احصائيات

الردود
8

المشاهدات
2430
 
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة

روان عبد الكريم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
238

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة

رقم العضوية
7565
08-08-2014, 12:54 AM
المشاركة 1
08-08-2014, 12:54 AM
المشاركة 1
افتراضي زمرد
زمرد


ذات شتاء بارد قبعنا فى المنزل الريفى خاصتنا فى احدى قرى الفيوم, كنا ننتظر على اتون الجمر ولادة المهر الصغير بعد طول انتظار وقد جلست انا وسناء شقيقتى فى الركن فى هدوء وترقب , وقد تصبب العرق غزيراً على جبين أبى الطبيب البيطرى ومساعده يشد ازره ..... بينما وقفت الفرس فجأة ليتدلى منها بعض الماء ثم تستقلى مرة أخرى فى سكون تارة وانتفاضات متلاحقة تارة أخرى تثير العشب الجاف اسفلها ونحن ننظر فى أثارة وقد غاب الوسن عن جفوننا ثم تدلت منها أولى بشائر الحياة وظهر المهر الصغير وقد أحتواه شبه كيس ابيض اللون حينئذ تعالت صيحات الفرح من أبى ومساعده وربت على على جيد الفرس فى حنان.... لم يفوقه سوى حنان الفرس على مهرها الصغير وهى تلعقه بأهتمام ثم تستلقى فى خمول وهى تنظر نظرة أخيرة على وليدها وقد طارت روحها شعاعاً وأنتفض الجسد الأنتفاضة الأخيرة.

أتكئ أبى على قدميه وهو يمسك برأس الآم ويصرخ فى مساعدة أن يغرس حقنة تنشيطية بها لكن هيهات فقد استجمعت المسكينة أخر أنفاس الحياة لتهب للصغير حياة أخرى .
كانت المرة الأولى التى يبكى فيها أبى أمامنا......... وقد أرتعنا أيما أرتياع وجرينا الى أمنا وقد وقفت بملابس النوم على مدخل باب الاصطبل فهى كانت نائمة وقد أيقظنا أبى فى هدوء لكى نحضر هذه الولادة وبدلا من زجرنا شعرت بالخطب وربتت علينا بحنان وهى تمسك بذراع أبى وتقول أنهض عزيزى أن للك أن ترتاح قليلاً.

كانت عيناه حمروان من البكاء المر وقد ألمه أن يترك الفرس هكذا ملقاة فازاح يداها فى رفق وهو ينظر فى أتجاهنا ويقول أذهبى بالطفلتين الأن وماهى إلا فينة وأنا وسناء نرتمى فى احضا ن والدنا ونبكى لبكائه وقد أرتعشت أمى للموقف بينما أنهمك المساعد فى المهر الصغير الذى نسينا أمره تماماً.


كان الصبح بدأ يتنفس وبدأت السماء الزرقاء وقد تناثرت على جبينها لوحات من السحب البيضاء الداكنة تمضى بلهو من مكان لاخر تطاردها أشعة الشمس فى قسوة وتششت شملها ولم تستطع عيوننا الناعسة أن تقف أمام جبروت الشمس ومضينا مع أمنا لنغفو فى تعب ولم أستيقظ سوى فى الظهيرة ورائحة الطعام تداعب انفى فنظرت تجاه سرير سناء ولم أجدها ..حينئذ تذكرت قصة المهر وقصة الآمس الحزينة .. يومها كنت فى نحو العاشرة وسناء فى الثانية عشر وقد وقفت تساعد أمى فى وضع الأطباق وهى تنادى سما أيتها الكسولة أستيقظى ....فغسلت يدى ووجهى سريعاً وأرتديت سروالى البنى المفضل وكنزة خضراء أشتراها أبى لى العام الماضى من القاهرة بثمن باهظ رغم نقوده القليلة التى ضاع اغلبها على البيت الريفى وتربية الجياد وقد باع هذا العام أخر جوادين يملكهما لسداد الديون المتراكمة ولم يبقى سوى" سلوى" الفرس الآثيرة لديه.. ورفض بيعها بكل الطرق وقد غضب أيما غضب حينما علم بحملها فهى لم تكن تحتمل الولادة وقد قضت نحبها وها هو يجلس باكتئاب على المائدة يلهو بحبيات الأرز فى طبقه وأمى لآ تعلق بل أكلت بكل هدوء وهى تشير لى:-
أجلسى يا سما واعطتنى طبقاً مليئا بالطعام وقد أزحته جانباً وأنا أنظر لأمى فى وجل لأنى أعلم أنها أتفقت الصيف الماضى مع مساعد أبى على تلقيح الفرس وحذرتنى بقطع رقبتى أن تفوهت بكلمة. ...وها هى تجلس بكل هدوء وتأكل ثم تقول دون أن تنظر لأحد
"الطعام جيد" , تمتم ابى وهو ينهض:-
لا شهية لى وسار باتجاه الباب وانا اقفز فى سرعة لألحق به وقد أخذت بعض من أفخاذ الدجاج ورغيفى خبز وسط صيحة أمى وسخطها وهى تردف أنت أبنه أبيك أيتها الفتاة الصبى .


وهى على حق فأنا أشبه كثيراً بجسده النحيل وشعره البنى وطبعه الحنون بيد أنى احمل الكثير من النمش على وجهى , كان أبى بطلى الآثير وأنا ارقبه يحنو على المهر الصغير وقد نمت ملامحه عن فرحه ممزوجة بالألم ثم انقلب ملامحه لآهتمام حقيقى وهو يقول شئ عجيب حقا..... وقد جلست بجانبه على العشب والفرس الصغير ينهض بقوائمه فى ضعف ويتقبل من ابى زجاجة حليب بكل جوع وقد أرتعش جسده فى حبور وبرقت عيناه التى اثارت أبى بلونهما الأخضر الزمردى وهويمسح جسد الفرس وقد أنتعش كلاهما من جديد وابى يقول هذه معجزة يا سما معجزة أن يكون لفرس عينان خضروان.......... وهكذا اطلقنا عليه أسم زمرد ونحن نلتهم افخاذ الدجاج بمرح.

كبر زمرد وخلال شهروصار يملاء البيت الريفى صخباً... ومع نموه زادت المشاكل بين أبى وأمى التى رأت فى بيع زمرد حل لمشاكلنا ورفض أبى فى أصرار ..وأن وظيفته تدر عائد معقول ولكن أسرافها وسفرها الكثير هو ما يثقل كاهله وكان كلامه هو القشة التى قصمت ظهر البعير فلم تمضى ساعة الا وقد وشحنت كل شئ فى سيارة وغادرت أبى ونحن برفقتها دون حتى أن تودعه , وحتى دون أن تسمح لنا بوداعه وقد بكت سناء كثيراً وهى ترجوها أن تعيدنا للبيت وأمى تردف أنكما الأثنتان ابنتا أبيكما......كلما تذكرت هذه الفترة المريرة بين تعنت أمى واسرتها وتوسلات ابى ابكى كثيرا فقد غلقت علينا الحجرات وأنهمرت دموعنا ونحن نرقبه من خلف النافذة وهو يمضى كسيراً فى كل مرة يأتى فيها, وقد حصلت أمى على الطلاق وتزوجت رجلاً ثرياً يناسب طموحها ولم يياس ابى ابداً حتى استعدانا وقد عدنا لبيتنا الريفى ولشدة دهشتنا وجدنا الرخاء يعم فيه ولم نجد زمرد فعلمنا أن أبى قد باعه من أجلنا.


ولم تكن هذه نهاية قصتنا فذات مساء ونحن نجلس فى حديقة المنزل الريفى فاذا بسيارة شحن كبيرة تتقدمها سيارة فارهة وقد هبط منها رجل وقور تقدم أبى بتجاهه... ثم هرع لسيارة الشحن وهو يصعدها والفرس يداعبه فى جنون بعد أن رفض الطعام وهزل كثيراً ولم يأكل إلا من يدى أبى وسط فرحتنا أنا وسناء والرجل الوقور يرقبنا فى هدوء وبعد ساعات جلس مع أبى الذى أخبره أن يسطيع أن يرد جزء من ثمن الفرس وسيقسط الباقى ....إلا أن الرجل قاطعه وقال أنا لن أبيعه ولكن سأبيقه معك وغير ذلك سنبدأ فى أنشاء مزرعة كبيرة هنا للخيول وأردف وهو يقول هذا أذا كنت تقبلنى شريكاً .......كانت هذه الليلة أجمل ليالينا وقد عاد زمرد لنا مرة أخرى وماهى الا شهور قليلة وتدب الحياة فى المزرعة التى ضمت أراضى إليها أعطت للفرس الآصيل مكانا اوفر للهو والركض وأعطت لأبى الحياة مرة أخرى .........وفى ليلة شتوية أخرى كنا نقف بجوار أبى نشد ازره فى توليد الفرس الجديدة وليفة زمرد, وكانت فرس شابة قوية ولم تمض لحظات إلا وكانت تمسح جسد صغيرها بكل همة , بينما وقفت أمنا على الباب وقد أتت دون ميعاد تنظر إلينا بعيون خاوية وقد خلا أصبعها من محبس الزواج الجديد وقد خطت بأتجاهنا ولكن أبى لم يسطع أيجاد لها مكان بجانبنا وأن حلت علينا مرات ضيفة عزيزة, تأتى لتنظر مبهورة إلى الفرس الذهبى بعيونه الزمردية الخضراء وقد تطاير شعره يصافح عنان السماء, بنجومها الكبيرة اللامعة وتتساءل وهى تسمح دموع رقراقة هل يصلح الزمن الآخطاء.


قديم 08-08-2014, 01:27 PM
المشاركة 2
جليلة ماجد
كاتبة وأديبـة إماراتيـة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لا شيء يصلح الأخطاء يا روان ...

لا الزمن .. و لا الحياة .. و لا الحب ...

عليها أن تتعايش مع أخطائها ...

و لا تكررها كبشرية حمقاء ...

أنتِ كل الزمرد و الذهب يا روان ...

كم أعشق وصفك .. و أحب كتاباتك ...

كوني بخير !

عند المطر ..تعلم أن ترفع رأسك ..
قديم 08-08-2014, 03:50 PM
المشاركة 3
ابو ساعده الهيومي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الاخت العزيزه روان عبدالكريم
قد تصاغ هذه القصه بطريقة اخرى لو كانت الزوجه في عيون الكاتبه هي الضحيه وسوف تكون رسالتها
عندما يحب الانسان بجهل وجنون يظهر امام الجميع بأنه الجاني والحقيقه انه مجني عليه وهذا يحدث غالبا عندما يكون الطرف الاخر لديه الصبر والتحمل والقدره والطرف الاخر لقصتنا وهو الزوج لديه هذه الخصال فمهنته الترويض
في القصه حاولت الزوجه بغباء لفت انتباه زوجها حبيبها الذي انصرف عنها بحب اخر بينما هو تعامل مع هذا الوضع بدهاء واستطاع ان يظهر امام الجميع بأنه الحمل الوديع

قديم 08-09-2014, 12:50 AM
المشاركة 4
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
لا شيء يصلح الأخطاء يا روان ...

لا الزمن .. و لا الحياة .. و لا الحب ...

عليها أن تتعايش مع أخطائها ...

و لا تكررها كبشرية حمقاء ...

أنتِ كل الزمرد و الذهب يا روان ...

كم أعشق وصفك .. و أحب كتاباتك ...

كوني بخير !
الغالية الحبية كلماتك تجعلنى اتي فخرا وكأنى اطير فوق السحاب
شكرا لك
هى اخطأت وطمعت وقد تركت النهاية مفتوحة بسؤال هل يصلح الزمن الاخطاء

قديم 08-09-2014, 12:56 AM
المشاركة 5
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
الاخت العزيزه روان عبدالكريم
قد تصاغ هذه القصه بطريقة اخرى لو كانت الزوجه في عيون الكاتبه هي الضحيه وسوف تكون رسالتها
عندما يحب الانسان بجهل وجنون يظهر امام الجميع بأنه الجاني والحقيقه انه مجني عليه وهذا يحدث غالبا عندما يكون الطرف الاخر لديه الصبر والتحمل والقدره والطرف الاخر لقصتنا وهو الزوج لديه هذه الخصال فمهنته الترويض
في القصه حاولت الزوجه بغباء لفت انتباه زوجها حبيبها الذي انصرف عنها بحب اخر بينما هو تعامل مع هذا الوضع بدهاء واستطاع ان يظهر امام الجميع بأنه الحمل الوديع
هى زوجة مبذرة
هو طبيب بيطرى
ولا يفهم احد ماهية الطبيب البيطرى الا اذا دجن حيوانات وتعامل معها
ان تربية الحيوان تجعلك بقدر ما مسؤلا عنه مسؤلية كاملة وتربطك به بصلة غريبة
فكم من مشاجرات بينى وبين ابنتى لان اول عمل لى فى الصباح و اطعام القطط وتأتى هى لاحقاً..امل ان تستوعب يوما انى افعل هذا تلقائيا بل اقوم من النوم مذعورة اذا احسست بجوع قطط البيت او قطط السلم..هى صلة لا اجد لها تفسيرا
وطبيبنا هنا من نفس النوعية تستحوذ الفرس على اهتمامه دون ان ينسى ابنتاه فقد اوقظهم لحضور الولادة وحين تطلب الامر التضحية بفرسه العزيزه لاعادة طفلتاه فعل
وى تضحية عظيمة تفوق الوصف وتثير الالم بداخله لدرجة لا توصف

اسعدنى مرورك صديقى العزيز

قديم 08-09-2014, 08:07 PM
المشاركة 6
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا بالكاتبة روان عبد الكريم .

الحبكة كالعادة متقنة ، والعنوان موفق و القصة شيقة و معبرة و هي عناصر قوة النص ، حضور فاعل للشخصيات و استغلال موفق للزمان و المكان .
ملاحظة : توظيف "قد" في الكتابات السردية يبعثر الأسلوب ويخل بالتعبير ، فهو دائما يحتاج إلى الانتباه إليه فهو من الحروف الثقيلة تكرارها ، نفس الشيء بالنسبة للمصدر المؤول من أن والفعل .

قديم 09-25-2014, 07:29 AM
المشاركة 7
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
في المرة الاولى التي قرات فيها نصا قصيا لروان عبد الكريم توقعت انها ستكون قاصة متمكنة تعرف كيف تسرد علينا القصة و تصيرنا احد شخوصها و نهتم لاحداثها و قفلتها
و هاهي تصقل موهبتها يوما اثر يوم
فحورة بك يا روان
وفقك الله

قديم 09-26-2014, 05:17 PM
المشاركة 8
محمد الشرادي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
أهلا أختي روا
الجواب عن سؤال القفلة صعب .قد يصلح الزمن الأخطاء و قد يعمقها. الأمر متعلق بتجربة كل واحد على حدة و متعلق بطباع الناس.
نص جميل.
تحياتي

قديم 07-19-2019, 02:42 PM
المشاركة 9
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: زمرد
إنعتاق النص من إدراكك أستاذة روان

إحالة بديعة من الفكرة إلى جسد القصة

تكتب الحياة قصتكِ الرائعة واقعآ على نحو ما

شكرآ لقلمكِ الباهر مع فائق التقدير

وحيدة كالقمر

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: زمرد
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
زمرد الأيوبية أ محمد احمد منبر ذاكرة الأمكنة والحضارات والأساطير 0 11-06-2015 08:15 PM

الساعة الآن 08:22 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.