كلمة الشاعر تركي عبدالغني في المسيرة يوم الجمعة الماضية في مدينة إربد
.
.
.
إن الوطن اليوم بحاجة إليكم
إليكم أيها الواقفون على مفصل التاريخ لتصيغوه على الطريقة التي ينبغي عليها أن يكون التاريخ
ليس له سواكم
وطن يدين له الجميع وهو المدان
وطن ليس له إلاكم تدافعون عن قدسيته التي تستباح على قارعة الطريق وقد سرقوا إسفلته المعبد من عرق أبآئنا ولقمة أبنائنا
إن وقوفكم اليوم ليس وقوفا عبثيا بل وقوف أبعد ما يكون مثل بعد الله عن عبثية الأشياء
ولستم ضد شخوص ضدية اعتباطية
لولا ذاك التهكم على حرمة التعاقد بين شرعية الحاكم وشرعة المحكوم وموروث البشرية التي صاغها الأحرار لنبقى
ودنسها العبيد لنتلاشى
لا أريد أن أدخل بتفاصيل الظلم ولا بجزئيات التجاوز على الحق المكتسب من الله والمواثيق البشرية الرابطة لسير الأشياء فأنتم ولربما الأعلم مني بذلك
ولكني وددت من أنسنة النص أنسنة تعيد المفهوم إلى تجلياته الحقيقية مرورا ببعده الفلسفي
القائم على حقيقة الأشياء وإدراكها
ولعل القسم المستهتر الذي يحاول خدش القيمة البشرية لهو القسم الذي نقف متسائلين حوله وحول ماهيته ومبررات العبث الدائر في كواليسه
التي أصبحت كواليسا أكثر شفافية من الزجاج
بعد أن تعرت عباءاتهم لتكشف وتتكشف لنا ماهية الأمور ومحركاتها وديناميكيتها القائمة على تهميش الآخر غير عابئين لا بموروث ولا بقيمة أخلاقية ولا برغيف خبز هو الغذاء الرئيس الرئيس والكمالي للكثير من أبناء هذا الشعب البسيط
الذي لعبوا به ولعبوا عليه بقرارات معلبة لم نعد نعلم مدة صلاحيتها للاستهلاك الأخلاقي
أستميح الوطن عذرا أيها الأحبة
ولعلي قلما أقف خطيبا لا شاعرا
ولست معتادا أن أترك النص يأخذني إلى حيث لا أريد
ولكني رأيت في تكليفكم أن أقول أن القيمة بتعريفها العام هي لامادية ترتكز على الانفلات من الثوب المكرس للخطيئة
الخطيئة القائمة على قتل الإنسان معنويا وانتقاص هويته وتسطيح عمقه ووعيه المبنيين على ارتباطه بالمكان إنسانا حيا وطبيعة حية
ليصادر هذا وتباع تلك
فليس من مصوغات أي طرح تكريسه لقتال عنصره وتفريغه من مكوناته ليكون منقادا إلى الخطأ والخطأ هو الجمالية الوحيدة عنده والصواب هو معنى من معان البشاعة لديه
إن المقياس الحقيقي للوطن وأي وطن هو الإنسان والنهج الذي تسير عليه المعايير الضابطة للدفاع عن معناه وقيمته
فهو أساس كل ما يتخذ من جهد وصياغة
تدور كل مكوناتها ومكوناتهم في فلكه ولخدمته والدفاع عن قيمته المكتسبة والممنوحة في آن واحد
وعلينا أن نصل المرحلة التي نتجاوز فيها الخوف من اللاء ومعتقد العقوبة المطلقة من الرفض
والخوف من تبعاته على المستقبل التسلسلي للحياة
والتتابع المنوط للاستمرارية في سبيل لقمة الخبز والتكلس وراء جلودنا ومسدساتهم العابثة بمستقبل الجيل ومن بعده الجيل
إن مفهوم الأمن لهو الصيغة النهاية للخلق الذي لا تربطه أسلحة ولا سلوكيات قمعية وإنما هو أخلاقيات اكتسبناها وحافظنا عليها فهما وتطبيقا
فلسنا قطاع طرق ولا أبناء حرام ولا تربينا في كهنوتات إجرامية حتى يحاولوا أن يوصلوا لنا أن الأمن منحة وضعوها هم ونحن غير شركاء في تدعيمها
فسارق السيارة لا يسرقها وقاطع طريق بناتنا لا يقطعها بدافع الأمن الموهوب من أجهزتهم وإنما لا يسرق هذه ولا يقطع تلك لأن أخلاقه هي الرادع لذلك وهي قيمة مكتسبة وموروثة من أخلاقيات هذا الشعب العظيم الذي نقف اليوم جميعا للدفاع عن مكتسباته
.
.
وبوركتم والوطن
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
كلمة الشاعر تركي عبدالغني في المسيرة يوم الجمعة في مدينة إربد
