احصائيات

الردود
7

المشاهدات
4197
 
محمد محضار
من آل منابر ثقافية

محمد محضار is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
401

+التقييم
0.08

تاريخ التسجيل
Jan 2011

الاقامة
المغرب

رقم العضوية
9663
02-10-2011, 01:10 PM
المشاركة 1
02-10-2011, 01:10 PM
المشاركة 1
افتراضي أقصى الشقاء
في ركن قصي من كوخ حقير بأحد أحياء الصفيح الهامشية اِفترشت صبية مصفرة الوجه ،بقايا حصير قديم وقد غطى جسدها لحاف رث وسخ , كانت عيناها الذابلتان تتراقصان وهما تراقبان الخيالين المنعكسين بفعل ضوء الشمعة الخافت عبر الستارة البيضاء التي تفصل ركنها عن مضجع أمها وزبونها ..كان لهاث هذين الأخيرين وتأوهاتهما يطرق سمعها فتسري في جسدها قشعريرة غريبة وتكتسي سحنتها بمظاهر الحزن والألم ..
كانت يدها الصغيرة تفرغ ما يعتمل في نفسها من حقد , على الحياة بالضغط على حاشية اللحاف , وقدماها النحيفتان تتمددان في عصبية حتى تلامسان ارض الكوخ ...
وشم الذكريات القاسية ما زال حيا يطبق على عقلها وفكرها, ناثرا بذور الشقاء في طريقها , وكأنها لم تخلق أصلا إلا من أجل الشقاء.
رف على شفتيها شبح اِبتسامة حين تذكرت والدها , كان شابا قوي البنية , طيب القلب يحبها ويدللها باستمرار , رغم الفاقة وضيق اليد , فقد كان مجرد حمال بالسويقة يحمل صناديق الخضر على ظهره , وكثيرا ما سمعته يردد:(الحمال مجرد حمار بشري ...)وكانت هي ترد عليه ببراءة الطفولة: سأتعلم يا أبي وأعمل , ثم ترتاح أنت وأمي ..فيجيب :حقق الله أمانيك يا صغيرتي ...
هذه أمور لم تعد تجديها الآن شيئا وأصبحت مجرد ماض لا يغني أو يسمن من جوع, فالوالد رحل عن هذا الوجود وِاختفى تحت التراب والحجارة, ...ذاكرتها تختزن دون شك أحداث مصرعه المفاجئ...فقد نشب ذات مساء بينه وبين جارهم موسى الأقرع صراع دموي عنيف..اِنتهى بموت الاثنين .. كان موتا باردا , وتلك عادة درج عليها بعض المسحوقين ..فهم يَقتلون ويُقتلون( برفع الياء) من أجل أشياء تافهة...
بعد رحيل والدها تغيرت الأمور , وتبدل سلوك أمها , وتصرفاتها وكانت الصفعة الأولى التي وجّهَت لها ..هي حرمانها من متابعة الدراسة..أما الصّفعة الثانية فكانت أشدّ وأقوى ..لقد دخلت أمها عالم الدعارة ...وتحول الكوخ الصغير إلى ماخور فساد يرتاده طلاب اللذة الرخيصة من أبناء الحي ., وفقراء المدينة..
كانت تنظر إلى كل ذلك بعين العاجز الضائع ولا تملك سوى ذرف الدموع السخينة كلما خلت إلى نفسها, فهي الآن تعرف المصير الذي ينتظرها غدا ..أو لم تقل لها أمها : تعلمي يا صبية حتى تعيلينني كما أُعيلك ،يوم أكبرُ..
إذن كل شيء واضح , فليس أمامها سوى اِنتظار اليوم الذي تَرِث فيه عن أمها ايهاب العهر, ويصبح جسدها ملكا مُشَاعا لكل عابث وماجن...
إن أمها مافتئت تذكرها اليوم تلو الآخر بأن السبيل الوحيد للحصول على لقمة العيش هو الذعارة..............
تابت الطفلة الى نفسها وأمسكت عن التفكير ثم جرت الغطاء وانكمشت حول نفسها..لكنها سرعان ما أحست باختناق شديد وتسربت إلى خياشمها رائحة الدخان ...فاسرعت تزيح الغطاء عنها..كانت النار حولها تلتهم حطب الكوخ وأثاثه الوضيع ...وكانت أمها وزبونها يصرخان................

محضار 1979................


قديم 02-10-2011, 05:52 PM
المشاركة 2
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي
يا لها من نهاية غير مرتقبة ...

وكأني بالأقدار أشفقت على تلك الممحونة من فقد أبيها والمطعونة في

براءتها...

أستاذ محمد


قد استطعت أن تخرج بعضا من وحل المستنقع الممتد في خلايا المجتمعات

المهمشة


وكانت ريشتك قادرة على سبر أغوار المساحات الضيقة لبقايا بشر تغاضى

عنهم الراعي وتناساهم ليكونوا عرضة لنهم الذئاب المتربصة
.

وهاهي الأم إيهاب يقرضها الفقر وتنهشها الحاجة وتضيق بها دائرة التيه

فتضرب بجميع القيم على جدران التمرد وتنشر شرفها لأول مار بها ..

لم تعد الأم حرة ... فكيف لا تأكل بثدييها؟............

بل صارت تلك الأم شيطانا يوسوس لطفلتها ...... نفخت في تنور طفولتها

لتنضج باكرا وتحمل المشعل عنها ...

أستاذ : محمد

لقد استوقفتني النهاية وكأني بك قد تعمدتها لتزيد من لهب السؤال فينها...

فهل ستحترق أحلام الأم باحتراقها؟

هل ستنتقل شرارة البغاء للبنت بعد أن أتت النار على جميع زوايا الأمل؟

سيبقى السؤال معلقا وستبقى قلوبنا تدعو لها

سعدت جدا بأسلوبك ...


ودمت بود دائما


قديم 02-10-2011, 09:53 PM
المشاركة 3
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



محمد محضار ..
وجه تلك الصغيرة والتي ترامت على رصيف الحرمان تعبآ ..
اقتات عليه الزمن حتى سقط في وعينا شفقة ..
ملامحها البريئة استصرخت كسرة فرح فلم تجني سوى فتات الحزن ..
عابرة إلى حواسنا من ضفة يراعك الذي أمطرها بوحآ ..
تحمل في جيبها بقايا طفولة نهشتها أنياب العذاب ..
وكأنك جسر سيدي .. عبرت بنا إلى حكاية ثلجية الندف ..
جميل وأكثر هذا الحرف ..
سلام على روحك ..

قديم 02-11-2011, 08:24 PM
المشاركة 4
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قصة قاسية جداً . .
وثقيلة جداً على النفس . .

أين ولي الأمر . .
أيننا نحن من حالات كهذه . .
هل العهر سيصبح فريضة على الضعيف الذي لا يجد لقمة العيش . .
أليس لهذا المعدم حق علينا . . أن نطعمه ونؤمن له المسكن ونعلمه الخير . .
القصة هنا مؤلمة . . وتضعنا أمام مسؤوليات إنسانية نكاد ألا نتنبه لها . .

الأديب الكريم محمد محضار المحترم . .
تقبل مني التحية والاحترام . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 07-22-2011, 04:05 PM
المشاركة 5
محمد محضار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
يا لها من نهاية غير مرتقبة ...

وكأني بالأقدار أشفقت على تلك الممحونة من فقد أبيها والمطعونة في

براءتها...

أستاذ محمد

قد استطعت أن تخرج بعضا من وحل المستنقع الممتد في خلايا المجتمعات

المهمشة

وكانت ريشتك قادرة على سبر أغوار المساحات الضيقة لبقايا بشر تغاضى

عنهم الراعي وتناساهم ليكونوا عرضة لنهم الذئاب المتربصة .

وهاهي الأم إيهاب يقرضها الفقر وتنهشها الحاجة وتضيق بها دائرة التيه

فتضرب بجميع القيم على جدران التمرد وتنشر شرفها لأول مار بها ..

لم تعد الأم حرة ... فكيف لا تأكل بثدييها؟............

بل صارت تلك الأم شيطانا يوسوس لطفلتها ...... نفخت في تنور طفولتها

لتنضج باكرا وتحمل المشعل عنها ...

أستاذ : محمد

لقد استوقفتني النهاية وكأني بك قد تعمدتها لتزيد من لهب السؤال فينها...

فهل ستحترق أحلام الأم باحتراقها؟

هل ستنتقل شرارة البغاء للبنت بعد أن أتت النار على جميع زوايا الأمل؟

سيبقى السؤال معلقا وستبقى قلوبنا تدعو لها

سعدت جدا بأسلوبك ...

ودمت بود دائما
عذرا إن تأخرت في الرد على تعليقكم العميق أستاذي الجليل ،لقد كان طرحكم ضافيا ووافيا ، منح نصي المتواضع فرصا متعددة للخروجح من دائرة العتمة إلى دائرة النور

قديم 07-22-2011, 04:07 PM
المشاركة 6
محمد محضار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي


محمد محضار ..
وجه تلك الصغيرة والتي ترامت على رصيف الحرمان تعبآ ..
اقتات عليه الزمن حتى سقط في وعينا شفقة ..
ملامحها البريئة استصرخت كسرة فرح فلم تجني سوى فتات الحزن ..
عابرة إلى حواسنا من ضفة يراعك الذي أمطرها بوحآ ..
تحمل في جيبها بقايا طفولة نهشتها أنياب العذاب ..
وكأنك جسر سيدي .. عبرت بنا إلى حكاية ثلجية الندف ..
جميل وأكثر هذا الحرف ..

سلام على روحك ..
شكرا لك سيدتي الراقيةعلى تعليقك القيم ، الذي يقارب نصي المتواضع ، تعاطفك مع بطلة النص يؤكد شساعة مشاعرك الطيبة ، لكنه الواقع الذي نساهم في استمراره بسلبيتنا وحيادنا

قديم 07-22-2011, 04:09 PM
المشاركة 7
محمد محضار
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
قصة قاسية جداً . .
وثقيلة جداً على النفس . .

أين ولي الأمر . .
أيننا نحن من حالات كهذه . .
هل العهر سيصبح فريضة على الضعيف الذي لا يجد لقمة العيش . .
أليس لهذا المعدم حق علينا . . أن نطعمه ونؤمن له المسكن ونعلمه الخير . .
القصة هنا مؤلمة . . وتضعنا أمام مسؤوليات إنسانية نكاد ألا نتنبه لها . .

الأديب الكريم محمد محضار المحترم . .
تقبل مني التحية والاحترام . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **
شكرا لك على تعليقك القيم ، وأعتذر عن تأخري في الرد ،وهذا قد يكون سفها مني أحاسب نفسي عليه ، فاقبل عذري سيدي و اصفح عني ،

قديم 07-22-2011, 04:15 PM
المشاركة 8
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
قصة واقعية كلها ألم ..
كم أشفقت على تلك الصغيرة التي تواجه كل هذا الوجع ..ومع هذا أراها قادرة على التفكير


بارك الله في قلمك


تحية ... ناريمان


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أقصى الشقاء
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أخوّة الشقاء.....................! عبدالحليم الطيطي منبر القصص والروايات والمسرح . 10 05-24-2022 09:35 AM
أخوّة الشقاء ،،،! عبدالحليم الطيطي منبر الحوارات الثقافية العامة 8 04-23-2021 10:57 AM
أنا من بطشه أقسى أشرف حشيش منبر الشعر العمودي 13 02-18-2021 09:43 AM
اوراق الشقاء خالد العاطفي منبر البوح الهادئ 2 09-20-2011 05:30 PM
أقسى اللحظات .. عبدالسلام حمزة المقهى 8 04-02-2011 09:38 AM

الساعة الآن 05:06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.