احصائيات

الردود
1

المشاهدات
3795
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.39

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
11-13-2014, 07:22 PM
المشاركة 1
11-13-2014, 07:22 PM
المشاركة 1
افتراضي قراءة في مجموعة «بالونات» للأردنية ريما إبراهيم حمود: بقلم سعاد العنزي
صور القمع الإجتماعي في مجموعة «بالونات» للأردنية ريما إبراهيم حمود
سعاد العنزي
november 12, 2014
عن القدس العربي

التمكن الإبداعي في أكثر من فن من الفنون، وفي أكثر من جنس كتابي هو أحد التحديات الواقفة أمام أي تجربة إبداعية تحاول التمدد بفروع متعددة من الإنتاج الإبداعي. هناك من يجود نصه الروائي ويرمي بثقله الإبداعي فيه، وتخونه قواه ومهاراته الإبداعية عند صوغ قصة قصيرة متماسكة، والعكس أيضا صحيح. والناقد من جانب آخر ليس بالضرورة أن يكون كاتب نص تخييلي، فمعرفة الكاتب بقدراته والاعتراف به تمنع عنه الكثير من الحرج، وتمنع قراءه من الحرج في قول الحقيقة ورفض عمله التخييلي. من جانب آخر، فإن الالتفاف على التجارب الإبداعية الغنية والخصبة هو مدعاة للقراءة الخلاقة والمتفاعلة مع هذه الموهبة الإبداعية المتعددة الجوانب والعاكسة لمهارة المبدع اللغوية والفكرية والإنتاجية في الاتقان والحرفية كمطلب لأي إنتاج إنساني. إدوارد سعيد، على سبيل المثال، كان ناقدا أدبيا وموسيقيا وله نظرات نقدية مهمة وثرية وفاتحة لآفاق متعددة للقراءة بالمجالين. أما محمود درويش وأورهان باموك فكل منهما يجيد الكتابة الإبداعية شعرا بالنسبة لدرويش وسرديا لباموك، وفي الوقت نفسه يتقنان فن الرسم، إلا إن درويش يخبرنا بإحدى مقابلاته متهكما بأن كتابة الشعر تتماشى ووضعه الاقتصادي، فالكتابة لا تكلفه أكثر من ورقة وقلم، بينما الرسم يحتاج لعدة لا تستطيع على تكاليفها الأسرة صغيرة الدخل بعد النكبة وهجرة الوطن. حول هذه الموهبة درويش بمهارة وحرفية إلى الرسم بالكلمات وإنتاج صور شعرية متعددة. أما الكويتية د.عالية شعيب فهي كذلك رسامة وكاتبة أديبة لها إصدارات إبداعية متميزة، مما يعني أنه في الإمكان الجمع بين عدة فنون شرط اتقانها.
وهناك في الفن الواحد كالأدب مثلا ممن يكتب الرواية والقصة القصيرة، ويتقن الجنسين وأكثر ببراعة وتمكن يجعلانا نثق بالذات الإبداعية لمنشئ هذا النص، مثل الكاتبة الأردنية الشابة ريما إبراهيم، حيث جمعت مهارتي الكتابة الروائية والقصصية، في رواية: «جميلة» ومجموعتها القصصية «بالونات» في بواكير إنتاجها الإبداعي.
في روايتها غير المنشورة، التي سعدت بالاطلاع عليها، وأتمنى أن تظهر للنور قريبا، «جميلة» مقاربة إنسانية أصيلة لعالم المرض بشخصيتها الرئيسية جميلة ومجموعة من المرضى من حولها بمرض تصلب الشريان اللويحي، ومعاناة مرضاه المحتملة من عمى وشلل وضعف في الساقين، وغيرها من الأعضاء، إضافة إلى معاناتهم النفسية في مجتمعات عربية تلتقط الذبذبات السلبية أكثر من الإيجابية، وتبحث عن أسوأ ما في الأمر، فالزوج الأكاديمي المستنير وليد يفر إلى الخليج، وأمه تحاربها قبل المرض وتستذئب عليها بعده وتستشرس أكثر بمتابعة خيباتها اليومية وانفراجات ظروفها المعيشية. فما قامت به الكاتبة هو استقصاء حالة المرضى من عدة جوانب تبدأ بالعوالم السيكولوجية لنفس المريض، ومواجهته النفسية الإدراكية للمرض، ومن ثم مواجهته للعالم بهذا الشكل الإنساني الجديد، وتحدي تقبل نظرات العطف والشفقة أو التشفي، إضافة إلى قبول مؤسسات الدولة بهم كأعضاء عاملين فيها بفعالية، وهذا كان أحد تحديات جميلة، التي لم تفلح في العودة إلى وظيفتها السابقة كمعلمة، كما ترفضها المؤسسة الاجتماعية في عدم السماح لها بالزواج من عمار حامل المرض نفسه، بسبب مخاوف أسرته عليه، ورفض طليقها الإبقاء على حضانتها لابنها، إن تزوجت، فكأن المجتمع يراكم العقوبات الاجتماعية على مخلوقاته الضعيفة، التي يفلح بمساعدة المرض في إقصائها للهامش بعدما كانت في مركز الضوء ودائرة الاهتمام. فتكون الرواية رواية المركزيين الذين تحولوا للهامش، وتسطر معاناة العيش في الهامش، ومواجهة هجماته الشرسة غير العابئة بتاريخهم الإنساني الآمن، ولا بحقهم في الحياة، ولا حتى التعاطف معهم. جميلة واجهت ثرثرة مجتمعها وقت قوتها وضعفها، لتكشف لنا الساردة إن المجتمع مجرد آلة كبيرة لضخ الإشاعات، وإصدار مراسيم الأذى بطريقة غير رسمية ولكنها أشد أذى وأنكأ جرحا.
تواجه الشخوص المقموعة مرضها المؤدي للموت بقوة وتحد وصلابة في خلق حيوات صغيرة لها ناجحة ومتحدية للعقبات بخلق هوية جديدة بعد المرض، تتعايش مع المرض ببسالة، وتكتب سرديتها الخاصة بانحرافاتها وتعرجاتها، وخطها المميز والمغاير للمريض المقموع بخلق مشروعها الخاص، مثل مشروع جميلة للخياطة الذي ألغى إحساسها بالعجز.
بقدر ما كانت ريما حمود باحثة عن الكمال والسعادة، رغم مأساوية الواقع في روايتها، أتت مجموعتها القصصية الأولى «بالونات» محملة بالأفكار الاجتماعية القابلة للانفجار في وجه المتلقي بهواء السلوكيات والثقافة المجتمعية لتنفجر محدثة دويا في وعي المتلقي في قراءة سلوكيات فردية وجماعية مهمة في فهم وتأويل تصرفات المجتمع. ففي كل قصة من قصص المجموعة نهاية مفجعة وصادمة في الوقت نفسه، عاكسة طبيعة الحياة نفسها التي لا تسير على وتيرة واحدة، والتي أيضا تتماشى وتقنية القصة القصيرة ولحظة التنوير المفارقة.
بلغة تصويرية هادفة ذات دور جمالي وإبلاغي تتنوع ثيمات القصص مركزة على معاناة الإنسان بشكل كبير، ولكنها لا تفوت الفرصة في تصوير بعض الأشكال القمعية، وتنشر للتصورات والأفكار السائدة وبنية التناقض بالفكر الإنساني.
فمن موضوعات المرأة المقموعة نجدها تصور صور قمع الرجل للمرأة، كما تصور في الوقت نفسه خضوع المرأة لهذا الرجل القمعي المتسلط بسبب قمع المجتمع لها وظروفها المعيشية التي لا تساعدها على أن تكون ذاتها وهويتها. مثل قصة «نشارة خشب» وقصة «رسالة من مجهول»، كما لا يفوتها من جانب آخر أن تعرض بعين نقدية لسلوكيات المرأة في ممارسة السحر والشعوذة في «أنوثة»، بحيث تبرز الكاتبة متخلية من النظرة الأحادية والمسطحة في قراءة سلوكيات الأنا والآخر.
في واحدة من أهم قصص المجموعة بعنوان «بدون اسم» تصور ريما حمود بصورة رمزية استعارية حال الأمة العربية الحبلى بجنين، ولنتصور ان الجنين هذا هو الثورات التي أجهضت وتصارعت عليها الفرق المتناحرة، فقبل أن يولد اختلف الفريقان على الاسم فمنهم من يختار اسم تاريخي ومن يريد اسم حداثي لتكشف لنا صراع المتضادات في الوطن العربي الفريق الإسلامي والفريق الليبرالي على الثورات العربية التي أجهضت كما أجهضت المرأة وباتت تنزف من دون أن يلتفتوا إليها، فالرسالة الضمنية هنا هي أن المقتتلين على الأرض اقتتلوا من دون ادراك لما يسيل من دماء ومن دون أدنى اهتمام. كما ان اسم القصة جاء ذا دلالة ومغزى على واقعنا المعاصر بدون اسم واقع مائع وضبابي صعب التحديد، فالرؤية الاستبصارية غائبة عن أراض تتقاتل عليها الفرق غير عابئة بالدماء النازفة مدافعين عن ذوات مشوهة ومتطرفة، سواء كانت إسلامية أم حداثية.
من يقرأ مجموعة ريما حمود يدرك ان الكاتبة من الكتاب والمثقفين العضويين المعانقين لقضايا المجتمع المتمثلة في شفافية عالية تصلح لقراءة اجتماعية ونفسية وفكرية لفهم وادراك تصورات الأشخاص والمجتمعات العربية، مبتعدة عن السرد الذاتي المغرق في عوالم الذات وبعيد عن تصوير الراهن الاجتماعي وهموم الفرد المعاصر، برزت فيها هموم السياسة والملاجئ مثلما قصة «الخيمة»، كما صورت للقتلى في الحروب وأزمة الإعلام العربي المتوزع بين الأغاني والبرامج الترفيهية والترفيهية وصور القتلى ونقل أخبار الموت في كل مكان، والذات العربية المنقسمة بين هذين العالمين، وبرودة مشاعرنا تجاه الموت التي نهرب منها بزر ريموت مثل قصتها «ضجيج وصور».
«بالونات» مجموعة قصصية ترضي جميع الأذواق لتنوع فضاءاتها الحكائية العارضة لقضايا اجتماعية متعددة بنهايات قصصية صادمة ومفاجئة، ومواضيع اجتماعية تمس صورتنا الجمعية والفردية بصورة دقيقة وحيوية ومعاصرة جدا، كفيلة بأن تحقق المتعة السردية واللذة المعرفية، وتنوير القارئ بأزمة الإنسان الحالي، وعوامل قلقه الوجودي إزاء عالم التصورات المتوارثة بطريقة عميقة بقوالب سردية تنتصر للنوع القصصي ناجية من ترهات السرد الشبابي التجريبي في الكتابة الروائية وفن القصة القصيرة.
ـ ريما حمود، «بالونات»، نوفا بلس للنشر والتوزيع، الكويت، 2014

٭ كاتبة كويتية

سعاد العنزي


قديم 11-16-2014, 12:11 PM
المشاركة 2
مها مطر مطر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
أنا قرايت لتلك الروايه منذ زمن وأعجبني كثيراً جميل ما سطرت هنا يا أستاذنا أيوب ودي واحترامي


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قراءة في مجموعة «بالونات» للأردنية ريما إبراهيم حمود: بقلم سعاد العنزي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قراءة ثقافية لرواية «النبطي» للدكتور يوسف زيدان: بقلم سعاد العنزي ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 11-26-2014 01:54 PM
رواية «ساق البامبو» والهجنة السردية : بقلم سعاد العنزي ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 1 10-07-2014 08:56 AM
قراءة في رواية «ارتياب» للسعودي بدر السماري : بقلم سعاد العنزي ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 10-03-2014 10:36 PM
مجموعة «مداي» للشاعر السعودي ماهر الرحيلي: قراءة سعاد العنزي في ثيمات ذات رومانسية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 08-18-2014 04:34 AM
هل أوصلت رواية «زاجل» النصرالله تفاصيل السرد كما ينبغي؟! سعاد العنزي ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 06-11-2014 11:09 PM

الساعة الآن 06:32 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.