احصائيات

الردود
22

المشاهدات
13685
 
عبد اللطيف غسري
شاعر ومترجـم مغـربي

عبد اللطيف غسري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
322

+التقييم
0.06

تاريخ التسجيل
Jul 2009

الاقامة

رقم العضوية
7368
09-04-2011, 05:06 PM
المشاركة 1
09-04-2011, 05:06 PM
المشاركة 1
افتراضي قراءة في قصيدة "إلى البحرِ أطوي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر عبد اللطيف غسري
قراءة في قصيدة "إلى البحرِ أطوي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر المغربي عبد اللطيف غسري
بقلم: الأديب والناقد المصري محمد عبد السميع نوح

إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَوجٍ...


يََخُبُّ حِصَانُ الشَّمسِ والظلُّ واقِفُ = وَأنتَ على تشْذِيبِ حُلْمِكَ عَاكِفُ
وَأوْراقُكَ العَذْراءُ سِفْرٌ طَوَيْتََهُ = وَمِنْ شَجَرِ الإحْسَاسِ فِيهِ قطائِفُ
وَلِلماءِ أُخْدودٌ يَقولُ لكَ اقْتحِمْ = عُيُونَ الشِّتاءِ الآنَ.. هَلْ أنتَ وَاجِفُ؟
دَعِ القَلَمَ الوَرْدِيَّ يَرْسُمُ دَرْبَهُ = زَوَاحِفَ ضَوْءٍ ما لهُنَّ حَرَاشِفُ
وَكُنْ وَتَرًا لا يَسْأمُ الليلُ عَزْفَهُ = وَكُنْ خَبَرًا فِي جَوْفِهِ مِنهُ طائِفُ
أوِ اخْتَرْ وُقوفًا عِندَ ناصِيَة اللظى = هُنالِكَ جِسْرٌ نازحٌ بكَ عَارفُ
بِعَيْنَيْكَ فَجْرٌ أنتَ تَنْزِفُ طُهْرَهُ = فَهَلْ شَهِدَ الرَّاءُونَ ما أنتَ نازفُ؟
تجَلَّيْتَ فِي مَعْنى الحُضورِ وَإنَّمَا = حُضورُكَ طَيْفٌ فَي القراطِيسِ هَاتِفُ
ضِفَافُ الصَّدى تنزَاحُ.. أمْسِكْ ذُيُولهَا = إذا الصوتُ مَعْنًى لِلصَّدى وَمُرَادِفُ
على عَجَلٍ أبْحِرْ بِأشْرِعَةِ الأنا = لعَلَّكَ فُلْكَ الذكْرَياتِ تُصادِفُ
تركْتَ رَياحِينًا هُناكَ نَدِيَّةً = ـ أتذكُرُهَا؟ـ حيثُ الظنونُ عَواصِفُ
وحيثُ لِسَانُ الوقتِ يَجْرَحُ حَرْفَهُ = وحيثُ قُصَاصَاتُ السؤالِ صَحائِفُ
مَتَى يَشْرَئِبُّ النَّجمُ مِن شُرْفَةِ المدَى؟ = سُؤالٌ لِأسوارِ الإجَابَةِ ناسِفُ
وَنادَيْتَ عِشْتارَ القصيدةِ أنْ ضَعِي = نسِيغَكِ فوقَ الجِذعِ، فالغُصنُ راجِفُ
ألم تعْلمِي أنِّي عَصِيٌّ بنِينَوَى = وأنِّيَ طَوَّافٌ عَنِ النهرِ عَازفُ؟
إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَوجٍ وَطِئْتُهُ = أليْسَ لِأسْمَاكِي لديهِ زَعانِفُ
وإنِّّي لَمَوْلودٌ بِزاوِيَةِ الرِّضَا = وَلَكِنَّ ظِلَّ الحُلمِ في القلبِ وَارفُ
وَإنِّي لِفَتقِ الأمْنِيَاتِ لَرَاتِقٌ = وإنِّي لِنَعْلِ القافِيَاتِ لَخَاصِفُ



قال المرحوم الأستاذ الدكتور الناقد محمود الحسيني :" النقدُ اكتشاف وليس تفسيرا " وهو قول أؤمن به ، وإن النص الأدبي برأي أستاذنا الرافعي رحمه الله يُكتبُ بفكر ويُقرأ بفكر آخر .
الشاعر هنا يجرد من نفسه ناقدا على المخاطب الذي قد يكون هو الشاعر وقد لايكون وليس هذا مهما .
وما يجريه الشاعر على مخاطبه هو ما يجريه الناقد على نص أدبي .. أتكلم عن قصيدة تشبه مشية غزال .
البداية صورة مرسومة لتدهش :
يخب حصان الشمس والظل واقف
وأنت على تشذيب حلمك عاكف
الأصل والظل ، حركة الحياة ، إيجابية أو سلبية الإنسان في الحركة ، عالم المثال وعالم الواقع .. يستمر الدفق الشعري منتقدا بمنطقية الواقع الملبوس بالصورة والكناية ليتحول إلى شعر عذب ٍ قريب الرمز عميق الدلالة ، القصيدة تضع القارئ في موضع الاكتشاف أيضا ولا تتركه يتحير كثيرا ، فهي تشير بأصبع إلى الخيال والحلم من خلال رموزها وتشير بأخرى إلى مفاتيح فك هذه الرموز ، ومن خلال هذا الاختيار الذي يضعنا الشاعر ويضع مخاطبه فيه تتجلى أبعاد الصراع النفسي الدائر مابين دنيا تموج بالحركة والأحداث وبين شاعر تتناثر حياته على السطور وكأنه / الإنسان حبر على ورق ، وياله من تشبيه عميق الدلالة .
اللغة ومفرداتها والموسيقى بإيقاعيها الداخلي والخارجي قدمت لنا كما قدمت في كل نصوص غسري شاعرا مطبوعا .. وهذه هي أهم ملامح هذا الشاعر الكبير .
تنتظم القصيدة في حالة نفسية واحدة من اللوم أو العتاب الدافع حتما إلى الاستنهاض أو بالأحرى التحريض من أول بيت في وحدة موضوعية .
نأتي إلى حركة الشمس وثبوت الظل ثم الأبحر والأنهار وكثير من جزئيات الطبيعة فنراها متناثرة في الأبيات في ترابط مشهدي واحد . وبتآلف العنصرين : وحدة الموضوع واتساق مفردات الصورة الفنية تنشأ الموسيقى الداخلية التي من خلالها نسمع وشيش الحركات سواء للماء أو الطيور والنجم والصوت والصدى .. إلخ ..
ويتناسب بحر الطويل مع التجربة على اعتبار أن ليالي الانتظار طويلة .. كما أنه بحر رصين وغنائيته تتلون مع كثير من الحالات الإبداعية في مرونة عالية ..
يخب حصان الشمس والظل واقف ** وأنت على تشذيب حلمك عاكف

الخبب : إيقاع مستحدث في أوزان الشعر العربي ، حين يجتمع القطع في تفعيلة المتدارك (فاعلن تصير فاعلْ) والخبن (فاعلن تصير فعِلن)ويصير الإيقاع في أغلب الأحوال كأنك تكرر : ما ما ماما بابا بابا (أو) تكْ تك ْ تكْتكْتكتك تكتك صوت عجلات القطار أو ارتطام حوافر الخيل بالأرض ، وفي هذه الحال يخلو الإيقاع من الأوتاد ويقتصرعلى الأسباب ،ولايعدو أن يكون سببا ثقيلا // يليه سبب خفيف
(فَعِلُنْ ـ ///0 )أو سببين خفيفين متتاليين ( فعْلنْ .. فعْ/0 لنْ / 0 )
وهو تسريع للأصل الذي بني عليه المتدارك (فاعلن .. أربع مرات في كل شطر)
ومن معنى التسريع الذي تؤديه الجياد في العدو حين تنقل الميامن جميعا والمياسرجميعا كانت تسمية هذا البحر خببا .
وكذلك حركة هياج موج البحر إنما هي خبب ، وأيضا الرجل يفسد الزوجة على زوجها والعبد على سيده خبب ، والخَِبُّ (بكسر الخاء وفتحها) الخائن ، نخلص من ذلك إلى أن الخبب حركة للتغيير ، وإتيان الشاعر بهذه المفردة كأول مفردة في القصيدة تفتح لنا مجالا محددا للقراءة والمحاكمة له أو عليه .
في البيت الأول : خبب حصان الشمس في مقابل وقوف الظل ، المعروف أن الظل يتحرك عكسيا مع حركة الشمس ، فإذا تحركت الشمس في الصورة الجيدة "حصان الشمس" فعلى الظل أن يتحرك ، المفارقة أنه واقف .. وتوضع الصورة الإنسانية في مقابل الظاهرة الكونية على نحو يوقف القارئ ولابد ، "وأنت على تشذيب حلمك عاكف " والظاهر لنا أن الشاعر ينعي على المخاطب ثبوته فيما تتحرك الدنيا ، الظل واقف وأنت عاكف ، فما المانع أن افهم أن المخاطب والظل سواء .. كأننا أمام صورة عالم المثل وعالم الواقع عند أفلاطون ، وهنا انكسرت نظرية أفلاطون على يد المخاطب المعاتَب بهذا العتاب ، قلنا إن لمفردة الخبب تجليات علمية في عروض الشعر ، وقلنا إن لها تجليات في هياج البحر ، وقلنا إن لها تجليات في عدو الجياد . وهذه التجليات مطروحة في القصيدة :
أما الجياد ففي البيت الأول ، وأما الشعر ففي البيت الأخير ، واما في البحرففي البيتين قبل الأخيرين مباشرة : وهاهما :
ألم تعْلمِـي أنِّـي عَصِـيٌّ بنِينَـوَى
وأنِّيَ طَوَّافٌ عَنِ النهـرِ عَـازفُ؟
إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَـوجٍ وَطِئْتُـهُ
أليْـسَ لِأسْمَاكِـي لديـهِ زَعـانِـفُ
هكذا أجدني أقرأ القصيدة كنص مسكون بالحركة والإيقاع النفسي ، فأنتقل إلى البيت الثاني
وأوراقك العذراء سفر طويته وفي شجر الإحساس منه قطائف
العذرية في إحساس الشاعر أي شاعر لاتبعد عن البراءة والطفولة أو الشباب الغض ، وهنا يشير إلى أن طي كتاب الماضي ماكان يجب أن يُطوى ، لأن فيه بقية حياة ، والإحساس الحياة لاشك ، وإلا لما تحرك حصان الشمس وأنت لم تبرح مكانك ..
وَلِلماءِ أُخْـدودٌ يَقـولُ لـكَ اقْتحِـمْ
عُيُونَ الشِّتاءِ الآنَ.. هَلْ أنتَ وَاجِفُ؟
دَعِ القَلَـمَ الـوَرْدِيَّ يَرْسُـمُ دَرْبَـهُ
زَوَاحِفَ ضَوْءٍ مـا لهُـنَّ حَرَاشِـفُ
وَكُنْ وَتَرًا لا يَسْـأمُ الليـلُ عَزْفَـهُ
وَكُنْ خَبَرًا فِي جَوْفِـهِ مِنـهُ طائِـفُ
أوِ اخْتَرْ وُقوفًا عِندَ ناصِيَـة اللظـى
هُنالِكَ جِسْـرٌ نـازحٌ بـكَ عَـارفُ
بِعَيْنَيْكَ فَجْرٌ أنـتَ تَنْـزِفُ طُهْـرَهُ
فَهَلْ شَهِدَ الرَّاءُونَ ما أنتَ نـازفُ؟
تجَلَّيْتَ فِي مَعْنى الحُضـورِ وَإنَّمَـا
حُضورُكَ طَيْفٌ فَي القراطِيسِ هَاتِفُ


الشاعر يناور مخاطبه ، تارة بالحكمة " وللماء أخدود" وتارة بالتحضيض الذي يقترب من التلويح بالتهديد :
"أو اختر وقوفا عند ناصية اللظى "
لاشك أن تعدد الأصوات داخل النص الشعري يثريه إلى حد كبير ، وللتعدد شروطه .. والقراءة العجلى توحي بأحادية الصوت ، وهو صوت الشاعر الذي لم يترك فرصة لصوت آخر .. ولكن بالملاحظة الدقيقة يتبين أن ثمة صوتين ، كلاهما للشاعر ، المتكلم والمخاطب ، ألاترون معي أن في توجيه ضمير المخاطب مايوحي بأن الشاعر يناجي نفسه بالخصوص ، والآخرين في العموم ؟
وللماء أخدود يقول لك اقتحم عيون الشتاء الآن ..حركة الماء في الأخدود ، حركة النبض في الإنسان ، حركة الحياة في الكون ، ولذلك كان الأمر : فاقتحم ـ الآن .. وهي صياغة تنقل إلى الإحساس دفق الماء وتوازيه بالطلب (فاقتحم) ثم يعقب ذلك الاستفهام المحفز أو المؤنب (هل أنت واجف) وبعد اقتحام عيون الشتاء والتماهي في الماء سر الحياة تتفتح الورود حتى لتتورد الأقلام، وإلى أي حد تخرجنا هذه اللقطة من قمقم الحزن إلى انفتاح البصيرة على الجمال والفأل الحسن :
"دع القلم الوردي َّ يرسم دربه
زواحف ضوء مالهن حراشف "
وهذا أمر آخر ، وقد كنى عن الإنسان بالقلم ، ولايرسم القلم حرفا ولا صورة وإنما يرسم الدرب .. لن أتمادى في القراءة التأويلية ، فقط أشير إشارات سريعة ، في ثلاث جمل تتشكل صورة جميلة : عيون الشتاء ـ القلم الوردي ـ زواحف ضوء ) ولولا أن زواحف الضوء مالهن حراشف ماكان لها هذا الجمال . وهي بذلك دعوة لتنقية الحياة من القبح والزيف والغثاثة .
ويوضع في مقابل ذلك " أو اختر وقوفا عند ناصية اللظى .. هنالك جسر نازح بك عارف
يكفيني "ناصية اللظى " في مقابل ما إذا رفض المخاطب الدعوة الوردية .. أما كون الجسر النازح عارفا بتكرار معاناة المخاطب فأرى أنه مطروح في سائر النص ، ولاأدري تماما هل من ضرورة ملحة لإيراده ، أم أن ذلك أمرا خاصا بالشاعر مما استأثر به في طويته ، ولكنه واضح الدلالة في معنى الترهيب من التقاعس عن تلبية رغبة المتكلم / الشاعر .
يعينيك فجر أنت تنزف طهره .. فهل شهد الراءون ما أنت نازف
حيثية أخرى من حيثيات الاستنهاض بالترغيب والترهيب ، وهي حيثية من الجمال الموسيقي بمكان ، كما أنها تقدم ورقة جديدة كحجة دامغة ، ونهتز كثيرا إذا قرأنا البيت " أمامك فجر " أو " ودونك فجرا" أو " بوجهك فجر " ثم نقرأ " بعينيك فجر " فذلك أدعى إلى الاهتزاز والانفعال ، وتلك الحالة من النزف المستمر للطهر ، التحذير يعلو وتعلو وتيرته بدرجة متنامية عبر الأبيات ، النص متحرك موقف إلى موقف ، ومن أطروحة إلى أخرى ، ومن حجة إلى حجة ،
تجليت في معنى الحضور وإنما حضورك طيف في القراطيس هاتف ..
التحول من الحلم إلى الواقع ، من التطيف إلى التجسد هو القضية الآن ، يرى الشاعر أن حضور المعاني وحدها ليس كافيا للإقرار بتمام الحضور ، وكأنما هو في سياق المثل القائل " حبر على ورق " البيت يتناص مع هذه المقولة ، ومن أمثال هذه المفاتيح للنصوص الحديثة نتلمس الطريق إلى انفتاح الدلالة إلى ما هو أكثر اتساعا من شخص الشاعر ، فقضايان كلها حبر على ورق ، وفلسفاتنا كلها حبر على ورق ، وابتكاراتنا لم توضع على أرض الواقع كتقنية حديثة ، بل وبكل أسف كثيرا ما تكون مواقفنا العقدية الرائعة والمذهلة مجرد اقتناع عقلي بلا رصيد من العمل ، والإيمان كما هو معروف ما وقر في القلب وصدقه العمل ..
أختم بالفعل "تجليت" والجمع"القراطيس" وهو ملح شديد الدلالة على الشتات ، فالمتجلي مفرد والمتجلى عليه كثير ، إضافة إلى اسم الفاعل (هاتف) الذي يعني الثبوت على حالة الجمود هذه مقدِّما لذلك بأداة الحصر (إنما)وعن الحضور يتكلم عن معناه بما يناسب القراطيس ولم يتكلم عن الحضور المادي الذي هو ضالة المتكلم والمخاطب على السواء . وكلمة الطيف تتمم هلامية كلمة (المعنى) حول قضية الحضور الورقي المرفوض .
الشاعر عبد اللطيف غسري يطرق الذائقة دائما بكهرباء الشعور فيغريني بالكتابة ممسوسا بإبداعه المتميز ..


قديم 09-06-2011, 10:46 AM
المشاركة 2
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سعيدٌ بهذه القراءة
و لي عودة إنشاء الله تعالى
و تقب مودتي.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا

قديم 09-06-2011, 01:58 PM
المشاركة 3
عبد اللطيف غسري
شاعر ومترجـم مغـربي
  • غير موجود
افتراضي
سعيدٌ بهذه القراءة
و لي عودة إنش اء الله تعالى
و تقب مودتي.
أخي الكريم الأستاذ عبده فايز الزبيدي..
سعادتي بإطلالتك الراقية هنا أكبر من كل الكلمات.
أشكرك وأحييك.
وأنتظر عودتك بكل شغف ومحبة.
مودتي وتقديري الكبير

قديم 09-07-2011, 12:00 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
أوِ اخْتَرْ وُقوفًا عِندَ ناصِيَـة اللظـى هُنالِكَ جِسْـرٌ نـازحٌ بـكَ عَـارفُ
بِعَيْنَيْكَ فَجْرٌ أنـتَ تَنْـزِفُ طُهْـرَهُ فَهَلْ شَهِدَ الرَّاءُونَ ما أنتَ نـازفُ؟

كأن الاستاذ الشاعر عبد اللطيف غسري في هذه الابيات يقول ما قاله نيتشه " ليكن شعارك ان تعيش في قلق دائم وان تبني بيتك فوق بركان" .

ولا شك ان القراءة النقدية التي قدمها الاستاذ الناقد محمد عبد السميع نوح قراءة رائعة لكنني ارى بأن القصيدة تقول اكثر من ذلك وربما ان الشاعر اراد ان يقول اكثر من الذي قيل...حبذا لو يتم التمحيص في اعماق هذه القصيدة ومحاولة استخراج ما تحتويه من عناصر جمال قد تكون مقصوده وقد تكون لا واعيه املاها سلطان الشعر.

قديم 09-08-2011, 11:38 AM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
قراءة في قصيدة " إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر عبد اللطيف غسري:



بداية لا يمكن القول أن هذه القصيدة من أجمل قصائد الشاعر الأستاذ عبد اللطيف غسري فكل قصائده جميله إلى حد الإدهاش.




ولا اعرف أن كنت سأستطيع تقديم قراءة معمقة لها فالقراءة الشعرية لمثل هذا الشعر العميق ليس أمرا سهلا. فهي كالبحر حتما عميقة، وغامضة، والجمال يعبر إلى قلب وعقل المتلقي أمواج فوقها أمواج، لكن البحر يظل غامض وعميق وقد لا نصل إلى كل ما يختزنه من جمال وأسرار في أعماق أعماقه.


طبعا باستخدام هذا العنوان " إلى البحرِأطوي كُلَّ مَوجٍ " يضع الشاعر غسري المتلقي في جو النص المفعم بالحركة والرومانسية والغموض والرهبة والإثارة والخطورة، والخوف، والجمال، والتحدي... وكأن المتلقي انتقل فجأة إلى شاطئ البحر يشاهد الشاعر وهو يطوي الموج ولك أن تتخيل جمال تلك الصورة وأثرها على المتلقي.



فماذا يقصد الأستاذ غسري في البيت الأول؟



يََخُبُّ حِصَانُ الشَّمسِ والظلُّ واقِفُ = وَأنتَ علىتشْذِيبِ حُلْمِكَ عَاكِفُ



تعالوا نستكشف معا أعماق هذه القصيدة الجميلة!!!!

قديم 09-09-2011, 02:20 PM
المشاركة 6
عبد اللطيف غسري
شاعر ومترجـم مغـربي
  • غير موجود
افتراضي
أوِ اخْتَرْ وُقوفًا عِندَ ناصِيَـة اللظـى هُنالِكَ جِسْـرٌ نـازحٌ بـكَ عَـارفُ
بِعَيْنَيْكَ فَجْرٌ أنـتَ تَنْـزِفُ طُهْـرَهُ فَهَلْ شَهِدَ الرَّاءُونَ ما أنتَ نـازفُ؟

كأن الاستاذ الشاعر عبد اللطيف غسري في هذه الابيات يقول ما قاله نيتشه " ليكن شعارك ان تعيش في قلق دائم وان تبني بيتك فوق بركان" .

ولا شك ان القراءة النقدية التي قدمها الاستاذ الناقد محمد عبد السميع نوح قراءة رائعة لكنني ارى بأن القصيدة تقول اكثر من ذلك وربما ان الشاعر اراد ان يقول اكثر من الذي قيل...حبذا لو يتم التمحيص في اعماق هذه القصيدة ومحاولة استخراج ما تحتويه من عناصر جمال قد تكون مقصوده وقد تكون لا واعيه املاها سلطان الشعر.
أخي العزيز الأستاذ الأديب والناقد القدير أيوب صابر..
أتقدم إليك بأسمى عبارات الشكر والامتنان على تفضلك بالاطلاع على هذه القراءة، والبصم عليها بتوقيعك المميز الراقي الذي أرجو أن يحتذيَ به القراء والنقاد الذين يتصدون للإبداع بالقراءة والتمحيص الدقيق ولا يكتفون بمرور عابر لا يعبر عن مواقفهم الحقيقية من النصوص التي يقرأونها.
أشكرك إذن، وعلى الوعد مني باستمرار التواصل في عالم النت الافتراضي.
دمت بخير أخي الكريم.

قديم 09-10-2011, 11:56 AM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
قراءة في قصيدة " إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر عبد اللطيف غسري:


يََخُبُّ حِصَانُ الشَّمسِ والظلُّ واقِفُ = وَأنتَ علىتشْذِيبِ حُلْمِكَ عَاكِفُ

تعالوا نستكشف معا أعماق هذه القصيدة الجميلة!!!!

الأغلب أن الشاعر يخاطب ذاته هنا إذ يقول: ألا ترى بأن حصان الشمس، وفي هذا تشخيص للشمس..أي جعلها كائن حي مثل حصان، تعدو باندفاع شديد؟ وفي ذلك كناية عن سرعة حركة الزمان... وكأن الشاعر يقول ألا ترى يا صاحبي بأن الشمس تهرول مسرعة في السماء فيمر الزمن بسرعة فائقة...بينما أنت واقفٌ في مكانك لا تتحرك، وغير مدرك أو منتبه لسرعة مرور الزمن والوقت، ودليل الشاعر على ذلك أن ظله واقف لا يتحرك.

ويضيف الشاعر أيضا محذرا أو معاتبا أو منبها ذاته بقوله... وبدلا من أن تندفع لتستفيد من الوقت وتلحق بحصان الشمس الذي يعدو ويخب مسرعا أنت تقف هناك تداعب حلمك وتعكف على تشذيبه.

وكأن الشاعر يقول لنفسه ايضا تذكر يا صاحبي أن "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك" لكنه يقولها من خلال صورة شعرية بالغة الجمال والتأثير وبلغة غاية في التأثير وبأسلوب ساحر... حيث يصور الشمس الجامدة، والحارقة، والبعيدة جدا في كبد السماء...بحصان جميل يخب مسرعا باندفاع... بينما أنت تقف مداعبا حلمك ومشذبا له غير مدرك لسرعة مرور الوقت!

وكأن الشاعر يدعو نفسه للانتباه لسرعة مرور الوقت ويحثها على أن تتجاوز مرحلة الأحلام وتنتقل إلى العمل.

ونجد أن الشاعر يُسخر هنا أهم عنصرين من عناصر الجمال والتأثير على ذهن المتلقي وهما:

- الحركة المتمثلة في حركة الحصان الذي يخب مندفعا في كبد السماء...مما يجعل النص ينبض بالحيوية والحركة والحياة.

- التضاد والمتمثلة في حركة الشمس مقابل وقوف ذات الشاعر، إضافة إلى الشمس والظل...والمعروف أن تسخير التضاد هو أكثر العناصر تأثيرا على عقل المتلقي.

ثم هناك عنصر الحوار الذي يخلقه الشاعر من خلال تجريد شخص من ذاته ليخاطبه ويعاتبه وينبهه بأن الزمن يمر بينما هو يقف هناك يداعب حلمه.

وإذا أضفنا إلى كل تلك العناصر صورة الحصان الذهنية وما يرتبط بها تراثيا في ذهن المتلقي...ذلك الحصان الذي يخب مسرعا في كبد السماء، نجد أن تلك الصورة تستحضر في ذهن المتلقي كل ما يرتبط بالحصان من جمال، وقوة، وعنفوان، وخير الخ....فالخيل مقعود بنواصيها الخير إلى يوم ألقيامه....حتى اننا نكاد نرى حصان المتنبي والذي خلده في اشعار كثيره...

وعليه نجد أن هذا البيت من الشعر لوحده يقول الكثير جدا...وهو حتما بالغ التأثير والجمال...حد السِحر.


يتبع،،

قديم 09-12-2011, 01:03 PM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع،،


وَأوْراقُكَ العَذْراءُ سِفْرٌ طَوَيْتََهُ = وَمِنْ شَجَرِ الإحْسَاسِ فِيهِ قطائِفُ

في البيت الثاني نجد وكأن الشاعر يستمر في مخاطبة ذاته فيقول ...أي صاحبي ، لماذا تقف هكذا مشغول بتشذيب حلمك؟ وأنت ترى الشمس تخب في كبد السماء مسرعة...والوقت يمر بسرعة.

وكأنه في هذا البيت يلوم نفسه ويحضها ويحثها بأن لا تقف مكتوفة الأيدي، وان تستمر في الحركة والنشاط وبذل الجهد، وربما كتابة القصائد تحديدا.

حيث يشير إلى تلك الأوراق العذراء التي ضمنها سفر طواه، (سِفْرٌ طَوَيْتََهُ )، وفي ذلك كناية على أن تلك الأوراق جديدة، لم يمسسها القلم بعد فهي عذراء...وطواها الشاعر في ذلك السفر الذي يحتوي أصلا على قطوف من ثمار شجر الإحساس، وهي حتما القصائد حيث يشبه الشاعر القدرة على الكتابة الشعرية بشجر الإحساس، والقصائد بثمار هذه الأشجار.

وكأن الشاعر يلوم نفسه على العزوف عن الكتابة الشعرية، والتوقف عن تسجيل وتدوين ما تجود به قريحته، رغم أن تلك الأوراق الجديدة التي أعدها جاهزة لتستقبل مزيد من قصائده الجديدة، التي هي بمثابة ثمار شجر الإحساس لديه والذي سبق له أن دون مثلها وضمنها ذلك السفر....كل ذلك والوقت يمر مسرعا بينما هو مشغول في تشذيب حلمه بدلا من العمل على مزيد من الانجاز.

وما يميز هذا البيت هو استخدام الشاعر لكلمات غنية يرتبط بها تراث ديني قديم، ويوقظ في ذهن المتلقي ذلك التراث العبق. وذلك يتأتى تحديدا من خلال استخدام كلمات (العَذْراءُ ) و (سِفْرٌ).

ولكن الشاعر لا يكتفي باستخدام تلك الكلمات وما تحمله أو يرتبط بها من معنى تراثي عميق يغني النص ويجعله بالغ التأثير، ولكنه يشخصن الأوراق حين يصفها بأنها عذراء...فيجعل النص ينبض بالحياة والحيوية....وكأنها أنثى عذراء.

وتقفز حدة تلك الحيوية بشكل مهول حينما يجسد الشاعر، في الشطر الثاني من البيت، الأحاسيس بأن يجعلها مثل الأشجار التي تثمر قصائد (قطوف).

ولا شك أن لاستخدام وتكرار حرف الهمس (السين أو الشين) ثلاث مرات في هذا البيت له سحر استثنائي...واثر بليغ على نفس المتلقي.

يتبع،،

قديم 09-16-2011, 01:50 PM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع ،،،

قراءة في قصيدة " إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر عبد اللطيف غسري


وَلِلماءِ أُخْدودٌ يَقولُ لكَ اقْتحِمْ = عُيُونَ الشِّتاءِ الآنَ.. هَلْ أنتَ وَاجِفُ؟

ويستمر الشاعر في معاتبة الذات، مخاطبا نفسه قائلا....كيف تقف مكتوف الأيدي أي هذا، وأنت ترى الأشعار تتدفق مثل ماء يتدفق في أخدود؟ .. .كيف تقف مكتوف الأيدي وهذه الأشعار تتدفق كما هي عيون الشتاء المنهمرة من السماء؟ هي تناديك وتقول لك اقتحم...أي احمل قلمك ودون ما تجود به قريحتك فلماذا تقف هناك خائفا عاجزا؟
هنا يشبه الشاعر ما يدور في خاطره من أشعار تتفلت بأنها مثل ماء يتدفق في أخدود، أو عيون الشتاء المنهمرة من السماء، وفي ذلك كناية عن غزارة قريحته الشعرية.

وكأن الشاعر يعاني من صراع داخلي بين ما يشعر به من قطوف الأحاسيس التي تحاول أن تتفلت وتخرج إلى الوجود ، وعزوف، ووقوف وعدم رغبة في تجسيد اللحظة الشعرية المتأتية، وعدم ميل إلى تدوين ما يدور في خلده من صور شعرية بل نزيف شعري كما يصفه في بيت لاحق.

ويضاف إلى ذلك الصراع الذي يدور في نفس الشاعر والذي يجعل النص اقرب إلى الحياة كونها صراع متعدد الأوجه، نجد في هذا البيت أيضا الكثير من الحركة المتمثلة في جريان الماء في الأخدود، وفي انهمار المطر من عيون الشتاء...هذه الحركة التي تجعل البيت ينبض بالحيوية والحياة، خاصة انه وباستخدام كلمة " الماء" يستحضر في ذهن المتلقي ما يرتبط بهذه الكلمة من تراث ومعنى، وهي حتما كلمة مرتبطة بالحياة..."وجعلنا من الماء كل شيء حيا".

وباستخدام كلمة ( عيون ) استنفار لحاسة البصر لدى المتلقي...هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تأتي استكمالا لرسم صورة بالغة الجمال تتمثل في أخدود من المياه المتدفقة، وعيون من أمطار الشتاء المنهمر من السماء.

وفي استخدام كلمة أخدود استحضار غير مباشر للتراث المرتبط بقصة الأخدود "قتل أصحاب الأخدود" وهي طريقة ذكية لاغناء النص من خلال حشد كلمات يرتبط بها عمق تراثي غني.

أما استخدام كلمة "اقتحم" ففيه تضخيم للصراع القائم في نفس الشاعر.

وفي كلمات "يقول لك" استثارة لحاسة السمع لدى المتلقي وتعزير للحوار بين الشاعر ونفسه.

وفي استخدام كلمة "واجف" تلاعب على مشاعر الخوف عند المتلقي ومحاولة لاستثارتها.

ونجد في محصلة ما حشده الشاعر هنا، في هذا البيت، من عناصر قوة وجمال، وتأثير، وخاصة عنصري الصراع الداخلي، والحركة، ومن ثم صورة المياه المنهمرة من عيون الشتاء، والأخرى المتدفقة من أخدود الماء، وتلك الكلمات التي تحمل في ثناياها الكثير من الإرث الحضاري والديني، والأخرى التي تستثير الحواس والمخاوف...نجد أن الشاعر نجح هنا في نسج بيت شعر اقل ما يقال عنه انه ...رائع بحق وبالغ التأثير والجمال.

يتبع،،

قديم 09-17-2011, 01:31 PM
المشاركة 10
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
لا اعرف ان كنت قد امسكت بتلابيب هذه القصيدة ...حبذا لو تكون القراءة لمثل هذه القصيدة يتم عبر ورشة عمل يشترك فيها اكثر من محب للادب وعاشق للتعمق في النصوص الادبية، كلٌ يدلي بدلوه وينظر الى النص من زاويته.

بانتظار وجهات نظر اخرى لما تقوله هذه القصيدة، او اي اضافة او تصحيح، او توضيح....

ولا شك ان في القراءات النقدية العميقة كثير من الفائدة والمتعة.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قراءة في قصيدة "إلى البحرِ أطوي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر عبد اللطيف غسري
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إضاءات نقدية موجزة على قصيدة (غربة القلب) للشاعر عبد اللطيف غسري عبد اللطيف غسري منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 7 12-16-2020 06:09 PM
قصيدة "إذنا ورفـرف ألـفُ طيـر شـادِ" للشاعر خشان خشان ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 06-15-2017 02:27 AM
قراءة نقدية فى قصيدة " بوح الحروف " جبار دهر جبار منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 01-02-2013 02:53 PM
"الأرض اليباب" قصيدة للشاعر والناقد الأميركي ت.س. أليوت. ماجد جابر منبر الآداب العالمية. 7 12-16-2011 09:59 PM

الساعة الآن 08:28 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.