قديم 06-12-2017, 03:45 AM
المشاركة 31
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قواعد إلمور ليونارد العشر للكتابة:

ترجمة : أحمد العلي.






كتبت: ماريا بوبوفا
في 16 يوليو 2001، بنى إلمور ليونارد (أكتوبر 1925- أغسطس 2013) مجده الخالد بمساهمته في حقل الكتابة عن الكتابة، والتي قدمها على شكل قطعة قصيرة لصحيفة نيويورك تايمز يُعدّد فيها عشرة قواعد يلتزم بها حين يكتب. استلهمت صحيفة الغارديان من إلمور هذه الفكرة و قامت بإصدار سلسلة قواعد مشابهة يقدّمها كُتـّابٌ مرموقين من بينهم زادي سمث، مارغريت آتوود، و نيل غيمان.. و التي انتهت إلى جمعها في كتاب قواعد إلمور ليونارد العشر للكتابة (المكتبة العامّة) – كتابٌ ضئيل، مطبوعٌ بأناقة و بشروحاتٍ كتبها جوي سارديالو برفقة قواعد إلمور الخالدة.
يبدأ تقديمه لقواعد الكتابة بتنويهٍ قصير:
إلتقطتُ هذه القواعد طوال مشواري، لتساعدني على أن أكونَ غير مرئيٍّ كراوٍ في الكتاب الذي أكتبه، لتُعينني على مَسرحة ما يجري في الرواية، لا حكايته بصوت الراوي. إذا كانت اللغة طيّعة بين يديك، إذا كان خيالك ملكك ونبرةُ صوتك في الكتابة تُعجبك، فليس الاختفاء هو ما تبحث عنه وتحتاجه، وتستطيعُ لذلك أن تتخطّى هذه القواعد، إلا أنه يُمكنك أن تُطِلّ عليها فقط.






1. لا تبدأ كتابك أبداً بالحديث عن حالة الطقس!
إلا أن يكون الحديث عن حالة الطقس ضرورياً لوجود شخصية تتفاعل معه، لا تستطرد في الحديث عن حالة الطقس إذا كنت تريد خلق شعورٍ للجو. يميلُ القارئ للاندفاع في القراءة بحثاً عن الشخصيات. هناك بالطبع استثناءات. إذا حَدَثَ و كنت بيري لوبز، الذي يستطيع وصف الثلج و الجليد بطُرُقٍ أكثر من تلك التي لدى أهل الأسكيمو، تستطيع أن تكتب تقاريرَ عن الطقس ما بدى لك.




2. تجنّب الافتتاحيّات.
قد تكون مزعجة، خاصة إذا جاءت بعد تصديرٍ يسبقه تقديم.. لكنها عاديّة في كل الكتب إلا الروائية منها. إن الافتتاحيّة في الرواية هي الخلفيّة الدراميّة لها، و لذلك، تستطيع أن تضعها في أيّ مكانٍ تريده من الرواية.
هناك افتتاحية في كتاب Sweet Thursday لـ جون ستينبك، لكنها رائعة! لأن هناك شخصية في الكتاب نطقت بالهدف الذي أريده من قواعد الكتابة هذه، إنها تقول: “أحبُ كثرة الأحاديث في الرواية، ولا أُحب أن يُخبرني صوتٌ مُبهمٌ لا يعود إلى أيّ شخصية في الرواية عن شكل الرجل الذي يتحدث فيها.. أُريد أن أكونَ قادراً على تخمين شكل الشخصية من أحاديثها، و طريقة تفكيرها من كلامها. يُعجبُني وجود بعض الشروحات لكن ليس الكثير منها. أحياناً، اُحبُ أن تكسرَ الكتابَ حزمةٌ من الفصول التي لا تحتاجها الرواية “Hooptedoodle”.. قد تستطيع فعل ذلك بتدوير بعض الكلمات الرنّانة أو حتى أن تُغنّي أغنية. هذا رائع. لكني لا أزال أتمنّى أن توضع هذه الكلمات التي تكسر سرد الرواية في فصول لوحدها لكي لا تختلط مع القصة الرئيسية.”




3. لا تستخدم أيّ فِعلٍ غير “قالَ/ قالَت” في المحادثات و تبادل الحوار، أبداً.
أسطُر الحوار مُلكٌ للشخصيّة الروائية، و الفعل التنويهي ليس سوى أنف الروائي محشوراً فيها. تبدو “قالَ” أخف في تطفلها على الشخصيّة و حديثها من “شَكَا” و “تذمّر” و حذّر”. مَرَرْتُ مرّةٌ على سطر حواري لـ ماري مكارثي كتبت فيه “أَعلـَنَ بقـَسَمَ”، فاضطررت للتوقف عن القراءة لكي أفتح المُعجم.




4. لا تستبدل الفعل “قالَ” بوصف حال المتكلّم
.. “عاتـَبـَهُ باستماتة”. استخدام ظرف الحال بهذه الطريقة ( وبأيّ طريقةٍ كانت) هو خطيئةٌ مُميتة. حينها، يكونُ الكاتب قد كَشَفَ عن وجوده بشكل لافت بدل أن يختفي، لقد استخدم كلماتٍ أفسدت تناغم الحوار و اتزان تبادل الحديث. عبّرتُ عن هذه الفكرة على لسان إحدى شخصياتي التي وَصفـَت اشتغالها على الرومانسيات في التاريخ: “إنها مليئة بحالات الاغتصاب و الظروف!.”




5. أَبقِ علامات التعجُّب تحت سيطرتك
مسموحٌ لك بين كل مئة ألف كلمة من السّرد أن ترمي بعلامتـَي تعجُّب أو ثلاثة. أمّا إذا كنت تملك موهبة اللعب بها كما يفعل توم وولف، فارمها على الصفحات بملئ كفـّك.




6. لا تستخدم كلمات مثل “فجأة” أو “قامت الدنيا ولم تقعد”.
لا تحتاج هذه القاعدة إلى تعليق. لاحظت أن الكُتّاب الذين يستخدمون كلمة “فجأة” يميلون لإفلات زمام التحكم بعلامات التعجب.




7. استعمل باعتدال اللهجات المحليّة والكلمات العاميّة.
فورَ أن تبدأ بكتابة الكلمات في حوارٍ ما كما يتم نُطقها صوتياً، و تبدأ بتعبئة الصفحة بالفواصل، لن تستطيع التوقف. لاحظ كيف استطاعت آني برولكس أن تلتقط أصوات الـ وايومنغ في كتيّبها القصصي Close Range.




8. تجنّب الشروحات المطولة عن الشخصيات.
هذا ما غطّاه جون ستينبك في Sweet Thursday. وأجبني، في Hills Like White Elephants لـ إرنست هيمينغواي، كيف يبدو شكل “الأمريكي والفتاة التي معه”؟ الوصف الجسدي الوحيد في القصة كلها هو: “خلَعَت قُبَعتها و وضعتها على الطاولة”.. ولا زلنا في قراءتنا للقصة، نعرف أصوات هذا الزّوج و نميّز نبرتيهما بلا أيّ استخدامٍ مباشر لظروف الحال.




9. لا تستطرد في التفاصيل الواصفة للأمكنة و الأشياء.
إلا إذا كنتَ مارغريت آتوود و تستطيع أن ترسُمَ المَشَاهِد بالكلمات، أو أن تكتب المناظر الطبيعية بأسلوب جيم هاريسون. و حتى لو كنتَ ماهراً في ذلك، فأنت لا تريد أن تتخلّق أحداث الرواية من التفاصيل الواصفة، و إنما من جرَيان الحكاية نفسها.




و أخيراً:
10. حاول أن تترُك كتابة القِطَع التي يميلُ القـُرّاء إلى تخطّيها.
جاءت هذه القاعدة إلى ذهني عام 1983. فـَكـّر بما تتخطّاه في قراءتك لروايةٍ ما؛ فقرات طويلة من السّرد تمتلئ بكلماتٍ كثيرةٍ جداً. مالذي فَعَله الكاتب فيها؟ إنه يرتكب إثم كَسر السّرد الروائي بما لا يخدم القصة “Hooptedoodle”؛ رُبما بأخذ جُرعةٍ أخرى من وصف الطقس أو بالإنسلال إلى رأس إحدى الشخصيات، و القارئ إمّا أن يعرف بـِمَ تُفكّر به تلك الشخصية أو أنه لا يهتم. أُراهنُ على أنك لا تتخطّى قطعة حواريّة.
و أهم قاعدة لدي، و هي الواحدة التي تُلخّص العَشر: إذا كان ما قـُمتَ به يُدعى كتابةً، فأعد كتابته.
أو، إذا كان الاستخدام الأمثل لكلمةٍ ما هو المُتعارَف عليه، فأزحها عن طريقك. لا أستطيع السّماح لما تعلّمناه في حصص اللغة الإنجليزية بأن يُعَكّر نغمة السّرد و صوت الحكاية.. إنها إحدى محاولاتي في أن أبقى غيرَ مرئيٍ في الرواية بألّا أكشف عن وجودي للقارئ عِبر استخدام طُرُق الكتابة المتعارف عليها (قالَ جوزف كونراد شيئاً عن أن الكلمات نفسها تقف في طريق محاولتك لقول شيئٍ ما.)
إذا كنتُ أكتُب المَشَاهِد دائماً من وجهة نظر شخصية معيّنة في ذلك المشهد، تلك التي يُمَكـّنها موقعها من أن ترى الأحداث وبالتالي روايتها كأنها تنفُخُ فيها الحياة، فأنا إذاً قادرٌ على التركيز في أصوات الشخصيات المختلفة و هي تُخبرك عن نفسها و عن مشاعرها تجاه ما تواجهه و مالّذي يجري حولها، و رغم ذلك.. قادرٌ على أن أبقى غير مرئيٍّ و في الخفاء.
الّذي فعله جون ستينبك في Sweet Thursday هو أنه عَنوَنَ فصول روايته بما يدُل على محتواها، لكن بشيءٍ من الغموض؛ “الذين يُحبونهم الآلهه يُصابون بالجنون” إحدى تلك العناوين، “أربعاءٌ مُصابٌ بالقـَمل” عنوانٌ آخر. و قد كان عنوان الفصل الثالث: “1Hooptedoodle ” أمّا الفصل الثامن والثلاثين فقد كان عنوانه: “2Hooptedoodle” كتحذيرات للقارئ، و كأن جون ستينبك يقول: “هذه فصولٌ ستجدني أترحّلُ فيها بالكتابة إلى عوالم فانتازية، و لن تؤثـّر أبداً في مجريات الرواية. تستطيعُ أن تتخطّاها إذا شئت”.
تمّ إصدار رواية Sweet Thursday عام 1954، عندما كنتُ أحبو في عالم النشر، و لم أنسَ أبداً افتتاحية الرواية.
هل قرأتُ وقتها فصول الـ”Hooptedoodle”؟ كلمةً كلمة.


https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-14-2017, 05:35 AM
المشاركة 32
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حين سُئلت الروائية أليف شافاق في إحدى حواراتها عن قواعدها في الكتابة ،
كانت السطور - الرائعة -التالية :



إليك قواعدي في الكتابة:

1. الكتابة هي الضريبة التي ندفعها لقاء عزلتنا و توحدنا مع ذاتنا : هي اختيار العالم الجواني بدل الخارجي و تفضيل الساعات و الأيام و الأسابيع و السنوات من الوحدانية- على المتع و الحياة الاجتماعية الصاخبة . قد يحب الكاتب أحيانا النميمة مع صديق حول أحدهم أو الانخراط في حفلة مجنونة ، لكن يبقى فعل الكتابة ينبع دوما من عزلة خالصة .



2. الطريقة الوحيدة لتعلم الكتابة هي بممارسة فعل الكتابة : الموهبة مهما بدت متوهجة لا تساهم بأكثر من 12% في عملية الكتابة . العمل الدائب و الصبور والمتواصل هو ما يساهم في 80% من التطور و الارتقاء الكتابي و الـ 8% المتبقية يمكن نسبتها إلى " الحظ " أو بصورة أدق إلى تلك العوامل التي تقع خارج نطاق إرادتنا و قدرتنا في التأثير .



3. اقرأ كثيرا و لكن لا تقرأ لذات الكتاب دوما : اقرأ بتنوع كبير و بلا ترتيب معقلن كثيرا متى ما كان هذا ممكنا . لا يمكن اختزال كتابة الرواية إلى محض وظيفة محددة في أطر ضيقة و صلبة .



4. اكتب الكتاب الذي لطالما وددت قراءته : إذا كنت تحب ما تكتب ( و هذا لا يعني انك لن تعاني كثيرا في كتابته ) فهذا يعني على الأغلب ان الناس ستشعر تجاه ما كتبت بنفس ما شعرت أنت . إذا ما انعدمت المحبة بين الكاتب و ما يكتب لن يكون ثمة ما يدفع القارئ لمواصلة ما كتبه الكاتب .



5. لا تخش الاكتئاب : فهو جزء مهم من عدة السفر اللازمة للولوج في طريق الكتابة ، و لكن لا ينبغي أبدا أن نتعامل مع هذا الاكتئاب برومانسية مفرطة فنكون كمن يتلذذ بهذا الاكتئاب ، فقط تعامل معه كروح حرة و كصديق غير موثوق به يأتي و يذهب متى شاء!!



6. لا ترحم ذاتك في العمل : اقطع ، الغ ، نقح ما شاء لك مما تكتب بلا رحمة . الغ صفحات كاملة مما كتبت . الكتابة السيئة كمثل العلاقة السيئة لذا لا تدمن عليها لمجرد انك اعتدت وسائلها السهلة و المريحة و المطروقة لك فحسب .



7. لا تكن قاسيا مع شخصياتك : لا تقلل أبدا من قدرهم و مكانتهم . وظيفتنا ليست ان ندينهم بل ان نفهمهم و نساعد الآخرين على فهمهم أيضا . التعاطف هي الكلمة المفتاحية السحرية في علاقتك مع شخصياتك .



8. لا تبح أبدا بالرواية التي تكتبها أو تنوي كتابتها لأي كان : فمتى ما بحت بهذا ستخسر الطاقة الروحية اللازمة للاندفاع بالعمل إلى نهايته .



9. انس أمر القراء و النقاد : انس أي أحد . اطرح عن بالك فكرة أنّ ثمة كونا خارجيا يقبع خارج ذاتك .



10. انس أمر كل واحد من قواعدي في الكتابة : فليس ثمة من قواعد للكتابة و ذاك هو الجمال الكامن في فعل الكتابة ، و تلك هي الحرية الثمينة التي لنا امتياز امتلاكها و التي لا ينبغي ان نسمح لكائن من كان ان ينتزعها منا.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-14-2017, 06:06 AM
المشاركة 33
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
" هذه الرسالة وجهها الكاتب سعود السنعوسي للأستاذ عبدالله الداوود ،من كتاب “ طقوس الكتابة عند الروائيين” الصادرعن دار كلمات للنشر والتوزيع ، الكويت 2015 "




عزيزي عبدالله ،

تأخرتُ كثيراً في الرّد على سؤالك حول طقوسي الكتابية؛ أين ومتى وكيف؟ في السطور الأخيرة من هذه الرسالة سوف تعرف السبب.. ولك أن تعذرني أو..
يتكرر السؤال كثيراً عن طقوسي في الكتابة. أتردد قبل أن أجيب: “لا طقوس!”، كي لا أحبط السائل الذي توقع أمرا مغايرا. لا أستغرب السؤال حقيقة، فلطالما سكنتي الفكرة منذ تفتّحت عيناي على القراءة بشكل جدّي: كيف كان فيكتور هوغو يكتب “البؤساء”؟ في أي جوٍّ كتب نجيب محفوظ “ثرثرة فوق النيل”؟ في أي مكان كتب جوزيه سارماغو“العمى”؟ غابريل غارسيا ماركيز، ليو تولستوي، تشارلز ديكنز، هيرمان ملفل، الطيب صالح ويوكيو ميشيما. كل أولئك الذين قرأتهم مبكرا، كيف كان مزاجهم أثناء الكتابة، ماذا يفعلون، وكيف يكتبون؟ كيف كانت الإضاءة.. ماذا كان على سطح المكتب عدا القلم والأوراق.. هل كان قلما أم آلة كاتبة أم.. لو كان قلما، حبرا أم رصاص.. في أي وقت من النهار أو الليل.. هل من موسيقى في أجوائهم الكتابية أم انها أجواء صامتة؟ أسئلة كتلك دفعتني، في وقت ما، لزيارة بيوت بعض الروائيين الذين تأثرت بهم في مرحلة مبكرة. أقترب من عوالمهم وراء الأوراق، لربما تعرفت على شيء من طقوسهم، أو المكان الذي مارسوها فيه.




كان اهتمامي ذاك في أوجِهِ عندما كنت قارئا وحسب. أقرأ الروايات. أفتن بها وبمؤلفيها. تشغلني كواليس أعمالهم. شيء من ذلك الاهتمام حول طقوس الكتابة لم يعد يشغلني بعدما أحالتني القراءة، مع مرور الوقت، كاتبا. كل عمل يفرض عليّ حالة من تلقاء نفسه. لا أفكر في طقس. لا شيء ثابت، ككوب قهوة، مثلا، أو شاي أخضر، أو الاستماع إلى سيمفونية، أو إشعال شمعة أو حرق كسرة بخور. قبل أن أكتب لا أهيئ طقسا عدا العزلة، والعزلة حالة أكبر من طقس. أعني العزلة بمعناها الحقيقي عندما تكون دافعا وحيدا للتأمل. وإذا ما اعتمدت على العزلة والتأمل كطقس كتابي فهذا يعني انني أعيش الطقس ليس أثناء الكتابة وحسب، إنما منذ بدء تشكل الفكرة وتخلقها أثناء التحضير لها. أمارس طقسي، إن جاز لي التعبير، بعيدا عن الكتابة وقبل الشروع فيها بشهور، كأن أستحضر شخصيات العمل قبل بثِّ الروح فيها ورقيا. أتأملها. أتعرَّف إليها أكثر.. ملامحها أو ما يميزها.. ندبة على الجبين، تأتأة في اللسان، تجاعيد في الوجه، جمال صارخ أو دمامة فظيعة. أحدد أعمارها.. ثقافاتها.. علاقاتها ببعضها وكيف ينظر أحدها إلى الآخر.. بل وحتى أصواتها. أحاور نفسي متشظياً بين الشخصيات. أسألني بصوت غليظ. أجيبني بصوت ذي بحّة ثقيل اللسان ينطق الراء واوًا. ورغم عزلة أفرضها على نفسي لا أشعر أني وحيد أبدا، بين شخصيات متباينة تنتظر دورها، في طابور طويل، للظهور على الأوراق أحيانا، وعلى شاشة الحاسوب أحيانا أخرى. يتمكن بعضها من الظهور فعلا. بعضها يتأجل ظهوره إلى رواية أخرى. وربما بعضها، بحزن شديد، يموت قبل أن يكتمل. أجدني متخما بالتفاصيل. بالأفكار. بالأحداث والأحاديث. لا أفكر في الكتابة أبدا لئلا أخلق كائنا ناقصا. أعايش شخصياتي طويلا من دون كتابة، ولا بأس من تدوين بعض الملاحظات الملحّة إن دعت الحاجة. مع خلق الشخوص، وتركها طويلا في رأسي كي تنضج، أكون قد هيأت البيئة الحاضنة للعمل، تلك المتمثلة في المكان. ولأنه لا يمكن تهيأة المكان بمعزل عن الزمان، أستحضر كل الأحداث المهمة في زمن الرواية، حتى وإن لم تظهر تلك الأحداث في العمل بشكل مباشر، لأن فهم الزمن، كما أؤمن، ينعكس تلقائيا على الجو العام ونفسيات الشخوص وتوجهاتها في الرواية. أما بالنسبة للمكان فغالبا ما أستعين بمكان أعرفه. أضيف غرفة، أزيل أخرى، أزرع شجرة، أهدم جدارا، أو أنقل بيتا بأكمله من منطقة إلى غيرها، ولكن يبقى المكان مألوفا في الغالب.




ربما تستعجلني: “حدثنا عن طقوسك أثناء الكتابة!”
سوف أفعل. أمهلني قليلا!
هذا بالنسبة إلى الشخصيات المحيطة بالشخصية المحورية وبيئتها. أما بالنسبة إلى شخصية الراوي فهي أكثر ما يتعبني، تعب ماتع، لأنني أستحيل، أثناء عزلتي تلك، إلى هذه الشخصية بكل أبعادها متخليا عن سعود تماما.
هناك بعض الممارسات، أو الطقوس إن شئت تسميتها، التي تصاحب كل عمل أحضِّر لكتابته؛ لاحظ انني أقول “أحضِّر” لكتابته، وليس عمل “بدأتُ” فعليا في كتابته. سواء تلك الأعمال التي توقفت عن المضي في كتابتها لسبب أو لآخر، أو تلك التي تمكنت من نشرها. كل عمل، بالنسبة لي، يفرض عليّ الدخول في حالة أو طقس لا يشبه الحالة في عمل آخر. على سبيل المثال، في عمل لم أتمكن من إنجازه، كان الراوي الضمني قد فقد البصر في مرحلة ما من عمره. موضوع كهذا يحتاج إلى دراية كبيرة، لا أعني الحصول على معلومات حول الموضوع، فالقراءة وزيارات مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة كفيلة بإمدادي بما أريد، ولكن هناك حالة لا يمكن تجاوزها إذا ما سلّمنا ان الراوي فاقد البصر. وأنا، سعود، أتمتع بنظر سليم، وأنا أعني الحالة الشعورية المكتسبة من المعايشة.




طقسي الأهم أثناء “التحضير” وقبل الشروع في فعل الكتابة، عدا العزلة التي تعد عاملا مشتركا في كل عمل، هو المعايشة، إذ ان كل عمل يفرض عليّ طقسا بعينه. ومعايشة ظروف كل عمل تعدُّ طقسا فريدا. في عملي ذاك كنت قد استخدمت غطاء العينين فور استيقاظي من النوم في عطلة نهاية الأسبوع، لأقضي حوالي ثمان وأربعين ساعة في ظلام قبل أن أخوض تجربة الكتابة. أغسل أسناني وأغير ملابسي وأعد طعامي وأستخدم الهاتف المحمول كفاقد للبصر. لا أزيل الغطاء عن عينيّ إلا وقت الاستحمام، وفي ذلك الوقت أكون مغمض العينين لئلا أفقد شعوري بفقدان البصر. أستعيض بحاسة الشمّ للتفريق بين “الشامبو” و”البلسم” أو “معجون الأسنان” و”جِلّ الحلاقة”. في روايتي الأولى، ولأن الراوي فيها يتحدث عن موت أمه، كان لزاما عليّ أن أقترب من الشعور بالفجيعة. زرت المقبرة أشيّع امرأة ميتة، أصلي عليها مع الجموع وأنا أتخيلها والدتي بملامحها التي أحب. أحمل نعشها مع أقربائها. موقف صعب وشعور قاس، ما كان لي أن أكتب عنه بالصورة التي ظهر عليها لولا جلوسي على ركبتيّ، أخلط الماء بالتراب، كاتما شهقاتي، أعجن الطين، أشكل كراتٍ أناولها رجلا داخل القبر يدسّها في الفراغات حول جسد الميتة قبل أن أهيل التراب على قبرها. وربما الحالة أو الطقس الأصعب هو ذلك الذي سبق كتابة رواية “ساق البامبو” قبل منتصف عام 2011، لأنني كنت أمام تحدٍ من نوع آخر. أنا لا أكتب مشهدا هنا، أو مرحلة من مراحل حياة الراوي. أنا أكتب عملا كاملا يعدُّ سيرة ذاتية يكتبها شخص لا يشترك وسعود بأي شيء على صعيد التجربة الإنسانية. أنا أمام طقس أمارسه لمدة عام كامل. طقسٌ يفرض عليّ نمط حياة جديد لا يشبه حياتي الاعتيادية في شيء عدا احتياجات الإنسان ليبقى على قيد الحياة. عزلتي كانت مضاعفة لأتخلى عن كل ما يذكرني بأنني كويتي، لأصبح، في تلك الأثناء، نصف كويتي نصف فلبيني مثل بطل الرواية الذي قضى معظم حياته في بلاد أمه الفلبين. انقطعت عن التواصل مع كل أصدقائي وأقاربي لمدة عام كامل. حتى ان أهلي الذين يشاركونني في البيت لا ألتقيهم إلا نادرا. وحده العمل الوظيفي كان حائلا دون اتمام العزلة بالشكل الذي أردت. طقسٌ كهذا يضم في جنباته طقوسا عدة. ما كان للعمل أن يظهر بصورته لولاها. السفر من أجل المعايشة. السكن في بيت تقليدي بين أشجار استوائية، يشبه بيت البطل المتخيَّل، في قرية بعيدة، بين السكان المحليين، تضج بالأصوات الجديدة، سواء في اللغة أو أصوات الطبيعة. آكل من طعام بطل روايتي. أتنفس هواءه. أنام على سريره. أرتدي شورت وقميصا بلا أكمام وأنتعل نعلا مطاطية كما يفعل الرجال مِن حولي، وأمشي في الشوارع التي يمشي بها بطل الرواية، أفتعل صلاةً في كنيسة أو معبد بوذي، متخليا عن كل شيء يربطني بهويتي. لا اتصالات ولا مكالمات هاتفية ولا قراءة صحف أو متابعة أخبار محلية عبر الانترنت. أعود إلى بلادي بروح بطل الرواية، هوزيه ميندوزا. منذ وصولي إلى مطار بلادي أشعرني غريبا.أرى بعينيه. أتعايش مع غربة خلقتها بنفسي. أتخلى عن كل القنوات التلفزيونية العربية في بيتي، مفسحاً مجالاً للقنوات الفلبينية مستعينا بقمرٍ آسيوي. رغم جهلي للغةٍ أشعرني أنتمي لها. تتكرر زياراتي إلى الفلبين كلما شعرتُ بأنني على حافة الخروج من الطقس الطويل. أجدد انتمائي. وإذا ما عجزت عن السفر لسبب ما، أجدني محيلاً غرفة المكتب، حيث أكتب في أحيان كثيرة، إلى بيئة قريبة من البيئة التي عايشتها هناك. إضاءة خافتة. ضرورة طغيان اللون الأخضر على بقية الألوان. عشرات من سيقان البامبو تنتشر في الزوايا. قرص مدمج موصول بالسمّاعات في سقف الغرفة يطلق أصواتا ليست موجودة حيث أعيش؛ نقيق ضفادع وأصوات صرصار الليل، وشاشة التلفاز أمامي تعرض برامج أجهل لغتها.. وأنا في عزلتي تلك لا أمارس عدا التأمل، سابرا أغوار عالمٍ أوشك على خوضه كتابةً بعد خوضه معايشة، حتى وإن كانت معايشة ذهنية مع شخصيات العمل وبيئته.


عزيزي عبدالله،،
أدري بك تنتظر مني إجابة حول طقوسي “أثناء” الكتابة. أدري أني لم أجب على سؤالك حتى الآن، لأن إجابتي قد تكون منقوصة. قصيرة جدا تبدأ بالنفي. لن تكون واضحة من دون المرور بالطقوس الـ “ما قبل كتابيّة” في السطور أعلاه.
إذا ما اكتملت الحالة، الخاصة في كل عمل قبل كتابته، بكل ممارساتها وطقوسها في المعايشة؛ أنا أكتب.. أكتب وحسب.
أكتب بلا طقوس..
أكتب على ورقة، أو منديل ورقي، أو على كفِّ يدي.. أكتب إلكترونيا على شاشة الكمبيوتر أو الهاتف المحمول. أكتب في غرفة المكتب.. في مقرِّ عملي الوظيفي.. في مقهى أو مطار أو بهو فندق.. أو أكتب، تسجيلا صوتيا، في هاتفي المحمول إذا ما كنت أقود سيارتي أو في مكان لا أجد فيه فرصة كتابة ورقية.. أكتب في أي مكان أو وقت دونما الحاجة إلى طقس بعينه طالما مارست طقوسي كاملة قبل الفعل الكتابي.. أكتب في عزلة حقيقة وإن كنت في أماكن عامة تضج بالناس.
والآن أقول،،
كنتَ قد لجأتَ، في جزأي كتابك، الأول والثاني “طقوس الروائيين”، إلى عنوان فرعي: أين ومتى وكيف يكتبون؟
ربما لا يشملني العنوان تماما، لأنني، أثناء الكتابة أكون.. معلَّقًا في الهواء خارج الزمن، لا أين لدي، ولا متى..
كل ما أملك هو “كيف”، وقد حدَّثتك عن كيفي في هذه السطور.
ولأن لا طقوس “أثناء” الكتابة عندي.. تأخرتُ في الرّد على رسالتك.
ولك أن تعذرني أو..




سعود السنعوسي
ديسمبر2013

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-14-2017, 06:16 AM
المشاركة 34
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مقتطفات من حوار مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ ، نشر في صيف 1992 في
مجلة (باريس ريفيو):



“ان قابلت نجيب محفوظ ستجده شخصًا محافظًا، ولكنه صريح ومباشر.يرتدي بدلة قديمة الطراز، ذات لون أزرق داكن، يغلقها حتى الزر العلوي. يدخن، ويحب أن يشرب قهوته خالية من السكر.”
  • الصحفية:متى بدأت بعملية الكتابة؟
محفوظ: بدأت عام 1929، رفضت جميع القصص التي كتبتها. سلامة موسى- محرر المجلة الجديدة- كان يقول لي :”أنت تمتلك الموهبة، ولكنك لا تتقن الكتابة، بعد”. في أيلول من عام 1939-وأذكر هذا التاريخ جيدًا لأنه كان بداية الحرب العالمية الثانية- نشرت (عبث الأقدار) كنوع من هدية مفاجئة من المحررين في (المجلة الجديدة)، كان هذا حدثًا مهمًا للغاية في حياتي.




  • الصحفية:هل تكتب وفق جدول منتظم؟
نجيب محفوظ: دائمًا ما كنت مضطرًا للعمل وفق جدول منتظم.من الثامنة صباحًا حتى الثانية ظهرًا أكون في العمل، ومن الرابعة حتى السابعة أمارس الكتابة، أما من السابعة حتى العاشرة فأقرأ. هكذا كان جدولي اليومي باستثناء يوم الجمعة. لم أحظ بالوقت الكافي لأمارس الكتابة، ومع ذلك توقفت عن الكتابة قبل ثلاث سنوات تقريبًا.




  • الصحفية:كيف تأتي بالشخوص والأفكار في حكاياتك؟
نجيب محفوظ: سوف أوضح الأمر بهذه الطريقة؛ عندما تقضي الوقت برفقة الأصدقاء، ما الذي تتحدثون عنه؟ هذه الأشياء التي تترك انطباعًا في نفسك لذلك اليوم أو الأسبوع…أنا أكتب بهذه الطريقة. الأحداث التي تحصل في البيت، المدرسة، العمل أوالشارع، هي الأساس الذي تقوم عليه الحكايات. بعض التجارب تترك أثرًا عميقًا في داخلي، مما يدفعني لتحويلها إلى رواية بدلًا من الحديث عنها في النادي أو مع الأصدقاء.
على سبيل المثال، قضية المجرم الذي قتل ثلاثة أشخاص،هنا في مصر.سأبدأ مع هذا الحدث البسيط وأفكر انطلاقًا منه بعدة خيارات لكيفية كتابة هذه القصة. قد أفكر-مثلًا- في رواية الأحداث من وجهة نظر الزوج، الزوجة، الخادم أو المجرم نفسه. وربما، سأتعاطف مع المجرم أيضًا. هذه الخيارات هي التي تجعل كل قصة مختلفة عن الأخرى.




  • الصحفية: عندما تبدأ بالكتابة، هل تسمح للكلمات بالتدفق أم تضع الملاحظات أولًا؟ وهل تفكر بالموضوع قبل البدء بالكتابة؟
نجيب محفوظ: بالنسبة للقصص القصيرة التي أكتبها، فإنها تأتي من القلب مباشرة. أما باقي الأنواع الأدبية، فتحتاج للبحث أولًا. مثلًا قبل أن أبدأ بكتابة (ثلاثية القاهرة)، أجريت بحثًا مكثفًا وأنشأت ملفًا خاصًا بكل شخصية. من دون ذلك كنت سأضيع تمامًا وأنسى شيئًا ما يتعلق بالشخصية. في بعض الأحيان، يظهر الموضوع بشكل طبيعي من خلال الأحداث في الحكاية، وأحيانًا أختار الموضوع قبل البدء بالكتابة.




  • الصحفية:كم مرة تراجع وتعيد الكتابة حتى تكتمل القصة من وجهة نظرك؟
نجيب محفوظ: أقوم بمراجعات متكررة، أحذف الكثير من الجمل، وأكتب على كافة أنحاء الورقة حتى الجزء الخلفي منها. غالبًا، أقوم بمراجعات أساسية وجذرية. وبعد أن أنتهي منها، أعيد الكتابة وأرسلها للناشر. ثم أمزق جميع المسودات القديمة وأتخلص منها.




  • الصحفية: ألا تحتفظ بأي من المسودات؟ يحتفظ الكثير من الكتاب بكل كلمة! ألا تعتقد بأنه من المثير للاهتمام دراسة أسلوب الكاتب من خلال الاطلاع على المسودات التي يتركها؟
نجيب محفوظ: قد يكون الأمر كذلك، ولكنه ببساطة ليس جزءًا من ثقافتي، لم أسمع بكاتب احتفظ بمسودات أعماله. كما أنه يجب التخلص من هذه المسودات والملاحظات الورقية حتى لا يفيض منزلي بها! الى جانب ذلك، خطي رديء جدًا.




  • الصحفية: ليس للقصة القصيرة أو الرواية جذور في تراث الأدب العربي. كيف تفسر النجاح الذي وصلت إليه في هذه الأنواع الأدبية؟
نجيب محفوظ: لقد قام الأدباء العرب باستعارة المفهوم الحديث للقصة القصيرة والرواية من الغرب، ولكنها أصبحت الآن جزءًا من الأدب الخاص بنا. وصلت إلينا الكثير من الترجمات في الأربعينيات والخمسينيات؛ وقمنا باستخدام الأسلوب الموجود فيها للكتابة.استخدمنا الأسلوب الغربي للتعبير عن القضايا والحكايات الخاصة بنا. ولكن تراثنا يتضمن أعمالًا مثل: (أيام العرب) والتي تضم العديد من القصص، من بينها، قصة (عنتر وعبلة) وقصة (قيس وليلى) وبالطبع حكاية (ألف ليلة وليلة).




  • الصحفية: ما هو الموضوع الأقرب الى قلبك والذي تهوى الكتابة عنه؟
نجيب محفوظ: الحرية. الحرية من الاستعمار، الحرية من الحكم المطلق للملكية، والحريات الأساسية في السياق الاجتماعي والأسري.هذه الأنواع من الحريات مرتبطة ببعضها ويؤدي كل منها إلى الآخر. في الثلاثية -على سبيل المثال- بعد أن قدمت الثورة الحرية السياسية، أصبحت أسرة (عبد الجواد) تطالبه بالمزيد من الحرية في السياق الاجتماعي.




  • الصحفية: ماذا عن مفهوم (البطل)؟ لا وجود للأبطال في حكاياتك أو في حكايات أي من كتاب جيلك ؟
نجيب محفوظ: هذا صحيح، لا وجود للأبطال في الحكايات التي أكتبها، فقط شخصيات متعددة. لماذا؟ لأنني أنظر الى المجتمع بعين ناقدة ولا أرى أي شيء استثنائي في الأشخاص من حولي. تأثر جيل الكتاب الذي سبقني باندلاع ثورة 1919 ، لقد شاهدوا أعمالًا بطولية، أشخاص بسطاء استطاعوا التغلب على عقبات غير اعتيادية.
قام كتاب آخرون بالكتابة عن الشخصيات البطولية، مثل توفيق الحكيم، محمد حسين هيكل، إبراهيم عبد القادر المازني. ولكن بشكل عام، جيلنا لامبالي، ومفهوم (البطل) أصبح نادر الوجود؛ لا يمكنك أن تضع بطلًا في رواية إلا إن كانت عملًا خياليًا.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-16-2017, 12:53 AM
المشاركة 35
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف تشكّل قصتك؟..ستيفن كوتش
( ترجمة : نها الرومي).


يحاط الروائيون في بداياتهم بشتى أنواع الارْتياع، وأرى من خبرتي أن الخوف الأوحد الأكثر ضراوة هو الخوف من رواية القصة نفسها. شهدت هذا الخوف يهاجم ويحطّم ثقة كتّابٍ يانعين مئة مرة، حتى -بل وأحيانا على وجه الخصوص- أصحاب المواهب الفذة.
كتابٌ يافعون، كانوا يحلقون عاليا على فكرة جديدة حين رأيتهم آخر مرة، متحمِّسين وملهَمين ومنهمكين في العمل، يأتون مكتبي مرارًا شاحبين، يوصدون الباب وراءهم، ويجلسون متسمرين للبوحِ بسرهم المصون، أن شيئا ما يُفتقد من بقجة موهبتهم الأدبية: لم يقدروا على صنع قصة. مجرد الكلمة “قصة” تشلّهم كما تشلّ مصابيح السيارة العلوية الغزال، الكلمة المهيبة أحادية المقطع في الانجليزية Plot /الحبكة، تؤثر فيهم كما يفعل الكريپتونايت، ما إن يلمحوها حتى يتقهقروا عاجزين.


بدا اعترافهم مغلفًا بالخزي، أكانوا يخدعون أنفسهم؟ روائي لا يقدر على ابتداع رواية إنما هو أضحوكة، كسبّاحٍ لا يعرف الغطس، أو موسيقي لا يستطيع مواكبة لحن.
وأكاد أجزم أنني أحيانا أخرى ألمح التماعة إباء في أعينهم، ما الضير إن كانوا يواجهون صعوبة في الحبكة؟ ألا تحمل رواية القصص طابعًا دونيّا على أية حال؟ أليس للنثر ذي الحبكة المسيّرة سمعة -لنقل- دعائية؟ لربما كان ذلك القصور في رواية القصة دليلٌ على حسن ذائقتهم. وفي نهاية المطاف، ألم يصف هنري جيمس شخصيا الحبكات بالابتذال؟ قد لا يهمهم حقًّا تحويل مشروعهم إلى رواية.




كنت في سنوات تدريسي الأولى، وبعدما شهدت تكرر هذا الخوف المدمِّر وتسويغه قرابة خمسين أو ستين مرة، أدركت أن الأمر لا يتعلق بخللٍ افتراضي في كل هؤلاء الموهوبين الشبان، بقدر ما يتعلق بمشكلة مشتركة أكبر، معضلة محيرة في الفن بحد ذاته.
هنا، حيث منظومة من مختلف الروائيين اليافعين، الموهوبين، يحزنون لنفس المصاب. لم أستطع أن أصدق أن جميعهم يعانون من عجزٍ فطريٍّ كرواة، رغم أنهم ما انفكوا يرددون: “لا أقدر على الحبكة”، فلم يكن ذلك إلا نبوءة ذاتية التحقّق.
إلا أن الأمور كانت تسير على نحو سيء، فظلوا يطوفون حول موقف ما، أو شخصية، أو صورة، أو هاجس لاح لهم بقصة، لكنهم لم يستطيعوا الشروع فيها قدما مهما حاولوا. كان دخانا، كلما طالوه اختفى، حتى شتتهم.
أغلب أولئك الناشئين، يعتقدون أنَّ الروائيين الحقيقيين -القلة السعيدة- يؤلفون القصص بطريقة سحرية تستعصي على البشر ضعاف الشأن أمثالهم، وأن القصص توحى “للروائيين الحقيقين” -تلك النخبة الغامضة- كاملة ومثالية وبليغة من وهلة الإلهام الاولى فصاعدًا.




ما عليهم إلا أن يتمنوا قصة، وستطير بهم هبتهم “الحقيقية” على أجنحة البصيرة الأسطورية نحو رواية بديعة. لا ينتهي بهم الأمر أبدا في مكتب ما، قابضين على كومة من الورق دون قصة، وفوضى لا تثبت سوى انهم ليسوا روائيين “حقيقيين” على الإطلاق.
أحسَّ طلابي بالخيانة، كادوا يكونون “حقيقيين”، قريبين بلا جدوى، بكيفية ما، سقطت تلك الهبة المصيرية سهوًا من تكوينهم الجيني، افتقروا الى أحوج ما يحتاجون.
ودائما ما لا يكون هذا إلا هترًا، لم يعاني هؤلاء الكتّاب من أي دغل في موهبتهم، ولم يعانوا حتى من غياب القصة، بل من الحضور المغيظ والمُجن لقصة عجزوا عن إمساكها في قبضتهم. إنهم يعذّبون بدنوّ رواية لم يستطيعوا صياغتها او تعريفها إلا في أكثر الأشكال إبهامًا. إن يكادوا ليملكوا قصة غير متاحة لهم، حتى اللحظة.
لقد بدأوا بداية جيدة، استثار خيالهم موقف أو شخصية أو مكان ما، أحسو أنه قد يحمل في ثناياه قصة، وانهمكوا فيه. وأخذت الأشياء الجيِّدة في الحدوث، ظهرت شخصيات وتجمعت صفحات، وكان النثر مثيرا للإعجاب حقًا، لحظات قوية، وسطور متينة، ولا شيء يذكر من قصة بعد.




بدأ عمل كل يوم ببعض من قصة، وانتهى كئيبًا دون زيادة تذكر. وبمُضي عددٍ كافٍ من أيام كهذه، يبدأ الإلهام بالتداعي ثم يختلج ليصير خوفًا. يخبرون أصدقاءهم أنهم يكتبون شيئًا، ويسألهم أصدقاؤهم عما يكتبون، ولم يعرفوا تمامًا ما يقولون: “إنها قصة عن.. عن..”، ويتلعثمون. يتصاعد عذر واهٍ الى شفاههم. يحدِّقون في وجوه حائرة. كان مخزيًا، لم يستطيعوا حتى ان يأتوا بسطر عنها. كان يقودهم للجنون، ويُلبس إلهامهم القيّم حُلّة الهُراء.
هلع القصة، قنوط القصة! الذي دفعهم لزيارتي. في الفصل الأول اوضحنا ان الاصل اللاتيني لكلمة Invent ( أي: يستحدث / يخترع)، هو Discover أي: يكتشف. الكُتاب لا يختلقون القصص، بل يجدونها، يكشفونها، يكتشفونها. يجدونها أحيانا في العالم الواقعي، وأحيانا أخرى في غوْر خيالاتهم. وفي كلتا الحالتين يؤلفون القصص بإيجادها، والعكس صحيح، يجدون تلك القصص ذاتها بتأليفها، ما الذي يأتي أولا؟ هنا مكمن الحيرة، التأثير المتبادل بين اختلاق القصة والتنقيب عنها. ولن يفرق خيالك دومًا بينهما.




أخفق زائرو مكتبي في استيعاب ذلك أو تذكّره، قد نسوا في ذعرهم أن صناعة القصة هي تحرًّ، وعوَضا عن ذلك حاولوا صناعتها من السراب. ولم يجدوا في السراب قصة تنتظرهم؛ وحيث أنهم لم يبحثوا في المكان الصحيح، كان من الطبيعي أن لا يجدوا شيئا مطلقًا.
البحث عن قصة مسألة مسايرة تمهيدية متأنية وهادئة وحذرة، لمجموعة من العناصر: شخصيات أو أماكن أو مشاهد أو آمال أو مخاوف، احتمالات الدراما الخفية المخبأة في طيات ما نعرف. ما إن يُحفَّز خيالك، حتى تعرف أو تشعر بحضور تلك العناصر التي تتكتّل حول ما تعرفه حدسيّا بطريقة مستترة وخرساء ساكتة. تحتاج كل واحدة أن تخرج وتصاغ بروية وعناية.




إنها مسيرة استكشافية وقلّما تحدُث بسرعة وسهولة. وغالبا ما تكون المرحلة الأبطأ والأطول والأدق في عملية الكتابة كلها. لم يعرف طلابي الوجلون حتى مرحلة متأخرة، أن الكُتّاب “الحقيقيين” على الأرجح ما زالوا ينقّبون عن العناصر الأساسية في قصة مراوغة ومبهمة. يضيفون لمسات حاسمة وحتى تغييرات جذرية في لحظات العمل الأخيرة. يواجه الفُصَحاء صعوبة بالغة في تحمل عجزهم عن التعبير أمام ما يثيرهم. والجالسون في مكتبي فصحاء مُخرسون أمام قصة لم يتمكنوا من صياغتها، بعد؛ لكنهم لم يعلموا أن سرد الرواية -كل الرواية- يبدأ تحديدًا من هذام الوجوم.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-16-2017, 01:21 AM
المشاركة 36
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تشانغ راي لي: كيف أكتب؟
(ترجمة : ميادة خليل)




• أعرف بأنك درست في أكاديمية اكستر. حدثني عن تجربتك هناك.
الكتابة وجه لوجه، اكستر كانت المكان الذي ذهبت اليه حباً في الكتابة. لست متأكداً من أن هذا حدث في دراستي الثانوية. اكستر تروج للكتّاب ونحن دائماً لدينا مجموعة منهم: غور فيدال، جورج بليمبتون، جون ايرفينغ. قرأنا جميع أعمال جيمس أجي لعام دراسي. إنه مكان لتبجيل الكتب والكتّاب. كنت دائماً قارئا نهما، لكن هناك بدأت التركيز على الكتابة.




• كانت هناك لحظة اختراق بالنسبة لك، عندما شعرت للمرة الأولى بأنك كتبت شيئا ترغب في نشره؟
بعد التخرج من الجامعة كنت أعيش في نيويورك وكتبت بشراسة، رواية ضخمة كنت أعرف بأنها فاشلة. تمنيت أن ينجح الكتاب، لكن حتى أكون صادقاً أعتقد أني كنت أعرف بأن الكتاب لن ينجح أبداً، حتى عندما انتهيت من كتابته. عرفت أنه كان معيباً للغاية. مجرد أن الكتاب لم يكن جيداً بشكل كافٍ. عندما التحقت بالدراسة الجامعية بعد ذلك بوقت قصير أتذكر أني كتبت الفصل الأول من روايتي الأولى، ” Native Speaker” في ورشة كتابة. بعد كتابتها، وحتى قبل أن يقول لي أي شخص أي شيء، شعرت بأنني استفدت من شيء أساسي، شيء درسته لفترة طويلة ولم أعِ ذلك. لم أعرف هل ما كتبته جيد أم سيء، لكني كنت أعرف بأنه كان حقيقياً. هل هذا يعقل؟...يمكن أن يكون مجرد نوع من الشعور الغريزي بأن هناك حقيقة تحدث هناك. ليس “حقيقة” بشعور واقعي، لكن شيء عاطفي حقيقي.




• كنت تُدرس الكتابة الإبداعية في جامعة برينستون. أخبرنا عن نهجك في تعليم الكتابة. هل لديك درس مفضل لطلابك؟
نهجي الأساسي هو إجبار الطلاب على قراءة حقيقية جداً، جداً، جداً لنصوصنا، القصص القصيرة التي أحددها لهم، وحتى أعمال زملاؤهم. لا أُفضل استخدام واجب إجباري للكتابة، أو تدريبات. أعتقد أيضاً أن أغلب الناس يكتبون بشكل مريح بهذه الطريقة، لكن لا تذهب الى كتابة رواية تتألف من تدريبات كتابة قصيرة. يمكنهم تحديد الأفكار وتحفيز شكل معين، لكن المهارة ليست في أن تبدأ، ولكن في أن تستمر. تحتاج في الحقيقة الى فهم وشعور كبير لكيفية توظيف أسلوبك أو سردك الخاص. أعتبر ورشة الكتابة التي أُدرس فيها على أنها صف قراءة ودي. نتوقف عادة، لنتحدث عن بداية قصة قصيرة، وأحياناً يقضي الدرس كله في الحديث عن المقطعيين الأوليين فقط .. أعتقد بأنني ساعدت الطلاب على التوغل في خيارات الكاتب. ليس لمعرفة ما كان يقصد، ولكن لمعرفة كافة الأحتمالات. معرفة وتجربة هذه الأحتمالات قد تساعدهم لاحقاً في كتابة قصصهم.




• صف لنا روتينك الصباحي، في يوم تريد أن تكتب فيه.
أستيقظ مبكراً، حوالي الساعة 6:30. أحضّر الفطور للأولاد. أضع قهوتي. وهذا مهم جداً. كوب واحد فقط. أتناول فطوري، أوصل الأولاد الى المدرسة. ربما أغيّر ملابسي، وأرتدي ملابس الكاتب اليومية … زوج من السراويل المريحة للكتابة. لدي الكثير من السراويل للكتابة. لا أحب ارتداء الملابس “التضييقية” … لو كان بإمكاني استخدام هذه الكلمة. قد يكون سروال رياضة، أو بيجامة، نوع صوفي… الأمر يتغير.




• لكن لا تكتب وأنت ترتدي جينز أزرق.
لا، لا أكتب وأنا أرتدي جينز أزرق. لا أكتب وأنا أرتدي البدلة. ربما في الصيف أكتب وأنا أرتدي سروال قصير. ثم أجلس الى مكتبي حوالي الساعة 7:30 أو شيء من هذا القبيل، وأكتب حتى وقت الغداء. ثم آخذ قسطاً من الراحة، أو أمارس الرياضة لساعة. ثم أعود الى الكتابة لبضع ساعات أخرى، حوالي ثلاث الى ثلاث ساعات ونصف.




• هل هناك أي شيء مميز حول مكان الكتابة أو روتينك للكتابة، الى جانب السراويل الكتابية التضييقية؟
نموذجي جداً. أكتب على الكمبيوتر. أثناء الاستراحة أصنع لنفسي الشاي أخضر. لا أرغب في تناول شيء يحتوي على الكثير من الكافيين. لاأثق بالزيادة الكيميائية لكتاباتي. أشياء بسيطة. ولكن لا شيء مجنون.




• إذا كان يمكنك أن تعيد شخص متوفى الى الحياة، من سيكون ولماذا؟
سيكون والدتي بكل تأكيد. توفيت أمي في 1991، عندما كان عمري 25 سنة. في ذلك الوقت كنت أعمل على روايتي الأولى الفاشلة التي تحدثت لك عنها. لذا، هي ماتت وهي تعرف بأنني أحاول أن أكون كاتباً، لكنها لم ترَ نجاحي في ذلك. وكانت قلقة بشأن هذا الأمر. وعن قصدي هنا، أحب أن أراها مرة ثانية، لأنها ماتت وهي شابة نسبياً، لكن أعتقد أنها تحب أن ترى أنني استمريت بمهنة الكتابة.




• ماذا تحب أن يكتب على قبرك؟
ربما ” بحثت دائماً عن الجمال”.



https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-16-2017, 01:27 AM
المشاركة 37
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف تحوّل الحياة الواقعية إلى رواية؟ ...سوزان بريين
(ترجمة : موسى بهمن)



يضحك الناس دائماً عندما أخبرهم عن فكرة روايتي الخيالية، والتي تدور أحداثها حول امرأة تجاهد في سبيل علاج علاقتها الصعبة مع أمها. وكانت هذه المرأة تعطي دروساً في الروايات الخيالية لمجموعةٍ متنوعة الفئات في مانهاتن. ما المضحك في هذا؟

حسناً، كنت أعاني بسبب علاقتي المتوترة بأمي، أعطي دروساً في الروايات الخيالية لمجموعة من الكتّاب في مانهاتن. وكما هو واضح فأنا كنت اقتبس الرواية من حياتي الشخصية. التي قد تبدو مفبركة بعض الشيء. كم ستكون صعبة هي الكتابة عن مواقف مررت بها فعلاً؟ أليس هذا ضرب من اللامبالاة؟


ما تبين لي، من خلال ذلك، هو أن اقتباسك لقصص أناس تعرفهم قد يكون خادعاً بعض الشيء. لكن المشكلة الحقيقية هي أن الناس لا يميلون إلى معايشة الحياة السردية. فمعظمنا يكرر الأفعال نفسها يومياً باختلاف بسيط بين يوم وآخر، كما نخضع لخيارات متعددة ونواجه لحظات مثيرة، وهذه اللحظات لا تأتي دائماً في مكانها الحقيقي ضمن الرواية الجيدة. هذه أكثر مسألة شغلتني عند كتابتي عن أمي وعلاقتنا المتوترة، وتقدّم هذا التوتر لسنوات وسنوات حتى لم تعد هناك لحظات مثيرة في سوء تفاهمنا. لم أصفع رأسي وأقول: “آها! الآن فهمت.” بدلاً من ذلك، ومع مرور الوقت، تحسّنت علاقتنا شيئاً فشيئاً. هكذا هي الحياة، لكن كيف يمكنك أن تستخرج قصة من هذا؟


دعوني أطلعكم على القليل. كنا أنا وأمي على وفاق تام، لكنها عندما مرضت أصبحت بحاجة لرعاية صحية على مدار الساعة وكان من مصلحتها أن أقوم بنقلها إلى دار الرعاية. هذه الخطوة جعلت والدتي تشعر بالغضب وأنا شعرت بالذنب ونتيجة ذلك كان هناك الكثير من التوتر. كل زيارة لها كانت بمثابة تعذيب. لكن ذلك كله تغيَر، ًبشكل غير متوقع، عندما حصلت على وظيفة تدريس في ورشة عمل للكتاب.


كنت أعطي درساً واحداً في الأسبوع، ولكنني كنت أحب هذا الدرس وأحبت والدتي السماع عنه، وبشكل غير متوقع، عمَّ السلام بيننا من خلال مناقشات مختلفة حول الخيال والكتابة والأحلام. بعد وفاة والدتي، كنت مفطورة القلب، لكنني شعرت أيضاً بالمباركة التي منحتها لي عندما أتاحت لي فرصة ثانية كي نكون صديقتان.
أردت أن أسرد قصتنا، كوسيلة لإبقاء والدتي على قيد الحياة، حتى وإن اقتصرت هذه الحياة على الورق، ولأنني كنت مُستَهلَكة من قِبل هذه التجربة برمّتها. شعرت بأن عليّ أن أقول شيئاً، وأنا على يقين من أن الرواية ستتدفق مني على نحو جيد – كيف لا وأنا بهكذا حماس؟ – جاءني العنوان فورًا: الأمُّ التي لي (The Mother of Mine).


كتبت خمسين صفحة في أسبوع. وبعد ذلك وصلت الى النهاية. ولم يكن هناك ما يقال أكثر. كانت لدي بعض المشاهد الجيدة، ولكن لم يكن هناك أي محرّك لهذه القصة، قراءتها كانت تشبه قراءة اليوميات كثيرًا. إنها من النوع الممل. فيها كثير من المبالغة، ابتعدتُ عنها لفترة. لكن بعد ذلك، وجدت نفسي أعيد بناء الشخصية الرئيسية، التي كانت بطبيعة الحال، تشبهني إلى حد كبير..


في النسخة الأولى من الرواية؛ باتسي: “نعم، كان ذلك فعلاً أخرقاً بعض الشيء، لكن هذا ما أسميتها به” عمرها 46 سنة، متزوجة، ولديها أربعة أطفال. بصراحة، لم أوليها الكثير من التفكير، اعتقدتُ بأنني لست بحاجة للقيام بأي ملفات شخصية لأنني كنت أعرف ما هي ردة الفعل التي سأقوم بها في كل وضع مختلف. لم أكن بحاجة للتفكير في شيء، أليس كذلك؟ لكن الآن وجدت نفسي مصابة بالإحباط بسبب القيود المفروضة على الكتابة عن نفسي وكنت أرغب في التقدم أكثر من ذلك. بعد ذلك برزت فكرة غريبة في رأسي. ماذا لو كانت الشخصية الرئيسية تحمل اسماً لا يشبه اسمي بتاتاً، اسم مختلف جداً عن باتسي، أو سوزان، هذا قد يغير طريقتي في النظر لها. ماذا لو كانت تحمل اسماً غير مناسب تماماً؟ اسم مثل، أرابيلا.


لطالما أحببت روايات جورجيت هاير وكانت رواية أرابيلا هي المفضلة بالنسبة لي، لكنني كنت أرى كيف يصيب الإحباط من تلقبّها والدتها باسم كهذا. خاصة إذا كانت الشخصية شديدة الحساسية. قد يكون شيئاً محرجاً أن تلقّب بـ أرابيلا خاصة إذا لم تكن تعيش حياة رومانسية. ثم فكرت؛ كيف يمكن لأم أن تسمّي ابنتها اسم كـ أرابيلا قد يوحي بعدة معاني، وقد يكون من الصعب على ابنتها العيش بهكذا اسم أيضاً. لكن مجرد تغيير بسيط في التفاصيل ساعدني في الحصول على بعض المسافة بيني وبين الشخصية، ومنذ أن حظيت بتلك المسافة، كان بإمكاني البدء في رؤية احتمالات أخرى ومؤثرة كثيراً.


ماذا لو لم تكن أرابيلا متزوجة وأم لأربعة أطفال، وكانت عزباء وأصغر سناً؟ ماذا لو أنها كانت وحيدة بلا أخوة؟ في الحياة الحقيقية، لدي شقيق يهتم بي، ولكن من خلال إخراجه من القصة، سلبتُ من أرابيلا بر الأمان، حيث يجب عليها الاعتماد على نفسها. إذا ما ساءت معها الأمور. وبعد ذلك، لو كانت عزباء، فهذا سيفتح لها آفاق من الاختيارات. لديَّ الآن حبكة واقعية بخيارات عديدة ولا تشابه واقعي فعلاً. أصبحت عندي الآن شخصية تشبهني بما يكفي لأستشعر إحساساتها بشكل جيد، ومختلفة عن حقيقتي بشكل كافٍ.


والآن، بعد أن حققت بعض النجاح في شخصية أرابيلا، بدأت أنظر إلى الأم. ماذا لو أنها لم تكن تماماً مثل والدتي. كيف سأحافظ على أطباعها التي أرغب في المحافظة عليها، مثل شجاعتها، مشاكساتها، روحها المرحة. ولكن هل ستكون هذه الصفات مؤثرة في الرواية؟ في واقع الحياة، أمي تحب القراءة، لكنها ليست مهتمة في كتابة القصص. بينما هذه الأم الخيالية قد ترغب في كتابة شيء ما، خاصة إذا كانت حياتها تفتقد للسرية وكانت تتصارع لفهم حياتها كاملة. والدتي الحقيقية لم تذهب قط إلى عرّاف؛ لم تتَح لها الفرصة التي أتيحت لأمي الخيالية في المكسيك، لكنه كان حقيقياً بالنسبة لي، كان هذا تخمين لأشياء قد فعلتها -أمي الحقيقية- فعلاً.


أما أكثر الأفكار براعة وجدتها عندما بدأت في التفكير حول صف الكتابة الذي تقوم أرابيلا بتدريسه. في البداية كنت أتوقع أن صفّها سيأخذ نفس المجرى الذي سلكه صفّي، حيث أنني على وفاق مع الجميع. لكنني بدأت بالتساؤل، ماذا سيحدث لو كانت هناك خلافات بين أرابيلا وصفّها. ربما لم يكن طلبتها متواضعون مثل طلبتي، لذا يتحتّم عليها أن تعاني معهم، ويجب عليها من خلال هذه المعاناة أن تقوم باكتشاف نفسها. على سبيل المثال، غالباً ما تكون هناك طالبة في الصف تعتقد أنها تعرف أكثر من الذي أعرفه أنا (وقد تكون على حق). ولكن ماذا لو جعلتُ هذه الطالبة عدوانية، واحتدم النقاش بينهما في أحد الدروس. كيف ستتصرف أرابيلا إزاء ذلك؟ في جعل شخصيات الطلاب أكثر تطرفاً، أكون قد أعطيت أرابيلا جرعة تتطور من خلالها.


ميزة الكتابة عما تعرفه تكمن في أنك تكتب حول أشياء تشعر بها بشدّة، وعيبها هو أنك تتعمّق في الموضوع لدرجة تشعر معها بالرتابة والسطحية. بواسطة اللعب بصفات الشخصيات الحقيقية التي تعرفها، يمكنك بعث حياة جديدة في شخصيات روايتك، وأخذ قصتّك لأماكن غير متوقَّعة.

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-16-2017, 07:33 PM
المشاركة 38
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأستاذة صبا حبوش

يتسع الموضوع يوما عن يوم، وكلما اتسع ازدادت مقاربة كتابة القصّة وضوحا، وتلاقحت الرؤى وتكاملت ممهدة لرؤية كبيرة لمن أراد دراسة قيّمة عن العمل الرؤائي و كيفية إبداعه.

أحيي فيك هذا النشاط

قديم 06-19-2017, 12:12 AM
المشاركة 39
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أشكر متابعتك أستاذ ياسر ..
أرجو أن يعود الموضوع بالفائدة على جميع من يمر به..

https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..
قديم 06-19-2017, 12:33 AM
المشاركة 40
صبا حبوش
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كيف تكون كاتباً؟.. ريبيكا سولنت
( ترجمة : علي الضويلع )



1-اكتب: لا عوض عن ذلك، اكتب عما أنت شغوف بالكتابة عنه أكثر، لا أقصد كتابة التدوينات، ولا المواضيع في منتديات على الإنترنت، ولا التغريدات أو كل ما له علاقة بتلك الفقاعة القابلة للتصريف والتي هيأتها لنا الحياة الحديثة. لكن، ابدأ صغيرًا اكتب جملة جيدة، ثم فقرة جيدة، ولا تحلم أول الأمر بكتابة تلك الرواية الأمريكية العظيمة، ولا تفكر بما سترتدي في حفل تكريمك ككاتب، لأن هذا ليس ما تعنيه الكتابة وليست هذه الطريقة في مسألة كيفية الوصول من هنا إلى هناك. الطريق كله مصنوع بالكامل من الكلمات. اكتب كثيراً. ربما في البداية ستكون مثل طفل يتعلم للتو أول خطواته –ستكون مُحبطاً في هذين العامين الفظيعين بشكل جزئي لأنك ترى أنك أذكى من مهاراتك الحركية أو اللفظية، وتريد أن تلون الصورة، أن تطلب لعبة كطفل، وتتلعثم، كلامك مفكك ولا أحد سيفهمك، لكن تلك لن تكون المرة الأخيرة التي يحرز فيها الفتى التقدم أو مزيدًا من التعقيد والمهارة، هذا هو الجهد وهذه هي الممارسة. اكتب أشياء سيئة لأن الدرب للكتابة الجيدة يصنع من كلماتٍ ليس بالضرورة أن تكون جميعها كلمات مرتبة جيدًا.


2-
تذكر أن الكتابة لا تعني الطباعة: إنها تعني التفكير، البحث، التبصُّر، التحديد، التوليف في عقلك وفي مسوداتك، ثم قد تكون نوعاً من الطباعة، ومع المراجعات المستمرة، والمزيد من المراجعات، الحذف، التنقيح، الإضافة، الاستبطان، ترك ما تكتب جانباً ثم العودة إليه من جديد، لأن الكاتب الجيد محرر جيد دائمًا لعمله الذاتي. الطباعة هي النقلة الصغيرة التي تأتي في الوسط بين عمليتين عظيمتين. هناك شئ اسمه مراجعة زائدة عن الحد-لقد رأيت أشياء مدهشة في المراجعة السابعة عشرة جرى الاستغناء عنها في المراجعة الثالثة والعشرين- لا شيء يولد كاملاً. حسنًا، بعض الأمور تقريبًا تكون كذلك، لكنها غرائبية. وقد تتحصل على تلك القطع المثالية الساحرة إذا كنت تكتب كثيرًا، متضمنًا ذلك كل الأشياء التي ليست سحرًا يتوجب حذفه، إعادة التفكير به، مراجعته، فحص الحقائق، وأخيراً نص جاهز.


3-
اقرأ. ولا تقرأ: اقرأ كتابات جيدة، ولا تعش في الحاضر. عش في عمق التاريخ، مع لغات من القرآن أو التراث السحري الويلزي؛ أو الأم غوز أو ديكنز أو ديكنسون أو بالدوين أو أي شيء يتحدث إليك بعمق. الأدب ليس مرحلة الثانوية العامة وليس ضروريًا فيه أن تعرف ماذا يرتدي كل من حولك، وفيما يتعلق بالتأنق، وأن تتأثر بالناس الذين يُنشر لهم حاليًا في هذه اللحظة بحيث يجعلك تأثرك مجرد شبيه بهم، وهو غالبًا ليس قرارًا جيدًا على المدى الطويل لتكون نفسك أو لتصنع أثرًا له معنى. في أي نقطة في التاريخ هنالك موجة عظيمة من الكُتاب يشتركون بالنبرة ذاتها، يندفعون كموجة إلى الأمام، ويندفعون من الوراء، وتبقى نجمة البحر والقواقع الغريبة تبقى وراءهم. ألق نظرة على قوائم أفضل الكتب مبيعًا لأبريل 1935م أو أغسطس 1978م إذا لم تصدقني. الأصالة أمر يتكون من حصولك على تأثيرك الخاص: إقرأ السير الذاتية العظيمة أو العهود الدينية القديمة، اعثر على استعاراتك من حيث لا أحد ينظر، لا تنتمِ. أو انتمِ لعالم ليس هو عالمنا هذا تمامًا، عالمٍ ترسل منه رسائلك. تخيل هيرمان ميلفل في ورشته عام 1849م وأقرانه يقولون له إن عليه استبعاد كل تلك المعلومات والاستطرادات وإن كتابه عن الحوت ممل والسبب أنه يستغرق الوقت الطويل للوصول إلى النقطة التي يريدها. وفي الحقيقة كان كتابه فشلًا ذريعًا في حينها. لذا اقرأ كل شيء كان قد نشره هنري ديفيد ثورو، وما كتبت إيميلي ديكنسون مع أنها نشرت القليل فقط من القصائد في حياتها رغم أنها كتبت الآلاف منها.


4-
اصغ ولا تصغ: رجع الصدى مفيد، سواءٌ من المحرر، أم من الناشر، أو من القراء، أومن الأصدقاء أو من الزملاء، لكن هنالك أوقات تعرف حينها تمامًا ماذا يجب أن تفعل ولماذا، فالرضوخ لهم يعني أن تخرج عن تناغمك مع ذاتك. اسمع صوتك الخاص وتذكر أنك تمضي إلى الأمام بأخطائك وعثراتك وقصورك بكل الطموح أيضًا. أصغِ لما يجعل شعر رأسك يقف لنهايته، ولما يذيب قلبك، وما يجعل عينيك تتسعان، لما يوقفك وأنت في مسارك ويجعلك تختار أن تعيش، من أي جهة جاءك، وارجُ أن تترك كتاباتك هذا الأثر نفسه مع الآخرين. اكتب للناس الآخرين، لكن لا تسمع لهم كثيرًا.


5- اعثر على صوتك الداخلي: إن مسألة الموهبة مبالغ في تقديرها، وهي تتعارض عادة مع الأسلوب اللطيف. الشغف، والصوت الداخلي، والرؤية، والتفرغ كلها أشياء نادرة، وستأخذك لتجاوز النقاط القاسية في أسلوبك وذلك عندما لا يمنحك أسلوبك سببًا للاستيقاظ في الصباح والبدء في التحديق في المخطوطة لليوم المئة على التوالي أو حتى تعطيك موضوعًا مفترضًا للكتابة عنه. إن لم تكن شغوفاً بشأن الكتابة وبشأن العالم وبالأشياء التي تكتب عنها، إذاً لماذا تكتب؟ يبدأ الشغف بالأصل قبل أن تبدأ بالكلمات. نحن نريد أن نقرأ لأناس حكماء، عميقي التفكير، جامحين، لطفاء، ملتزمين، متنورين، نابهين؛ يجب أن تكون مثل هؤلاء الأشخاص. لطالما كنت في صف الدفاع عن الأسلوب دومًا، لكن فقط فيما يخدم رؤيتي.


6- الوقت: تحتاج لبعض الوقت. ذلك يعني أنك تحتاج لإيجاد الوقت. لا تكن اجتماعيًا جدًا. عش أقل مع الآخرين وحافظ على عدد علاقات متواضع (الأشخاص الذين يتمتعون بالثقة والأسباب الأخرى الداعية للراحة: أنا لا أتحدث إليكم، مع أن المال كثيرًا، وكثيرًا ما يسهل الأشياء، وغالبًا، يصعب إيجاد النداء الداخلي والشغف). أنت غالبًا تحتاج للقيام بأمر آخر من أجل العيش في الخارج أو على الدوام، لكن لا تطور عادات صرف أو هوايات استهلاكية. أعرف نادلة ظنت أن قدرها يمنعها من استمرار العمل على رسوماتها ولكن الاختبار كان: لو استمرت أن تكون الشخص الذي يذهب لتناول البوريتو بدلًا من طلب أنواع النبيذ الغالي في المطعم لكان لديها يوم إضافي مجاني في الأسبوع للعمل على فنها.


7- الحقائق:
تأكد منها دائمًا. معلومة خاطئة بشأن نحلة طنّانة في قصيدة أمر مزعج بما يكفي. إن عدم الدقة في الكتب غير القصصية والرواية هو خطيئة جوهرية. لن يثق أحد بك إذا جانبت الصواب في الحقائق، وإذا كنت تكتب عن أحياء أو أحياء رحلوا منذ وقت قريب أو سياسيين فيجب عليك ألا تحرف بشكل مطلق. (اسأل نفسك: هل يعجبني أن يكذب الناس بشأني؟) أيًا كان الشيء الذي تكتب عنه، عليك الالتزام لتحقيق الصواب فيه، من أجل الأشخاص الذين تكتب عنهم، من أجل القراء، من أجل التوثيق. هذا سبب إخباري للتلاميذ أن امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ليس له علاقة بالقرارات التي اتخذت بشأن غزوه. إن أردت الكتابة عن زوج أم قام بأشياء لم يفعلها زوج أمك، أو كررت حوارات لا تتذكر تفاصيلها، فاحرص على وسم ما تكتبه بدقة. تعمل القصص والروايات وفق قواعد مختلفة لكنها تشتمل على حقائق أيضًا، ومصداقيتك تتكئ على دقتها. (إن أردت اختلاق الحقائق، مثل أن إيميلي برونتي كانت بطول تسع أقدام وتستخدم أدوات كان يتورع عن ذكرها أصحاب العصر الفكتوري بدافع التأدب، تذكر أن تجلب معلومات حقيقة عن إسكافيها وعن نوع القبعات الذي كان كان يُرتدى في ذلك الزمن، واكتب أنها ترتدي قطعة حجر نفيس على نحرها يتدلى من على بعد سبع أقدام ونصف عن الأرض تحتها).


8- البهجة:
تواجه الكتابة أعمق مخاوفك وكل فشلك، بما في ذلك مدى صعوبة أن تكتب لوقت طويل ومسألة قدر بغضك للشيء الذي كتبته للتو وأن تكون ذلك الشخص الذي ارتكب تلك الجمل الخاطئة (كتاب كُثر، يا إلهي، أعرف أني منهم، يقلقون بشأن الموت قبل القيام بمراجعة النسخة السيئة جدًا، ذلك من أجل ألا تعرف الأجيال الجديدة كم كانت كتاباتٍ مروعة). عندما تكون المسألة مقرفة جدًا، توقف، انظر عبر النافذة (لابد دومًا أن تكون هناك نافذة) وقُل: أنا أقوم بالضبط بما تمنيت القيام به. أنا أقضي الوقت مع اللغة الإنجليزية (أو اللغة الإسبانية أو الكورية). أستطيع استخدام كلمة فيروز أو ذوبان أو نجم متوهج الآن لو أردت. أتفق مع شيللي، الذي يقول إن الشعراء هم مشرعون غير معترف بهم لهذا الكون، وأنا لا أبيع أشياء لا فائدة لها إلى كبار سن وحيدين ولا أقوم بافتعال الضرر تجاه الإنسانية. أوجد اللذة والبهجة. ربما عليك حتى صنع قوائم لما يبهجك من أجل حالات الطوارئ. عندما يفشل كل شيء، اسمع أنشودة “اسرق فرحي”؛ غن برتابة “لن أدع أحداً يسرق مني البهجة”. لا أحد، حتى ذاتك. لكن الأمر ليس متعلقًا بالبهجة فقط، إنه عن العمل، ويجب أن يكون هناك نوع من البهجة في العمل، نوع من بين الأنواع الكثيرة، بما في ذلك بهجة الحقائق الصعبة المنطوقة بصدق. لا يقول النجارون إننا لا نشعراليوم برغبة في القيام بما نقوم به، هكذا، أو إننا لا نهتم للدرج وفيما لو وقع الناس منه؛ كيف تشعر هو شيء لا يمكنك أخذه على محمل الجد جدًا في طريقتك بالقيام بشيء ما، والقيام بشيء ما له معنى يتعلق بألا تكون عالقًا في شعورك. هذا هو، هنالك نوع من سبر الأغوار المتمرغ والعالق، وهنالك نوع ينتقل إلى ما بعد المكان إلى المكان الذي هو الداخل الأعمق حيث الظواهر الكونية تتحدث إلى بعضها البعض. لقد كتبت أشياء في خضم المعاناة البشعة، على الرغم من أن الأمر كان صعبًا، لكن مع ذلك، الصعب ليس مستحيلًا، وأنا لم ألتزم بآمال قد تكون سهلة.


9- ما ندعوه نجاحًا هو شيء لطيف ويأتي مع تبعات نافعة، لكن النجاح ليس الحب
،
أو على الأقل في أحسن حالاته نتيجة لحب العمل وليس حبك أنت، لذلك لا تخلط الأمرين. تهذيب الحب من أجل الآخرين وربما استقبال بعضه لنفسك هو أمر آخر مهم. عملية صنع الفن هي عملية أن تكون إنسانًا بالوكالة، بتفكير مستقل، منتج للمعنى عن أن يكون مستهلكًا للمعاني التي قد تحملها روحك، قدرك، وإنسانيتك، وهكذا لا يوجد أي نوع من النجاح في أن تكون الضمير الذي يؤخذ بالحسبان وهذا يعتمد عليك أنت ولا أحد سواك وهو في متناول يديك.


10- الأمر برمته يتعلق بك: لكن إذا كنت تعرف أنك تعرف كل شيء آخر، مع ذلك فأنت ما تزال بحاجة لمعرفة شيء ما آخر في ظروف من الانزعاج والصخب القلق وكل المؤثرات الخارجية، شاملة هذه التوجيهات.


https://sebaahaboush.blogspot.com/
باحثة عن الرّوح..

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: نقاش حول كتابة الرواية ..
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اول تجربة لي في كتابة الرواية عبد الرزاق مربح منبر القصص والروايات والمسرح . 3 12-26-2020 02:40 AM
مقامات كتابة... اسماعيل آل رجب منبر البوح الهادئ 2 06-27-2018 11:46 AM
نحو نقاش جاد .. معالم ومنارات (متجدد) عبد الرحيم صابر منبر الحوارات الثقافية العامة 0 11-24-2012 01:31 PM
كتابة فتحية الحمد منبر البوح الهادئ 3 10-13-2012 10:24 PM

الساعة الآن 04:52 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.