قديم 10-30-2013, 09:35 AM
المشاركة 21
ماجد جابر
مشرف منابر علوم اللغة العربية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك أستاذنا القديرعماد تريسي، هذا الجهد الكبير والعمل المثمر المفيد المتمثل في التعريف بشعر شاعر جميل، وننتظر من قلمك المزيد، ولي عودة بعون الله للموضوع لتثبيته.
بوركت وبورك ما خطّ اليراع.

قديم 10-31-2013, 11:08 AM
المشاركة 22
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك أستاذنا القديرعماد تريسي، هذا الجهد الكبير والعمل المثمر المفيد المتمثل في التعريف بشعر شاعر جميل، وننتظر من قلمك المزيد، ولي عودة بعون الله للموضوع لتثبيته.
بوركت وبورك ما خطّ اليراع.


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ,

كل التحيات و التقدير و الشكر لكم أخي القدير أ. ماجد جابر .

سعدتُ كثيراً بإمضائك النبيل هنا .




مودتي


.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 08:58 PM
المشاركة 23
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أَذْكَرْتِنيهِ ماضِياً مُشْرِقاً=يُضِيءُ بالحُسْنِ ودَلَّ الحِسانْ!
كنْتُ به الغِرْنيقَ أَمْشِي على=زَهْوٍ.. وأَشْتَمُّ شذى الأُقْحُوانْ!
يدِينُ لي الحُسْنُ. وما يَنْثَني=عنِّي. ولا يَمْلِكُ منِّي العِنانْ!
أنا الذي أَمْلِكُهُ لاهِياً..=به. وما تَنْدى له المُقْلَتانْ!
تَقولُ هِنْدٌ وهي أَحْلا المُنَى=بَيْنَ الغَوانِي.. وهي أَغْلا الجُمانْ!
تَقولُ لي وهي على سَطْوَةٍ=مِن حُسْنِها العاتِي.. إِلامَ الحِران؟!
أما تَرى العُشَّاق حَولي وما=أَطْوَعَ منهم يَفُتُّ مِنِّي العِنان؟!
أَلَسْتَ ذا قَلْبٍ يُحِبُّ اللُّهى=من الشَّوادِي. ويُحِبُّ الدِّنانْ؟!
قُلْتُ لها يا هِنْدُ إنِّي الفَتى=أَصْبُو إلى العِزِّ. وأُغْلي الرِّهانْ!
أعْنُو إلى الحُسْنِ. وأَهْفُو لَهُ=وأَشْتَهِي منه الجَنى والحنانْ!
ما لم يَشَأْ مِنِّي إذا ما اسْتَوى=بَيْنَ الحنايا الخافِقاتِ.. الهوانْ!
فإِنَّني حِنَئِذٍ أجتوي..=ولا أُبالي منه بالصَّوْلَجانْ!
كم غادَةٍ يا هِنْدُ لم أَسْتَجِبْ=لِسِحْرِها. فاسْتَنْجَدَتْ بالدُّموعْ!
ثم اسْتَجابَتْ هي لِلْمُجْتَوَي=لتَسْتَوِي بَيْن الحَشا والضُّلوعْ!
كُنْتُ أنا يَوْمَئِذٍ باذِخٌ=أَشْدو بِشِعْري فَتَمُوجُ الرُّبوعْ!
أَجْمَعُ ما بَيْنَ السَّنا والصِّبا=وأَرْتَوِي رِيَّ الطَّموح الوَلُوعْ!
مِن كُلِّ يَنْبُوعٍ. فما أَنْثَني=عنه.. وأَسْلُوهُ وأَطْوِي القُلُوعْ..!
لكِنَّه يَنْظُرُ لي في أَسًى=لأَنَّني آثَرْتُ عنه النُّزُوعُ!
هذا أنا يا هِنْدُ قَبْلَ الونى=والحُزْنِ يَكْوِى. وانْطِفاءِ الشُّمُوعْ!
الواغِلُ المِقْدامُ أَمْسى لَقاً=والوامِقُ الجَبَّارُ أَمْسى الهَلُوعْ!
فيا لَهُ مِن زَمَنٍ خادِعٍ=وما لَنا يا هِنْدُ إلاَّ الخُضُوعْ!
ما يَنْفَعُ السُّخْطُ ولكِنَّني=سَخِطْتُ وَيْلي من ألِيمِ الوُقُوعْ!
فأَمْعَنَ الدَّهْرُ. وزادَ الكَرى=عَنِّي فلم أهْنَأْ بطيب الهُجُوعْ!
أَوَّاهِ مِن هَوْلِ نُزُولي إلى..=قاعِي. وأَوَّاهِ لِحُلْوِ الطُّلُوعْ
مَكَثْتُ في القاعِ وقد صَدَّني=عن الهوى شَيْخُوخَتي الضَّاوِيَهْ!
واسْتَنْكَرَ الغِيدُ رُؤى شائِبٍ=تَدِبُّ رِجْلاهُ إلى الهاوِيَهْ!
يَهْرِفُ بالحُسْنِ. وقَدْ هَالَهُ=منه عُزُوفٌ يُؤْثِرُ العافِيهْ!
يَحْلَمُ بالأَمْس.. أَلَمْ يَنْتَهِكْ=في أَمْسِهِ الأفْئِدَة الباكِيَهْ؟!
فكيف يَرْجُو اليَوْمَ مِنْه النَّدى؟!=وكيف يَرْجُو الدَّمْعَةَ الآسِيَهْ؟!
كَلاَّ. فما أَجْدَرَهُ بالْقِلى..=والصَّدِّ.. بل بالضَّرْبَةِ القاضِيَهْ!
وأَذْعَنَ الشَّيْخُ لأَقْدارِهِ=مُسْتَسْلِماً لِلْحِكْمَةِ الهادِيهْ!
رَدَّتْهُ لِلرُّشْدِ الذي خانَهُ=بالأَمْسِ. في أَيَّامِهِ الخالِيَهْ!
الشَّاعِرُ الموهوب أَصْفى فَما=يَشْدو رِضاً.. واسْتَقْصَتِ العَافِيَهْ!
وانْفَضَّ عنه الحُسْنُ لا مُلْهِماً=قصائِداً.. حانِيَةً.. ضارِيَهْ!
رَأَيْتُهُ مُسْتَعْبِراً نادِماً=في قاعِهِ.. من الظُّلْمَةِ الداجيهْ!
فَقُلْتُ يالَ النَّاسِ من غايَةٍ=كهذِهِ.. ناضِرةٍ.. ذاوِيَهْ!
يَسْتَعْصِمُ الغَيْبُ بِأَسْتارِهِ=فما نَرى أَسْرارَهُ الخافِيهْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 09:00 PM
المشاركة 24
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أسيلوا عليه الدمعَ.. فهوَ بهِ أجْدَى=ولا تَذْخرُوا شكراً.. ولا تذْخروا حَمْدا
فقدْ كان ذا فضْلٍ.. وقد كان ذا هُدىً=يُفيضان للعافين من رَبْعِه رفْدا
ولا قوْلَ إلاّ هدْيُه مترسِّلاً=ولا فعْل إلا رُشْدُهُ الجَمُّ.. مُمْتدّاً
وقدْ كان لا يَسْتشعرُ الفخْرَ بيننا=ولكنّه يستشعرُ الحبَّ والزُّهْدا
ويُغْضِي عن الذمِّ اللئيمِ. ولا يَرى=لصاحبه الجاني عليه به حقْدا!
أأَحمدُ.. كنتَ الرّوضَ فينا.. ثمارُه=وأزهارُه كانت لنا النّفْحَ والرّغْدا
فَصوَّحَ هذا الرّوْضُ.. جَفَّ نَميرُه=فلمْ نَلْقَ طعْماً لذّ فِيهِ ولا وِرْدا
لقد كنتَ فيه بُلبلاً مُتَفَرِّداً..=بأَنْغامِه يُشْجِي بها المجْدَ والوَجْدا
فأجْدبَ هذا الرّوْضُ بَعْدكَ باكياً=على طيرهِ الشادِي الذي سكَنَ اللّحْدا
ونحْنُ كمِثْلِ الطّيْرِ نشكُو فِراقَهُ=حنيناً إليهِ.. في المَراحِ وفي المَغْدَى
ونَذْكُرُه فينا شَذىً متضوِّعاً=يفوحُ.. فيَسْتَهْدِي به السائرُ القَصْدا
وما كان إلاُ الرُّمْدُ مَنْ لا يَرَوْنَهُ=ضياءً.. فما أشقى بإنْكارِه الرُّمْدا
ترفَّعَ عن نَهْجِ الغُواةِ تزهُّداً=ولم يَتَنفَّجْ كبرياءً ولا كَيْدا
فإنْ قلْتُ فِكْراً. فهو فيهِ محلّقٌ=وإن قلْت حِسّاً. فارْقُبِ الجَزْرَ والمَدَّا
هُما كِفَّتا فِكْرٍ وحِسٍّ تهَاطَلا=بغَيْثٍ.. حَمِدْنا قَبْلَه البَرْقَ والرّعْدا
وهل تُنْبِتُ الآلاءَ إلاّ هَوَاطِلٌ=عَمَتْ نَحْسَنا عنَّا وأبْدتْ لنا السَّعْدا!
أَأَحْمَدُ.. يا رُبَّ امْرِىءٍ مُتميِّزٍ=يُنَوِّرُ لحْداً مِثْلَما يُطْرِبُ المَهْدا
وقَدْ كُنْتَهُ شيخاً.. وقَدْ كُنْتَهُ فَتًى=فَمَا أَكْرَمَ المَثْوى. وما أكْرَمَ الخُلْدا
عسَاني إذا ما شاءَ رّي تباركَتْ=آيادِيه.. كم أَجْدَى علينا. وكم أسْدَى
رَحِيليَ.. أنْ أَلْقى لديه فواضلاً=وإن كنتُ لم أرْعَ الذّمامَ ولا العَهْدا
وأَنْ أَتَلاقَى والكرامَ من الأُلَى=تسارَعْنَ قبلي للرّحيلِ الذي أَرْدى
فكم أَشْتَهِي. والدمعُ يذرفُ والمُنَى=تُجاذِبُني شوقاً.. وتُخْلِفُنِي الوَعْدا
لِقائِي بهِمْ في مَوْطِن الخُلْدِ.. لا أَسىً=بهِ أو وَنىً يُضْنِي المساعيَ والجهْدا
ترقَّبْتُهُ يوماً فيَوْماً.. فَلَمْ يَفىءْ=إِليَّ.. ولكنْ سامَني النَأي والصَدَّا
ووَلَّى وأَبقى الهَشَّ.. ما يَسْتويَ بِهِ=وقَدْ لانَ –عُودِي لَيْتَه تركَ الصَّلْدا
فَعُدْتُ وما أقْوى على السّيرِ قابعاً=بِدارِي. فلا جَذْباً أطيقُ ولا شَدَّا
وعُدْتُ وفي حَلْقي من الصّابِ غصّةٌ=وفي مُهْجَتي من بَعْدِ ما طَعِما.. شُهْدا
مَتَى يَجْتَوِ المَرْءُ الحياةَ يَجِدْ بها=مَرَازِىءَ تُنْسِيه المباسِمَ والنَّهْدا
وكيْفَ.. وقد أَصْلَى الفِراقُ بِنَارِه=حناياهُ.. حتَّى ما يطيقُ لهُ وَقْدا
وقد خانَهُ حِسٌّ.. وقد خانَهُ حِجًى=فلمْ يُبْقِيا حَيْلاً ولمْ يٌبْقِيا رُشْدا
وكان له رَهْطٌ نِدادٌ.. فلم يَعُدْ=له مثلهمْ. فهوَ الذي افْتقَدَ النِّدا
كمَا افْتقَدَ اللَّذْوَى. كما افْتقَدَ الكَرَى=بشَيْخُوخَةٍ تَطْوِي المواجعَ والسُّهْدا!
سَلامٌ على الدّنيا.. سَلامُ مُودِّعٍ=تطلَّعَ للأُخْرَى. لمَوْلاهُ واسْتَجْدَى
على أنَّهُ ما كان في مَيْعَةِ الصِّبا=صبُوراً على رَيْب الزمان ولا جَلْدا
عساهُ بعَفْوٍ منه يَنْجُو من اللَّظَى=فما أكْرم المَوْلى وما أَفْقَرَ العَبْدَا

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 09:02 PM
المشاركة 25
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أَحَفِيدتي. ولأَنْتِ رَوْضٌ=ناضِجٌ.. ثمراً وزَهْرا!
تُهْدِي به الطَّعْمَ اللَّذيذَ=لنا وتُهْدي النَّفْحَ عِطْرا!
فَيَزِيدُنا بِكِ فَرحَةً=ويَزِيدُنا عِزّاً وفَخْرا..!
وتَكُونَ ذِكْراكِ الحبيبةُ=بين رَبْعِكِ. خَيْرَ ذِكْرى!
في رَيِّق العُمْرِ المُبَكِّر=أنْتِ والأيَّامُ تَتْرى!
سترين منها ما يَزِيدُك=حِكْمةً حِسّاً وفِكْرا!
وتَرَيْنَ مُخْتِلفِ الطَّبائِعِ=مِنْهُمُوا.. خَيْراً وشَرَّا!
والضُّرُّ نَفْعاً يَستَحِيلُ=ويَسْتَحِيلُ النَّفْعُ ضُرَّا!
واسْتَنْطِقي عَبَرَ الحياة=فإِنها تُعْطِيكِ خُبْرا!
وتَرُدَّ عَنْكِ الدّاجِيَاتِ=المُنْكِراتِ عَلَيْكِ فَجْرا!
لم يَسْتَطِعْنَ به اهْتِداءً=أَوْ يَطِقْنَ عليه صَبْرا!
فَتَمَيَّزوا حَسَداً وغَيْظاً=ثم قالوا عَنْكِ هُجْرا!
لا تَسْخَطي مِمَّا تَرَيْنَ=فَلَنْ يَحُطُّوا مِنْكِ قَدْرا!
ضاقُوا بِما لاقُوْهُ صَدْراً=وانْشَرَحْتِ وطِبْتِ صَدْرا!
هذى هي الدُّنْيا تَمُوجُ=بِأَهْلِها.. طُهْراً وعِهْرا!
أَحَفِيدتي.. إِنِّي كَبَرْتُ=وعادَ مَدِّي اليَوْمَ جَزْرا!
أَحْنى الزَّمانُ.. وما اسْتَطَعْتُ=غلابَهُ.. رأْساً وظَهْرا!
وغَدَتْ عَصايَ تَشُدُّ مِن=أَزْرِي. وكنْتُ أَشُدُّ أَزْرا!
كنْتُ المَشِيقَ.. كما الرِّماح=.. المُسْتَعِزَّ.. المُسْبَطِرَّا!
ومَضى الزَّمانُ يَحُثُّ خَطْواً=لا يَكِلُّ.. ونحن أَسْرى!
وهو الطَّلِيقُ.. وما يَجُوزُ..=المُسْتَطِيلُ.. وما أَضَرَّا..!
أَوْلى بنا أَنْ لا نَضِيق=بِحُكْمِهِ.. ونَقُولَ شُكْرا!
أَحَفِيدتي وعَسايَ أَحْيا كي=أَراكِ بِجانِبِ الجَوْزاءِ بَدْرا!
وأُصِيخُ سَمْعي لِلرَّوائِعِ=مِنْكِ شِعْراً.. ثم نَثْرا!
كيْما أَقُولَ تَبارَكَ الرَّحْمنَ=إِنَّكِ تَنْثُرِينَ عَلَيَّ دُرَّا!
كَمْ كنْتُ أَرْجو اليَوْمَ هذا=فاسْتَبانَ وما اسْتَسَرَّا!
هذا الصِّبا.. هذا الجمَالُ=.. يَرُوعُنا سِرّاً وجَهْرا!
ويَخُطُّ في سِفْرِ الخُلُوฯِ=مُسَجِّلاً سَطْراً فَسَطْرا!
كانَتْ له بُشْراً أَزالَ=بِما حَباهُ اليَوْمَ عُسْرا!
أَحَمَامتي الوَرُقاءَ.. تَفْتَرِعُ=الذُّرى شُمّاً. لقد أَسْعَدَتِ صَقْرا

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 09:05 PM
المشاركة 26
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
يا حُلْوتي لو كُنْتِ غازَلْتِني=قَبْلَ مَشِيبي لَرَأَيْتِ العُجابْ!
لكُنتِ أَفْضَيْتِ إلى نَشْوَةٍ=تُنْسِكِ بالبَهْجَةِ نَهْجَ الصوابْ!
فإِنَّني كُنْتُ الفتى عارِماً=يَفْتَرِعُ الذُّرْوَةَ رَغْمَ الصِّعابْ!
عُروقُهُ تَحْوى دَماً لاهِباً=يَجْري بِها مُكْتَسِحاً كلَّ بابْ!
يالَ شَبابي مِن لَظًى مُحْرِقٍ=أَذْهَلَني.. أَذْهَلَ كُلَّ الكِعابْ!
قُلْنَ وقد شاهَدْنَهُ عَاصِفاً=ماذا بِهِ؟! يا سِحْرَ هذا الشَّبابْ!
ورُحْنَ يَحْلَمْنَ بِحُلْوِ الرُّؤى=بِه.. ويُكْثِرْنَ عليه الطِّلابْ!
وهو قَرِيرٌ بالهَوى جارِحاً=أَفْئِدَةَ الغِيدِ.. كماضِي الحِرابْ!
تَعِيْثُ في أَحْشائِهنُ المُنى=وهُنَّ يَسْعَدْنَ بِهذا العذابْ!
أَحْلى المُنى كانَ مِنْها النَّوى=بُشْرى بِوَصْلِ حافِلٍ بالثَّوابْ!
قالتْ وقد رَاوَدَني طَيْفُها=من صَحْوَتي بَيْنَ عَدِيدِ الصِّحابْ!
وهي التي تَسْحَرُ أَعْيُنَ النُّهى=وهي التي تَخْطُرُ فَوْقَ السَّحابْ!
ماذا؟! ألا تَعْرِفُ أنِّي التي=مِن دُونِ كُلِّ الفاتِناتِ اللُّبابْ؟!
ما لَكَ عَنِّي هكذا مُعْرِضٌ؟!=والنَّاسُ. كلُّ النَّاسِ مِنِّي غِضابْ؟!
كأَنَّني الشَّهْدُ حَلا صَافِياً=فاجْتَمعُوا مِن حَوْلِهِ كالذُّبابْ!
يَشْكُونَ مِنِّي الصَّدَّ لكِنَّني=أَرْخَيْتُ –فانْجابُوا- صَفيقَ الحِجابْ!
لم أَحْتَفِلْ إلا بِمُرِّ الهَوى=هَواكَ هذا.. بَعْدَ عَذْبِ الشَّرابْ!
فاصْدَعْ بِحُبِّي إنَّني جَدْوَلٌ=صافٍ. وأَخْدانكَ مِثْلُ السَّرابْ!
قُلْتُ لها يا حُلْوَتي. يا جَنى=رَوْضٍ نَضِيرٍ.. أَنْتِ مِثْلُ الشِّهابْ!
مُسْتَعْلِياً من أُفُقٍ شاهقٍ=مُنْتَشِياً بالحُسْنِ غَضِّ الإِهابْ!
من خُيَلاءٍ يَسْتَوِي لاهِياً..=بالشَّجْوِ.. ما لِلشَّجْوِ إلاَّ التَّبابْ!
وما لَهُ غَيْرُ النَّوى والقِلا..=وما لَهُ غَيْرُ ضَنًى واكْتِئابْ!
ولَسْتُ مِن هذا الذُّبابِ الذي=أَشْقَيْتِهِ.. عَرَّضْتِهِ لِلْخَرابْ!
أَمْسى عَمِيّاً ما يَرى دَرْبَهُ..=كيف؟! وقد خَيَّمَ فيه الضَّبابْ؟!
فلا ذَهاباً يَرْتَجي سالِماً=وما لَهُ عِنْدَكِ حُسْنُ المآبْ!
دَعِي فُؤادِي. إنَّهُ قانِعٌ=بِحَظِّهِ مِن زَيْنَبٍ والرَّبابْ!
هُما. وسِرْبٌ ناعِمٌ يَشْتَهي=هَوايَ.. قد يُخْطِىءُ فيه الحِسابُ!
وأَنْتِ.. قد يَغْدو الذُّبابُ الذي=صَدَدْتِهِ.. يُقْذِيهِ مِنْكِ الرُّضابُ!
فَلْتَحْذَرِيهِ.. رُبَّ مُسْتَوْحِشٍ=يَنْهشُ في جِسْمِكِ نَهْشَ الذِّئابْ!
بَكَتْ.. ولكِنِّي ارْتَضَيْتُ الطَّوى=عن شِبَعٍ يُلصِقُني بالتُّرابْ
أوَّاهِ مِن شَيْخُوخَةٍ لاتَني=تَجْعَلُ مِنِّي الشَّدْوَ مِثْلَ النُّعابْ!
كُنْتُ هِزاراً شادِياً.. مُطْرِبا=وعُدْتُ مِنْها ناعِقاً كالغُرابْ!
لو كُنْتُ مِثْلَ الأَمْسِ ما شَفَّنِي=حُسْنٌ. ولا أَثْخَنَ رُوحي الضِّرابْ!
ولم أَكُنْ أُغْضِي إذا مَسَّني=مِن العوادي جَنَفٌ أَوْ سِبابْ!
لكِنَّهُ الدَّهْرُ.. ويا وَيْلَتا..=مِنْه فقد أَوْجَعَني بالمُصابْ!
ولَيْسَ لي إلا اصْطِبارِي على=سِرْدابِهِ المُظْلِمِ بَعْد القِيابْ!
تَبارَكَ اللهُ.. فَكَم ضَيِّقٍ=نَأْلَفُهُ بَعْد وَسِيع الرِّحابْ!
لَيْسَ عُجاباً أُلْفَتِي لِلأَسى=وهو ضجيعي.. فالنُّفُور العُجابْ!
هذا أَنا. إِنِّي أَلِفْتُ الضَّنى=بعد الغِلابِ التَّمِّ. بعد الوِثابْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 09:06 PM
المشاركة 27
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أراعِيتَي لقد أَخْطَأْتُ دَرْبي=فَرُدِّي الدَّرْبَ. واسْتَدْني المزارا!
شقيتُ وكنتُ أرْتَعُ من رِياضٍ=فعادت بعد نَضْرتِها قِفارا..!
فما أنا واجِدٌ فيها زُهوراً=ولا أنا واجِدٌ فيها ثِمارا..1
وما أَدْرِي لعلَّ غَدي يُوافِي=بما أَلْقى به المِنَنَ الكِبارا..!
أراعِيَتي لقد أَمْسَيْتُ عَبْداً=لأَهْوائي.. وقد أَلْقى التَّبارا!
إذا ما شِئْتُ إذْعاناً لِرُشْدي=تَباعَدَ وانْثنى عنِّي فِرارا!
وكيف وقد رأى حُوباً مُخِيفاً..=يُعَرِّيني ويَسْلِبُني الإِزرا؟!
فما أَقْوى على صَدِّ نَفُورٍ=له بَلى وأُطِيعُه فأَزِيدُ عارا!
أَراعِيَتي. وإنَّ المالَ يَطْوي=كَمِثْلِ المجْدِ لِلْخُسْرِ الضَّميرا..!
أُطِيعُ جَداهُما رَغَباً فأَهْوِي=إلى دَرَكٍ. وما أَخْزَى الحَفِيرا!
ولكنِّي أعِيشُ به قَرِيراً=فَلَيْتَني كنْتُ في الدَّرَكِ الحَسِيرا!
ولوْ كنْتُ البَصِيرَ لما احْتَوانِي=ولكنِّي اسْتَوَيْتُ. ضَرِيرا..1
أراعِيَتي. وصارَ هَوايَ مَوْلًى=يُسَيِّرُني فما أَشْكو المَسيرا!
فيَسْلِبُني الحِسانُ نُهًى وحِسّاً=وأَرْضاهُنَّ لي سِجْناً ونِيرا!
وأُبْدِلُهُنَّ بِالبأْساءِ نُعْمى=فَيَلْقَيْنَ العَسيرَ بها يَسيرا!
وأُهْدِرُ بَيْن أَيْدِيهِنَّ رُشْدي=بلا وَعْيٍ. فقد كنْتُ الغَرِيرا!
أراعِيتي. وكانَ الحِقْدُ يُغْرِي=حَشايَ على الذين فَرَوْا أَدِيمي!
وما كنْتُ الحَقُودَ فَأَرْغَمَتْني=مثالِبُهُم على الطَّبْعِ الذَّمِيم!
وما يَرْتَدُّ ذو حِقْدٍ بِعَفْوٍ=فما كان الحَقُودُ سوى اللَّئِيمِ!
فَأَبْرَأَني بِصَفْعِ قَفاهُ حتى=رأيْتُ مَدامِعَ العَبْدِ الزَّنِيمِ!
أَراعيتي. ولولا الغَيُّ يُفْضي=بِصاحِبِه لِمَرْتَعِهِ الوَخِيمِ..!
لَكُنْتُ عَفَوْتُ عن شَرٍّ حَقُودٍ=وأَصْدُرُ فيه عن طَبْعي القدِيمِ!
ولكنِّي انْقَلَبْتُ إلى عَتِيٍّ=يَرى نُعْماهُ في قَهْرِ الغَرِيمِ!
لقد كنْتُ المَلاكَ فكيف أغدو=وقد دَهَمَ المشِيبُ إلى رَجِيمِ؟!
أراعِيَتي. وقد عادَتْ خِلالي=مَباذِلَ حَيَّرَتْ أَهْلي وصَحْبي!
فما عادَتْ أَشِعَّتُها بِعَقْلي=تُضَوِّئُهُ. ولا عادَتْ بِقَلْبي!
لماذا يَسْتَحِيلُ التِّبْرُ يَغْلُو..=إلى صَخْرٍ يُجَرِّحُني.. وتُرْبِ؟!
لماذا لا يَحُولُ الضِّيقُ يُدْمي=ويُرْمِضُ مُهْجَتي الحَرَّى لِرَحْبِ؟!
أراعِيَتي. وقد أَحْنُو وأَقْسُو=وأَسْلُكُ مَنْهَجيْ سَهْلٍ وصَعْبِ!
وأَفْتَرِعُ الذُّرى صَعَداً. وأَهْوِى=بِدُونِ تَحَرُّجٍ بقَرارِ جُبِّ!
وقد أَدْنو لِسِربي ثم أُنْأى=خَؤُوفاً منه. وهو يرِيدُ قُرْبي!
وما أَدْرِي أكنْتُ على ضَلالٍ=وإلاَّ كنْتُ ذا صَفْوٍ وحُبِّ؟!
أراعِيَتي. وأَنْتِ ملاذُ رُوحي=وأَنْتِ المَجْدُ لي بِذُرًى عَوالى!
فَكُوني لي كما كنْتِ قَبْلاً..=أَعُدْ لِحياةِ طُهْرٍ وامْتِثالِ!
فإِنِّي نُؤْتُ من ثِقَلِ الخطايا=وحَسْبُكِ بالخطايا من ثِقالِ!
وقد عَوَّدْتِني أَنْ تَنْشُلِيني=مِن الأَدْراكِ. مِن جَنَفِ الضِّلالِ!
عَمِيتُ فَلسْتُ أُبْصِرُ ما أَمامي=ولا خَلْفِي. وأَعْياني كَلالي!
فَرُدِّيني لأَمْسِيَ. إنَّ يَوْمي=يُجَرِّحُني بِأَشْتاتِ النّصالِ!
تبارَكَ ذو الجلال. فقد بدا لي=نَهارِي بَيْن أَسْدافِ اللَّيالي!

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 09:07 PM
المشاركة 28
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تفكَّرْتُ في الإسلامِ وهو مُحَلِّقٌ=وفكَّرْتُ في الإسلامِ وهو كسيرُ!
صُقُورٌ يَجُبْنَ الجوَّ غَيْرُ جَوارحٍ=ويَبْدو بِهِنَّ الجوُّ وهو قَرِيرُ!
تَناءيْنَ عن ظُلْمٍ وخِيمٍ. وعن خَنًى=وأَلْهَمَهُنَّ الصّالِحاتِ ضَمِيرُ!
وجاءتْ على أَعْقابِهِنَّ حمائِمٌ=كَثُرْنَ ولكنْ ما لَهُنَّ هَدِيرُ!
كَثُرْنَ ولكنْ ما لهنَّ تَوَثُّبٌ=ولا هِمَمٌ كالغابِرينَ تُثِيرُ!
فأَغْرَى بِهمْ هذا الخُمولُ طوائِفاً=مَطامِعُهُمْ لِلْخامِلينَ سعيرُ!
ولو أَنَّهم كانوا كَمِثْلِ جُدودِهِمْ=لما كانَ منهم خانِعٌ وحَسِيرُ!
رَضُوا بِسَرابٍ خادِعٍ فَتَساقَطوا=إلى حُفْرَةٍ فيها الهوانُ خفيرُ!
حُطامٌ ومَجْدٌ كاذبٌ وتَفَرُّقٌ=مُشِتٌ.. له الحُرُّ الأَبِيُّ أسيرُ!
وَنًى وانْحِدارٌ واخْتِلافٌ مُمَزِّقٌ=حِراءٌ بكى من وَيْلِهِ وثَبِيرُ!
تَذكَّرْتُ أَمْساً كانَ فيه رِجالُهُ=لُيُوثاً لهم في القارِعات زَئِيرُا!
ولَيْسوا طغاةً بل حُماةً لِرَبْعِهِمْ=ولِلنَّاسِ إنْ خطْبٌ أَلَمَّ عسيرُ!
فَمالَ إلى الحُسْنى. وألقى قِيادَهُ=إلَيْهِمْ فلا قَيْدٌ يَشُدُّ.. ونيرُ!
تذكَّرْتُ عَهْداً للنَّبِيِّ محمَّدٍ..=وأَصْحابِهِ يَهْدِي النُّهى ويُنِيرُ!
كبَدْرٍ أضاءَ الأَرْضَ بعد ظَلامِها=فما ثَمَّ إلاَّ راشِدٌ وبَصِيرُ!
وما ثَمَّ إلاَّ قانِعٌ بحياتِهِ=وراضٍ بها.. بالمُوبِقاتِ خبيرُ..!
لقد ذاقَ مِن ماضِيه خُسْراً وذِلَّةً=وحاضِرُهُ رِبْحٌ عليه وَفِيرُ..!
وكانَ له مِن حُكْمِهِ ما يَسُومُهُ=من الخَسْفِ ما يطوى المنى ويُبِيرُ..!
وما عاق عن حُرِّيَةٍ وكرامَةٍ=ففي كلِّ يَوْمٍ مِحْنَةٌ ونَذِيرُ..!
وها هو مّنْذُ اليَوْمِ بعد انْدِحارِهِ=بدا في مَغانِيهِ الطُّلُولِ. بَشِيرُ!
فعادَ قَرِيراً بالغُزاةِ تَوافَدُوا=إليه. وقد يَرْضَى الغُزاةَ.. قَرِيرُ!
وكيف. وقد جاءُوا إليه بِعِزَّةٍ=ومَيْسَرَةٍ يَهْفو لَهُنَّ فَقِيرُ؟!
فَصارَ نَصِيراً لِلَّذينَ تَكَفَّلوا=بِعَيشٍ كريمٍ لَيْس فيه نكيرُ!
ولا فيه غَبْنٌ من ضَراوةِ ظالِمٍ=وما فيه إلاَّ زاهِدٌ ونَصِيرُ!
فيا سلَفاً أَفْضى إلى خَيْرِ غايةٍ=بِأيمانِهِ.. فارْتاحَ منه ضَمِيرُ!
يَسِيرُ إليها راضياً بِمَصيرِهِ..=فَيَلْقاهُ بالأَجْرِ الجَزِيلِ مَصِيرُ!
خَمائِلُ خُضْرٌ حالِياتٌ بِنَضْرَةٍ=غَدَتْ فَدْفَداً لم يَبْكِ فيه مَطِيرُ!
وآياتُ عِمْران شَوامِخُ شُرَّعٌ=خَوَرْنَقُها عالي الذُّرى. وسَدِيرُ!
وفي هذه الدُّنْيا نُهىً وشاعِرٌ=ومنها جَليلٌ شامِخٌ. وصَغيرُ!
ومنها هَزيلٌ ضامِرٌ مُتنفِّجٌ=ومِنْها –وإن أخْنَى الزَّمانُ- طَريرُ!
أيا ابْنَ الأُباةِ الصَّيدِ هُبَّ من الكرى=فَأَنْتَ بِهذا الصَّحْوِ.. أنْتَ جَدِيرُ!
شَبِعْنا سُباتاً كانَ خُلْفاً وفُرْقَةً=ومِن حَوْلِنا للطَّامِياتِ هَدِيرُ!
وقد يَجْمَعُ الله الشّتاتَ فَإنَّه=على جمعه –رَغْمَ الصِّعابِ- قَدِيرُ!
ولكِنْ عَلَيْنا السَّعْيُ فهو ضَرِيبَةٌ=عَلَيْنا كَبِيرٌ دَفْعُها.. وصَغِيرُ!
سنَدْفَعُها حتى نَفُوزَ وَنَنْتَهِي=إلى غايَةٍ نَعْلو بها ونَطِيرُ!
إلى غايةٍ شَمَّاءَ كان جُدُودُنا=حَبِيبٌ إليهم نَيْلُها.. ويَسِيرُ!
حَدِيثٌ بِه أَمْلى الفَرَزْدَقُ شِعْرَهُ=وشايَعَهُ فيه النَّطُوقُ جَرِيرُ!
وما هو إلاَّ نَفْثَةٌ عَبْقَرِيَّةٌ=لها مِن يَراعِ العَبْقَرِيِّ صَرِيرُ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 09:08 PM
المشاركة 29
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بعْد الثَّمانِينَ خَبَتْ جَذْوتي=وآدَني السُّقْمُ. وطاب الرَّحيلْ!
بعد الثمانين أَبَتْ صَبْوَتي=إلاَّ انْحساراً عن جبيني الأَثِيلْ!
إلاَّ ابْتِعاداً عن هوًى قاتِلٍ=يَرْمِي به ثَغْرٌ وطَرْفٌ كحِيلْ!
عِشْتُ حَياتي مُصْغياً لِلْهوى=فَكانَ لي –أُوّاهِ بِئْسَ الدَّليلْ!
كنْتُ حُساماً مُنْتَضًى فاخْتَفى=بِغِمْدِه ما إنْ له من صَلِيلْ!
عَهْدُ الصَّبا وَلَّى. ومِن بَعْدِه=وَلىَّ شبابي راكِضاً من السَّبيلْ!
يا لَيْتَني كنْتُ تَوَقَّيْتُهُ=هذا الهوى. هذا الضَّلالُ الوبيلْ!
ما كنْتُ أَدْرِي أْنَّني سابِحٌ=في حَمْأَةٍ أَحْسَبُها السَّلْسَبيلْ!
لكنَّها كانَتْ فَفرَّتْ وما=أضَلَّنِي بالخادِعِ المُسْتَطِيلْ!
كانتْ حُساماً فَوْقَ رأْسي إذا=عَصَيْتُه كنْتُ الصَّرِيعَ القَتِيلْ!
وَيْلي من الرَّمْضاءِ هَلاَّ اسْتَوَتْ=رِجْلايَ منها بالخَمِيلِ الظَّلِيلْ؟!
لكِنَّني كنْتُ الفَتى سادِراً=في الغَيِّ يروى من قَذاةِ الغَلِيلْ!
يَلُومُني الصَّحْبُ فما أَرْعَوِي..=بل أَسْتَوِي مُنْتَشِياً بالصَّهِيلْ!
أَشْعُرُ مِن بعد المَشِيبِ الذي=أنَهكَني.. أَشْعُرُ أَنِّي العلِيلْ!
عَلِيلُ جِسْمٍ راعِشٍ يَنْحَنِي=على عَصاهُ. في الضُّحى والأَصِيلْ!
يَنْشِجُ في صَمْتٍ لِئَلاَّ يرَى=منه الوَرى الدَّمْعَ. ويُخْفي العَوِيلْ!
وَيْلي من النَّارِ الَّتي اكْتَوَى=بها. ومن شجوى وسُهدي الطَّويلْ!
ومِن ضَمِيرٍ لم أُطِعْ نُصْحَهُ=كأَنَّما يَطْلُبني المُسْتَحِيلْ!
يَخِزُني وخْزاً تسيل الحشا=به دَماً يجري. وما من مُقِيلْ!
فيا لَعِصْيانٍ مَضى يَبْتَلي..=حاضِرَهُ منه بِهَمٍّ ثَقِيلْ!
أَيا ضَمِيري.. إنَّني نادِمٌ=فيا لِعِزٍّ يَشْتَهِيهِ الذَّلِيلْ!
قد كنْتُ بُوماً ناعِباً من الدُّجى=فكيف أَشْدُو في الضُّحَى بالهَدِيلْ؟!
والشِّعْرُ كم أَرْسَلْتُهُ شادِياً=فَصاغَ دُرّاً في الأَثيث الأَسِيلْ!
من الحَوَرِ السَّاجي يُذِيبُ الحَشا=والقَدِّ يختال طَرِيداً.. نَحِيلْ!
وكادني الحبُّ كما كِدْتُهُ=ورُبَّما بَزَّ النَّشِيطَ الكَليلْ
بالشِّعْرِ كنْتُ الشَّامِخَ المُعْتَلِي=الكاسِب الحَرْبَ بِسَيْفٍ صَقِيلْ!
كم دانَ لي الحُسْنُ فأكْرَمْتُهُ=من بَعْد أَنْ دانْ. وكان البَخِيلْ!
ذلك عَهْدٌ كنْتُ ذا مِرَّةٍ=به. ولم يَبْق لها من قَلِيلْ!
كم أتَمنىَّ أنَّها لم تَكُنْ=وأنَّني كنْتُ الضَّعيفَ الهَزِيلْ!
فقد يكونُ الضَّعْفُ لي عِصْمَةً=من جَنَفٍ كنْتُ به أَسْتَطِيلْ!
واليَوْمَ إنَّي هَيْكَلٌ راعِشٌ=يَبِسُهُ راحَ. وراحَ البَلِيلَ!
يَدِبُّ.. يَسْتَنْشِقُ بَعْضَ الشَّذا=من رَوْضِهِ الذاوِي ورَطْب النَّجيلْ!
مِنْ بَعْدِ أَنْ كانَ كثيرَ النَّدى=بالثَّمَرِ الحالِي.. زاهي النَّخِيلْ!
أسْتَغْفِرُ الله. وأرجو الهُدى=منه يُوافِيني بِصَفْحٍ جَمِيلْ!
هُناكَ ما أَجْمَلَ تِلْكَ الصُّوى=تَهْدِي. وما أَسْعَدَ فيها النَّزِيلْ!
ويا أُهَيْلي ورِفاقي الأُلى=كانوا هَوايَ المُسْتطابَ الحَفِيلْ!
من كانَ مِنهُمُ لم يَزَلْ بالحِمى=يَزِينُه.. يَشْرُفُ منه القَبِيلْ!
ومَن تَناءى. فهو في دارِهِ=تِلْكَ التي تُكْرِمُهُ بالجَزِيلْ!
كم طَوَّقُوني بالمُنى حُلْوَةٌ=وبالرُّؤى رفَّافَةً تَسْتَمِيلْ!
وكنْتُ لا أَشْكو الوَنى مَرَّةً=إلاَّ وجاءوا بالمُثِيبِ. المُنيلْ!
أَسْتَنْزِلُ الرَّحْمَةَ لِلْمُنتَأي=وأَنْشُدُ النُّعْمى لباقي الرَّعِيلْ!
وارْتَجي الغُفْران مِنْهُم على..=ما كانَ مِنِّي قَبْلَ يَوْمِ الرّحَيلْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....
قديم 11-01-2013, 09:09 PM
المشاركة 30
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ساءلَتْني عن تَباريحِ الهوى=في مَجاليهِ.. صُدوداً ووِصالْ!
وهي تَرْنو لي بِطَرْفٍ ساحِرٍ=يَصْطَفي. أو يجتوي شُمَّ الرِّجالْ!
ساءَلَتْني فَتلعْثَمْتُ ولم...=أَجِدِ الرَّدَّ على هذا السُّؤالْ!
هي تَدْري بالذي تَسْألُني=عنه.. تدريه عُيُوباً وخلالْ!
وهي من طُغْيانِها في طَنَفٍ=تَشْتَهي سُفْلاهُ رَبَّاتُ الحِجالْ!
مُشْرِفٍ يَجْعلُها في نَجْوَةٍ=عن يَمِينٍ تَحْتَويها أَوْ شِمالْ!
تَتَجلىَّ من دَلالٍ قاهرٍ..=يَدعُ الفِكْرَ مَهيضاً والخَيالْ!
وبَدا في وَجهِها ما شَفَّني..=فَتَهاوَيْتُ وأَوْجَزْتُ المقالْ!
قُلْتُ يا فاتِنَتي إنِّي هَوَى..=ضَلَّ في الدَّرْبِ وأعْياهُ الكلال!
سار في رَكْبِكِ حِيناً واسْتَوى=فَتْرَةً ثُمَّ هَوى بَيْنَ النِّصالْ!
ضَرَّجَتْهُ دُونَ أَنْ تُدْرِكَهُ=رأْفَةٌ مِنْكِ.. وما أَشْقى الضَّلالْ!
ولقد شاهَدْتِهِ جُرْحاً نَأى=عنه مَن يَضْمدُه قَبْلَ الوبالْ!
فَتَبَسَّمْتِ وأعْرَضْتِ رِضىً=مِنْكِ بالوَيْل اعْتَراني والخبالْ!
فَتَمالكْتُ ولم أَشُكُ الضَّنى=والهَجِيرَ الحارِقِي بَعْد الظِّلالْ!
جَبَرُوتٌ يَشْتَفي مِن هالِكٍ=كانَ يُولِيهِ اعْتِلاءً ونَوالْ!
ما الذي تَبْغِينَهُ يا فِتْنَتي=بعد أن ساء بِمُضْناكِ المآلْ؟!
أَنْتِ من جَرَّعَه الكَأْسَ الَّتي=صَرَعَتْهُ.. فهو سُقْمٌ واعْتِلالْ!
كانَ مَرْمُوقاً فَحاوَلْتِ الذي=سَوْف يُبْدِيه لَقىً بيْن الرِّمالْ!
لا. فما أَخْسَرَها مِن رغبة=لم تَنَلْ مِنِّي.. والحَرْبُ سِجالْ!
أنا يا فاتِنَتي رَغْمَ الأَسى=جَبَلٌ ما خَرَّ يَوْماً في النِّزالْ!
ولقد عُدْتُ لرشدي فاجْتَوَتْ=مُهْجَتي الحَرَّى ترانيم الجمال!
لم أَنَلْ منه سوى أَرْزائِهِ=وهي أرْزاءٌ على الحُرِّ ثِقالْ!
صِرْتَ في عَيْنَيَّ. صِرْتي شَبحاً=مَلَّهُ القَلْبُ. وما أَحْلى المَلالْ!
وَتَنوَّرْتُ سَبيلي في الدُّجى=بعدما كان الدجى يخفي النِّمالْ!
أَنْتِ. ما أَنْتِ سوى أحبولة=وأنا الكارِهُ أَوْهاقَ الحِبالْ!
وأنا الشَّامِتُ في الحُسْنِ الذي=شاخَ في قَلْبي صِباهُ واسْتَحالْ..!
وأنا السَّالي فما يُرْجِعُني..=لِلْهوى الماجِنِ شَوْقٌ وابْتِهالْ!
فَهُما منها.. وما أكْذَبَها=حِينما تُقْسِمُ.. مكْرٌ واحْتِيالْ!
إنَّما أقْدارُنا يا فِتْنَتي=عادِلاتٌ. وهي أَغْلالٌ ثِقالْ!
حرَّرتْني مِنْكِ ثم اسْتَحْكَمَتْ=فيكِ لَمَّا أَنَسَتْ مِنْكِ السَّفالْ!
فاصْبِري وامْتَثِلي يا طالَما=كنْتِ لِلأَحْرارِ سِجْناً واعْتِقالْ!
ولقد كنْتِ سُهاداً قاتِلاً..=لِعُيُونٍ كابَدتْ هَوْلَ اللَّيالْ!
فاذْكُرِيها.. فهي لم تَنْسَ الذي=كانَ مِن عَسْفِكِ كالداء العُضالْ!
فَسَيلْقاكِ سهادٌ مِثْلَها..=وعُضالٌ لا يُعافِيكِ بِحالْ!
فَتَسامِي رُبَّما تَلْقاكِ في=غَدِكِ الحالِكِ أنْوارُ الهِلالْ!
رُبَّما كانَ التَّسامي عِصْمةً=بِدُمُوعِ غالِياتٍ كالَّلالْ!
فاذْرِفيها.. إنَّها قَنْطَرَةٌ=لحياةٍ طَهُرَتْ بعد انحِلالْ!
إنّها البَلْسَمُ للجرح الذي=قِيلَ أَنْ لا بُرْءَ منه وانْدِمالْ!
يالَ مَجْدِ الله في عَلْيائِهِ=إنه فَكَّ عن العَقْلِ العِقالْ!
فَتَعَزِّي.. أنْتِ أَوْلى=من فُؤادي بالعزاءْ!
إنَّ لي من كِبْريائي=ما يُذِلُّ الكِبْرياءْ

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ديوان / محمد حسن فقي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ديوان المعتمد بن عباد - جمع وتحقيق: أحمد أحمد بدوي وحامد عبد المجيد د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 1 04-25-2016 02:00 PM
ديوان الشيخ أحمد سحنون د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-13-2014 10:10 PM
لغة شعر ديوان الهذليين - علي كاظم محمد علي المصلاوي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 09:22 PM
ديوان ابن عساكر - جمع وشرح: محمد عبد الرحيم د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 12:31 AM
ديوان سيد قطب - جمع: عبد الباقي محمد حسين د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-25-2014 10:44 PM

الساعة الآن 08:20 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.