احصائيات

الردود
5

المشاهدات
4768
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.39

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
10-29-2011, 11:16 AM
المشاركة 1
10-29-2011, 11:16 AM
المشاركة 1
افتراضي إعادة محاكمة المتنبي
إعادة محاكمة المتنبي



من المعروف أن المتنبي قد سجن لقوله:

ما مقامي بأرض نخلة .. إلا كمقام المسيح بين اليهود

وقوله:
أنا في أمة تداركها الله.... غريبٌ كصالح في ثمود

فكان هناك من اتهمه بادعاء النبوة، لأنه كان يضع نفسه في مقام الأنبياء.

وربما أن المتنبي قد ادعى النبوة فعلا، على اثر تلك الطاقات والأحاسيس الجارفة التي كانت تتدفق في ذهنه وقلبه، كنتيجة لظروف يتمه وبؤسه الشديد، كونه فاقد الأب وألام، وعاش طفولة مشرده، وصفها طه حسين بالشاذة، ربما لشدة بؤسها، وقد ترافق ذلك مع ما توفر للمتنبي من فرصة لتعلم اللغة العربية من بيئتها الطبيعية القاسية، البادية...حيث عاش سنوات عمره الأولى فيها.

ولا شك أن تلك الطاقة الذهنية المتفجرة، التي نتجت عن ظروف اليتم، والتشرد الذي أصاب المتنبي تفتقت على شكل مخرجات إبداعية عبقرية بعدة صور.

فكان مثلا صاحب ذاكرة فوتوغرافية، وكان يرتجل الشعر الذي ينساب من مخيلته وعلى لسانه انسياب الماء من النبع العالي الصافي... ذلك الشعر الذي ولد جميلا عبقريا فذا..وكان دائما ما يحتوى الحكمة عبر صور شعرية غاية في الروعة، والصنعة الشعرية.

ولا شك أن المتعمق في دراسة سيرة المتنبي يجد ما يشير إلى أن طاقات ذهنه البوزيترونية قد أدت أيضا إلى بروز صفاته القيادية، وقد برز حبة لان يكون حاكما في سن مبكرة مما جعله يتقرب إلى الحكام ويندفع إليهم سعيا منه لان يتولى إمارة من الأمارات مهما صغر حجمها...وقد استمر على ذلك طوال حياته.

وقد كان فارسا شجاعا شارك في الحروب ووصفها، ووصف الخيل، وقال عن نفسه:

الخَيْل واللّيْلُ والبَيْداءُ تَعْرفُني ... والسّيْفُ والرّمْحُ والقرْطَاسُ والقَلَمُ

كل تلك الملكات التي تفجرت في ذهن المتنبي منذ نعومة أظافره، وكل تلك الطاقات، جعلته حتما يشعر بأنه إنسان مختلف، ومميز...إلى حد أنها جعلته يظن بأنه إنسان فوق العالم...والمعروف أن ذلك الإحساس لازمه منذ طفولته المبكرة حيث قال في واحدة من بواكير قصائده:

أي محل أرتقي؟ .. أي عظيم أتقي؟
وكل ما قد خلق الله .. وما لم يخلــقٍ
مُحتقر في همتي .. كشعرة في مفرقي

صحيح أن اهتمام البشرية باليتم، والأيتام، يمتد إلى أزمان سالفة طويلة..حتى أننا نجد بأن حمورابي قد ختم الوثيقة التي وثق عليها شريعته بقوله أن هذه الشريعة قد وضعت لحماية اليتيم والأرملة...وفي ذلك، ما يشير إلى يُتم حمورابي نفسه، الذي أصبح بفضل ذلك اليتم عظيما خالدا.

وقد استمر الاهتمام بالأيتام عبر التاريخ من منطلق ضرورة تقديم الرعاية لهم...لكن ربما أن أحدا لم يهتم بالتدقيق في اثر اليتم على اليتيم وعقله، وطاقاته، وقدراته، وعبقرية، ومخرجات ذهنه...حتى عصرنا الحالي، حيث توفرت لنا وسائل بحث أظهرت بأن جميع الأيتام من كل ألازمان تجمعهم صفات، وسمات مشتركة، لكنها تتفاوت من شخص إلى آخر كنتيجة لمجموعة من العوامل الذاتية والبيئية...وان لليتيم سيكولوجية تختلف عن غيرها من الناس.

ونجد أن المبدعون العباقرة عبر التاريخ في كل المجالات كانوا من الأيتام...والاهم من ذلك نجد أن شريحة القادة العباقرة الخالدون كانوا أيضا من الأيتام..وهو ما يؤكد على تلك العلاقة بين طاقات الذهن المتفجرة والناتجة عن اليتم وسمات الشخصية العبقرية المبدعة في كل المجالات بما في ذلك مجال الشخصية القيادية.

لكن أحدا من الأيتام لم ينتبه إلى تلك العلاقة...

وظل الجميع يعتقد أن العبقرية هي نتاج موهبه تولد مع الشخص، وهو ما أوحي للشخص الموهوب، وللآخرين حوله بأن صاحب العبقرية شخص مميز عن الآخرين بدليل تلك القدرات...

من هذا المدخل نجد أن كثير من الناس، والذين امتلكوا قدرات عبقرية بارزة لا تفسير لها إلا أنها كانت هبه تم اختصاصهم بها..ولذلك نجدهم انزلقوا دون دراية أو وعي منهم بما يعتمل في نفوسهم إلى الاعتقاد بتميزهم وبتبرير تلك الصفات والقدرات البارزة عند البعض منهم نجدهم قد انزلقوا أكثر فأكثر إلى ادعاء النبوءة.

وحيث أن الشخص اليتيم شخص يمتلك فعلا صفات مهولة خاصة تلك السمات التي تسمى بالقدرات الكرزمية، والتي يكون لصاحبها قدره بالغة على التأثير في الجمهور، نجد انه يجتذب الكثير من الإتباع.

ولو أننا دققنا في سيرة حياة أصحاب النظريات الأرضية الوضعية الذين أدعوا النبوة ووجدوا الكثير من الأتباع لوجدنا أنهم أيتام...ومنهم مثلا البهائيين أتباع بهاء الدين ومن قبله من أطلق عليه اسم (الباب)، والمونيين أتباع الكوري مون الذي استقطب حوله ما يزيد على 2 مليون من الأتباع في مجتمع مثل مجتمع الولايات المتحدة.

وخلاصة القول،،

كل ما قيل هنا يظهر أن المتنبي لم يكن يدرك على الأرجح أن ما كان يشعر به هو نتاج نشاط زائد لعقله ليس إلا...فظن انه وقد امتلك كل تلك القدرات والصفات، والسمات، العبقرية، بأنه لا بد أن يكون إنسان مميز...ومن هنا انزلق في ادعاؤه النبوة بتبرير ما كان يجتاحه من مشاعر وطاقات عارمة...خاصة انه كان يشاهد أثرا مهولا لما كان يقوله ويفعله على من حوله من البشر.

فلا بد أذا أن المتنبي كان يجهل ما يعتمل في داخله وربما أن في ذلك ما يبرر خروجه عن النص...ولا شك ان ما فعله كان ناتج عن وفرة هائلة في طاقات الدماغ...نتجت عن طفولة بائسة تؤدي عند البعض الى العبقرية وعند آخرين الى الشذوذ، وتؤدي عند البعض الى الجنون، وعند البعض الاخر الى الانتحار...ومنهم من يتحول الى قتله شرسين او ربما الى قتله مأجورين.

وقد احسن المتنبي أن لجم طاقات ذهنه المتفجرة وحصرها في مجال الابداع الشعري الفذ، المتفوق...بالغ التأثير ليظل ماليء الدنيا وشاغل الناس لقرون اخرى قادمة.

والسر دائما في اليُتم.

يمكن الاطلاع على مزيد من المقالات التي تعالج اثر اليتم والمآسي الاجتماعية على الفرد سلبا وايجابا على الرابط التالي:





قديم 11-24-2011, 07:34 PM
المشاركة 2
علي مدحت علي زيدان
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
شكرا لجهدك المبذول و مواضيعك الرائعة و موضوع رائع لم أكن أن المتنبي أدعى النبوة و أرجو من الله ان يرعى اليتامى موضوع قيم شكرا أستاذي القدير { ايوب صابر }

( اللهم اعنا على اسرائيل ; ووحد كلمة المسلمين )

( وزود العلماء ورجال الدين ; وحرر فلسطين)
قديم 11-24-2011, 08:15 PM
المشاركة 3
علي آل علي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
بما إن إحساس اليتيم يتأجج ويترنح في نفسه ويظهر له بنقص تام أمام من حوله فإنه بمعاناته تلك قد يسلك إحدى الإتجاهين ، فإما إبداع لا حدود له ، أو إنحدار إلى مستوى يرثى له ..

قد يكون حبيس نفسه لسنين طوال وفي لحظة صحوة يفجر الدنيا إبداعاً وتلك الغفلة إنما هي التساؤلات والإستفهامات قد تصل إلى تناقضات في الشخصية ومرض ووهن لفقدانه ذلك الإحساس والإستشعار بأب فقده أم أم فقدها .

اليتيم يجلس معه نفسه كثيرا له قدرات عجيبة وهبت له بديلة عن مافقد فحكمة الله أولا ثم مجريات الملكة البشرية فلو نظرنا إلى أي إبداع كان لوجدناه لم يكن إذ كان إلا بعدما يمر صاحبه بتلك الصفعات من الحياة ، تتبعثر أجزاءه هنا وهناك فيعود بهمة ويجمعها وينطلق .
وكما قيل الحاجة أم الإختراع ومعناه لم يكن هناك إختراع إذا لم يكن هناك حاجه .

فالسبب متسبب في إلتماس الحل له .

اليتم حالة من حالات أدت إلى الرقي والتميز كما أنه حالة من الحالات أدت إلى الجنون والإنكسار .
قد تكون الحالة الأولى هي البادرة فتحجم وتحجم حتى تصل إلى حد لايمكن أن تتعداه فتنتكس إلى الحالة الأخرى ألا وهي الجنون أو الإنكسار .

العاقل منا مهما كان ، يتيم ، لطيم ، منكسر ، مجروح ، من أصحاب المآسي حينما تكون له الفرصة ويجد نفسه في التميز أن يحتسب ذلك لأجر من الله عز وجل وأنا لا تصيبه فتنة الإعجاب أو فتنة الغرور .
فهؤلاء إن كانوا من طلاب العلم الشرعي فهم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة وإن كانوا من غير ذلك كصاحبنا المتنبي فإنه يصل درجة الجنون فيصاب بالعظمة وتبرز شخصيته بها فينقاد إلى المهالك بعدها ...

الأستاذ أيوب ناصر .
شكرا لك على ما ذكرت
في حفظ الله ورعايته

قديم 01-02-2012, 06:48 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ علي مدحت علي زيدان

اعتذر عن التأخير في الرد ....الشكر موصول لكم استاذ مدحت ...في الواقع يبدو ان الحضارة كلها من انتاج عقول الايتام فاينما تجد عبقري إعرف انه يتيم حتما او ان الموت حام حوله فتفتقت طاقاعت ذهنه.

سرني انك تحب ما اطرحخ من مواضيع.

قديم 01-02-2012, 11:33 PM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ على مجدوع ال علي

الشكر الجزيل لك على هذه المداخلة الجميلة التي احتوت على وصف تفصيلي لسيكولوجية الايتام

قديم 01-02-2012, 11:35 PM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
للاطلاع على مقال " جمال عبد الناصر ...كرزما طاغية" ولمزيد من المقالات عن رجال ونساء عملت عقولهم بطاقة البوزيترون انقر هنا من فضلك:


http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=512&page=111


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: إعادة محاكمة المتنبي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إعادة الانتشار ياسر علي منبر القصص والروايات والمسرح . 6 05-28-2017 07:25 PM
إعادة البناء في الفلسَفة - جون ديوي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-20-2014 11:42 PM
المتنبي يسترد أباه .. دراسة في نسب المتنبي - عبد الغني الملاّح د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-04-2014 12:32 PM
محاكمة سلطان الغنامي منبر القصص والروايات والمسرح . 7 04-06-2014 10:39 AM
الحقائق المستنتجة و إعادة التأمل طارق خنفير منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 6 09-01-2013 04:31 PM

الساعة الآن 12:12 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.