قديم 01-17-2014, 01:46 PM
المشاركة 41
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وجهة النظر هذه لا قيمة لها عندي لأنها غير واقعية ولا منطقية، إن دفع الزكاة لغير المسلمين الذين علاقتهم طيبة مع المسلمين ولم يعتدوا عليهم هو دليل على إنسانية الإسلام وأنه رحمة لهم وليس فقط للمسلمين، وهذا من الأمر بالمعروف والكرم الأخلاقي، بدليل أن دفع الزكاة ليس على شرط أن يسلموا ويغيروا عقيدتهم، لكنه على شرط الأخلاق، فلا يقال إذا لم يسلموا لن ندفع لهم الزكاة، فإذا كان كذلك كان رشوة! لكنها غير مشروطة، إذن هي عطاء مقابل أخلاق وسلام وتعاون على الخير تنقطع بانقطاعه، فهم قدموا لنا مواقف طيبة كان بالإمكان أن نقدم مثلها، ولكن نقدم لفقرائهم مـا يسد حاجتهم أو لساداتهم ليساعدوهم، وهذا دليل على عالمية الإسلام. لاحظ أن زكاة المسلمين تدفع لمخالفين في العقيدة التي تقول أنها الأهم من كل شيء، لكنهم غير مخالفين في الأخلاق، بينما المنافق الذي يصرح بعقيدته بأعلى صوته هو في الدرك الأسفل من النار! وكلاهما بأمر الله وكتابه.


هل تقصد هنا أن من أعطيت له الزكاة ترغيبا له على دخول الإسلام رشوة ، ومن كان حديث العهد بدخول الإسلام و يتم رفع معنوياته و مساعدته على تقبل الوضع الجديد حتى تترسخ العقيدة في قلبه و لو لم يكن محتاجا هي أيضا رشوة ، وهل الذي تعطاه الزكاة ذرءا لشره رشوة ؟



فصارت المسألة مسألة عقيدة فقط, كأن أهم علاقة بالله أن نوحده, مع أن هذا جزء وليس الكل، لاحظ قوله تعالى: {اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً}, فكلمة العبادة مقدمة على لا تشركوا به شيئاً، أي أن العبادة مقدمة على التوحيد, ولم يقل لا تشركوا به شيئاً ثم اعبدوه! والعبادة تعني التسليم كما سلم إبراهيم وإسماعيل، والتسليم من العبادة ومنه الإسلام، والإسلام من فرع العبادة وليس من فرع التوحيد.

هذه الآية التي استشهدت بها أخي الكريم تخاطب المؤمنين وهي الآية 36 من سورة النساء ، ولكم الرجوع إلى سياقها ، فهي تخاطب المؤمنين و هي مجرد تذكير لهم و توكيد . أما أن يتقدم العمل على العقيدة فلم أسمع بها إلا عندكم ، فآيات الإيمان قبل العمل تستشهد بها أنت كثيرا في مجال ربط العقيدة بالسلوك .
العقيدة يا أخي الكريم هي نوع من " المعرفة " اليقينية التي توجه العبادة والسوك معا ، وكنت كثيرا أتحاشى الدخول إلى السجال الفلسفي ، فالعقيدة هنا أساسية لتوجيه السلوك .
ولاحظ أنك أنت تقدم الأخلاق التي هي سلوكات كأني هنا أتحاور مع السلوكيين . الذين يقرون أن الإنسان مجرد نسخة من الطبيعة التي تحيطه .

وشكرا

قديم 01-18-2014, 05:59 PM
المشاركة 42
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والعبادة تعني التسليم كما سلم إبراهيم وإسماعيل، والتسليم من العبادة ومنه الإسلام، والإسلام من فرع العبادة وليس من فرع التوحيد.

العبادة من حق الله وحده ، فلا يجب أن تكون لغير الله يا أخي الكريم ، فإذا كان التعامل بين الناس أخلاقيا ، و تكون المعاملات بينهم بالحسنى ، ومن حق أخيك أن تعامله بالتي هي أحسن ، فالعبادة حق لله وحده .
فالعبادة أخي الكريم هي كلمة تتضمن معنيين امتزج أحدهما بالآخر فصار شيئا واحدا . و هما نهاية الخضوع أي أقصى درجات الخضوع مع نهاية الحب أي أقصى درجات الحب ، فالخضوع الكامل الممتزج بالحب الكامل هو معنى العبادة .
ومنها :
1 ـ الدعاء : إي الاتجاه إلى الله تعالى بطلب نفع أو دفع ضر ، أو رفع بلاء أو نصر على عدو أو نحو ذلك . فهذا الاتجاه بالسؤال المنبعث من القلب إلى الله تعالى هو مخ العبادة و روحها كما في الحديث .
2 ـ إقامة الشعائر الدينية : مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج و النذر والذبح وما شابه ذلك ، فلا يجب أن توجه هذه الشعائر إلا لله .
3 ـ إلإنقياد والإذعان الديني لما شرع الله من أحكام ، أحل بها الحلال و حرم الحرام ، وحد الحدود ونظم شؤون الحياة .
أما أن تجعل الإسلام منعزلا عن التوحيد فاعلم أن أول ركن من أركانه هو التوحيد وعليه تبنى جميع الأركان الأخرى .


لاحظ أن زكاة المسلمين تدفع لمخالفين في العقيدة التي تقول أنها الأهم من كل شيء، لكنهم غير مخالفين في الأخلاق،

ألم يطلب سيدنا إبراهيم من ربه أن لا يرزق الكفار ؟ فكان جواب الله أنه يرزق هؤلاء وهؤلاء ، أليست الزكاة مال الله ، أو تظن أن من يعطي هو الإنسان . يا أخي سألتك عن المؤلفة قلوبهم و لم أسألك عن الفقراء و الحتاجين ، فديننا يلزمنا بدفع الزكاة لهم و لم يقل فقراء المسلمين فقط .

وشكرا .

قديم 02-01-2014, 01:05 AM
المشاركة 43
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
فالدين كله عقيدة وحتى الفقه عقيدة ، والدين يجب أن يؤخذ كله، أليس في العقيدة أن تعتقد أنه لا يجوز الذبح لغير الله، كذلك في الفقه تعتقد أن الوضوء شرط لصحة الصلاة،
الآن تعبر الدين كله عقيدة ، و في و نصك الأول يعتبر الدين كله أخلاق ، و في جزئية تعبر الدين كله عبادات .
فلماذا لا تريد أن تعبر الدين عقيدة و عبادة و أخلاق . فأين المشكل يا أخي ، ثم مرارا قولتني أنني لا أعير قيمة للأخلاق الإسلامية ، كم تريد من حديث و من آية عن الأخلاق الإسلامية ، عن الصبر والأمانة و غض البصر و كل الآداب الإسلامية . لا تقولني ما لا أقول . أما مصطلح الأخلاق هكذا فهو تتنازعه التعاريف يا أخي الكريم ، شئت أم أبيت .
نعم.. لا تناقض فيها، كل الدين عقيدة وكل الدين أخلاق (خير) ، أم أن الأخلاق ليست خيراً؟! إنها عقيدة أخلاقية وأخلاق عقدية ، فما المشكلة؟؟
لكن إذا قسمت الدين إلى عقيدة وأخلاق هنا المشكلة، وأنت لا تريد الاعتراف أنها مشكلة، لأنك تقوم بعملية اجتزاء عندما تقول أن في الإسلام أخلاق وعزلتها في قسم، فهذا يعني أن العقيدة لا علاقة لها بها، وإلا لما تم الفصل، فالأخلاق تكون في قسم الأخلاق، وإذا قلت لك أن الأخلاق عقيدة ستقول: لا بأس، لكن أن تكون العقيدة أخلاق فهنا المشكلة، وهذا إيقاف للمنطق وانتقاء منه.

وبنفس الوقت عجزت عن حل المشكلة عندما قلت لك: ما هي العقيدة إن لم تكن أخلاق؟ فلم تأت برد مقنع ولجأت للنقولات التي تتكلم عن تفاصيل العقيدة وهي موضوع آخر غير موضوعنا، وتعود وتسأل ما المشكلة!
ووضحت لك ما يترتب على هذه الفكرة، إذا كانت مشكلتك مع كلمة أخلاق فدعها جانباً مع أن الله قد ذكرها لنبيه، فأنت تأنف عما استعمله القرآن، فاستبدلها بكلمة "خير" فهل تنحل المشكلة هكذا؟ فهل كلمة خير تتجاذبها التعاريف أيضاً؟! هل العقيدة خيرة أم شريرة؟

لا يصلح أن يكون لنا تحسس من مصطلحات ككلمة أخلاق وفلسفة وعقل، فإما أن تبين المشكلة فيها منطقياً وإلا فلا قيمة للتحسس؛ لأن فلان تحسس منها فأنا أتحسس ولأنه نفر منها أنا أنفر! فهذه ليست بصيرة. والمشكلة أنها كلها مطلوبة في الإسلام، فالعقل مطلوب والأخلاق مطلوبة، وأنت تتحسس منها..! وما الفلسفة إلا مجهود عقلي يعتمد على المنطق سواءً كان صائباً أو مخطئاً ، نريد علماً يُفهم ولا نريد حساسيات وتورعات غير مبررة، فالإسلام دين الوضوح والمحجة البيضاء، والمسلم لا يتحسس من أمور حث عليها القرآن، بل يجب أن يتحسس من مثل هذا التحسس ويشك في مصدره وأن يكون وسوسة من الشيطان.

الله الذي قال في كتابه {وإنك لعلى خلق عظيم} هو الذي قال {لقوم يعقلون} وكلا الكلمتين في سياق المدح من رب العالمين، فلماذا نتحسس منها؟؟ وإذا قلت لا عقل في الدين ، فالآية تتكلم عن العقل في الدين {لقوم يعقلون} أي في الدين.. وإذا قلت لا أخلاق في العقيدة الإسلامية، فالله مدح رسوله بالخلق وهي نفس الكلمة التي تتحسس منها، والرسول صلى الله عليه وسلم نفسه قال أنه جاء لأجل إكمال الأخلاق التي تنأى بالعقيدة أن توصف بها.
والكثيرون مع الأسف يتحسسون من هاتين الكلمتين (الأخلاق والعقل) ويريدون إبعادهما عن الدين والعقيدة، إذن ماذا يبقى في شيء تذهب عنه الأخلاق والعقل؟!

ولا تقل أن العقيدة لا خيِّرة ولا شريرة وكأنها في منزلة بين المنزلتين، فلا مهرب هنا، وليس بعد الحق إلا الضلال، فإن قلت أنها خيِّرة إذن عليك أن تقول أن أهداف العقيدة هو الخير وعليك أن تشرح الخيرية في كل جزء من العقيدة ، وأي جزء يعارض الخيرية سيكون فيه نظر.

ليس من الممكن أن تقدم للناس عقيدة دون أن تصفها بخير ولا بشر، ربك مدح نبيه بالخلق العظيم بما في ذلك عقيدته، ولم يقل أن التعاريف تتجاذبها! أم تراه أنه لا يعلم أنه سوف تتجاذبها التعاريف؟! لكنه لم يصفه بأنه على عقيدة عظيمة.
ثم هل كل شيء تتجاذبه التعاريف نرميه جانباً؟! حتى في الإسلام نفسه لا يوجد شيء يتفق عليه كل العلماء مئة بالمئة إلا ما قل، وكل شيء تتجاذبه التفسيرات والتأويلات، فهل نلقيه جانباً؟ إن كل شيء تتجاذبه التعاريف.
ما الذي يدفعنا أن نبتعد عن القرآن وهو حبل النجاة؟ فكل من ابتعد عنه هلك.

التركيز على العقيدة دون بقية الدين نوع من العلمانية

مشكلتنا مع التصنيف لن تنتهي أبدا ، نحن نحب التفييء و لا نؤمن أبدا بالإستقلالية الفكرية ، اعلم أخي الكريم أن لا حساسية لي مع كل التوجهات فكرية كانت أو دينية ، و في الوقت ذاته أعتز بإسلاميتي .
هذه مشكلة بحد ذاتها، كيف تعتز بإسلاميتك وليس عندك تحسس من كل التوجهات الفكرية أو الدينية؟ وإذا كان هذا التوجه مضاداً للإسلام فهل تقبله؟ هل أفهم من هذا أن العلمانية في الفكر شيء مقبول؟
تستطيع أن تفهم كلامي هذا إذا خرجت عن المعهود، فافترض أنك جديد على الإسلام ثم اقرأ كلامي، فحينها سوف تفهم، لأن المشغول لا يُشغل والممتلئ لا يُعبأ، فقط تخيل أنك جديد وتريد أن تفهم الإسلام، وبعدها انتقد وناقش، فستجد أنك تحتاج لما قرأته حتى تفهم الإسلام.

أنت لم تفهم حتى الآن أي مشكلة في الفصل العقيدة والأخلاق رغم شروحاتي الكثيرة، والسبب أنك تنظر إلى كلامي كأنه محاولة دمج بين شيئين مختلفين: شجرة ومنزل - أو باب وشباك ، مع أنه في حقيقتهما غير منفصلين. ومن مثل هذا الفصل ربما أنك ترى النفس منفصلة عن الروح والجسد، وأن كلاً منها يعمل لوحده، هذه مشكلة التقسيمات ، فهي توضع لأجل التوضيح ثم يأتي الناس ويعتبرونها كالجدر الفاصلة، أنت تتوقع إن كنت تفكر بهذه الطريقة أن علم الاجتماع لا علاقة له بعلم النفس وأن الجغرافيا لا علاقة لها بالتاريخ وأن الجهاز التنفسي مختلف عن الجهاز الهضمي ولا علاقة بينهما، وهذا هو السائد، فالفصل هو السائد.

نعم يوجد اختلاف ظاهري، ولكن علينا ألا نعمق المقطع ونفصل فصلاً تاماً، فالنبات له أجزاء مختلفة عن بعضها لكن لا يصلح أن نفصلها فصلاً كاملاً. إنها مشكلة سائدة ومنتشرة نسميها "مشكلة تحول التقسيم إلى تقطيع من شيء كان كلاً واحداً ". والشيء الواحد إذا قُطِّع مات وماتت وحدته، كل بلد يقسم إلى ولايات ومناطق فهذا لا يعني أنها صارت مستقلة لأنها حملت اسماً.

وكلامك أن الأخلاق نسبية وتتطور.

يا أخي الكريم ، أليس الرق مباحا في وقت ما ، هل لايزال أخلاقيا في نظرك ؟
ألم يتزوج أبناء آدم أخواتهم ؟ واليوم يعتبر من المحرمات .
أليس التعدد مشرعا ثم قننه الإسلام وكان قاعدة عامة و أصبح اليوم استثناء .
ألا تشرع البرلمانات القوانتين كل يوم في تطور مهول هل تستند لغايات غير أخلاقية كلها ؟
لماذا ترهبك كلمة التطور والنسبية ، هل لأنك تحب تعميم المصطلحات ، فتعتبر كل شيء يتطور ، ألم أقل لك أن العقيدة لا تتغير أبدا . فلأنك تريد تعميم الأخلاق تحب تعميم نظرية التطور أم أنك تحب إلغاء التطور كمصطلح ، فهل يحرجك التطور .
هل نفهم من هذه الأمثلة التي استعرضتها أن أخلاق الإسلام كانت متخلفة في مجال الرق وغيره وقت نزول القرآن؟! بل هذا ما تؤدي إليه نظرتك، بينما موقف الإسلام من الرق أرقى من موقف الرأسمالية الغربية لو دققت فيه؛ لأنه حرمه بين المسلمين وتعامل معه أفضل تعامل مع غير المسلمين بطريقة توصل إلى إزالته من المجتمع لو طبقت دون أن يتضرر أحد، وليس كما حصل في تحرير العبيد في الغرب بطريقة إلزامية متعسفة حتى على العبد نفسه، لأن بعضهم لم يكونوا يريدون التحرر فحرروهم رغماً عنهم وتغيرت حياتهم فجأة بطريقة أضرت بهم، والعبيد الذين كانوا بالغرب ليسوا عبيداً أصلاً بل مسروقون من أفريقيا وليسوا نتيجة حرب، وهذا أمر يحرمه الإسلام أصلاً أن يسرق أحدهم من أرضه ويستعبد.

وذلك لأهداف سياسية تحمس لها اليهود في الغرب ليقضوا على قدرة اللوردات والبارونات الذين يمتلكون العبيد، وليكبروا الطبقة الوسطى ويحولوها إلى استهلاكية على حساب الطبقة الأرستقراطية؛ لأن الأرستقراطية كانت ترفض سيطرة اليهود وتعتمد على التراث المسيحي. ومثلما حارب اليهود الدين المسيحي باسم العلمانية والليبرالية والإلحاد. ولأن اليهود أصلاً ليسوا ملاك عبيد بل ملاك بنوك وبحاجة لإقراض هؤلاء الأحرار الجدد قليلي الخبرة في الاستثمار وإغراقهم بالديون، وتحمست له الولايات الشمالية الصناعية لأجل السيطرة على الولايات الجنوبية التي تعتمد على العبيد في الزراعة.

لو كان الإسلام يقبل العبيد لما حث على تحريرهم وإعتقاهم لدرجة أنه جعله من تجاوز العقبة فك رقبة، لاحظ كلمة (فك رقبة)، وجعله أيضاً من مصارف الزكاة ومن الكفارات، لو كان يرى أن الرق عمل أخلاقي لما حث الإسلام على إزالته.

أما موضوع زواج الإخوان بالنسبة لأبناء آدم، فنحن لا ندري كيف تم الأمر، فهو أمر غيبي، فقد يكون خلق الله لهم أزواجاً مثلما خلق لوالدهم زوجة، ومثلما يخلق أزواجاً من الحور في الجنة، فالله أعلم.
وعلى فرض أن هذا كان، فترك ما لا تقوم الضرورة إلا به هو عمل غير أخلاقي، وافترض لو فني كل الناس وما بقي إلا أخ وأخته، فسيكون زواجهم أخلاقياً حينها، لأن عدمه سيسبب فناء، وتعمد الفناء للجنس البشري غير أخلاقي.

ثم ما دخل التعدد في الأخلاق؟! هذا أسلوب في بناء الأسرة، فقد تكون كبيرة أو صغيرة، ومن الذي جعله استثناءً؟ إنه الثقافة الغربية المبنية على المسيحية التي ترفض التعدد. فلا يكن مقياسك ما يرفضه الغرب وكأن البشر هم الغرب، هم يرفضون التعدد ويبيحيون التخلل (من الخليلات مثنى وثلاث ورباع وتساع وعشار!) وبدون تحمل أي مسؤولية كما في الزواج الأخلاقي، فهل هذا ارتقاء أو انحطاط في الحيوانية؟! أيهما أرقى أخلاقياً: من يعدد ويلتزم أم من يعدد ولا يلتزم؟!
الشعوب القديمة كانت تحترم الزواج وتكره البغاء وتتشدد فيه أيضاً، أما عند الغرب فقد انعكس الوضع الآن ولم يتطور بل تراجع.

إذن انتقال صور الأخلاق بين الازدهار والتراجع هو حركتها وليس التطور، فتجد مجتمعاً يلتزم بعفاف المرأة ومجتمعاً آخر يتخلى عن عفاف المرأة، فكيف نقول عن هذا أنه تطور ولا نقول أنه تراجع؟! فالتطور أن يأتي بخلق جديد لم يكن موجوداً أصلاً ويوضع بجانب الكرم والشرف والعدل ...إلخ من الأخلاق القديمة، فاذكر لي نوعاً واحداً لا ينتمي إلى شيء منها، لا يمكن، وإن ذكرت شيئاً فسيكون تابعاً لأحد منها، إذن الأخلاق لا تتطور بل تنشط وتتراجع بشكل كلي أو جزئي.

الاستعباد مثلاً أليس معناه التحكم في مصير البشر؟ هل زال هذا من الغرب أم ازداد؟ أليس هدف الرأسمالية الأخير هو تحويل الجميع إلى عبيد يعملون بملئ بطونهم بعد إغراقهم بالديون وارتفاع الأسعار الذي لا يتوقف، هذا ما بدأ يتضح في أمريكا مثلاً، حرروا حفنة من العبيد واستعمروا مئات الملايين بدلاً عنهم، أي أن الفكرة لم تزل! فكرة سيطرة الإنسان على إنسان، أو التحكم في عقله ومصيره. وإذا كانت فكرة الاستعمار قد زالت فإن روح الاستعمار لم تزل وأخذت شكلاً آخر، إذن الأخلاق الحسنة والأخلاق السيئة لا تزيد ولا تنقص في أصلها بل تتغير بصورها، لأن الفطرة الإنسانية ثابتة لا تزيد ولا تنقص.
وهل قل تصنيع السلاح أم زاد؟ أليس السلاح لقتل الإنسان؟ هل نقول أن القدماء أكثر أخلاقاً في الحرب لأنهم لم يكونوا يقتلون المدنيين؟ أم لأنهم لا يستطيعون؟ كل الأسلحة الآن تصمم لقتل المدنيين بينما أسلحة القدماء تستخدم لقتل المحاربين فقط.

الأخلاق مقاصد وليست صوراً مادية، فقد يساعدك أحد وتحسب أن هذا كرم منه بينما هو خائف منك أو يخطط للاستفادة منك، وهنا تعجز عن التصنيف هل هو كرم أو طمع، وبينهما فرق وتناقض.

وهل لما صار الشذوذ مقبولاً في الغرب صار مقبولاً إنسانياً؟! ومن قال لك أن الغرب أو غير الغرب أحرار؟ أي مجتمع هو مفعول به وليس فاعلاً، يفعل به ذوو الإعلام والسلطة، وهذا ما يسمى بصياغة الرأي العام، وطبعاً لا يصنعه إلا الأقوياء المنحصرون في عدة أفراد، فعدة أفراد هم الغرب وهم أخلاق الغرب، لكن عقلاء الغرب ما زالوا ينفرون من الرذيلة ويستهجنون الشذوذ لدرجة ظهور مظاهرات كبيرة في فرنسا ضد الشذوذ، رغم أن السلطات مع الشواذ. إذا قبل الناس مكرهين فلا تقل أنهم قبلوا، وإذا أيدوا مدفوعين فلا تقل أنهم أيدوا.

كل ما ذكرتَه هو عن صور الأخلاق وليس عن الأخلاق نفسها، فالكرم مثلاً له صور عند كل الشعوب بل حتى بين قبيلة وأخرى، فهل هذا يجعلنا نشك بالكرم ونقول أنه يتطور أو أنه نسبي ولا يحتج به؟ الأخلاق لا تتطور بل تأخذ صوراً وأشكالاً حسب المعطيات والبيئات.

إذن التعدد الجنسي يزداد والاستعباد يزداد والكذب يزداد والرذيلة تزداد، فأين تطور الأخلاق؟! فالتطور يكون للأفضل بينما هذا انحطاط أخلاق أو تطور إلى الأسفل، وكلها كانت موجودة من قبل.
الدعارة الآن صارت وظيفة رسمية في الدول المتقدمة! ولم تكن كذلك من قبل. إذن فكرة أن الأخلاق تتطور ليست فكرة دقيقة، ولو صدقنا بها لثبت أنها تتراجع وتتأخر ولم تتطور. هل المروءة في الغرب الآن مثل المروءة أيام الفرسان في العصور الوسطى؟ هل الكرامة الشخصية نفسها عندما كانوا يتبارزون من أجل كلمة إهانة؟!

ثم ما هي الأخلاق البديلة التي حلت محلها؟ فهل تقول أنه النظام واحترام الطابور والوقت ومواعيد القطار...الخ، فهذه مصالح وليست أخلاقاً، لأن هناك عقوبات قاسية لمن يخالفها، وإذا كانت أنظمة المرور صارمة والتزم الناس بنظام المرور بعدها وبدأوا يربطون حزام الأمان فهل نقول أن الناس تطوروا أخلاقياً ؟! الأخلاق هي التي تفعل في جو حر، فالأخلاق لا تأتي بالفرض والقانون.

العربي الكريم يشعل نار القرى في الليالي الباردة في أعلى الجبل حتى يستدل عليها المسافرون ليأكلوا أغلى ما عنده، فأين القانون الذي فرض عليه هذا الفعل؟! وأين العقوبة التي تقع عليه لو ترك هذا الفعل؟! فمن مثل هذا النوع يسمى خلقاً، أما الخضوع لأنظمة مفروضة بقوة القانون والدول والشركات فهذه مصالح صرفة يفعلها ذو الأخلاق ومن ليس له أخلاق.

قدم لنا خلقاً جديداً ظهر الآن في الغرب لم يوجد من قبل؟ وفي منطق الأشياء لا يوجد ، لأن الأخلاق منبعها شعور الإنسان، وشعور الإنسان فطري، فتتطور الأشياء من حوله لكن الإنسان لا يتطور، وشعوره الفطري يلاحق تطور هذه الأشياء، فكل شيء جديد إما أن يكون خيراً أو شراً. فلا يصبح الإنسان يحب الظلم ويطمئن له بدلاً من كرهه قديماً! أو يصبح الإنسان الكريم بغيضاً في المجتمع! أو تكون العدالة صفة ذميمة يستحى أن يصف بها أحد! وتفتخر أمام زملائك أن والدك كان الأفضل في الكذب! هل تتوقع أن هذا يقع؟! إذا صدقت بهذا فستقع، وحينها نقر بأن الأخلاق تتغير وبالتالي الإنسان يتطور وقد تخرج له أجنحة في يوم ما كما حصل للسحالي وتحولت إلى طيور بموجب النظرية المجنونة!

ثم ما فائدة هذه التقسيمات في الدين ووضع بعضه أعلى القائمة ووضع الآخر أسفل القائمة؟؟!
وهكذا تكون العقيدة (أو الأيديولوجية) مثل القبيلة التي تفرح بمن ينضم إليها وتعطيه اسمها مع أنها تعرف من أي القبائل هو ولكن من باب التكثير.

يا أخي الكريم ، لست أجزئ بل قلت أن أصل الدين هو العقيدة و الدين عقيدة وعبادات وأخلاق . و أنت تريد اختزاله في الأخلاق . متى كان الإيمان بالله إيديولوجيا ؟
وأنت تريد اختزال الدين في العقيدة وهذا هو الحاصل عند الكثيرين -مع الأسف- وهو أكثر شيء أضر الإسلام أن يكون الإسلام عقيدة مجردة من الأخلاق، ولا تريد تصنيف العقيدة هل هي أخلاقية أو غير أخلاقية؟ كيف تفهم كلمة جامدة مثل العقيدة ولا يمكن الحكم عليها؟ أنت تغالط نفسك.. فما دمت تقول أن العقيدة حق وصدق، أفليس الصدق أخلاقاً؟ وأليس الحق أخلاقاً؟ بدليل أن قوله من الأخلاق؟
وتريد أن تنقص من الأخلاق وتقول أنها تتغير وتتطور وتجعل مكانها في الهامش، أما في الحقيقة فإن العقيدة هي من تتطور، فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة يتكلمون في مصطلح "العقيدة" المبتدع ولا في الكيفية ولا في غيرها من المسائل المحدثة لاحقاً، بل أكثر مباحث العقيدة لم يكن يعرفها أوائل المسلمين ، وبالتالي فكل جديد سيأتي بأحكام عقدية جديدة!

بينما الكرم والشهامة والصدق والعفاف والنزاهة والإخلاص والصبر والتعاون والأمانة أخلاق تعرفها البشرية منذ وجدت وإلى اليوم لم يتغير جمالها ولم ينقص بهاءها وهي التي سماها الله بالمعروف لأن الجميع يعرف جمالها المسلم وغير المسلم والقديم والحديث، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يأنف من الأخلاق كما تأنف (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وليس ليصحح العقيدة فقط، لأن العقيدة نفسها أخلاق مع الخالق والمخلوقين. ولو سألت لماذا لم يقل الرسول (وأصحح العقيدة) فذلك لأن العقيدة أخلاق مع الخالق، والعرب عندهم أخلاق وكفروا بالله فجاء الرسول ليتممها.

والله قال عن رسوله {وإنك لعلى خلق عظيم} وهذا هو المدح المباشر الوحيد للرسول في القرآن. ومدحه مرة أخرى {ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} وقال {ولقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} وكل الأنبياء مدحهم الله بأخلاقهم فقال عن إبراهيم {إن إبراهيم لحليم أواه منيب} وقال عن داوود {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب} وغير هذا كثير، وذم الكفار بسوء أخلاقهم، لأن الكفر نفسه سوء أخلاق ذكر مع بقية سوء أخلاقهم.

هل نسمع كلام الغرب المادي عن الأخلاق ولا نسمع كلام الإسلام عنها وهو الذي جاء ليتمم مكارمها ويقيم الدين على أساسها لأنها هي المعروف وغيرها المنكر..

الاكتفاء بميزان العقيدة فقط في تقييم الناس يفتقر للعدل

هنا تراجعت عن اعتبارالدين كله عقيدة ، فأنا لا أزال عند موقفي أن الأصل في الدين العقيدة ، و الدين عقيدة و عبادات وأخلاق .
أنا هنا أساير طريقة التفكير السائدة التي تفصل بين الأخلاق والعقيدة، هذا الفصل الخطير.
نعم الدين كله عقيدة إذا سايرتني كما وضحت لك، فحتى الفقه عقيدة كما تعتقد أن الصلاة لا تكون إلا بوضوء وتعتقد أن إكرام الضيف واجب، ونستطيع أن نسمي الدين كله أخلاق، فالعبادة هي أداء حق لمستحقه فهذا أخلاق وبر الوالدين تفرضه الأخلاق كما يفرضه الدين والصلاة شكر ورد جميل، وهكذا.

وأنت تجعل الرسول فوق أن تحبه لأخلاقه، كيف فهمت هذا المستوى؟ وهل هو موجود؟! والسؤال نفسه كيف أحببت الله وعبدته؟ هل بدافع عقيدة أم بدافع أخلاقي أم بهما معا؟ أنت تقول أنك تحب الرسول أكبر من كل الحب، الحب يبنى على ماذا؟ أليس على الخير والفضيلة؟! أم أنها كلمة نقولها وانتهى الأمر؟! تذكر الأشخاص الذين أحببتهم على ماذا أحببتهم؟ طبعاً لصبرهم و أخلاقهم وتضحياتهم ومواقفهم الطيبة، وإلا على ماذا يكون الحب؟ هل يكون على الشكل؟ لا يمكن، حتى في حالة العشق لا يمكن، فكم من جميلة مكروهة، وكم من متواضعة الجمال معظمة في الفؤاد!

هل تعتبر سيدي حب الرسول اختياريا في الإسلام ،
الإسلام كله اختياري وليس فقط حب الرسول! هل أسلمت أنت مجبراً أم باختيارك؟ دعنا من حب الرسول الآن، فإن قلت إجبارياً فهذه كارثة وعليك أن تسلِم من جديد مختاراً فالله يقول {لا إكراه في الدين}.

يا أخي الكريم حب الرسول عقيدة لا يكتمل الإيمان إلا به
العقيدة فكرة والحب مشاعر، فكيف خلطت الأمور ببعضها؟ إلا إذا كانت الفكرة أخلاقية وتفهمها المشاعر فتنتج حباً، وهكذا لا تستطيع حب الرسول حتى تفهم أخلاقه بمشاعرك، فأنت لست كمبيوتر يقال لك أحب كذا واكره كذا ثم تفعل! إلا إذا كانت كلمة "أحب" كلمة تقال فقط دون أن تحس، ولا أظنك هكذا.

حتى الحب يحتاج إلى بصيرة، وبصيرة الحب من جهة الأخلاق، لو كان الرسول فضاً وقاسياً بموجب كلامك سوف تحبه لأن العقيدة قالت لك كذا! لكنك لست أصدق من الله تعالى الذي قال {ولو كنت فضاً غليظ القلب لانتفضوا من حولك} أي لكرهوك، القرآن حل هذا الإشكال فربط المحبة بأخلاق الرسول، أي أنه هو من يرد عليك وليس أنا. أما بموجب كلامك فأنت لن تنفض مع من ينفضون!

ومن هنا نفهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان رقيق القلب رؤوفاً رحيماً بأبي وأمي هو، أما أنت فلا يعنيك كونه رقيقاً أو غير رقيق ففقط ما قالت العقيدة ، إذا قالت كتب العقيدة يجب أن يحب فنقول نحن نحبه!
الإيمان لا يؤخذ بدون بصيرة لأنه لن يفيد كثيراً، وكثيراً ما يضر الإيمان بلا بصيرة.

هل اتخذ الله خليلا إلا سيدنا إبراهيم عليه السلام و رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، فكيف تريدني أن لا أحب من أحبه الله ، أليس هذا عقيدة .
ليس فقط هذا ما قاله الله، بل الله شرط إمكانية محبة الرسول بلين قلبه وحرصه على المؤمنين وكراهيته لما يعنتهم ويشق عليهم، فانظر إلى الشرط الذي ليس مني وإنما من الله، فـ "لو" حرف امتناع لامتناع، فامتنع انفضاضهم لامتناع فضاضة قلبه عليه الصلاة والسلام.

ثم إن الله لا يحِب أحداً لأسباب مجهولة، بل ذكر صفات من يحبهم وهي أخلاقية، وذكر صفات من يكرههم وهي لا أخلاقية، فلماذا تريد أن تعمي الأمور وتجعلها عمياء جامدة بينما القرآن مبين؟! فتريد أن تجعله أوامر ونواهي فقط بدون فهم ومعنى؟ فلماذا هذه التعمية بدون شيء منير ومبين؟! هذا مؤدى الإصرار على كلمة عقيدة، للابتعاد عن كلمة فهم، ولو كانت هي الأصلح لاستعملها القرآن والرسول والصحابة.

الله يحب المحسنين والصابرين والمتوكلين ولا يحب من كان مختالاً فخوراً ولا يحب المعتدين ولا يحب من كان خواناً أثيماً، وإبراهيم عليه السلام كان أمة وحده قال تعالى {إن إبراهيم كان أمة} أي لا خليل له وهو إمام لوحده وربما لم يسبقه نبي قريب منه، لهذا اتخذه الله خليلاً والله أعلم، فحتى والده كان عدوه، وبحث عن الله بنفسه قبل أن يبعث وعارض عبادة الأصنام قبل أن يبعث، والله ابتلاه بإسكان ذريته بواد غير ذي زرع وبذبح ولده وقذف بالنار وحده؛ لهذا جعل الله النبوة في بنيه ووهبه الذرية، أيضاً أعطى سليمان ملكاً لم يكن لإبراهيم ولا لغيره، وكلم موسى ولم يكلم إبراهيم ولا محمداً.

أنا لم أقل أنني أكره من تخلق بالأخلاق الفاضلة يا أخي فلا تقولني ما لا أقوله ، ولكن لن أضع شخصا مهما بلغ من الفضيلة في درجة مسلم . و ما أدراك بنبي الله . و هل يصلح هنا معيار الأخلاق؟
كيف يكون مسلماً بلا فضيلة؟ هذا ما تريد أن تصل إليه أن يكون مسلماً بلا فضيلة، فانظر لصفات المؤمنين في القرآن كلها أخلاقية، هذا ما ينتجه التركيز على كلمة العقيدة كحد فارق، أي إنسان تزداد عنده الفضيلة سيتحول إلى مسلم لأنه سيعرف الله وسيبحث عن دين الحق. وأي إنسان مسلم تتراجع عنده الفضيلة سوف يتراجع إسلامه، وحينها لا تنفعه كلمة يقولها دون تطبيق محتواها لأن المنافق يقولها ولا تنفعه.

ها نحن عدنا للذوق البشري والفطرة! لا يوجد أحد في العالم يتقزز من صيد البحر لأنها تموت أول ما تخرج من الماء للهواء! أما لو آتيك بسمكة ميتة في البحر نفسه فلن تأكلها لأنها قد تكون متسممة أو مريضة. ميتة البحر هي التي خرجت حية وتموت وليست التي تكون ميتة في البحر! فالسمكة لا تذبح عند كل الشعوب!

ليس كل ما توافق عليه الناس متلائما مع الدين يا أخي الكريم ، ما يضيرك أن تمتثل لأوامر كتاب الله كما أنزلها و سنة المصطفى كما سنها ، لماذا تحاول أن تبحث عن أخلاقيتها من عدم أخلاقيتها .
قلت الحيوان الميت مقزز ، قلت لك إن كان مقززا فنحن نتناول ميتة البحر . لماذا لا تقول ، تلك حرمها كتاب الله و ميتة البحر أحلتها سنة المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى ألأنك تفضل تفسيرها أخلاقيا فتتعالى على عقيدتك أن تؤمن بما جاء به كتاب الله و ما سنه رسوله
هل من يريد أن يستبصر يسمى متعالياً؟ ومن يريد أن يلزم الناس دون إفهامهم لا يسمى متعالي؟! لماذا تريد أن تفصل بين الإسلام وبين المعروف مع أن الله ربطهما؟ أتفصل عرى شيء ربطه الله؟! هل تصحح لله؟ ألست تقول أن الإسلام دين الفطرة ودين المعروف؟ فلماذا تفصل بين الإسلام والفطرة والمعروف؟! هل تغالط نفسك وتريدنا أن نغالط أنفسنا مثلك؟ إلا إن كنت تقول أن الإسلام ليس دين الفطرة ولا دين المعروف وإنما مجرد عقيدة لا علاقة لها بمشاعر البشر ولا فطرتهم ولا أخلاقهم.

والفطرة والأخلاق موجودة عند كل الشعوب وليس المسلمين فقط، وإذا قلت أن للفطرة علاقة بالعقيدة فلماذا تمنعنا من معرفة هذه العلاقة وتقول أن هذا تكبر على العقيدة بعد أن ربطتها بالفطرة؟!! فماذا يستفيد الإسلام من هذا التناقض؟! بل هذه المعرفة واجبة عليك أنت أيضاً لأنك مأمور بالبصيرة مثلي، وطاعة أمر الله لا خلاف بأنها واجب على الجميع، والله أمرنا بالبصيرة، والبصيرة عكس الجمود، والأفكار الجامدة كقِطَع لا علاقة بينها.

هذا المنطق يجعل من الدين أعرافا لا أكثر . هناك تشريعات سماوية قطعية ، وهناك أخلاق إسلامية ظاهرة ، وهناك منطقة عفو كبيرة فلا اجتهاد مع النصوص بارك الله فيك
الله سماه معروفاً وليس أنا، إن كنت لا تحب كلمة المعروف فماذا أفعل لك؟ لكن الله يحبها ورددها في كتابه، ما المانع أن تفهم الإسلام أنه أخلاق أمر بها الله مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات ولها صفات وكيفيات تحدد معالم الإسلام كالصلاة والزكاة والصيام...الخ، ما المشكلة؟
أنا لم أقل أن الإسلام أخلاق فقط دون عبادات، بل قلت أن العبادات في الإسلام أخلاقية، فكيف يكون الدين هكذا أعرافاً فقط كما تقول؟

ثم ماذا تقصد بتشريعات سماوية قطعية؟ تقصد أنها لا تُفهم فقط تؤخذ، وهذا فصل ينتج عدم فهم مقاصد تشريعات الخالق، وهذا فصل ضار ومخالف لكلام الله الذي وصف كتابه بالمبين وليس بالطلسم السماوي، فالله لا يكلفنا بما لا نفهم.

وقولك أن هناك أخلاق إسلامية.. فتقصد أن أخلاق كل البشرية لا قيمة لها، وكأن الإسلام جاء بأخلاق غريبة على البشر، وهذا غير صحيح، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) أي: الأخلاق الموجودة، وقال تعالى {تأمرون بالمعروف} أي الذي يعرفه كل البشر، ثم ما هي الأخلاق الإسلامية؟ هل هي إيتاء ذي القربى وإطعام المساكين والصبر على أذى الناس؟؟ هل لا يعرفها غير المسلمين؟! لو كانت أخلاق الإسلام غريبة على البشر لكانت هناك مشكلة، أنت لا تمدح الإسلام إذا قلت أنه غريب على البشر ولا يعرفه إلا المسلمون، قال تعالى {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} أي أنهم يعرفونه، ما الإسلام إلا المعروف بداخلهم، لهذا قال تعالى {وذكر} ولو كان الإسلام كما تتصوره كشيء جديد وغريب وغير معروف لقال (علِّم) ولسمى القرآن التعليم ولم يسمه الذكرى والتذكرة، والتذكير يكون بالمعروف المنسي أو المهمل، ومع ذلك هو تشريعات سماوية.

هل تقصد أن الله كان يحلل الخبائث لبني إسرائيل؟ الله لا يحلل الخبائث, هل تعتقد أنه يجوز عليه أن يحلل الخبائث؟! أم أن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً؟

الله أعلم ومن أنا حتى أتطاول على الله ، فهذا الموضوع لا يهم كثيرا ، ما دام الخمر والخنزير في ديننا من المحرامات . المهم أنه يوجد في القرآن أن الطعام كان حلا لبني اسرائيل كله قبل نزول التوراة
انظر.. فالعقيدة لم تخلصك من هذه السقطة، فصرت تفترض إمكانية أن يحلل الله الخبائث! وأي أحد يحلل الخبائث هو خبيث! إذن قبلت إمكانية نسبة الخبث إلى الله تعالى! وإمكانية الظلم إلى الله تعالى!
هل رأيت كيف أن الجمود ينتج أخطاءً كثيرة وأن البصيرة هي التي تعصم وليست عقائد جامدة فقط دون فهم لمقاصدها، الله قال عن الشيطان أنه يأمر بالسوء والفحشاء، أي أن الله لا يأمر بالسوء والفحشاء، والخمر سوء وسماه رجس من عمل الشيطان فكيف يأمر به أو يحلله؟ قال تعالى: {إن الله نعمِّا يعظكم به} أي يأمر ويعظ بالصالحات والطيبات وهو الذي حرم الخبائث، والخمر أم الخبائث كما وصفها رسول الله، ها هو القرآن أمامك وتقول العقيدة، العقيدة جعلتك تفترض إمكانية السوء على الله، والأمر بالخبائث من السوء، كذلك أنت لا تستطيع أن تقول أن الله خيِّر فيما يبدو..

الخمر منكر والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر فكيف يأمر الله بها عبده عيسى التقي الزكي؟! إنها ديانات محرفة. وكان اليهود يريدون تشويه المسيحية بعدما ادعوا التنصر بزعامة بولس اليهودي الذي يسمونه رسولاً، وتسميته رسول لأنه غيّر في شرائع المسيحية، ورسائله التحريفية موجودة في كتابهم المقدس عندهم، فوضعوا فيها كل منهياتهم من أكل الخنزير وشرب الخمر وعدم الاختتان والتجرد من الشرائع، فعل ذلك بولس حتى لا يدخلوا في عهد إبراهيم، ورب المسلمين هو رب اليهود والمسيحيين، وهل لا تجد تحريفاً إلا هذا عندهم؟!

. أما الخمر فحتى في الإسلام حرم تدريجيا ، فهل يعني أن أوائل من تناولوه و ماتوا قبل التحريم ارتكبوا جرما أخلاقيا . وإن كانت عندك إفادة في الموضوع فتفضل بها و علمنا مما علمك الله .
كل شرائع الإسلام لم تأت دفعة واحدة وليس فقط تحريم الخمر، لأن الناس لا يحتملون تغييراً مفاجئاً بل ليس من الأخلاق ولا يستطيعون استيعابه حتى، أنت تربي طفلك شيئاً فشيئاً، وطبعاً لا تستطيع أن تقول أن ليس عندهم أخلاق، لأنهم أصلحوا نيتهم ويستجيبون لما يتلى عليهم، والتدرج من لطف الله، لأن التغيير المفاجئ يضر ويسبب عنتاً، والإسلام دين الحكمة والتروي، والله أحكم الحاكمين ولا يحب المستعجلين. فأين المشكلة؟
الله قال عن رسوله أنه يزكيهم، والتزكية عملية تصاعدية ولا تأتي دفعة واحدة، والإنسان يدخل في عالم الفضيلة والكمال من أول ما ينوي أن يفعل كل حق يتبين له، فالفضيلة في النية والحساب على النية.

هل هذه كل العقيدة؟ هذا شيء سهل! ومنطق الأشياء يجعل أن الإيمان بالله هو الأساس

يا أخي الكريم لو كان سهلا كما قلت لما أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبلغ رسالة ربه . فإخلاص العبادة لله وحده واجهها المشركون بالسيف . و مات في سبيلها كبار الصحابة رضوان الله عليهم ، وإلى اليوم لا يزال الكثيرون يحاربونها .
المسألة ليست مسألة صعوبة بل هوى ومصالح وليست صعوبة فكرة.

أما التعريف فقد ذكرت مصدره و هو منهاج أهل السنة و الجماعة .
هل هذا اسم كتاب أو ماذا؟

وجهة النظر هذه لا قيمة لها عندي لأنها غير واقعية ولا منطقية، إن دفع الزكاة لغير المسلمين الذين علاقتهم طيبة مع المسلمين ولم يعتدوا عليهم هو دليل على إنسانية الإسلام وأنه رحمة لهم وليس فقط للمسلمين، وهذا من الأمر بالمعروف والكرم الأخلاقي، بدليل أن دفع الزكاة ليس على شرط أن يسلموا ويغيروا عقيدتهم، لكنه على شرط الأخلاق، فلا يقال إذا لم يسلموا لن ندفع لهم الزكاة، فإذا كان كذلك كان رشوة! لكنها غير مشروطة، إذن هي عطاء مقابل أخلاق وسلام وتعاون على الخير تنقطع بانقطاعه، فهم قدموا لنا مواقف طيبة كان بالإمكان أن نقدم مثلها، ولكن نقدم لفقرائهم مـا يسد حاجتهم أو لساداتهم ليساعدوهم، وهذا دليل على عالمية الإسلام. لاحظ أن زكاة المسلمين تدفع لمخالفين في العقيدة التي تقول أنها الأهم من كل شيء، لكنهم غير مخالفين في الأخلاق، بينما المنافق الذي يصرح بعقيدته بأعلى صوته هو في الدرك الأسفل من النار! وكلاهما بأمر الله وكتابه.

هل تقصد هنا أن من أعطيت له الزكاة ترغيبا له على دخول الإسلام رشوة ، ومن كان حديث العهد بدخول الإسلام و يتم رفع معنوياته و مساعدته على تقبل الوضع الجديد حتى تترسخ العقيدة في قلبه و لو لم يكن محتاجا هي أيضا رشوة ، وهل الذي تعطاه الزكاة ذرءا لشره رشوة ؟
اقرأ كلامي مرة أخرى..


فصارت المسألة مسألة عقيدة فقط, كأن أهم علاقة بالله أن نوحده, مع أن هذا جزء وليس الكل، لاحظ قوله تعالى: {اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً}, فكلمة العبادة مقدمة على لا تشركوا به شيئاً، أي أن العبادة مقدمة على التوحيد, ولم يقل لا تشركوا به شيئاً ثم اعبدوه! والعبادة تعني التسليم كما سلم إبراهيم وإسماعيل، والتسليم من العبادة ومنه الإسلام، والإسلام من فرع العبادة وليس من فرع التوحيد.

هذه الآية التي استشهدت بها أخي الكريم تخاطب المؤمنين وهي الآية 36 من سورة النساء ، ولكم الرجوع إلى سياقها ، فهي تخاطب المؤمنين و هي مجرد تذكير لهم و توكيد . أما أن يتقدم العمل على العقيدة فلم أسمع بها إلا عندكم ، فآيات الإيمان قبل العمل تستشهد بها أنت كثيرا في مجال ربط العقيدة بالسلوك .
العقيدة يا أخي الكريم هي نوع من " المعرفة " اليقينية التي توجه العبادة والسوك معا ، وكنت كثيرا أتحاشى الدخول إلى السجال الفلسفي ، فالعقيدة هنا أساسية لتوجيه السلوك .
ولاحظ أنك أنت تقدم الأخلاق التي هي سلوكات كأني هنا أتحاور مع السلوكيين . الذين يقرون أن الإنسان مجرد نسخة من الطبيعة التي تحيطه
أرجو مراجعة كلامي مرة أخرى، وآية {اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} ترددت أكثر من مرة في القرآن، ولا يكون عمل أصلاً بدون فكرة من ناحية منطقية. قصدي أن التركيز على عبادة الله ألزم من التركيز على عدم الإشراك، وهذا هو منهج القرآن وهذا هو المنطق، بينما الحاصل الآن هو التركيز على عدم الإشراك الذي يسمى التوحيد ثم العبادة، لا نريد أن نختلف عن منهج القرآن ولا نعاكسه كما فعلت الأمم الأخرى، فاليهودية تركز على عدم الإشراك كما هو في التوراة أكثر من التركيز على العبادة وتبدأ به أولاً.


والعبادة تعني التسليم كما سلم إبراهيم وإسماعيل، والتسليم من العبادة ومنه الإسلام، والإسلام من فرع العبادة وليس من فرع التوحيد.
العبادة من حق الله وحده ، فلا يجب أن تكون لغير الله يا أخي الكريم ، فإذا كان التعامل بين الناس أخلاقيا ، و تكون المعاملات بينهم بالحسنى ، ومن حق أخيك أن تعامله بالتي هي أحسن ، فالعبادة حق لله وحده .
فالعبادة أخي الكريم هي كلمة تتضمن معنيين امتزج أحدهما بالآخر فصار شيئا واحدا . و هما نهاية الخضوع أي أقصى درجات الخضوع مع نهاية الحب أي أقصى درجات الحب ، فالخضوع الكامل الممتزج بالحب الكامل هو معنى العبادة .
ما مرجع هذا الكلام في القرآن؟ الله قال لإسماعيل وإبراهيم أسلما فقالا أسلمنا لرب العالمين، وأمر إبراهيم أن يذبح إسماعيل ليجرب ويختبر مصداقيتهما، فصدّقا الرؤيا وكانت كلمة أسلمنا ليست كلمة باللسان، فتحققت عبوديتهما.

ومنها :
1 ـ الدعاء : إي الاتجاه إلى الله تعالى بطلب نفع أو دفع ضر ، أو رفع بلاء أو نصر على عدو أو نحو ذلك . فهذا الاتجاه بالسؤال المنبعث من القلب إلى الله تعالى هو مخ العبادة و روحها كما في الحديث .
2 ـ إقامة الشعائر الدينية : مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج و النذر والذبح وما شابه ذلك ، فلا يجب أن توجه هذه الشعائر إلا لله .
3 ـ إلإنقياد والإذعان الديني لما شرع الله من أحكام ، أحل بها الحلال و حرم الحرام ، وحد الحدود ونظم شؤون الحياة .
أما أن تجعل الإسلام منعزلا عن التوحيد فاعلم أن أول ركن من أركانه هو التوحيد وعليه تبنى جميع الأركان الأخرى .
بشهادة القرآن فأول ركن هو العبادة، قال تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} فهل أنت تعلم الإسلام أكثر من القرآن؟! العبادة أولاً ثم التوحيد، أي توحيد العبادة.

وهذا الكلام الذي تقوله هو عن علاقة الإسلام بحياة المسلم وأن فيه منطقة عفو بل مناطق كما ذكرت أنت، وهنا المشكلة، فالعبد حياته كلها لله وليس فقط هذه النقاط التي حددتها تاركاً له منطقة عفو لا يعرف طولها من عرضها، فلا منطقة عفو عند المسلم، فهو عبد والعبد كل حياته لسيده حتى في مزحه وفي قوته، يجب أن يكون الله هو الصمد في كل شيء يفكر فيه أو يفعله ولا يغفل عن ذكر الله أبداً، قال تعالى {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} أي كل حياته لله وليس فقط العبادة والنذر والدعاء، وقال {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا} فأين مكان منطقة العفو؟ أي منطقة الحرية، وهذه فكرة متعلمنة تفصل بين الإسلام وأجزاء من الحياة يفعل بها ما يشاء، قال تعالى {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} والسمع والبصر والفؤاد معنا في كل لحظة وليست عبادة الله معنا فقط في الصلاة والحج والصوم، إنها منهج حياة كامل وممات أيضاً.

لاحظ أن زكاة المسلمين تدفع لمخالفين في العقيدة التي تقول أنها الأهم من كل شيء، لكنهم غير مخالفين في الأخلاق،
ألم يطلب سيدنا إبراهيم من ربه أن لا يرزق الكفار؟ فكان جواب الله أنه يرزق هؤلاء وهؤلاء ،أليست الزكاة مال الله ، أو تظن أن من يعطي هو الإنسان . يا أخي سألتك عن المؤلفة قلوبهم و لم أسألك عن الفقراء و الحتاجين ، فديننا يلزمنا بدفع الزكاة لهم و لم يقل فقراء المسلمين فقط .
وشكرا .
هذا الرد غير واضح.

والسلام عليكم ورحمة الله..

قديم 02-02-2014, 05:46 AM
المشاركة 44
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

ملا حظات أولية :


جاء في ردكم ما يلي : أرجو مراجعة كلامي مرة أخرى، وآية {اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} ترددت أكثر من مرة في القرآن،

أستاذي العزيز لا يكفي أن تقول أن هذه الآية ترددت كثيرا في القرآن ليكون الأمر كذلك ، بل شيء من التمحيص أفيد ، فدلني عليها في موضع آخر غير الذي ذكرت لك . نحن هنا نتحرى الإفادة للجميع إضافة إلى أنك هنا ذكرت شيئا غريبا جدا أن العبادة أولى من التوحيد ، وهذه مسألة لا يمكن تجاوزها ببساطة و ليست حتى قضية فلسفية ، بل مسألة يقينية لا غبار عليها ، فكيف تكون هناك عبادة بلا توحيد .
وسأعزز هذه الآية الكريمة من سورة النساء بآية قريبة منها ، فالأولى تحدث المسلمين المؤمنين بالله أصلا ربا واحدا وقلت أنها مجرد تذكير لهم وتوكيد و ترسيخ لإخلاص العبادة لله الواحد الأحد .

قال الله تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " آل عمران (64) -
لاحظ أستاذي الكريم هنا أن الآية تخاطب أهل الكتاب الذين يؤمنون بوجود الله بل يدعون أنهم يخلصون له العبادة و لكن ذلك لا يكفي من غير توحيد ، فهناك كلمة سواء هنا هي عبادة الله بين المسلمين و أهل الكتاب لكن لا تساوي شيئا من غير توحيد ، " ولا نشرك به شيئا " مكررة مرة أخرى ، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، فإن تولى هؤلاء والله يعلم أنهم لا يقبلون ، فقولوا أيها المسلمون : إننا نوحد الله و نخلص له العبادة .

كما ورد في ردكم أستاذي : قصدي أن التركيز على عبادة الله ألزم من التركيز على عدم الإشراك، وهذا هو منهج القرآن وهذا هو المنطق، بينما الحاصل الآن هو التركيز على عدم الإشراك الذي يسمى التوحيد ثم العبادة
يا أستاذي الكريم ، هذا عذر أكبر من الزلة ، فعندما قلت لكم أن الإيمان توحيد ربوبية وتوحيد ألوهية لا يتم أحدهما إلا بالآخر ، فقد عززت بآيات من كتاب الله لا غبار عليها وتأتي أنت بآية تكرهها على قول يا يوجد في عقلك ، أو فقط لتعاكس ما يقوله المفسرون أو لست أدري لماذا ، لعلمك أخي الكريم أن لا مشكلة لي معي الأخلاق و سأدرج إن شاء الله العديد من الآيات الكريمة و الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على الأخلاق أكثر مما أدرجت إلى الآن ، و لكن لا تحاول لي النصوص و القفز على ما يعززها فقط لتتميز ، فرحمة ربنا خير من كل التميزات .

ورد في ردكم :
بشهادة القرآن فأول ركن هو العبادة، قال تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} فهل أنت تعلم الإسلام أكثر من القرآن؟! العبادة أولاً ثم التوحيد، أي توحيد العبادة.

يا أخي الكريم : أنا لا أدعي العلم و لا أنفي على نفسي التعلم ، فهذا بشهادة الله الذي لا إله إلا هو فالإسلام بني على خمس كما في حديث جبريل أولها أشهد أن لا إله إلا الله . "
و أعلم علم اليقين أن الإنسان ما خلق إلا ليعبد الله وحده . ولا تتم العبادة إلا بالتوحيد ، أي الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو .


ورد في ردكم : كيف يكون مسلماً بلا فضيلة؟ هذا ما تريد أن تصل إليه أن يكون مسلماً بلا فضيلة، فانظر لصفات المؤمنين في القرآن كلها أخلاقية، هذا ما تريد أن تصل إليه أن يكون مسلماً بلا فضيلة، فانظر لصفات المؤمنين في القرآن كلها أخلاقية"


يا سبحان الله ، أوتظن المسلمين ملائكة يا أخي الكريم ، لا يخطؤون ، هل هذا يعني أن كل من ارتكب خطأ يخرج عن دائرة الإسلام ، ما هذه المثالية ، أولا يعلم الله أن الإنسان بضعفه خطاء ، فلماذا وضعت التوبة و شرعت الحدود ، و لماذا يحب الله التوابين ، و كيف للإنسان أن لا يخطئ ، وأن لا ينسى وأن لا يأخذه السهو و الغفلة وأن لايقع في المحرمات لظرف من الظروف ، ألم يجعل الله كفارات لكل الذنوب والمعاصي ، أليس باب التوبة مفتوحا إلا لمن أراد التمادي في الغي و الكفر والفجور ، أأنت أعلم من الله بعباده و تخرج من تشاء من الدين فقط لأنه أخطأ . هذه رؤية خاطئة أخي الفاضل ، فالله أنبأنا أنه لو لم يخطئ الناس لأتى الله بخلق آخرين يخطؤون ويطلبون المغفرة فيغفر لهم ، كما أن أنبأنا أن كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ، أم أنك تؤمن بالعصمة لمن لم يعصمه الله من الأخطاء .
ما قولك في الذي قتل من الناس الكثير و أراد التوبة وجاء واحدا من هؤلاء الذين يسدون باب التوبة و يعتبرون الفضيلة في الحلقة الأقوى فقتله ، و وجد واحدا من أهل العلم فدله على الرحيل لعل الله يقبل توبته ، فهاجر إلى الله فوجده غافرا للذنب قابلا للتوب .

قد يخيل إليك أنني هنا أدعو إلى المعصية و أعوذ بالله من هذا ، و لكن دين الله وضع لنا خريطة الطريق ، لا يزيغ عنها إلا هالك . فالإيمان بالله وحده هو الذي يدلك على هذا السبيل ، إيمان لا تشوبه شائبة أبدا عقيدة صلبة لا تزعزعها كل تلك الالتواءات ، فمن عرف الله عرف الطريق السليم ، فالصلاة كلها تكبير تقول الله أكبر ، أكبر من كل ما يوجد في عقلك أخي الكريم و عقول كل الناس جميعا ، فمن أنت ومن أنا ومن هم هؤلاء كلهم يريدون أن يعلموا الله الأخلاق ، و يتهمون المسلمين بالكفر ظلما وعدوانا .


كيف يكون مسلماً بلا فضيلة؟ تمنيت لو ابتعدت عن هذا السؤال لأنه يجر الموضوع إلى شيء آخر ، وإذا نفيت الإسلام عن كل من قام بمعصية فهذا ظلم عظيم .


ورد في ردكم : الإسلام كله اختياري وليس فقط حب الرسول! هل أسلمت أنت مجبراً أم باختيارك؟ دعنا من حب الرسول الآن، فإن قلت إجبارياً فهذه كارثة وعليك أن تسلِم من جديد مختاراً فالله يقول {لا إكراه في الدين}.

يا سبحان الله تخير من شئت و تخرج من الملة من شئت ، قلت لك يا سيدي عندما تعلن إسلامك ، أي أنت مسلم ، شهدت أن لا إله إلا الله وشهدت للنبي برسالة الإسلام ، فلست مخيرا إطلاقا في حب الرسول لأنه من العقيدة ، أما من اختار الكفر فأصلا لا يعنيه الإسلام في شيء و من لا يعنيه الإسلام فلا يعنيه رسول الإسلام عليه أفضل الصلوات وأزكى السلام .

لديك خلط كبير في بعض الأشياء و تدخل هذه في تلك أم تود تطويل ما يمكن أن يكون قصيرا لكن لا بأس فأنا مؤمن أنه عندما يكون هناك نتيجة خاطئة كإختزال الدين في الأخلاق ، لابد أن الاستدلال خاطئ ولو بدا متسلسلا ، فهناك خطأ منهجي ما و بدأت تظهر تلك الأخطاء تباعا .

ورد في ردكم ما يلي : أنا لم أقل أن الإسلام أخلاق فقط دون عبادات

أحيانا تصيبني الحيرة في تفسيراتك ، قلت أن الدين كله أخلاق يا سيدي و الآن الدين لي كله أخلاق ما هذا الخلط .

ورد في ردكم : " أنا هنا أساير طريقة التفكير السائدة التي تفصل بين الأخلاق والعقيدة، هذا الفصل الخطير.
حلال علينا وحرام عليهم ، تساير طرحا معينا متى شئت و ترجع عنه ماشئت ، هذا ليس من العلمية في شيء .
ورد في ردكم : " نعم الدين كله عقيدة إذا سايرتني كما وضحت لك
الدين يا أستاذي ليس أن تسايرني أو أسايرك ، فهذه ليست مسألة توافقات ، هذا دين الله ، قبل أن تكتب فيه كلمة يجب أن ترتعش الأصابع خشية أن تهوي بكل أعمالك و إلا قلت الله و رسوله أعلم كما كان يقول كبار الصحابة ، وكان الإمام مالك عليه رضوان الله يقول بكل شجاعة لا أعلم و العلم لله ، وما أوتينا من العلم إلا قليلا ، وما عقلنا إلا بالقاصر عن المعرفة الحقيقية إلا ما علمنا الله في كتابه أو في سنة نبيه الكريم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ماكان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها سخطه إلى يوم يلقاه " من موطأ الإمام مالك "كتاب الكلام" باب ما يؤمر به من التحفظ في الكلام ، و هو حديث صحيح أخرجه البخاري و مسلم عن أبي هريرة .
جئت بهذا الحديث خصوصا ردا على كلامك أستاذي الذي قلت فيه :
لا يصلح أن يكون لنا تحسس من مصطلحات ككلمة أخلاق وفلسفة وعقل، فإما أن تبين المشكلة فيها منطقياً وإلا فلا قيمة للتحسس؛ لأن فلان تحسس منها فأنا أتحسس ولأنه نفر منها أنا أنفر! فهذه ليست بصيرة.

بما أنك جعات الموضوع شخصيا أكثر و تدخل به إلى الأنا و الأنت ، فاعلم أخي الكريم أن هذا المنبر الذي نكتب فيه هو المنبر الاسلامي " وهو مكان يقصده من يريد أن يعيش لحظات بين يدي الله بعيدا عن المشاحنات ، فهو مكان تحفه الملائكة ، فيه قرآن وحديث و ليس مكانا للسجالات الفكرية والفلسفية " منذ البداية تمنيت أن يكون هذا الموضوع مطروحا في منبر الحوارات الفكرية . أنئذ تبقى الأفكار مجرد رؤى تحتمل الصواب والخطأ ، أما هنا فعذرا فهو لليقينيات. بها يسترشد المرء و يحس فيه طمأنينة .
عندما قلت لا حساسية لي مع الفرق الدينية الإسلامية و المدارس الفكرية العالمية فأعني ما أقوله جيدا ، فأنا مؤمن أن هناك جزء صحيح من كل المذاهب والنحل ، وهناك جزء خاطئ ، فلنأخذ الصالح و نتبرأ من الطالح . ولم أقصد أبدا ما ذهبت إليه ، فالعلمانية ليست فقط فصلا للدين عن الدولة إن كان هذا ما يزعجك ، ولم تبدأ عند الغربيين بل بدأت في الفكر الإسلامي .

تقولون سيدي :
انظر.. فالعقيدة لم تخلصك من هذه السقطة، فصرت تفترض إمكانية أن يحلل الله الخبائث! وأي أحد يحلل الخبائث هو خبيث! إذن قبلت إمكانية نسبة الخبث إلى الله تعالى! وإمكانية الظلم إلى الله تعالى!

هل تعتبر العقيدة تنزيها من الأخطاء ، فكل من اعتقد وأسلم فهو عالم تقي ورع صالح مصلح ، خالط الناس لتعرف حقيقة الأمر ، و ترى الحياة بالمنظار السليم ، لا كما تتصور بعيدا عن الحقيقة .
أخي الكريم ، أدرجت ردي على موضوع الخنزير والخمر لأنني أولا : لا أنتقي ما هو في صالحي فقط ، و أقفز عن " أخطائي " لأني لا أبتغي فقط أن أقنعك كما تريد أنت و صرحت به ، فأنا هنا أتحاور بحثا عن الحقيقة و أتحاور و أستفيد ، و أصحح معلوماتي ، وأتعرف على معلومات جديدة و أتذكر ما طمسته السنين .
وفي الوقت ذاته لا أزال أبحث عن دليلك المقنع و إن شاء الله متى وردت أدلة مقنعة في الموضوع سأتنازل باعتذار إلى من قرأ لي وتوبة إلى الله من سقطات اللسان .
فالله يقول أن الخمر فيها من المنافع الكثير ، لكن اثمها أكبر من نفعها ، فهنا الله أبرز بوضوح أنها حرمها رغم ما فيها من المنافع ، هناك من يشير أن بمجرد تحريمها رفعت منافعها و أصبحت من الخبائث ، فلا تتعجل و أفدنا بما لديك و لا تتسرع في إعلان النصر ، فنحن هنا لنتعلم أولا و قبل كل شيء .
ورد في نصك ما مضمونه أن الدين كله مجرد تذكير : وليس فيه تعليم ، ما رأيك يا أستاذي في و علم آدم الأسماء كلها ، وما رأيك في " الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم . أليست هذه الآيات من القرآن الذي نفيت أن يكون الدين فيه تعليم .

يتبع إن شاء الله

قديم 02-02-2014, 11:56 PM
المشاركة 45
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ملاحظات أولية تكملة


الإسلام كله اختياري وليس فقط حب الرسول! هل أسلمت أنت مجبراً أم باختيارك؟ دعنا من حب الرسول الآن، فإن قلت إجبارياً فهذه كارثة وعليك أن تسلِم من جديد مختاراً فالله يقول {لا إكراه في الدين}.


صدق الله العظيم " لا إكراه في الدين" و " لكم دينكم ولي دين" فالإنسان مخير بالفعل في فعله و مسير أيضا في العديد من الأشياء . و لا إشكال هنا .
لكن هذا لايعني يا أستاذي أنك عندما تدخل في دين الله أنك مخير في حب رسوله فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ".
و لست مخيرا في التلاعب بالدين تأخذ ما تشاء و ترمي ما تشاء ، فالإسلام التزام و ليس أهواء ، فهذه الجملة التي بدأت بها فيها الكثير من المغالاطات : فلا يمكن أن يكون الإسلام اختياريا كله ، تأخد منه ما تشاء و تدع ما تشاء كأن تأخذ الأخلاق و تترك الباقي ، وتجعل من التوحيد شيئا ثانويا و هو أساس الدين كله .
قال الله تعالى : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ْ" الآية 36 من سورة الأحزاب
لاحظ ذلك الاختيار كيف يلغيه الإسلام بنص صريح ، ولاحظ أن السورة تتحدث إلى المؤمنين ، الذين حققوا عقيدة التوحيد فهم ملزمون بإعطائها حقها . فقد جاء ردك أن العبودية "الرق " غير أخلاقي في الإسلام ، لكن هذا لايعني سيدي الكريم أن تعممه فالعبودية لله وحده من صلب الدين و تحقيقها هي غاية خلق الإنسان ، ولا يمكن تحقيقها أبدا إلى بوجود عقيدة التوحيد و إلا تنازع الطواغيت عبوديتك و استحلوا حرماتك .

جئت بهذه الآية التي أتمنى أن تتمعنها جيدا لتعرف قوة العقيدة قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } سورة الأحزاب 57 و58

إن كنت لا تولوي العقيدة الاهتمام اللازم سيتساوى في ذهنك الأذيان ، هنا الذين يؤذون الله ورسوله والذين يؤذون المؤمنين ، لأن هناك احتمال أن يؤذي المؤمن أخاه المؤمن و يطلب العفو والمغفرة ، لكن ليس هناك احتمال مطلقا أن يؤذي المؤمن الله و رسوله ، لأنه هنا خرج عن دائرة الإسلام الذي لا يقوم بغير عقيدة .

لاحظ أخي الكريم أني قلت إن الشرطية التي لا تفيد احتمال الوقوع و لم أضع إذا .

ورد في ردكم :
"ما مرجع هذا الكلام في القرآن؟ الله قال لإسماعيل وإبراهيم أسلما فقالا أسلمنا لرب العالمين، وأمر إبراهيم أن يذبح إسماعيل ليجرب ويختبر مصداقيتهما، فصدّقا الرؤيا وكانت كلمة أسلمنا ليست كلمة باللسان، فتحققت عبوديتهما."

هل تشك هنا أن اسماعيل لا يخضع لله ، أم لا يحب الله .
الخضوع هو معنى العبودية ، لكي تكون مرتبطة بالتوحيد وجب الحب المطلق لله ، لأنه نجد عبدا لا يحب سيده وهذا احتمال قائم في عبودة البشر للبشر ، أما العبودية لله فهي نعمة ودرجة كبرى خص الله بها عباده ، لذلك تستوجب الحب .
قال تعالى :" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" آل عمران 31
فكما لا عبادة بغير توحيد ، فحب الله من الإيمان . " فهم لا يحبون الله وإن قالوا نحب الله بألسنتهم لأنهم لايتبعون الرسول و ما جاءت به رسالته و منها العبادات ، فلا توجد عبادة مستقلة عن حب الله "
وربما اهتديت في البحث إلى آية أخرى وأحاديث تعزز أن العبادة هي خضوع كامل و حب كامل .

قديم 02-03-2014, 07:57 PM
المشاركة 46
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هل هناك منطقة عفو الإسلام ؟

قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ " المائدة 103

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً، ثم تلا {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا " أخرجه البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء بسند حسن ، و حسنه الألباني

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن أبي عبد الله النعـمان بن بشير رضي الله عـنهما قـال: سمعـت رسـول الله صلي الله عـليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحـرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ألا وهي الـقـلب)

قال الله تعالى :"مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " الحشر (7)

ما تشير إليه هذه الأدلة هنا أن هناك منطقة عفو في الدين الإسلامي سكت عنها الشرع و يستعمل فيها الاجتهاد وفق قواعده و ضوابطه بالنسبة للعالمين و العارفين بشؤون الدين ، وأعجب كيف لا تعفو عن الإنسان وقد عفا الله عنهم ولم يلزمهم بدقائق الحياة كلها كما يوحي كلامك ، و الله عز و جل لا يؤاخذنا باللغو في أيماننا بل يؤاخذنا بما كسبت قلوبنا . فلا تحاصر الناس في كل اتجاه . بل أخي الكريم كان الرسول صلى الله وسلم لا يحب كثرة السؤال التي تؤدي إلى كثرة التشريع ، الذي يؤدي إلى كثرة الالتزامات ، التي تؤدي بدورها إلى كثرة المعاصي . وتذكر كيف كان الرسول يسأل التخفيض في الصلاة من ربه . هل كان يعني ذلك أن كثرة الصلاة غير مفيدة ، لا بالطبع ، لكن التخفيف على المؤمن أولى ، و ما فعل ذلك إلا بإذن ربه .

يتبع

قديم 02-05-2014, 12:10 AM
المشاركة 47
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثم ما دخل التعدد في الأخلاق؟! هذا أسلوب في بناء الأسرة، فقد تكون كبيرة أو صغيرة، ومن الذي جعله استثناءً؟ إنه الثقافة الغربية المبنية على المسيحية التي ترفض التعدد. فلا يكن مقياسك ما يرفضه الغرب وكأن البشر هم الغرب، هم يرفضون التعدد ويبيحيون التخلل (من الخليلات مثنى وثلاث ورباع وتساع وعشار!) وبدون تحمل أي مسؤولية كما في الزواج الأخلاقي، فهل هذا ارتقاء أو انحطاط في الحيوانية؟! أيهما أرقى أخلاقياً: من يعدد ويلتزم أم من يعدد ولا يلتزم؟!
الشعوب القديمة كانت تحترم الزواج وتكره البغاء وتتشدد فيه أيضاً، أما عند الغرب فقد انعكس الوضع الآن ولم يتطور بل تراجع.


ما دخل التعدد في الأخلاق ؟

جميل هذا الطرح حسبتك تقيس كل شيء بمعيار الأخلاق .
هذا الموضوع بالذات وجدت فيه تطور الأخلاق ، فأحببت أن تزيحه عن طريقك بإثارة الخليلات ، فهل التعدد يمكن أن يحد من الخليلات ، أم أن الهوس الجنسي في الأصل مرض نفسي .
جاء الإسلام ليحد من التعدد و يضيق عليه إلى أبعد الحدود يا أستاذي ، فقط المجتمع يومئذ كان فيه التعدد قاعدة عامة ، لأنه عندما اشترط الإسلام العدل في التعدد أقرنه باستحالته في نفس الوقت . فلا تعتبر كل ما تشاء أخلاقيا وغيره غير أخلاقي وفق منظورك للأمور ، وانقل الأشياء كما هي .

هل الأخلاق تتطوور أم هي ثابتة و مطلقة ؟

إذا كانت العقيدة ثابتة لأنها تربط بين العبد و ربه و حده ، فإن الأخلاق أساسها هو الحياة الإجتماعية ، أي أنها يدخلها الإجتهاد الإنساني ، و المصلحة التي تقتضيها المرحلة ، والظرف الذي تعيشه الجماعة ، فمثلا أخلاق الحرب ليست هي أخلاق السلم ، وأخلاق السياسة ليست هي أخلاق الناس البسطاء .
لنأخذ على سبيل المثال : التجسس ، فالتجسس في الأصل حرام ، لكن هل يمكن بناء دولة بلا جهاز للتجسس " العيون " .

وعندما نأخذ الأخلاق بوجه عام كالعدالة مثلا ، فقديما كان الشخص يحاكمه القاضي ، فقيمة العدل يومئذ لا يمكن أتكون نفسها عندما تطورت وسائل البحث ، و ضبط الفصول و التقدم العلمي ، فالعدالة قديما ليست هي العدالة اليوم ، لا بد أن هناك تطورا و تحسنا في المخرجات ، فالمسألة بالضبط كباقي المهن والحرف . فعندما نقول أن هناك محامي و هناك ممثل الحق العام و هناك قاضي ، فكل منهم في الأخير يجتهد للوصول إلى العدل الحقيقي وفق معطيات دقيقة .
فالسرقة مثلا يمكن أن تكون سرقة عادية ، وسرقة موصوفة بسبق الإصرار والترصد ، ويمكن أن تكون سرقة ليلية واقتحام منزل وغيرها من الأحداث التفصيلية التي تدخل في الجناية . فعندما تتحقق بشكل جيد في مواصفات العدالة قديما وحديثا لابد أن تقف على ارتقاء العدالة .

فالقول بأن الأخلاق جامدة لا تتحسن و لا تتطور فيه نوع من عدم الضبط .

خذ مثلا عندما "سرق" أخ يوسف عليه السلام ، فهو تم الاحتفاظ به "كرهينة " و لو حوكم بدين أهله لكان مصيره مختلفا ، و لو حوكم في الإسلام لكان التخفيف واضحا . حتى أن في عهد سيدنا عمر رفع حد السرقة في فترة الجذب . من هنا يتضح أن الأخلاق لا ننظر إليها دوما بنفس المنظار .

الكذب مثلا تعتريه الأحكام رغم أنه أخلاقيا يبدو من المحرمات ، فالأخلاق تخضع للظرف ، عند التطبيق والتنفيذ .

قديم 03-19-2014, 09:55 PM
المشاركة 48
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

ملا حظات أولية :


جاء في ردكم ما يلي : أرجو مراجعة كلامي مرة أخرى، وآية {اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} ترددت أكثر من مرة في القرآن،

أستاذي العزيز لا يكفي أن تقول أن هذه الآية ترددت كثيرا في القرآن ليكون الأمر كذلك ، بل شيء من التمحيص أفيد ، فدلني عليها في موضع آخر غير الذي ذكرت لك .
هناك أكثر من موضع مثل قوله تعالى: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} {اعبدوني ولا تشركوا بي شيئاً} وكل موضع يجتمع فيه العبادة ورفض الشرك في القرآن تكون العبادة مسبقة على النهي عن الشرك، وهذا هو منهج القرآن وعلينا أن نتبعه، وبالتالي النظر إلى تحقيق العبودية الكاملة أولاً وأن تكون الحياة كلها لله وليس فقط النسك ثم نفي وإبعاد أي شرك ثانياً، لا أن يكون المهم هو نفي الشرك مع الاقتصار على النسك فقط.


نحن هنا نتحرى الإفادة للجميع إضافة إلى أنك هنا ذكرت شيئا غريبا جدا أن العبادة أولى من التوحيد ، وهذه مسألة لا يمكن تجاوزها ببساطة و ليست حتى قضية فلسفية ، بل مسألة يقينية لا غبار عليها ، فكيف تكون هناك عبادة بلا توحيد .
من الذي قال أن هناك عبادة بلا توحيد؟؟ هل أنا قلت؟ هذه زيادة من عندك وترجمة خاطئة لكلام غيرك تفتقر إلى التثبت، أنا أقول ما قاله الله، فالله قدم العبادة على التوحيد ولم يلغ التوحيد بل ثنى به بعد العبادة في كل موضع، فأرجو أن تنتبه ولا تقوّل غيرك ما لم يقله، لأن هذا يدخل في الظلم، والله توعد الظالمين وقد قال تعالى {وقد خاب من حمل ظلماً} فالله أمرنا بالتثبت حتى في النقل عن الآخرين وترجمة كلامهم والإخبار عنهم، أنت فهمت خطأ وعبرت عنه خطأ، وقلت أن العبادة بلا توحيد، فحسبت أني أقول أن هناك عبادة بلا توحيد!

فعد إلى الحق يا رعاك الله والعود أحمد والتثبت أفضل وأليق بالمؤمن بل هو واجب المؤمن الذي يخاف الله، ثم إن الآيات قدمت العبادة على التوحيد وليس أنا فإذا كان عندك اعتراض فاعترض على كلام الله، إذا كان كلام الله غريباً فكيف تسمي غريباً ما ذكر في القرآن؟! ولا أظنك ممن هجر كتاب الله إن شاء الله، بل الغريب هو ما خالف القرآن، هكذا يجب أن تكون نظرتنا للغرابة والألفة، ولا نأخذها من المجتمع والإعلام بل من كلام ربنا، فنحن عباد الله ولسنا عبيداً لغيره، وهذا كلام الله نصاً محفوظاً وعلينا أن نتدبره أي نسير دبره وليس أمامه ولا يمينه ولا شماله ولا نغيره ونؤوله ولا نعطله ولا ننتقي منه، هذا معنى التدبر، والله سماه إماماً لنا، والإمام يتبع ويبيِّن لا أن يبيَّن، ولا شيء يبين الحق من الباطل إلا كلام الله وما والاه.


وسأعزز هذه الآية الكريمة من سورة النساء بآية قريبة منها ، فالأولى تحدث المسلمين المؤمنين بالله أصلا ربا واحدا وقلت أنها مجرد تذكير لهم وتوكيد و ترسيخ لإخلاص العبادة لله الواحد الأحد .

قال الله تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " آل عمران (64) -
لاحظ أستاذي الكريم هنا أن الآية تخاطب أهل الكتاب الذين يؤمنون بوجود الله بل يدعون أنهم يخلصون له العبادة و لكن ذلك لا يكفي من غير توحيد ، فهناك كلمة سواء هنا هي عبادة الله بين المسلمين و أهل الكتاب لكن لا تساوي شيئا من غير توحيد ، " ولا نشرك به شيئا " مكررة مرة أخرى ، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، فإن تولى هؤلاء والله يعلم أنهم لا يقبلون ، فقولوا أيها المسلمون : إننا نوحد الله و نخلص له العبادة .

حتى هذه الآية تثبت أن العبادة مقدمة على التوحيد {ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً} ولا حظ أن كلمة "نعبد" ذكرت أولاً ثم "لا نشرك به شيئاً" ذكرت ثانياً.

كما ورد في ردكم أستاذي : قصدي أن التركيز على عبادة الله ألزم من التركيز على عدم الإشراك، وهذا هو منهج القرآن وهذا هو المنطق، بينما الحاصل الآن هو التركيز على عدم الإشراك الذي يسمى التوحيد ثم العبادة
يا أستاذي الكريم ، هذا عذر أكبر من الزلة ، فعندما قلت لكم أن الإيمان توحيد ربوبية وتوحيد ألوهية لا يتم أحدهما إلا بالآخر ، فقد عززت بآيات من كتاب الله لا غبار عليها وتأتي أنت بآية تكرهها على قول يا يوجد في عقلك ، أو فقط لتعاكس ما يقوله المفسرون أو لست أدري لماذا ، لعلمك أخي الكريم أن لا مشكلة لي معي الأخلاق و سأدرج إن شاء الله العديد من الآيات الكريمة و الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على الأخلاق أكثر مما أدرجت إلى الآن ، و لكن لا تحاول لي النصوص و القفز على ما يعززها فقط لتتميز ، فرحمة ربنا خير من كل التميزات .
أنت تحاول تصنيف دوافعي من سيء إلى أسوأ مبتعداً عن فكرة إحسان الظن التي أمرك الله بها، ولم تقل مرة ولو على سبيل الاحتمال أنني أبحث عن الحق وأتدبر القرآن، فهذا يصلح أن يكون دافعاً لي، أم أنه يصلح لك فقط؟ أنا لم ألوي النصوص بل ذكرت لك كل النصوص ، وذكرت أنه لم تذكر في القرآن العبادة إلا مقدمة على نفي الشرك، فهل أنا ألوي كل النصوص والتوت كلها معي؟! هل تؤيد كلامي؟!
اتق الله يا أخي فهذا كلام الله وليس كلامي، أثبت لي من القرآن أنها ذكرت مقدمة حتى يكون اعتراضك صحيحاً.

هل أنا لويت القرآن كله حتى أتميز أمامك وأنت لا تعرفني ولا أعرفك؟! أتميز بماذا؟ وما هي الجائزة التي سوف أحصل عليها غير الانتقاد وإساءة الظن، لكني أحتسب هذا كله عند الله وأعفو عمن ظلمني لأنني أريد أن يعفو الله عني {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} بلى وربي نحب، هذا ما وجدته في القرآن فإن كنت مخطئاً فرد علي من القرآن وليس بكلمة "غريب" فهي ليست رداً مقنعاً، فليس كل غريب باطل ولا كل مألوف صحيح.


ورد في ردكم :
بشهادة القرآن فأول ركن هو العبادة، قال تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} فهل أنت تعلم الإسلام أكثر من القرآن؟! العبادة أولاً ثم التوحيد، أي توحيد العبادة.

يا أخي الكريم : أنا لا أدعي العلم و لا أنفي على نفسي التعلم ، فهذا بشهادة الله الذي لا إله إلا هو فالإسلام بني على خمس كما في حديث جبريل أولها أشهد أن لا إله إلا الله . "
و أعلم علم اليقين أن الإنسان ما خلق إلا ليعبد الله وحده . ولا تتم العبادة إلا بالتوحيد ، أي الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو .

التعبير الأدق أن العبادة تفسد إذا فقد التوحيد كما قال تعالى {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} أي والعمل هو العبادة، وليس أن العبادة لا تتم إلا بالتوحيد –كما تقول- فتكون ناقصة، وما لم يتم فهو ناقص، لكن الله أخبرنا أن العبادة تحبط كلها ةوليس فقط تنقص. فالمشركون يعبدون الأصنام، أي أن العبادة موجودة لكنهم أشركوا بها مع الله، وكل شيء يعمل باسم الله والهدف غيره فهو يحبط، والشرك قد يكون كلي وقد يكون جزئي، فإذا صليت مخلصاً لله فهذا العمل لم تشرك به، لكن إذا قمت بالاهتمام بطفل يتيم كي يرى إخلاصك وتظهر في الإعلام فهذا العمل محبط، لأن الله أمر به ولكن أُشرك به غيره، وكل عمل يشرك به مع الله يحبطه الله ولا يقبله، لأنه هكذا صار المشرك به مع الله هو الأهم من الله عند الفاعل، مع أن الله هو الأول والآخر، كما قال تعالى عن المشركين {فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ ۗ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}، أي أنه حكم ظالم، بما أن الله لا يستطيع أحد أن يظلمه فمن هنا فهم ظلموا أنفسهم، كما قال تعالى {إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم} ومن هنا سمى الله الشرك ظلماً، كما قال تعالى عنهم أيضاً {تلك إذاً قسمة ضيزى}، والله عادل يقبل ما قصد به وجهه ويرد ويحبط ما لم يقصد به وجهه أو أشرك معه غيره ولو بالنية.


ورد في ردكم : كيف يكون مسلماً بلا فضيلة؟ هذا ما تريد أن تصل إليه أن يكون مسلماً بلا فضيلة، فانظر لصفات المؤمنين في القرآن كلها أخلاقية، هذا ما تريد أن تصل إليه أن يكون مسلماً بلا فضيلة، فانظر لصفات المؤمنين في القرآن كلها أخلاقية"


يا سبحان الله ، أوتظن المسلمين ملائكة يا أخي الكريم ، لا يخطؤون ، هل هذا يعني أن كل من ارتكب خطأ يخرج عن دائرة الإسلام ، ما هذه المثالية ،
الله أراد المثالية وليس أنا، أنت تريد إسلاماً بلا مثالية، تريد أن تجعل الخطأ هو الأساس والصواب هو الطارئ، ولا أقول أن هذه هي نيتك، ولكنه مؤدى الكلام الذي تقوله، ولا شك أنك أفضل من هذا الكلام وعندك كلام أحسن منه.

لم لا ننظر أن الفضيلة أساس والخطأ شذوذ عنها يصلح بالتوبة، ألم تر قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس} وخير أفعل تفضيل أصلها (أخير)، بل في كل موضع يطالبنا الله بالأفضل، وأفعل التفضيل متكرر بخطاب المؤمنين والطلب منهم، كما قال تعالى {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} وقال {اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم} وأحسن يعني أفضل، كما قال تعالى {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} وأقوم يعني أفضل وأكثر استقامة، كما قال تعالى {وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً} ، أي أن الله طلب المثالية وليس أنا، ولماذا لا نطلب المثالية والله لا يؤاخذ المخطئ والناسي لكن يؤاخذ القاصد، ليكن نقص المثالية عندنا في الخطأ والنسيان لا أن يكون في المبادئ والأفكار والنيات، ألست تطلب من ولدك أن يكون الأفضل ويحصل على الدرجات الكاملة؟ لماذا تطالبه بالمثالية في الدرجات ولا تطالبه بالمثالية في الأخلاق؟! أليس كل صاحب عمل يريد أن يكون هو الأقوى والأغنى في السوق وتعتبر هذا حق له ومنطقي وممكن الوصول إليه بالجد والاجتهاد، لماذا لا نحارب المثالية في الطمع والمادية وإنما نمنعها في الأخلاق والفضائل وندعي عدم إمكانية الوصول إليها؟! بينما في الماديات والمطامع نتكلم عن إمكانية تحقيق الطموحات والمآرب الاجتماعية والمادية ونقول لهم لا يوجد مستحيل ونقول لهم:
من طلب العلا سهر الليالي...

إن هذا ليس مبدأ خير أمة أخرجت للناس أن نطلب المثالية في المأكل والمشرب والوظيفة والمسكن والمركب وليس في الأخلاق والفضائل بحجة عدم الوصول إليها بالشكل الكامل مئة بالمئة، يا أخي الاقتراب منها بحد ذاته نعمة، وعندما تطلب من ابنك الدرجة الكاملة لماذا لا تقل له أن الإنسان ناقص، المفروض أن يقبل بدرجو مقبول أو جيد ولا تطالبه بمثالية الدرجات، مع أن حق الله أولى من هذه الدنيا الفانية. وهذا ما تطمحه لولدك ليس شرطاً أن يأتي بمئة بالمئة ولكن أن يحصل على الامتياز لكن في مجال المصلحة، لأن الدراسة تحدد الوظيفة والدخل والمكانة الاجتماعية، أليس أمر ربنا أولى أن نطبق معه هذا المبدأ؟ ونحاول أن نكون مثاليين في أخلاقنا واستماعنا وتبنينا للمواقف والأفكار، طلب الأفضل واجب شرعي.

وما دمنا نطلب الأفضل والأنظف والألذ في المأكل فلماذا لا نطلبه في السلوك؟! ولم يقل أحد أنه من لم يكن كاملاً مئة بالمئة فهو كافر! كذلك لم يقل على من لم يحصل على درجات المئة الكاملة في الشهادة الثانوية أنه تلميذ بليد وفاشل، كيف نريد المثالية للدنيا ولا نريدها فيما يتعلق بالآخرة ونقر بإمكانيتها في الدنيا ولا نقر بإمكانيتها للآخرة؟؟! وإذا كانت غير ممكنة فلماذا يطالبنا الله بها {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} فهي من الوسع، كذلك في أمور الدنيا لا يوجد نجاح مئة بالمئة ومع ذلك يسعى الجميع إليه.
و الله طلب منا أن تكون حياتنا للآخرة وليس للدنيا، مع أن الله قال {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة} وليس العكس أن نبتغي فيما آتانا الله الدنيا وملذاتها ونترك الآخرة.


أولا يعلم الله أن الإنسان بضعفه خطاء ، فلماذا وضعت التوبة و شرعت الحدود ، و لماذا يحب الله التوابين ، و كيف للإنسان أن لا يخطئ ، وأن لا ينسى وأن لا يأخذه السهو و الغفلة وأن لايقع في المحرمات لظرف من الظروف ، ألم يجعل الله كفارات لكل الذنوب والمعاصي ، أليس باب التوبة مفتوحا إلا لمن أراد التمادي في الغي و الكفر والفجور ، أأنت أعلم من الله بعباده و تخرج من تشاء من الدين فقط لأنه أخطأ .

والآن وقعنا في ظلم آخر، فتجعلني أُخرج من ليس كاملاً مئة بالمئة من الإسلام نهائياً بلا عودة، فرية جديدة غير فرية التميز السابقة! أين أدلتك ومستنداتك؟ أم أن التهم توزع بالمجان من شدة التثبت وما ينجح منها ينجح وإلا لم تخسر شيئاً، أنا لم أخرج أحداً عن الإسلام، ولماذا كل هذا الموقف المتشدد في قبول فكرة الأخلاق؟ إما مئة بالمئة وإلا فلا، أنت من يقول هذا وليس أنا، بالنسبة للأخلاق إما أن تأتي مئة بالمئة وإلا فلا يمكن تطبيقها.. هذا تفكيرك وليس تفكيري.

أما الكفارات والحدود فليست هي الأساس، افرض أن الناس صلحوا فحينها لن يوجد جلد ولا قطع يد...ألخ فماذا تفعل، متخيلاً أن الإسلام لا يكمل إلا بوجود الكفارات والحدود حتى لو صلح الناس ولم يسرق أحد ولم يزني أحد، هذه الحدود والكفارات حلول للطوارئ والشذوذ عن القاعدة، وإلا فالأساس أن كل مسلم يطيع ربه ويجتنب ما نهاه عنه، لا تجعل من الشذوذ قاعدة، والشيء القاعدة يستمر في كل الظروف بينما الحدود لا تستمر بكل الظروف خصوصاً إذا صلح الناس فلن توجد، فكيف تكون هي أساس الدين مع إمكانية ألا توجد أبداً؟! إذن التشريعات ليست هي أساس الدين بل هي للشذوذ عن أوامر الدين، فعقوبات المرور ليست هي المرور بل للشاذين عن أنظمة المرور ، ولو لم يشذ أحد فلن يوجد شيء اسمه مخالفات مرورية، والعقوبات دائماً فرع وليست أصل.


هذه رؤية خاطئة أخي الفاضل ، فالله أنبأنا أنه لو لم يخطئ الناس لأتى الله بخلق آخرين يخطؤون ويطلبون المغفرة فيغفر لهم ، كما أن أنبأنا أن كل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون ، أم أنك تؤمن بالعصمة لمن لم يعصمه الله من الأخطاء .
أنت الآن صورت أن الله يريد الخطأ ويحبه بينما الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم، فالله يريد لنا الخير والتقوى ولا يريد لنا أن نخطئ ولا يحب أن يعاقبنا، إذن لأحب إبليس لأنه يريد الخطأ فهو أكثر المخلوقات خطأ، والخطأ ما هو؟ هو الإثم والكفر والفسق والظلم والفساد...الخ، وكلها أخبر الله في كتابه أنه لا يحبها فهو لا يحب المفسدين ولا المعتدين ولا الظالمين، والإنسان التواب هو إنسان مثالي، فالله مدح أنبياءه ووصفهم بأنهم أوابين وتوابين ، والتواب صيغة مبالغة من كثرة الرجوع إلى الله، وكثرة الرجوع إلى الله تدل على الوقوع في الأخطاء، لكنها أخطاء غير مقصودة بذاتها، لأن التوبة رجوع من خطأ، ولم يعبهم هذا بل صاروا مثاليين في توبتهم وسرعة توبتهم، وما الصواب أصلاً إلا في تلافي الأخطاء والرجوع عنها، مثل المسافر ومعه خريطة يصحح بها مساره.

وهذه هي المثالية بالرجوع عن كل خطأ والاعتراف بكل مجانبة للصواب، وليست المثالية ألا تخطئ أًصلاً فهذا مما لا يطيقه البشر ولا يمكن أن يكون أصلاً ولم يطالبنا الله به، والأنبياء بشر، هذه هي المثالية التي تناسب الإنسان، مثالية المبادئ والقيم والنية للأصوب والأفضل هي التي يجب ألا يكون فيها انحراف وليس مثالية التطبيق، ومثالية الإنسان غير مثالية الملائكة، فالملائكة ليسوا بشراً يعيشون على الأرض، إذن مثاليتهم لهم ومثالية الإنسان للإنسان، يجب التفريق بين المثاليتين.

والله وصف بالتوبة أنبياءه لأنهم يتعرضون للخطأ، ليست المثالية ألا تخطئ أبداً وأصلاً كما تظن، فالمثالية أن ترجع إذا عرفت أنك مخطئ وتبحث عن الأقوم كما قال تعالى {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} ، إذن القرآن يدعو للمثالية وفق القدرات البشرية والاستطاعة كما قال تعالى {اتقوا الله ما استطعتم}.

أليس يردد المسلم {اهدنا الصراط المستقيم} فالمسلم يبحث عن الصواب طول حياته، وهذا الذي أتكلم عنه، أما عن العصمة التي تحاول إلصاقها بشكل أو بآخر كورقة ثالثة فأنا أبعد عن التفكير فيها لأنه لا يوجد معصوم أصلاً من الخطأ لا نبي ولا غيره لأن الله تعالى قال {والله يعصمك من الناس} أي يعصمك من أن ينالوك بسوء يوقف إيصال الرسالة، وقيلت بعد الأمر بتبليغ الرسالة جهراً، وفعلاً عصمه الله ومات على فراشه رغم كثرة أعدائه.

وليتك تنشغل بفهم الآيات أكثر من فهم مقاصدي فكان أجدى بالموضوع ، فكلام الله أولى من كلامي، فما أنا إلا متدبر للآيات وأريد المشي وراءها إن أخطأت أو أصبت وما توفيقي إلا بالله، وكلام ربك أولى بالاهتمام من كلامي أو كلام غيري، وهو الذي علينا أن نفهمه ونفهم مقاصده.


ما قولك في الذي قتل من الناس الكثير و أراد التوبة وجاء واحدا من هؤلاء الذين يسدون باب التوبة و يعتبرون الفضيلة في الحلقة الأقوى فقتله ، و وجد واحدا من أهل العلم فدله على الرحيل لعل الله يقبل توبته ، فهاجر إلى الله فوجده غافرا للذنب قابلا للتوب .

قد يخيل إليك أنني هنا أدعو إلى المعصية و أعوذ بالله من هذا ، و لكن دين الله وضع لنا خريطة الطريق ، لا يزيغ عنها إلا هالك . فالإيمان بالله وحده هو الذي يدلك على هذا السبيل ، إيمان لا تشوبه شائبة أبدا عقيدة صلبة لا تزعزعها كل تلك الالتواءات ، فمن عرف الله عرف الطريق السليم ، فالصلاة كلها تكبير تقول الله أكبر ، أكبر من كل ما يوجد في عقلك أخي الكريم و عقول كل الناس جميعا ، فمن أنت ومن أنا ومن هم هؤلاء كلهم يريدون أن يعلموا الله الأخلاق ، و يتهمون المسلمين بالكفر ظلما وعدوانا .

هذا كلام إنشائي خالي من أي تثبت, يلقى على عواهنة على شكل كليشة جاهزة لكل من اختلف مع أفكارك وتحسبه هين عند الله أن تقوّل الناس مالم يقولوا, بحجة أنك تدافع عن دين الله مع أن دين الله هو كما قال الله {اعدلوا هو أقرب للتقوى} وهو الذي أمرك بالتثبت, وليس وحدك من يهمه دين الله أنا أيضا يهمني دين الله وكل مسلم ولا يهمني أن يكفَّر مسلم أبدا فباب التوبة مفتوح.

أنت جعلتني أعلم الله الأخلاق, كيف ومتى وأين؟! بل كيف وصل عقلك إلى هذا المعنى حتى يسوغ كتهمة؟! وجعلتني أكفر كل إنسان عنده نقص في الأخلاق, لست أخطئه بل أكفره! هل أنت تفهم من كلام الناس ما تحب أن تفهمه؟! ولا أدري لماذا لا تخاف من الله وأنت توزع الظنون السيئة والتهم بدون أي إثبات, وكأن المبدأ: من خالف أفكاري لي الحق أن أتهمه بما أشاء وبلا دليل وأرمي في وجهه كل مافي الجعبة! أثبت! هل الإسلام يأمر بهذا أم أنه يأمر بأن نعدل حتى مع وجود الشنآن وهو البغض؟

إذا أُسقِط بيدك فلا تلجأ إلى رمي التهم على الناس لأن هذا الأسلوب يسمى الهروب إلى الأمام ويؤدي إلى الشخصنة والافتراء على الغير, والله نهى عن افتراء الكذب وأمر بالتثبت. وأنا أكرر عليك أوامر الله وكأن الأمر لا يعنيك وتعتبرها أوامري أنا! في الوقت الذي تدافع عن دين الله! هذا عجيب!

المفترض ألا تسوق أي تهمة حتى تقدم أدلتها الواضحة وليس التي تتخيلها. إذا أنا قلت كل نقص في الأخلاق يعني كفر حينها لك أن تدينني, لك أن تفترضها من خيالك وتنسبها لي فهذا خريجك عن دائرة التثبت ومراعاة حقوق الآخرين والعدل والإنصاف الذي أمرك به دينك, ولا يجعلك ثقة في نقل الأخبار. أنت تردد عبارات التكفير التي تقولها من عندك مع أن كلامي أمامك ابحث فيه أنت وغيرك عن عبارة تكفير واحدة! اختلاق الكذب حرام حتى مع من تكره. وهل إذا قلت حرام تفهمها أنت أنها تكفير؟! وهل ستقول أنني أنا الذي حرمت افتراء الكذب وليس الله وألوي أعناق النصوص لكي أثبت أن الكذب حرام؟! أين الحكمة؟ أين التثبت؟ وأين إحسان الظن بالمسلمين؟ كلها راحت في سياق "حبك" للدين؟! الذي أردد عليك أوامره ونصوصه ولا تهمك!

أنت تركت الموضوع وانشغلت بمقاصدي! تفترض أن لي مقاصد سيئة تريد أن تكتشفها بظنونك وتركت الفكرة وتركت الموضوع! وأوجهك لآيات القرآن وتعود إلي ومقاصدي المفترضة مصرا على ظنونك السيئة والتي بلا دليل! لماذا؟ ألست تقول أن الفائدة للجميع ونريد أن نستفيد شيء؟ أنا لم أتهمك ولا اتهام واحد حتى الآن مع أنني أستطيع, لكن لأنني لا أثق بالظنون السيئة والاتهامات ولا أجزم أنها حقيقة فيك وأكبِرك عنها, فلماذا لا ندع الناس ونياتهم وننظر إلى ما يقولون : هل هو حق أم باطل؟ وإن كان باطل نثبت كيف هو باطل دون الكلام في نياتهم, لأن الجميع يستطيع أن يتهم نيات الآخرين لست وحدك الذي تستطيع أن تتهم النيات, وهذا من أدبيات الحوار التي لا تخفى عليك.

من يلجأ لمثل هذا الأسلوب سوف يشَك بضعف حجته لأنه لجأ إلى الشخص وترك الموضوع, و سوف يُشَك في تثبته في النقل و في صف للآخرين و في تلخيصه لما يقرأ. وباب الظنون واسع مفتوح لا نهاية له والله حذرنا منه فكيف نأتي ما حذرنا منه دون أن نخاف من الله؟! والظن لا يغني عن الحق شيئا, وبئست الأحكام المبنية على ظنون وافتراضات بلا أدلة, والظنون أيسر الطرق إلى الظلم.


كيف يكون مسلماً بلا فضيلة؟ تمنيت لو ابتعدت عن هذا السؤال لأنه يجر الموضوع إلى شيء آخر ، وإذا نفيت الإسلام عن كل من قام بمعصية فهذا ظلم عظيم .

فرق بين من قام بمعصية وبين من هو بلا فضيلة! لا تلبس الأمور!


ورد في ردكم : الإسلام كله اختياري وليس فقط حب الرسول! هل أسلمت أنت مجبراً أم باختيارك؟ دعنا من حب الرسول الآن، فإن قلت إجبارياً فهذه كارثة وعليك أن تسلِم من جديد مختاراً فالله يقول {لا إكراه في الدين}.

يا سبحان الله تخير من شئت و تخرج من الملة من شئت ، قلت لك يا سيدي عندما تعلن إسلامك ، أي أنت مسلم ، شهدت أن لا إله إلا الله وشهدت للنبي برسالة الإسلام ، فلست مخيرا إطلاقا في حب الرسول لأنه من العقيدة ، أما من اختار الكفر فأصلا لا يعنيه الإسلام في شيء و من لا يعنيه الإسلام فلا يعنيه رسول الإسلام عليه أفضل الصلوات وأزكى السلام .
طيب ما الذي جعلك تختار الإسلام وتعلن دخولك فيه؟ هل ستختار الإسلام وتدخل فيه دون أن تفهمه؟! لا يمكن! دون أن تعرف أنه هو الأفضل؟ لا يمكن! هل تختار دينا دون أن تحب رسوله؟ وهل ستحبه هكذا لأنه رسول؟ أو لأنك عرفت ميزاته ؟ وما هي ميزاته؟ أليست أخلاقية؟ أليس صادقا أمينا والصدق أخلاق؟ ألست الأخلاق خير وهو يدعو إلى الخير؟ أليس يدعو للبر والتقوى؟ أليس البر أخلاق وخير؟ هل أنا ألف وأدور؟ أم أن الأمر واضح؟

ثم كيف أخرج من أشاء وأدخل من أشاء في رحمتي وأخير من شاء؟! من أنا؟! ولماذا أنت مشغول بي وتعطيني أكبر من حجمي؟! أنا إنسان يبحث عن بصيرة ليعبد الله فقط من خلال كلام الله وما والاه لأنه يعلم أنه محاسَب والذي يحاسبه بعلم السر وأخفى, فالآخرة أهم من الدنيا والأهم يحتاج التبصر ولا يكفي مجرد تقليد من حولنا كما نقلد في الملبس والمأكل, لن ينفعني أحد يوم الحساب ولن يكون معي مجتمع يدافع عني. سوف يحاسَب كل إنسان في موضوع التبصر: هل كان يستطيعه ولماذا لم يفعله؟ بينما يفعله في الأمور التي تهمه كالعلاج والمكسب ولا يكتفي فيه بالتقليد والثقة. ورسول الله قال (لا يكن أحدكم إمعة).

لماذا لا تنشغل بالأفكار؟ الله الذي خير وليس أنا, لماذا تقول أنني أنا الذي أخير ولا تقول أن الله الذي يخير وكلامه أمامك في آيات كثيرة؟ ألا يعبر القرآن عن الله؟! كلما أذكر كلاما الله نسبت فكرته لي ولعقلي! أنت بهذه الحالة تقع في رفض مضامين قرآنية من حيث لا تدري من خلال نسبتك مضمونها لعقلي أنا حتى تخلص نفسك من الصدام مع الآية. الله يقول بالنص : {من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} هذا التخيير تنسبه لي وتجعلني أنا الذي أخير ولا تعرج على الآية! وتحسب أنك انتهيت من الموضوع, لكن ماذا تفعل في قول الله؟ دعك مني ومن عقلي التافه. أليس في هذه الآية تخيير للناس وعليهم تحمل العاقبة من الله؟ أنت تصطدم مع الآيات فتتجه إلى ذاكرها والمستشهد بها وتتهمه أنها يلوي عنق الآيات بينما هي صريحة أمامك! لأنك لا تريد أن تقول أن الآية خطأ لأنها تخالف بعض أفكارك فتضع اللوم على من استشهد بها! ولا يحميه عندك أنه يقف وراء الآية ستقول أنه يفهم الآية كما يريد! وكأن كلام الله لا يحمي! مع أن كلام الله هو الفصل وهو الحكم في كل ما اختُلف فيه, وكلام الله واضح مبين.

الدين الحق يؤخذ بالبصيرة وليس بالوراثة وتقليد المجتمع دون بصيرة, المسلم مطالب أن يعبد لله على بصيرة وليس على وراثة فقط, بحيث لو كان ولد في أي بلد كان عقيدته من عقيدة أهل ذلك البلد! وهذا الفرق بين عقيدة البصيرة وعقيدة الوراثة وبالتالي تدين البصيرة وتدين الوراثة والتقليد.


لديك خلط كبير في بعض الأشياء و تدخل هذه في تلك أم تود تطويل ما يمكن أن يكون قصيرا لكن لا بأس فأنا مؤمن أنه عندما يكون هناك نتيجة خاطئة كإختزال الدين في الأخلاق ، لابد أن الاستدلال خاطئ ولو بدا متسلسلا ، فهناك خطأ منهجي ما و بدأت تظهر تلك الأخطاء تباعا \

أين هي تلك الأخطاء ما دام أنها بدأت تظهر؟! رغم التسلسل الذي حيرك. تريد أن يفهم أن القارئ أنك اكتشفت أخطاء ولما جاء موضع ذكر الأخطاء أوقفت الكلام! هذا أسلوب مناورة ودعاية كي تزعم أن الحق معم والحق لا يقوم بالدعاية بل يقوم لالإثباتات الناصعة وبالترابط الذي تسميه النسلسل, كل حقيقة مترابطة مع الحقائق الأخرى وإلا لن تكون حقيقة.

أما كلمة اختزال الدين في الأخلاق فهذا يعني أن كلمة أخلاق مختزلة وصغيرة في مفهومك, وتحتاج أن تعيد النظر في مفهوم فضيلة أو أخلاق فهو أوسع مما تتصوره يا رعاك الله. بموجب كلامك إذن الرسول اختزل الدين في الأخلاق ووقع في نفس غلطتي! لكن لا تريد أن تصطدم مع اي نص وتريد أن تصطدم معي فقط! فالرسول يقول: (إنما يعثت لأتمم مكارم الأخلاق) أي اختزل الدين في الأخلاق قل أ، هذا الحديث خطأ في معناه لأنه اختوال, لن تقول وتقول أنني أنا الخطأ لأنني الجزء الأضعف في الموضوع! لو قلتُ هذا الحديث خطأ لقلتَ لا, ولو قلتُ أن بعث الله لرسوله لأجل الأخلاق واكتمالها لقلتَ: باطل وافتراء على دين لمقاصد سيئة من ضمنها حب الظهور! مع أن المعنى واحد! فياللعدالة في الأحكام!


ورد في ردكم ما يلي : أنا لم أقل أن الإسلام أخلاق فقط دون عبادات

أحيانا تصيبني الحيرة في تفسيراتك ، قلت أن الدين كله أخلاق يا سيدي و الآن الدين لي كله أخلاق ما هذا الخلط .
قلت لك حتى العبادة نفسها أخلاق وشرحت ذلك بالتفصيل حتى الركوع والسجود, وكأني لم أقل شيئا! إذا تعرف عبادة ليس فيها أخلاق أو ضد الأخلاق قلها لنا حتى ينحسم الموضوع و حينها لا يقال أن الإسلام كله أخلاق تماما كما تقول وسوف أعترف معك ولا جاء الرسول ليتمم مكارم الأخلاق بل جاء لأمور أخرى ليست الأخلاق فقط! ما هي الأمور الأخرى التي لا توصف بأخلاقية أو غير أخلاقية ولا علاقة لها بالأخلاق؟ هل عندك مثال؟ قله واحسم الموضوع لصالحك. و مادمت لم تذكر حتى الآن فلماذا تجادل وتكابر و أنت لا تملك أي دليل يدحض ولم تستطع أن تجيب هل العقيدة أخلاقية أو غير أخلاقية؟ وعدم استطاعتك الجواب هي في صالح فكرة أن الإسلام كله أخلاق: مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات, ولكن تختلف الصفة والكيفية, فمن الإسلام ما يصنف كمعتقدات ومنه ما يصنف نسك أو عبادات ومن ما يصنف معاملات ومن ما يصنف تشريعات وعقوبات, والجميع في إطار الفضيلة والخير -ودعنا من كلمة أخلاق مادمت لا تحبها.

لم تستطع أن تفهمنا كيف يكون دين بلا أخلاق, أو عقيدة لا علاقة لها بالأخلاق, ومع ذلك تصر على الجدال! السؤال هو كيف تستطيع أن تستمر في جدال بلا أدلة! لو كنت مكانك لم أستطع ولأقررت بالحق بعد وضوحه ولا أبالي. الآن فكر في ما الذي يمنعك مادمت لم تستطع أن تدحض شيئا ولا عندك دليل ولم تجب بكلمة واحدة هل تصف العقيدة أنها أخلاقية أو غير أخلاقية.

أنت تناقش أمرا عظيما, أنا أريد أن أثبت خيرية الإسلام وأنت تعارضني! هل فكرت في هذا الموضع الذي أنت فيه؟ كأنك تقول أن الإسلام ليس كله خير وأنا أقول الإسلام كله خير وفضيلة و بر ومحاسن أخلاق, وعلى هذا نتجادل! الإسلام كله عبادة لأنه عبودية لله, ومع ذلك ترى أن مقاصدي سيئة بينما مقاصدك حسنة! وأنا من يريد أن يظهر الإسلام أنه كله خير لهذا أصبحت مقاصدي سيئة بينما أنت مقاصدك حاشاها! مع أنك تجادل في الخيرية المطلقة للإسلام! أي تريد أن تثبت أن الإسلام لم يأتي كله لأجل الخير والفضيلة والأخلاق بينما مقاصدك كلها خير! أما مقاصد الإسلام ليس كلها خير! هل يليق هذا يا أخي؟ أن تكون مقاصدك كلها خيرية بينما مقاصد الإسالم ليست كلها خيرية؟ أتدري بهذا أنك جعلت نفك أفصل من الإسلام؟ أم تقول أن لك مقاصد ليست من الخير؟ لماذا لا تعامل الإسلام مثلما تعامل نفسك على الأقل؟ لماذا حصرت مقاصدك في الخير ولم تحصر مقاصد الإسلام في الخير؟ و الخير هو الأخلاق.



ورد في ردكم : " أنا هنا أساير طريقة التفكير السائدة التي تفصل بين الأخلاق والعقيدة، هذا الفصل الخطير.
حلال علينا وحرام عليهم ، تساير طرحا معينا متى شئت و ترجع عنه ماشئت ، هذا ليس من العلمية في شيء .
أساير لأجلك لأن هذا هو الذي تفهمه وتقر به فقط! واضح أنك منشغل بخطئي وصوابي أكثر من خطأ أو صواب الموضوع, وهو موضوع مهم كان الأجدر باهتمامك. كلمة يساير غير كلمة يغير ويتناقض!


ورد في ردكم : " نعم الدين كله عقيدة إذا سايرتني كما وضحت لك

الدين يا أستاذي ليس أن تسايرني أو أسايرك ، فهذه ليست مسألة توافقات ، هذا دين الله ، قبل أن تكتب فيه كلمة يجب أن ترتعش الأصابع خشية أن تهوي بكل أعمالك و إلا قلت الله و رسوله أعلم كما كان يقول كبار الصحابة ، وكان الإمام مالك عليه رضوان الله يقول بكل شجاعة لا أعلم و العلم لله ، وما أوتينا من العلم إلا قليلا ، وما عقلنا إلا بالقاصر عن المعرفة الحقيقية إلا ما علمنا الله في كتابه أو في سنة نبيه الكريم .
لم أر أصابعك ترتعش وأنت تكيل التهم بلا دليل وتعرض عن الآيات الواضحة وتنشغل بتخطئة عبد فقير لا يستحق اهتمامك مقابل الموضوع الواضح الذي يتعلق بكلام ربك, لماذا لم ترتعش وأنت تقول: أنت تخير الناس! بينما الآيات الجلية الواضحة أمامك تخير! تنتقد شيئا قرره القرآن وهو التخيير بين الإيمان والكفر, وتخلص نفسك بنسبته لي متجاهلا الآيات وكأن الله لم يقل شيئا بهذا الخصوص, أين تحكيم كلام الله؟ وأين اتباع النص؟ والآن تحور الكلام على طريقتك المعهودة بأني أريدك أن تساريني في دين الله أو أسايرك في دين الله, تريد أن تجعل من هذه الحبة قبة لتعوض خسارتك في الحوار! و أنا أتكلم عن طريقة الحوار و الكلام وليس مسايرة في الدين, أسايرك أنت في الكلمات التي تعرفها وتفهمها وأبتعد عن الكلمات التي تثير حساسيتك دون تغيير المضمون ولا الموقف, مسايرة في الأسلوب وليس في المضمون. ومع ذلك مادام هذا اتخذته مثلبا لن أسايرك وأستخدم كلماتك التي تفهم بها. الله ذم من يجادل بلا علم ولا كتاب منير واربأ بك أن تكون منهم.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ماكان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها سخطه إلى يوم يلقاه " من موطأ الإمام مالك "كتاب الكلام" باب ما يؤمر به من التحفظ في الكلام ، و هو حديث صحيح أخرجه البخاري و مسلم عن أبي هريرة .

مع أني أشكرك على الموعظة, لكن لماذا لا تقول هذا الكلام عن نفسك أيضا وتخوف به نفسك وتعظ به نفسك و أنت ترد كلاما يعتمد على كلام الله دون تغيير ولا تأويل؟ لماذا ترده وأنت ليس عندك علم؟ ولماذا لا تقول لا أعلم ما دمت لا تعلم جوابا مقنعا عقلا ولا مستندا على كلام الله استشهادا كما هو واضح من حوارك. وأيضا لماذا لا تخاف من كلمة تهوي بها سبعين خريفا؟ لماذا لا تخاف من رفض الحق بعد أن تبين؟ فالاجتراء بلا علم مخيف والرفض والتثاقل إلى الأرض والجمود بلا علم مخيف أيضا, السلبية ليست دائما آمنة. هل الخوف على غيرك وأنت لا خوف عليك؟ ألا تخاف من كلمة واحدة فقط قلتها، كلمة "أنت تخير الناس " وتنسبها لي بينما الله قالها في آيات عديدة صريحة وواضحة, وتنتقدها أيضا! ألا تخاف من نقدك كلام الله من خلال نسبته لي؟! لماذا تخاف على غيرك ولا تخاف على نفسك؟ من الذي أعطاك الضمانات؟ أنا أعتمد على كلام الله أنت تعتمد على ماذا؟ فالله هو الذي قدم العبادة على إفراده بها, وأنت ترفض! الله الذي خير الناس أن يؤمنوا أو يكفروا وأنت ترفض هذه الفكرة وتنسبهما لي ولعقلي القاصر, ماذا رفضت أنا من كلام الله؟ نبهني! سأكون لك من الشاكرين. هل الذي يرفض مضامينا قالها الله يخوّف بالله من لا يرفض شيئا مما قاله الله؟!
نعم كلنا يجب أن نخاف من الله, و ما يدريك أن يدي لا ترتعش؟ و ما يثبت لي أن يدك ترتعش وتتفصد عرقا وها أنت ذا تتملص من الآيات ببساطة وكأنها لم تُقَل؟!

واضح أنك لا تريد أي شيء لا تعرفه حتى لو كان حقاً وأفضل مما تعرفه, ليس هذا منهج الإسلام, منهج الإسلام الحق أحق أن يتبع حتى لو كان جديدا على مسامعنا فلسنا نحن المقياس بل الوزن يمئذ الحق, والله أمرنا أن نتبع الأحسن من كلما ما نرى ونسمع ولم يقل نتبع القديم أو المنتشر, بل ذم أهل مكة لاتباعهم آبائهم وأجدادهم بلا بصيرة وتثاقلهم عن التغيير إلى الأفضل كما قال: {اثاقلتم إلى الأرض}. الدين يطلب منا أن نتبع الحق أي حق ممن جاء وفي أي زمن جاء و من أي شخص جاء, وإذا وجدنا ما هو أفضل علينا أن نغير للأفضل حتى نكون خير أمة أخرجت للناس. نحن نردد كل يوم اهدنا الصراط المستقيم, أي في كل ما نعرف وما لا نعرف و في كل جديد, ولسان حالك يقول أننا عرفنا الصراط المستقيم وتمت الهداية إليه وانتهى الأمر وكل جديد هو باطل, إذن لماذا نقول اهدنا الصراط المستقيم؟ سيكون لا حاجة لها! وأنت هكذا تقفل باب الاجتهاد والاجتهاد بحث عن الأفضل.


جئت بهذا الحديث خصوصا ردا على كلامك أستاذي الذي قلت فيه :
لا يصلح أن يكون لنا تحسس من مصطلحات ككلمة أخلاق وفلسفة وعقل، فإما أن تبين المشكلة فيها منطقياً وإلا فلا قيمة للتحسس؛ لأن فلان تحسس منها فأنا أتحسس ولأنه نفر منها أنا أنفر! فهذه ليست بصيرة.

بما أنك جعات الموضوع شخصيا أكثر و تدخل به إلى الأنا و الأنت ، فاعلم أخي الكريم أن هذا المنبر الذي نكتب فيه هو المنبر الاسلامي " وهو مكان يقصده من يريد أن يعيش لحظات بين يدي الله بعيدا عن المشاحنات ، فهو مكان تحفه الملائكة ، فيه قرآن وحديث و ليس مكانا للسجالات الفكرية والفلسفية " منذ البداية تمنيت أن يكون هذا الموضوع مطروحا في منبر الحوارات الفكرية . أنئذ تبقى الأفكار مجرد رؤى تحتمل الصواب والخطأ ، أما هنا فعذرا فهو لليقينيات.

وهل هناك يقينيات بلا عقل؟ وإذا كانت الأفكار مبنية على كلام الله فكيف تصنفها؟ فهل ترفضها لأنها أفكار؟ تريد أن تفصل الإسلام عن العقل معاكساً كلام الله وتوجيهه خطابه لقوم يعقلون؟! وهذا العمل الذي تقوم به أليس بسبب فكرة عندك والفكرة من العقل؟! وإذا كان المنبر لقال الله وقال رسوله فلا تقل غيرها واذكر النصوص فقط، ذكرنا لك قال الله وقال رسوله ولم تأبه به، ونسبت مضمون الآيات لي وانتقدته، راجع نفسك يا أخي ولا تقذف بالعموميات ، فديننا دين البصيرة ولا بصيرة بلا عقل ، فالقرآن لقوم يعقلون ، وإذا كنت تكره العقل فاعترض على القرآن الذي وجه كلامه لأولي النهى ولم يكره العقل كما كرهته، ألا تخاف من مخالفة القرآن ولا ترتعش يدك لذلك؟. لن أقلل قدر شيء كبره القرآن ولن أفعل العكس، فهكذا أكون متبعاً وأسير على منهج كتاب الله. وإذا أبعدت العقل فكيف ستفهم قال الله وقال رسوله؟ بأي وسيلة سيكون الفهم؟ بالحفظ فقط؟ مع أن الحفظ جزء من نشاط العقل. وإذا كان العقل مرفوض فما هو ضد العقل الواجب اتباعه؟؟ أليس ضد العقل الجنون؟! فهل تأمر الناس به؟

قديم 03-19-2014, 09:56 PM
المشاركة 49
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
بها يسترشد المرء و يحس فيه طمأنينة .
عندما قلت لا حساسية لي مع الفرق الدينية الإسلامية و المدارس الفكرية العالمية فأعني ما أقوله جيدا ، فأنا مؤمن أن هناك جزء صحيح من كل المذاهب والنحل ، وهناك جزء خاطئ ، فلنأخذ الصالح و نتبرأ من الطالح . ولم أقصد أبدا ما ذهبت إليه ، فالعلمانية ليست فقط فصلا للدين عن الدولة إن كان هذا ما يزعجك ، ولم تبدأ عند الغربيين بل بدأت في الفكر الإسلامي .
كلام جميل لكن لا أرى تطبيقه، ولا قيمة للكلام بلا تطبيق، فها أنت ذا تفصل بين الدين والعقل مع أن الله ربطهما، وتلمح وتدور على جعلي من الخوارج بدون أي بينة، فهل هذا يعني أنك لا تمارس رفضاً حاداً لفكر الخوارج وهم فرقة من الفرق كما تقول؟ محاولة الإلصاق تدل على حساسية مفرطة تجاه الخوارج، إذن أنت لا تطبق ما تقول عن النظرة المتسامحة للفرق وأخذ الحق منهم وترك الباطل. قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} وتقول أنك تتبع للقرآن وأستشهد لك بالآيات وتنسب مضمونها لي وتنتقده بحجة أنه من عقلي بينما هو مسطر في الآيات.


تقولون سيدي :
انظر.. فالعقيدة لم تخلصك من هذه السقطة، فصرت تفترض إمكانية أن يحلل الله الخبائث! وأي أحد يحلل الخبائث هو خبيث! إذن قبلت إمكانية نسبة الخبث إلى الله تعالى! وإمكانية الظلم إلى الله تعالى!

هل تعتبر العقيدة تنزيها من الأخطاء ، فكل من اعتقد وأسلم فهو عالم تقي ورع صالح مصلح ، خالط الناس لتعرف حقيقة الأمر ، و ترى الحياة بالمنظار السليم ، لا كما تتصور بعيدا عن الحقيقة .
ما هذا الجواب البعيد عن الموضوع؟ تريدني أن أفهم من الناس ولا أفهم من القرآن؟ والله يقول {إن تتبع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} والله حذر من هجر القرآن ومن تعضيته والاجتزاء منه.

أخي الكريم ، أدرجت ردي على موضوع الخنزير والخمر لأنني أولا : لا أنتقي ما هو في صالحي فقط ، و أقفز عن " أخطائي " لأني لا أبتغي فقط أن أقنعك كما تريد أنت و صرحت به ، فأنا هنا أتحاور بحثا عن الحقيقة و أتحاور و أستفيد ، و أصحح معلوماتي ، وأتعرف على معلومات جديدة و أتذكر ما طمسته السنين .

وفي الوقت ذاته لا أزال أبحث عن دليلك المقنع و إن شاء الله متى وردت أدلة مقنعة في الموضوع سأتنازل باعتذار إلى من قرأ لي وتوبة إلى الله من سقطات اللسان .

فالله يقول أن الخمر فيها من المنافع الكثير ، لكن اثمها أكبر من نفعها ، فهنا الله أبرز بوضوح أنها حرمها رغم ما فيها من المنافع ، هناك من يشير أن بمجرد تحريمها رفعت منافعها و أصبحت من الخبائث ، فلا تتعجل و أفدنا بما لديك و لا تتسرع في إعلان النصر ، فنحن هنا لنتعلم أولا و قبل كل شيء .
الله يقول {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} وفي الآية الثانية {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} فلم يقل الله أن فيها نفع كبير كما قلت وإنما قال {إثم كبير}، واضح أن أساسهما رجس ومع ذلك هناك من يستفيد مادياً ويكسب مبالغ كبيرة في الصنع والترويج، وذكر المنافع ليس في سياق مدح بل ليعلم المسلم أن يترك الباطل حتى لو كان له فيه بعض الفوائد، فالله قال في آية أخرى {كتب عليكم القتال وهو كره لكم} فهل نقول أن الله يكره قتال الكفار؟! بل إنه يأمر به، لكن ليعلمنا كيف نوازن بين الحق والباطل وكيف نؤثر الحق ، وحتى الدعارة هناك من يستفيد منها مادياً لكن الإثم أكبر من النفع وليس فقط الخمر، ولولا وجود بعض المنافع لم تفعل الخبائث أصلاً، هذه هي تربية القرآن ونظرته الواقعية للأمور، والسؤال إليك: كيف يصفهما بالرجس ويشرعهما لأمم أخرى؟!

ثم من يهمه الحق كما تقول لا ينظر إلى من انتصر ومن انهزم، أنا لم أفرح بالنصر كما تقول، ومن يمشي مع الآيات لا شك أنه منتصر ومن البداية، وليس بقدرتي بل لأن كلام الله لا يأتيه الباطل، أنا لا أنظر للأمر أنه انتصار أو هزيمة وإنما المتعب هو رفض الحق بعدما تبين، وأتمنى ألا يصدق هذا الظن عليك، وآمل فيك خيراً كثيراً، فالحق أحق أن يتبع سواء جاء من الواحد أو من الألف أو جاء من القوي أو الضعيف أو جاء بالسائد أو الغريب أو من الخصم، هذا منهج التبصر، فالله لم يأمرنا بتقليد أعمى وإنما نتبع أوامره لأن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ولا غيره يهدي إليها، وهو حبل الله المدود لمن شاء أن يستقيم ولا يستقيم أحد بدونه، وصدق الله العظيم . يا أخي العزيز لم آت لأنتصر عليك وأحجك فمن أنا ومن أنت، نحن عبيد نريد وجه ربنا ونتلمس الصراط المستقيم، فعلينا أن نفرح بكل ما يوصلنا إليه ولن نصل إليه بدون فهم وليس بيني وبين أن تكتمل محبتك في الله إلا أن أرى فرحاً بحق عليه نور ووضوح.


ورد في نصك ما مضمونه أن الدين كله مجرد تذكير : وليس فيه تعليم ، ما رأيك يا أستاذي في و علم آدم الأسماء كلها ، وما رأيك في " الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم . أليست هذه الآيات من القرآن الذي نفيت أن يكون الدين فيه تعليم .

أين اقتابس النفي؟!
القرآن فيه تعليم وفيه تذكير، لكن لا قيمة للتعليم بدون تذكير، لهذا الله سمى قرآنه ذكراً ولم يسمه تعليماً، وقال {إنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون} ، وما مشكلة التعليم في هذا الزمن إلا أنه يسبق على التذكير، لهذا يختزن التلاميذ معلومات أكثرها لا يستفيدون منها ولا يعرفون لماذا، وبالتالي تتبخر مع الوقت.

ملاحظات أولية تكملة


الإسلام كله اختياري وليس فقط حب الرسول! هل أسلمت أنت مجبراً أم باختيارك؟ دعنا من حب الرسول الآن، فإن قلت إجبارياً فهذه كارثة وعليك أن تسلِم من جديد مختاراً فالله يقول {لا إكراه في الدين}.


صدق الله العظيم " لا إكراه في الدين" و " لكم دينكم ولي دين" فالإنسان مخير بالفعل في فعله و مسير أيضا في العديد من الأشياء . و لا إشكال هنا .
لكن هذا لايعني يا أستاذي أنك عندما تدخل في دين الله أنك مخير في حب رسوله فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ".
و لست مخيرا في التلاعب بالدين تأخذ ما تشاء و ترمي ما تشاء ، فالإسلام التزام و ليس أهواء ، فهذه الجملة التي بدأت بها فيها الكثير من المغالاطات : فلا يمكن أن يكون الإسلام اختياريا كله ، تأخد منه ما تشاء و تدع ما تشاء كأن تأخذ الأخلاق و تترك الباقي ، وتجعل من التوحيد شيئا ثانويا و هو أساس الدين كله .
قال الله تعالى : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ْ" الآية 36 من سورة الأحزاب
لاحظ ذلك الاختيار كيف يلغيه الإسلام بنص صريح ، ولاحظ أن السورة تتحدث إلى المؤمنين ، الذين حققوا عقيدة التوحيد فهم ملزمون بإعطائها حقها .
أنت تسوق اتهامات بدون أن ترفقها بالاقتباسات..
بالعقل والمنطق كيف يختار أحد الإسلام ويكره رسوله؟!! لا يفعل هذا عاقل، كيف يختار الدين ثم يختار داخل الدين؟ لا يفعل هذا عاقل، هذا معروف بالبداهة وإلا لم يختر الدين إذا كان يريد ألا يتقيد ولا يريد أن يتبع، ما دام أنه قال أنا مسلم فهل من المنطق أن يغير في الصلاة وفي ركعاتها على مزاجه؟ إذن لصنع ديناً له أصلاً! مع أنك تتهمني بكل هذا مع الأسف، أنا لم أتكلم على مزاجي بل كلامي مبرهن بآيات القرآن إلا إن كان القرآن ليس برهاناً كافياً فهذه مشكلة عندك وليست عندي.

فقد جاء ردك أن العبودية "الرق " غير أخلاقي في الإسلام ، لكن هذا لايعني سيدي الكريم أن تعممه فالعبودية لله وحده من صلب الدين
هل أنا عممته؟ هل قلت أن العبودية لله ليست أخلاقاً؟ ألا تتقي الله وتراجع نفسك، أنا الذي أمجد في عبودية الله وأقول أنها قمة الأخلاق مع الخالق تجعلني أقول أنها غير أخلاقية! إذا كانت العبودية لله ليست من الأخلاق فما هي الأخلاق؟!! تأكد ودع عنك اللطش من كلام الناس، فالله أمرك بالتثبت، العبودية لله هي محور حياتي كلها، ألا تتقي الله وتتوقف عن قذف التهم التي سيحاسبك الله عليها؟! ثم كيف يكون أستاذك وسيدك شخص يرى أن عبودية الله غير أخلاقية؟! أرجو أن تركز ذهنك أكثر فيما تكتب، ولا تسيء فهم الآخرين حتى لا يسيؤوا فهمك، هذا إذا لم يهمك أمر الله بالتثبت.

أنت تريد أن تخطئني ما استطعت بأي وسيلة حتى بالتهم، ولا أدري لماذا تريد تخطئتي، كأن تخطئتي أهم عندك من البحث عن الصواب، وكأنك ترى أن كتاب الله ليس لك بل هو لغيرك ثم يفهمك ، بينما الله أمرك مباشرة بتدبره، قال تعالى {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} ولم يقل: أفلا يتدبر العلماء القرآن ثم يخبرون الناس بتدبرهم ..

أنا تدبرت القرآن وأنت تريد أن تجعل التدبر جريمة، هل تريد أن يكون كتاب الله مهجوراً فقط للقراءة التي لا تتجاوز الحناجر، حاول أن تخرج عن فهمك عن القرآن إلى القرآن نفسه، فهو سيكون حجة لك أو عليك، وهذا الكلام لكل مسلم، قال تعالى {إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون} وأنت عربي.. فلا يجوز عزل الناس عن كتابهم الذي أنزل لهم. وإذا حجك أحد بآية عليك أن تتوقف مثلما حجت المرأة عمر عندما أراد أن يحدد المهور فقالت: أيعطينا الله ويمنعنا عمر! ، انظر كيف كانوا يقفون عند الآية ولا يمرون عليها مرور الكرام ولا يتوقفون عند الذي تعودوا عليه.

و تحقيقها هي غاية خلق الإنسان ، ولا يمكن تحقيقها أبدا إلى بوجود عقيدة التوحيد و إلا تنازع الطواغيت عبوديتك و استحلوا حرماتك .
هل تخبرني بهذا؟ هل أنا أنكر هذا؟! هل يكون هناك دين ليس له عقيدة؟ أصلاً لا يمكن لا في الإسلام ولا غيره، فلكل دين عقائد.

أنت لم تفهمني أبداً وتقف عند حدود الكلمات ولا تدخل في المضمون، وأسألك ولا تستطيع الإجابة ثم تعود للرد وكأنك ملزم دون ن تغير أي شيء، أقول لك أن الإسلام له عقيدة وهذا معروف وأنا أقر (والله أقر بوجود العقيدة الإسلامية) فهل نخرج من هذه الإشكالية ونفهم شيئاً جديداً هل نخرج من هذه الدوامة؟؟! ، ولكن هذه العقيدة هل هي أخلاقية أم لا؟ ولم تجب ولا ترى أن في عدم قدرتك على الجواب أي مشكلة وترجع لتعيد نفس الكلام دون أن تجيب على السؤال الموجه لك، وتصر على أن الأخلاق هي آداب المشي والطعام وما شابهها أما العقيدة فشيء مختلف ولا يوصف بأخلاق ولا غير أخلاق! إذن بماذا يوصف؟ وتعود مرة أخرى للتهم وتترك شغلك الأساسي وهو الإجابة على السؤال، وكأن عملك هو إلصاق أكبر قدر من التهم فيمن يحاورك. كيل التهم أمر سهل وأنا أستطيع أن أفعل لكن الأخلاق الإسلامية والأخوة في الله تمنعني.. يكفي موقفك من القرآن لاستخراج تهم كثيرة، لكني لست من روادها ولا أحبها، وأظل أقول أن فيك خيراً وأبحث عما يجمع لا ما يفرق.


جئت بهذه الآية التي أتمنى أن تتمعنها جيدا لتعرف قوة العقيدة قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } سورة الأحزاب 57 و58

إن كنت لا تولوي العقيدة الاهتمام اللازم سيتساوى في ذهنك الأذيان ، هنا الذين يؤذون الله ورسوله والذين يؤذون المؤمنين ، لأن هناك احتمال أن يؤذي المؤمن أخاه المؤمن و يطلب العفو والمغفرة ، لكن ليس هناك احتمال مطلقا أن يؤذي المؤمن الله و رسوله ، لأنه هنا خرج عن دائرة الإسلام الذي لا يقوم بغير عقيدة .

لاحظ أخي الكريم أني قلت إن الشرطية التي لا تفيد احتمال الوقوع و لم أضع إذا .

استشهادك بالآية غير واضح ولا أدري ماذا تقصد.


ورد في ردكم :
"ما مرجع هذا الكلام في القرآن؟ الله قال لإسماعيل وإبراهيم أسلما فقالا أسلمنا لرب العالمين، وأمر إبراهيم أن يذبح إسماعيل ليجرب ويختبر مصداقيتهما، فصدّقا الرؤيا وكانت كلمة أسلمنا ليست كلمة باللسان، فتحققت عبوديتهما."

هل تشك هنا أن اسماعيل لا يخضع لله ، أم لا يحب الله .
بموجب كلامك فكان يجب ألا يختبر إبراهيم ولا إسماعيل لأنهما خاضعين من الأساس! علينا أن نسير وراء القرآن ونثبت ما أثبته،


وهذه نقطة أخرى أود ذكرها:
أنت تقول أن العقيدة أولاً أما الشريعة فتجعلها ثانياً وهذا اجتهاد غير منصوص عليه في القرآن طبعاً أن العقيدة مقدمة على الشريعة، ومع ذلك أنا أتفق معك، فهل تسمح لأحد أن يتهمك أنك تهمش الشريعة ولا تهتم بها لأنك جعلتها درجة ثانية بعد العقيدة؟

ولما قلت أنا أن القرآن ذكر العبودية قبل نفي الشرك، قلت أنني أهمل التوحيد وأجعله ثانياً مع أن معي كل النصوص من القرآن على تقديم كلمة "عبادة" وأنت ليس معك نص، فرجاءً كف عن اختلاق التهم التي لا قيمة حقيقية لها وإلا فاتهم نفسك أنك تهمل الشريعة لأنك تجعلها ثانياً والعقيدة أولاً ، مع أنه لا يليق بالمسلم أن يهمل الشريعة ويجعلها أمراً ثانوياً ، هذه طريقة تفكيرك طبقتها عليك.

كان يجب ألا يكون لك خيرة لما قضى الله ، وقلت لك ابحث عن كل الآيات التي فيها العبودية وتوحيد العبادة ستجد أن كلمة "اعبدوا الله " هي المقدمة، وهذا كلام رب العالمين وليس كلامي، فلا تجير لي كلام الله وتنسب إلي مضامين إلهية، فأنا عبد فقير أتبع هذا القرآن وما والاه، وهذا الكلام موجود في القرآن فرجاء كف عن التقول والتؤول واخضع للحق إذا بان واعترف بوجود هذا في القرآن، وإلا فقدم لي آيات تسند كلامك، قل أنها موجودة في القرآن لكنني أنا أريد أن يكون التوحيد مقدم على العبادة في الذكر ، والتقديم لا يعني أن القيمة ضعفت إذ لا فائدة من عبادة بلا توحيد ولا توحيد بلا عبادة، أرجوك ركز أكثر وابحث في القرآن بدلاً من رمي التهم غير المثبتة، لا تكن عجولاً في التهم بطيئاً في البحث، فالمسلم طالب حق وليس طالب تهم، والحق في كتاب الله وكتاب الله أمامك، وعليك أن تقر إن كان ماذكرته صحيحاً ، أن كلمة "اعبدوا الله" تقدم على "ولا تشركوا به شيئاً" في كتاب الله ، وإلا فأنت لا تريد أن تقول الحق وتهمك نفسك أكثر من القرآن، لأن القرآن واضح مبين في هذا الشأن بالذات وفي كل شأن، وإن كانت لا تقدم فأنا أحتاج إلى معرفة أكثر وسوف أعتذر .



الخضوع هو معنى العبودية ، لكي تكون مرتبطة بالتوحيد وجب الحب المطلق لله ، لأنه نجد عبدا لا يحب سيده وهذا احتمال قائم في عبودة البشر للبشر ، أما العبودية لله فهي نعمة ودرجة كبرى خص الله بها عباده ، لذلك تستوجب الحب .
قال تعالى :" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" آل عمران 31
فكما لا عبادة بغير توحيد ، فحب الله من الإيمان . " فهم لا يحبون الله وإن قالوا نحب الله بألسنتهم لأنهم لايتبعون الرسول و ما جاءت به رسالته و منها العبادات ، فلا توجد عبادة مستقلة عن حب الله "
وربما اهتديت في البحث إلى آية أخرى وأحاديث تعزز أن العبادة هي خضوع كامل و حب كامل .
والحب ماذا تصنفه؟ أليس مشاعر وأخلاق؟ أم أنه أفعال مخصوصة في زمن مخصوص؟ أرجوك ألا تستعجل وأعد قراءة الكلام أكثر من مرة حتى تعرف أن اتفاقنا أكثر من اختلافنا..

هل هناك منطقة عفو الإسلام ؟

قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ " المائدة 103

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً، ثم تلا {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا " أخرجه البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء بسند حسن ، و حسنه الألباني

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن أبي عبد الله النعـمان بن بشير رضي الله عـنهما قـال: سمعـت رسـول الله صلي الله عـليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحـرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فـقـد استبرأ لديـنه وعـرضه ومن وقع في الشبهات وقـع في الحرام كـالراعي يـرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجـسد مضغة إذا صلحـت صلح الجسد كله وإذا فـسـدت فـسـد الجسـد كـلـه ألا وهي الـقـلب)
هذا ليس موضوعنا ، هذا اسمه عفو في التشريع، بينما أنت تكلمت عن عفو في الحياة، وهو نوع من العلمانية ، لأن حياة المسلم كلها لله، قال تعالى {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}.


قال الله تعالى :"مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " الحشر (7)

ما تشير إليه هذه الأدلة هنا أن هناك منطقة عفو في الدين الإسلامي سكت عنها الشرع و يستعمل فيها الاجتهاد وفق قواعده و ضوابطه بالنسبة للعالمين و العارفين بشؤون الدين ، وأعجب كيف لا تعفو عن الإنسان وقد عفا الله عنهم ولم يلزمهم بدقائق الحياة كلها كما يوحي كلامك ، و الله عز و جل لا يؤاخذنا باللغو في أيماننا بل يؤاخذنا بما كسبت قلوبنا . فلا تحاصر الناس في كل اتجاه .
الله يقول {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} وقال تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته} وقال {كلا إنها كلمة هو قائلها} وقال {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة} فهل أنا الذي يحاصرك أو كلام الله؟!

اللغو من الخطأ ، والله رفع عن الناس الخطأ والنسيان قال تعالى {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، لكنه يحاسبهم بما نووا وما عملوا، ودين الله ليس محاصراً للناس كما تظن بل يعفو عن الخطأ والنسيان ويقبل التوبة ، لكنه ضد فصل الدين عن الحياة أو أجزاء من الحياة كما تحاول أن تفعل دون أن تدري أنها هذه هي العلمانية، لأن كل شيء ينفصل عن طريق الله سيذهب لطريق الشيطان ولو كان قليلاً، فالعلمانية تقول ما لله لله وما لقيصر لقيصر، وساعة لقبلك وساعة لربك، والله في المسجد ورمضان والحج، فمن يقول مثل هذا الكلام لم يفهم ولم يتدبر كلام الله قدر ما يفهم العلمانية، فالله أهل أن تسلم الحياة كلها له كما يسلم العبد نفسه حتى يتولاه ربه نعم المولى ونعم النصير، وليس هذا بكثير في حق الله ، بل إن المؤمنين الصادقين قدموا أرواحهم فداءً لكلمة الله وليس هذا بكثير على حق الله.

إذا كنت ترى أن إصلاح النية حصار فهذا موضوع آخر، الله ليس صنماً تقدم له النذور والذبائح والصلوات وبقية الحياة لا علاقة له بها ، فالله تعالى معكم أينما كنتم ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، انظر المحاصرة! أي النظرة الطائشة إلى المنكر ويعلم ما تخفي الصدور، وليست النظرة الساذجة بلا قصد ، لأنه يعلم ما تخفي النفوس، وما يكون من نجوى اثنين إلا الله ثالثهما ، فهل هذا حصار وتضييق؟ فهل أنا الذي يحاصر أو الله المحيط بكل شيء؟! مع تحفظي على كلمة محاصرة ، فالله رحيم لطيف إذا صلحت النية، ويغفر الذنوب لمن شاء.


بل أخي الكريم كان الرسول صلى الله وسلم لا يحب كثرة السؤال التي تؤدي إلى كثرة التشريع ، الذي يؤدي إلى كثرة الالتزامات ، التي تؤدي بدورها إلى كثرة المعاصي . وتذكر كيف كان الرسول يسأل التخفيض في الصلاة من ربه . هل كان يعني ذلك أن كثرة الصلاة غير مفيدة ، لا بالطبع ، لكن التخفيف على المؤمن أولى ، و ما فعل ذلك إلا بإذن ربه .
إلى ماذا تريد أن تصل من هذا الكلام؟ هل تريد أن تفصل بين الدين والحياة؟ ثم الدين ليس كله صلاة وعبادات ، وليس صعوبة ، بل إن حياة العبودية هي السهولة قال تعالى {ونيسره لليسرى} فتستطيع ممارسة حياتك اليومية العادية لكنك تراقب الله فيما تفعل وتقول، فهل هذا تكليف؟ أليس كثير من الناس يراقبون مصالحهم فيما يفعلون ويتركون ولا يغفلون عنها؟ هل الله لا يستحق؟ وانظر إلى أوامر ربك وما طلب، فلست أنا من أشرع لك حتى أخفف.


ثم ما دخل التعدد في الأخلاق؟! هذا أسلوب في بناء الأسرة، فقد تكون كبيرة أو صغيرة، ومن الذي جعله استثناءً؟ إنه الثقافة الغربية المبنية على المسيحية التي ترفض التعدد. فلا يكن مقياسك ما يرفضه الغرب وكأن البشر هم الغرب، هم يرفضون التعدد ويبيحيون التخلل (من الخليلات مثنى وثلاث ورباع وتساع وعشار!) وبدون تحمل أي مسؤولية كما في الزواج الأخلاقي، فهل هذا ارتقاء أو انحطاط في الحيوانية؟! أيهما أرقى أخلاقياً: من يعدد ويلتزم أم من يعدد ولا يلتزم؟!
الشعوب القديمة كانت تحترم الزواج وتكره البغاء وتتشدد فيه أيضاً، أما عند الغرب فقد انعكس الوضع الآن ولم يتطور بل تراجع.


ما دخل التعدد في الأخلاق ؟
أنت من أدخل التعدد في الأخلاق، تقول وتنسى ما تقول! فأنت من أثار الموضوع..



جميل هذا الطرح حسبتك تقيس كل شيء بمعيار الأخلاق .
هذا الموضوع بالذات وجدت فيه تطور الأخلاق ، فأحببت أن تزيحه عن طريقك بإثارة الخليلات ، فهل التعدد يمكن أن يحد من الخليلات ، أم أن الهوس الجنسي في الأصل مرض نفسي .
جاء الإسلام ليحد من التعدد و يضيق عليه إلى أبعد الحدود يا أستاذي ، فقط المجتمع يومئذ كان فيه التعدد قاعدة عامة ، لأنه عندما اشترط الإسلام العدل في التعدد أقرنه باستحالته في نفس الوقت . فلا تعتبر كل ما تشاء أخلاقيا وغيره غير أخلاقي وفق منظورك للأمور ، وانقل الأشياء كما هي .
وجه الكلام لنفسك أولاً وانقل الأشياء كما هي ولا تقول غيرك ما لم يقل..

كلامك يعني أنك ضد التعدد ، أليس كذلك؟ أي ضد القرآن الذي أباحه ، وترى أن التعدد غير أخلاقي بينما القرآن أمر به {انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} هل هذا الأمر أخلاقي من وجهة نظرك أم أن الأخلاق تطورت عنه وبقي القرآن في مكانه؟ الإسلام حد من التعدد ، والحد من الشيء لا يعني إلغاؤه بل يعني إقراره، وهل كونه حد منه فهمت منه أن التعدد غير أخلاقي؟ إذن الإسلام حد من الصلاة المكتوبة وجعلها خمس بدلاً من الخمسين، إذن الصلاة غير أخلاقية تبعاً لفكرتك؟! وأمر بالحد من الأكل والشرب ، فهل الأكل والشرب غير أخلاقي؟ وهل يأمر الله بشيء غير أخلاقي؟ هل ترى أن مثل هذا الكلام خطير أن تصف تشريع الله أنه غير أخلاقي وأنه مضطر إليه لأن القدماء كانوا يعددون بكثرة، والله يقول {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} والتعدد حلال إذن هو من الطيبات والطيبات أخلاقية..

هل هذا جواب أم أنه تهرب إلى الطيبات؟! حتى أتخلص من مشكلة عدم أخلاقية التعدد التي أقرها القرآن، أنا أفكر بدلاً عنك الآن واختصر عليك!


هل الأخلاق تتطوور أم هي ثابتة و مطلقة ؟

إذا كانت العقيدة ثابتة لأنها تربط بين العبد و ربه و حده ، فإن الأخلاق أساسها هو الحياة الإجتماعية ، أي أنها يدخلها الإجتهاد الإنساني ، و المصلحة التي تقتضيها المرحلة ، والظرف الذي تعيشه الجماعة ، فمثلا أخلاق الحرب ليست هي أخلاق السلم ، وأخلاق السياسة ليست هي أخلاق الناس البسطاء .
لنأخذ على سبيل المثال : التجسس ، فالتجسس في الأصل حرام ، لكن هل يمكن بناء دولة بلا جهاز للتجسس " العيون " .
يا أخي لكل مقام مقال ولا تخلط الأمور مع بعضها، هذا الكلام عن الأخلاق بالضبط هو كلام الليبراليين والعلمانيين والملاحدة فهل تريد إلباسه لباساً دينياً؟! الله مدح رسوله بأنه على خلق عظيم فتبعاً لكلامك عن نسبية الأخلاق وتطورها أن أخلاقه بالنسبة لغيره وأن الأخلاق تطورت عبر 1400 سنة تطورت عن أخلاق الرسول حتى وصلت لتحريم التعدد وحقوق المثليين المساكين وإباحة الإجهاض وقتل المواليد كعمل أخلاقي كما هو ثابت لك..!

وكونه يوجد أخلاق للحرب وللسلم هذا يدل أن الأخلاق شاملة لكل أوجه الحياة، هل تريد أنت أن تعامل الناس بنمط واحد؟ من يفعل هذا يكون مجنون ، هناك أخلاق مع العدو وأخلاق مع الصديق ومع الجاهل ومع المعاند وحتى في الحرب هناك أخلاق، مثلها مثل العقل ومثل التعليم والشرح، وكما قالوا : العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة ، فهل يجب على المعلم قرع الجميع بالعصا أو التعامل معهم بلغة الإشارة وإلا تعليمه نسبي؟ وبالتالي التعليم يكون نسبي، حتى مع المصلحة توجد الأخلاق وليس الأخلاق للمصلحة كما تتصور أنت والغرب، النسبي هو المواقف وليست الأخلاق لأن دافع الأخلاق واحد وهو حب الخير وحب الله وليس حب المصلحة ولا الظروف ولا البيئة ولا المجتمع، حتى التجارة والاقتصاد وهي مصالح بحتة تحتاج إلى أخلاق وأمانة، ولا أدري كيف تجمع بين مصدرين: مصدر سلفي ومصدر غربي ليبرالي بنفس الوقت؟!


وعندما نأخذ الأخلاق بوجه عام كالعدالة مثلا ، فقديما كان الشخص يحاكمه القاضي ، فقيمة العدل يومئذ لا يمكن أتكون نفسها عندما تطورت وسائل البحث ، و ضبط الفصول و التقدم العلمي ، فالعدالة قديما ليست هي العدالة اليوم ، لا بد أن هناك تطورا و تحسنا في المخرجات ، فالمسألة بالضبط كباقي المهن والحرف . فعندما نقول أن هناك محامي و هناك ممثل الحق العام و هناك قاضي ، فكل منهم في الأخير يجتهد للوصول إلى العدل الحقيقي وفق معطيات دقيقة .
فالسرقة مثلا يمكن أن تكون سرقة عادية ، وسرقة موصوفة بسبق الإصرار والترصد ، ويمكن أن تكون سرقة ليلية واقتحام منزل وغيرها من الأحداث التفصيلية التي تدخل في الجناية . فعندما تتحقق بشكل جيد في مواصفات العدالة قديما وحديثا لابد أن تقف على ارتقاء العدالة .

فالقول بأن الأخلاق جامدة لا تتحسن و لا تتطور فيه نوع من عدم الضبط .

خذ مثلا عندما "سرق" أخ يوسف عليه السلام ، فهو تم الاحتفاظ به "كرهينة " و لو حوكم بدين أهله لكان مصيره مختلفا ، و لو حوكم في الإسلام لكان التخفيف واضحا .
ما دام يهمك موضوع التطور فانظر له من الجهة المقابلة، هناك فضائل في العدالة قديماً ذهبت واندرست، فالآن من ليس عنده مالاً ليوكل محامياً براعاً قد تضيع حقوقه ولم يكن هذا قديماً ، فصار العدل يشترى بالمال في هذا الزمن، والسجن لم يكن من أحكام الإسلام قديماً وكان القضاء سريعاً لا يعطل الناس سنوات طويلة مثل هذا القضاء المتطور الذي ضيع الكثير من مصالح الناس وبعضهم مات الخصوم قبل أن تنتهي القضية بسبب التواطؤ بين القضاة والمحامين للابتزاز في كثير من الحالات! وضع هذا وهذا كل في كفة ووازنها أنت..

الحرب قديماً أكثر أخلاقاً من الحرب حديثاً، فأين التطور؟ تريد أن أشرح لك؟ سوف أشرح..
لم تكن الحرب قديماً تستخدم أسلحة الدمار الشامل ولم تكن تقع على رؤوس الأطفال والنساء، فأكثر من تضرر من الحرب الحديثة هم الأبرياء وأكثر من تضرر قديماً هم المقاتلون الذين يريدون الحرب ويحملون السلاح لها، أليس هذا تراجع أخلاقي؟ ,,ألا ترى الأسلحة الفتاكة تنفق لها المليارات دون قانون أخلاقي يمنع كالقنابل الذرية والعنقودية والفراغية فلماذا لم تمنعهم أخلاقهم عن هذه الأسلحة الخطيرة على الجميع وعلى البيئة؟؟
بل إن الأطفال والأبرياء لم يكونوا يشاهدون المشاهد البشعة وفقط تأتيهم الأخبار وليس مثل الآن يرون أبشع المناظر ..!

حتى أخلاق الحرب قديماً كانت أفضل، وكان الزعماء في مقدمة الجيوش هم وأبناؤهم وإلا لا يقبلون زعامتهم، كما قال طارق بن زياد في خطبته وهو قائد جيش المسلمين: "وإني حامل بنفسي على طاغية القوم لذريق (فريدريك) فأقاتله إن شاء الله وإن مت فلن يعوزكم بطل تسندون أموركم إليه.." وفعلاً قتل لذريق..

أما الآن فالقادة مختبئون في دباديب تحت الأرض والضرب على رؤوس الأبرياء،فأخلاقياً من يشعل الحرب فعليه أن يتحمل نارها والقادة هم من يشعل الحرب وهم أكبر مستفيد منها، فلم يعودوا ينزلون في الميادين، إذن القادة القدماء أشرف وأكثر أخلاقية ويتحملون مسؤولية مواقفهم.
و رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في مقدمة جيشه، أما القادة وأصحاب القرارات الحربية الآن فعساهم أن يُروا على التلفاز ليحرضوا جنودهم، بينما القادة السابقون يحملون الرايات ..

وفي الحرب قديماً كانت المرأة لا تقتل ولا تهان، أما الآن فأول ضحايا الحروب النساء والأطفال عبر القصف الجوي على المدن والأحياء والأسلحة الفتاكة، بل إن الجنود لا يتقابلون تقريباً ، والمعارك تدور على الأحياء والمدن ويعد عدد القتلى من المواطنين أكثر من الجنود في العصر الحديث ، فهل هذا تطور أخلاقي في الحرب أم تراجع اخلاقي ؟ قل الحق لو مرة ! بينما في التاريخ عندما يقال مات ألف أو ألفين فالمقصود جنود حاملين للسلاح وليس أبرياء عزل وأطفال وشيوخ وحيوانات، والحرب قديماً لم تكن تدمر البنية التحتية ولا تزرع الألغام وتلوث البيئة بالإشعاع كما هو حاصل الآن..

ستقول هناك اتفاقات دولية، وما قيمة اتفاقات لا تطبق، و ما قيمة مجلس الأمن و فيه حق الفيتو لخمس دول قوية تلغي ما قرره العالم حتى لو كان حقاً . انظر للشعب السوري يفتك به ليل نهار ولم يمد له أحد يد العون ولا حتى بالمساعدات الإنسانية. مع أن كلهم يستطيعون ايقاف الحرب . أين القانون الدولي واين حقوق الانسان ، وأحياء بالكامل تمسح وتحاصر حتى الموت جوعا بنكهة الكيماوي؟ كانت الحرب قديماً يخرج لها من يريد الحرب وبانهزام أحدهم تنتهي الحرب والناس في بيوتهم تأتيهم الأخبار، فليت الأمر استمر هكذا ولم يتطور، كان المستجير يجار حتى لو كان عدواً ومن يلقي سلاحه يترك وكان الأسير يكرم أو يترك وليس يسحل كما نرى الآن! والإسلام هذب أخلاق الحرب أكثر من غيره فمنع التعذيب والمثلة ومنع قتل الأطفال والشيوخ وقطع الأشجار ...الخ ، بينما هذه كلها تنتهك اليوم، أين العدل المتطور في هذا الأمر؟

كل الأخلاق تتدهور يا عزيزي وليس فقط العدل..

أما تحججك بالجواسيس، فالقتل أيضاً يعتبر جريمة لكن قتل المجرم فضيلة، فالقيمة إذن للأخلاق وليس للتصرف، فكل سلوك يأخذ قيمته من عرضه على الفضيلة أو الرذيلة و يأخذ نسبته منها، ألمانيا غضبت على أمريكا لأنها تتجسس عليها وهي حليفة ، لكن لا أحد يغضب على أمريكا عندما تتجسس على أعدائها، لأن العدو جعل نفسه عدواً، كان بإمكانه أن يجعل نفسه في موطن يعامل فيه بأخلاق لكنه اختار اللا أخلاق، ومع ذلك هناك أطر أخلاقية حتى مع العدو بحيث تدفع شره لا أن تطغى وتسرف في القتل أو التعذيب مثلاً.. كل من عرض نفسه للعقوبة بحق هو لم يُرِد أن يُعامل معاملة حسنة فكان بإمكانه أن يحصل عليها . المعاملة الحسنة لا يُلزم بها من لا يريدها.. والتجسس على الأعداء ليس فيه خيانة للعهد و هم يتجسسون عليك و يتوقعونه ، فالأخلاق لها مواطن توضع فيها و ليست قطاراً يشق طريقه مع العدو والصديق بدرجة واحدة ومع الطيب والفاجر بدرجة واحدة ، بهذا يكون غباء ، والغباء ليس بفضيلة ، ولا عقل بلا اخلاق ولا اخلاق بلا عقل . كما قال المتنبي :

ووضع الندى في موضع السيف بالعلى .. مضرٌّ كوضع السيف في موضع الندى ..

حتى أن في عهد سيدنا عمر رفع حد السرقة في فترة الجذب . من هنا يتضح أن الأخلاق لا ننظر إليها دوما بنفس المنظار .

بالعكس ، بدافع أخلاقي فعل عمر ذلك ، لا تنظر للاخلاق نظرة قشرية ، انظر لعمقها ودافعها ، كما شرح لك المتنبي . لأن هذا من شدة العدل أن تراعى الظروف ، ألم تستشهد بهذا عند مدحك للعدل المتطور، عندما قلت ان الجريمة الليلية غير النهارية و جريمة السطو غير جريمة السرقة !؟ و سقته إستشهادا على دقة العدالة ، والعدالة اخلاق . لا تستخدم الشيء لغرضين متناقضين . فمرة تستشهد بهذه التفصيلات على دقة العدالة المتطورة للغرب ، و مرة تستشهد به على ان الاخلاق نسبية ولا قيمة حقيقية لها ! عند الغرب يكون عدالة متطورة ، و عند عمر يكون تخلي عن الاخلاق ! ما هذا الكيل بمكيالين ؟ هل انت مع الاسلام ام مع الغرب ؟ أم مع كليهما حسب الحاجة رغم تناقضهما ؟

الكذب مثلا تعتريه الأحكام رغم أنه أخلاقيا يبدو من المحرمات ، فالأخلاق تخضع للظرف ، عند التطبيق والتنفيذ .

وهل هذا عيب ؟ أنت تريد ان تجرد الاخلاق عن العقل ، وتجريدها من العقل يسقطها كأخلاق ، تريد أن تكون الأخلاق سلوكا ثابتا لا يتغير كالقطار ! لو كانت هكذا لكانت وبالا وليست أخلاقا . ولتضرر بها المخلص و استفاد منها اللئيم . كل شيء ثابت يستفيد منه المجرم و الطيب ، كالسكين مثلا (قانون) . لهذا أنت تريد الإسلام عقائد جامدة ثابتة و كذلك تريد الأخلاق كذلك وإلا فلا قيمة لها ! هذا يجعل الجميع يستفيد منها ، المنافق والصادق . أما الإسلام فهو دين الحنيفية وهي تعني الميل الى الحق وملاحقة الصواب أينما اتجه . ولا تعني الجمود والتزمت على شيء . كما قال تعالى (اتبعوا أحسن ما انزل اليكم من ربكم) وقال (الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه) هذه علامة الحنيفي الحق الذي يقول (اهدنا الصراط المستقيم) في كل يوم ، باحثا لاهثا عن الحقيقة اينما كانت ، لا يتلقاها من السابقين والمجتمعات دون ان يتبصر بها ، كقوالب جامدة موروثة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

قديم 03-21-2014, 01:55 AM
المشاركة 50
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سأكتفي هنا بالمتناقضات في تحليلك


تقول :

هناك أكثر من موضع مثل قوله تعالى: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} {اعبدوني ولا تشركوا بي شيئاً} وكل موضع يجتمع فيه العبادة ورفض الشرك في القرآن تكون العبادة مسبقة على النهي عن الشرك، وهذا هو منهج القرآن وعلينا أن نتبعه، وبالتالي النظر إلى تحقيق العبودية الكاملة أولاً وأن تكون الحياة كلها لله وليس فقط النسك ثم نفي وإبعاد أي شرك ثانياً، لا أن يكون المهم هو نفي الشرك مع الاقتصار على النسك فقط.


جميل وهل هذه الآية خارجة عن منهاج القرآن الذي رسمته أنت لأنني عندما أقول أنك أنت من يرسم ويكره الآيات على قول ما في نفسك فأنا أتحدث بأدلة من القرآن والسنة ، و لا أعترض على كلام الله أبدا بل أعترض على سياقك في توظيفه . فكل هذه الآيات التي أتيت بها سياقها واضح وهو توحيد الألوهية ، الذي لا يتم الإيمان إلا به و هي كلها ترمي إلى الإخلاص لله في القول والعمل و هو توحيد وعقيدة .
لا بأس يقول الله تعالى في سورة الأنبياء الآية 25
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)

وعندما قلت لك أن أخطاءك كثيرة وتظهر تباعا فأنا أقصد ما أقوله وليست حتى أخطاء بسيطة ، بل هي أخطاء جسيمة لأنها في الأصل الذي تبنى عليه الأفكار . فالتوحيد هو الأصل و منه يتفرع كل الدين . فلا يمكن بناء استدلال علمي على معطيات مغلوطة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أول ما بدأت به كلامي معك هو أنه يمكن اعتبار الدين أخلاقيا و لكن لا يستلزم أن الدين يساوي الأخلاق .
و قلت لك أن الدين جميل و لكن هذا لا يعني أن الدين هو الجمال .
و الدين محبوب و هذا لا يعني أن الدين هو الحب .
و الدين لذيذ و هذا لا يعني أن الدين هو اللذة .
و الدين حلو و هذا لا يعني أن الدين هو الحلاوة .
و تبقى كل تلك الصفات جزء من الدين و لست أدري إن كنت علميّ التوجه لتعرف الفرق بين الاستلزام والتكافؤ .
لأنه لو كان هناك تكافؤ هنا لقلنا أن الأخلاق هي الجمال و الجمال هو الحب و الحب هو اللذة و اللذة هي الحلاوة .

و لو أخدنا الدين كمجموعة و الأخلاق كمجموعة يستحيل أن يكون هناك تطبيق تقابلي كعلاقة رياضية ضاربة في المنطق .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
تقول :
يا أخي لكل مقام مقال ولا تخلط الأمور مع بعضها، هذا الكلام عن الأخلاق بالضبط هو كلام الليبراليين والعلمانيين والملاحدة فهل تريد إلباسه لباساً دينياً؟! الله مدح رسوله بأنه على خلق عظيم فتبعاً لكلامك عن نسبية الأخلاق وتطورها أن أخلاقه بالنسبة لغيره وأن الأخلاق تطورت عبر 1400 سنة تطورت عن أخلاق الرسول حتى وصلت لتحريم التعدد وحقوق المثليين المساكين وإباحة الإجهاض وقتل المواليد كعمل أخلاقي كما هو ثابت لك..!

جميل تحاكمني إن أتيت بكلامك و منطوقه و حرفيته و علقت عليه ، وتأتي أنت بكلام بئيس من دماغك وتسقطه علي ، أدخلت الخليلات و أدخلت المثليين و زد على ذلك .
هناك تطور في الأخلاق و لولا التطور ما تجدد الدين وما استطاع البقاء ، لأن كل جمود يعني الزوال .
هناك نسبية في الأخلاق لأنها تنسب للظرف و كفى .
قل لي ما الذي يمكنه أن يتجدد في الدين العقيدة أو العبادة أو الأخلاق .
و استعمل العقل الذي تفتخر كثيرا بامتلاكه .
رغم أن العصر تجاوز العقل كقوة صانعة للمعرفة كما تتصور فلسفة العقل و وصل إلى العقل التواصلي الحواري المتعدد . و يظهر هذا جليا في استغرابك كيف يمكن للمرء أن يجمع بين السلفية و الفكر الإنساني .

و هنا سأتحدث عن العصمة

فالرسل والأنبياء هم صفوة و مختارون من الله و عصمهم من الكفر والشرك و لا تقل أبدا أن هناك من هو غير معصوم ، فالعاصم هنا هو الله فهو عصمهم من الذنوب بالمغفرة ، وأخص هنا سيدنا محمد صل الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر و هو حي .

فلا تقس بوجود الفارق و تجعل الأنبياء كالباقي في إيمانهم و عباداتهم وأخلاقهم و كل حياتهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
هل العقيدة هي الأخلاق ؟

لو قلت لك أن التكبر أخلاقي لقلت هذا بهتان عظيم .
لو قلت لك أن الانتقام من الأخلاق لقلت حاشا ما سمعنا بهذا .
لو قلت لك أن التجبر أخلاقي لقلت بئس ما جئتنا به .

لكن لو قلت لك أن هذه صفات الله تعالى نؤمن بها اعتقادا وعقيدة و نحب ربنا المتكبر و المتجبر والمنتقم لقلت هذا عين الصواب . لماذا إذن ، لأن هذا من العقيدة التي لا يصح إيمانك إلا بها ومعيار الأخلاق متجاوز كليا لأنك لن تعلم الله الأخلاق ، و هو القاهر فوق عباده .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

جعلتني ناسبا الخبث إلى الله ظلما وعدوانا ، لأنك فقط استعملت معيار الأخلاق ، و نسيت أن الله هو من خلق الخنزير و خلقك أيضا ، ونسيت أن الله هو من خلق الخمر و خلق الموت و خلق ما لا أعلم و لا تعلم .
أتيت بفائدة واحدة للخمر وأنتظر تلك الفوائد التي ذكرها الله بالجمع في السورة ، قلت فائدة اقتصادية واحدة و أنتظر المزيد من الفوائد .

رغم أن تلك الفائدة الإقتصادية موجودة في الربا أكثر من الخمر و لم يتحدث عنها القرآن ، بل قال مباشرة الربا حرام ، فلا تحاول أن تجد تفسيرا لكل ما نهى عنه الله . بل قل سمعنا وأطعنا . و وفر على نفسك التوغل في أشياء ربما تجعل فيها أكثر من مدخل .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

هل تستطيع أن تفسر أن الكفر فساد أخلاقي .
لا أستطيع أنا أن أفسر الزاني بأن أخلاقه غير فاسدة.
لا أستطيع أن أفسر أن السارق أخلاقه غير فاسدة .
لا أستطيع أن أفسر أن المطفف أخلاقه حسنة .

فهل هذا يعني أنهم بهذا دخلوا في زمرة الكفار ، لا يمكن أن تقبل بهذا المنطق أبدا ورغم ذلك كان هذا هو عنوان عرضك كله و الفكرة العامة التي التي يحملها نصك و إن كنت تحاول اللف والدوران ، وهذا هو اختزال الدين في الأخلاق و تضييق الخناق عن المؤمنين و جعلت حياتهم كلها أخلاق في أخلاق رغم أن الإسلام بني على خمسة أركان واضحة و الإيمان بني على ستة أركان واضحة و ضوح الشمس ، و جعل الله التوبة و الحدود للتحلل من الخطيئة و التشريع للمحافظة على الجماعة ، و الأخلاق تكمل البناء و منها شعب للإيمان و منها تعبد لله و عمل صالح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

يتبع


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الكفر فساد أخلاقي ينتج فساداً عقدياً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
...وبسم الزهر من أخلاقي عبدالفتاح الصيري منبر الشعر العمودي 39 07-12-2022 10:31 PM
فساد عبدالحكيم ياسين منبر القصص والروايات والمسرح . 4 12-04-2019 06:14 PM
اظهار الجمال لأهل الكفر والضلال نورا نور الدين منبر الحوارات الثقافية العامة 2 07-03-2013 03:54 AM
جنتي ومحرابي منى شوقى غنيم منبر البوح الهادئ 13 11-14-2012 11:11 PM
.,,’’..{ جنتي ..ترابـــ ..// ـك }.,,’’. شيخه المرضي منبر البوح الهادئ 10 04-22-2012 11:25 PM

الساعة الآن 04:14 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.