++ البنت لابن عمها ++
* 1 *
الفصل الأول
* ستزفين إلى ابن عمك جمال . . سيحضر الشيخ لعقد القران ليلة الخميس
القادم . . ! !
وهربت الفتاة جرياً إلى غرفتها . . تتبعها والدتها متجهمة . .
* مابالك يا جميلة . . ! !
* أمي . . أنا لا أريده . .
أنا ما زلت في التاسعة عشرة . .
ولا أريد أن أتزوج قسراً . .
* ولكنك تعرفين التقاليد . . ولو طلبك ابن عمك فأنت من حقه . .
لا يقدر أحد أن يتدخل . . فهذا ميثاق قريتنا منذ قديم الزمان . .
* أمي أنا لن أتزوج من ابن عمي . . ! !
قولي ذلك لوالدي . . لن أقبل بذلك . .
لا تزوجوني غصباَ . .
وتكررت المحاولة مرات ومرات . . على مدى أيام متتالية . .
وبدون أدنى فائدة . . فقد صممت جميلة على الرفض . .
ولم ترهبها التهديدات أو تجعلها تغير من رأيها . . كما ولم تقبل بأية إغراءات . .
وقبيل الموعد المحتم . . يعلم العم المقتدر . . صاحب السلطة . . بالأمر . .
ويتشاور مع أخيه بامتعاض . . ويرتفع في البيت صوتهما . .
ويتناوشان . .
ويدخل جمال . . فتى القرية الجامعي . . صاحب الغد والسلطة . .
وأمل كثير من بنات القرية . . لعلمه ووسامته وسمعة عائلته . .
ويسمع طرفاً من الحديث . .
* كيف حالك ياعمي . .
لقد سمعت بأن جميلة لم تقبل بي زوجاً . . ! !
* - - - - -
* والدي وعمي . . هل تعرفان . . والله جميلة معها حق . .
كيف تريدون تزويجها قسراً . . ! !
إنها لا تعرفني . . آخر مرة تكلمنا فيها معاً كانت منذ ست سنوات . .
وكانت جميلة طفلة في الثالثة عشرة من عمرها فقط . .
* ولكن . . .
* لا عليك ياعمي . . أرجوكم . . لا تتدخلوا بيننا . . دعوني أتصرف وحدي
وأية ترتيبات أخرى يتم تأجيلها . .
احتار الأب ورضخ لطلب ابنه . . وكذلك فعل العم ولم يستطع أن يبدي أي
اعتراض وعاد أبو جميلة إلى البيت غاضباً . . وجلست الأم بعد ذلك إلى ابنتها . .
* لقد رضي جمال بتأجيل الزفاف . . ولكن . . يقول والدك . . بأن أمرك الآن بيد
ابن عمك . . وإذا لم يمنحك الموافقة فلن تتمكنين من الزواج طيلة حياتك . .
ومرت بضع ليالٍ . . ذهب جميل في زيارة لبيت عمه . . وطلب أن يجلس مع
جميلة ابنة عمه . .
تقابلا في ركن الصالة الكبيرة منفردين . .
جمال متحمس مبتسم . . وجميلة محرجة متخوفة . .
* أنت إذن يا جميلة ترفضين أن ترتبطين بي . . ! !
* - - - - -
* انظري . . سأعقد معك اتفاقاً . .
أنت ابنة عمي . . ولن أتخلى عنك أبداً . . إذا لم تكوني من نصيبي . . فسوف
أزوجك بنفسي . . ولن أتركك إلا بعد ضمان سعادتك . . هذا هو اتفاقنا السري . .
ولن يعرف به أحد . . ما رأيك ! !
نظرت جميلة إلى ابن عمها مشدوهة . . لم تقل شيئاً . . فهذا المنطق ليس موجوداً
في القرية . . ** البنت لابن عمها ** هذا هو القانون الوحيد . . وما تسمعه من ابن
عمها جديد عليها وعلى قوانين القرية التي ترسخت فيها منذ دهور طويلة . .
وبعد هذا الاتفاق الغريب . . فقد انكسر الجمود بين أولاد العم . . قامت
جميلة وأحضرت الشاي . . وبدأ الحديث حول مواضيع مختلفة . . كيف كانت
دراستك . . وما هي أحلامك للمستقبل . . كيف تقضين أوقاتك . . وماهي هواياتك .
وغادر جمال بيت عمه . . وهو مطمئن إلى سير خطته كما خطط لها تماماً . .
خمسة أيام مرت . . وعاود جمال الزيارة . .
* هل أضايقك بزيارتي . . ! !
* كلا . . كلا . . أنت ابن عمي . . بالطبع يمكنك الحضور في أي وقت . .
* لقد جئت لأطمئن عليك . . فلدي سفر في الغد . .
* سفر . . ! ! إلى أين . . ! ! وكم ستغيب . . ! !
* عدة أيام فقط . . لدي عمل أنجزه في العاصمة . . وعند عودتي سأحضر
فوراً لزيارتك . .
* هل هذا وعد . . ! !
* نعم . . هو وعد مني . .
وتمر الأيام القليلة بتثاقل جامد على جميلة . . فقد تعودت أن جمال في القرية
قربها . . تحس بوجوده . . تراه . . وتسمع أخباره . .
* 2 *
الفصل الثاني
ويعود ابن العم . . وكما وعدها . . فمنذ لحظة وصوله إلى المحطة . . يمم
وجهه صوب منزل عمه مباشرة . .
* مرحباً يا عماه . . كيف حالك . . لقد عدت من سفري الآن . .
* ألم تذهب إلى البيت . . ! !
* في الحقيقة . . وعدت جميلة أن أحضر لزيارتها عند وصولي مباشرة وليس بعد
ذلك . . أين هي . . ! !
وتنادي الأم على ابنتها . . والبسمة تعلو شفتيها . .
* جميلة . . يا جميلة . . لقد عاد جمال من سفره . . إنه هنا . . تعالي . .
وتحضر جميلة يلفها شعور من السعادة والراحة لعودة جمال . . وقد أحضر لها
هدية خاصة بها . . ولم ينسها . . ولم يحضر هدية لأحد غيرها . .
تكررت اللقاءات . . وبدون أي تدخل من الأهل . . ومرت الأيام . .
* عمي . . لي عندك طلب أعلم مدى صعوبته . . ولكنه ضروري لي جداً جداً . .
* يا ابن أخي اطلب ماتريد . . فأنا عمك . .
* أريد في الغد أن آخذ جميلة معي إلى العاصمة . . سنغيب يوماً واحداً . .
ونعود قبل المغيب . . هل توافق على ذلك . . ! !
* ولكن . .
* أرجوك ياعمي . . إني مضطر لذلك . .
* ولكن ماالقصة . . ألن تخبرني . . ! !
* لا أستطيع يا عماه . . لا أستطيع أن أخبر أحداً . . و كن مطمئناً . .
ولا تخف من شيء . . جميلة ابنة عمي أحميها بروحي . .
وعلى مضض يوافق العم . . وعلى خوف ورغبة تذعن الأم . .
* جميلة . . ستأتين معي بعد الغد إلى العاصمة . . وقد استأذنت والدك . .
أريد أن آخذ رأيك في موضوع مهم . .
* تأخذ رأيي أنا . . ! !
* نعم . . وما الغرابة في ذلك . .
* ألن تقول لي ما الأمر . . ! !
* كلا . . كل شيء ستعرفينه في الوقت المناسب . .
فرحت جميلة واستغربت . . ابن عمها المتعلم . . الذي يكبرها بأكثر من سبع
سنوات . . يريد أن يأخذ رأيها هي في موضوع مهم . . ! ! وما عساه يكون
هذا الموضوع . . ! !
فرحت الجميلة وقامت وهي تحدث نفسها . . لتجهز مايلزم لهذه السفرة الغريبة
المفاجئة . .
تفرجت جميلة على العاصمة . . زارت أماكن عديدة . . واشترى لها ابن عمها
أشياء كثيرة . . وبعد تناول الغذاء . . وفي ركن هادىء من المطعم . . فاتح جمال
ابنة عمه بالموضوع الهام الذي يشغله . . والذي يريد أخذ رأيها فيه . .
* الموضوع ببساطة أنني أرغب في الخطبة . . وأريد أن أختار خاتمين لي
ولخطيبتي . . وأنت أفضل من يمكنه مساعدتي في الاختيار . . وليس لي سابق
خبرة في ذلك . .لذا أريدك أنت أن تختاري لي الخواتم . .
خلال ثوانٍ معدودات . . انفجرت جميلة بالبكاء . . ولم يبدر عنها كلمة واحدة
* ماذا حصل . . لماذا تبكين . . ! !
* - - - - -
* استحلفك بالله . . لماذا تبكين . . ! ! أما تريدين لي الستر والزواج . . ! !
وزادت جميلة في بكائها . . حتى أصبح نشيجاً متقطعاً . .
* أنت لاتقبلين بي زوجاً . . ولا تريدينني أن أتزوج . .
قولي لي لماذا تبكين . . ! !
* أراك تتفلت من يدي لتذهب لفتاة أخرى . . وأنت ابن عمي . . ! !
وتريدني أن أضحك مثلاً . . ! !
* لم أفهم قصدك . . أرجوك . . اشرحي لي . .
* تريد أن تخطب غيري لأنني رفضت الزواج بك . . وتريدني أن أختار أنا خواتم
الخطوبة . . هل جننت . . كيف أمكنك أن تطلب مني ذلك . . ! !
* ومن قال بأن هنالك فتاة أخرى غيرك . . ! !
* - - - - -
سكنت جميلة ووجمت . . وتوقفت كلية عن البكاء . .
* إنما الخواتم لنا . . لي ولك يا أجمل ابنة عم . . هل ظننت أن أتخلى عنك يوماً . .
* أتفعل بي ذلك . . أنت ظالم كبير . . أليس عندك شفقة على ابنة عمك . . ! !
* ولكنك رفضت الزواج بي . . ! !
* أنت ابن عمي . . أنت تعني لي حياتي . . وكل عمري . .
* الحمد لله . . الحمد لله . .
هيا بنا نشتري الخواتم . . ونعود لنبشر الأهل . .
اللهم كم أنت جميل . .
اللهم كم أنت حنون . .
بك نحيا . .
ولك ندعو . .
أن تحفظنا وترعانا . .
وقام الخطيبان . . قلبان أبيضان . . يسبحان في سعادة وبراءة . .
ليبدآ حياتهما بكل محبة ووداد . .
** أحمد فؤاد صوفي **