احصائيات

الردود
9

المشاهدات
7132
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.41

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
05-22-2016, 12:06 PM
المشاركة 1
05-22-2016, 12:06 PM
المشاركة 1
افتراضي أناجيل كتابة السيرة الذاتية
هذه إضاءات واشارات حول كتابة الروايات من نمط السيرة الذاتية وهي مقتبسة مما قاله حول الموضوع مجموعة من الذين سبق لهم ان خاضوا في هذا المجال او لديهم نظرة نقدية واطلاع على الموضوع وهم يقترحون أطر محددة لمثل هذا النمط من الكتابة .

لا اقترح الالتزام المطلق بهذه الوصايا او الإضاءات وكانها نصوص مقدسة فلكل مبدع نهجه الذي يمكن ان يكون لكن الاطلاع على هذه الإضاءات ممن اختبر هذا النمط من الكتابة سيساهم حتما ويساعد في إبداع نصوص رشيقة ومكثفة ومشوقه وذات قيمة أدبية عالية


------------
رأي جبرا ابراهيم جبرا

يقول جبرا ابراهيم جبرا في جوابه حول " لماذا السيرة الذاتية " وذلك في مقدمة سيرته الذاتية المعنونة البئر الاولى ما يلي :

اردت في البداية ان اكتب سيرة ذاتية كاملة لا سيما بعد ان طالبت ادباء جيلي اكثر من مرة بكتابة مذكراتهم ، وتسجيل تجربة التغيير والنمو والصراع التي تجعل لحياتهم ، وحياة كل منا ، بل للحياة في عصرنا كله ، مذاقها وبعض معناها...

ولكنني ادركت انني اذا اردت الدقة والتفصيل يجب على ان اعود الى عدد ضخم من المدونات وبخاصة الرسائل التي كتبتها وتلك التي تسلمتها في سني حياتي وهي بالالاف وبالعربية والانجليزية وفي اقطار عديدة. فاكتشفت بعدها عسر المهمة ، لاستحالة العودة الي معظم تلك الرسائل وليس في حوزتي الا بعضها. وادركت انني بدون هذه الرسائل ساضطر الى الاعتماد فيما اقول على الذاكرة فحسب بكل ثغراتها وخلخلاتها واضطرابها...
فقررت ان اكتب عن السنين الاولى فقط من حياتي : ابتداء من طفولتي بابعد ما تسعفني الذاكرة منها الي ان انتهيت من دراستي في انكلترا، وعدت الي القدس مليئا بالافكار ومحموما بها وممزقا بين ضروب متناقضة من الوعي في مطلع سنتي الرابعة والعشرين.
ثم شعرت ان سنوات دراستي في اكسترا وكمبردج ( وبعض الوقت في اكسفورد) تحتاج وحدها الى مجلد خاص ، ان انا اردت الصدق مع نفسي والتعمق في تجربتي..فقلت اذان اكتب اولا عن حياتي حتى سن التاسعة عشرة وهي السن التي حالما تخطيتها - باسبوعين اثنين او اقل - غادرت القدس طلبا للدراسة الجامعية في انكلترا. فهي خاتمة مرحلة وبادية اخرى ومهما يكن من امر فان سني حياتي الاولى تلك تزدحم واحداث شخصية لا بد من متابعتها واستيضاحها ...والكتابة عنها ستكون شيئا مثيرا ، ولو صعبا وقد تسهل على الدخول في سرد المرحلة اللاحقة..

ولكن حالما بدأت اكتب عن اولى ذكرياتي الطفولية ، وجدت ان علي ان اختصر كثيرا واحذف كثيرا واهمل الكثير والا فانني لن انتهي...وادركت مرة اخرى ان الفترة التي طالبت نفسي بالكتابة عنها اطول مما ينبغي كمسالة اساسية ..لان الطفولة شيء والمراهقة شيء اخر ورغم ان المراهقة امتداد بتجارب الطفولة من حيث الجوهر - من حيث الرؤية المتنامية للحياة- فقد كان في فترة المراهقة من الغنى والتشعب واللذة والالم والحب والصداقات ما لن افي بعض حقه الا بمجلد منفرد...فقررت اخيرا ان اكتفي بالسنين الاثنتي عشرة الاولى من حياتي - او بالاحرى بسبع او ثماني سنوات منها - منتهيا بانتقالي مع والدي من بيت لحم الى القدس عام 1932...وكان هذا حدثا حاسما بالنسبة لما جرى لي فيما بعد...

اذكر انني كنت يوما في مقهى في القدس ، بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية ( عام 1945 ) ..فتعرفت بسيدة جذابة وذكية اسمها هايدي لويد ، قالت انها نحاته وتدرس النحت في بغداد، وزوجها سيتون لويد اثاري مشهور وكنت يومئذ رئيسا لنادي الفنون ومدرسا للادب الانكليزي في الكلية الرشيدية واكتب الشعر بالانكليزية وانشره ويظهر انها قرأت بعضه ولكن ظروفي المعيشية كانت قاسية وارفض ان اعلم احدا بتفاصيلها...
وقد فاجاتني ، حين جاءت قهوتنا اذ قالت بشيء من الاغراء : حدثني عن حياتك ! يقولون انك عشت وما زلت تعيش حياة مثيرة..
ضحكت عندها وقلت حياة مثيرة؟ انا لست بطل الابطال ان كنت لا تعلمين.
قالت لا لا انا لا اعني ذلك النوع من الحياة..ولكن تجربتك الفيزيائية النفسية الذهنية علاقاتك العاطفية...
وبلمح البصر عاودني خليط من احداث طفولتي ومراهقتي وسنواتي في انكلترا بتداخل وتسارع عجيبين...
قلت اذا كان هذا ما تقصدين فسافعل ولكن ليس الان لان القصة طويلة ، طويلة جدا...
قالت اذا انتظر ان اقرأ سيرتك الذاتية يوما ما
قلت اخشى ان يطول انتظارك والان حدثيني عن نحتك
واذا كنت في اول الشباب قد شعرت ان القصة طويلة طويلة جدا فماذا اقول الان وقد طالت القصة اربعين سنة اخرى؟ ولقد طال انتظار السيدة الفنانة التي لم ارها مرة ثانية حتى بعد مجيئي الي بغداد بعد ذلك بسنوات ثلاث. هل اقول انها اول من زرع البذرة في ذهني بضرورة التحدث عن حياتي بشكل من الاشكال؟

انا لا اكتب هنا تاريخا لتلك الفترة ثمة من هم اعلم ، واجدر ، وابرع مني في سلسلة ووصف احداث العشرينيات واوائل الثلاثينات في فلسطين. ولا انا اكتب هنا تاريخا لاسرتي ، لان ذلك شأن آخر، ولا ازعم ان لدي القدرة عليه. ولا انا اكتب تحليلا اجتماعيا لبلدة فلسطينية كانت يومئذ صغيرة، لا يتعدى سكانها خمسة الاف نسمة، ان لم يقلوا عن ذلك ، ولا تتعدى مدارسها الطور الابتدائي من التعليم الذي تتحكم بمعظمه الاديرة والكنائس، وهي اليوم مدينة ذات شأن اقتصادي وسياسي، يقارب سكانها مئة الف نسمة، وفيها مدارس عديدة ، وفيها جامعة يتخرج منها سنويا عشرات الطلبة...

ان ما اكتبه هنا شخصي بحث ، وطفولي بحت ومقتربي يتركز على الذات اذ يتزايد انتباهها، ويتصاعد ادراكها ، ويعمق حسها، ولا تنتهي بالضرورة حيرتها...ولئلا انزلق الي التاريخ العائلي بتفرعاته ( وفي ذلك ما فيه من الاغراء) اثرت الاستمرار باستقصاء كينونة واحدة تتنامى مع الايام وعيا ومعرفة وعاطفة، تحيا براءتها ، وتتشبث بها والبراءة تزايلها...
وهي طبعا جزء من محيطها : انها بعض تلك البيوت والاشجار والوديان والتلال بعض الشموس والامطار والوجوه والاصوات التي بها تحيا وبها تكتشف القيم والاخلاق وتكتشف الجمال والقبح والفرح والبؤس جميعا...
ولعلني عن قصد او غير قصد جلعت من الذات والمحيط احيانا موضوعين متبادلين، في الواحد انعكاس للاخر بل وتجسيد رمزي له احيانا...ولانه في زوال مستمر مع الزمن فاني احاول ان اضع يدي عليه وآسره في شبكة من الكلمات لئلا يضيع بالمرة...


قديم 05-22-2016, 03:10 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ولكن الذات والمحيط كانا احيانا على طرفي نقيض وكان على الذات ان ترفض بضرب من الجنون ان تجد انعكاسها في المحيط، وان تخلص من فعله المدمر، الى ان يأتي اليوم الذي تريد فيه ان تتحكم به وتغيره. لعل تلك هي قصة المراهقة او بعضها وما سوف يناظرها ويليها من تنامي المعرفة والإرادة وتنامي القدرة على التحليل والتعليل والقدرة كذلك على اعادة التركيب والخلق عن طريق الخيال انها قصة البراءة المفقودة ومحاولة استعادتها .
ان المرء ليهجس بان قصة الطفولة مع هذا البعد الزمني السحيق وهذا التحول الاجتماعي الكبير قد تأتي غير مستكملة مغزاها الحقيقي حين تفصل عن سياقها اللاحق الذي هو حياة المرء بتمامها.
والطفولة اصلا ليست قصة واحدة بل هي قصص متباينة يصعب في معظم الاحيان وصل اجزاء بعضها ببعض رغم تواتر شخصياتها الا بشئ من الحيلة الروائية. غير انها تطالب الذهن بالعودة اليها على نحو ما بإلحاح يتكرر وتجد بعض هذا الإلحاح في ميولها في احلام الليل كل مرة بشكل جديد وتوتر مغاير كما نجده في مثواها على غير ما توقع في احلام اليقظة بشكل يختلف عن مجرد استعادات الذاكرة .

قديم 05-22-2016, 03:19 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قصص الطفولة اذا هي قصص احداث غدت مزيجا من الذكرى والحلم مزيجا من الكثافة الوجودية والغيبوبة الشاعرية مزيجا يتداخل ويتواشج فيه المنطق واللامنطق. ولكنه مزيج يؤكد حضوره أبدا في عمق ما من النفس يستحيل ايفاؤه حقه مهما تابع الذهن جزئياته وتشعباته.
بل ان معظم كتاب السيرة الذاتية منذ اقدم الأزمان وفي آداب الامم جميعا يميلون الى تجنبه او إهماله ربما بسبب من صعوبته الخاصة . وقد جرت عادتهم اذا ركزوا على احداث طفولتهم ان ينظروا اليها بعين النضج الذي اطرحوه مع تقدم السن وتقدم القدرة على التعليل والتعليق. فهم يحاولون استيضاح ما جرى لهم في الماضي كمقدمة او تبرير لحاضرهم .
وهم يستبقون المعلقين والنقاد بشان تجربتهم بان يعلقوا هم على تجربتهم وينقدوها. وبما انهم لا يجدون دائماً الكثير للتعليق والنقد مما يتصل بسنوات الطفولة، فانهم نادرا ما يتوقفون عندها لاكثر من فصل او فصلين. انهم يستعجلون القلم لبلوغ المرحلة الاهم في نظرهم ، مرحلة المراهقة وبخاصة حين تنفتح النفس على بواكير الأحاسيس الجنسية ولذاتها واوجاعها المتسارعة.
وبعد ذلك يولون عنايتهم للمراحل اللاحقة من تجارب الشباب والنضج ، تدليلا على ما حققوا - او لم يحققوا - من منجزات في ميادين الفعل ، او الفكر او كليهما .
مهما يكونوا محقين في ذلك فاني أثرت اتباع طريقة تغاير طريقتهم ربما مستذكرا قول الشاعر وردزورث " ان الطفل هو والد الرجل " ولكن عن رغبة عميقة في التأكيد على روعة تلك الفترة من حياة الانسان بحد ذاتها ربما لقربها من اصل الكينونية ولا سيما اذا ذهبنا مع وردزورث مرة اخرى الى ان هذا الاصل منبته في السماء عند الله.


قديم 05-22-2016, 04:36 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع
لقد حاولت ان أعود فأحيا تلك الفترة من جديد طفوليا دون تحرق للتحليل ، ودون ان افلسف ما جرى او اعقب عليه. واسترسلت في محاولتي بقدر ما استطعت ولكن مضطرا الي الانتقاء والحذف مدركا مشكلة الكاتب الأبدية وهي كيف يوفق بين سيولة التجربة وشكلانية الكلمة .

وكان لا بد من ان انتقي أحداثا معينة بقيت تفرض نفسها على ذاكرتي ، وتنضح في دمي برقة لا استطيع تفسيرها ، وجمال يتزايد مع الزمن ، وشاعرية تزيدها الآلام توقدا ، ومفارقات تتوازى بغرابتها مع العشق الطفولي لكل دقيقة من تلك الحياة - تلك الحياة التي قد تبدو الان في الكثير منها قاسية ، وظالمة ، ومرفوضة .

ورغم ان احداث المرحلة التالية أغنى جداً بالضرورة واشد تعقيدا وتشعبا، وهي أيضاً تطالب المرء بان ياسر أحداثها في شباك من الكلمات لعل معالمها تتحدد بصيغة مفهمومة ، فان الطفولة تبقى مبعث سحر يستديم فعله الغامض، ومصدر وهج يعجز عنه التفسير . وكلا السحر والنهج يغرينا دوما بالشخوص اليه والاندهاش به مجددا ، محققا للنفس انتعاشا هي بحاجة اليه كلما راكمت عليها الايام أحداثها ، وحطت السنون عليها أعباءها.

جبرا ابراهيم جبرا
بغداد
كانون ثاني 1986



قديم 05-22-2016, 11:07 PM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفي مقدمة روايته " البئر " يقول جبرا ابراهيم جبرا

البئر كم كانت مهمة وأساسية. وأيام اضطررنا الي الإقامة في دار لا تتمتع بوجود بئر في حوشها ، كانت أياما قاسية حقا.
والبئر في الحياة انما هي تلك البئر الأولية التي لم يكن العيش بدونها ممكنا. فيها تتجمع التجارب ، كما تتجمع المياه، لتكون الملاذ ايام العطش. وحياتنا ما هي الا سلسلة من الآبار. نحفر واحدة جديدة في كل مرحلة، نسرب اليها المياه المتجمعة من غيث السماء وهمي التجارب ، لنعود اليها كلما استبد بنا الظمأ وضرب الجفاف ارضنا.

والبئر الاولى هي بئر الطفولة. انها تلك البئر التي تجمعت فيها اولى التجارب والرؤى والأصوات، اولى الأفراح والإحزان، والأشواق والمخاوف، التي جعلت تنهمر على الطفل ، فاخذ ادراكه يتزايد، ووعيه يتصاعد، لما يمر به كل يوم يعانيه او يتلذذ به. وكلما استقى من تلك البئر ازداد مع ريه فهمه لهذه التجارب والرؤى والأصوات بأفراحها وأحزانها ، وإذ يمتح من مائها ، لن يعرف ما الذي سيصعد اليه من صفو قرير او طين وعكر. وقد يكثر الطين والعكر ويقل الصفو القرير. ولم لا ؟ انه يعيش ويتغذى : انها البئر التي لن يكون له عنها غنى. وإذ يعود اليها كل مرة فهو انما يرد ينبوعا دائم الفيض في طوايا إنسانيته.

قديم 05-23-2016, 07:55 PM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

لوحة الغلاف لرواية " البشر الأولى " لجبرا إبراهيم جبرا:

السيرة الذاتية، في الثقافة العربية المعاصرة، من اقل ما يتصدى له الكتاب. واذا كتبوها فانهم قل ما يتناولون سنوات الطفولة بالكثير من التصوير والاسترسال. غير ان هذا بالضبط ما يفعله جبرا في كتابه هذا، مما يجعله عملا نادرا ومتميزا في العربية عن حق.
البئر الأولى هي بئر الطفولة. انها تلك البئر التي تجمعت فيها أولى التجارب والرؤى، والاصوات، أولى الافراح والاحزان والاشواق والمخاوف التي تنهمر على الطفل، فاخذ ادراكه يتزايد ووعيه يتصاعد لما يمر به كل يوم، ويعانيه بعذاب او يتلذذ به.
يتابع المؤلف طفولته منذ وعيه الأول في سن الخامسة حتى يكمل السنة الثانية عشرة من عمره، ويستمر باستقصاء هذه الكينونة التي تنامى مع الأيام وعيا ومعرفة وعاطفة، وهي تحيا براءتها وتتشبث بها، بينما البراءة تزايلها.
وهذه الكينونة انما هي جزء من محيطها: انها بعض بيوت تلك البلدة الفلسطينية الصغيرة ((بيت لحم)) في العشرينيات من القرن الماضي، وقد بدأت تستيقظ تاريخيا مرة أخرى بعد السبات العثماني الطويل، وهي بعض تلك الأشجار والوديان والتلال، بعض الشموس والامطار والوجوه والاصوات التي بها تحيا، وبها تكتشف القيم والجمال والفرح والبؤس جميعا.
ان كتابا بهذا الأسلوب النابض، الذي يكاد يملك على القارئ نفسه من اول سطر فيه، ما كان ليكتبه الا رجل كجبرا إبراهيم جبرا، قضى أكثر من أربعين سنة من حياته في استقصاء معنى تجربة الانسان عن طريق القصة والرواية والنقد والشعر والرسم، وذلك ما يتجلى في صفحات هذه البئر الأولى باروع صوره.

قديم 05-24-2016, 01:12 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اما فدوى طوقان نفسها فتقول في مقدمة سيرتها الذاتية :

ظللت طيلة عمري الادبي احس بانكماش ونفور من الاجابة على الاسئلة التي توجه الي عن حياتي، والعوامل التي وجهت هذه الحياة واثرت فيها.

وكنت اعرف السبب، سبب ذلك الانكماش والنفور من الاجابة على الاسئلة، ذلك انني لم اكن يوما براضية عن حياتي او سعيدة بها، فشجرة حياتي لم تثنر الا القليل، وظلت روحي تتوق الي انجازات افضل وافاق ارحب.

اذن لماذا هذا اكتب هذا الكتاب الذي اكشف فيه بعض زوايا هذه الحياة التي لم ارض عنها ابدا؟ بتواضع غير كاذب اقول ان هذه الحياة على قلة ثمارها لم تخل من عنف الكفاح.

ان البذرة لا ترى النور قبل ان تشق في الارض طريقا صعبا وقصتي هنا هي قصة كفاح البذرة مع الارض الضخرية الصلبة، انها قصة الكفاح مع العطش والصخر.

فلعل في هذه القصة اضافة خيط من الشعاع ينعكس امام السارين في الدروب الصعبة. واحب ان اضيف هذه الحقيقة وهي ان الكفاح من اجل تحقيق الذات يكفي لملء قلوبنا واعطاء حياتنا معنى وقيمة.
لا ضير علينا لو خسرنا المعركة، فالمهم الا نهزم ام نلقي السلاح.

ان قوى الشر ، سواء اكانت غيبية ام اجتماعية ام سياسية تقف دائما ضد الانسان وتعمل على تحطيمه، ولكن الانسان يقف امام هذه القوى بكبرياء وعناد بالرغم من ضعفه.

لم افتح خزانة حياتي كلها فليس من الضروري ان ننبش كل الخصوصيات.

هناك اشياء عزيزة ونفيسة نوثر ان نبقيها كامنة في زاوية من ارواحنا بعيدة عن العيون المتطفلة. فلا بد من ابقاء الغلالة مسدلة على بعض جوانب هذه الروح صونا لها من الابتذال.

ما كشفت عنه هو الجانب الكفاحي الذي ذكرت قبل قليل . كيف استطعت ، في حدود ظروفي وقدراتي، ان اتخطى ما كان يستحيل تخطيه لولا الارداة والرغبة الحقيقية في السعي وراء الافضل والاحسن، ثم اصرار على ان اعطي حياتي معنى وقيمة افضل مما كان مخككا لها..
القالب الفولاذي الذي يضعنا فيه الاهل ، ولا يسمحون لنا بالخروج عنه.
القواعد المالوفة التي صعب كسرها ـ التقاليد الخالية من العقل والتي تضع البنت في قمقم التفاهة. كنت توقا مستمرا الى الاتطلاق خارج مناخ الزمان والمكان هو زمان القهر والكبت والذوبان في اللاشيئية...والمكان هو سجن الدار...

هناك من يأتي الي هذا العالم فيجد الطريق امامه مفتوحا ناعما وهناك من يأتي فيجد الطريق شائكا ضعبا..

على هذا الطريق الصعب رماني المجهول ومن هذا الطريق الصعب بدأت رحلتي الجبلية.

حملت الصخرة والتعب وقمت بدورات الصعود والهبوط الدورات التي لا نهاية لها. لا يكفي ان نحمل امالا كبارا واحلاما واسعة . حتى الادراة وحدها لا تكفي..

لقد ادركت ان العمل هو الوجه الاخر للحلم والارادة .. وقررت ان اتعامل مع هذه العملة ذات الوجهين: الارادة والعمل...

قديم 05-24-2016, 01:14 PM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اما سميح القاسم الشاعر الفلسطيني فيقول في مقدمته لسيرة فدوى طوقان الذاتية " رحلة جبلية " رحلة صعبة " في رد على سؤال يطرحه ولماذا السيرة الذاتية اصلا؟
هل لمجرد المتعة الادبية؟
ام لغاية التسجيل والتوثيق التاريخي؟
ام هي للامرين معا؟


فيقول:
حين تنزاح هذه السطور من امام القارئ فسيلفي نفسه منغمسا حتى اطراف اصابعه في مزيج رائع من وقائع التاريخ ونوازع الروح. مسبوكة برشاقة وشفافية وبوح اليف في كلمات شاعرتنا الكبيرة فدوى طوقان. هذه الانسانة الشاعرة المنتصبة في حياتنا الثقافية والاجتماعية ظاهرة فريدة وتجربة رائدة على صعيدي الحياة والابداع معا.
ان باب السيرة الذاتية باب قائم بذاته في عمارة العمارة. بيد انه باب غير مطروق كثيرا في لغتنا. ومنذ ( ايام ) الراحل العظيم طه حسين لم تبلغ سيرة ذاتية ما بلغته سيرة فدوى طوقان من جرأة في الطرح واصالة في التعبير واشراق في العبارة.
نلحظ في معظم ما يكتبه الناس عن انفسهم ميلا شديدا الي تجميل الواقع وتبريج الحقيقة. تحاشيا للتقولات والاجتهاد وتجنبا للمساس بالمشاعر المالوفة والاعراف المكرسة. فالوالدان منزهان دائما عن الشبهات. ورضا الوالدين من رضا الله ومحبة الوالدين فرض سماوي...
وكلنا ندرك مدى الانضباطية والقسر في مثل هذه المسلمات .. ولان فدوى طوقان فنانة تحترم ذاتها وتحترم فنها لا تتورع عن خدش الوالح الوصايا هذه وليكن الطوفان من بعد الصدق والاصالة وقداسة الانسان الفرد.
حين يكتب الاخرون عن الفنان فانهم يفتحون له بذلك نافذة على ذاته...
اما حين يكتب هو عن نفسه فانه يفتح الابواب جميعا على مصاريعها. بعبارة اخرى حين يكشف الانسان عن ذاته فانه يكتشف هذا الذات. الكتابة عن خبايا انفسنا تساعدنا في فهم انفسنا بكل ما تضمره من خير وشر وعلة وعافية. وفي الوقت نفسه فان مثل هذه الكتابة تاخذ بايدي الاخرين على طريق النور. طريق الكشف والتخطي على المستويين الفردي والجمعي التنوير - التثوير- التغيير- هذا الثالوث المتكامل في مهمة اعادة صياغة العالم والحياة ( لا غضاضة في السجع ).
وهذا هو الثالوث المتكامل في سيرة فدوى طوقان.

قديم 12-17-2016, 01:36 PM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اي اضافة لهذا الموضوع ستكون شيء جميل.

قديم 06-06-2019, 03:32 AM
المشاركة 10
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: أناجيل كتابة السيرة الذاتية



يقول جبرا ابراهيم جبرا في جوابه حول " لماذا السيرة الذاتية " وذلك في مقدمة سيرته الذاتية المعنونة البئر الاولى ما يلي :

اردت في البداية ان اكتب سيرة ذاتية كاملة لا سيما بعد ان طالبت ادباء جيلي اكثر من مرة بكتابة مذكراتهم ، وتسجيل تجربة التغيير والنمو والصراع التي تجعل لحياتهم ، وحياة كل منا ، بل للحياة في عصرنا كله ، مذاقها وبعض معناها...
..
موضوع أكثر من رائع الأستاذ الكريم أيوب صابر


وقرأتُ أن أول بادرة لكتابة السيرة الذاتية عند العرب كانت لسليمان الفارسي، وعند البحث نجد الأسماء الشهيرة التالية قد كتبت عن نفسها مثل الرازي، أبو حيان التوحيدي، ابن الهيثم. هناك أيضاً طوق الحمامة لابن حزم الأندلسي، وسيرة ابن خلدون لابن خلدون.


ما أجمل أن تعطرنا روعة حروفك بالجمال , سلم هذا البنان


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أناجيل كتابة السيرة الذاتية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دعوة للمشاركة في هذا المشروع الجماعي - كتابة السيرة الذاتية الكاملة ايوب صابر المقهى 6 12-29-2017 07:29 AM
ٍالسيرة الذاتية الكاملة للمبدعين: مشروع تدوين السيرة الذاتية للمبدعين ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 32 01-07-2016 08:37 PM

الساعة الآن 11:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.