قديم 04-26-2012, 08:51 AM
المشاركة 21
عادل بشير
المهندس اللطـيـف

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الصديقة ناريمان

متابع لك بشغف


تستحق حياتك ان توضع في كتاب

المهندس اللطيف
adel010101@yahoo.com
قديم 04-26-2012, 01:16 PM
المشاركة 22
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذة المبدعة نريمان الشريف

تبين لي اثناء دراستي لرواع الروايات العالمية والعربية هنا وفي منبر الدراسات، بان سر الروعة يكمن في ارتفاع مستوى الالم في مثل هذه الروايات ...وان معظم الروايات الفائزة ضمن قوائم افضل مائة رواية عربية وعالمية هي روايات واقعية تدور حول قصة حياة يتيم او مكتوبة من قبل يتيم وفيها الكثير من سيرته الذاتية.

وذلك مؤشر بأن الناس لا تعزف عن قراءة القصص الاكثر درامية والما بل بالعكس، وانا اؤيد ما يقوله الاستاذ عادل بشير بأن قصة حياتك تستحق ان تدون في كتاب على شكل سيرة ذاتية او في رواية واقعية، ويمكن في مثل هذه الحالة ان تدمجي بين قصة حياتك وقصة حياة صديقتك اليتيمة التي سبق ان حدثتينا عنها، فيكون هناك اكثر من شخصية واكثر من بعد ومحور للنص الروائي فتتحقق شروط الادهاش والتشويق والتأثير والدراما في اعلى حالاتها .

وسوف تكون من اروع الروايات حتما.

قديم 04-26-2012, 09:01 PM
المشاركة 23
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الصديقة ناريمان

متابع لك بشغف


تستحق حياتك ان توضع في كتاب
أخي عادل ..
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
يسعدني أن تكون متابعاً .. وأفخر حقاً بشهادتك
جزيل الشكر


تحية ... ناريمان

قديم 04-26-2012, 09:05 PM
المشاركة 24
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذة المبدعة نريمان الشريف

تبين لي اثناء دراستي لرواع الروايات العالمية والعربية هنا وفي منبر الدراسات، بان سر الروعة يكمن في ارتفاع مستوى الالم في مثل هذه الروايات ...وان معظم الروايات الفائزة ضمن قوائم افضل مائة رواية عربية وعالمية هي روايات واقعية تدور حول قصة حياة يتيم او مكتوبة من قبل يتيم وفيها الكثير من سيرته الذاتية.

وذلك مؤشر بأن الناس لا تعزف عن قراءة القصص الاكثر درامية والما بل بالعكس، وانا اؤيد ما يقوله الاستاذ عادل بشير بأن قصة حياتك تستحق ان تدون في كتاب على شكل سيرة ذاتية او في رواية واقعية، ويمكن في مثل هذه الحالة ان تدمجي بين قصة حياتك وقصة حياتك صديقتك اليتيمة التي سبق ان حدثتينا عنها، فيكون هناك اكثر من شخصية واكثر من بعد ومحور للنص الروائي فتتحقق شروط الادهاش والتشويق والتأثير والدراما في اعلى حالاتها .

وسوف تكون من اروع الروايات حتما.




أخي أيوب ..
سلام الله عليك ..
سبق وفي أول رد لي على موضوعك الرائع هذا أشرت وبمنتهى الصراحة والصدق أنني كنت أرجو أن يستفزني أحد للحديث عن حياتي ..
وها أنا أحقق ما أريد
ربما هذا اللقاء يدفعني إلى رغبة أخرى وهي تدوين حياتي في كتاب .. وهذا لم أفكر فيه من قبل
على كل حال .. سأحاول فحديثك هذا أنت والأخ عادل يشجعني على ذلك ..
أشكرك ..
وسأكمل ولكن أرجو ألا يملني القارئ .. لأني حياتي مليئة بالأحداث


تحية ... ناريمان

قديم 04-26-2012, 09:06 PM
المشاركة 25
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحبًا بكِ ~ أ. ناريمان

يُسعِدني متابعة سيرة أستاذة ومربية فاضلة مثلك ..


قديم 04-26-2012, 09:37 PM
المشاركة 26
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
لا زلت في غرفة الذاكرة المكتظة بالحوادث الصادمة بعد سن الحادي والعشرين ..
ولكن قبل أن أكمل ..
سأعود للوراء كثيراً وأستذكر بعضاً من أحداث الطفولة المؤلمة والتي تركت بنفسي أثراً ما زال أثره ساكناً في الروح حتى اللحظة..
وأنا طفلة صغيرة كنت الأقرب إلى أمي من بين أخواتي .. فكنت أساعدها كثيراً في أعمال المنزل وفي المطبخ حتى أنني كنت أساعدها في الخياطة فأجلس على ماكينة الخياطة وأصنع ما تطلب مني بالضبط ولم يكن عمري آنذاك سوى ثلاثة عشر عاماً ..
فبعد عودتي من المدرسة أنهي ما تطلبه مني أمي على أكمل وجه .. ثم أخرج للعب أو التنزه ..
في تلك الأثناء أجتمع بالكثيرات من بنات الحي في لعب شعبية ( بيت بيوت أو الحجلة وغيرها )
ولعبة بيت بيوت .. لعبة شعبية بسيطة وبالرغم من بساطتها ..إلا أنها مفيدة جداً فتصنع من الصغيرة سيدة تحاكي الآخرين وتناقش وتشرح وتسأل وتجيب ووو غير ذلك ... حيث تتخذ كل واحدة منا ركناً وتصنع منه بيتاً صغيراً .. ثم نزرو بعضنا البعض ونقلد النساء ونتحدث ( تماماً كالنساء ) .. واحدة تشكو زوجها والأخرى تضج من أولادها وهكذا ....
في تلك اللعبة تعرفت إلى إحدى بنات الحي وعمرها آنذاك عشر سنوات .. لم أكن حينها أفهم كثيراً بإيماءات الوجوه ولا بتعبيراتها ولكن .. كنت ألاحظ كدمات حمراء على خدودها الصغيرة .. وأسأل بيني وبين نفسي ما سرّ هذا الاحمرار ؟؟ كما لاحظت أن هذه الصغيرة لا تطيل المكوث معنا .. فما أن تحضر حتى تختفي دون إذن .. وعندما أسأل عنها .. يقال أنها عادت إلى البيت خوفاً من زوج أمها العنيف جداً .. ومنذ تلك اللحظة صرت أترقب حضورها لأقترب منها أكثر .. وأسمع منها.. وبالفعل .. حضرت الصغيرة لا لتلعب .. بل لتبكي وتبكي .. لا أنكر أنها كانت أكبر من سنها جسماً وتفكيراً .. فقد رفضت البوح عما جرى لها .. هنا .. صار عندي فضول أكثر لأعرف عنها كل شيء .. وشيئاً فشيئاً توطدت العلاقة فيما بيننا فأصبحنا صديقتين ..وبدأت تروي في كل لقاء فصلاً من حكايتها بالتفصيل ويكاد يكون ما جاء في الفصل الأول من روايتي تفصيل قصتها مع زوج أبيها الغادر ....

ولمن لم يقرأ القصة .. سأوردها هنا -بقلمي - ..



تحية ... ناريمان

قديم 04-26-2012, 09:47 PM
المشاركة 27
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
لست وحدي!!!

تفاجئني الأضواء الخافتة , الهدوء
سقط نظري للتو لحظة دخولي المنزل على الأريكة
التي اعتادت أن تجلس عليها أمي ,
لكنها ليست هناك, ماذا جرى ؟
الستارة متهدلة , تتحرك كلما لفحها الزمهرير الآتي من الخارج
وكأنها تشكو شيئا ما غير عادي حدث في هذا البيت الكئيب...
يتسلل إلي إحساس بالوحشة ,
وأنا أسائل نفسي : ربما قتلها !
أنظر بسرعة إلى أرضية الغرفة فلا أرى أثرا للدم
أو ربما خنقها من غير آثار ,
أصوات توقعاتي تنبح بداخلي , أصداء صراخي ترتد في حلقي,
ووجهي باهت أريد أن اصرخ وفحيح صراخي يذكـّرني :
انتبهي الصراخ ممنوع !!

تنتابني حاجة للبكاء ما دام الصراخ مختوماً بالشمع الأحمر ومحظوراً وأنا أحتاج إليه
آآه .. إنه البكاء..
لأول مرة أجد أنني أستطيع ممارسة شيء من غير اعتراض
ولكنه محدود بالصمت من غير إزعاج .
ألتفت إلى الأريكة فأرى زوج أمي يجلس عليها ..
يعالج كتابا ما ولا يبدو عليه أي قلق او ما يشير إلى التوتر..
تساءلت : هل ساءت حالة أمي ونقلت إلى المستشفى
في غيابي أو قد تكون ماتت؟
لا............................فلم تكن فترة غيابي كافية لهذا
إنها المرة الوحيدة التي أغيب فيها كل هذا الوقت
منذ أن اقعد الشلل الكلي أمي في الفراش
ومع ذلك ... شيء ما قد حدث
مع انه هادىء النفس مرتاح
وهذا لا يعني انه لم يحدث شيء يقلق
فاللامبالاة من طباعه القاتلة
اذكر-قبل أعوام- يوم خرج الطبيب من غرفة أمي يخبره بشللها
وكأنه تلقى نبأ مولدها , وأتذكر كيف انبعثت من ملامحه فرحة مكتومة حاول إخفاءها
واستطعت ببراءتي أن ألمحها في عينيه
فلقد تعودت تقطيبة جبينه فكان من السهل علي رغم صغر سني
أن الـْحظ أي تغيير على ملامحه مهما كان بسيطا ,
ومنذ ذلك اليوم ما انفكـّت دموعي تنساب على وجهي ,
فهذا الشبح يزرعني في أرض البؤس ويجني ثمار بؤسي كل لحظة .
لا أحب الحديث إلى هذا الرجل لكني مضطرة لسؤاله :
أين أمي ؟ أين أمي؟
ويجيبني , مانعا إياي دخول الغرفة ريثما يخرج الطبيب
متأهبا للحظة ضعف أرتمي فيها بخضنه
أجهش بالبكاء ليربت على ظهري :
اطمئني لا تخافي لست وحدك..
لكنني لا أمنحه هذه الفرصة ,
فكتمت كل مشاعر ألم بداخلي
حتى الاسئلة التي كان علي أن أسألها ,
لا أريد أن أحصل على جوابها منه ,
وقلت في نفسي سأنتظر الطبيب
وأسمع منه تفاصيل حالتها.

وبدأت أترقب لحظة خروجه ,
ومن الشـقّ الذي يفصل الباب عن الجدار أحاول أن أسمع شيئاً أو أرى شيئاً
ولكنني لا أفلح..
فجلست على كرسي بجانب باب الغرفة
أفرك يدا بيد أبدد بهذا الاحتكاك غيظي وحيرتي
فكم كنت بحاجة أن أقرض الباب بأسناني لأسمع شيئاً ,
انتظرت .. ولم يعد بمقدوري الانتظار
ولم يكن بوسعي اقتحام الغرفة
ورؤية الإجابات عن أسئلتي بأم عيني ,
كل ذلك لا أستطيعه حسب ادعاءات ذلك الشيء الذي يجلس أمامي ..
كما كان يأمرني بعدم التدخل بأي أمر بدعوى إنه لا يخصّني
فعندما كنت أراه يبطش وجه أمي بيده
فأحاول الدفاع عنها فأصرخ في وجهه عله يرتد..
لكنه يمارس رجولة أنامله على خدي الصغير
فأرتد للخلف عاجزة عن فعل أي شيء أو حتى عن قول شيء ,
قلت في نفسي :
إن كان ضربه لامي لا يخصني فلا شك أن موتها يعنيني
وان كنت البارحة صغيرة
فأنا اليوم كبرت وكبرت الجراحات بداخلي ..
حتى الخوف ترعرع شبحه بداخلي من نظراته السخيفة
المسلطة علي للالتزام بكل ما يأمرني به ,
أما الآن فأ شعر بذرات الغضب تجتاح جمجمتي
وتخترق أصداغي كرصاصة قاتلة ,
ورغم هذا لا أستطيع التفوه بحرف..

تجملت بالصبر ريثما يخرج الطبيب وأنا أسـلـّي نفسي
وقطرات المطر الجريئة تضرب النوافذ بقسوة
وأحس أنها أفضل مني لأنها استطاعت أن تقول شيئاً ,
أو على الأقل يصدر عنها صوت ..
ربما صوت فرح أو تصفيق ألــم ..
وهذا نحيبي يختلط بأنـّات حبات المطر..
ربما شهقة الموت؟! ولكن أي موت؟!!!!!

لقد رأيتها تموت مرة حزناً على أبي , ومرة تموت ندما على ارتباطها بهذا الذئب..
رأيت شهقة الموت تخرج من جوفها في نهاية
كل نقاش بينهما يتحول إلى صراع ,
وآخر مرة شهدت موتها عندما رأتني أبكي ممزقة الثياب
عندما هجم علي يراودني عن نفسي ...
أي موت؟؟؟
فـللموت أشكال وأحجام وألوان في هذا البيت الكئيب..
الآن اسمع شيئا كالأنين, مـرّ ا غريبا , لم اعتد على سماعه ,
له رائحة كرائحة الحناء , له صوت أشبه بفحيح الأفاعي
لم أعد أميز الأصوات ..
فغمغمات الرعد تـنبعث في كل الأرجاء..
تدكّ أي هدوء يحاول ان يتسلل الى المكان ..
كل الاصوات شبيهة ببعض ..
طرطقة المطر وصلصلة الرعد وأنفاس الذئب المتصاعدة..
وذلك الصفير المتسلل خفية من فتحات النوافذ المتكسر
يبعث في عضلاتي جنونا هستيريا فأحس بيدي تكبر وتكبر
تستـل سكـّينا من مكان ما ربما من بين جراحاتي
ربما من عظامي
وتضربه على رأسه ضربة تريحني من سماع أنفاسه ,
لكنه لا يموت حي يرزق ،
حيّ يقرأ حيّ يـُعذب ولا يتعذب حيـّة تسعى..
طال انتظاري والأنين يشتد يتصاعد يصفع النقاش مع ذاتي
فالتفت نحو الغرفة ..
تأخر الطبيب !!
الهواء يشهق بلا انقطاع والمطر يزداد شراسة
ويزيد إحساسي بالبرد
وأنا اقبع داخل فستان مبلل لم اجد وقتا لاستبداله
والذئب المثقف لا زال يجلس على الأريكة
وقد أشرف الليل على أن يُحكم قبضته على رقبة النهار
ليخنق ما تبقى من ضوء ,
يتقلب في المكان الذي طلبت أمي ذات يوم أن أنقلها عليها
لأنها تحس بالراحة والصبر على البلاء
وهي تراني أمام عينيها لتكون رقيبا على تصرفات هذا العجوز المتوحش
لم أرغب يوما بإعلامها بملاحقته لي حتى لا يزداد بؤسها
وحتى لا تزداد ألامها عفونة
لقد عرفتْ ذلك بنفسها ذات يوم وقد رأته يطاردني
وأنا أهرب من مكان لآخر
رأته يلهث يتصبب عرقا ككلب مسعور
والبصاق يسيل من فمه
حزنا على فريسته التي ضاعت منه..
وهذا المشهد المروع كان جرثومة مرضها المزمن
نعم لقد كانت تكره سريرها الذي جمعها ذات يوم به
الانين يعلو ويهبط يتراقص كمؤشر البوصلة
كل شيء يعلو ويشتد
وهو يزداد هدوءا يتصفح كتابا أعرج
أحاول عن بعد أن أتمعن الصورة التي على الغلاف
لم أرَ شيئا محددا يـبدو
وكأنـّه شبح امرأة شبه عارية
أزيع بنظري جانبا ومن خلال تلك الصورة
أستقرئ عنوان الكتاب الذي يقرأ ,
فترتسم أمام عيوني حروفاً تـناسب الحالة فأترجم الصورة ,
لا أقرأ ولا أعرف حتى أبسط الحروف
نعم لقد كنت أحب المدرسة وأعشق منظر التلميذات
وهن يحملن الحقائب ويلبسن الزي المدرسي الموحد ,
كنت أقف على النافذة صباحاً وأنا أرى الطالبات
فأبكي ضعف حالي وقلة حيلتي ,
أحب القراءة وتعلم الحروف لكن حيث تبقى كلمة لكن !!
سداً أمام أي عمل جاد
ويبقى هذا الوحش رمزا لتحطيم أي معنى للطموح ,
فكم مزق كتاب القراءة الذي كنت استرق لحظات غيابه
لأتصفـّح صوره
وأحاول مطابقتها على الحروف لعلـّي أتعلم شيئا منه ,
حتى العرائس اللواتي تلعب بهن الصغيرات لم يكن مصيرها
سوى الركل والرفس
كلما رآني ألهو بها مع انها من صنع يدي ولم يكلفه ذلك شيئا ,
إنه يكره أن يراني أفعل شيئاً يخصني ,
فكل ما يحبه من تصرفاتي هو خدمتي المخلصة له ولأصدقائه ,
وكل ما يحبه هو إفعام معدته بالطعام الذي أعدّه ,
أصرخ في وجهه: اكرهك , اكرهك يا قاتل طفولتي ,
يا ....
لكنني لا أستطيع فقد يسمعني ,
الكلمات تتأرجح في حلقي وتقف كخنجر مشرشر
إن أخرجته جرحني وان أبقيته آلمني ..
يقلب صفحة أخرى من كتابه ,
ينهمك في القراءة فأرى عينيه تتسلل من خلال صفحات كتابه
وتتلمس ساقي يتأمل وجهي ويبتسم ,
نظراته الحادة تثقب فستاني تمزقه لتصل إلى جسدي
فأجفل
وأتمعـّن الكتاب مرة أخرى لأقرأ شيئا ,
نعم أستطيع ان اقرأ – كيف تصطاد النساء-
لا بد أنه يدرب نفسه كيف يصطاد الفريسة
ثم يرمي بها في واد الهلاك بداخله بعد ان يمتص دماءها,
يواصل تقليب الصفحات وكأن ما يحدث لأمي لا يعنيه ,
والمطر لا يتوقف والطبيب لا زال يفحص أمي.
وهو لا زال يتقلب على الأريكة يتحسسها
ويحسب احتمال استيعابها لامرأة أخرى
يوهمها بحبه ثم يتزوجها ثم يقتلها بطريقته الخاصة.
نعم فلقد علمت أمي بعد زواجها بفترة انه كان قد تزوج قبلها ثلاث مرات .
بم أفكر ؟؟ أين أمي ؟
هنا كانت تجلس قبل ساعة
لا بد انك أنت السبب في حالتها التي آلت إليها في غيابي
ليتـني لم أخرج ..!!!
يراودني شعور غريب ..
حقد أسود يزداد سواداً يضاف إلى حقد قديم يتورم
فيحمر فيزرق فيسود
كمثل الأورام التي في جسدي من كثرة الضرب ,
لمن الدور يا ترى ؟
لا بد انني الضحية القادمة يكون مصيري كمصير السابقات ,
رفعت عيني أتأمل قذارته وأعضائي تشكو البرد
فيبتسم لي بخبث
وكأنه يتابع افكاري.. ويلتي !!
هل يسمعني؟؟ يخرج سيجارته ويهم بإشعالها
فيأمرني بفنجان من القهوة ,
طبعا
لا أستطيع الرفض,
ولم الرفض راضيت نفسي با لموافقة فقلت لنفسي:
سألهيك ريثما يخرج الطبيب ,
اخلع نفسي عن الكرسي وقد التصقت به ,
وأسير إلى المطبخ عبر ممر كئيب حزين معتم كدهاليز السجون ,
فتمر بخاطري ذكرى طازجة حدثت البارحة ,
هنا امسك بيدي وضغط عليها قائلا:
لا تقولي أنت مثل أبي أنا لست أبيك وعيناه جاحظتان
تخرج من تجويفهما تقرضني وتعود إلى مكانها ,
وأخيراً وصلت المطبخ, وكأنني قطعت رحلة صحراوية شاقة
على ظهر سلحفاة تـتبختر,
وكلي أتأرجح والدوار يأخذني ,
وما تبقى مني يريد أن يهوي ساقطا,
لم يبق في أحداقي دموع استعين بها على ضعفي
أذيب بها طبقة من طبقات الألم المتراكم ,
أسرع في استحضار القهوة
خوفا من أن يخرج الطبيب في غيبتي
فتفوتني كلمة عن حالة امي ,
أرفع الابريق عن النار أتمالك نفسي ,
أخشى السقوط خوفا من أن يقع مني شيء ينكسر
فأعاقب على سقوطه ,
حملت القهوة وعدت مسرعة أعبر الممر
والقهوة تتراقص بين يدي وكأنها هي التي تحملني ,
وبخطوات متثاقلة سرت نحوه وقدمت القهوة
وتهالكت على الكرسي انتظر ,
فالانتظار هو مهمتي يتخللها ذكريات مسمومة .
في ديسمبر يداهم البرد كل شيء حتى إحساسي بالحياة
ورغبتي في البقاء ,
فالمح دفتر التقويم المعلق على المقابل
يتدلى حزينا تتمزق صفحاته بسرعة البرق
وإحساسي باقتراب نهايتي مثله تماما ,
على كل ورقة تمزق وتطرح في سلة النفايات
كنت اكتب عليها أكرهك ,
على كل ورقة تقذف الى عالم الأموات
كانت أمي تقول ... طلقني أرجوك,
الأنيـن داخل الغرفة يتهادى ,
أنتظر وأنتظر وأعضائي ينفر منها الدفء ,
ومع الانتظار اكره بلادته ورجولته المصطنعة
برغم كبر سنه وانحناءة ظهره التي تعلن عن عجزه..
فتجاعيده المحفورة حول عينيه تنذر بمستقبل مرعب موحش ,
كم اكره المستقبل كما اكره الماضي ,
ماذا يمكن أن يحصل لو ماتت أمي ,
ربما اكون زوجته احضر الفطور ويناديني
يعوي سعالا كعادته من كثرة التدخين :
يا غبية أيـن الماء الساخن ,كل شيء مطلوب مني
فالماء الساخن ضروري لغسل وجهه وعينيه
وتطهيرها من نظراته السافلة ,
ثم احضر الطعام ليأكل واقتات أنا من علقم قسوته
ثلاث وجبات يومية ,
تماما كما الوجبات في البيوت الخالية من الثقوب
وربما تزداد الوجبات مستقبلاً ..
وربما يكون لي طفلة ويلاحقها وأصاب بالشلل وأموت –

هنا زمجرت بزعقة خرجت مني رغما عني
وكأني اشهد الموت حقا
فصحوت من غفلتي على توقف المطر ..

توقف المطر وتهالك الزمهرير
وكلّ الأنين بداخل الغرفة المغلقة
وتحول فجأة إلى زفرة واحدة لا أكثر ..
أسرعت اندفع نحو الباب والطبيب يخرج
وقد ترك الباب مفتوحا ,
توجهت نحو السرير لأرى أمي جسدا مسجى مغطى
بلا انين ,

أدركت أن أمي قد انتهت ..

انتهت !!
أبـكي ... وأبـكي إذ لا وقت للبكاء ,
أمي ماتت وعلي أن أفكر ,,,
تقيدني فكرة الهروب قبل أن ينقض علي ويفـترسني ,
ولكن ... كيف سأغادر؟؟ والى أيـن؟
والعالم كله رجل أكاد افقد النطق, ماذا افعل ؟؟
لقد ماتت أمي لأتعذب...
وأبقى هنا وحدي وحدي! ....
لا لست وحدي

( بقلمي )
تحية ... ناريمان

قديم 04-26-2012, 10:01 PM
المشاركة 28
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
ملاحظة هامة جداً ..
معظم القصص التي كتبتها هي واقعية مئة بالمئة ..
ووصلت إلى مسامعي إما مباشرة من أصحابها أو عن طريق روايات الآخرين
أشكركم على القراءة و المتابعة
ملاحظة أخرى .. للقصة بقية سأوردها هنا إن شاء الله


تحية ... ناريمان

قديم 04-26-2012, 10:04 PM
المشاركة 29
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
الجزء الثاني ( في وداع أمي )

ماتت أمي .. ولم تغادر بعد
راحت روحها .. لكن جسدها لا زال هنا
الجو لا زال يبشر بمزيد من البرد الجاف
الأشبه بتنهداتي الليلية الممزوجة بحرقة الوجع
اقتربت من أمي ومددت نفسي في سريرها كما عودتني
حتى التصقت بها أنشد شيئا من حنان لا زال يرقد في جسدها البارد ..
عانقتها و بكيتها .. بكيت غربتي ..
بكيت وحدتي
بكيت حتى لم يعد في عيوني دموع أستعين بها على حزني
فقد جفت عيوني
فأغمضتها لاستدعاء مزيد من الدمع
لكنني رحت في نوم عميق
وأنا أقبع في غرفة ليس فيها سوى جسد بارد الأطراف
شاخص العيون أحمق لا يعي ما أقول !
وأنا وحزني .. كلنا في هذه الغرفة
صحوت في عمق الليل أتفقد الجسد الهامد
اقتربت من أمي وصرت أهمس لها علها تسمعني
أمي حبيبتي .. أين تذهبين وتتركينني وحدي أين ؟
اجيبيني .. يقولون ان الميت لا يذهب سمعه بسرعة
اذن لا بد أنها تسمع كلماتي ولكنها لا تجيب !!
وصرت ألاعب جفنيها وأداعب شعرها الأبيض
وأتحسس وجهها الذي غزته التجاعيد بلا رحمة
رتبت نفسي قليلا ورحت كالمجنونة أبحث في محتوياتها
علني أجد شيئا يربطني بها أكثر قبل أن تغادر
كان الليل قد أوشك أن يغادرهو الآخر
فأسرعت ألملم نفسي من جديد قبل أن يهرع الجمع لوداع أمي
ارتديت ملابسي بسرعة
وذهبت أستقبل خالتي الوحيدة
انها خالتي مديحة
كم حدثتني أمي عنها ..
ها هي تدخل بجسدها الممتلئ وتمشي على عجل
وكأنها تتكئ على بعضها وهي تجهش بالبكاء
وتضمني الى صدرها
فاسترجعت شيئا من دموع ضاعت مني في ليلة فائتة ..
وكأنها اعتصرتني وأفرغت ما بي من دموع
فبكيت من جديد
وأحسست بضمتها لي دعوتي للاقامة معها
مما أضفى على روحي شيئا من الراحة
لأني وجدت اجابة على سؤلي
أين أذهب ؟
لم تطل اقامة أمي في البيت
فها هي في نعشها تنقل الى بيتها الجديد
يا ليتها أخذتني معها
وما هي الا دقائق حتى امتلأ البيت
والكل يأمرني بالكف عن البكاء
فزممت الدمع والقلب يشتعل
وقبل أن تغادر البيت وجدتني أصرخ وأصرخ
أين تذهبين وتتركينني وحدي
وهجمت على الجسد المسجى
فمنعني النسوة من الاقتراب منها
فأرخيت ما تبقى من أضلاعي المنهكة
بين أحضان خالتي مديحة
وطالت اقامتي بين يديها ..
الآن لم يتبق شيء.. بل انتهى كل شيء
راحت أمي جسدا وروحا .. راحت الى الأبد
وانفض الناس كل الى حال سبيله كأن شيئا لم يكن
.............
لملمت حاجياتي التافهة وكأني على سفر


للقصة بقية ...

قديم 04-26-2012, 10:07 PM
المشاركة 30
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
مرحبًا بكِ ~ أ. ناريمان

يُسعِدني متابعة سيرة أستاذة ومربية فاضلة مثلك ..
وألف تحية لك عزيزتي أمل ..
أقسم أن متابعتك تسعدني
كل التقدير والاحترام


تحية ... ناريمان

 

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة ناريمان الشريف
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من فمك نكتب سيرتك: لقاء صحفي مع المبدعة ريم بدر الدين ايوب صابر المقهى 43 11-05-2017 12:04 PM
من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة فاطمة الموسوي ايوب صابر المقهى 5 10-31-2014 10:27 AM
من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة هوزان البدر ايوب صابر المقهى 27 11-11-2012 11:29 AM
من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة اميرة الشمري ايوب صابر المقهى 19 06-26-2012 08:43 AM
من فمك نكتب سيرتك: لقاء مع المبدعة امل الحربي ايوب صابر المقهى 14 06-15-2012 01:35 PM

الساعة الآن 08:02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.