احصائيات

الردود
0

المشاهدات
615
 
حسام عبدالباسط
من آل منابر ثقافية

حسام عبدالباسط is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
83

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة

رقم العضوية
16431
03-13-2022, 12:33 PM
المشاركة 1
03-13-2022, 12:33 PM
المشاركة 1
افتراضي دهاليز المنامات/ قصة: محمد خلف الله سليمان
المنامة الأولى:


قالت لي جدتي: سمعتك تنادي باسم إسماعيل..
- يمر القطار في مروجٍ خضر.. أحيانًا مروج ملونة بألوانٍ تجاوزت ألـوان القزح، ألوان سرمدية ما شاهدناها مذ خلقنا..
- الكهل يقرأ كتاب (الحارس في حقل الشوفان)..
- البنت التي كانت تجلس بجانبهِ تقرأ (ليس لدى الكولونيل من يكاتبه)..
- أما الرجل النبيل فقد كان يقرأ رواية (دون كيخوته) ويضحك بلا سببٍ واضح، لقد انهار تمامًا..
- وقع بصري على الكتاب الذي أبحث عنه حول الأسرار الكونية في سور الكتب (بالبوستة)..
- ثم اختفى الكتاب..
- واختفى سور البوستة..
- واختفى (سامي) بائع الكتب..
- تلاشت ملامح المدينة التي كان اسمها أم درمان..
- تقوم مقامها مملكة (تمبكتو) القديمة..
- القادمون يركبون الإبل، ويلبسون أحذيةً أشبه بأحذية (النورمانديين)، كان التجار يذهبون إلى (تيغري) ليعودوا بالملح..
- اختفى رهط القراء المنكبّين على متن القطار..
- الكهل اختفى وكذلك الرجل النبيل، وكلّ أولئك الذين تغالبت عليهم شهوة الكتب..
- اختفى لغط الركاب، وتحركت الأشباح في القطار..
- القطار يسير إلى اللانهاية..
- وأنا أحتضن البنت التي كانت تقرأ ماركيز (لا نأكل الأحلام، بل نستطعمها)..


* * *

المنامة الثانية:


قالت أمي: كنت أسمعك تصيح باسم أحد ملوك العجم!..
- وقف أمام الحاكم العام الإنجليزي..
- كسر قلمه..
- لم يكسر رقبته، وما مُزَّق قميصه..
- جلسنا في مقهى (الكاشف)..
- شربنا قهوةً دون أن نذوّبَ السكر..
- مر أهل السفينة بملابس الأنجلو-سكسون القديمة..
- لقد وجدنا من سفرنا هذا نصبًا..
- يبحثون عن الخضر وموسى وفتاه!..
- الباعة الروحانيون الأوغاد بأجسادٍ شفافة تتحرك أشياؤهم.. تسمع أصواتهم، ولا تراهم!..
- وصوت (أبودؤاد) يغني (من زمان)..
- (جينشا أيكو) الياباني يلصق على جدران غرفته البائسة صورًا للأثاثات التي كان ينبغي عليه حيازتها..


* * *

المنامة الثالثة:


قالت لي عشيقتي التي كانت تركب معي في القطار: سمعتك في منامك تنادي اسم (شهريار)..
- صوت المقرئ الرزين يتلو (إني أرى في المنام أني أذبحك)..
- كان الميناء فارغًا.. والبحر يجري في تؤدة.. ألوانه تتعدّد.. وأنا وحدي أسير نحو وحشتي..
- (الهوساوي) الذي جلس بجانبنا في المقهى ترطن مع رفيقه.. ما زلت أهابهم، أخشى أن يتناجى الناس بلغةٍ لا أفهمها.. طوارق.. وشلح.. وشناقيط.. وأثيوبيين.. وخواجات.. وبرابرة.. وأتراك.. يتراطنون في رأسي.. رطانات الدنيا تدخل وتخرج من المقهى..
- كانت عشيقتي تروي لي حكاية الميناء..


* * *

أطياف المنامات:


- أرى سراديب ونقوشاتٍ بارزة على الدهاليز..
التوابيت المرسومة.. وشواهد القبور.. جنود الملك.. سنابك الخيول.. ضوء اليعاسيب، وأولئك الذين يتخذون من الثعابين والفهود والطواويس والضفادع والفئران آلهة..
يتنحىّ النمل..
- في خزانة الكتب القديمة، تقرأ أنّ الإمبراطور يوليان الروماني كان مغرمًا بالكتب التي تصحبه حتى في حروبه..
- كان يحب أن يدعى قسًا من أن يسمى إمبراطورًا..
- (كل ضربة لها نغمة يفيق فيها المجنون وتذهل منها العقول وتطرب لها الحيوانات والجمادات)
(..كنت الساعة آكل مع أولاد الشلك لحم حوت في مركب نيلي تخطى كوستي.. شالني عصار وجابني هنا رماني وسط هذا الحشد الملتم)
نعبر الجسر..
نتوقف..
وأرى دماء أسلافي التي تجري في عروقي تتدفق..
ترتطم الصِحاف بأصوات الديكة المتعالية لتوقظ الصباح من غفوته، فتتنادى الأصوات الطالعة من أطياف الأحلام المتناثرة.. تلم شظاياها ويخترق الصوت المؤذن للصلاة جموحات الغزلان التائهة، فأتعرف على أهلي..
وتعود أم درمان كما هي تعلن عند رأس كل ربع ساعة وجودها الملتبس..
الإضاءات الكثيفة تزغلل العيون، وتغري الناس بالسقوط..
هذا ما كان من أمري..

(يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون)..



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: دهاليز المنامات/ قصة: محمد خلف الله سليمان
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مدخل إلى دهاليز الرواية حسام الدين بهي الدين ريشو منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 12 11-18-2019 12:38 PM
فاته أن يكون ملاكا» دراسة نقدية عن محمد شكري : بقلم سليمان حاج إبراهيم ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 03-19-2015 03:16 AM
التاريخ الأوروبي الحديث - عبد العزيز سليمان نوار ومحمود محمد جمال الدين د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-02-2014 10:05 PM
فن الترتيل وعلومه - أحمد بن أحمد بن محمد عبد الله الطويل د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-01-2014 03:25 PM
أسْرار النحو - شمس الدين أحمد بن سليمان المعروف بابن كمال الباشا د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 05-28-2014 09:12 PM

الساعة الآن 06:26 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.