قديم 04-13-2014, 09:03 AM
المشاركة 1131
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ....العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية- 48 - دار الباشا حسن نصرتونس


- ولا أحد يَشُكُّ في إحالة هذا المقطع السرديّ على صورة السطح برُمَّتِها، تلك التي تخيلها فريد بوغدير قبل حسن نصر وهكذا يربط الخطاب الروائي من خلال هذه الرّواية علاقةً وطيدة بالخطاب السينمائي. فالكاتب عادة يكتب وهو يتذكر.

- إنّ هذه الرواية من حيث بناؤها العام تتبنى مقولات الخطاب الواقعي الوصفي.

- والخطاب الواقعي الوصفي هو بالدرجة الأولى خطابٌ تبريريٌ،

- فالسارد الذي كثيراً ما يتدخل ويسوق الأحداث سوْقاً إنّما هو يتدخل ليبرر أساساً.

- فكل حدثًٍينبني على منطقٍ ولكلِّ حالةٍ مبرراتْها النفسية أو الأيديولوجية أو الحدثية.

- لقد صاغت الرواية العربية الحديثة أجمل شخصياتها الإشكالية(25) ولكن القارئ المختص في الرواية لا يمكن له أن يهمل شخصيتين روائيتين يمكن أن تعتبرا أنموذجين أساسين في صياغة الشخصية الإشكالية وهما مُصطفى سعيد في"موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح ومنصور عبد السلام في رواية "الأشجار واغتيال مرزوق" لعبد الرحمان منيف. والشخصيتان أنموذجيتان لأنهما متكاملتان من حيث البناء، مُبرَرَتان تاريخياً وأيديولوجياً ونفسياً، بيد أننَّا عندما نتأمل شخصية "مرتضى الشامخ" نُدْرِكُ أنها شخصيةٌ غير متكاملة البناء إذ ينقصها التَّبريرُالكافي الذي يُشرْعُ وجُودَهَا.

- فهذا الرجل الذي عاد من حيث لا ندري يعيش أزمةعنيفةً وقد استطاع الكاتبُ فعلاً أن يطوِرَ هذه الأزمةَ، لكنّنا لا نُدرِكُ أبداً أسباب هذه الأزمة وأبعادها.

- لا شكَّ أنّ الساردَ ألمح إلى أن بطله عاش بعيداً عن وطنه ثم عاد إليه بعد أربعين عاماً.

- لكنَ مسألة تقنية تطرح وهي متعلقة أساساً بهذه المدة التاريخية، فالبطل لا يبدو لنا شيخاً في الرّواية بل هو كما نتصوَّرُرجلٌ كَهْلٌ في نهاية الأربعين أو عند الخمسين، فإذا عاش أربعين عاماً خارج وطنه فهو لا يمكن أن يكون قد عاش أكثر من عشرة أعوام في وطنه، فسنون الاغتراب أربعة أضعاف سنين الوطن.

- ولكنّها لا تحتلُّ في حيّز السّرْد سوى بعض المقاطع القصيرة جدّاً وهي مقاطع وصفيةٌ وليست تشخيصيةً،

- فهي من باب كلام السارد وليس من باب الوقائع التي يُشَخّصُها السَّاردُ

- والأمر في اعتقادنا ليس مجرّد ملاحظة عابرة بل إنّه يتّصلْ وثيق الاتصال بالمنهج الفني الذي اقتفاه السَّارِدُ،

- فإذا كان السارد في الرواية مورَّطاً إلى حدّ الأذنين في الأحداث لكثرة تدخّلاته السّاخرة فإنّه يتحتّم عليه أن يصف لنا الوقائع التي عاشها البطل الإشكاليّ في بلاد الغربة وأن يُشَخّصَهَا ليبررَتلك الأزمة التي ذكرها ولم يصفها وليجد مَعْبراً لذاك الحنين الجارف إلى "دارالباشا" لكن السّارد لم يفعل.

قديم 04-14-2014, 09:00 AM
المشاركة 1132
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية48- - دار الباشا حسن نصرتونس



- وإذا كان التّبريرْ الدّاخلي غير موجود فلا بدَّ من البحث عندئذ عن تبرير خارجيّ وبذلك ندخل إطار التأويل، فالنص لم يعُدْ يَقْولُ شيئاً وإنما على الناقد أن يقول وأن يجد مدخلاً يبرّرُ هذه الشخصيّة الإشكالية "دارالباشا".

- ولن يكون التّبرير إلاّ تبريراً حضاريّاً أو بعبارة أخرى سياسيّاً عاماً

- . ذلك أنّ الرّواية تطرح قضيّة العودة إلى الأصول، فالبطل لا يحقّقُ ذاته إلا عبرالذاكرة، تلك المسيرة الاسترجاعية عبر الزمان الآفل وعبر المكان المهدّد بالزّوال وعندئذ يُصْبِحُ الاسترجاع فَراراً من واقع مُخِيفٍ هو واقع العقل المجحف الذي يهدّد الخيال والحلم وهو كذلك واقع المصالح المادية والتحرّر الاقتصاديّ والمضاربات المالية، فالمكان لا يكتسب قيمته برائحة الإنسان فيه وفعله الحضاري وقيمته التاريخية ولكنّه أضحى سِلْعَةً تخضع لاقتصاد السوق ف "هذه الأراضي التي تحيط بالمدينة كانت من قبل لا تساوي شيئاً والآن، انظر كيف ارتفعت قيمتها، من شَدْرِي، ربما "دار الباشا" ترتفع قيمتها يوماً وهذه الأماكن لا تكتسي قيمتها من ذاتها، نحن الذين نكسبها القيمة التي تستحقّ، بما نحقّقه من عمل وننجزه من مشاريع، بالعمل يمكن أن ترتفع قيمة "دار الباشا" وليس بالحلم".

- إنّ العمل والمشاريع والمضاربات الماليّة هي لغة العصر الحديث الذي قطع مع الأيديولوجيا والقيم المثاليّة.

- ذاك وجه من وجوه فهم أبعاد هذه الشخصية الإشكالية،

- ولكنَّ الوجه الآخر يتمثّل في أنّ البطل في هذه الرّواية بمسيرته النكوصيّة إنما هو رمز لهذا الجيل الذي عاش أحلاماً كثيرة وواكب هزّاتٍ سياسيةً واجتماعيةً عنيفةً على الصعيد القطري وعلى الصعيد القومي،يستيقظ لكي يُدْرِكَ أنَّ كُلْ تلك الأحلام قد تهاوت وعندئذ يعود بحثاً عن الأصول والجذور فلا يجد منها إلا أطلالاً تتهاوى لتُعبِّرَ عن أزمة جيل شاخ قبل الأوان.

- في "دار الباشا" يتضخّم السارد-هذا الكائن الوهمي- تضخماً غير عادي، فنحن-داخل الرّواية- إزاء رؤيتين مستقلّتين هما رؤية البطل (مرتضى الشامخ) ورؤية السّارد ولا شكَ أن الرّؤيتين تتقاطعان بل تتطابقان تطابقاً كاملاً ولكنّ رؤية السّارد تطفح على رؤية الشخصية ولعل عبارة الإنشائيين" الرؤية من الخلف". لا تكفي لتجسيد هذه العلاقة بين السّارد والعالم الذي يرويه ويصفه.

- لا يمكن أن نعتبر السّارد شخصيَّةً روائيّةً إذ أنه ليس طرفاً مباشراً في الأفعال التي يتخيّلها المؤلّف ولكنّ سلْطته التعليقية والتفسيرية والتبريرية (خارج حقبة الأربعين عاماً التي إليها أشرنا) تقوى إلى درجة يتحوَّل بها السّارد إلى بطل من الدّرجة الأولى.

- فأغلب عناصر العالم المرويّ تصل إلى القارئ عبرعين السارد وليس عبر عين الشّخصيّة الإشكاليّة والأمثلة في الرّواية كثيرة وهذه بعضها: "عرجت به بعد ذلك إلى زاوية سيدي محرز ودخلت السقيفة الرحبة الشاسعة، ملاذ الحيارى والمساكين والبائسين، صدمه المنظر العجيب، أطفال تتعالى أصواتهم بالبكاء، نساء يتنقلن كالأشباح أو يجلسن تحت حائط السقيفة، ثيابهن بالية، نظراتهم مخطوفة، ركام من الأدباش وأكداس من الفوضى، حصر مهترئة، فرش متسخة،أوان مبعثرة، أرضية مغطاة بالنفايات.

- إنّ مثل هذا الوصف يكون في كثير من الأحيان وصفاً تزيينياً لا علاقة له بالشخصيّة الرئيسية بقدر علاقته بالسّارد إذ يعكس -من موقع التّبئير- نظرة السّارد إلى هذا العالم السّحريّ الذي يريد أن يرصده من خلال ملامح تونس القديمة.

- ولذلك يصبح وصف المؤثّثات والمكان برمّته مجرد إطار تسبح فيه الشّخصيّة ولكنّه لا يعكس نفسيتها وأزمتها وحالتها الفكريّة،

- ويعكس الوصف أحياناً أخرى موقفاً توثيقياً واحداً، فالسّارد يتّخذ من حركته الشخصيّة في المكان وسيلةً ليَرْسمَ من خلالها بعض اللّوحات عن شوارع تونس القديمة لتسجيلها وتوثيقها عبر إعادتها إلى الذاكرة: "رجل يدفع عربة وآخر يحمل فوق رأسه قُفّةً، متسوّل يطلب صدقة وأعمى يقرع الأرض بعصاه، بائع العطور، ماء الزهر وماء الورد والعطر شيّة، دلال وسقّاء وحامل المبخرة وسلاّك الواحلين يلقي الكلام الموزون ويعبر سريعاً، فرقة نحاسية تتقدم باتجاه سيدي محرز من وراءها "المظهر" في ثيابه الزاهية يحف به الأطفال وهم ينشدون وراء الفرقة".

- وفي هذا السّياق لا يمكن أن يفوت الباحث المختصّ أن يلاحظ أنّ الكاتب وضع مقطعاً وصفيّاً كاملاً وهو الفصل الخامس عشر برُمَّتِهِ، لاتذكر فيه أيّة شخصيّة من شخصيّات الرّواية ولو مجرد ذكر ولا حضور فيه إلاّ للسّارد الذي نتخيّل أنه الكائن الذي يقف وراء هذا المقطع ولكنّ هذا الفصل يمكن أن يحذف ولن يؤثر حذفه في سياق الأحداث ولا في بناء الشخصيات فلا مبرر لوجوده إلا رغبة المؤلّف في الوصف المجاني وفي التّوثيق واتّخاذ موقف من الحضارة الحديثة ولذلك يصبح المقطع أشبه ببحث في العمارة الحديثة.

- ونضيف إلى هذا الفصل ما رواه السّارد عن الحرب ليتحوّل إلى مُؤَرّخ شاهِد ومحلّلٍ لأبعاد الحدث.

- ولا يضاهي هذا المقطع التّاريخي الطّويل إلا مقطعَ شبيه يصف فيه السّارد واقعة تازركة.

- وهكذا تتحولُ الرواية إلى ما يشبه الوثيقة التاريخيّة لهيمنة حضور السّارد ورغبته الملحّة في تسجيل الوقائع التاريخيّة والمشاهدات العمرانيّة مؤكّداً بذلك حقائقية العالم الذي يحيل عليه ومصداقيته الوهم المرجعي الذي إليه يشد الوقائع والأحداث وبذلك يظلّ برنامج الميثاق الواقعي قائماً.

قديم 04-15-2014, 11:12 AM
المشاركة 1133
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية48- - دار الباشا حسن نصرتونس

- امتازت رواية دار الباشا بنزعة التوثيقوالإخبار وظلت رغم محاولة التّجديد فيها ْمُرْتَبِطَةً بميثاقها الواقعيًّ.

- تلك هي دار الباشا وذلك هو عالمها المبهم الذي تأخذنا إليه.

- دليلنا إلىهذا العالم شخص اسمه "مرتضى الشامخ".

- وإذا كان من شأن الدليل أن يكون عارفابالمكان، مرشدا إلى أسراره وأكنافه، فإن دليلنا إلى دار الباشا لا يملك المعرفة ولابرد اليقين،

- بل هو دليل يبحث عن حقيقة لا يستطيع تحديدها،

- جسد مثقل بذكريات منالماضي تزيد الفراغ من حوله اشتدادا وتجعل من الرجوع إل البداية أمرا مؤلما ،وتتصاعد الأسئلة لتملأ رأسه ...لكن الأجوبة تتلفّع بالغموض وتلوذ بالخواء.

- تطمح هذه الرّواية إلى عرض شخصيّة "مرتضى الشامخ" الذي ترك دار الباشا" ثم عاد إليها بعد أربعين عاماً لا يستطيع قارئ الرواية أن يتمثلها، فتغيب الوقائع والأحداث المتعلّقة بهذه المرحلة الطويلة من حياة الشّخصيّة المحوريّة ولا نكاد ندرك ملامحها إلا عبر إشارات تبريريّة يصرح بها السّارد في بعض مواطن الرّواية أهمّهُا ما ورد بالفصل السّابق عندما يقول "خرجت مُمزَّقاً طريد أفكارك، تلاحق أوهاماً وأشباحاً، تقاذفتك الأهواء والعواصم واختلطت عليك اللغات المختلفة شرقيها وغربيها:‏

- من باريس إلى لندن ومن جنيف إلى بون ومنها إلى طهران فدمشق فبيروت، تقلبت ظهراً على بطن، وانتفضت من الأعماق حتى غشي عليك، اختلطت عليك السبل، ففقدت السيطرة على نفسك، أضعت توازنك، تزلزل كيانك من الجذور حتى كفرت بكل شيء، أصبت بصدمة حضارية حادة، تملكك الذهول، فخرجت على الناس مذهولاً، لتلقي ما تبقى منك في جحيم الصحراء" وعبثاً يبحث القارئ عن ملامح هذه السبل التي اختلطت على مرتضى الشامخ أو عن هذه الصدمة الحضاريّة الحادة الّتي واجهها فلا يعدو الأمر أن يكون من باب التبرير اللّفظي لهذه الوضعية الّتي وضع فيها المؤلف شخصيته وهي تباشر حياتها في دار الباشا" بعد انقطاع طويل وعودة مفاجئة مفعمة بحنين جارف إلى المكان.

قديم 04-16-2014, 09:07 AM
المشاركة 1134
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية48- - دار الباشا حسن نصرتونس


- A haunting, poetic, semi-autobiographical evocation of a Tunisian childhood during the days of nationalist resistance against French colonial rule.
رواية جميلة مكتوبة بلغة شاعرية وهي اقرب الى السيرة الذاتية تصور مرحلة الطفولة لبطل القصة الذي عاش في زمن المقاومة للاستعمار الفرنسي.

- Return to Dar al-Basha by the contemporary Tunisian author - Hassan Nasr depicts the childhood of Murtada al-Shamikh and his return forty years later to his home in the medina or old city of Tunis.
تسرد الرواية قصة حياة بطل القصة متضى الشامخ وعودتة الى ميدنة تونس القديمة بعد 40 سنة من الغياب

- After being taken from his mother and raised in his father's home where he was physically abused and emotionally marginalized,
وتروي القصة ما حصل لبطلها الذي اخذ من بين امه وتمت تنشأته في منزل والده حيث تم الاعتداء عليه جسديا وتهميشه عاطفيا

- Murtada spends a life of anxiety wandering the world. His return is prompted by a mysterious visit from one of his father's Sufi friends as he roams the desert in Mauritania.
وتصور الرواية كيف ان مرتضى قضى حياته في القلق وهو يجوب العالم وكان سبب عودته زيارة لاحد اصقاء والده الصوفيين الذي كان يجوب الصحراء في موريتانيا

- Murtada retraces his steps through the medina to his family's house in anticipation of a possible reunion with his troubled father, vividly reliving sights, smells, and sounds from his childhood and evoking his childhood initiation into Islamic mysticism as he experiences a personal journey of the spirit across space and time.
يسترجع مرتضى في الرواية خلال عودته الى منزل والده حياتة السابقة في المدينة وحياته في منزل والده ويتذكر الروائح المناظر من طفولته وتعرف على التصوف وتجاربه الشخصية والروحية عبر الزمن والمكان.

- Nasr succeeds in conjuring up a Tunisian boyhood not unlike his own and brings to life in a poetic, sensual narrative the spaces, light, colors, and life of Tunis some six decades ago.
ينجح القاص في تصوير كيف كانت عليه طفولة طفل تونسي تشبه طفولته كما نجح في تصوير الحياة في ذلك الزمن بما فيها من اضواء والوان كما كانت عليه قبل ستون عاما

- Murtada searches the streets of Tunis and his memories for the decisive mistake he feels he must have made-that has left him a perpetual wanderer until he undergoes a cathartic nightmare sequence that leaves him shaken
.
يبحث مرتضى في شوارع المدينة وفي ذاكرته عن الاخطاء التي لا بد انه ارتكبها حتى تسببت في تحويله الى مشرد وتتسبب هذه الذكرايات في صدمته

- Only then is he finally able to come to peace with his past and with himself.
فقط بعد ذلك يتمكن من تحقيق السلام لنفسه ومع ماضيه


قديم 04-16-2014, 02:26 PM
المشاركة 1135
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...العناصر التي شكلت وصنعت الروعة في رواية48- - دار الباشا حسن نصرتونس


- "Nasr’s hero in this multi-layered novel develops a deep humanity as he describes with almost mystical grace his tortured passage through life.

- Born in Dar al-Basha, a busy quarter of the old city of Tunis, the protagonist experiences a dreadful childhood of physical and psychological abuse and rejection.

- Finally he flees his tyrannical father and roams the world for 40 years, seeking escape from a life he could not understand and trying to come to terms with himself and the world.

- In the moving ending, he returns to his childhood home, generous spirited and purged of bitterness.

- Often impressionistic, Nasr’s writing is dominated by sensual imagery of colors, sounds and smells.

- Descriptions of the surrounding world frequently contrast with the hero’s inner turmoil and give a sense of continuity to balance his fragmented perception of it.

- Beneath the surface lies a stratum of Sufi thought, and below that a layer of anti-colonialism.

- The translation is excellent, and Hutchins maintains a consistent style that does justice to the Arabic original.
- This fine novel, Nasr’s first appearance in English, is a fine example of modern Arabic fiction from North Africa.

- "Return to Dar al-Basha is a semi-autobiographical novel describing a boy’s Tunisian childhood during the era of nationalistic resistance against French colonial rule.

- Taken from his mother and raised in his father’s home, physically abused and emotionally neglected, he grows up into a perpetual wanderer. Questioning his inability to set roots, he explores the streets of Tunis, recalls his childhood introduction to Islamic mysticism and Sufism, and braces himself to see his father again.

- An evocative, heartfelt tale, providing an unforgettably vivid impression of Tunisian life through a child’s eyes."



قديم 04-29-2014, 03:12 PM
المشاركة 1136
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو موريتانيا

- ولد موسى ولد إبنو في أبيتلميت بموريتانيا عام 1956. حصل على دكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون, باريس, وكان قد تخرج قبلها في معهد الصحافة بباريس وحصل على إجازته. تولى مسؤوليات قيادية في بلاده بميدان الصحافة العربية والفرنسية وبالنشر, كما عمل أستاذًا للفلسفة بجامعة نواكشوط

- في مقطع من حديث الكاتب حول روايته "مدينة الرياح" يقول " تدور أحداث مدينة الرياح في برازخ التاريخ، وتعتمد أسلوبا في الكتابة برزخا بين الواقعية والرمزية، وبين رواية الخيال العلمي والرواية التاريخية.

- فالمكان والزمان والشخوص واللغة التي أنتجتھا الرواية تتأسس في فضاء بعيد، فضاء القَصص القرآني.

- تستلھم رواياتي النص القرآني، سواء في وجھه الإبداعي: (خلق المصطلحات والجمل وأسماء الشخوص)، أو في تكوين عالم جديد يحاكي عوالم القَصص القرآني، أو حتى في إيجاد تقنيات جديدة للحكي.

- فمثلا، خلال كتابة مدينة الرياح، عرضت لي معضل إبداع بطل يشھد علي عشرات القرون وينتقل بين حقب زمنية متباعدة. وإن كانت فكرة نسبية الزمن في نظرية إنشتاين قد خطرت ببالي كطريق إلى حل ممكن، فإنھا لم تسعفني. ولكن عندما استحضرت قصة أصحاب الكھف، وكونھم عاشوا {ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا} (الآية). تبلورت أمامي طريقة تمديد حياة بطل الرواية لتغطي قرونا كثيرة. كما أني استلھمت القَصص القرآني في خلق شخصية الخضير في الرواية، ملَك الزمن، الذي ينقل البطل من فترة زمنية إلى أخرى، ليؤدي وظيفته كشاھد على الزمن.

- بما أن موضوع الرواية الرئيسي ھو بصيرة الإنسان والحكم عليھا من خلال مقارنة فترات من التاريخ تفصلھا قرون عدة، كان لابد من إيجاد لحظة يتكور فيھا الزمن، لحظة يمكن أن تشتمل علي عشرات القرون التي جابھا البطل، وتكون ھذه اللحظة لحظة حق تنجلي فيھا الحقيقة أمام البطل-الراوي، وتمكنه من الحكم على التاريخ وعلى نفسه وعلى الزمن. ھنا يظھر دور القَصص القرآني وأھمية استلھامه في الكتابة الروائية وفي حل معضلات الحكي.

- رواية تسافر في التاريخ في أركان لحظات زمنيةر مختلفة، و في زوايا أماكن متباينة، كل هذا ستلتهمه آذانك من فم جمجمة استنطقها باحثون فضوليون ينقبون عن آثار الماضي في الغلاوية في الشمال الموريتاني "و من الفضول نعمة.. و منه قد تكتب رواية "

- كانت (فاله) حزينة دائماً.. تبكي أحياناً بدون سبب مفهوم.. تعلقت بي شيئاً فشيئاً.. كنت كما لو أني طير من طيورها أو دويبة من حشراتها.. كان يبدو لي أحياناً أنها تعتبرني شاهداً على عالم مضى، أثراً واهياً من زمن انصرم.. عندما تلامسني تفعل ذلك بحذر وحنان، كأنني آنية خزفية ملكية، عثر عليها باحث مهووس. كانت تغيب أسابيع طويلة.. أسكن البيت وحدي مع النباتات والحيوانات.. وفي الليل أقرأ مخطوطاتها الشعرية التي تتغزل بالطبيعة.. عندما أقرأ شعرها يخيل إلي أنها حاضرة تكلمني.. لا حدود لشغفها بالطبيعة لهذا غادرت مدينة الرياح، وسكنت في هذه الضاحية المعزولة.

- لا تكمن فتنة (مدينة الرياح) فقط في اتساع مخيّلة مؤلفها أو في فكرته المبتكرة, بل في قدرته المدهشة على السرد وتقصّي الأحداث ببراعة وعفوية. ورغم أن الرواية تعتمد بشكل أساسي على عنصر التأليف الذي يتم بمهارة فائقة, فإن الجهد الذي بُذل في التأليف لا يوازيه سوى الجهد المبذول في محوه وطمره, بحيث تتدفق الوقائع بتلقائية وتتوالد الأحداث من نفسها دون أن يخدش السرد ما يشير إلى تكلف أو افتعال.

- يستفيد الكاتب من تقنيّات السرد الروائي الغربي, إلا أنه يحاول جاهدًا ألا يكون صدًى لسواه, وأن يغرف من الينابيع الأفريقية والإسلامية والمشرقية على حد سواء.

- فهو يمزج الواقعي بالمتخيّل والحقيقة بالأسطورة, استنادًا إلى التراث المشرقي العريق الذي شكلت ألف ليلة وليلة محوره.

- كما تؤكد العناصر الإسلامية حضورها في الرواية عبر إشارات تتكرر إلى الصلوات وشعائر العبادة الإسلامية, وإلى صلاة الاستسقاء عند استتباب الجفاف واستفحاله.

- كما يستند العبيد الذين يحضّرون للثورة على أسيادهم إلى أحكام الإسلام التي تدعو إلى الحرية وإلغاء الرقّ.

- وإذا كانت (مدينة الرياح) تستفيد إلى حد بعيد من المكوّنات الثقافية الإسلامية والمشرقية; فهي تظل مع ذلك رواية إفريقية بامتياز, ذلك أنها تزخر بروح الزنوجة المقهورة بما تعانيه من ظلم وعسف .

[/color][/size][/right]

قديم 04-29-2014, 04:02 PM
المشاركة 1137
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ...العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو موريتانيا


- الرواية رحلة في الزمان والمكان معا، رحلة شخص وقع في أسر العبودية طفلا، فكره الظلم الإنساني، ثم كره الجنس البشرى نفسه

- وقد استطاع الكاتب أن يبني روايته ببراعة لتعبر بنائيا عن فكرته الأساسية، فقسم الرواية إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي "برج السوداء"، و"برج البيضاء"، و"برج التبانة"، وهذا التقسيم مواز لرحلة بطل الرواية في الزمان .

-فالقسم الأول يعبر عن العصور المظلمة؛ عصور استعباد الإنسان الصريح لأخيه الإنسان.

-والقسم الثاني عن عصر النهضة الأوروبية حيث استطاع الإنسان الأبيض تطوير إمكاناته ليسيطر على بقية الجنس البشري.

- والقسم الأخير يشير إلى مستقبل البشرية حيث يتنبأ الكاتب بأن تصبح الأرض مجرد سلة قمامة نووية كبيرة لبقية كواكب المجموعة الشمسية.

- كل قسم من هذه الأقسام الثلاثة يتكون من مقدمة وخمسة فصول، وهي عبارة عن رحلة في المكان، ينتقل خلالها البطل من مكان لآخر في نفس العصر.

- وقد لعب الكاتب على اتجاهين مختلفين في تناول التاريخ، أحدهما يرى أن التاريخ يعيد نفسه، فنجد الشخصية الرئيسية في الرواية "فارا" ينتقل من عصر لعصر ليجد أنه لا شيء تغير في طبيعة البشر وظلمهم لبعضهم البعض.

- كما يستخدم الكاتب أسلوب الحلقة الروائية ليبدأ الرواية من نقطة وينتهي بها عند نفس النقطة.

- كما يبدأ انتقال البطل من عصر لعصر بنفس الطريقة، بل يعيد استخدام نفس الوصف في هذه الحالة والذي يستغرق حوالي صفحتين يكررهما الكاتب لتأكيد فكرته عن إعادة التاريخ نفسه وبالتالي عدم وجود الأمل في شيء أفضل، لكنه في الوقت نفسه يكتشف مع بطله أن الإنسان يطور وسائل الشر بشكل لا يمكن أن يخطر ببال، وهو هنا يستند إلى الفكرة القائلة إن التاريخ يسير في خط مستقيم إلى الأمام، وهذا السير إلى الأمام لا يعني بالضرورة إلى الأفضل، بل غالبا –وهنا يرى الكاتب أنه دائما- العكس.

- يعثر بعض الباحثين على جثة مدفونة على عمق سبعة أمتار في قمة جبل، يخضعون جمجمة الجثة لبعض الاختبارات والتحاليل، ويوصلونها بالحاسب الآلي، لنبدأ قراءة أفكار ومشاعر هذه الجثة التي عاشت في الفترة من 1034-2055م!!

- تستولي قافلة تجار الملح على الغلام "فارا" مقابل لوح من الملح يأخذه أبوه، وترحل القافلة حيث يقدم الكاتب وصفا أنثروبولوجيا للرحلة بما فيها من سادة وعبيد وجمال، وما يواجهونه من عقبات بيئية أو مشاكل صحية، وكيف يداوون مرضاهم بالأعشاب والتعاويذ، وكيف يحملون البضائع على ظهور الجمال، وكيف يتحركون في منخفضات الصحراء ومرتفعاتها وقد ربطوا العبيد من أعناقهم، ثم صفوا الجمال وبينها العبيد كسلسلة متصلة، ثم يصلون إلى مدينة أودافوست حيث يُعرض "فارا" في سوق العبيد، ويشتريه رجل اسمه "ازباعره" فيساعده "فارا" في تأسيس مدرسة بالمسجد لمذهب الإباضية، وفي المدرسة يتعلم "فارا" اللغة العربية، ويحفظ القرآن وتفسيره، ويعي المناظرات الكلامية والفلسفية.

- يكتشف أهل أودافوست أن آبار المدينة جفت، يصلون صلاة الاستسقاء، وفي نهاية الصلاة يفاجئون برجل دميم يخطب فيهم منددا بهم لاسترقاقهم المسلمين رغم ادعائهم الإسلام، وتعاليهم، وتكالبهم على الدنيا..

- يتعرف "فارا" على أمة جميلة "فاله"، ويشاركان في التحضير لثورة العبيد التي تفشل لوشاية بعضهم ببعض، ويلقيه سيده في بئر الكنيف ليعاقبه، يأتيه الرجل الدميم "إذا كنت ترفض القدر، فاهرب من البشر، والجأ إلى الصحراء، وانتظر أمر ربك". فيهرب إلى منطقة "تنين الرمال" التي يعتبرونها موطنا للجن وأن النجاة من تيهها نادر الحدوث.

- في هذا القسم من الرواية نستمع إلى صرخات "فارا" المطالبة بالمساواة معلنا كراهيته المطلقة للبشر واحتقاره لهم "هذه الرمال النقية، السابحة في الضوء، كان يمكن أن تكون ذات جمال مطلق، لو لم تكن ملوثة بهذا البشر".

- ينفرد "فارا" بنفسه في الصحراء، يصلي ويتعبد، وينفد ماؤه وطعامه حتى يشرف على الهلاك، تهبط سحابة تحييه بمائها، ويرى "الخضير".. يطلب "فارا" من الخضير أن يعيده إلى العدم ليكفر عن ذنب وجوده، يخبره الخضير أن هذا مستحيل، لكنه يمنحه فرصة السفر إلى المستقبل، له أن يختار محطة مستقبلية ليعيش فيها، وإذا لم تعجبه فسيختار أخرى، لكن الثانية ستكون الأخيرة وسيموت فيها.

- تعثر قافلة الباحث الأثري الأوروبي "فوستباستر" وعشيقته السوداء "فاله" على "فارا" الذي يلاحظ أحوال القافلة باندهاش، لكنه لا يستطيع الإجابة عن أسئلة الباحث الأثري؛ من هو ومن أين وإلى أين؟؟ أكثر من تسعة قرون تفصل بين الزمن الذي تدور فيه أحداث "برج السوداء" وأحداث "برج البيضاء".

- "فوستباستر" يبحث عن أطلال مدينة أودافوست التي اختفت تماما، في الحلم يتذكر "فارا" أودافوست ويتحدث عنها بالتفصيل، لكنه في اليقظة لا يتذكر شيئا، تصل قافلة الباحث الأثري إلى مدينة تجفجه فتجد آثار معركة بين المستعمرين والأهالي، وقد قام قائد الحصن بتعليق وجهاء المدينة ليعترفوا بمكان الثوار الذين يسميهم إرهابيين والذين قتلوا القائد السابق للحصن.. يشعر "فارا" أنه يدور في دائرة جهنمية، وأن الزمن الذي انتقل إليه ليس بأفضل من الزمن الذي هرب منه. فيهرب مرة أخرى إلى خلوة ينتظر فيها أمر ربه.

- ينتقل "فارا" إلى سنة 2045م، ليجد نفسه أمام مركز لتخزين النفايات السامة، وقد أصبحت البلاد ملكا لأبنائها، وحاكمها "تنفل" أحد أحفاد "فارا" و"فاله"، والذي حول البلاد إلى مقلب زبالة نووية، مقابل المكاسب التي يحصل عليها هو وحاشيته، والعاصمة هي مدينة الرياح، المآل الأخير للشر البشرى الذي أصبحت معه "الكرة الأرضية مصنفة الآن من قبل النظام العالمي مستودعا للقمامات على مستوى المجموعة الشمسية". يعمل "فارا" إجباريا في مركز النفايات السامة، ثم يهرب من المركز.

- وفي مدينة "أطويل" يتعرف إلى "فاله" المغرمة بالطبيعة، والتي هربت من مدينة الرياح المجللة بالغبار المشبع بالإشعاعات النووية.. "فاله" لديها ابن منعوها من اصطحابه لأنه لم ينه دراسته الإجبارية، وعندما حاولت اختطافه مرتين وضعوها في السجن، وهي مستعدة لدفع حياتها ثمنا لإنقاذه من مدينة الرياح.

- يشارك "فارا" "فاله" في عملية مقاومة لاصطياد سائقي شاحنات النفايات النووية، فيتم القبض عليهما، بعد أشهر من سجنه يعلم "فارا" أن "فاله" عادت إلى مدينة الرياح، وأنها ستتزوج الحاكم لتأمين مستقبل ابنها، ويتم الحكم على "فارا" بالإعدام في نفس المكان الذي بدأ فيه خلوته الأولى، وقد تيقن من أن نبوءة الخضير آتية لا محالة "لو واصلت السير في المستقبل، فإنك ستجد الأرض وقد أصبحت كومة رماد، والشمس وقد انطفأت".

- على الرغم من مقت الكاتب للظلم الإنساني، ووصفه للعبودية الصريحة، ثم الاستعمار الأجنبي، ثم استعباد الحكام المحليين لبلادهم، فإنه اضطر أن يصف الوجه الآخر من الصورة، وهو التمرد والثورة، وحتى إن لم تكتمل تلك الثورة وتؤتي ثمارها، فالعبيد حاولوا التحرر، والثوار حاول القضاء على المستعمر، وأنصار البيئة يحاولون مقاومة زرع مراكز النفايات النووية في بلادهم، فالظلم مستمر وقوي وجبار، لكن الثورة مستمرة أيضا مهما تكن وسائلها ضعيفة وأنصارها قلة، وهذا ما يمنح شعاعا من الأمل في ليل اليأس الطويل من البشرية التي لا يرجو الكاتب منها خيرا.

- في الصفحات 7و8 والسطور الثلاثة الأخيرة من الرواية نجد صوت الراوي العليم الذي يتحدث عن كيفية العثور على الجثة، وتوصيل الجمجمة بالحاسب الآلي، ثم كيف أصبحت كل حياة "فارا" شريطا محفوظا في المكتبة العمومية بمعهد أركيولوجيا الفكر البشرى.

- لكن الراوي الأساسي في الرواية هو "فارا" الذي يتحدث بضمير الأنا، وهو سارد غير عادي، لأنه سارد عليم، فهو يسرد وقائع حياته وأفكاره ومشاعره وتنقلاته عبر المكان والزمان، لكنه في الوقت نفسه ميت، والحاسوب هو الذي يقرأ كل ذلك من خلال ذاكرة جمجمته، وهذا السارد أعطى الكاتب فرصة جيدة للتغلغل في أفكار "فارا" ومشاعره، ليصفها، ويحدد منابعها، وأسبابها، ويحللها، رابطا إياها بصيرورة تاريخ الجنس البشري، الذي لم يكن أكثر من تطور أساليب الشر.

- وفي الرواية سارد آخر هو "فوستباستر" الذي استخدمه الكاتب ليكتب رواية قصيرة داخل الرواية الأساسية التي يحكيها "فارا"، ليلقي الضوء على حياة "فاله" التي شاركت "فارا" جميع سفراته عبر الزمان بنفس الاسم وإن كانت بأشكال مختلفة. وهنا يستخدم السارد ضمير المخاطب.

- كما استطاع الكاتب أن يلون استخداماته للغة السرد حسب مقتضيات الحال، فجاءت اللغة وصفية مباشرة عندما يقدم مشهدا واقعيا، أو يصف وقائع تهم الباحث الأنثروبولوجى والاجتماعي.

- وكانت لغته أقرب إلى التصوف عندما يستبطن مشاعر "فارا" في خلوته التي ينتظر فيها أمر ربه، وهي لغة ذات نَفَس فلسفي واضح عندما يعلن "فارا" رأيه في الجنس البشرى وملاحظاته عنه.

- على الرغم من الوعي الشديد الذي كتب به المؤلف روايته فإنها لم تسلم من بعض الملاحظات التي أعتبرها غير هينة؛ فصوت الكاتب يظهر في بعض مواطن الرواية معطيا معلومات أو وصفا لا نتخيل أن الشخصية التي تتحدث تعرفها، أو تناسب ثقافتها، فهي بالأحرى نابعة من ثقافة الكاتب نفسه، كأن يشبه "فارا" نفسه بآليس في بلاد العجائب. وعندما يقدم الكاتب "تالوثان" رئيس القافلة المتجهة إلى أودافوست في صفحتي 20 و21 تظن أنه يقدم شخصين وليس شخصا واحدا، في ارتباك سردي واضح.

- الأهم من ذلك أن الكاتب يأتي بحكاية فرعية عن تالوثان لا تضيف شيئا للرواية بل تعوق سيرها (ص28 إلى ص32) ويقع الكاتب في خطأ سردي كبير؛ لأن الرواية التي نقرؤها عبر الحاسوب من ذاكرة جمجمة "فارا" لا يمكن أن يوجد فيها خط سردي لما يدور في ذهن "تالوثان".

قديم 04-30-2014, 09:09 AM
المشاركة 1138
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

تابع ... العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو موريتانيا

هذه القراءة للكاتب نفسه في روايتي " الحب المستحيل " و مدينة الرياح ":

- تدور أحداث روايتي الحب المستحيل ومدينة الرياح في مستقبل بعيد. بعد نهاية القرن الحادي والعشرين. لكن إذا كانت أحداث الحب المستحيل تدور كلها في هذا المستقبل البعيد، فإن مدينة الرياح في جزئيها الأول والثاني، تسترجع فترات من الماضي؛ لأن بطلها ﮜارَا الذي سافر في اللازمان يسترجع في لحظة سكرة* موته ذاكرة الماضي السحيق، بدءا من القرن الحادي عشر م. الذي ولد في بدايته، ومرورا بالقرن العشرين الذي جابه هاربا نحو المستقبل، بفضل الخضير الذي ينقله من الماضي إلي المستقبل ليريه ما آل إليه البشر.

-وهذان النصان يجعلان من التراث مرتكزا* لكتابة رواية الخيال العلمي. ففي مدينة الرياح كما في الحب المستحيل أقحمت التراث القديم في رواية الخيال العلمي سواء كان هذا التراث عالميا، من خلال اتراجيديا اليونانية، أو عربيا إسلاميا من خلال التراث العالِمْ القرآني، أو التراث الشعبي الموسيقي البيضاني. فجاء النص على منوال حكاية أديبية، لا بالمعنى لفريدي(Freudien)، ولكن بالمعنى الصُّوفُّوكْلِي. فصوفوكل (Sophocle)*

-عندما ألف أُدِيبْ ملكا كتب اتراجيديا البصيرة الإنسانية، وذلك وفق القراءة المتميزة التي قدمها كارل رينهارت (Karl Reinhart). فالطريق الفاصل بين بداية مجد البطل التيبي (نسبة إلى مدينته (Thèbe) إلى نهايته المروعة، هو صراع بين الظاهر(الكُمُونْ) و الحقيقة (التجلي).

- إن الأساطير والنصوص التراثية المؤسِّسة، سواء كانت عالمة أو شعبية، لا تقص علينا حكايات من الماضي بقدر ما تنبئنا عن خبايا مستقبلنا؛ وهذا هو مرتكز توظيف التراث في رواية الخيال العلمي. فرواية الحب المستحيل مثلا هي تأويل للخطيئة الآدمية على أنها أمر سيحدث في المستقبل بطرد بني آدم من الكوكب الأرضي الذي يكون قد دمره مجتمع التقانة. كما أنها أيضا تأويل للأمانة في سورة الأحزاب، على أن نقض الميثاق الأزلي الذي ورد في هذه السورة ينبئ عن جهالات وزلات مجتمع التقانة الواقعة في الحاضر والتي ستتفاقم في المستقبل. والرواية هي أيضا تأويل لقصة آدم وحواء التي، وإن كانت قد خرجت من ضلعه لتوقعه في الخطيئة، إلا أنها تمثل أيضا مآله ، بما أحدثه مجتمع التقانة من تخنيث للجنس البشري وهدم للأسس الطبيعية لعلاقات الجنسين من تكاثر وتكافل، وبتحويله الرجال نساء، والنساء رجالا، واستنساخه البشر. وهذا القدر مطروق في الحب المستحيل، وقد قاد البطل، في نهاية الرواية، إلى تغيير جنسه للحاق بمحبوبته، حيث قرر أن يتحول إلى امرأة فأصبح حواء.

- تؤول أيضا رواية الحب المستحيل نصا تراثيا عالميا آخر هو أسطورة المأدبة لأفلاطون وتوظفه في الخيال العلمي لتصف مجتمعا مستقبليا نزل به نفس العقاب الإلهي الذي سبق* وأن نزل بالجنس الاندروجيني (Androgyne) .

- تتزاوج في مدينة الرياح وفي الحب المستحيل لغات عدة (تراثية، فلسفية، علمية) وأساليب عدة (روائية، شعرية، موسيقية، دينية) لتشكل كتابة تتعطش إلى الحقيقة، ذلك العطش نفسه الذي قتل ﮜارَا، بطل مدينة الرياح، ثم بعثه من جديد. وقد أنتجت هذه الكتابة سماء جديدة وأرضا جديدة، "أرض الرجال"، وسماؤهم التي تمكنهم من النظر إلى أنفسهم حسب عبارة هانري كوربين (Henri Corbin). إنه عالم الرواية الذي يدعونا إلى التفكير: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} (الآية).
- بغض النظر عن الأسباب الموضوعية والذاتية والعوامل المفترضة، سواء كانت عوامل نفسية ، أو كانت وجودية أو سوسيو تاريخية، يظهر من خلال قراءة الروايتين أنهما ترتبطان بأنموذج أسطوري يتجاوز بشكل كبير الكاتب نفسه، واللحظة السوسيو- تاريخية. ففي الروايتين يمكن تقصي معنى النص على ضوء الأساطير الكبرى. فمن الأسطورة استوحيت التجليات التي ألهمتني إنشاء عالم ينافي الواقع المبتذل، بل يتجاوز ذلك ليرفض وطأة هذا الواقع المنساق وراء السفالة.

- تدور أحداث مدينة الرياح في برازخ التاريخ، وتعتمد أسلوبا في الكتابة برزخا بين الواقعية والرمزية، وبين رواية الخيال العلمي والرواية التاريخية.

- فالمكان والزمان والشخوص واللغة التي أنتجتها الرواية تتأسس في فضاء بعيد. فضاء القَصص القرآني. تستلهم رواياتي النص القرآني، سواء في وجهها الإبداعي: (خلق المصطلحات والجمل وأسماء الشخوص)، أو في تكوين عالم جديد يحاكي عوالم القَصص القرآني، أو حتى في إيجاد تقنيات جديدة للحكي.

- فمثلا، خلال كتابة مدينة الرياح، عرضت لي معضلة إبداع بطل يشهد على عشرات القرون وينتقل بين حقب زمنية متباعدة. وإن كانت فكرة نسبية الزمن قد خطرت ببالي كطريق إلى حل ممكن، إلا أنها لم تسعفني. لكن عندما استحضرت قصة أصحاب الكهف، وكونهم عاشوا {ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا} (الآية) تبلورت أمامي طريقة تمديد حياة بطل الرواية لتغطي قرونا كثيرة. كما أني استلهمت القَصص القرآني* في خلق شخصية الخضير في الرواية، ملَك الزمن، الذي ينقل البطل من فترة زمنية إلى أخرى. ليؤدي وظيفته كشاهد على الفعل الإنساني عبر التاريخ.

- وبما أن موضوع الرواية الرئيسي هو بصيرة الإنسان والحكم عليها من خلال مقارنة فترات من التاريخ تفصلها قرون عدة، كان لابد من إيجاد لحظة يتكور فيها الزمن، لحظة يمكن أن تشتمل علي عشرات القرون التي جابها البطل، وتكون هذه اللحظة لحظة حق تنجلي فيها الحقيقة أمام البطل-الراوي، وتمكنه من الحكم على التاريخ وعلى نفسه وعلى الزمن.

- هنا يظهر دور القَصص القرآني وأهمية استلهامه في الكتابة الروائية وفي حل معضلات الحكي: لقد جاء في القرآن الكريم أن لحظة الحق هذه كائنة، وهي لحظة سكرة الموت: { وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ(19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ(20) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } ( سورة ق ). فعند سكرة الموت يتمدد الزمن ليستدير فيسترجع الأمد مهما طال، وتُسترجع البداية، وتتكشف الحقيقة. هكذا جاء الحكي في رواية مدينة الرياح ليروي لحظة الحق هذه، لحظة الشهادة التي ينكشف فيها الغطاء. يروي البطل في هذه اللحظة ببصيرة ثاقبة أحداثا عاشها في زمن امتد عشرات القرون، أحداثا كان في غفلة منها فتكشفت له وصار شاهدا عليها، يعرف كل شيء عنها ويحكم عليها ببصيرة:

- تتجلى في القصص القرآني كل الحقيقة الإنسانية، وكل تحديات الحاضر. هذا ما جعلني أستلهم من القرآن الكريم أهم موضوعاتي الروائية. ففي روايتي الأولى، الحب المستحيل، تمحور الحكي حول الأمانة الواردة في الآية قبل الأخيرة من سورة الأحزاب. { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}. فالأمانة هي أمانة العلم الذي أودعه الله الإنسان، عندما علمه الأسماء: {وعلم آدم الأسماء كلها} (الآية)، والظلم هو الجهالة المحكوم بها أزليا على الإنسان، والتي تجلت في زلاته في ماضيه وحاضره* وفي مستقبله، وهذا ما تكرسه المدن غير الفاضلة في الحب المستحيل.

- أما بنية مدينة الرياح فهي تمثُّلٌ لقَصص سورة الكهف.* فالأجزاء الثلاثة في الرواية تتناص مع القَصص في هذه السورة: (قصة أصحاب الكهف، قصة موسى عليه السلام والخضر، وقصة ذي القرنين). كما أن هذه الأجزاء الثلاثة تتمثل المحطات الثلاث في قصة موسى عليه السلام والخضر (خرق السفينة، قتل الغلام، إقامة الجدار).

- تتقاطع الثيمات في الرواية مع موضوعات القَصص في هذه السورة: السفر خارج الزمن (زمن الكهف) البصيرة (مجمع بحري المعرفة الإنسانية والمعرفة الإلهية)، الفعل وعلاقته بالخير والشر (خرق السفينة، قتل الغلام، إقامة الجدار)، وأيضا غرور الإنسان وقصور بصيرته (اعتراض موسى عليه السلام على أفعال الخضر).* وهي أمور تتمثل في الحكي من خلال حكم كاهنة أوداغوست على ﮜارَا : "لن تستطيع أبدا أن تحكم بتمعن على المستقبل بالحاضر.." (الرواية ص61).* وهو الحكم نفسه الذي تحكم به الكهانة على أوديب في اتراجيديا صوفوكل. لكن التناص يتجلى بشكل أوضح في كون "كهف" أصحاب الكهف برزخا زمانيا ومكانيا: {وترى الشمس إذا طلعت تزَّاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه..}.
- والمكان في مدينة الرياح كهف برزخي، فجمهورية تنگَلَّ هي "جمهورية المنكب البرزخي الديمقراطية". كما أن أحداث الرواية تدور في الفضاء الموريتاني الذي يسميه الشيخ محمد المامي "المنكب البرزخي" ويقول عنه أبو الهامة:"هذه الأرض برزخ" (ص54)،*

- كما أن ﮜارَا يقول: "كهفي ممتلئ سوداوية إلى حد الفيضان.." (ص125)،* وزمانها زمن كهفي: البطل ﮜارَا ينقله الخضير في اللازمان. من فترة تاريخية إلى أخرى. والحكي في الرواية ينتقل مرتين من الزمن إلى اللازمان حيث يفر البطل في نهاية الفصل الأول إلى قمة الجبل فيلتقي الخضير، و يفر في نهاية الجزء الثاني ليلتقيه مرة ثانية؛ مثلما هو الحال في سورة الكهف التي ينتقل قَصصها مرتين من الزمن إلى اللازمان: الأولى عندما يعتزل أصحاب الكهف مجتمعهم ويلجئون إلى الكهف، والثانية عندما يصل موسى عليه السلام إلى مجمع البحرين ليلتقي الخضر.

- ومن أبرز إشكاليات هذا التناص المقابلة بين الجزء الأخير من الرواية الذي يتناول مستقبل مجتمع التقانة، وقصة ذي القرنين التي تتناول مصير الأرض بعدما مُكن للإنسان فيها: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا} (الآية)،

- كما أن ﮜارَا والثعلب و فاله وكلابها و النمادي وكلابهم يشكلون في الرواية تمثلا لأصحاب الكهف وكلبهم، وأيضا فإن لازمة رواية مدينة الرياح: "إذا كنت رافضا للقدر فاعتزل البشر، وانفرد في الصحراء وانتظر أمر ربك.." هي تمثل لنداء أصحاب الكهف {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} (الكهف:16)*

- في نهاية الجزء الأول من الرواية، يهرب ﮜارَا من مجتمع بشري فاسد، مجتمع أُودَاغُوسْتْ فيأوي إلى رأس جبل الغلاوية منتظرا الخلاص بالموت أو رحمة من الله، مجيبا نداء البعيد الذي جعل أصحاب الكهف يعتزلون مجتمعهم، فهو ينتج ويؤول على صعيد حياته البشرية هذا النداء الذي أجابه أصحاب الكهف. وهو نفس النداء الذي جعل موسى عليه السلام يقصد مجمع البحرين (بحر المعرفة الإنسانية وبحر المعرفة الإلهية) ليلتقي الخضر (الخضير في الرواية).

- يظن الإنسان أنه صائب النظر وأنه يسعى من أجل الخير وطبق الهدف الذي حدد لنفسه. لكنه في أغلب الأحيان يكون أعمى، بينما يظن أنه يبصر؛* فتنتج أفعاله عكس ما أراد. يظن الإنسان - والحالة هذه- أنه يسعى لمصلحته، وهو في الحقيقة يعمل لهلاكه. فيكون التخلص من الظاهر سبيلا أوحد لاكتشاف الحقيقة الجوهرية ومعرفة الحكمة الإلهية. وهذا بالضبط هو موضوع القَصص القرآني في سورة الكهف.* ففي مستهل هذه السورة تأتي قصة أصحاب الكهف الهاربين من ظلم المجتمع البشري، والذين يتقبلهم الله في رحمته، فيخرجهم من الزمن الفلكي ليدخلهم في الزمن الكهفي: {وترى الشمس إذا طلعت تزَّاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه}،* ليرجعهم بعد قرون إلي مجتمعهم، فيروا ما آل إليه. ثم تروي السورة قصة موسى عليه السلام والخضر، التي تُظهر بجلاء قصور البصيرة الإنسانية وعجزها عن تقصي الحقيقة. وفي الأخير تروي سورة الكهف قصة ذي القرنين الذي ملك المشرق والمغرب، وجال الأرض مكتشفا الوجوه المختلفة لفعل الإنسان فيها، حتى وصل بين السدين وأقام السد دون يأجوج ومأجوج. وتُستنتج دلالة هذا القَصص في الآية97 من السورة : {قل هل نُنَبِّئُكُمْ بالأخسرين أعمالا الذي ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}.
-
يستوحي نص مدينه الرياح هذا المعنى ويتناوله على صعيد الزمن البشري، زمن التاريخ، ليقارن أفعال البشر في فترات من التاريخ متباعدة ، لكن ضمن تاريخ بلد واحد (موريتانيا) من الماضي إلى الحاضر والمستقبل. تقاس من خلالها بصيرة الإنسان، وهل هو يسعى إلى الخير أم إلى الهلاك، وهل أن الإنسان ينتقل، بفعله في التاريخ، إلى الأفضل أم أنه يرذل.

- هكذا يكون ﮜارَا ، بطل رواية مدينة الرياح، الضمير الذي يقارن بين الماضي والمستقبل في مسيرة التاريخ، وهو الإنسان المنتشل من المستقبل البعيد ليروي ذاكرة الماضي السحيق.

- أما في مدينة الرياح فإن تأويل قصة ذي القرنين من سورة الكهف نتج عنه تصور لما سيؤول إليه مجتمع التقانة. فعند ما أتدبر محطات ذي القرنين في سورة الكهف، وأتدبر تمكينه* في الأرض وإتيانه أسباب الأشياء كلها، فالذي يتبادر إلى ذهني هو الإنسان التقاني الذي غزا مشارق الأرض ومغاربها، والذي تحكم في الطبيعة: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا} (الآية 83).

- وعندما أتدبر ما ورد في القرآن الكريم عن محطات ذي القرنين (العين الحمئة، القوم الذين تطلع عليهم الشمس دون ستر ، البشر الذين لا يفقهون قولا و يأجوج ومأجوج) فإنه يحضر ذهني تلوث المياه وتشقق طبقة الأوزون في الغلاف الجوي التي نتجت عن جهالات البشر وفساده: {إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض} (الأية90) وهي كلها أمور تذكر بما آل إليه مجتمع التقانة.

- رافق هذا التأويل لقصة ذي القرنين في الجزء الأخير من رواية مدينة الرياح توظيف آخر للتراث في مجال الموسيقى الشعبية البيضانية (موسيقى البيضان، الموريتانيين البيض) من خلال استلهام (جانْبَتْ الغول) طريق* گلنَيْدِيَّ في التِّيدِنِيتْ، التي أوحت بمجتمع مستقبلي وقع في التهلكة. فمَوْسَقَتْ لگنيدي الجزء الأخير من الرواية الذي يتناول مجتمع تنگَلَّ ومدينته غير الفاضلة (مدينه الرياح)، تنگَلَّ "الغول الْمُلَوِّثْ" (الرواية) الذي حول المجابات الكبرى إلى مخزن للنفايات السامة.

قديم 04-30-2014, 09:25 AM
المشاركة 1139
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
قديم 04-30-2014, 03:37 PM
المشاركة 1140
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ... العناصر التي صنعت الروعة في رواية - 49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو موريتانيا

- فى الرواية سمات واضحة من أدب الخيال العلمى، ورواية الرحلة، والرواية الغرائبية، والرواية الفلسفية، ورواية الأمثولة "أوليجاركية"، لكنك لا تستطيع أن تنسبها إلى أى شكل من تلك الأشكال الروائية، لأنها استطاعت أن تكون مزيجا من كل تلك الأشكال، لتعطى شكلا متفردا لرواية تستحق القراءة دون فكرة مسبقة تحصرها فى شكل أدبى بعينه.

- في روايته مدينة الرياح يطل موسى ولد ابنو من مكان آخر هو الرواية. وهو لا يكتفي بالخروج على القافلة اللامتناهية للقريض الموريتاني بل يخرج أيضا عن المفهوم التقليدي للرواية ضاربا بخياله الخصب شبكة العلاقات المألوفة بين الواقع وتعبيراته ومطلا على عالم تأويلي يحل فيه الرمز محل الحقيقة وتتداخل فوقه الأشياء وظلالها، الأماكن وكائناتها المصارعة

- في روايته الأولى المكتوبة بلغته الأم «مدينة الرياح» فاجأ موسى ولد ابنو قراءة بذلك الخلط العجيب بين التواريخ والأزمنة والوقائع حيث استطاع أن يحول الرواية إلى فانتازيا متواصلة من الرؤى والتهيؤات.

- وإذا كان الكاتب المقيم في فرنسا قد أفاد إلى حد بعيد من تقنيات الرواية الغربية والأمريكية اللاتينية فإنه يبدو من جهة مأخوذاً بالينابيع السحرية لـ «ألف ليلة وليلة» ويبدو من جهة أخرى شديد الحرص على أن تكون الصحراء بسكونها وأصواتها،بعمقها واندلاع نيرانها الخصبة، الخلفية الأبرز لعوالمه الروائية.

- الشأن الآخر الذي يلفت في كتابة ولد ابنو هو ثقافته الواسعة التي تفيد من الرياضيات والفلك والتاريخ وعلم الأجنة والأجناس وغيرها من العلوم والمعارف التي يحسن توظيفها داخل نصه المشوق من دون أن يرهق القارئ


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 109 ( الأعضاء 0 والزوار 109)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 10:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.