احصائيات

الردود
0

المشاهدات
3479
 
يسرى السيد
من آل منابر ثقافية

يسرى السيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
11

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Dec 2013

الاقامة

رقم العضوية
12567
12-08-2013, 01:51 PM
المشاركة 1
12-08-2013, 01:51 PM
المشاركة 1
افتراضي في عيد الميلاد ال60 لجريدة الجمهورية ... السادات يروي لحظات الميلاد
كتب صلاح عطية


60 عاماً من نضال شعب مصر ومواجهته لارهاب الجماعة.. ومواليدها.. من الجماعات التي خرجت من عباءتها.. ستون عاماً.. والجماعة لا تنسي ثأرها مع ثورة يوليو.. التي اصطدمت بها منذ أول أيامها.. حتي جاء مرسي يتحدث عن "الستينيات وما أدراك ما الستينيات".. وينسي كل انجازات الستينيات.. ولا يذكر إلا صدام يوليو مع الإخوان في منتصف الستينيات.. يعيش كباقي جماعته.. في وهم بددته ثورة يوليو من أول أيامها.. حين حاولت هذه الجماعة احتواء يوليو تحت عباءتها.. ورفض عبد الناصر.. كما رفض ذلك لغيرها من الأحزاب التي أدعت انها كانت وراء ثورة يوليو.. رفض عبد الناصر بعد أن عرف بانتهازية الجميع قبل قيام هذه الثورة.. وكانت بين عبد الناصر والوفد.. والحركة الشيوعية.. والإخوان أيضاً.. صلات واتصالات قبل ثورة يوليو.. ولكنها انتهت إلي أن تنظيم الضباط لا يجب أن يعتمد علي هذه الأحزاب والجماعات.. وأن يستقل بقراره وارادته عنها جميعاً.
وقد كانت هناك فعلاً صلات بين الإخوان وثورة يوليو.. كما أوضح السادات علي صفحات "الجمهورية".. وكما حققتها في 4 من كتبي عن "تراث الجمهورية".. وكانت في مرحلة الاعداد لثورة يوليو.. والتنظيم يتلمس طريقه بين كل القوي علي الساحة السياسية المصرية.. وكان بينها الوفد والإخوان والحركة الشيوعية وغيرها.

والسادات فيما يرويه يوضح أنه تعرف إلي المرحوم الشيخ حسن البنا في عام 1940.. وكانت هذه بداية صلة أحد رجال ثورة يوليو بالإخوان.. وكان الشيخ حسن البنا مدخل رجال الثورة للتعرف بالفريق عزيز المصري باشا.. وهو الأب الروحي لرجال ثورة يوليو.. وقد أصبح سفيراً لمصر في موسكو بعد ثورة يوليو.

وكما روي السادات بدايةپصلته بالإخوان.. فقد روي أيضاً محاولات تغلغل الإخوان داخل الجيش.. ثم محاولة الإخوان أن يعرفوا كل شيء عن تنظيم الضباط الأحرار لينفذوا إليه.. ثم كيف قرر عبد الناصر قبل قيامه بالثورة ألا تكون لثورة يوليو أي ارتباطات بأي من الأحزاب والتكتلات السياسية القائمة في ذلك الوقت. ومنها الإخوان.. وأن يتولي تنظيم الضباط مستقلاً عن كل ما حوله من تيارات القيام بحركة الجيش.. أو الاستيلاء علي الحكم.. ..فيما كان انقلاباً في بداية الأمر.. سمي بالحركة المباركة.. ثم ما لبث ان اكتسب اسم الثورة بعد أن احتضنت الجماهير حركة الجيش.. وبدأ عبد الناصر ورفاقه في تنفيذ برنامجه الثوري.. مبتدئاً بتحديد الملكية في 9 سبتمبر 1952.. أي بعد نحو 48 يوماً من 23 يوليو.. للقضاء علي الاقطاع ومواجهة مجتمع النصف في المائة الذي تحكم في رقاب ملايين المصريين

هذا كله تاريخ سطرته صفحات "الجمهورية". وروي أنور السادات جانباً منه علي صفحات "الجمهورية" عندما خصها بصفحات مجهولة من تاريخ الثورة. وكان السادات مديرا عاما لدار الجمهورية للصحافة.. وقد بدأ في كتابتها من الأيام الأولي لصدور الجمهورية في 7 ديسمبر ..1953 ودامت لأكثر من خمسين حلقة موزعة علي فترات زمنية مختلفة

كيف صدرت الجمهورية؟

وقد روي أنور السادات أيضا قصة إصدار "الجمهورية" في صفحة كاملة كتبها في مناسبة الاحتفال باتمام العام الأول من صدور "الجمهورية".. وتحدث عن كيف جاءت فكرة إصدار هذه الجريدة.. وكيف كلفه جمال عبدالناصر بانشائها.. وقال له: "إن الثورة يجب أن يكون لها صحافتها".
ويذكر أنور السادات هذا التاريخ تماما.. وهو 4 يوليو سنة ..1953 أي قبل الاحتفال بالعيد الأول لثورة يوليو.. وكان جمال عبدالناصر يرقد مريضا في مستشفي مظهر.. بعد اجراء عملية جراحية.
يقول أنور السادات: صباح يوم السبت 4 يوليو عام 1953. أي بعد عام من قيام الثورة. إني أذكر ما حدث في ذلك اليوم تماما. وكنت قد ذهبت إلي مستشفي الدكتور مظهر حيث كان جمال عبدالناصر هناك بعد أن أجريت له عملية المصران الأعور.. وجلست إلي جوار جمال وهو متمدد في فراشه وبدأنا نتحدث في موضوع الصحافة. وبالتحديد تحدثنا عن صحافة الثورة!..
وقال لي جمال إن "الثورة" يجب أن يكون لها صحافتها..
والواقع أن مسألة "صحافة الثورة" سبق أن شغلت أذهاننا جميعا وكان جمال أكثرنا اهتماما بالمسألة.
وفي ذلك اليوم هناك في مستشفي الدكتور مظهر كان جمال يعد لي مفاجأة.. فقد قال لي بعد أن تحدث عن ضرورة إصدار جريدة يومية.
- إيه رأيك المسألة دي عايز أحطها في رقبتك!..
وقلت علي الفور - إستني عليه شويه لما أفكر
خرجت لأفكر
وخرجت يومها من مستشفي الدكتور مظهر لأفكر.
ومرت ساعات.. وكلما فكرت كبرت المسألة في نظري أكثر وتعقدت وظهرت مشكلة كبري جديدة ماذا أستطيع أن أصنع؟!

إن المسألة ليست هينة علي الإطلاق. فإصدار جريدة يومية يتطلب استعداداً ضخما ولم أكن أري أمامي في تلك الأيام أملا واحدا يجعلني أبدأ في إعادة "الجهاز" الضخم الذي نريده ليلعب دوره في ثورة الشعب.
ولم تكن تحت يدي أي امكانيات لإصدار الجريدة اليومية. فقد كنت أعمل صحفيا في فترة ما من حياتي. كنت محررا في دار الهلال وعرفت من تجربتي تلك كيف تصدر الصحف الأسبوعية أما اليومية فمصيبتها أكبر!!

جهاز الجريدة اليومية

وجلست ذات يوم أتصور "الأجهزة" التي لابد من وجودها والاطمئنان إليها لتتحول في النهاية إلي "جهاز" واحد كبير.. إلي جريدة يومية تصدر كلما أشرقت شمس يوم جديد..
وتلك الأجهزة هي: المطابع وعمالها وأسرة التحرير. والإدارة.. والمشكلة الكبري "التوزيع" فلابد من تنظيم عملية التوزيع حتي يمكن أن تصل "الجريدة" إلي أيدي أفراد الشعب ثم المشكلة الأكبر خطورة الإعلانات.. والجريدة أية جريدة تعتمد أساسا علي الاعلانات لكي يمكنها أن تصدر بصفة مستمرة!!..
العملية كلها تحتاج إلي هذه الأجهزة حتي يمكننا أن نقف علي أقدامنا.
قلت له: "مستحيل".
ومر يومان.. وتعقدت المسألة أكثر في ذهني.. وذهبت إلي جمال عبدالناصر في يوم 6 يوليو.. وجلست لأقول له بكل صراحة
- مستحيل.. لا يمكننا إصدار جريدة يومية.. المسألة معقدة جدا.. وعايزة وقت طويل وعايزة أخصائيين.. ولازم أخصائيين.. وحتي لو وجدناهم فالمسألة ستكون مجازفة!.
ونظر إليَّ جمال وهو صامت.. وسحب نفسين من سيجارته ثم قال لي:
- أمال احنا عملنا "الثورة" ازاي؟!
وساد الصمت لحظة.. ثم مضي يقول:
- الثورة لازم يكون لها صحافتها.. والجرنال لازم يطلع قبل أخر السنة دي!!..
ومرة ثانية خيم الصمت علينا ثم عاد صوت جمال يرن في أذني..
ووجدت نفسي أقول له: -
خلاص.. أنا اقتنعت!!..
الفرق بين الصحافة الأسبوعية و اليومية

وابتدأت المعركة فعلا بعد خروجي من مستشفي الدكتور "مظهر".
كان علي أن أبدأ "فورا" في إعداد "الجهاز الكبير" وأول شيء خطر علي بالي في تلك اللحظة هو الاتصال بالصحفيين.. وهم زملائي جميعا.. وذهبت أولا إلي دار الهلال إلي المكان الذي اشتغلت فيه كصحفي في فترة ما من حياتي.
وخرجت من دار الهلال لتبدأ عملية "لف" علي الصحفيين وأسمع دروسا في الإدارة والتوزيع وفي الحفر وفي الاعلانات وكل نصيحة كانت مغلفة دائما بغطاء براق من الإخلاص الشديد!!..
وكان أول شيء يجب أن يتم هو إيجاد مكان للجريدة وفي أول أغسطس استأجرت شقتين في عمارة جديدة بشارع شريف. وفرشت الشقتين كالعادة في 24 ساعة.
وفي ذلك المكان بدأت أعمل في إعداد "الجهاز الكبير".. كنت أذهب إلي شارع شريف في الصباح والمساء.. وأجلس مع من تيسر لنا من المحررين وأولهم حسين فهمي ونتناقش ونطرح أمامنا المشاكل التي تعترض سبيلنا لنذللها.
وبعد أيام بدأت في تكوين جهاز الإدارة.

مفاجأة في شارع شريف

وفي شارع شريف حيث كنا نعمل اكتشفت أن جريدة "القاهرة" تحتل دورا بأكمله في نفس العمارة التي استأجرت فيها الشقتين وكنت قد سمعت أن "القاهرة" ستصدر يومية.. أي مثل "الجمهورية"!!..
وفي كل يوم أصعد إلي الدور الخامس حيث المكان الذي نعد فيه "الجمهورية".. أري أفواجا من الصحفيين تتجه إلي الدور الثاني من العمارة.. حيث توجد "القاهرة" وأنا ليس معي سوي بضعة أفراد من الزملاء الصحفيين.. وزيادة علي هذا فقد سمعت أن "القاهرة" تستعد للصدور منذ عام.. فماذا يمكنني أن أصنع.. وجمال يريد جريدة يومية واسعة الانتشار في أيام!!
وانتابني "الغم" فعلاً. وشعرت أن المعركة ستكون أكبر مما أتصور.. وأشد!..

كل واحد يطعن في الآخر.

وجاءت عملية ترشيح المحررين.. وكانت مأساة!!
فكلما رشح البعض أسماء معينة. أبدأ في السؤال عن أصحابها. فأسمع بعد السؤال طعناً شديداً في أصحاب تلك الأسماء!!..
المسألة كانت محنة أخلاقية تمر بها صاحبة الجلالة!!..
ولم أكن أدري في تلك الأيام.. هل المسألة هي أننا نكره الخير لبعضنا. أم المسألة أعمق من هذا؟!
علي أي حال لقد استمعت إلي آراء كثيرة في أناس كثيرين ولم تكن كلها صحيحة أو لوجه الله!!..

قالوا لي:

وانتهت معركة "المحررين".. بعد أن امتلأت رأسي بالآراء!
وجاء دور الأقسام.. قالوا لي: إن الجريدة اليومية يتحتم وجود أقسام فيها.. قسم للأخبار. وقسم للمراجعة وقسم للترجمة. وقسم للتصوير. وقسم للأدب. وقسم للسكرتارية. وقسم فني. وقسم للمتنوعات. وقسم للأقاليم. وللمراسلين في الخارج.. وكلما عرفت شيئاً جديداً أفتح فمي في بلاهة.. فقد كانت المسألة بالنسبة لي تجربة ضخمة لم أتخيل أبداً أنني سأمر بها في يوم من الأيام!
وبدأت أعد إحصائيات عن كل قسم. وأفتح فمي أكثر وأكثر. وتبتلعني الدوامة.. ولكني كنت قد اعتبرتها معركة!
وانتهت مسألة الأقسام.. وبدأوا يقولون لي: القسم الفلاني عايز. والثاني يريد. والثالث مطلوب له كتب.. وأغوص في الدوامة أكثر.. ويجتاحني الإرهاق. لكنها كانت معركة! طريق طويل.
وبالرغم من تلك الجهود الجبارة التي بذلناها في الأيام الأولي. حتي بدأت بعض الأجهزة تتكون.. أقول بالرغم من هذا فقد كان الطريق يبدو أمامنا طويلاً للغاية ومليئاً بالصخور!
كنا كلما بدأت في إحدي العمليات تبرز لنا أكثر من مشكلة وكان عددنا يزيد يو ماً بعد يوم.. وكانت المعركة تبعاً لذلك تكبر وتتشعب.. وتتضاعف الصعاب!
وأتذكر الوعد الذي قطعته علي نفسي أمام جمال.. وأتذكر قوله لي: إن الجريدة يجب أن تظهر في "السوق" قبل نهاية العام.. أي بعد أشهر!
وتنتابني الحيرة ثم تشدني الدوامة فأغوص فيها أكثر وأكثر..
لم أكن قد انتهيت من المسائل الكبري. لم أكن قد وجدت المطبعة وأجهزة الطبع والحفر والجمع. بل لم أكن قد وجدت "الدار" التي سيعمل تحت سقفها "الجهاز الكبير" الذي سيلعب دوره في ثورة الشعب!
لكني كنت قد اعتبرتها معركة.. والإنسان عندما يخوض إحدي المعارك يتجاهل كل الصعاب.. ولا يبالي بها.

"الجمهورية" لن تصدر

وعثرنا علي "الدار" والمطبعة
وعندما وقعنا عقد شراء دار "الزمان" بمطابعها من إدجار جلاد. كنت أظن أن المسألة قد انتهت. وسوف تصدر "الجمهورية" في أمان الله. قبل آخر السنة!
ومن أجل هذا اطمأن قلبي.
وكنت قد عرفت أن جريدة "أخبار اليوم" وبعض الصحف اليومية.. كانت تطبع في مطبعة "الزمان" كاملة ولا ينقصها شئ بالمرة. وإذن ف"الجمهورية" سوف تصل إلي أيدي الشعب.
لكن تبين لي بعد شراء دار "الزمان" ومطابعها أنه من المستحيل أن تطبع "الجمهورية" في دار "الزمان" وتصل إلي أيدي الشعب في الموعد المحدد كل صباح..
والحكاية بالتحديد هي أن دار "الزمان" لم يكن فيها ماكينات جمع حروف "لينوتيب" عربي. تكفي لجميع مواد جريدة يومية.. وكانت "أخبار اليوم" لديها تلك الماكينات. فكانت موادها تجمع في دار "أخبار اليوم" وتطبع فقط عند جلاد!
وكان علينا أن نجد "ماكينات ليونوتيب" تجمع المواد باللغة العربية.. ولكي يتم هذا يتحتم علينا أن نتعاقد مع إحدي الشركات في الخارج. ثم ننتظر شهوراً عديدة حتي تصل الماكينات إلي مصر.
أي أن "الجمهورية" لن تصدر كما وعدت جمال في آخر السنة.. وكنا في أواخر أغسطس..
وليس هذا فقط.. فقد اكتشفنا أن دار "الزمان" ليس فيها ورشة "حفر أكلاشيهات" وذلك يتطلب شراء ورشة جديدة في الحال. لكي تنتظم عملية الطبع.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد. فقد اتضح أن "الدار" نفسها لا تتسع للمحررين وموظفي الإدارة والتوزيع.. فحجراتها ضيقة للغاية وقليلة.
وأصبحت الدوامة التي أغوص فيها أكثر اتساعاً وقوة. وأحسست أنني لن أكسب المعركة كما كنت أعتقد.
كانت المشكلة معقدة إلي حد اليأس. وصدور "الجمهورية" في آخر السنة أصبح أمراً مستحيلاً!
وفي كل مرة تجذبني "الدوامة" إلي قاعها كانت تحدث معجزة تخلصني من تلك "الدوامة".. ففي ذلك الوقت ونحن نلتفت هنا وهناك بحثاً عن حل للمأساة. تذكرت جريدة "الأساس" التي كانت تصدر في العهد الماضي. وتذكرت أن لديها ماكينات جمع "لينوتيب" في حالة جيدة للغاية. فالجريدة لم تكن واسعة الانتشار ولم تستهلك أجهزتها العديدة لأنها لم تعش أعواماً كثيرة أيضا!
وكان ما توقعت.. ذهبنا إلي دار "الأساس" وكان محجوزاً عليها. ورأينا الماكينات الجديدة التي لم تستعمل. واكتشفنا وجود ورشة "حفر" في حالة جيدة.. واشترينا كل شيء.. حتي مكاتب المحررين.. كنت كمن وجد "كنزاً" ولم أكن أشتري الشيء الذي أحتاج إليه فقط.. بل كنت أشتري أي شيء. في "الأساس" باعتبار أنني سأحتاج إليه في المستقبل.
وتنفست في ارتياح شديد لأول مرة منذ وضع جمال في رقبتي "حكاية" صحافة الثورة. ثم فجأة ظهرت مسألة أخري.. مأساة أقصد..
أين العدسة؟!
قالوا لي إن ورشة الحفر تحتاج إلي عدسة خاصة لا وجود لها إلا في ألمانيا.. وطلبوا مني شراء العدسة الجديدة لجهاز الحفر.. ثم لا أدري ماذا أقول؟!
لقد تبين لي كذب ما قالوه. وعرفت ان جهاز "الحفر" لا يحتاج إلي أي شيء من بلاد بره..
والمسألة كانت بصراحة محاولة فاشلة من "البعض" لكسب المال الحرام!
وإلي هنا كنت اكتسبت كثيراً من الخبرة. بالرغم من قصر المدة التي قضيتها وسط "الدوامة".
عرفت حقائق أكثر.. والإنسان طول عمره يحتاج إلي معرفة أشياء جديدة. حتي يمكنه أن يعيش وسط المجموع.. والحقيقة الكبري التي عرفتها في تلك الفترة القصيرة التي سبقت صدور "الجمهورية" هي ان الإنسان يمكنه أن يصنع أي شيء حتي لو لم تكن له خبرة به. فبالعزيمة والإخلاص يمكنه أن يصل إلي نتائج طيبة. مهما كانت الظروف والعقبات!!

صفحات من الشرق والغرب

وكانت هناك عمليات عديدة يدور العمل فيها في وقت واحد.. ففي دار "الزمان" كان البناءون يرفعون "السقالات" فوق الجدران ليشيدوا "دوراً" جديداً يستوعب المحررين. وفي المطبعة كانت هناك عملية حفر "خنادق" لإيصال "كابلات" كهربائية لماكينات اللينوتيب التي اشتريناها وفي الحجرات كان عشرات من الزملاء يعملون وينظمون أقسامهم. ويعدون مواد الإعداد الأولي.
وفي نفس الوقت كانت عملية إعداد "ماكينات" صفحات "الجمهورية" تستنفد معظم وقتنا.. وكنت قد أحضرت جميع الصحف التي تصدر في الشرق والغرب.. ووضعناها أمامنا وبدأنا نفكر. وكنا في شهر سبتمبر.. وفي وقت واحد كنا نوسع الدار ونعد الماكينات. وننظم المطبعة. ونحفر الخنادق ونشتري ماكينات.. وتتساقط علي رؤوسنا كلما دخلنا الدار أو خرجنا منها قطع من الطوب. فعمال البناء يعملون فوق "السقالات" ومطلوب منهم الانتهاء من "العملية" في أسرع وقت.. وفي الوقت نفسه كانت تجري عمليات تنظيم الاعلانات والتوزيع.. ثم جاء دور الورق.. وكانت أكبر مشكلة صادفتنا!
وهنا كدنا نفقد صبرنا.. وأصبح صدور "الجمهورية" في آخر السنة حلماً يستحيل تحقيقه..

الطلبات "بالدور"

لقد قالوا لي إن كميات الورق المطلوبة لا توجد في مصر.. وأنه لكي تصدر جريدة يومية يجب أن تتعاقد -أولاً- مع احدي شركات الورق في السويد أو في النرويج. وحتي لو تعاقدت.. فسوف تنتظر "شحنتك" شهورا كثيرة. فأزمة الورق عالمية. والطلبات بالدور!
وكنت قد تعودت أثناء إعداد "الجهاز الكبير" أن أبذل المحاولة تلو الأخري. وفي إلحاح وإصرار. حتي أخرج من وسط الدوامة قبل أن تبتلعني.. وفعلاً بذلت محاولات عديدة لأحل "مأساة" الورق. في الوقت الذي كنت مشغولاً فيه بألف موضوع وموضوع.. وكانت آخر محاولة بالنسبة لمأساة الورق هي أنني أرسلت مدير الإدارة في رحلة إلي أوروبا. وأمضي عدة أسابيع في السويد وفي النرويج ثم استطاع أن يتعاقد بعد جهد كبير علي شراء كمية من الورق.. وأزيلت صخرة هائلة من طريقنا. عندما حلت مشكلة الورق.
الصداقة شيء.. والعمل شيء آخر.
وكانت أسرة التحرير. في أثناء تلك العمليات المتشابكة المعقدة العديدة. تكبر ويزداد عدد أفرادها وعندما بدأنا نعد التجارب أي "البروفات" اكتشفت مسألة خطيرة تتصل بعلاقات الزملاء بعضهم ببعض.
فهذا لا يحب ذاك.. والثاني لا يستلطف دم الثالث. وجعلت من مسألة تسوية الخلافات بين أفراد أسرة التحرير جزءًا من عملية إعداد الجهاز الكبير..
لكن تبين لي أن بعض المحررين -وكانوا من أصدقائي- قد فهموا ان أنور السادات -صديقهم- يجب أن يضعهم فوق رأس الجميع.. وكانوا مخطئين!
ولكي لا تحدث "مأساة" تؤثر في سير العمل اضطررت إلي الضرب بشدة وبقسوة لكي أثبت للزملاء جميعاً أن الصداقة شيء لا خلاف عليه ولا أنكره. أما أنك تملك كفاءات لا وجود لها عند الآخرين فذلك يحتاج منك إلي دليل. والصداقة ليست دليلاً علي الكفاءة!
وهكذا كان موقفي من أصدقائي. كان حتماً علي أن أعطيهم درساً ما كان أغناهم عنه. لو كانوا قد آمنوا بالعمل. لا بالعواطف!!
نحن.. وغيرنا!!
وتخلصنا من مسألة العواطف..
وبدأنا نستعرض "الماكينات" لنبدأ التجارب.. كان الوقت يمضي بسرعة. وكنا في وضع يختلف في كل شيء عن وضع أي ناس يريدون إصدار جريدة يومية..
كان وضعنا يحتم علينا أن نعد إلي جانب الإمكانيات المطلوبة لكل جريدة يومية رأياً قوياً يتفق مع أهداف ثورتنا..
فقد ينجح صحفي لأنه بارع في "الفبركة" والإثارة ومخاطبة غرائز الجماهير. وقد ينجح صحفي آخر لأنه يسبق دائماً في نشر الأخبار.. وقد ينجح صحفي ثالث لأنه يجيد التلاعب بالألفاظ.. أما نحن فكان علينا أن نكون "ثواراً" لا صحفيين فقط!
كان علينا أن ننشر الحقائق لا الأوهام.. كان علينا أن نقول في كل صباح للشعب حقيقة جديدة. كانت خافية عليه بحكم وضع "الصحافة" في العهود التي مضت!
كان علينا أن نقف إلي جوار الأحرار في مصر وفي خارج مصر.. كان علينا أن ندعو إلي ما نؤمن به. إلي حرية كل الشعوب. وحقوق كل الشعوب. وأمن كل الشعوب.. كان علينا أن نثور علي صفحات "الجمهورية" مثلما ثرنا في الميادين الأخري!
وإلي الهند الصينية أوفدنا مندوباً عن "الجمهورية" وكان أول صحفي مصري يصل تلك البلاد البعيدة.. حيث المعركة كانت في عنفوانها. بين شعب الهند الصينية وبين المستعمرين وأوفدنا مندوباً إلي ألمانيا الشرقية والغربية. ومندوباً إلي تونس ومندوباً إلي يوغسلافيا وكنا نريد أن نبعث بمندوبين إلي كل مكان في الدنيا.
ثم رأينا أن نتفق مع الزعيم "اليساري" الإنجليزي "أنورين بيفان" لكي يكتب خصيصاً ل"الجمهورية".. ورأي بيفان يتفق مع رأي الأحرار في مصر وفي خارج مصر.. ووافق أنورين بيفان.. وكان نصراً صحفياً سبقت به الجمهورية كل الصحف الشرق..
جمال لا تعجبه البروفات..
وأطل علينا الشهر الأخير.. شهر ديسمبر حيث كان لابد ل"الجمهورية" أن تصدر كما وعدت جمال.. ان أروع فترة مرت بي كانت تلك الفترة الأخيرة ما في ذلك شك.. فالبروفات بدأنا نعدها.. وكنت أذهب إلي جمال عبدالناصر أحمل إليه البروفات. وفي يقيني أنه سيأخذني في أحضانه مهنئاً. ولكن يفاجئني وأنا أضع "البروفات" أمامه بنظرات السخرية فهي لم تعجبه. وهو كان يتوقع أن تكون "الجمهورية" أحسن من تلك التي أمامه.
وعرفت حقيقة جديدة.. ان الإنسان الذي يعمل شيئا لا يستطيع أن يحكم بنفسه علي عمله. والغير أقدر علي هذا الحكم.
أخرج من عند جمال ثم أعود إليه أحمل "بروفات" جديدة أحسن ولا تعجبه أيضاً. فأخرج لأعود وهكذا..
صفحة باللغة الفرنسية
كانت "الاقتراحات" كثيرة جداً.. والذين تطوعوا بتقديم اقتراحاتهم لا حصر لهم.
ومن أعجب تلك الاقتراحات. ما قدمه لنا "أحدهم".. فقد أعد "ماكيت" ل"الجمهورية" الصفحة الأخيرة فيه باللغة الفرنسية!! .. واقتراحات أخري أعجب!!
وقضينا عشرين يوماً في عمل البروفات حتي وصلنا في النهاية إلي "الشكل" الذي نريده.. وجاءت اللحظة الحاسمة.. اللحظات التي ستخرج فيها "الجمهورية" من خلف جدران ذلك المبني الأبيض القائم في شارع الصحافة إلي أيدي الشعب في الشمال والجنوب.
هل انتهت المعركة؟!
وفي ليلة 7 ديسمبر كان المبني الأبيض يموج بالصخب.. كنا جميعاً ننتظر المولود الجديد..
وفي المطبعة وقفت ومعي حسين فهمي بين العمال والمحررين والمصححين. وكنت أتنقل بين ماكينات الجمع ثم أهرول إلي ورشة الحفر. ثم أسرع إلي "شاسيهات" التوضيب. كنت أتتبع عملية إخراج أول عدد من "الجمهورية" في جميع مراحله. وقد امتلأت بالقوة.. تلاشت فجأة كل عوامل الإرهاق وشعرت في ذلك اليوم أنني أقوي بكثير مني في الأيام السابقة.
ومضيت الساعات وأنا في المطبعة أترقب "المولود" الجديد.
ثم وقفت إلي جوار المطبعة الضخمة التي سيخرج من بين أحشائها المولود الجديد العزيز.. وكانت الساعة قد قاربت الثانية صباحاً.. وضغط مهندس المطبعة علي "الزر الكهربائي" ودارت المطبعة.. وتلقفت المولود وبين يدي "الجمهورية" أقرأ كل حرف فيها للمرة المائة أو الألف.. لا أدري..
وكانت خيوط الصباح البيضاء قد بدأت تزيح عن القاهرة رداء الليل الأسود. وبدأ الناس يخرجون من بيوتهم.. ثم بدأ باعة الصحف يزعقون "الجمهورية".. "الجمهورية".. ورأيت المولود العزيز بين يدي الشعب.
وخيل إلي في تلك اللحظة أني أسعد إنسان في القاهرة واتجهت بالسيارة إلي منزل جمال عبدالناصر.. ودخلت من الباب ومعي "المولود" ورأيته جالساً يتناول طعام الإفطار. فألقيت بنفسي علي مقعد بجواره. ووضعت "الجمهورية" علي المائدة.
كنت قد وعدته وتحقق الوعد..
كان قد قال لي: اعتبرها معركة مثل 23 يوليو.. واعتبرتها معركة فعلاً.. فهل شعرت يوماً بعد أن رأي "المولود" الحياة أن المعركة أنتهت..
وهل خرجت بعد ذلك من الدوامة الرهيبة؟!.
هل المعركة إنتهت!!
أبداً.. لقد كانت المعركة في بدايتها.. إن صحافة الرأي معركة لها بداية أما النهاية فلا أحد يدرك متي تكون؟!
"أنور السادات"
* وهكذا يختتم أنور السادات رحمه الله قصة إصدار الجمهورية متحدثاً عن معركة بدأت مع إصدارها.. ولا يعرف متي تنتهي.. وهي بحق معركة مستمرة يومياً بلا توقف.. فهو نضال مدي الحياة.. تواصله الأجيال جيلاً بعد جيلا.. لا.. ولن تنطفيء شعلته.. مهما حدث بعون الله.
حقيقة امتياز الجمهورية
وأود هنا أن أعود مرة أخري إلي تأكيد حقيقة حدث فيها الكثير من الخلط. ووقع فيها أيضاً خلط من بعض من بحثوا في تاريخ "الجمهورية" فنسبوا تبعيتها إلي هيئة التحرير وهي أول تنظيم سياسي لثورة يوليو.
وقبل أن نتحدث عن هذا الخلط نشير إلي مقال نشر في "الجمهورية" في العدد الرابع منها ينفي هذا تماماً حيث يقول المقال عن "الجمهورية" إنها: "أول جريدة يصدرها الشعب المصري بنفسه ولمصلحته. فهي لا تنطق بلسان فرد من الأفراد ولا حزب من الأحزاب. ولكنها صوت أمة استيقظت. فتحررت وأتحدث بعد أن عانت من الظلم والارهاق. وسوء الحكم. ما لم يسجل التاريخ مثله لأمة من قبل".. وهذا كلام صريح ينفي تبعية "الجمهورية" عند إصدارها لأي هيئة من الهيئات حتي ولو كانت هيئة التحرير.. التنظيم السياسي الأول لثورة يوليو..
ولكن لماذا وقع البعض في هذا الخلط..
السبب الأول في هذا هو طلب الترخيص بإصدار جريدة "الجمهورية".. فقد أشير في هذا الطلب إلي هيئة التحرير كصاحب للجريدة.. ولكن هذا الطلب كان أيضاً موقعا من جمال عبدالناصر مرتين.. المرة الأولي كانت "عن هيئة التحرير".. كصاحب للجريدة.. والمرة الثانية كانت باعتباره هو صاحب الجريدة.. وكان ذكر هيئة التحرير في الطلب مجرد استكمال للشكل.. لأن طلب الترخيص كان يتطلب وجود جهة أو دار تطلب هذا الترخيص.. ويؤكد هذا أن جمال عبدالناصر وقع في ختام الطلب باعتباره صاحب الطلب.. وصاحب الجريدة.. وطالب امتياز إصدارها.. ولم تكن بالتالي لهيئة التحرير أي علاقة بإصدارها بعد ذلك.. وحتي تم إنشاء دار التحرير لتكون هي الدار التي تصدر عنها الجريدة.. وهو الأمر الذي تم النص عليه في ترويسة "الجمهورية" منذ العدد الأول لها.. وقد ذكر أيضاً في هذه "الترويسة" أن مقرها بشارع الصحافة وذلك قبل أن تنتقل إلي مقرها القديم في شارع زكريا أحمد. والذي انتقلت منه بعد ذلك إلي مبناها الجديد الحالي في شارع رمسيس بالقاهرة.
وفي هذا الشأن.. وتأكيداً لأن جمال عبدالناصر هو صاحب امتياز جريدة "الجمهورية".. نشرت من قبل شهادة الشاعر الكبير محمد التهامي. وهو أحد الزملاء المؤسسين لجريدة "الجمهورية". وانضم للعمل بها قبل صدورها. وكان مديراً للتحرير في سنواتها الأولي.
في هذه الشهادة ينفي الشاعر محمد التهامي. أي علاقة للجمهورية بهيئة التحرير.. ويقول: "يجب أن نؤكد أنه لم تكن هناك أي علاقة لهيئة التحرير بجريدة "الجمهورية".. ويجب أن نفرق بين جمال عبدالناصر. كصاحب امتياز إصدارها. وكونه كان سكرتيراً عاماً لهيئة التحرير.. لأن "الجمهورية" كانت منفصلة تماماً عن هيئة التحرير. ولا يوجد أي اتصال بينهما".
هذه شهادة واحد من أهم من عملوا في "الجمهورية" في مرحلة التأسيس. ثم لعدة سنوات تالية.. وإذا أضفنا هذا إلي المقال الذي نشر في "الجمهورية" في يوم 10 ديسمبر ..1953 أي في العدد الرابع للجمهورية.. والذي ينفي صدور الجمهورية لكي تنطق بلسان فرد أو حزب من الأحزاب.. فإن الأمر يصبح واضحاً.. أنه لا علاقة لهيئة التحرير بجريدة "الجمهورية".
ملاحظتان شكليتان بعد ذلك.. من طلب إصدار الترخيص.. أولهما أن أنور السادات كان هو الذي ضمن جمال عبدالناصر في طلب هذا الترخيص.. وثانيها أن الطلب موقع في 2 يوليو ..1953 بينما السادات يذكر في مقاله في الجمهورية في عيدها الأول.. أنه تلقي التكليف من جمال عبدالناصر بإصدار الجمهورية في 4 يوليو ..1953 ولاشك أن أحد التاريخين غير دقيق.. بل إن التاريخ الثاني بكل تأكيد هو الذي يحتاج إلي تصحيح.. لأنه لابد أن أنور السادات قد تلقي من جمال عبدالناصر التكليف بإصدار "الجمهورية".. قبل أن يقدما سوياً طلب إصدار ترخيصها في 2 يوليو .1953
عودة إلي البداية
وأود بعد هذا أن أنعش ذاكرة قارئ الجمهورية المعاصر لإصدارها الأول. أطال الله في عمر من عاصر هذا الإصدار من قرائها. وكذلك أن أضيف إلي قرائها من شبابنا الذين لم يعاصروا تاريخ صدورها.. جانباً عن الخط الذي سارت فيه "الجمهورية" منذ اليوم الأول لصدورها في 7 ديسمبر ..1953
فقد كانت "الجمهورية" ولازالت منذ صدورها. ضمير أمتها والمعبر عن آمالها وتطلعاتها.. وتابعت علي صفحاتها كفاح شعب مصر ونضاله.. وساندت مطالبه.. وناقشت مشاكله.. وكانت معه دائماً تصاحب مسيرته.. من أجل حاضر تحاول تغييره.. ومستقبل تحاول الوصول إليه.
الجمهورية مدرسة صحفية
كانت "الجمهورية" علي مدي تاريخها تعكس صورة مجتمعها.. وتحاول الارتقاء بظروفه وتقوم بدورها التنويري في هذا المجتمع.. وتستجيب للمنافسة.. وتعمل من أجل التطور المستمر مع قدرة ابنائها علي الاجادة والتفوق. وكانوا بالفعل مدرسة صحفية امتدت فروعها إلي مواقع عديدة في صحف مصرية وعربية شارك أبناء "الجمهورية" فيها بجهدهم ليصنعوا تاريخاً صحفياً لخريجي هذه المدرسة..
كل كبار الكتاب في الجمهورية
ومنذ اليوم الأول ل"الجمهورية" ازدانت صفحاتها بكتابات أهم الكتاب والمفكرين والأدباء.. فكان علي رأس هؤلاء د. طه حسين ود. محمد مندور و د. لويس عوض ويوسف السباعي وكامل الشناوي ورشدي صالح ونعمان عاشور وأحمد عباس صالح وبيرم التونسي ورجاء النقاش ويوسف إدريس ومحمود تيمور. وعزيز أباظة وإسماعيل مظهر والفريد فرج وسعدالدين وهبة ومحمود البدوي وفتحي غانم ومصطفي بهجت بدوي ومحمد الفينوري وزكي طليمات. ومحمد فتحي وسهير القلماوي وموسي صبري ومحمد التهامي وحسين القباني وأمين يوسف غراب وجاذبية صدقي. وصدقي الجباخنجي ومأمون الشناوي.. وعبدالحميد يونس وخالد محمد خالد.. وكان علي صفحاتها أيضا مقالات حسين فهمي وإبراهيم نوار وأحمد قاسم جودة وجلال الحمامصي وإبراهيم عامر وعميد الإمام وسامي داود وأحمد حمروش وإسماعيل الحبروك وناصر النشاشيبي وغيرهم وغيرهم.
وكان هؤلاء جميعاً هم قمم الفكر والأدب والصحافة الذين اجتمعوا علي صفحات "الجمهورية".. واجتمع معهم كل قادة الثورة ووزرائها.. وكان علي رأس من يكتب في صفحاتها الأولي جمال عبدالناصر وأنور السادات وصلاح سالم وعبداللطيف بغدادي وحسين الشافعي وحسن إبراهيم.. ثم الشيخ أحمد حسن الباقوري والدكتور نور الدين طراف.. وكان جمال عبدالناصر يكتب في الصفحة الأولي.. وكان يملي مقاله في كثير من الأحيان.. وكان لا يوقعه في أحيان كثيرة.. كانوا حشداً كبيراً من القمم لم تجتمع لجريدة غير "الجمهورية" في كل تاريخ الصحافة المصرية.
وكان علي رأس رؤساء تحريرها الذين بلغوا في يوم من الأيام سبعة رؤساء تحرير. الدكتور طه حسين. وظل كذلك حتي عام 1965 عندما حدث التغيير وأصبح ل"الجمهورية" رئيس تحرير واحد هو حلمي سلام.
وعلي صفحات "الجمهورية" أثار د. طه حسين الكثير من المعارك الفكرية والأدبية وترجم القصص وعرض الكتب.. وأثار الدكتور طه حسين معارك العامية والفصحي ومعارك الشعر الحديث والقديم ومعارك كتابة اللغة العربية كما تنطق.. وطالب بتوحيد التعليم كما تم توحيد القضاء ودخل في معارك عديدة مع شيوخ الأزهر حول حق الخطأ. دفاعاً عن شيخ أزهري أخطأ وحوكم وجرد من وظيفته وتحدث طه حسين عن التذوق الأدبي وعرض رحلاته في الخارج وتحدث عن التعليم الجامعي وتطويره. ودافع عن اللغة العربية في ترجمة شكسبير وكتب يهاجم باقي رؤساء تحرير "الجمهورية" وهو زميلهم عندما سمحوا بنشر مقال لإبراهيم الورداني يصف فيه الأدب الاغريقي بأنه أدب عفاريت.. وسمحوا لنعمان عاشور بأن يكتب عن ترجمة شكسبير إلي اللغة العامية.. ووصف د. طه حسين زملاءه الذين سمحوا بهذا. بالجهل.
وقد تميزت "الجمهورية" منذ بدايتها بملاحقها الأدبية والفنية والرياضية والتعليمية ثم السياحية.. وكانت صفحة الأدب فخراً ل"الجمهورية" تضم القصة والقصيدة والمقال والكتاب.. ويشرف عليها في البداية د.لويس عوض ود. عبد الحميد يونس والفريد فرج.. ولا تتوقف المعارك الأدبية علي صفحاتها.. وتقدم كتاباً عالمياً في كل أسبوع وأحيانا قصة أو مسرحية عالمية في صفحة كاملة..
وكانت أبواب "الجمهورية" أبواباً مبتكرة.. بعضها قدم لأول مرة في الصحف المصرية مثل باب العمال الذي كان يقدم يومياً.. وباب شكاوي القراء.. وباب "الحاج سيد" الموجه إلي الفئات الشعبية كما أن الكثير من مقالاتها أحدثت ضجة عالمية ومنها مقالات الكاتب البريطاني وعضو مجلس العموم أنورين بيفان التي ناقشها مجلس العموم وأصبحت مثار جدال شديد.. مع مقال الرأي والتحقيقات الصحفية المحلية.. كانت "الجمهورية" -ولازالت- تهتم بالخبر.. وتنفرد بالكثير من الأخبار من الداخل والخارج وتوفد مبعوثيها إلي كل أنحاء العالم.. ويرافق مندوبوها الثورات في الجزائر والمغرب العربي والجنوب العربي.. وتجري الأحاديث مع قادة العالم.. كما فعلت بحديث الماريشال تيتو في أسبوعها الأول.. كما تنتشر علي صفحاتها مذكرات كبار القادة كما فعلت مع مذكرات زوكوف ومذكرات شارل شابلن وقصة غرام الأميرة مرجريت والكابتن بيتر تاونسند.
وكانت "الجمهورية" سابقة لعصرها في أمرين كان لكاتب هذه السطور الفضل فيهما.. أولهما الصحافة التعليمية وثانيهما الصحافة السياحية.
وقد أصدرت الجمهورية لي أول صفحة تعليمية في مصر في يناير 1968 تطورت إلي عدة صفحات يومية واستمرت نحو خمس سنوات.. ثم توقفت لتعود بعد ذلك إلي ملحق يومي.. وقد تبعنا في هذا عدة صحف في ذلك الوقت.
ونشأ عن هذه الصفحة التعليمية فكرة رحلة أوائل الثانوية العامة التي بدأتها أيضاً في صيف عام 1998 ومازالت مستمرة حتي الآن.. وكان يتزامن معها رحلات حج للمدرسين.. استمرت عدة سنوات.
كما كانت الجمهورية أول من قدم باباً يومياً للسياحة بدأته في عام 1972 ثم قمت بتحويله إلي صفحة أسبوعية في الثمانينيات ومازالت مستمرة حتي الآن تؤدي دورها في رعاية واحتضان صناعة السياحة المصرية باعتبارها صناعة الأمل.
وتتابع "الجمهورية" مسيرتها في الاهتمام بصفحات الخدمات التي تربط بينها وبين قارئها.. وتهتم بمواجهة مشاكل القراء والاهتمام بحلها. وكانت أول من أدخل الخط الساخن إلي الصحافة المصرية عن طريق رقم "139".. وهي في مسيرتها في عامها الستين تواكب ظروف وأحداث الوطن وتعيش تحدياته يوما بيوم وتساند نضال شعب مصر وتطلعاته.
ومع اطلالة العام الحادي والستين تمضي "الجمهورية" بخطوات ثابتة رغم الصعاب التي تمر بها مع الوطن كله والتي تنعكس علينا جميعاً.. وتتفاقم آثارها السلبية يوما بعد يوم مع تظاهرات المخدوعين والمتآمرين.. وإرهاب جماعة الشر.. وتآمرها علي حياتنا ومستقبلنا جميعاً.. ولكننا سننتصر في هذه المعركة بعون الله.. وننطلق لبناء المستقبل الذي يليق بمصر وشعبها.
.



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: في عيد الميلاد ال60 لجريدة الجمهورية ... السادات يروي لحظات الميلاد
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ألف سنة قبل الميلاد !!! ناريمان الشريف منبر البوح الهادئ 22 12-13-2020 04:04 PM
في عيد الميلاد ال60 لجريدة الجمهورية ... يسرى السيد منبر مختارات من الشتات. 1 01-15-2014 02:48 PM
أعياد الميلاد علي محمود عبيد منبر البوح الهادئ 10 11-02-2010 07:42 PM
ليلة الميلاد حنان عرفه منبر البوح الهادئ 16 08-28-2010 06:00 PM

الساعة الآن 08:54 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.