قديم 09-21-2010, 04:48 AM
المشاركة 61
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السؤال السابع: من العشرة الأسئلة المهمة

س 7 : هناك من يرى- حفظك الله- أن له الحق في الخروج على الأنظمة العامة التي يضعها ولي الأمر كالمرور والجمارك والجوازات . . إلخ ، باعتبار أنها ليست على أساس شرعي ، فما قولكم- حفظكم الله- ؟
ج 7 : هذا باطل ومنكر ، وقد تقدم : أنه لا يجوز الخروج ولا التغيير باليد ، بل يجب السمع والطاعة في هذه الأمور التي ليس فيها منكر ، بل نظمها ولي الأمر لمصالح المسلمين ، فيجب الخضوع لذلك ، والسمع والطاعة في ذلك ؛ لأن هذا من المعروف الذي ينفع المسلمين ، وأما الشيء الذي هو منكر ، كالضريبة التي يرى ولي الأمر أنها جائزة فهذه يراجع فيها ولي الأمر؛ للنصيحة والدعوة إلى الله ، وبالتوجيه إلى الخير ، لا بيده يضرب هذا أو يسفك دم هذا أو يعاقب هذا بدون حجة ولا برهان ، بل لابد أن يكون عنده سلطان من ولي الأمر يتصرف به حسب الأوامر التي لديه وإلا فحسبه النصيحة والتوجيه، إلا فيمن يده من أولاد وزوجات ونحو ذلك ممن له السلطة عليهم.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 04:48 AM
المشاركة 62
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السؤال الثامن: من العشرة الأسئلة المهمة

س8 : هل من مقتضى البيعة - حفظك الله - الدعاء لولي الأمر ؟
ج8 : من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر ، ومن النصح : الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة ؛ لأن من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له : أن يكون له وزير صدق يعينه على الخير ، ويذكره إذا نسي ، ويعينه إذا ذكر ، هذه من أسباب توفيق الله له .
فالواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح وإماتة الشر والقضاء عليه ، وإقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والتوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر ، وكل عمل يترتب عليه شر أكثر من المصلحة لا يجوز ؛ لأن المقصود من الولايات كلها : تحقيق المصالح الشرعية ، ودرء المفاسد ، فأي عمل يعمله الإنسان يريد به الخير ويترتب عليه ما هو أشر مما أراد إزالته وما هو منكر لا يجوز له .
وقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا المعنى إيضاحا كاملا في كتاب " الحسبة " فليراجع ؛ لعظم الفائدة .

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 04:49 AM
المشاركة 63
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السؤال التاسع: من العشرة الأسئلة المهمة

س 9: ومن يمتنع عن الدعاء لولي الأمر - حفظك الله - ؟
ج 9: هذا من جهله، وعدم بصيرته، لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده، والنبي لما قيل له: إن دوسا عصت وهم كفار قال: اللهم اهد دوسا وائت بهم فهداهم الله وأتوه مسلمين.
فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يدعى له ؛ لأن صلاحه صلاح للأمة، فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح: أن يوفق للحق وأن يعان عليه، وأن يصلح الله له البطانة، وأن يكفيه الله شر نفسه وشر جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل وصلاح البطانة من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان، ويروى ذلك عن الفضيل بن عياض رحمه الله.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 04:49 AM
المشاركة 64
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السؤال العاشر: من العشرة الأسئلة المهمة


س 10: هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر ؟ وما منهح السلف في نصح الولاة ؟
ج 10: ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
أما إنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنا، وينكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب ؛ لعموم الأدلة.
ويكفي إنكار المعاصي والتحذير معها من غير أن يذكر من فعلها لا حاكماً ولا غير حاكم. ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه: قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه: ألا تكلم عثمان ؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه، ألا أسمعكم ؟ إني أكلمه فيما بيني وبينه. دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من افتتحه ولما فتح الخوارج " الجهال باب الشر في زمان عثمان رضي الله عنه أنكروا على عثمان علنا عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لايزال الناس في آثاره إلي اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنا، حتى أبغض الكثيرون من الناس ولي أمرهم وقتلوه، وقد روى عياض بن غنم الأشعري، أن رسول الله قال: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قيل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه نسأل الله العافية والسلامة ولإخواننا المسلمين من كل شر، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وآله وصحبه.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 04:50 AM
المشاركة 65
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشيخ والبحث

إن منهج الشيخ - رعاه الله - قائم على الاعتدال والإنصاف في كل شيء، فلا يغلو ولا يجفو، بل هو عوان بين ذلك وهذه الوسطية الرائعة هي التي ميزته عن كثير من علماء الأمة وفحولها في هذا العصر، ولا بد أن ندرك جيدا وأن نعلم يقينا أن الشيخ - حفظه الله - منهجه في البحث.

والاستفادة قائم على التزام النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وذلك في كل ما يتصل بهما، ونجد أن النصوص مع ثبوتها القطعي قد تتفاوت في دلالتها، فإن للمفتي حق الاجتهاد في فهم الدلالة كما لغيره ذلك، وهذا منهج لا غبار عليه عند أولي العلم، بل هو من صميم علمهم، ومن دقيق فهمهم، وسماحة شيخنا - رعاه الله - ملتزم بهذا المنهج سائر عليه، فتجده في المسائل التي يختلف فيها العلماء في قضية فهم النصوص، وما تومئ إليها من دلالات ومعاني، واسع الصدر، لا ينكر على أحد فهم اختاره، أو أمر سار عليه - معتقدا أنه الحق، بل إنه يعذره ويرى له في ذلك اجتهادا مخطئا في نظره، ومما يميز الشيخ - حفظه الله - أنه واسع المعرفة، يحب الحوار الهادئ، ولا يغضب من الجدل الحق، ويرحب بالآراء المدعومة بالدليل، ويتراجع عن قوله إذا كان فيه خلاف الدليل ويرحب بالأقوال ولا يتعمد التخطئة بل يرى أن المسائل المختلف فيها على قسمين:
1 - خلاف التضاد:
2- خلاف التنوع:
فأما خلاف التنوع فالمسألة سهلة، وفيها سعة؛ لأنه خلاف فرعي، وقد اختلف الأئمة. والشيخ - أطال الله في عمره على طاعته - محب للبحث شغوف به، لأنه يحرص على إيصال المعلومة الصحيحة إلى طالب العلم، فإذا شك في مسألة أو حديث، أمر بتحقيق الأمر، والنظر في هذه المسألة وفي ذلك الحديث، حتى يتضح الأمر وتنجلي الحقيقة، وهذا كله من حب الشيخ - رعاه الله - للبحث، ودائما تراه يكلف بعض طلبة العلم بذلك، فإذا انتهى من بحثه، قرئ على سماحته - حفظه الله - كاملا وعلق عليه بما يرى أنه الحق مبينا لوجه الصواب والخطأ، أو مقرا للباحث بقوله: هذا البحث حسن أو جيد أو جزاك الله خيرا وغير ذلك من كلمات التشجيع والإطراء..

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 04:50 AM
المشاركة 66
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشيخ والشجاعة في الحق

إن هذا الرجل السهل السمح الحليم محب الفقراء، والمشفق على المحتاجين والمعوزين، سرعان ما ينقلب أسدا هصورا لا يرده عن أقدامه شيء، إذا انتهكت محارم الله، أو إذا علم بظلم يقع على المسلمين أو عدوان على شريعة الله.
إن مسلك سماحته - حفظه الله - في هذه الناحية هو مسلك العالم الإسلامي الذي يوقن ملء جوارحه أنه مسئول عن حماية محارم الله، والدفاع عن حقوق أهل الإسلام بكل ما تملك من طاقة... وبدافع من الشعور الكامل بهذه المسئولية يتتبع أحوال العالم الإسلامي، فلا ينال المسلمين خير إلا فرح به، ولا يمسهم سواء إلا اضطرب له، ويرتفع غضبه إلى القمة حين يتعلق الأمر بدين الله، لذلك تراه أسرع العلماء إلى إنكار البدع، لأنها بنظره عدوان على حقائق الوحي، وتغيير لدين الله، وفي النهاية هي إبعاد للمسلمين عن جادة الحق.
ولعل شجاعته في قول الحق تتجلى بوضوح وجلاء حينما نفخ الشيطان في خلد أحد الحكام، فأعلن ترهات وشبهات خبيثة في مقصدها، ضالة في منطلقها وتوجهاتها، دائرة في مجمل أمرها على الطعن في كتاب الله وعلى رسوله الكريم، بأمور تقيأها في مؤتمر عقده في بلاده باسم مؤتمر المعلمين وكان ذلك عام 1394 هـ. فسارعت الجامعة الإسلامية ممثلة بمجلسها الاستشاري إلى إنكار ذلك، حملت توقيع الأعضاء ومن ضمنهم سماحته، لكن سماحته لم يكتف بذلك، فخلا إلى كاتبه يملي عليه مقالا في تفنيد تلك الأباطيل، وفضح مزاعم الطاغية، التي تنم عن منتهى الجهل بالإسلام ولغة العرب.
وقد نشرت الصحف والمجلات ذلك البيان الذي كان قطعة رائعة بارعة من فقه الشيخ وأدبه وغيرته اللاهبة على دين الله.
ويتلو تلك الهجمة الطائشة عدوان طواغيت الصومال من الشيوعيين على شريعة الإسلام، إذا ألغوا أحكامها العادلة في موضوع الإرث والحياة الأسرية ؛ ليحلوا مكانها أحكام الجاهلية الماركسية، ولما أعلن علماء مقديشو حكم الله في عدوانهم هذا، أخذت الظالمين العزة بالإثم، فأحرقوا عشرة منهم وهم أحياء، وزجوا بالعشرات الآخرين في السجون... فكان لهذا الطغيان الرهيب أثره العميق في قلب الشيخ، لم يملك بإزائه سوى القلم الذي حمل إلى البغاة ما يجب أن يتلقوه من مثله.
وقبل ذلك كان للشيخ صولة في رابطة العالم الإسلامي بمكة، خرج منها بالقرار التاريخي الذي يدين طغمة الشيوعيين الذين يفرضون وجودهم بقوة الحديد والنار، وطواغيت موسكو على مسلمي الجنوب العربي، الذي لم تقف فيه حمامات الدم منذ استيلاء هذه العصابة الحاقدة على الإسلام وعلى زمام السلطة في عدن وحضرموت.
وعلى هذا المنوال والغرار يمضي الشيخ في مواجهة الأحداث التي تلم بالأحداث في العالم الإسلامي، ولعل وقوفه مع المسلمين في كشمير وبورما وأريتريا والبوسنة والهرسك وأفغانستان والصومال والشيشان وأخيرا كوسوفا وغيرها أوضح مثال وأبين أمر على شجاعته ووقوفه مع إخوانه في البأساء والضراء.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 04:50 AM
المشاركة 67
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشيخ والشورى

وصف الله المؤمنين الصادقين بقوله الحق: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وألزم نبيه وهو المؤيد بوجيه أن لا يفارق الشورى في كل أمر هام، وشأن عظيم فقال له: وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ولقد أخذ سماحته بذلك فهو يشاور طلابه ومحبيه وإخوانه من العلماء فيما يستجد من الأمور وهذا مما يدل على تواضعه، ومن قربه من القلوب، فلا يبدأ قضية من القضايا المهمة إلا بالتشاور حولها والدندنة في جوابها أخذا وردا، وإعمالا للفكر، وإنعاما للنظر، فيها حتى إذ استوت على سوقها طرح رأيه الثاقب في القضية، وإن كان هناك ثمة رأي مخالف للأمر الذي ارتآه نظر إليه بعين الاعتبار والتقدير، وفحصه بنظرة ثاقبة بصيرة من جميع جوانبه، ثم يفصل بعد ذلك عازما على رأي واحد متوكلا على الله، ممضيا له، وغالبا ما تكون هذه الآراء هي الأسعد بالحق وضيائه.
والشورى في حياة الشيخ - رعاه الله - في جميع صورها وألوانها: فمع إخوانه أصحاب الفضيلة العلماء سواء كان ذلك في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، أو في هيئة كبار العلماء يراجع هو وإياهم ما استجد من المسائل العلمية والعملية في ضوء الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة، ويطرحون في تلك المجالس قضايا المسلمين بإنصاف وصدق. وتجرد، فلهذا نرى أن رأيهم في كثير من القضايا يجد كلمة إجماع من جميع علماء المسلمين في أقطار المعمورة، وعلى هذا النحو في اجتماعاته في الرابطة في المجلس التأسيسي، أو في المجمع الفقهي، أو في المجلس الأعلى للمساجد وغير ذلك.
وكذلك يشاور أهل بيته في القضايا الخاصة الأسرية التي تتعلق بهم، ولا يستنكف من أخذ آرائهم إن رأى في ذلك مصلحة عامة للمسلمين، وهذا أعني به مشاورة أهل البيت - منهج نبوي، وشرع إسلامي، ولعل قصة الحديبية مع أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - حينما أشارت إلى النبي بحلق رأسه ونحر هديه، ثم تطبيق الصحابة لذلك أبلغ مثال، وأوضح أمر، في أن هذا المنهج من صميم منهج النبوة والشرع.
وهكذا يشاور مستشاريه، ومدراءه فيما يتعلق بالأعمال الوظيفية وغيرها من الأعمال الإدارية وينظر إلى آرائهم بعين الاعتبار والتقدير.
إن لسماحته نفسا رحبة، وصدرا متسعا، وأفقا واسعا، في كل الأمور، مما بوأه هذه المكانة العلمية، والمنزلة السنية رفع الله قدره، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 04:51 AM
المشاركة 68
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشيخ والفتوى


إن الفتوى في حقيقة أمرها هي التبليغ عن الله سبحانه وعن رسوله أحكام الشريعة وإيضاحها وإبرازها للأمة، ولذا فإن الفتوى منصب جليل القدر، عظيم المكانة، كبير الأهمية، فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعد له عدته، وأن يتأهب له أهبته، وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ولا يكون في صدره - حرج من قول الحق والصدع به، فإن الله ناصره وهاديه، وكيف لا وهو المنصب الذي تولاه بنفسه رب الأرباب فقال تعالى: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ وكفى بما تولاه الله بنفسه. شرقا وجلالة، إذ يقول سبحانه في كتابه:{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ } وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه، وليوقن أنه مسئول غدا وموقوف بين يدي الله.
وأول من قام بهذا المنصب الشريف سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبد الله ورسوله فكانت فتاويه جوامع الأحكام ومشتملة على فصل الخطاب، وهي في وجوب اتباعها وتحكيمها والتحاكم إليها ثانية الكتاب، وليس لأحد من المسلمين العدول عنها ما وجد إليها سبيلا، وقد أمر الله عباده بالرد إليها حيث يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }
ثم قام بالفتوى من بعده برك الإسلام، وعسكر القرآن، وجند الرحمن، ألين الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأحسنها هديا، وأقلها تكلفا، وأوضحها بيانا، وأصدقها إيمانا، وأعمها نصيحة، وأقربها إلى الله وسيلة وكانوا بين مكثر فيها ومقل ومتوسط ؛ ثم صارت الفتوى من بعدهم في - التابعين وتابعي التابعين إلى يومنا هذا.
وممن - قام بهذا المنصب الكبير، والعمل الشريف " الإفتاء " في عصرنا الحاضر، وزماننا الزاهر كوكبة نيرة من الأئمة الأعلام، الذين حفظوا للأمة معاقد الدين ومعاقله، وحموا من التغيير والتكدير موارده ومناهله، ومن هؤلاء الحملة العدول والعلماء الفحول - بل أبرزهم ورأسهم - الذين عنوا بضبط قواعد الحلال والحرام، وخصوا باستنباط الأحكام، فضيلة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز - حفظه الله - فقد كتب كما هائلا من الفتاوى العلمية، بل إن الفتاوى التي قرئت عليه وشارك في صياغتها مع إخوانه أعضاء اللجنة الدائمة لعلها تبلغها أكثر من عشرين ألف فتوى.
والشيخ - رعاه الله - مثال يحتذى، وإمام به يتأسى، في الفتوى وغيرها من أمور الدين، فتجده في فتاويه معتمدا على الأدلة من الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة من السلف الصالحين - رحمهم الله - جاعلا نصب عينيه قول الإمام أحمد - رحمه الله -: " إياك أن تتكلم في مسألة إلا ولك فيها إمام ".
ولهذا من تأمل فتاوى الشيخ - رعاه الله - يجد أنها فتاوى واضحة الدلالة، بينة المقصود ليس فيها شذوذ، أو خروج عن سبيل المؤمنين، وترى فيها دقة النقل، والإيجاز في الألفاظ، والوضوح في العبارة، والقوة في الأسلوب - إذ أسلوبه في الإملاء ينحصر على السهل الممتنع - وهو من أبلغ أساليب الكتابة جمالا ووضوحا.
والشيخ - رعاه الله - يكره التسرع في الفتيا، كما هو دأب السلف وديدنهم كما قال ابن أبي ليلى - رحمه الله - أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله أراه قال في المسجد، فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا.
والشيخ - رعاه الله - لا يتورع عن قول لا أدري، والله أعلم، بل هي سلاحه في كثير من الأحايين وهذا نهج علمي دقيق سار عليه سماحته، بل عددت له في مجلس أكثر من عشر مرات وهو يقول الله أعلم.
" ومن قال لا أدري فقد أفتى، ولا أدري نصف العلم، أوكلنا العلم إلى عالمه، الله أعلم " هذه جمل مترابطة يذكر الشيخ - رعاه الله - إخوانه وتلامذته ومحبيه،. ويوصيهم بالتريث والتثبت وعدم الاستعجال وهو الآن - ولله الفضل والمنة - من كبار المفتين في العالم الإسلامي، لأنه يفتي بالدليل قال الله قال رسوله وقد ذكر عنه أن يرى الأخذ بأصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ولكنه دائما ما يخرج عن المذهب الحنبلي، إذا خالف الدليل، فهو ينشد الأثر ويتمسك به كتابا وسنة وإجماعا، ومن لاحظ الشيخ - رعاه الله - في فتاويه رأى ذلك جليا واضحا، ومما يميز الشيخ في فتاويه أنه غير متكلف في كلامه وحديثه وفتاويه، فهو يكره التنطع والتعمق، وهذا هو المنهج الذي سار عليه العلماء السابقون من سلف هذه الأمة وأئمتها، فهم لا يتنطعون ولا يتكلفون، وإنما يرسلون الكلام إرسالا على سجيته، وهكذا سماحته - حفظه الله - فلذلك جعل الله له ولكلامه ولفتاويه قبولا في قلوب الناس لصدقه وطيب نيته وجميل خلقه غفر الله له ورفع درجته.
هذه أبرز الملامح العامة لمنهج سماحته - عفا الله عنه - في الفتاوى وهي أمور مهمة، ولو أفردت في مصنف مستقل من قبل بعض طلبة العلم، لكان ذلك حسنا والله المعين.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 04:51 AM
المشاركة 69
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أمين المكتبة

إن لمكتبة سماحته- رعاه الله- أمينا يقوم بشئونها ، ويحرص على ترتيبها ، بل ويقوم بالقراءة على الشيخ- حفظه الله- من بطون الكتب العامرة وهو أخونا الفاضل / فضيلة الشيخ / صلاح بن عثمان . - جزاه الله خيرا وأعظم له أجرا- وهو نعم الأمين خلقا وأريحية وسلوكا وهو من طلبة العلم البارزين ، وله جهود دعوية ، ومناشط خيرية ، ونصر للسنة واهتمام بها ، ويكفي أنه أحد خواص الشيخ عبد العزيز- حفظه الله- وأحد الحائزين على ثقته.

~ ويبقى الأمل ...
قديم 09-21-2010, 04:52 AM
المشاركة 70
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مكتبته

إن مما لا شك فيه ، ولا ريب يعتريه ، أن المكتبات في كل أمة عنوان تقدمها ، ودليل وعيها وتطورها كما أنها تعتبر المعيار الحقيقي ، والميزان الأساسي لمعرفة تقدم تلك الأمم ونهوضها ، إذ هي من أهم ركائز المعرفة ، وأقوى دعامات العلم ، فهي للعالم وطالب العلم- زاد لا ينضب ، ومعين لا يجف ، تتحف القارئ والباحث والطالب والمعلم ورواد العلم والمعرفة بروافد ثرة ، وينابيع متدفقة من الفوائد والمعارف والعلوم .
ومن المعلوم قطعا أن جمع الكتب وإدامة النظر فيها ، والبحث في أغوارها ، والغوص في مكنوناتها وأعماقها من أهم الأسباب المعينة على تحصيل العلم .
قال عبدالله بن المبارك- رحمه الله- : من أحب أن يستفيد فلينظر في كتبه. وقيل له لم لا تجالسنا ، قال أنا أجالس صحابة رسول الله يعني بذلك قراءة حديثهم ومروياتهم ، وما يتعلق بتراجمهم وسيرهم العطرة ، التي يفوح منها عبير الإيمان والصدق ، وريح الإخلاص والمتابعة ، والإقدام في سبيل الرحمن .
ولذا قال المتنبي :
وأعز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
وقال الآخر :
نعم المؤانس والرفيق كتاب تخلو به إن ملَّك الأصحاب
لا مفشيا سرا ولا متكبرا وتفاد منه حكمة وصواب
ومن هذا المنطلق المهم في أمره وأساسه ، بل وجنباته . ومنافعه ، كان السلف الصالح- رحمهم الله- يحرصون على إدامة النظر في الكتب والاستفادة منها ، لأنها خزائن العلم ، وكنوز المعرفة وبيت القصيد ، وتمييز الأحكام الشرعية ، وعلى هذا المنوال فإن لسماحة شيخنا- رعاه الله- نفسا أبية همامة طلعة لا تمل من القراءة ، ولا تكل من المطالعة والبحث ، وهذه عاداته ودأبه أنه جعل للكتب وإدمان النظر فيها وقتا خاصا من أوقاته المباركة المعمورة بالعلم والإيمان ، ودائما يكون في هذا الوقت المخصص للقراءة والاطلاع مكبا على سماع العلم والمعرفة ، والاستزادة منها ، لكي يكون له زادا في طريق التعليم ونشر العلم وهذا الوقت المخصص للقراءة أظنه بعد صلاة العشاء من كل يوم .
ومكتبة الشيخ- رعاه الله- مكتبة ضخمة مليئة بنفائس المصادر والمراجع العلمية التي لا يستغني عنها طالب العلم والمعرفة ، حاوية لجميع الفنون العلمية ، فلكل فن قسم خاص به ، فمثلا فن الحديث وعلومه ومصطلحاته له مكان مخصص ، فأولا أمهات الكتب الستة ، ثم المسانيد ثم المعاجم ، ثم الأجزاء الحديثية ، ثم كتب الأحكام الحديثية ، ثم كتب التخاريج ، ثم كتب الرجال وجرحهم وتعديلهم ، ثم كتب الوفيات . . وهلم جرا ، على وفق نظام بديع متسق يبهر الألباب ، ويأخذ بالأبصار ، وقد دخلتها مرات ومرات ، فرأيت فيها العجب . وللشيخ- رعاه الله- خزانة خاصة بنفائس المخطوطات ، تضم بين أروقتها بعض المخطوطات النادرة ، وهذا مما يدل على أنه كثير التثبت في علمه وفقهه في دين الله .

~ ويبقى الأمل ...

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: مسيرة عطاء // الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ~
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضيلة الشيخ محمد الشعراوي ( رحمه الله ) علي حيـدر منبر الحوارات الثقافية العامة 6 10-27-2020 05:58 PM
توضيح للمقطع المنتشر بشأن فتوى الشيخ محمد بن عثيمين ( رحمه الله ) لحكم قول اللهم صل ع حمود أحمد منبر الحوارات الثقافية العامة 0 11-14-2016 01:49 PM
ابن عطاء الله السكندري رحمه الله عبدالله باسودان منبر الحوارات الثقافية العامة 1 07-03-2013 03:58 AM
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ( رحمه الله ) علي حيـدر منبر الفنون. 12 01-20-2013 09:27 AM
|| فتاوى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ~ أمل محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 10 02-03-2011 02:59 PM

الساعة الآن 12:16 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.