قديم 10-11-2010, 09:53 PM
المشاركة 21
احمد ابوزيد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
أستاذي الفاضل محمد .... جزيل الشكر على ردك

وأتفق معك فيما ذكرت وبالفعل أعلم أننا نحن جيل الشباب مقصّرين في الكثير وقلة إطلاعنا وبالفعل أحاول تعويض مافات في صغر السن عندما علمت تلك الشبكة العنكبوتيه منذ عشرة سنوات تقريباً وما بها من كم هائل من المعلومات
لكن ضيق الوقت بسبب العمل يمنع ذلك أحياناً ولكن مازلت أحاول توفير الوقت لذلك
وأحزن كثيراُ عندما أشاهد برنامج مثل برنامج آخر كلام للدكتور يسري فوده وهو يأتي في برنامجه بإستطلاع رأي عن 6 أكتوبر العام الماضي قتُذهل بردود الشباب عن أنها مدينة جديدة أو كوبري في وسط القاهره وآخر يقول كان فيها حرب وفقط وغيرها من الردود المحزنة
ولهذا التغييب الموجود للعامة أسبابٌ كثيرة لا ينتهي فيها الحديث
وأحياناً تجد نفسك غريباًبين العامة وتتضاعف الهوية والتباعد بينهم وهذا أمر آخر يطول فيه الحديث لأسباب كثيرة
وبالفعل يوجد محاولات عديدة لأصحاب العلم في ذلك ولكن أصبحت الإتجاهات الفكرية للكثيرين تحتاج إلى إعادة تصويب
وأعلم أننا مقصرين مع إخواننا المسلمين في كل مكان من عدم جهادنا معهم وقلة مساعدتنا لهم وبالفعل أدعو الله أن يغفره لنا فهو يطول فيه الحديث فليس لنا حيلة فيه كما تعلم وأدعوه أن ينصرهم

بخصوص الثغرة قرأت عنها من قبل وعلمت ما ألم العدو من هزائم منيَ بها في كل محاولة يحاولها بالأرقام للخسائر الحربية وغيرها ولكن كان حديثي عن ماقاله الفريق الشاذلي أنه كان بسبب بعض الأخطاء كما ذكرت من وجهة نظرهُ كان من الممكن أن تخرج الحرب أفضل من ذلك
تلك نقطة صغيرة لا تُغني عن النصر المُحقق بالإيمان بالله
فكما قال وقتها الفريق عبد المنعم رياض إذا وفرنا المعدات القتالية المناسبة واتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المناسبة فليست سمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه (كما قرأت في كتاب بين التاريخ والواقع للدكتور راغب السرجاني في الجزء الأول)
كما كان يفعل علماء الدين في تلك الفترة بتذكيرهم بتقوى الله وإتخاذهم بالأسباب مثل الإمام الغزالي رحمه الله حين كان يجاهد بلسانه وقلبه وسط الجنود كإمام وعالم ويأخذ بأيديهم إلى الله ويعلمهم أن الجهاد والإستشهاد في سبيله هي أسمى المراتب للمسلم المضحي بروحه في سبيل الله وبرزت الروح الإيمانية عالية بين الجنود والقاده والشعب أيضاً والوحدة بين المسلمين داخلياً وخارجياً كما فعل ملك السعودية بمنع البترول حينما قال نحن كنا ولازلنا نعيش بدواُ وحياتنا في الخيام وغذائنا التمر والماء وعلى إستعداد للعودة إليه وعند إنتهاء الحرب قما قرأت لك من قبل أرسل السادات برقية من سطر واحد قال فيها أنجز حر ماوعد
وغيرها من مساعدات عديدة بين بلاد المسلمين في الخليج وبلاد الشام والمغرب العربي على علم بها جميعا
وأسأل الله أن يُعيد هذا التعاون بيننا مرة أخرى
كل ذلك ساهم فيما حدث في حرب العاشر من رمضان 1393هـ

وثقتي بك كبيرة وللتذكير كان بيننا مراسلة على البريد الشخصي من قريب بخصوص إحدى المناظرات بينك وبينهم في إحدى المنتديات الثقافيه وكان من أسباب تسجيلي في هذا المنتدى هو الدخول على معرّفك الشخصي للبحث عن مشاركاتك متابعاً للتعلم فقط ومن أجل الكثيرين هنا أيضاً أصحاب رأي سديد أتعلم منهم
فمتابعتي لك قبل أن أقم بالتسجيل هنا ومتابعاً لكتاباتك على الصفحة الشخصية لك التي قرأت فيها الكثير

نسأل الله أن يُعيد هذه الأيام على الأمة الإسلامية بإنتصارات مجيدة تحرر سائر أراضي المسلمين

كل التقدير لك ومتمنيا لك دوام التوفيق والمثابرة على التعلم والفهم لتفيد غيرك دوماً متابعاً إن شاء الله لبقية هذا الموضوع وغيره

إحترامي

قديم 10-12-2010, 08:15 PM
المشاركة 22
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا بك مجددا أخى الحبيب أحمد أبو زيد
أنا والله يا أخى الكريم لم أقصدك بصفة شخصية بكلماتى عن المقصرين ,
فأنت رجل كلفت نفسك عناء البحث والسؤال وفضول المعرفة
ويميزك أكثر أنك معتز بأفراد أسرتك التى قدمت من أبنائها شهداء وأبطالا

فحديثي بالدرجة الأولى كان موجها لهؤلاء المتجاهلين لهذا الأمر
وأيضا لأصحاب الأقلام الذين لا يستثمرون أقلامهم ومواهبهم فى خدمة قضايا الأمة كما هو الواجب المفترض ,

وأشكرك جزيل الشكر لتقديرك الكبير ,
وأسأل الله أن يكون ما نكتبه دائما ذو فائدة خالصا لوجهه سبحانه ,
وشرفت بمعرفتك

قديم 10-12-2010, 09:01 PM
المشاركة 23
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
أخي محمد
سلام الله عليك
الله يعطيك ألف عافية .. ويبارك في قلمك
قرأت هنا في الحلقة الأولى ما يشبه القصة الممتعة

سأعاود المواصلة بإذن الله تعالى


تحية ... ناريمان

قديم 10-14-2010, 10:29 AM
المشاركة 24
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأخت الفاضلة ناريمان

هى قصة فخر

مجرد الحديث عنه وتذكره يعتبر إبداع

إبداع يستحق أن نرويه للعظة والعبرة والتأمل والتخطيط للمستقبل بروح العزيمة لا روح الهزيمة

شكرا جزيلا لهذا التقدير

،،

قديم 10-14-2010, 10:30 AM
المشاركة 25
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبعد انتهاء أثر المفاجأة لدى الجيش الإسرائيلي حاول استعادة توازنه بشن الهجوم المضاد الأول بالمدرعات والذي فشل فشلا ذريعا أمام صواريخ مولوتكا وقذائف الآر بي جى التي أطاحت بدباباته أمام أفراد الصاعقة والمشاة فضلا على ما تكبده العدو من مواجهة مدرعاتنا بعد إتمام عملية العبور ,
وجاءته الصدمة الثانية لتزلزل كيانه والتى تمثلت في عجز جيش الدفاع الإسرائيلي عن استخدام عقيدته العسكرية المعتادة والتى تتمثل في الهجوم السريع والحرب الخاطفة عن طريق المناورة بالمدفعية والمدرعات مع تغطية رئيسية وفعالة من الطيران ,
ولم تكن مفاجأة العدو متمثلة في قذائف الصواريخ المضادة للدبابات بنوعيها فحسب , ولا حتى في حائط الدفاع الجوى الذى حمل معه مفاجأة صواريخ سام 6 إلى جوار سام 2 وسام 3 ,
بل فوجئ كذلك بالصواريخ المضادة للطائرات المحمولة كتفا ( سام 7 ) والتى ساهم بها أفراد القوات المسلحة وأسقطوا بها العديد من طائرات العدو ليقف التفكير الإسرائيلي مشلولا وعاجزا وقد تم قص جناحيه وذراعيه بضربة واحدة ,

ولم يعدل الجيش الإسرائيلي عن عقيدته القتالية رغم خسائره الجسيمة في مدرعاته وهاجم مجددا لتواجهه المدرعات المصرية في أشهر معارك الدبابات في العالم أجمع ,
وكانت إسرائيل تمتلك أحدث نوعية من الدبابات وهى باتون بنوعيها إم 60 وإم 70 والتى تتميز بالخفة والسرعة في مقابل الدبابات السوفيتية من طراز تى ,
ولكن أسفرت المواجهات عن نجاح ساحق للمدرعات المصرية ليثبت المصريون مجددا أن السلاح بالرجل وليس الرجل بالسلاح , وأن التخطيط المتقن والتدريب المستمر يخلق المعجزات إذا اقترن بالإصرار
مع الوضع في الاعتبار الكفاءة التدريبية العالية والمتفوقة التي كان يتمتع بها فرد المدرعات الإسرائيلي , والتى تزاوجت مع تطور دباباته لتخلق هالة الرعب التي حاول تصويرها ,
ومع ذلك اندحرت المدرعات الإسرائيلية في مذبحة دبابات كلفت إسرائيل أكثر من 1080 دبابة في مسار الحرب كلها وعود هذا بصفة رئيسية إلى عدة عوامل [1]
الأول : رغم القدرات الفنية لفرد المدرعات الإسرائيلي إلا أن التطور التقنى الفائق للمعدات أدى إلى ما يشبه الإعتماد الكلى عليه فى مقابل تنمية المهارات التدريبية والحفاظ عليها
وهى نقطة بالغة الخطورة إذ أن الإعتماد على التقدم التكنولوجى يتناسب عكسيا مع المهارات التقليدية فى كل المجالات وهى النقطة التى انتبه لها القواد المصريون فكان حرصهم فائقا على زيادة الحمل التدريبي إلى أقصي درجة والحرص على إبراز المهارات الفردية والتصرف فى المواقف الطارئة مما جعل جندى المدرعات المصري موسوعة حقيقية فى مجال عمله ـ وهو ما تم أيضا فى كافة الأسلحة ـ
فلم يعد طاقم الدبابة المصري يعتمد على التخصص ـ كما هو الحال عند الطاقم الإسرائيلي ـ بل تدرب طاقم الدبابات على تبادل المهام فالسائق من الممكن أن يتولى التوجيه أو الضرب والعكس صحيح فضلا على نزعة تدريبية لإصلاح الأعطاب المفاجئة التى تعترض دبابته ,
بينما طاقم المدرعات الإسرائيلي كان به آفة التخصص فالسائق لا يعرف شيئا إلا مهمته فى القيادة فإذا أصيب فرد آخر توقفت الدبابة تلقائيا , وكذلك نفس الحال إذا أصيبت الدبابة فى أى موقف ـ ولو كان عطلا سهلا ـ تركها الطاقم بأكمله لمصيرها !

ثانيا : رغم تطور المعدات الإليكترونية فى الجانب الإسرائيلي لا سيما فى أجهزة التوجيه بوجود جهاز تقدير المسافة فى الدبابات الأمريكية ,
إلا أن الجانب المصري استعاض عن هذا التفوق بحسن التدريب الفنى للطاقم عن طريق التدريب المتكرر لعشرات المرات فى حسن التصويب اليدوى لأجهزة الدبابة ,
أثبتت التجربة العملية أن الطاقم المدرب أكثر كفاءة من السلاح المتقدم فى حسن استغلاله لسائر مميزات أجهزته والاستعانة بالخبرة القتالية لتعويض النقص التكنولوجى ,

ثالثا : تمكن طاقم المدرعات المصري من دراسة عيوب ومزايا مدرعات الجانب الإسرائيلي بشكل متمرس وهو ما جعل الطاقم المصري يدرك جيدا أين وكيف يستغل دبابات العدو لتحويل عيوبها الخفية إلى عيوب قاتلة ,
فاستغل الجانب المصري كبر حجم الدبابات الأمريكية وعدم كفاية تدريعها من ناحية زاوية الميل وسرعة تعطلها على الأرض الوعرة فضلا على سرعة اشتعالها بسبب وجود السائل الهيدروليكى الخاص بأجهزة النيران الموجود ببرج الدبابة

رابعا : كانت المفاجأة الحقيقية ونقطة التفوق الكاسحة للمدرعات المصرية أن الجيش المصري استخدم الأفراد من المشاة كدبابات فى مواجهة الدبابات الأمريكية بقواذف الآر بي جى ومولوتكا وكان الفضل فى ذلك للشجاعة الخرافية التى أبداها الجنود لتنفيذ المعادلة الرهيبة ( الرجل ضد الدبابة ) وهو ما حاول الجانب الإسرائيلي تنفيذه ففشل فشلا ذريعا ولم يستطع مماثلته أو حتى تقليده
بالإضافة إلى وجود عامل المهارة الفائقة لقواد المدرعات المصرية فى الميدان والذى كان حسن تخطيطهم فى معارك الدبابات سببا فى خسارة إسرائيل لسائر الإشتباكات المدرعة على طول الجبهة ,
والتى سنعرض منها نموذجا فريدا فى التخطيط الميدانى للمواجهة ,


الهوامش :
[1]ـ حرب رمضان ـ مصدر سابق

قديم 10-14-2010, 10:30 AM
المشاركة 26
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ففى منطقة القنطرة شرق , وقبل معركة الدبابات الكبري نجحت اللواء حسن أبو سعدة فى الإيقاع بمدرعات العدو فى فخ قتالى من الطراز الأول كلف العدو 120 دبابة دفعة واحدة ,
ويروي القصة اللواء حسن أبو سعدة [1] وملخصها ..
أنه بعد نجاح قواتنا في اقتحام خط بارليف والإستيلاء على كل الدشم المحصنة وتدمير الإحتياطى القريب للعدو شرق القناة وتحققت بذلك المفاجأة الإستراتيجية ,
اختار العدو أكفأ وحدات المدرعات التي يمتلكها وتمثل في لواء دبابات بير سبع ويتكون من 120 دبابة ( باتون ـ إم 60 ) وقام بتحريكها نحو خط المواجهة لتعمل على إحباط القوات المصرية والبدء بهجوم مضاد على المدرعات المصرية ,
وتحرك اللواء في 7 أكتوبر طيلة الليل وفى ظهر اليوم التالى أظهرت وسائل الإستطلاع المصرية حركته وترقبته في كفاءة وحذر ,
وهنا اعتمد اللواء حسن أبو سعدة على خبرته مع المدرعات الإسرائيلية والتى ألهمته أن اللواء المدرع سيهاجم الأجناب بهجوم خداعى الغرض منه إغفال توجيه قوته الرئيسية إلى القلب مباشرة بغرض الإختراق المفاجئ السريع والوصول إلى القناة من أقرب طريق ,
وجاءت إخبارية الإستطلاع تؤكد صحة استنتاج اللواء أبي سعدة الذى أعطى أوامره لرجاله في سرعة لاحتلال مواقعهم في مواجهة الهجوم على شكل حرف(u) بحيث سمح القائد الفذ لدبابات العدو بإحتلال فراغ القلب وتمهل بصبر مدهش وجرأة مذهلة حتى أصبح لواء الدبابات الإسرائيلي بكامله في قلب الموقع ,
وفجأة أعطى اللواء أبو سعدة أوامره لقواته بالتحرك فخرجت الدبابات المصرية في المواجهة من أماكنها لتصب جحيمها على مقدمة اللواء الإسرائيلي ..
في نفس الوقت الذى خرج فيه أفراد الكتيبة من تحت الأرض في خلفية العدو وكانوا قبل دخول اللواء الإسرائيلي أخذوا أماكنهم فيها لتعبر دبابات العدو من فوقهم , وعند خروجهم إكتملت الدائرة على لواء الدبابات الإسرائيلي بمواجهة دباباتنا من الأمام وأفرادنا من الخلف بقواذف الآر بي جى ليتم تدمير اللواء الإسرائيلي بالكامل وفى وقت قياسي وبلا أى خسائر مصرية تقريبا وتختلط حطام 120 دبابة بصيحات الرجال ( الله أكبر )
وتم أسر باقي أفراد طاقم العدو ومنهم قائد اللواء بنفسه والذي طلب مقابلة القائد المصري الذى أطاح بمدرعاته , فوافق اللواء أبو سعدة على ذلك رغم مشاغله وكان القائد الإسرائيلي يتخوف من مصيره فطمأنه اللواء أبو سعدة أن الجيش المصري لن يعاملهم بنفس معاملتهم لأسرانا في حرب يونيو !
هذا بخلاف معركة الدبابات الكبري التي سيتم الحديث عنها عند حديثنا عن تطوير القتال يوم 16 أكتوبر



الهوامش
[1]ـ الحرب الرابعة على الجبهة المصرية ـ صلاح قبضايا ـ أخبار اليوم

قديم 10-14-2010, 10:31 AM
المشاركة 27
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبمثل هذا التفوق الضاري على مسارح القتال الجوى والبري كان القتال البحرى يشهد نفس التفوق لقواتنا ,
وهو التفوق المتوقع بعد أن تمكنت القوات البحرية خلال حرب الإستنزاف من تحطيم بعض مبادئ القتال البحرى عندما نفذت عملياتها الناجحة ضد أهداف العدو التي كان أشهرها تدمير المدمرة ( إيلات ) والتى كانت فخر سلاح البحرية الإسرائيلي عن طريق استخدام لنش صواريخ محدود الكفاءة !
وغرقت المدمرة بعد تدميرها وعاد القارب وقبطانه إلى قاعدته البحرية سالمين لتتعرض إسرائيل للوم وتقريع الولايات المتحدة بعد فقدانها لمثل هذه القطعة البحرية الهامة بفعل قارب صواريخ لا يعتبر شيئا أمام المدمرة وتسليحها الفوق طبيعى ,
وقبل العمليات تحددت أهداف القوة البحرية المصرية على أهداف العدو المتمثلة في ميناء أشدود وحيفا على البحر المتوسط , وفى إيلات وشرم الشيخ ومراسي خليج السويس على البحر الأحمر
فضلا على حماية شواطئنا ضد أى استهداف بحرى للعدو في نطاق عمليات كل قاعدة بحيث صار لكل قاعدة حرية التصرف المنفرد لضمان حسن المواجهة والتصرف
وقبيل أيام العمليات أبحرت القطع البحرية المصرية إلى مضيق باب المندب لتتمكن من غلق البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية بعد أن ظنت إسرائيل باحتلالها لشرم الشيخ أنها امتلكت منفذا عليه , فإذا بقواتنا البحرية تغلقه عليها من المنبع عند حدود اليمن لحرمان العدو من الإستفادة من ميناء إيلات

وتفجرت ساحة المعركة البحرية بطول شواطئنا البالغة 1600 كيلومتر شاركت فيها المدمرات والغواصات والمدفعية الساحلية ولنشات الصواريخ ووحدات الصاعقة البحرية والضفادع البشرية ,
فقامت سرايا المدفعية الساحلية بقصف القلعة الحصينة شرق بورفؤاد والحصن المنيع عند الكيلومتر 10 جنوب بورفؤاد , كما قام سرب من لنشات الصواريخ بضرب تجمعات العدو في رمانة ومرسي العدو في البحر المتوسط
وفى البحر الأحمر عاونت القوات البحرية الجيش الثالث الميدانى بقصف مواقع العدو المواجهة لخليج السويس وفى سفاجة وفى شرم الشيخ في نفس الوقت الذى ضربت فيه الصواريخ المصرية رأس سدر لتحليل مواقع العدو إلى جحيم مستعر
واستمر القتال ليليا طوال أيام الحرب بنجاح تام ,
وكانت أولى المواجهات ليلة 8 أكتوبر حيث صادف تشكيل للصواريخ المصري تشكيلا مماثلا للعدو في محيط قاعدة بورسعيد فاشتبك معه لمدة ساعة في معركة بحرية انتهت بإغراق الوحدة الإسرائيلية وعودة التشكيل المصري سالما ,
أما في البحر الأحمر فكان الصيد وفيرا للغاية أمام غواصات البحرية المصرية حيث تمكنت الغواصات من إغراق سفينة إسرائيلية كانت داخل البحر قبل بدء العمليات ,
فضربتها الغواصات المصرية حتى جنحت السفينة وسدت الطريق حتى نهاية الحرب فلم تعبر للموانى الإسرائيلية سفينة واحدة ,

وفى ليلتى 8 , 15 أكتوبر دارت أعتى معارك لنشات الصواريخ بين لنشات الصواريخ المصرية ولنشات ( سعر ) الإسرائيلية المتقدمة حيث كانت أعنف المعارك البحرية طيلة الحرب هما معركتى هاتين الليلتين ,
ففى ليلة 8 أكتوبر
رصدت وحدات الإستطلاع تشكيل اللنشات الإسرائيلي وأعدت القوات البحرية المصرية كمينا بحريا في مكان منتخب بعناية فائقة بين دمياط والبرلس ,
واستمر السكون المصري تاركا الفرصة أمام التشكيل الإسرائيلي للدخول في الفخ المحكم , وبمجرد دخول وحدات العدو المكون من ثلاث مجموعات كل مجموعة على حدة , أصدر قائد التشكيل المصري أوامره بإطلاق النار ,
وهكذا دار أول اشتباك بحري بصواريخ ( بحر ـ بحر ) في تاريخ المعارك الحديثة , ونظرا لطول مدى الصواريخ المصرية ودقة أجهزة التوجيه بها فقد أصابت الصواريخ المصرية أهدافها جميعا دون خطأ واحد .
وخسر العدو في لحظة واحدة أربع قطع بحرية ليتلقي قائد البحرية برقية تهنئة خاصة من وزير الدفاع ,

أما المعركة الثانية
فتمت في 15 أكتوبر حيث خرج سرب من لنشات الصواريخ المصرية من الإسكندرية بسرعة بطيئة حتى لا يكتشفه العدو بحسب أوامر القيادة ليقبع هذا السرب في أبي قير مترصدا لأى أهداف معادية ,
ووقع أمام السرب أربع قطع بحرية للعدو بينهما أربعة أميال بحرية تعامل معهم سرب اللنشات المصري ليغرق لنشان للعدو على الفور ويصاب اللنش الثالث أمام رشيد ,
وفى فجر يوم 16 أكتوبر كانت القوات الجوية تهاجم اللنش المصاب وتأسره وتستولى على صاروخ ( جابرييل ) سليما من حطام اللنش ,
وبهذا أدت القوات البحرية عملها المطلوب بكل دقة , لا سيما الهدف الأول وهو إثبات فشل نظرية الأمن الإسرائيلي البحرية التي كانت ترددها إسرائيل بأنها طالما سيطرت على خليج العقبة فقد ضمنت الملاحة الحرة من وإلى البحر الأحمر
وهو ما أثبتت البحرية المصرية عكسه عندما سيطرت غواصاتنا على مضيق باب المندب ومارست حق التفتيش على السفن المارة ومنع السفن الإسرائيلية أو التي تحمل موادا لإسرائيل من المرور , وقد تمكنت البحرية المصرية من إغراق ثلاث سفن إسرائيلية تحدت الحظر فتم إغراقها ,
هذا فضلا على تحقيقها هدفا إستراتيجيا جديدا وهو ضرب منطقة بترول بلاعيم لمنع العدو من استخدامه وهو ما تم بالفعل مع استخدام سلاح الألغام البحرية التي تسبب في غرق ناقلة بترول ضخمة حملوتها 46 ألف طن فضلا على سفينة أخرى حمولتها ألفي طن ,
بالإضافة لما نجحت فيه قوات الصاعقة من تفجير آبار البترول التي يستخدمها العدو في سيناء ليكون الحصار كاملا ,
ومع كل هذه الأهداف ارتفعت راية البحرية المصرية عاليا في المواجهات المباشرة مع بحرية العدو , وكبدته خسائر فادحة ,

وهكذا وفى الأيام الأولى من القتال كانت قوات الجيشين الثانى والثالث الميدانيين قد أتما عبورهما بنجاح وتعمقا لمسافة 15 كيلومتر داخل سيناء واحتلوا شريطا بطول 185 كيلومترا
وتمكنوا من صد جميع الهجمات المضادة التى تكبد فيها العدو خسائر قياسية مذهلة وفر هاربا من مواقعه تاركا عددا كبيرا من معداته ودباباته وأجهزة القيادة سليمة حيث لم يتمكن من تدميرها خلفه ,
فى نفس الوقت الذى استغلت فيه قواتنا الوقت لتأمين رءوس الكباري وتعميقها ثم توحيدها معا لتقع الأرض التى سيطرت عليها قواتنا تحت حبكة تامة وقدرة كاملة على الدفاع الثابت من مواقعها ,
فضلا على خسارة العدو الجزء الأكبر من قواته الجوية التى سقطت بفعل حائط الصواريخ ثم بالوحدات المتحركة للدفاع الجوى وخلال المعارك الجوية التى خسرها العدو جميعا أمام طائراتنا ,

وبهذا حققت المرحلة الأولى من الحرب أهدافها بنجاح تام فاق المتوقع طبقا للتوجيه الإستراتيجى الذى وجهه الرئيس أنور السادات للقوات المسلحة وتمثل في تنفيذ الخطة ( بدر ) على ثلاث مراحل ,
كانت الهدف منها كسر نظرية الأمن الإسرائيلي وهو ما تم بنجاح تام وانكسرت أسطورة الجيش الذى لا يقهر بعد سقوط خط بارليف في ست ساعات أمام قوات المشاة ,
وتم تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة في الأفراد والأسلحة والمعدات طبقا للبند الثانى في التوجيه الإستراتيجى ,
وكان البند الثالث
يتلخص في ضرورة العبور بقوة الجيشين الثانى والثالث الميدانى على رءوس كباري بعمق 15 كيلومتر ثم الدفاع عنها في مواجهة هجمات العدو المضادة والإستعداد لتطوير المعركة شرقا والوصول إلى خط المضايق في سيناء والتمسك بما تم تحريره من الأرض تمسكا تاما دون تراجع شبر واحد ,
وهو الهدف النهائي للحرب كما كان مخططا ,
حيث كانت الخطة بدر تقتضي تطوير الهجوم واحتلال المضايق والوقوف عند هذا الحد وفق الإمكانيات المتاحة للقوات المسلحة في ذلك الحين ووفق ما هو متوافر بالفعل من نوعية السلاح ,
والأهم من هذا وذاك ,
أن يكون تقدم القوات المصرية في مواقعها مصاحبا لمدى حماية المظلة الجوية التي يفرضها حائط الصواريخ المصري للدفاع الجوى ,
وهو الأمر الحيوى الذى كفل للقوات المصرية حسن دفاعها وحفاظها على نجاحها الفائق طوال أيام الحرب وعدم الإندفاع للشرق عند انهيار العدو مع الأداء العسكري المصري ,
لأن هذا الإندفاع كان كفيلا بوقوع القوات المندفعة في مدى سلاح العدو الجوى المتفوق عندما تخرج هذه القوات من مظلة الحماية المقدرة بخمسة عشر كيلومترا فقط
وعند تطوير الهجوم كانت الخطة المصاحبة للتطوير هى عبور كتائب صواريخ ( سام 7 ) التي تحقق الحماية الجوية لقواتنا بنفس الكفاءة التي يوفرها حائط الصواريخ ,
ومن خلال تحقيق هذه المعادلة المتزنة أمكن للقوات المصرية المحافظة على سائر مكاسبها من الحرب وتكبيد العدو خسائر فادحة في الأفراد والمعدات والإحتفاظ بكافة مواقعنا تحت يد قواتنا المسلحة حتى آخر أيام القتال في 25 أكتوبر
وبعد التشبث ورد جميع الهجمات المضادة للعدو يأتى دور العمل السياسي الذى توقعت الخطة له أن يبدأ بعد أسبوعين من القتال وهو ما تم بالفعل ,
وقد أنجزت القوات المسلحة ـ كما سبق الشرح ـ الأهداف الأولى للعبور وقامت بعده بتطوير الهجوم الناجح كما سنرى

يتبع ...

قديم 10-14-2010, 10:32 AM
المشاركة 28
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المرحلة الثانية من الحرب :


بعد الفشل الذريع الذى منى به الهجوم المضاد الأول للقوات الإسرائيلية عبر موجاته التي نجم عنها الإثنين الأسود في إسرائيل وسقوط سلاح المدرعات الإسرائيلي وانقلاب القيادة السياسية على العسكرية
تفجرت الخلافات المدوية بين القادة العسكريين بخصوص ما يحدث على الجبهتين الجنوبية والشمالية ,
وتطايرت الإتهامات بين الجنرالات شموئيل جونين قائد الجبهة الجنوبية ودافيد إليعازر رئيس الأركان وإبراهام أدان وشارون قائدى المدرعات فضلا على بقية مجلس الحرب برياسة ديان وجولدا مائير
ورغم فشل الهجوم المضاد الأول الذى تم تنفيذه في الثامن من أكتوبر فلم يجد القادة اليائسون بدا من الإستمرار في نفس مسلسل الهجمات المضادة بالمدرعات مع محاولة كسر التفوق المصري وإيجاد وسيلة لمواجهة حاملى الصواريخ المضادة للدبابات والذين أوقعوا الخسائر الجسيمة بالمدرعات الإسرائيلية ,

وكنتيجة طبيعية للإختلافات صدر القرار بتنحية الجنرال شموئيل جونين بعد الإثنين الأسود وتم تعيين حاييم بارليف ممثلا شخصيا لرئيس الأركان في الجبهة الجنوبية على أن يعاونه جونين ولكن من بدون صفة قيادية ,
وظن المجلس العسكري أن تعيين حاييم بارليف باعتباره واحدا من أقدم القادة في إسرائيل أن الخلافات التي يسببها الجنرال آرئيل شارون بتمرده على الأوامر العسكرية واتخاذه القرارات دون الرجوع لقيادته ,
خاصة بعد أن فاقت تصرفات شارون الحمقاء كل تصور عندما خالف الأوامر الصادرة له في الهجوم المضاد الأول كما رفض نجدة زميله الجنرال إبراهام آدان الذى كانت مدرعاته تتعرض لمذبحة من القوات المدرعة المصرية على نحو دفعه لإرسال طلب نجدة تتمثل في إحدى كتائب المدرعات التابعة لفرقة شارون ,
فرفض شارون وتجاهل النداء وتورطت المدرعات في فرقته لنفس المصير فيما بعد , [1]

إلا أن تعيين حاييم بارليف ورغم كونه أقدم من شارون لم ينه هذه الخلافات والأخطاء وتفاقمت الخلافات من جديد بين بارليف وشارون في الوقت العصيب الذى كانت تمر به المدرعات الإسرائيلية في سيناء حيث لم يبق لها بعد فشل الهجوم المضاد الأول غير 400 دبابة مما حدا بوزير الدفاع ديان إلى توجيه التحذير من أية مغامرات غير محسوبة ,
وهكذا وبعد أن تولى بارليف يوم 10 أكتوبر مسئولية الجبهة الجنوبية وبعد نفاذ صبره من حماقات شارون طلب من الجنرال ديان إحالة شارون للتقاعد حتى لا يتفاقم الوضع أكثر ,
ورفض ديان طلب بارليف رغم إلحاحه وكان رفضه سياسيا خوفا من أن شارون سيصبح كادرا سياسيا معارضا في تجمع الليكود وسيستغل موقعه السابق للهجوم السياسي على الحكومة القائمة !
وهكذا وبضربة قدرية ..
وقعت إسرائيل فى نفس المأزق السياسي الذى وقعت فيه القيادة المصرية قبلها فى حرب يونيو نتيجة لتدهور النتائج على جبهة القتال ,
فبعد النجاح الذى حققته القوات المصرية تسببت الخلافات فى أن يبحث كل قائد عن مصيره المنتظر بغض النظر عن مصلحة الدولة أو الجيش وهو ذات ما وقعت فيه القيادة المصرية من قبل عندما غامر عبد الناصر بترك عبد الحكيم عامر فى موقعه رغم الفشل الذريع الذى أثبتته التجربة المرة لهذا الأخير من موقعه كقائد عام للقوات المسلحة أيام حرب السويس 1956م , وأيام أزمة الإنفصال من سوريا عام 1962م , وإصرار عبد الحكيم عامر على الإحتفاظ بنفس طاقم رجاله فى مراكز القيادة العليا رغم قرار عبد الناصر بإحالتهم جميعا للتقاعد ,
وسكت عبد الناصر ليزداد الوضع سوء فى حرب يونيو على النحو الذى ظهر على الساحة فى تلك الآونة ,

وهكذا وبنفس العقلية اتخذت القيادة الإسرائيلية قرار هجوم مضاد جديد على قطاع الفرقة 16 مشاة فى يوم 9 أكتوبر عن طريق الهجمات المضادة السريعة بقوة كتيبة مدرعة على اللواء الأيسر للفرقة 16 مشاة المصرية ,
وبقوة كتيبتين مدرعتين على لواء المنتصف لنفس الفرقة ( اللواء 3 مشاة ميكانيكى )[2] بغرض اكتشاف مدى قوة دفاعات الفرقة واقتحام أضعف نقاطها وإحداث خلخلة فى دفاعات القطاع الشمالى للجبهة ,
وتصدت الفرقة 16 مشاة بقيادة العميد عبد رب النبي حافظ للهجوم ورغم الخسائر الفادحة التى تعرضت لها قوة الهجوم الإسرائيلي فإنها أصرت على مواصلة التقدم بمزيد من الخسائر , مما دفع قيادة الفرقة لتأمين نقاطها تأمينا جيدا عن طريق تقوية أضعف نقاطها وهى نقطة الإتصال بين الفرقة 16 مشاة والفرقة 2 مشاة ,
وعليه بادر اللواء سعد مأمون قائد الجيش الميدانى بإصدار أوامره إلى بدفع كتيبة دبابات من النسق الثانى للفرقة لتعمل على سد الثغرة بين الفرقتين وتتصدى لأى محاولة إختراق متوقعة ,



الهوامش :
[1]ـ المعارك على الجبهة المصرية ـ اللواء جمال حماد ـ دار الشروق
[2]ـ المشاة الميكانيكى مصطلح عسكري يشير إلى قوات المشاة عندما تمتلك المركبات الميكانيكية فى الحركة والقتال

قديم 10-14-2010, 10:33 AM
المشاركة 29
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وخسر العدو فى هجومه الأول خسارة فادحة بصلابة الدفاعات المصرية واستماتة القواد مع الجنود والتى أدت لاستشهاد العقيد عادل يسري عندما قام بنفسه بعملية إستطلاع واسعة لتحركات العدو أثناء الهجوم ,
وعقب فشل الموجة الأولى من الهجوم قام العدو فى الساعة الثانية والنصف ظهرا بهجومه الرئيسي على لواء المنتصف 3 ميكانيكى بقوات اللواء المدرع الإسرائيلي رقم 600 ,
وتمكن العدو تحت وطأة وثقل وكثافة الهجوم من اختراق دفاعات الكتيبة المصرية والإستيلاء على النقطة الحيوية رقم 57 وهى إحدى النقاط المصرية الحصينة القريبة من موقع قيادة الفرقة
واتخذت قيادة الفرقة إجراءات حاسمة وسريعة لمعالجة الموقف فقامت كتيبة المشاة الميكانيكية التابعة للنسق الثانى بصد
إختراق العدو ومنعه من الإستقرار فيه ولأن دبابات الكتيبة المصرية كانت جميع مركباتها المدرعة من طراز ( BMP ) الخارقة للدروع فقد ألحقت بالعدو خسائر فادحة منعته من تحقيق أهدافه بعد أن كان على وشك النجاح

ثم استثمر قائد الفرقة نجاح الكتيبة المصرية سريعا فأصدر أوامره إلى إحدى كتائب اللواء 14 المدرع وإلى كتيبة دبابات الفرقة بالإشتراك في المعركة في نفس الوقت الذى أمر فيه بفتح إحتياطى الفرقة المضاد للدبابات رقم 1 ليركز هجومه على الأجناب الخاصة بالقوة المدرعة الإسرائيلية ,
وفى نفس الوقت قامت مدفعية اللواء 3 ميكانيكى مع مجموعة مدفعية الفرقة 16 مشاة بفتح نيرانها بقصف شديد التركيز على الثغرة التي نفذت منها المدرعات الإسرائيلية ,
وهكذا وقعت المدرعات الإسرائيلية تحت جحيم مزدوج من المدفعية والمدرعات المصرية أسفر عن تدمير 38 دبابة من طراز باتون إم 60 وإم 48 و4 عربات مدرعة من طراز إم 113
وارتدت الدبابات الإسرائيلية المتبقية إلى إتجاه الطالية ولم تتمسك إلا بالنقطة الخاصة بالموقع الحيوى 57 ,

ورغم الخسائر والفشل التي منيت بها القوات الإسرائيلية إلا أنها عاودت هجومها من جديد في الساعة السادسة والنصف مساء نفس اليوم إنطلاقا من نفس النقطة بقوة دبابات تبلغ 60 دبابة هى ما تبقي من القوة المهاجمة مدعمة بكتيبة إمدادات ,
ودارت واحدة من أخطر المعارك بين قوات الفرقة 16 مشاة التي تعرضت لأخطر هجوم عليها من بداية الحرب في المنطقة المعروفة باسم ( المزرعة الصينية )
ولمواجهة خطر الهجوم المتجدد أمر قائد الفرقة بدفع القوة الضاربة لكتيبة النسق الثانى وكتيبة دبابات الفرقة التي نجحت في صد الإختراق الأول مع تدعيم كليهما بفتح جميع إحتياطيات الفرقة بلا استثناء ,
بالإضافة إلى طلبه معاونة مدفعية الجيش الثانى الميدانى رقم 1 , 2 لتستطيع الفرقة 16 مشاة من تجديد إنتصارها للمرة الثانية على التوالى وحولت منطقة إختراق العدو إلى جحيم مستعر
واندفعت القوات المصرية بعد ذلك لتطهير نقطة تمركز العدو في الموقع الحيوى رقم 57 والذي جدد منه هجومه الليلي ليفشل الهجوم بسائر موجاته ,

وبعد فشل الهجوم المضاد الثانى على التوالى وتكبد المدرعات الإسرائيلية لخسائر فاقت طاقتها وهددت مخازنها الإحتياطية اهتزت أعصاب موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي إلى أقصي مدى ,
وفوجئت جولدا مائير وبقية المجلس العسكري بجنرالهم الأسطورى وهو يبدو بشخصية شبحية مترددة لا يجرؤ على اتخاذ قرار واحد منفردا بل يطلب موافقة جولدا مائير علي أى قرار رغم أنه الأدرى بالشئون العسكرية ,
ورغم أنه صاحب أشهر القرارات الفردية في السابق عندما كان رئيسا لأركان حرب الجيش الإسرائيلي أو عندما كان وزيرا للدفاع أثناء حرب يونيو وقام باتخاذ قرارات مصيرية منفردا دون الرجوع إلى ليفي أشكول رئيس الوزراء وقتها ,
فقد اتخذ قراره منفردا بمهاجمة الجولان صباح 9 يونيو
ولا يعرف الكثيرون أن الجولان لم تكن في أهداف إسرائيل في حرب يونيو أصلا , واتخذ أيضا قراره بالوقوف عند قناة السويس بعد أن كان التخطيط هو الوقوف عند الممرات , وذلك بعد أغراه حال الجيش المصري بعد قرار الإنسحاب الغريب والرهيب الذى أصدره عبد الحكيم عامر وتسبب في مذبحة للقوات المصرية في سيناء بعد ذلك ,
وقبلها اتخذ قراره بضرب سفينة التجسس الأمريكية ليبرتى والتى كانت موجودة لمراقبة أعمال إسرائيل حتى لا تخالف اتفاقها مع الولايات المتحدة وتجتاح الضفة الغربية وهو ما لم تريده الولايات المتحدة , بل وتعهدت للملك حسين قبل نشوب حرب يونيو أن إسرائيل لن تمد يدها إلى الضفة الغربية
وعندما اكتشف ديان وجود السفينة أمر بضربها بأعصاب باردة وادعى أنها مجرد خطأ عسكري حتى لا تكشف ليبرتى أن القوات الإسرائيلية اجتاحت الضفة الغربية دون أن تكون هناك أى أعمال قتال موجهة ضد الجيش الإسرائيلي منها [1]

لهذا كانت صدمة القيادة الإسرائيلية عنيفة بتخلخل أعصاب ديان إلى هذا الحد والذي دفعه لعرض الإنسحاب من الجبهتين حماية لما تبقي من القوات الإسرائيلية على الجبهتين , لا سيما بعد أن نجحت القوات السورية في أول أيام القتال في اجتياح الجولان بكاملها ووقف الجيش السورى على مشارف المستوطنات الإسرائيلية في العمق مهددا إياها [2]
هذا فضلا على الخلافات العنيفة التى تفجرت بين القادة العسكريين فى الجبهتين كل على حدة ومع بعضهما البعض بعد تباين وجهات النظر فى الطريقة المثلي للتصدى لخطر المصريين والسوريين وأيهم أولى بتركيز القوات الإسرائيلية فى جبهته ,


الهوامش :
[1]ـ الإنفجار ( حرب 1967 م ) محمد حسنين هيكل ـ مركز الأهرام للترجمة والنشر
[2]ـ المعارك على الجبهة المصرية ـ مصدر سابق

قديم 10-14-2010, 10:34 AM
المشاركة 30
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وفى ظل هذه الظروف النفسية السيئة التى مر بها موشي ديان عقد مؤتمرا صحفيا مصغرا مع رؤساء تحرير كبريات الصحف الذين هالهم ما وجدوه على ملامح قائدهم واستنتجوا سوء الأوضاع على الجبهات لكن لم يتوقع أحدهم أبدا مدى التردى فى أوضاع القوات الإسرائيلية بتفاصيله الحقيقية والتى شرحها لهم ديان بالتفصيل وقال[1] :
( إن قواتنا تنتشر فى سيناء انتشارا دفاعيا وتم إخلاء خط بارليف بنظام وبدون نظام أحيانا ولم يعد هناك خط أصلا ليلعب دورا فقد انقطعت اتصالاتنا به تماما وتخلينا عنه وتركناه لمصيره ,
وهذا يكشف للعالم بأسره عدة حقائق , أولها أننا لسنا بأقوى من المصريين والثانية أننا لم نستطع رد المصريين على أعقابهم وإن لم ننجح فى ذلك فسيواصلون حشد قواتهم ودباباتهم وتدعيم مواقعهم
والسؤال الهام الآن الذى ينبغي لنا أن نسأله هو وماذا بعد هذا ؟!
لو شن المصريون هجوما من مواقعهم فسيكون علينا أن تكون خطوطنا أقل مسافة وأكثر ملائمة وهذه الخطوط يجب أن تكون فى السلاسل الجبلية التى لا يستطيعون النفاذ منها
ونظرا لأن الطريق مفتوح أمام المصريين إلى الجنوب حيث أبو رديس وشرم الشيخ , وماذا لو حاولوا الإتجاه جنوبا ؟ هل سنستطيع أن نوقفهم ؟
إننا لا نستطيع أن نوقفهم اعتمادا على الطيران وحده وحتى إذا قمنا بإنشاء خطوط دفاعية جديدة فإننى أشك أنه باستطاعتنا التمسك بهذه الخطوط )

وأصيب الصحفيون بالذهول وهم لا يتخيلون ما أوضحه موشي ديان والذى ملأ الدنيا صراخا وضجيجا أن حرب يونيو أقعدت المصريين عن الحركة وأن خط بارليف هو المقبرة التى تنتظر قواتهم إذا حاولت العبور !
وتذكروا تصريحه قبيل الحرب بأيام من أن المصريين يحتاجون سلاح المهندسين فى القوات السوفيتية والأمريكية معا ليتمكنوا من عبور القناة وتحطيم خط بارليف !!
فكيف نجح المصريون بمشاتهم فى تدمير الخط واحتلاله فى ست ساعات فحسب ؟! وأين دفاعات الخط التى تكلفت الملايين وأين الدعم الدفاعى والحصون التى تكلفت نصف مليار دولار لحماية خط القناة ؟!
وزادت الصدمة عندما علموا أن وزير دفاعهم ينوى عرض هذا الكلام أمام الشعب فى التاسعة مساء بحديث تليفزيونى
وقال جرشوم شاكن رئيس تحرير جريدة ها آرتس لديان :
( هل تنوى عرض هذا الكلام , إنك إن قلت هذا الكلام على شاشة التليفزيون فهذا معناه حدوث زلزال فى إسرائيل ولليهود والعرب خارج إسرائيل )

وعقب لقاء ديان بالصحفيين تلقت جولدا مائير تقريرا عما حدث فى المؤتمر الصحفي مشفوعا بطلب من رؤساء التحرير بتفضيل سكوت وزير الدفاع وامتناعه عن الكلام فى التفاصيل
وعلى الفور منعت جولدا مائير وزير دفاعها من التوجه للتليفزيون واستدعت الجنرال أهارون ياريف الذى تم استدعاؤه من التقاعد وتكليفه بمهمة الإعلام العسكري وأمرته أن يوجه بيانا للشعب بصورة عامة دون تفصيل
فذهب أهارون ياريف ولم يزد على قوله :
( إن الجيش الإسرائيلي فى وضع صعب والحرب من شأنها أن تطول ــ وهذه نقطة المقتل لإسرائيل التى لا تحتمل التعبئة العامة لأكثر من أسبوعين ـ وقد اضطر الجيش الإسرائيلي إلى الإنسحاب للخطوط الخلفية ورغم ذلك فلا ينبغي أن نفكر بمفاهيم الخطر بالنسبة لبقاء شعب إسرائيل )

والمتأمل فى كلمات أهارون ياريف يصل لعدة حقائق تحتاج وقفة ,
فرغم اللهجة المخففة التى لم تتعرض للتفاصيل الحقيقية والتى تحمل مآسي مروعة للجيش الإسرائيلي بعد الهزائم المتتابعة وقعود يد الطيران عن أى إضافة للحرب , إلا أن كلمته كانت أشبه بالزلزال المدوى فى تل أبيب بعد أن خدعتهم القيادة العسكرية والسياسية طيلة الفترة من 6 إلى 8 أكتوبر وأوهمهم ديان والجنرال دافيد إليعازر بأنهم سيحولون منطقة سيناء والجولان لمقابر للجيشين المصري والسورى !
فلما انكشف الأمر فى يوم 10 أكتوبر وأدرك شعب إسرائيل الخدعة الإعلامية التى تم تخديره بها واكتشف لأول مرة أن الجيش الإسرائيلي انهار على نفسه من أول ست ساعات فى الحرب وأن خط بارليف لم يعد له وجود وأن الطيران الإسرائيلي تآكل بفعل حائط الصواريخ المصري وقوة المدرعات الإسرائيلية ذهبت أدراج الرياح ومعها قائدها الفذ الجنرال إبراهام ماندلر ,
هنا وقعت إسرائيل فى نفس الموقف الذى وقعت فيه مصر فى الفترة ما بين 5 , 9 يونيو ,
وهنا نستعيد ما تحدثنا عنه سابقا عن روعة حرب أكتوبر وأنها فيما يشبه المعجزة ردت سائر ديونها بلا استثناء وزادت عليها , رغم الفارق الضخم بين جيش مصر فى حرب يونيو وبين جيش إسرائيل فى حرب أكتوبر ,
وكما قضت الجماهير المصرية أربعة أيام وهى تتوهم النصر على إسرائيل بفعل خديعة الإعلام , قضت إسرائيل أربعة أيام وهى مغيبة عن الواقع , وعندما استعادت الوعى اكتشفت أن جنرالاتها يتحدثون عن معادلة بقاء الشعب الإسرائيلي نفسه من عدمه
وهى النقطة الفارقة فى حديث أهارون ياريف ,
فياريف يعترف بالهزيمة صراحة ولكنه يطمئن شعبه أن بقاءه ليس فيه ما يدعو للخطر !!
ولأول مرة فى تاريخها تواجه إسرائيل حقائق الواقع بعد أن أسكرتها مؤامرة يونيو 1967 م , وظنت بنفسها القدرة الأسطورية التى تمكنت فعلا من دحر قوات ثلاث دول عربية !
وهو ما عبرت عنه تلقائيا جولدا مائير في تعليقها :
( إن هذه الحرب هى الحرب الحقيقية الثانية بعد حرب 1948 م ) [2]
وهذا اعتراف خطير من جولدا مائير يعنى أن قادة إسرائيل فى تلك الفترة كانوا يعلمون تماما بحقيقة حرب يونيو وقد استغلوا جهل العامة ليروجوا لتلك الأساطير حول الجيش الذى لا يقهر
فإذا بحقيقة هذه الحرب تنكشف أمام عيونهم دون الحاجة إلى أية مستندات , فالجيش المصري لم يحارب فى حرب يونيو أصلا ووقع فى يد قيادة عسكرية جاهلة وقيادة سياسية غافلة ليصدر له الأمر بالإنسحاب دون طلقة واحدة ,
وعندما حانت لحظة المواجهة الحقيقية فى حرب عادلة انهار الرداء الأسطورى على الفور وظهرت حقيقة الجيش الإسرائيلي ,


الهوامش :
[1]ـ المصدر السابق
[2]ـ كشف هذه الحقائق ظهور ست وثائق إسرائيلية جديدة قامت بنشرها جريدة يديعوت أحرونوت فى ذكرى أكتوبر هذا العام 2010 م ونقلت وكالات الأنباء محتوى الوثائق وهى محاضر إجتماعات مجلس الوزراء الإسرائيلي السرية أثناء احرب


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: حدائق الايمان فى حرب رمضان
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حدائق بابل المعلقة أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 10-10-2015 08:37 PM
ll~ زهُورٌ مِن حدائق ِ الفـَـصيح ِ .. أمل محمد المقهى 25 12-30-2014 01:56 PM
فردريك نيتشه .. بين الايمان والالحاد فارس كمال محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 5 05-03-2014 09:43 PM
في حدائق حبك منى شوقى غنيم منبر البوح الهادئ 5 10-01-2011 02:17 PM

الساعة الآن 12:59 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.