احصائيات

الردود
7

المشاهدات
2344
 
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة

روان عبد الكريم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
238

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة

رقم العضوية
7565
05-19-2019, 01:26 AM
المشاركة 1
05-19-2019, 01:26 AM
المشاركة 1
افتراضي هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
السلام عليكم

اعود بعد غياب

مع هزلية غرناطة اسمها السابق فوق التلال الزرقاء

الفصل الاول
القاهرة 2011
تمنلئ احلامى بصورة ضبابية ..لتلال وجبال وجدوال ماء عذبة تارة متجمدة تارة اخرى..وسلاسل من
اصص الزرع على جدران البيوت..اماكن لم ازرها قط ..قصور فى عتمة الضباب غافية ومدن ثلح
وشمس وجياد تسايق الريح ونساء فرحات وباكيات واشجارباسقة ومياه تتالق بتوهج القمر وتتماوج صاخبة
فى عاصفة مفاجئة وثمة دماء نازفة تصبغ كل شئ باللون الاحمر القانى ثم تتلاشى بانوار مبهرة وصوت
أذان يدوى فى الاصيل واجراس كنائس وصليل ناطور كنيس اليهود

احلام واحلام تراءت لى حقيقة حينما عثرت عليها او عثرت هى على ذات لىلة تقف فى فضاء غرفتى
لم ينتابنى الخوف منها بقدر الفضول ..اعنى بها فيروز او فاروزة كما تحب ان تطلق على نفسها.. أمرأة
فانية منذ مئات السنين اختارتنى لتروى لى اسرار واسرار فى اخر أيام الاندلس..واوهن ايام الاندلس
تحكى لى فيروز عن كتاب اودعته فى باطن الارض فى سرداب عميق ..مازال البناء قائم ..لم يصل اليه
احد ..طال صمتها اكثر من خمسمائة عام ويزيد..سئمت الصمت وضياع القصة فهى من زمن ضاع فيه كل
شئ .حتى الاسماء ..امسكت يدى لأغوص معها فى اعماق السرداب المظلم واعماق قصتها..اعماق ما
دونت يأحرف مرتعشة واهنة تائهة
-تقول فيروز
حينما ابدأ تدوينى لقصتنا .. لم ابدأ من بيوت المسلمين ولا بيوت القشتالين فى الغرناطة ..بل ابدئها من بيته
هو..بيت رجل لم يكن له مقدرا من المشاركة فى قصتنا لكنه قبع خلف الاحداث ..كل الاحداث..بيت موشيه

هالفىحيث بدأت النهاية من قاهل اليهود(1) بيبوته المتلاصقة وممراته الضيقة واسواره الكئيبة العالية التى
تحجب شمس غرناطه عنه وتخفى اسرار اهله..وحراسه الساهرين المتوجسين دائما ..بيوت يسكنها
ليهود..وحدهم ولا يقطنها غيرهم بيوت عزلتهم وغربتهم عن البشر..هناك فى اخر ايام الاندلس على ما
اطلقوا عليه بلغتهم القديمة قاهال اليهود او غرناطة اليهود..حيث سارة هالفى وموشيه هالفى

1-فوق التلال الزرقاء
موشيه هالفى
نظرت سارة بعيون ملئها الدمع تتطلع لقامته المهيبة ووجهه الصخرى الوسيم الذى لا يحمل شئ من صفات
قومه ..يعدل هندامه ايذانا بالرحيل..قامت من فراشها..تداعب بخفة خصلة نافرة من على جبينه يلتف شعره
الاسود الفاحم فى تموجات حتى منتصف عنقه..تقول فى دلال:-
- موشيه
التفت اليها بحنان يمسك براحة يده الكبيرة وجهها الصغير :-
حسبك يا سارتى..ويمسح تلك العبرات الفجائية التى انهمرت على وجهها الزهرى..لا تبكى يا-
صغيرتى..لا تبكى يا سارة..يأخذها فى احضانه يطفئ لهيب لن ينطفئ..كانت جميلة كزهرة بريه يافعة
..شعرها المجدول يقارب منتصف ظهرها ..وقد فكته كغيمة قاسية تدارى جسدها الفتى الا من غلالة ضئيلة
تطيح بعقل موشيه كلما التقاها.. لها حاجبان مقوسان وفم داكن ممتلئ صغير كدائرة القمروعيونمنحرفة
غائمة دائما بدمع رقراق وقد افترش يدها كثير من الوشم بترانيم قديمة وحتى انفها المعكوف الذى ورثته
عن بنى قومها لم يعكر جمالها الطاغى تهاوى بخفة بين ذراعيه هامسه بلهفة:-
لا ترحل..لا تتركنى
حينها تنماى الىه صوت العجوز الغاضب فى حدة من حجرة مجاورة وهو يردد سفر التكوين بعبرية قديمة
غاضبة:-
فى الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ،. 2 وَإِذْ كَانَتِ الأَرْضُ مُشَوَّشَةً ومقفرة وَتَكْتَنِفُ الظُّلْمَةُ وَجْهَ الْمِيَاهِ، وَإِذْ كَانَ رُوحُ اللهِ يُرَفْرِفُ عَلَى سَطْحِ الْمِيَاهِ،. 3 أَمَرَ اللهُ : «لِيَكُنْ نُورٌ». فَصَارَ نُورٌ، ...
ضحك فى فتور ..استيقظ ابوك العجوز وان كنت اشك فى انه قد نام – يقرأ التوراة – يا لك من
زنديق بثياب حبر يا عفوديا تتشدق بالتوارة كى تسمعنى صوتك ..هم بالانصراف فتمسكت به سارة اكثر وهى تزوى بين حاجبيها:-
دعك منه- مأفون مخرف
ربت على ظهرها بخفة:-
رفقا يا سارة –رفقا ايتها الغالية –لا شئ سيفرق بيناا- لا ابوك ولا زوجك ولا طائفتنا كلها –
حرص فى الجملة الاخيرة ان تعلو وتيرة صوته حتى يسمعها العجوز القابع فى الحجرة بجانبهم
وقد كف عن القراءة تماما ثم عاودها بصوت اكثر غضباً ولم يتوقف الا وهو يلمح طيف موشيه بعبر امامه فى الممر..نادى بصوت حاد
موشيه:-
لم ينصت موشيه له واكمل مسيرته حتى الباب فلحقه العجوز وهو يتكئ ع الجدار وقد قام فى
اثره باصرار:-
موشيه-موشيه يا اخى الصغير
التفت اليه موشيه فى بطء ولم تبين ظلمة الممر شئ من غضب وجهه..كل ما ظهرته امامه صورة العجوز
المتكئ على الجدار وشمعة باهته يحملها فى يده ..وصوت العجوز يردد تعالى موشيه تعالى يا اخى
الصغير- مر عام منذ فارقت منزلنا –تعالى لنتحدث قليلا-
اى موشيه – لاتخجل اخاك الكبير-
فى تلك اللحظة خرجت سارة من حجرتها وهى تصرخ فى غضب:-
اذهب موشيه لا تستمتع لهذا العجوز المخرف –كفانا ما نالنا من اذاه
كان صوتها يشق سكون الليل فى بيوت اليهود المتجاورة التى اذا سقط شئ فى احدهم يرن فى بيوت القاهال
كله.. وقد سمع بالفعل اصطكاك النوافذ التى فتحت على عجل تنصت بفضول معتاد منذ عام لسماع صوت
سارة المجلجل–فلطم العجوز على صدغيه وهو يوقع الشمعة ارضا .. يفكر فى هم عن الغمزات التى
سيستقبله بها جيرانه بعد سويعات.يا عار بنى هالفى يا عار بنى هالفى وهو ينظر من كوة الجدار على
الابواب التى بدأ ساكنيها فى الخروج بالفعل على صريخ سارة ابنته الغاضبة..امرها موشيه فى حدة
اذهبى سارة واغلقى فمك
-فطاوعته بانكسار –كانت تعرفه اذا كسرت له امر-خبرته سنوات طويلة وعرفت ابدا انه لايقبل بالرفض-
فتحت باب حجرتها وهى تشاهده يعود عبر الممرلحجرة ابوها عفوديا دون ان يساعده فى الوقوف
اغلقت حجرتها وهى تعود ذاكرتها لعام مضى تبكى محنتها وبؤسها وتتسأل عن مصيرها وهل سيهرب
موشيه هذه المرة ام يواجه ظلم ابيها وزوجها حزقيال تحاول بجهد الإنصات لحديث موشيه وعفوديا فى
الغرفة المجاورة جلس موشيه على الثرية الباهتة وعفوديا يجلس ببطء امامه يحمل سنوات عمره الواهنة
على ظهر منحنى:-
سمعت انك حظيت بمنزل فى قصر الامير-لا يقارن بمنزلنا الفقير
ضحك فى استخاف:-
حصلت عليه بنفسى دون مساعدة بنى اسرائيل-انا الطبيب الخاص لاكبر امراء بنى الاحمر
نظر اليه بعيون واهنة:-
وبنى اسرائيل تفخر بك موشيه
تجعد جبين موشيه بغضبة خفيفة ..اقترب بخفة من عفوديا وهو يغوص ببصره ف فى عينيه الناعستين
العجوزة ثم اتكا على رسغه وهو يغمز بعينة حالكة السواد باستهانة:-

وبنى هالفى هل يشعرون بالفخر وانا اغزو بيتوهم ومخدع ابنتهم ليلا
عقد العجوز حاجبيه واشاح ببصره عنه:-
كفى موشيه
كفى ايها الشقى –نتغاضى جميعا –عن تدنيسك فراش حزقيال –كل ابناء الحى يتغاضون عن فعلتك الشنعاء
وانك الحقت العار بسارة ابنتى وبزوجها دون ان يطرف لك رمش
فضحك فى مرارة:-
اجبرتنى ان اجعل من سارة عشيقتى..طلبت منك زواجها فزوجتها حزقيال اخيك الاخر
زفر العجوز فى عمق:-
الشريعة تمنعنى ان ازوجك اياها انت عمها
وقف موشيه فى غضب:-
عن اى شئ تتحدث.. تمنعنى الشريعة ان اتزوج سارة ولا تمنعها ان تزوجها بحزقيال شقيقنا-
اى عبث تتحدث ايها المخرف.انا عمها وهو عمها –زوجتها اياه قهرا وانت تعرف ولعى بها وتحدثنى الان
عن الشريعة –ثم امسكه من ياقة قميصه:-
انك تتحدث الى موشيه ايها المخرف اعلم بنى اسرائيل بشريعتها
همس العجوز فى ضعف وهو يخشى قبضة شقيقه الفتى فلم يكن موشيه يتجاوز الثلاثون من
عمره.بل اتحدث عن شريعة المسلمين – انت تعمل لديهم ويرحبون بك وسوف تتبوا اعلى المناصب
كما فعلها هانجيد من قبل*(2)
–لماذا تظننا جميعا نتغاضى عن ذهابك لفراش سارة انا وحزقيال وكل الجيرة
نتركك تنفس غضبك يا موشيه- لم نحرمك سارة ابدأ ولن نسطيع .. امرا كهذا لا نفشيه ابدا-لكن
زواجك منها كان سيجعل المسلمين يتوجسون منك خيفة فلن يقبلوا ابدا بزواج العم من ابنة اخيه
انك عندهم موسى اللاوى ولست موشيه هالفى ..من تخدع يا موشيه انت لم تطلب يد سارة الا حين اردت
تزوجيها لحزقيال ..كان موشيه يفكر فى عمق وفى نفس المنطق الذى جعله ينطلق خارجا من القاهل منذ
عام تاركاً زفاف سارة القهرى لاخيه العجوز ذو الخمسون عاما حزقيال..والعجوز ينهض متكئا عليه
يخرجه من افكاره انهض موشيه الحبيب –تعالى اخى الصغير –فيتبعه فى صمت حتى مدخل الدار ثم
يصعد معه سلماً يؤدى لاعلى تتيح لهم رؤية غرناطة من فوقها ..تبعه موشيه فى صمت هو يحب دائما
رؤية غرناطة من هناك تحت اقدام اليهود انظر موشيه:-
هناك الى تلك التلال المشعة بالزرقة قبيل الفجر تحمل سماء وبحر غرناطة..احلامنا ترقد فوق التلال
الزرقاء غافية حتى اذا ما اشرقت الشمس علىها اينعت اشجار راسخة تغزو كلارض الاندلس وتعيد مجد
بنى عابر..احفظ يهويدتك فى قلبك فقلب اليهودى يغلق على اسراره لكن كن مع المسلمين فى شرائعهم حتى
تحظى بمكانة عالية ..ساعتها سنحصل على مبتغانا ..امارة تضم بنى عابر ..سنعود بوطن يضم كل اليهود..لنعيد مجد شلومو هذا هدفنا وانت املنا موشيه اخى

تراقصت شياطين الجحيم امام موشيه وافتر ثغره عن بسمه غادرة وهو يرمق بنى قومه وقد نظروا اليه من
خلفات شرفاتهم وكأنه املهم الاخير همس عفوديا بصوت كالفيحيح:-
يولد فى بنى اسرائيل كل مائة عام من يقودهم وانت المختار يا موشيه
زفر بعمق واحلامه تتراقص امامه بشراهة تطلع مرة اخرى للتلال الغافية فى فجر الاندلس وصوت الجامع
القريب يؤذن فى عمق وصوت رخيم :-
الله اكبر الله اكبر
عقد حاجبيه فى عمق ويد عفوديا الواهنة تغوص فى ذراعه يوما سنمع صليل كنيسنا بفضلك انت موشيه
بصوتاً اعلى واقوى ولن يعلو صوتاً غيره ..لم يجبه موشيه بشئ
انت املنا موشيه نريدك ان تتبؤا اعلى المناصب ثم فى لحظة.. ما... لحظة ستأتى على يدك تكون لنا أمارة
خاصة بنا كل النبؤات تشير اليها يوضوح وكلها تحمل صفاتك. لم يجبه موشيه بشئ
لحظة الخلاص تقترب يا بنى فلا تخذلنا- سينهار العرب والملكة هناك فى الشمال وعدت الحبر الاعظم بهذا
الأمر وبيوت بنى الاحمر تتقاتل بينها وستنهى وجودهموالنساء يشعلن الحرب بضرواة فى قلوب الاباء
والابناء فالاحمر الصغير يقاتل ابيه وعمه ..هى فرصتنا يا موشيه فلا تضيعها وستظل سارة لك ..اين
ستذهب..هز كنفيه باستهانة وموشيه ينزل مسرعا من سلم الدار وكلام عفوديا يضرب راسه فهو يعى هذا
تماما والمراسلات بينه وبين الحبر الاعظم ابراهام سنيورلا تنقطع فهو يسيطير على ملكة قشتالة سيطرة
تامة ..وقد زوجها بملك ارجون وهو من ساعدها للتخلص من شقيقها لتصل لحكم قشتالة دون منازع..وقد
وعدته بأمارة خاصة باليهود يكونون حكامها ارتج الامر على موشيه وهو ينظر للتلال الزرقاء مرة اخرى
ويتنفس نسيم هواء الفجر..تراءى له جسد سارة باهتا امام كل هذا عند االباب..تذكر قصة يوسف هانجيد
وما وصل اليه وكيف كانوقاب قوسين او ادنى من تحقيق حلمهم..امتطى جواده بعنف وطار به لا يلوى على
شئ فصرخت سارة مذعورة وطيفه يتلاشى بينما اطبقت يد عفوديا على فمها وشدتها يد اخرى
قاسية عجوز شعرها بقسوة – يد حزقيال زوجها الذى يختفى دائما..خوفا من موشيه عند زيارته
و يسكن حجرة اخرى يتوارى فيها كلما اتى موشيه..وقد امسك فمها وكتمه رغم سنه فقد كان ذو هامة جبارة
مكتنزة –همس لعفوديا وسارة تقبع تحت قدميه مشتنجة باكية مرتعشة كالشاه
اذهب عفوديا لتتلو صلاتك
بينما سحب سارة المنتحبة الصارخة الى حجرتها عبر الممر الذى اضاءت شمس الصبح جنابته
وهو يلطمها بعنف وقسوة.و يصرخ بنشوة ويمزق ملابسها الواهنة:-
اصرخى ما بدا لك عاهرة بنى اسرائيل ويتشفى فى عريها وجسدها الذى ينزف – ويصرخ اصرخى يا
سارة اصرخى فكلما ضربتك عرفوا ا انى اؤدبك كلما ضربتك نسوا ان ذيل حزقيال مدنس يا عاهرة بنى
هالفى.كانت صرخاتها تترد فى حى اليهود وموشيه ينتظر بجواده حتى يخرج من القاهل حيث اعتادوا
اغلاق حيهم بابواب حديديه وصوتها يدوى معذباً فى أذنه لكن احلامه كانت واسعة خصبة احلامه تعنى
وطن لبنى قومه وطن فقط لليهود..امارة هو حاكمها0 بل مملكة هو ملكها – سيعيد مجد شلومو مهما كلفه
الامركانت افكارة متلاطمة متلاحقة كامواج الاطلسى حتى انه لم يشعر بالوقت وجواده يقف امام قصر
الامير حيث فتحت له الابوب بكل تبيجيلوقد بدات الشمس فى السطوع على غرناطة كلها كاسرة امامها
الليل الذى اخفى حزن سارة وقهر سارة ودمائها النازفة وجسدها الذى راح فى اغماءة عميقة نتيجة ضرب
حزقيال وتخاذل موشيه


قديم 05-19-2019, 05:21 PM
المشاركة 2
مالك عدي الشمري
فولتير
  • غير موجود
افتراضي رد: هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
الله ياأستاذه روان قص جميل ومتميز وأنتظر جديدك دوما

وردة لكِ
قديم 05-22-2019, 03:19 AM
المشاركة 3
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي رد: هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
الله ياأستاذه روان قص جميل ومتميز وأنتظر جديدك دوما
فخر لى يا استاذنا

قديم 05-22-2019, 03:20 AM
المشاركة 4
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي رد: هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
(المعتمد بن المغيرة بن الاحمر)2-
فاروز ....فاروزة
..همست فيروز وقد تسربلت فى قفطانها الاحمر الموشى بالذهب فلم ارى منها شيئا انظرى من
ينادينى..تلك الطفلة ذات الخمسة اعوام بشعرها الاسود المجدول وانفها الاشم وعيونهاالواسعة كعيون المها
تظلهما رموش تشعرين دائما ان الدمع يبللهما انها عائشة..اختى عائشة ..تلهو معى فى حديقة قصرنا فى ذلك العصر البعيد من صيف الاندلس تكمل فيروز فى كتابها:-
كنت اصغر من عائشة بنحو عامين ..ارتبطت بها كظلها..دائما انا ظل عائشة ..احمل نفحة من طيب
عطرها..ذلك العطر الطفولى الذى وصل لموشيه وهو يرقبنا فى فضول وصوت الامير يرن فى أذنه..وقد
رقد على بطنه مفترشا فراشه المترف وحارس اسود ضخم يمسح بالدهان ظهره ثم يمسده فى ضربات
سريعة متتالية تغوص فى لحمه .. يتمتم فى ثناء:- :-
ان الدهان الذى تصنعه يا موسى له فعل السحر

لمعت عينى موسى بالرضا عن ذاته فقد استطاع اكتسب ثقةاحد اهم امراء بنى الاحمر المقرب من الجميع
من الزغل الكبير فى وداى اش ومن عبد الله الصغير فى غرناطة..
اطلب تجب يا موسى اطلب ما تتمننى طبيبنا الماهر..يجيب موسى اللاوى :-
هو رضاك مطلبى سيدى
حينما ينتهى الخادم الاسود يشير له موسى بيده ان يبتعد وهو يمسك برداء الامير ليساعده على ارتداءه
..يربت الامير على بطنه.. كان فى نحو الخمسين من عمره غرة شعره بها شعاع الشمس ..يبتسم وقد
احمر وجنتاه ..اشعر انى عدت شاباً نحو العشرين بفضلك موسى ثم يضحك حينما يصله صوت عائشة
وهى مازلت تبحث عنى فاروز..فيروز ..اين انت ؟؟

ينما وقف جارية صغيرة جميلة المحيا بالطيب يضحك موشيه فى جزل وهو ينظر للجارية التى تمشط ذقن
االامير ثم ترش الطيب عليها ..وقد هبت نسائم الصيف عبر نافذة القصر وثمة سحب خفيفة تظلل السماء
..تذكر سارة..لم يرها منذ عدة اشهر ..حياته هنا تأخذه تمامأ عاد صوت الامير يخرجه مرة اخرى من
افكاره اطلب تجب يا موسى..هل اهديك جارية اخرى ..ثم يضحك فى جزل ..كيف هى الجارية القشتالية
معك يغمز موشية بمكر ..
ماريس كفت عن النواح ..قههقه بصوت عالى مع الخليفة ثم اردف:
مولاى ..هل تأذن لى

يجيب المعتمد والجارية الجميلة تهذب انامله..تفضل ..نسيت..الجابى الذى تريد تعينه فى الاسواق ما اسمه

- سليمان اللاوى يا مولاى
اخبره ان يتسلم عمله من باكر لدى ابن الخطيب ..اثار الاسم فى نفسه حفيظة وضغينة فهو يعرف ابن
الخطيب الخازن العام..
- ينحنى موشيه وهو يتم بكلمات الشكر ..ويغمم طابت لك يا شلومو سنرى كيف ترد الجميل بهذا لمنصب
- ينزل بسرعة على سلالم القصر وقد تغير حاله وتبدلت اساريره المنبسطة لتجعيدة قاسية فى جبينه
واعماقه تربد فى حنق ..هذه الامير الابله الذى يهتم لاخبار الجوارى يشارك ابن عمه الصغير فى حكم
مملكة من خيرة دول الاندلس..متى الخلاص ..متى الخلاص..اصطدم بطريقه بعائشة الصغيرة .فتجعد
انفها وتصرخ ويصرخ بوجهها حينما انزلق ارضا فجأة ....تقهق الصغيرة و تقهق فى تواصل ..ينظر
اليها موشيه بحنق ولا تكتفى عائشة بذلك بل تنادى وسط ضحكاتها
- فاروز فيروة تعالى لتشاهدى هذا .
. ينهض فى غيظ وهو يهم بخنقها..تمسكه ماريس جاريته وقد ظهرت فجأة وهى تهدئ من روعه
عائشة حبيتى ..هذا تصرف سئ
تفف عائشة الصغيرة ولم تفقد رباطة جأشها من الشخصين الذين يواجهها –
تقول بثقة لست حبيتك . عائشة تحب امها فقط واختها فاروز

نظر اليها موشيه شذراً من تلك القلادة التى تزين جيدها يعرف من هى..ابنة المعتمد..تجره ماريس من
يده جراً.. مدركة الغيظ الذى يستعر بداخله ..يتأرجح شعرها الاشقر الطويل حتى وسطها .. تضحك من
الصغيرة ومن غضب موشيه ..تصل بيت موشيه الذى يقع بجانب قصرالامير..بيت صغير من دروين
..تتجاوز البيت وهو يزوى بين حاجبيه..الى اين!!
تقول فى مرح الى حجرتى القديمة لازيل بعضا من عبوسك ..سأريك ما لا رأت عين هنا

دخل حجرة ماريس الصغيرة فى اقصى قصر الحريم..تملك ماريس عيون زرقاء مذهلة داكنة وبشرة
صافية وانف صغيرة وجسد بض ..لم يرى اجمل منها فى حياته..يعرف انها مكثت هنا نحو خمس
سنوات..قضتها كأبة وحزناً على صغيرها ..لم يأخذ المعتمد منها سوى النواح والبكاء فتركها لخدمة
زوجته القشتالية هذا ما عرفه منها..تحكى ماريس انها من انبل عائلات الفاكينج هناك فى الشمال الثلجى
وانها تزوجت واحد من اكبر بحارة اشبيلية ولكنه انصرف عنها بعد فترة واشتاقت هى للعودة لبلادها
حينما زارها احد قاربها ووعدها بسفرها مع ابنها الاانه باعها وقبض ثمنها ..لم يصدق قصتها ولا
اسرها..حينما اهداها له االامير عرفكيف يخرجها من بؤسها..لكنها لم تعرف كيف تخرجه ن..بؤسه..مازالت
سارة باعماقة ..مدت ماريس يدها بكأس شراب..غمز بعينه..رائعة انت ماريس وتعرفين دائما ما
احتاجه..ثم شربه دفعة واحدة.
.ضحكت فى مرح لم يحن وقت المتعة بعد ..لدى مفاجأة

نظر اليها بفضول مفاجأة اخذت منه الكأس ووضعتها جانبا امسكته من يده وهى تشيرة لكوة خفية فى
الغرفة..نظر موشيه هامساً وهو يجد جمع من النساء قدتخففن من ثيابهن..يلهون بالطين ..يشاركنهن بضعة
اطفال بينما وقفت عائشة التى نكافته منذ قليل بجانب امرة متسربلة بالسواد نظر بدهشة الى النسوة الاتى
ترمين بعضهمن بالطين ويضحكن فى جنون ولفت انتابه تلك الاسبانية بوجهها المشرب بحمرة وجيدها
المكشوف وصدرها المرتفع وشعرها الاسود الناعم الطويل الذى طاله بعض الطين.اغلقت ماريس الكوة
وهى تقوده بعيدا وتضحك هل رضيت:-
اطلعت على قدس الاقداس على حديقة لهو نساء االامير..تمتم موشيه نساء الامير..عاد للكوة مرة اخرى
لما يلهون بالطين
اغلقت ماريس الكوة فاعاد موشيه فتحها مرة اخرى وهى ساخطة..سيكشفون امرنا.نظر للنسوة مرة اخرى وهو يستغرب موضوع الطين..قالت ماريس وهى قلقة:-
ليس اى طين هى قصة معتادة حدثت كثيرا من تدليل اغنياء العرب للزوجات ..طلبت صفية ان تلهو
بالطين لانها رأت بعض الجوارى تفعلن ..فامر الامير باحضار كميات من الطين..ولكن ليس اى
طين..فزوجات الامراء لا يلهون بطين الجاريات..الطين ممزوج بالطيب والزعفران وقطع من الذهب
والفضة يبحثن عنها اشار.. من هذهّّ.. ردد بنزق صفية اسمها فى الاصل صوفيا..نبيلة قشتالية افلس
والدها فزوجها للمعتمد ..الطفلة التى ترفعها ولا نرى ملامحها هى فيروز ابنتها..الفتى السمين الذى يلهو
امامها هو صفوان ابن الخليفة من زوجته فارسية التى عادت لبلادها بعد شجار كبير مع الامير ..وهذا
الصغيرة ذات خمسة اعوام اسمها سارة امها جارية..اما الجميلة ذات السبع اعوام فهى زبيدة اجمل بنات
الامير وابنة الفارسية..اما عائشة ابنة عاتكة..غمم:- عاتكة – اسمها غريب لا يوجد فى الاندلس كلها هذا
الأسم..اغلقت ماريس الكوة وهى تقوده عبر الغرفة ..وما ادراك من هى عاتكة ..هى من يخشاها الامير
وينفذ اوامراها بلا نقاش..جاءت من مكة ..اعرابية لتسكن قلب الاندلس..قليل من يعرف كيف تبدو..من
ملامح عائشة ابنتها..تسطيع ان تقول انها على قدر رائع من الملاحة لأنها بزواجها من الأمير كان سبب
شجاره مع زوجته الفارسيه رائعة الحسن ..انسى امر الكوة قالت بحذر ..ضحك موشية وهو يمسد شعرها
ثم يرفع بيده ذقنها وينظر لثغرها الرائع لدى بعض العمل فى معمل الكمياء ثم نلتقى يا جميلة..اومأت بتفهم
وهى تسرع الخطى نحو بيت موشية بينما تسمر امام الجدار الذى يفصل حديقة نساء الامير عن الحديقة
الامامية الغناء للقصرانفتح باب الجدار فجأة وقد خرجت المرأة المنتقبة وفى يدها عائشة ..وكبير الحرس
يمضى تجاهها ..فتتعلق عائشة بعنقه وهو يضحك..غمم موشية فى مكر يبدو ان وراء الامور وان وراء
نقابك يا عاتكة اسرار واسرار..اصطدم بصره بنظرة الطفلة المشاكسة فاسرع الخطى.

هنا اغلقت فيروو الكتاب وهى تمتم بكسل وكانت هذه بداية قصتنا
 

قديم 05-23-2019, 10:06 AM
المشاركة 5
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي رد: هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
3- شلومو
مر بعض الوقت منذ روت لى فيرروز قصة سارة وموشيه وحلم اليهود فى الاندلس بوطن خاص بهم
..بدأت انسى فيروز وكتابها المزعوم وهذه الاحلام الغريبة التى تتراءى لى حتى اتتنى هذه الخبطات
الرقيقة على نافذة غرفتى ..هى فيروز تفاجئنى ..مازالت على حالها ..لا ارى منها سوى جسد تغطية
عبائتها لكنها لاتخفى جسدا لصبية..والفضول يأكلنى وكتابها الذى تحمله يحملنى لارض اخرى وزمنا اخر واحلامى باتت واقع..اتناول منها الكتاب واضعه جانبا
ًفيروز .. حدثينى عنك
تقول فى نبرة حزينة منكسرة لنكمل القصة...القصة عنهم وليست عنى ..لم اقاطعها فهى فى النهاية
قصتها ..يأتينى صوتها من زمن بعيد ..ستكون أخر مرة اقرأ لك فأسترك لك الكتاب ..تقرأ بصوتاً قديم:-
بعدما نجح موشية فى تعيين شلومو جابياً للاموال فى دار المال..عازماً على خطة ما فموشيه لايفعل شئ
دون هدف ..زاره موشيه فى الديوان الذى يقع فى قلب اكبر اسواق غرناطة المكتظة بالحواتنيت المتراصة
تبيع كل ما تتخيله من سلع وطعام وغلال ودواب وملابس واوعية وجوارى وعبيد ووجده منهمكاً فى
مراجعة بعض الدفاتر التى اصطفت على طاولة عملة بينما مالت قلنوسته الصفراء المميزة التى يفخر اليهود
بارتدائها فى ذلك الوقت من زمن الاندلس غمم موشيه فى حنق (احمق) وهو يشاهد شلوموا يحك رأسه فى
سرعة ويعدل قلنوسته ثم يعاود مطالعة الدفتر امامه ثم تدلى فكه فى بلاهة واتسعت عينيه فى دهشة وصوت
اخر يردد برصانة:-
-الطبيب موسى اللاوى بشخصه عندنا ..اى ريحاً طيبة .
جاء الصوت من خلف موشيه فرسم ابتسامة مداهنة على وجهه وهو يرد التحية لأسامة بن الخطيب كبير
خزنة بيت المال. بقامته الفارعة ووجهه الصخرى الأسمر .يعرف ان تعيين شلومو لم يجئ على هوى
الخازن الا ان صوت اسامة ضرب رأسه بمطرقة حادة وهو يقول فى مكر اهديتنا بنابغة يا موسى فلولاه
ماعرفنا الطريق الصحيح لجمع الجباية من حى اليهود ..قهق اسامة بخبث وهو يربت على كتف شلومو
نظر له موشيه بنظرة باردة دون ان تختلج ملامحه بشئ وهو يقول بصوت اكثر برودة:-
وانا جئت لزيارة هذا النابغة
هز ابن الخطيب رأسه فى تفهم وهو يعرف ان سهمه اصاب اليهودى المغتر بنفسه:-
بامكانك الانصراف يا سليمان ..فقد غربت الشمس كان سليمان النطق العربى لاسم شلومو
نهض شلومو يتبع موشيه الذى اومأ برأسه للتحية مرة اخرى لاسامة وهو يطفأ المشاعل ليغلق ديوان بيت
المال وحينما هم شلومو بمساعدته اخذه موشيه من ذراعه وهو يجره جراً خارج الديوان غير ابه لنظرات ابن الخطيب
بنظرات الحراس المتوجسة .اكملا سيرهما وسط صوت الحوانيت التى تهم بالغلق فى اخر نهارات السوق
بغرناطة وقد اختلط المكان برائحة العطور والتوابل والفواكه وسلاسل الخضار التى لم تباع فى هذا اليوم
كاسفة البال لتباع بنصف ثمنها لبعض الفقراء الذى ملئ صخبهم وجدالهم مع الباعة انحاء السوق وانشغل
البعض فى رش المياه والتنظيف امام الحوانيت غير عابئين يهذين اليهودين ولا لاين يتجهان
صك كل هذا مسامع موشيه واضجره ..خاصة وهو يشعر بعيون ابن الخطيب مسلطه على ظهره وهو
يشدد يده بقسوة على يد شلومو ويرسل ضحكة هازئة متشفيه حينما ابتعد به عن مرأى اسامة بن الخطيب
فى شارع جانبى نزع قلنوسة شلومو الصفراء والقاها بطول ذراعه..صرخ شلومو وهو ينحنى لجلب
القلنسوة..شده موشية بقسوة من ناصية شعره :-
..انهض يا احمق
وقد بدأ الفضول بالمارة . اخيرا وصوت موشيه الغاضب .انسى امر القلنسوة
نظر اليها شلومو بحسرة من خلف ظهره وهو يمضى مجبرا تشده ذراع موشيه بقسوة
لكنها هى ما تميز اليهود وغمم بحسرة اكثر وهى غالية الثمن..

لوح موشيه بسبابته فى وجه شلومو ثم يجذبه وهو يسرع الخطي بعيداً عن الاعين الفضولية للتجار التى
تبحث عن مادة للثرثرة فى اخر النهار المرهق طلب من شلومو الا يتوقف وهو يسير

لا اريد شيئاً يميزك كيهودى.لا نريد نفوراً من المسلمين والمسيحين منك

هز شلومو راسه بحيرة اكثر وهو ينظر من بعيد لقلنوسته المرمية:-


ولماذا ينفرون ..انى انفذ ما يطلب منى فقط

حينما اطمأن موشيه انه ابتعد به لمكان لا يوجد به كثير من المارة تفرس فيه ملياً..حقاً تنفذ الاوامر ..لهذا
اشتكى الى حى اليهود باكمله..بعد تدقيقك مع كل بيت واعطاء قوائم باسم كل يهودى يستحق عليه الاموال
..لم تترك احد يالا براعتك يا شلومو رد شلومو فى غباء:-
ولكنى انفذ الاوامر

اغمض موشيه عينيه فى نفاذ صبر ..ثم جذبه مرة اخرى من ذراعه وهو يسرع به عبر الطرقات الملتوية ا
لمرهقة السير رغم رصفها بالقرميد ليقترب من بوابىة القاهل المطلة على السوق ..كان لشلومو تقريبا نفس
هامة موشيه الا انه يحمل جسد نحيلاً لا صحة فيه وقد ارهقه المسير وقبضة موشيه القوية تشتد عليه وقد
علم بعد طول عناء انهما يتجهان لحى اليهود الذى تقع احد ابوابه قرب السوق الممتلئ بالحوانيت والتجار و
الباعة توقف بغتة وهو يتملص من يد موشية وقد تفصد جبينه بالعرق الغزيز واتسعت عينيه بهلع وموشيه
يلصقه بجدار الحى الخالى من المارة فى عتمة الغروب

تساءل فى تردد ورجاء:-
ماذا تنتوى ..لم انفذ سوى الاوامر
خبط موشيه يده فى الحائط فازداد توتر شلومو وصوت موشية يردد:-

اية اوامر ايها الاحمق..انا من اعطاك هذا المنصب ..تنفذ اوامرى انا وليست اوامر هذا المأفون ابن
الخطيب.. ابعثك لمنصب قد يفيد بنى يهود كلهم..فاجدهم يشكون قلة مالهم بدلاً من زيادته..لطمه بقسوة

تضع يدك فى جيوب بنى قومك يا اخرق.. تستحق عقاباً ثمن فعلتك .. تلقى شلومو اللطمة وقد احمر وجهه
من شدتها ودق قلبه من الهلع ..لم تكن اللطمة ما تؤلمه بل خوفه مما قد يصنع موشيه به هل يفقد عمله هل
يأخذ المال من راتبه هل وهل ترددت الالاف الاحتمالات فى عقله..وقد وقف صامتأوموشيه يقطع الطريق
امامه مرارا وتكرارا وقد انهمك فى تفكير طويل توقف وقد اختفى اى اثر للغضب من وجهه وتبدلت
اساريره فجأة.. وضع يده برفق على كتف شلومو الذى بوغت بتغيره فهدأ لبرهة وهو يقول بتؤدة
-اقترب عيد الفطير شلومو الحبيب
افترت نواجز شلومو بغباء عن ابتسامة خبيثة وهو يتذكر عيد الفطير العام الماضى قابلتها نفس الضحكة
الشريرة من موشيه كان طعم الفطير رائعا وهم مخبوز بدم ذلك الشحاذ المسيحى الذى اقتنصناه..

ضحك شلومو وهو يتذكر والعام الذى قبله بدم ذلك التاجر المسلم المغربى ..كان شلومو يضحك ثم قجأة
توقف وهو يقترب من موشيه بهمس ..
اشياء كهذه لا تذكر هكذا موشيه

هز موشيه رأسه بتفهم مصطنع بالطبع اذا ماعرفوا اننا نخلط دم الغرباء بدقيق الفطير المقدس سيكون
الامر وبالاً على حى اليهود باكمله..اتسعت عينيا شلومو من الرعب وهو يقول:-
نعم نعم ..على ان اترك الان ..زوجتى حدفا تنتظر ..كان بودى ..ان تشرفنا على طعام العشاء..لكن اليوم
سبت لا طبخ اليوم موشيه الحبيب جذبه موشيه بعنف اكثر من ذراعه:-

هل تتذكر البرميل الابرى يا شلومو ..الذى كنا نعصر فيه الغرباء حتى نحصل على اكبر دم للفطير
المقدس..اقسم بالتوراة ان اضعك فيه يا شلومو اذا خالفت اوامرى ..هم شلومو بالكلام وقد سمره الرعب الا صوت موشيه كتم صوته :-
لا تغرك كلمة غرباء فقط للفطير فمن يضع يده فى جيوب بنى اسرائيل ويفلسهم يعتبرونه اغرب الغرباء
الصقه مرة اخرى بالحائط انصت الى جيدا يا شلومو:-

حينما تنادينى خارج حى اليهود فاسمى موس ..اياك ثم اياك ان تذكر اسم موشية ..هل فهمت يا سليمان
هز شلومو رأسه عدة مرات وقد تملك الرعب منه.
الامر الثانى يبدو انك ايها الاخرق اكتسبت ثقة بن الخطيب اريدك ان تجد فى كتابة الصكوك لجباية الاموال
من التجاراجابه فى خوف/-
لكنك تعرف انهم لا ييثقلون على التجار بالضرائب مخافة ان تخرب الاسواق وترتقع الاسعار-

شدد موشيه قبضته اطع اوامرى دون نقاش واذا ما اعترض بن الخطيب سيكون عليك ان تشكوه-

اشكوه!!

نعم تشكوه للامير مباشرة
اطلق موشيه سراحه برفق وهو يقول انتظر منك اخبارا جيده ثم رفع اصبعه محذرا
هرع شلومو فرحاً بالخلاص ليطرق بوابة حى اليهود تتبعه نظرات موشيه ..بينما خرجت فتاة تغطيت
بالكامل برداء اسود هم موشية بالانصراف الا ان قدمية لم تطاوعة فقد عرف فيها سارة .هل يغفو قلبه عن
سارته الحبيبة..التى مضت لا تلوى على شئ ولم تنتبه لوجوده توقف بحيرة ثم قرر ان يتبعها..مضت
بخطوات ضعيفة تستند على الجداران ..كادت تقع عدة مرات فيدق قلب موشيه لهفة عليها..لم ينسى تلك
المشاعر العنيفة التى تحركها سارة بداخله..طالما يشعر انها صنعت له شيئاً من السحر مزجته بدمائه .سحر
اختلط بدمائه لو قابل الف امرأة تظل سارة لهيب قلبه ..كان يعرف اين تتجه ففى نهاية هذا الطريق تقع
بحيرة صغيرة تحفها الاشجار كان يلتقيها فيها سابقاً
..كان الظلام بدأ يحل على المدينة وقد خفف انتصاف الشهر القمرى منه الا حينما تمر سحابة فتحجبه
وتحجب سارة عنه ولم يأخذ موشيه جواده اليوم اراد التنزه على قدميه فى يوم عطلته ..لعن حظه الغائر
وهو يتبعها قلقاً..توقف وقد وصلت لحافة احدى جدوال غرناطة التى يملؤها ماء المطر المنهمر فى الشتاء
..رمت الرداء الذى يحجبها عنه ارضا ثم نزلت للمياه..صرخ بعنف وهو يعلم انها لاتجيد السباحة:-
سارة ماذا تفعلين
التفت له سارة بلوعة ولم تصدق عينيها وهو ينتزعها انتزاعاً من الماء ويلفها بالرداء
لاحظ تكور بطنها وهو يحملها..وضعها برفق..وهو يشبع بصره من وجهها وقد بلله الدمع ..مسح
وجنتيها برفق وهى تشهق:-
انت عدت..انت موشيه..لما تركتنى موشيه ..انا احتاجك كثيرا موشيه..بكيت كثيرا كى تأتى ولم تأتى
ها نسيت سارة ..حبيبتك سارة ..هل نسيت موشيه
اخذها موشيه فى حضنه وعيونه تترقرق بالدمع وهو يمسح دموعها السخية:-
ابدأ يا سارة وضع يدها على قلبه..هذا النبض لا يقول سوى سارة هل تسمعين..هذا القلب لا ينبض سوى من
اجلك سارة..اذا لم توجد سارة لم يوجد موشيه..لا معنى لحياتى دونك يا سارة
لبثت فى حضنه حتى خيل له ان الزمن قد توقف وقد اضاء نور القمر بغته المكان فتلألأت كشلال فضه
عارمه تتماوج ببطء شديد فى ليلتهما تلك..سحرته ساره والمكان ولم يفق الا على صرخة طائر مستغيث
امسك بوجهها الشاحب وهاله عيونها الداكنة
ما بك سارتى ..ما بك حبيبتى ..اننا نمر بوقت عسير ..انا فقط مشغول ..لكنى لن اتخلى عنك ابداً سارة
تجيبه بصوت مشتنج باكى:-
هو عوفديا وحزفيال يشيران لبطنى ولا يطلقان عنى سوى جالبة العار
تنهد موشيه بحسرة سارة حبيبته تحمل طفله ولن يطلق عليه سوى طفل زنا..ضمها الى صدره وهو
و يختنق ..اه يا سارة..هو يعرف انه يكذب عليها ولن يفى بأى شئ..هى تضحيته العظيمة والمه اكبر من المها..هى ستسامحه يوماً ولكن لن يسامح نفسه ابدأ ..اخرجه صوتها من عذابه:-
سمعت ان لك عشيقة جميلة جميلات قصر االامير
ضحك بخفة و يتنهد بعمق ويأخذها لاحضانه اكثر ويقبل ثغرها:-
لا احد يضاهى سارتى
مسد بحنان شعرها ..لن اسمح لعفوديا وحزقيال بمسك بسوء فقط ذكريهم انك قابلتنى اليوم واطلبى اليهم
زيارتى غدا فى ديوان الكمياء..غصت سارة الن تأتى للحى
سأتى حبيبتى فى عيد الفطير
ضحكت سارة انه الاسبوع القادم
ود لو ان الزمن توقف وهى تستند على صدره وتغفو ..كان قد مضى ساعات على الغروب ايقظها موشيه
بحنو ..ابتسمت لرؤيته وكانت تظن انها تحلم:-
اننى فى السادس ..يجئ طفلنا اوائل الخريف..ربت على بطنها المتكور ..قال بحب:-
سيكون جميلاً كأمه
قامت من جلستها وهو تزهو بجسدها..وتضحك :-
هل انا حقاً جميلة.اجمل من جاريتك القشتالية
وقف بدوره وهو يضحك بل اجمل نساء العالم وعلينا ان نرحل يا جميلتى ..غصت الابتسامة من وجهها
فربت على وجنتها حينما وصلت لباب حى اليهود ودعته تظرة اخيرة ..نظرة حملت المها وضياعها نظرة
بقيت فى ذاكرة موشيه حتى النهاية ولم ينسها ابدأ وتركت السم بدمائه وجلبت له فيما بعد تعاسة ما بعدها
تعاسة
.حدجها الحارس بسخرية وتشفى لبطنها المتكور رفعت اصبعها فى وجهه ساخبر موشيه فحلت محل
السخرية نظرة خوف ما كاد موشيه يتخذه طريقاً عبر السوق ومنه للطريق المؤدى لقصر الامير حتى
احاطت به عدة جياد..نظر بتوجس وهو رئيس الحراس المسمى طارق يترجل:-
موسى اللاوى ..حدجه بنظرة مزدرية
لقد كسرت يد صفوان ابن الامير ..اين جوادك..علينا الرحيل الان

 

قديم 06-10-2019, 07:53 AM
المشاركة 6
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
جميل جدا يا روان
مرحبابعودتك
من الولضح انك اشتغلت جيدا على موهبتك السردية
سعيدة بك
محبتي

قديم 06-10-2019, 03:06 PM
المشاركة 7
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
تسلسل رائع ووصف دقيق

جعلنا نعيش الأحداث وكأننا أبطال هذه القصة

شكرآ أستاذة روان للإبداع تقبلي مودتي

وحيدة كالقمر
قديم 06-16-2019, 01:34 PM
المشاركة 8
بتول الدخيل
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
قصة جميلة جدا ورائعة

تدري وش صاب الخفوق!!..فيه بعض آثار شوق..وبه جروح وبه حروق..وبه سوالف لو تروق!!.وبه نزيف بالحنايا ..من فراقك .. يا هوى قلبي الصدوق


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: هزلية غرناطة (فوق التلال الزرقاء*
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حَرقُ مؤلفات ابن رُشد وسقوط غرناطة فالقُدس ثريا نبوي منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 2 09-02-2022 02:05 AM
حتى لا تسقط غرناطة! محمد حمدي غانم منبر شعر التفعيلة 5 08-09-2019 04:15 AM
فوق التلال الزرقاء-رواية روان عبد الكريم منبر القصص والروايات والمسرح . 16 09-13-2014 12:35 PM
بفكر خصرك الصريح (هزلية) أشرف حشيش منبر الشعر العمودي 2 01-22-2014 10:12 PM
نزاهة حمار ( قصيدة هزلية ) الحسين الحازمي منبر الشعر العمودي 13 06-08-2012 01:57 AM

الساعة الآن 03:47 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.