احصائيات

الردود
0

المشاهدات
3149
 
هايل القنطار
من آل منابر ثقافية

هايل القنطار is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
20

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Apr 2013

الاقامة

رقم العضوية
12052
05-15-2013, 08:35 PM
المشاركة 1
05-15-2013, 08:35 PM
المشاركة 1
افتراضي التعذيب .....متى يصبح من الماضي ؟!
فكرت ؛ وأنا أحضر لهذه المقالة أن أصرف النظر عن هذا الموضوع، لما أصابني من قشعريرة وألم شديدين ، نتيجة ما عرفته عن الأساليب اللاإنسانية التي أتبعها الحكام تجاه معارضيهم منذ القدم وحتى يومنا هذا.
ففي مملكة يهوذا ؛ كان العقاب على ارتكاب جريمة الزنا بإحدى زوجات الملك يتمثل بشوي العاشق . أما المعشوقة فكانت نساء الملك الأخريات يقمن بصب الماء المغلي على رأسها حتى تموت!!
وفي بلاد فارس قبل الإسلام ، كانت عقوبة بعض المحكومين هي : فقء العيون بإبرة محماة، أو صب الزيت المغلي في المآقي، مع صب النفط على العظام التي كشف لحمها!! وكانت أقسى العقوبات تسمى ( الموتات التسع )، حيث يتم تقطيع الأعضاء الواحد تلو الأخر.
وفي الدولة الرومانية ؛ كان التعذيب الوسيلة الأوسع انتشارا لانتزاع الاعترافات ، وكان المتهم يربط عاريا إلى ألواح متقدة . ولم تسلم النساء والأطفال من التعذيب وإن بطرق مختلفة. وعرفت الدولة الإسلامية في بعض مراحلها الكثير من طرق التعذيب . فقد روي عن الخليفة المعتضد ، انه كان يأمر بنفخ المتهم من دبره بعد أن تحشى خياشيمه وفمه بالقطن ومتى جحظت عيناه سد دبره وضرب بعصا فوق حاجبيه فيخرج منها الريح والدم ثم يموت!!. وفي فرنسا وحتى القرن الثامن عشر ، كان يؤتى بالجاني فيثبت على لوح من الخشب ثم ينتزع لحمه قطعة إثر أخرى بواسطة كلابات .وبعدها يصب على جسمه سائل مركب من الرصاص والزيت والقطران والشمع حتى يموت.
وفي العصر الحديث سمح الكثير من الحكام ، بألوان من العذاب تقارب ما سبقت الإشارة إليه . بخاصة في فترة الحرب العالمية الثانية . وحتى مطلع القرن الماضي كانت بعض قبائل العرب تطمر الفتاة المسافحة بالتراب حتى رأسها ، في أماكن بعيدة عن القرى كي تنهشها الوحوش الضارية. وما زلنا حتى اليوم نسمع قصصاً عن الموضوع تقشعر لها الأبدان ، بخاصة في فوضى الو لاءات التي عمت العديد من الأقطار العربية .
والتعذيب قبل أن يكون عقوبة ، فهو وسيلة شائعة لحمل الأشخاص على الاعتراف بارتكابهم لجرائم ، قد تكون صحيحة وقد لا تكون !؟ ولهذا كثرت الاتفاقيات والعهود التي تناهض التعذيب وشكلت لهذا الغرض محاكم قطرية ودولية لمعاقبة مرتكبيه . وهذا ما سنستعرضه في مقالنا هذا .
كانت الإشارة الأولى لموضوع مناهضة التعذيب؛ فد أتت من جوستاف موانييه أحد الأشخاص الخمسة المؤسسين للجنة الدولية للصليب الأحمر ، الذي أقترح بعيد التوقيع على اتفاقية جنيف الأولى (1864)، بوضع اتفاقية لمناهضة التعذيب ، لكن ذلك بقي حلما حتى عام 1950 عندما تم إقرار الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان التي تحظر التعذيب والتي تم التأكيد عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية( 19 كانون الأول 1966 ) والذي ورد فيه ( المادة 7) لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للعقوبة القاسية اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. كما تمت الإشارة إلى ذلك في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان (1982) إلا إن اتفاقيات جنيف لعام1949 والبروتوكولين الملحقين بها (1977) والتي تشكل أساسا لقانون النزاعات المسلحة أو ما يعرف بالقانون الدولي الإنساني تضمنت أحكاما صريحة تحظر التعذيب معتبرة تعذيب الأشخاص المحميين يندرج في فئة الانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات. ما يحتم على الدولة معاقبة مرتكبي تلك الجريمة إلا إن عام 1984 كان العام الفصل في هذا الموضوع حيث أقرت اتفاقية دولية عرفت باتفاقية مناهضة التعذيب كان أهم ما فيها التزام الأطراف الموقعة عليها باتخاذ إجراءات تشريعية وإدارية وقضائية فعالة لمنع أعمال التعذيب في أي من الأماكن التابعة لها. ومع كل ما سبق من معاهدات واتفاقيات بقي التعذيب الأسلوب الأكثر شيوعا في انتزاع الاعترافات وفق ما ورد في تقرير السيد كويجمان (المقرر الخاص بالمسائل المتعلقة بالتعذيب ) الصادر عام 1987 الذي لا يستثني إلا القليل من الدول التي تراعي تلك الاتفاقيات ، والمتفق عليه أن التعذيب يقصد به : أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أم نفسياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول منه على معلومات أو اعتراف أو معاقبته على عمل يشتبه أنه ارتكبه ، يقوم به موظف رسمي أو يحرض عليه . وما دام التعذيب يخاصم أساس المجتمع نفسه كما يقول الحقوقيون فإن الإجراءات الكفيلة بالحد من تفشي ظاهرة التعذيب تضل هي الأهم ولعل الاتفاقية الأوربية لمناهضة التعذيب (1987) كانت أشمل الاتفاقيات لجهة تحديد تلك الإجراءات والتي منها:
- تنظيم زيارات دورية لأماكن الاحتجاز من قبل لجان مشكلة لهذه الغاية بهدف بحث كيفية معاملة الأشخاص المحرومين من الحرية بغية تعزيز حمايتهم عند الاقتضاء من التعذيب والمعاملة الإنسانية أو المهنية الحاطة بالكرامة .
- إلزام الأطراف الموقعة على اتفاقية منع التعذيب الترخيص لأعضاء اللجنة في أي وقت تراه مناسبا "بعد إخطار الجهة المعنية " الاجتماع بالأشخاص المحتجزين دون رقيب .
- يجب أن تتسم التقارير التي ترفعها اللجنة عن زياراتها لأماكن الاحتجاز بالسرية ، مع مراعاة التشاور مع السلطات المختصة في الدول الحاجزة من أجل العمل لتحسين الضمانات الكفيلة بحماية الأشخاص المحتجزين.
- يجوز للدولة الحاجزة وقف زيارات اللجنة لدواعي أمنية ،أو لسوء الحالة الصحية للمحتجز ، وفيما عدا ذلك لا يجوز وقف زيارات اللجنة إلا إذا كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقوم بالمهمة ذاتها.
- ومن المتفق عليه أن تلك الزيارات أيا كانت الجهة التي تقوم بها تعتبر وسيلة فعالة للمراقبة من أجل منع وقمع الممارسات اللاإنسانية للأشخاص المعتقلين.
- إلا أن موضوع المحتجزين جراء النزاعات الداخلية يظل يشغل بال الجهات المعنية بمناهضة التعذيب لأن اتفاقيات جنيف ( على وجه الخصوص) لا تلزم الدول الحاجزة بالسماح بزيارة المحتجزين وإن كان حق المبادرة الممنوح للجنة الدولية للصليب الأحمر ، يتيح لها عرض خدماتها على الدول الحاجزة للتحقق من معاملة السجناء معاملة إنسانية والتأكد من عدم وقوع اختفاء للسجناء. وفي السنوات الأخيرة ظهرت هيئات كثيرة تعنى بموضوع مناهضة التعذيب منها الهيئة المسماة ( هيئة نجدة ضحايا التعذيب" 1986") والتي تهدف بالإضافة لمكافحة التعذيب إلى التأثير على الحكومات والمنظمات الدولية لوقف عمليات الإعدام دون محاكمة . والحد من حالات الاختفاء والاحتجاز في المصحات النفسية لأسباب سياسية . وسائر أشكال المعاملة القاسية وهي على صلة مباشرة بأكثر من 200 منظمة غير حكومية منتشرة في أنحاء العالم . تتلقى منها النداءات والأخبار المتعلقة بالمحتجزين لتقوم الهيئة بعدها بإبلاغ تلك المعلومات إلى وسائل الإعلام. والمنظمات الدولية المعنية وجميع الجهات القادرة على العمل لمساعدة المحتجزين طالبة منها الضغط على الحكومات لتأمين الحماية اللازمة للمعتقلين والإفراج عنهم.
- نخلص إلى القول أنه يوجد كم من القوانين والصكوك الدولية التي تناهض التعذيب. بعضها واجب التنفيذ إلا أن الآليات المتخذة لتنفيذها ما زالت ضعيفة. والعقبة الأساس عدم التزام الدول بتطبيق أحكام المادتين 4و5 من اتفاقية مناهضة التعذيب ؛القاضية بضرورة إصدار قوانين وطنية لمعاقبة مرتكبي جرائم التعذيب سواء أكانوا أفرادا أم جماعات. والسبب لا يعود إلى فراغ قانوني وإنما لإرادة سياسية ؛لا تراعي القيم الإنسانية الحضارية وإن كانت تدعيها . والشاهد على ذلك معتقلات غوانتناموا وأبو غريب .... وتبقى النزاعات المسلحة الداخلية تشكل عقبة في تطبيق هذه الاتفاقيات أولاً : لأن الجماعات المسلحة التي تحارب الدول تعتبر نفسها في حل من هذه الاتفاقيات
ثانيا : لجهل عناصرها بمضمون هذه الاتفاقيات ، وما تتضمنه من جزاءات
ثالثاً : لخضوع بعضها لإيديولوجيات تخالف نص تلك الاتفاقيات
إلا أن ذلك لا يعفيها من الملاحقة الجزائية في حال ارتكابها لمخالفات جسيمة ، حيث أن المسؤولية عن تلك المخالفات تظل قائمة بموجب أحكام المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف.
ويمكننا أن نختم بالقول: أنه ورغم أن اتفاقيات مناهضة التعذيب لم تحقق حتى الحد الأدنى المرجو منها , إلا أن تصميم الكثير من الدول " وحتى الشعوب " التي تعزز مفهوم الكرامة الانسانية قولاً وعملاً _ ليس منها الدول الاستعمارية_ سينتج عاجلا أم آجلاً قيما مجتمعية عالمية , تضع الانسان في المقام الذي دعت إليه الشرائع السماوية ، والتشريعات البشرية الوضعية.
نشرت في صحيفة الفجر السوريةالعدد 198 تاريخ 28 شباط 2013



التعديل الأخير تم بواسطة هايل القنطار ; 05-15-2013 الساعة 08:38 PM سبب آخر: تصحيح لغوي

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: التعذيب .....متى يصبح من الماضي ؟!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عندما يصبح الإسلام مهاناً د محمد رأفت عثمان منبر الحوارات الثقافية العامة 4 05-19-2016 04:02 PM
عندما يصبح الهواء مـــــراً ريم الحربي منبر البوح الهادئ 7 07-09-2014 01:39 AM
اسرِقْ حَتى أراك ..!! أحمد النجار منبر القصص والروايات والمسرح . 2 06-18-2014 10:58 PM

الساعة الآن 08:52 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.