احصائيات

الردود
2

المشاهدات
817
 
هشام اجران
من آل منابر ثقافية

هشام اجران is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
40

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة
اكادير

رقم العضوية
16511
01-26-2021, 01:26 AM
المشاركة 1
01-26-2021, 01:26 AM
المشاركة 1
افتراضي قصة قصيرة: الكابوس
الكـــابــوس :
- يمشي مثقل الخطوات ، يجول بعينيه فيما حوله في قلق وترقب وحذر...لمح المكان المقصود: "مقهى السعادة" ، ابتسم بمرارة وهو يردد الاسم في نفسه، ( السعادة ؟ ما جاء إلا بحثا عنها، أترى تحقق هذه المقهى حلمه؟).
دلف إلى المقهى، المكان مليء بالرواد، قد غطته سحب الدخان المنبعثة من السجائر ومن اللفافات.التفت للجانب الأخر، وهناك لمحه..كان يمسك جريدة اسبانية، وبيده الأخرى سيجارة طويلة ينفث دخانها في هدوء ليزيد المكان اختناقا.
تقدم نحوه بخطوات بطيئة، شعر بتوتر مفاجئ يزداد كلما اقترب من الرجل الأشيب، وبعرق خفيف يغسل جبينه..
- السلام عليكم. قالها بصوت خافت كأنما يخشى أن يسمعه أحد.
- أهلا ، هل جلبت المال ؟
أدخل يده في جيب سترته، وأخرج ظرفا، تلفت حواليه في توتر واضح، ثم مد يده ببطء ليسلم الظرف للجالس أمامه، مد الآخر يده في حركة آلية، وبلا مبالاة كمن اعتاد على هذا الأمر، توقفت الأيادي في المنتصف، وتشاركت الأصابع في إمساك الظرف..ندت ابتسامة ساخرة من الرجل ، وبدا على محيا الشاب الكثير من الرجاء والتوسل، وتوزعت نظراته الحائرة بين الظرف وبين وجه الرجل..غمز هذا الأخير بعينه، وقال بصوت قوي: لا تخف، ثق بي. ستنتظر مع الآخرين، فموعدكم الليلة. ثم صرخ بقوة : (روبيو)..!.
تقدم شاب طويل نحوهما بخطوات رشيقة، ينفث دخان سيجارته في لذة واضحة، يميزه شعره الأصفر وملامحه الأوروبية. وأشار إليه الرجل بأن يرافق الشاب نحو مكان ما.أ
تبع الأشقر في صمت، مرا من دروب ضيقة، وأمام باب خشبي قديم توقفا، فتح (الروبيو) الباب ودعاه للدخول، المكان شبه مظلم، دفع برجليه للأمام، فاتضحت الصورة أكثر، عشرات الأجساد مستلقية، جالسة أو واقفة .
نظروا إليه بريبة، وسرعان ما عادوا لهمومهم وصمتهم. بدت له العيون حزينة، ميتة، كعيون المدمنين في المقهى، وفي لحظة تساءل: أيمكن أن تكون عيوني مثلهم، يسكنها الحزن والأسى والألم؟.
صحا من أفكاره بعد أن لمح جسدا مستلقيا أمامه في إعياء واضح، فتاة؟؟ نتساءل في ذهول. التقت نظراتهما، الشعر الأسود، والعيون العسلية، ترى أين شاهدها من قبل؟.تراءت صور عديدة أمام عينيه، تذكر شيئا، فنظر لرجلها اليمنى، اعوجاج واضح في القدم، يدل على إعاقة مزمنة. نعم، إنها هي، لم يشعر وهو يصيح: نـــاديـــة !!
ابتسمت وقالت: قد عرفتني أخيرا، كيف حالك يا (ابراهيم)؟ لم تتغير كثيرا.
أسرع يصافح زميلته السابقة بالكلية، سألها مستنكرا: ماذا تفعلين هنا؟
خرج صوتها ضعيفا، كأن غصة تمنعها من الكلام: نفس ما جاء بك..رحلة البحث عن السعادة والأمل.
دخل رجل لم يتبين ملامحه، بدا صوته قويا وهو يصرخ: هيا، لقد حان الوقت. سرت حركة في الأجساد الجامدة سلفا، ساعدها على النهوض، رنت إليه بنظرة رجاء وقالت: لا تتركني يا (إبراهيم).
ابتسم في وجهها وقال: لا تخافي، فأنا معك.
وصلوا إلى الشاطئ، رياح قوية تثير الرمال فتصفع وجوههم بقوة. صعدوا لقارب صغير، وتكدسوا داخله، جاء الرجل الأشيب، بدا ودودا وهو يخاطبهم: ستنطلقون الآن، مع شروق الشمس ستكونون في الأراضي الاسبانية.لا تنسوا وأنتم تزورون بلدكم بسياراتكم الفارهة أن تجلبوا لي هدايا، فقد فتحت لكم باب السعادة.
شغل أحدهم المحرك.البحر مخيف، غامض، ويبدو أسود. لم يذكر أنه سبح يوما في بحر، كان يهوى السباحة في نهر بقريته، لم يكن يخاف من الماء، لكن الموج يرعبه.انطلق القارب بسرعة، وشعر بيد (نادية) الباردة وهي تتمسك به في قوة. الموج يكبر، وهديره يزداد صخبا. اهتز القارب بعنف، وصرخت (نادية) وتمسكت به بقوة أكبر. انتفض أحد الراكبين وهو يصرخ: لا أريد الذهاب..عودوا بي إلى البر..سأموت..لا أريد الموت..!!
القارب يتمايل بجنون تحت رحمة الموج الهادر، ارتفع صوت رجل يرتل القرآن بصوت مرتجف، تساءل في حيرة: "لم نتذكر الله في أوقات الشدة فقط؟" انتبه إلى أن الرجل الذي شغل المحرك قد اختفى، تذكر أنه يلبس سترة نجاة، وهم لا يملكون أية وسيلة إنقاذ. موجة كبيرة، تلتها موجة أكبر..وثالثة، وانقلب القارب.
تفرقت الأجساد في اليم الواسع، مهارته في السباحة ساعدته على البقاء فوق الماء رغم قسوة الموج..بين الصرخات المجنونة واليائسة، تذكر (نادية)، حرك رأسه في حركات مجنونة بحثا عنها، وناداها بكل قوة: نادية..نــــــاديــــــــــة..!! شعر بضعف واضح، وبشيء يجذبه نحو الأعماق، لم يعد يستطيع التحمل، فأطلق صرخته الأخيرة: نـــــــادي....وابتلع الموج آخر كلماته.
انتفض واقفا، يكاد قلبه يتوقف من قوة خفقانه، وعرق غزير يغسل جسده، حوله أجساد كثيرة كانت مستلقية فنفضت عن عيونها النوم فجأة، نهض أحدهم وتوجه نحوه: مابك يا (ابراهيم)؟ أهو الكابوس المعتاد؟.
حرك رأسه بالإيجاب، وبدا وجهه شاحبا شحوب الموت، ناوله محدثه كأس ماء، ومن آخر الصف، كانت فتاة تتقدم ببطء وهي تعرج، ابتسمت في وجهه وهي تقول: لقد ناديتني مرارا، لم لا تحكي لنا كابوسك؟
تحدث بإعياء واضح: لا أستطيع، لا أتذكر سوى اللحظات الأخيرة، صراخ..غرق..موت..
تعالى صوت من بين الأجساد المنهكة: إنها هراوات الأمس تفعل فعلها الآن فينا، قدرنا أن نعيش الكوابيس في أحلامنا وفي الواقع أيضا.
تحسس (ابراهيم) أثر ضربة في ذراعه، شعر بالألم، وتذكر ذلك الرجل ينهال عليه بعصا غليظة وشر الدنيا في عينيه، ذاك الشاب الأشقر في الكابوس، هو نفسه جلاده في الواقع..اقتربت منه (نادية)، ربتت على كتفه وقالت: حاول النوم يا (ابراهيم)، فغذا سيكون طويلا ومتعبا.
تذكر أنهم ومنذ شهر يصيحون ويصرخون ويطالبون بحقهم في الشغل، وتذكر تصرفات رجال الأمن معهم، وعاد ليتحسس أثر الضربة..أحس بصداع حاد من فرط الإجهاد والتوتر، فاستلقى على الأرض، وأغمض عينيه محاولا النوم، ردد في نفسه: " كابوس الأحلام سيكون أهون من كابوس الواقع.."استسلم للنوم، وبدا طيف ابتسامة على شفتيه، وصورة "مقهى السعادة" تطالعه من جديد.


قديم 01-26-2021, 10:30 AM
المشاركة 2
عبد الكريم الزين
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الرابعة الألفية الثالثة وسام الإبداع الألفية الثانية التواصل الحضور المميز الألفية الأولى 
مجموع الاوسمة: 8

  • غير موجود
افتراضي رد: قصة قصيرة: الكابوس
تحية طيبة
ينسد الأفق أمام الشباب فلا يتبقى غير الحلم للانعتاق من قضبان واقع مظلم.
لكن ، ماذا يتبقى لهم ؟ إذا صار الحلم المخلص كابوسا يطارد الراغبين في التحليق فوق سماء معاناتهم.
تناول موفق لموضوع شائك وأسلوب لغوي قوي
تحياتي لإبداعك وقلمك

قديم 01-26-2021, 10:58 AM
المشاركة 3
هشام اجران
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: قصة قصيرة: الكابوس
أحيي فيك متابعتك الدقيقة لكل ما ينشر، وملاحظاتك القيمة، وتعليقاتك الموفقة.
تحية حب وتقدير أخي


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قصة قصيرة: الكابوس
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصص قصيرة مسعدة مسفر منبر القصص والروايات والمسرح . 4 12-21-2020 08:55 AM
مشروع قصة قصيرة كل اسبوع - شارك معنا في كتابة قصة قصيرة كل اسبوع ايوب صابر منبر القصص والروايات والمسرح . 156 08-22-2018 02:54 PM
الكابوس.........محمد محضار محمد محضار منبر القصص والروايات والمسرح . 1 09-01-2015 02:22 PM
قصص قصيرة جدا خا لد عبد اللطيف منبر القصص والروايات والمسرح . 6 09-01-2011 12:51 AM
الكابوس الوردي رشيد الميموني منبر القصص والروايات والمسرح . 4 08-14-2011 02:28 PM

الساعة الآن 06:00 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.