانه أن أتباع الرسول هم الدعاة إلى الله . وهم أهل البصائر والواجب كما هو معلوم هو اتباعه . والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا
وصرح العلماء أن الدعوة إلى الله عز وجل فرض كفاية بالنسبة إلى الأقطار التي يقوم فيها الدعاة . فإن كل قطر وكل إقليم يحتاج إلى الدعوة وإلى النشاط فيها ، فهي فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين ذلك الواجب ، وصارت الدعوة في حق الباقين سنة مؤكدة ، وعملا صالحا جليلا . وإذا لم يقم أهل الإقليم ، أو أهل القطر المعين بالدعوة على التمام صار الإثم عاما ، وصار الواجب على الجميع وعلى كل إنسان أن يقيم . بالدعوة حسب طاقته وإمكانه ، أما بالنظر إلى عموم البلاد ، فالواجب أن يوجد طائفة منتصبة تقوم . بالدعوة إلى الله جل وعلا في أرجاء المعمورة . تبلغ رسالات الله ، وتبين أمر الله عز وجل بالطرق الممكنة ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعث الدعاة ، وأرسل الكتب إلى الناس ، وإلى المملوك والرؤساء ودعاهم إلى الله عز وجل . الوسائل ميسرة والواجب أعظم :
* واقع الدعوة الآن كيف تقيمونه وما هي المحاور التي يجب التركيز عليها في ظل المستجدات الحالية والتحديات المعاصرة؟
** في وقتنا الحاضر يسر الله عز وجل أمر الدعوة أكثر بطرق لم تحصل لمن قبلنا ، فأمور الدعوة اليوم متيسرة أكثر وذلك بواسطة طرق كثيرة . وإقامة الحجة على الناس اليوم ممكنة بطرق متنوعة مثلا عن طريق الإذاعة ، وعن طريق التلفزة ، وعن طريق الصحافة ، وهناك طرق شتى ، فالواجب على أهل العلم والإيمان ، وعلى خلفاء الرسول أن يقوموا بهذا الواجب ، وأن يتكاتفوا فيه ، وأن يبلغوا رسالات الله إلى عباد الله ، ولا يخشون في الله لومة لائم ، ولا يحابون في ذلك كبيرا ولا صغيرا ولا غنيا ولا فقيرا ، بل يبلغون أمر الله إلى عباد الله ، كما أنزل الله ، وكما شرع الله ، وقد يكون ذلك فرض عين إذا كنت في مكان ليس فيه من يؤدي ذلك سواك ، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنه يكون قرض عين ، .
ويكون فرض كفاية ، فإذا كنت في مكان ليس فيه من يقوى على هذا الأمر ، ويبلغ أمر الله سواك ، فالواجب عليك أنت أن تقوم بذلك ، فأما إذا وجد من يقوم بالدعوة والتبليغ ، والأمر والنهي غيرك ، فإنه يكون حينئذ في حقك سنة؛ وإذا بادرت إليه وحرصت عليه كنت بذلك - منافسا في الخيرات ، وسابقا إلى الطاعات ، ومما احتج به على أنها فرض كفاية قوله جل وعلا : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ الآية قال الحافظ ابن كثير عند هذه الآية وجماعة ما معناه . " ولتكن منكم أمة منتصبة لهذا الأمر ، العظيم ، تدعوا إلى الله ، وتنشر دينه ، وتبلغ أمره سبحانه وتعالى .
ومعلوم أيضا أن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا إلى الله . وقام بأمر الله في مكة حسب طاقته ، وقام الصحابة كذلك رضي الله عنهم وأرضاهم بذلك حسب طاقتهم . ثم لما هاجروا قاموا بالدعوة أكثر وأبلغ ، ولما انتشروا في البلاد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام قاموا بذلك أيضا رضي الله عنهم وأرضاهم . كل على قدر طاقته وعلى قدر علمه ، فعند قلة الدعاة ، وعند كثرة المنكرات ، وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم ، تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته .
وإذا كان في محل محدود كقرية ومدينة ونحو ذلك ووجد فيها من تولى هذا الأمر . وقام به وبلغ أمر الله . كفى وصار التبليغ في حق غيره سنة ، لأنه قد أقيمت الحجة على يد غيره ونفذ أمر الله على من سواه .
ولكن بالنسبة إلى بقية أرض الله ، وإلى بقية الناس ، يجب على العلماء حسب طاقتهم ، وعلى ولاة الأمر حسب طاقتهم ، أن يبلغوا أمر الله بكل ما يستطيعون . وهذا فرض عين عليهم على حسب الطاقة والقدرة .
وبهذا يعلم أن كونها فرض عين ، وكونها فرض كفاية ، أمر نسبي يختلف ، فقد تكون الدعوة فرض عين بالنسبة إلى أقوام وإلى أشخاص وسنة بالنسبة إلى أشخاص وإلى أقوام لأنه وجد في محلهم وفي مكانهم من قام بالأمر وكفى عنهم ، أما بالنسبة إلى ولاة الأمور ومن لهم القدرة الواسعة ، فعليهم من الواجب أكثر ، وعليهم أن يبلغوا الدعوة إلى ما استطاعوا من الأقطار حسب الإمكان بالطرق الممكنة ، وباللغات الحية التي ينطق بها الناس يجب أن يبلغوا أمر الله بتلك اللغات حتى يصل دين الله إلى كل أحد باللغة التي يعرفها ، باللغة العربية وبغيرها ، فإن الأمر الآن ممكن وميسور بالطرق التي تقدم أنها ، طرق الإذاعة والتلفزة والصحافة وغير ذلك من الطرق التي تيسرت اليوم ولم تتيسر في السابق ، كما أنه يجب على الخطباء في الاحتفالات وفي الجمع وفي غير ذلك أن يبلغوا ما استطاعوا من أمر الله عز وجل ، وأن ينشروا دين الله حسب طاقتهم ، وحسب علمهم ونظرا إلى انتشار الدعوة إلى المبادئ الهدامة وإلى الإلحاد وإنكار رب العباد وإنكار الرسالات وإنكار الآخرة وانتشار الدعوة النصرانية في الكثير من البلدان ، وغير ذلك من الدعوات المضللة ، نظرا إلى هذا فإن الدعوة إلى الله عز وجل اليوم أصبحت فرضا عاما ، وواجبا على جميع العلماء ، وعلى جميع الحكام الذين يدينون بالإسلام ، فرض عليهم أن يبلغوا دين الله حسب الطاقة ، والإمكان بالكتابة والخطابة وبالإذاعة وبكل وسيلة استطاعوا ، وأن لا يتقاعسوا عن ذلك ، أو يتكلوا على زيد أو عمرو ، فان الحاجة بل الضرورة ماسة اليوم إلى التعاون والاشتراك ، والتكاتف في هذا الأمر العظيم أكثر مما كان قبل ذلك لأن أعداء الله قد تكاتفوا وتعاونوا بكل وسيلة ، للصد عن سبيل الله والتشكيك في دينه ، ودعوة الناس إلى ما يخرجهم من دين الله عز وجل ، فوجب على أهل الإسلام أن يقابلوا هذا النشاط الملحد بنشاط إسلامي ، وبدعوة إسلامية على شتى المستويات ، وبجميع الوسائل وبجميع الطرق الممكنة وهذا من باب أداء ما أوجب الله على عباده من الدعوة إلى سبيله . توفير البديل الإسلامي :
* وكيف تستطيع المجتمعات الإسلامية أن تحارب الغزو الثقافي الغربي . والشرقي الذي تواجهه في وقتنا الحاضر؟
** مما لا شك فيه أن أخطر ما تواجهه المجتمعات الإسلامية في الوقت الحاضر هو ما يسمى بالغزو الثقافي بأسلحته الممنوعة من كتب وإذاعات وصحف ومجلات وغير ذلك من الأسلحة الأخرى ، ذلك أن الاستعمار في العصر الحديث قد غير من أساليبه القديمة لما أدركه من فشلها وعدم فعاليتها ومحاربة الشعوب واستماتتها في الدفاع عن دينها وأوطانها ومقدراتها وتراثها حيث أن الأخذ بالقوة وعن طريق العنف والإرهاب مما تأباه الطباع وتنفر منه النفوس لا سيما في الأوقات الحاضرة بعد أن انتشر الوعي بين الناس واتصل الناس بعضهم ببعض وأصبحت هناك منظمات وهيئات كثيرة تدافع عن حقوق الشعوب وترفض الاستعمار عن طريق القوة.
وتطالب بحق تقرير المصير لكل شعب وأن لأهل كل قطر حقهم الطبيعي في سيادتهم على أرضهم واستثمار مواردهم وتسيير دفة الحكم في أوطانهم حسب ميولهم ورغباتهم في الحياة وحسب ما تدين به تلك الشعوب من معتقدات ومذاهب وأساليب مختلفة للحكم مما اضطر معه إلى الخروج عن هذه الأقطار بعد قتال عنيف وصدامات مسلحة وحروب كثيرة دامية . ولكن الاستعمار قبل . أن يخرج من هذه الأقطار فكر في عدة وسائل واتخذ كثيرا من المخططات بعد دراسة واعية . وتفكير طويل وتصور كامل لأبعاد هذه المخططات ومدى فعاليتها وتأثيرها والطرق التي ينبغي أن تتخذ للوصول إلى الغاية التي يريد وأهدافه تتلخص في إيجاد مناهج دراسية على صلة ضعيفة بالدين ، مبالغة في الدهاء والمكر والتلبس ركز فيها على خدمة أهدافه ونشر ثقافته وترسيخ الإعجاب بما حققه في مجال الصناعات المختلفة والمكاسب المادية في نفوس أغلب الناس حتى إذا ما تشربت بها قلوبهم وأعجبوا بمظاهر بريقها ولمعانها وعظيم ما حققته وأنجزته من المكاسب الدنيوية والاختراعات العجيبة ، لا سيما في صفوف الطلاب والمعلمين الذين لا يزالون في سن المراهقة والشباب .
اختار جماعة منهم ممن انطلى عليهم سحر هذه . الحضارة لإكمال تعليمهم في الخارج في الجامعات الأوربية والأمريكية وغيرها حيث يواجهون هناك بسلسلة من الشبهات والشهوات على أيدي المستشرقين والملحدين بشكل منظم وخطط مدروسة ، وأساليب ملتوية في غاية المكر والدهاء ، وحيث يواجهون الحياة الغربية بما فيها من تفسخ وتبذل وخلاعة وتفكك ومجون وإباحية .
وهذه الأسلحة وما يصاحبها من إغراء وتشجيع ، وعدم وازع من دين أو سلطة ، قل من ينجو من شباكها ويسلم من شرورها . وهؤلاء بعد إكمال دراستهم وعودتهم إلى بلادهم . أخطر من يطمئن إليهم المعتمر بعد رحيله ويضع الأمانة الخسيسة في أيديهم لينفذوا بكل دقة ، بل بوسائل وأساليب أشد عنفا وقسوة من تلك التي سلكها المستعمر ، كما وقع ذلك فعلا في كثير من البلاد التي ابتليت بالاستعمار أو كانت على صلة وثيقة به .
أما الطريق إلى السلامة من هذا الخطر والبعد عن مساوئه وأضراره فيتلخص في إنشاء الجامعات والكليات والمعاهد المختلفة بكافة اختصاصاتها للحد من الابتعاث إلى الخارج ، وتدريس العلوم بكافة أنواعها مع العناية بالمواد الدينية والثقافية الإسلامية في جميع الجامعات والكليات والمعاهد حرصا على سلامة عقيدة الطلبة ، وصيانة أخلاقهم ، وخوفا على مستقبلهم . وحتى يساهموا في بناء مجتمعهم على نور من تعاليم الشريعة الإسلامية وحسب حاجات ومتطلبات هذه الأمة المسلمة ، والواجب التضييق من نطاق الابتعاث إلى الخارج وحصره في علوم معينة لا تتوافر في الداخل . الدواء في تحكيم الشرع :
* كيف ترون سماحتكم الدواء الناجح للعالم الإسلامي للخروج به من الدوامة التي يوجد فيها في الوقت الحاضر ؟
** إن الخروج بالعالم الإسلامي من الدوامة التي هو فيها من مختلف المذاهب والتيارات العقائدية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ، إنما يتحقق بالتزامهم بالإسلام ، وتحكيمهم شريعة الله في كل شيء . وبذلك تلتئم الصفوف وتتوحد القلوب .
وهذا هو الدواء الناجع للعالم الإسلامي ، بل للعالم كله ، مما هو فيه من اضطرابات واختلاف ، وقلق وفساد وإفساد كما قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وقال عز وجل وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ وقال سبحانه وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا الآية وقال سبحانه : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ولكن ما دام أن القادة إلا من شاء الله منهم يطلبون الهدى والتوجيه من غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويحكمون غير شريعته ، ويتحاكمون ، إلى ما وضعه أعدائهم لهم ، فإنهم لن يجدوا طريقا للخروج مما هم فيه من التخلف والتناحر فيما بينهم ، واحتقار أعدائهم لهم ، وعدم إعطائهم حقوقهم : وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ فنسأل الله أن يجمعهم على الهدى ، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم ، وأن يمن عليهم بتحكيم شريعته والثبات عليها ، وترك ما خالفها ، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . الاستقامة :
* كيف ترون سماحتكم المدخل لكي يتجنب الشباب الوقوع تحت وطأة مغريات هذا العصر ويتجه الوجهة الصحيحة ؟
** إن الطريق الأمثل ليسلك الشباب الطريق الصحيح في التفقه في دينه والدعوة إليه هو أن يستقيم على المنهج القويم بالتفقه في الدين ودراسته ، وأن يعنى بالقرآن الكريم والسنة المطهرة ، وأنصحه بصحبة الأخيار والزملاء الطيبين من العلماء المعروفين بالاستقامة حتى يستفيد منهم ومن أخلاقهم كما أنصحه بالمبادرة بالزواج ، وأن يحرص على الزوجة الصالحة لقوله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء التقبل أكبر :
* وهل تعتقدون سماحتكم أن تقبل المجتمع للدعوة الآن أفضل من السابق بمعنى أنه لا يوجد اليوم ما يسمى " حائط الاصطدام بين الدعوة والمجتمع" ؟
** الناس اليوم في أشد الحاجة للدعوة ، وعندهم قبول لها بسبب كثرة الدعاة إلى الباطل وبسب انهيار المذهب الشيوعي وبسبب هذه الصحوة العظيمة بين المسلمين ، فالناس الآن في إقبال على الدخول في الإسلام والتفقه في الإسلام حسب ما بلغنا في سائر الأقطار . ونصيحتي للعلماء والقائمين بالدعوة أن ينتهزوا هذه الفرصة وأن يبذلوا ما في وسعهم في الدعوة إلى الله وتعليم الناس ما خلقوا له من عبادة الله وطاعته مشافهة وكتابة وغير ذلك بما يستطيعه .
العالم من خطب الجمعة والخطب الأخرى في الاجتماعات المناسبة وعن طريق التأليف ، وعن طريق وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ، فالعالم أو الداعي إلى الله جل وعلا ينبغي له أن ينتهز الفرصة في تبليغ الدعوة في كل وسيلة شرعية ، وهي كثيرة والحمد لله فلا ينبغي التقاعس عن البلاغ والدعوة والتعليم ، والناس الآن متقبلون لما يقال لهم من خير وشر فينبغي لأهل العلم بالله ورسوله أن ينتهزوا الفرصة ويوجهوا الناس للخير والهدى على أساس متين من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وأن يحصر كل واحد من الدعاة على أن يكون قد عرف ما يدعو إليه عن طريق الكتاب والسنة ، وقد فقه في ذلك حتى لا يدعو على جهل ، بل يجب أن تكون دعوته على بصيرة ، قال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ فمن أهم الشروط أن يكون العالم أو الداعي إلى الله على بصيرة فيما يدعو إليه ، وفيما يحذر منه ، والواجب الحذر من التساهل في ذلك لأن الإنسان قد يتساهل في هذا ويدعو إلى باطل أو ينهى عن حق ، فالواجب التثبت في الأمور وأن تكون الدعوة على علم وهدى وبصيرة في جميع الأحوال . ليست المساجد فقط :
* البعض يرى أن الدعوة لا بد أن تكون في المساجد فقط . . فما رأيكم؟ وما هي المجالات والأبواب التي يمكن للداعية أن يطرقها؟
** الدعوة لا تختص بالمساجد فقط . فهناك مجالات وطرق أخرى . والمساجد لا شك أنها فرصة للدعوة كخطب الجمعة والخطب الأخرى والمواعظ في أوقات الصلوات . وفي حلقات العلم ، فهي أساس انتشار العلم والدين ، ولكن المسجد لا يختص وحده بالدعوة بل فالداعي إلى الله يدعو إليه في غير المساجد في الاجتماعات المناسبة أو الاجتماعات المعارضة ، فينتهزها المؤمن ويدعو إلى الله وعن طريق وسائل الإعلام المختلقة ، وعن طريق التأليف . . كل ذلك من بين طرق الدعوة ، والحكيم الذي ينتهز الفرصة في كل وقت وكل . مكان ، فإذا جمعه الله بجماعة في أي مكان وأي زمان وتمكن من الدعوة بذل ما يستطيع للدعوة إلى الله بالحكمة والكلام الطيب والأسلوب الحسن . الحكمة للدين :
* من واقع خبرتكم الطويلة في هذا المجال ما هو الأسلوب الأمثل للدعوة ؟
** الأسلوب الأمثل ما بينه الله عز وجل واضح من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، يقول سبحانه وتعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ويقول تعالى : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ ويقول عز وجل في قصة موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون : فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى فالداعي إلى الله يتحرى الأسلوب الحسن والحكمة في ذلك وهي العلم بما قاله الله وورد في الحديث النبوي الشريف ، ثم الموعظة الحسنة والكلمات الطيبة التي تحرك القلوب وتذكرها بالآخرة والموت ، وبالجنة والنار حتى تقبل القلوب الدعوة وتقبل عليها وتصغي إلى ما يقوله الداعي
وكذلك إذا كان هناك شبهة يتقدم بها المدعو عالجها بالتي هي أحسن ، وإزالتها لا بالشدة والعنف ولكن بالتي هي أحسن . فيذكر الشبهة ويزيحها بالأدلة ، ولا يمل ولا يضعف ولا يغضب غضبا ينفر الداعي بل يتحرى الأسلوب المناسب والبيان المناسب والأدلة المناسبة ، ويتحمل ما قد يثير غضبه لعله يؤدي موعظته بطمأنينة ورفق لعل الله يسهل قبولها من المدعو .
* عن التعاون مع وسائل الإعلام . . وكيف يمكن تجاوز تلك الفجوة وإيجاد قناة مفتوحة بين الدعاة ووسائل الإعلام ؟
** لا شك أن بعض أهل العلم قد يتساهل في هذا الأمر إما لمشاغل دنيوية تشغله وإما لضعف في العلم ، وإما أمراض تمنعه أو أشياء أخرى يراها وقد أخطأ فيها كأن يرى أنه ليس أهلا لذلك أو يرى أن غيره قد قام بالواجب وكفاه إلى غير هذا من الأعذار
ونصيحتي لطالب العلم أن لا يتقاعس عن الدعوة ويقول هذا لغيري . بل يدعو إلى الله على حسب طاقته وعلى حسب علمه ولا يدخل نفسه في ما لا يستطيع ، بل يدعو إلى الله حسب ما لديه من علم ، ويجتهد في أن يقول بالأدلة وألا يقول على الله بغير علم ولا يحقر نفسه ما دام عنده علم وفقه في الدين فالواجب عليه أن يشارك في الخير من جميع الطرق في وسائل الإعلام وفي غيرها ، ولا يقول هذا لغيري فإن كل الناس إن تواكلوا .
بمعنى كل واحد يقول هذه لغيري تعطلت الدعوة وقل الداعون إلى الله وبقي الجهلة على جهلهم وبقيت الشرور على حالها ، وهذا غلط عظيم ، بل يجب على أهل العلم أن يشاركوا في الدعوة إلى الله أينما كانوا في المجتمعات الأرضية ، والجوية ، وفي القطارات والسيارات ، وفي المراكب البحرية ، فكلما حصلت فرصة انتهزها طالب العلم في الدعوة والتوجيه ، فكلما شارك في الدعوة فهو على خير عظيم ، قال تعالى : وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ فالله سبحانه يقول ليس هناك قول أحسن من هذا ، والاستفهام هنا للنفي " أي لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله ، وهذه فائدة عظيمة ومنقبة كبيرة للدعاة إلى الله عز وجل ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : من دل على خير فله مثل أجر فاعله وقال عليه الصلاة والسلام : من دعا إلى هدى كان له أجر مثل أجور من تبعه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا وقال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر : والله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم
فلا ينبغي للعالم أن يزهد في هذا الخير أو يتقاعس عنه احتجاجا بأن فلانا قد قام بهذا . بل يجب على أهل العلم أن يشاركوا وأن يبذلوا وسعهم في الدعوة إلى الله أينما كانوا ، والعالم كله بحاجة إلى الدعوة مسلمة وكافره ، فالمسلم يزداد علما والكافر لعل الله يهديه فيدخل في . الإسلام دعوة للصحفيين والكتاب :
* بعض الدعاة يحتجب عن المشاركة في وسائل الإعلام بسبب رفضه لسياسة الصحيفة والمجلة التي تعتمد على الإثارة في تسويق أعدادها؟ فما رأي سماحتكم؟
* الواجب على أصحاب الصحف أن يتقوا الله وأن يحذروا ما يضر الناس سواء كانت الصحف يومية أو أسبوعية أو شهرية ، وهكذا المؤلفون يجب أن يتقوا الله في مؤلفاتهم فلا يكتبوا ولا ينشروا بين الناس إلا ما ينفعهم ، ويدعوهم إلى الخير ويحذرهم عن الشر
أما نشر صور النساء على الغلاف أو في داخل المجلات أو الصحف ، فهذا منكر عظيم وشر كبير يدعو إلى الفساد والباطل ، وهكذا نشر الدعوات العلمانية المضلة أو التي تدعو إلى غير ما حرم الله ، فكل هذا منكر عظيم ، ويجب على أصحاب الصحف أن يحذروا ذلك ومتى كتبوا هذه الأشياء كان عليهم مثل آثام من تأثر بهم ، فعلى صاحب الصحيفة الذي نشر هذا المقال السيئ سواء كان رئيس التحرير أو من أمره بذلك عليهم مثل آثام من ضل بهذه الأشياء وتأثر بها ، كما أن من نشر الخبر ودعا
ومن هذا المنطق يجب على وسائل الإعلام التي يتولاها المسلمون أن ينزهوها عن ما حرم الله ، وأن يحذروا البث الذي يضر المجتمع حيث يجب أن تكون هذه الوسائل مركزة على ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم وأن يحذروا أن تكون عوامل هدم وأسباب إفساد لما يبث فيها .
وكل واحد من المسئولين الإعلاميين مسئول عن هذا الشيء على حسب قدرته . ويجب على الدعاة أن يطرقوا هذا المجال فيما يكتبون . وفيما ينشرون ويحذروا من ما حرم الله عز وجل ، وهذا واجبهم في خطبهم وفي اجتماعاتهم مع الناس ، فكل المجالس مجالس دعوة أينما كان فهو في دعوة سواء في دينه أو في مجتمعه مع أي أحد ، فالواجب عليه أن يستغل هذه الوسائل - وسائل الإعلام - وينشر فيها الخير ولا يحتجب عنها . مواصفات الداعية الناجح :
* ختاما . .
كيف ترون سماحتكم الداعية الناجح . وما هي المواصفات التي يجب أن تتوفر فيه ويكون من شأنها زيادة فعالية الدعوة والتأثير على المدعوين؟
** الداعية الناجح هو الذي يعني بالدليل ويصبر على الأذى ويبذل وسعه في الدعوة إلى الله مهما تنوعت الإغراءات ومهما تلوع من التعب ، ولا يضعف من أذى أصابه أو من أجل كلمات يسمعها بل يجب أن يصبر ويبذل وسعه في الدعوة من جميع الوسائل ولكن مع العناية بالدليل والأسلوب الحسن حتى تكون الدعوة على أساس متين يرضاه الله ورسوله والمؤمنون وليحذر من التساهل حتى لا يقول على الله بغير علم فيجب أن تكون لديه العناية الكاملة بالأدلة الشرعية وأن يتحمل في سبيل ذلك المشقة في كونه يدعو إلى الله عن طريق وسائل الإعلام أو عن طريق التعليم ، فهذا هو الداعية الناجح والمستحق للعناء الجميل ، ومنزلته عالية عند الله إذا كان ذلك عن إخلاص منه لله .

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 05:46 AM
المشاركة 155
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سماحة الشيخ في حديث خاص لمجلة الحرس الوطني

سماحة الشيخ في حديث خاص لمجلة الحرس الوطني حول الأصولية ليست ذما أولويات الدعوة

س 1 : سماحة الشيخ : الدعوة- إلى الإسلام رسالة عظيمة ، ترى ما الموضوعات التي ينبغي أن يتطرق إليها الداعية في وقتنا الحاضر ؟
ج 1 : الدعوة إلى الله وإلى الإسلام لا شك أنها دعوة الرسل عليهم السلام ، فقد أرسل الله جميع الرسل ، للدعوة إليه ، وأنزل الكتب السماوية التي أعظمها وأفضلها وخاتمها . القرآن الكريم ، وكلها للدعوة إلى الله والتبشير بالإسلام ، والتحذير من ضده ، والدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والترهيب من سيئ الأخلاق وسيئ الأعمال .
وأهم شيء في وقتنا هذا وفي غيره : الدعوة إلى توحيد الله ، وإخلاص العبادة له وحده ، وبيان أسمائه وصفاته ، والدعوة إلى إثباتها كما جاءت ، مع الإيمان بها ، وإثباتها لله سبحانه على الوجه الذي يليق بالله جل وعلا ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل؛ عملا بقوله سبحانه : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وقوله عز وجل : فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وقوله سبحانه : فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
والواجب على الدعاة إلى الله أن يعنوا بالتوحيد - أعني : توحيد الربوبية - وقد أقر به المشركون ، وهو : الإيمان بأن الله رب الجميع ، وخالق الجميع ، ورازق الجميع ، الحي القيوم ، النافع الضار ، هذا معروف عند المسلمين وغيرهم ، وقد عرفه أبو جهل وأشباهه من كفار قريش ، واحتج الله عليهم بما أقروا به من توحيد الربوبية على ما أنكروا من توحيد الألوهية .
فالواجب على الدعاة إلى الله - أينما كانوا - أن يبينوا للناس حقيقة التوحيد التي بعث الله بها الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وأن يحذروهم من الشرك بالله وعبادة أصحاب القبور والاستغاثة بالأموات ، والنذر للأموات والذبح لهم والطواف . بقبورهم إلى غير ذلك مما يفعله المشركون اليوم . وهكذا دعوة الأصنام والأشجار والأحجار والجن والملائكة والأنبياء كل ذلك من الشرك بالله ، لا يجوز لأي إنسان أن يدعو ميتا أو شجرا أو حجرا أو صنما أو نجما أو غائبا من ملك أو جني أو غير ذلك ، بل هذا هو نفس الشرك الأكبر الذي قال الله فيه سبحانه : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وقال فيه سبحانه وتعالى إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ أما دعاء الحي الحاضر والاستغاثة به فيما يقدر فلا بأس بذلك ، لقول الله عز وجل في قصة موسى مع القبطي : فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ الآية .
ويجب على الداعية أن يبين للناس أن الواجب اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام ، مع الإيمان به والشهادة بأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين الجن والإنس ، والإيمان بجميع المرسلين ، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله ، والإيمان بالآخرة والجنة والنار والقدر خيره وشره .
ويجب على الداعية أن يبين هذه الأصول المهمة؛ من توحيد الله ، والإيمان به ، والإيمان برسله عليهم الصلاة والسلام ، . وعلى رأسهم خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام ، والإيمان باليوم الآخر ، وبالجنة والنار إلى غير هذا مما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والإيمان بالملائكة جميعا ، وبالكتب المنزلة على الأنبياء ، وبالرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام ، وبالقدر خيره وشره ، ثم يدعو الناس بعد ذلك إلى الصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت وبر الوالدين وصلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنهي عما حرم الله من سائر المعاصي مثل : الزنا ، والسرقة ، وظلم الناس في النفس والمال والعرض ، وتحريم الغيبة والنميمة ، وأكل الربا ، والكسب الحرام ، كل هذا من واجب الداعية إلى الله سبحانه وتعالى . نصيحتي إلى هؤلاء :
س2 : يعم العالم الإسلام صحوة مباركة ، استبشر بها كل المسلمين ، غير أن هذه الصحوة لا تعنى بالفقه الشرعي ولا أصول العقيدة الإسلامية ، ما نصيحة سماحتكم لهذه الصحوة؟
ج 2 : نصيحتي لجميع المسلمين : الشباب المسلم ، وللشيب أيضا ، وللرجال والنساء ، نصيحتي للجميع : أن يعنوا بكتاب الله - القرآن الكريم - تلاوة وتدبرا وتعقلا وعملا ، وأن يسألوا عما أشكل عليهم ، وأن يراجعوا كتب التفسير المعتمدة ، كابن جرير ، وابن كثير ، والبغوي وغيرها من الكتب المعتمدة في التفسير ، حتى يعرفوا معاني كلام الله ، وحتى يستقيموا على ما دل عليه كتاب الله من توحيد الله ، والإخلاص له ، والقيام بأوامره ، وترك نواهيه.
مع العناية أيضا بالكتب المؤلفة في عقيدة السلف الصالح مثل : ( كتاب التوحيد ) . و ( ثلاثة الأصول ) و ( كشف الشبهات ) للشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله ومثل ( العقيدة الواسطية ) للشيخ ابن تيمية ، و ( لمعة الاعتقاد ) للإمام الموفق ابن قدامة ، و ( شرح الطحاوية ) لابن أبي العز ، وأمثالها من الكتب المعروفة بالسير على منهج أهل السنة ، وكتب الحديث المختصرة؛ مثل : ( الأربعين النووية ) وتتمتها لابن رجب ، و ( عمدة الحديث ) للشيخ عبد الغني المقدسي ، و ( بلوغ المرام ) لابن حجر . ويكون عنده في المصطلح ( نخبة الفكر ) وشرحها للحافظ ابن حجر ، وفي أصول الفقه ( روضة الناظر ) للموفق ابن قدامة .
والمقصود : أن يعنوا بالأصول في العقيدة ، وفي أصول الفقه ، وفي المصطلح؛ لأن هذا ينفعهم ويبنون عليه علومهم ، وهكذا في الفقه مثل : ( عمدة الفقه ) للموفق ، و ( زاد المستقنع ) للحجاوي ، و ( دليل الطالب).
وهذه الكتب في الفقه تنفع وتفيد طالب العلم؛ حتى يستعين بها على معرفة المسائل ومراجعتها ومعرفة أدلتها ، كل هذا مهم في حق طالب العلم . ضرب الدعوة الإسلامية ( التطرف والأصولية ) :
س 3 : شاع في بعض وسائل الإعلام المختلفة اتهام شباب الصحوة بالتطرف وبالأصولية ، ما رأي سماحتكم في هذا ؟
ج 3 : هذا على كل حال غلط جاء من الغرب والشرق ، من النصارى ، والشيوعيين ، واليهود ، وغيرهم ممن ينفر من الدعوة إلى الله عز وجل وأنصارها ، أرادوا أن يظلموا الدعوة بمثل التطرف ، أو الأصولية أو كذا أو كذا مما يلقبونهم به .
ولا شك أن الدعوة إلى الله هي دين الرسل ، وهي مذهبهم وطريقهم ، وواجب على أهل العلم أن يدعو إلى الله ، وأن ينشطوا في ذلك ، وعلى الشباب أن يتقوا الله ، وأن يلتزموا بالحق ، فلا يغلوا ولا يجفوا . وقد يقع من بعض الشباب جهل فيغلون في بعض الأشياء أو نقص في العلم فيجفون
لكن على جميع الشباب وعلى غيرهم من العلماء أن يتقوا الله ، وأن يتحروا الحق بالدليل ، قال الله عز وجل ، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يحذروا من البدعة والغلو والإفراط ، كما أن عليهم أن يحذروا من الجهل أو التقصير ، وليس أحد منهم معصوما ، وقد يقع من بعض الناس شيء من التقصير بالزيادة أو النقص . لكن ليس ذلك عيبا للجميع ، إنما هو عيب لمن وقع منه .
ولكن أعداء الله من النصارى وغيرهم ، ومن سار في ركابهم جعلوا هذه وسيلة لضرب الدعوة والقضاء عليها باتهام أهلها بأنهم متطرفون أو بأنهم أصوليون .
وما معنى أصوليين؟ وإذا كانوا أصوليين بمعنى : أنهم يتمسكون بالأصول ، وبما قال الله وقال الرسول فهذا مدح وليس ذما ، التمسك بالأصول من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مدح وليس بذم ، وإنما الذم للتطرف أو الجفاء : إما التطرف بالغلو ، إما التطرف بالجفاء والتقصير ، وهذا هو الذم .
أما الإنسان الملتزم بالأصول المعتبرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا ليس بعيب ، بل مدح وكمال ، وهذا هو الواجب على طلبة العلم والداعين إلى الله : أن يلتزموا بالأصول من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما عرف في أصول الفقه ، وأصول العقيدة ، وأصول المصطلح فيما يستدل به وما يحتج به من الأدلة ، لا بد أن يكون عندهم أصول يعتمد عليها .
فضرب الدعاة بأنهم أصوليون هذا كلام مجمل ليس له حقيقة إلا الذم والعيب والتنفير ، فالأصولية ليست ذما ، ولكنها مدح في الحقيقة .
إذا كان طالب العلم يتمسك بالأصول ويعتني بها ويسهر عليها من كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما قرره أهل العلم فهذا ليس بعيب ، أما التطرف بالبدعة والزيادة والغلو فهو العيب ، أو التطرف بالجهل أو العصب فهذا عيب أيضا .
فالواجب على الدعاة أن يلتزموا بالأصول الشرعية ويتمسكوا بالتوسط الذي جعلهم الله فيه ، فالله جعلهم أمة وسطا ، فالواجب على الدعاة : أن يكونوا وسطا بين الغالي والجافي ، بين الإفراط والتفريط ، وعليهم : أن يستقيموا على الحق ، وأن يثبتوا عليه بأدلته الشرعية ، فلا إفراط وغلو ، ولا جفاء وتفريط ، ولكنه الوسط الذي أمر الله به .
واجب النصيحة
س 4 : يتردد كثيرا أن فلانا متطرف وذلك معتدل وذاك متزمت ، وغير ذلك من الألقاب ، سماحة الشيخ هل تجوز مثل تلك الألقاب؟ وكيف نعالج مشكلة التطرف في واقعنا المعاصر؟
ج 4 : قد يقول هذه الكلمات أشخاص لا يعرفون معانيها أو يعرفونها ويرمون بها من هو بريء منها .
وقد تقدم أن التطرف : هو عدم الاعتدال بغلو أو جفاء ، والغالب على هؤلاء يطلقون التطرف على المفرط الزائد الغالي بزعمهم ، والمتزمت : الذي ليس عنده انشراح؛ لقول الحق وقبول الحق والسير مع أهل الحق .
وهذه ألقاب ينفرون بها من الدعوة إلى الله عز وجل ، والواجب : النصيحة ، إذا روي من إنسان تقصير بجفاء نصح ، أو إفراط وغلو نصح ، وليس هذا وصفا لكل الناس ، وأنما قد يقع من بعضهم ، وليس هذا وصفا للدعاة عموما ، ولكن قد يقع من بعضهم شيء من النقص والجفاء أو شيء من الغلو والزيادة فينصح ويوجه إلى الخير ويعلم حتى يستقيم .
كيف نعالج التطرف ؟
س 5 : إذن شيخنا كيف نعالج مشكلة التطرف؟
ج 5 : بالتعليم والتوجيه من العلماء ، إذا عرفوا عن إنسان أنه يزيد ويبتدع بينوا له ، مثل الذي يكفر العصاة ، وهذا دين الخوارج ، الخوارج هم الذين يكفرون بالمعاصي ، ولكن يعلم أن عليه التوسط ، العاصي له حكمه ، والمشرك له حكمه ، المبتدع له حكمه ، فيعلم ويوجه إلى الخير حتى يهتدي ، وحتى يعرف أحكام الشرع وينزل كل شيء منزلته ، فلا يجعل العاصي في منزلة الكفار ولا يجعل الكافر في منزلة العاصي ، فالعصاة الذين ذنوبهم دون الشرك كالزاني والسارق وصاحب الغيبة والنميمة وآكل الربا ، هؤلاء لهم حكم ، وهم تحت المشيئة إذا ماتوا على ذلك ، والمشرك الذي يعبد أصحاب القبور ويستغيث بالأموات من دون الله له حكم ، وهو : الكفر بالله عز وجل ، والذي يسب الدين أو يستهزئ بالدين له حكم وهو : الكفر بالله . فالناس طبقات وأقسام ليسوا على حد سواء ، لا بد أن ينزلوا منازلهم ، ولا بد أن يعطوا . أحكامهم بالبصيرة والبينة لا بالهوى والجهل ، بل بالأدلة الشرعية ، وهذا على العلماء .
فعلى العلماء أن يوجهوا الناس ، وأن يرشدوا الشباب الذين قد يخشى منهم التطرف أو الجفاء والتقصير ، فيعلمون ويوجهون؛ لأن علمهم قليل ، فيجب أن يوجهوا إلى الحق .
الانتماء للجماعات الإسلامية
س 6 : يتساءل كثير من شباب الإسلام عن حكم الانتماء للجماعات الإسلامية ، والالتزام بمنهج جماعة معينة دون سواها؟
ج 6 : الواجب على كل إنسان أن يلتزم بالحق ، قال الله عز وجل ، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وألا يلتزم بمنهج أي جماعة لا إخوان مسلمين ولا أنصار سنة ولا غيرهم ، ولكن يلتزم بالحق ، وإذا انتسب إلى أنصار السنة وساعدهم في الحق ، أو إلى الإخوان المسلمين ووافقهم على الحق من دون غلو ولا تفريط فلا بأس ، أما أن يلزم قولهم ولا يحيد عنه فهذا لا يجوز ، وعليه أن يدور مع الحق حيث دار ، إن كان الحق مع الإخوان المسلمين أخذ به ، وإن كان مع أنصار السنة أخذ به ، وإن كان مع غيرهم أخذ به ، يدور مع الحق ، يعين الجماعات الأخرى في الحق ، ولكن لا يلتزم بمذهب معين لا يحيد عنه ولو كان باطلا ، ولو كان غلطا ، فهذا منكر ، وهذا لا يجوز ، ولكن مع الجماعة في كل حق ، وليس معهم فيما أخطئوا فيه .
العنف يضر بالدعوة
س 7 : هل من واجب الدعاة إلى الله في مجتمع مسلم لا يطبق أحكام الشريعة الإسلامية الدعوة إلى تغيير أنظمة الحكم بالقوة ؟
ج 7 : الواجب الدعوة إلى الله ، والنصيحة والتوجيه إلى الخير من دون تغيير بالقوة ، لأن هذا يفتح باب شر على المسلمين ويضايق الدعوة ويخنقها ، وربما أفضى إلى حصار أهلها ، ولكن يدعو إلى الله بالحكمة ، وبالقول الحسن ، بالموعظة الحسنة ، وبالتي هي أحسن ، وينصح ولاة الأمور ، ينصح غيرهم من المسئولين ، وينصح العامة ويوجههم إلى الخيرة عملا بقول الله سبحانه وتعالى : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقوله سبحانه : وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وهم : اليهود والنصارى ، نهى الله عن جدالهم إلا بالتي هي أحسن ، إلا من ظلم فهذا له شأن آخر : يرفع بأمره إلى ولاة الأمور ، ويعمل ما يستطيع من جهد لرد ظلمه بالطرق الشرعية المعتبرة .
الدعوة إلى الله فرض كفاية
س8 : هل الدعوة واجبة على كل مسلم أم على جماعة من المتخصصين في أمور الدين وأحكام الشريعة؟
ج 8 : الدعوة فرض كفاية ، إذا قام بها من يكفي في أي بلد أو في أي قرية ، أو في أي قبيلة سقطت عن الباقين ، وصارت في حقهم سنة بشرط أن يكون عندهم علم وعندهم بصيرة وأهلية للدعوة بقال الله عز وجل ، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإذا تعاونوا صار ذلك أكمل وأطيب ، كما قال الله عز وجل : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقال تعالى : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى الآية .
الاعتداء على زوار البلاد الإسلامية
س 9 : ما حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية ؟
ج 9 : هذا لا يجوز ، الاعتداء لا يجوز على أي أحد ، سواء كانوا سياحا أو عمالا؛ لأنهم مستأمنون ، دخلوا بالأمان ، فلا يجوز الاعتداء عليهم ، ولكن تناصح الدولة حتى تمنعهم مما لا ينبغي إظهاره ، أما الاعتداء عليهم فلا يجوز ، أما أفراد الناس فليس لهم أن يقتلوهم أو يضربوهم أو يؤذوهم ، بل عليهم أن يرفعوا الأمر إلى ولاة الأمور؛ لأن التعدي عليهم تعد على أناس قد دخلوا بالأمان فلا يجوز التعدي عليهم ، ولكن يرفع أمرهم إلى من يستطيع منع دخولهم أو منعهم من ذلك المنكر الظاهر . أما نصيحتهم ودعوتهم إلى الإسلام أو إلى ترك المنكر إن كانوا مسلمين فهذا مطلوب ، وتعمه الأدلة الشرعية ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 05:46 AM
المشاركة 156
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
براءة جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام

براءة جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام
إن هيئة جائزة الملك فيصل العالمية بعد اطلاعها على نظام جائزة الملك فيصل العالمية المصادق عليه من مجلس أمناء مؤسسة الملك فيصل الخيرية بالقرار رقم 11 / 68 / 98 م . وتاريخ 10 / 8 / 1398هـ ، وعلى محضر لجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام بتاريخ 16 ربيع الأول 1402هـ تقرر منح صاحب السماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام هذا العام 1402هـ ، وذلك لخدماته الجليلة المتمثلة فيما يأتي :
1 - تنوع نشاطاته في ميادين الدعوة إلى الله ، ومثابرته على الجهاد والنضال والعمل الصالح في هذا العصر .
2 - التزامه بالإسلام التزاما عمليا في فكره وسلوكه ، ومنهجه في الحياة ، ودعوته إلى ذلك .
3 - إسهاماته القيمة في مجالات البحوث والدراسات ، وفي حقل التعليم الإسلامي ، ونشر الكتاب الإسلامي بمختلف أنواعه وتعميم توزيعه في أطراف العالم ، حتى غدا علما بارزا من أعلام الثقافة الإسلامية .
4 - حرصه على إيجاد الحلول المناسبة لقضايا الإسلام . والمسلمين في مختلف الديار والأصقاع .
5 - دعمه لحركات الجهاد الإسلامي في كل بقاع العالم .
6 - مساندته المشاريع الإسلامية ، وحث العلماء والأشخاص والهيئات على مساعدتها والمشاركة بها .
إن هيئة الجائزة إذ تمنحه ذلك ، فإنها تسأل الله أن يبارك في جهوده الخيرة ، وأن يمده بعنايته وجميل رعايته ، حتى يواصل عمله في خدمة الإسلام والمسلمين .
والله ولي التوفيق
رئيس هيئة الجائزة
خالد الفيصل بن عبد العزيز

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 05:46 AM
المشاركة 157
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كلمة سماحته في حفل تسلمه الجائزة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام الأتمان والأكملان على نبينا وإمامنا عبد الله ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين . . أما بعد،
فإني أشكر الله عز وجل على ما منَّ به سبحانه من هذا اللقاء المبارك لتقدير العلم وحملته ، وإجراء ما يحصل به تشجيع العاملين في خدمة الإسلام والدراسات الإسلامية والأدب العربي الإسلامي وسائر ما ينفع العباد كالطب النافع ولا سيما في التخصص الذي ينفع الأمة وهكذا العلوم التي تنفع الأمة ، ثم أشكر جلالة الملك خالد وسمو ولي عهده الأمين الأمير المكرم فهد ، وأصحاب السمو أبناء جلالة الملك فيصل تغمده الله برحمته على ما قاموا به ويسروه من إنشاء هذه المؤسسة المباركة مؤسسة الملك فيصل الخيرية ، وعلى ما بذلوه من عناية ودعم لها وتأييد لمشاريعها،
فأسأل الله عز وجل أن يوحد صفوفهم وأن يكلل جهود العاملين في هذه المؤسسة بالنجاح والصلاح والفلاح ، وأن يضاعف مثوبتهم وأن يعم نفع هذه المؤسسة لجميع المسلمين خصوصا ولجميع العالم بوصف عام وأن يوفق أمراءنا وأثرياءنا وسائر المحبين للخير للمساهمة في دعم هذه المؤسسة حتى يصل هدفها إلى جميع العاملين في الميادين النافعة للمسلمين ، والتي من شأنها أن ترفع مستوى العلم وأهله ، وأن تنفع العالم كله فيما يرضي الله ويقرب لديه ، ويباعد من غضبه وأسباب نقمته ، وإن بذلنا في تشجيع المشاريع الخيرة والأعمال النافعة وتحفيز العاملين لصالح الإنسان والمسلمين من أهم المهمات ، ومن أفضل القربات،
لكن ينبغي أن يعلن أن الواجب على العاملين في الميدان الإسلامي أن يخلصوا أعمالهم لوجه الله وأن يخلصوا في ذلك وأن يطبقوا أعمالهم على ما يقتضي الشرع المطهر . وألا يقصدوا بأعمالهم حظا عاجلا من مال أو ثناء أو غرض آخر .
بل يقصدون بذلك وجه الله عز وجل وابتغاء مرضاته ونفع المسلمين وغيرهم من العالم في إخراجهم من الظلمات إلى النور ، ويقصدون به تيسير النفع لهم الذي من شأنه أنه يرضي الله ويقرب لديه ومع ذلك لا مانع من أن يأخذوا من المال ما يلزم لهم من غير سؤال ولا إشراف نفس . ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول له عمر أعطيه يا رسول الله من هو أفقر إليه مني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خذه فتموله أو تصدق به وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا تتبعه نفسك أخرجه مسلم في الصحيح .
وعلى هذا الأساس فإني أتقبل هذه الجائزة وأشكر القائمين على شأنها وأسأل الله لهم المزيد من التوفيق ، ولكونها بذلت من أجل الخدمة الإسلامية أسأل الله أن يعيننا على ما يجب علينا من خدمة الإسلام والمسلمين وأن يكلل الجهود بالنجاح والصلاح وأن يعفو عنا ما قصرنا فيه فإن التقصير كثير ، لكن نسأل الله أن ينفعنا لتقديم الخير وأن يعفو عنا وعن إخواننا جميعا فيما قصرنا فيه . وأن يمنحنا جميعا النشاط والقوة في ميدان الحق ونفع المسلمين في كل مكان قولا وعملا ،
وبناء على هذا وإني حصلت عليها بسبب تقدير إخواننا في الهيئة طبعا تقديرا على الخدمة الإسلامية فإني أبذلها أيضا وأهديها أيضا إلى دار الحديث الخيرية الأهلية المكية معونة لها على ما تقوم به للخدمة الإسلامية ، فإن دار الحديث الخيرية الأهلية بمكة تخدم المسلمين أيضا وتخدم أبناءهم في سائر أرجاء المعمورة من إفريقيا وآسيا وغيرهما ، وقد افتتحت عام اثنين وخمسين وثلاث مائة وألف من الهجرة النبوية بواسطة سماحة الشيخ عبد الظاهر أبي السمح إمام المسجد الحرام ذلك الوقت ، لقد تقدم الشيخ الظاهر وطلب من جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله أن يوافق على افتتاحها في مكة لحاجة المسلمين إليها ولا سيما الغرباء وأيده بذلك سماحة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رحمه الله رئيس القضاة بالمنطقة الغربية في ذلك الوقت . فحين ذلك وافق الملك عبد العزيز رحمه الله وأذن بافتتاحها في العام المذكور عام اثنين وخمسين وثلاث مائة وألف للهجرة النبوية ولم تزل سائرة إلى يومنا هذا . والتحق بها في هذا العام ثلاثمائة وخمسون طالبا من أنواع الجنسيات من إفريقيا . . وغيرها
وهي تحتاج إلى الدعم والمساعدة ولهذا رأيت أن تكون هذه الجائزة دعما لها ، لدار الحديث الخيرية الأهلية ، وأسأل الله أن ينفع بها المسلمين وينفع بها المؤسسة التي هي مؤسسة الملك فيصل رحمه الله ، وأن يبارك للقائمين عليها ويجعلهم هداة مهتدين . ولا يفوتني في هذا المقام أن أقترح أن تعنى هذه المؤسسة بالمدارس الإسلامية والجمعيات الإسلامية والمراكز الإسلامية والاتحادات الإسلامية وأشباهها ، ومما يحتاج إلى دعم ومساعدة حتى يكون لها المشاركة العظيمة في تأييد هذه المؤسسات وفي تشجيعها وفي سد بعض حاجاتها ، لأنها جديرة بأن يكون لها دخل يقدم بها ، جديرة بالدعم والمساعدة فيما ينفع المسلمين وفيما يرفع المستوى الإسلامي في أرجاء الدنيا .
جرت العادة من الناس بالتصفيق عندما يسمعون كلمة مناسبة أو يرون شيئا مناسبا وقد دلت السنة على أن السنة عندما يسمع الناس شيئا طيبا أو شيئا مستنكرا أن يكبروا ، ويكبروا عند سماع الطيب استحسانا له وفرحا وتشجيعا ، ويكبروا عند سماع غير الطيب تنزيها للشريعة وتنزيها لذلك المجتمع ذاك عما ليس بطيب ، وتنبيها أنه ينبغي رفضه ، ومن هذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنه لما قال لهم : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة قال فكبرنا ، قال : إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة ، قال : فكبرنا ، قال : إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة قال فكبرنا ، وكان عليه السلام إذا رأى ما يعجبه قال : الله أكبر الله أكبر سبحان الله ، وكان إذا رأى ما يسوءه ويحزنه كبر الله تنزيها أيضا وسبحه تنزيها ، فينبغي لنا أن نسلك هذا المسلك ولا سيما المجتمعات الإسلامية وفي الدول الإسلامية لأنه يقتدى بها . فالتكبير إذا صدر من الجميع فله وقع حسن أسوة بنبينا عليه السلام وأصحابه الكرام . .
هذا آخر ما أقول وأسأل الله للجميع التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان .

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 05:46 AM
المشاركة 158
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أسرار يكشفها إمام ابن باز بمكة المكرمة منزل ابن باز المعروف بمكة مستأجر .. ورفض الشيخ أن يمتلكه

أوضح الشيخ الدكتور ناصر مسفر الزهراني إمام وخطيب مسجد الشيخ ابن باز بمكة المكرمة مناقب عديدة لسماحة الشيخ ابن باز وقال في حديث خاص عن سماحته بداه بشيء من شعره:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر * فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
يعزون عن شيخ تعزى به العلى * ويبكي عليه العلم والحلم والفكر
وما كان إلا مال من قل ماله * وذخراً لمن أمسى وليس له ذخر
مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة * غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر
ثوى في الثرى من كان يحيا به الثرى * ويغمر صرف الدهر نائله الغمر
وقال العلماء هم ورثة الأنبياء وقدوة الأتقياء ، هم في الأرض كالنجوم في السماء والضياء في الظلماء والدواء للداء . فضلهم ظاهر وسلطانهم قاهر ودليلهم باهر . يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله تعالى الموتى ، ويبصرون بفوزه أهل العمى ، يتوقون عن دينه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ، هم أرحم بالأمة من الآباء والأمهات لأن الآباء والأمهات يحفظون أبناءهم من نار الدنيا وأوصاب الحياة والعلماء يحفظوهم من نار السعير وتعاسة المصير .
كنز الملة
استشهد بهم المعبود على أعظم مشهود {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ}(آل عمران: من الآية18). فهم كنز الملة وحفاظ السنة وحملة الشريعة ، أهل الجاه يذهب قدرهم بذهاب جاههم ، وأهل المال تموت قيمتهم بموتهم ، أما العلم فلا ينتهي سببه ، ولا ينقطع نسبه ، فهم في الهدى سادة ، وفي الخير قادة ، يقتدى بأفعالهم وأقوالهم ، رفعهم الله قدراً ، وأعظم لهم أجراً ، نشر لهم ذكراً ، : "إن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، والله جل جلاله يصلي عليهم وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في حجرها ، وحتى الحوت في الماء ، فهم الذين يخشون الله حق خشيته ، ويعرفونه حق معرفته {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ومن أراد النظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء . ولحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب ، بلاه الله قبل موته بموت القلب ، فهم الأمناء على الوحي ، المبلغون عن الله ورسوله ، الحفاظ للشرع الناصحون للأمم . فالعلم هاد للأمم ، وهو حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور ورياض العقول ولذة الأرواح وأنس المستوحشين ودليل المتحيرين ، به يعرف الله ويعبد ، ويذكر ويوحد ويحمد ويمجد مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وطلبه قربة وبذله صدقة ومدارسته تعدل بالصيام والقيام ، والحاجة إليه أعظم من الحاجة إلى الشراب والطعام .
وإن فقد العالم رزية ، وموت الفقيه بلية ، وإذا رحل عن الدنيا عالم عامل فقد جرحت الأمة في القلب وأصيبت في المقتل .
قال صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".
ولقد زرئت أمة الإسلام في هذه الأيام بفقد الإمام الأجل ، والعالم الأمثل إمام أهل السنة وشيخ أنصار الحنيفية فاهتزت الأرض لفقده وذعرت أمة الإسلام لفراقه وسابقت لتشييع الجموع ونثرت عليه بحار الدموع فهو صفوة أهل الأرض في هذا الزمن ، وخير من طلعت عليه الشمس في هذا العصر كما نحسبه والله حسيبه :
حقاً فقد عرف التاريخ كوكبة * مضيئة من صناديد وأبطال
مثل ابن حنبل أو مثل ابن تيمية * أو البخاري في إسناده العالي
لكننا يا حبيب القلب نبصرهم * كأنهم مثلوا في شخصك الغالي
وقال : وإننا ربما لا نضيف جديداً في الكلام عن سماحته – رحمه الله – فقد أترعت الصحف ، وملئت المجلات وبث في القنوات ما يشهد بعظيم شأنه ورفعة مكانه ومهما قيل ويقال فهو قليل في حقه قاصر عن واجبه .
فقد أمست صفاته ومناقبه نجوماً تزهر وبدوراً تضيء وأحاديث تتلى وشمائل تردد أصبحت درراً رصع بها جبين الزمان وتوج بها هام العصر .
وإن ما رأيناه من حب للشيخ وبكاء عليه وحزن لفقده من الكبير والصغير هو علامة خير ودليل رشاد وإمارة فلاح .
ليس زيادة في التباكي
وليس حديثي عن الشيخ مجاراة للواقع أو زيادة في التباكي أو إثارة لمشاعر الحزن وكوامن الأسى أو لاستدرار الدموع واستجداء النحيب ليس إلا ، فلا شك أن القلوب متفطرة والأنفس متحسرة والدموع واكفة وحق لها ذلك ولكن هل ذلك هو الهدف وهل هذا هو القصد وهل بذلك نعتبر قمنا بالواجب ، وأدينا الأمانة ونصحنا الأمة وكشفنا الغمة . إن المسألة ليست دموعاً تنثر وأحزاناً ترقق بها المجالس ، وتستجدى بها الدموع ويقطع بها الفراغ ، إن هذا أسلوب عجائزي ، وتأثر تقليدي وموقف سلبي يجب إن كنا نحب الشيخ ونجل العالم ونقدر العابد ونحترم المنهج الذي يحمله أن يكون موقفنا كما قال القائل : "إذا مات منا سيد قام سيد".
إن الصادق في حزنه وللتأثر من قلبه هو الذي يدفعه ذلك التأثر ، ويقوده ذلك الحزن ، وينطلق به ذلك الحب إلى آفاق أوسع ، وآماد أبعد ، وآمال أعظم فيجزم على حمل الراية ، ويصمم على سلوك النهاية ، ويعزم على خوض غمار الجد ، ينهج نهج الشيخ ، ويحذو حذوه ، ويقتفي أثره ، ويسير على منواله فما أوجد الله في الأمة هؤلاء الأعلام إلا ليقتدى بهم ، ويسار على أثرهم ، وتتبع خطهم ، ويكونوا حجة على الناس ، شهوداً على الزمان .
فالعجب لا ينقضي من عين تبكي لفقد العالم العامل ،وهي ما غضت عن النظر المحرم ، ومن لسان يتباهى بالحديث عن الشيخ ، وهو لم يحفظ عن الزور والبهتان، ومن رأس يطرق ويطأطئ حزناً على الشيخ وهو محشو بالترهات مليء بالخرافات ، ومن قلب يتابكى على الشيخ وهو معلول مريض أسود مظلم كالكوز مجخياً ، ومن قلم يتأنق في عبارات العزاء ويتفنن في أساليب الرثاء ، وهو لا يرعوي عن بث سمومه ، وعن نشر باطله، ومن عالم يعظ المناسب بمواقف الشيخ ، ويتغنى لهم بشمائله ويسرد لهم صفاته ، ثم لا يحدث نفسه أن يقتبس من تلك الصفات ويعمل بتلك العظات ، فأي تناقض هذا بل أي خذلان {كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}.
يا محبي سماحة الشيخ رحمه الله . يا محبي الكتاب والسنة التي عاش خادماً لها . تعالوا لتدارس شيء من صفاته وتعلم طرف من حياته :
وصفات ذات منك يأخذها الورى * في المكرمات فكلها أسماء
وتجمعت فيك القلوب على الرضى * وتوافقت في حبك الأهواء
وقال : لم يكن للشيخ رحمه الله مؤلفات كثيرة ، وكتب متنوع توازي هذا العمر المديد المبارك الذي عاشه ، ولكنه أمة وحده , وجامعة بمفرده ، يعلم أن المسألة ليست فيما تخطه الأقلام ، بل بما تسير عليه الأقدام ، وتصدح به الأفهام ، يعلم أن الأمة ليست بحاجة إلى كثرة التأليف بل بحاجة إلى العلم الحنيف ، الذي يضرب لها قدوة بفعله الشريف ، و رأيه الحصيف ، وليست المسألة كما قد يظن هي في تحقيق المسائل وتمحيص الرسائل وتأليف المجلدات في جو مغلق ومكتب مقفل وعزلة منقطعة فقط ، بل لا بد مع ذلك من القدوة الحسنة ، ,السيرة المباركة ، والأثر المحمود ، والخروج للأمة، ومع ذلك فقد ترك رحمه الله علماً جماً ، وتراثاً هائلاً ، ولو جمع كل ما ألفه الشيخ وأفتى به وأرسل به ووجه لاحتاج إلى مئات المجلات .
قد يؤلف أناس كتباً في الزهد وهم قد أكلوا الأخضر واليابس ، وقد تؤلف كتب عظيمة في وجوب الوحدة ، ولم الشمل ، وإتباع جماعة المسلمين ، ثم تجد واقع المؤلف مخالفاً لما يكتب ، فهو مفرق للآراء ، مبدد للجماعات ، متعصب متحزب ، أما الشيخ – رحمه الله – فلم يكن يعرف شيئاً من هذا ، لم يكن متحيزاً لفئة ، ولا متحرفاً لقتال جماعة ، ولما علم الله صدق سريرته ونقاء نيته جمع القلوب على حبه وألف الناس إليه . لم يكن الشيخ يريد بدعوته نفسه أو جماعته أو فئته ، بل كان يريد وجه الله تعالى : {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني".
وقد يسطر أناس رسائل في حرمة المسلم والبعد عن الغيبة والنميمة وهم ينهشون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم ، ويتبعون زلاتهم ويتصيدون أخطاءهم ، وأين ذلك من مجلس الشيخ الذي تحرم فيه الغيبة ، ويمتنع فيه النيل من مسلم ، فضلاً عن داعية أو عالم أو ناصح ، ولقد رأيته – رحمه الله – في مرة من المرات ، وكان الحديث عن داعية بدرت منه بعض الملاحظات ، فزل لسان أحد المشايخ الذين يحبهم الشيخ ، زل لسانه بكلمة في ذلك الداعية ، فغضب الشيخ غضباً شديداً وثار في وجه المتكلم ، فيا الله من مجالس كثير من الناس اليوم ، بل من صلحاء الناس ، بل من الدعاة ، كم من داعية ينال ، وكم من عالم يهان ، وكم من مسلم ينهش عرضه ، ولا لسان ينكر ولا وجه يتمعر .
صفات عظيمة
إن من أهم الصفات العظيمة التي وصلت بسماحة شيخنا – رحمه الله – إلى هذه المنزلة السامقة والرتبة العالية هي ما يلي :
* العلم الصحيح والفكر القويم المستمد من الكتاب وصحيح السنة مع البعد عن البدع والمنكرات والتعصبات .
* الإيمان العميق والعقيدة الراسخة في الله ورسوله وكتابه ودينه ، مع إيمان جازم ويقين وثيق.
* النصح الصادق لكل مسلم ، لقد كان الشيخ صادقاً مع نفسه صادقاً مع أهله صادقاً مع طلابه ، صادقاً مع ولاة الأمر وذوي السلطان ، فالشيخ – رحمه الله – لا يقول إلا ما يؤمن به ، ولا ينطق إلا ما يعتقد ، ولذلك فإن ما يمكن أن يدعو به لملك أو يثني به على أمير لا ينافقه به في وجهه أو يتزلف به في منتدى لأجل حضوره فيه ، فما قال في العلن يقوله في السر ، وما يعتقده سراً يصدح به جهراً ، فليس لذرة من محاباة أو مجاملة كاذبة ، أو نفاق طريق إلى قلبه .
* والولاية العظيمة ، فهو عابد من العباد ، ولي من الأولياء ، قدوة للأتقياء ، كثير العبادة ، دائم الذكر والتسبيح ، سريع الدمعة ، رقيق القلب ، خاشع النفس .
ويضيف : قال لي أحد الملازمين لسماحته في سر توفيق الشيخ ونجاحه ، وبصيرته الثاقبة في كثير من المعاملات وا لآراء والمواقف ، قال : ما ظنك برجل يبيت يناجي ربه ويدعو ويرجو ويهتف ويبكي ثم إذا ارتفع النداء بادر إلى المسجد ثم صلى الفجر في خشوع وخضوع ثم أتى بكامل الأوراق ، ثم يبدأ بقراءة المعاملات ، والنظر في حاجات الناس ، ثم قراءة بعض مسائل العلم ، ثم قبل أن يخرج من بيته وهو كامل طهره ووضوءه ، يتطهراً متطيباً متسوكاً ، يتجه إلى الله تعالى ويدعوه أن يحفظه وأن يعينه ، وأن لا يكله إلى نفسه طرفة عين ، أليس مثل هذا حرياً بأن يكون التوفيق حليفه ، والنصر ربييه. وأجزم لو أن الشيخ علم أنه سيموت في اليوم المحدد والوقت المحدد ما زاد في عمله شيء فكل وقته لله وبالله وفي الله ومع الله .
* الزهد في الدنيا وحطامها ، فما كان والله يلقي لها بالاً ، ولا يقيم لها شأناً ، ولا يحسب لها حساباً ، أعرض عنها مستعلياً عليها ، فأقبلت إليه وهي راغمة ، إن هذا الشيخ ليس فيه من صفات أهل الدنيا إلا أنه يعيش بينهم وإلا فأنت والله ترى رجلاً من أهل الآخرة قلبه هناك ، وفؤاده هناك ، يجلس إلى الناس وقلبه في الملأ الأعلى ، ويتحدث معك وروحه مع خالقه.
إذا كان حب الهائمين من الورى * بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسى أن يفعل الهائم الذي * سرى قلبه شوقاً إلى الملأ الأعلى .
أتيته في يوم من الأيام فأخذت أتوسل إليه وأترجاه وأحاول معه أن يوافق لي على السعي في شراء هذا المنزل الذي بمكة فهو ليس له بل هو مستأجر فحاولت إقناعه وقلت له : لا أريد منك إلا الموافقة والباقي علي . فقال لي : اصرف النظر عن هذا الكلام أي شيء تحتاجه مني من مساعدة أو شفاعة للمسلمين فلا تتردد أما لي أنا فلا .
* الكرم الفياض ، كرم لم تعرف الناس له مثيلاً ، وجود ما رأينا له ضريباً ، خير دائم ، ومائدة ممدودة ، وأبواب مشروعة ، ووجه متهلل ، دون بذخ أو إسراف أو مباهاة أو تبذير .
ومما يميز كرمه – رحمه الله أنه لم يكن لعلية القوم أو الصفوة من الناس ، بل هو كرم يناله الفقير قبل الغني ، وللعدم البائس قبل صاحب النعمة ، والمتطقع الغريب قبل الأمير والوزير ، لقد ضاعت أخبار حاتم وتضاءلت قصص الجود ، أمام جوده الفذ وكرمه الفياض :
وحاتم في عطاياه وجودته * في بحركم لا يساوي عشر مثقال
في الجود مدرسة في البذل مملكة * في العلم نابغة أستاذ أجيال
سلامة الصدر ، فلا غش ولا غل ولا حقد ولا حسد ، ولا يغضب لنفسه ، ولا ينتقم لذاته ، ولا يحمل في نفسه .
لم ينتقص أحداً لم يمتلئ حسداً * لم يفتتن أبداً بالمنصب العالي
* القيام بالمسؤولية ، والصدق في حمل الأمانة ، فالشيخ – رحمه الله – يعلم أنه مسلم وأن عليه أمانة عظيمة ثم هو عالم وعليه أمانة عظيمة ، ثم هو موظف مسؤول يتقاضى أجره فعليه أمانة عظيمة ، فأتى بما طلب منه وأضعاف أضعافه ، وقت الدوام الرسمي لا يخرم منه دقيقة ، كان إذا كان في اجتماع ، أو عمل خارج إدارته ، ففرغ منه يسأل عن الساعة فإذا بقي ولو نصف ساعة عن نهاية الدوام يعود إلى مكتبه ، ويكمل بقية دوامه ، وهذا والله رأيته أنا عدة مرات . ومع ذك فوقت الشيخ كله دوام ، وليلته في خدمة المسلمين .
إن صاحب الحاجة لا يتعب في الوصول إلى الشيخ ، يأتي الإنسان لديه مشكلة أسرية قضية شخصية أو فتوى شرعية ، فإن لم يجد الشيخ في العمل ذهب إلى بيته فتغدى معه ، وعرض عليه أمره ، فإن لم يكن قابله في العصر ، وقضى له حاجته ، أتى إليه من المغرب إلى العشاء في بيته . فإن لم يمكنه أتى بعد العشاء فتعشى معه وعرض قضيته ، فإن لم يمكنه أتى إليه بعد الفجر فهو يجلس إلى حوالي الساعة الثامنة .
ويقول د. ناصر : لقد رأيته – رحمه الله – في الأيام الأخيرة من حياته ، وهو على عمله الدؤوب . وصبره العظيم ، بل يزيد ولا ينقص ، في ليلة من الليالي صلى المغرب ثم ألقى درساً ، ثم صلى العشاء . ثم عاد إلى البيت ليستقبل عدداً من حالات الطلاق ، استنفذت من وقته أكثر من ساعة ، ثم قام لموعد مع عدد من الأطباء بالجامعة لديهم أسئلة واستفسارات ، ثم انتهى منهم ، وألقى محاضرة في مدينة أخرى عن طريق الهاتف ، كل هذا الجهد والعمل فقط من المغرب إلى ما قبل النوم ، دعك من بقية النهار ، وهو مريض منهك ، المرض يفتك بجسمه ، والوباء يلتهم أحشاءه ، ولم يبق منه إلا جلد على عظم ، وفي الليلة التي توفي فيها – رحمه الله – كان جالساً للناس من المغرب للعشاء ، وأفتى في بعض المسائل بعد العشاء وجلس إلى أهله وأبنائه ، ثم في الثلث الأخير من الليل وهو في مصلاه يذكر ربه ويسبحه ويحمده ويمجده : سافرت الروح إلى بارئها وغادرت الروح الطاهر هذه الدنيا بأتعابها وأوصابها ، سافرت في ليلة الخميس ، لأنه كان يستحب السفر كل اثنين وخميس فسافر إلى مولاه ، وأجاب رب دعاه – رحمه الله ، رحمه الله ، رحمه الله .
سئلت مرة أن أتكلم في وصف الشيخ بإيجاز فقلت : الشيخ هو الإسلام ، وأنا أعي وأعني ما أقول ، إذا أردت أن تنظر إلى الإسلام واضحاً نقياً ، بيناً جلياً فانظر إلى حياة هذا الشيخ وسيرته . كان صلى الله عليه وسلم قرآناً يمشي بين الناس ، وكان الشيخ – رحمه الله – قرآنا وسنة يمشي بين الناس ، ومها قيل ويقال ، ومهما روي ويروى ، فهو أقل من القليل:
ولو كتبت بدمع العين ملحمة * في فجعه جئتكم في ثوب معتذر
لم أستطع أن أجلي عشر عاطفتي * في حبه ولا عشراً من العشر

المدينة : 6 / 2 / 1420هـ
العدد : 13180

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 05:47 AM
المشاركة 159
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الراحل ابن باز شكل حضوراً متميزاً في مواجهة الأفكار الهدامة والمعتقدات الفاسدة والمناهج المضللة

أعربت صحيفة الخرطوم السودانية عن أسفها لفقدان الأمة الإسلامية لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية الذي توفي يوم الخميس الماضي .
و عددت الصحيفة في مقال كتبه رئيس التحرير مناقب الفقيد الكبير مبرزة أهم إنجازاته رحمه الله في مجال خدمة الدعوة الإسلامية .
وقالت الصحيفة في مقالها الموزع بالقاهرة أمس لقد مات الرجل العابد الفقيه الذي أحيا في نفوس الملايين من أمة المسلمين من خلال عمله و علمه الأمل والثقة في نهج السلف الصالح مقدماً نفسه البسيطة المتجردة لكي تكون النموذج المضيء والأمثل للداعية الذي يطل في خدمة عقيدته ومجتمعه ومشكلاً في ذات الوقت حضوراً مستمراً في مواجه الأفكار الهادمة والمعتقدات الفاسدة والمناهج الضالة والمقولات والمواقف التي يقوم بها بعض المتاجرين بشرع الله .
كما نوهت الصحيفة بالمكانة الكبيرة لسماحة الشيخ ابن باز وقالت لقد ظل ابن باز مجاهداً لا يشق له غبار وعالماً داعياً متمكناً وعارفاً لمزايا الإسلام وما اشتمل عليه من أحكام سامية وأخلاق كريمة تصلح القلوب وتؤلف بينها برباط وثيق من المودة في الله سبحانه وتعالى والتفاني في نصرة دينه والتمسك بتعاليمه والتواصي بالحق والصبر .
وقالت الصحيفة أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز قدم الكثير لأمته الإسلامية من خلال موقعه كمفتي عام لدولة الرسالة المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي .
وأضافت الصحيفة أن فقده اليوم بعد فقد أمة بكاملها وإسهامه بفكره الثاقب وعقله الراجح وإيمانه القوي الذي لا يخشى في الحق لومة لائم .
كما أشادت الصحيفة بموقف سماحته رحمه الله من السودان ماثلة ولعل أهلنا في السودان على وجه الخصوص يقدرون فداحة فقدان الشيخ عبد العزيز رحمه الله .
وتابعت تقول لقد ظل الرجل يقف معهم في السراء والضراء يواسي مريضهم ويستقبل القادمين منهم إلى أرض الخير المملكة الشقيقة بكل بشاشة وترحاب وببذل الجهد لبناء مدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم ويمدهم بالكتب وكل أنواع المعرفة الإسلامية يلقاهم صباح مساء في مكتبه وداره العامرة والمفتوحة للجميع . وأردفت الصحيفة تقول لقد كانت للشيخ عبد العزيز بن باز مواقف مبدئية شبيهة مع كافة أبناء الأمة الإسلامية خاصة في قضية العرب المركزية قضية الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية .
على الصعيد نفسه أبرزت صحيفة الأسبوع المصرية نبأ وفاة سماحة الشيخ ابن باز مشيرة إلى تصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز مراسم التشييع فقيد الأمة الإسلامية والصلاة عليه يوم الجمعة الماضي .

الخرطوم : 1 / 2 / 1420هـ
العدد : 2109 .

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 05:47 AM
المشاركة 160
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أصداء حزينة لرحيل ابن باز في الكويت . والعلماء والدعاة لـ"عكاظ" فقدنا نبراساً منيراً في الدعوة إلى الله

كان نبأ وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز بمثابة الفاجعة لعلماء الكويت ودعاتها ومؤسساتها الدينية والخيرية وعبر هؤلاء لـ"عكاظ" عن حزنهم العميق وتأثرهم الشديد لفقدان علم من كبار علماء الأمة الإسلامية ، ومرجعاً منيراً لم يوفر تضحية إلا وبذلها لإعلاء شأن الدين الحنيف والدعوة في سبيل الله والإسلام .
وتقدم علماء الكويت ودعاتها ومسؤولو لجانها الإسلامية والخيرية من المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً بأحر تعازيهم والدعاء لله بأن يسكن الشيخ الراحل فسيح جناته ، وأن يهيئ سبحانه وتعالى للمملكة من يقوم في مقامه في عطائه وعلمه وفتواه .
وفيما يلي تفاصيل الردود التي تلقتها عكاظ في الكويت:
عملنا بنصائحه
د. خالد المذكور رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الكويت :
عبد العزيز بن باز علم من أعلام المسلمين يتميز بتقواه وورعه وبعلمه الغزير ، وقد كان من خلال رئاسته للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ومن خلال رئاسته للإفتاء متثبتاً في فتواه لا يخرج عن الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح.
وأصبح مرجعاً لكل العالم الإسلامي ومع فقهه قام بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وبالنصيحة لولاة أمر المسلمين و كان يدعو المسلمين جميعاً إلى الاتحاد وجمع الكلمة بالإضافة إلى نصيحته لولاة المسلمين لتحكيم شرع الله سبحانه وتعالى .
مع عفة نفس وزهد في الدنيا وحرص على العلم وقد كان لي لقاء مع سماحته في الرياض مع جمع من العلماء بعد إنشاء اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الكويت وأخذنا من نصائحه وتجاربه الشيء الكثير ومنهجه فيع ملنا في اللجنة الاستشارة العليا .
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه جناته وعوض المسلمين خيراً إن شاء الله .
نبض إفتاء الأمة :
عبد الله سليمان العتيقي أمين عام جمعية الإصلاح الاجتماعي : نبأ وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله هز العالم الإسلامي في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها من احتلال لأحد بقاعه في كوسوفا وتشريد أبنائه وتسلط اليهود عليه في فلسطين وسجن أبنائه في سجون الظالمين في العراق وسواه .
العالم الإسلامي اليوم ليحزن لموت هذا العالم الفاضل . قد كان قلب الأمة النابض بالإفتاء لها في شؤونها المختلفة تتجه إليه أثناء المشاكل والأزمات ليحل هذه المشاكل ويفتي لها بكل سهولة ويسر فتقبل فتواه راضية لصدقه وإخلاصه وسعة أفقه وحكمته ورجاحة عقله واعتداله دون استعجال ولا تعصب .
إن مكانة الشيخ ابن باز مكانة عظيمة في قلوب الناس وتلاميذه ومريديه والشعب السعودي والكويتي وكل مسلم غيور على دينه محباً لشرع ربه وسنة ورسله صلى الله عليه وسلم .
وهذه المحبة له عند الناس هي من بشائر حب الله تعالى له : فإذا أحب الله عبداً وضع له القبول في الأرض ، وأوصى ملائكته بأنني أحب فلاناً فاجعلوا الناس تحبه .
ويشهد الله تعالى بأننا من محبيه وإن لم نره ولكن قرأنا وسمعنا لله الكثير من الفتاوى والمقالات والبحوث والكتيبات والكتب .
إن فقدان عالم يؤثر كثيراً على الأمة فالعالم هو السراج المنير الذي ينير طريقها . إننا ندعو الله تعالى أن يعوضنا عما أصابنا بفقدان الشيخ ابن باز خيراً ويكثر من عليه الصلاة والسلام لمائنا وطلاب العلم ويكثف جهودهم لإنقاذ أمة الإسلام مما هي فيه .
رحم الله الشيخ العالم مفتي المملكة العربية السعودية وأسكنه فسيح جناته بالفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والأنبياء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً وعظم الله الأجر لأهله والمملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي بهذا المصاب الأليم .
وقاص للحق صادق القول
عبد الله العلي المطوع رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت ورئيس تحرير مجلة المجتمع الكويتية وعضو المجلس لتأسيسي لرابطة العالم الإسلامي وعضو المجلس العالمي الأعلى للمساجد بمكة المكرمة .
لقد فقد العالم الإسلامي عالماً من أبرز علمائه ومن أكثرهم عطاء وتضحية ، لقد بذل حياته يرحمه الله للعلم والعطاء وعمل الخير .
لقد زاملته أكثر من عشرين عاماً وهو رئيس للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي وزاملته كذلك وهو رئيس للمجلس العالمي الأعلى للمساجد بمكة المكرمة وهو رئيساً لهاتين المؤسستين حيث إنني عضو فيهما بجانب ترؤسه رحمه الله للجامعة الإسلامية في المدينة (سابقاً) وللإفتاء والبحوث في المملكة العربية السعودية ورئيساً لمجلس البحوث الإسلامية .
كان عطاؤه من فضل الله عليه عطاء مستمراً لا ينضب ، كان بيته وهو جار لي بالطائف مليئاً بالزوار من داخل المملكة وخارجها منهم من يطلب العلم والإفتاء ومنهم من يطلب الشفاعة الحسنة ومنهم من يريد العون المادي وكان رحمه الله يلاقي هذا الكم الكبير منا لزوار والقاصدين بترحاب طيب ووجه بشوش وتجاوب في ما هم قاصدين .
لقد كان رحمه الله وقاصا في الحق صادقاً في القول وبفقدان الشيخ عبد العزيز خسر العالم الإسلامي خسارة لا تعوض .
فلا يسعني إلا أن أبتهل إلى الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويدخله فسيح جنانه ويلهم ذويه ومحبيها لصبر والسلوان . ولا يملك الإنسان أمام هذا المصاب الجلل إلا أن يقول "إنا لله وإنا إليه راجعون" ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
أحر التعازي أبعثها إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة ملكاً وحكومة وشعباً بفقدان الشيخ عبد العزيز بن باز راجياً من الله له الفوز بالجنان.
وأرجو الله أن يهيئ للمملكة أن يقوم بمقامه في عطائه وعلمه وفتواه وتضحيته في سبيل الإسلام والمسلمين .
جامع اللغة والبيان
العميد السابق للكية الشريعة د . عجيل النشمي يقول:
الإمام الثبت الحافظ جبل السنة قامع البدعة الشيخ بن باز ، من المجددين في هذا العصر الحافظين للأمة دينها .

عكاظ : 28 / 1 / 1420هـ
العدد : 11947

~ ويبقى الأمل ...

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: مسيرة عطاء // الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضيلة الشيخ محمد الشعراوي ( رحمه الله ) علي حيـدر منبر الحوارات الثقافية العامة 6 10-27-2020 05:58 PM
توضيح للمقطع المنتشر بشأن فتوى الشيخ محمد بن عثيمين ( رحمه الله ) لحكم قول اللهم صل ع حمود أحمد منبر الحوارات الثقافية العامة 0 11-14-2016 01:49 PM
ابن عطاء الله السكندري رحمه الله عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 1 07-03-2013 03:58 AM
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ( رحمه الله ) علي حيـدر منبر الفنون. 12 01-20-2013 09:27 AM
|| فتاوى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ~ أمل محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 10 02-03-2011 02:59 PM

الساعة الآن 09:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.