احصائيات

الردود
5

المشاهدات
1155
 
هشام اجران
من آل منابر ثقافية

هشام اجران is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
40

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة
اكادير

رقم العضوية
16511
01-18-2021, 11:02 PM
المشاركة 1
01-18-2021, 11:02 PM
المشاركة 1
افتراضي قصة قصيرة: نبضات الأمل
نـــــــبضات الأمل
نادت الأم ابنتها المنزوية في غرفتها، ولم تتلق أية إجابة، فأعادت النداء بصوت متكسر واهن يقطر بالألم على حال ابنتها الوحيدة، وتذكرت بكثير من الندم، كيف وثقت بكلام إحدى صديقاتها وهي توصيها بوصفة تنفع المرأة الحامل وكانت الكارثة حين تسببت عن غير قصد في تشويه الجنين فخرجت البنت للوجود بوجه ذميم. من يومها أصبح الشقاء ملازما لهذه الأسرة؛ بنت تعيش ولا تحيا، وأم يقتلها الندم والألم في كل وقت وحين، وأب لايدخل للبيت إلا لينام يهرب من واقع يائس لم يجد لا القوة ولا الإيمان ولا الوسيلة لمواجهته.
في المساء دخل الأب ورجل، دققت الزوجة من وراء باب المطبخ في ملامح الضيف، رجل جاوز الأربعين بقليل، يبدو عليه البؤس لكن ملامحه متناسقة، احتفظ بشعره الأسود الذي تخللته خصلات من الشيب ومنحته قامته الطويلة وجبينه العريض وعيونه السوداء البراقة وسامة وجاذبية رغم ملابسه الغير متناسقة والبالية. طال جلوس الرجل، لم تتبين الأم من الحديث سوى ضحكات زوجها التي تعالت هو الذي لم يضحك منذ زمن. في لحظة دخل عندها ليخبرها بأن الضيف هو زوج ابنتهما المستقبلي، اندهشت واختلطت مشاعر متباينة في أعماقها وجرت كلمات كثيرة على لسانها، لم يمهلها زوجها وهو يقول بحزم:"اخبريها فغدا موعد عقد القران" ثم خرج مع صهره.
جلست الأم بجانب ابنتها، وهمست في أذنها بحنان: «لدي خبر مهم يتعلق بك يا ابنتي»
لم تنبس الفتاة بكلمة فأطلقت الأم العنان للسانها في حديث طويل، تحدثت عن الماضي وآلامه وعن إرادة الله وأن الحياة لا بد أن تستمر، تحدثت عن الأمل وعن العمر الذي يمضي بسرعة، تكلمت عن شبابها وكيف تعرفت على زوجها، عن أول نظرة وأول خفقة قلب وحب جميل عاشته مع رجل أحبته وأحبها بصدق، وعادت للحديث عن القدر والمكتوب وأن كل فتاة لابد لها من لحظة تزف فيها لعريسها لتبدأ حياة جديدة وتلك سنة الحياة، وفي لحظة مررت يدها لتداعب شعر ابنتها، شعر خشن باهت فاقد للنعومة ومفتقر للعناية، وأمسكت يدها الأخرى بوجه الفتاة وأدارته نحوها برقة لتنظر في عينيها مباشرة وتقول:"لقد جاءك عريس وغدا سيعقد قرانك!"
وتغير حال الأسرة بمرور الأيام، زادت أتعاب الأم بعد أن أصبحت تهتم بأمور زوجها وزوج ابنتها، والأب غارق في العمل ليلبي طلبات الزوج العاطل، والبنت حبيسة همومها وآلامها وخوفها من رجل ترعبها نظراته وتذكرها بالهمسات والضحكات القديمة، رجل يأكل ويشرب وينام ويغيب عن البيت لساعات طوال، استغل الوضع واحتياجهم إليه فأصبحت تصرفاته أقرب إلى النذالة.
وحل ذلك اليوم، كانت ليلة ممطرة وباردة، البيت ساكن بعدما استغرق أهله في نوم عميق، دخل الزوج وهو يترنح من فرط الشرب، دخل الغرفة وهو بالكاد يتبين موضع قدمه، أضاء المصباح الخافت، أمامه كانت الفتاة مستلقية على السرير غارقة في نوم عميق، وقف يتأمل الجسد الذي سقط عنه الغطاء، نزع ملابسه وبوحشية ألقى بجسده على جسد الفتاة التي انتفضت في رعب، أحكم جسده القوي فوق الجسد النحيل، حولت أن تقاوم لكنها تراخت في ضعف وتعالت أنفاس ساخنة في الغرفة الضيقة.
بعد أسابيع على هذه الحادثة خرج الزوج ولم يعد، طال غيابه وحين عاد كانت بيده ورقة الطلاق وابتسامة ساخرة شفاهه ولم ينس قبل رحيله أن يزيد من وقع الصدمة على الأب والأم وهو يقول:"لم يعد باستطاعتي تحمل رؤية وجه قبيح وجسد أقبح!" ثم خرج.
ومرت شهور لتصحو الأم ذات صباح على صوت ابنتها، اقتربت أكثر من باب الغرفة فميزت الصوت أكثر، صوت حنون هي التي لم تسمع من ابنتها سوى الصراخ والنحيب، كلمات حنونة كلها حب وحنان، فتحت الأم الباب أمامها كانت البنت جالسة ويدها تتحسس بطنها في ود بالغ، رفعت عينيها لتقابل الأم الواقفة وقالت:" انه يتحرك أحس به في أحشائي" وخفق قلب الأم في قوة.
استمرت البنت في حديثها الهامس مع جنينها وكأنها تذكرت شيئا فاتجهت نحو النافذة بخطوات مسرعة وهي تردد :" لا شك أن الظلام يخيفه"
فتحت النافذة ليدخل شعاع قوي من الشمس ويعم أرجاء الغرفة الضوء والدفء. وبنفس الخطوات توجهت لفناء البيت وعادت محملة بمرآة كبيرة ووقفت تتأمل في وجهها طويلا وأخيرا ابتسمت في ثقة. التفتت نحو أمها التي اختلطت عليها المشاهد فبقيت مسمرة في مكانها، اقتربت أكثر منها وبصوت واضح قوي النبرات رددت:" إن كان ولد سأسميه نور، وان كانت بنت فسأسميها حياة."
وعانقت أمها بكل قوة وحب وشوق وحنـــان.


قديم 01-18-2021, 11:28 PM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: قصة قصيرة: نبضات الأمل
سبحان الله
رب ضارة نافعة
هذا الطفل الذي تحرك في أحشائها وكأنه انزرع معه الأمل والحياة في قلبها لتشرق من جديد ..
قصة جميلة وسرد طيب بلغة أنيقة
كنت هنا

فشكراً على الإمتاع
ناريمان

قديم 01-19-2021, 12:03 AM
المشاركة 3
هشام اجران
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: قصة قصيرة: نبضات الأمل
شكرا على تقديرك سيدتي.

قديم 01-19-2021, 12:53 AM
المشاركة 4
عبد الكريم الزين
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الرابعة الألفية الثالثة وسام الإبداع الألفية الثانية التواصل الحضور المميز الألفية الأولى 
مجموع الاوسمة: 8

  • غير موجود
افتراضي رد: قصة قصيرة: نبضات الأمل
تحية طيبة
ويبقى الأمل باعثا على الحياة
قصة معبرة ونهايتها جميلة
تسلسل متقن للأحداث، وفرج يأتي بعد أن استحكمت الحلقات.
تحياتي وتقديري لقلمك المثمر

قديم 01-19-2021, 12:57 AM
المشاركة 5
هشام اجران
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: قصة قصيرة: نبضات الأمل
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
تحياتي ومودتي.

قديم 01-19-2021, 01:14 AM
المشاركة 6
بختي ضيف الله
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: قصة قصيرة: نبضات الأمل
نـــــــبضات الأمل
نادت الأم ابنتها المنزوية في غرفتها، ولم تتلق أية إجابة، فأعادت النداء بصوت متكسر واهن يقطر بالألم على حال ابنتها الوحيدة، وتذكرت بكثير من الندم، كيف وثقت بكلام إحدى صديقاتها وهي توصيها بوصفة تنفع المرأة الحامل وكانت الكارثة حين تسببت عن غير قصد في تشويه الجنين فخرجت البنت للوجود بوجه ذميم. من يومها أصبح الشقاء ملازما لهذه الأسرة؛ بنت تعيش ولا تحيا، وأم يقتلها الندم والألم في كل وقت وحين، وأب لايدخل للبيت إلا لينام يهرب من واقع يائس لم يجد لا القوة ولا الإيمان ولا الوسيلة لمواجهته.
في المساء دخل الأب ورجل، دققت الزوجة من وراء باب المطبخ في ملامح الضيف، رجل جاوز الأربعين بقليل، يبدو عليه البؤس لكن ملامحه متناسقة، احتفظ بشعره الأسود الذي تخللته خصلات من الشيب ومنحته قامته الطويلة وجبينه العريض وعيونه السوداء البراقة وسامة وجاذبية رغم ملابسه الغير متناسقة والبالية. طال جلوس الرجل، لم تتبين الأم من الحديث سوى ضحكات زوجها التي تعالت هو الذي لم يضحك منذ زمن. في لحظة دخل عندها ليخبرها بأن الضيف هو زوج ابنتهما المستقبلي، اندهشت واختلطت مشاعر متباينة في أعماقها وجرت كلمات كثيرة على لسانها، لم يمهلها زوجها وهو يقول بحزم:"اخبريها فغدا موعد عقد القران" ثم خرج مع صهره.
جلست الأم بجانب ابنتها، وهمست في أذنها بحنان: «لدي خبر مهم يتعلق بك يا ابنتي»
لم تنبس الفتاة بكلمة فأطلقت الأم العنان للسانها في حديث طويل، تحدثت عن الماضي وآلامه وعن إرادة الله وأن الحياة لا بد أن تستمر، تحدثت عن الأمل وعن العمر الذي يمضي بسرعة، تكلمت عن شبابها وكيف تعرفت على زوجها، عن أول نظرة وأول خفقة قلب وحب جميل عاشته مع رجل أحبته وأحبها بصدق، وعادت للحديث عن القدر والمكتوب وأن كل فتاة لابد لها من لحظة تزف فيها لعريسها لتبدأ حياة جديدة وتلك سنة الحياة، وفي لحظة مررت يدها لتداعب شعر ابنتها، شعر خشن باهت فاقد للنعومة ومفتقر للعناية، وأمسكت يدها الأخرى بوجه الفتاة وأدارته نحوها برقة لتنظر في عينيها مباشرة وتقول:"لقد جاءك عريس وغدا سيعقد قرانك!"
وتغير حال الأسرة بمرور الأيام، زادت أتعاب الأم بعد أن أصبحت تهتم بأمور زوجها وزوج ابنتها، والأب غارق في العمل ليلبي طلبات الزوج العاطل، والبنت حبيسة همومها وآلامها وخوفها من رجل ترعبها نظراته وتذكرها بالهمسات والضحكات القديمة، رجل يأكل ويشرب وينام ويغيب عن البيت لساعات طوال، استغل الوضع واحتياجهم إليه فأصبحت تصرفاته أقرب إلى النذالة.
وحل ذلك اليوم، كانت ليلة ممطرة وباردة، البيت ساكن بعدما استغرق أهله في نوم عميق، دخل الزوج وهو يترنح من فرط الشرب، دخل الغرفة وهو بالكاد يتبين موضع قدمه، أضاء المصباح الخافت، أمامه كانت الفتاة مستلقية على السرير غارقة في نوم عميق، وقف يتأمل الجسد الذي سقط عنه الغطاء، نزع ملابسه وبوحشية ألقى بجسده على جسد الفتاة التي انتفضت في رعب، أحكم جسده القوي فوق الجسد النحيل، حولت أن تقاوم لكنها تراخت في ضعف وتعالت أنفاس ساخنة في الغرفة الضيقة.
بعد أسابيع على هذه الحادثة خرج الزوج ولم يعد، طال غيابه وحين عاد كانت بيده ورقة الطلاق وابتسامة ساخرة شفاهه ولم ينس قبل رحيله أن يزيد من وقع الصدمة على الأب والأم وهو يقول:"لم يعد باستطاعتي تحمل رؤية وجه قبيح وجسد أقبح!" ثم خرج.
ومرت شهور لتصحو الأم ذات صباح على صوت ابنتها، اقتربت أكثر من باب الغرفة فميزت الصوت أكثر، صوت حنون هي التي لم تسمع من ابنتها سوى الصراخ والنحيب، كلمات حنونة كلها حب وحنان، فتحت الأم الباب أمامها كانت البنت جالسة ويدها تتحسس بطنها في ود بالغ، رفعت عينيها لتقابل الأم الواقفة وقالت:" انه يتحرك أحس به في أحشائي" وخفق قلب الأم في قوة.
استمرت البنت في حديثها الهامس مع جنينها وكأنها تذكرت شيئا فاتجهت نحو النافذة بخطوات مسرعة وهي تردد :" لا شك أن الظلام يخيفه"
فتحت النافذة ليدخل شعاع قوي من الشمس ويعم أرجاء الغرفة الضوء والدفء. وبنفس الخطوات توجهت لفناء البيت وعادت محملة بمرآة كبيرة ووقفت تتأمل في وجهها طويلا وأخيرا ابتسمت في ثقة. التفتت نحو أمها التي اختلطت عليها المشاهد فبقيت مسمرة في مكانها، اقتربت أكثر منها وبصوت واضح قوي النبرات رددت:" إن كان ولد سأسميه نور، وان كانت بنت فسأسميها حياة."
وعانقت أمها بكل قوة وحب وشوق وحنـــان.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
مزيدا من الإبداعنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الكلمةُ الطيّبةُ صَدقَة

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قصة قصيرة: نبضات الأمل
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بين همسات الأمل وواقع الألم../إلهام القبيلي ناظم مرشد سلطان المجعشي منبر البوح الهادئ 0 11-29-2021 08:15 AM
قصة قصيرة : أجنحة الأمل هشام اجران منبر القصص والروايات والمسرح . 4 02-07-2021 06:32 PM
نبضات قلب قصيرة جدا ايوب صابر منبر البوح الهادئ 153 11-27-2017 04:54 PM
الملل من الملل سعيد السيد المقهى 0 05-31-2012 01:49 PM

الساعة الآن 01:34 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.