احصائيات

الردود
7

المشاهدات
4541
 
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية

أحمد الورّاق is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
140

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Dec 2011

الاقامة

رقم العضوية
10672
03-26-2012, 06:22 PM
المشاركة 1
03-26-2012, 06:22 PM
المشاركة 1
افتراضي احترام الشعور
الاستجابة السريعة للشعور تنتج العبقرية , لأن الشخص سوف يسمع كل أوامر الشعور فيقترب من سرعة الشعور أو سرعة الضوء , فالشعور سيعطي أوامر تخص الجسم وأوامر تخص في الأكل والشرب وأوامر في وقت النوم , كما أنه يعطي أوامر عقلية .



والاستجابة للشعور كلما كانت سريعة كلما أعطاك الشعور أوامر أكثر , ففي الأكل مثلاً يجب أن يختار الشعور النوع والكم , فعندما تريد أن تأكل مثلاً فإنك تعرض على الشعور الأنواع المتوفرة من الطعام أو الشراب وتجعله يختار منها ما يشاء , فكل شخص يحس أحيانا أنه يشتهي طعاماً مالحاً أو حلواً أو نوع معين من الخضار أو الفاكهة ... الخ .


كما أن من يستجيب لشعوره سيقوم بكل الواجبات أو الأعمال التي يأمره بها الشعور وبذلك سيتحول إلى إنسان نشيط , فتصور أنه عندما يقول لك الشعور : أصلح هذا الشيء . أو نظف هذا المكان . أو رتب هذه الأشياء وضعها في مكانها أو اذهب وأحضر حاجة معينة ولا تؤخرها . فإن هذه الاستجابات ستحولك إلى إنسان نشيط , وكل تأخير في الاستجابة للشعور فإنه مدفوع الثمن .



فالشخص أمام قضيتين : قضية الاستجابة , وقضية سرعة الاستجابة . لأن الشخص قد يستجيب ولكنه يتأخر في الاستجابة , وهذا محسوب لدى الشعور . والأوامر الشعورية هي تنطلق إما من الدوائر العليا أو الدوائر السفلى في الشعور , والاستجابة الأولى يجب أن تكون للدوائر العليا لأنها الأرقى , على حساب الدوائر السفلى , فمساعدة إنسان محتاج (وهي من الدوائر العليا) يجب أن تقدم على حاجة النوم .



كما أننا نجد شخصا ً يستجيب لشعوره بسرعة في جوانب , بينما تجد لديه جوانب أخرى لا يستجيب فيها لشعوره , لذلك يجب أن يحترم الإنسان كل الأوامر الشعورية , أي نحترم كل الجوانب الشعورية , ومن يريد ذلك فعليه أن يكون مع شعوره في اللحظة , فهو على الدوام يأخذ رأي شعوره وينفِّذ ما يريده الشعور , وسيجد كل شخص أن تعامله مع شعوره سيكون أدق وأوضح تدريجياً .


كما أن الشعور كلما رأى استجابة سريعة أكثر من صاحبه , كلما أعطاه ثقة أكبر , بحيث تجد أمورا ً كان يمنعك الشعور منها , فتجد أنه يسمح لك بأن تتعامل معها لأنه الآن يثق بك بشكل أكبر , مثل أن تحس بأن شعورك يريد أن يبعدك عن أشخاص معينيين أو يمنعك من الذهاب إليهم لخوفه عليك من تأثيرهم أو أفكارهم السيئة , فإن الشعور عندما يثق بك وبعدم تأثرك , سيسمح لك بأن تتعامل معهم لأنه يثق بقربك منه وبعدم قدرتهم على التأثير عليك , فالشعور عندما يثق بصاحبه فإنه يعطيه مساحة أكبر للعمل .


ومن يستجب للشعور بشكل دائم لا يمرض أو يكون أقل عرضة للأمراض , لأن الشعور يعطيك رسائل شعورية عن كل شيء بشكل مستمر, مثل الرسائل التي يعطيك الشعور حول جسمك , فتجد أنه لا يريدك أن تأكل طعاماً حلواً , ويريد شيئاً مالحاً , أو يريد تغيير المكان الذي أنت فيه , (فحقك من السعادة هو حقك من الاستجابة للشعور) (قانون) , كما أن حق الإنسان من التعاسة أو الشرور هو حقه من كبته للشعور , لهذا فالإنسان الطبيعي أو من يريد الخير هو عكس الإنسان الصناعي أو من يريد الشر.

ما أقصده من كلمة شعور في حالته المثالية الصافية من التشويش ، وهذا الوضع الصافي بالكمال نادر أو غير موجود ، حتى ما يسمى بالمشاعر السيئة هي أفكار ركبت على شعور وليست مشاعر بإطلاق الكلمة , لأن الشعور الصافي لا يحمل الشرور وهدفه أصلاً الوصول إلى الله فلا يوجد شيء اسمه شعور سيء ولا خاطئ حتى ، وأنا أعتبر أن الشعور كله خيِّر في الأساس ، لكن بما أن الدنيا ليست كلها خيرة وجب أن يتحكم العقل في أولويات الشعور ، والعقل الراقي هو المبني على الشعور الراقي بالدرجة الأولى .

الشعور عبارة عن برلمان وأعضاؤه غير متساوين ، وليس القرار بالأغلبية دائماً ، هناك دوائر عليا في الشعور وهي ما تعطي الإنسان صفاته الإنسانية ، ودوائر دنيا تعطي الإنسان صفته المادية أو الحيوانية .

أنا طلبت الاستجابة للشعور من خلال محكمته ، فمثلاً شخص فقير يرى ما يمكن سرقته ، هنا سوف تُجرى المحاكمة في داخله ، فمشاعره المرتبطة بماديته تريده أن يأخذ هذا المال لكي يتنعم جسمه ، أما مشاعره العليا فتقول له أن هذا ظلم والسرقة حرام ، وهنا يأتي دور العقل فيقيم المعطيات ويحسب النتائج وتبعات كلا الشعورين ويبحث عن بديل يرضي الطرفين ، كأن يقول له : اذهب واعمل بدلاً من السرقة فترضي شعورك الإنساني وشعورك الحيواني، والعقل السليم ينتصر للشعور الأعلى .

كل مشاعر سيئة تأتينا فهناك مشاعر حسنة تقابلها ، المشاعر السيئة سلبية أما الشعور بأصله فهو إيجابي ، فما قسونا مرة إلا وعندنا شعور كان يقول : ارحم . وما كذبنا مرة إلا وعندنا شعور كان يقول: اصدق . لكننا لم نختر الشعور الجيد واخترنا الأسوأ أو بالأصح لم نختر الشعور وإنما اخترنا الفكرة , وهذا دليل على ما أسميناه شعوراً سيئاً ليس هو الشعور وإنما هو فكرة سيئة استغلت شعوراً منسحباً والشعور لا يتحمل الانسحاب لأنه في أساسه إيجابي بل هو الإيجابية فينا أصلاً ويحاول أن يعود إلى سابق وضعه , وطبعاً لا يستطيع أن يعود من نفس المكان الذي انسحب منه فيحتقن يريد مخرجاً عقلياً , وهنا تأتي الفرصة للشيطان لتركيب فكرة سيئة على هذا الشعور المندفع من جديد بدون وجود فتحة عقلية مناسبة ليخرج من خلالها , والشيطان من الجن والإنس يصيد في الماء العكر ويستغل الفرص مثلما قال الشيطان :(ولأقعدن لهم كل مرصد) , والترصد يشير إلى انتظار القدوم , وهو ينتظر عودة الشعور على المرصد ليوحي له بالأفكار السيئة بعد أن علم أنه ساحب , فانظر إلى دقة القرآن لأن المترصد ليس أمامه من يطلبه , بل يتوقع ظهوره ويختبئ له ويشير إلى ذلك كلمة (لأقعدن) والقعود تعني الانتظار , ولا يوجد أي نشاط للإنسان إلا بدافع للشعور , فمثلاً تلميذ يرى أنه هو الأفضل في الفهم من بين بقية التلاميذ , فهنا شعوره إيجابي وغير منسحب في هذه الناحية , وانتقل فيما بعد إلى الفصل تلميذ جديد أُعجب المعلم بفهمه السريع , نرى أن الطالب الأول أصيب بالفتور وخف نشاطه وامتقع لونه أي انسحب شعوره عما كان يغطيه بأنه هو أفضل تلميذ في الصف , فجاء الشيطان ليركِّب فكرة شريرة على هذا الشعور الراجع بعد انسحاب من باب التعويض فوسوس له بالغيرة والحسد ليبني عليها أفكارا شريرة أخرى تحمل الإساءة لهذا التلميذ الجديد , ونلاحظ أن هذه الأفكار لم تكن معه عندما كان شعوره منسحباً , مع أن شعوره المنسحب يقول له : لا تفعل . وهو الذي يسبب له التردد , ويشعره بالذنب مما يجعل نظراته تتوتر وتدور من اليمين لليسار كلما أراد أن يشوه صورة ذلك التلميذ الجديد , ولاحظ أن الشيطان أصبح شريراً لما أُمر بالسجود لآدم ولم يؤمر آدم بالسجود له , ولم يكن شريراً قبل ذلك , أي أن آدم أفضل منه ، وهكذا الشعور ينبهنا في البداية على شكل ألم ثم يعود في النهاية ذلك الشعور الناصح ليظهر بقوة على شكل ندم بعد أن أهملناه.

إذاً ما يسمى بمشاعر سيئة ليست في حقيقتها إلا أفكاراً سيئة وليست مشاعر، وإنما جاءت من الشيطان أو من الناس الذين تأثروا بأفكار الشيطان ووسوسته ودخلت أفكارهم في عقولنا دون تمحيص ورُكبت على الشعور ، والشعور الخام هو خير لا شر فيه ، فالزنا مثلاً فكرة خاطئة ركِّبت على شعور طبيعي أساسه بقاء للنوع البشري ، لكن الزنا وما يؤدي إليه من شرور لا تعد ولا تحصى , هو فكرة شيطانية استغلت شعوراً طبيعياً .

شخص يريد أن يكسب المال ليطعم أولاده من خلال النصب على الناس ، فالشعور صحيح ، لكن الفكرة خاطئة .

الغيرة والحسد مثلاً أساسها شعور سليم بأن نكون بالوضع الأفضل دائماً ، وهذا مطلب شعوري ، لكن ركب الشيطان عليها فكرة شريرة هي عداوة من نرى أنه أفضل منا فنحسده أو نغار منه ونقلل من شأنه وربما نؤذيه , وهنا نفهم أن الغيرة ليست أمراً طبيعياً كما يقول البعض خصوصاً من بعض النساء .
إذاً ليس عندنا مشاعر سيئة بل تأتينا أفكار سيئة ..

قال المتنبي :
كلما أنبت الزمان قناة *** ركب الناس في القناة سنانا
ومـراد الـنـفوس أصـغر مـن أن *** نـتـعادى فـيـه وأن نـتفـانـى

كذلك الكرامة من الشعور ، لكن يستغلها الشيطان أيضاً ، وربما حصلت جنايات فضيعة بسبب الإحساس بمساسها ، فشخص سب شخصاً آخر بكلمات بذيئة ، فهناك من قَتل لأجل هذا بحجة الدفاع عن الكرامة فأساء لشعوره وشعور غيره , وكذلك مشاعر الغضب أيضاً هي في أساسها شعور مندفع بعد انسحاب ليعود إلى ما كان يغطيه , مثل أن يكسر الطفل الكأس ويريق ما فيه هنا ينسحب الشعور للحظة بسبب هذه النتيجة السيئة , ثم يعود الشعور مندفعاً فتأتي الأفكار السيئة لأن الجو مناسب لإمكانية قبولها , وهكذا يفعل الشيطان فيستغل ظروفنا لأنه هو عدونا كما أشار القرآن ولم يذكر لنا عدو غيره , أو مثل شخص أخافك فجأة تجد أنك منسحب ومتراجع إلى الخلف ثم يعود شعورك مرة أخرى على شكل اندفاع لا يعرف الخوف ولا تحس بالألم , وهذا ما يحصل للجنود في الحرب فيحصل لهم سحب وخوف في بداية المواجهة وهذا ما يتسبب لبعضهم بالفرار , ثم بعد ذلك يأتيهم هيجان فلا يخافون الموت وهو الشعور المرتد لأن الشعور لا يطيق الانسحاب , ومن هنا نفهم خطورة عدم احترام الشعور حتى على الصحة , وهكذا لا شجاعة إلا بعد خوف , فالخوف انسحاب شعور والشجاعة انطلاق شعور , لهذا نجد الطفل الذي يريد أن يتصارع مع طفل آخر لا يهجم عليه مباشرة بل يستفزه ويتحرش به لكي يغضبه الطفل الآخر ليؤذيه أو يخيفه ثم ينطلق عليه هذا الطفل مرة أخرى , لذلك الحروب لا تقوم إلا بعد تحرش وهنا نفهم سبب المبارزة في الحروب القديمة فهي لأجل تحفيز الشعور وانطلاقه بعد الخطبة العاطفية التي يلقيها القائد , فيستغله الشيطان ليُنتج منه المآسي من خلال الإيحاء بأفكار سيئة ينتج عنها العنف والطلاق والقتل إلى آخره من الشرور التي تلمع على شكل أفكار تستغل لحظة الغضب الهائج .

وفي مجال الصحة نلاحظ أن السرطان هو زيادة خلايا , وضعط الدم هو توتر في الأعصاب وفي العضلات يضغط على الشرايين ويضيقها , والصرع هو زيادة في الشحنات الكهربائية , والقولون هو تهيجات وتقلصات , والقرحة سببها زيادة في حموضة المعدة , كذلك الحساسية عبارة عن توتر وتهيج , أي كلها سلوكات إيجابية ومعروف ارتباط هذه السلوكات بالحالة النفسية للشخص أي ارتباطها بالشعور , أي أنها ليست إلا شعور راجع وتعبير عن عدم احترام الشعور وتأمين ممرات ومخارج طبيعية له , حتى الأمراض النفسية بعضها يعبر عن انسحاب الشعور وبعضها يعبر عن اندفاعه , فالاكتئاب عبارة عن انسحاب والهستريا عبارة اندفاع .

وهكذا نفهم خطورة التعامل مع الشعور , وخطورة عدم احترامه في كل مستوياته خصوصاً العليا منها , والتي لا يعتبرها الماديون من غرائز الإنسان مع الأسف مكتفين فقط بالغرائز الحيوانية , ولا أقصد بذلك الأفكار السيئة .

وشكراً ..




(( كتبه الورّاق وجزى الله خيراً من نقله دون اجتزاء مع ذكر المرجع "مدونة الورّاق" ))



التعديل الأخير تم بواسطة حميد درويش عطية ; 03-26-2012 الساعة 10:21 PM
قديم 03-30-2012, 11:40 PM
المشاركة 2
حنان آدم
مداد فكر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
جزاك الله خيرا ً
وبتنبهيك لنا باحترام الشعور , كمن يوصّى باحترام الحياة والحفاظ على بقائها
والمقال رائع لأن بالفعل تأثير الاستجابة السريعة للشعور يكون كذلك تأثيرها

غير أنى أرى ذلك يكون بقدر معين في بعض المشاعر
يجب أن تضبط , وإلا .... انقلبت الاستجابة علينا لا لنا


سوسنة الكنانة
قديم 03-31-2012, 02:15 AM
المشاركة 3
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
جزاك الله خيرا ً
وبتنبهيك لنا باحترام الشعور , كمن يوصّى باحترام الحياة والحفاظ على بقائها
والمقال رائع لأن بالفعل تأثير الاستجابة السريعة للشعور يكون كذلك تأثيرها

غير أنى أرى ذلك يكون بقدر معين في بعض المشاعر
يجب أن تضبط , وإلا .... انقلبت الاستجابة علينا لا لنا

العزيزة .. حنان آدم

أشكرك على هذا التنبيه , وقد قمت بالإضافة على الموضوع الأساسي لعلها تزيل الالتباس

أتمنى أن تعودي إليها .

وشكراً .. مع تحياتي

قديم 04-01-2012, 01:16 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
الأخ احمد الوراق



- اسمح لي بهذه الأسئلة لعلها تثير نقاشا حول الموضوع وطبعا هذا هو الغرض من هذا المنبر ( منبر الحوار ):
صحيح أن هناك مثلا أمريكي رائج يقول ( go with your feelings اي اتبع شعورك) وفي ذلك توافق لما تطرحه هنا ...لكن هل فعلا من الحكمة أن نتبع مشاعرنا؟ أليس الرأي من الشعور؟ الم يقل الشاعر إقرن برأيك رأي غيرك واستشر فالحق لا يخفى على اثنين؟


- إذا كان الشعور يعطي أوامر عقليه فما هو مصدر الشعور؟ أم أن هناك جهاز آخر فوق العقل يولد الشعور؟ أليس العقل مصدر الشعور؟ فكيف أذا يأخذ تعليمات من الشعور؟


- هل الشعور انعكاس لحاجة جسدية؟ وهل يسبق اختيار نوع الأكل؟ أم أن الشعور يتولد كنتيجة للمشاهدة ( الطعام مثلا )؟


- إلا تُحرك فينا البضاعة المعروضة بجانب الكاشير في السوبرماركت شعورا نحوها؟ ألا تقوم فكرة السوبرماركت الضخم على إغراء المتسوق لشراء كميات هائلة من الأغراض لا يكون بحاجة لها لكنه يشعر برغبة في اقتنائها خلال جولته في السوبرماركت؟


- هل الإنسان بطبيعة نشيط ام ميال الى الكسل والنوم؟ أم أن عليه شحذ الهمة وتقوية الإرادة وايجاد المبررات ليستمر في العيش؟


- ما طبيعة هذه ( الدوائر العليا ) والدوائر السفلى ؟ أليس هذا تسمية أخرى للانا العليا ومركز الغرائز عند فرويد؟


- هل السلامة في العجلة أم في التأني؟ إلا تؤدي سرعة الاستجابة للشعور للخطأ؟


- أليس الشعور من النفس ؟ أليست النفس أمارة بالسوء؟


- هل فعلا علينا أن نحترم كل أوامر الشعور؟ أم علينا تحكيم المنطق في بعض مشاعرنا كي لا نخطيء ونضل ونطغى؟


- إذا قال لي شعوري انك لم تَشبع هل استمر في الأكل؟ ألا يؤدي ذلك إلي التخمة والمرض؟ فكيف إذا يؤدي الشعور إلى الصحة؟


- هل فعلا أن الشعور الصافي لا يحمل الشرور؟


- ماذا يحصل إذا حدث خلل هرموني أو كيماوي في الدماغ وهو كثيرا ما يحدث؟ إلا يؤدي مثل ذلك الخلل إلى رغبة في الانتحار مثلا؟ هل ننفذ رغبتنا في الانتحار؟ ثم هناك نسبة من الناس يصابون بمرض الذُهان فيكون ما يدور في عقلهم هذيان واوهام فيتصور مثلا انه ملاحق من قبل كائنات فضائية او اعداء خياليين...ولا بد أن شعورهم أيضا يتأثر بهذه الحالة فهل يتصرف بناء على هذا الشعور؟


- هل الشعور كله خير فعلا؟ ألا يجوز أن يكون من النفس ومن ابليس الذي يوسوس للإنسان ويجري فيه مجرى الدم؟


- هل على الجندي أن يحترم شعوره في كل مستوياته والتي تتمثل في الشجاعة بعد خوف؟ ألا تحوِل الحروب الجنود إلى أدوات قتل لأنهم اعتادوا القتل؟


- مَنّ الأجدر بالاحترام: الفكرة والشعور الذي يتم تمحصيه ليخرج رأيا حكيما سديدا؟ أم الشعور الذي هو اقرب إلى الغرائز على ما يبدو حتى وان كانت غرائز إنسانية؟
- الا يبدو اننا بهذا الطرح نعطي الغريزة قيمة اعلى من العقل مصدر الحكمة والمنطق والتفكير السديد؟


- هل فعلا يؤدي إتباع الشعور إلى العبقرية أم ربما يقودنا إلى مهاوي الردى؟



الم يقل الشاعر :


قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل

قديم 04-01-2012, 03:59 PM
المشاركة 5
حنان آدم
مداد فكر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شدّ ما استمتعت بالقراءة وأنا في قمّة هدوئي
أنت تدعو للفضيلة والنّبل والحياة السليمة للقلب والروح ولسداد الفكر
كأنك تنبئ عن الصّراط المستقيم الموصل لكل خير .. واقتفائه أساس الخير كله
يا لها من فلفسة شديد رقيّها .. وشديد وقعها .. وكبير قدرها وعظيمة هي الحكمة فيها
وأنت توفّق بين الشعور وبين توظيفه الصحيح وتمثيله في النفوس حتى تطهر وترقى وتحلّق للآفاق وللعلا

وهذا الوضع الصافي بالكمال نادر أو غير موجود ، حتى ما يسمى بالمشاعر السيئة هي أفكار ركبت على شعور وليست مشاعر بإطلاق الكلمة , لأن الشعور الصافي لا يحمل الشرور وهدفه أصلاً الوصول إلى الله فلا يوجد شيء اسمه شعور سيء
كلمات تنساب معانيها رقّة وفكرها عذب ٌ كلّه .. بلى كلّه
وكم نتمنى أن نصل إلى الله مولانا على خير وبسلامة من كل أذي وأن يحفظنا حتى نلقاه على حبّه ورضاه

لا أريد أن أتناول جوانب الموضوع الأخرى العقلية
وإنّما أكتفى هذه المرّة بما دعت إليه من إحياء الفضيلة والعواطف النبيلة وكل سموّ في النفس ..
وأنا إذ أفعل ذلك .. فأنا أحترم شعورى جدا ً جدا ً

فلك كل ّ التقدير والإكبار والله يجزيك الخير والرضى منه .

سوسنة الكنانة
قديم 04-01-2012, 04:37 PM
المشاركة 6
حنان آدم
مداد فكر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

أحببت أن أضع نثرا ً أدبيا ً راقيا ً حمل هذه المعانى وهو لصاحب فلسفة الحب والجمال ..مصطفى صادق الرافعى :


" وقد يكون بعض العزاء عن المصيبة تفننا في المصيبة نفسها , كدمعة من يرثي لك عند النكبة يجيئك بها تعزية ولها على نفسك الأبية غمز مؤلم قد يكون أشد من ابتسامة العدو الذي يشمت بك , وما أعجب رحمة الله إذ تحيل كل هم في هذا الإنسان الضعيف إلى قوة تبعثه على التماس العطف والرقة من كل النواحي الإنسانية , كأن في النفس بجانب كل شيطان ملكا إن لم يستطع تحويل الشر إلى خير أخرج منه نزعة من نزعات الخير .واها لهذا القلب الذي أحمله فإنما هو عقل فيلسوف خلق على شكل القلوب فهو يأتيني من كل شيء بشيء غيره .... "

" قلب لا ادري أوهبني الله له أم وهبه لي فهو مثار الألم ومهبط الرحمة جميعا . ولقد ورد في أثر من الآثار أن العبد إذا دعا لإنسان اشتد بلاؤه فقال اللهم ارحمه , يقول الله كيف أرحمه من شيء به أرحمه . وكيف يرحمني الله من هذا القلب وقد رحمني به في ذات نفسي ؟ ..... "

" هذا القلب هو سر الحمال الإنساني لأن فيه بركة النفس وزينتها وسكنها , فالبركة تنبت من الخلق والطيب والزينة تخرج من الفكر الجميل والسكن يثبت بالإيمان واليقين , وما جمال النفس الإنسانية إلا خل وفكرة وفضيلة مؤمنة .ما زلت منذ وعيت كأنما أفرغ في قلبي هذا قلوب الناس بتوجعي لهم وحناني عليهم , وكأنما أعيش في هذه الأرض عيش من وضع رجلا في الدنيا ورجلا في الآخرة , أحفظ الله في خلقه لأني أحفظ في نفسي الرحمة لهم وإن كان فيهم من يشبه في التلفف على دواهيه بابا مقفلا على مغارة مظلمة في ليل دامس .. وأتقي طائلة قلوبهم , وألبسهم على تفصيلهم قصارا أو طوالا كما خرجوا من شقي المقص المجتمعين من الليل و النهار تحت مسمار الشمس , وأصدرهم من نفسي مصدرا واحدا لأني أعلم أن ميزان الله الذي يشيل ويرجح بالخفيف والثقيل ليس في دي فلا أستخف ولا أستثقل , وأعرف أن الفضيلة ليست شيئا في نفسها وإنما هي بالاعتقاد ........ "


" كأن ذلك الكمال الإنساني الذي لا يزال بعيدا عني يحاول أن يقتلعني من أساسي لاثب إليه في أقاصي علوه " ...


سوسنة الكنانة
قديم 04-01-2012, 11:13 PM
المشاركة 7
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
شدّ ما استمتعت بالقراءة وأنا في قمّة هدوئي
أنت تدعو للفضيلة والنّبل والحياة السليمة للقلب والروح ولسداد الفكر
كأنك تنبئ عن الصّراط المستقيم الموصل لكل خير .. واقتفائه أساس الخير كله
يا لها من فلفسة شديد رقيّها .. وشديد وقعها .. وكبير قدرها وعظيمة هي الحكمة فيها
وأنت توفّق بين الشعور وبين توظيفه الصحيح وتمثيله في النفوس حتى تطهر وترقى وتحلّق للآفاق وللعلا



كلمات تنساب معانيها رقّة وفكرها عذب ٌ كلّه .. بلى كلّه
وكم نتمنى أن نصل إلى الله مولانا على خير وبسلامة من كل أذي وأن يحفظنا حتى نلقاه على حبّه ورضاه

لا أريد أن أتناول جوانب الموضوع الأخرى العقلية
وإنّما أكتفى هذه المرّة بما دعت إليه من إحياء الفضيلة والعواطف النبيلة وكل سموّ في النفس ..
وأنا إذ أفعل ذلك .. فأنا أحترم شعورى جدا ً جدا ً

فلك كل ّ التقدير والإكبار والله يجزيك الخير والرضى منه .

أشكر لك هذه الكلمات الراقية والمحلقة في سماء الشعور والفضيلة ، والعقل الصافي دائماً مع الشعور الصافي ، ومن اهتم بشعور فقد اهتم بعقله ..
هذا ما بدا لي من مداخلتك الطيبة ..

وشكراً ..

قديم 04-02-2012, 03:21 AM
المشاركة 8
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
[justify]الزميل أيوب صابر..

[/justify]
[justify] أشكرك لأنك تعاملت مع الموضوع بالطريقة المناسبة لي وللموضوع ولهذا الموقع كمنبر ثقافي ، وياليت أننا نتعامل مع كل ما يطرح بنفس هذه الطريقة التي تنصب على الفكرة وليس على الكاتب .

في الحقيقة طرحت أسئلة كثيرة ومثيرة ومهمة بنفس الوقت ، لكن يبدو لي أنها كلها تدور حول مشكلة التفريق بين الشعور الصافي والأفكار، وبين والمشاعر العليا والمشاعر الدنيا، وبالمناسبة لا أقصد بالمشاعر العليا ما يقصده فرويد بالأنا الأعلى ، فهو عند فرويد مكتسب من الدين والمجتمع وليس أصيلاً ، إنما الأصيل عنده هي الغرائز الحيوانية ، أنا أرى على العكس أن الدوائر العليا هي الأصل وأن الدوائر الدنيا تابعة لها ، لهذا ينبغي ألا تتقدم عليها ، فلا يتقدم الخادم على المخدوم .

جزء من المشكلة أيضاً هو معرفة من أين جاء العقل أصلاً، فيبدو أنك ترجع كل شيء إلى العقل، في حين أني أرى أن العقل نفسه نتيجة للشعور ، وأنه عبارة عن مشاعر ثبتت عند الجميع وأعطيت إطاراً لغوياً وصارت منطقاً يقاس عليه .

لو وضعنا ثلاثة أطفال مثلا في غابة بدون أن يكون حولهم أحد منذ ولادتهم فسوف نرى كيف يتشكل العقل عندهم من الشعور ، لأن الإنسان يملك شعوراً مميَّزاً للأشياء ، وسنجدهم يعطون الحيوانات اسماً واحداً في البداية ، ثم يقف إحساسهم وقد لاحظ اختلافات فيبحث عن تفريق بين ما يطير منها وما يمشي ويضع اسماً لما يطير واسماً لما يمشي ، ثم يرتاحون لهذا التفريق، لكن يبدأ الإحساس بالتشكي مرة أخرى لأنه يجد فروقاً، فيقول: هناك حيوانات صغيرة وهناك كبيرة ، ويجدون أيضاً أن هذا التفريق غير كاف، فهناك حيوانات يخافون منها وأخرى لا يخافون منها ، ثم يوجِدون كلمة حيوان "مفترس" وحيوان "غير مفترس"، وهكذا نعرف أنه قد تشكل العقل واللغة في وقت واحد، وما يزال العقل واللغة في توسع وامتداد وتفصيلات أكثر. وربما لهذا سمي العقل منطقاً لعلاقته بالنطق، لكن اللغة نفسها لا تسمى منطقاً، إذاً ما هو المنطق؟؟

إن المنطق يتشكل مع اللغة كمنتج شعوري أيضاً ، وهو ليس إلا أفكار قياسية مرنة تصلح لأشياء كثيرة ، أما أسماء اللغة فهي جامدة ، فكلمة " أسد" جامدة وتدل على حيوان معين ، لكن كلمة "فوق" تصلح لكل شيء ، فلما عرف الشعور معنى "فوق" ووضع له اسماً افتقر الإحساس إلى مقابل له ، فأحس بالمعنى ووضع له كلمة هي "تحت" ، وصارت كلمة فوق مقابلة لكلمة تحت ، وسُجِّلت في العقل العلاقة بينهما وهي الضدية، ثم وجد الجهات الأخرى ، فأحس الشعور أن هذا غير كاف وأن هناك فراغ يحتاج إلى توضيح، فاكتشف معنى يمين ووضع له كلمة ، وأحس بمعنى يسار بالضدية التي عرفها من قبل ووضع له كلمة يسار.

وهنا تخطر فكرة أن اللغات تكونت بهذا الشكل كنظرية يمكن أن تفسر أصل اللغة، إذاً اللغة والمنطق نتيجة لهذا الشعور المميز للأشياء والأمور دون أن يحددها، فيأتي العقل كمحدد للشعور ومثبت له ويمكن نقل الشعور للآخرين من خلال اللغة والمنطق ، إذاً القيمة هي هذا التمييز ، أما العقل واللغة فهي نواتج له ، عندما نلاحظ الحيوان لا نجده يمتلك هذا التمييز ، وعندما نبحث في أصل هذا التمييز فلا يمكن أن نعرفه ، إنه هبة من الله للإنسان دون بقية المخلوقات. بعبارة أخرى : التمييز الشعوري عند الإنسان عام، وعند الحيوان خاص, فالحيوان لا يندهش إلا مما يعنيه, الإنسان يندهش مما يعنيه ومما لا يعنيه, وكلما اندهش عقَل, والفيلسوف هو الذي يندهش مما اعتاد الناس على عدم الاندهاش منه, إضافة إلى انه يكون عقلا يختصر العمليات السابقة ولا يعيد بحثها.

وما مفردات العقل عندما نحللها إلا لغة + منطق, واللغة عندما نرجعها لأساسها نجدها أسماءً يحدد المنطق العلاقات بين هذه الأسماء, والكلام كله اسم أو فعل أو حرف, الفعل والحرف جاءت لأسباب منطقية لتنظم العلاقة بين الأسماء, والنحو يدرس تلك العلاقة المنطقية كما قالوا: "الإعراب ظل المعنى" أي ظل المنطق. واضطراب المنطق في اي لغة من أقوى الأسباب في صعوبة تعلمها, فانضباط الإملاء العربي مثلا بقواعد منطقية جعل الكتابة أسهل وتعلمها لغير العربي أسهل, أما عدم منطقية الإملاء في اللغة الإنجليزية مثلا اقتضى ان تحفظ كل كلمة تقريبا كما كتبوها. ونفهم بشكل عام من هذا: العلاقة بين عدم وضوح المنطق واضطرابه والحاجة إلى الحفظ كعلاقة طردية, فكلما اتضح المنطق عندك كلما قلت حاجتك للحفظ والاستشهاد.

ومما سبق نعرف كيف تكونت الأسماء والدافع الشعوري الذي ميزها, وهنا نتذكر قوله تعالى : {وعلم آدم الأسماء كلها} فلو لم يكن هناك أسماء لم يكن هناك عقل ولا لغة. إذا الاسماء هي موجودة في داخلنا, ليست كمعرفة منسية نتذكرها بالتعلم كما يقول سقراط, لكنها كشعور اودعه الله في الإنسان دون الحيوان. وهو شعور التمييز الغير مقتصر على الغرائز, فالحيوان يميز ما يتعلق بغرائزه فقط, لكنه لا يميز غير ما يتعلق بغرائزه, أما الإنسان فإنه يميز ما يعنيه وما لا يعنيه, بناء على ملاحظة الظواهر, والذي يبدأ بإحساس غامض يتضح ويتحدد مع التفكير والتأمل, إذا المعرفة تبدأ بشعور (قانون).

الحيوان لا يميز حياة الإنسان ولا يهتم بها لكن الإنسان يهتم بحياته وما يتعلق بها ويهتم بحياة الحيوان أيضا ويستطيع أن يميز مظاهرها, لهذا صار علم الإنسان ظاهري, لأنه يعتمد على حاسة التمييز, والتمييز يتم على رصد الاختلافات بين ظواهر الأشياء.

قال تعالى : {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا}, لماذا؟ لأنهم عُلِموا الاسماء, والأسماء مبنية على اختلاف الظواهر, فاللون الأحمر غير الأصفر وغير الأسود لاحَـظها الإنسان وميزها في كل لغة, بل لاحظ اختلاف في درجات اللون الواحد ووضع لها أسماء ايضا. رسم الفنان اللوحة لكنه يحس أن في نفسه شيء منها وأنها لم تكتمل بعد, ثم يبحث ويفكر ويضيف أويحذف او يغيّر, وقد يعيد العملية مرة أخرى في ديالكتيك بين الشعور والعالم الخارجي من خلال العقل, والعقل من خلال الحواس. أنت تشعر أنك نسيت شيئا لا تدري ما هو فتفكر أو تعود للمكان الذي كنت فيه فتجد انك نسيت مفتاح المنزل مثلا, لاحظ كيف تعمل الذاكرة, إحساس غامض تبذل مجهودا عقليا حتى يتضح, مثلما أحس الفنان بعد أن نظر إلى لوحته بشيء غامض تحتاجه اللوحة ومثلما يحس المخترع ومثلما تحس أنت وأنت تكتب وتعدل فيما كتبت, إذا الشعور هو الذي وراء كل شيء وليس العقل.

الشعور مرن ومتجدد والعقل ثابت, فالعقل خادم للشعور وليس الشعور خادما للعقل, لأنه وسيلة من وسائل الشعور, ورأينا في السابق كيف أن الشعور يبني عقله ولغته بنفسه من خلال التمييز الفطري الذي أودعه الله فيه دون أن يعرف البواطن, فنحن نعرف أن 1+1=2, هذه ظاهرة ميزناها لا يستطيع الحيوان أن يميزها ولا كل أنواع المخلوقات غير الإنسان بما فيها القرد, ولو كانت فكرة التطور صحيحة لوجدت هذه الخاصية (خاصية التمييز) بنسب متفاوتة بين الحيوانات, لكنها غير موجودة إلا في الإنسان, وهو المخلوق الوحيد الذي يتعب إذا لم يعرف, لأن تمييزه الشعوري يضغط على عقله ويطالبه. لكن لماذا تكون النتيجة =2؟ ولماذا لا تساوي 3؟ لا ندري, ولا يمكن ان ندري.

نحن نميز القوانين من خلال ظواهرها لكننا لا نعي القوانين في جوهرها, مثلما نعرف بعض ظواهر أنفسنا ولا نعرف جوهرها ومثلما نعرف ظواهر الحياة لكن لا نعرف ماهي الحياة, بمعنى آخر نحن نتعلم من خلال البديهيات لكننا لا نعرف ما هي البديهيات. على الإنسان ألا يغتر كثيرا بعلمه وعقله, فهو لا يعرف ولن يعرف إلا الظواهر في كل شيء ماديا أو معنويا, مثلما نعرف بعض ظواهر النفس لكننا لا نعرف ما هي النفس ولا ما هو العقل وأين موقعه, ولا أين موقع الإحساس, ولا أين يذهب كل هذا بعد أن نموت, أما الدماغ فيتحول إلى حفنة من التراب في مادته, لكن أحضر حفنة من التراب واطلب منها أفكارا ووعيا, لا يمكن, إذا نحن لسنا مادة بالكامل كما يريد علماء الفلسفة المادية.



وهكذا كلما بانت ظواهر شيء وتميزت عن غيرها صارت هناك حاجة لتسميتها. والبشر عُلموا الأسماء من خلال الشعور المميِّز, ولهذا يظل علم الإنسان مرتبط بالظواهر ولا يصل للبواطن أبدا ولهذا يظل علم الإنسان قليلا, وصدق الله العظيم:{ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}, إذا عقل الإنسان مبني على الظواهر وليس على البواطن, لأنه يبدأ من الظواهر ولو كان يعرف البواطن لبدأ منها. وهذا يُخرِج كلام من يزعمون أن العلم البشري قادر على أن يعرف كل شيء, نعم هو قادر على معرفة ماله ظواهر يستطيع الشعور أن يرصدها ويعمل العقل في توضيحها وتسميتها, ألا يكفي هؤلاء أنهم لا يعرفون حتى أنفسهم وهي أقرب شيء لهم معرفة كاملة ووافية؟ وأمر طريف أن تجد عالما يزعم أن العلم سيصل يوما من الأيام إلى معرفة لكل شيء في الكون ثم تسأله سؤالا شخصيا فيقول أنا لا أفهم نفسي ولا أستطيع أن أعرف نفسي! بل لا أدري أين عقلي الذي أعرف به! فكيف يكون علما أكيدا وكاملا ووسيلته مجهولة؟



- إذا كان الشعور يعطي أوامر عقليه فما هو مصدر الشعور؟ أم أن هناك جهاز آخر فوق العقل يولد الشعور؟ أليس العقل مصدر الشعور؟ فكيف أذا يأخذ تعليمات من الشعور؟

قبل أن تسأل أين الشعور اسأل أين العقل, وأصاب من قال: أيها العقل من رآك؟
كل هذه غيبيات ولا وجود مادي لها, ونحن نعرفها من ظواهرها أيضا مثلما عرف العلم الإنسان من ظواهره. ومن هذه الظواهر نعرف أن الشعور هو الأصل والأساس وأن العقل فرع منه, أو بتعبير آخر إن جاز العقل هو ثلاجة الشعور يجمد بها طبخاته ويبقيها ويثبتها ويستطيع أن ينقلها إلى غيره من خلال اللغة التي بناها هو أيضا. لهذا نجد القرآن لم يذكر العقل بحد ذاته بل ذكر الفعل المضارع: يعقلون, فالعقل هو تقييد الشعور بعد اتضاحه. مثلا كثيرا ما نجد اناس يحبون أشياء أو اشخاص ويتضح لنا ذلك من سلوكهم وإذا سألتهم ادعوا غير ذلك بل عكسه, هم في هذه الحالة لم يعقلوا شعورهم. وعقل الشعور تقييده واحترامه والاعتراف به, ومن يفعل ذلك فهو يعرف نفسه أكثر من البقية. وكلمة عقل مأخوذة من عقال البعير حتى لا تفلت. إذا العقل هو استجابة للشعور, وأهل العقول الكبيرة هم الأكثر استجابة وعقلا لشعورهم, لأننا نعرف الأشياء كما هي المعرفة من خلال شعورنا وليس من خلال الآخرين.


- هل الشعور انعكاس لحاجة جسدية؟ وهل يسبق اختيار نوع الأكل؟ أم أن الشعور يتولد كنتيجة للمشاهدة ( الطعام مثلا )؟إلا تُحرك فينا البضاعة المعروضة بجانب الكاشير في السوبرماركت شعورا نحوها؟ ألا تقوم فكرة السوبرماركت الضخم على إغراء المتسوق لشراء كميات هائلة من الأغراض لا يكون بحاجة لها لكنه يشعر برغبة في اقتنائها خلال جولته في السوبرماركت؟

كلا الأمرين قد يكون , فهناك شعور منبعث من نفسه وهناك شعور يُستثار, مثلما وضحت في أمثلتك, ومثال السوبرماركت من النوع الثاني.


- هل الإنسان بطبيعة نشيط ام ميال الى الكسل والنوم؟ أم أن عليه شحذ الهمة وتقوية الإرادة وايجاد المبررات ليستمر في العيش؟


الشعور نشيط ولا ينام أًصلا, وهو مصدر الأحلام ولا يتأثر بالمرض ولا بمؤثرات الدماغ كالمخدرات والمسكرات, وهو هو في الطفولة أو الشيخوخة.


هل السلامة في العجلة أم في التأني؟ إلا تؤدي سرعة الاستجابة للشعور للخطأ؟


العقل الطبيعي هو ممر الشعور, وأي شعور يخرج من دون أن يمر بقناة العقل سوف يكون عائده سلبي, والعقل الطبيعي مبني على احترام الدوائر العليا أصلا بالدرجة الأولى, الحيوان يستجيب لغرائزه بدون عقل لهذا يضر نفسه في أحيان كثيرة مثل أن يقفز من السيارة. إذا قلنا احترام الشعور فنقصد احتراما بكل ما تعنيه الكلمة ومنه احترام العقل المنتَج من الشعور, أما من يتصرف من شعور اللحظة فقط فسيكون مجنونا, والسبب العميق هنا هو أن الشعور لا يعرف الواقع.

أذكرك بقصة المفتاح السابقة, عندما قلت أنك نسيت شيئا لكنك لم تحدد ماهو إلا بعد وقت من التفكير يطول أو يقصر, هذا الذي نبهك هو الشعور, فهو لا يعرف العالم الخارجي ولكنه يميِّز ويلاحظ, إذا لا بد من العقل الطبيعي مع الشعور, فالشعور أعمى عن الواقع, لكنه مبصر في الحقائق, الشعور هو الطبيعة فينا ويحتاج إلى عقل من نسجه ومبني على تمييزه, وأكثر ما في عقولنا مع الأسف لا تنطبق عليه هذه الشروط, ويمكن أن نسميه عقلا صناعيا أي غير طبيعي, وبالتالي سيكون هناك شخص طبيعي وشخص صناعي, إذا نحن بحاجة إلى تطبيع عقولنا.


لاحظ عندما نتأمل أحاسيسنا أننا لا نستعمل اللغة لكن عندما نفكر في معاملة في إحدى الدوائر الحكومية أو في مسالة رياضية سوف نستعمل اللغة ونحن نفكر إلى حد كبير. ماهي أعمالك غدا ؟ هنا سوف تفكر بلغة, ستقول في الصباح سوف أذهب إلى ذلك المكان وأقابل ذلك الشخص ثم أعود...إلخ, لكن عندما تشاهد منظرا جميلا وتتفكر فيه لا تستعمل اللغة, أو بعبارة أدق كلما لامست العالم الخارجي وأنت تفكر احتجت اللغة واهتزت حبالك الصوتية حتى لو لم تتكلم, حتى أنك تحس بألم الحنجرة أحيانا من كثرة التفكير, ويتضح هذا عند من يعاني احتقان في الحلق واللوزتين.

إذاً القاعدة التي يجب أن نسير عليها في حياتنا وكل قرارتنا هي اتباع الشعور بعد أن يتفق العقل والشعور وليس أحدهما, فيكون الأمر متفقا عليه, فمن تبع الشعور والعقل يعارض سيكون قد أضر بنفسه وخرج عن دائرة العقلاء, ومن تبع العقل والشعور يعارض سيكون هذا العقل غير طبيعي أي ليس مبنيا من الشعور, ومن يتلكأ بعد اتفاق العقل والشعور فهو من نسميه غير محترم للشعور ويؤخره عن وقته والله يقول: {وإذا عزمت فتوكل على الله} فسيكون ذلك تبلدا. لاحظ وأنت تعبر الشارع ماشيا سوف تنتظر فرصة عدم مرور سيارات في الوقت الذي ستعبر فيه وتنظر إلى سيارة مقبلة وتقدر المسافة وقدرتك على عبورها, ان تباطأت في اتخاذ القرار سوف تظل باقي يومك على الرصيف, وإن تباطأت أثناء تنفيذ القرار فستعطي السيارة القادمة فرصة أكبر لتقترب منك. العقل يوازن بين الشعورات ويحدد لها المكان والزمان المناسبين, العقل مثل العين بالنسبة للرؤية, كأن الشعور هو الرؤية والعقل هو العين المادية, لأن الحالم يرى مع أن عينيه مقفلة.

إذا كلمة الاستعجال المذمومة هي الاستعجال قبل نضج الرؤية, لأنها تكون تهورا, وما الشجاعة إلا تعبير عن سرعة احترام الشعور بعد دراسة الامكانية عقليا. ألا تمر بك لحظات تندم فيها أنك لم تقل فيها كلاما معينا وفي وقت معين وتباطأت مع أن إحساسك وعقلك كانا متفقين عليه؟

الله يقول: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} ولم يقل لا تستعجلوا, فقد يكون الموت أعجل, إذا المقصود بالعجلة العجلة المعنوية أما المادية فأحيانا يقتضي المنطق السرعة وأحيانا يقتضي التمهل, فسيارة تسير في الطريق السرعة ليست في صالحها ولكن سيارة تتباطأ وهي تسير في تقاطع مزدحم ليس البطء في صالحها, إذا هذه الحكمة :
قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل. لا تنطبق على كل الظروف.

- أليس الشعور من النفس ؟ أليست النفس أمارة بالسوء؟

الشعور غير النفس, النفس في منطقة أسميها بالعقل الوسيط, وهي عبارة عن أساس شعوري + أفكار أخذت صفة الاعتياد والآلية, فصارت كأنها جزء من الشخص, بدليل قوله تعالى :{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} وهذا يكسر فكرة أن الطبع لا يتغير وأن العادات لا تُستأصل, بل يجب أن نغير عاداتنا السيئة حتى لو صارت جزءا منا وصرنا نعملها بطريقة آلية سواء كانت أفكار أو أعمال, والتغيير لا يتم بسهولة إلا إن قدمنا البديل الأفضل الذي يتفق عليه العقل والشعور.
أي شيء نفعله بالبداهة دون تركيز نسميه من إيحاء العقل الوسيط, والذي يكون فيه أشياء حسنة او سيئة نتيجة افكار مكتسبة منذ القدم. الشعور هو فطرة الله, والنفس يؤثر فيها الشيطان, لاحظ أننا نتضايق من أنفسنا ونحن نفعل أشياء معتادة, الذي تضايق هو الشعور والذي يصر على الاستمرار هو النفس. ويوضح هذا صورة المدخن, كل مدخن يكره أنه يدخن ولكنه لا يستطيع الفكاك لأنه عود العقل الوسيط (أو نفسه) على هذه العادة وصارت جزءا منه وارتبط بها مزاجه.

لاحظ أننا ننسى أحيانا كثيرة فيعمل العقل الوسيط إذا غاب التركيز, بل هو النسيان نفسه, فلا يوجد شيء اسمه نسيان كامل لشيء رصده الشعور ووافقه العقل (أي فُهِم) بل هنالك تناوب بين العقل الوسيط وبين العقل المركِّز (الذي يمكن أن نسميه بالعقل (أ) ونسمي الشعور بالعقل (ب) ), مثل سائق السيارة الذي يتكلم مع راكب آخر وهو متحمس للموضوع, نجده يقود السيارة بطريقة آلية بدون تركيز وربما تغير مسكنه أو مقر عمله فنجد أنه إذا لم يركز يذهب إلى مكان المقر القديم, هذا هو العقل الوسيط, وهو نعمة إلهية تريحنا من التركيز وتفرغه للجديد. لكنه يكون ضارا وأمارا بالسوء إذا سمحنا أن يدخل فيه افكارا سيئة أو سمح المربون بذلك, وهنا تتبين أمانة المربي.

ماذا يحصل إذا حدث خلل هرموني أو كيماوي في الدماغ وهو كثيرا ما يحدث؟ إلا يؤدي مثل ذلك الخلل إلى رغبة في الانتحار مثلا؟ هل ننفذ رغبتنا في الانتحار؟ ثم هناك نسبة من الناس يصابون بمرض الذُهان فيكون ما يدور في عقلهم هذيان واوهام فيتصور مثلا انه ملاحق من قبل كائنات فضائية او اعداء خياليين...ولا بد أن شعورهم أيضا يتأثر بهذه الحالة فهل يتصرف بناء على هذا الشعور؟


إذا بناء على ماذا بما أن عقله مريض؟
.................................................. ............


أعتقد أن التفريقات السابقة كافية لبيان بقية التساؤلات, وشكرا على تساؤلك وارجو أن أكون وضحت وجهة نظري والتي تبقى على كل حال وجهة نظر غير ملزمة لأحد إلا لي.


وتقبلوا تحياتي..أنت والأعضاء والقراء..[/justify]


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: احترام الشعور
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فِنجان من الشعور ابتسام السيد منبر قصيدة النثر 10 05-21-2021 01:37 PM
لص الشعور محمد حمدي غانم منبر الشعر العمودي 0 01-20-2018 12:57 PM
من صور الشعور بالنقص .. أحمد الورّاق منبر الحوارات الثقافية العامة 0 12-26-2012 10:51 PM

الساعة الآن 12:58 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.