احصائيات

الردود
24

المشاهدات
8447
 
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6


ناريمان الشريف will become famous soon enoughناريمان الشريف will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
25,777

+التقييم
4.68

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6405
10-21-2011, 09:16 PM
المشاركة 1
10-21-2011, 09:16 PM
المشاركة 1
افتراضي لاميــّـــــــة العــــــــرب *****
بسم الله الرحمن الرحيم

أحبتي في منابر :
سلام الله عليكم وبعد ...
هذه القصيده للشنفري تعتبر واحدة من أجمل ما قيل في الشعر العربي
فإليكموها .. أتمنى لكم قراءة ممتعة

لامية العرب

( من الطويل )
1- أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِّـكُمْ ****** فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـلُ
2- فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ******** وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ
3- وفي الأَرْضِ مَنْـأَى لِلْكَرِيـمِ عَنِ الأَذَى ** وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ
4- لَعَمْـرُكَ مَا بِالأَرْضِ ضِيـقٌ على امْرِىءٍ** سَرَى رَاغِبَـاً أَوْ رَاهِبَـاً وَهْوَ يَعْقِـلُ
5- وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُـون : سِيـدٌ عَمَلَّـسٌ******** وَأَرْقَطُ زُهْلُـولٌ وَعَرْفَـاءُ جَيْـأََلُ
6- هُـمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّـرِّ ذَائِـعٌ ******لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْـذَلُ
7- وَكُـلٌّ أَبِـيٌّ بَاسِـلٌ غَيْـرَ أنَّنِـي ******** إذا عَرَضَتْ أُولَى الطَرَائِـدِ أبْسَـلُ
8- وَإنْ مُـدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُـنْ*****بَأَعْجَلِهِـمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
9- وَمَـا ذَاكَ إلّا بَسْطَـةٌ عَـنْ تَفَضُّـلٍ****** عَلَيْهِـمْ .وَكَانَ الأَفْضَـلَ المُتَفَضِّـلُ
10- وَإنّـي كَفَانِـي فَقْدَ مَنْ لَيْسَ جَازِيَاً******** بِحُسْنَـى ولا في قُرْبِـهِ مُتَعَلَّـلُ
11- ثَـلاَثَـةُ أصْحَـابٍ : فُـؤَادٌ مُشَيَّـعٌ ******وأبْيَضُ إصْلِيتٌ وَصَفْـرَاءُ عَيْطَـلُ
12- هَتُـوفٌ مِنَ المُلْـسَِ المُتُـونِ تَزِينُـها**** رَصَائِعُ قد نِيطَـتْ إليها وَمِحْمَـلُ
13- إذا زَلََّ عنها السَّهْـمُ حَنَّـتْ كأنَّـها *******مُـرَزَّأةٌ عَجْلَـى تُـرنُّ وَتُعْـوِلُ
14- وَأغْدو خَمِيـصَ البَطْن لا يَسْتَفِـزُّنيِ **إلى الزَادِ حِـرْصٌ أو فُـؤادٌ مُوَكَّـلُ
15- وَلَسْـتُ بِمِهْيَـافٍ يُعَشِّـي سَوَامَـه ******مُجَدَّعَـةً سُقْبَانُهـا وَهْيَ بُهَّـلُ
16- ولا جُبَّـأٍِ أكْهَـى مُـرِبٍّ بعِرْسِـهِ ******يُطَالِعُهـا في شَأْنِـهِ كَيْفَ يَفْعَـلُ
17- وَلاَ خَـرِقٍ هَيْـقٍ كَـأَنَّ فــؤادَهُ******* يَظَـلُّ به المُكَّـاءُ يَعْلُـو وَيَسْفُـلُ
18- ولا خَالِــفٍ دارِيَّــةٍ مُتَغَــزِّلٍ***********يَـرُوحُ وَيغْـدُو داهنـاً يَتَكَحَّـلُ
19- وَلَسْـتُ بِعَـلٍّ شَـرُّهُ دُونَ خَيْـرِهِ *****ألَفَّ إذا ما رُعْتَـهُ اهْتَـاجَ أعْـزَلُ
20- وَلَسْـتُ بِمِحْيَارِ الظَّـلاَمِ إذا انْتَحَتْ ***هُدَى الهَوْجَلِ العِسّيفِ يَهْمَاءُ هؤجَلُ
21- إذا الأمْعَـزُ الصَّـوّانُ لاقَـى مَنَاسِمِي ******تَطَايَـرَ منـه قَـادِحٌ وَمُفَلَّـلُ
22- أُديـمُ مِطَـالَ الجُـوعِ حتّـى أُمِيتَـهُ ******وأضْرِبُ عَنْهُ الذِّكْرَ صَفْحاً فأُذْهَـلُ
23- وَأَسْتَـفُّ تُرْبَ الأرْضِ كَيْلا يُرَى لَـهُ ****عَلَـيَّ مِنَ الطَّـوْلِ امْـرُؤٌ مُتَطَـوِّلُ
24- ولولا اجْتِنَابُ الذَأْمِ لم يُلْـفَ مَشْـرَبٌ ******يُعَـاشُ بـه إلاّ لَـدَيَّ وَمَأْكَـلُ
25- وَلكِنّ نَفْسَـاً مُـرَّةً لا تُقِيـمُ بـي********* علـى الـذامِ إلاَّ رَيْثَمـا أَتَحَـوَّلُ
26- وَأَطْوِي على الخَمْصِ الحَوَايا كَما انْطَوَتْ** خُيُوطَـةُ مـارِيٍّ تُغَـارُ وتُفْتَـلُ
27- وأَغْدُو على القُوتِ الزَهِيـدِ كما غَـدَا******أَزَلُّ تَهَـادَاهُ التنَائِـفَ أطْحَـلُ
28- غَدَا طَاوِيـاً يُعَـارِضُ الرِّيـحَ هَافِيـاً***** يَخُـوتُ بأَذْنَابِ الشِّعَابِ ويُعْسِـلُ
29- فَلَما لَوَاهُ القُـوتُ مِنْ حَيْـثُ أَمَّـهُ********* دَعَـا فَأجَابَتْـهُ نَظَائِـرُ نُحَّـلُ
30- مُهَلَّلَـةٌ شِيـبُ الوُجُـوهِ كأنَّـها***********قِـدَاحٌ بأيـدي ياسِـرٍ تَتَقَلْقَـلُ
31- أوِ الخَشْـرَمُ المَبْعُـوثُ حَثْحَثَ دَبْـرَهُ**** مَحَابِيضُ أرْدَاهُـنَّ سَامٍ مُعَسِّـلُ
32- مُهَرَّتَـةٌ فُـوهٌ كَـأَنَّ شُدُوقَـها *********شُقُوقُ العِصِـيِّ كَالِحَـاتٌ وَبُسَّـلُ
33- فَضَـجَّ وَضَجَّـتْ بالبَـرَاحِ كأنَّـها ********وإيّـاهُ نُوحٌ فَوْقَ عَلْيَـاءَ ثُكَّـلُ
34- وأغْضَى وأغْضَتْ وَاتَّسَى واتَّسَتْ بـه***مَرَامِيـلُ عَـزَّاها وعَزَّتْـهُ مُرْمِـلُ
35- شَكَا وَشَكَتْ ثُمَّ ارْعَوَى بَعْدُ وَارْعَوَتْ***وَلَلْصَبْرُ إنْ لَمْ يَنْفَعِ الشَّكْوُ أجْمَلُ
36- وَفَـاءَ وَفَـاءَتْ بَـادِراتٍ وَكُلُّـها ********على نَكَـظٍ مِمَّا يُكَاتِـمُ مُجْمِـلُ
37- وَتَشْرَبُ أسْآرِي القَطَا الكُـدْرُ بَعْدَما *****سَرَتْ قَرَبَـاً أحْنَاؤهـا تَتَصَلْصَـلُ
38- هَمَمْتُ وَهَمَّتْ وَابْتَدَرْنَـا وأسْدَلَـتْ *******وشَمَّـرَ مِنِّي فَـارِطٌ مُتَمَهِّـلُ
39- فَوَلَّيْـتُ عَنْها وَهْيَ تَكْبُـو لِعُقْـرِهِ *******يُبَاشِـرُهُ منها ذُقُـونٌ وَحَوْصَـلُ
40- كـأنَّ وَغَـاها حَجْرَتَيـْهِ وَحَوْلَـهُ ******أضَامِيـمُ مِنْ سَفْـرِ القَبَائِـلِ نُـزَّلُ
41- تَوَافَيْـنَ مِنْ شَتَّـى إِلَيـْهِ فَضَمَّـهَا******كما ضَـمَّ أذْوَادَ الأصَارِيـمِ مَنْهَـلُ
42- فَغَـبَّ غِشَاشَـاً ثُمَّ مَـرَّتْ كأنّـها****** مَعَ الصُّبْحِ رَكْبٌ مِنْ أُحَاظَةَ مُجْفِلُ
43- وآلَفُ وَجْـهَ الأرْضِ عِنْدَ افْتَراشِـها*******بأَهْـدَأَ تُنْبِيـهِ سَنَاسِـنُ قُحَّـلُ
44- وَأعْدِلُ مَنْحُوضـاً كـأنَّ فُصُوصَـهُ *******كعَابٌ دَحَاهَا لاعِـبٌ فَهْيَ مُثَّـلُ
45- فإنْ تَبْتَئِـسْ بالشَّنْفَـرَى أمُّ قَسْطَـلٍ***** لَمَا اغْتَبَطَتْ بالشَّنْفَرَى قَبْلُ أطْـوَلُ
46- طَرِيـدُ جِنَايَـاتٍ تَيَاسَـرْنَ لَحْمَـهُ *********عَقِيرَتُــهُ لأِيِّـها حُـمَّ أَوَّلُ
47- تَنَـامُ إذا مَا نَـامَ يَقْظَـى عُيُونُـها *******حِثَاثَـاً إلى مَكْرُوهِـهِ تَتَغَلْغَـلُ
48- وإلْـفُ هُمُـومٍ مـا تَـزَالُ تَعُـودُهُ**** عِيَاداً كَحُمَّـى الرِّبْـعِ أو هِيَ أثْقَلُ
49- إذا وَرَدَتْ أصْدَرْتُـها ثـمّ إنّـها *****تَثُـوبُ فَتَأتي مِنْ تُحَيْتُ ومِنْ عَـلُ
50- فإمّا تَرَيْنِي كابْنَـةِ الرَّمْـلِ ضَاحِيَـاً ****على رِقَّــــــــةٍ أحْفَـى ولا أَتَنَعَّـلُ
51- فإنّي لَمَولَى الصَّبْـرِ أجتـابُ بَـزَّهُ ****على مِثْلِ قَلْبِ السِّمْعِ والحَزْمَ أفْعَلُ
52- وأُعْـدِمُ أَحْيَانـاً وأَغْنَـى وإنَّمـا********يَنَـالُ الغِنَى ذو البُعْـدَةِ المُتَبَـذِّلُ
53- فلا جَـزِعٌ مِنْ خَلَّـةٍ مُتَكَشِّـفٌ ********ولا مَـرِحٌ تَحْتَ الغِنَى أتَخَيَّـــــلُ
54- ولا تَزْدَهِي الأجْهـالُ حِلْمِي ولا أُرَى ****سَؤُولاًَ بأعْقَـاب الأقَاويلِ أُنْمِـلُ
55- وَلَيْلَةِ نَحْـسٍ يَصْطَلي القَوْسَ رَبُّـها******** وَأقْطُعَـهُ اللاتي بِـهَا يَتَنَبَّـلُ
56- دَعَسْتُ على غَطْشٍ وَبَغْشٍ وَصُحْبَتـي*****سُعَارٌ وإرْزِيـزٌ وَوَجْـرٌ وَأفَكَلُ
57- فأيَّمْـتُ نِسْوَانَـاً وأيْتَمْـتُ إلْـدَةً ********وَعُـدْتُ كما أبْدَأْتُ واللَّيْلُ ألْيَـلُ
58- وأصْبَـحَ عَنّـي بالغُمَيْصَـاءِ جَالسـاً*****فَرِيقَـانِ: مَسْـؤُولٌ وَآخَرُ يَسْـألُ
59- فَقَالُـوا: لَقَدْ هَـرَّتْ بِلَيْـلٍ كِلَابُنَـا ******فَقُلْنَـا: أذِئْبٌ عَسَّ أمْ عَسَّ فُرْعُـلُ
60- فَلَمْ يَـكُ إلاَّ نَبْـأةٌ ثُـمَّ هَوَّمَـتْ *********فَقُلْنَا: قَطَـاةٌ رِيـعَ أمْ رِيعَ أجْـدَلُ
61- فَإِنْ يَـكُ مِنْ جِـنٍّ لأبْـرَحُ طارِقـاً****** وإنْ يَكُ إنْسَـاً ما كَها الإنسُ تَفْعَلُ
62- وَيومٍ مِنَ الشِّعْـرَى يَـذُوبُ لُعَابُـهُ *******أفاعِيـهِ فـي رَمْضائِـهِ تَتَمَلْمَـلُ
63- نَصَبْـتُ له وَجْهي ولا كِـنَّ دُونَـهُ ******ولا سِتْـرَ إلاَّ الأتْحَمِـيُّ المُرَعْبَـل
64- وَضَافٍ إذا طَارَتْ له الرِّيحُ طَيَّـرَتْ *******لبائِـدَ عن أعْطَافِـهِ ما تُرَجَّـلُ
65- بَعِيـدٌ بِمَسِّ الدُّهْـنِ والفَلْيِ عَهْـدُهُ****** له عَبَسٌ عافٍ مِنَ الغِسْل مُحْوِلُ
66- وَخَرْقٍ كظَهْرِ التُّـرْسِ قَفْـرٍ قَطَعْتُـهُ********بِعَامِلَتَيْـنِ ، ظَهْـرُهُ لَيْسَ يُعْمَـلُ
67- فألْحَقْـتُ أُوْلاَهُ بأُخْـرَاهُ مُوفِيَـــــــــاً ********عَلَى قُنَّـةٍ أُقْعِـي مِرَارَاً وَأمْثُـلُ
68- تَرُودُ الأرَاوِي الصُّحْـمُ حَوْلي كأنّـها ******عَـذَارَى عَلَيْهِـنَّ المُلاَءُ المُذَيَّـلُ
69- ويَرْكُـدْنَ بالآصَـالِ حَوْلِي كأنّنـي ******مِنَ العُصْمِ أدْفى يَنْتَحي الكِيحَ أعْقَلُ



(1) بنو الأم : الأشقاء أو غيرهم ما دامت تجمعهم الأم ، واختار هذه الصِّلة لأنًها أقرب الصِّلات إلى العاطفة والمودَّة . والمطيّ : ما يُمتَطى من الحيوان، والمقصود بها، هنا، الإبل. والمقصود بإقامة صدورها: التهيؤ للرحيل. والشاعر يريد استعدادهم لرحيله هو عنهم لا لرحيلهم هم ، وربما أشار بقوله هذا إلى أنَهم لا مقام لهم بعد رحيله فمن الخير لهم أن يرحلوا .
(2) حُمَّت: قُدِّرتْ ودُبِّرت. والطِّيَّات: جمع الطِّيَّة ، وهي الحاجة، وقيل: الجهة التي يقصد إليها المسافر. وتقول العرب: مضَى فلان لطيَّته، أي لنيّته التي انتواها. الأرْحل: جمع الرحل، وهو ما يوضَع على ظهر البعير. وقوله:" واللَيل مقمِر " كناية عن تفكيره بالرحيل في هدوء ، أو أنه أمر لا يُراد إخفاؤه. ومعنى البيت: لقد قُدِّر رحيلي عنكم ، فلا مفرّ منه ، فتهيؤوا له .
(3)المَنأى : المكان البعيد. القِلى: البغض والكراهية. والمتعزِّل: المكان لمن يعتزل الناس. والبيت فيه حكمة: ومعناه أن الكريم يستطيع أن يتجنب الذلّ ، فيهاجر إلى مكان بعيد عمَّن يُنتظر منهم الذلّ ، كما أن اعتزال الناس أفضل من احتمال أذيتهم.
(4)لعمرك: قَسَم بالعمر. سرى: مشى في الليل. راغباً: صاحب رغبة. راهباً: صاحب رهبة. والبيت تأكيد للبيت السابق ، ومعناه أن الأرض واسعة سواء لصاحب الحاجات والآمال أم للخائف.
(5)دونكم: غيركم. الأهلون : جمع أهل. السِّيد: الذئب. العملَّس: القويّ السَّريع. الأرقط: الذي فيه سواد وبياض. زُهلول: خفيف. العرفاء: الضبع الطويلة العُرف. جَيْئَل: من أسماء الضبع. والمعنى أن الشاعر اختار مجتمعاً غير مجتمع أهله ، كلّه من الوحوش ، وهذا هو اختيار الصعاليك.
(6) هم الأهل أي الوحوش هم الأهل ، فقد عامل الشاعِرُ الوحوشَ معاملة العقلاء ، وهو جائز. وقوله: "هم الأهل " بتعريف المسنَد ، فيه قَصر ، وكأنَه قال: هم الأهل الحقيقيّون لا أنتم . والباء في " بما " للسببية. والجاني: المقْترف الجناية أي الذنب. جرَّ : جنى . يُخْذَل: يُتَخلّى عن نصرته. والشاعر في هذا البيت يقارن بين مجتمع أهله ومجتمع الوحوش ، فيفضل هذا على ذاك ، وذلك أن مجتمع الوحوش لا يُفْشِي الأسرار، ولا يخذل بعضه بعضاً بخلاف مجتمع أهله.
(7)وكلٌّ: أي كل وحش من الوحوش التي ذكرتها. أبيّ: يأبى الذّلَّ والظلم. باسل: شجاع بطل. الطرائد: جمع الطريدة ، وهي كل ما يُطرد فيصاد من الوحوش والطيور. أبْسَل: أشَدّ بسالَةً. والشاعر يتابع في هذا البيت مدح الوحوش فيصفها بالبسالة ، لكنه يقول إنّه أبسل منها.
(8)الجَشع: النَّهم وشدَّة الحرص . وفي هذا البيت يفتخر الشاعر بقناعته وعدم جشعه ، فهو، وإنْ كان يزاحم في صيد الطرائد ، فإنه لا يزاحم في أكلها.
(9)ذاك: كناية عن أخلاقه التي شرحها. البسطة: السعة. التفضُّل: ادّعاء الفضل على الغير ، والمعنى أنَّ الشاعر يلتزم هذه الأخلاق طلباً للفضل والرِّفعة.
(10)التعلّل: التلهِّي ، والمعنى: ليس في قربه سلوى لي ، يريد : أني فقدتُ أهلًا لا خير فيهم ، لأنهم لا يقدِّرون المعروف ، ولا يجزون عليه خيراً ، وليس في قربهم أدنى خير يُتَعلّل .
(11)المُشيَّع: الشجاع. كأنَّه في شيعة كبيرة من الناس . الإصليت: السَّيف المُجرَّد من غمده. الصفراء: القوس من شجر النَّبع. العيطل: الطويلة. والمعنى أن عزاء الشاعر عن فقد أهله ثلاثة أشياء: قلب قويّ شجاع ، وسيف أبيض صارم مسلول ، وقوس طويلة العنق .
(12)هتوف: مُصَوِّتة. الملس: جمع ملساء ، وهي التي لا عُقَد فيها. المُتون: جمع المتن ، وهو الصُّلب. والرصائع: جمع الرصيعة ، وهي ما يُرصَّع أي يُحلَّى به. نيطت: عُلِّقت. المِحْمَل: ما يُعلَّق به السيف أو القوس على الكتف. والشاعر في هذا البيت يصف القوس بأنّ لها صوتاً عند إطلاقها السهم ، وبأنَّها ملساء لا عُقد فيها تؤذي اليد ، وهي مزيَّنة ببعض ما يُحلَّى بها ، بالإضافة إلى المحمل الذي تُعلَّق به.
(13)زلّ: خرج. حنين القوس: صوت وترها. مُرزَّأة: كثيرة الرزايا (المصائب). عَجْلى: سريعة. تُرنّ: تصوِّت برنين ، تصرخ. تُعول: ترفع صوتها بالبكاء والعويل. والمعنى أن صوت هذه القوس عند انطلاق السهم منها يشبه صوت أنثى شديدة الحزن تصرخ وتولول.
(14)خميص البطن ضامره ، يستفزّني : يثيرني . الحِرْص : الشَّرَه إلى الشيء والتمسّك به .
(15)المهياف: الذي يبعد بإبله طالباً المرعى على غير علم ، فيعطش. السوام: الماشية التي ترعى. مجدَّعة: سيئة الغذاء . السُّقبان: جمع سقْب وهو ولد الناقة الذكَر. بُهَّل: جمع باهل وباهلة وهي التي لا صرار عليها (الصِّرار: ما يُصَرّ به ضرع الناقة لئلا تُرضَع ). يقول: لستُ كالراعي الأحمق الذي لا يُحسن تغذية سوامه، فيعود بها عشاءً وأولادها جائعة رغم أنها مصرورة. وجوع أولادها كناية عن جوعها هي، لأنها، من جوعها، لا لبن فيها، فيغتذي أولادها منه.
(16)الجُبّأ: الجبان. والأكهى: الكدِر الأخلاق الذي لا خير فيه ، والبليد. مُرِبّ: مقيم ، ملازم . عرِسه: امرأته. وملازمة الزوج يدلّ على الكسل والانصراف عن الكسب والتماس الرزق. وفي هذا البيت ينفي الشاعر عن نفسه الجبن ، وسوء الخلق ، والكسل ، كما ينفي أن يكون منعدم الرأي والشخصية فيعتمد على رأي زوجه ومشورتها. (17) الخرق: ذو الوحشة من الخوف أو الحياء والمراد، هنا، الخوف. والهيق: الظْليم (ذكَر النعام)، ويُعرف بشدّة نفوره وخوفه. والمُكّاء: ضرب من الطيور. والمعنى: لست مِمَّن يخاف فيقلقل فؤاده ويصبح كأنّه معلّق في طائر يعلو به وينخفض.
(18)الخالف: الذي لا خير فيه. يقال: فلان خالفة (أو خالف) أهل بيته إذا لم يكن عنده خير. والدَّاريّ والداريّة: المقيم في داره لا يبرحها. المتغزّل: المتفرّغ لمغازلة النساء. يروح: يسير في الرواح، وهو اسم للوقت من زوال الشمس إلى اللَّيل. يغدو: يسير في الغداة، وهو الوقت من الصباح إلى الظهر. والداهن: الذي يتزيَّن بدهن نفسه. يتكحّل: يضع الكحل على عينيه. والمعنى أن الشاعر ينفي عن نفسه الكسل، ومغازلة النساء، والتشبّه بهنّ في التزيّن والتكحّل. وهو يثبت لنفسه، ضمناً، الرجولة.
(19)العَلّ: الذي لا خير عنده ، والصَّغير الجسم يشبه القُراد. ألفّ: عاجز ضعيف. رعتَه: أخفْتَه. اهتاج: خاف. الأعزل: الذي لا سلاح لديه.
(20 )المِحْيار: المتحيّر. انْتَحَتْ: قصدت واعترضَتْ. الهدى: الهداية، والمقصود هداية الطريق في الصحراء. الهوجل: الرجل الطويل الذي فيه حمق. العِسِّيف: الماشي على غير هدى. اليَهْماء: الصحراء. الهَوْجَل: الشديد المسلك المَهول. وفي البيت تقديم وتأخير. والأصل: لست بمحيار الظلام إذا انتحت يهماء هوجل هدى الهوجل العسيف. والمعنى: لا أتحيّر في الوقت الذي يتحير فيه غيري.
(21)الأمعز: المكان الصّلب الكثير الحصى. الصَّوّان: الحجارة الملس. المناسم: جمع المنسم، وهو خفّ البعير . شبّه قدميه بأخفاف الإبل. القادح: الذي تخرج النار من قدمه. مفلَّل: متكسِّر. والمعنى أنه حين يعدو تتطاير الحجارة الصغيرة من حول قدميه ، فيضرب بعضها بحجارة أخرى ، فيتطاير شرر نار وتتكسَّر.
(22)أُديم: من المداومة، وهي الاستمرار. المطال: المماطلة. أضرب عند الذِّكْر صَفْحاً: أتناساه. فأذهل: أنساه. يقول: أتناسى الجوع، فيذهب عنّي. وهذه الصورة من حياة الصَّعْلَكَة.
(23) الطَّوْل: المَنّ. امرؤ متطوِّل: منّان. والمعنى أنه يفضل أن يستفَّ تراب الأرض على أن يمدّ أحد إليه يده بفضل أو لقمة يمنّ بها عليه.
(24)الذَّأم والذَّام: العيب الذي يُذمّ به. يُلفى: يوجد. والمعنى: لولا تجنُّبي ما أذمّ به، لحصلت على ما أريده من مأكل ومشرب بطرق غير كريمة.
(25)مرَّة: صعبة أبيّة. الذَّام: العيب. وفي هذا البيت استدراك، فبعد أن ذكر الشاعر أنّه لولا اجتناب الذمّ لحصل على ما يريده من مأكل ومشرب ، قال إن نفسه لا تقبل العيب قَطّ.
(26)الخَمص: الجوع ، والخُمص: الضُّمر. الحوايا: جمع الحويَّة ، وهي الأمعاء. الخيوطة: الخيوط. ماريّ فاتل، وقيل: اسم رجل اشتُهر بصناعة الحبال وفتلها. تغَارُ: يُحكم فتلها. والمعنى. أطوي أمعائي على الجوع، فتصبح، لخلوّها من الطعام، يابسة ينطوي بعضها على بعض كأنها حبال أُتقن فتلها.
(27)أغدو: أذهب في الغداة، وهي الوقت بين شروق الشمس والظهر. القوت: الطعام. الزهيد: القليل. الأزلّ: صفة للذئب القليل اللحم. تهاداه: تتناقله وتتداوله. التنائف: الأرضون، واحدتها تنوفة، وقيل: هي المفازة في الصحراء. الأطحل: الذي في لونه كدرة. يشبه الشاعر نفسه بذئب نحيل الجسم جائع يتنقل بين الفلوات بحثاً عن الطعام.
(28)الطاوي: الجائع. يعارض الريح: يستقبلها. أي: يكون عكس اتجاهها. وهذا الوضع يساعده على شمّ رائحة الفريسة واتّباعها. الهافي: الذي يذهب يميناً وشمالاً من شدَّة الجوع، وقيل: معناه السريع. يخوت. يختطف وينقض. أذناب: أطراف. الشِّعاب: جمع الشِّعب، وهو الطريق في الجبل. يعسل: يمر مَرَّاً سَهْلاًَ. وفي هذا البيت تتمة لما في البيت السابق من وصف للذئب.
(29)لواه: دفعه، وقيل: مطله وامتنع عليه. أَمَّه: قصده. النظائر: الأشباه التي يشبه بعضها بعضاً. نُحَّل: جمع ناحِل، وهو الهزيل الضامِر. يقول: بعد أن يئس هذا الذئب من العثور على الطعام، استغاث بجماعته، فأجابته هذه، فإذا هي جائعة ضامرة كحاله.
(30 )مُهَلَّلة: رقيقة اللحم، وهي صفة لـ" نظائر " التي في البيت السابق. شِيب: جمع أَشْيَب وشيباء. القِداح: جمع قِدْح، وهو السَّهْم قبل بريه وتركيب نصله، وهو، أيضاً ، أداة للقمار. الياسر: المقامِر. تتقلقل: تتحرك وتضطرب. وفي هذا البيت يصف الشاعر الذئاب الجائعة الباحثة عن الطعام، فإذا هي نحيلة من شدة الجوع، بيضاء شعر الوجه، مضطربة كسهام القمار.
(31)"أو" للعطف إمّا على الذئب الأزلّ في البيت الذي سبق قبل ثلاثة أبيات، وإمَّا على ، " قداح " التي في البيت السابق، وجاز عطف المعرفة على النكرة لأنه أراد بـ" الخشرم " الجنس إبهاماً، و" قداح " وإن كان نكرةً، فقد وُصف، فاقترب من المعرفة. والخشرم: رئيس النحل. حَثْحَثَ: حرك وأزعج. الدَّبْر: جماعة النَحْل. المحابيض: جمع المحبض، وهو العود مع مشتار العسل. أرداهُنَّ: أهلكهنّ. السامي: الذي يسمو لطلب العسل. المعَسَّل: طالب العسل وجامعه.
(32)المُهَرَّتة: الواسعة الأشداق. الفُوه: جمع "الأفوه " للمذكَّر، والفوهاء للمؤنث، ومعناه المفتوحة الفم. الشدوق: جمع الشّدق، وهو جانب الفم. كالحات: مكشرة في عبوس. البُسَّل: الكريهة المنظر. والشاعر في هذا البيت يعود إلى وصف الذئاب التي تجمّعت حول ذلك الذي دعاها لإنجاده بالطعام، فيصفها بأنها فاتحة أفواهها، واسعة الشدوق، كئيبة كريهة المنظر.
(33)ضجَّ: صاح. البراح: الأرض الواسعة. النوح: النساء النوائح. العلياء: المكان المرتفع. الثكَّل: جمع الثَّكْلى، وهي المرأة التي فقدت زوجها أو ولدها أو حبيباً. والمعنى أن الذئب عوى فعوتِ الذئاب من حوله، فأصبح وإيّاها كأنَّهن في مأتم تنوح فيه الثكالى فوق أرض عالية.
(34)أغْضى: كفّ عن العواء. اتَّسَى، بالتشديد: افتعل من "الأسوة "وهي الاقتداء، وكان الأصل فيه الهمزة، فأبدلت الهمزة ياء لسكونها وكسر همزة الوصل قبلها، ثُم أُبدلت الياء تاء، وأُدغمت في تاء الافتعال. ويروى بالهمزة فيهما من غير تشديد، وهو أجود من الأوّل، لأن همزة الوصل حذفت لحرف العطف، فعادت الهمزة الأصليّة إلى موضعها، كقولك: وائتمنه، والذي ائتمن . والمراميل: جمع المرمل، وهو الذي لا قوت له. والمعنى أن الذئب وجماعته وجدا حالهما متّفقين يجمعهما البؤس والجوع، فأخذ كل منهما يعزِّي الآخر ويتأسَّى به.
(35)شكا: أظهر حاله من الجوع. ارعوى: كفَّ ورجع. الشكو: الشَّكوى. وعجز هذا البيت حكمة ، ومفادها أنَّ الصبر أفضل من الشكوى إن كانت غير نافعة.
(36)فَاءَ: رجع. بادرات: مسرعات، وبادره بالشيء أسرع به إليه. النكظ: شدَّة الجوع. يكاتم: يكتم ما في نفسه. مُجْمِل. صانع للجميل. وفي هذا البيت يتابع الشاعر وصف الذئاب، فيقول إنهنَّ بعد يأسهن من الحصول على الطعام، عدن إلى مأواهنَّ ، وفي نفوسهن الحسرة والمرارة.
(37)الأسآر: جمع سؤر، وهو البقيَّة في الإناء من الشراب. القطا: نوع من الطيور مشهور بالسرعة. الكدر: جمع أكدر للمذكَّر وكدراء للمؤنَّث، والكُدرة: اللَّون ينحو إلى السواد. القَرَب: السير إلى الماء وبينك وبينه ليلة. الأحناء: جمع الحنو، وهو الجانب. تتصلصل تصوِّت. والمعنى أنِّي أريد الماء إذا سايرت القطا في طلبه، فأسبقها إليه لسرعتي، فترد بعدي، فتشرب سُؤري.
(38)هَمَمْتُ بالأمر: عزمتُ على القيام به ولم أفعله. والتاء في " هَمَّتْ " تعود إلى القطا، والمعنى: أنا وإيَّاها قصدنا الماء. ابتدرنا: سابق كلٌّ منّا الآخر. أسدلت: أرخت أجنحتها كناية عن التعب. الفارط: المتقدِّم، وفارط القوم: المتقذِّم ليصلح لهم الموضع الذي يقصدونه. يقول: ظهر التعب على القطا، وبقيت في قمَّة نشاطي، فأصبحت متقدِّماً عليها دون أن أبذل كلَّ جهدي، بل كنتُ أعدو متمهِّلاً لأنني واثق من السبق.
(39)ولَّيت: انصرفت. تكبو: تسقط. العُقْر: مقام السَّاقي من الحوض يكون فيه ماء يتساقط من الماء عند أخذه من الحوض. الذّقون: جمع الذقن، وهو منها ما تحت حلقومها. الحَوْصل: جمع الحوصلة، وهي معدة الطائر. يقول: سبقت القطا بزمن غير قصير حتى إنِّي شربت وانصرفت عن الماء قبل وصولها مجهدةً تتساقط حول الماء ملتمسةً الماء بذقونها وحواصلها.
(40)وغاها: أصواتها. حَجْرتاه: ناحيتاه، والضمير يعود على الماء. والأضاميم: جمع الإضمامة، وهي القوم ينضمّ بعضهم إلى بعض في السَّفَر. السَّفْر: المسافرون. نزَّل: جمع نازل، وهو المسافر الذي حطَّ رحله، ونزل بمكان معيَّن، وحوله جماعات من المسافرين حطَّت الرحال محدثةً صخباً كبيراً، والمعنى أن أصوات القطا حول الماء كثيرة حتى كأنَّها أَلََّفت جانبي الماء .
(41)توافين: توافدن وتجمَّعن، والضمير يعود إلى القطا. شتَّى: متفرِّقة، والمقصود متفرّقة. الأذْواد: جمع ذود، وهو ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل. ومن أمثال العرب: " الذَّود إلى الذَّودِ إبل " ، وهو يُضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتّى يؤدِّي إلى الكثير. الأصاريم: جمع الصرمة، وهي العدد من الإبل نحو الثلاثين. والمَنْهل: الماء. والمعنى أنَّ أسراب القطا حول الماء تشبه أعداداً كثيرة من الإبل تتزاحم حول الماء.
(42)العَبّ : شرب الماء من غير مصّ . الغشاش: العجلة. والركب خاصّ بركبان الإبل. أحاظة: قبيلة من اليمن، وقيل: من الأزد. المُجْفل: المنزعج، أو المسرع. والمعنى أن القطا لفرط عطشها شربت الماء غبا، ثمّ تفرقت بسرعة.
(43)آلف: أتعوَّد. الأهدأ: الشديد الثبات. تنبيه: تجفيه وترفعه. السناسن: فقار العمود الفقري. قُحَّل: جافة يابسة. يقول: ألفتُ افتراش الأرض بظهر ظاهرة عظامه، حتَّى إنَّ هذه العظام هي التي تستقبل الأرض، فيرتفع الجسم عنها، وهذا كناية عن شدَّة هزاله.
(44)أعدل: أتوسَّد ذراعاً، أي: أسوِّي تحت رأسي ذراعاً. المنحوض: الذي قد ذهب لحمه. الفصوص: مفاصل العظام. الكعاب: ما بين الأنبوبين من القصب، والمقصود به هنا شيء يُلعب به. دهاها: بسطها. مُثَّل: جمع ماثل، وهو المنتصب. والمعنى أن ذراعه خالية من اللحم لا تبدو فيها إلاَّ مفاصل صلبة كأنها من حديد.
(45)تبتئس : تلقى بؤساً من فراقه. القسطل: الغبار. وأمّ قسطل: الحرب. و"ما "، في " لما " بمعنى الذي. اغتبطت: سرَّت. والمعنى أنَّ الحرب إذا حزنت لفراق الشنفرى إيَّاها، فطالما سرَّت بإثارته لها.
(46)طريد: مطرود. الجنايات: المقصود بها غاراته في الصعلكة. تياسرن لحمه: اقتسمنه. عقيرته: نفسه. حُمَّ : نزل، ولم يؤنَّث "حُمَّ " لأنَّه لـ "أيّ " ، ولفظها مذكَّر. والمعنى أنَّه مطارد ممَّن أغار عليهم، وهؤلاء يتنافسون للقبض عليه والانتقام منه.
(47)تنام: أي الجنايات، وعبَّر بها عن مستحقِّيها. حثاثاً: سراعاً. تتغلغل: تتوغَّل وتتعمَّق. يقول: إنَّ أصحاب الجنايات في غاية اليقظة للانتقام مني ، وهم إنْ ناموا، فإنَّ عيونهم تظل يقظى تترصَّدني للإيقاع بي. وقيل: المعنى أنَّه إذا قصَّر الطالبون عنه بالأوتار لم تقصَّر الجنايات.
(48)الإلف: الاعتياد، وهنا بمعنى المعتاد. والربع في الحمّى أن تأخذ يوماً، وتدع يومين، ثمّ تجيء في اليوم الرابع. و"هي": ضمير يعود على "الهموم "، يعني الهموم أثقل عنده من حُمَّى الربع.
(49)وردت: حضرت، والضمير يعود للهموم. والورد خلاف الصَّدر. وأصدرتها: رددتها. تثوب: تعود. تُحيت: تصغير "تحت". عَلُ: مكان عالٍ. والمعنى أنَّ الشاعر كلَّما صرف الهموم، عادت إليه من كلّ جانب، فهي، أبداً، ملازمة له.
(50)ابنة الرمل: الحية، وقيل: هي البقرة الوحشية. ضاحياً: بارزاً للحرِّ والقرّ. رقّة: يريد رقّة الحال ، وهي الفقر. وأحفى: من الحفاء وهو عدم لبس النعل. وفي هذا البيت يتخيَّل الشاعر امرأةً، كعادة الشعراء القدماء ، فيخاطبها قائلاً لها إنه فقير لا يملك ما يستر به جسده من لفح الحرّ والقرّ، ودون نعل ينتعله فيحمي رجليه.
(51)مولى الصبر: وليّه. أجتاب: أقطع. البزّ: الثياب. السِّمع: ولد الذّئب من الضْبع . أنعل: أتخذه نعلاً. يقول إنّه صبور، شجاع، حازم.
(52)أُعدِم: أفتقر. البعدة، بضمّ الباء وكسرها، اسم للبعد. المتبذِّل: المُسِفّ الذي يقترف ما يُعاب عليه. يقول إنه يفتقر حيناً ويغتني حيناً آخر، ولا ينال الغنى إلا الذي يقصر نفسه على غاية الاغتناء.
(53)الجزع: الخائف أو عديم الصبر عند وقوع المكروه. الخَلَّة: الفقر والحاجة. المتكَشِّف: الذي يكشف فقره للناس. المَرِح: شديد الفرح. المُتخَيِّل: المختال بغناه. يقول: لا الفقر يجعلني أبتئس مظهراً ضعفي، ولا الغنى يجعلني أفرح وأختال.
(54)تزدهي: تستخفّ. الأجهال: جمع الجَهْل ، والمقصود الحمق والسفاهة. سؤول: كثير السؤال، أو ملحّ فيه. الأعقاب: جمع العقب، وهو الآخر. أنمل: أنمّ، والنملة، بفتح النون وضمّها، النميمة. والمعنى أنّ الشاعر حليم لا يستخفه الجهلاء، متعفِّف عن سؤال الناس، بعيد عن النميمة وإثارة الفتن بين الناس.
(55)النَحْس: البرد. يصطلي: يستدفىء. ربّها: صاحبها. الأقطع: جمع قِطْع، وهو نصل السّهم. يتنبَّل: يتخذ منها النّبل للرمي. والمعنى: ربَّ ليلةٍ شديدة البرد يُشعل فيها صاحب القوسِ قوسَه ونصال سهامه، فيجازف بفقد أهمّ ما يحتاج إليه، ليستدفىء .
(56)دعست: دفعت بشدّة وإسراع، وقيل: معناه مشيت. أو وطئت. الغَطْش: الظلمة. البغش: المطر الخفيف. صحبتي: أصحابي. السّعار: شدّة الجوع، وأصله حرّ النار، فاستُعير لشدّة الجوع، وكأنّ الجوع يُحدث حرَّاً في جوف الإنسان. الإرزيز: البرد. والوجر: الخوف. والأفكل: الرعدة والارتعاش.
(57)أيَّمت نسواناً: جعلتُهن أيامى، أي بلا أزواج. والأيِّم: من لا زوج له من الرجال والنساء على حدٍّ سواء. الإلدة: الأولاد. وأيتمتُ إلدة: جعلتهم بلا آباء. أبدأت: بدأت. أليل: شديد الظلمة.
(58)أصبح: فعل ماض ناقص، اسمه "فريقان" ، وخبره "جالساً". ويجوز أن يكون فعلاً تامَّاً فاعله "فريقان"، و"جالساً"، حال. والغميصاء: موضع في بادية العرب قرب مكة . والجَلْس. اسم لبلاد نجد. يقال: جلس الرجل إذا أتى الجَلْس، فهو جالس، كما يقال: أتْهَمَ، إذ أتى تهامة. يقول: كان من نتائج غارتي اللّيليّة، التي وصفها في الأبيات الثلاثة السابقة، أنه عند الصباح أخذ الذين غرت عليهم يسأل بعضهم بعضاً، وهم بنجد، عن آثار غارتي متعجّبين من شدّتها وآثارها الأليمة.
(59)هَرَّت: نبحت نباحاً ضعيفاً. عَسَّ: طاف باللَّيل، ومنه العَسَس، وهم حرَّاس الأمن في اللَّيل. الفُرعُل: ولد الضبع. يقول: إن القوم الذين أغرت عليهم يقولون: لم نسمع إلا هرير الكلاب، وكان هذا الهرير بفعل إحساسها بذئب أو بفرعل.
(0 6)النبأة: الصوت، والمقصود صوت صدر مرّةً واحدة ضعيفاً. هوَّمت: نامت ، والضمير في هذا الفعل يعود على الكلاب. القطاة: نوع من الطيور، يسكن الصحراء خاصَّةً. رِيع: خاف. وفاعله "قطاة"، ولذلك كان على الشاعر أن يقول "ريعتْ"، ولم يؤنث لوجهين: أحدهما على الشذوذ، والثاني أنَّه حمل القطاة على جنس الطائر، فكأنَّه قال: طائر ريع. والأجدل: الصَّقْر. وهمزة الاستفهام محذوفة، والتقدير: أقطاة ريعت أم ريع أجَدَلُ. وهذا البيت استدراك للبيت السابق، فقد استدرك القوم الذين أغار عليهم، فقالوا: إن هرير الكلاب لم يستمرّ، وإنَّما كان صوتاً واحداً ضعيفاً، ثم نامت الكلاب، فقالوا، عندئذ، لعل الذي أحسَّت به الكلاب قطاة أو صقر.
(61)أبرح: أتى البَرَح، وهو الشِّدَّة، وقيل: هو أفعل تفضيل من البرح، وهو الشِّدَّة والقوَّة. الطارق: القادم باللَّيل. والكاف في "كها" للتشبيه. والمعنى أن الذين أغار عليهم تعجَّبوا وتَحيَّروا، فقد تعوَّدوا أن يقوم بالغارة جماعة من الرجال لا فرد واحد، وأن يشعروا بها فيدافعوا عن أنفسهم وحريمهم، أمَّا أن تكون بهذه الصورة الخاطفة فهذا الأمر غير مألوف، ولعل الذين قاموا بها من الجنّ لا من الإنس.
وهذا البيت شاهد للنحاة على جر الكاف للضمير في "كها" شذوذاً.
(62)الشِّعرى: كوكب يطلع في فترة الحر الشَّديد، ويوم من الشِّعرى: يوم من الحرّ الشديد. واللّواب (كما في بعض الروايات): اللعاب، والمقصود به ما ينتشر في الحر كخيوط العنكبوت في الفضاء، وإنما يكون ذلك حين يكون الحز مصحوباً بالرطوبة ، الأفاعي: الحيَّات. الرمضاء: شدَّة الحرّ. تتململ: تتحرك وتضطرب. يقول: ربَّ يومٍ شديد الحرارة تضطرب فيه الأفاعي رغم اعتيادها على شدَّة الحر.
(63)نصبت له وجهي: أقمته بمواجهته. الكِنّ ؛ السِّتر. الأتحميّ : نوع من الثياب كالعباءة. المرعبل: المُمَزَّق. وهذا البيت مرتبط بسابقه، ومعناهما: ربَّ يوم شديد الحرارة تضطرب فيه الأفاعي رغم اعتيادها شدَّة الحرّ، واجهت لفح حرِّه دون أيّ ستر على وجهي، وعليّ ثوب ممزّق لا يردّ من الحرِّ شيئاً قليلاً.
(64)الضافي: السابغ المسترسِل، ويعني شَعره. اللبائد: جمع اللبيدة، وهي الشَّعر المتراكب بين كتفيه، المتلبِّد لا يُغْسَل ولا يُمشَّط. الأعطاف: جمع العَطف، وهو الجانب. ترجَّل: تسرَّح وتمشَّط. والمعنى: أنَّه لا يستر وجهه وجسمه إلا الثوب الممزَّق، وشعر رأسه، لأنه سابغ. إذا هبّت الريح لا تفرِّقه لأنّه ليس بِمسرَّح، فقد تلبَّد واتَّسخ لأنَّه في قفر ولا أدوات لديه لتسريحه والعناية به.
(65)بعيد بمسّ الدهن والفلي أي منذ زمن بعيد لم يعرف الدهن والفَلْي (الفلي: إخراح الحشرات من الشَّعر. العَبَس: ما يتعلَّق بأذناب الإبل والضّأن من الرَّوث والبول فيجف عليها، ويصبح وسخاً. عافٍ : كثير. مُحْوِل: أتى عليه حول (سنة). والأصل: محوِل من الغَسْل. والبيت بكامله وصف لشعره.
(66)الخَرْق: الأرض الواسعة تتخرَّق فيها الرياح. كظهر الترس: يعني أنَّها مستوية. قَفْر: خالية، مقفرة، ليس بها أحد. العاملتان: رجلاه. والضمير في "ظهره" يعود على الخرق. ليس يُعمل: ليس مِمَّا تعمل فيها الركاب.
(67)ألحقت أولاه بأخراه: جمعت بينهما بسيري فيه، قطعته. والضمير في "أولاه" و "أخراه " يعود على (الخرق) المذكور في البيت السابق. والمعنى: لشدَّة سرعتي لحق أوّله بآخره. موفياً: مشرفاً. القُنَّة: أعلى الجبل، مثل القلَّه. الإقعاء: أن يلصق الرجل ألْيَتَيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويتساند ظهره. أمثل: أنتصب قائماً. يقول: وربَّ أرض واسعة قطعتها مشرفاً من على قمَّة جبل، جالساً حيناً، وسائراً حيناً آخر.
(68)ترود: تذهب وتجيء الأراوي: جمع الأرويَّة، وهي أنثى التيس البريّ. الصُّحْم: جمع أصحم للمذكر، وصحماء للمؤنث، وهي السوداء الضارب لونها إلى الصفرة، وقيل: الحمراء الضارب لونها إلى السواد. العذارى: جمع العذراء، وهي البكر من الإناث. الملاء: نوع من الثياب. المُذَيَّل: الطويل الذيل.
(69) يركُدْن: يثبتن. الآصال: جمع الأصيل، وهو الوقت من العصر إلى المغرب. العُصم: جمع الأعصم، وهو الذي في ذراعيه بياض، وقيل: الذي بإحدى يديه بياض. الأدفى من الوعول: الذي طال قرنه جداً . ينتحي: يقصد. الكِيحَ: عرض الجبل وجانبه. الأعقل: الممتنع في الجبل العالي لا يُتوصَّل إليه. والمعنى أن الوعول آنستني، فهي تثبت في مكانها عند رؤبتي، وكأن الشاعر أصبح جزءاً من بيئة الوحوش، وإن كان أخطر وحوشها.




...........


قديم 10-25-2011, 01:02 AM
المشاركة 2
علي الطميحي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
جميل جداً
أحسنت الإنتقاء لما هو جميل



خَلِيْل الْقَمَر فِي بَيْدَاء الْسَّمَر وَالْسَّهَر
قديم 01-05-2018, 03:03 PM
المشاركة 3
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
لامية الشنفرى
تحليل وتذوق

مقدمة
تتخذ هذه الدراسة من "لامية العرب" للشنفرى نموذجا للكشف عن الظواهر اللغوية والاجتماعية والنفسية والفنية في شعر الصعاليك، هذه الظواهر التي تنتظم شعر صعاليك العرب الجاهليين أمثال عروة بن الورد والسليك بن السلكة، ولكن الباحث اختار "لامية العرب" لأنها قصيدة طويلة نقلت كاملة، خلاف شعر الصعاليك -ومنهم الشنفرى- الذي نقل مقطوعات متناثرة، بالإضافة لما تحتله من مكانة بارزة جعلتها من "أقوى القصائد الجاهلية، بل إنها تزاحم المعلقات وإن لم تكن منها، وهي من حيث الشهرة وعناية العلماء بها ترتفع إلى منزلة لامية كعب بن زهير (بانت سعاد) التي أنشدها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، دون أن تُعتمد في شهرتها مرتكزا دينيا كقصيدة كعب، بل بلغت ما بلغته بفضل ما فيها من جودة شعرية ووفرة المادة اللغوية التي أغرت العلماء بشرحها". كما أن لامية العرب جمعت ما يحويه شعر الصعاليك من مظاهر شعرية، لذا فهي غنية بما تحتاجه الدراسة من مواد.



ولا يُعرف سبب تسميتها بـ "لامية العرب"، فهناك قصائد لامية نسبت لشعراء جاهليين عديدين مثل عنترة وزهير وكعب، ولكن ربما أطلق على لامية الشنفرى هذا الاسم لأنها عبّرت أشد تعبير عن حياة العرب الجاهلية بما فيها من ظروف وأخلاق وطباع.



وقد لقيت "لامية العرب" اهتماما بالغا من طرف الشارحين والمحققين، "وتعتبر من أشهر قصائد الشنفرى، بل هي من أشهر ما أبدع الشعراء العرب قديما وحديثا، وشهرتها الأدبية واللغوية بلغت الآفاق، كما لقيت اهتماما بالغا من طرف المستشرقين، فأكبوا عليها يدرسونها ويترجمونها إلى لغات أوروبية مختلفة؛ لأنهم وجدوا فيها صورة متقنة لحياة الأعراب في الجزيرة العربية، فكان اهتمامهم بها لغرض اجتماعي، كما كان اهتمام العرب بها لغرض لغوي، بالإضافة لما تحويه من فنية الصور وجمالية الوصف ودقة التعبير وصدق العواطف وغيرها من جماليات الإبداع الأدبي".

قديم 01-05-2018, 03:05 PM
المشاركة 4
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
توثيق اللامية ونسبتها للشنفرى

تعرضت اللامية - مثلها مثل أشعار الجاهليين - للتشكيك "فذهب معظم الرواة إلى أنها للشنفرى، وقال ابن دريد إنها لخلف الأحمر"، ومعلوم أن خلف الأحمر ممن اتُّهموا بنحل الشعر، فلعل ابن دريد يقصد أنه نحلها للشنفرى، وشكك بعض المستشرقين مثل "كرنكو" في اللامية بحجة أنها تفتقر لذكر أسماء المواضع والأعلام كما هي عادة الشعراء الجاهليين، بيد أن تحليلنا للقصيدة يثبت أن شعر الصعاليك ذو طبيعة خاصة تختلف عن غيره من الأشعار كما سيأتي آنفا، فلا يتعلق بمثل هذا الرأي في الشك في كون القصيدة جاهلية. "ورجح يوسف خليف كفة الشك في صحة نسبتها للشنفرى، واعتمد في ذلك على ثلاثة أشياء: الأول أن ابن دريد نسبها لخلف الأحمر ومعلوم أن ابن دريد قريب عهد بخلف! والثاني إغفال أبي الفرج الأصفهاني ذكر اللامية إغفالا تاما رغم كثرة روايته لشعر الشنفرى، وأن لسان العرب حاد عن الاستشهاد بها رغم كثرة إيراد شعر الصعاليك. والثالث أن اللامية طويلة طولا غير مألوف في شعر الصعاليك الذي كان مقطعات متناثرة، إلى جانب قلة الاضطراب في رواية ألفاظها وفي ترتيب أبياتها، وهي ظاهرة غير مألوفة في شعر الصعاليك".



ويبدو الضعف شديدا في آراء يوسف خليف، إذ إنه لم يستقص الأمور جيدا في آرائه، فقد ذكر أن "لسان العرب" لم يورد شيئا من اللامية في استشهاداته، رغم وجودها فيه، فقد وردت ثلاثة أبيات من القصيدة هي:

ولا جُبَّأٍ أكْهَى مُرِبٍّ بعِرْسِهِ
يُطَالِعُها في شَأْنِهِ كَيْفَ يَفْعَلُ
أَو الخَشرَمُ المَبعوثُ حَثحَثَ دَبرَهُ
مَحابيضُ أَرداهُنَّ سامٍ مُعَسَّلُ
وأصْبَحَ عَنّي بالغُمَيْصَاءِ جَالساً
فَرِيقَانِ: مَسْئُولٌ وَآخَرُ يَسْألُ


كما أن إغفال الأصفهاني لا يعني أن الأصفهاني أورد كل ما وجد من الأشعار العربية القديمة، فقد فاتته أشعار كثيرة بالتأكيد، وإن كان ابن دريد نسبها لخلف الأحمر فقد نسبه معظم الرواة إلى الشنفرى، فلماذا لم يأخذ برأي الأغلب؟! أما طول القصيدة وقلة الاضطراب في روايتها فنراه ميزة اجتمعت في القصيدة أدى لتميزها ولا يعني بالضرورة نحلها، إذ إن كثيرا من الشعر المنحول مضطرب في روايته!



وقد أورد الدكتور إميل بديع يعقوب في تحقيقه لديوان الشنفرى عدة أسباب تصرخ بنسبة اللامية للشنفرى صراخا يخرس من شكك فيها، منها:

1- كثرة العلماء القدامى والمحدثين الذين نسبوها إليه.

2- تصوير اللامية للبيئة العربية الصحراوية القاحلة.

3- كون اللامية جاهلية العواطف والقالب.

4- ورود اسم "الشنفرى" في القصيدة:

فإنْ تَبْتَئِسْ بالشَّنْفَرَى أمُّ قَسْطَلٍ
لَمَا اغْتَبَطَتْ بالشَّنْفَرَى قَبْلُ أطْوَلُ



5- في بعض أبياتها جواز نعهده في الشعر الجاهلي من إبدال "مفاعلن" الأولى أو الثالثة من البحر الطويل بـ "فاعيلن"، وهو جواز لا نجده في الشعر الإسلامي لتحولهم عن طريقة الجاهليين في الإنشاد.



6- عدم التصريع في البيت الأول منها، ولعل عادة التصريع لم تكن متبعة في زمن الشنفرى، فتكون القصيدة من أقدم الشعر الجاهلي.



7- ما فيها من صدق العاطفة ودقة التصوير وروعته يبعدها عن النحل.

قديم 01-05-2018, 03:06 PM
المشاركة 5
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
ويقول المستشرق جورج يعقوب:

"إن موطن هذه القصيدة هو تلك المرابع في جنوب مكة بين الجبال التي تقع في شمال اليمن حيث مضارب الأزد قبيلة شاعرنا، إنني لا أفهم كيف يستطيع المرء أن ينكر هذه القصيدة التي تتنفس بعبير الصحراء، وترسم جاهلية العرب بكل نقاء، وتصور حياة رجل حمل أحقادا أورثته إياها مظالم الناس، وعقوق الأخوة، وجور العدالة، ويعزوها إلى رجل من بين أولئك اللغويين الذين يقتلون وقتهم جدلا في إعراب جملة صغيرة"[5].



ومهما يكن من شيء فإن ما يعنينا في دراستنا ما تحويه القصيدة من صور فنية وإبداعية استطاع بها الشاعر أن يعبر عن فكرته ورؤيته للحياة، ومن ثم نكشف الأسباب الكامنة خلف وصول هذه القصيدة لما وصلت إليه من مكانة جعلتها تزاحم أقوى القصائد الجاهلية.



من هم الصعاليك؟

إن شخصية ناظم القصيدة تلعب دورا مهما فيما تتصف به من خصائص؛ لذا نلقي الضوء على طبيعة الصعاليك وبيئتهم في نظرة سريعة؛ لنستبين بها طبيعة المؤثرات البيئية والنفسية التي أفرزت لنا الخصائص الشعرية في هذه القصيدة الرائعة، فضلا عن شاعر مثل الشنفرى.



الصعاليك قوم من العرب طردتهم قبائلهم فلم تفتح لهم ذراعيها، إما بسبب أعمالهم التي لا تتوافق مع أعراف القبائلالتي ينتمون إليها مثل حاجز الأزدي وقيس الحدادية، أو من أبناءالحبشيات السود ممن نبذهم آباؤهم ولم يلحقوهم بأنسابهم مثل السليك بن السلكة وتأبط شراً والشنفرى‏.



وجدير بالذكر في هذه الدراسة أن نلقي الضوء على مفهوم الصعلكة وتعريف واسع للصعاليك ونشأتهم كإضاءة للدراسة التي نحن بصددها.

قديم 01-05-2018, 03:07 PM
المشاركة 6
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الصعلكة -لغةً- مأخوذة من قولهم: "تصعلكت الإبل" إذاخرجت أوبارها وانجردت. ومن هذا الأصل اللغوي أصبح الصعلوك هو الفقير الذي تجرد منالمال، وانسلخ من جلده الآدمي ودخل في جلد الوحوش الضارية!



وقد حدد الدكتور شوقي ضيف معنى "الصعلوك" لغة بأنه"الفقير الذي لا يملك من المال ما يعينه على أعباء الحياة"، مؤكداً أن هذهاللفظة تجاوزت دلالاتها اللغوية وأخذت معاني أخرى كقطّاع الطرق الذينيقومون بعمليات السلب والنهب.



وقسّم الصعاليك إلى ثلاثة أقسام:

1- فئة الخلعاء الشذاذ وهم الذين خلعتهم قبائلهم بسبب أعمالهم التي لا تتوافق مع أعراف القبائل التي ينتمون إليها مثل حاجز الأزدي وقيس الحدادية.



2- فئة أبناءالحبشيات السود ممن نبذهم آباؤهم ولم يلحقوهم بأنسابهم مثل السليك بن السلكة وتأبط شراً والشنفرى.



3- فئة ليست من الخلعاء ولا أبناء الإماء الحبشيات، بل هي مجموعة احترفتالصعلكة احترافا وحولتها إلى ما يفوق الفروسية من خلال الأعمال الإيجابية التيكانوا يقومون بها، وقد يكونون أفرادا مثل عروة بن الورد سيد الصعاليك، وقد يكونون قبائل مثل قبيلتي هذيل وفهم[6].



ونجد في أشعار هؤلاء الصعاليك ترديد صيحات الفقر والجوع والحرمان، كما كانوا ناقمين وثائرين على الأغنياء والأشحاء، وامتازوا بالشجاعة والصبر وقوة البأس والمضاء وسرعة العدو، وقد ضرب بهم المثل في شدة العدو حتى قيل: "أعدى من السليك" و "أعدى من الشنفرى".



وكانت غاراتهمتتركز في المناطق الخصبة، وترصد قوافل التجارة وقوافل الحجاج القاصدة مكة المكرمة، وكثيرا ما تغنّوا بكرمهم وبرّهم بأقاربهم؛ لأن ما يحصلون عليه كان يوزع على الأهل والأقارب المحتاجين، كما اتسمت لغتهم الشعرية بالترفع والسمو والشعور بالكرامة في الحياة[7].



وكانوا يفخرون بأنهم لا يتعرضون في غاراتهم وغزواتهم للأسياد الشرفاء، وإنماللأغنياء الأشحاء، وهذا المبدأ تمثله سيد الصعاليك عروة بن الورد.



كما عرف عن هؤلاء الصعاليك اعتزازهم بأنفسهم، وهذا الاعتزاز نابع من مدى قناعتهم بالفعل الذي يقومون به، يقول الشنفرى:

وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل‏

قديم 01-05-2018, 03:08 PM
المشاركة 7
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
ومن أشهر الصعاليك عروة بن الورد، والسليك بن السلكة، وتأبط شراً، والشنفرى، والحارث بن ظالم المري، وقيس بن الحدادية، وحاجز بن عوف الأزدي، وأبو منازل السعدي، والخطيم بن نويرة وقد عاش في صدر الإسلام وربما أدرك أوائل العصر الأموي، والقتال الكلابي فضالة بن شريك الأسدي، وصخر الغي من هذيل توفي في صدر الإسلام، والأعلم الهذلي وهو أخو الشاعر الصعلوك صخر الغي وقد عاش حتى عصر صدر الإسلام، وحماد الراوية.



وإذا كان الأصل اللغوي لهذه الكلمة يقع في دائرة الفقر، فإن الصعلكة في الاستعمال الأدبي لا تعني الضَّعف بالضرورة، إذ إن الصعاليك تمردوا على سلطة القبيلة وثاروا على الظلم والقمع والقهر والاستلاب الذي تمارسه القبيلة على طائفة من أفرادها، ومما لا شك فيه أن هناك عوامل أدت إلى بروز ظاهرة الصعلكة في الصحراء العربية إبَّان العصر الجاهلي.



"فالعامل البيئي الذي أدى إلى بروز هذه الظاهرة يتمثل في قسوة الصحراء وشُحِّهابالغذاء إلى درجة الجوع الذي يهدد الإنسان بالموت، وإذا جاع الإنسان إلى هذهالدرجة فليس من المستغرب أن يتصعلك ويثور ويقتل.



والعامل السياسي يتمثل فيوحدة القبيلة القائمة على العصبية ورابطة الدم، فللفرد على القبيلة أن تحميه وتهرع لنجدته حين يتعرض لاعتداء، ولها عليه في المقابل أن يصون شرفها ويلتزم بقوانينها وقيمها وأن لا يجر عليها جرائم منكرة. وفشل الفرد في الوفاء بهذه الالتزامات قد يؤدي إلى خلعه والتبرؤ منه، ومن هنا نجد طائفة من الصعاليك تُسمى "الخلعاء والشذاذ".



ومن الناحية الاجتماعية، نجد أن التركيبة القبلية تتشكل من ثلاث طبقات هي طبقة الأحرار الصرحاء من أبناء العمومة، وطبقة المستجيرين الذين دخلوا في القبيلة من قبائل أخرى، ثم طبقة العبيد من أبناء الإماء الحبشيات. والحقيقة أن مجموعة كبيرة من الصعاليك هم من أبناء هذه الطبقة المستلبة التي ثار الأقوياء من أفرادها لكرامتهم الشخصية مثل الشنفرى وتأبط شرًا وعمرو بن برَّاقة والسليك بن السلكة وعامر بن الأخنس وغيرهم. وكان يُطلق عليهم أغربة العرب أو الغِرْبان تشبيهًا لهم بالغراب لسواد بشرتهم.



أما العامل الاقتصادي، فيعزى إلى أن حياة القبيلة في العصرالجاهلي كانت تقوم على النظام الإقطاعي الذي يستأثر فيه السادة بالثروة، في حين كان يعيش معظم أفراد الطبقات الأخرى مستخدَمين أو شبه مستخدمين. فظهر من بين الأحرار أنفسهم نفر رفضوا أن يستغل الإنسان أخاه الإنسان، وخرجوا على قبائلهم باختيارهم لينتصروا للضعفاء والمقهورين من الأقوياء المستغلين، ومن أشهر هؤلاء عُروة بن الورد الملقب بأبي الصعاليك أو عروة الصعاليك".

قديم 01-05-2018, 03:09 PM
المشاركة 8
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
شعر الصعاليك

"شعر الصعاليك مصطلحٌ يصف ظاهرة فكرية نفسية اجتماعية أدبية لطائفة من شعراء العصر الجاهلي، عكس سلوكهم وشعرهم نمطا فكريا واجتماعيا مغايرا لما كان سائدًا في ذلك العصر، ويمثل الصعاليك من الناحية الفنية خروجا جذريا عن نمطية البنية الثلاثية للقصيدة العربية، فشعرهم معظمه مقطوعات قصيرة وليس قصائد كاملة. كما أنهم، في قصائدهم القليلة، قد استغنوا في الغالب عن الغزل الحسي وعن وصف الناقة. ويحل الحوار مع الزوجة حول حياة المغامرة محل النسيب التقليدي في بعض قصائدهم. وتمثل نظرتهم المتسامية إلى المرأة موقفا يتخطى حسية العصر الجاهلي الذي يقف عند جمال الجسد ولا يتعداه إلى رؤية جمال المرأة في حنانها ونفسيتها وخُلقها.



وعلى الرغم من أن مقاصد شعر الصعاليك كلها في تصوير حياتهم وما يعتورها من الإغارة والثورة على الأغنياء وإباحة السرقة والنهب ومناصرة الفقراء، فإنه اهتم بقضايا فئة معينة من ذلك العصر، يرصد واقعها ويعبِّر عن همومها ويتبنى مشكلاتها وينقل ثورتها النفسية العارمة بسب ما انتابها من ظلم اجتماعي".

قديم 01-05-2018, 03:10 PM
المشاركة 9
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الشنفرى ولاميته


هو ثابت بن أوس بن الحجر الأزدي، توفي عام 70 قبل الهجرة (525م)، وهو صعلوك جاهلي مشهور من قبيلة الأزد اليمنية، ويعني اسمه (غليظ الشفاه)، ويدل على أن دماء حبشية كانت تجري فيه. نشأ في قبيلة "فهم" بعد أن تحولت إليها أمه بعد أن قتلت الأزد والده، ويرجح أنه خص بغزواته بني سلامان الأزديين ثأراً لوالده وانتقاما منهم، وكان الشنفرى سريع العدو لا تدركه الخيل حتى قيل: "أعدى من الشنفرى"، وكان يغير على أعدائه من بني سلامان برفقة صعلوك فتّاك هو تأبط شراً وهو الذي علمه الصعلكة، وقد عاش الشنفرى في البراري والجبال وحيداً حتى ظفر به أعداؤه فقتلوه قبل 70 عاما من الهجرة النبوية.



ولا ريب أن العوامل البيئية والاجتماعية قد أثرت على الشنفرى وبدا ذلك واضحا في شعره فضلا عن لاميته، تلك القصيدة التي تبدو فيها ملامح الصعلكة من ثورة على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي كانت في بيئته آنذاك، والغربة التي يشعر بها كل صعلوك عاش في بيئته، كما نجد فيها مفاخرته بنفسه وبأخلاقه وشجاعته.



"ومن خلال الروايات عن شخصية الشنفرى وظروفه نرى فيه شخصية فذة في عدة نواح، في قوة الإرادة إلى درجة غير مألوفة، ومن أمثلة ذلك تصميمه على قتل مائة رجل من بني سلامان وإنفاذ عزمه، وفي قوة تركبيه الجسمي ومن أمثلة ذلك أنه كان يسبق الخيل في عدوه، وفي قوة عقليته وعمق تفكيره ومن أمثلة ذلك أنه كما كانوا يصفونه كان يضرب به المثل في الحذق والدهاء، وقد شاءت الظروف لهذه المواهب أن تعيش في أسوأ ظروف اجتماعية، أبرزها أنه مجرد أسير ذليل لا يملك حتى حريته، بل ازدادت الظروف قسوة عليه حين تعرض لحوادث اضطهاد وإذلال من بني سلامان حين تطلعت نفسه إلى الارتباط بإحدى فتياتهم، فاتجه إلى الصعلكة حتى كان من أبرز الصعاليك وأشهرهم على الإطلاق، صابا سخطه ونقمته على كل الناس ممثلين في بني سلامان. وخلال وحدته وتشرده في الصعلكة قال هذه اللامية، وهي ثمانية وستون بيتا، فجاءت القصيدة مطابقة كل المطابقة لشخصيته بما فيها من مقومات، وعقليته بما فيها من عمق ونضوج، وظروفه بما فيها من قسوة وجفاف، حتى كانت القصيدة مرآة صقيلة نرى فيها الشنفرى وحياته بوضوح".



المنهج الشعري لدى الصعاليك من خلال دراسة اللامية


"حين ننظر في شعر الصعاليك نجد في نفوسنا إحساسا بأن موضوع القطعة الشعرية فيه ليس غرضا مقصودا لذاته، وحين نحاول البحث عن الغرض المقصود نجد أنه دائما ينتهي إلى شيء واحد هو شخصية الصعلوك نفسها وحياته، فقد يتحدث الصعلوك مثلا عن الفقر، وقد يتحدث عن السلاح، وقد يتحدث عن الوحوش، وقد يتحدث عن الناس، ولكننا نحس أنه لا يتحدث عن شيء من ذلك لذاته، فلا يتحدث عن الفقر من حيث آثاره وملابساته لذاتها، وإنما يتحدث عنه من زاويته هو، وعن موقفه منه وتأثره به، فيتحدث عن البيئة مثلا فيصف ليلة شديدة البرد أو يوما شديد الحر أو وحوشا ترود من حوله أو أعداء يرصدونه متربصين به، ولكنه لا يتحدث عن شيء ذلك حديث الوصف فحسب، وإنما يتحدث عن مثل هذه الأشياء من زاويته هو، ومن حيث ارتباطه بها في مزاولة الصعلكة وتأثره بها"[.



ففي حديثه عن الوحوش يقول الشنفرى:

وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُون : سِيدٌ عَمَلَّسٌ
وَأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وَعَرْفَاءُ جَيْأَلُ
هُمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّرِّ ذَائِعٌ
لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْذَلُ

قديم 01-05-2018, 03:12 PM
المشاركة 10
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
فهو ينسب الذئب والنمر والضبع لنفسه، إذ اتخذهم أصدقاء بدلا من أهله الذين نبذوه، يأتمنهم على سره، ويراهم مساندين له إذ لا يؤخذ الجاني منهم بشيء حسب شريعة الغاب!



فهو لا يتبع أسلوب شعراء الجاهلية المعتاد في الوصف كغرض شعري مقصود لذاته، وإنما من زاوية ارتباط الشيء المتناول بشخصه هو في مزاولته الصعلكة.



"وكذلك نراه يرسم لوحة فنية لإحدى ليالي الشتاء في الصحراء، نرى السماء في هذه اللوحة يتساقط منها المطر، ونرى الأرض قد ابتلت رمالها فأصبحت مرحلة، ونرى فيما بين السماء والأرض بردا قارسا بالغ القسوة، ونرى في هذه اللوحة صعلوكا حائرا بين مطر السماء ووحل الأرض وبرد ما بينهما، وحاصرته هذه العوامل، فاستبد به الجوع حتى بلغ أقصاه، واستبد به الخوف حتى بلغ أقصاه، حتى ظل جسمه كله يرتعد وحتى دفعه هذا البرد إلى تحطيم قوسه التي يزود بها عن حياته الوحوش والمخاطر فيوقدها هي ونصالها ليستدفئ بهن ويدفع عن جسمه هذا البرد الشنيع"[11].



وَلَيْلَةِ نَحْسٍ يَصْطَلي القَوْسَ رَبُّها
وَأقْطُعَهُ اللَّاتي بِهَا يَتَنَبَّلُ
دَعَسْتُ على غَطْشٍ وَبَغْشٍ وَصُحْبَتي
سُعَارٌ وإرْزِيزٌ وَوَجْرٌ وَأفَكَلُ
فأيَّمْتُ نِسْوَانَاً وأيْتَمْتُ إلْدَةً
وَعُدْتُ كما أبْدَأْتُ واللَّيْلُ ألْيَلُ
"هذه لوحة بديعة يمكن أن تستوعب قصيدة كاملة في غرض مقصود لذاته، ولكننا نجد الشنفرى لا يسوق هذا الوصف كموضوع أو غرض مقصود، وإنما يسوقه عرضا في خلال حديثه عن المتاعب والمخاطر الجسيمة التي يتغلب عليها بقوة عزمه وإرادته فيجتازها حتى يبلغ هدفه من غاراته على أعدائه، فليس هذا الوصف هو المقصود، وإنما المقصود أنه لا يرده عن عزمه شيء"[12].



ونجد الشنفرى يلجأ لذكر محاسنه يتغنى بها في القصيدة، وذلك لما يشعر به الصعلوك من نبذ وازدراء من الناس، فيلجأ لحيل الدفاع النفسي، فيسرد محاسنه بشكل متواصل في القصيدة محاولا دفع أي شبهة تثار حول أخلاقه إن كان يُظَنّ أنها السبب في نبذه:



وَإنْ مُدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُنْ
بَأَعْجَلِهِمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
وَمَا ذَاكَ إلّا بَسْطَةٌ عَنْ تَفَضُّلٍ
عَلَيْهِمْ وَكَانَ الأَفْضَلَ المُتَفَضِّلُ
وَأغْدو خَمِيصَ البَطْن لا يَسْتَفِزُّني
إلى الزَادِ حِرْصٌ أو فُؤادٌ مُوَكَّلُ


كما نلحظ تضخم الأنا لدى الشاعر، إذ نجده يستخدم ضمير المتكلم بصورة لافتة، وما ذلك إلا توكيد لما يسرده من محاسن له.



ويتحدث الشنفرى عن عفته في تناول الطعام مع القوم وعدم حرصه على الزاد، وهنا مفارقة مضحكة، إذ إن الذي تقوم حياته على السلب والنهب يستبعد عنه العفة كما يقول هو:



طَرِيدُ جِنَايَاتٍ تَيَاسَرْنَ لَحْمَهُ
عَقِيرَتُهُ لأِيِّها حُمَّ أَوَّلُ
تَنَامُ إذا مَا نَامَ يَقْظَى عُيُونُها
حِثَاثَاً إلى مَكْرُوهِهِ تَتَغَلْغَلُ
فأيَّمْتُ نِسْوَانَاً وأيْتَمْتُ إلْدَةً
وَعُدْتُ كما أبْدَأْتُ واللَّيْلُ ألْيَلُ


إذ يؤكد أنه مطارد من أقوام كثيرين كلهم يطلب قتله ويتقامرون على لحمه إن ظفروا به، ويتّم أولادا ورمل نساء، ومثل هذا يستبعد عنه العفة والجشع عن الزاد! وهو ما يدل على ما تعانيه نفسه من مشاعر متناقضة وجدل ما بين نظرته لنفسه ونظرة الناس إليه.



ونجد أن رؤيته للناس قاتمة يشوبها الاستعلاء، إذ إنه استغنى عنهم بحيوانات الصحاري كالنمر والضبع واتخذهم أهلا له:



وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُون : سِيدٌ عَمَلَّسٌ
وَأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وَعَرْفَاءُ جَيْأَلُ
هُمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّرِّ ذَائِعٌ
لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْذَلُ


بل اتخذ أدوات الصيد والقتال كالسيف والقوس التي يحملها أصحابا يرى فيهم الفائدة عن غيرهم من البشر الذين يسيئون إليه:



وَإنّي كَفَانِي فَقْدَ مَنْ لَيْسَ جَازِيَاً
بِحُسْنَى ولا في قُرْبِهِ مُتَعَلَّلُ
ثَلاَثَةُ أصْحَابٍ: فُؤَادٌ مُشَيَّعٌ
وأبْيَضُ إصْلِيتٌ وَصَفْرَاءُ عَيْطَلُ
هَتُوفٌ مِنَ المُلْسَ المُتُونِ تَزِينُها
رَصَائِعُ قد نِيطَتْ إليها وَمِحْمَلُ
إذا زَلَّ عنها السَّهْمُ حَنَّتْ كأنَّها
مُرَزَّأةٌ عَجْلَى تُرنُّ وَتُعْوِلُ


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: لاميــّـــــــة العــــــــرب *****
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لورانس العــــــــرب ثريا نبوي منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 06-19-2022 07:07 AM

الساعة الآن 10:55 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.