احصائيات

الردود
4

المشاهدات
1202
 
محمد عبد الحفيظ القصاب
الشعراء العرب

اوسمتي


محمد عبد الحفيظ القصاب is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
964

+التقييم
0.14

تاريخ التسجيل
Oct 2005

الاقامة

رقم العضوية
568
01-01-2021, 03:45 AM
المشاركة 1
01-01-2021, 03:45 AM
المشاركة 1
افتراضي في وقتٍ متأخّرٍ منْ آخرِ ليلة
في وقتٍ متأخّرٍ منْ آخرِ ليلة
=================

عادتْ إليه اليقظةُ فجأةً ؛كرعشةٍ من هبوبِ ريحٍ تلاقحتْ بين البردِ القارصِ ،ونارٍ لا تزالُ تحرقُ الجسد.
حاولَ النهوضَ ؛لايستطيعُ معَ هذا الركامِ دفعاً من كاهل ٍ منهك! شدَّ أعضاءَ جسدهِ المتخدِّرِ يقاومُ الرغبةَ الملحَّةَ للإستسلامِ .عاينَ الموقفَ: لو بقيتُ على الحالة الأولى سأدفنُ هنا دون شكٍّ ؛الهواءُ يتناقصُ ،والاختناقُ باتَ وشيكاً ،وهذا الألمُ يعضّ كلَّ الحواسِ ،لا يدري مَنْ تعاني أكثرَ ليسعفَ تركيزها.
جمعَ جسدَهُ كتلةً واحدةً ،واستعانَ بأضعفِ العزمِ قبلَ أقواهُ ،ونهض دفعةً واحدةً !لا مجالَ لحصدِ النتائجِ جرَّاءَ ذلك ،ولم يأبهْ إلّا للوصولِ لوضعٍ وحيدٍ ؛الخروجُ منَ الموتِ المحتّم.كردَّةِ فعلٍ طبيعيةٍ وبسيطةٍ للغايةِ ،من أيَّ كائنٍ يتعلَّقُ بالحياة.
وقفَ أخيراً ؛على قدمين ترتجفان ،صمدَ للحظاتٍ من سقوطٍ يعرفُ أنَّهُ الأخير.استنجدَ بحواسِهِ ليتفاعلَ معَ المحيطِ ،وساورتْهُ الشكوكُ علناً أنَّهُ عديمُ الإحساسِ بما يَجري ؛ وأصابَهُ خوفُ الخطوةِ الأولى من عدمِ معرفةِ أينَ تَمَّ رميَهُ آخِرَ مرّة؟
استفاقَ من دهشةِ الخللِ الحاصلِ في الحواس .عندما أنصتَ لما يدورُ حولَهُ :صوتٌ بعيدٌ يشوبُهُ الصدى كمن يسمعُ نداءً من بئرٍ عميق.
اِشتمَّ رائحةَ الدخانِ في كلِّ اتجاهٍ ،وهو يدورُ الهوينى بجذعِهِ يميناً ويساراً.
ويسمعُ تأجّجَ الحرائقِ وانفجاراتٍ متلاحقةٍ ،وتشقّقَ الصخرِ والحديد.
لم يميّزْ غير نسمةٍ بَحْريةٍ لا تُنسى ،من جهةٍ فثبتَ عندها ،وتلاطمُ الموجِ يتماشى ويتناغمُ معَ الأصواتِ الأخرى.
تقدَّم نحو الجهةِ المختارةِ ؛يجرُّ القدمَ إثرَ القدمِ ،حتى وصلَ باليُمنى إلى هوةٍ ؛تراجعَ عندها ،ووقفَ ليعلمَ أنَّهُ لا مجالَ لخطوةٍ أخرى ،حتى يتأكَّد من موقع وجوده.
ما استنتجَهُ ؛أنَّهُ على حافةِ نتوءٍ صخريٍّ يتَّصلُ بشاطيءِ البحرِ ،يعرفُ منه الاسمَ القديمَ .ورائحتُهُ المحببةُ يخالطُها رائحةُ النارِ ،والصديدِ والغبارِ،وغليانُ الدمِ وتخثرِه.
طُبعَ في ذاكرتهِ مشهدٌ من بحرٍ تغيَّرتْ صفاتهُ فجأةً ؛ولونُ مياههِ الحمراء لا تعبّرُ عن صِلتِهِ ببياض سريرته.
هذا في الذاكرةِ القديمةِ! إنْ كانَ استشعرَ وجودَه من خلالِ ما وصل إليه ،فهو يملكُ فقط السمعَ والشمَّ ،ويحسُّ أنَّ كلَّ خليةٍ منه تنزف .
أرادَ أنْ يتلمّسَ الألمَ وخلاصةَ الجسدِ ،فقد تأكّدَ من أنَّ بصرَه لا يعملُ ؛فلا يرى غير الظلام ،وهو يأمُلُ أنَّها حالةٌ عرضيةٌ ،أو ربّما تَشَوّهَ الوجهُ كلياً ! وأهمُّ ما فيهِ العينينِ والجبهةِ ؛حاولَ جاهداً الوصولَ إلى أيّةِ منطقةٍ من جسدهِ ؛لم يستطعْ! أهوَ شللٌ أم بُتِرَتْ اليدان ؟!
تمايلَ يميناً وشمالاً ينتظرُ احتكاكَ الساعدين بجذعهِ دونَ جدوى ! لا بدَّ أنّهما مبتوران حتى الإبط.
يشعرُ بالألمِ الحادِّ ،وفقدَ معهُ قدرةَ لمسِ المكانِ ؛حتى يعاينَ جزئياً الضررَ الحاصل.
تذكَّر أنّ في جعبتهِ حقيبة إسعافٍ أوَّلي ،ومع ذلك لا يستطيع ؛شعرَ بحرقةٍ في منطقةِ العينين. أرادَ بشدّةٍ أن يبكي دون جدوى !حتى هذا السبيل للراحة فقدَه ،واستحالَ من الداخلِ غضباً وحقداً وعفونة.
ألمٌ حادٌّ يعلو معهُ صراخُ الأعضاءِ المتضرّرَةِ ؛تخدَّرَ معهَ الحسُّ رويداً ،وأقفلَ العقلُ بوابةَ الإدراكِ إلّا عن طلبِ الراحة .
الحياةُ نسّتْ رويداً ،وشارفتْ على الرحيلِ ؛استفاقتْ معها بعضُ الذكرياتِ ،ومشاهدُ تزاحمتْ رغماً عن الضعف ؛انفجارٌ هائلٌ لآخرِ قطعةٍ آهلةٍ بالسّكانِ ،لِآخِرِ مَلاذٍ لِمنْ أرادَ المقاومةَ ولِمنْ أرادوا التخاذل..؛لتصفيةِ عروقِ الأرضِ قبلَ البشر ..؛ لجبالٍ من عمرِ الأرضِ أصبحتْ هشيماً تذروها الرياح.
لوطنٍ أصبحَ مسرحَ دمىً تعلّقتْ بحبالِ مشانقها ؛لإبادةِ بشرٍ ،أهونُ من إبادةِ الحشرات ...
جمعَ ما تبقّى منه للصراخِ !وعلمَ أنّها النهاية ..لآخرِ عرقٍ ..يستحقُّ الوقوفَ برهةً من الزمن. يودّعُ تاريخَهُ من عمرِ الكونِ ؛لم يقف مستسلماً ! إنّما أعجزهُ ما صارَ عليهِ على حافّةِ هاوية .
قاومَ السقوطَ منتحراً ؛كي يبقى أملاً لثباتِ عرقهِ حتى لو كانَ مسخاً لا يعرفُ مدى فظاعةِ صورتِهِ ؛بلا عينين تبصرانِ ما يجري ،ولنْ يتفاعلَ معَ مستجدّاتهِ لأنّهُ بلا يدين ،أو حتى لن يعلمَ كيفَ يتلمّسُ مصدرَ ألمِه.
لِعرْقِهِ مستباحٌ لتجاربِ السياسةِ والقتلِ والنهبِ ،ولأحْدَثِ نظرياتِ العصرِ ..كان فأراً صبوراً !
كما تتكَّسرُ الأمواجُ عبرَ الزمنِ على الصخورِ ،ومهما تتكّسرُ الأحلامُ في هوَّة اليأسِ ،ومهما يُصِرُّ الآخرونَ أسنانَهم على العظامِ القديمةِ ..
لا بدّ من ليلةٍ أخرى...

===================
محمد عبد الحفيظ القصاب
1\8\2006 م


---------------------------
اللهم لك الحمد حتى ترضى ,ولك الحمد إذا رضيت , ولك الحمد بعد الرضا

إلهي دلّـني كيفَ الوصولُ؟
إلهي دلّـني مــاذا أقـــــولُ؟

محمد عبد الحفيظ القصّاب
قديم 01-01-2021, 03:12 PM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: في وقتٍ متأخّرٍ منْ آخرِ ليلة
ليلة قانية قاتمة بلون الحقد الذي دمّر كل شيء
أفقد البطل أهم حاسة من حواسه ، وأهم عضوين في جسده هما يداه
ومهما يكون صبر المرء على المحن ، فمن أين يأتي مثل هذا الرجل بصبر يعينه على حالة تشبه الموات
لم تبق من جسده إلّا القليل ..
أواه مشهد يوقف النبض
سلم قلمك أيها الرائع .. أعرف أنك شاعر ،، لكنني لم أعرف أنك قاص محترف
صديق الجرح
كنت هنا أتألم معك من وقع المشهد
فليحتفل المحتفلون الآن بيوم ماتت فيه الإنسانية في صدورهم إلى الأبد
تحية كبيرة
ناريمان

قديم 01-18-2021, 05:06 AM
المشاركة 3
محمد عبد الحفيظ القصاب
الشعراء العرب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: في وقتٍ متأخّرٍ منْ آخرِ ليلة
ليلة قانية قاتمة بلون الحقد الذي دمّر كل شيء
أفقد البطل أهم حاسة من حواسه ، وأهم عضوين في جسده هما يداه
ومهما يكون صبر المرء على المحن ، فمن أين يأتي مثل هذا الرجل بصبر يعينه على حالة تشبه الموات
لم تبق من جسده إلّا القليل ..
أواه مشهد يوقف النبض
سلم قلمك أيها الرائع .. أعرف أنك شاعر ،، لكنني لم أعرف أنك قاص محترف
صديق الجرح
كنت هنا أتألم معك من وقع المشهد
فليحتفل المحتفلون الآن بيوم ماتت فيه الإنسانية في صدورهم إلى الأبد
تحية كبيرة
ناريمان
إنّها كذلك أختي الغالية وصديقة الجرح

لم أعدْ أعلم يا أختاه إن كنت كذلك فعلاً!
لا شعرٌ ولا قصّةٌ ولا شيء يستحق.
عذراً منكِ؛ فمثل هذا البطل، يفقد جسده، ويتكسّر على مراحل.
هكذا أصبحتُ! وربّما أتمسّكُ بأمل ما لا أمل فيه.

وكلّ الشكر لتعقيبك وإطرائك الذي لا أستحقه.

وعذراً لمن يقرؤني؛ تتفلّت الكلمات غصباً عني
وانظروا: حتى الترقيم أردته صحيحاً في القصة فجاء خاطئاً في تقدير المسافات!

جزاكِ الله كلّ الخير أختي الغالية

تحياتي والمحبة ونقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




---------------------------
اللهم لك الحمد حتى ترضى ,ولك الحمد إذا رضيت , ولك الحمد بعد الرضا

إلهي دلّـني كيفَ الوصولُ؟
إلهي دلّـني مــاذا أقـــــولُ؟

محمد عبد الحفيظ القصّاب
قديم 01-18-2021, 08:02 PM
المشاركة 4
حمزه حسين
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: في وقتٍ متأخّرٍ منْ آخرِ ليلة
نص جميل
شجي
إنساني عذب

أحسنت أستاذ محمد الرائع

بوركت
لك وافر تحياتي

قديم 02-10-2021, 01:46 AM
المشاركة 5
محمد عبد الحفيظ القصاب
الشعراء العرب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: في وقتٍ متأخّرٍ منْ آخرِ ليلة
نص جميل
شجي
إنساني عذب

أحسنت أستاذ محمد الرائع

بوركت
لك وافر تحياتي

أحسنَ اللهُ إليك

شاعرنا المبدع

أخي العزيز حمزة

شكراً لمروركَ العذب

جزاكَ الله خيراً

تحياتي والمحبة ونقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

---------------------------
اللهم لك الحمد حتى ترضى ,ولك الحمد إذا رضيت , ولك الحمد بعد الرضا

إلهي دلّـني كيفَ الوصولُ؟
إلهي دلّـني مــاذا أقـــــولُ؟

محمد عبد الحفيظ القصّاب

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: في وقتٍ متأخّرٍ منْ آخرِ ليلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ليلة خشوع خالد العاطفي منبر البوح الهادئ 11 08-09-2012 10:43 PM
ترنيمةُ آخرِ الليلِ هنية لالة رزيقة منبر الشعر العمودي 9 06-17-2012 10:27 PM
ليلة بألف ليلة سناء محمد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 03-20-2012 12:09 PM
كل ليلة .. سعاد حسين العبودي منبر البوح الهادئ 8 11-14-2011 12:12 AM
.. ليلة عيد . | سلمى الغانمي منبر البوح الهادئ 4 10-17-2010 08:50 AM

الساعة الآن 11:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.