قديم 06-19-2017, 12:56 AM
المشاركة 41
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أن تكتب عمّا تعرفه ..ستيفن كوتش
( ترجمة : د.سمر طلبة)





إن أكثر النصائح شيوعًا في مجال الكتابة تتلخص في ذلك الكليشيه القديم الذي كثيرًا ما سمعناه في حجرات الدرس، ألا وهو “اكتب ما تعرفه”. وأكرر: إن هذه النصيحة كليشيه، ولسوف نتعامل معها بكثير من الشك، إلا أنها -كمعظم الكليشيهات- فيها شيء من الصحة.
بمعنى آخر: إذا ما حاولنا تفسير هذه النصيحة تفسيرًا حرفيًّا فسيتضح لنا أنها محض هراء، وإذا ما حاولنا تطبيقها دون إعمال خيالنا فلن يعدو ما نكتبه أن يكون سيرة ذاتية سمجة ثقيلة على النفس، أما إذا ما فهمت ذلك الرابط السحري الحميم الذي يجمع بين “ما نعرف” وما نتخيل، فعندئذ فقط يكون لذلك الكليشيه قيمة ومعنى.
فلتصغ معي إلى غابرييل غارسيا ماركيز ، الكاتب الكبير الذي لا يستطيع أحد أن يتهمه بأنه من أتباع الحرفية في تفسير ذلك الكليشيه، إذ يقول:
“لو طلِبَ مني إسداء النصح لبعض الكتاب الناشئين فإنني سأنصحهم بأن يكتبوا عن أشياء حدثت لهم بالفعل، فمن السهل على القارئ أن يعرف إذا ما كان الكاتب يكتب عن شيء قد وقع له أو شيء سمعه أو قرأه وحسب.. وإنه لمما يروقني ويضحكني أن قرائي يعجبون جل الإعجاب بما يرونه وليد الخيال في أعمالي، في حين إنه ما من سطر كتبته إلا و فيه شيء من الواقع!”.



وقد قال سومرست موم كلامًا مشابهًا إذ قال:

” لم أزعم مطلقًا أنني ابتكرت أي شيء في أعمالي ابتكارًا بحيث يمكن اعتباره منبت الصلة بالواقع، بل على العكس؛ إنني أحتاج دومًا إلى حادثة حقيقية، أو شخصية لها وجود في العالم الواقعي، كنقطة بداية، ثم أضيف الخيال والإبداع، وشيئًا من الدراما كي أجعل ذلك الشيء الحقيقي يَحمِل بَصْمَتي”.


بيد أن مقولة “اكتب ما تعرفه” تلك تبدو مضللة، إذ إننا نعرف أكثر بكثير مما يمكننا قوله، وكذا فإن ما يمكننا تخيله هو أكثر بكثير مما “نعرفه”. وهو ما يلخصه إي. إل. دوكتورو إذ يقول:

“إن المعلمين يطلبون من تلاميذهم أن يكتبوا ما يعرفونه -هكذا وحسب، لكن أنّى لإنسان أن يعرف طبيعة ما يعرفه ما لم يقم بكتابته أولًا؟ إن الكتابة هي المعرفة. فمثلًا ما الذي كان كافكا يعرفه؟ طبيعة العمل في مجال التأمين؟ إن هذا يبين مدى سذاجة هذه النصيحة، لأنها تعني أنك كي تكتب عن الحرب مثلًا فعليك أن تشترك في الحرب. وهو الأمر الذي لا يتأتى لكل إنسان بطبيعة الحال.”



وقد تحدث هنري جيمس عن أهمية الكتابة من واقع الخبرات الشخصية -بأسلوبه الذي صار عَلمًا عليه- فقال:

“ما نوع الخبرات الشخصية المقصودة؟ وأين تبدأ تلك الخبرات وإلى أين تنتهي؟ إن الخبرة ليست شيئًا محدودًا، كما إنها ليست مما يمكن وصفه بأنه شيء تم واكتمل وانتهى الأمر. إن الخبرة هي حساسية هائلة. إنها شبكة عنكبوت هائلة شاسعة مغزولة من أدق وأنعم خيوط الحرير، ومعلقة في حجرات الوعي حيث تلتقط كل ذرة يحملها الهواء ويمر بها من خلالها. إنها المناخ الذي يخيم على العقل فيكسبه طبيعته الخاصة.”



ويقول ستيفن كينج كلامًا مشابهًا، بطريقته الخاصة، إذ يقول:

“أعتقد أننا في البداية نقوم بتفسير هذه المقولة تفسيرًا شموليًّا واسعًا حيث يشمل “ما نعرفه” أقصى قدر ممكن من معارفنا. فمثلًا إذا ما كنت تعمل سباكًّا فأنت بالتأكيد تعرف الكثير عن السباكة، لكن معلوماتك عن السباكة ليست هي أقصى ما تعرف، إذ إن القلب يعرف أشياء، وكذلك الخيال.”


حين تكتب فأنت تستخدم الكلمات لتحويل ما لا تعرفه إلى ما تعرفه. بعبارة أخرى أنت تخترع، وتعيد اختراع “ما تعرفه”، وهو ما تلخصه “إيديث وارتون” ببراعة إذ تقول:


“أما عن الخبرة، سواء الفكرية أو الأخلاقية، فإن الخيال يمكنه بسط ما كان محدودًا منها ومده حيث يخلق منه شيئًا عظيمًا، بشرط أن تكون تلك الخبرة قد مكثت طويلًا في العقل واستمر الكاتب في التفكير بها طويلًا. فمثلًا إذا ما تعرض الشاعر لصدمة عاطفية قوية حطمت قلبه فيمكنه أن يكتب العديد من القصائد من وحي تلك الصدمة، كما يمكن أن تلهم مثل تلك الصدمة الروائي بعدة روايات، بشرط أن يكون للشاعر والروائي قلوبًا قابلة للتحطم أولًا وقبل كل شيء.”


إذن فمربط الفرس أن يستطيع المرء أن يتحرك بثبات وثقة منطلقًا مما يعرف، مهما كان ما يعرفه ضئيلًا وقليلًا. فلنفترض أنك قد بدأت من موقف حقيقي أو شخصية تعرفها، فكيف يمكنك تحويل الواقع إلى خيال أدبي؟ إن هذا موضوع يستحق أن نفرد الفصل السادس من هذا الكتاب له، لكن لا ضير من نصيحة موجزة يسديها إلينا -مؤقتا وحتى نصل إلى الفصل السادس- جون إيرفنج، والذي يبدأ من خبرات حقيقية، وفي نيته كتابة سيرته الذاتية، ثم ما يلبث أن يأخذ الأمر مسارًا مختلفًا. يقول إيرفنج:

“أبدأ بقول الحقيقة، وذلك بتذكر الناس الحقيقيين، من أقارب وأصدقاء. وغالبًا ما تكون التفاصيل المكانية جيدة، إلا إن الناس لا يكونون مثيرين بما فيه الكفاية، إذ لا يكون هناك ما يكفي لربطهم ببعضهم البعض. وما يؤرقني ويصيبني بالضجر هو غياب الحبكة التي توحد بينهم، وهكذا فإنني أشرع بالمبالغة، قليلًا قليلًا، وهكذا فبالتدريج أجد السيرة الذاتية تتحول شيئًا فشيئًا إلى كذبة، وبالطبع فإن الكذبة تكون أكثر إثارة من الحقيقة، وهكذا أجدني وقد صرت أكثر اهتمامًا بذلك الجزء من القصة الذي اختلقته بنفسي.. بقريبي الذي لم يكن قريبي في الواقع، وصديقي الذي لا وجود له سوى في الخيال، ثم أبدأ في التفكير في العمل باعتباره رواية، لا يوميات. ثم أقول لنفسي إنني سأقوم بكتابة يومياتي ما أن أنتهي من كتابة الرواية، إلا إن الأمر يسير على المنوال ذاته، إذ دائمًا.. دائمًا ما تصير الكذبة أكثر إثارة من الحقيقة”.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-19-2017, 01:12 AM
المشاركة 42
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ماهو منطق الرواية؟.. نحن الروائيون، والقراء، ماذا نريد من الرواية؟

بدر السماري-الإمارات الثقافية




لنمضي نحو الإجابة إبتداءً من الإجابة الأسهل، الروائي يكتب الرواية من أجل الفن، مدرسة الفن للفن كما يقال، والقارئ في المقابل يقرأ العمل الروائي من أجل المتعة فقط لا لشئ آخر، ولا يريد شيئاً آخر سوى المتعة. هذه الإجابة بالمناسبة ليست سيئة، بل إنها إجابة شافية لمن لا يرغب في عصف ذهنه بالأفكار العميقة، وقد يكتفي بها من يود وضع الأمور في مكانها الطبيعي.
لكن النفس البشرية الشغوفة بالرواية والسرد لا تركن وتكتفي بهذه الأفكار البسيطة، بل تمضي في البحث والتقصي محاولة الوصول لجوهر الأشياء، فما هو جوهر الرواية ومنطقها؟
لنبدأ من كلام الروائي التشيكي / ميلان كونديرا، والذي يقول في كتابه فن الرواية؛ “الرواية التي لا تحاول اكتشاف سر من أسرار الوجود، هي رواية فاشلة”، كان بالطبع يستند على مقولة بروخ؛ “الرواية؛ هي كتابة الشيء الذي لا يمكن قوله سوى بالرواية، ولا شئ غير الرواية يعبر عنه”. من هنا، قد يختلط على البعض أن إحدى مهمات الرواية محصورة في كشف المستور، وهو خطأ شائع في ظني وقع فيه الكثير خصوصاً في المجتمعات المدنية الناشئة، والأخرى المحافظة، أو المجتمعات الحديثة على معرفة فن الرواية، إذ في هذا العالم الذي يضج بكل وسائل التقنية الحديثة والمواقع الإجتماعية من اليوتيوب، لموقع كيك، للإنستقرام… إلى آخره من المواقع التي توفر صورة بصرية وتسجيلية، وبثاً حيًا لشتى الصور الإجتماعية، وبإمكاننا القول لكل شئ على الأرض، وأنا بالفعل أعني كل شئ هنا، فلا حدود لما يمكن نقله عبر هذه المواقع، من المستور حد الفجاجة والهامشي البسيط جداً، إذن ماذا بقي للرواية لكي تنقله؟ هل تموت الرواية؟



بالطبع لا، أنا مؤمن جداً أن فن الرواية ما خلق ليموت، الناس كما يقول الروائي الأميركي المعاصر بول أوستر؛ “إن البشر تحتاج للقصة والرواية بقدر حاجتها للغذاء”. كما أنني أؤمن تماماً بأن الرواية ما خلقت من الأصل لكشف المستور، وسأحاول مداولة الأمر والإنطلاق من جملة للروائي الياباني هاروكي موراكامي؛ “إن الروائي بقصه وحيله السردية وأكاذيبه يأتي بالحقيقة تحت المجهر، يسلّط عليها الضوء من جديد، وفي الكثير من الحالات؛ يكاد أن يكون من المستحيل فهم هذه الحقيقة في شكلها الأصلي، وهنا يأتي الروائي ليجسدها ويعيد بعثها من جديد بشكل أكثر دقة، هذا هو السبب في أننا (معشر الروائيين) في محاولة دائمة لإنتزاع أطراف الحقائق، نستدرجها لتمضي معنا فتختبئ في مكان جيد من القصّ”.



انتهى حديث هاروكي هنا، وأود أن أوافقه في هذه النقطة بالذات، إنها مفارقة عدم الوصول للحقيقة سوى بسرد الأكاذيب، هذا هو الروائي والذي مع أنه يجيد فن الكذب في سرد حكاياته، إلا أنه يكتب بصدق. أكرر كلمة الصدق هنا، إذ أن الصدق يختلف عن الحقيقة، لا أحد يمتلك الحقيقة، لا الروائي ولا الباحث ولا المؤرخ، بل أننا حتى لا نضمن أن لا يأتي لنا عالم فيزياء جديد ويعيد تشكيل بعض القوانين الفيزيائية ليفسر بعض الأسرار الميتافيزيائية والماورائيات، نحن نكتفي بالصدق من الرواية الجيدة، الرؤية الصادقة الناتجة عن تأمل للأشياء، الرؤية التي تقدم معنى جديد لشيء واحد من الحياة.


يقولون، الحياة لا تحتاج لمنطق لتبرير الأحداث، لكن في السرد، المنطق وحده هو من يقود الأحداث، الرواية كانت وما زالت أحد أهم الوسائل الفنية لتفكيك المنطق، من خلال التحليل التأملي العالي، وقبل ذلك مزاوجة هذا التأمل بالجهد البحثي العالي والذي صرف عليه الروائي وقتاً طويلاً لفك أسراره.


لنتذكر بعض الأمثلة على مدى تاريخ الرواية الحديث، إذ لا أحد يدرك كمية الجهد البحثي والعلمي المبذول في مجال العطريات من الروائي الألماني باتريك زوسكيند قبل كتابة رواية العطر، ومن الصعب التكهن بأبحاث التركي أورهان باموك التاريخية عن أسرار الرسم والنقش قبل وأثناء كتابة رواية اسمي أحمر، وكذا جهد الإيطالي أمبرتو إيكو في التراث المسيحي اثناء إعداده لرواية اسم الوردة، ومن منا ينسى الجهد المضني للبيروفي ماريو فارجاس يوسا في قراءة التاريخ والتماس مع المكان لكي يعيد قراءة الديكتاتور/ تروخيو في روايته حفلة التيس.. إنه جهد بحثي عميق، وحفر في التاريخ والعلم معاً، في التأمل والتحليل الذاتي وهي المهارة الأولى للروائي، ومن ثم المضي في التخييل السردي لبناء الحكاية، والتي تستمر طيلة مسيرة الكتابة في فتح أبوابها للروائي للعبور لأماكن كانت مجهولة قبل بدء الرواية، وتفتحت للروائي والقراء.. إنها عظمة الفن الروائي، ثلاثية العلم والفلسفة والتأمل، لتنسكب معاً في قالب فني خلًاق ومشوق.


لنمضي في البحث؛ ما هو الأهم في الرواية؛ الشخصية؟ أم المكان؟ أو تدوين ظاهرة أو حدث ما؟ ولمحاولة الإجابة، لنعيد السؤال الأزلي، ما هو الشئ الذي لا يمكن قوله سوى بالرواية؟ لنتذكر أن المكان والأحداث والظواهر كلها تحت المجهر الآن، ولكن تبقى الشخصية وما بداخلها هي الأكثر غموضاً، هي الشئ الذي يحتاج قول ما لا يمكن قوله سوى بالرواية، إنها الشخصية، إنه الإنسان بكافة أبعاده وغموضه ووجوده في هذه الحياة، والسرد الذي يحلل ثيمة ما من خلال هذه الشخصية، ومن خلال تدوين حكايتها وزرع المضامين الفلسفية بين ثنايا الحكاية.


في منطق الرواية الحديثة، لم يعد يعول على لغة جيدة بلا مضمون وحكاية متماسكة، اللغة وسيلة لنقل الحكاية فقط، وتدوين المضامين، ورسم الشخصيات، وتحليل الثيمة الرئيسية في الرواية، ومهما حلقت فهي مرهونة بما تنقله، فإن تردى ما تنقله فلن ينفع تجلي هذه اللغة.


في الرواية الحديثة، يظن البعض أن المدرسة الواقعية (على سبيل المثال) ما هي إلا محاكاة لما يحدث في الواقع، وهذا تسطيح فج للرواية، إذ حينئذ، فلتعلموا أن السرد سوف يصبح قشورياً بلا عمق، بلا إيغال في جوهر الأشياء، ولا نفاذ لداخل الشخصية وتفكيك أزمتها وفلسفتها الخاصة للأشياء، ولن يكون بمقدور الروائي أن يصل لرؤية جديدة عن ثيمة أراد فحصها واختبارها. لنتذكر أن الرواية الواقعية حين كتبت بصدق، نشأت منها الرواية النفسية والكابوسية، وأسست أهم النظريات في علم التحليل النفسي، بل وحتى الطب النفسي، هنا تكون الرواية قد وصلت لمرتبة اكتشاف سر من أسرار الوجود الكثيرة، والفضل يعود للرواد وفي مقدمتهم الروسي دوستوفسكي، والذي رسم شخصيات على الحافة دائماً، وتمكن من تحقيق فهم عميق للنفس البشرية وتحليلها، مروراً بمن جاء بعده كالتشيكي كافكا والذي أخذ الرواية نحو طريق آخر وضمن سرده بما يسمى بالكابوسية، وصولاً لسبر تيار الوعي بدءاً من الإيرلندي جيمس جويس والإنجليزية فرجينيا وولف.. حتى وصلنا إلى الوقعية السحرية عند الكولومبي ماركيز ورفاقه من أميركا اللاتينية. إنها رحلة باهرة في مراحل تطور الفن الروائي.


لنعد نحو منطق الرواية؟ قلنا أن مهمة الرواية لم تعد في كشف المستور، بل أن قناعتي الشخصية تقول بأنها ما كانت ذلك منذ البدء. في الرواية الحديثة، ما عادت الرواية معنية بنقل هذه الصورة البصرية، بل صارت مهمتها أكبر في كشف النفس البشرية. لم تعد مهمة الرواية في تسليط الضوء على الهامش، بل تجاوز ذلك إلى عرض فلسفة الهامش ومحاولة إستيعابه وفهمه. لم تعد من مهام الرواية الكشف، بل تجاوزتها للفحص والإختبار، أكبر خطأ فني اقترفه بعض كتاب الرواية في بداياتهم هي اعتبارها منصة عرض، لا أداة تحليل واكتشاف، حولوا الرواية إلى منبر، وشرعوا بالوعظ والنصح والإرشاد، وهذا بالطبع ليس منطق الرواية.. ولنكوّن قاعدة عامة حيال هذا الأمر، لنقل؛ كل جملة مباشرة من الروائي فيها إرشاد للقارئ ليست من منطق الرواية.


بمقدور الروائي أن يصعد على المنبر ويكتب خطبة عصماء، ويختزل فيها كل رؤيته في الحياة وفلسفته الخاصة، لكنه اختار طريق السرد، وزرع الفلسفة في وسط الحكايا المتراصة في الرواية، اختار أن يقطف الحكمة من أفواه أبطال النص، القارئ يرغب في حكاية مسلية قبل أي شئ، يرغب في المتعة اليسيرة، يرغب في الإبداع الخالص، في المتعة من الفن، وللروائي أن يقدم ما يشاء بعد أن يضمن التسلية والمتعة للقارئ.
الرواية الحديثة أصبحت عالماً بلا حدود، صارت أداة بحث سردية بعيداً عن الطرق التقليدية للبحث والتقصي، بحث في جوهر الوجود، عن الإنسان، مساءلة التاريخ، وإعادة قراءة كل النصوص أحد البدائل التي اخترعها الإنسان، لكنه بديل في غاية الأهمية إن تم بطريقة عالية من الإبداع، ففي الرواية يمضي البحث عن طريق المنطق السردي للحكاية، والذي بدوره يختلط مع المرجعيات العلمية النصية.


ما الشعرة الفاصلة إذن بين الرواية ووسائل البحث الأخرى؟ إنها المحافظة على لب الحكاية، والتي بصدق أقولها لم تعد تشبه الحكاية التقليدية الكلاسيكية كما بدأها رواد السرد، لكنها حكاية تشتبك بكل مناحي الحياة، لا تهمل زاوية من زواياها، وهنا يأتي الروائي المبدع ليصب كل هذا الإبداع في نص واحد خالد.


لنعد إلى البحث عن منطق الرواية؟
لم نجمع أجوبة كثيرة تشفي الغليل بعد، هي محاولات لن تنتهي ما دام الإنسان يسير على هذه الأرض، ولكن، إحدى المعضلات التي تسببت في خلط كبير لمنطق الرواية هو النجاح الذي تحققه بين الفينة والأخرى بعض الروايات “الضعيفة فنياً”، وتصدّرها لمشهد الكتب الأكثير مبيعاً، إنها شبيهة بمعضلة الأفلام السينمائية التي تحصد الجوائز والأخرى التي تحصد التفوق الفلكي في مبيعات دور السينما، ومن الخطأ اعتبار أن كل الروايات التي تتصدر المبيعات هي الأفضل، بل عاماً إثر عام، نرى كيف تتوارى بعض الروايات الجيدة فنياً وتقبع في الصف الخلفي لمشهد الأكثر مبيعاً، فيما تتقدم روايات ضعيفة فنياً ومضموناً إلى الصف الأول، وثمة أسباب كثيرة يطول شرحها لهذا الأمر ليس هذا مجالها، الأهم أن نركن للبعد الزمني الممتد لعمر الرواية، وكم بمقدورها أن تحيا، وهو المحرك الحقيقي لجودة النص الروائي، ولعلنا في مقالة قادمة نتحدث عن تصدر بعض الروايات الضعيفة فنياً للكتب الأكثر مبيعاً.. لكن، لنتذكر حديث كونديرا؛ “الرواية التي لا تحاول اكتشاف سر من أسرار الوجود، هي رواية فاشلة”.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-23-2017, 08:20 AM
المشاركة 43
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف تُكتب الرواية؟..غابرييل غارسيا ماركيز





هذا هو دون شك أحد الأسئلة الكثيرة التي كثيرًا ما توجّه إلى الروائي. ولدى المرء دوماً إجابة مرضية، تناسبُ من يوجه السؤال. لكن الأمر أبعد من ذلك: فمن المجدي محاولة الإجابة عنها لا لمتعة التنويع وحسب، كما يقال، وإنما لأنه يمكن الوصول من خلاله الى الحقيقة.


ولأن هناك أمراً مؤكداً على ما أظن، وهو أن أكثر من يسألون أنفسهم كيف تكتب الرواية، هم الروائيون بالذات. ونحن نقدم لأنفسنا أيضًا إجابة مختلفة في كل مرة. وأنا أعني بالطبع الكتاب الذين يظنون أن الأدب هو فن موجّه لتحسين العالم. أما الأخرون، ممن يرون أنه فنٌ مكرّسٌ لتحسين حساباتهم المصرفية، فلديهم معادلات للكتابة ليست صائبة وحسب، بل ويمكن حلها بدقة متناهية وكأنها معادلات رياضية. والناشرون يعرفون ذلك. فقد كان أحدهم يتسلى منذ وقت قريب موضحًا لي سهولة الطريقة التي تكسب بها داره للنشر الجائزة الوطنية للآداب: قبل كل شيء لابد من دراسة أعضاء لجنة التحكيم – من خلال تاريخهم الشخصي – وأعمالهم وذوقهم الأدبي. ويرى الناشر أن محصلة جميع هذه العناصر توصله إلى حد وسطي لذوق لجنة التحكيم الأدبي. ويقول:” لهذا وجدت الحاسبات الالكترونية”. وبعد الوصول إلى نوع الكتاب الذي يتمتع بأكبر الاحتمالات للفوز بالجائزة، يتوجب التصرف بطريقة معاكسة لما يجري في الحياة: فبدلاً من البحث أين هو هذا الكتاب، يجري البحث عمن هو هذا الكتاب – سواء أكان جيداً أم رديئاً – المؤهل أكثر من سواه لفبركته. وما سوى ذلك ليس إلا التوقيع على عقدٍ معه ليجلس ويكتب المواصفات المحددة، الكتاب الذي سيفوز في السنة التالية بالجائزة الوطنية للآداب. والمخيف في الأمر هو أن الناشر قد أخضع هذه اللعبة لمطحنة الحاسبات الالكترونية، وأعطته الحاسبات أن احتمال النجاح سبعة وثمانون بالمئة.


المسألة ليست إذا في كتابة رواية – أو قصة قصيرة – وإنما في كتابتها بجدية، حتى ولو لم تبع فيما بعد ولم تنال أية جائزة. هذه هي الاجابة التي لا وجود لها، واذا كان هناك من يملك الأسباب لمعرفة ذلك في هذه الايام، فهو من يكتب الآن هذه السطور محاولا من أعماقه إيجاد حلّه الخاص لهذه الأحجية.


فقد عدتُ مؤخرًا إلى مكتبي الخاص في مكسيكو، حيث تركت منذ سنة كاملة عددًا من القصص القصيرة غير المكتملة ورواية كنتُ قد بدأت بكتبتها وأحسست أني لم أجد طرف الخيط كي تكر اللفافة.


بالنسبة للقصص القصيرة، لم أجد أية مشكلة: لقد صارت إلى سلة المهملات. فبعد قراءتها إثر سنة من الغياب الصحي، أتجرأ على أن أقسم – وربما كنت محقاً – بأنني لست كاتبها. إنها تشكل جزءًا من مشروع قديم يتألف من ستين قصة قصيرة أو أكثر تتناول حياة الأميركيين اللاتينيين في أوروبا، وكان عيب هذه القصص الأساسي والسبب في تمزيقها هو أني أنا نفسي لم اقتنع بها.


ليس لديّ من التبجّح ما يجعلني أقول أن يدي لم ترتعش حين مزقتها، ثم حيث بعثرت القصصات لأحول دون جمعها إلى بعضها بعضاً من جديد. لقد ارتعشت، ولم تكن يداي وحدهما هما اللتان ارتعشتا، لأني أحتفظ لعملية تمزيق الأوراق هذه بذكرى قد تكون مشجعة، لكنها تبدو لي مربكة.


إنها ذكرى ترجع إلى ليلة حزيرانية من عام 1955، عشية سفري إلى أوروبا كموفد خاص من صحيفة الاسبيكتادور، حين جاء الشاعر خورخي غيتان دوران إلى غرفتي في بوغتا ليطلب مني أن أترك له شيئاً ينشره في مجلة ميتو.


كنت قد انتهيت من مراجعة أوراقي، فوضعت في مكان أمين ما رأيت أنه جدير بالحفظ، ومزقت ما هو ميؤوس منه.
بدأ غيتان دوران بالبحث في سلة المهملات عن الأوراق الممزقة، بنهمه الذي لا يرتوي نحو الأدب، وخصوصًا نحو اكتشاف قيم مغمورة. وفجأة وجد شيئاً لفت انتباهه، فقال لي: “لكن هذا صالح جداً للنشر”، فأوضحت له لماذا مزقته: إنه فصل كامل انتزعته من روايتي الأولى عاصفة الأوراق – وكانت الرواية قد نشرت في ذلك الحين – ولا يمكن له أن يلقى مصيراً مشرفاً إلا في سلة المهملات.


لم يتفق غيتان دوران مع وجهة نظري، ورأى أن النص قد يكون فائضاً عن الحاجة في مسار الرواية ولكن له قيمة مختلفة بذاته. فخوّلته – ليس لقناعتي بوجهة نظره بقدر ما كان ذلك لإرضائه – صلاحية ترقيع الأوراق الممزقة بشريط لاصق، ونشر الفصل على أنه قصة قصيرة.
“وأي عنوان نضع له؟”، سألني مستخدماً صيغة جمع قلما كانت دقيقة كما هي في تلك الحالة. فقلت له: “لست أدري، فهاذا لم يكن سوى مونولوج لإيزابيل وهي ترى هطول المطر في ماكوندو”، وكتب غيتان دوران في الهامش العلوي للورقة الأولى، وفي الوقت نفسه الذي كنت اقول فيه: “مونولوج ايزابيل وهي ترى هطول المطر في ماكوندو”. وهكذا استعيدت من القمامة احدى قصصي القصيرة التي قوبلت بأفضل إطراء من جانب النقد، ومن جانب القرّاء على وجه الخصوص.
ومع ذلك، لم تفدني هذه التجربة في عدم مواصلة تمزيق أصول المخطوطات التي تبدو لي غير صالحة للنشر، بل انها علمتني ضرورة تمزيقها بطريقة لا يمكن معها اعادة ترقيعها ثانية.




إن تمزيق القصص القصيرة أمرٌ لا مناص منه، لأن كتابتها أمرًا أشبه بصبّ الإسمنت المسلح. أما كتابة الرواية فهي أشبه ببناء الآجر. وهذا يعني أنه إذا لم تنجح القصة القصيرة من المحاولة الاولى فالأفضل عدم الاصرار على كتابتها. بينما الأمر في الرواية أسهل من ذلك: إذ من الممكن العودة للبدء فيها من جديد. وهذا ماحدث معي الان. فلا الإيقاع، ولا الأسلوب، ولا تصوير الشخصيات كانت مناسبة للرواية التي تركتها نصف مكتملة. وتفسير هذه الحالة هو واحد ايضاً: فحتى أنا نفسي لم أقتنع بها.


وفي محاولة للبحث عن حل عدت إلى قراءة كتابين اعتقدت أنهما مفيدان. أولهما هو التربية العاطفية لفلوبير، ولم أكن قد قرأته منذ أرق الجامعة البعيد، فلم يفدني إلا في تفادي التشابهات التي كانت ستبدو مريبة، لكنه لم يحل لي المشكلة. أما الكتاب الآخر الذي عدت إلى قراءته فهو بيت الجميلات النائمات لياسوناري كواباتا، الذي صفع روحي قبل ثلاث سنوات، ومازال كتاباً جميلاً. لكنه لم ينفعني هذه المرة في شيء، لأنني كنت أبحث عن أساليب التصرف الجنسي لدى المسنين، وما وجدته في الكتاب هو سلوك المسنين اليابانيين، الذي يبدو شاذاً مثل كل ماهو ياباني، وليس له أدنى علاقة دون ريب بالسلوك الجنسي لمسنّي منطقة الكاريبي.


حين تحدثت عما يقلقني على المائدة، قال لي أحد ابنيّ – وهو صاحب التوجه العملي -: “انتظر بضع سنوات أخرى وستتعرف على الأمر من خلال تجربتك الشخصية”. أما الآخر وهو فنان فقد كان أكثر دقة وتحديداً: “عد إلى آلام فارتر”، قال لي ذلك دون أي أثر للسخرية في صوته. فحاولتُ قراءته فعلاً، ليس لأني أبٌ مطيع جداً وحسب، وإنما لأني فكرت كذلك بأن رواية غوته الشهيرة قد تفيدني. لكنني لم أنته هذه المرة إلى البكاء في جنازة الشاب فارتر، كما جرى لي في المرة السابقة، وإنما لم أستطع تجاوز الرسالة الثامنة، وهي تلك التي يروي فيها الشاب المنكوب لصديقه غيليرم كيف أنه بدأ يشعر بالسعادة في كوخه المتوحد. ووجدتُ نفسي ما أزال في مكاني، حتى أنني لم أجد غرابة في اضطراري لعضّ لساني كي لا أسأل كل من التقي به: ” قل لي يا اخي، اللعنة كيف يمكن كتابة رواية؟”.


https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-23-2017, 08:27 AM
المشاركة 44
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هاروكي موراكامي: أهم صفة يجب أن يمتلكها الروائي؟

ترجمة: ميادة خليل






أثناء المقابلات يطرح عليّ أحياناً السؤال التالي: “ما هي أهم صفة يجب أن يمتلكها الروائي؟” وأهم صفة يجب أن يمتلكها الكاتب؟ هل يجب أن أقول هذا؟ الموهبة. إذا افتقر الكاتب للموهبة، لن يكون كاتباً أبداً، مهما اجتهد في ذلك، بدلاً من أنها صفة ضرورية يمكن القول بأنها شرط أساسي. بدون قطرة وقود لا يمكن حتى للسيارات الرائعة أن تعمل.


المشكلة مع الموهبة هي في كيفية السيطرة على النوعية والكمية. ليس من السهولة أن تضيف قليلاً إذا كان المخزون غير ملائم، أو تمط صلاحية الاستخدام من خلال الاختصار والقفز أو على الأقل لتكون على حق. الموهبة لا تجذب توقعاتنا، تشرب الجملة إذا رَغِبت في ذلك، وعندما تَشرب كل شيء وتجف، عندها يكون الأمر قد أنتهى.
وإذا سألتني ماذا بعد الموهبة، عندها سيكون جوابي بدون تردد: التركيز. القدرة على توجيه كمية الموهبة المحدودة التي تمتلكها على نقطة جوهرية واحدة. إذا لم تمتلك هذه القدرة، فسوف لن تضيف شيئاً مميزاً للكتابة. إذا كنت تمتلكها وتعاملت معها بكفاءة، عندها يمكنك تعويض نقص الموهبة.
من عادتي أن أقضي ثلاث الى أربع ساعات يومياً في التركيز على عملي. أجلس الى مكتبي وأكرس انتباهي على ما أكتبه فقط. لا أفكر بأي شيء آخر. لا أنظر الى أي شيء آخر.


والصفة المهمة الأخرى التي يجب أن يمتلكها الروائي بعد التركيز هي الصبر. حتى لو كنت تكتب بتركيز ثلاث أو أربع ساعات كل يوم، لن يكون لديك رواية بدينة إذا تعبت بعد أسبوع. الروائي ــ أو أولئك الذين يرغبون بكتابة حجم معين ــ يحتاجون الى القوة من أجل التركيز يومياً طوال نصف سنة، نعم، وحتى سنة أو سنتين على رواية واحدة.


من حسن الحظ أن هناك الى جانب الموهبة التركيز والصبر. وعلى هذا الأساس من الممكن تعلم الموهبة باكراً من خلال التمرين أو تحسين نوعية الموهبة. تجلس كل يوم الى المكتب وتركز على موضوع واحد، عندها ستنمو لديك قوة التركيز، والتحمّل.






"المصدر: كتاب “عن ماذا أتحدث عندما أتحدث عن العدو” 2007

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-23-2017, 08:39 AM
المشاركة 45
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
رؤى عبد الرحمن منيف عن الرواية: رحلة ضوء.


كتب زيد الفضلي

"نظرة في كتاب عبدالرحمن منيف":


يأخذنا الكاتب السعودي الراحل عبدالرحمن منيف عبر كتابه “رحلة ضوء” إلى نزهة جميلة عبر مراحل تدرج الرواية العربية. ويسرد لنا أهم المرتكزات التي يجب أن يتكئ عليها الكاتب خلال مرحلة كتابة الرواية، كما يسهب منيف في تفصيل أهم الاسباب التي تؤدي إلى نجاح أو فشل الرواية، فضلاً عن مراحل تطورها وارتباطها بعدة عوامل مثل المدن والسير الذاتية والتاريخ وغيرها.


(في البدءِ كانت المغامرة)..
اتجه الكتّاب في البداية إلى رواية المغامرة التي تعتبر هي اللبنة الأول لكتابة الرواية بشكل عام حيث اكتسب مفهوم البطولة في البدايات ملامح محددة جعلت الاحداث و المناخات والاشخاص تأخذ مسارات تصب في النهاية لخدمة البطل المركزي فقط.


وهذا الأمر جعل أي اشخاص آخرين في الرواية هم ظل للبطل الرئيسي من خلال اقتصار ادوارهم على تهيئة “المسرح” للبطل حتى يظهر مواهبة وجوانب العظمة والقوة فيه، وحتى العنصر النسائي حين يظهر كثيراً في مثل هذه الرويات فهو يكون تعبير عن المكافأة أو تتويج للبطولة المركزية فيها.


وفي سياق تطور الرواية برزت الرواية التاريخية التي لعبت دوراً في إضفاء قدر من المصداقية على دور البطولة من خلال اختيار النماذج الاكثر حضورا وإيحاء واعادة تكوينها ما جعل البطل التاريخي بديلا مناسباً، لما تحفل به المخيلة الشعبية من صفات لهذا البطل فهو يشكل تعويضا لنمط معين من احلام ورغبات مكبوتة.


وبهذه الطريقة تم استخراج ابطال لا عدد لهم من التاريخ واعادة تصنيعهم عبر استغلال الضباب التاريخي الذي يخيم على ذاكرة الكثيرين. ولأن البيئة التاريخية لأبطال من هذا النوع بعيدة وتكاد تكون مجهولة فأن من السهل اعادة صناعتهم وفق ما يخدم قناعات وأهدافاً معينة.


وقد يظهر في الرواية التاريخية شخصيات اخرى غير البطل مثل الوزراء والمغنين والجواسيس والخدم والمحظيات ورجال الدين والمستشارين ورغم اختلاف ادوار هؤلاء عن الشخصيات في رواية المغامرات لكن الأضواء ظلت مسلطة على البطل/ المحور.






(أنماط جديدة)..
ونتيجة للتطورات الكبيرة والمتواصلة أخذت تظهر انماط جديدة من البطولات الروائية ولم يعد هناك البطل الأوحد بل اصبحت الرواية تتضمن العديد من الأبطال الذي يدورن في الفلك ذاته، كما اصبح الصراع في الرواية عنواناً اساسياً مثلما يحدث في الحياة، و أكثر من ذلك إذ لم تعد البطولة تقتصر على البشر وحدهم بل اصبحت الاماكن والحيوانات والأشياء مادة للبطولة الروائية ومثال على ذلك رواية الكاتب اليوغسلافي إيفو اندريتش “جسر على نهر دارينا”، و “الشيخ والبحر” لـ الأميركي ارنيست هيمنغواي وغيرها الكثير.


يمكن لرواية واحدة أن تحتمل عدداً كبيرا من الأبطال سواء من البشر أو الحيوانات أو الزمان او المكان او الأشياء. إن خمسين أو ستين سنة من حياة الإنسان، أي إنسان، تستحق أن تمنح بضع صفحات، أو عددا من الدقائق، لكي تلخص ومن خلال هذا التلخيص قد يضاء عالم باكمله.




(الحوار أهم التحديات)..
يرى منيف أن من جملة التحديات التي تواجه كتابة الرواية: لغة الحوار، فالحوار في الرواية ركن اساسي من اركانها لأنه بمثابة الدماء التي تجري في الشرايين وتمد الرواية بالحياة وتجعلها تأخذ ملامحها وتميزها وألقها.
لذلك يحتاج الكاتب أن يفصل نفسه عن لغة عمله لأن القراء يرون الشخصية عبر الكلمات التي تقولها والأفعال التي تقدم عليها مما يتطلب أن يضع الكاتب مسافة بين لغته الخاصة ولغة شخصياته.


كذلك على الكاتب ان يضع بعين الاعتبار كيف يمكن أن يصور على سبيل المثال لغة شخص بسيط من الطبقة الدنيا لأي مجتمع، كيف يمكنه أن يصيغ حوارات هذه الشخصيات البسيطة بلغة غير متكلفة ولا جامدة وبعيدا عن اللغة العامية ودون أن يكون الحوار يابساً ومفتقداً للحرارة والصدق.


ولأن الحوار هو الطاقة المحركة التي تدفع الاحداث إلى الامام فأن على الكاتب أن يجد لغة شخصياته الخاصة بعيدا عن اللهجة المغرقة في محليتها والتي تشكل حاجزا بين الرواية ومداها العربي، وأيضا عن اللغة الفصيحة المقعرة القاموسية كتلك التي تجري على ألسنة شخصيات المسلسلات المكسيكية المدبلجة.


ويخلص منيف في هذا الجانب إلى أن الرواية العربية تحتاج إلى نسّاك متفرغين لها تكون علاقتهم بها أشبه بالزواج الكاثوليكي. ويضرب مثالاً على ذلك،ما حصل على يد الأديب المصري نجيب محفوظ إذ انصرف محفوظ منذ وقت مبكر إلى الرواية، وبدأب لايعرف التوقف أو التعب واصل تجاربه سواء باختيار الموضوعات والشخصيات والاماكن وهو ما مكنه من أن يقدم انجازات بارزة للرواية العربية أصبحت الاساس لما بني عليه فيما بعد.





(الشخصية وحياتها المستقلة)..
إن الشخصية الروائية بقدر ماهي من خلق الكاتب، حتى لو كان لها جذر واقعي في إحدى المراحل، فإنها ما أن تبدى اولى خطواتها في الرواية حتى تصبح لها حياة مستقلة، وبالتالي تعتبر الشخصية في مراحل عديدة خالقة لنفسها ومسؤولة عن تصرفاتها.


من الضروري أن تكتسب الشخصية الروائية صفاتها نتيجة الممارسة وبشكل متدرج، أي ان تصل إليها عن جدارة، وبسبب الأفعال التي يولدها الحدث الروائي، لا نتيجة مايضفيه الروائي عليها من صفات، لأنه في النهاية الرواية كما الحياة لا تتكون دفعة واحدة أو بشكل كامل، الأمر الذي يجعل الصفات تكتسب فترة بعد أخرى، حدثاً وراء الأخر، وبهذا الطريقة تتكامل الشخصية الروائية وتكتسي ملامح انسانية وتكون أكثر تأثيرا ورسوخا في العقل والوجدان.


ان الشخصية الروائية يمكن أن تكون كبيرة ومؤثرة وتصبح لها حياة بعد أن تنطوي صفحات الرواية ويمكن أن تتحول هذه الصفحات ذاتها مقبرة للشخصية، وهذا هو التحدي بين شخصية روائية ولدت لتبقى وأخرى ولدت لتموت.




(الخلاصة)..
القى منيف الضوء في رحلته على العديد من الأمور الأخرى التي أثرت في تطور الرواية العربية، كما انه اسدى الكثير من النصح إلى الروائين الشباب الساعين إلى اكتشاف عوالم الرواية شديدة التعقيد. فهو يرى أن على الكاتب أن يمتلك ذاكرة تلتصق بالأشياء و ترصد كل ما تشاهد بعين المتفحص حتى يتكون مخزون كبيرة من الصور والمشاعر والتأملات يلجأ إليها الكاتب في رحلته الضوئية عبر كتابة الرواية.


إن الكتابة بإختصار رحلة مليئة بالمتعة والعذاب وحتى تستطيع ان تصل من خلالها إلى هدفك المنشود عليك أن تشعر بكلتا الحالتين حتى النفس الأخير.


https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 07-04-2017, 09:07 PM
المشاركة 46
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عشر نصائح للكتابة من جويس كارول أوتس:ترجمة : بثينة العيسى.

جويس كارول أوتس هي روائية أميركية معاصرة وكاتبة قصص قصيرة وشاعرة وكاتبة مسرحية وناقدة أدبية، عرفت بكونها المرشحة الدائمة لجائزة نوبل، قدمت للمكتبة العالمية رصيداً هائلاً من الروايات والقصص القصيرة والمقالات والشعر والمسرحيات وكتب الأطفال وكتب النقد، وأصدرت ثماني روايات تحت اسم روزاموند سميث. تصدر بالاشتراك مع زوجها ريموند سميث مجلة «أونتاريو ريفيو».


من نصائح جويس كارول أوتس للكتاب الشباب:
1) اكتب قلبك.
2) لا يمكن كتابة الجملة الأولى إلا بعد كتابة الجملة الأخيرة. المسودات الأولى هي الجحيم. المسودات النهائية: الجنة!
3) أنت تكتب لمعاصريك، وليس للأجيال القادمة. إذا كنت محظوظا، فإن معاصريك سيصحبون الأجيال القادمة.
4) احفظ ما قاله أوسكار وايلد: القليل من الصدق خطر، الكثير من الصدق هو بالتأكيد قاتل.
5) عندما تحتار في كيفية إنهاء فصل، أحضر رجلا بمسدس “هذه نصيحة ريموند تشانلدر، لا أنا. أنا لن أجرب ذلك.
6) ما لم تكن تجرّب في الأشكال (جريء، معقد، وغامض). انتبه إلى الاحتمالات في الفقرات.
7) كن محرّر نفسك، وناقد نفسك. متعاطف ولكن عديم الرحمة.
8) لا تحاول أن تتوقع قارئا مثاليا، أو أي قارئ. هو (أو هي) قد يكون موجودا، ولكنه يقرأ لشخص آخر.
9) اقرأ، لاحظ، اسمع بشدة. كما لو أن حياتك تعتمد على ذلك.
10) اكتب قلبك.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 07-07-2017, 02:19 AM
المشاركة 47
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سبع نصائح من سكوت فيتزجيرالد لكتابة الرواية:
ترجمة: موسى بهمن


سكوت فيتزجيرالد غالبًا ما يتم تعريفه بأنه كاتب منذ الولادة. “موهبته”، كما يقول إرنست همنغواي: طبيعية مثل لوحة صنعها الغبار على أجنحة فراشة. لكن فيتزجيرالد يرى نفسه بشكل مختلف. فيقول “كم هو قليل إنجازي”، وقال: لقد كان من أكثر الأعمال شقاءً وإرهاقًا.
لقد اخترنا سبعة اقتباسات عن الكتابة من سكوت فيتزجيرالد، والتي تم تحريرها من قبل لاري دبليو فيليبس ونشرت في عام 1985 ضمن كتاب همنغواي.

1) ابدأ بتدوين الملاحظات.
تعوّد فيتزجيرالد على تسجيل أفكاره وملاحظاته الضالة في دفاتره. قام بترتيب الملاحظات إلى فئات مثل “المشاعر والعواطف”، “المحادثات وأشياء مسموعة”، “أوصاف الفتيات”.
وعندما كان يعطي عشيقته شيلا غراهام نصائح للكتابة في أواخر الثلاثينيات، نصحها بأن تفعل الشيء نفسه. وفي مذكراتها عام 1940، شيلا غراهام تقتبس عن فيتزجيرالد:
يجب أن تبدأ بتدوين الملاحظات. قد تطول كتابة الملاحظات لسنوات.. عندما تفكر في شيء ما، أو عندما تتذكر شيئًا، سجّل ما تفكر به حالًا. قد لا تستطيع استعادة ذلك الشعور بنفس الوضوح في المرة القادمة.

2) قم بعمل مخطط تفصيلي لقصتك.
عندما كان فيتزجيرالد يعمل على رواية جديدة، دائمًا يحيط نفسه بمخططات يحدد فيها جميع تحركات شخصياته وتاريخها. في رسالة إلى الروائي جون أوهارا في عام 1936، قال إنه ينصح الروائي الصغير أن يبدأ بمخطط كبير:
اِبتكر نظامًا زولَويًّا*.. لكن اشتر ملفًا أولاً. وعلى الصفحة الأولى من الملف قم بكتابة الخطوط العريضة للرواية بشكل مبالغ فيه (لا تقلق، فإن هذه الخطوط العريضة ستتداخل مع بعضها البعض) واعمل على هذه الخطة لمدة شهرين. خذ النقطة المركزية للملف كما لو كانت هي الحبكة واتبع خطتك من هذه النقطة إلى ما قبلها وما بعدها لمدة ثلاثة أشهر أخرى. ثم قم بوضع حدث معقّد في قصتك وحدد لنفسك جدولًا زمنيًا.

3) لا تخبر أحدًا عن فكرتك.
كانت سياسة فيتزجيرالد عدم التحدث مع أشخاص آخرين عن الكتاب الذي يعمل عليه. في رسالة 1940 إلى ابنته سكوتي، قال:
أعتقد أنها قاعدة رائعة ألّا تخبري أحدًا ما هو الشيء الذي تعملين عليه لحين الانتهاء منه. إذا تحدثتِ عنه فستفقدين بعضًا منه. ولن يبدوَ أنه ينتمي لك بعد ذلك.

4) اخلق بشرًا، لا أنماطًا.
كان معروفًا عن فيتزجيرالد خلقه لشخصيات رمزية، لكنه قال بأنها كانت مصادفة. “لم أكن أملك أية فكرة عن المرأة الأميريكية التي كتبت عنها عندما بدأت في الكتابة”، وفي مقابلته عام 1923 مع مجلة متروبوليتان قال: “أخذت ببساطة الفتيات اللواتي كنت أعرفهن جيدًا جدًا، واللواتي أثرن اهتمامي بتفردهن، فاستخدمتهن لصناعة أبطالي.”
في عام 1926 كتب فيتزجيرالد في افتتاحية قصته القصيرة “الولد الثري”:
تبدأ بالشخص، وتكتشف أنك قد خلقت نمطًا. تبدأ بالنمط، وتجد أنك خلقت لا شيء.”

5) استخدم كلمات مألوفة.
في عام 1929 كتب فيتزجيرالد رسالة إلى زميل دراسته، الكاتب جون بييل يقول فيها: يجب عليك ألّا تستخدم كلمة غير مألوفة، إلا إذا اضطررت للبحث عنها وإعادة توظيفها لكي تعبّر فيها عن حساسية الواقع. اللعنة، إنها قاعدة جيدة للنثر…”

استثناءات:
(أ) يجب تجنب التكرار.
(ب) تحتاج إلى إيقاع.
(ج) إلخ…

6) استخدم الأفعال، لا الصفات، لتتحرك جُملك.
في عام 1938 أرسل فيتزجيرالد رسالة لابنته:
يستند النثر على الأفعال التي توصل الجُمل. تُحرِّك الجُمل. كمثال؛ أروع قصيدة ربما في اللغة الإنجليزية لـ جون كيتس ‘عشية سانت أغنيس’ وجملة مثل ‘خرج الأرنب يعرج مرتجفًا من العشب المجمد.’ جملة ​​حية لدرجة تجعلك تتبعها، تلاحظها بجهد. فقد لوَّنت القصيدة بحركته العرجاء. ارتجافه وتجمده يظهرون أمام عينيك.”

7) كن قاسيًا.
على الكاتب أن يتخذ بعض القرارات الصعبة. فيتزجيرالد يحذر من خطر الارتباط بشيء قمت بكتابته. أبقِ نظرتك موضوعية تجاه ما تنجزه، وكما يقول: “إذا كان هناك شيء غير مناسب، تخلّص منه”.
في عام 1933 كتب مقالاً بعنوان “100 بداية خاطئة”، يقول فيه:
هذا مجرد عناد. عليك رميه والبدء من جديد.”
التراجع هذا واحد من أصعب القرارات التي يجب على الروائي القيام بها. ليجعل منجزه فلسفيًا. قبل أن يجهد نفسه لمائة ساعة في محاولة إحياء جثة، أو فقرات متسرعة لا حصر لها في عمله. وهذا اختبار أكثر منه مهنية.
في المراحل الأخيرة من الرواية، حينها، مسألة التراجع لا تعد ذات أهمية، إلا عندما تريد سحب شخصيتك المفضلة من كعبها، لتصرخ، وتجر معها نصف دزينة من المشاهد الجيدة.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 07-07-2017, 02:34 AM
المشاركة 48
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ألان شوِس: هذا تمريني المفضل في الكتابة الإبداعية:

ترجمة : جهاد الشبيني






لقد ساعدت الكتابة، بطريقة المحاكاة أو عن طريق تقليد أعمال كُتَّاب جيدين، طلابي عند كل منعطف تقريبًا في بداية عملهم بالكتابة. نظرت دومًا إلى الرسامين باعتبارهم نماذج؛ يرسلون تلاميذهم إلى المتاحف، حيث يمكنهم نسخ أجزاء من لوحات كبار الفنانين المرسومة على الأقمشة المخصصة للوحات الزيتية، أو نسخ رسومات كاملة في بعض الأحيان. بهذه الطريقة، يتعلمون، من بين طرق أخرى، كيف يستخدمون أرساغهم في إطلاق إبداعهم.
المحاكاة ليست نسخًا بالضبط. (عندما نقرأ قصة بورخيس “بيير مينارد، مؤلف دون كيخوت”، نرى إلى أين يمكن أن يقود النسخ). إلا أن الأمر يتطلب من الكاتب/ـة الجديد/ة أن يـ(تـ)شق طريقه/ـا كما لو كان محترفًا، أن يضع نفسه مكانهم ويرى بأعينهم. يطلب صديقي آل يونج في بعض الأحيان إلى تلاميذه أن ينسخوا صفحة من كاتب كبير، مع الإبقاء على بناء الجملة فقط واستخدام مصادر الأفعال التي يفضلونها وكذلك الأفعال وأجزاء أخرى من الخطاب. هذا الأمر مفيد. الأمر نفسه بالنسبة إلى الأسلوب، على سبيل المثال، لنقل: منظر الأرض في” إلى الفنار”، أو المرعى في” أنطونيا الجميلة” للكاتبة الأمريكية ويلا كاثر، إذ يبتكر طلبة الكتابة مشاهدهم الخاصة بدلًا من المؤلف. أحد أكثر التمرينات التي نجحت نجاحًا بالغًا مع تلاميذي كان تغيير الصفحات الأولى من رواية “شارع السردين المعلب”، للكاتب جون شتاينبك، التي مثلت نموذجًا جيدًا تمامًا مثلما كانت “شرق عدن” نموذجًا جيدًا في الاستفادة من مقومات شبابهم.
تقدم الرؤى المختلفة لمشاهد رائعة في الرواية العصرية طريقةً جيدةً أيضًا لأن يستخدم التلاميذ خيالهم في إطار الحدود الصارمة التي يضعها محترف. في تمرين مثل هذا، أطلبُ إلى التلاميذ أن يقرأوا قصة “القبلة” لتشيكوف وأن يكتبوا المشهد المفرد- الجندي في الغرفة المظلمة يحصل على قبلة من امرأة غامضة- من وجهة نظر المرأة. في تمرين آخر، أطلب إليهم أن يكتبوا رؤية بديلة لقصة تشيكوف العظيمة “السيدة صاحبة الكلب” من وجهتي نظر: زوج آنا، وزوجة حبيبها من موسكو.
كل هذا نجح في بسط حس الطلبة بشأن ما يمكنهم محاولته وما يمكنهم تحقيقه بأسلوبهم النثري الخاص.




-التمرين:
عد إلى قصة تحبها، واستبدل بمحتوى المؤلف محتوى من خبرتك أو خيالك الخاص. أو عد إلى قصة تحبها واروِ جانبًا مختلفًا من القصة من خلال اختبار الأحداث أو وضعها في إطار درامي، عبر وجهة نظر شخصية مختلفة.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 07-07-2017, 02:46 AM
المشاركة 49
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
فيرونيكا روث: لا تهتم بنصائح الكتابة، فقط اجلس واكتب:
ترجمة : مصطفى عبد ربه

لا تقلق. هذا طبيعي.
لا تظل حيث أنت، ولا تتسلق نزولا.


هناك كثير من نصائح الكتابة تطفو في فضاء الإنترنت، وأيضا كلها أحكام وقوانين فيها كثير من “لا تهتم بنصائح الكتابة، فقط اجلس واكتب”. (في الحقيقة، كان هذا شعاري على مدار السنة والنصف الماضية) وبعض هذه النصائح يتضمن:

تمارين التعرف على شخصيتك الرئيسية: الاستبيانات، الاختبارات القصيرة، الكتابة الحرة .. إلخ
تمارين التخطيط للحبكة: قسّم روايتك على الرسم البياني أعلاه؛ خطط لكل مشهد، وكن متأكدا من كل تحولات الرواية، سواء من موضع إيجابي إلى موضع سلبي أو العكس.
“اكتب واقرأ” – تمارين (اقرأ مخطوطتك بصوت عالٍ – لا تستخدم الأحوال – بادِلْ بين الجمل الطويلة والقصيرة .. إلخ)

هناك نقاشات عديدة حول ما إذا كنتَ “مرتجلا” أم “مخططا”. الشخص الذي يكتب من البداية إلى النهاية، أو الشخص الذي يقفز هنا وهناك.

بعضكم يعرف جيدًا أيّ من هؤلاء هو (لديك خطّ، وأنت تعرف أي أجزاء النصيحة سوف يفيدك. لديك روتين) وبعضكم قد يشعر بأنه ضائع بلا أمل. نصيحتي لكلا المعسكرين، من خلال خبرتي، تسلق جبل المخطوطة هو نفس الشيء:

دعك من خط سيرك.
اترك القلق بشأن سير العملية.
دعك من محاولة إيجاد مسار خاص بك.
اترك كل ما سبق.

عندما تصل إلى تلك النقطة في المخطوطة التي تجعلك تعترف بالهزيمة، وأن الأدوات التي استخدمتها لم تعد مفيدة بقدر ما، ضع في اعتبارك استخدام أدوات شخص آخر.

هل أنت مرتجل؟ جرب التخطيط. هل أنت مخطط؟ جرب، حرفيًا، حرق المخطط التفصيلي! (بطريقة آمنة! في سلة المهملات مثلا). هل أنت ساعٍ إلى الكمال؟ جرب أن تكتب أسوأ مشهد تستطيع كتابته. هل أنت صارم من البداية للنهاية؟ اكتب أي مشهدٍ يُلهبُ فجوة في رأسك وسدَّ الفراغات بعد ذلك. مهما فعلت لا تقبض بإحكام شديد مهما كانت هويتك ككاتب قد تشكلت، جربّ وغيّر وسوف تنمو.

ليس من المهم أن تظل نفس الكاتب الذي أنت عليه الآن، وليس مهما أن يكون لديك روتين واضح أو نموذج. لقد بدأت روايتي الأولى من المنتصف، دون مخطط تمهيدي، وأنهيت كتابي الثالث بمخطط تفصيلي كُتب من البداية للنهاية. أظن أنني عرفتُ أي نوع من الكُتّاب كنت، ولكن في النهاية وجدت أن هذه التعريفات تحدّ أكثر مما تُحرر. لو استطعت أن أصرف هذه التعريفات من ذهني، لاستطعتُ أن أكون الكاتب الذي يكون كما تريده القصة أن يكون.

والأهم من التعريفات التي نتشبث بها هو أن ننهي القصص التي نتحرق كي نرويها.

إذن؛ املأ صندوقك ككاتب بالعديد من الأدوات قدر ما تستطيع، حتى لو تراءى لك أنها سخيفة أو ليست مفيدة. أنت غير مضطر لأن تصنع مخطًطا تفصيليًا، أو تملأ استبيانات شخصية، أو أن تكتب كتابة حرة، أو تحتفظ بدفتر يوميات، أو ترسم خرائط لا تحتاجها. ولكن هذه الأدوات تساعدك كي تستأنف الكتابة، إذا لم تعد الأدوات القديمة غير صالحة للعمل.

وضع في اعتبارك أنك ستصاب باليأس. اليأس من الكتابة، اليأس من إخراج الرواية على الورق، اليأس من السماح للشخصية الرئيسية بالكلام، واليأس من الانتهاء. الوصول إلى غاية اليأس سوف يجعلك تجرب أي شيء وتعمل على إنجاحه. لديك ميعاد نهائي. 30 نوفمبر. يمكنك أن تفعلها. ولكن عليك أن تلقي أفكارك المسبقة عن نفسك وعن كتابتك من النافذة.

لا توجد مخطوطة مثالية من أول مرة. لا تقلق حيال الكمال من الآن. لكنك ستشارك في هذا الشهر السحري

سوف تبتعد عن الناس تماما، وتأخذ جرعات مفرطة من الكافيين، لأنك تصدق أن هذا يدفع مخطوطتك قدما في شهر وسوف يساعدك بطريقة ما. هذا يعني أنك تحتاج إلى الجموح، حرية عطشى لكاتب يريد أن يصل إلى النهاية.

لا تكن مدرعا ولا مخططا، لا صارما ولا مؤدٍ لتمرينات، لا حريصا على البداية والنهاية، ولا قافزا، لا تكن شيئا باستثناء أن تستمر في التسلق.


https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 07-18-2017, 04:33 AM
المشاركة 50
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نصيحة إرنست همنغواي لكاتب شاب:
ترجمة : ميادة خليل





في 1925 كتب الكاتب الشاب إرنست همنغواي رسالة الى كاتبٍ كندي شاب أصغر منه سناً اسمه: مورلي كالاهان.
كالاهان كان محبطاً من حياة الكتابة، فكتب لصديقه همنغواي :“لدي الكثير من الوقت وأستطيع الكتابة بشكل جيد إذا كنت أعرف كيف أتحّمل.”
ردُّ همنغواي هذا نشر في كتاب “رسائل إرنست همنغواي” الذي صدر هذا الشهر، والاقتباس التالي من الرسالة يعتبر نصيحة عظيمة لكل الكتّاب من كل الأعمار:
“لا تكن حماراً وتقول بأنك لا تستطيع الاستمرار وتكتب عندما تعرف كيف تتحمل والخ.. الله يعلم بأنك في أكثر الأوساط كآبة وإحباطاً – لكن هذا هو ما يجعل منك كاتباً. عليك أن تمسك بالجحيم. عليك أن تتقبل العقوبة. اكتب كثيراً، وفكر أكثر. أبقِ على عينيك وأذنيك مفتوحتين وحاول أن تجعل حواراتك صحيحة طوال الوقت”.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: نقاش حول كتابة الرواية ..
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اول تجربة لي في كتابة الرواية عبد الرزاق مربح منبر القصص والروايات والمسرح . 3 12-26-2020 02:40 AM
مقامات كتابة... اسماعيل آل رجب منبر البوح الهادئ 2 06-27-2018 11:46 AM
نحو نقاش جاد .. معالم ومنارات (متجدد) عبد الرحيم صابر منبر الحوارات الثقافية العامة 0 11-24-2012 01:31 PM
كتابة فتحية الحمد منبر البوح الهادئ 3 10-13-2012 10:24 PM

الساعة الآن 11:16 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.