قديم 09-02-2010, 01:59 AM
المشاركة 11
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
حركات قلقة في تسلسل محكم لصور رمادية تكاد تكون قاتمة تئنّ تحتها نفس معذبة منعت من أن تعلن حظها المكسور ..
حركت سرديتك أختنا ناريمان أرمدة التعاطف الوجداني .. وإننا في الانتظار ..
صحّ رمضانك

أخي محمد
سلام الله عليك
أشكرك على تواجدك هنا متابعاً لأحداث هذه الرواية



تحية ... ناريمان

قديم 09-13-2010, 03:00 PM
المشاركة 12
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
لست وحدي
الجزء الثاني ( في وداع أمي )



ماتت أمي .. ولما تغادر بعد
راحت روحها .. لكن جسدها لا زال هنا
أنظره بعيوني وأحسه بيدي
الجو لا زال يبشر بمزيد من البرد الجاف الأشبه بتنهداتي الليلية الممزوجة بحرقة الوجع

اقتربت من أمي
وتأملت وجهها .. ودموعي تنهمر على ثيابها بصمت
تحسسته .. لمسته بيدي وحاكيتها من غير كلام ..
عدت للوراء كثيراً
تذكرت هذا الوجه المصفر كيف كان ؟
عندما كانت تقف على المرآة - قبل أن يداهم جسدها المرض - وهي تتحسسه بيديها وتضع بعضاً من الدهون عليه ,, وتقول : جلد الإنسان يا ابنتي يحتاج باستمرار أن ترطبيه ببعض الكريمات المنعشة ..
فهي تعطي للوجه طراوة ...
أتذكر .. كيف كانت تدهن وجهي ببقايا الكريم الذي لا زال عالقاً بيديها الحنونة
وبعدها تقبلني وتقول لي : ما أجملك يا حبيبتي
آه ... أيام راحت ..
وراح كل ما فيها بحلوها ومرها
عدت اتأمل الوجه المصفر .. وأشهق بتنهيدة خرجت من أعماقي
يا ليت تنهيدتي تلك تصحيها من نومها الطويل
اقتربت أكثر فأكثر .. وأحسست بقشعريرة تسري في أعضائي
تلفت هنا وهناك .. وقررت أن أنام بحضنها وأتلفع بلحافها
صعدت إليها
ومددت نفسي في سريرها كما عودتني
اقتربت أكثر وأكثر حتى التصقت بها أنشد شيئاً من حنان لا زال يرقد في جسدها البارد ..
عانقتها
و بكيتها ..
وبكيتها
بكيت غربتي ..
بكيت وحدتي...
بكيت أحوالي
بكيت أحزاني
بكيت وبكيت .. وكلما استدعيت من ذاكرتي شيئاً بكيت أكثر
بكيت حتى لم يعد في عيوني دموع أستعين بها على حزني
فقد جفت عيوني
فأغمضتها لاستدعاء مزيد من الدمع
.
.
.
.
لكنني رحت في نوم عميق
وأنا أقبع في غرفة ليس فيها سوى جسد بارد الأطراف
شاخص العيون أحمق لا يعي ما أقول !
وأنا وحزني .. كلنا في هذه الغرفة
ساعات قلائل مضت على غفوتي العميقة في حضن أمي
صحوت في عمق الليل أتفقد الجسد الهامد
اقتربت من أمي وصرت أهمس لها علها تسمعني
أمي حبيبتي ..
أين تذهبين وتتركينني وحدي أين ؟
اجيبيني ..
وأقول في نفسي : يقولون إن الميت لا يذهب سمعه بسرعة
اذن لا بد أنها تسمع كلماتي ولكنها لا تجيب !!
وأعيد .. أمي
وصرت ألاعب جفنيها وأداعب شعرها الأبيض
وأتحسس وجهها الذي غزته التجاعيد بلا رحمة
صمت لبرهة .. أتأمل سقف الغرفة
وأتمنى أن يسقط هذا السقف على رأسي لأغادر الدنيا برفقتها ..
تسللت برفق من جانبها لئلا أزعجها
ونهضت أقف على الأرض
رتبت نفسي قليلاً ورحت كالمجنونة أبحث في محتوياتها
علني أجد شيئاً يربطني بها أكثر قبل أن تغادر
نبشت خزانة ملابسها .. وأنا أتخيلها في كل قطعة تقع بين يدي
فأضمها بين يدي وأقبلها وأرمي بها جانباً
أمضيت وقتاً طويلاً أحسسته عمراً آخر وأنا أفعل ذلك

كان الليل قد أوشك أن يغادرهو الآخر
فأسرعت ألملم نفسي من جديد قبل أن يهرع الجمع لوداع أمي
ارتديت ملابسي بسرعة
وخرجت إلى الصالة .. وعادت الذكرى تلوح في مخيلتي من جديد
صورة أمي تجلس على الأريكة ...
أعود إلى غرفتها أضمها وأقبلها وأعود إلى الصالة قليلاً بانتظار من سيحضر
ها هي خالتي الوحيدة تقبل

انها خالتي مديحة
كم حدثتني أمي عنها ..
ها هي تدخل بجسدها الممتلئ وتمشي على عجل
وكأنها تتكئ على بعضها وهي تجهش بالبكاء
وتضمني إلى صدرها
فاسترجعت شيئاً من دموع ضاعت مني في ليلة فائتة ..
وكأنها اعتصرتني وأفرغت ما بي من دموع
فبكيت من جديد
وأحسست بضمتها لي دعوتي للإقامة معها
مما أضفى على روحي شيئاً من راحة مؤقتة
لأني وجدت إجابة على سؤالي
أين أذهب ؟


لم تطل اقامة أمي في البيت
فها هي قد غسلت وكفنت . ولم يسمحوا لي بالمشاركة في غسلها
لأنني أزعجها وهي ميتة على حد زعمهم
فامتثلت لأوامرهم .. وانتظرت حتى تمّ تكفينها ..

وبعد أن انتهوا ..
هجمت على الجسد المسج المكفن أبكي وأصرخ
والنسوة يبعدونني عنها لئلا يبتل كفنها بدموعي !!

وها هي الآن في نعشها
تنقل إلى بيتها الجديد
لعله بيت من غير آلام !!
يا ليتها أخذتني معها
وما هي إلا دقائق حتى امتلأ البيت بالمعزين
والكل يأمرني بالكف عن البكاء
فزممت الدمع والقلب يشتعل
وقبل أن تغادر البيت وجدتني أصرخ وأصرخ
أين تذهبين وتتركينني وحدي
إلى أين أذهب يا رب ؟
دارت بي الدنيا في جنبات البيت لا أدري أين أتوجه ..
فتلقفتني خالتي بين يديها ..
وأرخيت ما تبقى من أضلاعي المنهكة
بين أحضان خالتي مديحة
وطالت إقامتي بين يديها ..


الآن لم يتبق شيء.. بل انتهى كل شيء
راحت أمي جسداً وروحاً .. راحت إلى الأبد
وانفض الناس كل إلى حال سبيله كأن شيئاً لم يكن
.............
لملمت حاجياتي التافهة وكأني على سفر

قديم 09-16-2010, 10:55 PM
المشاركة 13
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الفصل الثالث ( في بيت خالتي )

خرجت وخالتي وقد استبد الظلام .. أجرجر نفسي خلفها
تمشي وأنا ألمحها من الخلف تتأرجح يمنة ويسرة
ولما وصلنا نهاية الشارع وقبل أن ننعطف إلى الآخر
أدرت رأسي إلى الخلف ثم توقفت ..
ورحت في غيبوبة أخذتني إلى حيث هناك
أتأمل بيتنا الذي عشت فيه أمزج المرارة بالفرح ..
تسمرت عيناي حيث النافذة المطلة على الشارع
علني أرى وجه أمي
فمن تلك النافذة كانت تناديني بصوتها سناء
.. أين أنت يا ابنتي
لا تتأخري .. عودي بسرعة
وعندما كنت أعود تأخذني بين يديها الدافئتين تضمني وتقول :
كم أخاف عليك يا بعض روحي
ولولا وجودك في دنياي لا أحس بأن شيئاً جميلاً يمكن أن يكون
خرجت آهة من صدري كادت تخنقني
صحوت على صوت خالتي تناديني .. أسرعي
( وكأنه صوت أمي ) ..
كدت أجن .. أتكون أمي قد عادت ؟!
انتبهت من حلمي ... آه إنه صوت خالتي
لحقت بها أحمل كيسي المهترئ
والذي تطل من بعض ثقوبه حاجياتي
وكأنها أطلت هي الأخرى لتودع أمي
لحقت بها مسرعة أتعلق بأذيالها ..
وأنا أقول في نفسي : ما أشبه صوتها بصوت الحنونة التي فارقتني
وضعت يدها على كتفي تضمني .. وجددنا السير إلى المنزل حتى وصلنا
لم تكن المسافة طويلة .. لكنها مرت علي عمراً بأكمله
انعطافات هذا الشارع القصير أشبه بحياتي المملة والتي بدأت أشعر بها مذ رحلت عني أمي

ها قد وصلنا ..

لا أدري .. ما هذا الشعور الذي سيطر على أجزائي التي لا زالت تشكو بردها ..
قد يكون شعوراً بفقدان كل أمل بالعودة
أدركت عندها أن مرحلة جديدة من مراحل حياتي قد ابتدأت
منذ اللحظة التي وطئت أقدامي بيت خالتي
بيت كئيب .. لمحت ُتلابيب كآبته على سقفه
الذي يميل إلى السواد .. حيث أعلنت أعشاش العنكبوت
أن الفقر سابعهم .. وهم ستة أطفال
لم أجد في نفسي أي رغبة لمقاومة البرد الذي تغلغل في أطرافي
وأنا ألج بيتا أرضه مرداء موات
الصغار ينتشرون فيه كعصافير على شجرة بلا ورق
هذا يقلب كتابه المدرسي دونما انتباه
وذاك يلهو بكرسي خاله سيارة فارهة .. ويصنع بفمه أصوات شخيرها وكأنه يقودها في شارع مزدحم بالمارة
وذاك يتابع التلفاز ويحرك رأسه طرباً لما يُحدثه الكرتون من موسيقى وحركات تأخذ عقل الكبار قبل الصغار
قلبت نظري هنا وهناك علني ألمح أحداً يلتفت إلي
لا أحد .. الكل مشغول بنفسه .. ويصنع لهوه بيديه

أجلستني خالتي معلنة حضوري ..
فانتبه البعض للحظة وعاد كلٌ إلى ما كان يشغله ..
في حين ذهبت خالتي لتحضر العشاء
تسمّرت عيناي على الكتاب الذي يقلبه الصغير بلا اهتمام
فعدت للوراء أتذكر كتاباً ركله زوج أمي بقدمه ومزقه بين يديه
وأنا أستحلفه بالله ألا يفعل
ولم يرقّ قلبه لتوسلاتي ومزقه أشلاء
آآآآآآه .. خرجت زفرة بطمعها المر من حلقي
لم أستطع إخفاءها
عدت أبتسم للكتاب متأملة بأني سأقرؤه يوماً
وحمدت الله أن في هذا البيت شيئاً محبباً إلى نفسي ..
فكم أحب القراءة مع أنني لا أعرفها !!.. قلت في نفسي : سأتعلمها من أبناء خالتي الصغار
نعم .. لقد كانوا كثيرون .. أذكر أنهم خمسة
أكبرهم أحمد .. فعمره يقارب عمري
أما سماح فهي الصبية الوحيدة من بينهم
عادت خالتي بوجبة عشاء فاخرة .. تجمع على الطبق الدائري
صحناً من الزيت ورفيقه الزعتر .. وآخر..
وآخر فيه حبات زيتون نسيت لونها في غمرة عتم البيت بفعل الضوء الخافت
دعتني خالتي لتناول العشاء
التفت إلى السفرة وقد عضني الجوع .. وتمزقت أمعائي تصرخ صراخاً مكتوماً لا أستطيع البوح به
فبطني فارغ من الطعام مذ كان الطبيب برفقة أمي يحضرها للموت

وغابت خالتي قليلاً ثم عادت بصحن من البيض المقلي ..
وما أن اشتم الصغار رائحة البيض حتى تلملموا حول المائدة كذباب حط على صحن عسل
أكلت وجبتي بتسارع لم أتعود عليه والأيادي تتقاطع في الصحون القليلة
لأني حسبت حساباً أن تفرغ المائدة وأنا لا زلت جوعانة
أكلت ما أكلت بصحبة الصغار
وكأني في سباق لصراع من أجل البقاء




....... يتبع

مع تحياتي ... ناريمان الشريف

قديم 09-18-2010, 04:55 PM
المشاركة 14
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
معلومات الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (1 من الأعضاء و 2 زائر)


يسعدني تواجدكم هنا في متصفحي
والبقية ستأتي بإذن الله

من القلب تحية



..... ناريمان

قديم 09-20-2010, 10:27 PM
المشاركة 15
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

الفصل الرابــــــع ( أحلام صغيرة )






لتوي انتهيت من وجبة العشاء .. فاستدفأت أطرافي بزيت الزيتون الذي أحبه ممزوجاً بالزعتر ..
ولكن رجفة ما أخذتني بعيداً ذكرتني ببرد نالني بلحظة حزن ..
يوم مضى عليه زمن .. ويبدو أن الحزين يقوى عليه البرد أكثر
ذلك اليوم لا زال محفوراً بذاكرتي ..
لن أحدثكم عنه .. سأغلق الباب دونه .. ولن أسمح له بالتسرب إلى حياتي الجديدة في حضن خالتي ..
وبين هذا الكم من الأطفال الذين لمحت في عيونهم مستقبلي ..
قررت منذ اللحظة أن أفتح غرفة جديدة في الذاكرة وأرتب فيها أفراحي
.
.
.
.
.
وغبت .. وغبت
سرحت أفكاري بعيداً بعيداً .. ورغم أنني قررت ألا أحدثكم عن أحزاني الماضية
إلا أنها راودتني واقتحمت الفرحة الصغيرة بداخلي
أقاومها الآن .. فأنا لا أريدها
فلا تصروا علي بنبشها
لن أحدثكم عنها
سأقلب صفحة من حياتي
وأفتح أخرى أرجو لها البياض
.
.
.
.

صحوت على صوت خالتي تنادي على سماح :
تعالي خذي سناء إلى غرفتك واعتني بها جيداً ..
حضرت سماح بوجهها البشوش واقتلعتني من مكاني تبدي فرحتها بحضوري
التفت يميناً لأرى أحمد قبالتي
ومن غير وعي مني تأملته وأحسست أن في عيونه شيئاً يود أن يقوله
وما أن صفعتني نظراته الحادة حتى طأطأتُ رأسي خجلاً ..
وأبديت استعدادا مصطنعاً لمرافقة سناء إلى غرفتها
فنظراته لم تكن عادية .. كنت أعرف أحمد مسبقاً .. وأذكر أنني التقيته قبل أكثر من سنة
حيث حضرت خالتي لزيارة أمي وكان برفقتها .. ولم تكن سو لحظات تلك التي رأيته فيها
لكنه اليوم كبر وكبر وشعيرات ذقنه تبدو واضحة ..
إذن أحمد لم يعد صغيراً كما كنت أظن
إنه صار رجلاً

رافقت سناء .. وسناء لا تسعها الفرحة لقدومي دون أي إحساس بمصابي
فكل همها أن ترى لها رفيقة أنثى في هذا البيت المليء بالذكور


جلست على أول مكان واجهني فجسدي المنهك لا يحتمل الوقوف
جلت بنظري في أنحاء الغرفة .. سرير كبير ..
بطانية جرداء .. كرسي وطاولة عليها كتب مدرسية ..
أما الجدران ففيها صور لرجل رأيت في عيونه حزناً يشبهني
وعندما سألتها : من هذا ؟
قالت : إنه مطرب مشهور كل الفتيات يحببنه وأغانيه جميلة
عبد الحليم حافظ .. ألم تسمعي به ؟؟
وأخذت تدندن ببعض أغانيه ( يا خلي القلب .....)
جلست على السرير قبالتي .. وكأنني سقطت عليها من السماء
وعاء تفضي بداخله أسرارها المراهقة ..
فهي لا تجد من يشاطرها أحلامها الصغيرة ورؤاها المستقبلية مع ابن الجيران ( علي )
وبدأت تحكي وتحكي .. فقد شجعها على ذلك هدوئي ..
وهي لا تدري أن سكوتي لا يعني أني أنصت لها !!
لكنني وجدت نفسي مرغمة إلى الاستماع إليها .. فبين فترة وأخرى تهزني وتلتقط من فمي ردوداً على أسئلتها البريئة
حدثتني عن نظرة .. وابتسامة .. وسلام .. وحب ..
لم أكن أعلم وقتها ما معنى الحب ؟
كل ما أدركه من دنياي أنني أحب أمي وفقدت من أحب ..
شاركتها همساتها بنظرات كلها استفهام ..
شاطرتها فرحتها بحبها لعلي ..
لكنني على أي حال وجدتُ في نفسي الحكمة ..
فلم أبخل عليها بنصيحة أخوية تقيها السقوط في الخطأ ..
كم كانت جميلة باستجابتها لنصائحي ....

ومر الشهر يتلوه شهر
ومرعام بأكمله .. أحسست فيه أنني أخوض معركة جديدة لكنها على أية حال لا تشبه المعارك التي خضتها سابقاً
معركة جميلة .. فصرت - شيئاً فشيئاً - حزناً أتوسّع في فرح







....... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف

قديم 09-25-2010, 08:02 PM
المشاركة 16
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الفصل الخامس
(أحمد في قلبي )


يوم جديد .. ,مع اطلالة شمسه صحوتُ أشعر بنشاط غير عادي
أنفض عن مخيلتي غبار المراحل الفائتة.. وأطليها بلون مغاير عن الألوان التي اعتدت أن أراها
فتحت عيوني على زقزقات العصافير تغني للأطفال الذاهبين في رحلة العلم والتعليم .. نهضت من فراشي وإذ بسماح قد صحت مبكرة تحمل نشاطها على كتفها لتكمل مسيرها
نهضت وغيرت ملابس النوم ورتبت سريري على جناح السرعة
وخرجت لأسمع زقزقات الطيور عن قرب ..
فالأطفال غادروا الى مدارسهم .. ولم يتبق سواي وخالتي

سارعت إلى خالتي أقبل يدها وألقي عليها تحية الصباح المفعمة بالأماني الطيبة .. وكعادتي .. كان علي أن أساعدها في شؤون البيت
فحُمْتُ هنا وهناك ..
وآثرتُ أن أرتّبَ غرفة أحمد .. أزين كآبتها بشيء من فرحي المتواضع
طاولة عرجاء .. تتكئ إحدى أقدامها على لفافة من ورق لتعتدل في وقفتها ..
وتستطيع حمل هذا الكم من الكتب والأوراق
رتبت الأوراق بعناية فائقة .. وبالغت في ترتيبها وكأنني جزعة من الاقتراب من فراشه
لئلا يأخذني الحنين الى رائحته ..
جلست على الكرسي المتاخم للطاولة المنهكة .. وأغمضت عيني أفكر
عندما اقترب مني ذات يوم يعرض خدماته القرائية علي
عندها دارَ شجار عنيف بينه وبين أخته سماح ..
فكل منهما يريد أن يكون له السبق في تعليمي حروف اللغة ..
واتفق كلاهما على أن يعلمني أحمد القراءة .. وتعلمني سماح الكتابة
وابتدأ الدرس ..
ويبدو أن أحمد لم يختر هذا الخيار عابثاً ..
ففي الدرس الأول .. قرأ لي حكاية حب جميلة
أحفظ منها ( أحبها .. وألهبت قلبه بصوتها .. أحب فيها حزنها .. ابتسامتها ..
كل شيء فيها
فكيف يعبر لها عما في قلبه ؟ ومتى يبوح لها بسره ؟
يخاف عليها .. ولا يستطيع أن يـُبين .. فحزنها الطازج يمنعه من التجوال في دمها ؟ )
أستذكر الحكاية .. وأتساءل .. ترى هل كان هذا مكتوب فعلا في الكتاب الصغير الذي كان يحمله بين يديه وهو يعلمني كيف أقرأ ؟
أم إنها مشاعره الحقيقية سجلها في مخيلته .. ونقلها إلى مسامعي ليختبر قلبي الصغير ؟؟
امتلأت عيوني بدمعها .. فرحاً .. وربما ترحيباً بقلب يزور قلبي لأول مرة
فتحتُ عيوني لأرى خالتي تقف أمامي ..
عدتُ وأغمضتـُها سريعاً لئلا ترى أحمداً يستحم بماء عيوني




........ يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف[/center]

قديم 05-14-2020, 03:59 AM
المشاركة 17
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة
سأستكمل معكم هذه الرواية قريباً
فلقد هجرتها لظروف .. وسأعود بحول الله
تحية
شكراً لكل من مرّ من هنا

قديم 10-01-2020, 11:22 AM
المشاركة 18
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة

( رحيل خالتي )

خرجت خالتي من الغرفة تطلب مني اللحاق بها لنشر الغسيل .. فتبعتها من غير كلام .. وساعدتها ..
وأكملنا عمل البيت سوية .. وخلال تلك الفترة تأخذني وإياها حوارات عديدة ..
بعضها له علاقة بأحمد ... وما أن تذكر اسمه وكأنني أنظر إلى وجهي وقد طفح الدم في عروقي يفضح ما في قلبي تجاهه
لم يخلُ لي وجه أحمد مفرداً حتى أراه عن قرب وأشبع رغبتي في التأمل في عينيه
ففي كل مرة يكون بالقرب منه واحداً من أفراد العائلة ..
آه .. كم أتوق للحديث معه عن قرب ..وأتحيّن فرصة الجلوس بمفردي ليكون أحمد رفيق أفكاري بل عنوانها
وتلك الفرصة لا تأتي إلا وأنا في فراشي ألقي القبض على الماضي الذي يحمل عنوان أمي .. وأتبختر في حاضري ( أحمد )
وذات مرة .. خلا الفكر إلا من أحمد .. لا أحد غيره يهيمن على مشاعري
تباً لي .. أعاتب نفسي بشدة .. ما هذا الذي تفكرين به .. ألا تخجلين من نفسك .. كيف فرغ قلبك بهذه السرعة من أمك ؟ وأردّ على نفسي المعاتبة : لا لا وألف لا .. لم تغادر أمي قلبي فهي منقوشة في شغافه بل هي القلب .. ولكن ..
أسأل نفسي : ولكن كيف ؟ وها هو أحمد يحتل مساحة كبيرة من تفكيرك ..
لم أحتمل هذا العتاب .. لأنه يحرمني من سعادة لم أعرف طعمها البتة ..
أزيح برأسي وكأنني أنفض عن مخيلتي هذا الحوار .. لأفكر في النوم .. وسرعان ما أغط في نوم عميق .. يكون أحمد آخر حلم تغفو على رؤياه أجفاني
لم تمض ساعة على نومي .. وإذ بأصوات تختلط ببعضها ..
أمي أمي ماذا جرى لك .. أفيقي ..
وزوج خالتي يصرخ ..اتصل بالاسعاف يا احمد هيا
الصغار صحو من نومهم على الجلبة التي حدثت بالبيت بعد منتصف الليل .. وهم يفركون أعينهم ..
خرجت من الغرفة أتساءل .. ماذا جرى .. مالك يا خالتي .. كانت طبيعية اليوم .. ما الذي حدث لا أحد يرد علي وخالتي شاخصة البصر لا شيء فيها يتحرك سوى نبض
هزيل ..
لحظات وحملوها هامدة إلى المستشفى .. لم أستطع مرافقتها .. فقد همس لي زوج خالتي : ديري بالك على الأولاد
انتابتني حالة بكاء مرّ .. فمشاهد جثة أمي عادت تحضرني وكأنها بالأمس مرضت
بالأمس تعذبت يالأمس صرخت بالأمس طرحت بالأمس ماتت
لملمت الصغار من شتاتهم .. وأعدت كل واحد إلى مكان نومه وأنا أعدهم خيراً بأن خالتي ستعود .. ولعله خير
جلست بمفردي أنتظر زوج خالتي وأحمد وسماح حتى شقشق الفجر ..
عادوا يحملونها على حمالة المستشفى وقد فارقت الحياة .. جلطة دماغية قاضية
أتت عليها فجاءت المنيّة تسبق كل احتمال
رحم الله خالتي سميحة ..
يتبع
تحية من ... ناريمان

قديم 10-03-2020, 01:42 PM
المشاركة 19
عبدالرحمن محمد احمد
من آل منابر ثقافية
  • موجود
افتراضي رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة
حقد أسود يزداد سوادا يضاف إلى حقد قديم يتورم
فيحمر فيزرق فيسود
أجملت فأحسنت
شكرا لكلماتك الرائعة

قديم 11-12-2020, 07:22 AM
المشاركة 20
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: لســـــت وحــــدي ... رواية مسلسلة
الأخت الأديبة ناريمان الشريف
أعشق الوحدة
شدّني العنوان
أتابعك بشغف
بورك المداد
ولا بارك الله في الظالمين
قلمك مذهل في تجسيد الوجع
كائناً حياً عشت معه في هذه القصة
تقديري


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: لســـــت وحدي بقلمي قصة مسلسلة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف ترد الشبهات .. بالحوار العقلي وحده ( حلقات مسلسلة ) محمد جاد الزغبي منبر الحوارات الثقافية العامة 21 07-06-2018 03:17 AM
زحام وحيد يزن السقار منبر البوح الهادئ 5 03-18-2014 04:49 PM
كيف نجدد نفوسنا ؟؟؟؟؟ محمد فجر الدمشقي المقهى 1 12-23-2011 10:13 AM
وحدي ... إسماعيل الخلف منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 4 11-24-2011 01:29 PM
اليوم أنا وحيد خالد الزهراني منبر البوح الهادئ 17 12-11-2010 09:56 PM

الساعة الآن 12:58 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.