قديم 01-11-2012, 01:52 PM
المشاركة 11
محمد صالح رجب
أديـب مصري
  • غير موجود
افتراضي
قراءة في قصة ( في جنح الليل ) للقاص : محمد صالح رجب

نص جديد للقاص المصري" محمد صالح رجب "يحمل عنوان" في جنح الليل" .. تدور أحداث القصة في جنح الليل وتحت ستره وما أدراك ما الليل وما يمكن أن يحدث تحت ستره ؟ ، لقد سعى الكاتب إلى الهدف من القصة مباشرة منذ الوهلة الأولى " يأبى الليل إلا أن يستر أناته " لقد أطلق رصاصة تشق الطريق إلى هدفها من أول عبارة في النص بل بداية من العنوان " في جنح الليل" وهي نفس العبارة التي اختتم به نصه في إشارة إلى استمرارية ما يحدث في جنح الليل وكأنها حلقة غير منتهية .
( يأبي الليل ألا أن يستر أناته) افتتاحية تطرح أكثر من تساؤل : من هو الذي يئن ؟ ولماذا ؟ ولماذا الإصرار على طمس تلك الأنات وما هي القوى الضاغطة القادرة والمصرة على طمس حتى مظهر التنفيس عن الألم "الأنات " ، وهل كان الليل أداة رحمة أم أداة للإخفاء والطمس ومزيدا من ألأنات .. أسئلة عديدة يضعها الكاتب أمام المتلقي منذ اللحظة الأولى لولوجه النص ..ثم يتصاعد تدريجيا في محاولة لمشاركته في البحث عن إجابات لتلك الأسئلة ..
.. في جنح الليل وتحت ستره خرج صاحبنا متجها إلى عمله في هذا الجو الماطر القارص البرودة حاملا أدواته ( معطفا ، وعمامة ، ونظارة عتيقة ، ودراجة متهالكة تفنن في تجميلها وتزينها ) محاولا التغلب بهذه الأدوات المحدودة على العقبات التي تواجهه في طريقه إلى هدفه وكأننا بالكاتب وهو يحاول أن يجيب عن التساؤل الأول : من الذي يئن ؟ انه واحد من ملايين البشر المهمشين ، ولم يتوقف الكاتب كثيرا عند الشخص أو ما يدل علي جنسيته ، فهو ليس فردا بعينه في مكان بعينه .. بل ملايين المهمشين فوق كامل الأرض .. ثم ينتقل سريعا إلى تساؤله الثاني : ولماذا يئن ؟
وتأتي الإجابة على ذات السرعة : انه يئن تحت وطأة الشقاء.. مرات لم يعد يحص عددها وهو يحاول أن يخرج من جنح الليل والوصول إلى هدفه وتغير واقعه ، لكن العقبات كثيرة والإمكانيات المحدودة " .. ظلام ، مطر وريح عاصف ، طرق غير معبدة ، حفر ، ودراجة بالية أصابها العطب ، وقوى ضاغطة تطمس اثر الظلم ، وحركة هواجس كثيفة تغط على الصمت المطبق المحيط به فيما يشبه التواطؤ " كثرة العقبات ومحدودية الإمكانيات تجعل الخروج من الظلام الدامس ووضعه الهامشي إلى وسط آخر امرأ غاية في الصعوبة ، فلا زال كما هو رغم مرور كل تلك السنوات التي لم يعد يحصي عددها ، ولا زال يحمل دراجته المتهالكة ويسير في نفس الطرق الغير معبدة والحفر الموحلة ، والإنارة الضعيفة والكوبري المتهالك ..كل هذا يجعله يردد ترنيمات حزينة تتطور إلى أنات يتردد صداها طيلة كل هذه السنون علها تجد صدى في ضمائرنا .. " جسد خار تحت وطأة الشقاء ومرارة السنين ..فقر ومرض يلازمانه .. يطلق آهة يرتد صداها عبر سنوات عمره الذي تخطى الخمسين"
وهنا نجد قدرة الكاتب على تعرية ضمائرنا ليشعرنا بالمسئولية تجاه هؤلاء المهمشين ، فقد صممنا آذننا عن سماع آهاتهم ، وسمحنا لقوى ضاغطة بتكميم الأفواه ، وتغضينا الطرف عن تلك الأدوات البالية والظروف الصعبة التي هم فيها ، بل و لسنوات طويلة " وكأننا أمام غريق لم نمده بأدوات النجاة ..

وهنا نقف عند قدرة الكاتب وهو يصف مشهدا عالقا بين وسطين ..إنه مشهد الانتقال بين بيئتين مختلفتين وأدوات الربط الضعيفة بينهما ، بين طرق طينية غير معبدة تُملئ بماء المطر الموحل والتي تضطره إلى حمل دراجته التي تفنن في تزينها ..
وبين بداية الوسط الآخر( الذي يسعى إلى الوصول إليه والذي هو اكبر وأعمق من مجرد مقر عمل يسعى للوصول إليه ) بداية من الإسفلت عبر أداة ربط ضعيفة متهالكة في إشارة إلى ضعف الروابط والإمكانيات بين وسطي " بيئتي " الحدث ، وهو الكوبري المتهالك ..
ويتصاعد الحدث ويصل إلى الذروة ـ الوسط ـ عندما تصاب الدراجة " أداة الانتقال وأمل الوصول إلى الهدف " بالعطب الغير قابل للإصلاح ، ويتهدد أمله الضعيف ـ أساسا ـ بالانتقال إلى وضع أفضل مضئ ..عندها عليه أن يقدم التنازلات رغم انه لا يملك الكثير ليقدمه وما كان يعد ترفا قبل هذا لم يعد هكذا الآن ، لابد إذن من تقديم التنازلات " فما حاك جلدك مثل ظفرك " ، لن يشعر المدير وغيره بأناته فهو لم يجرب مثل هذه الظروف .. فليركب سيارة رغم أن ذلك سيؤثر سلبا على ميزانية الأسرة الضعيفة بالأساس ، لكن سائق السيارة التي رق لحاله وتوقف خيَّره في أن يترك دراجته ، حيث لا مكان لها .. فهل عليه أن يتنازل عن أداة التغير رغم بساطتها ؟! لقد استحال عليه الأمر ..وتعشم أن يجد فرصة أخرى في سيارة أخرى ، لكن الفرص لا تتكرر كثيرا لا سيما لهؤلاء المطحونين في الأرض .. ظل يمشي ويمشي ويتشبث ببصيص أمل لا زال يراوده ، لم يعد يهمه الوصول في الموعد ، فلم يعد يهتم كم من الوقت مضى ولا كم من المسافات قطع ؟ عليه أن يصل على أي حال حتى ولووصل متأخرا، أُنهِك جسده وضَعُف بصره وضل معالم الطريق ، ومع ذلك ظل يمشي ويمشي حتى تلاشى في جنح الليل ..

ورغم أن الكاتب لم يشر إلى الموت كنهاية صريحة محاولا أن يجعل منها نهاية مفتوحة تطرح أكثر من تساؤل ، ماذا حدث له ؟ هل مات ؟ هل اختفى ؟ ماذا نعني بالتلاشي والغياب ؟ ، إلا انه كان حريصا كل الحرص على إغلاق الدائرة بالربط بين النهاية والبداية باستخدام نفس العبارة " في جنح الليل " النهاية هي إذن ذاتها العنوان في إشارة إلى استمرارية المأساة ..

إن قصة " في جنح الليل " هي رؤية الكاتب لظلم المجتمع للمهمشين في الأرض وما أكثرهم ، وفي مثل هذه الموضوعات يجد الكاتب صعوبة في السيطرة على النص والخروج به بلا حشو ولا نتوءات وزوائد تشوه صورته وتجعله عسير الهضم من قبل المتلقي ، لكننا وجدنا الكاتب من خلال التحكم بأدواته وبساطة لغته متأثرا ببيئته الأصلية القروية ، وناقلا من خلال راو عليم يتدخل أحيانا ويراقب أخرى وبطريقة مكثفة ومشوقة ـ إلى حد ما ـ وجدناه يقدم رؤيته لمأساة متكررة ، من خلال انسجام متناغم بين الشخوص والبيئة والمكان والزمان ، وان عاد بنا إلى الوراء قليلا من خلال زمن اعُتُمِد فيه على الدراجة كوسيلة للمواصلات إلا انه كما يبدو كان يريد أداة بسيطة لتدلل على ضعف الإمكانيات ..

خاتمه :
ما تقدم قراءة سريعة لنص " في جنح الليل " للقاص " محمد صالح رجب " وبالتأكيد النص يحتاج إلى مزيد من التشريح إيجابا أوسلبا .

تحياتي ..

قديم 01-13-2012, 03:20 PM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ محمد صالح رجب

لا شك ان السرد في القصة رائع لكني ما زلت ارى بأنه يمكنك زيادة حدة الدراما . تصور مثلا لو ان هذه الفقرة في القصة " اخذت حبات العرق الساخنة تتساقط من جبينه، وهو يدفع بدراجته نحو قمة المنحدر، جاهد في الوصول الى اعلى الطريق واحس بأن همومه تجذبه بعنف نحو الاسفل. يكاد لا يقوى على الوصول...تخيل ان نهايته ستكون على ظهر دراجة. كان الليل حالكا لكنه كان يركز بصره على الاضواء المبهرة التي تنبعث من البيوت المنتشرة على المسافة القريبة من جانبي النهر فينبعث في قلبه الامل. اخيرا وصل الى اعلى المنحدر فامتطى دراجته التي اسرعت في انحدار يسابق الريح، ضغط على المكابح التي لم تستجب له ارخى لدراجته العنان لتزداد سرعتها، ظن انه هالك لا محالة، احس باقتراب اجله، زدات الذكريات في راسه وزاد اندفاعه ...


شيء من هذا القبيل لكن باسلوب جميل مثل اسلوبك..طبعا انت الاستاذ وهذا مجرد اجتهاد واقتراح .

قديم 01-31-2013, 12:30 PM
المشاركة 13
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله
الملاحظات لا تفسد للنص طبعته بل تجمله وتزينه وتظهر خفاياه ، من حيث اللغة أجد النص مقبولا وحتى من الناحية السردية ، لكن بالمقابل النص رتيب رتابة بطله ، لا نرتجي منك حركة هليودية بدقرما نريد شيئا مؤثرا والنهاية هي عصب القصة و هي من تحيي النص أو تقتله ، النص ينقل جزءا من معاناة العمال لكن لم يتجواز نقلها ولم يحاورها و يتفاعل معها بأحداث متشعبة ، النص بمنظار واحد ينزع إلى ثقافة الا نزواء والمحدودية ، النص المفتوح يأتي برؤى مختلفة تتفاعل عبر أحداث حركية متسلسلة و ذات مغزى .
تحية لأديبنا المحترم *


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: في جنح الليل ( قصة بقلم : محمد صالح رجب )
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الطريق إلى الجنة ( قصة بقلم : محمد صالح رجب ) محمد صالح رجب منبر القصص والروايات والمسرح . 2 05-01-2011 12:02 AM
من يكتب التاريخ ( بقلم : محمد صالح رجب ) محمد صالح رجب منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 04-10-2011 11:28 PM
الأسيرة( قصة بقلم : محمد صالح رجب ) محمد صالح رجب منبر القصص والروايات والمسرح . 8 11-07-2010 03:52 PM
باميه ( قصة بقلم : محمد صالح رجب ) محمد صالح رجب منبر القصص والروايات والمسرح . 8 10-14-2010 09:02 AM
المحاكمة ( قصة بقلم : محمد صالح رجب ) محمد صالح رجب منبر القصص والروايات والمسرح . 6 10-09-2010 05:13 PM

الساعة الآن 07:00 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.