قديم 09-29-2021, 08:04 AM
المشاركة 6071
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
4528- هذا أَمْرٌ لاَ تَبْرُكُ عَلَيهِ الإِبِلُ

يضرب للأمر العظيم الذي لا يصبر عليه

قديم 09-29-2021, 08:05 AM
المشاركة 6072
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
4529- هوَ أذَلُّ مِنْ حِمَارٍ مُقَيَّدٍ

قَالَ المتلمس‏:‏

وَمَا يُقِيمُ بدارِ الذَُلِّ يَعْرِفُهَا * إلاَ الأذَلاَنِ عَيْرُ الحَيِّ وَالوَتِدُ

هذا عَلَى الخَسْفِ مَرْبُوطٌ بِرُمَّتِهِ * وَذَا يُشَجُّ فَمَا يَبْكِى لَهُ أحَدُ

قديم 09-29-2021, 08:05 AM
المشاركة 6073
ياسَمِين الْحُمود
(الواعية الصغيرة)
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي
الحضور المميز الألفية الثانية الإداري المميز الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى وسام الإدارة التكريم الكاتب المميز 
مجموع الاوسمة: 9

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
4530- هُوَ يَبْعَثُ الكِلاَبَ عَنْ مَرابِضِهَا‏.‏

يضرب للرجل يخرج بالليل يسأل الناس مِنْ حِرصه فتنجه الكلاَب؛ فذلك بَعْثُه إياها عن مرابضها‏.‏

ويُقَال‏:‏ بل يثير الكلاَبَ يطلب تحتها شيئاً لشَرَهِهِ وحرصه على ما فضل من طعامها

قديم 10-03-2021, 09:54 PM
المشاركة 6074
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
2925

.... قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمْ حَرْبُ دَاحِسٍ وَالغَبْرَاءِ ....

قَال المفضل‏:‏ داحسٌ فرسُ قيسِ بن زهير بن جَذِيمة العَبسي،
والغَبْرَاء: فرسُ حُذَيْفَة بن بَدْر الفَزَاريّ، وكان يُقَال لحذيفة
هذا ‏"‏رب معد" في الجاهلية، وكان من حديثهما أن رجلًا من
بني عَبْس يُقَال له قِرْوَاش بن هنى كان يُبَارِي حَمَلَ بن بَدْر
أخا حُذَيفة في داحس والغبراء، فَقَال حَمَلَ‏:‏ الغبراءُ أجْوَد،
وقَال قِرْوَاش‏:‏ داحس أجود، فتَرَاهَنَا عليهما عشرًا في عشر،
فأتى قِرْوَاش قيسَ بن زهير فأخبره، فَقَال له قيس‏:‏ راهنْ مَنْ
أحببت وجَنِّبْني بني بدر؛ فإنهم قوم يظلمون لقدرتهم على
الناس في أنفسهم، وأنا نَكِد أباء، فَقَال قِرْوَاشِ‏:‏ إني قد أوجَبْتُ
الرهان، فَقَال قيس‏:‏ ويْلَكَ‏!‏ ما أردت إلا أشأم أهل ‏ بيت، والله
لتشعلن علينا شرًّا، ثم إن قيسًا أتى حَمَلَ بن بدر فَقَال‏:‏ إني قد
أتيتك لأواضِعَكَ الرهان عن صاحبي، فَقَال‏:‏ لا أواضعكَ أو تجيء
بالعَشْر، فإن أخذتُها أخذتُ سَبَقِي، وإن تركتها رَدَدْتُ حقا قد
عرفته لي وعرفته لنفسي، فأحْفَظَ قيسًا، فَقَال‏:‏ هي عشرون، قَال
حَمَلَ‏:‏ هي ثلاثون، فتلاجَّا وتَزايَدَا حتى بلغ به قيسٌ مئةً ووضع
السبق على يدي غلاق، أو ابن غلاق أحد بني ثعلبة بن سعد،
ثم قَال قيس‏:‏ وأخيرك بين ثلاث فإن بدأت فاخترت فلي منه
خصلتان، قَال حمل‏:‏ فابدأ، قَال قيس‏:‏ فإن الغاية مئة غَلْوَة
وإليك المِضْمَار ومنتهى الميطان - أي حيث يوطن الخيل للسبق -
قَال‏:‏ فَخَرَّ لهم رجل من محارب فَقَال‏:‏ وقع البأس بين ابني
بَغِيض، فضمروها أربعين ليلة، ثم استقبل الذي ذَرَعَ الغاية
بينهما من ذات الإصَاد، وهي ردهة وسَطَ هَضْب القَليب،
فانتهى الذرع إلى مكان ليس له اسم، فقادوا الفرسين إلى الغاية
وقد عَطَّشوهما وجعلوا السابق الذي يرد ذاتَ الإصاد وهي مَلْأى
من الماء، ولم يكن ثمَّ قصبة ولا غيرها، ووضع حَمَل حَيْسًا في دِلاء
وجعله في شعب من شِعَاب هَضْب القَلِيب على طريق الفرسين،
فسمى ذلك الشعب ‏"‏شعب الحَيْسِ‏"‏ لهذان وكمن معه فتيانا
فيهم رجل يُقَال له زهير بن عبد عمرو، وأمرهم إن جاء داحس
سابقًا أن يردُّوا وَجْهه عن الغاية، وأرسلوهما من منتهى الذرع،
فلما طلعا قَال حَمَل‏:‏ سَبَقْتُكَ يا قيس، فَقَال قيس‏:‏ بعد اطِّلاع
إيناسٌ، فذهبت مثلًا، ثم أجدَّا فقال حمل: سبقتك يا قيس، فقال:
رويدًا يَعْدون الجَدَد، أي يتعدينه إلى الوَعْث والخَبَار، فذهب
مَثَلًا، فلم دنوا وقد برز داحس قَال قيس‏:‏ جَرْيُ المُذْكِيات غِلاب،
ويقَال ‏"‏غِلَاء‏"‏ كما يتغالى بالنبل، فذهبت مَثَلًا، فلما دنا من الفتية
وثب زهير فلَطَمَ وَجْه داحس فردَّه عن الغاية، ففي ذلك يقول
قيس بن زهير:

كَمَا لاَقَيْت مِنْ حَمَلِ بْنِ بَدْرِ
وإخْوَتِهِ عَلَى ذاتِ الإصَادِ

هُمُ فَخَرُوا عَلَيَّ بَغَيْرِ فَخْرٍ
وَرَدُّوا دُونَ غَايَتِهِ جَوَادِي


فَقَال قيس‏:‏ يا حذيفة‏:‏ أعْطُوني سَبْقِي، قَال حذيفة: خدعتك،
فَقَال قيس‏:‏ تَرَكَ الخِدَاعَ مَنْ أجْرَي مِن مِئِةٍ، فذهبت مَثَلًا،
فَقَال الذي وضعا السَّبْقَ على يديه لحذيفة‏:‏ إن قيسًا قد سَبَق،
وإنما أردت أن يُقَال سَبَق حذيفة، وقد قيل، أفأدفع إليه سبقه‏؟
قَال: نعم، فدفع إليه الثعلبي السبق، ثم إن عركى بن عميرة
وابن عَمٍّ له من فَزارة نَدَّمَا ‏حُذَيفة وقَالا‏:‏ قد رأى الناس سبقَ
جوادك، وليس كل الناس رأى أن جَوَادهم لُطِم، فَدَفْعُكَ السبقَ
تحقيقٌ لدعواهم، فاسلُبْهُم السبق فإنه أقْصَرُ باعا وأكَلُّ حَدًّا
من أن يردك، قَال لهما‏:‏ ويلكما! أراجع فيهما متندما على ما
فَرَطَ‏؟‏ عَجْزٌ والله، فما زالا به حتى ندم، فنَهَى حميصة بن عمرو
حذيفة وقَال له‏:‏ إن قيسًا لم يَسْبقك إلى مَكْرُمة بنفسه، وإنما
سبَقَتْ دابةٌ دابةً فما في هذا حتى تدعى في العرب ظلوما‏؟‏ قَال:
أمَّا إذا تكلمت فلا بدَّ من أخذِه، ثم بعث حذيفة ابنه أبا قرفة
إلى قيس يطلب السبق، فلم يصادفه، فَقَالت له امرأته، هر بنت
كعب‏:‏ ما أحبّ أنك صادفت قيسًا، فرجع أبو قرفة إلى أبيه فأخبره
بما قَالت، فَقَال‏:‏ والله لتعودَنَّ إليه، ورجَع قيس فأخبرته امرأتُه
الخبرَ فأخذت قَيْسًا زفراتٌ، فأقبل متقلّبًا ولم ينشَبْ أبو قرفة أن
رجع إلى قيس فَقَال‏:‏ يقول أبي‏:‏ أعطِنِي سَبْقي، فتناول قيس الرمح
فطعنه فدقّ صُلبه، ورجعت فرسه عائرة، فاجتمع الناس، فاحتملوا
دية أبي قرفة مئة عُشَرَاء، فقبضها حُذَيفة وسَكَنَ الناس، فأنزلها على
النفرة حتى نتجها ما في بطونها، ثم إن مالك بن زهير نزل اللقاطة
- وهي قريب من الحاجر - وكان نكح من بني فَزَارَة امرَأة فأتاها
فبنى بها وأخبره حذيفة بمكانه، فعدَا عليه فقتله وفي ذلك يقول
عنترة:

للهِ عَيْنَا مَنْ رَأى مِثْلَ مالك
عَقِيرَةَ قَوْمٍ أن جَرَى فَرَسَانِ

فَلْيَتهُمَا لم يَجْرِ يَا نِصْفَ غَلْوَةٍ
وليتهما لم يُرْسَلاَ لِرِهَانِ


فأتت بنو جَذيمة حذيفة‏‏ فَقَالت بنو مالك بن زهير لمالك بن
حذيفة‏:‏ رُدُّوا علينا مالنا، فأشار سنان بن أبي حارثة المرّيّ على
حذيفةَ أن لا يرد أولادها معها، وأن يرد المئة بأعيانها، فقال
حذيفة‏:‏ أرد الإبل بأعيانها ولا أرد النَّسلَ، فأبوا أن يقبلوا ذلك،
فَقَال قيس بن زهير:

يَوَدُّ سِنَانٌ لو يُحارب قَوْمَنَا
وفي الحربِ تَفْرِيقَ الجَمَاعةِ وَالأزْلُ

يَدُبُّ وَلا يَخْفَى ليُفْسِدَ بَيْنَنَا
دَبِيبًا كما دَبَّتْ إلى جُحرِها النَّمْلُ

فيا ابْنَيْ بَغِيضٍ رَاجعَا السَّلْمَ تَسْلَمَا
ولا تُشْمِتَا الأعداء يَفْتَرق الشَّمْلُ

وإن سبيلَ الحربِ وَعْرُ مُضِلَّةٌ
وإن سبيل السِّلْم آمِنَةٌ سَهْلُ


قَال‏:‏ والربيع بن زياد يومئذ مجاورُ بني فزَارة عند امرأته، وكان
مُشَاحنًا لقيس في درعه ذي النور كان الربيع لَبِسَها فَقَال‏:‏ ما
أجودَهَا، أنا أحقَّ بها منك، وغَلَبه عليها، فأطْرَدَ قيس لَبُونًا لبني
زياد، فعارض بها عبد الله بن جُدْعان التَّيْمي بسِلَاح، وفي ذلك
يقول قيس بن زهير:

ألَمْ يأتِيكَ وَالأنباءُ تَنْمِي
بِمَا لاَقتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ

وَمَحْبِسُهَا لَدَى القُرْشِيِّ تُشْرَى
بأفْراسٍ وَأسْيَافٍ حِدَادِ


فلما قتلوا مالكَ بن زهير تَوَاحَوْا بينهم، فَقَالوا‏:‏ ما فعل حماركم؟
قَالوا‏:‏ صِدْناه، قَال الربيع‏:‏ ما هذا الوحي‏؟‏ إن هذا الأمر ما أدري
ما هو، قَالوا‏:‏ قتلنا مالك بن زهير قَال‏:‏ بئسما فعلتم بقومكم،
قبلتم الدية ورضيتم، ثم عَدَوْتُم على ابن عمكم وصهركم وجاركم
فقتلتموه وغدرتم، قَالوا‏:‏ لولا أنك جارٌ لقتلناك، وكانت خفرة الجار
ثلاثًا، فقالوا‏:‏ لك ثلاثة أيام، فخرج، وأتبعوه فلم يدركوه حتى لحقَ
بقومه، وأتاه قيس بن زهير، فصالحه ونزل معه، ثم دسَّ أَمَةً له
يُقَال لها رعية إلى الربيع تنظر ما يعمل، فدخلت بين الكفاء
والقصد لتنظر أمحارب هو أم مسالم، فأتته امرأته تعرض له وهي
على طُهْر فَزَجَرَها ‏(‏في نسخة ‏"‏فدحرها‏"‏ والمعنى واحد‏)‏ وقَال
لجاريته‏:‏ اسقِينِي، فلما شرب أنشأ يقول:

مُنِعَ الرُّقَادَ فَمَا أُغَمِّضُ حَارِي
جَلَلٌ مِنَ النَّبَأِ المُهِمّ السَّارِي

مَنْ كَانَ مَحْزُوْنًا بمَقْتَلِ مَالِكٍ
فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ

يَجِدِ النِّسَاءَ حَوَاسِرًا يَنْدُبْنَهُ
يَلْطُمْنَ أوجُهَهُنَّ بالأسْحَارِ

أفَبَعْدَ مَقْتَلِ مَالِكِ بنِ زهيرٍ
تَرجُو النِّسَاء عَوَاقِبَ الأطْهِارِ

فأتت رعية قيسًا فأخبرته خبر الربيع، فَقَال‏:‏ أنت حرة،
فأعتقها، وقَال وثقت بأبي منصور، وقَال قيس:

فإنْ تَكُ حَرْبُكَمْ أمْسَتْ عَوَانًا
فإنِّي لَمْ أكُنْ مِمَّنْ جَنَاهَا

وَلكنْ وُلْدُ سَوْدَةَ أرَّثُوهَا
وَحَشُّوا نَارَهَا لِمَنِ اصطَلاَهَا

فإنِّي غَيْرُ خَاذِلِكُمْ‏،‏ ولكِنْ
سَأسْعَى الآنَ إذْ بَلَغَتْ مَدَاهَا


ثم قاد بني عبس وحُلفاؤهم بني عبد الله بن غَطَفان يوم
ذي المريقب إلى بني فَزَارة ورئيسهم إذ ذاك حُذِيفة بن بَدْر،
فالتقوا؛ فقتل أرطاة أحد بني مخزوم من بني عبس عوف بن
بدر، وقتل عنترة ضمضمًا ونَفَرًا ممن لا يعرف اسمهم، وفي
ذلك يقول:

وَلَقَدْ خَشِيتُ بأنْ أمُوتَ وَلَمْ تَكُنْ
لِلحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنِيْ ضَمْضَمِ

الشَّاتِمَيْ عِرْضِي وَلَمْ أَشْتُمْهُمَا
وَالنَّاذِرَينْ إذا لَمَ القَهُمَا دَمِي

إنْ يَفْعَلاَ فَلَقَدْ تَرْكْتُ أبَاهُمَا
جَزْرَ السِّبَاعِ وَكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ

وقَال:

ولَقَدْ عَلِمْتُ إذا التَقَتْ فُرْسَانُنَا
بِلِوَى المُريقِبِ أنَّ ظَنَّك أحمقُ

يوم ذي حسى

ثم إن بني ذُبيَان تجمَّعُوا لما أصاب بنو عَبْس منهم مَنْ
أصابُوا، فَغَزَوْا - ورئيسُهم حذيفة بن بدر - بني عبس
وحلفاءهم بني عبد الله بن غَطفان ورئيسهم الربيعُ بن
زِياد، فتوافَوْا بذي حسى، وهو ‏[‏من‏]‏ وادي الهَبَاءة في أعلاه،
فهزمت بنو عبس، واتبعتهم بنو ذُبْيَان حتى لحقوهم
بالمغيقة -ويقَال‏:‏ بغيقة - فَقَال‏:‏ التفاني أو تُقِيدُونا، فأشار
قيس على الربيع بن زياد أن يماكرهم، وخاف إن قاتلوهم
أن لا يقوموا لهم، وقَال‏:‏ إنهم ليسوا في كل حين يتجمعون،
وحذيفة لا يستنفر أحدًا لاقتداره وعُلُوِّه، ولكن نعطيهم
رَهَائن من أبنائنا فندفع حَدَّهم عنا، فإنهم لن يقتلوا الوِلْدَان
ولن يصلوا إلى ذلك منهم مع الذين نضعهم على يديهم، وإن
هم قتلوا الصبيان فهو أهْوَنُ من قتل الآباء، وكان رأى الربيع
مُنَاجزتهم فَقَال‏:‏ يا قيس أتَنْفُخُ سَحْرَكْ‏؟‏ وملأ جَمْعُهم صَدْرَكْ،
وقَال الربيع:

أقُولُ ولم أمْلِكْ لِقَيسٍ نَصِيحَةً
أرى مَا يَرَى والله بالغيبِ أعْلَمُ

أنُبْقِي على ذُبْيَانَ مِنْ بَعد مَالِكٍ
وَقَدْ حَشَّ جَانِي الحَرْبِ نَارًا تَضَرَّمُ

وقَال قيس‏:‏ يا بني ذُبْيان خُذوا منا رهائن ما تطلبون ونرضاكم
إلى أن تنظروا في هذا، فقد ادعيتم ما نعلم وما لا نعلم، ودعونا
حتى نتبين دعواكم، ولا تعجلوا إلى الحرب، فليس كل كثير غالبًا،
وضَعُوا الرهائن عند مَنْ تَرْضُون به ونرضى به، فقبلوا ذلك،
وتَرَاضَوْا أن تكون الرهائن عند سبيع بن عمرو الثعلبي،
فدفعوا إليه عِدَّةً من صبيانهم وتكافَّ الناسُ، فمكثوا عند سبيع
حتى حَضَره الموتُ فقال لابنه مالك: إن عندك مكرمة لن تبيد
إن احتفظت بهؤلاء الأغَيْلِمَةِ وكأني بك لو قد مُتُّ أتاك خالُكَ
حذيفة،- وكانت أم مالك أخت حذيفة - يَعْصِرُ عينيه ويقول:
هلك سيدُنا، ثم يخدعك عنهم حتى تدفعهم إليه فيقتلهم ثم
لا تَشْرُفُ بعدهم أبدًا، فإن خِفْتَ ذلك فاذهب بهم إلى قومهم،
فلما ثقل سبيع جعل حُذَيفة يبكي ويقول: هلك سيدُنا، فلما
هلك طاف بمالك وعظَّمَه ثم قال: أنا خالُكَ وأسَنُّ منك، فادفع
إليَّ هؤلاء الصبيان، يكونون عندي غلى أن ننظر في أمرنا، فإنه
قبيحٌ أن تملك عليَّ شيئًا، ولم يزل به حتى دفعهم إليه، فلما
صاروا عنده أتى بهم اليعمرية- وهو ماء بوادٍ من بطن نخل -
وأحْضَرَ أهلَ الذين قتلوا، فجعل يبرز كل غلام منهم فينصبه
غَرَضًا ويقول له: نادِ أباك، فينادي أباه، فلم يزل يرميه حتى
يخرقه، فإن مات من يومه ذاك وإلَّا تركه إلى الغد ثم فعل
به مثل ذلك حتى يموت، فلما بلغ ذلك بني عبس أتَوْهُم
باليعمرية، فقتلت بنو عبس من بني ذبيان اثني عشر رجلًا،
منهم مالك ويزيد ابنا سبيع، وعركى بن عميرة، وقَال عنترة
في قتل عركى:

سَائِلْ حُذَيْفةَ حِينَ أرَّشَ بَيْنَنَا
حَرْبًا ذَوَائِبُها بِمَوْتٍ تَخْفِقُ

‏‏في ديوان عنترة ‏"‏حين أرث بيننا"

وَاُسْأَلْ عُمَيْرَةَ حِيْنَ أجْلَبَ خَيْلُهَا
رفضا غرين بأيِّ حَيٍّ تَلْحَقُ


يوم الهَبَاءة


ثم إنهم تجمَّعوا فالتَقَوْا إلى جَفْر الهَبَاءة في يوم قائظ، فاقتتلوا
من بُكْرة حتى انتصف النهار، وحَجَزَ الحرّ بينهم، وكان حذيفة
يحرق ركوبُ الخيل فخذيه، وكان ذا خَفْض، فلما تحاجزوا أقبل
حذيفة ومَنْ كان معه إلى جَفْر الهباءة ليتبرَّدُوا فيه، فَقَال قيس
لأصحابه‏:‏ إن حذيفة رجل محرق الخيل نازه، وإنه مستنقع الآن
في جَفْر الهباءة هو وإخوته، فانْهَضُوا فاتبعوهم، فنهضوا وأتَوْهم،
ونظر حصن بن حُذَيفة إلى الخيل - ويقَال‏:‏ عُيَينة بن حصن -
فبَعِلَ ‏(‏بعل - على مثال فرح - دهش وفرق‏)‏ وانْحَدَرَ في الجَفر،
فَقَال حَمَل بن بدر‏:‏ مَنْ أَبْغَضُ الناس إليكم أن يقف على
رؤوسكم‏؟‏ قَالوا‏:‏ قيس والربيع، قَال‏:‏ فهذا قيس قد جاءكم، فلم
يَنْقَضِ كلامُه حتى وقف قيس وأصحابه على شَفِير الجفر، وقيسٌ
يقول‏:‏ لبيكم لبيكم - يعني الصبية - وفي الجفر حذيفة ومالك
وحَمَل بنو بدر، فَقَال حمل‏:‏ نَشَدْتك الرحم يا قيس، فَقَال قيس:
لبيكم لبيكم، فعرف حذيفة أن لَنْ يَدَعَهم، فَنَهَرَ حَمَلًا وقَال:
إياك والمأثور في الكلام، وقَال حذيفة‏:‏ بنو مالك بمالك، وبنو حمل
بذي الصبية، ونردُّ السَّبْق، قَال قيس‏:‏ لبيكم لبيكم، قَال حذيفة:
لئن قتلتني لا تصطلح غَطفان أبدًا، قَال قيس‏:‏ أَبْعَدَكَ الله‏!‏ قتلُكَ
خيرٌ لغطفان، سيربع على قدره كل سيد ظلوم، وجاء قِرْوَاش بني
هنى من خلف حذيفة، فَقَال له بعض أصحابه‏:‏ احذر قرواشا
- وكان قد رباه فظن أنه سيشكر ذاك له - قَال‏:‏ خَلُّوا بين قرواش
وظهري، فنزع له قرواش بِمِعْبَلَةٍ ‏(‏المعبلة‏:‏ النصل الطويل العريض)
فَقَصَمَ بها صُلْبه، وابتدره الحارث بن زهير وعمرو بن الأسلع
‏فضرباه بسيفيهما حتى ذَفَّفَا عليه، وأخذ الحارث بن زهير سيفَ
حذيفة ذا النون - ويقَال‏:‏ إنه كان سيف مالك بن زهير، أخذه
حذيفة يوم قتل مالك - ومَثَّلُوا بحذيفة فقطعوا مَذَاكِيره فجعلوها
في فمه وجعلوا لسانَه في اسْتِهِ، ورمى جنيدب بن زيد مالك بن بدر
بسهم فقتله، وكان نذر ليقتلَنَّ بابنه رجلا من بني بدر، فأحَلَّ به
نذره، وقتل مالك بن الأسلع الحارث بن عوف بن بدر بابنه،
واستصغَروا عُيَيْنة بن حصن فخَلَّوْا سبيله، وقتَل الربيع بن زياد
حملَ بن بدر، فَقَال قيس بن زهير يرثيه:

تَعَلَّمْ أَنَّ خَيْرَ النَّاس طُرًّا
عَلَى جَفْرِ الهَبَاءةِ لَا يَرِيمُ

فَلَوْلاَ ظُلْمه مَا زِلْتُ أبْكِي
عَلَيْهِ الدَّهْرَ مَا طَلَعَ النُّجُومُ

وَلَكِنَّ الفَتَى حَمَلَ بْنَ بَدْرٍ
بَغَى، وَالبَغْيُ مَرْتَعُهُ وَخِيمُ

أظُنُّ الحِلْمَ دَلَّ عَلَيَّ قَوْمِي
وَقَدْ يُسْتَجْهَلُ الرَّجُلُ الحَلِيمُ

أُلاقِي مِنْ رِجَالٍ مُنْكَرَاتٍ
فأنْكُرُها وَمَا أنا بالظَّلُومِ


‏(‏هذا البيت ساقط من أكثر المراجع، وفيه الإقواء)

وَمَارَسْتُ الرّجَالَ وَمَارَسُونِي
فَمُعْوَجٌّ عَلَيَّ وَمُسْتَقِيمُ

وقَال زبان بن زياد يذكر حذيفة وكان يحسد سؤدده:

وإنَّ قَتِيلًا بالهَبَاءة في اسْتِهِ
صَحِيْفَتُهُ إنْ عَادَ لِلْظُّلْمِ ظَالِمُ

مَتَى تَقْرَؤوها تَهْدِكُمْ مِنْ ضَلَالكُمْ
وَتُعْرَفْ إذا ما فُضَّ عَنْهَا الخَوَاتِمُ

فإن تسألوا عَنْهَا فَوَارِسَ دَاحِسٍ
يُنْبِئُكَ عَنْهَا مِنْ رَوَاحَةَ عَالِمُ


ونعى ذلك عقيل بن عُلَّفَة عَلَى عويف القوافي حين هاجاه
فَقَال:

ويُوقِدُ عَوْفٌ للعشيرة نارَهَا
فَهَلَّا عَلَى جَفْرِ الهَبَاءةِ أَوْقَدَا

فإنَّ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءةِ هامَةً
تُنَادِي بَنِي بَدْرٍ وَعارًا مُخَلَّدَا

وإنَّ أبا وَرْدٍ حُذَيفَةَ مُثْفَرٌ
بأيْرٍ عَلَى جَفْرِ الهَبَاءَة أسْوَدَا


وقَالت بنت مالك بن بدر ترثي أباها:

إذا هَتَفَتْ بالرَّقْمَتَيْنِ حَمَامًةٌ
أوِ الرَّسِّ فابْكِي فَارِسَ الكَتفَانَ

أحلَّ بِهِ أَمْسَ الجنيدبُ نَذْرَهُ
وَأيُّ قَتِيلٍ كان فِي غَطَفَانِ؟


يوم الفَرُوق

فلما أصيب يوم الهَبَاءة استعظمت غَطَفان قتلَ حُذِيفة، وكبر
ذلك عندها، فتجَّمَعُوا، وعرفت بنو عبس أن لا مقام لهم بأرض
غَطَفان، فخرجت متوجِّهَة نحو اليمامة يطلبون أخوالهم، وكانت
عبلة بنت الدؤل بن خنيفة أم رَوَاحة، فأتوا قتادة بن مسلمة،
فنزلوا اليمامة زمينًا، فمر قيس ذات يوم مع قَتَادة، فرأى قِحْفًا
فَضَرَبَه برجله وقَال‏:‏ كم من ضَيْم قد أقررْتَ به مخافَةَ هذا
المصرع ثم لم تنشل منه، فلما سمعها قتادة كرهَهَا، وأوْجَسَ
منه، فَقَال‏:‏ ارْتَحِلوا عنا، فارتحلوا حتى نزلوا هَجَر ببني سعد زيد
مَنَاة بن تميم، فمكثوا فيهم زمينًا، ثم إن بني سعد أتَوْا الجونَ
ملكَ هَجَرَ فَقَالوا له‏:‏ هل لك في مُهْرة شوهاء، وناقة حمراء، وفتاة
عذراء‏؟‏ قَال‏:‏ نعم، قَالوا‏:‏ بنو عبس غارُّونَ تُغِير عليهم مع جندك
وتُسْهِمُ لنا من غنائمهم، فأجابهم، وفي بني عبس امرَأة من سعدٍ
ناكحٌ فيهم، فأتاها أهلُها ليضموها، وأخبروها الخبر، فأخبرت به
زوجَهَا، فأتى قيسًا فأخبره، فأجمعوا على أن يرحلوا الظعائن وما
قوى من الأموال من أول الليل، ويتركوا النار في الرِّثَّة ‏(‏الرثة
- بالكسر - السقط من المتاع والخلقان‏‏‏)‏، فلا يستنكر ظعنهم عن
منزلهم، وتقدم الفُرْسان إلى الفَرُوق، فوقفوا دون الظُّعنُ، وبين
الفروق وسوق هجر نصف يوم، فإن تبعوها قاتلوهم وشَغَلوهم
حتى تعجل الظُّعنُ، ففعلت ذلك، وأغارت جنود الملك مع بني
سعد في وَجْه الصبح، فوجَدُوا الظُّعُن قد أسْرَيْنَ ليلتهن، ووجدوا
المنزل خَلَاء فاتَّبَعُوا القَوم حتى انتهوا إلى الخيل بالفَرُوق، فقاتلوهم
حتى خلوا سربهم، فمضوا حتى لحقوا بالظُّعُن، فساروا ثلاثة أيام
ولياليهن حتى قَالت بنت قيس لقيس‏:‏ يا أبتِ أتسير الأرض، فعلم
أن قد جُهِدْنَ، فَقَال‏:‏ أنِيخُوا، فأناخوا، ثم ارتحل، وفي ذلك يقول
عنترة:

ونحنُ مَنَعْنَا بالفَرُوقَ نِسَاءَنَا
نُطَرّفُ عَنْهَا مُشْعلَاتٍ غَوَاشِيا

حَلَفْنَا لَهَا والخَيْلُ تَدْمَى نُحُورُها
نُفَارِقكُمْ حَتَى تَهُزُّوا العَوَالِيا

ألم تَعْلَمُوا أنَّ الأسِنَّةَ أحْرَزَتْ
بَقِيَّتَنَا لَوْ أنَّ لِلْدَّهْرِ بَاقِيا

وَنَحْفَظْ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَنَتَّقِي
عَلَيْهِنَّ أنْ يَلْقَيِنَ يَوْمًا مَخَازِيا


فلحقوا ببني ضبة، وزعموا أن مالك بن بكر بن سعد وعَبْسًا
أخَوَان لأم، ويقَال لهما‏:‏ ابنا ضخام، فكانوا فيهم زمينًا، وأغارت
ضبة - وكانت تميم تأكلهم قبل أن يترببوا - فأغاروا على بني
حَنْظلة، فاستاق رجل من بني عبس امرَأة من بني حَنْظَلة في
يوم قائظ حتى بَهَرَها ولهثت، فَقَال رجل من بني ضبة‏:‏ ارْفُقْ
بها، فَقَال العبسي‏:‏‏ إنك بها لَرَحِيم‏؟ فَقَال الضبي‏:‏ نعم، فأهوى
العبسي لعجزها بطرف السنان، فنادت‏:‏ يا آل حَنْظَلة، فشدَّ
الضبيّ على العبسيّ فقتله، وتنادى الحيان، ففارقتهم عبس، فمرت
تريد الشأم، وبلغ بني عامر ارتفاعُهم إلى الشأم، فخافوا انقطاعهم
من قيس، فخرجت وفود بني عامر حتى لحقتهم، فدعتهم إلى أن
ترجعوا ويحالفوهم، فَقَال قيس‏:‏ يا بني عَبْس، حالِفُوا قَوْمًا في
صبابة بني عامر ليس لهم عَدَد فيبغُوا عليكم بعَدَدهم، فإن
احتجتم أن يقوموا بنصرتكم قامت بنو عامر، فحالفوا معاوية بن
شكل، فمكثوا فيهم، ثم إن شاعرًا - يُقَال‏:‏ إنه عبد الله بن همام
أحد بني عبد الله بن غطفان، ويقَال‏:‏ إنه النابغة الذبياني - قَال:

جَزَى الله عَبْسًا عَبْسَ آلِ بغيض
جَزَاء الكِلابِ العَاوِياتِ وَقَدْ فَعَلْ

بِمَا انْتَهَكُوا مِنْ رَبِّ عدنان جَهْرَةً
وَعَوْف يُناجِيهمْ وَذَلِكُمُ جَلَلْ

فَأصْبَحتُم وَالله يَفْعَل ذَلكُمْ
يعزكم مَوْلَى مَوَاليكم شكل


فلما بلغ قيسًا قَال‏:‏ ما له قاتله الله أفسد علينا حِلْفنا‏؟‏ فخرجوا
حتى أتوا بني جعفر بن كلاب، فَقَالوا‏:‏ نكره أن تتسامع العرب
أنا حالفناكم بعد الذي كان بيننا وبينكم، ولكنهم حلفاء بني
كلاب، فكانوا فيهم حتى كان يوم جَبَلة فتَهايجوا في شأن ابن
الجون، قتله رجل من بني عَبْس بعد ما كان أعتقه عوف بن
الأحوص، فَقَال عوف‏:‏ يا بني جعفر إن بني عبس أدنى عدوكم
إليكم، إنما يجمعون كُرَاعهم، ويُحِدُّون سلاحهم، ويأسُونَ
قُرُوحهم، فأطيعوني وشُدُّوا عليهم قبل أن يندملوا، وقَال:

وإنِّي وَقَيْسًا كَالْمُسَمَّنِ كَلْبَهُ
فخَدَّشَهُ أنْيابُهُ وَأظْافِرُه

فلما بلغ ذلك بني عبس أتوا ربيعة بن قُرْط أحد بني أبي
بكر بن كلاب، فخالفوه، فَقَال في ذلك قيس:

أُحاوِلُ ما أحاوِلُ ثم آوِي
إلى جَارٍ كَجَارِ أبي دُوَادِ

مَنِيعٍ وَسْطَ عكرمَةَ بْنِ قَيْسٍ
وَهُوبٍ لِلْطَّرِيفِ وِللْتِّلَادَ

كَفَاني مَا خَشِيتُ أبُو هِلاَلٍ
رَبِيعَةُ فَانْتَهَيْتُ عَنِ الأعادِي

تَظَلُّ جِيادُهُ يَسْرِينَ حَوْلِي
بذَاتِ الرمْثِ كالحِدَإ العَوَادِي


يوم شعواء

ثم إن بني ذبيان غَزَوْا بني عامر وفيهم بنو عبس في يوم
شَعْواء، وفي يوم آخر، ‏ فأسر طلحةُ بن سنان قرواشَ بن
هنى، فنسبه، فكنى عن نفسه، فَقَال‏:‏ أنا ثور بن عاصم
البكائي، فخرج به إلى أهله، فلما انتهى إلى أدنى البيوت
عرفته امرَأة من أشجع أمها عبسية كانت تحت رجل من
فَزَارة، فَقَالت لزوجها‏:‏ إني أرى أبا شريح، قَال‏:‏ وَمَنْ أبو
شريح‏؟ قَالت‏:‏ قرواش بن هنى أبو الأضياف مع طلحة بن
سنان، قَال‏:‏ ومن أين تعرفينه‏؟‏ قَالت‏:‏ يتمت أنا وهو من
أبوينا فربَّانا حذيفة في أيتام غَطَفان، فخرج زوجُها حتى أتى
خزيم بن سنان فَقَال‏:‏ أخبرتني امرأتي أن أسيرَ طلحة أخيك
قِرْوَاش بن هنى، فأتى خزيمٌ طلحةَ فأخبره، فَقَال‏:‏ لا تغرني
على أسيرى لتسلبه مني، قَال خزيم‏:‏ لم أرد ذلك، ولكن امرَأة
فلان عرفته فاسمع كلامها، فأتوها فَقَال طلحة‏:‏ ما علمكَ أنه
قرواش‏؟ قَالت‏:‏ هو هو، وبه شامةٌ في موضع كذا، فرجعوا
إليه ففتشُوه فوجدوا الذي ذكرَت، قَال قرواش‏:‏ مَنْ عَرَفَني‏؟
قَالوا فلانة الأشجَعِية وأمها عَبْسِية‏؟‏ قَال‏:‏ ربَّ شر حملته
عَبْسية، فذهبت مَثَلًا، ودفع إلى حصن فقتله، فَقَال النابغة
الذبياني:

صبرًا بَغِيضُ بْنَ رَيْثٍ إنَّهَا رَحِم
حُبْتُم بِهَا فَأَنَاخَتكُم بِجَعْجَاجِ

‏(‏حبتم بها‏:‏ ارتكبتم الحوب، وهو الإثم)

فَمَا أشْطَّت سميٌّ إنْ هُمُ قَتَلُوا
بَنِي أسِيد بِقَتْلَى آلِ زِنْبَاعِ

كَانَتْ قُرُوض رِجَالٍ يَطْلبُون بِهَا
بَنِي رَوَاحَةَ كَيلَ الصَّاعِ بالصَّاعِ


(‏أقمنا ميل هذه الأبيات عن ديوان النابغة)

سمى‏:‏ هو ابن مازن بن فزارة.
ولم تزل عبس في بني عامر حتى غزا غَزِيٌّ من بني عامر
يوم شواحط بني ذبيان، فأسر منهم ناس أحدهم أخو
حنبص الضبابي، أسَرَهُ رَجلُ من بني ذبيان، فلما نَفِدَتْ
أيام عكاظ استودعه يهوديًّا خَمَّارًا من أهل تَيْمَاء فوجَدَه
اليهودي يخلفه في أهله، فأجَبَّ مذَاكِيره، فمات، فوثب
حنبص على بني عبس، فَقَال‏:‏ إن غطفان قتل أخي فَدُوه،
فَقَال قيس‏:‏ إن يدي مع أيديكم على غطفان ومع هذا
فإنما وَجَدَهُ اليهودي مع امرأته، فَقَال حنبص‏:‏ والله لو
قَتَلَتهُ الريح لوَدَيْتُمُوه، فَقَال قيس لقومه‏:‏ دُوه والحقُوا
بقومكم، فالموت في غطفان خير من الحياة في بني عامر
وقَال:

لَحَا اللهُ قَومًا أرَّثُوا الحربَ بَيْنَنا
سَقَوْنَا بِهَا مُرًّا من الماءِ آجِنَا

وكَايَدَ ذَا الخِصْيينِ إن كانَ ظالِمًا
وإن كُنْتَ مظلومًا وإن كانَ شَاطِنا

فهلَّا بني ذُبْيَانَ أُمُّكَ هَابِلٌ
رَهَنْتَ بفَيْفِ الرِّيحِ إن كُنْتَ رَاهِنا


فلما وَدَتْ عَبْس أخَا حنبص خرجَتْ حتى نزلت بالحارث بن
عوف بن أبي حارثة، وهو عند حِصْن بن حُذَيفة، جاء بعد
ساعةٍ من الليل، فقيل‏:‏ هؤلاء أضيافك ينتظرونك، قَال‏:‏ بل أنا
ضيفهم، فحَيَّاهم وهشَّ إليهم، وقَال‏:‏ مَنِ القَوم‏؟‏ قَالوا‏:‏ إخْوَتُك
بنو عَبْس وذكروا ما لقوا، فأقروا بالذنب، فَقَال‏:‏ نَعَمْ وكرامة
لكم، أكلم حِصْنًا، فرجع إليه، فقيل لحصن‏:‏ هذا أبو أسماء،
قَال‏:‏ ما رده إلا أمر، فدخل الحارث فَقَال‏:‏ طرقْتُ في حاجة يا
أبا قَيْس، قَال‏:‏ أُعْطِيتَهَا، قَال‏:‏ بنو عَبْس، وَجَدْتُ وفُودَهم في
منزلي، قَال حصن‏:‏ صالِحُوا قومَكم، أما أنا فلا أدِي ولا أتَّدِي،
قَدْ قَتَلْتْ آبائي وعُمُومتي عشرين من بني عبس، فما أدركت
دماءهم، ويقَال‏:‏ انطلق الربيعُ وقيس إلى يزيد بن سِنَان بن
أبي حارثة، وكان فارسَ بني ذبيان، فَقَالا‏:‏ انْعَمْ ظلامًا أبا ضمرة،
قَال‏:‏ نَعِمَ ظلامُكما، فَمَنْ أنتما‏؟‏ قَالا‏:‏ الربيع وقيس، قَال‏:‏ مرحَبًا،
قَالا‏:‏ أردنا أن تأتي أباك فتعيننا عليه لعله يَلُمُّ الشَّعَثَ ويَرْأب
الصَّدْع، فانطلَقَ معها، فَقَال لأبيه‏:‏ هذه عبس قد عَصَبت بِكَ
رجاء أن تلائم بين ابني بغيض، قَال‏:‏ مرحبًا قد آن للأحلام أن
تَثُوب، وللأرحام أن تنقى، إني لا أقدر على ذلك إلا بحِصْن
حُذَيفة وهو سيدٌ حليم، فائْتُوه، فأتوا حِصْنًا فَقَال‏:‏ مَنِ القوم‏؟
قَالوا‏:‏ ركبان الموت، فعَرَفهم، قَال‏:‏ بل ركبان السلم، مرحبًا بكم،
إن تكونوا اخْتَلَلْتُمْ إلى قومكم لقد اختلَّ قومُكم إليكم، ثم خرج
معهم حتى أتوا سِنانًا فَقَال له حصن‏:‏ قُمْ بأمر عَشيْرتك وارأبْ
بينهم فإني سأعِيْنُكَ، فاجتمعت بنو مرة، فكان أول مَنْ سعى في
الحَمَالة حَرْمَلَةُ بن الأشعر، ثم مات فَسَعى فيها ابنه هاشمُ بن
حَرْمَلَة الذي يقول فيه القائل:

أحْيَا أباهُ هَاشِمُ بْنْ حَرْمَلَةْ
يَوْمَ الهَبَاتَيْنِ وَيَوْمَ اليَعْمَلَهْ

تَرَى المُلُوكَ حَوْلَهُ مُغَرْبَلَهْ
يقْتُلُ ذَا الذَّنْبِ وَمَنْ لا ذَنْبَ لَهْ


‏في العقد* ترى الملوك حوله مرعبله*

يوم قطن

ولما حمل الحاملات وتراضى أبناء بَغِيض اجتمعت عَبْسٌ
وذبيان بقطن، وهو من الشربة، فخرج حُصَيْن بن ضَمْضَمْ
يَخلى فرسهُ، وهو آخذ بمرسنها، فَقَال الربيع بن زياد‏:‏ ما لي
عهد بحُصَين بن ضَمْضَمْ مذ عشرين سنة، وإني لأحسبه
هذا، قم يا بيحان (في بعض الأصول "تيحان" وفي بعضها
"تيجان") فادْنُ منه وناطِقْه فإن في لسانه حُبْسة، فقام
يكلمه، فجعل حصين يدنو منه فلا يكلمه، حتى إذا أمكنه
جال في متن فرسه ثم وَجَّهها نحوه، فلحقه قبل أن يأتي القوم
فقتله بأبيه ضَمْضَم، وكان عنترة قتله، وكان حصين آلى أن لا
يمسَّ رأسه غسلٌ حتى يقتل بأبيه بيحان، فانحازت عبس
وحلفاؤها، وقالوا: لا نصالحكم ما بلَّ بحرٌ صُوفَةً، وقد غدرت
بنا بنو مرة، وتناهَضَ الحيان، ونالدى الربيع بن زياد: مَنْ
يبارز؟ فقال سنان وكان يومئذ واجدًا على ابنه يزيد: ادْعُوا
لي ابني، فأتاه هَرِمُ بن سنان فقال: لا، فأتاه ابنه خارجة فقال:
لا، وكان يزيد يَحْزم فرسه ويقول: إن أبا ضمرة غير غافل، ثم
ثم أتاه فَبَرَزَ للربيع، وسَفَرت بينهم السفراء، فأتى خارجة بن
سنان أبا بيحان بابنه فدفَعَه إليه، وقال: هذا وفاء من ابنك؟
قال: اللهم نعم، فكان عنده أيامًا، ثم حمل خارجة لأبي بيحان
مئتي بعير، فأدَّى مئة وحط عنه الإسلام مئة، فاصطلحوا
وتعاقدوا وفي ذلك يقول خارجة بن سنان:

أعتبت عن آل يربوع قتيلَهُمُ
وكُنْتُ أدْعَى إلى الخيرات أطْوَارَا

أعتبتُ عَنْهُمْ أبا بيحان أرسنها
وُرْدًا ودُهْمًا كمثل النَّخْل أبْكَارا


وكان الذي ولي الصلح عوف ومعقل ابنا سبيع بن عمرو
من بني ثعلبة، فقال عوف بن خارجة بن سنان: أما إذ
سَبَقَني هذان الشيخان إلى الحَمَالة فهلُمَّ إلى الظل والطَّعَام
والحملان، فأطعم وحَمَل، وكانَ أحد الثلاثة يومئذ، فَصَدَرُوا
على الصلح بعدما امتدت الحرب بينهم سنين، قَال المؤرجُ
السدوسي‏:‏ أربعين سنة.
يضرب مَثَلًا للقوم وقَعُوا في الشرّ يبقى بينهم مدة.

قديم 10-04-2021, 06:16 AM
المشاركة 6075
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
2926

.... قَدْ وَنَى طَرَفَاهُ ....

يضرب للذي ذلَّ وضعف عن أن يتم له أمر.
قال ابن السكيت‏:‏ قَال‏:‏ النَّجاشي:

وإنَّ فُلانًا والإمارَةَ كالَّذِي
وَنَى طَرَفَاهُ بَعْدَ مَا كَانَ أجْدَعَا


قَال يعقوب‏:‏ يعني عليًّا رضي الله عنه، أي لا يتم له
إمارة كما أن الذي جُدِعَتْ أذُنَاه لا تفيآن ولا تعودان
كما كانتا، وكان جَلَدَه في شرب الخمر في رمضان، ثم
زاده، فَقَال‏:‏ ما هذه العلاوة‏؟‏ قَال‏:‏ هذا بجراءتك على
الله تعالى في هذا الشهر، ثم هرب إلى معاوية رضي
الله عنه.

قديم 10-04-2021, 06:17 AM
المشاركة 6076
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
2927

.... قُدَّتْ سُيُورُهُ مِنْ أدِيمِك ....

قَال أبو الهيثم: إذا كانت السُّيُورُ مَقْدودة من أَدِيمَيْنِ
اختلفت، فإذا قُدَّتْ من أديم واحد لم تكد تَفَاوَتُ
قَال الشاعر:

*وقُدَّتْ مِنْ أديِمِهمُ سُيُورِي*

يضرب للشيئين يستويان في الشبه.

قديم 10-04-2021, 06:18 AM
المشاركة 6077
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
2928

.... أقَرَّ صَامِتٌ ....


يضرب للرجل يُسْأل عن شيء فيسكت.
يعني أقرَّ مَنْ صَمَتَ عن الأمر فلم ينكره، وهذا كما
يُقَال ‏"‏سُكُوتُها رِضَاهَا"

قديم 10-04-2021, 06:26 AM
المشاركة 6078
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
2929
.... القُرُّ في بُطُونِ الإبِلِ ....

أي ذَهابُ القر، يريدون أن البرد يذهب عنهم إذا نتجت الإبل،
وإنما يتفرجون في الربيع؛ لأن الإبل تنتج فيه، ويصيبهم الهزال
وسوء الحال في الشتاء.

قديم 10-04-2021, 06:29 AM
المشاركة 6079
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
2930

.... قَرِيحةٌ يَصْدَى بِهَا المُقَرِّحُ ....

القَريِحةُ‏:‏ البئرُ أولَ ما تحفر، ولا تسمى قريحة يظهر
ماؤها، والمقرح‏:‏ صاحبها، والصَّدَى‏:‏ العطَشُ.
يضرب لمن يتعب في جمع المال ثم لا يَخْظَى به.

قديم 10-04-2021, 06:38 AM
المشاركة 6080
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
2931

.... قُرُونُ بُدْنٍ مَا لَهَا عِقَاءٌ ....


البُدْن‏:‏ جمع بَدَن، وهو الوَعِلُ المُسِنُّ.
والعِقَاء: جمع عَقْوَة، وهي الطرف المحدَّدُ من القَرْن.
يضرب لقومٍ اجتمعوا في أمرٍ ولا رئيس لهم.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 0 والزوار 20)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: مَجْمعُ الأمثال
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأمثال العربية - 2 - عبدالله علي باسودان منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 0 10-28-2015 11:36 PM
الأمثال العربية عبدالله باسودان منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 5 10-28-2015 11:20 PM
نكتة الأمثال ونفثة السحر الحلال - أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-19-2014 03:50 PM
الدرة الفاخرة في الأمثال السَّائرة لحمزة بن الحسَن الأصبهان - تحقيق: عبد المجيد قطامش د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-02-2014 10:25 PM
الأمثال والحكم - محمد بن أبي بكر الرازي د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 2 05-12-2014 10:58 PM

الساعة الآن 04:37 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.