قديم 05-31-2012, 11:01 PM
المشاركة 761
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
إلياس فركوح


ولد الياس جورج باسيل فركوح في عمان عام 1948، حصل على ليسانس فلسفة وعلم نفس من جامعة بيروت العربية عمل في الصحافة الثقافية خلال السنوات 1977 -1979، وشارك في تحرير مجلة المهد الثقافية، كما شارك الشاعر طاهر رياض العمل في إدارة دار منارات للنشر خلا السنوات 1980 -1991، ثم أسس دار أزمنة للنشر والتوزيع عام 1992 حيث يعمل مديراً لها. وهو من مؤسسي اتحتاد الناشرين الأردنيين، وهو عضو في الاتحاد المذكور، وفي اتحاد الكتاب والأدباء العرب، ورابطة الكتاب الأردنيين التي عمل عضواً في هيئتها الإدارية لعدة دورات.

حازت روايته قامات الزبد على جائزة الدولة التشجيعية للعام 1990، وحاز على جائزة الدولة التقديرية في حقل القصة القصيرة عام 1997، كما نال جائزة محمود سيف الدين الإيراني للقصة القصيرة من رابطة الكتاب الأردنيين، وكانت الرابطة قد منحته جائزة أفضل مجموعة قصصية للعام 1982 عن مجموعته أحدى وعشرون طلقة للنبي.

مؤلفاته:
  • القصة القصيرة:
  1. الصفعة بغداد، وزارة الثقافة، 1978.
  2. طيور عمان تحلق منخفضة ، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1981.
  3. إحدى وعشرون طلقة للنبي ، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1982.
  4. من يحرث البحر ، عمان: دار منارات، 1986.
  5. أسرار ساعة الرمل ، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1991.
  6. الملائكة في العراء ، عمان: دار أزمنة، 1997.
  7. شتاء تحت السقف (مختارات) أمانة عمان الكبرى، 2002.
  8. من رأيت كان انا (مجلد المجموعات الست) دار أزمنة، عمان، المؤسسة العربية، بيروت 2002.
  9. حقول الظلال، دار أزمنة، عمان، 2002
  • الرواية:
  1. قامات الزبد (رواية) عمان، دار منارات ومؤسسة الأبحاث العربية، 1987.ط2 المجلس الاعلى للثقافة، القاهرة،2004.
  2. أعمدة الغبار (رواية) عمان، دار أزمنة، 1996.
  • نصوص:
ميراث الاخير، دار أزمنة، عمان، 2004.
  • شهادات ومقالات في الثقافة والكتابة:
  1. الوعي المستريب، من جدل السياسي - الثقافي، دار أزمنة، عمان،2003.
  2. النهر ليس هو النهر، عبور في أسئلة الكتاية والرواية والشعر، دار الثقافة، الدار البيضاء، 2004.
  3. أشهد علي أشهد علينا، دار أزمنة، عمان، 2004.
  • الترجمات الأدبية والفكرية:
  1. موسيقيو مدينة بريمن (قصص أطفال مترجمة) عمان: دار ابن رشد، 1984.
  2. آدم ذات ظهيرة (قصص مترجمة) عمان: دار منارات والمؤسسة العربية، 1989 (مشترك).
  3. الغرينغو العجوز (رواية مترجمة) عمان، دار منارات، 1990.
  4. نيران أخرى (قصص لكاتبات من أمريكا اللاتينية) (مشترك) دار أزمنة عمان، 1999.
  5. القبلة (قصص) دار أزمنة، عمان، 2004.
  6. ما هذا "البيت المشترك"؟ (حوارات)، دار أزمنة، عمان، 1996.
  7. جدل العقل: من حوارات آخر القرن، (بالاشتراك مع حنان شرايحة) المركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، 2004.

قديم 06-01-2012, 03:58 AM
المشاركة 762
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الياس فركوح: أدركُ بأني ما زلتُ الناقص الباحث عن اكتمال ما!
في ندوة 'مبدع وتجربة' أقامها منتدى الرواد الكبار في عمان


2011-05-09

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
عمان ـ 'القدس العربي' ـ من سميرة عوض درج منتدى الرواد الكبار في العاصمة الأردنية عمان على اجتراح أنشطة إبداعية مبتكرة في إطار برنامجه الثقافي ومنها 'مبدع وتجربة'، التي استضافت الروائي الياس فركوح، الذي قدم شهادة عن تجربته في روايته 'ارض اليمبوس'، فضلا عن مشاركة نقدية حول الرواية ذاتها قدمها د.فيصل دراج.
الندوة التي أدارها المدير التنفيذي للمنتدى استهلت بكلمة ترحيبية لرئيسة المنتدى هيفاء البشير، عبرت فيها عن سعادتها باستضافة 'مبدع متميز في إنتاجه الذي يجمع فيه بين الرواية والقصة القصيرة والترجمة، وقد جاء في مجمل ذلك مبدعاً، له صوته الخاص وأسلوبه المتميز، إنه الروائي المبدع الأستاذ الياس فركوح. كما ونسعد ونعتز باستضافة ناقد عربي كبير هو الدكتور فيصل درّاج، المثقف الطلائعي الذي تجمع كتاباته بين النقد الأدبي في صيرورته ومرجعياته الاجتماعية، ليقدم لنا نسيجاً نقدياً عميقاً قادراً على ربط الظواهر الأدبية الفنية بمرجعياتها التاريخية الاجتماعية'. لافتة إلى 'خصوصية برامج المنتدى الثقافية والاجتماعية التي يجري تنظيمها من خلال لجان المنتدى وبخاصة من خلال اللجان الثلاث النشطة والمتميزة: الثقافية / الفنية التشكيلية من جهة، واللجنة الاجتماعية من جهة ثانية، ولجنة المكتبة من جهة ثالثة'، منوهة إلى أن 'هذا العمل الجماعي الذي تقوم به هذه اللجان الثلاث هو مؤشر على نجاح العمل المؤسسي وتميزه'.
الناقد د.فيصل دراج: الحقيقة المؤجلة في الإبداع الروائي
يخلص الناقد د.فيصل دراج في شهادته المعنونة 'إلياس فركوح في أرض اليمبوس: الحقيقة المؤجلة في الإبداع الروائي' إلى أن 'الياس فركوح وصل في (أرض اليمبوس) إلى عمله الروائي الأكثر إتقاناً، منتهياً إلى نص نوعي يضيء معنى الكتابة الروائية'، منوها إلى 'سعي إلياس فركوح، منذ بداياته الأولى، إلى تمييز ذاته، مدركاً أنّ الشخصية الكتابية أسلوب لا يختزل إلى غيره، وأنّ كتابة تائهة الأسلوب لا ضرورة لها. وسواء احتفى القارئ بروايتيه: (أعمدة الغبار) و(قامات الزبد) أو لم يحتفِ بهما، فإنّه سيذكر منهما، إن كان قارئاً جاداً، أمرين: أولهما عمل في اللغة يقترب من الصناعة، وثانيهما وحدة العملين الأكيدة، التي تعيّنهما عملاً واحداً، أو تكاد. ولعلّ هذين البعديْن الإيجابييْن، فاشتقاق الشخصية من الأسلوب فضيلة كبرى، هما اللذان يفرضان على القارئ أن يقرأ عمليّ فركوح بين روايات عربية أخرى، طالما أنّ صاحبهما لم يرغب، منذ البداية، في أن يكون كاتباً مطمئناً يداعبه الاستسهال، بل أراد أن يكون روائياً حقيقياً، يحاور غيره من الروائيين، ويقدّم إضافة خاصة به'.
وبيّن دراج أن الناقد 'يستطيع، ربما، أن يقع في العملين السابقين على آثار روائييْن متميّزيْن: أولهما غالب هلسا، الذي قاسمه فركوح فكرة (النثر اليومي)، إذ الرواية شكل من اليوميات أو ما يشبهها، تدور حول مفرد يتكلّم ويوزّع كلامه على غيره. وثانيهما: إدوار الخرّاط الذي أخذ منه إلياس، ربما، الصناعة اللغوية، التي هي ردّ جمالي على واقع لا يلبـّي من رغبات الروائي شيئاً كثيراً. هناك، في الحالين، مغترب نموذجي، يشتق خفة التاريخ من رخاوة نهار قوامه الرتابة، ويردّ على ما يخدش الروح بلغة مصقولة، لا ترحّب بها اللغة اليومية كثيراً. بيد أنّ الياس، الذي وحّد بين الشخصية والأسلوب، لا يكتفي بمحاكاة غيره، مُؤْثراً حوار ما يمكن حواره والذهاب إلى مساحة خاصة، لا تلتبس بغيرها. ولهذا يفترق إلياس عن هلسا في شكل التعامل مع اللغة، وينفصل عن الخرّاط مدرجاً 'التاريخ القومي' في الخطاب الروائي. وواقع الأمر أنّ 'الما بيْن'، الذي سيقول به الروائي في عمله الأخير: 'أرض اليمبوس'، كان ماثلاً في تصوّره منذ زمن، أي منذ أن أدرك، مبكّراً، أنّ العمل الروائي الذي لا تحتشد فيه أعمال سابقة عليه لا يأتي بجديد'.
'أرض اليمبوس' عمل فركوح الروائي الأكثر إتقاناً
ويواصل دراج: 'يصل إلياس فركوح في (أرض اليمبوس) إلى عمله الروائي الأكثر إتقاناً، بل يصل إلى عمل يجد لذاته مكاناً مريحاً بين أفضل الروايات العربية التي ظهرت العام 2008 - وقت نشر الرواية - يتكئ هذا الحكم النقدي على الموضوع الذي عالجه الروائي، لكنّه يتكئ أكثر على العناصر التقنية التي أنتجت الخطاب الروائي. والموضوع هو: اللايقين، أو النقص المتوالد الذي لا سبيل إلى تجاوزه، أو المعنى المخادع الذي كلّما توهّم الإنسان القبض عليه تسرّب من جديد . ومع أنّ الرواية، من حيث هي جنس أدبي، تجعل من المعرفة الحوارية، أو من نسبية المعرفة، عنصراً أساسياً في بنيتها الكتابية، فإنّ الأعمال التي تحقّق ما تقول به النظرية ليست كثيرة، إن لم تكن قليلة، أو تتاخم القليل. أراد فركوح لروايته ألاّ تنزاح عن النظرية كثيراً، مدركاً، بحذق كبير، أنّ معنى العمل الروائي يقوم في التقنية التي صاغته، التي تتفق مع النظرية وتوسّع آفاقها.
وفي إضاءة نقدية لبنية الرواية يبين دراج 'بنى الروائي عمله، كما يردّد بشكل إيقاعي، على فكرة النقص، فلا شيء يكتمل، ويظل ناقصاً إن استعان بآخر. يقود هاجس النقص إلى التعدّد، طالما أنّ المفرد لا ضمان فيه، وأنّ التعدّد يفصح عن اللايقين، فلو كان اليقين ممكناً لما التمس المفرد عوناً من غيره. وبسبب هذا المنظور تستدعي كل علاقة روائية علاقة أخرى وتحيل كل علاقة، مهما كان شأنها، على عنصر، أو عناصر، مبرهنة أنّ المعنى لا يقوم في العلاقات بل في الفسح القائمة فيما بينها، ذلك أنّ (الما بيْن) هو المعنى الأخير، الذي لا يراهن عليه. تبدو (أرض اليمبوس)، في مستهلها، رواية، أي فضاء متخيلاً يتوسطه 'مركز لغوي'، هو صورة أخرى عن 'مركز حكائي'، يسرد حكايته، ويترك آخرين يسردون حكاياتهم أيضاً. بيد أنّ الفضاء المتخيّل، المطمئن إلى مركز مزدوج، لا يلبث أن ينتج ارتباكاً، فنياً، يضع إلى جانب المتخيّل الصريح 'سيرة ذاتية'، تدلّل على وجودها 'الأنا' الساردة ومراجع واقعية، محدّدة المكان والزمان. وواقع الأمر أنّ الروائي، المسكون بفكرة اللايقين، لا يطمئن إلى أحادية الصوت، بل انّه لا يطمئن إلى تعددية الأصوات، إلاّ بقدر، فيضع الشخصية إلى جانب شخصيات، كي تتحاور وتتداخل، متحوّلة إلى شخصية إنسانية شاسعة يخترقها القلق'.
فركوح يمرعلى فلسطين وعام 1948
وزاد: 'تنتج سطوة النقص تعددية المكان، الذي يبدو واضحاً وشديد الوضوح حيناً، ويبدو واهن الملامح، حيناً آخر، مسقوفاً بالأطياف وغيوم الذكريات. تتداخل عكا ويافا والقدس وعمّان، إذ في الأولى حياة مضت وفي الثانية ذكريات هاربة وفي الثالثة حنين موجع وحكايات منقضية والأخيرة موقع حكايات شتائية وسيرة حياة طافحة بما يسر ولا يسر، وعلى الرغم من تراصف الأمكنة المحددة الاسم، فمعناها جميعاً ماثل في الحكايات، الصادرة عن ذاكرة تخون ولا تخون، ذلك أنّها أشبه بغربال جيد الصناعة، لا يحضر المكان بل يحضر ظله، ولا يحضر المكان إلاّ إذا استضاف آخر يضيء عتمته، فصور الأمكنة جميعاً رهن بذاكرة قلقة يخالطها البَدَد. غير أنّ الأمكنة، ثابتة الأركان كانت أو عرضة لوهن الذاكرة، لا معنى لها خارج الأزمنة التي تغلّفها، تلك الأزمنة الجامحة التي تبدو كنثار من الوقت، بعيداً عن زمن تتابعي واضح المفتتح وثابت الخطا. ومع أنّ فركوح يمر، كعادته، على فلسطين وعام 1948، ثم على هزيمة العرب في الـ 67، وصولاً إلى حصار العراق وهزيمة العرب في العراق، فإنّ أزمنته المتعددة تنبثق من الحكايات لا من تواتر التاريخ المستقيم، وتنبجس من (مناخ الوعي)، إن صحّ القول، إذ في الكآبة ما يستذكر هزيمة، وإذ في رائحة القماش ما يضع شوارع القدس تحت بصر الذاكرة'.
لا شيء له مركز- كما يبين دراج - والمركز الصلب الذي يدّعي قول الحقيقة فاسد، وجميع المراكز لا وجود لها، فما يوجد هوامش متعددة، طالما أنّ الذاكرة مكشوفة الغطاء ومليئة بالشروخ. وبسبب غياب المراكز، بلغة الجمع والمفرد، لا يكون للسارد الأول غبطة ممتلئة، كما كان يفعل الراحل جبرا إبراهيم جبرا، فهو موزّع على شخصيات يسردها وتسرده باحثة، جميعاً، عن حكاية لا تكتمل. فإلى جانب السارد الأول، الذي يروي من حياته الذاتية أشياء كثيرة، هناك الفلسطيني المتأنّق الذي يحشر الحديث عن فلسطين بين كماليات أخرى، وفلسطيني آخر مليء بالنقاء والعذوبة، وصور النساء المتلاشية التي أسبغ عليها النسيان صفة وحيدة، وشخصية الأب المنسوجة من التواضع والحكمة والندى، ومرايا الإشراق والانطفاء . كل شخصية توجد واضحة، كما يأمر بها مبدأ المساواة الروائي لكنها لا توجد، على مستوى المعنى إلاّ بغيرها، ذلك أنّ صورة الفلسطينيين كامنة في تأويل يتجاوزهما . اتكاء على مبدأ المساواة وإضاءات التأويل المتبادلة، واتكاء على منظور روائي يرى العالم في تعدّده، أدرج الروائي في نصه لغات متعددة: الحوار الموجز واللغة التأملية الكثيفة ولغة السرد البسيطة واللغة العامية ولغة غامضة ملتبسة، تتاخم الشعر أو تساكنه. والتعدّدية اللغوية، بهذا المعنى، ليست مصطنعة وهي بعيدة عن التصنّع والصناعة لأنّها استجابة مطابقة للمنظور الروائي، تضيء تعدّدية الأمكنة وتستضيء بها، وتحاور زمناً روائياً بعيداً عن الصلابة والتماسك. فما يتعدّد ينقسم، وما ينقسم يتصل بغيره وينفصل عنه، وعلاقات (أرض اليمبوس) مرايا مختلفة لجدل الاتصال والانفصال.
أدرج إلياس فركوح في روايته إشارات دينية متعددة، لكنّه - بحسب دراج - وهو الروائي المأخوذ بفكرة النقصان، حوّل ما يبدو دينياً إلى مادة روائية بين مواد أخرى. وفي الواقع فإنّ فركوح، المفتون بلغة خاصة، ليس مهجوساً بفلسطين بل بما يحيل عليها، ولا بالدين بل بما يرمز إليه، ولا هو مشدود إلى هذا المكان أو ذاك، لأنّه مشدود إلى الصور البشرية المتناثرة على الأماكن جميعاً. لذا يحوّل المادة الروائية، في مصادرها المختلفة، إلى علاقات قيميّة ـ جمالية. فإذا كان التصوّر الديني للعالم يطمئن إلى فكرة 'الأصل' الذي ينكر التغيّر، فجميع العلاقات في رواية فركوح متبدّلة متغيّرة، ترضى بـ 'اسم' معيّن وتقع، لاحقاً، على اسم آخر. وهو ما جعله يبدأ بـ 'مريم' وينتهي إلى 'ماسة'، التي هي مجرّد قناع لوجه واسع لا وجود له، كما لو كان لا يقبل بالموضوع إلاّ إذا انزاح عن موقعه وجاور موقعاً آخر.
لا تصدر دلالة العمل الروائي عن مضمونه، قال بالنقص أو بالكمال، إنّما تتعيّن، وتتحدّد وتقاس بالعناصر التقنية التي أنتجت معناه. وبسبب ذلك تُقرأ رواية 'أرض اليمبوس'، في علاقاتها كلها، انطلاقاً من التقنية الفنية المندرجة فيها. وبداهة فإنّ تعددية المعنى، التي تفتح أمام القرّاء أفقاً واسعاً، لم تكن ممكنة من دون العناصرية التقنية التي أعلنت عن 'مأساة النقصان' بأشكال مختلفة. يستهل الروائي عمله بمجاز 'السفينة'، تلك الملتبسة المتماوجة الغامضة التي تنتهي إلى موضوع، وإشارة: فهي موضوع من حيث هي صورة ملوّنة مؤطرة تشيع ملامحها إيحاء قاتماً، وهي إشارة إلى روح إنسانية مضطربة، تهجس بالغرق واللهب وما يدع كيان الإنسان خارجه. وإضافة إلى المجاز الموحش، الذي يحايث الرواية بإيقاع لا انقطاع، استعمل الكاتب تقنية القرين، حيث في الشخص المتكلّم شخصية أخرى، تحاوره وتتدخل في حديثه وتضاعف تساؤله. بل انّ السارد الذي حذف المسافة بينه وبين شخصيات قريبة منه، رحّل قرينه إلى هذه الشخصيات، واستولد من كل منها قريناً جديداً. وتكثير القرين، أو القرائن، درب إلى تعددية الكلام، التي تعلن عن القلق والسخرية في آن. لن تختلف وظيفة الفصل بين الزمن الفيزيائي المباشر، الذي يأتي بارداً مربوطاً بتاريخ معروف، والزمن النفسي، الذي يحوّل التاريخ البارد إلى دوّامة من الأسئلة، ويقترح لغة تنوس بين الوضوح والغموض. لا غرابة في تصوّر ينصاع إلى عتمة الذاكرة أن يحضر، بعفوية كاملة، تيار اللاوعي وأن تحضر فسحة زمنية واسعة. وإذا كان تيّار اللاوعي يستحضر الأحداث معتمداً على صدفة لاهية، يزاملها لون أو رائحة أو صوت وكل ما يترجم الحدث العارض إلى صورة وإحساس، فإنّ عمق الذاكرة القلقة هو الذي يفرض زمناً مديداً، يمتد من بواكير الطفولة إلى أبواب الكهولة مروراً بـ 'صبا'، اختلط بكثير من الرغبات والنزوات. وعلى الرغم من أزمنة متراكمة لا متجانسة يظل زمن الطفولة، في رواية إلياس، هو الأكثر جمالاً وكثافة، لأنّ في زمن الطفولة من الأسرار ما يساوي أسرار سور الصين.
بين النص و' عتبة النص'
وبين دراج أن الياس فركوح 'التمس من العناصر التقنية ما يحتاج إلى دراسة مفصلية. فإلى جانب القرين والمجاز الاستهلالي وتيّار اللاوعي ميّز الكاتب بين النص و(عتبة النص)، فوضع لكل فصل روائي مدخلاً خاصاً به، هو تمهيد وتعليق وتأويل في آن، موحياً بأنّ السرد لا يقول تماماً بما يصرّح به، لأنّ وراء كل نص صريح نص مضمر أكثر اتساعاً. وزّع الروائي نصّه على أقسام ثلاثة أولها: السفينة، المدخل المحمّل بالقلق والالتباس وثانيها: الأسماء، القسم الناطق بسخرية مضمرة، ذلك أنّ اسم الإنسان الحقيقي هو ما تقترحه الذاكرة المتحوّلة، التي تخلع على الإنسان اسماً ليس له وتخلع عنه اسماً عرف به منذ الطفولة. لن يكون القسم الأخير، أي اليمبوس، إلاّ امتداداً منطقياً لما سبقه. يتحدّث الروائي في الصفحة الأولى عن اليمبوس فيقول إنّه: (المنطقة الوسط، بحسب المفهوم الكاثوليكي، أو الثالثة، ما بين الجنة والجحيم'، فلا الجحيم الخالص موجود، ولا وجود لجنة كاملة، مثلما أنّ الصواب المبرأ من الخطأ مجرّد احتمال لا أكثر. وسواء انتهى الروائي إلى (المنطقة الوسط) أو بدأ بها، فإنّ علاقات عمله كلّها تقول بالاحتمال ولا تقول بغيره. '
وختم دراج شهادته بالقول: 'ملاحظتان أخيرتان عن معنى الكتابة والحكاية لدى إلياس فركوح: ليست الكتابة عند الروائي وسيلة تسجّل موضوعاً، إنّما هي الموضوع الذي ينجز تحققه بوسائل عديدة. كتابة حرّة، تحاور إمكانيات الكتابة، بعيداً عن كل كتابة شفافة مستقيمة. ولهذا تكون الحكاية هي البحث القلق الدؤوب عن كتابة الحكاية، ذلك أنّ فعل الكتابة الروائية هو الحكاية الكبرى، لأنّ فعل الكتابة إشعار بالنقص ومحاولة محدودة لحصار مساحته.
شهادة الروائي الياس فركوح
أعلن الروائي الياس فركوح في نهاية شهادته 'هذا أنا. في جميع هذه البؤر. وأدركُ بأني ما زلتُ الناقص الباحث عن اكتمالٍ ما من غير أطماعٍ أو أوهام، كبيرة أو صغيرة'، وكان فركوح قسم شهادته إلى ثلاثة محاور أولها عنونه بـ 'أرض اليمبوس.. وأحمال الذاكرة '، وثانيها: 'الرواية رؤية ذاتية'، وثالثها: 'الذات ليست سطحاً واحداً'.

'أرض اليبموس' وأحمال الذاكرة

يقول فركوح في الجزء الأول من شهادته 'كنتُ أعتقد بأنني، إثر انتهائي من كتابة (أرض اليمبوس)، سأكون قد نحيّتُ جانباً الجزء المتبقي الأكبر من مخزون الذاكرة وأثقالها. غير أنني اكتشفتُ، رغم الصفحات الكثيرة، أنَّ المسألة ليست بهذا اليُسْر أو تلك البساطة؛ فثمّة تداعيات تتبع الكتابة تستدعي، بدورها، نُتَفَاً أخرى كانت مخبوءة أو مطموسة جاءت الكتابة لتحييها من جديد ولتطالبني بمستحقاتها. إنها مستحقات ذات خصوصيّة شخصيّة تنفردُ بي وأنفردُ بها، ولا تشكّلُ بالضرورة مادةً جديدةً للكتابة؛ اللهم إلاّ إذا ساقتها النصوصُ القادمة من تلقائها واحتاجتها داخل متنها في سبيل اكتمال أوجهها'، مؤكدا: 'نعم، لقد استطعت التخلّص من بعض أثقال الذاكرة ـ مع الأخذ بالاعتبار أنَّ الإنسان، وبعد أكثر من خمسة عقود عاشها وعاينَ خلالها هذا الكم الكبير من الشخصيات والأحداث الكبيرة والصغيرة، إضافةً إلى التغيّرات التي أصابت تقييمه لمجريات حياته، إنما يحتاجُ إلى مجموعة روايات!'.
ويوضح فركوح بخصوص مسألة دمجه أو توفيقه بين الخاص والعام، 'ربما يكمن السبب في أنَّ حياتي الشخصيّة ـ الداخليّة والظاهر منها للخارج - ضمن خطوطها العريضة ومحطاتها الرئيسية، كانت إما استجابة للوقائع العامة الكبرى أتحركُ على إيقاعها متفاعلاً معها ومحاولاً التدخل (بحجم شخصي الصغير طبعاً) ليكون لي دوري المأمول فيها. أو هي مجموعة الأسئلة التي طَرَحَتْها تلك الأحداث العامة على الجميع، والتي بقدر ما تبدأ بالحيوات الكُليّة للمجتمع فإنها، في الوقت نفسه، تنتهي في عقل الإنسان الفرد لتقلب له يقينياته وتجعلها عُرْضَةً لعصف المساءلات. نحن، كأفراد، لسنا سوى التفاصيل البانية لمجموع المشهد البانورامي'، خاتما بالسؤال الوجودي 'ألسنا كذلك؟'.
الرواية رؤية ذاتية
ويواصل فركوح في الجزء الثاني من شهادته القول 'أشرتُ في غير موضعٍ إلى أنَّ الرواية باتت، لدى فئات واسعة من القُرّاء والمثقفين والكُتّاب ودارسي علم الاجتماع، وبمعنىً معيّن، إلى مُدّوَّنة حديثة لمجريات الحياة العربيّة تسجِّل الأحداث من زوايا جديدة ليست هي الموافقة الكُليّة، وليست المعترضة كُُليّاً، وليست هي الحاذفة للبشاعات والتشوهات، أو تلك المضفية عليها أفضالاً وجماليات مزعومة. الرواية، ولأنها (بانوراما ذاتيّة) تتشكَّل وفقاً لرؤيا ذات كاتبها / كاتبتها؛ فإنها التدوين الأدبي المتحلّي بفنيات الكتابة ذات التجنيس لعلاقة التفاعل - الكاملة أو الناقصة المضروبة ـ لإنسانٍ عربيٍ بعينه لتاريخٍ ومجتمع معيشين كان لا بُدَّ من تسجيله وتوثيقه'.
ويستدرك فركوح 'كان الشِّعرُ تاريخنا العربي، في جزء كبير منه، أو تاريخ حياتنا العربيّة، موزوناً مُقفّى، ولكن بحسب أنساق وموضوعات ذاك العصر: راثياً، ومادحاً، وهاجياً، وباكياً على الأطلال. وبحسب منظور ذاك العصر أيضاً (هي عصور على أي حال) كان تاريخاً يتصفُ بالمبالغة غالباً، وبالتزوير والتحريف أيضاً. حتّى الحُبّ؛ كان حُبّاً مبالِغاً في عِفته المزعومة، طامساً لحقيقة الاشتهاء الحِسّي وطاقته الدافعة للشاعر لأن يُلقي على الملأ ظاهرَ الحالة باحتشام، ولنفسه الباطنيّة يهمس بالاحتراق اللاسع!'.
الرواية هي التدوين
لذلك كله يؤكد فركوح أنَّ 'الرواية هي التدوين (وأشدد على أنها تدوين، بمعنى أنها كتابة وليست شيئاً آخر، صوتاً كالشعر مثلاً) يصيرُ من خلالها إيصال وجهة نظر صاحبها، أو مجموع أسئلته، لآخرَ مجهول لكنه مُفْتَرَض، ليس مرئيّاً ومباشراً بحيث تَحولُ الأُلفةُ المفقودة دون الصراحة في التصريح. كما أنها كتابة تتطلبُ في الجانب الثاني منها، أي القراءة، درجةً من التخصص والتعمُّق والذائقة وخبرةً في النوع الكتابي من دونها جميعاً تبطل فاعليّة العمليتين: الإرسال والاستقبال!.
من خلال الرواية، كما الحال مع صنوف الآداب المكتوبة الأخرى، تتحاور الكائنات البشريّة / الاجتماعيّة تحاوراً عن بُعْد! لكنه التحاور الحميم، والصادق، وغير المسدود بأي حواجز يخلقها واقع ووقائع ما هو خارج النَصّ. فعلى أرض الكتابة نمتلكُ قدراً كبيراً من حُريّة التعبير عن أسرار أسرارنا، وعليها أيضاً نمتلك ذاك القدر من حُريّة المشاركة والتأويل على نحوٍ ليس له مثيل على أرضٍ أخرى على الإطلاق!.
إذا صادقتُ على المأثور القائل بأنَّ الشاعر العربي القديم كان ينطق بلسان الجماعة؛ إذ هو ناطقها الإعلامي، أو ضميرها الجمعي!؛ فإنَّ الروائي العربي لا ينطق بغير لسانه هو. لم يعُد الفنان/ الكاتب بمعناه الحقيقي في زماننا يتماهى مع الجماعة وينوب عنها في قول ما تريد. باتت مكانة الفرد، داخل الفرد، هي محل التقدير والاحترام والأخذ بالاعتبار، وليس العكس.
بتواضع: لم أجد حتّى الآن هُويةً خاصّة للرواية العربيّة؛ اللهم سوى لغتها العربيّة، ومناخاتها الاجتماعيّة. أما أن نذهب أبعد ونزعم بوجود هُوية مفارقة تقف بلونها المختلف إلى جوار رواية أميركا اللاتينيّة مثلاً (وهذا بحاجة لتدقيق أكبر، إذ ليس هنالك 'ماركة' واحدة تجمع الروايات الطالعة من هناك؛ اللهم سوى مرجعيتها القاريّة)؛ فإننا نكون نقفز عن الحقائق. ثم؛ هل من اللازم أن يكون للرواية العربيّة هُويةً مخصوصةً في زمن التلاقح والتداخل المعرفيين والثقافيين وما ينتج عنهما من مشترَكات تدخل في الِبنى المكوّنة للأشكال الأدبيّة؟!'
الذات ليست سطحاً واحداً
ويذهب فركوح إلى القول: 'إنَّ جُملة تلك الضروب من الكتابة ليست سوى محاولاتي من أجل استكمال صورتي الكائنة في داخلي، والتي أنظرُ إليها باعتبارها إمكانيات متفاوتة في نسبة وكثافة منسوبها تحثّني على أن أحققها، لأتحققَ أنا على هذا النحو تارةً، أو على غيره تارةً ثانية. إني من المؤمنين بأنَّ الإنسان يمتلكُ في أعماقه، وبعد عقود من التجربة الحياتيّة والثقافيّة، عدة مستويات أو طبقات، هي خُلاصته. أي: الإنسانُ ليس سطحاً واحداً، ليس كائناً مسطحاً، ليس هو 'الإنسان ببُعدٍ واحد' ـ بحسب تعبير هربرت ماركوز. ولأنَّ الأمر هكذا؛ فإني أزعمُ وجودي في جميع تلك المجالات الكتابيّة / الأدبيّة / الثقافيّة. لكنه، وينبغي عليَّ التنبُّه والتنبيه، وجودٌ ناقص وسيبقى ناقصاً حتّى النهاية. ثمّة اللازمة المتكررة في رواية 'أرض اليمبوس'، والتي باتت بمثابة الأيقونة كمفهومٍ أرى وجوباً أخلاقيّاًً وفكريّاً اعتبارها حِكمةً تستوقف الكثيرين مِنّا، ألاْ وهي: 'لا شيء يكتمل'. أنا أحاول أن أكتمل عبر توزعي على جميع الأنشطة المذكورة، مع يقيني بأني أسعى وراء سراب! لكنه القَدَرُ.. بمعنى من المعاني.
أكتبُ لأمتحن رؤيتي
أكتبُ القصة والرواية لأطرح أسئلتي، وأمتحن رؤيتي، وأتعايش مع شخوص الحياة عبر تعالقنا جميعاً وانضفارنا بحبال الخيال الذي يُشهدُنا على أحوالنا من مسافة. وأقومُ بالترجمة لأنَّ نصوصاً قرأتها فأعجبتني، ولكلّ واحد منها خصوصيته، الجماليّة أو المعرفيّة، فأحببتُ نقلها لآخرين مجهولين مفتَرَضين يشاركونني محبّة الجَمال وتوق التعرُّف. وكتبتُ مجموعة شهادات لأفضي برؤيتي لِما أكتب وأشهدُ عليَّ من الداخل، وكذلك لأقول رأيي المتواضع بما أقرأ لغيري وماذا رأيتُ في ذلك كلّه. وأعملُ بالنشر لأني، ومنذ البداية، عرفتُ بأني لستُ مؤهلاً على مستوى النجاح التجاري أو الاقتصادي، ولا أطيق وضعيّة الموظف

قديم 06-01-2012, 11:29 AM
المشاركة 763
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وقفة متأنية: «أرض اليمبوس» أم متاهتنا العربية؟

* بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي
هذه واحدة من أجمل الروايات العربية التي قرأتها، وكانت لجنة جائزة البوكر العربية محقة في ترشيحها ضمن قائمتها القصيرة عام 2008، والرواية عنوانها «أرض اليمبوس» ومؤلفها الكاتب الأردني الياس فركوح.
لقد احتفى عدد من النقاد العرب بهذه الرواية وكتبوا عنها عددا من المقالات أمثال: فيصل دراج، مصطفى الكيلاني، حاتم الصكر، فاروق يوسف، عالية ممدوح، يوسف ضمرة، محمد معتصم، أماني سليمان، وغيرهم. وقد ثبّت المؤلف مقتطفات من مقالاتهم على الغلاف الأخير والصفحات الاخيرة من الرواية.
وإلياس فركوح ناشر (صاحب دار أزمنة)، وهو روائي (له رواية أخرى بعنوان قامات الزبد 1990 حائزة على جائزة الدولة التشجيعية)، وله أيضا رواية ثالثة بعنوان «أعمدة الغبار» 1996، ولكن منجزه الكبير يتمثل في أعماله بالقصة القصيرة إذ له عدة مجموعات وحاز بعضها على جوائز تقديرية من اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة في الأردن. منها الصفعة (1978)، طيور عمّان تحلق منخفضة (1981)، احدى وعشرون طلقة للنبي (1982)، من يحرث البحر (1986)، أسرار ساعة الرجل (1991)، الملائكة في العراء (1997).
وله منجز مهم في مجال الترجمة سواء كانت بالاشتراك أو قام بها بمفرده.
لعل ما يلفت الانتباه ان إلياس فركوح اجتهد كثيرا من أجل أن يكتب روايته هو، أن يمنحها التميز الذي لابد منه لكي تتميز عن غيرها، وتحقق هوية كتابية ذات بصمة خاصة.
وهو في هذا لم يبتعد عن روايات السيرة الذاتية التي صارت سمة لكل الروايات الجديدة التي تكتب في البلدان العربية وجلها لأسماء جديدة لم يعد فيها مركز ولا أطراف بعد الثورة الاعلامية التي وحّدت وقرّبت الأدباء من بعضهم، بل صرنا كلنا مركزا بقدر ما نحن أطرافا في الآن نفسه.
وبمعزل عن تقرير لجنة تحكيم بوكر التي رأت هذا (وحّد إلياس فركوح في هذه الرواية، بنية السيرة الذاتية لانسان محدد الهوية والانتماء وسيرة الانسان المغترب بشكل عام (كما ورد نصا)، نقول بعيدا نجد الرواية هذه رواية سيرة ذاتية لا باعتماد (بنية) هذه السيرة (اذ هناك أكثر من بنية) لكونها تعتمد على الكاتب نفسه الذي انشأ النص ومما أشرناه أنه يستمرئ التخفي له ولمن حوله، فمريم مثلا التي تحدث عنها منذ سنوات الروضة وحتى الشيخوخة ـ ان كانت الخمسون شيخوخة ـ مريم هذه تتخفى وراء عدة أسماء فمرة منتهى وأخرى «ماسة» ويكاد اسم «ماسة» ان يكون اسم كل من عرف من النساء.
ثم ان بطل الرواية يدور حول اسمه ولا يقوله، حتى انه فضّل ان يكون «رفيق» وهذه الكلمة يطلقها أعضاء بعض الاحزاب على بعضهم (مثل حزبي البعث والشيوعي)، وقد جاءه الاسم بعد أن انضمّ الىأحد فصائل الثورة الفلسطينية.
وصديقه الذي تعرّف عليه بعد حرب 1991 القادم من الكويت ليقيم في عمان تخفى وراء اسم نجيب الغالبي، هكذا يحب أن يكون اسمه وهكذا يحب ان ينادى رغم أن يافطة الباب النحاسية المثبتة أمام باب شقته تحمل اسم عزيز رزق ا&، حتى ان (رفيق) فكّر: (أهذه احدى متاهات بورخيس؟).
وعندما فتح نجيب الباب سأله: (من هذا العزيز رزق ا&؟) فردّ ببساطة (أنا عزيز).
هنا نحن أمام انسان فصل ما بين الاسم الذي يحب أن يحمله والاسم الاخر الذي هو اسمه الرسمي (شهادة تقدير السن، وجميع اوراق الثبوت الرسمية وجواز السفر، وعقود البيع والشراء الى آخر هذه الشكليات).
ومبرره لهذا أعلنه جوابا: (مللت اسمي، رأيت أنه لا يناسبني، ببساطة).
(رفيق) هذا (وقد تماهيت مع ما ارتكن عليه هذا اللامسمّى) المولود في القدس سنة النكبة 1948 يورد تفاصيل يكاد ينفرد بها نصّه من مرصده الخاص حول ما جرى في فلسطين والقدس تحديدا وبعد ذلك التحول الى عمّان مع أسرته.
سيحكي الياس فركوح عن الحياة في القدس، رياضها، مدارسها الداخلية، أناسها، كنائسها، ثم احتلالها بالكامل عام 1967 وهجرة الكثير من سكانها.
ونجد أيضا ان الكاتب قد أثرى نصّه بكل الطقوس والعادات المسيحية التي تمارسها أسرته البسيطة، الأب الخياط النسائي، والأم ربة البيت والاخوة.
كما أثرى نصّه بحديث مدينة عمان وكيف نمت وتوسعت وامتدت ورأى أنها قد أفادت من محن مدن أخرى في هذا مثل بيروت وبغداد ومدن فلسطين. ثم أحداث الكويت، وهو إذ يؤشر هذا في حواره مع مريم لا يرى فيه مأخذا على المدينة بل وصف لحالتها.
و(رفيق) هذا يريد أن يكون كاتبا متفرغا، يعيش من كتاباته، ولكنه لا يريد أن يبقى في موقع المراقب لما يجري من مسافته بل اختار أن يعيش في الخضم، ومثلما فعل ذات يوم عندما انتمى الى أحد الفصائل الفلسطينية وحمل الرشاش فإنه لا يكتفي بمراقبة ما ينتظر العراق ـ الحاضر بآلامه في الرواية ـ من عدوان وشيك تم عام 1991 فوقّع البيانات وانخرط في المظاهرات المنددة بالعدوان، واعتصم وأضرب من أجل العراق.
هذه الرواية غارقة في التفاصيل الساخنة النابتة من الوجع العربي الذي يتّسع ولا يلتمّ.
تتداخل الضمائر فمتاهة بورخيس هي متاهته أيضا، ولكنها متاهة قد تبدو بسيطة أمام المتاهة العربية المتفاقمة حيث تتلاشى ومضات الأمل وتحتجب الاحلام موؤودة في حفرها، وتهوي النجوم من سماواتها في خلوات الرمل والخرس والموت.
في الرواية خبرة لغوية فاتنة، تأتت من ممارسة كتابية ثريّة في الدلالة وفي العديد من الشخصيات التي تتحرّك بحيوية في فضاء هذه الرواية.
أما عنوانها فيشرحه المؤلف بقوله: (ان اليمبوس هي المنطقة الوسط حسب المفهوم الكاثوليكي، أو الثالثة بين الجنة والجحيم).
فهل نحن في هذه المنطقة حقا في (المطهر)؟ لا أظن هذا.

قديم 06-01-2012, 11:37 AM
المشاركة 764
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فركوح: المصادرة منطق الرقابة

حوار مع الروائي الأردني إلياس فركوح 4/2 شوكوماكو أجرى الحوار: محمد ديبو "أوليست هي
الحروب ما عَلَّمَ وحفرَ وفرزَ وخلَطَ وولّدَ وأدّى وكشفَ وخَبّأَ وطمَرَ وعَرّى عارَ مجتمعاتنا وأنظمتنا السياسيّة راعية هزائمنا وداعمة خسارات أرواحنا وأحلامنا .. وأراضينا" يمتاز الروائي الأردني الياس فركوح عن غيره من الروائيين العرب بنشاط متنوع الاهتمامات, وطاقة موزعة على حقول متعددة تبدأ بالرواية ولا تنتهي عند حدود القصة والمقالة والترجمة ودار النشر التي تستنزف وقته وعمره, محاولا البحث عما يعينه على تحمّل مأسي العالم من جهة , ومنقبّا من جهة أخرى عن كوّة نور يطل من خلالها على الأمل . شوكوماكو التقى الروائي الياس فركوح وحاوره حول وصول روايته” أرض اليمبوس” إلى القائمة المصغرة لجائزة البوكر العربية في دورتها الأولى وحول أمور أخرى. للروائي : في الرواية :أعمدة الغبار – قامات الزبد – أرض اليمبوس في القصة: حقول الظلال – من رأيت كان أنا ...‏ - ولدتَ عام 1948، هذا العام الذي يصادف ذكرى النكبة، والآن يحتفل العالم بذكرى “تأسيس إسرائيل” بينما نحيي ذكرى النكبة الستين وسط خَجَل عربي فاضح. ماذا يعني لك هذا على الصعيد (الشخصي والعام؟ وهل ولادتك في ذكرى النكبة أثرّت على شخصيتك لاحقاً وزرعت فيك جينات ستجعل منكَ لاحقاً كاتباً مغموساً بالهم العام والكتابة عن فلسطين؟‏ أن تولد عام 1948 يعني أنَّ الحياة باشَرَت، ومنذ بداية بداياتك، بحفر علاماتها الجارحة في روحك. معناه أنَّ “صُدفةً تاريخيّةً ما” عملت على تكريسك، ربما بنصف وعي أحياناً، شاهداً رغمكَ على محطات الحياة العربيّة المعاصرة، ومنخرطاً منغمساً في تفاصيلها اليوميّة. معناه أنَّ تلك البداية وضعتكَ داخل سياق عَيشٍ أنتَ لم تختره اختياراً حُرّاً صافياً في عمومه، إذ لم تترك لكَ سوى هامش الموافقة على أن تكون إبناً لهذا السياق تتفاعل معه وتفعل فيه بقدرٍ شخصي ضئيل .. أو تخرج منه (إنْ استطعت) فتخسر الخسارات الكبرى واهماً لتكسبَ، بالمقابل، ذاتاً مُعَرّاة ومنعزلة تتغذّى على ذاتها دون شَبَع. هي حالةٌ أو معادلةٌ لا مكان فيها لأي بطولة مفتخرة بنفسها، لأنَّ منطق قاعدتها لا يسمح أو يمنح أبناء جيلنا فرصة إلاّ أن يكونوا ضحايا/ مقاتلين، أو إنْ شئت، هُم: المقاتلون/ الضحايا. كأنما صدى “ البحرُ من ورائكم، والعدو من أمامكم، فأينَ تنفرون وتفرون!” هو النداء الوحيد، أو القَدَر المرسوم الذي أطبقَ على مصائرنا طوال أكثر من خمسة عقود، بدايةً من نفير 1948 الأوّل! ثمة الكثير من المعاني لهذه الولادة من حيث التاريخ. وكذلك، وهذا في غاية الأهميّة كما أرى، من حيث الجغرافيا. فالأردن هو وجه فلسطين الآخر، عَبْر دلالات مجازيّة تفكريّة وواقعيّة أرضيّة لا تُحصى. فكيف لي أن أهرب من فلسطيني اللصيقة بي، أنا الأردني!‏ - عشتَ ودرستَ في القدس وعمّان وبيروت، هذه المدن التي نجدها مزروعة في روح نصوصك. إلى أي حد سكنتكَ المدينة؟ وإلى أي حد أسكنتها في أعمالك عموماً ورواياتك خصوصاً؟‏ أنا إنسانُ مدينةٍ في معظم طبقات تكويني الشخصي. أنا كذلك لأنني لستُ سليل أُسرة ريفيّة، كما لستُ ابن صحراء أو بادية. صحيحٌ أنَّ مُدننا العربيّة لم تُمْنَح ما يكفي من الوقت لتستوي مُدناً تنمو (وتتطور وفق “أُسس وقوانين” نشوء المُدن، إذ ضُرِبَت مبكراً بريفٍ هَجَّرَهُ الجوعُ وأجبره على غزوها ومَلئها، فأعاقها وشوهها رغماً عنه وعنها ـ إلاّ أنَّ ذلك كلّه لم يَحُل دون تميّزها وتميّز أبنائها بهويةٍ مختلفة وأُخرى مغايرة لسواها. هي ليست أكبر شأناً بالضرورة، لكنها ليست أقلّ أصالة بالتأكيد. ولأنني كذلك؛ ولأنَّ المدينة تشكّل فضاءً طبيعياً لي، فضاءً ليس مُعادياً، أو صادماً، أو باعثاً مستفزاً لاختلاق ما يشبه كذبة عَيش “الغُربة” الرومانسيّة المفتعَلَة التي يدّعيها عدد من الكُتّاب القادمين من خارجها لأسباب وحجج شتّى؛ لأنني كذلك، كانت القدس كعمّان، في تحليها بمبادىء المدينة الصغيرة وفق الطراز البسيط لذاك الزمان، فما وجدتُ فيها سوى التنويع على أمرٍ أوّل أليف مألوف. أما بيروت؛ فجاءت فيما بعد لِتُزْهِرَ فيَّ قابليّة القبول بالمدينة الكبيرة والرضا الهادىء السلس بها. نعم. المدينةُ تعيشُ فيَّ لأنها رحمي الأول ومالكة تكويني. ولأنني، قبل كل شيء، عشتُ فيها كمكانٍ أصْل فعاشتني كحالةٍ متناميّة. فأنتَ، بعد عُمْر، تتحوّل من ابنٍ لها لتصبحَ أباً لتوالي تحولاتها المستمرة، وبذلك تصيرُ بانياً لها صفةً تضيفها إلى مجموع صفاتك. فإذا كان ذلك كذلك، فلا مفر من حضورها الكبير في نصوصي. هي وحدها المكان ـ البطل. إني من الكُتّاب الذين لا يقتربون، بالكتابة، من عوالم وفضاءات أزعمها معرفةً، لكنني لم أعشها حياةً وحالات.‏ “-أرض اليمبوس” روايتك الأخيرة التي دخلت قائمة البوكر العربيّة، تتداخل فيها السيرة الذاتيّة بالسيرة العامة للتاريخ العربي في نصف قرن. هل كنتَ تكتب سيرتك الشخصيّة، أم سيرة عَمّانك وقُدسك، أم كنتَ تصفّي حسابك مع تاريخ عربي أكلَ عمركَ وروحكَ ولم يهبكَ سوى الهزائم وبُكاء اللغة؟‏ بين السيرة الذاتيّة أو الشخصيّة، وانتقاء محطات معينة من تجربة الكاتب الحياتيّة يراها منسجمة ومتآلفة مع السياق الروائي ومعززة لدلالته .. ثمة فرق. هذه نقطة أراها حاسمة للتمييز بين مَعنيين يجري خلطهما أحياناً، فيأخذ أحدهما مكانَ الآخر مستبدلاً بذلك هويةَ أو ماهيّة الجنس الكتابي، وهذا خطير؛ إذ تقع عمليّة القراءة في شَرَك الشواش أو قُلْ الانحراف باتجاهٍ آخر تماماً. وفي أحسن الأحوال يصير لاجتهاد القارىء سبيل تسميّة العمل المكتوب بـ”سيرة روائيّة”، أو “رواية السيرة”، أو “رواية ـ سيرة”، أو “رواية سيريّة”. ومع أني منفتحٌ تماماً، لا بل أدعو وأحضُّ على طموح توسعة الهوامش في أي جنس كتابي، لتتضمن ضروباً وافدة من أجناس أخرى، إغناءً له وتجريباً واعياً مسؤولاً؛ إلاّ أنني أخشى سوء القراءة والاستنتاج الذي يجعلُ العملَ يندرج في جنسٍ حائر! فبقدر ما يتحمّل الكاتب غير المتمكّن مسؤوليّة إضاعة هويّة كتابته، إذا ما لجأ إلى تهجينها عبر توسعة هوامشها من غير تدبُّر مكين؛ كذلك الأمر في ما يتعلّق بالقارىء المتسرّع الذي يجد نفسه كمن وقع على اكتشاف مفترَق طُرُق: أأقرأ النصّ روايةً؟ أم سيرةً؟ .. ثم يريح نفسه في منطقة الوسط ليجلس حيث هو بينهما: هي رواية سيرة! عَليَّ الإقرار بأنَّ درجةً عاليّةً من التماهي أوْجَدتُها واعياً بين شخصيتي ككاتبٍ للرواية يمتحُ من تجربته الحياتيّة، وبين شخصيتي المكتوبة كراوٍ متعدد الأصوات وزوايا النظر داخل الرواية، وهذا ما دفعَ معظم ـ إنْ لم أقُلْ جميع قُرّائها ـ إلى تأويلها على أنها رواية سيرية. ولعلّي أبالغُ في تحسسي لمفردة “سيرة ذاتيّة” جرّاء أخذ نفسي بشدة عند الالتزام بِدِّقة معاني المفردات وحدودها قبل استخدامها، كتابةً أو حواراً مع آخرين. ثمة الخِشية من إضاعة اللغة المشتركة ، بمعنى عدم الاتفاق الضمني والأولي على معنى أو دلالة اللفظ قبل النُطق به! إضافةً إلى ذلك، وهذا ما لم يلتفت إليه أحد ممن كتبوا قراءاتهم للرواية، هنالك توسعةٌ أزعمها في تطبيق مفهوم الكتابة ما بعد الحداثيّة. فإذا كانت، في أحد جوانبها، معاينتها لنفسها ككتابة ومحاورتها من وفي داخل النصّ حين يتخلّق ومساءلتها لنفسها؛ فلقد أُخضِعَت شخصيّة الكاتب هي أيضاً لأسئلتها عنها، ولضروب التشكيك في ذاكرتها، وبالتالي لمدى مصداقيّة أو موثوقيّة ما تكتب، حين تكتب نصّها عنها وعن سواها! جُملة ما تخرج به القراءة تنضفرُ في سَلَة أسئلة تجافي الذهاب إلى أن الرواية سيرة تتستر برداء رواية. فالسيرة وقائع أكيدة الحدوث ليست كتابتها سوى عمليّة تدوين لوقائعها كما وقعت .. وإنْ بقليلٍ من التعديل. وقائع ليست موضع تساؤل أو تشكيك، يسجّلها صاحبها عنه وعنها، وبذلك يسجّل سيرته، وسيرة آخرين، وسيرة الأمكنة وأزمنتها. لا أنفي ولا أعترض على أنَّ جانباً من “أرض اليمبوس” أُوكِلَت إليه مهمة كهذه، غير أن الرواية ليست هذا فقط، كما أنها ليست تأريخاً إلاّ بقدر ما يكون التاريخ، في الأدب والفن، إعادةُ كتابةٍ مَرَّت في موشور الذاكرة المنتقيّة الحاذفة والمضيفة (كما ورد هذا حرفيّاً داخل النصّ)، ومصافي اللغة المتفكّرة، و”شياطين” الرغبات الفالتة من شروط “الملائكة” المحافظين على سكون الخليقة، كما هو، عند أوّل بزوغها.‏ - تمارس الترجمة إلى جانب نشاطاتك المتعددة، كيف تقيّم حال الترجمة /من وإلى/. هل نستطيع القول أننا بتنا موجودين على قوائم الترجمة العالميّة، أم أننا ما زلنا متخلفين عمّا يحصل في العالم في هذا الأمر أيضاً؟‏ لا زلنا على الصعيد العربي، بمؤسساتنا الرسميّة وشبه الرسميّة وكذلك بدور النشر الأهليّة ضئيلة القدرات الماليّة الممولة لمشاريع الترجمة، في وضعٍ متخلّف بكل معنى الكلمة. وإني هنا أشير إلى حال (الترجمة من لغات العالم إلى لغتنا العربيّة. فبالإضافة إلى تقرير اليونسكو الذي نشر قبل سنوات قليلة بهذا الخصوص والأرقام الصريحة الواردة فيه والتي تشكّل فضيحةً ثقافيّةً حضاريةً ينبغي لكل مشتغل بالثقافة ومَعْنيّ بها التفكير بمدلولها الخطير؛ أقول: إضافةً إلى هذا التقرير، بإمكان أي متابع لحركة الترجمة، وفي جميع حقول المعرفة، وضع اليد على أننا في آخر دول العالم عنايةً واهتماماً والتماساً لضرورتها، رغم أننا الأحوج في هذا الراهن من التاريخ إلى نقل معارف الآخرين إلى لغتنا وبالتالي إلى إنساننا الذي لا يتقن سوى لغته الأُم. أما عن ترجمة نتاجنا الفكري إلى لغات العالم؛ فحدّثْ ولا حَرَج! فإذا كان تقرير اليونسكو يشكّل فضيحة؛ فإنَّ الجانب الآخر لهذه الفضيحة أكثر فضائحيّة وأشد مرارة. ناهيك عن السؤال الذي يطرح نفسه علينا جميعاً: هل لدينا في نتاجنا المعاصر والحديث من المعارف (غير الرواية والشعر والقصة القصيرة) ما ليس مُتاحاً للآخرين هُم بحاجة إليه يسدون به نقصاً ما في دوائر معارفهم؟‏ - نلاحظ في رواياتك الثلاث (قامات الزبد، وأعمدة الغبار، وأرض اليمبوس) حضور الحرب كحدث مركزي. هل تسعى لتأريخ الحروب العربيّة روائياً؟ وكيف تتجلّى لديك العلاقة بين الحرب والرواية؟ أي، كيف تستطيع أن تُخضِع الحرب كوثيقة ومعارك وموت ودمار و.. لمفهوم الرواية وأدواتها، دون أن تخسر الرواية وتقع في مطب المحاكاة الساذجة لواقع قائم وترتفع بها نحو مصاف الإبداع الخالص؟ ﴿ بدأتُ قاصّاً منشغلاً برصد النُتَف الصغيرة في يوميات أفرادٍ يمثّلون ذواتهم مثلما يمثّلون، في الوقت نفسه، غيرهم. لكنني، حين كنتُ أكتب ذلك، وجدتني أسجّل رؤيتي لعوالم غلُبَت عليها العاديّة لفرط تكرارها في حياتنا، كل يوم، ومن خلالها كنتُ أكشفُ عن قسطٍ من موقفي حيالها: بمعنى أني كنتُ أكتشفُ لحظةَ الكشف قسطاً مني أنا شخصياً. وهكذا تحوّلَ وعيي على الكتابة ليكون وعياً للذات الكاتبة أيضاً، وبذلك صرتُ أرددُ قائلاً بأنَّ القصة تكتبني شيئاً فشيئاً كلّما تدرجتُ بكتابتها مشهداً مشهداً. كانت »قامات الزبد« روايتي الأولى بعد مجموعات قصصيّة عدة، وما كنتُ أعرف ماذا سأكتب بعد انتهائي منها. ثم، وإثر نشري لها بسنوات، وقعتُ على أنني لحظة شروعي بالكتابة الروائيّة، مستنداً إلى محطة في حياتي، إنما باشرتُ التأسيس للكتابة عن جيلٍ أنتمي إليه مَرَّ بكل المحطات التي مررتُ بها. وهكذا اتضحَ لي مشروع ثلاثيّة روائيّة غير معلَنَة تغطّي المفاصل الرئيسة في حياتنا، فكانت »أعمدة الغبار« ثم انتهت بـ »أرض اليمبوس«.ما المفاصل الرئيسة في حياتنا، إذَن، إنْ كنتُ أسجّل روائياً سيرةَ جيل ولِدَ عام ١٩٤٨؟أوليست هي الحروب ما عَلَّمَ وحفرَ وفرزَ وخلَطَ وولّدَ وأدّى وكشفَ وخَبّأَ وطمَرَ وعَرّى عارَ مجتمعاتنا وأنظمتنا السياسيّة راعية هزائمنا وداعمة خسارات أرواحنا وأحلامنا.. وأراضينا؟ ست حروب خلال ستة عقود، كأنما ثمة حرب في كل عقد هدية لكل جيل! لستُ أسعى لتأريخ الحروب روائياً، ولستُ مَيّالاً للكتابة عنها إلاّ بقدر ما تعمل هي على كشف التوتر داخل الشخصيات التي مرَت بها، أو مرّت الحربُ عليها، ولكن كأمرٍ مسبب وكخلفيّة تصبغ المناخات وتحدد الإيقاع. يَرِدُ ذِكر الحرب كعامل استفزاز يكشف عمّا هو أهمّ منها: الفردُ الذي طحنته نتائجها المدمّرة. كما أني، بالكتابة، إنما أدوّنُ دواخل الشخصيات وتاريخها على وقْع الحرب وصداها المتردد في أعماقها. الحربُ ليست موضوعاً مثيراً لكتابتي إلاّ بقدر ما تشير إلى »الحرب الأخرى« الدائرة بين »نحن المكشوفة« و»نحن المطمورة«. لن يجد القارئ في رواياتي حرباً أحاول وصفها وتصويرها، بمفرداتها العسكريّة ومعاركها وجنودها وقتلاها وضحاياها وأبطالها ومشاهد ساحاتها، إلخ. ذلك ليس هَمّي أبداً. وبالتالي فأنا لا أحاكيها ولا أحاكي سواها. كتابتي »فـي« الأشياء وليس »عـن« الأشياء. والعلاقة بين الحرب والرواية التي أكتبها بحسبي، هي علاقة بين إشارة استفزاز تعمل على إثارة الأسئلة عن حروب ذواتنا. أسئلة عني أنا أيضاً، تماماً مثلما فعلتُ في كتابة القصص، كما بدأتُ ممهداً للإجابة. تعدّد - كتبتَ الرواية، والقصة، والمقالة، والبحث، والترجمة، والشهادة، إضافةً لدار النشر التي تملكها. لماذا هذا التعدد؟ هل هو صدى لروحك المتشعبة؟ وأين يجد الياس فركوح روحه أكثر؟ ﴿ لو أنكَ سألتني هذا السؤال قبل سنة أو سنتين، لربما أجبتكَ على هذا النحو: روحي تحققُ ذاتها في هذه الأنواع الكتابيّة جميعها، ولكن بِنِسَبٍ متفاوتة بالطبع. فما دام المرء الواحد ينطوي على مستويات أو طبقات عدة تبتغي التعبير عن طاقاتها، وهنالك ما يكفي من الوقت لأن يتوزع صاحبها عليها منشغلاً بها؛ فليس ثمة مشكلة. هذا صحيح من حيث المبدأ. وصحيح أيضاً قبل سنة أو سنتين، حين لم ألتفت إلى ضرورة ترتيب الأولويات بإعطائها حقها الأوفر من الجهد، والانشغال، والوقت ـ وهو الأمر الذي بِتُّ أعيش إشكاليّة توفيره الآن. ولم يعد المتبقي من العُمْر يكفي للإحاطة بهذا »التَرَف«! تحضرني بهذا السياق حكاية نيكوس كازانتزاكيس ووقوفه عند زاوية الشارع متسوّلاً المارّة شيئاً من الوقت يدّخره لإكمال أحلامه الكتابيّة! كما ينبغي للمرء، في هذه المرحلة من عمره، أن يواجه نفسه بعنوانه الأوّل أو الرئيس، وبذلك يكون قد تحلل، ولو نسبياً، من مُلحَقات العنوان باعتبارها تفريعات له. ربما لا يتمكن من التخلص منها نهائياً كونها تشكّلُ إعاقةً لمشروع العنوان، لكنه سينصرف حتماً إلى الحَدّ منها ليتفرغ لِما يراه يتحلّى بالأولويّة. التعدد سِمة جوهريّة في الكائن، والعمل على إشباع مكوناته يحققُ له التوازن. لا شك في هذا. إنما، وبالنسبة لي والآن، معترفاً بفضل هذا التعدد في إثراء جوانبي المعرفيّة الثقافيّة، أصبحت عمليةُ تلبيتها مرهقة ومسببة للتشتت وفقدان القدرة على التركيز. وبذلك، أصبحتُ بدوري أنحو باتجاه الانصراف إلى الرواية، إعداداً، وقراءات، وتفكراً، لتكون عنواني الأوّل. دار النشر مشروعٌ وعملٌ جميل! مشروع وعمل مِعطاء وصاحب رسالة بمعنىً ما. لكنه غولٌ يلتهم الوقت، والجهد، والتركيز، والمال القليل، ويستنفد أنايَ الكُليّة التي ما عادت قادرة على تلبيّة حاجاته واحتياجاته من ذلك كلّه. لن يكون باستطاعتي التخلص من الدار؛ فليس سهلاً تصفيّة ما يشبه مؤسسة طفقت تحقق نجاحاً ثقافياً وحضوراً لافتاً محترماً، ومحو منجزها وشطب طموحاتها. وهذه مشكلة حقيقية تؤرقني. رقابتان - الرقابة في العالم العربي أمر محيّر ومربك للكاتب، وفي الوقت الذي يعتبر أغلب الكُتّاب خارج الأردن أن الرقابة السياسية أخطر أنواع الرقابات وأشملها؛ نراك تركّز على الرقابة المجتمعيّة. لماذا؟ وماذا عن الرقابة الدينيّة؟ كيف تؤثر الرقابة على عملك الإبداعي بالدرجة الأولى وعلى عملك كناشر؟ وهل سبق أن اضطررت للمراوغة بشكل ما أمام الرقيب؟ وما الحل برأيك للتعامل مع الرقابة السياسية من جهة، والرقابة المجتمعيّة والدينية من جهة أخرى؟ ﴿ لستُ مستخفاً بأي من الرقابتين السياسيّة أو الدينيّة على الإطلاق. أبداً. فأنا أعي تماماً بأنَّ الرقابة المجتمعيّة بقدر ما تنطوي على أثقال الرقابة الدينيّة وممنوعاتها الخافيّة المتخفيّة بالمحافظة على »دين وأخلاقيات وقيم وعادات« المجتمع والأُمة. أو تلك الجاهرة بتكفير كل ما/ ومَن تراه خارجاً على منطوقها اللفظي بشروحاتها الجامدة أو شروحاتها المتطرفة ـ فإنها أيضاً تتضمن، في أُسها وأساسها، منطق المَنْع والمصادرة، وتمنح نفسها سلطةً على الجميع هي مستمدةٌ أصلاً ومدعومة من السلطة السياسيّة المتراجعة أمامها خوفاً، أو مجاملةً لتيّارٍ زاحف يصطبغ بشعبويّة ساخطة، أو بالتواطؤ، أو عبر عَقدٍ تضامني (هو مرحليٌ بالضرورة) يكفلُ للطرفين مساحاتهما السلطويّة. عندما أركّز على الرقابة المجتمعيّة (وليس الاجتماعيّة) فإنني أدعو إلى تفكيك عناصرها المكوّنة لها لاكتشاف أنها مجموع الرقابتين السياسيّة والدينيّة، ومعاينة آليات فعلهما المشترك داخل البِنيات الاجتماعيّة المؤدية إلى: انحباس في الرؤيا، وتَعَصُّب في التعامل، وحَظْر للحِراك المدني والاجتهاد الفكري بعمومه، ومصادرة للاختلاف، وفِتنة في المعتَقَد، ومعاكسة لمتطلبات العدل والمساواة، وضرب لمفهوم المواطنة القائم على عدم جواز التفريق بين المواطنين بسبب اللون، أو الدين، أو الجنس، أو الأصول، أو القرابة، أو العشيرة، أو المال، أو النفوذ المتوارَث، إلخ. السلطة المجتمعيّة بمواصفات كهذه وراهن كهذا، وبالتالي رقابتها المتأتيّة عنها، لن تنتج بلداً بمؤسسات مدنيّة مرتكزة إلى قواعد ديموقراطيّة حقيقيّة غير زائفة أو شكليّة ترسم حدوداً واضحة للحريات، ولأذرُع السلطات التي تتغوّل، في حالاتنا العربيّة، السلطةُ التنفيذيَة لتهيمن على التشريعيّة والقضائيّة! نعم، هذه هي الرقابة المجتمعيّة في خُلاصتها. وهي شاذة. وهي أخطر بما لا يُقاس من مجرد رقابة سياسيّة تمنعُ كِتاباً بمقدورنا تسريبه إلينا وقراءته رغماً عن أنف الحدود والرقابات البلهاء. نحن الآن بصدد أزمة انغلاق أُفق، وحالة تخلُّف شديدة التعقيد في تركيبتها تتجاوز المفهوم السياسي لدولٍ باتت رهن التحلل والارتهان لقوىً إقليميّة وعالميّة شارعة بتسيُّد العالم وإعادة اقتسامه، مزيحةً من طريقها هذه »الدول« المشكوك بسيادتها السياسيّة على أراضيها! أما عن الشق الثاني من سؤالك؛ فأود الإشارة إلى أن تجربتي الكتابيّة علّمتني كيفيّة التعامل مع الرقابة الرسميّة دون أن تتنازل عن منطوقها من جهة، أو أن تُنْزِل الضرر بمستواها الفني. فلكّل رقابة، وبحسب التجربة الشخصيّة، تخومها وحدودها على الكاتب والناشر معاً معرفتها ليصار لكلٍ منهما أسلوبه في إدارة ما أسمّيه »سِجال الذكاء« المفتَرَض والمفروض عليهما. ثمة قاعدة اجتهدتُ خلال ما يقرب الثلاثين سنة من الكتابة في بنائها، تتلخص في أنَّ على الكاتب (والناشر) أن يحترم نفسه فلا يبتذلها! والابتذال عادةً ما يكون بواحدة من طريقتين: إما أن يتجاوز الخطوط الحُمْر بمباشرة وانكشاف وصراخ بحيث يُجبر الرقيب على فعل المنع، فيتحوّل إلى »شهيد« بالمَجّان، لكنه يصبو في الوقت نفسه لأن يصنع من نفسه »نجماً« ضمن منطق إعلام الإثارة وسوق فبركة الأبطال. مع ملاحظة أنَّ المباشرة والانكشاف والصراخ، في الأدب والفن، تستدعي معها، غالباً، لغةً وأسلوباً يقعان خارج البناء الفني وعلى حسابه. ولذلك، فإنَّ قراءةً نزيهةً ونبيهة وبريئة من طغيان »نجوميّة شهيد الحريّة« لكثير من »النصوص الممنوعة« تدلّنا على فقرٍ كِتابي داخلها تم تعويضه، أو التستر عليه بالأحرى، بضجيج الحظر والمنع. أما طريقة الابتذال الثانيّة، فإنها ببساطة الخضوع لاشتراطات الرقابة على نحو مبالغ فيه يصل عند البعض إلى درجة المهانة، فيتنازلون عمّا ليس مطلوباً التنازل عنه! ليس هنالك من حل واحد في التعامل مع الرقابات، السياسية والمجتمعيّة والدينيّة. ليست هنالك صيغة جاهزة. أنتَ تبني صيغتك بحسبكَ وبحسب تجربتك. أما الحل الجذري؛ فبإلغاء الرقابات كافة، واستبدالها برقابة الضمير، وروح احترام الكتابة كاحتراف له شروطه. -قلتَ لنا في الأردن إنك تعتبر أن المستقبل سيكون للنصّ النخبوي، وأن الثقافة تتجه لأن تكون نخبويّة. ألاْ ترى أنكَ بذلك تلغي القارئ من المعادلة الثقافيّة التي تموت دونه؟ ﴿ لستُ أنا مَن يلغي القارئ من المعادلة الثقافيّة؛ بل هو النظام التعليمي، والتربوي، والتثقيفي الآخذ بالتفكك والانحلال على طول الوطن العربي وعرضه. هنالك عمليّة تَخَلٍ كامل من قِبَل المؤسسات ذات الشأن عن مسؤولياتها تجاه تنميّة ثقافيّة، عريضة وعميقة ومستمرة، تطال مواطنيها عبر جميع المراحل، بحيث تعودُ للمعرفة المتجاوزة حدود المتطلبات الأكاديميّة ومستلزماتها قيمتها داخل المجتمع، وبالتالي داخل الحياة الخاصة لكل فَرد عربي. ثمة إفقارٌ في الوعي الثقافي للإنسان العربي، وإجدابٌ في التذوق الفني والأدبي لديه، كأنما بقصدية ووعي وهذا أمرٌ مُريب! وإنْ كان ليس كذلك، فالأمرُ ينذر بكارثة قادمة على مستوى عُمق الشخصيّة العربيّة كنتيجة حتميّة لهذه المقدمة. مثلما يدلل، في الوقت نفسه، على تَرَدٍ فاضح في كفاءة أصحاب المسؤوليّة، وغياب منهجيّة أو استراتيجيّة عارفة متأتيّة عن رؤيا واضحة بعيدة المدى تعي مفهوم »الوطن« حقاً، وتُعنى بمستقبله. فلنكُنْ أكثر صراحةً: حين يتحوّل الفسادُ إلى ظاهرة متفشيّة وراسخة في المجتمعات العربيّة، فإننا لحظة اعترافنا به والتسليم بصعوبة اجتثاثه كونه أصبحَ مؤَسَساً (بفتح السين) إنما نعاينُ ونشهدُ انفلاشه خارج المؤسسات الرسميّة الحكوميّة وأجهزتها، ليغطّي ويتغوّل على معظم جوانب البِنية المجتمعيّة.. اللهم بعض الدوائر الصغيرة والمشتتة من المثقفين والشرفاء، والمعزولة للأسف. هي دوائر تم عزلها بفعل إدبار الجسم الأكبر من المجتمع عن التعاطي مع ضروب الإنتاج الثقافي، فباتت نتوءاً شاذاً ربما يُلتَفَتُ إليه كرنفاليّاً وعلى سبيل استكمال الديكور باقتطاع يومٍ ما من روزنامة السنة للتذكير به بدافع (رفع العَتَب)، ثم يُنسى! معارض الكتب تشهدُ تراجعاً واضحاً في زوّارها، وخسارات تؤكد أرقامها في مبيعاتها، وانفضاضاً عن الكتب الموسومة بـ»ثقيلة الدم« مقابل الهجوم على تلك الموصوفة بـ»الصفراء« المبشّرة بعذاب القبر، والموصية بأي من القدمين عليكَ دخول المرحاض، وكيف للزوجة أن تجذب زوجها وتحتفظ به عبر سُبُل الإثارة والإغراء، والصفحات التي تُطلعك على حظك كل يوم في كتب تدّعي علم الفلك والإبحار بين النجوم! أي صورة يمكنكَ رسمها عند الحقيقة القائلة بأنَّ عدد النسخ المطبوعة من أي كتاب، قبل عشرين سنة، كان ثلاثة آلاف ـ بينما الآن، رغم تكاثر الجامعات والأكاديميات على اختلاف تخصصاتها تكاثراً بكتيريّاً، لا يتجاوز الألف نسخة! والبعض من الكتب، الشعر خصوصاً، الخمسمائة! عند تدقيقنا بهذا الحال، هل تتوقع قارئاً مثقفاً يتجاوز دائرة النخبة بمقدوره التفاعل مع النصوص الأدبيّة الحديثة؟ هل تتوقع أن يكّف الكُتّاب عن المضي عبر تحولات الأجناس الكتابيّة، ليتوقفوا عند نقطة الانقطاع الثقافي والفني والأدبي ـ المعرفي عموماً ـ للمجتمع، بانتظار صحوة شاملة تأخذ بالاعتبار تعويض ما فاتها؟ هنالك نخبوية على صعيد الكتابة لأنَّ هنالك نخبويّة، ومن قبل، على صعيد القراءة. وهنالك غُربة بين الفئتين تكاد تقتل. - نلاحظ في كتابتك عموماً اهتمامك الكبير باللغة، حيث تغدو لغتك معجميّة صافية ومنحوتة بإدهاش، وتقترب من تخوم الشعر. كيف تتعامل مع اللغة؟ هل تتقصد أن تكون لغتك هكذا وأنتَ تكتب، أم أن الأمر يأتي تلقائياً؟ ومن جهة أخرى، ألاْ تخشى أن تُبعدك هذه اللغة عن القُرّاء؟ ﴿ من الأقوال المأثورة: »الكاتبُ هو الأسلوب« ومن الخُلاصات التي خرجتُ بها عبر تجربتي الكتابيّة وعنها: الكتابةُ هي اللغةُ كعلامةٍ فارقة تشير إلى كاتبها، تماماً مثلما هي بصمةُ الكائن الواحد التي لا تتكرر. من دون لغة خاصة يتعرّى النصُّ وينكشفُ خفيفاً فاقداً لخصيصة صاحبه، ويتحوّل إلى مجرد كتابة تشبه غيرها من كتاباتٍ سواها، فلا يبقى ما يشير إليها إلاّ موضوعها وطريقة بنائها. وبالرغم من أهميّة هذين العنصرين (الموضوع وطريقة البناء)، لكنهما لا يكفيان لوحدهما ليوجدا للكاتب حيّزه الخاص على خريطة الجنس الكتابي الذي ينخرط فيه. أما عن خِشيتي من ابتعاد القُرّاء عن كتابتي بسبب هذه اللغة؛ فإني أحيلك إلى إجابتي السابقة بخصوص نخبوية القُرّاء. ناهيك عن وجهة نظري الرائية إلى أن ليس ثمة وجود للقُرّاء (بأل التعريف) .. بل ثمة قُرّاء معينون لكل كتابة معينة. لقد انتهت أسطورة جمهور القُرّاء، أو الوهم بوجودهم ككتلة متجانسة واحدة في مستوى وعيها الفني والثقافي، والخروج بالتالي بنتيجة علمية قياساً إليهم وإحالةً عليهم. - العلاقة بين المبدع والسلطة بطبيعتها علاقة إشكاليّة من حيث طبيعة كل منهما، ولكن في العالم العربي تغدو تلك العلاقة مدمرة وتناحرية. كيف تقرأ العلاقة بين السلطة والمثقف؟ وهل من الضروري أن يكون المثقف نابذاً ومواجهاً لأي سلطة، على الأقل معنوياً؟ ﴿ لم تتسم العلاقة بين المثقف والسلطة يوماً، خاصةً في الوطن العربي، بالتوافق أو الانسجام، اللهم إلاّ إذا تقاطعت رؤية كل منهما أو المصلحة لديهما عند نقطةٍ ما. وهذا نادر الحدوث. تاريخنا يشهد على ذلك، والمشهد المعاصر تكملةٌ ليست نشازاً لذاك التاريخ الطويل. إنَّ طبيعة الأنظمة العربيّة، على اختلاف شعاراتها وتسميات عناوينها، بما تتضمن من أُحاديّة في وجهة النظر وفرضها: وانعدام مساحة القبول الحقيقي بالاختلاف والتعامل الموضوعي معه، والتعارض الجوهري مع مبدأ تداول وانتقال الحكم، والاستناد إلى قبليّة وعشائريّة المجتمعات وعصبياتها بما يحول دون بناء الأسس الراسخة لمجتمع مدني يفرز أحزابه السياسية الحقة، وجمعياته النقابيّة غير المشتراة، وصحفه الحرّة حقاً؛ كل ذلك أفضى إلى هذا التوتر التاريخي في العلاقة بين المثقف العربي وسلطاته الحاكمة. هذه الأنظمة بطبيعتها والتي تجيز للرئيس أو للرجل الأول، أياً كان، الاستمرار بالحكم رغم عجز حكوماته وبالتالي عجزه هو عن حل المعضلات المعيشيّة في الداخل والاختلالات الهائلة بين الشرائح الاجتماعيّة من جهة، وإفقاد بلده لوزنه الدولي لإضاعته دوره مهما بلغ حجمه من جهة ثانية، وفشله في ردّ الاعتداءات المباشرة أو استرداد الحقوق الوطنيّة من جهة ثالثة .. ومع ذلك؛ نراه يترسخ مع الزمن ليتحوّل إلى »زعيم« و»محط الآمال«! يتحوّل من حاكمٍ مطلق إلى حكيمٍ بصير وضرورة تاريخيّة! يتحوّل شخصياً ليكون هو المؤسسة، والدولة، والمرجع الأول والأخير، والتجسيد الملموس لروح الأُمة، والموّجه للسياسات الداخلية والخارجية ملغياً بذلك كافة المؤسسات الدستورية، وناسفاً حتّى الديكورات الكاذبة لديمقراطيّة شوهاء، وبالتالي يحق له تمثيل مقولة: »أنا الوطن، والوطن أنا«! من بعد؛ هل لنا أن نتصور نظاماً كهذا يتقبّل المثقف، أو تسمح تركيبته بدورٍ عضوي للمثقف يلعبه باتجاه إحداث تغييرات حقيقية، تنويرية وتثويرية وتثقيفية وتعليمية تقلب المعادلة السائدة طوال ما يقرب قرن من الزمان؟! ثمة خطوة ناقصة يحلم بها المثقف، حتّى البراغماتي الاتجاه، تعجز عنها السلطات المبنيّة على الفرد الواحد. خطوة التسليم بأنَّ الحاكم ليس ظِل الله على الأرض، وأنه مجرد لحظة خاطفة في التاريخ. هذه من ثوابت التاريخ العربي. إضافةً إلى أن النقد، وعدم الرضا، والتعفف عن تبييض ذِمة الحاكم، تعتبر من لوازم المثقف ومن صفاته الجوهريّة. باختصار: إنَّ مكان المثقف الدائم يقع خارج مؤسسات السلطة. على هامشها. وكلّما عسفت السلطة نأى المثقف عنها وتعاظمت حالةُ التوتر بينهما. السلطة، وفق النظام العربي، هي المُطْلَق، بينما المثقف هو النسبي. الأولى خارج التاريخ لأنها مضادة للعلم والمنطق. والثاني ضحيّة تاريخه رغم محاولاته لأن يدخل تاريخ الانسانيّة. أسماء وأسماء - نلاحظ في العقد الأخير وصول النتاج الأدبي الأردني إلى العواصم العربيّة، ولكن رغم ذلك نرى أن الأمر محدود بعدد قليل من الأسماء وكذلك الأمر في دول عربيّة أخرى بحيث تطغى أسماء معينة على كامل الحضور الثقافي لبلدٍ ما. إلامَ تعزو هذه الظاهرة، وهل فعلاً أن هذه الأسماء هي الأفضل في كل بلد عربي، أم أن علاقات الصداقة والشلليّة والعلاقة الجيدة مع السلطة هي التي تجعل من هذه الأسماء واجهة لبلدانها؟ ﴿ أبدأ بالقول أنَّ هذه ظاهرة حاضرة وشاملة جميع البلدان العربيّة، للأسف، وإنْ بِنِسَب مختلفة، آخذين بالاعتبار التمييز الدقيق بين الغثّ والسمين في مجموعة »الواصلين« تلك، على صعيد النتاج الأردني أو سواه. وبقدر ما يدعو انتشارها للاستفزاز والغيظ فإنها، في الوقت نفسه، تجلب معها أسئلةً كأسئلتك. لماذا؟ والسبب، بحسب اجتهادي، ليس واحداً بل هو متعدد يتصف بالتركيب وأحياناً، عند التدقيق باسمٍ ما، بالتعقيد بحيث يصعب الحصول على إجابة مقنعة تشفي الغليل. يمكن لي أن أعدد الآن مجموعة أسباب ليست من اكتشافاتي بالتأكيد؛ إذ يعرفها الجميع مثل الشللية، واحتكار المنابر الإعلاميّة، وأمزجة المسؤولين الثقافيين ومستواهم المعرفي وشبكة علاقاتهم، وتبادل المنافع هنا وهناك، واجترار الأسماء عينها في كل المؤتمرات والندوات، واحتراف صناعة العلاقات العامة بما تجلب معها الأضواء والمانشيتات لزوم »الشهرة«!، ثم تأتي درجة العلاقة مع السلطة في آخر سلم الأسباب. فأنا لم أعرف أديباً واحداً على علاقة جيدة بالسلطة ظل محتفظاً ببريقه الإعلامي، وبسبب من هذه العلاقة وليس نتيجة إبداعه العميق، في أي من الحالتين التاليتين: موته الفيزيقي هو نفسه، أو انهيار السلطة التي عملت على رفعه والترويج له. ربما أكون صادماً في رأيي حين أقول بأنَّ هشاشةً ما تتسم به الحالة الثقافيّة في بلداننا العربيّة سببت هذه الظاهرة، ولسوف تستمر في تغذيتها ما دامت الهشاشة والخِفّة والاستسهال من طبيعة الحالة الثقافيّة، وبالتالي من طبيعة المتحركين ضمن دوائرها. وما دامت روافع الأديب جُلِبَت من خارج نصوصه الأدبيّة بما تحمل أو لا تحمل من قيمة فنيّة وفكريّة! ثمة أبعاد أخلاقيّة ذات صِلة بالقِيَم والمبادئ تمَ التخلّي عنها وهَجْرها لصالح الشهرة السريعة والسهلة المأخوذة من مانحٍ لها (شلة، منبر، علاقات، إلخ) ارتضى لنفسه أن يقبض وأن يقايض. فإنْ كُنا تطرقنا للفساد في موضعٍ سابق من الحوار، فإنَّ فساداً مفضوحاً يمكن معاينته بسهولة، أو استنتاجه، عند قراءتنا لهذه الظاهرة. ثمة ما يمكن النظر إليها وتسميتها بحالات »الرشوة«! وكذلك، ثمة ضحالة ثقافيّة سمحت بانتشارها.

قديم 06-01-2012, 11:38 AM
المشاركة 765
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الياس فركوح
المصدر : موقع القاص والناقد ايــاد ع. نصــار
ترتبط سنوات السيرة الذاتية لالياس فركوح بمحطات عربية هامة. هل للصدفة أهمية هنا؟ لعلها كذلك. ولكن بلا شك شكلت هذه المحطات معالم رئيسة في تطور وعي الياس فركوح وأدواته السردية وعالمه الروائي الخاص به نحو انجاز مشروعه الذي يطمح الى تحقيقه وخاصة بعد الاستقبال الكبير الذي لقيته روايته الاخيرة أرض اليمبوس من قبل الساحة الثقافية والنقدية العربية والذي تمثل في ترشيح الرواية ضمن القائمة القصيرة للترشيحات النهائية لجائزة البوكر العربية لعام 2008، مما يذكرنا كذلك بالاستقبال الذي لقيته مجموعته القصصية الثالثة "واحد وعشرون طلقة للنبي" التي صدرت عام 1982 ونالت جائزة رابطة الكتاب لافضل مجموعة قصصية تلك السنة.

ولد الياس جورج باسيل فركوح ابن العائلة ميسورة الحال في عمان في العام ذاته الذي شهد النكبة الفلسطينية 1948، وقد درس المرحلة الابتدائية في مدارس الفرير دي لاسال في عمان. كما درس المرحلة الثانوية في القدس حيث كان طالباً في القسم الداخلي في المدرسة ، وقد امضى اربع سنوات من حياته المدرسية في القدس ، انتقل بعدها الى عمان. شكل ضياع القدس وهزيمة عام 1967 حدثاً مأساوياً ليس على الصعيد العام بالنسبة له كأديب وروائي بلا شك وحسب ولكن على الصعيد الشخصي الذاتي لانه ضاعت بذلك ذكريات مرحلة مهمة من تاريخ حياته الاولى.

كانت هناك ثلاث محطات رئيسة في حياته لعبت دورا مبكراً في تنمية موهبته الابداعية واتجاهه نحو كتابة القصة والرواية. شكل اطلاعه الواسع المبكر على أعمال نجيب محفوظ في الرواية وأعمال يوسف ادريس في القصة القصيرة بالاضافة الى القصص القصيرة المترجمة بداية الطريق نحو الابداع، ثم هزيمة عام 1967 وما تلاها من اضطرابات سياسية وعسكرية وفكرية وأدبية خلخلت بنية المجتمع العربي والاطلاع في تلك الفترة على الفكر السياسي والثوري اليساري وتجارب المقاومة الشعبية في كوبا وفيتنام. كما أثرت فيه ترجمات الشاعر العراقي سعدي يوسف لشعر الشاعر اليوناني الوطني المعروف بنضاله من أجل الحرية يانوس ريتسوس.

كانت اول قصة نشرت له في الصحافة الاردنية المحلية في اليوم الاخير من سنة 1976 وشكلت ذكرى جميلة لا تنسى بالنسبة له.

في المجال الاكاديمي حصل الياس فركوح على ليسانس فلسفة وعلم نفس من جامعة بيروت العربية. أما على الصعيد العملي فقد عمل في الصحافة الثقافية خلال السنوات 1977 - 1979، وشارك في تحرير مجلة المهد الثقافية، كما شارك الشاعر طاهر رياض العمل في إدارة دار منارات للنشر خلا السنوات 1980 -1991، ثم أسس دار أزمنة للنشر والتوزيع عام 1992 حيث يعمل مديراً لها لغاية الان. وهو من مؤسسي اتحاد الناشرين الأردنيين، وعضو فيه. وهو عضو في اتحاد الكتاب والادباء العرب.
كما شغل عضوا في الهيئة الادارية لرابطة الكتاب الاردنيين لعدة دورات.

حازت روايته "قامات الزبد" على جائزة الدولة التشجيعية للعام 1990، كما حاز على جائزة الدولة التقديرية في حقل القصة القصيرة عام 1997. نال الياس فركوح جائزة محمود سيف الدين الإيراني للقصة القصيرة من رابطة الكتاب الأردنيين، كما نال جائزة أفضل مجموعة قصصية للعام 1982 من رابطة الكتاب أيضاً عن مجموعته القصصية "أحدى وعشرون طلقة للنبي". وفي عام 2008 نال جائزة تيسير سبول للرواية التي تمنحها رابطة الكتاب الاردنيين عن روايته أرض اليمبوس في حفل أقيم خصيصا لتسلم الجائزة. تعد أرض اليمبوس عملاً روائياً مهماً ينهل في بعض مصادره من جوانب من السيرة الذاتية للمؤلف، مع المحافظة على الجانب الابداعي التخيلي للسرد الروائي.

نشر في عام 2002 مجموعة نصوص بعنوان "الميراث الاخير" تحت إسم مستعار هو "راكان خالد" . حاول في هذه النصوص المقاربة بين الشعر والنثر دون الدخول في توصيف النصوص، رغم أن الياس نفسه يراها أقرب الى قصيدة النثر. وقد نشرها بالاسم المستعار حتى يتسنى له معرفة وجهة نظر الساحة الادبية في محاولته الشعرية الاولى وتلمس ذوق ووجهة نظر القاريء في عمله، ولكنه نسبها لنفسه لاحقاً.

علاوة على مجموعاته في القصة القصيرة والروايات، فقد قام بترجمة عدد من القصص القصيرة وقصص الاطفال والروايات. كما نشر عدداً من الدراسات والشهادات الادبية والمقالات.

قديم 06-01-2012, 11:54 AM
المشاركة 766
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الظروف الحياتية التي اثرت في تكوين الاديب الياس فركوح

- ولد الياس جورج باسيل فركوح ابن العائلة ميسورة الحال في عمان في العام ذاته الذي شهد النكبة الفلسطينية 1948.
-درس المرحلة الابتدائية في مدارس الفرير دي لاسال في عمان.
- كما درس المرحلة الثانوية في القدس حيث كان طالباً في القسم الداخلي في المدرسة ، وقد امضى اربع سنوات من حياته المدرسية في القدس ، انتقل بعدها الى عمان.
- شكل ضياع القدس وهزيمة عام 1967 حدثاً مأساوياً ليس على الصعيد العام بالنسبة له كأديب وروائي بلا شك وحسب ولكن على الصعيد الشخصي الذاتي لانه ضاعت بذلك ذكريات مرحلة مهمة من تاريخ حياته الاولى.
- شكلت هزيمة عام 1967 وما تلاها من اضطرابات سياسية وعسكرية وفكرية وأدبية خلخلت بنية المجتمع العربي والاطلاع في تلك الفترة على الفكر السياسي والثوري اليساري وتجارب المقاومة الشعبية في كوبا وفيتنام مصدرا للابداع.
-أثرت فيه ترجمات الشاعر العراقي سعدي يوسف لشعر الشاعر اليوناني الوطني المعروف بنضاله من أجل الحرية يانوس ريتسوس.

فركوح مولود سنة النكبة ولا شك ان السنوات التي تلت كانت عاصفة ونجده قد درس في القدس في مدرسة داخلية وهي على الاغلب مدرسة ذات نظام كنسي قاسي. لا شك ان مثل تلك الطفولة كانت مأزومة، وعلى الرغم اننا لا نعرف عن والديه شيئا اجد بأنه عاش يتما اجتماعيا كونه درس في مدرسة داخليه بعيدا عن العائلة.

يتيم اجتماعي.

قديم 06-01-2012, 02:50 PM
المشاركة 767
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
97- عصافير الفجر ليلي عسيران لبنان

نبذة النيل والفرات:
عاشت الأديبة ليلى عسيران محنة الحرب بضميرها وإحساسها، فحلقت بخيالها وواقعها في ضمائر البشر المرهفين بنزيف الأرض وغضبها، وجالت في خواطرهم وعاشت معاناتهم، وإيمائهم بالعاصفة والثورة التي ستنفجر الحياة بعد الموت. فلقد استشهد خالد فولد أحمد، وقاتل سليمان ليُحرر والده الأخرس، نسفت البيوت فراحت النساء تزغرد، وبين قلب مريم وسهير ولد حب جديد طاهر مهّد تراب أرضه لتخطو عليه أقدام المقاتلين برقة. وظل مازن عينين نقيتين، وفؤاداً طاهراً، يحمل حزناً عجيباً لأنه استطاع أن يطلق من عبراته بسالة الشجاعة وأعجوبة الفرح، وفي رهبة الليل تصاعدت أنفاس "الختيار" تتخطى لهاث خطوات الخطر المهيمنة على "العاصفة" في كل التفاتة. ولكن الشمس كانت تشرق في سواد الليل فجراً، في نسمات اليقين والاطمئنان، العاصفة، الثورة، أحداث ناشدتها المؤلفة وهي أهم من الحرب تفردها عصافير الفجر قائلة: الثورة حتى النصر.

قديم 06-01-2012, 03:04 PM
المشاركة 768
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الرواية النسائية العربية.. إشكاليات التمرد والوعي ونظرة الآخر
- إياد نصار -


لم تعد الروائية العربية تنظر للكتابة النسوية على أنها منشور ضد القهر ونوع من التمرد على الثقافة الذكورية وحسب. لقد تجاوزت الرواية النسائية العربية عبء هذه الوظيفة، ولم تعد الكتابة مجرد صرخة احتجاج ضد حرمان المرأة من حقوقها في التعليم أو العمل، أو دعوة للتمرد على القيم البطريركية التقليدية. وكما في الماضي، حين استطاعت الكلمة، الحكاية تحديداً، أن تنقذ المرأة من الموت وأن تخلصها من خوف العبودية والاستغلال مثلما فعلت شهرزاد، فإن الكلمة، الرواية خصوصاً، هي عنوان تحرر المرأة مع بداية العصر الحديث في الأدب العربي، بعد قرون من الارتهان للرجل، باستثناء بعض النماذج المضيئة مثل ولادة بنت المستكفي في الأندلس في القرن الحادي عشر.
ترى د.بثينة شعبان في كتابها مئة عام من الرواية النسائية العربية ، أن المخاوف من اتهام الروائيات العربيات بأنهن يطرحن قضايا ذات طابع سيري أو قضايا شخصية حول الحب والزواج والأطفال والأسرة وهي ليست ضمن اهتمامات الجمهور، دفعت ببعض الروائيات العربيات إلى اختيار بطل ذكر بدلاً من بطلة أنثى لرواياتهن، لكي يضفن على رواياتهن خبرة اجتماعية أعمق وأوسع.
عملياً، لم تكن هناك كتابات نسوية مستمرة قبل القرن الثامن عشر. تقول الأديبة الإنجليزية فرجينيا وولف: إن الجواب كامن في حاضر مقفل عليه في مفكرات قديمة، ومخبأ في خزائن قديمة، نصف محذوف من ذاكرة العصور، حيث لا يمكن رؤية أجيال النساء إلا كأشباح . ويمكن أن يقال الشيء نفسه عن الكاتبات العربيات في القرون الأربعة الأخيرة قبل مطلع عصر النهضة الذي بدأ مع قدوم حملة نابليون على مصر ومشروع التحديث الذي بدأه محمد علي في مصر، وبداية ازدهار الحركة النسوية العربية في ما بعد مع ظهور قاسم أمين وهدى شعراوي.
تعدّ ال
رواية العربية بالمقاييس الفنية المعاصرة حديثة العهد، لم يمض عليها سوى قرن من الزمان، لكن الأبحاث التي تتناول ولادة الرواية العربية الحديثة، تكشف أن المرأة العربية كان لها فضل الريادة وأسهمت قبل الرجل في ظهورها.
تورد المصادر بشكل مؤكد محاولات عدة مكتملة البناء الفني، كان أولها اللبنانية زينب فواز التي نشرت روايتها الأولى حسن العواقب أو غادة الزهراء العام 1899، تلتها اللبنانية لبيبة هاشم التي أصدرت
رواية العام 1904 بعنوان قلب الرجل . وفي العام 1904 نشرت لبيبة ميخائيل صوايا من لبنان رواية حسناء من سالونيك ، وقد نشرتها متسلسلة على حلقات في صحيفة عربية كانت تصدر في نيويورك آنذاك. وكتبت عفيفة كرم رواية حملت عنوان بديعة وفؤاد ، وقد صدرت في نيويورك للمرة الأولى العام 1906، وهي في مجملها قصة حب تجري أحداثها على ظهر سفينة متجهة إلى الولايات المتحدة وتحمل مهاجرين لبنانيين وتطرح مسائل التخوف من الحياة في البلاد الجديدة وموقف المرأة من العصرنة وتحدي الهوية وعلاقة الشرق بالغرب. وكل ذلك حدث قبل أن ينشر محمد حسين هيكل زينب في العام 1914، والتي ساد الاعتقاد فترة من الزمن، أنها أول رواية عربية بالمعنى الفني للكلمة.
وقد اهتم د.جوزيف زيدان، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة أوهايو، بتأليف موسوعة حول مصادر الأدب النسائي في العالم العربي الحديث 1800-1996 . وهي دراسة ببليوغرافية للأدب النسائي في العالم العربي الحديث خلال هذه الفترة، وقد صدرت في العام 1999. ويذكر أن زيدان ركز في السنوات الأخيرة على الأدب العربي النسائي، فوضع كتابه الروائيات العربيات: سنوات التكوين وما بعدها الذي صدر باللغة الإنجليزية في العام 1995.
يورد المؤلف في الموسوعة نبذة أدبية وتاريخية عن ما يزيد على 1270 اسماً لكاتبات عربيات نُشرت أعمالهن خلال هذه الفترة التي تمتد لقرنين، وكأنما يريد أن يدلل بأن هذا العدد الكبير هو الرد على مقولة إن العالم العربي لا ينجب كاتبات أو مبدعات كما ينبغي، خصوصاً أن أغلب هذه الأسماء تنتمي للقرن العشرين.
كانت الأعمال الروائية النسائية الأولى تقوم على استنباط العبرة من خلال توظيف القضايا الاجتماعية والثقافية أو التوجه التعليمي في مخاطبة القارئ. وكانت دعوات تحرير المرأة وتعليمها في محيط ينكر عليها الاعتراف بمساواتها مع الرجل أو يحرمها حتى من أبسط حقوقها، تجد صداها في الروايات، ثم بدأت تدخل مواضيع أخرى تعمّق من التجربة النسائية في الحياة والحب والزواج والعمل، بالإضافة إلى طرح إشكالية دور المرأة ومكانتها وتجربتها في الحياة العامة، ثم المفارقات في صورة المرأة ودورها بين الشرق والغرب مع ما يرتبط بذلك من تحرر وحداثة وسفر واغتراب وخروج عن التقاليد المحافظة من قبل المرأة، ونقد التراث الذي كرس صورة نمطية تقليدية مقموعة للمرأة. ومن روايات الريف إلى روايات المدن بتعقيداتها النفسية والزمانية إلى روايات الاغتراب والسفر والتأمل في تجربة المرأة بين نموذجين وعالمين.
مرت الروايات العربية، خصوصاً النسائية منها، في موجات من التحول نحو تحطيم النماذج النمطية وفي تطوير الأساليب السردية والصور اللغوية الجمالية، ورافقت تحولات البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وعبّرت عن القضايا الوطنية ومرت بما مرت به تلك القضايا من ازدهار وانكسار. وإذا كان هناك ثمة تقاطع في صورة المرأة التي تقدمها الروايات، وإذا كان هناك صور للمرأة تسهم في إعادة إنتاج القيم الذكورية وتزيد من تهميش المرأة، فإن ذلك مرده إلى التحولات الحادة التي يمر بها الوعي العربي في مرحلة انتقالية تشهد قيام بنى وقيم جديدة تؤسس لعلاقة أكثر إنسانية، وسط رفض تقليدي لا يعدم الهيمنة وتوظيف مختلف وسائل الخطاب ليمنع ظهور صورة المرأة الجديدة.
وشهدت ال
رواية النسائية العربية تطور تقنيات السرد وأساليبه، وتطوير الجملة القصصية والروائية، والتمايز بينهما، وخلق المشاهد والانطباعات وتقنيات الوصف وربطه بالشخصيات والحالات النفسية المختلفة، والتوغل في توظيف مختلف أنواع الزمن، والانتقال بين صيغه المختلفة، وتوظيف تقنيات علم النفس والتحليل النفسي، وإدخال تقنيات الإعلام المرئي والمسموع المختلفة في بنية الرواية، وغيرها من الأساليب الفنية المختلفة التي انتقلت بالرواية من التقسيم الثلاثي التقليدي من بداية وعقدة ونهاية إلى مستويات متعددة للحدث زمانياً ومكانياً وذات تأزمات مختلفة ونهايات مفتوحة، وخلق أجواء غامضة تناسب انقطاع السرد وحركته باتجاهات مختلفة وبأصوات متعددة للروي.
وقد حدث تحول في نظرة الروائية العربية للرجل. فبعد أن كانت تنظر اليه على أنه العدو في مجتمع ذكوري هو المسيطر فيه، والصور المرادفة لذلك مثل المنافس والمضطهِد، أصبحت تنظر إليه على أنه ضحية مثلها، يطيع بشكل أعمى تقاليد ومتوارثات اجتماعية وقيمية بالية عمرها قرون.
وفي هذا المجال يمكن الإشارة إلى روايات عكست إصرار المرأة العربية عموماً، والروائية العربية خصوصاً، على تحطيم القيود المفروضة عليها وتحرير النظرة تجاهها من عبء التقاليد الاجتماعية والدينية، سواء من خلال مبيعاتها الهائلة في داخل الوطن العربي وخارجه مثل ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، أو من خلال ترجمة هذه الروايات إلى لغات أخرى، ومنها على سبيل المثال الوطن في العينين للروائية الفلسطينية حميدة نعنع، و حكاية زهرة لحنان الشيخ، و ضحك الحجر لهدى بركات.
وترى د.بثينة شعبان أن سحر خليفة أهم روائية في النصف الثاني من القرن العشرين، على مجمل رواياتها ومواقفها الجريئة التي سبقت تلك الروايات ومهدت الطريق أمامها للظهور. لقد حفظت الذاكرة الشعبية أعمالها بكل اهتمام، مثل الصبار ، و لم نعد جواري لكم ، و عباد الشمس ، و مذكرات امرأة غير واقعية ، و باب الساحة ، و الميراث .
تعدّ الكتابة العربية النسائية، وبالذات القصة وال
رواية والسيرة الذاتية الأدبية، تعبيراً عن رغبة المرأة العربية في فتح حوار حول قضايا المرأة في المجتمع العربي ودعوة الآخرين للحوار حولها وعن سعيها للتغيير الاجتماعي وحشد التعاطف أو التفهم له وتبرير أسبابه. كما تهدف إلى مخاطبة الآخر المتمثل في القراء المؤيدين لنضال المرأة في مجتمعاتها، وفي جمهور القراء والنقاد وحلقات الدرس الأكاديمية أو اللقاءات والمؤتمرات وورشات العمل في الدول الأجنبية.
ومن الكتب الجيدة التي تعرّف القارئ الغربي بال
رواية العربية، كتاب الرواية العربية 1834 - 2004 الذي ألفه كاظم جهاد بالفرنسية وصدر عن دار أكت سود ضمن سلسلة سندباد الشهيرة، وقد أراد مؤلفه من خلاله تعريف الجمهور بولادة الرواية العربية وتطورها، ويكاد كتابه يكون من الكتب القليلة في هذا المجال، لأن الكتب الأخرى تقدم الأدب العربي بمجمله وليس الرواية بحد ذاتها، وبذلك يقدم المؤلف نافذة واسعة الرؤية للقارئ الغربي ليطل منها على مراحل نشوء الروايات العربية وتطورها، مع التركيز على الكتاّب واختيار نماذج من أعمالهم لتكون دالّة على جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية في تلك الفترة. وقد وصفت الكاتبة الفرنسية مارتين غوزلان في مقالة لها في صحيفة الثقافة الفرنسية، ما جاء في الكتاب بقولها إنه يخبئ كل إشكاليات العالم العربي من أمل وجنس وخوف وسجن وحب ودكتاتورية ودين واضطهاد وبترول. إنه الشرق الباذخ والتراجيدي في آن واحد .
ومن مظاهر الاهتمام الغربي المتزايد بالكتابات النسائية العربية، تخصيص درجات علمية أكاديمية أو على الأقل مواد جامعية متخصصة في دراسة الأدب العربي، ومن ضمنها تندرج عادة دراسة أعمال كاتبات عربيات في القصة وال
رواية. وفي هذا الإطار وضعت أستاذة آداب العالم الثالث في جامعة مانشستر، أناستاسيا فلاسوبولوس، كتابها القيم الذي صدر العام 2007 بعنوان الكاتبات العربيات المعاصرات ، وفيه تناولت أعمال كاتبات عربيات من مصر وفلسطين ولبنان والعراق والجزائر، وناقشت فيه قضايا الحركة النسائية والدراسات الجنسوية وتأثير التاريخ والثقافة الشعبية والترجمة والتحليل النفسي ووسائل الإعلام على الأدب النسائي. وقد تطرقت في كتابها إلى أعمال أهداف سويف ونوال السعداوي وليانا بدر وحنان الشيخ.
كما أصدرت أستاذة الدراسات الشرق أوسطية في جامعة نيويورك منى ميخائيل، كتابها شوهد وسُمع: قرن من النساء العربيات في الأدب والثقافة في العام 2003. وتناولت فيه تساؤلات تدور حول كيف يرى الآخرون النساء العربيات؟ وكيف ترى النساء العربيات أنفسهن؟ وتتناول الدراسة دور المرأة ومكانتها في المجتمع العربي الحديث، بالإضافة إلى تأملات في الثقافة المعاصرة وحول كتابات أبرز الكاتبات العربيات.
ووضعت ليزا مجج، المحاضرة المتخصصة في الأدب العربي في كلية امهيرست بالولايات المتحدة، كتاباً في العام 1992 بعنوان المرأة والدراسات الجنسوية ، درست فيه خبرات وطرق تعبير النساء العربيات من خلال مراجعة كتاباتهن خلال الفترة من 1860 حتى وقتنا الحاضر. وقد ركزت على الطرق التي تعبّر فيها المرأة العربية عن غياب الموضوعية، والأدوار الاجتماعية والأسرية تحت الاختبار والتغيير، وتراث التفاوض، والتجاوب مع الخبرات الأدبية والنسائية.
كما وضعت مجج كتاباً في العام 1992 بعنوان أصوات أنثوية ومفاوضات نسائية: خبرة في تدريس أدب الكاتبات العربيات ، طرحت فيه تساؤلات حول الطريقة المثلى التي يمكن بها تدريس أدب المرأة العربي. وأشارت إلى أن أسئلة تثور عند التفكير في نصوص أية مجموعة من كتابات المرأة التي تنتمي لسياق ثقافي معين أو لتقسيم جغرافي: هل يجب التركيز على السياق الثقافي للأدب؟ أم على قضايا الجندر؟ أم على عناصر الأدب؟ وما تداعيات مثل هذا التقسيم؟ هل هناك مبادئ نسائية عالمية يمكن الاحتكام إليها عند دراسة نصوص المرأة؟
في إحدى النقاشات التي أدارتها مجج، ذكرت إحدى دارسات الأدب النسائي العربي من الأميركيات: كغالبية الغربيين، كانت لدي صورة أحادية للمرأة العربية- شكل مغطى بالسواد، سلبية، غامضة، وفوق ذلك كله صامتة. وكما أظهرت لي القصص والقصائد والمقالات والروايات، فإن العالم العربي ليس غريباً ولا بدائياً أو غامضاً، لكنه تكوين معقد من الحقائق الإنسانية، أحياناً مألوفة وأحياناً غير ذلك. أما بالنسبة للتصور بأنها أمرأة أحادية صامتة داخل عالم أحادي عنيف، فإنني أتعجب الآن إن كان هذا موجوداً في الشرق أم الغرب، وكيف أن المرأة تحولت إلى شكل رسمه الخيال الغربي، وليس موجوداً في أدب المرأة العربية .
ويقدم د.جوزيف زيدان مساقاً في جامعة أوهايو بعنوان الأدب العربي الحديث في الترجمة: الروايات النسائية العربية . يهدف المساق إلى تقديم نظرة شاملة للطالب حول ظهور وتطور القصة وال
رواية التي قدمتها المرأة العربية من خلال الأعمال المترجمة، مع التركيز على مفاهيم ونظريات الاتجاهات النسائية كما يعكسها الأدب من خلال تناول روايات مختارة تعدّ نماذج على هذه المفاهيم. ويتناول في مادته مواضيع البحث عن هوية ذاتية والبحث عن هوية وطنية من خلال تناول روايات أمينة السعيد الجامحة ، ونوال السعداوي مذكرات طبيبة ، ولطيفة الزيات الباب المفتوح ، وليلى بعلبكي أنا أحيا ، وليلى عسيران عصافيرالفجر ، وإميلي نصرالله طيور أيلول ، وحنان الشيخ حكاية زهرة ، وكوليت خوري أيام معه ، وغادة السمان ليلة المليار ، وسحر خليفة أشواك برية .
ومن الكتب المهمة التي صدرت باللغة الإنجليزية حول الروايات النسائية العربية، كتاب صدر في العام 2003 عن مطبعة جامعة تكساس لمؤلفته نوار الحسن غولي يحمل عنوان قراءة السير الذاتية للروائيات العربيات: شهرزاد تحكي قصتها . وفيه تؤكد المؤلفة أن الحركة النسائية في الغرب لم يكن لها تأثير كبير في الحركة النسائية العربية، بل كانت مطلباً داخلياً عربياً وتطورت من داخل المجتمع العربي.
وفي هذا المجال تشير مذكرات جين سعيد المقدسي، شقيقة إدوارد سعيد، التي نُشرت في العام 2005 باللغة الإنجليزية بعنوان جدتي وأمي وأنا ، إلى أنه في حين كان لمدارس الإرساليات المسيحية في الشرق دور تثقيفي وتعليمي في فتح المجال للمرأة العربية لبناء ثقافة عربية غربية عصرية إلى حد ما، والتفكير بكيانها كامرأة وبمشكلات واقعها بطريقة أكثر منهجية فكرياً وأكثر تحرراً اجتماعياً، وجدت على غير ما كانت تتوقع أن مستوى تقبّل أسرتها والمجتمع العربي بشكل عام للأفكار العصرية الغربية كان محدوداً، وهكذا بقيت تأثيراتها مقتصرة على وعيها وحبيسة جدران محيطها الثقافي.

قديم 06-01-2012, 03:16 PM
المشاركة 769
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ليلى عسيران

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

من نساء لبنان اللواتي تركن أثرا في الصحافة والرواية والقصة القصيرة. وقد عملت من اجل قضايا الامة العربية وكذلك قضايا المرأة اللبنانية والعربية.


ولادتها وأسرتها
  1. ولدت في صيدا في العام 1934 ميلادي
  2. هي زوجة رئيس مجلس الوزراء اللبناني الاسبق الدكتور أمين الحافظ
  3. ابنها المهندس رمزي الحافظ، ناشر مجلة Lebanon Opportunities
نشاطاتها
  1. كانت ناشطة في مجال تحرير المرأة، تبع رؤية خاصة اقتنعت بها، وهي أن تمارس المرأة نضالاً مشتركاً مع الرجل، من أجل القضايا الوطنية العامة.
  2. كانت متعاطفة مع حركات النضال العربية، خاصة القضية الفلسطينة وقد قضت إحدى الليالي في مخيم للمقاومة الفلسطينية، على ضفاف نهر الأردن. وقد كان لها مساهمة كبيرة بالقلم والفعل في يوميات المقاومة الفلسطينية منذ نشأتها.
مؤلفاتها

تركت ليلى عسيران العديد من الرويات التي حكت فيها قصص قريبة للواقع من يوميات المعراك في المخيمات الفلسطينية على ضفاف نهر الأردن، إلى يوميات حرب 1967م، وصولا إلى الكتابة عن بيروت ومعاناتها وغيرها من الخيبات العربية، حتى قيل أنّ ليلى عسيران هي مؤرخة الخيبات العربية.
ومن مؤلفاتها:
  1. لن أموت غدا
  2. الحوار الأخرس
  3. المدينة الفارغة
  4. جسر الحجر
  5. عصافير الفجر
  6. خط الأفعى
  7. قلعة الأسطى
  8. الاستراحة
  9. طائر من القمر
  10. شرائط ملونة من حياتي.
وفاتها

توفيت في 15 أبريل من العام 2007. نتيجة نوبة قلبية كانت قد نجت من إحداها قبل وفاتها.
المراجع
  1. كتاب "دليل جنوب لبنان كتابا" - إصدار المجلس الثقافي للبنان الجنوبي - صفحة 330
  2. جريدة السفير - مقال لأحمد بزون - 16/04/2007.
  3. جريدة الشرق الأوسط - 17 ابريل 2007 العدد 10367 - مقال لسناء الجاك.
  4. جريدة المستقبل - الاثنين 16 نيسان 2007 - العدد 2587

قديم 06-01-2012, 03:18 PM
المشاركة 770
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأحد، مايو 04، 2008

ليلى عسيران صحافية، وروائية صدرت لها ثلاث روايات عن الفداء


نجاة فخري مرسي
من الأرشيف: لقاءات نسائية في لبنان

كانت اول امرأة تقيم بين الفدائيين في قواعدهم العسكرية.
ونتيجة لهذه التجربة صدرت لها روايتان: "عصافير الفجر" و"خط الافعى"...
عاشت في منطقة جسر الباشا المحاصر اثناء الحرب الاهلية (1975 – 76) وكتبت عن هذه التجربة رواية "قلعة الاسطى"...
ترددت على قرى الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني المحتل حيث صورت الصمود والنضال في وجه الاعتداءات الاسرائيلية الوحشية المتكررة في روايتها "جسر البحر"...
منحت عام 1997 وسام الاستحقاق اللبناني من رتبة فارس تقديرا لاعمالها الروائية...
من اقوالها في حديث لها مع مجلة "الاداب":
- "كان في حياتي صراع دائم بين الطوق الادبي وارتباطي بالحدث القومي، وان قصتي "المدينة الفارغة" تعبر عن احباط...
- تصوروا انني وصفت بيروت المتألقة بالمرأة الجميلة التي لا عقل لها ولا ذكاء، وبعملي هذا اقترفت جريمة بحق بيروت...
- كانت كتبي ممنوعة من دخول الاردن، ومنحت تأشيرة باذن خاص لاكتب عن الحرب... كتبت عن شهداء فلسطين الاحياء...
- من الصعب أن تنسى امرأة وجوه جرحى النابالم...
- ساعات طويلة امضيتها تحت الشمس أشاهد نزيف النزوح، وهذه المشاهد محفورة في نفسي.
عن مجلة "الآداب"
* * * *
وبعد أن قرأت بعض ما قالته أديبتنا، وبعد ان تشبعت بقراءة بعض رواياتها التي تفوح منها روائح القومية، والاسلوب الفلسفي والشفافية النسائية والانسانية، الى جانب مواقفها السياسية الرائعة، سعيت الى لقائها في منزلها العريق في بيروت، حيث كان لي معها هذا الحديث المتواضع، قياسا بآفاقها الادبية والفلسفية.
وإن كنت التقي معها عند الشريط الحدودي في الجنوب اللبناني المحتل حيث الاعتداءات الاسرائيلية الوحشية المتكررة، وحيث الصمود والنضال كما صورتهما في روايتها "جسر البحر" ولكنني سأبقى بانتظار ان يرفرف علم لبنان فوق هذا الجزء العزيز المحتل، وان يسجل التاريخ العربي ما كتبته الاديبة ليلى عسيران الحافظ عن ذلك الصمود الاسطورة.
اللقاء:
س: هلاّ تفضلت بتعريف القارئ على الاديبة ليلى عسيران؟
ج: المؤلف لا يعرّف على نفسه، بل على السائل المستمع ان يستنتج الحقائق
من خلال الحوار.
س: كيف استطاعت الصحافية والاديبة الاستاذة ليلى عسيران/ وقرينة دولة
الرئيس السابق امين الحافظ، من الجمع بين الصحافة ومتاعبها والتأليف ومتابعته، وسط اجواء سياسة دولة الرئيس ومطالبها؟
ج: لقد دخلت عالم الصحافة من باب تجربة الحياة، وتخصّصت في التحقيق
السياسي والفلسفة في الجامعة الاميركية في بيروت، ثم كتبت عددا لابأس به من القصص القصيرة كتجارب ادبية اولية. لقد استفدت كثيرا من اجواء السياسة، التي انغمر في غمارها امين الحافظ، وذلك قطعا اخذ يضيف الى تجربتي مع الناس في كل مستوياتهم، وكذلك اخذ وقتا من تفرّغي الكامل لبيتي ومطالعاتي وتجاربي في ممارسة الادب والنشاطات الفنية.
س: هل تطالب الاديبة ليلى عسيران بتحرير المرأة، أم أنها تفضل أن تطالب بحقوق المرأة، أم بالاثنين معا، أم أن لها نظرة خاصة في شأن المرأة اللبنانية، ودورها في المستقبل؟
انا أؤمن أن تحرير المرأة يبدأ من العقل والفكر والوجدان، وينتهي بالاكتفاء المادي لها. الا أن المجتمع اللبناني لم يزل لا يعطي المرأة كل حقوقها، مثله مثل العالم أجمع، إذ أني أقرأ عن العنف المستعمل ضد المرأة في اميركا وفي اوروبا. لكن في كل الاحوال لا أؤمن ولا أقرّ الا أن تكون المرأة انسانة لها كرامتها وليست منصاعة ومقهورة ومنساقة الى ظروف الحياة القاسية، سواء أكانت تلك الظروف مادية، أو نفسية. المرأة انسان كما الرجل انسان.
س: ما رأيك بالمرأة اللبنانية، ودرجة نشاطها في تأكيد دورها الفاعل في مجتمعها، ام انها لازالت في أول الطريق؟ ولماذا برأيك تتهرب الحكومات السابقة والحاضرة من التسليم لها بالمزيد من حقوقها المدنية والسياسية؟
ج: ارى أن المرأة اللبنانية ذات حيوية قصوى، ولقد كانت خلال الاحداث التي امتدت سبعة عشر عاما "البطلة" الاولى، حيث تصدّت لكل أنواع المخاطر. والمرأة اللبنانية فاعلة في جميع قطاعات العمل، وانواع الانتاج، والفنون، والتجارة، والهندسة، والاعلام، والتعليم والابحاث الخ..
إن المرأة كما الرجل بحاجة الى ممارسة عملية على الارض قبل ان تلج باب السياسة، وهذه مهمة تتطلب سنوات وسنوات من الخبرة، وكيفية التعامل مع الناس، وتلبية حاجاتهم، والالمام بالقوانين الدستورية والوزارية.
انا لا اعتقد ان الحكومات "تتهرب" ولكن الحقوق تؤخذ ولا تعطى، ومن يتابع نشاط المرأة اللبنانية، يجد أنها تقدّمت كثيرا، وهي مازالت تناضل لكي تحصل على ما تستحقه من حقوق، وواجبات – اللهم اذا كانت من النوع الذي يستحق فعلا.
س: هل أنت راضية عن المجلات النسائية في لبنان، وهل هي في نظرك ما زالت تحمل الطابع اللبناني، أم انها تحوّلت نحو الطابع الغربي؟
ج: موضوع المجلات شائك ومعقد، يخضع الى امكانيات مادية والاعتماد على الاعلان، ونوعية القراء وما يهمهم. وما هو الخيط الواضح الذي يوضح ما هو غربي ام لبناني؟ ان قيمة لبنان الحضارية هي هذا التمازج الفريد بين حضارات متعددة الاصول والاتجاهات. والغرب الذي يؤمن بحريات لم تكن مباحة في اول هذا القرن بلبنان، لديه ايضا من الاصدارات المحافظة، ولكن ضمن مفاهيم هذا العصر.
لبنان منفتح، يعشق الحرية، والجمهور القارئ، او المشاهد للاعلام المرئي، لا سيما بعد وجود "الفضائيات" يستطيع ان يختار ما يناسب ذوقه.
س: اخيرا اشكر تفضلك بلقائي، وتزويدي بما سمعته منك من اراء قيمة، هل من رسالة تودين ارسالها الى اختك اللبنانية المهاجرة في استراليا؟
ج: اتمنى ان تنقل اختي اللبنانية المهاجرة في استراليا صورة مميزة عن لبنان، وان تستفيد من تنوع الاختلاط بين المهاجرين الاخرين، وتقوم بنشاطات فنية وثقافية، فليس مثل الثقافة ما يوحّد بين البشر.
وأقصى ما أتمناه لها ان لا تنسى وطنها الام، وان يتسنى لوطنها الام أن يعطيها نفس فرص الحياة للعودة الى لبنان، فلبنان يعتزّ ويعزّ كل ابنائه وبناته في المهجر.
وسأختم اللقاء بذكر أسماء روايات السيدة عسيران الحافظ العشر وهي:
لن نموت غدا 1962، المدينة الفارغة 1964، الحوار الاخرس 1964، عصافير الفجر 1966، خط الافعى 1972، قلعة الاسطى 1979، جسر الحجر 1986، الاستراحة 1989، شرائط ملوّنة 1994، طائر القمر.





Labels: نجاة فخري مرسي


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 0 والزوار 19)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 03:50 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.