قديم 05-15-2013, 10:20 AM
المشاركة 41
احمد ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
يقول ستيس "إذا كان الله هو المصدر النهائي لكل شيئ ، لكان مع ذلك انه المصدر النهائي للشر ، لكن كيف يمكن ان يتسق ذلك مع خيريته الكاملة " ..

أيضاً كتب هيوم يقول " ان أسئلة أبيقور القديمة لا تزال بغير جواب ، فهل يريد الله ان يمنع الشر لكنه لا يستطيع ؟ لو صح ذلك لكان عاجزا ! أم انه يستطيع لكنه لا يريد ؟ لو صح ذلك لكان غير خير ، أم انه قادر و يريد فى ان معا ؟

و فى هذه الحالة من اين جاء الشر ؟ " ..

المشكلة فى هذه المسالة تجئ من النظر للكلمات بمعناها الحرفى .. فكلمات مثل "قادر" ، و "يريد" ، و "يستطيع" عندما تستخدم فى حق الله تعالى ، لا بد ان تكون دلالتها رمزية و ليست حرفية ..

الخطأ الثاني ياتى من تصورنا لله بنفس تصورنا لأنفسنا كبشر ، لذلك الكلمات تعنى بالنسبة له تعالى نفس ما تعنيه بالنسبة لنا ..

لكن الإجابات الحاسمة لأسئلة أبيقور المذكورة ، لا تجئ من قبل الفلسفة ، و إنما من قبل الدين ، و الإجابة البسيطة المباشرة هى ان الشر من الله، و لكن ليس عنده ، و الله تعالى فعلا يمنع الشر ، بعد ان يؤدى وظيفته المرحلية التى أوجده من أجلها ،

و أسئلة أبيقور مبنية على افتراض خاطئ يقوم على انه طالما ان الشر ظل موجودا دائماً فى الماضي و إلى اليوم ، فهو سيظل كذلك فى المستقبل، و هنا تكمن مشكلة الإطار المرجعي ، فالعقل وحده لا يملك من إمكانية إدراك المستقبل ما يمكنه من البت فى استمرارية أو عدم استمرارية الشر ..

و الأمر أيضاً ينسحب على الماركسية لانها عندما سحبت الماضي على المستقبل ظنت ان مستقبل الإنسانية كماضيها ..

يبدو لى انه لا بد من الحديث عن الإطار المرجعي للحضارة الغربية ، ففيه مكمن الخلل ..

لنا عوده

قديم 05-15-2013, 03:36 PM
المشاركة 42
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اشكرك استاذ احمد

ما رأيك ان تعود لتركز في حديثك حول القضية الاصل وهي:- هل اصل الانسان قرد؟

قبل ان نتشعب في الحوار كنت تجيب على سؤال : كيف نشأ العقل الواعي؟ ربما كمرحلة من مراحل التطور التي مر فيها الانسان.

السؤال الان :
- هل هذا يؤكد ان الانسان تطور من فصيلة القرود ؟
- وهل اكتسب الوعي اكتساب؟ او ان وعيه تطور عبر السنين؟

قديم 05-16-2013, 12:09 AM
المشاركة 43
احمد ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأخ ايوب سلامى الحار .. لعمرى ان الإطار المرجعي للحضارة الغربية يصب فى عمق موضوع التطور .. هذه مداخلة على عجل و لولا الشوغل لاسهبت لك ، لكن لى عودة

قديم 05-17-2013, 01:02 PM
المشاركة 44
احمد ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
ان ما تحتاجه البشرية اليوم ، بصورة أساسية ، هو إطار توجيه ، و نموذج إرشاد كلى و شامل ، تقيم عليه تصورها الأساسي للكون ، و للحياة ، و تسترشد به ، فى جميع نشاطاتها الفكرية و الحياتية ، وفق أهداف و غايات كلية ، تقوم على طبيعة الوجود ، و على الطبيعة البشرية ، و هذا أمر تهيأت البشرية له ، بالحاجة اليه ، و الطاقة به ، لأول مرة فى تاريخها ، بفضل الله ، ثم بفضل التطور الهائل ، الذى حققته الحضارة الغربية السائدة ..

و السمة الأساسية لإطار التوجيه المنشود ، هى (الوحدة) ، التى تعطى إطارا مشتركا لجميع الخلائق ، بله البشر ، و تجعل التمايز الفردي ممكنا ، و فعالا ، فى إثراء الحياة البشرية ، ثم هو لا يستوجب تمييزا ، لا فى اصل الطبيعة ، و لا فى إطار القانون عند البشر ..

و قد اصبح الشعور بالوحدة ، فى المجال الكوزمولوجى مشعورا به بشدة ، نتيجة للتطور العلمى ، الذى رد كل صور المادة إلى الطاقة ، و رد كل الكون المادى ، إلى بداية واحدة مشتركة ، و اصل واحد مشترك ، كما تشير إلى ذلك نظرية الانفجار العظيم ..

كما ان هنالك فى مجالات العلم المادى التجريبي ، شعور قوى ، بان هنالك قانون واحد يحكم الكون كله ، و البحث جارى عن معرفة هذا القانون ، أو النظرية التى تفسر كل شئ "نظرية كل شئ" ..

كما ان المحاولات جارية ، فى الربط و التوحيد ، بين القوى الأربعة : الجاذبية ، والكهرومغناطيسية ، و الذرية القوية ، و الذرية الضعيفة ..

اما على مستوى البشر ، فان الوحدة على مستوى الكوكب الأرضي ، قد تحققت جغرافيا ، بصورة تكاد تلغى الزمان و المكان، و هذه الوحدة تطالب بمظاهرها فى الجوانب الإنسانية المختلفة ..

و ما "العولمة" إلا استجابة الحضارة الغربية ، لمقتضيات هذه الوحدة ، و تعبر عنها فى إطار قيم هذه الحضارة، و إطار التوجيه فيها ..

و لكن "العولمة" كاستجابة لتحديات "الوحدة" ، محاولة فاشلة ، و قاصرة اشد القصور ..

لان التصور يرجع إلى طبيعة الإطار المرجعي لهذه الحضارة ، فمن المستحيل ان تفضى الحضارة الغربية إلى الوحدة المنشودة ، دون ان يكون هنالك تغيير أساسى فيها، و فى إطارها التوجيهي بالذات ..

وما نقرره هنا كقضية جوهرية، بالنسبة للخلل، فى جوهر إطار التوجيه للحضارة الغربية، هو على الرغم من ان الحضارة الغربية نفسها ، و عن طريق العلم المادى التجريبي ، توصلت إلى ان المادة ، كما تظهر لحواسنا ، ليست هى اصل الكون ، بل هى غير موجودة أساسا ، إلا بالنسبة لخداع حواسنا ، و ما هى فى الحقيقة إلا مظهر لشئ وراءها هو "الطاقة" >

على الرغم من ذلك ، لا زالت الحضارة فى جوهرها ، حضارة مادية !! هى مادية فى تصورها لطبيعة الكون ، و للإنسان ، و للحياة ..

فالمادية تشكل جوهر الإطار المرجعى لهذه الحضارة ..

و هذا إطار لم يعد يصلح لتوجيه الواقع الحضارى الجديد الذى نعيشه اليوم ، فلا بد من إطار مرجعي جديد ، يتجاوز هذا الإطار ، دون ان يلغى الجوانب الإيجابية فيه ، و ذلك بوضع المادية فى إطارها ، كمظهر ، و كوسيلة ، لما ورائها .

و اهم ما هو مطلوب ، من الإطار المرجعى الجديد ، ان يؤديه ، هو ان يعطى الوجود معنى كليا ، و يعطى الحياة معنى كليا ، و هدفا كليا ..

فغياب المعنى و الهدف الكلى ، هو أساس أزمة الحضارة القائمة ، و هو ينعكس على كل شئ فى حياة الإنسان ، و يحد من قيمة اى نشاط حياتى ، أو فكرى ..

فإذا كانت الأهداف غير محددة تحديدا واضحا ، و لا يوجد تمييز واضح بين ما هو غاية ، و ما هو وسيلة ، لا بد للحياة البشرية ، و للفكر البشرى ، ان يكون مضطربا ، و هذا هو حال الواقع الحضارى القائم .

كل الناس يشعرون ، بمشكلة غياب المعنى ، فى حياتهم ، على تفاوت بينهم فى ذلك .. و لكن الأذكياء ، من أبناء الحضارة ، عبروا عن الأزمة ، و حدودها بوضوح ، على سبيل المثال ، يقول المحلل النفسى أريك فروم " لم يقترب الإنسان فى يوم ما من تحقيق اعز أمانيه ، مثلما اقترب اليوم .. فكشوفنا العلمية ، و إنجازاتنا التقنية ، تمكننا من ان نرى رأى العين اليوم الذى تمد فيه المائدة لكل من يشتهون الطعام ، اليوم الذى يؤلف فيه الجنس البشرى مجتمعا موحدا ، فلا نعود نعيش فى كيانات منفصلة ، و قد اقتضى الأمر آلاف السنين حتى توجت على هذا النحو ، ملكات الإنسان الذهنية ، و قدرته النامية على تنظيم المجتمع و تركيز طاقاته ، تركيزا هادفا ، و هكذا خلق الإنسان عالما جديد له قوانينه الخاصة و مصيره ، فإذا نظر إلى ما أبدعه ، حق له ان يقول ، ان هذا الذى أبدعه ، شئ حسن " ... و يواصل ليقول " ولكن ماذا يقول إذا نظر إلى نفسه ؟

هل اقترب من تحقيق حلم آخر للبشر ، هو كمال الإنسان ؟ الإنسان الذى يحب جاره ، و يحكم بالعدل ، و ينطق بالصدق ، محققا ماهيته ، اى ان يكون صورة للإله ؟ ..

إثارة السؤال تدعو للحرج ، لان الإجابة واضحة وضوحا أليما .. فبينما خلقنا أشياء رائعة ، أخفقنا فى ان نجعل انفسنا جديرين بهذا الجهد الخارق ، فحياتنا حياة لا يسودها الإخاء و السعادة ، و القناعة ، بل تجتاحها الفوضى الروحية و الضياع الذى يقترب اقترابا خطرا من حالة الجنون " ..

إلى ان يقول " و لكن هل سيسمع أطفالنا صوتا يرشدهم إلى ما يتجهون، و ما الهدف الذى يعيشون من اجله، أنهم يشعرون على نحو ما، كما يشعر الناس جميعا، انه لا بد للحياة من معنى، و لكن ما هو؟

هل يجدونه فى المتناقضات ، و فى الكلام المزدوج الدلالة ، و فى الاستسلام السافر الذى يلتقون به عند كل منعطف؟

أنهم مشوقون إلى السعادة و العدالة و الحب ، و إلى موضوع للعبادة ، فهل نحن قادرون على إشباع شوقهم ، عاجزون نحن مثلهم ، بل أننا لا نعرف الإجابة ، لأننا نسينا حتى ان نسال السؤال ، و نزعم ان حياتنا قائمة على أساس متين، و نتجاهل ظلال القلق والهم و الحيرة التى تغشانا فلا تريم " ..

و من اهم ما قاله فروم ، فى هذا الصدد، مما له علاقة بالوحدة، التى نتحدث عنها، و عن تشخيص أزمة الحضارة ، قوله " و ينشئ التنافر أو انعدام الانسجام ، فى وجود الإنسان حاجات تتجاوز حاجات اصله الحيواني تجاوزا بعيدا ..

و ينتج عن هذه الحاجات دافع قاهر لاستعادة الوحدة ، و التوازن بينه و بين بقية الطبيعة ، ويحاول استعادة هذه الوحدة و التوازن فى الفكر بادئ الأمر، و ذلك بتشييد صورة ذهنية جامعة all inclusive للعالم تكون بمثابة إطار للإشارة ، يستطيع منه ان يستمد الإجابة على السؤال الخاص بموقفه ، و ما ينبغى عليه ان يفعله ، بيد ان مثل هذه المذاهب الفكرية ليست كافية ، فلو كان الإنسان عقلا مجردا عن الجسم لبلغ غايته بمذهب فكرى شامل ..

و لكن ما دام الإنسان كيانا له جسم و عقل ، فلا مناص من ان يواجه ثنائية وجوده لا بالتفكير فحسب ، بل بعملية الحياة أيضاً ، و بمشاعره و أفعاله ، و عليه ان يسعى جاهدا إلى تجربة الاتحاد و الوحدة فى كل مجالات وجوده ، كى يصل إلى توازن جديد " ..

هذا تصور رائع ، جوهرى ، و متكامل ، لمشكلات الإنسان المعاصر ، و أشواقه ....

يتبع

قديم 05-18-2013, 05:08 AM
المشاركة 45
احمد ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
انا على يقين تام ، ان هذه التحديات و الأشواق ، لا تجد الاستجابة الحقيقية لها إلا فى "التوحيد الإسلامي" كإطار مرجعي ، و هذا ما سنبينه فى حينه .

اما ألبرت شفايتزر فيقول من كتابه " فلسفة الحضارة " ، " و الأمر الثاني الذى اود ان يتداوله الناس ، هو أمر العلاقة بين الحضارة ، و بين نظريتنا فى الكون ، و هى علاقة لا يعيرها احد التفاتا فى الوقت الحاضر ، فان العصر الذى نعيش فيه يعوزه إدراك أهمية الظفر بنظرية فى الكون ، فان الاعتقاد العام ، سواء لدى المتعلمين أو غير المتعلمين ، هو ان الإنسانية ستتقدم على نحو مرض تماماً ، دون الحاجة إلى اى نظرية فى الكون على الإطلاق ، و الواقع ان كل تقدم إنسانى يتوقف على التقدم فى نظرية فى الكون، و على العكس نجد ان كل انحلال سببه انحلال مماثل فى نظريته فى الكون،

وقتما يتهيأ لنا الوصول إلى نظرية قوية و ثمينة فى الكون ، نجد فيها اعتقادا قويا ثمينا ، هناك فقط يكون فى وسعنا إيجاد حضارة جديدة " ..

و يقول " لكن الأمر الذى أرجوه قبل كل شئ - و هذا هو جوهر المسالة كلها - هو انه ينبغى لنا ان نعترف بان افتقارنا الكامل الآن إلى اى نظرية فى الكون ، هو المصدر الأخير لكل الكوارث و ألوان الشقاء التى يعج بها العصر الحاضر،

و لهذا يجب ان نعمل معا لإيجاد نظرية فى الكون و فى الحياة ، حتى نستطيع بذلك ان نصل إلى مستوى عقلى يجعلنا متمدنين فعلا و حقاً " ..

اما وايتهيد فيقول " ان الإنسانية تستطيع ان تزدهر فى المراحل الدنيا من الحياة بواسطة لمحات بربرية ، من الفكر فحسب ، و لكن عندما تبلغ المدنية ذروتها ، فان عدم وجود فلسلفة متسقة تكون منتشرة فى الجماعات كلها ، يؤدى إلى الانهيار والملل و تراخى الجهد " ..

بالطبع الهدف للحياة ، لا يغيب عن الإنسان بصورة كلية ، فالإنسان كائن هادف ، لا يعمل إلا لغاية متصورة عنده ..

فالغائية تدخل فى حياة الإنسان ، فى كل كبيرة و صغيرة ، و من هنا تأتى الأهمية القصوى للمعنى ، و الهدف للحياة ..

و هو هدف نزعم ان الإطار المرجعى للحضارة الغربية لا يمكن ان يعطيه، و هو الهدف الكلى، الشامل ، و المتسق مع طبيعة الوجود، و طبيعة الحياة، و هذا ما عناه المفكرون الذين أوردنا بعض أقوالهم ..

اما الأهداف الآنية المحدودة ، فلا يخلو منها احد ..

و عن كلية الهدف يقول كولن ولسون " ان ما يجب على الإنسان ان يفعله ، هو ان يحاول ان يفهم العالم ، و ليس العالم ما يحيط به من كون فقط ، و إنما هناك كون آخر ، خلف عينيه أيضاً ..

و كل ما يحتاج اليه الإنسان ، هو ان يفترض شيئا ليعمل على ضوئه .. ان يؤمن بشئ ليمنحه ذلك هدفا ، و المحك الأخير لقيمة هذا الإيمان ، هو إلى اى حد يستطيع على ضوء مثل هذا الإيمان ان يعمل ؟

لقد كان الإسكندر الأكبر يؤمن بشئ منحه قوة هادفة هائلة ، إذ امن بانه سيحكم العالم كله ، و لما حكم العالم ، جلس يتساءل يائسا : ماذا افعل الآن ؟

اجل ، هذا هو محك كل إيمان .. فإذا انتهى مفهوم الهدف عند حد معين ، فانه ليس هدفا حقيقيا ، إذن ليس هدفا نهائيا ،

و لكن الدين يمنح الإنسان هذا الهدف النهائي ، الهدف الذى لا ينتهى حتى لو عاش مليونا من السنين " .. هذا ما قاله كولن ولسون ،

اما نحن فنقول : ان الهدف النهائي ، لا ينتهى حتى ما بعد الموت ، و لا يكون هدفا نهائيا ، حقيقيا ، إلا إذا اشتمل على ما بعد الموت !!!

ما تقوم عليه الحضارة الغربية من إطار مرجعي ، سواء فى الفهم الذى تعطيه العلوم التجريبية ، أو فى العلمانية ، أو مفهوم اللبرالية أو الرأسمالية ، بعيد كل البعد ، عن ان يعطى مثل هذا الهدف النهائي ، و هذا ما أوردنا بعض أقوال مفكرى هذه الحضارة فى التدليل عليه ..

فالعلمانية تقوم على معرفة الكون ، و الانشغال بالحياة الدنيا ، و الدين يقوم على معرفة الله ، و معرفة الكون فى الدين وسيلة إلى معرفة الله ، و طرف منها ..

كما انه فى الدين الحياة الدنيا ، وسيلة إلى الحياة العليا ..

و هى حياة مطلوب ان تعاش هنا فى دورة هذه الحياة .. يقول تعالى عن المعرفتين : ( وعد الله لا يخلف الله وعده و لكن أكثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون ) ..

" يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا " هذه هى العلمانية ، و ما يمكن ان يعطيه الإطار المرجعى الذى تقوم عليه الحضارة الغربية ، و لا تستطيع ان تتعداه باى حال من الأحوال .. فالعلمانية تقوم على توكيد الحياة الدنيا ، وحدها ، و على العقل الذى يشكله هذا التوكيد ..

و الحياة الدنيا ليست هى الحياة ، و إنما هى وسيلة للحياة ، فبالتوكيد عليها ، بل و القصور عليها ، جعلت الحضارة الغربية الوسيلة فى مكان الغاية !!

و هى فى النظام الرأسمالي السائد ، وظفت نشاط الإنسان كله فى سبيل هذه الوسيلة ، على اعتبار أنها الغاية الوحيدة لكل صور النشاط الفكرى و الحياتى ..

و أصبحت بذلك حياة الإنسان كلها مبنية على الإنتاج و الاستهلاك .. و الاستهلاك لم يعد مجرد نشاط بشرى ، و إنما اصبح نمط حياة !! بل و نمط الحياة الأساسي الذى يوجه كل نشاط الإنسان !!

فنموذج الإرشاد المطلوب ، ينبغى ان تنطبق عليه المواصفات التى تحدثنا عنها، حتى تقوم الحلول التى تنبنى عليه ، باستيعاب طاقات الحياة المعاصرة ، بإعطائها المعنى و الهدف الكلى الشامل ، و الذى ينسجم مع طبيعة الوجود ، الروحية و المادية أيضاً ..

و الحضارة الغربية بطبيعتها، يستحيل عليها ان تقدم، نموذج الإرشاد هذا المنشود ..

وهو لا يتوفر إلا فى الإسلام ، وحده ، دون غيره من الأديان و الأفكار و الفلسفات ..

و لكن الحضارة الغربية بانجازاتها العظيمة فى مجالات العلم و التكنولوجيا، استرهبت عقول المسلمين، فانصرفوا عما عندهم من جوهر، إلى ما فى هذه الحضارة من بهرج ، فاصبحوا يعيشون على قشور من الإسلام وعلى قشور من الحضارة الغربية !!

و الحضارة الغربية جوهرها فاسد ، خل عنك قشورها ..

يتبع

قديم 05-19-2013, 12:57 PM
المشاركة 46
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
استاذ احمد اشكرك كل الشكر على مداومتك على هذه المداخلات والتي تشير الى معرفة عميقة بتاريخ الحضارة الانسانية وتطورها :

تقول في مداخلتك قبل الاخيرة "و قد اصبح الشعور بالوحدة ، فى المجال الكوزمولوجى مشعورا به بشدة ، نتيجة للتطور العلمى ، الذى رد كل صور المادة إلى الطاقة ، و رد كل الكون المادى ، إلى بداية واحدة مشتركة ، و اصل واحد مشترك ، كما تشير إلى ذلك نظرية الانفجار العظيم .. ".


- هل يعتبر الانسان صورة من صور المادة المقصودة هنا؟
- وهل يقول العلم ان الكائن الحي والمادة الجامدة من صنف واحد لكن الاختلاف بينهما هو في تركيز المادة؟
- ثم السؤال هو : هل هذا هو الاساس الذي اقيمت عليه نظرية النشوء والتطور واصل الانواع؟
- ام ان الذي قاد دارون لوضع نظريتة هو مشاهداتة الميدانية ووجود ما يشير الى تلك العلاقة القوية بين الانواع؟

قديم 05-22-2013, 11:12 AM
المشاركة 47
احمد ابراهيم
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأخ الفاضل ايوب ..

قبل الخوض فى تفاصيل أسئلتك الجيدة أعلاه ، اسمح لى ان أتحدث بشئ من التفصيل عن مفهوم التطور فى الدين الإسلامي ، و هو فى تقديري مما يعين على إجلاء الصورة ، و إجلاء الحوار و ذلك عندما نتكئ جميعا على ارض مشتركة ، هذه الأرض هى الفهم العلمى للإسلام لموضوع الخلق و التطور ..

فان قصة الخلق هى القصة التى يدور حولها القران ، فى مجمله ، و فى تفاصيله ، و إليها الإشارة بقوله تعالى : ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القران .. ) ، و إنما كانت أحسن القصص ، لانها قصة الإنسان ، و ليس فى الوجود الحادث غير الإنسان ، فى طور من تطوره .. و لانها سيرة الإنسان نالت هذه المكانة ، و بها أصبحت أكمل القصص ، فكل قصة سواها ، هى دون مداها ، لانها جزء منها ..

لقد صدر الوجود ، عن الله سبحانه ( هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شئ عليم ) ، و كونه الأول ، فان الشئ الثاني، لا بد ان يكون قد جاء منه، فان الله لم يخلقنا من العدم ، لانه ليس هناك شئ اسمه العدم ، قبل الله ، و لم يكن هناك شئ اسمه العدم بجانب الله ، ليخلق منه !!

فلم يبق الا ان الله تبارك و تعالى خلقنا من نفسه ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة !!)، و قد ذكر المفسرون الأوائل ، ان النفس الواحدة ، هى نفس ادم عليه السلام ، و هذا بطبيعة الحال ، يصح فى المعنى القريب ، و لكن ادم نفسه من الناس ، و هو مخاطب بهذا الخطاب القرانى مثلهم ، و هو قد خلق من النفس الواحدة مثلهم ، ثم ان نفس ادم ليست واحدة ، لانه منقسم، و موزع بالمخاوف ، إنما النفس الواحدة هى نفسه تعالى...

ما دامت البداية ، هى وجوده سبحانه و تعالى .. و قد نعى الله على المشركين ، ظنهم بانهم خلقوا من العدم - من لا شئ - فقال تعالى ( أم خلقوا من غير شئ ؟ أم هم الخالقون ؟! ) . ان التوحيد ، يقوم فى أساسه ، على ان الذات الإلهية ، هى اصل الوجود ، و مصدره ، و بها قيومية كل شئ ، و إليها مصير كل شئ ..

و الذات الإلهية "مطلقة" ، لا يلحق بها قصور ، و هى فوق كل وصف ، و لكن الله تعالى ، بمحض فضله، تنزل من صرافة ذاته ، إلى منازل أسمائه ، و صفاته ، و أفعاله .. ثم انزل القران ليحكى هذه التنزلات ، لكى يعرفه عباده ، فيسيروا إلى عتبة ذاته ..

فمن حيث الوجود ، الذات الإلهية هى وحدها الموجودة بذاتها ، و كل ماعداها ، و من عداها ، ليس موجودا الا بها ، و ليس معها ..

هذه الحقيقة التوحيدية ، تفيد بان الله تعالى ، هو مرجعية كل شئ فى الوجود .. و من هذه الحقيقة ينبثق كل شئ و إليها يعود ..

فالوجود اصله واحد ، و مصدره واحد ، و القانون الذى يحكمه واحد ، لا خلاف فى شئ من ذلك فى الحقيقة ، و كل خلاف يوجد ، إنما هو خلاف من حيث التنزل ، و الظهور ..

فالاطلاق إذن ، هو اصل الوجود كله ، و اليه مصيره .. و ما التقيد و المحدودية ، الا شكل من أشكال تجليات المطلق .. اما المطلق فى ذاته ، فيتسامى عن كل قيد ، أو حد ، أو تصور ، و ذلك لمكان كماله ، فهو لا يلحق به النقص أو العجز فى اى صورة من الصور ..

تنزلت الذات من صرافتها ، إلى مرتبة الاسم ، ثم مرتبة الصفة ، ثم مرتبة الفعل .. فبذلك ظهر الحادث من القديم ، و المحدود من المطلق ..

فالله تعالى : عالم و مريد و قادر ، و هو تعالى ، علمه قديم ، و إرادته قديمة ، و قدرته قديمة .. و هو تعالى لا يعلم بجارحة كأحدنا ، و إنما يعلم بذاته ، و يريد بذاته ، و يقدر بذاته ، و هو لم يصنع العالم من مادة سابقة ، و إنما صنعه من لدنه ..

فالخلق هو الإرادة الإلهية تجسدت .. و هذا هو معنى التنزل من الإطلاق ، فالكون الحادث فى الإسلام ، يقع فى ثلاثة عوالم ، عالم الملكوت من أعلى ، و عالم الملك من اسفل ، و عالم البرزخ فى الوسط ..

و عالم الملكوت عالم لطائف ، عالم أرواح .. و عالم الملك عالم كثائف ، عالم مادة مجسدة ، تتأثر بها حواسنا .. و عالم البرزخ عالم المزج بين اللطائف و الكثائف ..

عالم العقول التى ركبت فى الأجساد ، لتحيل كثافتها إلى لطافة .. و هذا هو عالم الإنسان .. و الوحدة هى السلك الذى ينتظم هذه العوالم جميعها .. و هذا يقودنا للحديث عن وحدة الوجود . وحدة الوجود :- العوالم التى ذكرناها أعلاه ، الاختلاف بينها اختلاف مقدار ، اختلاف درجة ، و ليس اختلاف نوع ، فمرجعية التوحيد تمنع اختلاف النوع منعا باتا ، و هذا هو معنى قوله تعالى ( ما ترى فى خلق الرحمن من تفاوت ) ..

فالتفاوت فى الدرجة و المقدار أو المظهر ، موجود ، و لكنه ليس تفاوت نوع ، ليس تفاوتا فى اصل طبائع الأشياء ..

و حسب هذه النظرة التوحيدية، لا يوجد اختلاف نوع بين المادة و الروح ، فالمادة كما سبق ان قررنا هى روح فى درجة من الذبذبة تتأثر بها حواسنا، و الروح مادة فى درجة من الذبذبة لا تتأثر بها حواسنا ، على النحو المألوف ..

فالمادة و الروح مظهران لشئ واحد ، الاختلاف بينهما اختلاف فى الكثافة و اللطافة ، أو اختلاف فى مستوى الذبذبة ..

فصورة المادة التى نألفها و نعرفها ، و التى يقوم عليها جوهر الحضارة الغربية كما أسلفنا ، هى وهم من أوهام الحواس ..

أقول صورة المادة ، التى نألفها و نعرفها ، و اعنى صورتها و ليست حقيقتها ، لان حقيقة المادة هى إرادة الله ..

و لذلك لا بد من التمييز بين مظاهر الأشياء ، و حقائق الأشياء ..

و على هذا التصور ، الوجود الحادث ، هو إذن وحدة .. و وحدة الوجود فى الإسلام تعنى انه ليس فى الوجود الا ذات الله ، و أسماؤه ، و صفاته ، و أفعاله ..

و لذلك كل شئ فى الوجود ، له دلالة واحدة ، و معنى واحد .. و كلمة "معنى" تفيد ما يدل عليه الشئ ، و يقود اليه ..

فالمعنى الجامع الشامل لكل ما فى الوجود ، هو الله ، فكل شئ ، و كل حدث ، هو يشير إلى الله ، ويدل عليه ، بصورة من الصور ..

فالوجود إذن واحد فى حقيقته ، متعدد فى مظاهره .. و المظاهر هى تجلى الذات .. و الذات لكمالها ، لا تتجلى لذرتين فى الوجود ، تجلى واحد .. فالذات لا تكرر نفسها ، فالتكرار فى حقها نقص ، تتعالى عنه علوا كبيرا ..

فالخلق جميعهم متساوون فى مبدأ الدلالة على الله ، و هذا معنى قوله تعالى ( ما ترى فى خلق الرحمن من تفاوت ) .. و إنما ياتى التفاوت .. من حيث البعد و القرب فى الدلالة ..

وفى اتجاه وحدة دلالة الخلق على الخالق ، يجئ قوله تعالى : ( و ان من شئ الا يسبح بحمده ، و لكن لا تفقهون تسبيحهم ) .. قوله " و ان من شئ الا يسبح بحمده " تعنى ما من شئ الا و هو دال على الله ، بتسبيحه ، و تنزيهه .. قوله " و لكن لا تفقهون تسبيحهم " يعنى فيما يعنى ، أنكم لا تدركون وحدة تسبيح الخلق على تنوعه ، لأنكم مشغولون بمظهر التعدد عن وحدة الدلالة .

فالكون الحادث طبيعته روحية ، و مظهره مادى .. و الروح منه هى الأصل ، و المادة فرع " مظهر " .. ذلك ان اللطافة هى الأصل .. اللطيف هو الأصل و الكثيف مظهره ، هذا بالنسبة لكل شئ ..

فالطاقة بالنسبة للكون المادى ، هى الأصل ، و المادة مظهرها ، هذا الأمر سينبنى عليه الكثير .. و مما ينبنى عليه ، تصحيح وهم ساد الفكر البشرى لفترة طويلة ، و لا يزال قائما ..

هذا الوهم هو المادية ، فى الفكر ، و فى الفلسفة ، و فى الحياة ..

فقد ظل الأمر السائد فى الفلسفة إلى وقت قريب ، انه لا وجود الا للمادة التى تدركها حواسنا ..

و على الرغم من ان العلم التجريبي المادى نفسه، توصل إلى خطا و خطل هذا الراى، منذ بداية القرن العشرين، عندما توصل أنشتاين إلى نظريته فى التكافؤ بين المادة و الطاقة ، الا انه عمليا ، لا يزال التفكير المادى هو السائد ، و لكن لم تعد له السطوة القديمة ، و الغرور القديم ..

اما بالنسبة للحياة ، فقد تكون سطوة المادية قد زادت !!

على كل ، لا تزال الحياة المادية ، فى الحضارة الغربية ، هى الغاية ، و كل ما سواها وسيلة إليها ...

يتبع

قديم 05-23-2013, 10:50 AM
المشاركة 48
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ احمد ابراهيم

تقول" فالتفاوت فى الدرجة و المقدار أو المظهر ، موجود ، و لكنه ليس تفاوت نوع ، ليس تفاوتا فى اصل طبائع الأشياء ..
و حسب هذه النظرة التوحيدية، لا يوجد اختلاف نوع بين المادة و الروح ، فالمادة كما سبق ان قررنا هى روح فى درجة من الذبذبة تتأثر بها حواسنا، و الروح مادة فى درجة من الذبذبة لا تتأثر بها حواسنا ، على النحو المألوف ..

فالمادة و الروح مظهران لشئ واحد ، الاختلاف بينهما اختلاف فى الكثافة و اللطافة ، أو اختلاف فى مستوى الذبذبة .. فصورة المادة التى نألفها و نعرفها، و التى يقوم عليها جوهر الحضارة الغربية كما أسلفنا ، هى وهم من أوهام الحواس ..

أقول صورة المادة ، التى نألفها و نعرفها ، و اعنى صورتها و ليست حقيقتها ، لان حقيقة المادة هى إرادة الله .. و لذلك لا بد من التمييز بين مظاهر الأشياء ، و حقائق الأشياء ..".

- لا اتصور ان هذا الطرح علمي ولا هو منطقي ، بل في الغالب هو قائم على طرح لاهوتي، فمن يستطيع ان يجزم بأن الروح والمادة مظهران لشيء واحد؟!.
و لماذا نفترض بأن الله خلق كل شي من (طاقة) ؟ لماذا لا يكون ان الله خلق مادة وخلق طاقة وهما شيئان مختلفان وخلق اشياء كثيرة اخرى لا نعلمها؟
لان قدرتنا على الاستيعاب والفهم والوعي محدودة وما نستطيع ان نعرفه بالمقارنة مع ما هو قائم محدودة للغاية ؟ (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)..

- كما انني لا اتصور بأن صورة المادة وهم من اوهام الحواس!
- ولا اتصور بأن الحضارة الغربية تقوم على وهم هذا الافتراض اي الاساس المادي او الصورة المادية للاشياء، بل ربما يمكننا القول بأن الحضارة الغربية هي التي اكتشفت مبدأ الطاقة، وتأثرت كافة علومها من اكتشاف هذا المبدأ، كما ان التفكير المادي عند الغرب محصور في الفكر الماركسي، علما بأن ماركس اسس نظريته المادية على انقاض نظرية هيجل والتي يقول فيها بأن الفكرة هي الاساس والحياة المادية تتشكل بناءا ومن واقع الافكار.

وعليه فان الوهم هو الاعتقاد بوحدة الوجود...وعلى الاغلب إن هذا الوهم ينطلق من حالة اغتراب وشعور مطلق بالوحدة وحاجة ملحة للانتماء لشيء عظيم واكبر، فتتشكل في الذهن حالة هذيان ، ويتم وضع تصورات لاهوتية لا اساس لها سوى ما يدور في الدماغ من ذهان وهذيان. والمعروف بأن العقل قادر على وضع هذه التصورات والاوهام حيث تصبح مع الزمن وكأنها حقيقية وربما ان هذا هو اهم سبب يؤدي الى افتراق الناس في الانتماءات والافكار والمواقف، وكل ذلك يشير الى ان الانطلاق من الاساس المادي في تفسير الاشياء اسلم واقرب الى الحقيقة والعلمية والمنطقية، لانه يكون ابعد عن التصورات والاوهام والتي يمكن للعقل الذهاني ان يولدها.

- لكن السؤال هل هناك في العلم ، وبما في ذلك طروحات اينشتاين، ما يؤكد بأن " الاختلاف بين الاشياء هو اختلاف فى الكثافة و اللطافة ، أو اختلاف فى مستوى الذبذبة .. "..
- ثم هل اصل كل شيء طاقة؟
- و هل الحجارة واوراق الاشجار مصنوعة من نفس المادة ...(الطاقة)؟ وان الاختلاف بينهما يكمن في مستوى الذبذبة فقط؟
- ثم لماذا لا نقول بأن عنصر الحياة في اوراق الاشجار هو طاقة من نوع آخر ومن مكان آخر وهي ربما تشترك مع الحجارة في اصلها المادي لكنها تحتوي على عنصر آخر حعلها تتمايز عن الحجاره وتلك هذه الطاقة الروحية!!؟؟

قديم 05-29-2013, 01:20 PM
المشاركة 49
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ويظل السؤال : هل اصل الانسان قرد؟

قديم 05-29-2013, 09:01 PM
المشاركة 50
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخي / د.أيوب صابر
حول السؤال: هل أصل الإنسان قرد؟
علم الغيب هو علم الله وحده، فقال في محكم التنزيل(قل لا يعلم من في السموات و الأرض الغيبَ إلا الله ، و ما يشعرون أيَّان يبعثون) النمل ، و من هذا الغيب ما أخبرنا الله به في كتابه عن أصل الإنسان قال:
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة .
ما أستفيده من هذه الآية الكريمة أن الله جلَّ شأنه يستشير الملائكة عليهم السلام في جعل خليفة في الأرض ، فكانت إرادة الله بالنسبة للملائكة غيب ، فأجابوا بما علموه من حال الشياطين حين كان لهم السلطان على الأرض .و هذا يدل على أن آدم في أثناء هذا الحوار لم يكن قد خُلق من قبل الله بعد، و قد شرح الله لنا أصل هذا الخليفة (الإنسان ،آدم )فقال:
(
إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) 59 آل عمران
إذاً فمادة آدم هي التراب و مادة ابنائه ن بعده مرورا بعيسى عليه السلام ، و جاءت السنة المطهرة لتؤكد هذا الأصل:
فقد روى أبوداود في كتاب الآداب هذا الحديث الشريف : (إ
ن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي وفاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب ، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن". ) .
و هذا يرد على قول المتصوفة المؤمنين بوحدة الوجود القائلين على الله البهتان من أن (الخلق هو عين الحق) و لا موجود إلا الله حتى أنهم قالوا : أن محمدا خلق من نور الله في عقيدة (الإنسان الكامل).
و يؤكد الله على أن هذا المخلوق لا علاقة له بما قبله ، بل هو كائن جديد و سماه (الإنسان):
(
الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ) 7 السجدة.
فقوله (بدأ خلق الإنسان) يدل عندي أن بداية خلق الإنسان(آدم) كانت من تراب و لم تمر بمرحلة قبلها .
_ و لا أكاد أقرأ آية عن خلق هذا الكائن إلا و نعته باسمه و بمسماه :آدم ، الإنسان ،فتأملوا الآيات :

( يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا) النساء (28)
( خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ) النحل (4)
( خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ) الأنبياء (37)
( الرحمن(1) علم القرآن (2) خلق الإنسان(3) ) الرحمان
فما قيمة هذا التكرار لقولة(الإنسان) إلا ليؤكد النص القرآن على أن هذا المخلوق هو غير سائر الأجناس المعروفة
و أن أصله ما حكاه القرآن التراب و الطين ،فسلالته من طين:

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ) المؤمنون (12).

أخيرالنجمع ما سبق فنجده في آية محكمة:
(الذي أحسن كل شي خلقه و بدأ خلق الإنسان من طين(7) ثمَّ جعلَ نسله من سلالةٍ من ماءٍ مهين)
فهل بعد هذا البيان القرآني حجة لصوفي يقول بنورانية ذات محمد ، أو ان الوجود كله ليس إلا الله و أن الكون وهم محجوب
أو هل يجد الملحد شبهة ليدحض بها حقيقة ما ذكره الله :من أن الإنسان أصله كما حكاه خالقه عنه من تراب ، و لا علاقة للقرد به.


وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: اصل الانواع..هل اصل الانسان قرد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الانسان حيوان ..........!! ناريمان الشريف منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 16 11-18-2019 08:45 PM
الانسان خالد فهد منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 4 10-22-2019 10:58 PM
هل انتصر الانسان؟ نبيل عودة منبر القصص والروايات والمسرح . 0 12-12-2016 08:36 PM
من هو الانسان حكمت خولي منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 6 04-15-2016 12:14 PM

الساعة الآن 06:49 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.