احصائيات

الردود
4

المشاهدات
1422
 
عبد الرزاق مربح
من آل منابر ثقافية

عبد الرزاق مربح is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
133

+التقييم
0.11

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة
الجزائر

رقم العضوية
16529
01-10-2021, 01:09 PM
المشاركة 1
01-10-2021, 01:09 PM
المشاركة 1
افتراضي على شفير الموت
قصة: على شفير الموت

في ذلك المساء، أخذت الغيوم تتلاحق تباعا لتكسو سماء المدينة، و شرعت شيئا فشيئا في ابتلاع ذلك القرص الأصفر المتوهج، و سميرة سائقة التاكسي. لا تزال تنتظر أن يأتي أحد الزبائن لتوصله الى وجهته، لكن ها قد طال بها الحال دون أي جديد يذكر، قررت في الأخير التوجه الى البيت.

كان رذاذ الماء الخفيف المتساقط من السماء كافيا لطردها من ذلك المكان، فهي لا تحب القيادة تحت المطر، تشعر أن هناك خطرا يهدد حياتها، تطلق أحصنة سيارتها الصغيرة برفق، و تنطلق الى خارج المدينة قاصدة بلدتها الصغيرة.
دخلت نسمات باردة من نافذة السيارة، فسارعت الى اغلاقها بعدما تملكتها القشعريرة، و سالت دموعها من تأثير تلك الريح الباردة.

و فجأة، سمعت صافرة، و شاب يهرول باتجاهها، كان زبونا في عجلة من أمره، صعد في المقعد الخلفي، بعدما ألقى حقيبته السوداء الكبيرة داخل السيارة، القى بجسمه أيضا هناك، و اتخذ حقيبته كوسادة...و قال لسميرة
:أنا متعب يا سيدتي. سأنام قليلا و عندما نصل الى مدينة بودواو قومي بإيقاظي.

في تلك اللحظة، فزعت سميرة، و لم تستطع الانطلاق بسيارتها كما أنها لم تستطع ايقاظ ذلك الرجل من مكانه أو رفض توصيله، تملكها الخوف الشديد، فهي لم تعتد أن يقوم زبائنها بالنوم في السيارة.و أحست أن شيئا سيئا سوف يحدث لها من قبل هذا الشخص الغريب، ربما سيخنقها ليستولي على سيارتها، أو ربما سيحولها الى وجهة أخرى بالقوة.انه كابوس مرعب سقطت فيه تلك السائقة المسكينة.

كانت سميرة فتاة ذكية جدا، و كانت تعرف بأنها ستجد حلا لهذه الورطة، و بعد تفكير سريع ألهمت الفكرة التي ستخلصها من ذلك المأزق و طرد تلك الهواجس اللعينة.

قررت أن تقوم بحمل شخص اخر معهم في الطريق، فلا يمكن أن يقوم شخصان لا يعرفان بعضهما بإيذائها، و عندما صادفت أول شخص في الطريق، فتحت باب السيارة الامامي، و دعته الى الصعود معها، شعرت بعدها بارتياح عميق...

أرادت سميرة ان تتجاذب اطراف الحديث مع الزبون الجديد، حتى تشعر ببعض الطمأنينة ، و توصل رسالة قوية الى ذلك الشخص الذي يرقد في المقعد الخلفي، بأن هناك من يحميها، و سيتدخل فورا عند ابداءه لأي نية سيئة اتجاهها.
قالت له:
-الطقس اليوم سيء، يا لحظك! جاءتك توصيلة في الوقت المناسب!

في تلك اللحظة، نظر اليها الزبون الجديد باستغراب...
-ماذا قلتي يا....
ثم صمت.

هنا، شعرت سميرة بقشعريرة تسري في كامل جسمها، و ايقنت أن هذا الشخص كابوس اخر لا يقل خطرا عن سابقه، أرسلته رياح القدر اليها، و سيرافقها في رحلتها، و هو أكثر غرابة من الزبون الاخر الذي يرقد في الخلف.

-هل عندك قليل من دم السبع؟
-لا يا سيدي...لا أملك أي دم سبع في سيارتي؟!
-هاهاها...هل حقا لا تملكين دم السبع؟ أم أنك لا تعرفين ماذا يعني دم السبع أيتها الحمقاء؟

و قبل أن تتلفظ سميرة بأي كلمة، اردف قائلا كأنه يكلم نفسه:
-أنا لا أعرف كيف لامرأة خرقاء مثلك، أن تملك هذه السيارة الجميلة!

زادت كلمات الرجل المحيرة، شكوك سميرة في أن مكروها سوف يحصل لها، و لم تجد سبيلا اخر للنجاة من قبضة قدرها المحتوم، و مصيرها المشؤوم، سوى أن تزيد من سرعة السيارة، غير ابهة لحال الطريق الزلق، جراء تهاطل الامطار.

-هل تعلمين كم بقي بينك و بين الموت يا امرأة؟

و من يجيب عن هكذا سؤال؟ لم تصدق سميرة أنها المعنية بذلك السؤال...و أي سؤال؟

لم تستطع الاجابة و بدأ العرق في التصبب من جبينها، مواصلة قيادتها المجنونة للمركبة، حتى أنها لم تعد تعرف في أي مكان هي بالضبط.

ينهرها بشدة...

-هيا أجيبي أيتها المغفلة...كم بقي بينك و بين الموت؟!

شرعت بالبكاء و انهمرت من عيونها دموع غزيرة دافئة...لا أعرف...لا أعرف أرجوك يا سيدي ...لا تؤذيني...لا تؤذيني...

-الان سأقول لك كم بقي بينك و بين الموت!

خمسة سنتيمترات! نعم....هي مجرد خمسة سنتيميترات بين هذا السكين الحاد و بطنك يا عزيزتي...ما رأيك بأن تركني سيارتك جانبا ل حتى نتحدث قليلا!

رأت سميرة شريط حياتها يمر سريعا بين عينيها، تذكرت عائلتها التي تنتظر عودتها بفارغ الصبر، أولادها الصغار و زوجها المريض المقعد، كيف سيكون مصيرهم من دونها، و هي معيلهم الوحيد و أملهم الكبير في هذه الحياة، انه لأمر مريع أن تتركهم هكذا فريسة للأيام القاسية و الوحدة القاتلة.

ركنت سميرة السيارة بجانب الطريق، و كلها امل بأن يكتفي ذلك الرجل بسرقة سيارتها دون أن يقتلها.

هنا، شعر ذلك الرجل بجسم معدني خشن قد لامس رأسه من الخلف، التفت وراءه، انها فوهة مسدس مصوب نحوه...يمسك به ذلك الشخص الذي كان نائما و لم يشعر بوجوده معهم، ثم قال له: و أنت؟....هل يمكنك حساب المسافة التي تفصلك عن الموت؟!


قديم 01-15-2021, 02:26 AM
المشاركة 2
منى الحريزي
القادم أجمل بإذن الله

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: على شفير الموت
أنها لتحفة من التحف القصصية السيكولوجية ...
وإنها لتستهويني هذه النوعية من القصص ...
شعرت كأني معها في التاكسي وإني لأكتم ضحكة الآن ...
القصة كانت تحمل جانبا من التشويق و التلاعب النفسي ...
وهي مميزة جداً واستمتعت بقراءتها حقيقة ...

شكراً لكـ على إبراز هذا النوع من أنواع الفن الأدبي العميق
ويسعدني دوماً القراءة لك ...

دمت مبدعاً بحق ...

دعاء سيد الاستغفار
قال رسول الله ﷺ: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت،
أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
)
من قالها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة، ومن قالها حين يصبح فمات من يومه دخل الجنة
قديم 01-17-2021, 01:27 PM
المشاركة 3
عبد الرزاق مربح
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: على شفير الموت
أنها لتحفة من التحف القصصية السيكولوجية ...
وإنها لتستهويني هذه النوعية من القصص ...
شعرت كأني معها في التاكسي وإني لأكتم ضحكة الآن ...
القصة كانت تحمل جانبا من التشويق و التلاعب النفسي ...
وهي مميزة جداً واستمتعت بقراءتها حقيقة ...

شكراً لكـ على إبراز هذا النوع من أنواع الفن الأدبي العميق
ويسعدني دوماً القراءة لك ...

دمت مبدعاً بحق ...
يسعدني جدا اعجابك بالقصة، الخير قد نظنه شرا، و الشر قد نظنه خيرا...لذلك لا يجب ان نبني احكامنا على مجرد الظن...

قديم 01-17-2021, 02:15 PM
المشاركة 4
عبد الكريم الزين
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الرابعة الألفية الثالثة وسام الإبداع الألفية الثانية التواصل الحضور المميز الألفية الأولى 
مجموع الاوسمة: 8

  • غير موجود
افتراضي رد: على شفير الموت
أبدعت وأجدت في هذه القصة كعادتك
النتيجة الغير متوقعة، والحالة النفسية للسائقة، والأسلوب السردي المتسلسل بدون تعقيد أو تكلف، الذي يديم التشويق إلى آخر لحظة.
هذا هو النوع الذي يستهويني في فن القصة، والذي له جمهور واسع من القراء خصوصا في الأدب الغربي.
تحية طيبة وتقديراتي لقلمك المبدع.

قديم 01-17-2021, 03:18 PM
المشاركة 5
عبد الرزاق مربح
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: على شفير الموت
أبدعت وأجدت في هذه القصة كعادتك
النتيجة الغير متوقعة، والحالة النفسية للسائقة، والأسلوب السردي المتسلسل بدون تعقيد أو تكلف، الذي يديم التشويق إلى آخر لحظة.
هذا هو النوع الذي يستهويني في فن القصة، والذي له جمهور واسع من القراء خصوصا في الأدب الغربي.
تحية طيبة وتقديراتي لقلمك المبدع.
شكرا لك على عباراتك المشجعة...لنا عودة في هذا الباب، و فعلا أخي، تستهويني قصص تشيخوف(أنطوشا) و بعض القصص اليابانية و ربما لها أثر فيما أكتبه.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: على شفير الموت
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محمد الرباط : سفير للون والإبداع عماد السلمي منبر الفنون. 12 05-13-2020 01:12 AM
حرب المئة عام أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 07-26-2018 10:55 AM
شهيق و زفير سنان المصطفى منبر البوح الهادئ 2 03-07-2015 08:46 PM
من فمك نكتب سيرتك حوار مع سفير الأغنية العراقية الفنان سعدون جابر ريم بدر الدين المقهى 6 05-09-2012 09:19 PM
قصيدة الأصمعي ( صوت صفير البلبلِ) أحمد صالح منبر ديوان العرب 6 08-25-2011 02:23 PM

الساعة الآن 04:27 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.