احصائيات

الردود
98

المشاهدات
15010
 
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي


أمل محمد will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
17,196

+التقييم
3.24

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة
المملكة العربيّة السعوديّة ~

رقم العضوية
7870
04-27-2012, 01:04 PM
المشاركة 1
04-27-2012, 01:04 PM
المشاركة 1
Arrow ll~ سورة الكهف
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
سورة الكهف مكيَّة واستثنى بعض المفسرين بعض الآيات: أولها (1 ـ 8)، وآية رقم (28) ومن (107 ـ 110) على أنها مدنية، ولكن هذا الاستثناء يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصل أن السُّور المكيَّة مكيَّةٌ كلها وأن المدنيَّة مدنيَّةٌ كُلُّها، فإذا رأيت استثناءً فلا بد من دليل.
والمَكِّي ما نزل قبل الهجرة والمدنِيُّ ما نزَل بعد الهجرة حتى وإن نزل بغير المدينة مثل قوله تعالى: {{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}} [المائدة: 3] فقد نزلت بعرفة عام حجة الوداع.


قديم 04-27-2012, 01:06 PM
المشاركة 2
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
{{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا *قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً *مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا *}}.


قوله تعالى:{ } هو وصفُ المحمود بالكمال محبة وتعظيماً، وبقولنا محبةً وتعظيماً خرج المدح؛ لأن المدح لا يستلزم المحبة والتعظيم، بل قد يَمدح الإنسان شخصاً لا يساوي فلساً ولكن لرجاء منفعة أو دفع مضرة، أما الحمد فإنه وصف بالكمال مع المحبة والتعظيم.
{ {لِلَّهِ}} هذا اسمٌ عَلَمٌ على الله مُختَصٌّ به لا يوصف به غيره، وهو عَلَمٌ على الذات المقدَّسة تبارك وتعالى.
{ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} } جملة: { {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ} } هل هي خَبَرٌ، أراد الله سبحانه وتعالى أن يُخبر عباده بأنه محمود، أو هي إنشاءٌ وتوجيهٌ على أنَّنا نحمدُ الله على هذا، أو الجميع؟
الجواب: الجميع، فهو خبرٌ من الله عن نفسه، وهو إرشادٌ لنا أن نَحمدَ الله عزّ وجل على ذلك.
{ {عَبْدِهِ} } يعني مُحَمَّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم، وَصَفَهُ تعالى بالعبودية؛ لأنه أعبَدُ البَشَر لله عزّ وجل. وقد وصَفَه تعالى بالعبودية في حالات ثلاث:
1 ـ حالِ إنزال القرآن عليه كما في هذه الآية.
2 ـ في حالِ الدفاعِ عنهُ صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: {{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *}} [البقرة: 23] .
3 ـ وفي حالِ الإسراءِ به، قال تعالى: {{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *}} [الإسراء: 1]

قديم 04-27-2012, 01:08 PM
المشاركة 3
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
{ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} } أي: القرآن، سُمِّي كتاباً؛ لأنه يُكتب، أو لأنهُ جامع، لأن الكَتْب بمعنى الجَمْع، ولهذا يقالُ: الكتيبةُ يعني المجموعةُ من الخيل، والقرآن صالح لهذا وهذا فهو مكتوبٌ وهو أيضاً جامع.
{ {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا}} لم يجعل لهذا القرآن عوجاً بل هو مستقيم؛ ولهذا قال:
{ {قِيَمًا} } وقيماً حال من قوله: { {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} }، يعني: حالَ كونه قَيِّماً. فإن قال قائل: «لماذا لم نجعلها صفة، لأن الكتابَ منصوبٌ وَقَيِّماً منصوب؟».
فالجواب: أن قيماً نَكِرة والكتاب معرفة ولا يمكن أن توصف المعرفة بالنَّكِرَة، ومعنى { {قِيَمًا} } أي: مستقيماً غايةَ الاستقامة، وهنا ذَكَرَ نَفْيَ العيبِ أولاً ثم إثباتَ الكمال ثانياً. وهكذا ينبغي أن تُخلي المكان من الأذى ثم تَضع الكمال؛ ولهذا يقال: «التخلية قبل التحلية»، يعني قبل أن تُحلِّي الشيء أخلِ المكان عمَّا ينافي التحلي ثم حَلِّه، وفي قوله تعالى: { {قِيَمًا} }. تنبيه. وهو أنه يجب الوقوف على قوله: { {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} } لأنك لو وصلت لصار في الكلام تناقضٌ، إذ يوهمُ أن المعنى لم يكن له عوج قَيِّم.


قديم 04-27-2012, 01:09 PM
المشاركة 4
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثم بيَّن تعالى الحكمة من إنْزال القرآن في قوله: { {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً} }.
الضمير في قوله: { {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً} } يحتملُ أن يكون عائداً على { {عَبْدِهِ} } ويحتملُ أن يكون عائداً على { {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} } وكلاهما صحيح، فالكتاب نَزل على الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأجل أن يُنذِر به، والكتاب نفسُه مُنذِر، ينذر الناس.
{ {بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} } أي من قِبَلِ الله عزّ وجل، والبأس هو العذاب، كما قال تعالى: {{فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا}} [الأعراف: 4] ، يعني عذابنا، والإنذار: هو الإخبار بما يُخَوِّف.
{ {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً} } التبشير: الإخبار بما يسر، وهنا نجد أنه حُذِف المَفعول في قوله: { {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً} } وذكر المفعول في قوله: { {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً} }، فكيف نقدر المفعول بـ«ينذر»؟
الجواب: نُقدِّرُه في مقابل من يُبَشَّر وهم المؤمنون فيكون تقديره «الكافرين»، وهذه فائدة من فوائد علم التفسير: أنّ الشيء يعرَف بذكر قبيله المقابل له، ومنه قوله تعالى: {{فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}} [النساء: 71] . {{ثُبَاتٍ}} : يعني «متفرقين» والدليل ذكر المقابل له: {{أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}} .
وقوله تعالى: { {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً} } يفيد أنه لا بدَّ مع الإيمان من العمل الصالح، فلا يكفي الإيمان وحده بل لا بد من عمل صالح.؛ ولهذا قيل لبعض السلف: «أليس مِفتاحُ الجنَّة لا إله إلاَّ الله؟» يعني فمن أتى به فُتح له! قال: بلى، ولكن هل يفتحُ المفتاحُ بلا أسنان؟
{ {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً} } الذين آمنوا بما يجب الإيمان به، وقد بيَّن النبي صلّى الله عليه وسلّم ما يجب الإيمان به لجبريل حين سأله عن الإيمان فقال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشرِّه»[(1)].
{ {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً} } يعني يعملون الأعمال الصالحات، ومتى يكون العمل صالحاً؟
الجواب: لا يمكن أن يكون صالحاً إلاَّ إذا تضمن شيئين:
1 ـ الإخلاص لله تعالى: بألاَّ يقصد الإنسان في عمله سوى وجه الله والدار الآخرة.
2 ـ المتابعة لشريعة الله: ألاّ يخرج عن شريعة الله عزّ وجل سواء شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم أو غيره.
ومن المعلوم أن الشرائع بعد بِعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم كلها منسوخة بشريعته صلّى الله عليه وسلّم.
وضد الإخلاص: الشرك، والاتباع ضد الابتداع، إذاً البدعة لا تقبل مهما ازدانت في قلب صاحبها ومهما كان فيها من الخشوع ومهما كان فيها من ترقيق القلب لأنها ليست موافقة للشريعة؛ ولهذا نقول: كُل بدعة مهما استحسنها مبتدعها فإنها غير مقبولة، بل هي ضلالة كما قاله النبي صلّى الله عليه وسلّم، فمن عمل عملاً على وفق الشريعة ظاهراً لكن القلب فيه رياء فإنه لا يقبل لفقد الإخلاص، ومن عمل عملاً خالصاً على غير وفق الشريعة فإنه لا يقبل، إذاً لا بد من أمرين: إخلاصٍ لله عزّ وجل، واتباعٍ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإلاَّ لم يكن صالحاً، ثم بيَّن تعالى ما يُبَشَّر به المؤمنون فقال:
{ { أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا } { {أجراً} } أي ثواباً، وسمى الله عزّ وجل ثواب الأعمال أجراً لأنها في مقابلة العمل، وهذا من عدله جلَّ وعلا أن يسمي الثواب الذي يثيب به الطائعَ أجراً حتى يطمئن الإنسان لضمان هذا الثواب؛ لأنه معروف أن الأجير إذا قام بعمله فإنه يستحق الأجر.
وقوله: { {حسناً} } جاء في آية أخرى ما هو أعلى من هذا الوصف وهو قوله تعالى: {{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}} [يونس: 26] وجاء في آية أخرى: {{هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ *}} [الرحمن: 60] فهل نأخذ بما يقتضي التساوي أو بما يقتضي الأكمل؟
الجواب: بما يقتضي الأكمل، فنقول: { { حَسَناً } } أي هو أحسن شيء ولا شك في هذا، فإن ثواب الجنة لا يعادله ثواب.
وقوله: { {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا *} } أي باقين فيه أبداً، إلى ما لا نهاية، فلا مرض ولا موت ولا جوع ولا عطش ولا حر ولا برد، كل شيء كامل من جميع الوجوه.
واعلم أن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الجنَّة موجودة الآن وأنها مؤبدة، وأن النار موجودة الآن وأنها مؤبدة، وقد جاء هذا في القرآن، فآيات التأبيد بالنسبة لأصحاب اليمين كثيرة، أما بالنسبة لأصحاب الشمال فقد ذُكر التأبيد في آيات ثلاث:
1 ـ في سورة النساء، قال تعالى: {{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا }} [النساء: 168 ـ 169] .
2 ـ في سورة الأحزاب، قال تعالى: {{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا }} [الأحزاب: 64 ـ 65] .
3 ـ في سورة الجن في قوله تعالى: {{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}} [الجن: 23] .
وإذا كانت ثلاثُ آيات من كتاب الله عزّ وجل صريحة في التأبيد فلا ينبغي أن يكون هناك خلاف، كما قيل:


قديم 04-27-2012, 01:09 PM
المشاركة 5
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وما ذكر من الخلاف في أبدية النار لا حظَّ له، كيف يقول الخالق العليم: {{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}} [النساء: 57] ثم يقال: لا أبدية؟ هذا غريب، من أغرب ما يكون، فانتبهوا للقاعدة في مذهب أهل السنّة والجماعة: أن الجنَّة والنار مخلوقتان الآن لأن الله ذكر في الجنة {{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ *}} [آل عمران: 133] وفي النار {{أُعِدَّتْ}} [البقرة: 24] . وثانياً: أنهما مؤبدتان لا تفنَيان لا هما ولا من فيهما كما سمعتم.

قديم 04-27-2012, 01:12 PM
المشاركة 6
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
{{وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا *مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآِبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا *}}.


قوله تعالى: { {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا *} } كالإيضاح لما أبهم في الآية السابقة، فيه إنذار لمثل النصارى الذين قالوا: إن المسيح ابن الله، ولليهود الذين قالوا: العُزير ابن الله، وللمشركين الذين قالوا: إن الملائكة بنات الله.
والعزير ليس بنبي ولكنه رجل صالح.
{ {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآِبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا *} } أي بالولد أو بالقول، { {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآِبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا *} } أي بهذا القول، أو { {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآِبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا *} } أي بالولد { {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآِبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا *} } فإذا انتفى العلم ما بقي إلاَّ الجهل.
{ {وَلاَ لآِبَائِهِمْ} } الذين قالوا مثل قولهم، ليس لهم في ذلك علم، ليسَ هناك إلاّ أوهام ظنوها حقائق وهي ليست علوماً.
{ {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} } قد يُشكل على طالب العلم نَصْبُ { {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} }.
والجواب: { {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} } تمييز والفاعل محذوف والتقدير «كبرت مقالتهم كلمةً» تخرج من أفواههم: أي عَظُمت لأنها عظيمة والعياذ بالله، كما قال تعالى: { نْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا } [مريم: 90 ـ 93] . يعني: مستحيل غاية الاستحالة أن يكون له ولد.
فإن قال قائل: «أليس الله يقول: {{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ *}} [الزخرف: 81] ».
الجواب: نعم. ولكن التعليق بالشرط لا يدل على إمكان المشروط، لأننا نفهم من آيات أخرى أنه لا يمكن أن يكون وهذا كقوله تعالى للرسول صلّى الله عليه وسلّم: { فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } [يونس: 94] وهو صلّى الله عليه وسلّم لا يمكن أن يَشك، ولكن على فرض الأمر الذي لا يقع، كقوله تعالى: {{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ *}} [الأنبياء: 22] . فإنه لا يمكن أن يكون فيهما آلهة سوى الله عزّ وجل، فتبين بهذا أن التعليق بالشرط لا يدل على إمكان المشروط، بل قد يكون مستحيلاً غاية الاستحالة.
قوله: { {تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} } هل لنا أن نستفيد من قوله: { {مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} } أن هؤلاء يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وأنهم لا يستيقنون أن لله ولداً؛ لأن أي عاقل لا يمكن أن يقول إن لله ولداً، فكيف يمكن أن يكون لله ولدٌ، وهذا الولد من البشر نراه مثلنا يأكل ويشرب ويلبس، ويلحقه الجوع والعطش والحر والبرد، كيف يكون ولدٌ لله تعالى؟ هذا غير ممكن؛ ولذلك قال: { {إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} } «إن» بمعنى «ما» ومن علامات «إن» النافية أن يقع بعدها «إلاَّ» {{إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ *}} [فاطر: 23] ، {{إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ}} [المائدة: 110] .
{ {إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} } أي ما يقول هؤلاء إلاَّ كذباً. والكذب: هو الخبر المخالف للواقع، والصدق: هو الخبر المطابق للواقع، فإذا قال قائل: «قدِم فلانٌ اليوم» وهو لم يَقدُم، فهذا كذب سَواءٌ علم أم لم يعلم، ودليل ذلك قصة سُبَيْعةَ الأسلمِيَّةِ رضي الله عنها حينما مات عنها زوجها وهي حامل فوضعت بعد موته بليالٍ ثم خلعت ثياب الحداد، ولبست الثياب الجميلة تريد أن تُخطَب، فدخل عليها أبو السنابل فقال لها: «ما أنت بناكح حتى يأتي عليك أربعةُ أشهر وعشر»، لأنها وضعت بعد موت زوجها بنحو أربعين ليلة أو أقل أو أكثر، فلبست ثياب الإحداد ثم أتت إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأخبرته بالخبر فقال لها: «كذب أبو السنابل» [(2)]، مع أن الرجل ما تعمد الكذب، يظن أنها تعتدُ بأطول الأجلين، فإن بقيت حاملاً بعد أربعةِ أشهر وعشر بقيت في الإحداد حتى تضع، وإن وضعت قبل أربعة أشهر وعشر بقيت في الإحداد حتى تتم لها أربعةُ أشهر وعشر، تعتد أطول الأجلين، ولكن السنَّة بينت أن الحامل عِدَّتُها وضع الحمل ولو دون أربعةِ أشهر، فالشاهد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أطلق على قول أبي السنابل «كَذب» مع أنه لم يتعمد.
* * *


قديم 04-27-2012, 01:12 PM
المشاركة 7
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
{{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا *}}.
قوله تعالى: { {فَلَعَلَّكَ} } الخِطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم { {بَاخِعٌ نَفْسَكَ} } مهلكٌ نفسَك، لأنه كان صلّى الله عليه وسلّم إذا لم يجيبوه حَزِنَ حَزناً شديداً، وضاق صدره حتى يكادَ يَهلك، فسلاَّه الله عزّ وجل وبيّن له أنه ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، وإنما عليه البلاغ وقد بلَّغ.
{ {عَلَى آثَارِهِمْ} } أي باتباع آثارهم، لعلَّهم يرجعون بعد عدم إجابتهم وإعراضهم.
{ {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ} } أي إن لم يؤمنوا بهذا القرآن.
{ {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا *} } مفعول من أجله، العامل فيه: { {بَاخِعٌ} } المعنى أنه لعلك باخع نفسك من الأسف إذا لم يؤمنوا بهذا مع أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، ومهمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم البلاغ. قال تعالى: {{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ}} [الرعد: 40] ، وهكذا ورثته من بعده: العلماء، وظيفتهم البلاغ وأما الهداية فبيد الله، ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يحزن إذا لم يستجبِ الناس للحق، لكنَّ الحازنَ إذا لم يقبل الناس الحق على نوعين:
1 ـ نوع يحزن لأنه لم يُقبل.
2 ـ ونوع يحزن لأن الحق لم يُقبل.
والثاني هو الممدوح لأن الأول إذا دعا فإنما يدعو لنفسه، والثاني إذا دعا فإنما يدعو إلى الله عزّ وجل، ولهذا قال تعالى: {{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}} [النحل: 125] .
لكن إذا قال الإنسان أنا أحزن؛ لأنه لم يُقبل قولي؛ لأنه الحق ولذلك لو تبين لي الحق على خلاف قولي أخذت به فهل يكون محموداً أو يكونُ غير محمود؟
الجواب: يكون محموداً لكنه ليس كالآخرَ الذي ليس له همٌّ إلاَّ قَبول الحق سَواء جاء من قِبَله أو جاء من قبل غيره.
* * *

قديم 04-27-2012, 01:13 PM
المشاركة 8
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
{{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً *}}.


إذا تأملت القرآن تجد أنه غالباً يقدم الشرع على الخلق، قال الله تعالى: {{ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ }} [الرحمن: 1 ـ 3] ، وتأمل الآيات في هذا المعنى تجد أن الله يبدأ بالشرائع قبل ذكر الخلق وما يتعلق به؛ لأن المخلوقات إنما سُخِّرت للقيام بطاعة الله عزّ وجل، قال الله تبارك وتعالى: {{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ *}} [الذاريات: 56] ، وقال عزّ وجل: {{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا}} [البقرة: 29] إذاً المهم القيام بطاعة الله عزّ وجل، وتأمل هذه النكتة حتى يتبين لك أن أصل الدنيا وإيجاد الدنيا، إنما هو للقيام بشريعة الله عزّ وجل .
قوله تعالى: { {إِنَّا جَعَلْنَا} } أي صَيَّرنا، وجعل تأتي بمعنى: خلق وبمعنى صيَّر، فإن تعدَّت لمفعولٍ واحدٍ فإنها بمعنى «خلق»، مثل قوله تعالى: {{وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}} [الأنعام: 1] وإن تعدَّت لمفعولين فهي بمعنى صَيَّر، مثل قوله تعالى: {{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا}} [الزخرف: 3] : أي صيَّرناه بلغة العرب،وإنما نبَّهتُ على ذلك؛ لأن الجهمية يقولون: إنَّ الجعلَ بمعنى الخلق في جميع المواضع، ويقولون: معنى قوله تعالى: {{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا}} : أي خلقناه، ولكن هذا غلط على اللغة العربية.
{ {جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا} } هنا جعل بمعنى صَيَّر فالمفعول الأول «ما» والمفعول الثاني «زينة» أي أنَّ ما على الأرض جعله الله زينة للأرض وذلك لاختبار الناس. هل يتعلقون بهذه الزينة أم يتعلقون بالخالق؟ الناس ينقسمون إلى قسمين، منهم من يتعلق بالزينة ومنهم من يتعلق بالخالق، واسمع إلى قوله تعالى مبيناً هذا الأمر.
{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [الأعراف: 175 ـ 176] .
إذاً جعل الله الزينة لاختبار العباد، سَواءٌ أكانت هذه الزينة فيما خلقه الله عزّ وجل وأوجده، أم مما صنعه الآدمي، فالقصور الفخمة المزخرفة زينة ولا شك، ولكنها من صنع الآدمي، والأرض بجبالها وأنهارها ونباتها وإذا أنزل الله الماء عليها اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، هذه زينة من عند الله تعالى.
قوله تعالى: { لِنَبْلُوَهُمْ } أي نختبرهم.
وقوله تعالى: { {أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} } الضمير يعود للخلق، وتأمل قوله تعالى: { {أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} } ولم يقل: «أكثر عملاً»؛ لأن العبرة بالأحسن لا بالأكثر ، وعلى هذا لو صلى الإنسان أربع ركعات لكنْ على يقين ضعيف أو على إخلال باتباع الشرع، وصلى آخر ركعتين بيقين قوي ومتابعةٍ قوية فأيهما أحسن؟ الثاني؛ بلا شك أحسن وأفضل، لأن العبرة بإحسان العمل وإتقانه إخلاصاً ومتابعة.
في بعض العبادات الأفضل التخفيف كركعتي الفجر مثلاً، لو قال إنسان: أنا أحب أن أطيل فيها في قراءة القرآن وفي الركوع والسجود والقيام، وآخر قال: أنا أريد أن أخفف، فالثاني أفضل؛ ولهذا ينبغي لنا إذا رأينا عامِّيَّاً يطيل في ركعتي الفجر أن نسأله: «هل هاتان الركعتان ركعتا الفجر أو تحية المسجد؟». فإن كانت تحية المسجد فشأنه، وإن كانت ركعتي الفجر قلنا: لا، الأفضل أن تخفف، وفي الصيام رخَّص صلّى الله عليه وسلّم لأمته أن يواصلوا إلى السَّحَر، وندبهم إلى أن يفطروا من حين غروب الشمس، فصام رجلان أحدهما امتد صومه إلى السحور والثاني أفطر من حين غابت الشمس، فأيهما أفضل؟ الثاني أفضل بلا شك، والأول وإن كان لا ينهى عنه فإنه جائز ولكنه غير مشروع، فانتبه لهذا { {أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} } ولذلك تجد النبي صلّى الله عليه وسلّم يفعل من العبادات ما كان أحسن: يحث على اتباع الجنائز وتمر به الجنائز ولا يتبعها، يحث على أن نصوم يوماً ونُفطِر يوماً ومع ذلك هو لا يفعل هذا، بل كان أحياناً يطيل الصوم حتى يقال: لا يفطر، وبالعكس يفطر حتى يقال: لا يصوم، كل هذا يتبع ما كان أرضى لله عزّ وجل وأصلح لقلبه.
* * *


قديم 04-27-2012, 01:14 PM
المشاركة 9
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
{{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا *}}.

قوله تعالى: { {صَعِيدًا} } هذه الأرض بزينتها، بقصورها وأشجارها ونباتها، سوف يجعلها الله تعالى { {صَعِيدًا جُرُزًا} } أي خالياً، كما قال تعالى: {{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا *}} [طه: 105] ، أي نسفاً عظيماً ولهذا جاء مُنَكَّراً: أي نسفاً عظيماً، قال تعالى: {{ فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا }} [طه: 106 ـ 107] وبلحظة: كن فيكون! إذاً هذه الأرض يا أخي لا يَتعلَّق قلبك بها فهي زائلة، هي ستصير كأن لم تكن كما قال عزّ وجل: {{كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ}} [يونس: 24] .
وتأمل الجملة الآن: { {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ} } فيها مُؤكِّدان، «إنَّ» و«اللام»، ثم إنها جاءت بالجملة الاسمية الدالة على القدرة المستمرة، إذا قامت القيامة أين القصور؟ لا قصور، لا جبال، لا أشجار، الأرض كأنها حجر واحد أملس، ما فيها نبات ولا بناء ولا أشجار ولا غير ذلك، سيحولها الله تعالى { {جُرُزًا} } خالية من زينتها التي كانت عليها.
* * *

قديم 04-27-2012, 01:14 PM
المشاركة 10
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
{{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا *}}.


قوله تعالى: { {أَمْ حَسِبْتَ} } «أم» هنا منقطعة، فهي بمعنى «بل»، و{ {حَسِبْتَ} } بمعنى ظننتَ، هنا أتى بـ«أم» المنقطعة التي تتضمن الاستفهام من أجل شد النَّفس إلى الاستماع إلى القصة لأنها حقيقة عَجب، هذه القصة عجب.
{ {الْكَهْفِ} } الغار في الجبل.
{ {وَالرَّقِيمِ} } بمعنى المرقوم: أي المكتوب لأنه كتب في حجر على هذا الكهف قصتُهم من أولها إلى آخرها.
{ {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا *} } أي أصحاب الكهف والرقيم.
{ {مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} } من آيات الله الكونية.
{ {مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} } أي محل تعجُّب واستغراب لأن هؤلاء سبعةٌ معهم كلب كرهوا ما عليه أهل بلدهم من الشرك فخرجوا متَّجهين إلى الله يريدون أن ينجوا بأنفسهم مما كان عليه أهل بلدهم، فلجأوا إلى هذا الغار، وكان من حسن حظهم أن هذا الغار له باب لا يتَّجه للمشرق ولا للمغرب، سبحان الله! توفيق؛ لأنه لو اتجه إلى المشرق لأكلتهم الشمس عند الشروق، ولو اتجه إلى المغرب لأكلتهم عند الغروب. كما قال تعالى: {{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ}} [الكهف: 17] وسيأتينا إن شاء الله تعالى.
* * *



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: ll~ سورة الكهف
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في رحاب سورة الكهف ناريمان الشريف منبر الحوارات الثقافية العامة 5 06-24-2021 05:41 PM
لماذا اختلفت التسمية: قرية ثم مدينه بخصوص الجدار والغلامين في سورة الكهف فجر الاعلون منبر الحوارات الثقافية العامة 2 08-11-2019 10:07 AM
قصة كلب أهل الكهف نشوة شوقي منبر الحوارات الثقافية العامة 0 07-28-2016 11:02 PM
فضل سورة الكهف محمد نجى منبر الحوارات الثقافية العامة 1 11-18-2014 07:50 AM
روائع الإعجاز العددي فى سورة الكهف أحمد النواوى منبر الحوارات الثقافية العامة 9 09-20-2010 09:02 PM

الساعة الآن 04:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.