احصائيات

الردود
12

المشاهدات
9859
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.40

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
10-18-2013, 01:54 PM
المشاركة 1
10-18-2013, 01:54 PM
المشاركة 1
افتراضي بيرتراند راسل عبقرية استثنائيه بكل المقاييس
برتراند أرثر ويليام راسل

برتراند أرثر ويليام راسل ((بالإنجليزية: Bertrand Russell)، م. 18 مايو 1872 - و. 2 فبراير 1970) إيرل راسل الثالث، فيلسوف وعالم منطق ورياضي ومؤرخ وناقد اجتماعي بريطاني. وفي مراحل مختلفة من حياته كان راسل ليبرالياً واشتراكياً وداعية سلام إلا أنه أقر أنه لم يكن أياً من هؤلاء بالمعنى العميق. وعلى الرغم من قضائه معظم حياته في إنجلترا، ولد راسل في ويلز حيث توفي عن عمر يناهز 97.
قاد راسل الثورة البريطانية "ضد المثالية" في أوائل القرن العشرين. يعد أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية إلى جانب سلفه كوتلب فريج وتلميذه لودفيش فيتغنشتاين كما يعتبر من أهم علماء المنطق في القرن العشرين. ألف بالشراكة مع أي. إن. وايتهيد مبادئ الرياضيات (بالإنجليزية: Principia Mathematica) في محاولة لشرح الرياضيات بالمنطق. وتعد مقالته الفلسفية عن التدليل (بالإنجليزية: On Denoting) نموذجا فكرياً في الفلسفة. ولا زال لعمله أثراً ظاهراً على المنطق والرياضيات ونظرية المجموعات واللغويات والفلسفة وبالتحديد فلسفة اللغة ونظرية المعرفة والميتافيزيقيا.
كان راسل ناشطاً بارزاً في مناهضة الحرب وأحد أنصار التجارة الحرة ومناهضة الإمبريالية. سجن بسبب نشاطه الداعي للسلام خلال الحرب العالمية الأولى. قام بحملات ضد أدولف هتلر وانتقد الشمولية الستالينية وهاجم تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام كما كان من أنصار نزع الأسلحة النووية.
حاز عام 1950 على جائزة نوبل للأدب "تقديراً لكتاباته المتنوعة والمهمة والتي يدافع فيها عن المثل الإنسانية وحرية الفكر."

حياته
نسبه
ولد برتراند راسل في 18 مايو 1872 في رايفنسكروفت، تريليش، مونماوثشاير في ويلز لأسرة ليبرالية من أرستقراطية بريطانيا. كان جده لأبيه، جون راسل وإيرل راسل الأول، الابن الثالث لجون راسل، دوق بيدفورد السادس، والذي شكل الحكومة مرتين بطلب من الملكة فيكتوريا حيث شغل منصب رئيس الوزراء في أربعينيات وستينيات القرن التاسع عشر.
وسبق بروز آل راسل في إنجلترا هذا بقرون حيث وصلوا إلى السلطة مع صعود سلالة التيودور. أسسوا اسمهم كإحدى أهم الأسر الليبرالية وشاركوا في كل الأحداث السياسية العظيمة من حل الأديرة (1536-40) مروراً بالثورة المجيدة (1688-89) إلى قانون الإصلاح العظيم عام 1832.
كانت أم راسل هي كاثرين لويزا (1844-1874) ابنة إدوارد ستانلي، بارون ألدرلي ستانلي الثاني، وأخت روزلند هاورد كونتسية كارلايل.
كان والدا راسل راديكاليين بالنسبة إلى عصرهم. كان والد راسل، الفيسكونت أمبرلي، ملحداً كما وافق على علاقة زوجته مع مدرس أولادهم، عالم الأحياء دوغلاس سبلدنغ. وكان والدا راسل من أوائل المنادين بتحديد النسل في وقت كان يعتبر الأمر فاضحاً. واتضح إلحاد الوالد جون راسل عندما طلب من الفيلسوف جون ستيوارت ميل أن يكون الأب الروحي لراسل. توفي ميل بعد سنة من ولادة راسل إلا أن لكتاباته أثراً كبيراً على حياة الأخير.
طفولته ومراهقته[عدل]
كان لراسل أخ وأخت، فرانك الذي كبر برتراند بسبع سنوات وراشيل التي كبرته بأربع. توفيت والدته يونيو 1874 من الخناق ولحقتها راشيل بفترة وجيزة. توفي والده في يناير 1876 من التهاب القصبات الحاد بعد معاناة طويلة مع الاكتئاب. وُضع فرانك وبرتراند في رعاية جديهما الفكتوريين الذين سكنا في بيمبروك لودج في ريتشموند بارك. توفي جون راسل، إيرل راسل الأول، وجد برتراند الذي شغل منصب رئيس الوزراء عام 1878 ويتذكره برتراند عجوزاً طيباً مقعداً. ومن هنا، كانت أرملته، الكونتيسة راسل (الليدي فرانسس إليوت) الشخصية الأسرية المهيمنة طوال طفولة راسل وشبابه. ولدت الكونتيسة لأسرة اسكتلندية مشيخية ونجحت في نقض وصية أمبرلي في تنشئة الأطفال لا أدريين. وعلى الرغم من تحفظها الديني، كان للكونتسية أراء تقدمية في مجالات أخرى (قبول الداروينية ومساندة حكم البيت الإيرلندي) ولازم أثرها برتراند راسل في نظرته إلى العدالة الاجتماعية والوقوف من أجل المبادئ وأصبحت آيتها المفضلة من الإنجيل شعاره "لا تتبع الجموع إلى الشر" (سفر الخروج 23:2). كان الجو السائد في لودج بيمبروك هو الصلاة المتكررة والكبت العاطفي والرسمية وكانت ردة فعل فرانك تمرداً واضحاً بينما تعلم برتراند إخفاء مشاعره.
خيمت الوحدة على مراهقة برتراند الذي كثيراً ما فكر بالانتحار. وذكر في سيرته الذاتية أن أكبر اهتماماته كانت الدين والرياضيات وأن رغبته في تعلم المزيد من الرياضيات ردعته عن الانتحار. تلقى تعليمه في المنزل على يد عدد من المدرسين الخصوصين. عرَفه شقيقه فرانك بأعمال أقليدس والتي حولت حياة راسل.
وخلال هذه السنين اكتشف راسل أعمال بيرسي بيش شيلي. وفي سيرته الذاتية يقول راسل "أمضيت كل أوقات فراغي أقرأ أعماله وأحفظها عن ظهر قلب وفي حين لم أعرف أحد أستطيع الحديث معه عما فكرت أوشعرت به كنت أتصور كم من الجميل أن أعرف شيلي وأتسائل إن كنت سألتقي أحداً من الأحياء يثير تعاطفي." ادعى راسل أنه ومنذ عمر الخامسة عشر أمضى وقتاً طويلاً في دراسة صحة العقيدة المسيحية وقرر في الثامنة عشر التخلي عنها تماماً.
دراسته الجامعية وزواجه الأول[عدل]
حاز راسل على منحة دراسية إلى كلية ترينتي في كامبريدج حيث باشر دراسته هناك عام 1890. تعرف في كامبريدج على جي.إي. مور وتأثر بألفرد نورث وايتهيد الذي أوصى به إلى حواريِ كامبريدج. برز بسرعة في الرياضيات والفلسفة وتخرج عام 1893 وحاز الزمالة عام 1895.
التقى بالكويكر الأمريكي بيرسال سميث لأولى مرة في عمر السابعة عشر وأصبح صديقاً لأسرة سميث الذين عرفوه بصفته حفيد اللورد جون واستمتعوا بصحبته وسافروا معه إلى أوروبا حين زار راسل معرض باريس عام 1889 وصعد برج إيفل بعد تدشينه بفترة قصيرة.
سرعان ما وقع في حب الطهورة أليس خريجة كلية براين مور بالقرب من فيلادلفيا وخلافاً لرغبة جدته تزوج راسل أليس في 13 ديسمبر 1894. بدأ زواجهما بالانهيار عام 1901 عندما خطر لراسل أثناء ركوبه الدراجة أنه لم يعد يحب زوجته. وسألته إن كان يحبها وأجابها بالنفي. ولم يعجب راسل بوالدة أليس واجداً إياها مهووسة بالسيطرة وقاسية. كان زواجهما صدفة مفرغة وتطلقا أخيراً عام 1921 بعد فترة طويلة من الانفصال. وخلال هذا الفترة خاض راسل علاقات عاطفية عدة(وأحياناً في نفس الوقت) مع عدد من النساء منهن الليدي أوتلين موريل والممثلة الليدي كونستنس ماليسون.
بدايات حياته المهنية[عدل]
كان أول ما نشر من أعمال برتراند راسل كتاب الديمقراطية الاجتماعية الألمانية (بالإنجليزية: German Social Democracy) وهو دراسة سياسية ومؤشر مبكر لاهتمام لازمه مدى الحياة في النظرية السياسية والاجتماعية. في عام 1886، درس كتاب الديمقراطية الاجتماعية الألمانية في كلية لندن للاقتصاد حيث حاضر أيضاً عن علم السلطة في خريف 1937. كما كان أحد أعضاء كذا من المصلحين الاجتماعيين والذي أسسه عام 1902 على يد سيدني وبياترس ويب. بدأ راسل آنذاك في دراسة مكثفة عن أسس الرياضيات في كلية ترنتي حيث اكتشف مفارقة راسل, والتي تحدت أسس نظرية المجموعات. نشر عام 1903 أولى كتبه المهمة عن المنطق الرياضي مبادئ الرياضيات مبيناً فيه كيفية استنباط الرياضيات من مجموعة صغيرة من المبادئ ومسهماً في قضية الفكر المنطقي.
في عام 1905 كتب مقالته عن التدليل (بالإنجليزية: On Denoting) والتي نشرت في الدورية الفلسفية العقل (بالإنجليزية: Mind). أصبح عام 1908 زميلاً في المجتمع الملكي. نشرت أولى مجلدات مبادئ الفلسفة والتي كتبت بالشراكة مع وايتهيد عام 1910 إلى جانب مبادئ الرياضيات التي سرعان ما أكسبت راسل شهرة عالمية في مجاله.
أصبح عام 1910 محاضراً في جامعة كامبردج حيث قابل طالب الهندسة النمسوي لودفيش فيتغنشتاين والذي أصبح أحد طلبة الدكتوراه والذي اعتبره عبقرياً وخليفاً يستطيع استكمال عمله حول المنطق. أمضى راسل ساعات في معالجة رهاب فيتغنشتاين ونوبات اكتئابه المتكررة. كثير ما استنزف ذلك طاقة راسل إلا أن إعجابه بفيتغنشتاين استمر وحثه على التطوير الاكاديمي بما في ذلك نشر كذا عام 1922. أعطى راسل محاضراته عن الذرية المنطقية ونسخته عن هذه الأفكار عام 1918 قبل نهاية الحرب العالمية الأولى وفي حين كان ما زال فيتغنشتاين أسير حرب.
الحرب العالمية الأولى[عدل]
خلال الحرب العالمية الأولى، كان راسل بين قلة من المفكرين الذي شاركوا في نشاطات سلمية حيث صرف عام 1916 من كلية ترنيتي بعد اتهامه تحت كذا. غُرم بمبلغ 100 باوند استرليني رفض دفعه على أمل أن يسجن إلا أنهم باعوا كتبه في مزاد لجمع الغرامة. اشترى أصدقاؤه الكتب وثمن فيما بعد نسخته من إنجيل الملك جايمس المختومة بـ"مصادرة من قبل شرطة كامبردج." استرد وظيفته عام 1919 واستقال عام 1920 وكان محاضر كذا عام 1926 وأصبح زميلاً عام 1944-1949. اتهم لاحقاً بالقاء محاضرة علنية ضد دعوة الولايات المتحدة دخول الحرب إلى جانب بريطانيا مما أدى إلى سجن راسل ستة أشهر حيث أطلق سراحه في سبتمبر 1918.
فترة ما بين الحربين وزواجه الثاني[عدل]
في أغسطس 1920، سافر راسل إلى روسيا ضمن وفد رسمي بريطاني لبحث آثار الثورة الروسية. والتقى فلاديمير لينين وكان له معه حديث ساعة. وفي سيرته الذاتية، يذكر راسل أنه وجد لينن مخيباً للآمال ملتمساً فيه "قسوة شقية" ومقارناً أياه بـ"بروفسور متشبث بآراءه." وأبحر في نهر الفولجا على ظهر باخرة. زارت عشيقة راسل دورا بلاك روسيا في نفس الوقت وكانت متحمسة للثورة في حين سحب راسل دعمه لها بسبب ما خبره هناك. كتب راسل ممارسة ونظرية البلشفية (بالإنجليزية: The Practice and Theory of Bolshevism) عن تجاربه في هذه الرحلة التي ضمت 24 أخرين عادوا إلى بريطانيا برأي حسن عن الحكومة رغم جهود راسل تغيير ذلك. على سبيل المثال، أخبرهم راسل أنه سمع طلقات عيار نارية منتصف الليل وكان على ثقة أنها إعدامات سرية إلا أن الأخرين أصروا أنها ضوضى عوادم السيارات. عمل محاضراً في الفلسفة في بكين لعام واحد حيث رافقته دورا. ذهب راسل إلى الصين ملؤه التفاؤل والأمل حيث كانت البلاد مقبلة على درب جديد. وفي الصين، مرض راسل بـذات الرئة ونشرت الصحف اليابانية أخبار كاذبة حول وفاته. ولدى زيارة الزوج اليابان على طريق رحلة العودة، أخبرت دورا العالم أن " السيد برتراند راسل، والذي توفي وفق الصحافة اليابانية، لا يستطيع منح الصحافيين اليابانيين لقاءً". ولم تجد الصحافة في الإعلان ظرافة ولم تستغ السخرية المقصودة.
وعند عودتهما إلى إنجلترا في 26 أغسطس 1921، كانت دورا حاملاً في الشهر السادس ورتب راسل طلاقاً سريعاً من أليس وتزوج دورا بعد ستة أيام من نهاية معاملات الطلاق بتاريخ 27 سبتمبر 1921. ولد لهما جون كونراد راسل بتاريخ 16 نوفمبر 1921 وكاثرين جاين راسل (الليدي كاثرين تايت) بتاريخ 29 ديسمبر 1923. واعتاش راسل خلال هذه الفترة على كتبه الشعبية عن الفيزياء والقيم والتعليم. ورجح البعض تورط راسل بعلاقة عاطفية خلال هذه الفترة مع فيفيان هاي-وود أولى زوجات تي.إس. إيليوت.
ومع دورا، أسس راسل مدرسة بيكون هيل التجريبية (بالإنجليزية: Beacon Hill School) عام 1927. وأديرت المدرسة من مواقع مختلفة ومنها موقعها الأصلي في منزل آل راسل وتيليغراف هاوس قرب هارتنغ غرب سسكس. ولد لهم طفل ثالث الإبنة هارييت روث بتاريخ 8 يوليو 1930. وبعد أن ترك راسل المدرسة عام 1932 استمرت دورا فيها حتى عام 1943.
وعند وفاة أخيه الأكبر فرانك عام 1931 أصبح راسل إيرل راسل الثالث. قال ذات مرة أن لقبه فاده في حجز غرف الفنادق.
غلب التشنج على علاقة الزوجين وبلغ حده الأقصى عند إنجاب دورا طفلين من الصحفي الأمريكي غريفن باري. انفصلا عام 1932 وتطلقا في النهاية.
الحرب العالمية الثانية[عدل]
عارض راسل التسليح ضد ألمانيا النازية، إلا أن رأيه تغير عام 1940 حيث رأى أن تجنيب العالم حرب واسعة النطاق أهم من هزيمة هتلر. وخلص راسل إلى أن استيلاء أدولف هتلر على أوروبا سيشكل تهديداً دائماً للديمقراطية. وتبنى عام 1943 موقفاً تجاه الحرب الواسعة النطاق دعاه "السلمية السياسية النسبية"، كانت الحرب دائماً شراً عظيم، ولكن في بعض الحالات القصوى بشكل خاص، قد تكون الحرب أهون الشرين.
في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية[عدل]
قبل الحرب العالمية الثانية، درس راسل في جامعة شيكاغو وانتقل لاحقاً إلى لوس أنجليس ليحاضر في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجليس. عين بروفسوراً في سيتي كولدج في نيويورك عام 1940 إلا أن التعيين ألغي بأمر محكمة بعد استهجان عام: جعلت أراؤه، وبالتحديد تلك الخاصة بالأخلاق الجنسية والمفصلة في كتابه الزواج والأخلاق (بالإنجليزية: Marriage and Morals) الصادر من 10 سنوات آنذاك، راسل "غير لائق أخلاقياً" للتدريس في الكلية. وبدأت الاحتجاج والدة طالب لم يكن مؤهلاً لأخذ مادة راسل عن المنطق الرياضي. واعترض مفكرون عدة بقيادة جون ديوي على المعاملة التي تلقاها راسل. ومن مأثور القول لألبرت أينشتاين أنه "لا طالما واجهت العقول العظيمة معارضة عنيفة من العقول المتوسطة..." وهو ما قاله أينشتاين في رسالة مفتوحة إلى راسل تؤازره. حرر ديوي وهوراس إم. كالن مجموعة مقالات حول قضية كذا جمعوها في قضية برتراند راسل(بالإنجليزية: The Bertrand Russell Case). سرعان ما انضم راسل إلى مؤسسة بارنز محاضراً لجمهور متنوع حول تاريخ الفلسفة وشكلت هذه المحاضرات أساس كتاب تاريخ الفلسفة الغربية (بالإنجليزية: A History of Western Philosophy). وسرعان ما ساءت علاقته بألبر سي. بارنز غريب الأطوار وعاد عام 1944 إلى بريطانيا لينضم مجدداً إلى كادر كلية ترنتي.
حياته اللاحقة[عدل]
خلال أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين شارك راسل في عدد من برامج البي بي سي وبالتحديد أهل المعرفة (بالإنجليزية: The Brains Trust) والبرنامج الثالث (بالإنجليزية: Third Programme) حول مواضيع فلسفية متنوعة. وبحلول هذا الوقت أصبح لراسل شهرة عالمية تتعدى الدوائر الأكاديمية حيث كان موضوع وكاتب العديد من مقالات الصحف والمجلات كما كان رأيه مطلوباً في كثير من المواضيع والتافهة منها أيضاً. وفي طريقه إلى أحد محاضراته في ترودنهم، كان راسل أحد 24 ناج من مجموع 43 راكباً لطائرة سقطت في هوملفيك أكتوبر 1948. تصدر تاريخ الفلسفة الغربية (1945) قوائم الكتب الأكثر مبيعاً ووفر لرسل دخلاً ثابتاً لما تبقى من حياته. وفي كلمة عام 1948، قال راسل أن في حال استمرار العدوان السوفيتي سيكون من الأسوء أخلاقياً دخول حرب مع الاتحاد السوفيتي بعد امتلاكه قنبلة نووية من قبل ذلك لأن عدم امتلاكه قنبلة سيعجل في نصر الغرب وسيحد من عدد الضحايا مقارنة بالوضع في حال امتلاك كلا الجانبين القنبلة. في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة وحيدة في امتلاكها قنبلة نووية واتبع الاتحاد السوفيتي سياسة غاية العدائية نحو دول أوروبا الشرقية التي كانت يستوعبها في محور نفوذه. فسر الكثيرون كلام راسل بأنه يدعم توجيه الضربة الأولى إلى الاتحاد السوفيتي بما فيه لاوسون والذي كان حاضراً أثناء كلمة راسل. حصل أخرون، ومنهم غريفن، على نص الكلمة وقالوا أن راسل لم يكن إلا يفسر قيمة ترسانة أمريكا النووية في ردع الاتحاد السوفيتي من مواصلة هيمنته على أوروبا الشرقية.
واصل راسل الكتابة عن الفلسفة. كتب مقدمة كلمات وأشياء (بالإنجليزية: Words and Things) لإرنست غلنر الذي انتقد بشدة فكر تلميذ راسل لودفيش فيتغنشتاين وفلسفة اللغة العادية. رفض جيلبرت رايل مراجعة الكتاب للدورية الفلسفية العقل الأمر الذي دعى براسل إلى الكتابة إلى التايمز. وكانت النتيجة مراسلات استمرت شهراً على صفحات التايمز ما بين أنصار ومعارضي فلسفة اللغة العادية انتهت بافتتاحية للتايمز عن الموضوع التي انتقدت الطرفين لكن انتصرت لمعارضي الفلسفة.
وفي كذا، نال وسام الاستحقاق وحاز في العام التالي على جائزة نوبل للأدب. وحين منح وسام الاستحقاق، كان الملك جورج السادس ودوداً ولكن محرجاً قليلاً لتكريم سجين سابق قائلاً، "تصرفت أحياناً على نحو لن يليق إذا تبنه العموم." ابتسم راسل وادعى لاحقاُ أن الرد "تماماً، مثلي مثل أخيك" حضر إلى ذهنه.
تطلق راسل عام 1952 من سبنس التي كان تعيساً معها. ولم ير كونراد، ابن راسل من سبنس، أباه منذ طلاقه حتى 1968 وأدى قرار الابن رؤية أبيه إلى قطيعة تامة مع أمه.
بعد طلاقه سرعان ما تزوج راسل رابع زوجاته إديت فينش بتاريخ 15 ديسمبر 1952. عرفا بعضهما منذ عام 1925 حين كانت إديث تدرس الإنجليزية في براين ماور كولج قرب فيلادلفيا في بنسلفانيا وسكنت عشرين سنة مع صديقة راسل المقربة لوسي دونولي. ظلت إديث معه حتى وفاته، وحسب كل الروايات، كان زواجهما سعيداً وثيقاً ملؤه المحبة. عانى جون ابن راسل البكر من أمراض عقلية خطيرة الأمر الذي كان مصدر خلافات دائم بينه وبين طليقته دورا. كانت زوجة جون سوزان أيضاً مختلة عقلياً وأخيراً أصبح راسل وإديث الأوصياء على بناتهم الثلاثة (اثنتان كانت مصابتان بشيزوفرينيا).
لعب راسل عام 1962 دوراً في أزمة الصورايخ الكوبية حيث أكد له قائد الاتحاد السوفيتي نيكيتا خروتشوف عدم تهور الاتحاد في سلسلة من البرقيات.
وجه راسل رسالة إلى الرئيس كينيدي الذي أعاد برقيته دون أن يفتحها.
قضاياه السياسية[عدل]
قضى خمسينيات وستينيات القرن العشرين في خدمة قضايا سياسية متنوعة وتحديداً نزع الأسلحة النووية ومعارضة الحرب في فيتنام (انظر محاكمة راسل لجرائم الحرب). وكان بيان راسل-أينشتاين عام 1955 وثيقة تدعو إلى نزع الأسلحة النووية وتحمل توقيع 11 من أبرز علماء الذرة والمفكرين. ووجه راسل العديد من الخطابات إلى زعماء العالم خلال هذه الفترة. وكان راسل على اتصال مع ليونل روجسن حين كان الأخير يصور المعادي للحرب أوقات جيدة، أوقات عظيمة خلال الستينيات. وأصبح راسل بطلاً في نظر العديد من شباب اليسار الجديد. أصبح راسل أول من تلقى جائزة القدس عام 1963 وهي جائزة تمنح للكتاب المعنيين بحرية الفرد في المجتمع. مزق راسل بطاقة عضويته في حزب العمال في أكتوبر 1965 خشية قيام الحزب بارسال الجيش إلى فيتنام دعماً للولايات المتحدة.
آراء راسل حول قيام دولة إسرائيل[عدل]
في مقالة بعنوان "عن إسرائيل والقصف" كُتبت عام 1970، قال راسل:
".. مأساة شعب فلسطين هي إعطاء بلادهم بقوة خارجية لشعب آخر من أجل بناء دولة جديدة. إلى أي حد سيتحمل العالم عازماً رؤية هذه المشهد من القسوة الوحشية؟ إنه واضحٌ بما فيه الكفاية أن اللاجئين لهم كل الحق في أرض وطنهم من حيث تم استياقهم، وإنكار هذا الحق هو جوهر الصراع الدائم. لا يوجد شعب في العالم في أي مكان يمكن أن يتقبل طرد الناس بكميات من بلادهم؛ وكيف يستطيع أي شخص أن يجعل الفلسطينين أن يقبلوا بعقابٍ لايتسامح فيه أي شخص؟ إن التوصل لتسوية دائمة عادلة للاجئين في وطنهم عنصر أساسي لأي تسوية حقيقية في الشرق الأوسط. قيل لنا مراراً وتكراراً "أنه يجب التعاطف مع إسرائيل وذلك بسبب معاناة اليهود في أوروبا على أيادي النازيين." ماتفعله إسرائيل اليوم لا يمكن التغاضي عنه، ولإثارة أهوال الماضي لتبرير أهوال الحاضر فهو نفاق عظيم. وليس فقط تحكم إسرائيل على عدداً كبيرا من اللاجئيين بالبؤس، وليس فقط العديد من العرب تحت ظل الاحتلال يحكم عليهم بالحكم العسكري؛ ولكن تدين إسرائيل الأمم العربية التي خرجت حديثاً من الحكم الاستعماري لتفقرهم عن طريق المتطلبات العسكرية عوضاً عن التنمية الوطنية.
كل من يريد أن يرى نهاية سفك الدماء في الشرق الأوسط يجب أن يؤكد أن أي تسوية لاتحتوي على بذور صراع مستقبلي. تتطلب العدالة خطوة أولى تجاه تسوية وبالتأكيد هي تكون بالتراجع الإسرائيلي من كل الأراضي المحتلة في يونيو عام 1967، حملة عالم جديد مطلوبة لتساعد في جلب العدالة للمعانين منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط."[1]
سنوات راسل الأخيرة ووفاته[عدل]
نشر راسل سيرته الذاتية في ثلاثة مجلدات في 1967 و1968 و1969. كتب في 23 نوفمبر 1968 إلى التايمز قائلاً أن التحضير من أجل المحاكم الصورية في تشيكوسلوفاكيا كان مقلقاً للغاية. في الشهر نفسه ناشد راسل الأمين العام للأمم المتحدة لدعم لجنة جرائم حرب دولية للتحقيق في جرائم الولايات المتحدة المزعومة في جنوب فيتنام. في الشهر التالي، احتج للأكسي كوسجين على طرد ألكسندر سلوزنستن من اتحاد الكتاب. في 31 يناير 1970، أصدر راسل بياناً يدين العدوان الإسرائيلي في الشرق الأوسط داعياً إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967. وكان هذا البيان أخر موقف سياسي لراسل. وكان قد قرأ في المؤتمر الدولي للبرلمانيين في القاهرة يوم 3 فبراير 1970 يوماً بعد وفاته.
توفي راسل إثر إنفلونزا حادة في 2 فبراير 1970 في منزله في بلاس بينرهن في بنهرنديدرث في ميريتنشاري في ويلز. أحرقت رفاته في كلوين باي في 5 فبراير 1970. وحسب وصيته، لم تقم احتفالية دينية ونثر رماده على الجبال الويلزية لاحقاً ذاك العام.
في عام 1980، أقيم نصب تذكاري لراسل بتكليف من لجنة ضمت أي. جي. أير. ويتألف النصب من تمثال نصفي لراسل في ميدان ريد ليون في لندن نحته مارسل كوينتن.
==اقواله==[2]
- لا تخف آراءك الشاذة، فكل رأي مقبول الآن كان شاذّاً من قبل.
- لا يولد البشر أغبياء بل جهلة، ثم يجعلهم التعليم أغبياء.
مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائما، أما الحكماء فتملأهم الشكوك. [3]
- الحياة ليست إلا منافسة يريد فيها كل منا أن يكون المجرم لا الضحية.
- لو كان الإنسان يستطيع أن يخترق تفكير الآخرين لذابت الصداقة كما يذوب الثلج تحت أشعة الشمس.
- العلم هو ما تعرف والفلسفة هي ما لا تعرف.
- قد يضع العلم حدودا للمعرفة، لكنه لا يجب أن يضع حدودا للخيال.
- أكثر الجدالات عنفا هي التي تدور حول أمور ليس لها أدلة جيدة تثبتها أو تنفيها.
- الحرب لا تحدد من هو المصيب، بل تحدد فقط من هو الباقي.
- تقرير رجل غبي عما قاله رجل بارع يستحيل أن يكون دقيقا، لأن الغبي يقوم لاإرادياً بترجمة ما يسمعه إلى ما يمكن أن يفهمه.
- لن أموت أبداً دفاعاً عن قناعاتي، فقد أكون مخطئاً.
- الوطنيون دائما ما يتحدثون عن الموت في سبيل بلادهم، لكنهم لا يتحدثون أبدا عن القتل في سبيلها.
- هناك دافعان لقراءة كتاب ما: الأول هو الاستمتاع به، والثاني هو التباهي بقراءته.
- الوقت الذي تستمتع بإضاعته ليس وقتا ضائعاً.
- الديمقراطية عملية تمكن الناس من اختيار الرجل الذي ينال اللوم.
راجع أيضاً أقوال برتراند رسل بالإنكليزية و العربية
الألقاب والأوسمة التي حملها[عدل]

خلال حياته حمل راسل الألقاب التالية:
من الولادة وحتى 1908*: الأونرابل برتراند آرثر وليام رسل
من 1908 حتى 1931*: الأونرابل برتراند آرثر وليام راسل، FRS
من 1931 حتى 1949*: الأونرابل رايت إيرل راسل، FRS
من 1949 حتى وفاته*: الأونرابل رايت إيرل راسل، OM، FRS
أراؤه[عدل]

أراؤه حول الفلسفة[عدل]
ينسب الفضل عموماً إلى راسل كأحد مؤسسي الفلسفة التحليلية. كان راسل من أشد المعجبين بغوتفريد لايبنتز (1646-1716) وكتب في كل مجال فلسفي رئيسي فيما عدا علم الجمال. امتاز راسل بغزارة الإنتاج وخاصة في مجالات الميتافيزيقيا والمنطق وفلسفة الرياضيات وفلسفة اللغة والقيم ونظرية المعرفة. وعند سؤال براند بلانشارج راسل عن سبب عدم كتابته عن علم الجمال أجاب الأخير أنه لا يعلم الكثير عنه "دون أن يكون ذلك عذراً جيداً إلا أن أصدقائي يقولون أن هذا لم يمنعني من الكتابة في مواضيع أخرى."
أراؤه حول المجتمع[عدل]
استنفذ نشاطه السياسي والاجتماعي جل وقت راسل لشطر كبير من حياته مما يجعل كتاباته الرائدة في مجال واسع من المسائل الفنية وغير الفنية أكثر جدارة بالانتباه. حافظ راسل على نشاطه السياسي حتى أخر عمره تقريباً حيث كان يكتب إلى قادة العالم ويوبخهم ويضم اسمه لنصرة قضايا مختلفة. ومن مأثور ما قاله "لا يستطيع أحد الجلوس إلى جانب سرير طفل يحتضر ويحتفظ بإيمانه بالله."
أعماله المختارة[عدل]

مراجع مختارة من كتب راسل[عدل]
فيما يلي كتب مختارة من أعمال راسل بالإنجليزي مرتبة حسب سنة الإصدار.
1896. الديمقراطية الاجتماعية الألمانية. (بالإنجليزية: German Social Democracy)
1897. مقال حول أسس الهندسة. (بالإنجليزية: An Essay on the Foundations of Geometry)
1900. عرض نقدي لفسلفة ليبنز. (بالإنجليزية: A Critical Exposition of the Philosophy of Leibniz)
1903. مبادئ الرياضيات. (بالإنجليزية: The Principle of Mathematics)
1905. في التدليل، العقل. (بالإنجليزية: On Denoting)
1910. مقالات فلسفية. (بالإنجليزية: Philosophical Essays)
مبادئ الفلسفة مع ألفرد نورث وايتهيد. (بالإنجليزية: Principa Mathematica)
1912. مسائل الفلسفة. (بالإنجليزية: The Problems of Philosophy)
1914. معرفتنا عن العالم الخرجي كحقل للمنهج العلمي في الفلسفة. (بالإنجليزية: Our Knowledge of the External World as a Field for Scientific Method in Philosophy)
1916. مبادئ إعادة البناء الاجتماعي. (بالإنجليزية: Principles of Social Reconstruction)
1916. العدالة خلال الحرب. (بالإنجليزية: Justice in War-time)
1917. المثل السياسية. (بالإنجليزية: Political Ideals)
1918. التصوف والمنطق ومقالات أخرى. (بالإنجليزية: Mysticism and Logic and Other Essays)
1918. طرق مقترحة إلى الحرية: الاشتراكية والأناركية ورابطة العمال. (بالإنجليزية: Proposed Roads to Freedom: Socialism, Anarchism, and Syndicalsim)
1919. مقدمة إلى فلسفة الرياضيات. (بالإنجليزية: Introduction to Mathematical Philosophy)
1920. الممارسة والنظرية البلشفية. (بالإنجليزية: The Practice and Theory of Bolshevism)
1921. تحليل العقل. (بالإنجليزية: The Analysis of Mind)
1922. مسألة الصين. (بالإنجليزية: The Problem of China)
1923. آفاق الحضارة الصناعية، بالتعاون مع دورا راسل. (بالإنجليزية: The Prospects of Industrial Civilization)
1923. ألف باء الذرة. (بالإنجليزية: The ABC of Atoms)
1924. إيكاروس أو مستقبل العلم. (بالإنجليزية: Icarus; or, The Future of Science)
1925. ألف باء النسبية. (بالإنجليزية: The ABC of Relativity)
1925. معتقداتي. (بالإنجليزية: What I Believe)
1926. حول التعليم وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة. (بالإنجليزية: On Education, Especially in Early Childhood)
1927. تحليل المادة. (بالإنجليزية: The Analysis of Matter)
1927. عرض للفلسفة. (بالإنجليزية: An Outline of Philosophy)
1927. لما لست مسيحياً. (بالإنجليزية: Why I Am Not a Christian)
1935. الدين والعلم. (بالإنجليزية: Religion and Science)
1959. حكمة الغرب. (بالإنجليزية: Wisdom of the West)
مصادر[عدل]

^ http://www.corax.com/bookshelf/page.html
^ أقوال بيرتراند رسل
^ مشكلة العالم
[أخف] ع ن ت
الحائزون على جائزة نوبل في الأدب (1926-1950)
غراتسيا ديليدا (1926)*· هنري برغسون (1927)*· سيغريد أوندست (1928)*· توماس مان (1929)*· سنكلير لويس (1930)*· اريك أكسل كارلفلت (1931)*· جون غلزورثي (1932)*· إيفان بونين (1933)*· لويجي برانديللو (1934)*· أوجين أونيل (1936)*· روجه مارتين دو غار (1937)*· بيرل بوك (1938)*· غرانس اميل سيلانبا (1939)*· يوهانس فلهلم ينسن (1944)*· غبريالا ميسترال (1945)*· هرمان هيسه (1946)*· أندريه جيد (1947)*· توماس ستيرنس اليوت (1948)*· وليم فوكنر (1949)*· بيرتراند راسل (1950)
القائمة الكاملة *· 1901-1925 *· 1926-1950 *· 1951-1975 *· 1976-2000 *· 2001-الوقت الحاضر
في كومنز صور وملفات عن: بيرتراند راسل


قديم 10-18-2013, 02:29 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
برتراند أرثر ويليام راسل ((بالإنجليزية: Bertrand Russell)، م. 18 مايو 1872 - و. 2 فبراير 1970) إيرل راسل الثالث،

عبقرية استثنائية

- فيلسوف
- وعالم منطق
- ورياضي
- ومؤرخ
- وناقد اجتماعي بريطاني.
-وفي مراحل مختلفة من حياته كان راسل ليبرالياً واشتراكياً
-وداعية سلام
إلا أنه أقر أنه لم يكن أياً من هؤلاء بالمعنى العميق. وعلى الرغم من قضائه معظم حياته في إنجلترا، ولد راسل في ويلز حيث توفي عن عمر يناهز 97.
- قاد راسل الثورة البريطانية "ضد المثالية" في أوائل القرن العشرين.
- يعد أحد مؤسسي الفلسفة التحليلية إلى جانب سلفه كوتلب فريج وتلميذه لودفيش فيتغنشتاين
- كما يعتبر من أهم علماء المنطق في القرن العشرين.
- ألف بالشراكة مع أي. إن. وايتهيد مبادئ الرياضيات (بالإنجليزية: Principia Mathematica) في محاولة لشرح الرياضيات بالمنطق.
- وتعد مقالته الفلسفية عن التدليل (بالإنجليزية: On Denoting) نموذجا فكرياً في الفلسفة.
- ولا زال لعمله أثراً ظاهراً على المنطق والرياضيات ونظرية المجموعات واللغويات والفلسفة وبالتحديد فلسفة اللغة ونظرية المعرفة والميتافيزيقيا.
- كان راسل ناشطاً بارزاً في مناهضة الحرب وأحد أنصار التجارة الحرة ومناهضة الإمبريالية.
- سجن بسبب نشاطه الداعي للسلام خلال الحرب العالمية الأولى.
- قام بحملات ضد أدولف هتلر وانتقد الشمولية الستالينية وهاجم تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام كما كان من أنصار نزع الأسلحة النووية.
حاز عام 1950 على جائزة نوبل للأدب "تقديراً لكتاباته المتنوعة والمهمة والتي يدافع فيها عن المثل الإنسانية وحرية الفكر

قديم 10-20-2013, 02:36 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أحد أعراض قرب الانهيار العصبي هو إيمان المرء بأن عمله هام للغاية. نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة برتراند راسل
فيلسوف ورياضي وكاتب إنجليزي

قديم 10-20-2013, 02:46 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
برتراند راسل: ما الذي عشت من أجله؟

February 11, 2012

وعمره 84 عامًا، أضاف برتراند راسل هذا المقطع للطبعة الجديدة من سيرته الذاتية، وهذه هي ترجمتي لهذا المقطع.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
ما الذي عشت من أجله؟

ثلاثة مشاعر، بسيطة لكنها غامرة بقوة، تحكمت في حياتي: اللهفة للحب، البحث عن المعرفة، والشفقة التي لا تطاق لمعاناة البشر. هذه المشاعر، مثل العواصف العظيمة، عصفت بي هنا وهناك، في مسار صعب المراس، على محيط عميق من الكرب، يصل إلى حافة اليأس البعيدة.
سعيت للحب، أولًا، لأنه يأتي بالبهجة الشديدة – والبهجة شيء عظيم لدرجة أنني مستعد أن أضحى بباقي عمري من أجل ساعات قليلة من هذه السعادة. سعيت إليه، ثانيًا، لأنه يخفف الوحدة – هذه الوحدة الشنيعة التي تجعل الوعي المرتعش للشخص ينظر من على حافة العالم إلى الجحيم البارد المبهم الخالي من الحياة. سعيت إليه، أخيرًا، لأنه بالتوحد مع الحب رأيت، بصورة صوفية، الرؤية المتنبئة للجنة التي تخيلها القديسين والشعراء. هذا ما كنت أسعى إليه وبرغم أنه ربما يبدو جيدًا جدًا بالنسبة لحياة بشرية، هذا هو ما وجدته، أخيرًا.
بشغف مساوي سعيت إلى المعرفة. تمنيت أن أفهم قلوب البشر. تمنيت أن أعرف لماذا تلمع النجوم. وحاولت أن أدرك القوة الفيثاغورية التي تسيطر فيها الأرقام على تدفق الأشياء. قليل من هذا، وليس الكثير، استطعت أن أحققه. الحب والمعرفة، بحسب ما كانا ممكنين، قاداني إلى أعلى في السماء. لكن الشفقة دائمًا ما أعادتني ثانية إلى الأرض. أصداء أصوات البكاء من الألم تتردد في قلبي. الأطفال في المجاعات، الضحايا الذين يعذبون بواسطة الظالمين، العجائز العاجزين الذين يعتبرهم أولادهم عبئًا مكروهًا، والعالم الكامل من الوحدة، والفقر، والألم، كل هذا يسخر مما يجب أن تكون عليه الحياة البشرية. أنا أتوق إلى تخفيف الشر، لكني لا أستطيع، وأعاني أنا أيضًا. هذه كانت حياتي. وأراها تستحق أن تُعاش، وبكل سعادة سأعيشها مرة أخرى لو منحت لي الفرصة.

نقلا عن مدونة بهاء ابو زيد.

قديم 10-20-2013, 02:48 PM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
برتراند راسل يسأل عن الروح!

September 30, 2011

تقديم

الانحياز التأكيدي Confirmation Bias هو ميل الناس لتفضيل المعلومات التي تؤكد أفكارهم المسبقة أو افتراضاتهم، بغض النظر عن صحة هذه المعلومات. مثلا، معظمنا عندما يريد أن يعرف عن نظرية التطور يقرأ أو يشاهد لقاءات لرجال دين أو أفراد معارضين للنظرية فقط، ولا يقرأ أبدًا للعلماء الذي يؤكدون على صحة هذه النظرية ولا ينظر إلى أدلتهم.
قمت بترجمة هذا المقال لبرتراند راسل فقط لكي يكون لدى القارئ العربي وجهة نظر أخرى مختلفة، بل وتصطدم، مع ما يعتبره معظم القراء العرب مسلم به وصحيح بذاته ولا يحتاج لدليل. وهدفي ليس اقناع القارئ بصحة هذا الكلام أو خطأه فأنا نفسي أختلف مع بعض ما جاء به، ولكن فقط أريد أن يتم تعريض العقل العربي لصدمات وأفكار لا يرغب فيها وهذا في رأيي هو أفضل محفز للتفكير لدى أي إنسان؛ التعرض لأفكار صادمة وتتحدى كل ما يعتقد أنه مسلم به عند كل البشر.
المقال بالأنجليزية موجود على هذا الرابط.
ما الروح؟

برتراند راسل – 1928

أحد أكثر المواقف إيلامًا للإنجازات العلمية الأخيرة هو أن كل واحد من هذه الإنجازات يجعلنا نعرف أقل مما كنا نظن أننا نعرفه. عندما كنت صغيرًا كنا نعرف جميعًا، أو ظننا أننا نعرف، أن الإنسان يتكون من روح وجسد؛ الجسد موجودٌ في الزمان والمكان، لكن الروح موجودة في الزمان فقط. كون الروح تبقى بعد الموت كانت مسألة تختلف حولها الآراء، لكن وجود الروح نفسه كان لا شك فيه. بالنسبة للجسد، الرجل العادي اعتبر وجوده بديهي، وكذلك بالنسبة لرجل العلم، لكن الفلاسفة اختاروا أن يحللوا الجسد بطريقة أو أخرى، ويختزلوه عادةً لمجرد أفكار في عقل الشخص صاحب الجسد وأي شخص آخر يلاحظ هذا الجسد. ولكن الفلاسفة لم يؤخذوا على محمل الجد، وظل العلم ماديًا، حتى على يد العلماء المحافظون نوعًا ما.
في الوقت الحاضر فقدنا هذه التبسيطات القديمة: الفيزيائيون يؤكدون لنا أنه لا يوجد شيء اسمه المادة، وعلماء النفس يؤكدون لنا أنه لا يوجد شيء اسمه العقل(1). وهذه حالة لم يسبق لها مثيل. من سمع من قبل صانع أحذية يقول لا يوجد شيء اسمه نعل، أو خياطًا يصر على أن كل الأشخاص في الواقع عاريين؟ مع ذلك هذا ليس أعجب مما يفعله الفيزيائيون وبعض علماء النفس. لنبدأ بعلماء النفس، بعضهم يحاول أن يختزل أي شيء يبدو كنشاط عقلي ليكون نشاطًا جسديًا [في الدماغ]. ومع ذلك، هناك بعض العقبات في طريق اختزال الأنشطة العقلية في الأنشطة الجسدية(2). لا أعتقد أننا نستطيع بعد أن نقول بأي تأكيد أن هذه العقبات سيتم تذليلها أم لا. ما نستطيع قوله، على أساس الفيزياء نفسها، أن ما نطلق عليه جسدنا في الواقع هو بناء علمي مفصل لا يمت لأي واقع فيزيائي. الإنسان المعاصر سيكون إنسانًا ماديًا يجد نفسه في وضع محير، فبينما يستطيع أن يختزل الأنشطة العقلية إلى أنشطة جسدية بدرجة معينة من النجاح، فهو لا يستطيع أن يفسر حقيقة أن الجسد نفسه مجرد مفهوم مناسب اخترعه العقل. نحن نجد أنفسنا ندور في دائرة مغلقة: العقل نتيجة للجسد، والجسد اختراع للعقل. بوضوح هذا لا يمكن أن يكون صحيح تماما، ويجب أن نبحث عن شيء ما لا هو عقل ولا هو جسد، والذي منه ينطلق كلاهما.
لنبدأ بالجسد. الرجل العادي يعتقد أن الأشياء المادية لابد أن تكون موجودة، حيث أنها واضحة للحواس. أي شيء آخر يمكن الشك به، لكن بالتأكيد أي شيء تستطيع أن تصطدم به فلابد أن يكون حقيقيًا؛ وهذه هي ميتافيزيقا الرجل العادي. هذا حسن جدًا، لكن الفيزيائيون جاءوا وأظهروا أنك لا تصطدم بأي شيء: حتى لو صدمت رأسك بحائط حجري، فأنت لا تلمسه في الواقع. عندما تعتقد أنك تلمس شيئًا، هناك إلكترونات وبروتونات معينة، تشكل جزءًا من جسدك، تتجاذب وتتنافر مع إلكترونات وبروتونات معينة في الشيء الذي تعتقد أنك تلمسه، لكن لا يوجد تلامس حقيقي. الإلكترونات والبروتونات في جسدك، والتي تهيج عند الإقتراب من إلكترونات وبروتونات أخرى، تضطرب وتنقل الاضطراب من خلال أعصابك إلى الدماغ؛ والتأثير في الدماغ هو ما يسبب إحساسك بالتلامس، وبتجارب مناسبة هذا الإحساس يمكن أن يصبح مضللًا تمامًا. مع ذلك، الإلكترونات والبروتونات نفسها، مجرد تقريب أولي، طريقة لجمع سلسلة من الموجات أو الاحتمالات الإحصائية لأنواع مختلفة من الأحداث في حزمة واحدة. أي أن المادة كليةً أصبحت شبحية جدًا لا تصلح أن تستخدم كعصا مناسبة تستطيع أن تضرب بها العقل. المادة المتحركة، والتى اعتدنا ألا يرقى إليها الشك، أصبحت مفهومًا غير مناسب تمامًا لاحتياجات الفيزياء.
ومع ذلك العلم الحديث لا يعطينا أي دلالة على وجود الروح أو العقل ككيانات؛ بالتأكيد أسباب عدم الإيمان بها متشابهة جدًا لأسباب عدم الإيمان بالمادة. العقل والمادة عبارة عن أشياء مثل الأسد والحصان وحيد القرن الذان يتقاتلان على التاج؛ نهاية المعركة ليست فوز هذا أو ذاك، لكنا اكتشاف أن كلاهما مجرد اختراعات رمزية. العالم يتكون من أحداث، وليس من أشياء تدوم لوقت طويل ولها خصائص متغيرة. يمكن جمع الأحداث في مجموعات على حسب علاقاتها السببية. لو كانت العلاقات السببية من نوع معين فإن مجموعة الأحداث الناتجة يمكن تسميتها أشياء مادية، ولو كانت العلاقات السببية من نوع آخر، فالمجموعة الناتجة يمكن تسميتها عقل. أي حدث يحدث داخل رأس الشخص ينتمي إلى مجموعة من أحد النوعين؛ لو اعتبر الحدث ينتمى لمجموعة من نوع ما، فهو عنصر من عناصر الدماغ، ولو اعتبر الحدث ينتمى لمجموعة من نوع آخر، فهو عنصر من عناصر العقل.
من ثم فإن العقل والمادة كلاهما مجرد طرق مناسبة لتنظيم الأحداث. لا يمكن أن يوجد هناك سبب لافتراض أن قطعة من العقل أو قطعة من المادة خالدة. من المفترض أن الشمس تفقد المادة بمعدل ملايين الأطنان في الدقيقة. أكثر خصائص العقل ضرورة هي الذاكرة، ولا يوجد هناك سبب أي كان لافتراض أن الذاكرة المرتبطة بشخص ما سوف تنجو بعد موت هذا الشخص. بالتأكيد هناك كل الأسباب لافتراض العكس، حيث أن الذاكرة مرتبطة بكل وضوح بتركيبات معينة في الدماغ، ولأن هذه التركيبات تتحلل بعد الموت، فهناك كل الأسباب لافتراض أن الذاكرة أيضًا يجب أن تختفي. رغم أن المادية الميتافيزيقية لا يمكن أن تعتبر صحيحة، إلا أن العالم سيكون كما هو حسيًا لو كان الماديون على حق. أعتقد أن معارضي المادية كانوا مدفوعين دائمًا برغبتين أساسيتين: الأولى لإثبات أن العقل خالد، والثانية لإثبات أن القوة النهائية في الكون قوة عقلية وليست مادية. في هذين الأمرين، أعتقد أن الماديين كانوا على حق. صحيح أن رغباتنا لها قوة معتبرة على سطح الأرض؛ الجزء الأكبر من اليابسة على هذا الكوكب له مظهر يختلف عن المظهر الذي كان سيظهر عليه لو لم يستغلها البشر لاستخلاص الطعام والثروة. لكن قوتنا محدودة بشدة. لا نستطيع في الوقت الحاضر أن نفعل أي شيء كان للشمس أو القمر أو حتى لباطن الأرض، ولا يوجد حتى سبب ضعيف لافتراض أن ما يحدث في مناطق لا تمتد إليها قوتنا له أي أسباب عقلية. لنلخص الأمر، لا يوجد سبب لنعتقد أنه باستثناء سطح الأرض أن أي شيء يحدث حدث لأن شخص ما رغب في حدوثه. ومن ثم قوتنا على سطح الأرض تعتمد كليةً على تزويد الطاقة الذي تأخذه الأرض من الشمس، نحن نعتمد بالضرورة على الشمس، ولا نستطيع أن نتخيل أي من رغباتنا لو بردت الشمس. بالطبع من التسرع أن نسلم بذلك حيث لا نعرف ما يمكن أن يحققه العلم في المستقبل. من الممكن أن نتعلم أن نطيل من وجود الإنسان أكثر مما يبدو أنه ممكن الآن، لكن لو كان هناك أي حقيقة في الفيزياء الحديثة، بالتحديد في القانون الثاني للديناميكية الحرارية، فلا نستطيع أن نأمل أن يستمر الجنس البشري للأبد. بعض الناس سيجدون هذا الاستنتاج كئيبًا، لكن لو كنا صادقين مع أنفسنا، فيجب أن نعترف أن ما سيحدث بعد ملايين السنين لا يوجد له أهمية عاطفية كبيرة لنا هنا والآن. والعلم، والذي ينتقص من طموحنا الكوني، يزيد بشكل هائل من راحتنا الأرضية. ولهذا، على الرغم من رعب اللاهوتيين، سمح للعلم ككل بالتواجد.

(1) العقل يستخدم في الفلسفة لوصف الذات العليا للإنسان خاصة عندما يكون واعيًا بشكل شخصي مثل: الذكاء والتفكير والذاكرة والمشاعر العاطفية … إلخ. والروح والعقل غالبًا ما يكونان مترادفان في الفلسفة. أما الدماغ فهو العضو المادي الذي يوجد في جمجمة الإنسان ومعظم الحيوانات، وعلم الأعصاب الحديث لا يعتبر العقل موجودًا على الإطلاق ويقول بأن العقل كله مجرد انعكاس لعمل الدماغ، وهذا لم يكن واضحًا عندما كتب راسل هذا المقال [المترجم].
(2) معظم هذه العقبات ذللت الآن [المترجم].

نقلا عن مدونة بهاء ابو زيد

قديم 10-20-2013, 02:48 PM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
برتراند راسل: الحمقى يحكمون العالم الآن

September 18, 2011

تقديم

هذا جزء كتبه برتراند راسل في 20 يوليو سنة 1932، بعد أن قرأته رأيت أنه ما زال صحيحًا جدًا، لذا قمت بترجمته إلى العربية، لعله يفيد قراء اللغة العربية.
النص الأصلي موجود هنا.
عن اللايقينية المعاصرة


كان هناك أربعة أنواع من العصور في تاريخ العالم. كان هناك عصور ظن فيها كل شخص أنه يعرف كل شيء، وعصور لم يعتقد فيها أحد أنه يعرف أي شيء، وعصور ظن فيها الأذكياء أنهم يعرفون كثيرًا والأغبياء ظنوا أنهم يعرفون قليلًا، وعصور ظن فيها الأغبياء أنهم يعرفون كثيرًا والأذكياء ظنوا أنهم يعرفون قليلًا. النوع الأول من العصور هو النوع الذي يسبب الاستقرار، والثاني هو النوع الذي يسبب الاضمحلال البطيء، والثالث هو النوع الذي يسبب التقدم، والرابع هو النوع الذي يسبب الكارثة. كل العصور البدائية تنتمي إلى النوع الأول: لم يشك أحد أبدًا في دين القبيلة، أو في حكمة الأعراف القديمة، أو في السحر الذي يؤمن المحاصيل الجيدة؛ وبالتالي كان الجميع سعداء ما دام لا يوجد هناك سبب لعدم السعادة، مثل المجاعات.
النوع الثاني يمكن إعطاء مثال عليه بالعالم القديم قبل بزوغ المسيحية ولكن بعد الانحلال. في الامبراطورية الرومانية، الأديان القبلية فقدت خصوصيتها وقوتها: عندما بدأ الناس يظنون أنه ربما يكون هناك بعض الحقيقة في أديان الآخرين، بدأوا أيضًا يظنون أنه ربما يكون هناك بعض الزيف في أديانهم. استحضار الأرواح الشرقي كان نصف مصدقًا ونصف مكذبًا؛ البرابرة الألمان كان يفترض أن لديهم فضائل فقدها الجزء الأكثر تحضرًا من البشرية. وبالتالي شك الجميع في كل شيء، والشك شل محاولات السعي.
في القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، حدث العكس بالضبط. العلم والطريقة العلمية كانا جديدين، وأعطيا ثقة عظيمة بالنفس لهؤلاء الذين فهموهما. انتصاراتها كانت جلية ومذهلة. عندما قرر إمبراطور الصين أن يضطهد اليسوعيين، حدث أنهم كانوا على حق في مسألة تحديد يوم كسوف الشمس المتوقع بينما فلكيو الإمبراطورية كانوا مخطئين، فقرر الامبراطور أن هؤلاء الرجال الأذكياء، بعد كل شيء، يستحقون فضله. في انجلترا، هؤلاء الذين استخدموا الطريقة العلمية في الزراعة حصلوا على محصولات أكبر من هؤلاء الذين التزموا بالوسائل القديمة، بينما في الصناعات، الميكنة والعمل الجماعي أزاحا المتمسكين بالطرق القديمة. من ثم جاء إيمان عام بالذكاء المتعلم. هؤلاء الذين لا يملكون الذكاء المتعلم سمحوا لأنفسهم بأن يتم إرشادهم بواسطة الذين يملكونه، ونتج عصر التقدم السريع.
في عصرنا، العكس تمامًا هو الصحيح. رجال العلم مثل إيدنجتون يشكون إذا كان العلم حقًا يعرف أي شيء. الاقتصاديون يدركون أن الطرق المقبولة لإنجاز أعمال العالم هي جعل الجميع فقراء. رجال السياسة لا يستطيعون أن يجدون أي طريقة لتأمين تعاون دولي أو لمنع الحروب. الفلاسفة ليس لديهم إرشادات ليقدموها للبشرية. الوحيدون الذين تبقى لديهم آراء إيجابية هم هؤلاء الأغبياء جدًا الذين لا يعرفون متى تكون آرائهم سخيفة. وبالتالي الحمقى يحكمون العالم، والذكاء لا حساب له في مجالس الأمم.
هذه الظروف، لو استمرت، فسوف تُغرق العالم أكثر وأكثر في المحن. التشكك لدى الأذكياء هو سبب عجزهم، وهو أيضًا نتيجة لكسلهم: لا شيء ذو قيمة لتفعله، وهذا يعطيهم العذر ليبقوا في مكانهم. ولكن عندما تكون الكارثة وشيكة، فلن يكون هناك عذر مقبول ليبقوا في أماكنهم. الذكاء سوف يقضي على تشككهم، وإلا فسوف يشاركون في تحمل المسئولية في الشرور التي نأسى لها جميعًا. وسوف يتخلون عن تذمرهم الأكاديمي وتحذلقهم الشديد، لا شيء سيقولونه سيكون ذو فائدة إلا إذا تعلموا أن يتكلموا لغة تقدرها الديمقراطية.

نقلا عن مدونة بهاء ابو زيد

قديم 10-20-2013, 02:49 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الوصايا الليبرالية العشر

May 16, 2011

تقديم

ظهرت هذه الوصايا الليبرالية العشر أول مرة فى نهاية مقال برتراند راسل “أفضل إجابة للتعصب: الليبرالية” فى جريدة نيويورك تايمز (16 ديسمبر 1952). ثم ظهرت بعد ذلك فى سيرة برتراند راسل الذاتية فى الجزء الثالث 1944-1967.
وتظهر هذه الوصايا العقلية الثاقبة المعتادة واللسان البليغ لدى برتراند راسل والذين يظهران بوضوح عندما يقدم أفكاره الغير تقليدية.

نظرًا لإعجابي البالغ ببرتراند راسل وكتاباته المركزة والعميقة، وإعجابي الشديد بهذه الوصايا، وبإيجازها، وإيماني بحاجة العقل العربي لمراعاتها فى حياته الفكرية على الأقل، قمت بترجمة هذه الوصايا من هذا الرابط. ولعل المقصود من الليبرالية فى عنوان هذه الوصايا ليس الليبرالية السياسية ولكن التحرر العقلي.
الوصايا الليبرالية العشر

ربما يمكن تلخيص جوهر وجهة النظر الليبرالية فى عشر وصايا جدد، ليس بغرض استبدال الوصايا القديمة ولكن لاستكمالها.

الوصايا العشر التي أتمنى، كمدرس، أن يتم نشرها، يمكن أن توضع كالآتي:
  1. لا تشعر أبدًا باليقين المطلق حول أي شيء.
  2. لا تفكر أبدًا فى المضي قدمًا بإخفاء دليل، حيث أن أي دليل بالتأكيد سوف يرى النور.
  3. لا تحاول أبدًا الحد من التفكير لأنك واثق من النجاح.
  4. عندما تُقابَل بالمعارضة، حتى لو كانت من زوجتك(1) أو أبنائك، حاول أن تتغلب عليها بالحجة والنقاش وليس بالسلطة، فأي نصر معتمد على السلطة فهو غير حقيقي ووهمي.
  5. لا تتحلى بأي احترام لسلطة الآخرين، لأنه من الممكن إيجاد سلطات مضادة لها.
  6. لا تستخدم القوة لقمع الآراء التي تظن أنها ضارة، لأنك لو فعلت فالآراء سوف تقمعك أنت.
  7. لا تخشى أن تبدو سخيفًا فى رأي ما، حيث أن أي رأي مقبولاً الآن كان يومًا ما سخيفًا.
  8. اعثر على متعة فى الإعتراض الذكي أكثر من الموافقة السلبية، لأنك لو قدّرت الذكاء كما ينبغي، فستجد الاعتراض الذكي يحتوي على موافقة أعمق من الموافقة السلبية.
  9. كن صادقًا وبدقة، حتى لو كانت الحقيقة غير مريحة، لأنك ستجد أنه من غير المريح أكثر محاولة إخفاء الحقيقة.
  10. لا تشعر بحسد تجاه سعادة هؤلاء الذين يعيشون فى جنة الأحمق، لأن الأحمق فقط هو من سيظن أنها سعادة.
(1) فى النص الإنجليزي استخدم راسل زوجك وليس زوجتك، وأظنها بغرض الدعابة للدلالة على سلطة الزوجة على زوجها.
نقلا عن مدونة بهاء ابو زيد

قديم 10-20-2013, 03:19 PM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
هذه ترجمة لمحاضرة ألقاها الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل في الرابطة العقلانية في المملكة المتحدة.
برتراند راسل لماذا أنا عقلاني؟

January 9, 2012

“السلوك العقلاني للعقل هو سلوك نادر”
أنا، في هذه السن حيث يوجد نداءات عديدة للامعقول، عقلاني غير نادم. لقد كنت عقلانيًا دائمًا على حسب ما أتذكر، ولا أعتزم أن أتوقف عن كوني عقلاني مهما كان حجم النداءات للامعقولية. لقد استمعنا إلى خطاب، والذي أعتقد أنه أثر فينا جميعا، عن الرواد في الماضي الذين فعلوا كل ما يستطيعون لتشجيع حرية التفكير. وأفترض أنه يجب علي أن أتحدث عن الحاجة الكبيرة لاستكمال هذا المجهود في يومنا هذا، وعن كمية ما يتبقى هناك للذين يتعاطفون مع أهداف هذا المجهود ليحققوه. نحن لسنا عقلانيين كليةً، وأفترض أن الرجال والنساء لن يكونوا أبدًا. ربما، لو كنا كذلك، فلن يكون لدينا كل المتع التي توجد لدينا اليوم؛ ولكني أعتقد أن العقلانية الكاملة احتمال بعيد جدًا لنحذر منه كثيرًا، والنتيجة الأقرب المرجح أن نصل إليها ستكون بالتأكيد شيئًا جيدًا. أنا بدون شك أرى قدر كبير من اللاعقلانية مازال موجودًا في العالم.
بينما كان يتحدث البروفيسور جراهام والاس عن الوصايا التى قدمت للرابطة العقلانية، كنت أفكر: ما العقيدة وراء هذه الوصايا؟ ما هو قانون الإيمان وراءها؟ وماذا سيكون المذهب الذي ستكرس هذه التبرعات لنشره؟ بالطبع، يجب أن تكون حذر بعض الشيء، عندما تتعامل مع التبرعات والهبات، خشية أن تصبح أنت الآخر كنيسية جمع تبرعات (ضحك). على حسب ما أرى، الرؤية الملتزمون بها، التى تحدثت عنها في مناسبة سابقة، هي أننا لا يجب أن نؤمن، أو نحاول أن نجعل الآخرين يؤمنوا، بأي افتراض لا يوجد عليه دليل مهما كان. هذا يبدوا اقتراحًا معتدلًا، وإذا استطعت أن تتمسك به ستكون متأكدًا تمامًا أنك لن تكون نوع ما من كنائس جمع التبرعات المتحجرة. يجب أن نتجنب حالات الإنكار الدوغمائي تماما مثل حالات التأكيد الدوغمائي؛ يجب فقط أن نقول أنه هناك العديد من الافتراضات الكبيرة التي يشعر الرجال والنساء أنهم متأكدين تماما من صحتها، لكن ليس لهم الحق بأن يشعروا نحوها بالتأكد، وعملنا كعقلانيين أن نحاول نجعلهم يروا هذه الأشياء غير أكيدة. لقد تم إخباري أنه كريه جدًا أن أتخذ هذا الموقف. لدي كتاب هنا منشور حديثًا أود أن أرشحه لكم. ربما تعرفون أو لا تعرفون أنه منذ فترة قليلة ماضية، تحت رعاية الجمعية الوطنية العلمانية، ألقيت محاضرة عن “لماذا أنا لست مسيحيًا”. الآن، يبدو أنني لم أعرف لماذا أنا لست مسيحيًا؛ وهذا كتاب ليخبركم لماذا لست مسيحيًا – لكاتبه السيد هـ ج وود، العضو المشهور إلى حد ما في جمعية الأصدقاء، الهيئة التي أكن لها احترامًا كبيرًا. كتابه يسمى لماذا السيد برتراند راسل ليس مسيحيًا. ويبدو أن الأسباب ليست هي الأسباب التي كنت أظن أنها هي. هو يقول في جملة واحدة: “السبب الرئيسي أنه ليس مسيحيًا أنه ببساطة لا يعرف ما هو الدين”. الفرد ربما يقول أن السيد وود ليس لاأدريًا لأنه لا يعرف ما هي اللاأدرية. على العموم، لقد حصلت على كل مزايا التعليم المسيحي، وهو لم يحصل على مزايا التعليم الاأدري؛ ولهذا ربما تكون المرافعة ذات حدين. ومع ذلك، أرشح الكتاب لكم، وربما بعدها تعرفون لماذا أنا لست مسيحيًا.
هناك الكثير من المجهود العقلاني المطلوب في العالم. وأعتقد أن المعركة أعنف مما كانت. خذ، على سبيل المثال، الولايات المتحدة. الولايات المتحدة دولة مهمة جدًا. وما تفكر فيه الولايات المتحدة اليوم سيُجبَر باقي العالم على التفكير فيه غدًا، ولهذا أفكار الولايات المتحدة مهمة. هناك بعد الملامح حول أمريكا تبعث على التفاؤل. كنت مؤخرًا على سفينة متجهة إلى الولايات المتحدة، وقام كاهن ديني بدعوتي لأن أتكلم إلى طائفته عن آرائي في الدين. قلت: “لابد أن طائفتك متفتحة العقل جدًا”؛ ففاجئني هذا الكاهن وقال: “بالطبع، أنا لا أؤمن بالله”. وقد قابلت كهانًا آخرون في أمريكا يمشون على نفس الخط. يجب أن أقول أن هذا فاجئني إلى حد ما؛ لكن هؤلاء، للأسف، أقلية صغيرة، والغالبية العظمى من الأمريكان ما زالوا متدينين جدًا. علاوة على ذلك، يجب أن نواجه الموقف الخطير جدًا بسبب نمو الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في الولايات المتحدة، لأن، حسب ما أرى، الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ربما تسيطر على الولايات المتحدة خلال خمسين أو مئة عام فقط بالزيادة في الأعداد، وليس بالدعاية العقلانية. هذا أمر خطير جدًا، أمر أعتقد أنه سيؤثر جدًا في كل العالم المتحضر. بالطبع، أنتم تعلمون أنه بالفعل في بوسطن، التي كانت يومًا ما بيت البروتستانتية المتقدمة، الكاثوليك الرومان يحكمون المكان كله؛ وهناك رقابة على الأدب أكثر صرامة من أي مكان آخر في أمريكا. أتوقع أنكم تعرفون أنه في أمريكا ما زال الرجال يرسلون إلى السجون بتهمة الإلحاد، ليس فقط في الولايات الأصولية، لكن حتى في ولايات الشرق، وبالإجمال هناك في هذا الجزء من العالم حاجة شديدة إلى الدعاية حول هذه الأمور. هذا مهم لنا جميعًا، لأن الأمريكان يتجهون أكثر وأكثر ليحكموا العالم، وسوف نجد أنفسنا في موقف صعب جدًا إلا إذا استطعنا أكثر أن نحررهم – هذه المهمة، أستطيع أن أقول أنني فعلت ما أستطيع أن أفعل لتنفيذها، وزوجتي فعلت كذلك.
يجب أن نستوعب أن الموقف العقلاني، الذي عرفته أنه عدم الإيمان بافتراض أو جعل الآخرين يؤمنون به إلا عندما يكون هناك سبب ما يجزم بصحته، موقفًا ليس منتشرًا على الإطلاق. خذ مسألة التعليم، الذي تحدث عنها البروفيسور جراهام والاس. في معظم دول العالم عدد كثير جدًا من الافتراضات المشكوك فيها جدًا تدرس للصغار بتأكيد شديد، ويكبر الصغار وهم يقبلون هذا الافتراضات المشكوك فيها بشدة. لو حاولت في أي ظرف، مثلما أحاول أنا وزجتي في الوقت الحالي، أن تربي مجموعة صغيرة من الصغار ليكبروا أحرارًا من الخرافة، فسوف تجد نفسك في موقف صعب جدًا. سوف تجد، بالطبع، المال العام الذي يذهب إلى التعليم لن يذهب إلى أي تعليم لا ينطوي على أي عنصر خرافي؛ سوف تجد أن الدعم صعب جدًا لتحصل عليه؛ سوف تجد تمامًا أن من المعتقد فيه، رغم أن الرجال الكبار والنساء ربما يكون مسموحًا لهم أن يفكروا، فالصغار، عند أي فئة، يجب عليهم أن يؤمنوا بمجموعة كاملة من السخافات، وأنه من شبه المستحيل على الصغار أن يحققوا الحد الأدنى من الفضائل مالم تعرض عليهم عدد كبير جدًا من المرافعات الرديئة لصالح هذه الفضائل – المرافعات التي سيدركون حقيقة أمرها عندما يصبحون أكبر بعض الشيء؛ لكنه من المعتقد أن ما سيفعلونه عندما يدركون حقيقة أمرها ليس مهمًا إلى هذا الحد. أنا لا أستطيع أن أتبنى هذا الرأي. أنا أعتقد أن أي فضيلة تؤمن بها يجب أن تكون الفضيلة التي تستطيع أن تدعمها من البداية بدون أن تحتكم إلى أي شيء لا تؤمن به بنفسك. التعليم سيحتاج إلى أن يبدل بشكل هائل لو تم قبول هذا الرأي. أنا أؤمن أنه في الحاضر من غير القانوني في أي دولة في العالم ما عدا روسيا أن تعلم الأطفال بنفس الطريقة التي يعتبرها الممارسون الطبيون البارعون الطريقة الأفضل لصحتهم العقلية. هذه هي النقطة التي تتصادم معها القناعات اللاعقلانية، وهناك عدد من الطرق التي من المستحيل في الوقت الحالي تدريسها بعقلانية بدون الوقوف ضد السلطات. السلطات منظمة على قواعد معينة عقائدية لاعقلانية، وهذه العقائد ليست جميعها دينية. بعضها ديني، وبعضها من أنواع أخرى؛ لكن السلوك العقلاني للعقل هو سلوك نادر.
أعتقد أننا يجب أن نفعل ما نستطيع أن نفعله لنبين للعالم أهمية هذا الموقف، أننا لن نؤمن بشيء إلا إذا كان هناك سبب ليجعلنا نعتقد أنه صحيح. أعلم أن هذا ربما يكون صادمًا. من المفترض أن هناك أشياء كثيرة يجب أن تؤمن بها لأن الأشخاص الجيدين يؤمنون بها، ولكن ليس هناك أي سبب لها. أنا لا أتبنى هذا الرأي. أنا أعتقد أنا أي شيء يستحق الإيمان يجب أن تكون له أرضية إيجابية في صالحه.
هناك دائمًا أسباب جديدة مزعومة لصالح اللاعقلانية؛ الأشياء الجديدة دائمًا ما تظهر. خذ، على سبيل المثال، نوع الاستخدام الذي يستعمله الناس للتحليل النفسي. لو قمت بقراءة أعمال مؤسس التحليل النفسي، سوف تجد فيها موقفًا عقلانيًا بالكامل؛ لكن لو استمعت إلى بعض التابعين الصغار سوف تتخيل أن هذا المذهب قد تخلى تماما عن فكرة أن الآراء من الممكن أن تؤسس على العقل إطلاقًا. هذه بالطبع ليست حقيقته. سوف تجد دائمًا عدد من الأشخاص الماهرين مشاركين في أي انحرافات تظهر – مشاركين بقول أن آخر نتائج العلم تثبت أن الأشخاص الذين يعارضون العلم دائمًا يكونون في النهاية في الجانب الصحيح. هنا دائمًا يظهر الدجل. أي شخص يخبرك أن آخر نتائج العلم تثبت شيئًا ما، هو نفسه لا يكون عالمًا، ومن الممكن أن تكون متأكدًا تماما أنه يقول كلامًا فارغًا.

نقلا عن مدونة بها ابو زيد

قديم 10-20-2013, 03:27 PM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
برتراند راسل فيلسوفا


المصدر: جامعة بيرزيت دائرة الفسلفة والدراسات الثقافية

راسل: مختارات من "أسس لإعادة البناء الاجتماعي"

الفصل الثاني: الدولة

يبدو أن التفكير الليبرالي قد أخذ يميل في السنوات الأخيرة‎، تحت تأثير النظرة الاشتراكية، إلى منح الدولة سلطة متزايدة مظهرا بعض العداوة نحو مكانة الملكية الخاصة. نجد مقابل ذلك أن النظرة النقابية تظهر عداوة لكل من الدولة والملكية الخاصة معا. أنا أميل إلى الاعتقاد بأن النظرة السنديكالية[1] أقرب إلى الصواب من النظرة الاشتراكية في هذا الشأن وذلك لأن كلا من الملكية الخاصة والدولة، اللتين هما أكثر المؤسسات سيطرة في العالم المعاصر، يزيد من فقدان الحيوية التي يشكو العالم منها بشكل مضطرد. تتعلق هاتان المؤسستان ببعضهما تعلقا وثيقا، ولكن دراستي ستقتصر في الوقت الحاضر على الدولة، وإلى أي حد هي غير ضرورية وضارة، وسأبين كيف يمكن تخفيفها من دون إجراء أية خسارة في منافعها. ولكنني سوف أقدم اقتراحا يرمي إلى تمديد مهام الدولة في نواحٍ أخرى بدلا من تقصيرها.

يمكن أن تقوم بمهام الدولة التي تتعلق بالبريد والتعليم الابتدائي مؤسسات خاصة، ولكن الدولة تقوم بها بدافع من الملائمة. ولكن هناك أمور ثانية يتعذر أن نتصورها في أيد أخرى، ما دام هناك دولة، مثل القانون والبوليس والجيش والبحرية. يختلف الاشتراكي والفردي حول مهام الدولة غير الأساسية إذ يتمنى الاشتراكي تمديدها والفردي تقصيرها. يتفق الاشتراكيون والفرديون على بعض مهام الدولة الأساسية، وهذه هي الأمور التي أرغب في انتقادها لأن المهام غير الأساسية هي، بحد ذاتها، غير جديرة بالاعتراض.

إن الشيء الجوهري في الدولة هو كونها مصب قوى المواطنين مجتمعة. تأخذ هذه القوى شكلين: شكلا داخليا وشكلا خارجيا. يتمثل الشكل الداخلي بالقانون، والشكل الخارجي يتمثل بالمقدرة، التي تتجسد في الجيش والبحرية، على شن حرب ما. تتكون الدولة من جراء ضم قوى كل سكان منطقة معينة تحت إمرة حكومة ما. تستعمل الدولة المتحضرة القوى ضد مواطنيها وفقا لشروط يعينها القانون الجزائي. أما استخدام القوة ضد الغرباء فلا تضبطه أية أنظمة أو قواعد، بل يترك، باستثناء بعض الحالات الخاصة، إلى تقلبات المصلحة القومية أكانت هذه حقيقة أم وهمية.

ليس من شك في أن القوة التي تستخدم طبقا للقواعد والقانون هي أقل أذى من القوة التي تحركها الأهواء. فلو تسنى للقانون الدولي أن يسيطر على عواطف الولاء عند الناس سيطرة كافية في تنظيم العلاقات بين الدول، لأحرزنا تقدما كبيرا على وضعنا الحالي. الفوضى البدائية التي تسبق تشكيل القانون هي أسوأ من أسوأ القوانين. أنا أعتقد أن من السهل إيجاد منزلة تعلو على القانون، نتمتع فيها بذات المنافع التي يمكن ان نحصل عليها من خلال القانون ومن دون أية خسارة في الحرية ومن دون التعرض لذات المضمار التي يجعلها القانون أو البوليس محتمة. من المحتمل أن يكون وجود بعض قوى الاحتياط ضروريا ولكن استخدام القوة الفعلي يصبح نادرا كما تصبح درجة القوة المطلوبة ضئيلة. إن الفوضى التي تسبق القانون تعطي حرية إلى الرجل القوي فقط، ولكن الحرية التي نطمح إليها تجعل كل فرد تقريبا حرا. نستطيع تحقيق مثل هذه الحرية ليس بمحو وجود القوة المجهزة محوا كليا، بل بوضع أكبر حد ممكن لمناسبات استخدامها.

يحد سلطة الدولة داخليا الخوف من الانقلاب وخارجيا الخوف من الانهزام في الحرب. وإذا صرف النظر عن هذه المخاوف، فسلطة الدولة مطلقة. يمكن أن تستولي الدولة في الواقع من خلال الضرائب على ممتلكات الناس، كما يمكنها أن تحدد قانون الزواج والميراث، وأن تعاقب التعبير عن الآراء التي لا تعجبها، وأن تنكل بمن يطالب بضم مقاطعته إلى دولة أخرى، وأن تأمر كل ذكر ذي بنية سليمة بالسير إلى الحرب كلما وجدت أن شن الحرب هو في صالحها. وفي نواحٍ أخرى متعددة تعتبر مخالفة أهداف الدولة وآرائها جريمة. لربما كانت أميركا وبريطانيا قبل الحرب أكثر دول العالم تمتعا بالحرية، ولكن حتى في أميركا لا يسمح لأي مهاجر أن يطأ أرضها قبل أن يعترف بعدم إيمانه بالفوضوية السياسية وتعدد الأزواج، بينما كان الناس في إنكلترا في السنوات الأخيرة يزجون في السجون لمجرد إعلانهم عن مخالفتهم للديانة المسيحية[2]، أو لموافقتهم لتعاليم المسيح[3]. يعتبر كل انتقاد للسياسة الخارجية عملا إجراميا. فإذا رغبت الأكثرية، أو أصحاب السلطة الفعلية، في شيء ما، كان من المفترض أن كل من لا يرغب في ذلك الشيء تعرض لأشنع أنواع العذابات والعقوبات مثل العذابات والعقوبات التي تعرض لها الهراطقة[4] في الماضي. إن مدى الطغيان الذي يطبق في هذه الحالة يتوقف على مدى نجاحه. قليل من الناس يحجم عن فتح باب الاضطهاد عندما يتأكد أنه سيكون اضطهادا ساحقا.

خدمة العلم الإلزامية ربما هي المثل الأقصى عن قوة الدولة والشاهد الأول عن الفرق بين نظرتها إلى مواطنيها ومواطني الدول الأخرى. تجازي الدولة بصرامة تامة كل من يقتل مواطنيه وكل من يرفض قتل مواطني الدول الأخرى. وبوجه عام يعتبر الوضع الأخير جريمة أسوأ. إن الحرب ظاهرة مألوفة ويفشل الناس في ملاحظة غرابتها، إنها في الواقع تبدو لِمن يعيش طبقا لغرائزه الحربية طبيعية ومعقولة، أما من يأبى أن يعيش وفقا لتلك الغرائز، فيجد استغرابه للحرب ينمو بشكل مألوف تماما. من المدهش كيف تتساهل أكثرية الناس بوجود نظام يجبرهم على الخضوع لأهوال المعركة في أية لحظة تشاؤها حكوماتهم. يجد الفنان الفرنسي غير العابئ بالسياسة والمنكب على لوحاته فقط، نفسه فجأة مدعوا لقتل الألمان الذين هم، كما يؤكد له رفاقه، سخطة على الجنس البشري كله. وكذلك يجد الموسيقي الألماني نفسه مدعوا لقتل الفرنسي الخداع. فلماذا لا يستطيع الاثنان أن يتركا الحرب إلى أولئك الذين يهوونها ويشهرونها؟ والفظاعة في الأمر أنه إذا أعلن الفنانان حيادهما، قتلهما على الفور بقية المواطنين: أما إذا حاولا التخلص من هذا المصير، أرغما على قتل أحدهما الآخر. فإذا خسر العالم الفنان وبقي الموسيقي حيا فرحت ألمانيا أما إذا خسر العالم الموسيقي وليس الفنان، ابتهجت فرنسا. ولكن لا أحد يفتكر أن خسارة الحضارة متساوية أيهما قتل.

إن سياسة كهذه هي سياسة "بدلامية"[5] جنوبية. فلو سمح للفنان وللموسيقي بأن يتجنبا الحرب، لحصدت البشرية خيرا كليا. إن سلطة دولة، تجعل ذلك التجنب مستحيلا، هي شر كلها كسلطة الكنيسة حينما كانت تدفع الناس إلى الجحيم لمجرد أن أفكارهم غير مستقيمة. لو نشأت في أيام السلم منظمة دولية تمثل فيها الألمان والفرنسيون بأعداد متساوية وأقسموا على أن لا يشتركوا في الحرب، لوجدت تلك المنظمة اضطهادا متساويا من كلا الدولتين: الفرنسية والألمانية. يطيع المواطنون المعاصرون بلدانهم الديمقراطية طاعة عمياء ويظهرون رغبة غير محدودة في القتل والاضطهاد، كما كان يفعل تماما جيش الانكشارية عند السلاطنة العثمانيين والعملاء السريون عند الطغاة الشرقيين[6].

يمكن أن تؤثر سلطة الدولة ليس من خلال القانون فقط، بل من خلال الرأي العام أيضا، كما هي الحال في إنكلترا. تكون الدولة، بواسطة الخطابة والصحافة، الرأي العام تكوينا شبه تام. والرأي القاسي هو عدو الحرية، وعداوته ليست بأٌقل وطأة من عداوة القوانين المجحفة. إذا وجد الفتى الذي يرفض أن يذهب إلى الحرب، نفسه مصروفا من عمله، مهانا في وسط الشوارع، متجنبا من رفاقه ومزدرى من صاحبته، فسيشعر أن العقاب صعب الاحتمال صعوبة الحكم بالإعدام[7]. لا يتطلب المجتمع الحر حرية قانونية قط، بل كذلك رأي عام متساهل وغياب ذاك التدخل الغريزي في شؤون جيراننا الذي يتيح المجال، تحت ستار المحافظة على وضع خلقي عال، أمام أناس حسني النية لكي يشبعوا، بلا وعي منهم، ميلهم إلى القسوة والاضطهاد. ليس اتهام الآخرين بالسوء بحد ذاته سببا لأن نظن الخير في أنفسنا. ولطالما تبقى هذه الحقيقة غير مفهومة، ولطالما تقدر الدولة أن تكون الرأي العام باستثناء بعض الحالات حيث تكون الدولة ثورية، فمن الضروري أن يحسب الرأي العام كأنه جزء مما يؤلف سلطة الدولة.

تستمد الدولة، على الأرجح، سلطتها في خارج حدودها من الحرب أو التهديد بالحرب. تستطيع أيضا فرض سطوتها خارجيا من خلال قدرتها على إقناع مواطنيها بإعطاء قروض إلى البلدان الأخرى أم لا، ولكن هذه السطوة لا تعتبر شيئا مهما إذا ما قيست بقوتها المستمدة من الجيوش والبحرية. إن أعمال الدولة الخارجية هي أنانية، فيما عدا بعض الحالات النادرة التي لا تستأهل أن تذكر. تحد في بعض الأحيان الحاجة إلى الاحتفاظ بعلاقة طيبة مع الدول الأخرى من الأنانية، ولكن هذا التعديل يطرأ على الأساليب المستخدمة لتحقيق الأهداف وليس على الأهداف ذاتها. الأهداف المبتغاة، بصرف النظر عن الحاجة إلى الدفاع عن النفس في وجه الدول الأخرى، هي مناسبات للاستثمار الفعال للدول الضعيفة أو غير المتحضرة من ناحية، ولتضخيم العز والسيادة التي تعتبر شيئا أكثر مجدا وأكثر تعاليا من الأموال، من ناحية أخرى. لا تتوانى أي دولة في سبيل تحقيق هذه الأهداف عن قتل العديد من الأجانب الذين لا تتناسب سعادتهم مع الاستعمار والخضوع أو عن تخريب المقاطعات التي يظن أن من الضروري أن يصيبها الهلع. ارتكبت هذه الفظائع كل الدول الكبيرة وبعض الدول الصغيرة، ما عدا النمسا التي لا تنقصها الإرادة وإنما المناسبة خلال السنوات العشرين الماضية باستثناء الحرب الحاضرة[8].

لماذا يرضخ الناس لسلطة الدولة؟ هناك أسباب متعددة يعود بعضها إلى التقليد وبعضها الآخر يرجع إلى أشياء حاضرة وحرجة جدا.

السبب التقليدي لطاعة الدولة هو الخضوع الشخصي للسلطان أو الحاكم. نمت الدول الأوروبية على مخلفات النظام الإقطاعي إذ أن أراضيها كانت مقاطعات يمتلكها سادة الإقطاع. اندثر مصدر هذه الطاعة التقليدية وربما لم يبق له وجود إلا في اليابان وإلى درجة ما في روسيا.

لكن لا يزال الإحساس القبلي، أو العصبية، الذي كان دائما أساس طاعة الحاكم، قويا وهو يشكل الآن الدعامة الأولى لسلطة الدولة. يجد كل إنسان تقريبا أن من الضروري لشعوره بالسعادة أن يكون عضوا في جماعة تحركها صداقات وعداءات مشتركة وتتلاحم سوية في الدفاع وفي الهجوم. ولكن هناك نوعان من هذه الجماعات التي هي مكبرات عن العائلة، والجماعات التي تبنى على هدف مشترك مدروس. ترجع الأمم إلى الفئة الأولى والكنائس إلى الفئة الثانية. فعندما تهيج الناس عقائد دينية، فغالبا ما تتبخر الفوارق القومية، كما حصل في الحروب الدينية بعد حركة الإصلاح. في هذه الحالة تصبح العقيدة الدينية رابطا أقوى من الوطنية المشتركة. مع قدوم الاشتراكية إلى العالم المعاصر، حصل وضع كهذا، ولكن إلى درجة أقل. ففي الناس الذين لا يؤمنون بالملكية الخاصة بل يشعرون أن الرأسمالي هو عدوهم الحقيقي رابطة تعلو على الفوارق القومية. لم يظهر بعد ما إذا كانت تلك الرابطة هي من القوة بحيث تستطيع مقاومة الميول التي تغذي الحرب الحاضرة، ولكن ما ظهر منها يدل على أنها جعلت ميول الاشتراكيين إلى الحرب أقل حدة من غيرهم وبهذا أحيت الأمل بإعادة بناء مجتمع أوروبي بعد انتهاء الحرب. لكن الرفض الشامل، بوجه عام، لكل العقائد الدينية ترك الشعور القبلي منتصرا والشعور القومي أقوى مما كان في أي حقبة من التاريخ. لقد أنِس بعض المسيحيين المخلصين والاشتراكيين الصادقين قوة في معتقداتهم، قادرة على مقاومة هجمات الشعور القومي ولكنهم كانوا قلة ضئيلة لم تستطع تغيير مجرى الحوادث أو تسبيب قلق فعلي للحكومات.

يولد الشعور العصبي الوحدة في الأمة بشكل رئيسي، ولكنه لا يولد قوتها بمفرده. تتولد قوة الأمة بشكل رئيسي من تخوفين اثنين من دون أن يكون أيهما بعيدا عن العقل: أولا الخوف من تفشي الجريمة والفوضى في الداخل، وثانيا الخوف من الاعتداء الخارجي.

إن الاستقرار الداخلي في مجتمع متحضر هو إنجاز كبير والدولة هي المسؤول الأول عن إيجاده. كم هو مزعج أن يجد المواطنون الآمنون أنفسهم في حالة دائمة من الخوف والجزع على ممتلكاتهم وأرواحهم؟ إذا ما جهز هواة المغامرات جيوشا خاصة للنهب والسرقة، أصبح الأمل بحياة راقية مستحيلا. لقد ولت ظروف هذه المغامرات مع القرون الوسطى وما كان مضيها بغير مقاومة شرسة. ولا يزال الاعتقاد شائعا حتى الآن، وخاصة بين الأثرياء الذين يستفيدون أكثر ما يمكن تحت ظل النظام والقانون، ان أي انخفاض في سلطة الدولة يقود إلى فوضى عامة. فينظرون إلى الاضطرابات كأنها طلائع الفتك الاجتماعي وترتعد فرائصهم لرؤية منظمات مثل الفيدرالية العامة للعمل (Confederation Generale du Travail) والاتحاد العالمي للعمال (International Workers of the World) يتذكر أصحاب ذلك الاعتقاد الثورة الفرنسية فيرتعدون ويتلمسون رؤوسهم إذ أنها الشيء الوحيد الذي يرغبون في المحافظة عليه. يرهبون بشكل خاص كل نظرية يبدو أنها تجد عذرا للجرائم الخاصة كأعمال التخريب (sabotage) والاغتيال السياسي. لا يجدون حماية من هذه المخاطر إلا في قوة الدولة ولهذا يعتقدون أن كل مقاومة للدولة هي شر بحد ذاتها.

يزيد الخوف من الاعتداء الخارجي الخوف من خطر داخلي. كل دولة هي معرضة في كل وقت لخطر الغزو من الخارج. لم تبتدع حتى الآن أي وسيلة لتخفيف ذلك الخطر سوى وسيلة التسابق في التسلح. ولكن السلاح الذي يراد به دفع الغزو الخارجي هو نفس السلاح الذي يمكن أن يستخدم للغزو. هكذا نجد الوسيلة التي يمكن أن تزيل الخوف من الغزو الخارجي هي ذات الوسيلة التي يمكنها أن تزكيه وبالتالي تجعل الحرب إذا ما وقعت بالفعل ذات مفعول هدام. وبهذا تنزل بالناس حالة من الرعب وتأخذ الدولة في كل مكان صفة المجالس الثورية (Comité du Salvt Public).

إن الشعور الذي تنمو منه الدولة هو شعور طبيعي، ولهذا نجد الخوف على الدولة معقولا في الظروف الحاضرة. بالإضافة إلى هذين المصدرين لقوة الدولة، هناك مصدر آخر ألا وهو الوطنية المتطرفة والمشابهة للغيرة الدينية.

الوطنية هي شعور مركب مبني على غرائز أولية ومعتقدات سامية. يدخل في تركيب الشعور الوطني حب المنزل والعائلة والأصحاب الذي يجعلنا حريصين جدا على المحافظة على وطننا من الغزاة، ومحبة غريزية نضفيها على المواطنين ونمنعها عن الأجانب، وافتخار بنجاح مجتمعنا الذي نشكل جزءا منه. يعتقد كل إنسان اعتقادا يزكيه حب الافتخار ويثبته التاريخ بأن وطنه يمثل تقليدا عظيما ويقف بجانب المثل التي تهم الجنس البشري كله. ولكن هناك بالإضافة إلى كل هذا، عنصر هو في الوقت نفسه أكثر نبلا وأكثر تعرضا للمهاجمة، هو عنصر العبادة، عنصر الإرادة المضحية، عنصر الفرح بذوبان حياة الفرد في حياة الأمة. يشكل هذا العنصر الناحية الدينية في الوطنية التي هي أساسية لقوة الدولة ويضع أفضل شيء في حياة الناس تحت لواء التضحية في سبيل الأمة.

يزكي التعليم العنصر الديني في الوطنية وخاصة دراسة تاريخ وأدب الأمة التي ننتمي إليها، لا سيما حينما تكون غير مرفقة بدراسة لتاريخ الأمم الأخرى وآدابها. يشدد في تعليم النشىء، في كل الأمم المتحضرة، على حسنات أمتهم وسيئات الأمم الأخرى. فيؤمن الفرد بأن أمته تستحق الدعم في أي نزاع، مهما كان سبب نشوئه، لأنها أمة متفوقة. يصبح هذا الإيمان طبيعيا جدا لدرجة أنه يجعل الناس تحتمل كل الخسائر. هذا الإيمان، الذي يشابه الإيمان في الديانات المقبولة بكل صدق وطواعية، هو نظرة شاملة للحياة مبنية على غريزة متعالية (sublimated) تدفع إلى التعلق بغاية تعلو كل غاية شخصية، غاية تحتوي على غايات شخصية متعددة كما لو كانت في حالة انصهار.

إن الوطنية كديانة هي غير مُرْضيَة إذ ينقصها الشمول الكلي. الخير الذي ترمي إليه الوطنية هو خير أمة الفرد منا وليس خير العالم أجمع. والرغائب التي توحيها الوطنية في الرجل الإنكليزي هي غير الرغائب التي تكشفها للألماني. ولذلك يصبح العالم الممتلئ بالوطنيين عالم نزاع وصراع. وكلما اشتد إيمان الأمة بوطنيتها اشتدت لا مبالاتها بنكبات الأمم الأخرى. عندما يتعلم الناس إخضاع خيرهم لخير مجموعة أكبر، لا يبقى أي سبب شرعي يمنعهم من معانقة الجنس البشري بأسره. ما يجعل ميول الناس إلى التضحية تتوقف عند حدود وطنهم هو في الواقع (admixture) دفعة من التكبر القومي. وهذه الدفعة تسمم القومية وتجعلها فيما إذا قيست بالمعتقدات التي تهدف إلى خلاص البشرية جمعا، ديانة دنيا. نحن لا نستطيع أن نهرب من الحقيقة، كلنا يحب وطنه أكثر من بقية الأوطان الأخرى، وليس من مبرر لهذا التهرب كما ليس من مبرر لافتراض أن من الضروري أن تحب كل النساء والرجال في العالم بشكل متساو. ولكن واجب كل ديانة على أقل تعديل، الديانة التي تحترم ذاتها، أن تقودنا إلى أن نعرف كيف نوفق بين محبتنا للأفراد غير المتساوية وبين شعورنا بإنصافهم، وأن نعرف كيف نجعل أهدافنا عالمية لنحقق مطالب يشترك فيها كل إنسان. لقد أدخلت المسيحية هذا التغيير على اليهودية، ومن الضروري أن يدخل هذا التغيير على أي وطنية دينية قبل ما تنفى من شرورها الأخرى.

يتصدى للوطنية، في الواقع أعداء كثيرون. فنمو الكوسموبوليتية[9] شيء محتم بسبب التعرف على البلدان الأجنبية من خلال التعليم والتجول. وبالإضافة إلى ذلك هناك نوع من الفردية التي تنتشر باستمرار، فردية مبنية على الاعتقاد بأن كل إنسان يجب أن يملك أكبر قدْر من الحرية لاختيار غايات هو المسؤول الأول عن تحديدها وليس غايات يفرضها عليه وجوده العرضي في بيئة معينة. تقف الاشتراكية والسنديكالية وكل حركات مقاومة الرأسمالية بشكل عام ضد الوطنية، وتذكر هذه الحركات الناس بأن الدولة تدافع حاليا أول ما تدافع عن امتيازات الأغنياء ولهذا يرجع كثير من الاختلاف بين الدول إلى المصالح المالية لحفنة قليلة من الحكام الأثرياء. قد تكون مقاومة تلك الحركات للوطنية مقاومة وقتية، أو قد تكون إحدى نقاط الصراع العمالي من أجل الاستيلاء على السلطة ليس الا. إننا نرى أستراليا حيث أحرز العمال انتصارا لا خوف عليه من الاندحار، مملوءة بالتعصب الوطني والعسكري، ويرجع هذا التعصب إلى إصرار العمال على منع العمل الأجنبي مشاركتهم أرباحهم الناتجة عن وضعهم المتميز. وإذا أصبحت إنكلترا دولة اشتراكية، فلا يبعد عن التصور أبدا أن تملأها موجة مماثلة من التعصب القومي مع فارق وحيد إذ من المحتمل أن تكون قومية دفاعية فقط. قلما ترسم خطط الغزو الخارجي، التي تؤدي إلى خسارة فادحة في حياة الأمة المهاجمة، إلا أيدي أولئك الذين تغذت غرائز حب السيطرة فيهم على السلطة المتولدة من الملكية الخاصة ومن مؤسسات الدولة الرأسمالية.

إن الشر الذي أصاب العالم المعاصر بسبب طفحان كيل سلطان الدولة هو كبير جدا، والغريب في الأمر أن لا يدري به غير القليلون.

إن أهم الأضرار التي تجلبها الدولة هي جعل الحرب شديدة الفعالية. فإذا زادت كل دولة قوتها العسكرية، لا يتغير ميزان القوى ولا تحصل لأي منها مناسبة للانتصار أكبر مما كانت قبل. عندما توجد وسائل الهجوم، تصبح الرغبة في الهجوم عاجلا أم آجلا مغرية جدا حتى ولو كان الهدف الأولي من إيجادها دفاعيا فقط. هكذا تؤدي الوسيلة التي تجلب الأمن في الداخل إلى عدم الأمن في الخارج. إن منع استخدام العنف في الداخل وتحريضه في الخارج هما من جوهر الدولة. تضع الدولة فاصلا اصطناعيا بين الناس وبين واجباتنا نحوهم. فنحو مجموعة ما نحن مقيدون بالقانون ونحو مجموعات أخرى لا تقيدنا إلا دراية قطاع الطرق. إن ما يجعل الدولة شرا هو تفضيلها مجموعة ما على مجموعات أخرى، أضف إلى ذلك أنه عندما تأخذ الدولة شن حرب عدوانية على عاتقها، يصبح رجالها مزيجا من القتلة واللصوص. إن جهاز الدولة الحاضرة لا تتحكم به أي ظاهرة من ظواهر العقل والمنطق لان الفوضى (Chaos) الداخلية والفوضى الخارجية يجب أن يكون كلاهما صوابا معا أو خطأ معا. لكن هذا الجهاز يجد دعما من الجميع لأنهم يعتقدون بأنه الطريق الوحيدة إلى الأمان ولأنه يولد لذة الانتصار والسيادة التي لا يمكن أن يتم الحصول عليها في مجتمع حسن. فلو تخلى الناس عن طلب تلك الملذات، أو لو استحال الحصول عليها، لسهل إيجاد حل لمشكلة الخوف من الغزو الخارجي.

إن الدولة المعاصرة، بصرف النظر عن الحرب، ضارة وذلك بسبب كبرها الذي يرهب الفرد ويذهله. لا يقدر المواطن، الذي لا ترضيه أهداف دولته، أن يتأمل في إقناعها بتبني غايات تظهر له أفضل من غاياتها، إلا إذا تمتع بمواهب نادرة. يحل، في البلدان الديمقراطية، عدد قليل من المواطنين البارزين كل المشاكل ما عدا جزء بسيط منها. ويترك تقرير ما تبقى من مشاكل إلى نتائج الاقتراع العام الذي تسوده فوضى الجماهير المتحمِّسة، لا الانطلاقة الفردية. تظهر هذه الحقيقة في دولة مثل الولايات المتحدة حيث يشعر أكثر الناس، على الرغم من أنهم يعيشون في بلد ديموقراطي، بعجز شبه تام إزاء كل المسائل الكبيرة. في دولة بمثل هذا الحجم، تعتبر الإرادة الشعبية كإحدى القوى الطبيعية وتصبح كتلك القوى خارجة عن نطاق سيطرة الإنسان. تقود هذه الحالة، ليس في أميركا وحدها بل في كل الدول الكبيرة، إلى الكلل وضيعان الشجاعة التي نقرنها بأواخر عهد الإمبراطورية الرومانية. تترك الدول الحديثة مجالا صغيرا للانطلاق الفردي إذا ما قيست مع الدول الصغيرة في اليونان القديمة وفي إيطاليا القرون الوسطى، ولهذا فهي تعجز عن تنمية شعور الناس بقدرتهم على توجيه مصيرهم السياسي. من يحصل على السلطة في الدول الحديثة هم رجال ذوو طموح يفوق العادة، رجال متعطشون إلى تلك السيطرة الممتزجة بصناعة الحنكة في السياسة واصطناع الغموض في المفاوضات. وما تبقى من الناس يقصف طموحهم شعور بالعجز (وعدم المقدرة) وثبوط العزيمة.

من المخلفات التركية التي تركها لنا التفكير الملكي القديم عن الدولة الاعتقاد بأن، في رغبة أي جزء من الشعب في الانسلاخ عن بقية الأمة، شيئا فريدا شره، فلو رغبت أيرلندة أو بولندة بالاستقلال، فمن المحتم أن تقاوم هذه الرغبة بشدة وأن تعتبر أي محاولة لتحقيقها "خيانة عظمى". إن المثل الوحيد المخالف الذي أستطيع أن أتذكره هو انسلاخ النرويج عن السويد التي وجدت من يشجعها ولكن لم تجد من يقلدها.

ليس في حالات أخرى ما يحدو الدول على ضم أراضي دول أخرى سوى الانهزام في الحرب. على الرغم من أن هذا المصير مطمح عام، فليس هو بالشيء الذي يجب أن يتبنى، لو كان للدولة غايات أسمى. يعود سبب هذا التبني إلى أن غاية الدول الكبرى الرئيسية هي السيادة وخاصة السيادة في الحرب. وغالبا ما تزداد السيادة في الحرب بالسيطرة على مواطنين غير قانعين بتلك السيطرة. لو كانت سعادة المواطنين غاية بحد ذاتها، لتركت مسألة ضم مقاطعة ما أو عدم ضمها طوعا إلى قرار تلك المقاطعة نفسها. لو تتبنى كل دولة مثل هذه الغاية، لانعدم أهم سبب في الحروب وزال العامل الأكثر أذى في الدولة.

يرجع مصدر الأذى في الدولة إلى أن السيادة هي غايتها الرئيسية. تختلف الحال عن هذا في أميركا لأن أميركا في منأى من الغزو الخارجي[10]، ولكن غاية الدول الرئيسية في كل الدول الباقية هي الحصول على أكبر قدر ممكن من القوة الاستعراضية. وبسبب هذه الغاية تكبح حريات المواطنين، والدعاية الموجهة ضد العسكريين تراقب وتعاقب بصرامة. تجد هذه الغاية جذورها في التكبر والخوف: التكبر الذي لا يترك مجالا للمسالمة، والخوف الذي يمقت رؤية تكبر الغرباء المناهض لكبريائنا. إن طغيان هذين الميلين على سياسة الدولة الخارجية هو شيء عرضي تاريخي ولا يعني أن حياة الإنسان العادي السياسية تنبع من هذين الميلين فقط. إقض على التكبر، يقضى على الخوف، لأن خوف أمة ما هو نتيجة للتكبر المزعوم في أمة أخرى. إن التباهي بالسيادة وعدم قبول حل المنازعات إلا باللجوء إلى القوة أو التهديد باللجوء إلى القوة، هي عادة في التفكير تغذيها الشهوة إلى السلطة بدرجة كبيرة. إن أولئك الذين يتمرسون على السيادة ثم يتفردون بها، يصبحون سريعي الغضب وغير قادرين على اعتبار أي إنسان مواز لهم إلا كمنافس. يذيع الصيت بأن اجتماع الرؤساء يحفل بالمخالفات أكثر من كل المجالس الأخرى. يحاول كل رئيس مجلس أن يعامل الرؤساء الآخرين كما يعامل مستخدميه، لكنهم يمقتون معاملة من هذا النوع ومن ثم يمقت مقتهم له. لا يصلح الرجال الذين اعتادوا على السيادة للقيام بمشاورات ودية أبدا. ولكن العلاقات الرسمية بين الدول هي، بشكل رئيسي، في أيدي أناس لهم سلطة كبيرة في بلادهم. هذه هي طبيعة الحال وبشكل خاص أينما وجد ملك ذو سلطة فعلية. ولكنها تقل صحة عندما تتولى الحكم جماعة صغيرة وتقل صحتها أيضا أكثر فأكثر عندما تتفتح الطريق أمام ديموقراطية صحيحة. إن هذا الصيت صحيح إلى درجة بعيدة لأن رؤساء الوزراء ووزراء خارجية كل الدول هم بحكم الضرورة أناس ذوو سيادة. الخطوة الأولى لإصلاح هذه الحالة تتوقف على اهتمام المواطن العادي بالشؤون الخارجية اهتماما صحيحا. والخطوة الثانية هي اقتناعه بأن الافتخار بالوطن لا يجوز له أن يعطل مصالحه الأخرى. عندما تثار حمية المواطن خلال الحرب، يقبل بأن يضحي بكل شيء في سبيل ذلك الافتخار، ولكن يحب أن يكون في أيام السلام أكثر تهيئا من رجال الحكم للاعتقاد بأن الشؤون الخارجية يجب أن تسوى كالشؤون الخاصة بود طبقا لأسس وليس باستخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة.

تظهر نتائج التحيز الشخصي جلية، فيمن يشكل حكومة ما، في مناقشاته مع العمال. يؤكد السنديكاليون الفرنسيون أن الدولة ليست إلا حصيلة الرأسمالية وليست إلا إحدى الأسلحة التي يستخدمها رأس المال في منازعاته مع العمال. هناك كثير ما يدعم هذه النظرة حتى في الدول الديمقراطية إذ غالبا ما يستخدم الجنود لقمع الإضرابات العمالية.

وبالرغم من أن عدد المستخدمين هو أقل بكثير من عدد العمال، وبالرغم من أن قمعهم أسهل بكثير، فلا أحد يستخدم القوة ضدهم. عندما تشل المشاكل العمالية صناعة الدولة، يلام العمال على قلة وطنيتهم بينما يبقى سادتهم بعيدين عن الملامة مع العلم أن المسؤولية تقع على عاتق كليهما بشكل واضح. يعود السبب الرئيسي لموقف الحكومات هذا إلى أن الرجال الذين يؤلفونها ينتمون، إن لم يكن من خلال نجاحهم الشخصي، فمن خلال أصلهم العائلي، إلى ذات الفئة التي يتشكل منها كبار أرباب العمل. إن تحيز أفراد الحكومة نحو أرباب العمل ومعاشرتهم لهم تتضافر معا لتجعل الحكومة تنظر إلى إضرابات العمال وإلى امتناعهم عن العمل من وجهة نظر الأغنياء. يتكاتف الرأي العام مع حاجة الحكومة إلى دعم شعبي لسياستها في تصحيح مؤثرات الطبقة الثرية في البلدان الديمقراطية، ولكن يبقى هذا التصحيح جزئيا دائما. ان المؤثرات التي تغطي وجهات نظر الحكومات في المسائل العمالية هي نفس المؤثرات التي تغلف وجهات نظرها في الشؤون الخارجية مع إضافة فارق واحد، ليس في صالح المواطن العادي، وهو أن الوسائل التي تمكنه من تشكيل رأي مستقل في السياسة الخارجية تبقى بعيدة جدا عن متناول يده.

إن أهم أسباب البؤس في العالم العصري، بل وأحد أهم عوامل الرعب الذي يطغى على الناس ويمنع نموهم العقلي إلى درجة اكتماله، هو تضخم سلطة الدولة الناتج عن تعسفها في الداخل، وبشكل أهم، عن الحرب أو الخوف من الحرب. ثمة وسيلة يجب أن توجد لمعالجة هذا التضخم في سلطة الدولة إذا ما أريد للناس ألا يندفعوا زرافات في هوة اليأس كما حدث زمن الإمبراطورية الرومانية.

للدولة، على وجه العموم، غاية نبيلة ألا وهي وضع القانون في مجال التعاون بين الناس موضع القوة. لكن لا يمكن أن تتحقق هذه الغاية بشكل تام إلا إذا وجدت دولة عالمية المدى تبقى العلاقات الدولية من دونها بعيدة عن مجال القانون. وعلى الرغم من أن القانون أفضل من القوة بكثير، فالقانون ليس أفضل طريقة لحل المنازعات. القانون جامد لدرجة كبيرة وأكثره يدافع عما هو في سبيله إلى الزوال والقليل المتبقي منه يدافع عما هو في سبيل النمو. ولطالما يبقى القانون صاحب السيادة نظريا، فلا بد أن تحصل، من وقت إلى آخر، ثورات داخلية أو حروب خارجية تفرض تعديله. لا يمنع حدوث هذه المعدلات سوى الاستعداد المستمر لتغيير ميزان القوى الحاضرة. وإذا لم يتم هذا التغيير، فلن يكون هناك أي أمل في مقاومة دوافع اللجوء إلى القوة، ستحل الدولة العالمية أو المتحد الفيدرالي الدولي، إذا أتيح لها النجاح، الأزمات، ليس على نسق المراسيم القانونية التي تطبقها محكمة لاهاي العليا[11]، بل بقدْر المستطاع على نفس الطريقة التي يمكن أن تقررها الحرب. إن مهمة السلطة هي جعل اللجوء إلى القوة غير ضروري لأن تصدر قرارات مخالفة للحلول التي يمكن أن تتحقق من جراء استخدام القوة.

وقد يعتقد البعض ان هذه النظرية منافية للأخلاق. وقد يقال ان الحضارة يجب ان تهدف إلى تحقيق العدالة لا إلى إعطاء النصر إلى القوة. لكن إذا سلم أحدنا بهذا الرأي المخالف، لتناسى أصحابه أن حب العدالة ذاته يمكن أن يقدح شرارة اللجوء إلى القوة. سيعطي مجلس تشريعي، يرمي إلى الفصل في قضية ما بنفس الطريقة التي يفصل بها فيما لو كان سيلجأ إلى استخدام القوة، اعتبارا للعدالة بحكم الضرورة، فيما إذا كانت العدالة بشكل لا جدل فيه إلى جهة معينة، حتى أن فئات أخرى محايدة تستعد لحمل السلاح والمدافعة عنها. فإذا اعتدى رجل قوي على رجل ضعيف في شوارع لندن، سيظهر ميزان القوى بجانب الرجل الضعيف لأن لو لم يظهر البوليس للدفاع عنه لانبرى بعض المارة لحمايته. إن من الغباوة بمكان أن نتحدث عن مزاحمة القوة للحق ومن ثم نأمل في انتصار الحق. إذا كانت المسابقة بين القوة والحق مسابقة حقيقية فهذا يعني أن الحق سينهزم. إن المقصود من استعمال هذه اللغة الغامضة هو أن الفئة القوية تستمد قوتها من شعور الناس بأنهم على حق. لكن شعور الناس بالحق هو شيء ذاتي لدرجة كبيرة وليس هو إلا أحد العوامل التي تقرر سيادة القوة. ما هو مرغوب ومنتظر من المجلس التشريعي، ليس مقدرته على التقرير بواسطة الشعور بالحق، بل مقدرته على التقرير بشكل يجعل اللجوء إلى القوة غير ضروري.

طالما أني بحثت فيما يجب على الدولة أن تمتنع عن القيام به، فسأنتقل الآن إلى التحدث عما يجب عليها أن تقوم به.

قديم 10-20-2013, 03:28 PM
المشاركة 10
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع،،
بصرف النظر عن الحرب وحفظ النظام الداخلي، تحقق الدولة الآن بعض المهام الإيجابية، ولا يزال هناك مهام إيجابية أخرى يفترض بالدولة أن تحققها.

يمكن أن تضع بخصوص هذه الواجبات الإيجابية مبدأين أساسيين:

أولا: هناك مسائل تتعلق برفاهية المجتمع بأكمله وعليها يتوقف حصول كل مواطن على حد أدنى، ويحق للدولة في حالات كهذه أن تلح على تحقيق ذلك الحد.

ثانيا: هناك مناسبات يجب أن تلح الدولة فيها على حفظ النظام. ولكنها إن لم تفعل أكثر من ذلك، لسهلت وقوع مظالم مختلفة من الممكن تجنبها بالسماح لضحايا تلك المظالم بالتعبير عن غضبهم. يجب أن تمنع الدولة قدر المستطاع وقوع مثل هذه المظالم.

إن أبرز مثال عن الشيء الذي تتوقف فيه الراحة العامة على حد أدنى عمومي هو النظافة العامة وحجب الأمراض المعدية. إذا أهملت حالة واحدة من مرض الطاعون، فقد تسبب كارثة للمجتمع بأكمله. لا أحد يدعي بجدية أن إنسانا مصابا بالطاعون يجب، بناء على متطلبات الحرية، أن يبقى حرا يزرع وباءه طولا وعرضا. تنطبق هذه الاعتبارات نفسها على استصلاح الأراضي وعلى انتشار الحمى وعلى بقية الأمور المشابهة. يبقى التدخل في الحريات شرا ولكنه في بعض الحالات أقل شرا من انتشار المرض الذي تتيح الحرية انتشاره. فمحو آثار الملاريا والهواء الأصفر الذي ينتج من جراء قتل البراغيث هو ربما افضل مثل يضرب عن الأشياء الجيدة التي يمكن أن تتم بهذه الطريقة. ولكن عندما يكون الخير المجتنى قليلا أو عندما يكون جنيه غير مؤكد، بينما يكون التدخل في الحريات كبيرا، سيكون من المفضل ساعتئذ ان يحتمل قسم بسيط من الأمراض التي يمكن اتقاؤها على الرضوخ إلى طغيان علمي.

من الضروري اعتبار التعليم الإجباري كالصحة العامة. فوجود حشود جاهلة بين الناس هو خطر على المجتمع. إذ أنه عندما تكون نسبة كبيرة من السكان غير مثقفة، فمن الواجب أن تأخذ كل آلة الحكومة هذه الواقعة بعين الاعتبار. يستحيل وجود الديمقراطية في شكلها المعاصر في دولة حيث جماعة كبيرة لا تحسِن القراءة. ولكن ليس في هذه الحالة ما يدعو إلى إيجاد نفس المستوى العمومي الموجود في الصحة العامة. إن الغجر (النور) الذين أصبحت طريقة حياتهم مستحيلة من جراء السلطات التعليمية، يمكن أن يسمح لهم أن يبقوا حالة شاذة ذات علائم مميزة. ولكن بصرف النظر عن حالات شاذة غير مهمة كهذه، فالحجة التي تدعم الدعوة إلى التعليم الإلزامي لا تقاوم.

ما تقدمه الحكومة الآن من عناية بالأولاد هو أقل مما يجب عليها القيام به، ليس أكثر. لا يستطيع الأولاد رعاية مصالحهم، أضف إلى ذلك أن العناية الوالدية في مسائل شتى هي غير كافية. من الواضح إذن أن باستطاعة الدولة وحدها أن تلح على ضرورة تمتع الأولاد بأقل معدل ممكن من الثقافة والصحة التي يتمناها ضمير المجتمع في الوقت الحاضر.

يأتي تشجيع البحث العلمي كمسألة طبيعية أخرى يجب أن ترعاها الدولة لأن منافع الاكتشافات تعود إلى المجتمع كله، بينما الأبحاث باهظة وليس من المؤكد أنها ستؤدي إلى أي نتيجة من خلال العمل الفردي، وإنكلترا تتأخر عن بقية الدول المتحضرة في هذا الشأن.

النوع الثاني من السلطات الذي يجب أن يكون في حوزة الدولة هو ما يرمي إلى تخفيض الظلم الاقتصادي. هذا هو النوع الذي يشدد عليه الاشتراكيون. يخلق القانون أو يسهل الاحتكارات الفردية، والاحتكارات الفردية تقدر أن تفرض على المجتمع الضريبة التي تريدها. أفظع مثل على هذا هو ملكية الأراضي الخاصة. تسيطر الدولة في الوضع الحالي على شركات سكك الحديد إذ أن الأجور ثابتة بحكم القانون، ومن الواضح انه لو لم تكن تحت سيطرة الحكومة لاكتسبت درجة كبيرة من القوة[12]. لو وجدت هذه الاعتبارات وحدها، لكانت كافية لأن تثبت صحة الاشتراكية الكاملة. ولكن العدالة بمفردها هي، بحسب تقديري، كالقانون عديمة الحركة، ولذا لا تصلح لأن تكون الأساس الأول في السياسة. فهي لا تحتوي على أي بذور لحياة جديدة، ولا على أي دوافع للتقدم حتى ولو أتيح لها أن تتحقق بشكل تام. فلهذا السبب يصبح السؤال، عندما نريد تصحيح ظلامه، عما إذا كان عملنا هذا سيقتل الدوافع إلى الأعمال الحيوية المفيدة للمجتمع هاما جدا. لا تتعلق، حسب اعتقادي، الملكية الخاصة أو أي مصدر للإيجار الاقتصادي بتلك الدوافع الحيوية المفيدة للمجتمع. وإذا كانت الحال كذلك وجب التسليم بأن على الدولة أن تكون القابض الوحيد للإيجارات.

ولكن إذا سلمت كل هذه السلطات إلى الدولة، فماذا يحدث بمحاولة إنقاذ الحرية الفردية من عسف الدولة؟

هذا السؤال هو جزء من المعضلة العامة التي تقف في وجه كل من لا يزال يؤمِن بمثل الليبرالية. والمعضلة هي كيف يتم جمع حرية الفرد ورغبته في الإبداع مع المنظمة. يتزايد في السياسة والاقتصاد تسلط المنظمات الكبيرة تزايدا مخيفا يترك الفرد في وحدة من اليأس المميت. والدول هي كبرى المنظمات وأشدها تهديدا للحرية. وعلى الرغم من هذا التهديد الواضح، فعلى ما يبدو، يجب أن تتشعب مهام الدولة لا أن تتقلص.

هناك طريقة واحدة للتوفيق بين المنظمة والحرية وذلك بمنح سلطات للمنظمات الاختيارية التي تتكون مِمن أراد أن ينضم إليها لكونها تجسد الهدف الذي يعتبره كل الأعضاء أساسيا، لا الهدف الذي يفرض عليهم بحكم الظروف أو بحكم قوة خارجية. ولما كان للدولة كيان جغرافي، فهي لا تستطيع أن تكون اتحادا اختياريا بالكلية. لهذا السبب بعينه وجب إيجاد رأي عام قوي يضعها عند حدها حينما تستخدم سلطاتها بشكل تعسفي. لا يتكون هذا الرأي العام، في اغلب الأحيان، إلا من أناس تجمعهم بعض المصالح والرغائب المشتركة فقط.

يجب أن تنجز أهداف الدولة الإيجابية غير المتعلقة بحفظ النظام منظمات يشترط فيها أن تبقى مستقلة وآمنة من تدخل الدولة طالما لا تنزل تحت الحد الأدنى الضروري الذي تطلبه الدولة. يتم حاليا إنجاز هذا الشرط إلى درجة ما في التعليم الابتدائي. يمكن اعتبار الجامعات أيضا كأنها تحل مكان الدولة فيما يختص بالتعليم العالي والأبحاث العلمية، غير أنه في هذه الحالة لا يطلب إنجاز أي حد أدنى. يجب أن تحتفظ الدولة بقدرتها على الضغط في الحقل الاقتصادي، ولكن يجب عليها أيضا أن تترك أمام الآخرين مجالا للإبداع. ليس هناك ما يمنع تكثير فرص الإبداع وإفساح أكبر مجال ممكن لمقدرة كل شخص على الإبداع. لو لم تسر الأمور على هذا الشكل، لطغى في المجتمع شعور عام بالعجز واسترخاء العزيمة. لهذا يجب أن تترك دائما مهام الدولة الإيجابية في أيدي منظمات اختيارية تشرف الدولة على دقة تصرفها وسلامته كما تشرف على حل المشاكل الداخلية والخارجية التي تحصل بينها حلا وديا. يجب على الدولة أن تظهر، بالإضافة إلى ذلك، أكبر قدر ممكن من التساهل إزاء "الشاذات" وأن تقلع إلى أبعد حد ممكن عن طلب مؤسسات ذوات نمط موحد.

يمكن أن يتضاعف إنتاج المهن والمناطق الزراعية ضمن حكومات محلية. هذه هي أفضل الأفكار التي ابتكرتها النظرة السنديكالية. إنها فكرة بالغة الأهمية لأنها تخدم كلجام للتعسف الذي يميل المجتمع إلى فرضه على بعض الفئات من أعضائه. يجب أن يرحب، تفاديا لعسف المجتمع، بكل منظمة قوية تجسد شطرا من الرأي العام، كالنقابات العمالية والتعاونيات والمهن والجامعات لكونها صمامات أمان للحرية ومناسبات للإبداع. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هناك رأي عام متحمس للحرية. قد يظن أن المعارك القديمة التي شنت في سبيل حرية التفكير وحرية الكلام تم انتصارها بشكل فاصل، ولكن أكثر الناس لا يزال مستعدا لمنح الحرية فقط لتلك الأفكار الشائعة. لهذا يجب أن تخاض المعارك في سبيل حرية التفكير وحرية الكلام من جديد. لا تحترم المؤسسات الحرية إلا إذا وجد أناس يعتبرون الحرية باهظة القيمة وهمْ على أتم الاستعداد لتحمل الضيقات في سبيل المحافظة عليها حية مضيئة.

هناك اعتراض تقليدي على كل قائد وآمر (imperio in imperium) ولكن هذا الاعتراض هو من ابتداع غيرة الحكام الظالمين فقط. إن الدول المعاصرة تضم في الواقع مؤسسات عديدة يستحيل على الدولة التخلص منها إلا في حالات نادرة عندما يتحرك الرأي العام ضدها. لقد كان صراع لويد جورد ضد المهن الطبية حول مرسوم الضمان صراعا محفوفا بتقلبات حظ هوميروسي. كذلك أنهك عمال المناجم في مقاطعة والش في سنة 1915 كل قوى الدولة تدعمهم في ذلك أمة مغتاظة. أما بالنسبة للممولين، فليس من حكومة تحلم بمخاصمتهم. وعندما تناشد الدولة مختلف الطبقات الشعبية بضرورة الشعور بالوطنية، تسمح للممولين بالاحتفاظ بفائدة تبلغ 5و4% وارتفاع في قيمة ممتلكاتهم. يفهم الجميع أن أي مناشدة لوطنيتهم تظهر جهلا كبيرا بحقيقة العالم. إن اقتناص الدولة أموالا من الممولين بالتهديد يرفع حماية البوليس عنهم هو أمر مخالف لتقاليدها. ولا يعود الإحجام عن هذا الاغتصاب إلى صعوبة عمل كهذا، بل إلى أن للثروة الكبيرة بريقا يأخذ ألباب الناس ولذا لا يستطيع أحد أن يتحمل رؤية رجل غني تُساء معاملته.

لا يقلل من أهمية وجود منظمات قوية داخل الدولة كمنظمات النقابات العمالية مثلا، إلا الموظف الذي يطمح إلى سلطة لا حد لها أو المنظمات المبنية على المنافسة كتعاونية أرباب العمل التي تطمح إلى رؤية خصم غير منظم. ولما تصبح الدولة قوية جدا، لا يجد الناس منفذا سياسيا إلا في منظمات هامشية تهدف لتحقيق غايات محدودة جدا، ولكن عندما ينعدم وجود منفذ للإبداع السياسي، يفقد الناس حماسهم الاجتماعي واهتمامهم بالمسائل الهامة ويصبحون فريسة للساسة الماكرين ومهيجي الأحاسيس الخداعيين الذين أجادوا فن اصطياد أصحاب الانتباه السقيم.

يكمن دواء هذه الآفة السياسية في إعطاء سلطات أكثر للمنظمات الاختيارية لا في التسلط عليها، وفي إفساح مجال العمل السياسي أمام كل فرد بشكل يتناسب مع منافعه وقواه، وفي حصر مهام الدولة قدر المستطاع في صيانة الأمن وفي التوفيق بين المنافع الضاربة. إن فضيلة الدولة الأساسية هي ردعها للعنف بين المواطنين. ولكن مضارها الأساسية هي تشجيعها لاستخدام العنف في الخارج وإرهابها لكل فرد بحجمها الكبير الذي يثير فيه شعورا بالعجز التام في مقاومتها حتى في البلدان الديمقراطية. سوف أعود إلى مناقشة مسألة منع استخدام العنف والحرب فيما بعد. لا يمكن إزالة شعور الفرد بالعجز من خلال المطالبة بالعودة إلى المدينة الدولة إذ أنها مطالبة رجعية مثل المطالبة بالعودة إلى أيام ما قبل الآلة. لا تتم إزالة ذلك العجز إلا وِفق أسلوب يأخذ الاتجاهات الحاضرة بعين الاعتبار. يتكون هذا الأسلوب من جراء تحويل الكثير من وظائف الدولة الإيجابية إلي منظمات طوعية هدفها القيام بتلك الوظائف. ولا تبقى الدولة إلا كسلك فدرالية أو كمحكمة عليا لفض المنازعات. فينحصر دورها عندئذ بالإلحاح على فرض حل ما للمصالح المتضاربة. ودعامتها في فرض حل كهذا هي محاولتها لإبعاد حل يرضي كل الجهات المختصة بوجه عام. هذا هو المنحى الذي تميل إليه كل الدول الديمقراطية في حالة السلم، أما في حالة الحرب أو الخوف من الحرب فتميل عنه. ولطالما تبقى الحرب خطرا حقيقيا يداهمنا في كل يوم، فلا بد أن تبقى الدولة كالآلة "مولوخ" (Moloch) تضحي بحياة الفرد حينا وتدفع دائما بنموه الصحيح إلى ميدان معركة التسابق نحو السيادة مع بقية الدول الأخرى. إن الحرب داخلية كانت أم خارجية هي أكبر أعداء الحرية.

ترجمة: د. ابراهيم يوسف النجار


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: بيرتراند راسل عبقرية استثنائيه بكل المقاييس
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عبقرية السقوط لانا أحمد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 6 08-25-2012 06:38 PM

الساعة الآن 03:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.